Translate فتح الباري وتفسير بن كثير كيكي520.

الخميس، 12 مايو 2022

مجلد 1 و 2.فتح الباري أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى : 852هـ)

 

1

مجلد 1.فتح الباري  أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى : 852هـ)
 
 هدي الساري مقدمة فتح الباري
مقدمة
...
هدي الساري مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري
الاسم المختصر: مقدمة فتح الباري
اسم المؤلف: أبو الفضل للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام العالم العلامة الرباني حجة الإسلام رحلة الطالبين عمدة المحدثين زين المجالس فريد عصره ووحيد دهره محيى السنة الغراء قامع أهل البدع والأهواء الشهاب الثاقب أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي العسقلاني الشهير بابن حجر أثابه الله الجنة بمنه وكرمه أمين.
الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإسلام للسنة فانقادت لأتباعها وارتاحت لسماعها وأمات نفوس أهل الطغيان بالبدعة بعد أن تمادت في نزاعها وتغال في ابتداعها وأشهد أن لا آله إلا الله وحده لا شريك له العالم بانقياد الأفئدة وامتناعها المطلع على ضمائر القلوب في حالتي افتراقها واجتماعها وأشهد أن محمد عبده ورسوله الذي انخفضت بحقه كلمة الباطل بعد ارتفاعها واتصلت بإرساله أنوار الهدى وظهرت حجتها بعد انقطاعها صلى الله عليه وسلم ما دامت السماء والأرض هذه في سموها وهذه في اتساعها وعلى آله وصحبه الذين كسروا جيوش المردة وفتحوا حصون قلاعها وهجروا في محبة داعي إلى الله الأوطار والأوطان ولم يعاودها بعد وداعها وحفظوا على أتباعهم أقواله وأفعاله وأحواله حتى أمنت بهم السنن الشريفة من ضياعها
أما بعد. فإن أولى ما صرفت فيه نفائس الأيام وأعلى ما خص بمزيد الاهتمام الاشتغال بالعلوم الشرعية المتلقاة عن خير البرية ولا يرتاب عاقل في أن مدارها على كتاب الله المقتفى وسنة نبيه المصطفى وأن باقي العلوم إما آلات لفهمهما وهي الضالة المطلوبة أو أجنبية عنهما وهي الضارة المغلوبة وقد رأيت الإمام أبا عبد الله البخاري في جامعه الصحيح وقد تصدى للاقتباس من أنوارهما البهية تقريرا واستنباطا وكرع من مناهلهما الروية انتزاعا وانتشاطا ورزق بحسن نيته السعادة فيما جمع حتى أذعن له المخالف والموافق وتلقى كلامه في التصحيح بالتسليم المطاوع والمفارق وقد استخرت الله تعالى في أن أضم إليه نبذا شارحة لفوائده موضحة لمقاصده كاشفة عن مغزاه في تقييد أوابده واقتناص شوارده وأقدم بين يدي ذلك كله مقدمة في تبيين قواعده وتزيين فرائده جامعة وجيزة دون الإسهاب وفوق القصور سهلة المأخذ تفتح المستغلق وتذلل الصعاب وتشرح الصدور وينحصر القول فيها إن شاء الله تعالى في عشرة فصول
الأول : في بيان السبب الباعث له على تصنيف هذا الكتاب
الثاني : في بيان موضوعه والكشف عن مغزاه فيه والكلام على تحقيق شروطه وتقرير كونه من أصح الكتب المصنفة في الحديث النبوي ويلتحق به الكلام على تراجمه البديعة المنال المنيعة المثال التي انفرد بتدقيقه فيها عن نظرائه واشتهر بتحقيقه لها عن قرنائه

(1/3)


الثالث : في بيان الحكمة في تقطيعه للحديث واختصاره وفائدة إعادته للحديث وتكراره
الرابع : في بيان السبب في إيراده الأحاديث المعلقة والآثار الموقوفة مع أنها تباين أصل موضوع الكتاب وألحقت فيه سياق الأحاديث المرفوعة المعلقة والإشارة لمن وصلها على سبيل الاختصار
الخامس : في ضبط الغريب الواقع في متونه مرتبا له على حروف المعجم بألخص عبارة وأخلص إشارة لتسهل مراجعته ويخف تكراره
السادس : في ضبط الأسماء المشكلة التي فيه وكذا الكنى والأنساب وهي على قسمين الأول المؤتلفة والمختلفة الواقعة فيه حيث تدخل تحت ضابط كلى لتسهل مراجعتها ويخف تكرارها وما عدا ذلك فيذكر في الأصل والثاني المفردات من ذلك
السابع : في تعريف شيوخه الذين أهمل نسبهم إذا كانت يكثر اشتراكها كمحمد لا من يقل اشتراكه كمسدد وفيه الكلام على جميع ما فيه من مهمل ومبهم على سياق الكتاب مختصرا
الثامن : في سياق الأحاديث التي انتقدها عليه حافظ عصره أبو الحسن الدارقطني وغيره من النقاد والجواب عنها حديثا حديثا وإيضاح أنه ليس فيها ما يخل بشرطه الذي حققناه
التاسع : في سياق أسماء جميع من طعن فيه من رجاله على ترتيب الحروف والجواب عن ذلك الطعن بطريق الإنصاف والعدل والاعتذار عن المصنف في التخريج لبعضهم ممن يقوي جانب القدح فيه أما لكونه تجنب ما طعن فيه بسببه وأما لكونه أخرج ما وافقه عليه من هو أقوى منه وأما لغير ذلك من الأسباب
العاشر : في سياق فهرسة كتابه المذكور بابا بابا وعدة ما في كل باب من الحديث ومنه تظهر عدة أحاديثه بالمكرر أوردته تبعا لشيخ الإسلام أبي زكريا النووي رضي الله عنه تبركا به ثم أضفت إليه مناسبة ذلك مما استفدته من شيخ الإسلام أبي حفص البلقيني رضي الله عنه ثم أردفته بسياق أسماء الصحابة الذين اشتمل عليهم كتابه مرتبا لهم على الحروف وعد ما لكل واحد منهم عنده من الحديث ومنه يظهر تحرير ما اشتمل عليه كتابه من غير تكرير ثم ختمت هذه المقدمة بترجمة كاشفة عن خصائصه ومناقبه جامعة لمآثره ومناقبه ليكون ذكره واسطة عقد نظامها وسرة مسك ختامها فإذا تحررت هذه الفصول وتقررت هذه الأصول افتتحت شرح الكتاب مستعينا بالفتاح الوهاب فأسوق إن شاء الله الباب وحديثه أولا ثم أذكر وجه المناسبة بينهما إن كانت خفية ثم أستخرج ثانيا ما يتعلق به غرض صحيح في ذلك الحديث من الفوائد المتنية والإسنادية من تتمات وزيادات وكشف غامض وتصريح مدلس بسماع ومتابعة سامع من شيخ اختلط قبل ذلك منتزعا كل ذلك من أمهات المسانيد والجوامع والمستخرجات والأجزاء والفوائد بشرط الصحة أو الحسن فيما أورده من ذلك وثالثا أصل ما انقطع من معلقاته وموقوفاته وهناك تلتئم زوائد الفوائد وتنتظم شوارد الفرائد ورابعا أضبط ما يشكل من جميع ما تقدم أسماء وأوصافا مع إيضاح معاني الألفاظ اللغوية والتنبيه على النكت البيانية ونحو ذلك وخامسا أورد ما استفدته من كلام الأئمة مما استنبطوه من ذلك الخبر من الأحكام الفقهية والمواعظ الزهدية والآداب المرعية مقتصرا على الراجح من ذلك متحريا للواضح دون المستغلق في تلك المسالك مع الاعتناء بالجمع بين ما ظاهره التعارض مع غيره،

(1/4)


والتنصيص على المنسوخ بناسخة والعام بمخصصه والمطلق بمقيده والمجمل بمبينه والظاهر بمؤوله والإشارة إلى نكت من القواعد الأصولية ونبذ من فوائد العربية ونخب من الخلافيات المذهبية بحسب ما اتصل بي من كلام الأئمة واتسع له فهمي من المقاصد المهمة وأراعى هذا الأسلوب إن شاء الله تعالى في كل باب فإن تكرر المتن في باب بعينه غير باب تقدم نبهت على حكمة التكرار من غير إعادة له إلا أن يتغاير لفظه أو معناه فأنبه على الموضع المغاير خاصة فإن تكرر في باب آخر اقتصرت فيما بعد الأول على المناسبة شارحا لما لم يتقدم له ذكر منبها على الموضع الذي تقدم بسط القول فيه فإن كانت الدلالة لا تظهر في الباب المقدم إلا على بعد غيرت هذا الاصطلاح بالاقتصار في الأول على المناسبة وفي الثاني على سياق الأساليب المتعاقبة مراعيا في جميعها مصلحة الاختصار دون الهذر والإكثار والله أسأل أن يمن علي بالعون على إكماله بكرمه ومنه وأنه يهديني لما اختلف فيه من الحق بإذنه وأن يجزل لي على الاشتغال بآثار نبيه الثواب في الدار الأخرى وأن يسبغ علي وعلى من طالعه أو قرأه أو كتبه النعم الوافرة تترى إنه سميع مجيب.

(1/5)


الفصل الأول: في بيان السبب الباعث لأبي عبد الله البخاري على تصنيفه الصحيح وبيان حسن نيته في ذلك
...
المقدمة
الفصل الأول: في بيان السبب الباعث لأبي عبد الله البخاري على تصنيف جامعه الصحيح وبيان حسن نيته في ذلك
اعلم, علمني الله وإياك أن آثار النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن في عصر أصحابه وكبار تبعهم مدونة في الجوامع ولا مرتبة لأمرين أحدهما إنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك كما ثبت في صحيح مسلم خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم وثانيهما لسعة حفظهم وسيلان أذهانهم ولأن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار وتبويب الأخبار لما انتشر العلماء في الأمصار وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الأقدار فأول من جمع ذلك الربيع بن صبيح1 وسعيد بن أبي عروبة2 وغيرهما وكانوا يصنفون كل باب على حدة إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة فدونوا الأحكام فصنف الإمام مالك الموطأ وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين ومن بعدهم وصنف أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج بمكة وأبو عمر وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي بالشام وأبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري بالكوفة وأبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار بالبصرة ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث النبي صلى الله عليه وسلم خاصة وذلك على رأس المائتين فصنف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي مسندا وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسندا وصنف أسد بن موسى الأموي مسندا وصنف نعيم بن حماد الخزاعي نزيل مصر مسندا ثم اقتفى الأئمة بعد ذلك أثرهم فقل إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد كالإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة وغيرهم من النبلاء ومنهم من صنف على الأبواب وعلى المسانيد معا كأبي بكر بن أبي شيبة فلما رأى البخاري رضي الله عنه هذه التصانيف ورواها وانتشق رياها واستجلى محياها وجدها بحسب الوضع جامعة بين ما يدخل تحت التصحيح والتحسين والكثير منها يشمله التضعيف فلا يقال لغثه سمين فحرك همته لجمع الحديث الصحيح الذي لا يرتاب فيه أمين وقوى عزمه على ذلك ما سمعه من أستاذه أمير المؤمنين في الحديث والفقه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه وذلك فيما أخبرنا أبو العباس أحمد بن عمر اللؤلؤي عن الحافظ أبي الحجاج المزي أخبرنا
ـــــــ
1 مجاهد صالح توفي غازيا في بحر السند سنة 160 ودفن في جزيرة. له ترجمة في تهذيب التهذيب
2 وفاته سنة 156 له ترجمة في ترجمة في تهذيب التهذيب

(1/6)


يوسف بن يعقوب أخبرنا أبو اليمن الكندي أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا الحافظ أبو بكر الخطيب أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن نعيم سمعت خلف بن محمد البخاري بها يقول سمعت إبراهيم بن معقل النسفي يقول قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري كنا عند إسحاق بن راهويه فقال لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح وروينا بالإسناد الثابت عن محمد بن سليمان بن فارس قال سمعت البخاري يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وكأنني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذب بها عنه فسألت بعض المعبرين فقال لي أنت تذب عنه الكذب فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح وقال الحافظ أبو ذر الهروي سمعت أبا الهيثم محمد بن مكي الكشميهني يقول سمعت محمد بن يوسف الفربري يقول قال البخاري ما كتبت في كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين وقال أبو علي الغساني روى عنه أنه قال خرجت الصحيح من ستمائة ألف حديث وروى الإسماعيلي عنه قال لم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيحا وما تركت من الصحيح أكثر قال الإسماعيلي لأنه لو أخرج كل صحيح عنده لجمع في الباب الواحد حديث جماعة من الصحابة ولذكر طريق كل واحد منهم إذا صحت فيصير كتابا كبيرا جدا وقال أبو أحمد بن عدي سمعت الحسن بن الحسين البزار يقول سمعت إبراهيم بن معقل النسفي يقول سمعت البخاري يقول ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحيح حتى لا يطول وقال الفربري أيضا سمعت محمد بن أبي حاتم البخاري الوراق يقول رأيت محمد بن إسماعيل البخاري في المنام يمشي خلف النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يمشي فكلما رفع النبي صلى الله عليه وسلم قدمه وضع البخاري قدمه في ذلك الموضع وقال الحافظ أبو أحمد بن عدي سمعت الفربري يقول سمعت نجم بن فضيل وكان من أهل الفهم يقول فذكر نحو هذا المنام أنه رآه أيضا وقال أبو جعفر محمود بن عمرو العقيلي لما ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث قال العقيلي والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة.

(1/7)


الفصل الثاني: في بيان موضوعه والكشف عن مغزاه فيه
تقرر أنه التزم فيه الصحة وأنه لا يورد فيه إلا حديثا صحيحا هذا أصل موضوعه وهو مستفاد من تسميته إياه "الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه" ومما نقلناه عنه من رواية الأئمة عنه صريحا ثم رأى أن لا يخليه من الفوائد الفقهية والنكت الحكمية فاستخرج بفهمه من المتون معاني كثيرة فرقها في أبواب الكتاب بحسب تناسبها واعتنى فيه بآيات الأحكام فانتزع منها الدلالات البديعة وسلك في الإشارة إلى تفسيرها السبل الوسيعة قال الشيخ محيي الدين نفع الله به ليس مقصود البخاري الاقتصار على الأحاديث فقط بل مراده الاستنباط منها والاستدلال لأبواب أرادها ولهذا المعنى أخلى كثيرا من الأبواب عن إسناد الحديث واقتصر فيه على قوله: "فيه فلان عن النبي صلى الله عليه وسلم" أو نحو ذلك وقد يذكر المتن بغير إسناد وقد يورده معلقا وإنما يفعل هذا لأنه أراد الاحتجاج للمسئلة التي ترجم لها وأشار إلى الحديث لكونه معلوما وقد يكون مما تقدم وربما تقدم قريبا ويقع في كثير من أبوابه الأحاديث الكثيرة وفي بعضها ما فيه حديث واحد وفي بعضها ما فيه آية من كتاب الله وبعضها لا شيء فيه البتة وقد ادعى بعضهم أنه صنع ذلك عمدا وغرضه أن يبين أنه لم يثبت عنده حديث بشرطه في المعنى الذي ترجم عليه ومن ثمة وقع من بعض من نسخ الكتاب ضم باب لم يذكر فيه حديث إلى حديث لم يذكر فيه باب فأشكل فهمه على الناظر فيه وقد أوضح السبب في ذلك الإمام أبو الوليد الباجي المالكي في مقدمة كتابه في أسماء رجال البخاري فقال أخبرني الحافظ أبو ذر عبد الرحيم بن أحمد الهروي قال حدثنا الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي قال انتسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند صاحبه محمد بن يوسف الفربري فرأيت فيه أشياء لم تتم وأشياء مبيضة منها تراجم لم يثبت بعدها شيئا ومنها أحاديث لم يترجم لها فأضفنا بعض ذلك إلى بعض قال أبو الوليد الباجي ومما يدل على صحة هذا القول أن رواية أبي إسحاق المستملي ورواية أبي محمد السرخسي ورواية أبي الهيثم الكشمهينى ورواية أبي زيد المروزي مختلفة بالتقديم والتأخير مع أنهم انتسخوا من أصل واحد وإنما ذلك بحسب ما قدر كل واحد منهم فيما كان في طرة أو رقعة مضافة أنه من موضع ما فأضافه إليه ويبين ذلك أنك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينها أحاديث قال الباجى وإنما أوردت هذا هنا لما عني به أهل بلدنا من طلب معنى يجمع بين الترجمة والحديث الذي يليها وتكلفهم من ذلك من تعسف التأويل ما لا يسوغ انتهى قلت وهذه قاعدة حسنة يفزع إليها حيث يتعسر وجه الجمع بين الترجمة والحديث وهي مواضع قليلة جدا ستظهر كما سيأتي ذلك إن شاء الله تعالى ثم ظهر لي أن البخاري مع ذلك فيما يورده من تراجم الأبواب على أطوار إن وجد حديثا يناسب ذلك الباب ولو على وجه خفي ووافق شرطه أورده فيه بالصيغة التي جعلها

(1/8)


مصطلحة لموضوع كتابه وهي حدثنا وما قام مقام ذلك والعنعنة بشرطها عنده وإن لم يجد فيه إلا حديثا لا يوافق شرطه مع صلاحيته للحجة كتبه في الباب مغايرا للصيغة التي يسوق بها ما هو من شرطه ومن ثمة أورد التعاليق كما سيأتي في فصل حكم التعليق وإن لم يجد فيه حديثا صحيحا لا على شرطه ولا على شرط غيره وكان بما يستأنس به وقدمه قوم على القياس استعمل لفظ ذلك الحديث أو معناه ترجمة باب ثم أورد في ذلك إما آية من كتاب الله تشهد له أو حديثا يؤيد عموم ما دل عليه ذلك الخبر وعلى هذا فالأحاديث التي فيه على ثلاثة أقسام وسيأتي تفاصيل ذلك مشروحا إن شاء الله تعالى
ولنشرع الآن في تحقيق شرطه فيه وتقرير كونه أصح الكتب المصنفة في الحديث النبوي قال الحافظ أبو الفضل بن طاهر فيما قرأت على الثقة أبي الفرج بن حماد أن يونس بن إبراهيم بن عبد القوي أخبره عن أبي الحسن بن المقير عن أبي المعمر المبارك بن أحمد عنه "شرط البخاري أن يخرج الحديث المتفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور من غير اختلاف بين الثقات الأثبات ويكون إسناده متصلا غير مقطوع وإن كان للصحابي راويان فصاعدا فحسن وإن لم يكن إلا راو واحد وصح الطريق إليه كفى قال وما ادعاه الحاكم أبو عبد الله أن شرط البخاري ومسلم أن يكون للصحابي راويان فصاعدا ثم يكون للتابعي المشهور راويان ثقتان إلى آخر كلامه فمنتقض عليه بأنهما أخرجا أحاديث جماعة من الصحابة ليس لهم إلا راو واحد انتهى والشرط الذي ذكره الحاكم وإن كان منتقضا في حق بعض الصحابة الذين أخرج لهم فإنه معتبر في حق من بعدهم فليس في الكتاب حديث أصل من رواية من ليس له إلا راو واحد قط وقال الحافظ أبو بكر الحازمي رحمه الله هذا الذي قاله الحاكم قول من لم يمعن الغوص في خبايا الصحيح ولو استقرأ الكتاب حق استقرائه لوجد جملة من الكتاب ناقضة دعواه ثم قال ما حاصله أن شرط الصحيح أن يكون إسناده متصلا وأن يكون راويه مسلما صادقا غير مدلس ولا مختلط متصفا بصفات العدالة ضابطا متحفظا سليم الذهن قليل الوهم سليم الاعتقاد قال ومذهب من يخرج الصحيح أن يعتبر حال الراوي العدل في مشايخه العدول فبعضهم حديثه صحيح ثابت وبعضهم حديثه مدخول قال وهذا باب فيه غموض وطريق إيضاحه معرفة طبقات الرواة عن راوي الأصل ومراتب مداركهم فلنوضح ذلك بمثال وهو أن تعلم أن أصحاب الزهري مثلا على خمس طبقات ولكل طبقة منها مزية على التي تليها فمن كان في الطبقة الأولى فهو الغاية في الصحة وهو مقصد البخاري والطبقة الثانية شاركت الأولى في التثبت إلا أن الأولى جمعت بين الحفظ والإتقان وبين طول الملازمة للزهري حتى كان فيهم من يزامله في السفر ويلازمه في الحضر والطبقة الثانية لم تلازم الزهري إلا مدة يسيرة فلم تمارس حديثه فكانوا في الإتقان دون الأولى وهم شرط مسلم ثم مثل الطبقة الأولى بيونس بن يزيد وعقيل بن خالد الأيليين ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة وشعيب بن أبي حمزة والثانية بالأوزاعي والليث بن سعد وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر وابن أبي ذئب قال والطبقة الثالثة نحو جعفر بن برقان وسفيان بن حسين وإسحاق بن يحيى الكلبي والرابعة نحو زمعة بن صالح ومعاوية بن يحيى الصدفي والمثنى بن الصباح والخامسة نحو عبد القدوس بن حبيب والحكم بن عبد الله الأيلي ومحمد بن سعيد المصلوب فأما الطبقة الأولى فهم شرط البخاري وقد يخرج من حديث أهل الطبقة الثانية ما يعتمده من غير استيعاب وأما مسلم فيخرج أحاديث

(1/9)


الطبقتين على سبيل الاستيعاب ويخرج أحاديث أهل الطبقة الثالثة على النحو الذي يصنعه البخاري في الثانية وأما الرابعة والخامسة فلا يعرجان عليهما قلت وأكثر ما يخرج البخاري حديث الطبقة الثانية تعليقا وربما أخرج اليسير من حديث الطبقة الثالثة تعليقا أيضا وهذا المثال الذي ذكرناه هو في حق المكثرين فيقاس على هذا أصحاب نافع وأصحاب الأعمش وأصحاب قتادة وغيرهم فأما غير المكثرين فإنما اعتمد الشيخان في تخريج أحاديثهم على الثقة والعدالة وقلة الخطأ لكن منهم من قوي الاعتماد عليه فأخرجا ما تفرد به كيحيى بن سعيد الأنصاري ومنهم من لم يقو الاعتماد عليه فأخرجا له ما شاركه فيه غيره وهو الأكثر وقال الإمام أبو عمرو بن الصلاح في كتابه في علوم الحديث فيما أخبرنا به أبو الحسن بن الجوزي عن محمد بن يوسف الشافعي عنه سماعا قال أول من صنف في الصحيح البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنه يشارك البخاري في كثير من شيوخه وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز وأما ما رويناه عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال ما أعلم في الأرض كتابا في العلم أكثر صوابا من كتاب مالك قال ومنهم من رواه بغير هذا اللفظ يعني بلفظ أصح من الموطأ فإنما قال ذلك قبل وجود كتابي البخاري وسلم ثم أن كتاب البخاري أصح الكتابين صحيحا وأكثرهما فوائد وأما ما رويناه عن أبي على الحافظ النيسابوري أستاذ الحاكم أبي عبد الله الحافظ من أنه قال ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج فهذا وقول من فضل من شيوخ المغرب كتاب مسلم على كتاب البخاري إن كان المراد به أن كتاب مسلم يترجح بأنه لم يمازجه غير الصحيح فإنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسرودا غير ممزوج بمثل ما في كتاب البخاري في تراجم أبوابه من الأشياء التي لم يسندها على الوصف المشروط في الصحيح فهذا لا بأس به وليس يلزم منه أن كتاب مسلم أرجح فيما يرجع إلى نفس الصحيح على كتاب البخاري وإن كان المراد به أن كتاب مسلم أصح صحيحا فهذا مردود على من يقوله: "والله أعلم انتهى كلامه وفيه أشياء تحتاج إلى أدلة وبيان فقد استشكل بعض الأئمة إطلاق أصحية كتاب البخاري على كتاب مالك مع اشتراكهما في اشتراط الصحة والمبالغة في التحري والتثبت وكون البخاري أكثر حديثا لا يلزم منه أفضلية الصحة والجواب عن ذلك أن ذلك محمول على أصل اشتراط الصحة فمالك لا يرى الانقطاع في الإسناد قادحا فلذلك يخرج المراسيل والمنقطعات والبلاغات في أصل موضوع كتابه والبخاري يرى أن الانقطاع علة فلا يخرج ما هذا سبيله إلا في غير أصل موضوع كتابه كالتعليقات والتراجم ولا شك أن المنقطع وإن كان عند قوم من قبيل ما يحتج به فالمتصل أقوى منه إذا اشترك كل من رواتهما في العدالة والحفظ فبان بذلك شفوف كتاب البخاري وعلم أن الشافعي إنما أطلق على الموطأ أفضلية الصحة بالنسبة إلى الجوامع الموجودة في زمنه كجامع سفيان الثوري ومصنف حماد بن سلمة وغير ذلك وهو تفضيل مسلم لا نزاع فيه واقتضى كلام بن الصلاح أن العلماء متفقون على القول بأفضلية البخاري في الصحة على كتاب مسلم إلا ما حكاه عن أبي على النيسابوري من قوله المتقدم وعن بعض شيوخ المغاربة أن كتاب مسلم أفضل من كتاب البخاري من غير تعرض للصحة فنقول روينا بالإسناد الصحيح عن أبي عبد الرحمن النسائي وهو شيخ أبي على النيسابوري أنه قال ما في هذه الكتب كلها أجود من كتاب محمد بن إسماعيل والنسائي لا يعني بالجودة إلا جودة الأسانيد كما هو المتبادر إلى الفهم من

(1/10)


اصطلاح أهل الحديث ومثل هذا من مثل النسائي غاية في الوصف مع شدة تحريه وتوقيه وتثبته في نقد الرجال وتقدمه في ذلك على أهل عصره حتى قدمه قوم من الحذاق في معرفة ذلك على مسلم بن الحجاج وقدمه الدارقطني وغيره في ذلك وغيره على إمام الأئمة أبي بكر بن خزيمة صاحب الصحيح وقال الإسماعيلي في المدخل له أما بعد فإني نظرت في كتاب الجامع الذي ألفه أبو عبد الله البخاري فرأيته جامعا كما سمي لكثير من السنن الصحيحة ودالا على جمل من المعاني الحسنة المستنبطة التي لا يكمل لمثلها إلا من جمع إلى معرفة الحديث نقلته والعلم بالروايات وعللها علما بالفقه واللغة وتمكنا منها كلها وتبحرا فيها وكان يرحمه الله الرجل الذي قصر زمانه على ذلك فبرع وبلغ الغاية فحاز السبق وجمع إلى ذلك حسن النية والقصد للخير فنفعه الله ونفع به قال وقد نحا نحوه في التصنيف جماعة منهم الحسن بن علي الحلواني لكنه اقتصر على السنن ومنهم أبو داود السجستاني وكان في عصر أبي عبد الله البخاري فسلك فيما سماه سنن أذكر ما روى في الشيء وإن كان في السند ضعف إذا لم يجد في الباب غيره ومنهم مسلم بن الحجاج وكان يقاربه في العصر فرام مرامه وكان يأخذ عنه أو عن كتبه إلا أنه لم يضايق نفسه مضايقة أبي عبد الله وروى عن جماعة كثيرة يتعرض أبو عبد الله الرواية عنهم وكل قصد الخير غير أن أحدا منهم لم يبلغ من التشدد مبلغ أبي عبد الله ولا تسبب إلى استنباط المعاني واستخراج لطائف فقه الحديث وتراجم الأبواب الدالة على ما له وصلة بالحديث المروي فيه تسببه ولله الفضل يختص به من يشاء وقال الحاكم أبو أحمد النيسابوري وهو عصري أبي علي النيسابوري ومقدم عليه في معرفة الرجال فيما حكاه أبو يعلى الخليلي الحافظ في الإرشاد ما ملخصه رحم الله محمد بن إسماعيل فإنه ألف الأصول يعني أصول الأحكام من الأحاديث وبين للناس وكل من عمل بعده فإنما أخذه من كتابه كمسلم بن الحجاج وقال الدارقطني لما ذكر عنده الصحيحان لولا البخاري لما ذهب مسلم ولا جاء وقال مرة أخرى وأي شيء صنع مسلم إنما أخذ كتاب البخاري فعمل عليه مستخرجا وزاد فيه زيادات وهذا الذي حكيناه عن الدارقطني جزم به أبو العباس القرطبي في أول كتابه المفهم في شرح صحيح مسلم والكلام في نقل كلام الأئمة في تفضيله كثير ويكفي منه اتفاقهم على أنه كان أعلم بهذا الفن من مسلم وأن مسلما كان يشهد له بالتقدم في ذلك والإمامة فيه والتفرد بمعرفة ذلك في عصره حتى هجر من أجله شيخه محمد بن يحيى الذهلي في قصة مشهورة سنذكرها مبسوطة إن شاء الله تعالى في ترجمة البخاري فهذا من حيث الجملة وأما من حيث التفصيل فقد قررنا أن مدار الحديث الصحيح على الاتصال وإتقان الرجال وعدم العلل وعند التأمل يظهر أن كتاب البخاري أتقن رجالا وأشد اتصالا وبيان ذلك من أوجه أحدها أن الذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم أربعمائة وبضع وثلاثون رجلا المتكلم فيه بالضعف منهم ثمانون رجلا والذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري ستمائة وعشرون رجلا المتكلم فيه بالضعف منهم مائة وستون رجلا ولا شك أن التخريج عمن لم يتكلم فيه أصلا أولى من التخريج عمن تكلم فيه وإن لم يكن ذلك الكلام قادحا ثانيها أن الذين انفرد بهم البخاري ممن تكلم فيه لم يكثر من تخريج أحاديثهم وليس لواحد منهم نسخة كبيرة أخرجها كلها أو أكثرها إلا ترجمة عكرمة عن ابن عباس بخلاف مسلم فإنه أخرج أكثر تلك النسخ كأبي الزبير عن جابر وسهيل عن أبيه والعلاء بن عبد الرحمن عن أبيه وحماد بن سلمة عن ثابت وغير ذلك

(1/11)


ثالثها أن الذين انفرد بهم البخاري ممن تكلم فيه أكثرهم من شيوخه الذين لقيهم وجالسهم وعرف أحوالهم واطلع على أحاديثهم وميز جيدها من موهومها بخلاف مسلم فإن أكثر من تفرد بتخريج حديثه ممن تكلم فيه ممن تقدم عن عصره من التابعين ومن بعدهم ولا شك أن المحدث أعرف بحديث شيوخه ممن تقدم منهم
رابعها أن البخاري يخرج من أحاديث أهل الطبقة الثانية انتقاء ومسلم يخرجها أصولا كما تقدم ذلك من تقرير الحافظ أبي بكر الحازمي فهذه الأوجه الأربعة تتعلق بإتقان الرواة
وبقي ما يتعلق بالاتصال وهو الوجه الخامس وذلك أن مسلما كان مذهبه على ما صرح به في مقدمة صحيحه وبالغ في الرد على من خالفه أن الإسناد المعنعن له حكم الاتصال إذا تعاصر المعنعن ومن عنعن عنه وإن لم يثبت اجتماعهما إلا إن كان المعنعن مدلسا والبخاري لا يحمل ذلك على الاتصال حتى يثبت اجتماعهما ولو مرة وقد أظهر البخاري هذا المذهب في تاريخه وجرى عليه في صحيحه وأكثر منه حتى أنه ربما خرج الحديث الذي لا تعلق له بالباب جملة إلا ليبين سماع راو من شيخه لكونه قد أخرج له قبل ذلك شيئا معنعنا وسترى ذلك واضحا في أماكنه إن شاء الله تعالى وهذا مما ترجح به كتابه لأنا وإن سلمنا ما ذكره مسلم من الحكم بالاتصال فلا يخفى أن شرط البخاري أوضح في الاتصال والله أعلم
وأما ما يتعلق بعدم العلة وهو الوجه السادس فإن الأحاديث التي انتقدت عليهما بلغت مائتي حديث وعشرة أحاديث كما سيأتي ذكر ذلك مفصلا في فصل مفرد اختص البخاري منها بأقل من ثمانين وباقي ذلك يختص بمسلم ولا شك أن ما قل الانتقاد فيه أرجح مما كثر والله أعلم وأما قول أبي علي النيسابوري فلم نقف فقط على تصريحه بأن كتاب مسلم أصح من كتاب البخاري بخلاف ما يقتضيه إطلاق الشيخ محيي الدين في مختصره في علوم الحديث وفي مقدمة شرح البخاري أيضا حيث يقول اتفق الجمهور على أن صحيح البخاري أصحهما صحيحا وأكثرهما فوائد وقال أبو علي النيسابوري وبعض علماء المغرب: صحيح مسلم أصح انتهى. ومقتضى كلام أبي علي نفى الأصحية عن غير كتاب مسلم عليه أما إثباتها له فلا لأن إطلاقه يحتمل أن يريد ذلك ويحتمل أن يريد المساواة والله أعلم والذي يظهر لي من كلام أبي علي أنه إنما قدم صحيح مسلم لمعنى غير ما يرجع إلى ما نحن بصدده من الشرائط المطلوبة في الصحة بل ذلك لأن مسلما صنف كتابه في بلده بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه فكان يتحرز في الألفاظ ويتحرى في السياق ولا يتصدى لما تصدى له البخاري من استنباط الأحكام ليبوب عليها ولزم من ذلك تقطيعه للحديث في أبوابه بل جمع مسلم الطرق كلها في مكان واحد واقتصر على الأحاديث دون الموقوفات فلم يعرج عليها إلا في بعض المواضع على سبيل الندور تبعا لا مقصودا فلهذا قال أبو علي ما قال مع أني رأيت بعض أئمتنا يجوز أن يكون أبو علي ما رأى صحيح البخاري وعندي في ذلك بعد والأقرب ما ذكرته وأبو علي لو صرح بما نسب إليه لكان محجوبا بما قدمناه مجملا ومفصلا والله الموفق وأما بعض شيوخ المغاربة فلا يحفظ عن أحد منهم تقييد الأفضلية بالأصحية بل أطلق بعضهم الأفضلية وذلك فيما حكاه القاضي أبو الفضل عياض في الإلماع عن أبي مروان الطبني بضم الطاء المهملة ثم إسكان الباء الموحدة بعدها نون قال كان بعض شيوخي يفضل صحيح مسلم على صحيح البخاري انتهى وقد وجدت تفسير هذا التفضيل عن بعض المغاربة فقرأت في فهرسة أبي محمد

(1/12)


القاسم بن القاسم النجيبي قال كان أبو محمد بن حزم يفضل كتاب مسلم على كتاب البخاري لأنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث السرد اه وعندي أن ابن حزم هذا هو شيخ أبي مروان الطبني الذي أبهمه القاضي عياض ويجوز أن يكون غيره ومحل تفضيلهما واحد ومن ذلك قول مسلم بن قاسم القرطبي وهو من أقران الدارقطني لما ذكر في تاريخه صحيح مسلم قال لم يضع أحد مثله فهذا محمول على حسن الوضع وجودة الترتيب وقد رأيت كثيرا من المغاربة ممن صنف في الأحكام بحذف الأسانيد كعبد الحق في أحكامه وجمعه يعتمدون على كتاب مسلم في نقل المتون وسياقها دون البخاري لوجودها عند مسلم تامة وتقطيع البخاري لها فهذه جهة أخرى من التفضيل لا ترجع إلى ما يتعلق بنفس الصحيح والله أعلم وإذا تقرر ذلك فليقابل هذا التفضيل بحهة أخرى من وجوه التفضيل غير ما يرجع إلى نفس الصحيح وهي ما ذكره الإمام القدوة أبو محمد بن جمرة في اختصاره للبخاري قال قال لي من لقيته من العارفين عمن لقي من السادة المقر لهم بالفضل أن صحيح البخاري ما قرئ في شدة إلا فرجت ولا ركب به في مركب فغرق قال وكان مجاب الدعوة وقد دعا لقارئه رحمه الله تعالى وكذلك الجهة العظمى الموجبة لتقديمه وهي ما ضمنه أبوابه من التراجم التي حيرت الأفكار وأدهشت العقول والأبصار وإنما بلغت هذه الرتبة وفازت بهذه الخطوة لسبب عظيم أوجب عظمها وهو ما رواه أبو أحمد بن عدي عن عبد القدوس بن همام قال شهدت عدة مشايخ يقولون حول البخاري تراجم جامعه يعني بيضها بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين.
ولنشرع الآن في الكلام عليها ونبين ما خفي على بعض من لم يمعن النظر فاعترض عليه اعتراض شاب غر على شيخ مجرب أو مكتهل وأوردها إيراد سعد وسعد مشتمل ما هكذا تورد يا سعد الإبل وأول شيء وقع الكلام معه فيه من هذه المادة أول حديث بدأ به كتابه واستفتح به خطابه فرد كثير من هؤلاء نحوه سهام اللوم وانتصر بعض وبعض لزم من التسليم طريق القوم ولنذكر ضابطا يشتمل على بيان أنواع التراجم فيه وهي ظاهرة وخفية أما الظاهرة فليس ذكرها من غرضنا هنا وهي أن تكون الترجمة دالة بالمطابقة لما يورد في مضمنها وإنما فائدتها الإعلام بما ورد في ذلك الباب من غير اعتبار لمقدار تلك الفائدة كأنه يقول هذا الباب الذي فيه كيت وكيت أو باب ذكر الدليل على الحكم الفلاني مثلا وقد تكون الترجمة بلفظ المترجم له أو بعضه أو بمعناه وهذا في الغالب قد يأتي من ذلك ما يكون في لفظ الترجمة احتمال لأكثر من معنى واحد فيعين أحد الاحتمالين بما يذكر تحتهما من الحديث وقد يوجد فيه ما هو بالعكس من ذلك بأن يكون الاحتمال في الحديث وتعيين في الترجمة وترجمة هنا بيان لتأويل ذلك الحديث نائبة مناب قول الفقيه مثلا المراد بهذا الحديث العام الخصوص أو بهذا الحديث الخاص العموم أشعارا بالقياس لوجود العلة الجامعة أو أن ذلك الخاص المراد به ما هو أعم مما يدل عليه ظاهره بطريق الأعلى أو الأدنى ويأتي في المطلق والمقيد نظير ما ذكرنا في الخاص والعام وكذا في شرح المشكل وتفسير الغامض وتأويل الظاهر وتفصيل المجمل وهذا الموضع هو معظم ما يشكل من تراجم هذا الكتاب ولهذا اشتهر من قول جمع من الفضلاء فقه البخاري في تراجمه وأكثر ما يفعل البخاري ذلك إذا لم يجد حديثا على شرطه في الباب ظاهر المعنى في المقصد الذي ترجم به ويستنبط الفقه منه وقد يفعل ذلك لغرض شحذ

(1/13)


الأذهان في إظهار مضمره واستخراج خبيئه وكثيرا ما يفعل ذلك أي هذا الأخير حيث يذكر الحديث المفسر لذلك في موضع آخر متقدما أو متأخرا فكأنه يحيل عليه ويومئ بالرمز والإشارة إليه وكثيرا ما يترجم بلفظ الاستفهام كقوله: "باب هل يكون كذا أو من قال كذا ونحو ذلك وذلك حيث لا يتجه له الجزم بأحد الاحتمالين وغرضه بيان هل يثبت ذلك الحكم أو لم يثبت فيترجم على الحكم ومراده ما يتفسر بعد من إثباته أو نفيه أو أنه محتمل لهما وربما كان أحد المحتملين أظهر وغرضه أن يبقى النظر مجالا وينبه على أن هناك احتمالا أو تعارضا يوجب التوقف حيث يعتقد أن فيه إجمالا أو يكون المدرك مختلفا في الاستدلال به وكثيرا ما يترجم بأمره ظاهره قليل الجدوى لكنه إذا حققه المتأمل أجدى كقوله: "باب قول الرجل ما صلينا فإنه أشار به إلى الرد على من كره ذلك ومنه قوله: "باب قول الرجل فاتتنا الصلاة وأشار بذلك إلى الرد على من كره إطلاق هذا اللفظ وكثيرا ما يترجم بأمر مختص ببعض الوقائع لا يظهر في بادئ الرأي كقوله: "باب استياك الإمام بحضرة رعيته فإنه لما كان الاستياك قد يظن أنه من أفعال المهنة فلعل بعض الناس يتوهم أن إخفاءه أولى مراعاة للمروءة فلما وقع في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم استاك بحضرة الناس دل على أنه من باب التطيب لا من الباب الآخر نبه على ذلك ابن دقيق العيد وكثيرا ما يترجم بلفظ يومئ إلى معنى حديث لم يصح على شرطه أو يأتي بلفظ الحديث الذي لم يصح على شرطه صريحا في الترجمة ويورد في الباب ما يؤدي معناه تارة بأمر ظاهر وتارة بأمر خفي من ذلك قوله: "باب الأمراء من قريش وهذا لفظ حديث يروى عن علي رضي الله عنه وليس على شرط البخاري وأورد فيه حديث لا يزال وآل من قريش ومنها قوله: "باب اثنان فما فوقهما جماعة وهذا حديث يروى عن أبي موسى الأشعري وليس على شرط البخاري وأورد فيه فأذنا وأقيما وليؤمكما أحدكما وربما اكتفى أحيانا بلفظ الترجمة التي هي لفظ حديث لم يصح على شرطه وأورد معها أثرا أو آية فكأنه يقول لم يصح في الباب شيء على شرطي وللغفلة عن هذه المقاصد الدقيقة اعتقد من لم يمعن النظر أنه ترك الكتاب بلا تبييض ومن تأمل ظفر ومن جد وجد وقد جمع العلامة ناصر الدين أحمد بن المنير خطيب الإسكندرية من ذلك أربعمائة ترجمة وتكلم عليها ولخصها القاضي بدر الدين بن جماعة وزاد عليها أشياء وتكلم على ذلك أيضا بعض المغاربة وهو محمد بن منصور بن حمامة السجلماسي ولم يكثر من ذلك بل جملة ما في كتابه نحو مائة ترجمة وسماه فك أغراض البخاري المبهمة في الجمع بين الحديث والترجمة وتكلم أيضا على ذلك زين الدين علي بن المنير أخو العلامة ناصر الدين في شرحه على البخاري وأمعن في ذلك ووقفت على مجلد من كتاب اسمه ترجمان التراجم لأبي عبد الله بن رشيد السبتي يشتمل على هذا المقصد وصل فيه إلى كتاب الصيام ولو تم لكان في غاية الإفادة وأنه لكثير الفائدة مع نقصه والله تعالى الموفق.

(1/14)


الفصل الثالث: في بيان تقطيعه للحديث واختصاره وفائدة إعادته له في الأبواب وتكراره
قال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي فيما رويناه عنه في جزء سماه جواب المتعنت اعلم أن البخاري رحمه الله كان يذكر الحديث في كتابه في مواضع ويستدل به في كل باب بإسناد آخر ويستخرج منه بحسن استنباطه وغزارة فقهه معنى يقتضيه الباب الذي أخرجه فيه وقلما يورد حديثا في موضعين بإسناد واحد ولفظ واحد وإنما يورده من طريق أخرى لمعان نذكرها والله أعلم بمراده منها فمنها أنه يخرج الحديث عن صحابي ثم يورده عن صحابي آخر والمقصود منه أن يخرج الحديث عن حد الغرابة وكذلك يفعل في أهل الطبقة الثانية والثالثة وهلم جرا إلى مشايخه فيعتقد من يرى ذلك من غير أهل الصنعة أنه تكرار وليس كذلك لاشتماله على فائدة زائدة ومنها أنه صحح أحاديث على هذه القاعدة يشتمل كل حديث منها على معان متغايرة فيورده في كل باب من طريق غير الطريق الأولى ومنها أحاديث يرويها بعض الرواة تامة ويرويها بعضهم مختصرة فيوردها كما جاءت ليزيل الشبهة عن ناقليها ومنها أن الرواة ربما اختلفت عباراتهم فحدث راو بحديث فيه كلمة تحتمل معنى وحدث به آخر فعبر عن تلك الكلمة بعينها بعبارة أخرى تحتمل معنى آخر فيورده بطرقه إذا صحت على شرطه ويفرد لكل لفظه بابا مفردا ومنها أحاديث تعارض فيها الوصل والإرسال ورجح عنده الوصل فاعتمده وأورد الإرسال منبها على أنه لا تأثير له عنده في الوصل ومنها أحاديث تعارض فيها الوقف والرفع والحكم فيها كذلك ومنها أحاديث زاد فيها بعض الرواة رجلا في الإسناد ونقصه بعضهم فيوردها على الوجهين حيث يصح عنده أن الراوي سمعه من شيخ حدثه به عن آخر ثم لقي الآخر فحدثه به فكان يرويه على الوجهين ومنها أنه ربما أورد حديثا عنعنه راويه فيورده من طريق أخرى مصرحا فيها بالسماع على ما عرف من طريقته في اشتراط ثبوت اللقاء في المعنعن فهذا جميعه فيما يتعلق بإعادة المتن الواحد في موضع آخر أو أكثر وأما تقطيعه للحديث في الأبواب تارة واقتصاره منه على بعضه أخرى فذلك لأنه إن كان المتن قصيرا أو مرتبطا بعضه ببعض وقد اشتمل على حكمين فصاعدا فإنه يعيده بحسب ذلك مراعيا مع ذلك عدم إخلائه من فائدة حديثية وهي إيراده له عن شيخ سوى الشيخ الذي أخرجه عنه قبل ذلك كما تقدم تفصيله فتستفيد بذلك تكثير الطرق لذلك الحديث وربما ضاق عليه مخرج الحديث حيث لا يكون له إلا طريق واحدة فيتصرف حينئذ فيه فيورده في موضع موصولا وفي موضع معلقا ويورده تارة تاما وتارة مقتصرا على طرفه الذي يحتاج إليه في ذلك الباب فإن كان المتن مشتملا على جمل متعددة لا تعلق لإحداها بالأخرى فإنه يخرج كل جملة منها في باب مستقل فرارا من التطويل وربما نشط فساقه بتمامه فهذا كله في التقطيع وقد حكى بعض شراح البخاري أنه وقع في أثناء الحج في بعض النسخ بعد باب قصر الخطبة بعرفة باب تعجيل الوقوف قال أبو عبد الله يزاد في هذا الباب حديث مالك عن ابن شهاب ولكني لا أريد أن أدخل فيه

(1/15)


معادا انتهى وهو يقتضي أنه لا يتعمد أن يخرج في كتابه حديثا معادا بجميع إسناده ومتنه وإن كان قد وقع له من ذلك شيء فعن غير قصد وهو قليل جدا سأنبه على مواضعه من الشرح حيث أصل إليها إن شاء الله تعالى وأما اقتصاره على بعض المتن ثم لا يذكر الباقي في موضع آخر فإنه لا يقع له ذلك في الغالب إلا حيث يكون المحذوف موقوفا على الصحابي وفيه شيء قد يحكم برفعه فيقتصر على الجملة التي يحكم لها بالرفع ويحذف الباقي لأنه لا تعلق له بموضوع كتابه كما وقع له في حديث هزيل بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون هكذا أورده وهو مختصر من حديث موقوف أوله جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال إني أعتقت عبدا لي سائبة فمات وترك مالا ولم يدع وارثا فقال عبد الله إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون فأنت ولي نعمته فلك ميراثه فإن تأثمت وتحرجت في شيء فنحن نقبله منك ونجعله في بيت المال فاقتصر البخاري على ما يعطي حكم الرفع من هذا الحديث الموقوف وهو قوله: "إن أهل الإسلام لا يسيبون لأنه يستدعى بعمومه النقل عن صاحب الشرع لذلك الحكم واختصر الباقي لأنه ليس من موضوع كتابه وهذا من أخفى المواضع التي وقعت له من هذا الجنس وإذا تقرر ذلك اتضح أنه لا يعيد إلا لفائدة حتى لو لم تظهر لإعادته فائدة من جهة الإسناد ولا من جهة المتن لكان ذلك لإعادته لأجل مغايرة الحكم التي تشتمل عليه الترجمة الثانية موجبا لئلا يعد مكررا بلا فائدة كيف وهو لا يخليه مع ذلك من فائدة إسنادية وهي إخراجه للإسناد عن شيخ غير الشيخ الماضي أو غير ذلك على ما سبق تفصيله وهذا بين لمن استقرأ كتابه وأنصف من نفسه والله الموفق لا إله غيره.

(1/16)


الفصل الرابع: في بيان السبب في إيراده للأحاديث المعلقة: مرفوعة وموقوفة وشرح أحكام ذلك
مدخل
...
الفصل الرابع: في بيان السبب في إيراده للأحاديث المعلقة مرفوعة وموقوفة وشرح أحكام ذلك
والمراد بالتعليق ما حذف من مبتدأ إسناده واحد فأكثر ولو إلى آخر الإسناد وتارة يجزم به كقول وتارة لا يجزم به ك يذكر فأما المعلق من المرفوعات فعلى قسمين أحدهما ما يوجد في موضع آخر من كتابه هذا موصولا وثانيهما ما لا يوجد فيه إلا معلقا فالأول قد بينا السبب فيه في الفصل الذي قبل هذا وأنه يورده معلقا حيث يضيق مخرج الحديث إذ من قاعدته أنه لا يكرر إلا لفائدة فمتى ضاق المخرج واشتمل المتن على أحكام فاحتاج إلى تكريره فإنه يتصرف في الإسناد بالاختصار خشية التطويل والثاني وهو ما لا يوجد فيه إلا معلقا فإنه على صورتين إما أن يورده بصيغة الجزم وإما أن يورده بصيغة التمريض فالصيغة الأولى يستفاد منها الصحة إلى من علق عنه لكن يبقى النظر فيمن أبرز من رجال ذلك الحديث فمنه ما يلتحق بشرطه ومنه ما لا يلتحق أما ما يلتحق فالسبب في كونه لم يوصل إسناده إما لكونه أخرج ما يقوم مقامه فاستغنى عن إيراد هذا مستوفى السياق ولم يهمله بل أورده بصيغة التعليق طلبا للاختصار وإما لكونه لم يحصل عنده مسموعا أو سمعه وشك في سماعه له من شيخه أو سمعه من شيخه مذاكرة فما رأى أنه يسوقه مساق الأصل وغالب هذا فيما أورده عن مشايخه فمن ذلك أنه قال في كتاب الوكالة قال عثمان ابن الهيثم حدثنا عوف حدثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة رمضان الحديث بطوله وأورده في مواضع أخرى منها في فضائل القرآن وفي ذكر إبليس ولم يقل في موضع منها حدثنا عثمان فالظاهر أنه لم يسمعه منه وقد استعمل المصنف هذه الصيغة فيما لم يسمعه من مشايخه في عدة أحاديث فيوردها عنهم بصيغة قال فلان ثم يوردها في موضع آخر بواسطة بينه وبينهم وسيأتي لذلك أمثلة كثيرة في مواضعها فقال في التاريخ قال إبراهيم بن موسى حدثنا هشام بن يوسف فذكر حديثا ثم قال حدثوني بهذا عن إبراهيم ولكن ليس ذلك مطردا في كل ما أورده بهذه الصيغة لكن مع هذا الاحتمال لا يحمل حمل جميع ما أورده بهذه الصيغة على أنه سمع ذلك من شيوخه ولا يلزم من ذلك أن يكون مدلسا عنهم فقد صرح الخطيب وغيره بأن لفظ قال لا يحمل على السماع إلا ممن عرف من عادته أنه لا يطلق ذلك إلا فيما سمع فاقتضى ذلك أن من لم يعرف ذلك من عادته كان الأمر فيه على الاحتمال والله تعالى أعلم وأما ما لا يلتحق بشرطه فقد يكون صحيحا على شرط غيره وقد يكون حسنا صالحا للحجة وقد يكون ضعيفا لا من جهة قدح في رجاله بل من جهة انقطاع يسير في إسناده قال الإسماعيلي قد يصنع البخاري ذلك إما لأنه سمعه من ذلك الشيخ بواسطة من يثق به عنه وهو معروف مشهور عن ذلك الشيخ أو لأنه سمعه ممن ليس من شرط الكتاب فنبه على ذلك الحديث بتسمية من حدث به لأعلى جهة التحديث به عنه قلت والسبب فيه أنه أراد أن لا يسوقه مساق الأصل فمثال ما هو صحيح على شرط غيره قوله: "في الطهارة وقالت عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه وهو حديث صحيح على شرط مسلم

(1/17)


وقد أخرجه في صحيحه كما سيأتي بيانه ومثال ما هو حسن صالح للحجة قوله: "فيه وقال بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: "الله أحق أن يستحيا منه من الناس" وهو حديث حسن مشهور عن بهز أخرجه أصحاب السنن كما سيأتي ومثال ما هو ضعيف بسبب الانقطاع لكنه منجبر بأمر آخر قوله: "في كتاب الزكاة وقال طاوس قال معاذ بن جبل لأهل اليمن ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فإسناده إلى طاوس صحيح إلا أن طاوسا لم يسمع من معاذ فأما ما اعترض به بعض المتأخرين بنقضه هذا الحكم في صيغة الجزم وأنها لا تفيد الصحة إلا من علق عنه بأن المصنف أخرج حديثا قال فيه قال عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تفاضلوا بين الأنبياء " الحديث فإن أبا مسعود الدمشقي جزم بأن هذا ليس بصحيح لأن عبد الله بن الفضل إنما رواه عن الأعرج عن أبي هريرة لا عن أبي سلمة ثم قوى ذلك بان المصنف أخرجه في موضع آخر موصولا فقال عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة انتهى فهذا اعتراض مردود والقاعدة صحيحة لا تنتقض بهذا الإيراد الواهي وقد روى الحديث المذكور أبو داود الطيالسي في مسنده عن عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة كما علقه البخاري سواء فبطل ما ادعاه أبو مسعود من أن عبد الله بن الفضل لم يروه إلا عن الأعرج وثبت أن لعبد الله بن الفضل فيه شيخين وسنزيد ذلك بيانا في موضعه إن شاء الله تعالى والصيغة الثانية وهي صيغة التمريض لا تستفاد منها الصحة إلا من علق عنه لكن فيه ما هو صحيح وفيه ما ليس بصحيح على ما سنبينه فأما ما هو صحيح فلم نجد فيه ما هو على شرطه إلا مواضع يسيره جدا ووجدناه لا يستعمل ذلك إلا حيث يورد ذلك الحديث المعلق بالمعنى كقوله: "في الطب ويذكر عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرقي بفاتحة الكتاب فإنه أسنده في موضع آخر من طريق عبيد الله بن الأخنس عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بحي فيهم لديغ فذكر الحديث في رقيتهم للرجل بفاتحة الكتاب وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبروه بذلك: "أن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله" فهذا كما ترى لما أورده بالمعنى لم يجزم به إذ ليس في الموصول أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الرقية بفاتحة الكتاب إنما فيه أنه لم ينههم عن فعلهم فاستفيد ذلك من تقريره وأما ما لم يورده في موضع آخر مما أورده بهذه الصيغة فمنه ما هو صحيح إلا أنه ليس على شرطه ومنه ما هو حسن ومنه ما هو ضعيف فرد إلا أن العمل على موافقته ومنه ما هو ضعيف فرد لا جابر له فمثال الأول أنه قال في الصلاة ويذكر عن عبد الله بن السائب قال قرأ النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنون في صلاة الصبح حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع وهو حديث صحيح على شرط مسلم أخرجه في صحيحه إلا أن البخاري لم يخرج لبعض رواته وقال في الصيام ويذكر عن أبي خالد عن الأعمش عن الحكم ومسلم البطين وسلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد عن ابن عباس قال قالت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم إن أختي ماتت وعليها صوم شهرين متتابعين الحديث ورجال هذا الإسناد رجال الصحيح إلا أن فيه اختلافا كثيرا في إسناده وقد تفرد أبو خالد سليمان ابن حيان الأحمر بهذا السياق وخالف فيه الحفاظ من أصحاب الأعمش كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى ومثال الثاني وهو الحسن قوله: "في البيوع ويذكر عن عثمان ابن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له إذا بعت فكل وإذا ابتعت فاكتل وهذا الحديث قد رواه الدارقطني من طريق عبد الله بن المغيرة وهو صدوق عن منقذ مولى عثمان وقد وثق عن عثمان به وتابعه عليه سعيد بن المسيب ومن طريقه أخرجه أحمد في المسند إلا أن في إسناده

(1/18)


ابن لهيعة ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه من حديث عطاء عن عثمان وفيه انقطاع فالحديث حسن لما عضده من ذلك ومثال الثالث وهو الضعيف الذي لا عاضد له إلا أنه على وفق العمل قوله: "في الوصايا ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى بالدين قبل الوصية وقد رواه الترمذي موصولا من حديث أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور عن علي والحارث ضعيف وقد استغربه الترمذي ثم حكى إجماع أهل العلم على القول به ومثال الرابع وهو الضعيف الذي لا عاضد له وهو في الكتاب قليل جدا وحيث يقع ذلك فيه يتعقبه المصنف بالتضعيف بخلاف ما قبله فمن أمثلته قوله: "في كتاب الصلاة ويذكر عن أبي هريرة رفعه لا يتطوع الإمام في مكانه ولم يصح وهو حديث أخرجه أبو داود من طريق ليث بن أبي سليم عن الحجاج بن عبيد عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي هريرة وليث بن أبي سليم ضعيف وشيخ شيخه لا يعرف وقد اختلف عليه فيه فهذا حكم جميع ما في الكتاب من التعاليق المرفوعة بصيغتي الجزم والتمريض وهاتان الصيغتان قد نقل النووي اتفاق محققي المحدثين وغيرهم على اعتبارهما وأنه لا ينبغي الجزم بشيء ضعيف لأنها صيغة تقتضي صحته عن المضاف إليه فلا ينبغي أن تطلق إلا فيما صح قال وقد أهمل ذلك كثير من المصنفين من الفقهاء وغيرهم واشتد إنكار البيهقي على ما خالف ذلك وهو تساهل قبيح جدا من فاعله إذ يقول في الصحيح يذكر ويروى وفي الضعيف قال وروى وهذا قلب للمعاني وحيد عن الصواب قال وقد اعتنى البخاري رحمه الله باعتبار هاتين الصيغتين وإعطائهما حكمهما في صحيحه فيقول في الترجمة الواحدة بعض كلامه بتمريض وبعضه يجزم مراعيا ما ذكرنا وهذا مشعر بتحريه وورعه وعلى هذا فيحمل قوله: "ما أدخلت في الجامع إلا ما صح أي مما سقت إسناده والله تعالى أعلم أهـ كلامه وقد تبين مما فصلنا به أقسام تعاليقه أنه لا يفتقر إلى هذا الحمل وأن جميع ما فيه صحيح باعتبار أنه كله مقبول ليس فيه ما يرد مطلقا إلا النادر فهذا حكم المرفوعات
وأما الموقوفات فإنه يجزم منها بما صح عنده ولو لم يكن على شرطه ولا يجزم بما كان في إسناده ضعف أو انقطاع إلا حيث يكون منجبرا أما بمجيئه من وجه آخر وإما بشهرته عمن قاله وإنما يورد ما يورد من الموقوفات من فتاوى الصحابة والتابعين ومن تفاسيرهم لكثير من الآيات على طريق الاستئناس والتقوية لما يختاره من المذاهب في المسائل التي فيها الخلاف بين الأئمة فحينئذ ينبغي أن يقال جميع ما يورد فيه إما أن يكون مما ترجم به أو مما ترجم له فالمقصود من هذا التصنيف بالذات هو الأحاديث الصحيحة المسندة وهي التي ترجم لها والمذكور بالعرض والتبع الآثار الموقوفة والأحاديث المعلقة نعم والآيات المكرمة فجميع ذلك مترجم به إلا أنها إذا اعتبرت بعضها مع بعض واعتبرت أيضا بالنسبة إلى الحديث يكون بعضها مع بعض منها مفسر ومنها مفسر فيكون بعضها كالمترجم له باعتبار ولكن المقصود بالذات هو الأصل فافهم هذا فإنه مخلص حسن يندفع به اعتراض كثير عما أورده المؤلف من هذا القبيل والله الموفق وهذا حين الشروع في سياق تعاليقه المرفوعة والإشارة إلى من وصلها وأضفت إلى ذلك المتابعات لالتحاقها بها في الحكم وقد بسطت ذلك جميعه في مصنف كبير سميته تغليق التعليق ذكرت فيه جميع أحاديثه المرفوعة وآثاره الموقوفة وذكرت من وصلها بأسانيدي إلى المكان المعلق فجاء كتابا حافلا وجامعا كاملا لم يفرده أحد بالتصنيف وقد صرح بذلك الحافظ أبو عبد الله بن رشيد في كتاب

(1/19)


ترجمان التراجم له فقال وهو أي التعليق مفتقر إلى أن يصنف فيه كتاب يخصه تسند فيه تلك المعلقات وتبين درجتها من الصحة والحسن أو غير ذلك من الدرجات وما علمت أحدا تعرض لتصنيف في ذلك وإنه لمهم لا سيما لمن له عناية بكتاب البخاري.

(1/20)


"من بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "
متابعة عبد الله بن يوسف عن الليث وصلها المؤلف في الأنبياء وفي التفسير ومتابعة أبي صالح عنه وصلها يعقوب بن سفيان في تاريخه عنه ومتابعة هلال بن رداد عن الزهري وصلها الذهلي في الزهريات ومتابعة يونس عنه وصلها المؤلف في التفسير ومتابعة معمر وصلها المؤلف في تعبير الرؤيا حديث أبي سفيان في شأن هرقل متابعه صالح وهو بن كيسان وصلها المؤلف في الجهاد ومتابعة يونس وصلها في الجزية والاستئذان ومتابعة معمر وصلها في التفسير.

(1/20)


"الإيمان"
حديث عبد الله بن عمرو المسلم من سلم الحديث رواية أبي معاوية فيه وصلها إسحاق بن راهويه في مسنده عنه ووصلها بن حبان في صحيحه ورواية عبد الأعلى وصلها عثمان ابن أبي شيبة في مسنده عنه حديث أبي سعيد اخرجوا من النار الحديث رواية وهيب عن عمرو وهو بن يحيى المازني شيخ مالك في قوله: "من خردل من خير وغير ذلك وصلها مسلم بالإسناد ولم يسق لفظها بل أحال بها على حديث مالك وهو في مسند أبي بكر بن أبي شيبة موافق لما علق البخاري ووصله البخاري من حديث وهيب لكن بلفظ مالك حديث سعد بن أبي وقاص أعطى رهطا وفيهم سعد الحديث رواية يونس عن الزهري وصلها عبد الرحمن بن عمر الزهري الملقب رسته في كتاب الإيمان له ورواية صالح وصلها البخاري في الزكاة ورواية معمر وصلها عبد بن حميد وابن أبي عمر العدني والحميدي وغيرهم في مسانيدهم ووقع لمسلم في إسناده وهم بينته في تغليق التعليق ورواية بن أخي الزهري وصلها الإسماعيلي حديث عبد الله بن عمرو أربع من كن فيه الحديث متابعة شعبة عن الأعمش وصلها المؤلف في كتاب المظالم
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحب الدين إلى الله تعالى الحنيفية السمحة " هذا الحديث لم يذكره إلا هنا ولم يسق له إسنادا وقد وصله المؤلف في كتاب الأدب المفرد وأحمد في مسنده من حديث عكرمة عن ابن عباس وله شاهد مرسل في طبقات بن سعد وفي الباب عن أبي بن كعب وجابر وابن عمر وأبي أمامة وأبي هريرة وغيرهم
باب كفران العشير: فيه عن أبي سعيد وصله في كتاب العيدين ولم يسق لفظ كفران العشير وهو مذكور في كتاب الحيض حديث أبي سعيد إذا أسلم العبد فحسن إسلامه الحديث لم يسنده المؤلف وقد وصله أبو ذر الهروي في روايته ولم يسق لفظه ووصله النسائي في السنن والحسن بن سفيان في مسنده والإسماعيلي عنه والدارقطني في غرائب مالك وسمويه في فوائده وغيرهم وقد سقته من طريق عشرة أنفس عن مالك بسنده حديث أنس " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله " رواية أبان ابن يزيد العطار وصلها الحاكم في الأربعين له والبيهقي في كتاب الاعتقاد حديث أبي هريرة من أتبع جنازة مسلم متابعة عثمان ابن أبي الهيثم وصلها أبو نعيم في المستخرج
باب ما جاء أن الأعمال بالنية وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولكن جهاد ونية" وصله المؤلف في الجهاد من حديث بن عباس

(1/20)


"العلم"
حديث بن مسعود حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق وصله في بدأ الخلق وفي القدر وغير ذلك حديث شقيق عن عبد الله سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم كلمة وصله في الجنائز والتوحيد وغير ذلك حديث حذيفة وصله في التوحيد وغيره حديث بن عباس في التوحيد أيضا وحديث أنس كذلك وأوله " إذا تقرب العبد مني شبرا" وكذا حديث أبي هريرة وأوله لكل عمل كفارة قوله: "واحتج بعضهم في القراءة على العالم بحديث ضمام بن ثعلبة" وفي آخره فهذه قراءة عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر ضمام قومه بذلك وقد وصله أبو داود من حديث بن عباس في قصة ضمام وفي آخرها أن ضماما قال لقومه عندما رجع إليهم إن الله قد بعث رسولا الحديث وأصل قصة ضمام وصله المؤلف من حديث شريك عن أنس حديث أنس نسخ عثمان المصاحف وصله في فضائل القرآن وغيره حديث وفد عبد القيس تقدم حديث مالك بن الحويرث وصله في باب خبر الواحد بتمامه
باب التناوب في العلم حديث ابن وهب وصله بن حبان في صحيحه وأبو نعيم في المستخرج وحمل البخاري رواية بن وهب عن يونس على رواية أبي اليمان عن شعيب وفي رواية شعيب زيادة ليست عند يونس قوله: "واحتج بعض أهل الحجاز في المناولة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث كتب لأمير السرية الحديث رواه بن إسحاق في المغازي مرسلا وقد وصله الطبراني من طريق أخرى من حديث جندب بن عبد الله وأسناده حسن حديث " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وإنما العلم بالتعلم" رواه بن أبي عاصم في كتاب العلم له من حديث معاوية بهاتين الجملتين وقد وصل المؤلف الجملة الأولى فقط حديث جابر بن عبد الله في رحلته إلى عبد الله بن أنيس هو حديث عبد الله بن أنيس المذكور في التوحيد وسيأتي ذكر من وصله إن شاء الله تعالى
قوله : "في باب فضل من علم وعلم قال إسحاق وكان منها طائفة قبلت الماء وفي رواية أخرى قال ابن إسحاق وفي رواية أخرى قال أبو إسحاق وقد رواه عن أبي أسامة إسحاق بن راهويه في مسنده فكأنه المراد ورويناه أيضا في الأمثال للرامهرمزي من حديث أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد الجوهري وأما بن إسحاق فلا يعرف من حديثه حديث "ألا وقول الزور فما زال يكررها" وصله المؤلف في الشهادات والديات من حديث أبي بكرة حديث بن عمر قال النبي صلى الله عليه وسلم إلا هل بلغت وصله أيضا في الحدود حديث إسماعيل عن أيوب وصله المؤلف في الزكاة
قوله : "باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب قاله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم" وصله المؤلف في الحج بلفظ "ليبلغ الشاهد الغائب" وكأنه ذكره هنا بالمعنى متابعة معمر عن همام وصلها أبو بكر المروزي في كتاب العلم له والبغوى في شرح

(1/21)


السنة قول عائشة "نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين" هو طرف من حديث طويل وصله بن خزيمة في صحيحه والمرفوع منه عند مسلم وغيره

(1/22)


"الطهارة"
قوله : "وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن فرض الوضوء مرة مرة وتوضأ أيضا مرتين مرتين وثلاثا ثلاثا ولم يزد على ثلاث" فحديث الوضوء مرة مرة وصله من حديث بن عباس وحديث الوضوء مرتين مرتين وصله من حديث عبد الله بن زيد وحديث الوضوء ثلاثا ثلاثا وصله من حديث عثمان ابن عفان وقوله: "ولم يزد" يريد لم يزد ما يدل على الزيادة على الثلاث ولعله يشير إلى حديث عبد الله بن عمرو الذي فيه "من زاد فقد أساء وظلم" وهو عند ابن خزيمة وأبي داود وغيرهما قوله: "وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم" يشير إلى ما تقدم وإلى ما يأتي في باب الوضوء بالمد متابعة محمد بن عرعرة عن شعبة وصلها المؤلف في الدعوات ورواية غندر عنه وصلها البزار باللفظ المعلق ووصلها أحمد بلفظ إذا دخل ورواية موسى وهو بن إسماعيل عن حماد وهو بن سلمة وصلها البيهقي ورواية سعيد بن زيد وهو أخو حماد ابن زيد وصلها المؤلف في الأدب المفرد له قول أبي الدرداء "أليس فيكم صاحب النعلين" وصله المؤلف في المناقب وغيرها متابعة النضر بن شميل عن شعبة وصلها النسائي ومتابعة شاذان واسمه الأسود بن عامر وصلها المؤلف في الصلاة رواية إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي عن أبيه عن أبي إسحاق حدثني عبد الرحمن بن الأسود لم أجدها
قوله : "باب الاستنثار في الوضوء ذكره عثمان وعبد الله بن زيد وابن عباس
باب المضمضة في الوضوء قاله بن عباس وعبد الله بن زيد وأحاديث الثلاثة موصولة عنده في الطهارة حديث عائشة حضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد فنزل التيمم مختصر من حديثها الطويل في ضياع عقدها وهو موصول عند المؤلف من حديثها في التفسير والنكاح والمناقب وغيرهما حديث أحمد بن شبيب عن أبيه وصله أبو نعيم في المستخرج والبهيقي وغيرها قوله: "ويذكر عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة ذات الرقاع" الحديث هو مختصر من حديث طويل وصله أبو يعلى في مسنده وابن خزيمة في صحيحه وأبو داود وغيرهم رواية شعبة عن الأعمش وصلها مسلم متابعة وهب بن جرير عن شعبة موصولة في مسند أبي العباس السراج ورواية غندر عنه وصلها أحمد ومسلم ورواية يحيى القطان عنه وصلها أحمد بن حنبل قوله: "وسئل مالك عن مسح جميع الرأس فاحتج بحديث عبد الله بن زيد" وصله بن خزيمة من حديث مالك بالسؤال المذكور قوله: "وقال أبو موسى دعا النبي صلى الله عليه وسلم بقدح" الحديث وصله في المغازي والخطاب لأبي موسى وبلال قوله: "وقال عروة عن المسور وغيره وإذا توضأ النبي صلى الله عليه وسلم كادوا يقتتلون على وضوئه" وصله في كتاب الشرود رواية موسى بن عقبة قال أخبرني أبو النضر أن أبا سلمة أخبره أن سعدا وصلها الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان وسقته عاليا تاما من فوائد أبي زكريا المزكي متابعة حرب بن شداد وصلها النسائي ومتابعة أبان وهو العطار عنه وصلها أحمد بن حنبل والطبراني ورواية معمر عنه وصلها البهيقي ومتابعة يونس عن الزهري وصلها مسلم ومتابعة صالح بن كيسان وصلها أبو العباس السراج حديث عروة عن المسور تقدم التنبيه عليه وأنه في الشروط رواية سعيد بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن حميد سمعت أنسا لم أجدها رواية عفان عن صخر بن جويرية وصلها أبو عوانة في صحيحه ورواية نعيم

(1/22)


ابن حماد عن ابن المبارك وصلها الطبراني في الأوسط ورويناها في الغيلانيات باختصار حديث بن عباس "بت عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستن" وصله المؤلف في التفسير

(1/23)


"الغسل"
رواية يزيد بن هارون عن شعبة وصلها أبو عوانة في صحيحه ورواية بهز بن أسد وصلها الإسماعيلي ورواية الجدي وهو عبد الملك بن إبراهيم لم أجدها قوله: "كأن ابن عيينة يقول أخيرا عن ابن عباس عن ميمونة" وصله الشافعي وأبو بكر بن أبي شيبة والحميدي وغيرهم في مسانيدهم عن ابن عيينة بزيادات ميمونة زيادة مسلم بن إبراهيم عن شعبة لم أجدها وزيادة وهب بن جرير عنه وصلها الإسماعيلي رواية سعيد عن قتادة أن أنسا حدثهم وصلها المؤلف في باب الجنب يخرج ويمشى في السوق متابعة عبد الأعلى عن معمر وصلها أحمد في مسنده عنه رواية الأوزاعي عن الزهري وصلها المؤلف في الصلاة حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده وصله أحمد بن حنبل وأصحاب السنن الأربعة وليس في رواية واحد منهم توفية بلفظ الترجمة نعم وصله البيهقي من طريق عبد الوارث عن بهز بن حكيم وفيه اللفظ المذكور ووقع لنا بعلو في الجزء الثاني من حديث المخلص وفي الثقفيات رواية إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة وصلها النسائي متابعة أبي عوانة وهو الوضاح عن الأعمش وصلها المؤلف في موضع آخر من الغسل ومتابعة محمد ابن فضيل عنه وصلها أبو عوانة يعقوب في صحيحه متابعة عمرو بن مرزوق عن شعبة رويناها في جزء من حديث أبي عمرو بن سماك قال حدثنا عثمان ابن عمر الضبي حدثنا عمرو بن مرزوق به ورواية موسى بن إسماعيل عن أبان زعم الشيخ علاء الدين مغلطاي أن البيهقي وصلها من طريق عفان عن موسى ووهم مغلطاي في ذلك وإنما رواها البيهقي عن عفان عن أبان نفسه وليست لعفان عن موسى رواية من وجه من الوجوه أصلا.

(1/23)


"الحيض والتيمم"
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "هذا شيء كتبه الله على بنات آدم" وصله المؤلف في باب تقضى الحائض المناسك كلها متابعة خالد وهو بن عبد الله الطحان عن الشيباني رويناها في فوائد أبي القاسم التنوخي ووصلها الطبراني بإسناد آخر ومتابعة جرير عنه وصلها أبو يعلى في مسنده والإسماعيلي عنه ورواية سفيان الثوري عنه وصلها أحمد بن حنبل في مسنده حديث "كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه" وصله مسلم وأبو داود والترمذي والسراج وأبو يعلى كلهم من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة عن البهي عن عروة عن عائشة قال الترمذي لا يعرف إلا من حديث يحيى انتهى وقد رواه يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده عن أبيه ورواه بن أبي داود في كتاب الشريعة له عن محمود بن آدم عن الفضل بن موسى ورواه أبو يعلى في مسنده عن هارون بن معروف عن إسحاق بن يوسف الأزرق كلهم عن زكريا فكان المنفرد به زكريا لا ابنه وخالد بن سلمة فيه مقال ولم يخرح له البخاري شيئا إلا هذا الذي أشار إليه هنا حديث أم عطية وصله في العيدين حديث بن عباس عن أبي سفيان في شأن هرقل تقدم في بدء الوحي حديث عطاء عن جابر "حاضت عائشة فنسكت المناسك" وصله في الحج من طريقه رواية هشام بن حسان عن حفصة عن أم عطية وصلها في الطلاق

(1/23)


"كتاب الصلاة"
حديث أبي سفيان في قصة هرقل تقدم في بدء الوحي قوله: "ويذكر عن سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يزره ولو بشوكة وفي إسناده نظر" وصله أبو داود وابن خزيمة وابن حبان والبخاري في تاريخه وابن أبي عمر العدني في مسنده ووقع لي عاليا جدا في الجزء الأول من حديث المخلص قوله: "وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يطوف بالبيت عريان" وصله بعد سبعة أبواب في حديث أبي هريرة في تأذين على يوم النحر بمنى رواية عبد الله بن رجاء عن عمران القطان وصلها الطبراني في الكبير حديث أبي حازم عن سهل في عقد أزرهم وصله بعد قليل حديث أم هاني "التحف النبي صلى الله عليه وسلم بثوب وخالف بين طرفيه على عاتقيه" وصله أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه من طريق محمد بن عمرو عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبي مرة مولى عقيل عنها وأصله في صحيح مسلم من طريق أبي جعفر الباقر عن أبي مرة وليس عنده على عاتقيه وهو من المتفق عليه من حديث مالك عن أبي النضر عن أبي مرة لكن ليس فيه "خالف بين طرفيه على عاتقيه"
باب ما يذكر في الفخذ ويروي عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم "الفخذ عورة" أما حديث بن عباس فوصله أحمد والترمذي ووقع لنا بعلو في مسند عبد بن حميد وأما حديث جرهد فوصله البخاري في التاريخ وأبو داود وأحمد والطبراني من طرق وفيه اضطراب وصححه بن حبان وأما حديث محمد بن جحش فوصله البخاري في التاريخ أيضا وأحمد والطبراني ورويناه عاليا في فوائد على بن حجر من رواية أبي بكر بن خزيمة عنه قوله: "فيه وقال أنس حسر النبي صلى الله عليه وسلم عن فخذه" أسنده في الباب وقال أبو موسى "غطى النبي

(1/24)


صلى الله عليه وسلم ركبتيه حين دخل عثمان" وصله في مناقب عثمان وقال زيد بن ثابت "أنزل الله تعالى على رسوله وفخذه على فخذي" الحديث وصله في الجهاد والتفسير حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في انبجانية أبي جهم وصله أبو داود وأصله في مسلم
باب الصلاة على الفراش وقال أنس "كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فيسجد أحدنا على ثوبه" وصله المؤلف في باب السجود على الثوب في أوائل كتاب الصلاة ورواية الليث عن جعفر بن ربيعة في صفة السجود وصلها مسلم والطبراني في الأوسط
باب يستقبل بأطراف رجليه قاله أبو حميد وصله مطولا في باب سنة الجلوس في التشهد حديث نعيم بن حماد عن ابن المبارك في رواية أبي ذر الهروي حدثنا نعيم وزعم أبو نعيم في المستخرج أنه ذكره عن ابن المبارك تعليقا وقد وصل الدارقطني طريق نعيم المذكور ورواية بن أبي مريم عن يحيى هو بن أيوب وصلها محمد بن نصر المروزي في كتاب تعظيم الصلاة والبيهقي وابن منده في الإيمان ورواية علي وهو ابن عبد الله المديني عن خالد بن الحارث لم أجدها قوله: "وقال أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة وكبر" هو طرف من قصة المسيء صلاته وقد وصله المؤلف في الاستدراك وفيه هذا اللفظ قوله: "وقد سلم النبي صلى الله عليه وسلم في ركعتي الظهر وأقبل على الناس بوجهه ثم أتم ما بقي" وصله من طرق لكن ليس في شيء منها "وأقبل على الناس بوجهه" وهي في الموطأ من طريق داود بن الحصين عن ابن أبي سفيان عن أبي هريرة رواية بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عند أبي ذر قال ابن أبي مريم وعند غيره حدثنا بن أبي مريم وسيعاد في التفسير في تفسير سورة البقرة قوله: "وقال إبراهيم هو بن طهمان عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس أتى النبي صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين الحديث" وصله الحاكم في المستدرك وأبو عبد الله بن منده في أماليه والبجيري عمر بن محمد بن بجير في صحيحه وأبو نعيم في المستخرج قوله: "لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" وصله المؤلف في الجنائز حديث الزهري عن أنس "عرضت علي النار وأنا أصلي" وصله في باب وقت الظهر من طريق شعبة عنه حديث أبي قلابة عن أنس قدم رهط من عكل فكانوا في الصفة وصله بهذا اللفظ في كتاب المحاربين حديث عبد الرحمن بن أبي بكر كان أصحاب الصفة فقراء وصله المؤلف في باب السمر مع الضيف حديث كعب بن مالك "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فيصلى فيه" وصله في الجهاد مختصرا هكذا وأورده في المغازي مطولا في قصة توبة كعب قوله: "وزاد إبراهيم بن المنذر حدثني بن وهب أخبرني يونس الحديث في الحبشة في بعض الروايات وزاد في رواية يحيى هو القطان وعبد الوهاب وهو الثقفي عن يحيى هو الأنصاري مسندا عنده عن علي بن المديني عنهما وهو معطوف على رواية علي عن ابن عيينة وقد وصله الإسماعيلي من رواية بندار عنهما ورواية جعفر بن عون وصلها أحمد في مسنده عنه والنسائي ووقع لنا في جزء الحسن بن على بن عفان عنه بعلو ورواية مالك وصلها المؤلف في باب المكاتب حديث بن عباس "طاف النبي صلى الله عليه وسلم على بعير" وصله في باب من أشار إلى الركن في كتاب الحج حديث الوليد بن كثير عن عبيد الله بن عبد الله أن ابن عمر حدثهم وصله مسلم ووقع لنا بعلو في مستخرج أبي نعيم حديث عاصم بن على حدثنا عاصم بن محمد وصله إبراهيم الحربي في غريب

(1/25)


الحديث له قوله: "وزاد شعبة عن عمرو عن أنس "حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم" وصله في باب كم بين الأذان والإقامة من حديث شعبة قوله: "زاد مسدد قال خالد قال الشيباني الحديث وصله في باب "إذا أصاب ثوب المصلي امرأته إذا سجد" عن مسدد به
أبواب المواقيت: قال بكر بن خلف حدثنا محمد بن بكر البرساني وصله الإسماعيلي في مستخرجه وأحمد بن على الأبار في جمع حديث الزهري قوله: "قال سعيد عن قتادة يعني عن أنس لا يتفل قدامه الحديث" وقال شعبة يعني عن قتادة لا يبزق بين يديه الحديث وقال حميد عن أنس لا يبزق في القبلة الحديث أما حديث سعيد فوصله أحمد في مسنده من طرق وابن حبان في صحيحه وأما حديث شعبة فوصله المؤلف عن آدم عنه وأما حديث حميد فوصله المؤلف أيضا من طريق إسماعيل بن جعفر عنه متابعة سفيان وهو الثوري عن الأعمش في الإبراد وصلها المؤلف في باب صفة النار عن الفريابي عنه ومتابعة يحيى القطان وصلها أحمد في مسنده عنه ووقعت لنا في فوائد القزويني ومتابعة أبي عوانة لم أجدها وإنما وجدته من رواية أبي معاوية وصله من طريقه بن ماجة قوله: "وقال جابر "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة" وصله في باب وقت المغرب من طريق محمد بن عمرو بن حسن عنه رواية معاذ عن شعبة في حديث أبي برزة الأسلمي في المواقيت وصلها مسلم رواية مالك عن الزهري في وقت العصر وصلها المؤلف عن القعنبي عنه ورواية يحيى بن سعيد وهو الأنصاري وصلها الذهلي في الزهريات ورواية شعيب بن أبي حمزة عنه وصلها الطبراني في مسند الشاميين ورواية بن أبي حفصة وهو محمد بن ميسرة وصلها الذهلي أيضا قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم "أثقل الصلاة على المنافقين العشاء والفجر" وقال "لو يعلمون ما في العتمة والفجر" هذان حديثان وصل الأول منهما في باب فضل العشاء جماعة والثاني في باب الأذان قوله: "ويذكر عن أبي موسى كنا نتناوب النبي صلى الله عليه وسلم عند صلاة العشاء فأعتم بها" وصله بعد هذا بباب واحد وإنما أورده بصيغة التمريض لأنه ساقه بالمعني وفيه نظر قوله: "وقال ابن عباس وعائشة أعتم بالعشاء وقال بعضهم عن عائشة أعتم بالعتمة" وصل حديث بن عباس في باب النوم قبل العشاء وحديث عائشة في باب ففضل العشاء من طريق عقيل عن الزهري عن عروة عنها والطريق الثانية المبهم راويها من طريق شعيب عن أبي حمزة عن الزهري قوله: "وقال جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء وقال أبو برزة كان يؤخر العشاء وقال أنس أخر العشاء وقال ابن عمر وأبو أيوب وابن عباس صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء" أما حديث جابر فوصله المؤلف في باب وقت العشاء وحديث أبي برزة تقدم في باب وقت الظهر وحديث أنس وصله في باب وقت العشاء إلى نصف الليل وحديث بن عمر وأبي أيوب في الحج وحديث بن عباس في باب قصر الصلاة وسيأتي قوله: "وقال أبو برزة كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب تأخيرها يعني العشاء" تقدم أنه وصله قوله: "عبد الرحيم المحاربي حدثنا زائدة هكذا في جل روايتنا ليس فيه صيغة أداء نعم في رواية أبي ذر الهروي حدثنا عبد الرحيم قوله: "وقال ابن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب رويناه موصولا عاليا في الجزء الأول من حديث المخلس قال حدثنا البغوي حدثنا أحمد بن منصور حدثنا سعيد بن أبي مريم به رواية أبي رجاء عن همام رويناها موصولة عالية في جزء محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا عبد الله بن رجاء متابعة عبدة وهو بن سليمان عن هشام وصلها المؤلف في باب صفة إبليس وجنوده

(1/26)


قوله : "باب من لم يكره الصلاة إلا بعد الفجر والعصر رواه عمر وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة" أما حديث عمر فوصله من طرق من حديث بن عباس عنه وأما حديث بن عمر ففي الباب المذكور وأما حديث أبي سعيد ففي الصلاة أيضا والحج وأما حديث أبي هريرة ففي الباب الذي قبله حديث كريب عن أم سلمة صلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر وصله في باب السهو وسيأتي رواية حبان بن هلال عن همام وصلها أبو عوانة الاسفرايني في صحيحه عن عمار بن رجاء عن حبان رواية عثمان ابن جبلة وأبي داود عن شعبة عن عمرو بن عامر عن أنس في الصلاة قبل المغرب لم أجدها وزعم مغلطاي أن الإسماعيلي وصل حديث عثمان ابن جبلة وليس في كتاب الإسماعيلي ذلك وإنما فيه من رواية عثمان ابن عمرو بن فارس.
أبواب الأذان والإقامة والإمامة ويذكر عن بلال "أنه جعل إصبعيه في أذنيه" وصله ابن ماجة من حديث سعد القرظ وصححه الحاكم مع ضعف إسناده ووصله سعيد بن منصور من حديث بلال وإسناده ضعيف ومنقطع أيضا لكن عند أبي داود في السنن والطبراني في مسند الشاميين وصححه بن حبان من طريق عبد الله الهوزني قال لقيت بلالا فذكر حديثا طويلا فيه قال بلال فجعلت إصبعي في أذاني فأذنت وروى ابن خزيمة في صحيحه من طريق أبي جحيفة قال "رأيت بلالا يؤذن وقد جعل أصبعيه في أذنيه" وهو عن حجاج بن أرطاة عن عون بن أبي جحيفة وتردد بن خزيمة في صحته لذلك وقد وصله الطبراني من حديث الثوري عن عون وليس عنده الحجاج لكن قد بينت في كتابي المدرج أن الثوري إنما سمع هذه الزيادة من عون
قوله : "باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار وقال ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا قاله أبو قتادة" ووصله في الباب الذي قبله من طريق شيبان عن يحيى بن أبي كثير وقال بعده تابعه على بن المبارك يعني عن يحيى ووصل حديث على بن المبارك في باب المشي إلى الجمعة حديث بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب في احتساب الآثار وصله أبو ذر في روايته قال حدثنا بن أبي مريم ورويناه موصولا عاليا في الجزء الأول من حديث المخلص وقال حدثنا البغوي قال حدثنا الزيادي عنه متابعة غندر ومعاذ عن شعبة في حديث بن بحينة وصلها الإسماعيلي ورواية محمد بن إسحاق عن سعد بن إبراهيم رويناها في المغازي الكبرى له وتابعه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن أبيه ورواية حماد بن سلمة عن سعد وصلها إسحاق بن راهويه في مسنده ووقعت لنا بعلو في معرفة الصحابة لأبي عبد الله بن منده ورواية أبي داود عن شعبة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر وهو مريض وصلها البيهقي ورويناها بعلو في حديث شعبة لأبي الحسين بن المظفر ورواية أبي معاوية عن الأعمش وصلها المؤلف في باب الرجل يأتم بالإمام حديث زهير ووهب بن عثمان عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر في البداءة بالعشاء قبل الصلاة لم أجدها متابعة الزبيدي عن الزهري في حديث عائشة مروا أبا بكر فليصل بالناس وصلها الطبراني في مسند الشاميين ووقعت لنا بعلو في البشرانيات ومتابعة بن أخي الزهري عن عمه وصلها الذهلي في الزهريات ومتابعة إسحاق بن يحيى الكلبي عن الزهري رويناها في نسخته من طريق سليمان ابن عبد الحميد البهراني عن يحيى بن صالح عنه ورواية عقيل عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر مرسلا أسندها الذهلي في الزهريات ورواية معمر لمتابعة

(1/27)


عقيل رواها بن سعد في الطبقات وأبو يعلى في مسنده من طريق بن المبارك عنه وأوردها البيهقي من طريق عبد الرزاق عن معمر فزاد فيها عن حمزة عن عائشة كرواية بن أخي الزهري ومن تابعه
قوله : "باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الآخر أو لم يتأخر جازت صلاته فيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم" يشير بذلك إلي قصة صلاة أبي بكر بالناس وخروج النبي صلى الله عليه وسلم وقد شرع أبو بكر في الصلاة فتأخر أبو بكر وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدمت الإشارة إليه وفي قوله : "أولم يتأخر" يشير إلى ما روى أن أبا بكر استمر يصلي وأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلفه وقد تكلم هو عليه أيضا في باب حد المريض أن يشهد الجماعة
قوله : "لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى " هذا الحديث لم يوصل المؤلف إسناده وقد وصله مسلم وأبو داود والترمذي من حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري متابعة سعيد بن مسروق عن محارب في حديث جابر وصلها أبو عوانة في صحيحه ومتابعة مسعر بن كدام عنه وصلها إسحاق بن راهويه وأبو العباس السراج والنسائي ومتابعة الشيباني وهو أبو إسحاق سليمان وصلها البزار ورواية عمرو بن دينار عن جابر وصلها المؤلف ورواية عبيد الله بن مقسم عنه وصلها بن خزيمة في صحيحه وأصله عند أحمد بن حنبل وغيره ورواية أبي الزبير عنه وصلها السراج ورواية الأعمش وصلها إسحاق بن راهويه والنسائي متابعة بشر بن بكر عن الأوزاعي في حديث أبي قتادة وصلها المؤلف ومتابعة بن المبارك عنه وصلها أحمد وابن أبي شيبة والنسائي ومتابعة بقية بن الوليد عنه لم أجدها رواية موسى عن أبان وصلها السراج وابن المنذر متابعة محاضر عن الأعمش لم أجدها قوله: "ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم" هذا الحديث وصله مسلم وأبو داود والنسائي أتم مما هنا ورويناه عاليا في مسند عبد بن حميد وهو صحيح وإنما لم يجزم به لأنه اختصره حديث عقبة بن عبيد عن بشير بن يسار وصله أحمد بن حنبل وأبو نعيم في المستخرج من طريقه قوله: "وقال النعمان ابن بشير "ورأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه" هذا الحديث لم يوصل المؤلف إسناده وقد وصله ابن خزيمة في صحيحه وأبو داود والدارقطني في حديث أصله عند مسلم رواية عفان عن وهيب وصلها المؤلف في الاعتصام عن إسحاق عن عفان
أبواب صفة الصلاة حديث أبي حميد يأتي مطولا في باب سنة الجلوس في التشهد ورواية حماد بن سلمة عن أيوب في رفع اليدين وصلها البخاري في جزء رفع اليدين له والسراج والبيهقي ورواية إبراهيم بن طهمان عن أيوب وموسى بن عقبة وصلها البيهقي حديث عائشة في صلاة الكسوف وصله في باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة قوله: "قال إسماعيل يعني بن أويس عن مالك ينمى قيل إن إسماعيل هذا هو بن إسحاق القاضي رواه عن القعنبي عن مالك ولكن وجدت روايته في المتفق للجوزقي وليس فيها مخالفة لرواية البخاري عن القعنبي فصح أنه بن أويس وسياقه هكذا في الموطأ روايته وقد انقطعت في هذه الأزمان قوله: "وقال سهل يعني بن سعد ألتفت أبو بكر فرأى النبي صلى الله عليه وسلم وصله بتمامه في باب الإشارة في الصلاة ورواية موسى بن عقبة عن نافع في النخامة وصلها مسلم ورواية بن أبي رواد وهو عبد العزيز وصلها أحمد بن حنبل حديث أم سلمة بقراءة الطور في الفجر وصله المؤلف في الحج قوله: "ويذكر عن عبد الله بن السائب قرأ النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنون في الصبح الحديث" هذا الحديث وصله مسلم والنسائي والبخاري في التاريخ ووقع لنا بعلو في مسند الحارث بن أبي

(1/28)


أسامة حديث عبيد الله بن عمر عن ثابت عن أنس في قصة الرجل الذي كان يفتتح بقراءة قل هو الله أحد وصله الترمذي والبزار جميعا عن البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس عن عبد العزيز الدراوردي عنه ورواه بن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك والجوزقي في المتفق كلهم من طريق إبراهيم بن حمزة عن الدراوردي ووقع لنا بعلو في جزأين عن ابن أبي شريح متابعة محمد بن عمرو عن أبي سلمة في الجهر بالتأمين وصلها بن خريمة والسراج ومتابعة نعيم المجمر عن أبي هريرة وصلها بن خزيمة والنسائي والسراج والطبري وابن حبان والحاكم والدارقطني مطولا من حديث فيه "أن أبا هريرة جهر بالتأمين والتكبير وبالبسملة ثم قال بعد أن سلم أنا أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم"
قوله : "باب إتمام التكبير قاله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وصله بعد قليل من حديثه وقوله: "فيه مالك بن الحويرث وصله في باب كيف يعتمد على الأرض ورواية موسى عن أبان موصولة لأنه رواه عن موسى عن همام وأبان جميعا لكن فرقهما ورواية عبد الله بن صالح عن الليث في التكبير وصلها الذهلي في الزهريات وذكر هنا أطرافا من حديث أبي حميد وسيأتي قريبا قوله: "قال نافع كأن ابن عمر يضع يديه قبل ركبتيه وصله بن خزيمة والبيهقي وغيرهما مرفوعا وأورده البيهقي أيضا موقوفا رواية بن المبارك عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب في حديث أبي حميد الساعدي وصلها جعفر الفريابي في كتاب الصلاة له ورواية أبي صالح عن الليث عن يزيد وصلها الطبراني
باب الذكر بعد الصلاة رواية شعبة عن عبد الملك وصلها الطبراني في الدعاء له والسراج قوله: "ويذكر عن أبي هريرة رفعه لا يتطوع في مكانه ولم يصح" وصله أبو داود ووقع لنا بعلو في أمالي المحاملي من طريق الأصبهانيين عنه رواية بن وهب عن يونس عن الزهري في حديث هند الفراسية وصلها النسائي ورواية عثمان ابن عمر عن يونس وصلها المؤلف في باب انتظار الناس قيام الإمام ورواية الزبيدي عن الزهري وصله الطبراني في مسند الشاميين ورواية شعيب عن الزهري وصلها الذهلي في الزهريات وكذا رواية بن أبي عتيق عنه وكذا رواية الليث عن يحيى بن سعيد عن ابن شهاب
قوله : "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: "من أكل البصل أو الثوم من الجوع أو غيره فلا يقربن مسجدنا" كأنه يشير إلى حديث أبي الزبير عن جابر " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها فقال من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا " الحديث وصله مسلم فالحاجة تشمل الجوع وغيره ورواية مخلد بن يزيد عن ابن جريج عن عطاء في هذا الحديث وصلها السراج ورواية أحمد بن صالح عن ابن وهب وصلها المؤلف في الاعتصام وكذا رواية أبي صفوان عن يونس وصلها في الأطعمة ورواية الليث في الزهريات قوله: "وقال عياش عن عبد الأعلى جزم أبو نعيم في المستخرج أنه قال وقال لي عياش وهو بن الوليد الرقام فهو موصول متابعة شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر في النهى عن منع النساء المساجد وصلها أحمد والطبراني

(1/29)


كتاب الجمعة
رواية بكير بن الأشج وسعيد بن أبي هلال عن أبي بكر بن المنكدر وصلها مسلم وأبو داود والنسائي

(1/29)


قوله : "باب السواك للجمعة وقال أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم يستن وصله في باب الطي للجمعة رواية الليث عن يونس وصلها الذهلي رواية أبان ابن صالح عن مجاهد وصلها البيهقي رواية يونس بن بكير عن أبي خلدة وصلها البخاري في الأدب المفرد ورواية بشر بن ثابت عنه وصلها الإسماعيلي والبيهقي قوله : "وقال أنس خطب النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر" وقوله بعد ذلك" باب الخطبة قائما وقال أنس بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما" هما طرفان من حديث وصله المؤلف في الاستسقاء وسيأتي رواية سليمان ابن هلال عن يحيى بن سعيد وصلها المؤلف في علامات النبوة
باب من قال في الخطبة بعد الثناء أما بعد رواية عكرمة عن ابن عباس وصلها في آخر الباب من حديث ورواية محمود عن أبي أسامة تأتي في الجهاد متابعة يونس بن عبيد عن الحسن عن عمرو بن تغلب وصلها أبو نعيم في جزء له فيه مسانيد جماعة منهم يونس بن عبيد متابعة يونس بن يزيد عن ابن شهاب وصلها مسلم متابعة أبي معاوية وأبي أسامة جميعا عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي حميد في قوله: "أما بعد وصلها مسلم ورويناها في الأربعين لأبي الفتوح الطائي وفي أمالي المحاملي بعلو ووصلها المؤلف من طريق أبي أسامة وحده مختصرا في الزكاة ومتابعة العدني عن سفيان وصلها مسلم متابعة الزبيدي عن الزهري في حديث المسور بن مخرمة وصلها الطبراني في مسند الشاميين حديث سلمان في الإنصات أسنده المؤلف في باب الدهن للجمعة. صلاة الخوف حديث موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر في صلاة الخوف وقال مجاهد نحوه بينه الإسماعيلي بيانا شافيا قوله: "احتج الوليد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة" وصل المؤلف المرفوع من حديث بن عمر بعد بباب
باب العيدين رواية مرجا بن رجاء عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس في أكل التمر وترا وصلها الإسماعيلي وأبو نعيم وأصله في مسند أحمد قوله: "وقال عبد الله بن بسر إن كنا فرغنا في هذه الساعة وذلك حين التسبيح هو حديث مرفوع" وصله أحمد وأبو داود والحاكم والطبراني ولفظ أحمد "خرج عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس فأنكر إبطاء الإمام وقال إن كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح" وفي رواية الطبراني وذلك حين تسبيح الضحى حديث أبي سعيد "قام النبي صلى الله عليه وسلم مقابل الناس" هو طرف من حديثه الطويل في الخطبة يوم العيد رواية محمد بن كثير عن سفيان وصلها المؤلف في الاعتصام متابعة يونس بن محمد المؤدب عن فليح وصلها الإسماعيلي من طريق أبي بكر بن أبي شيبة وفيه اختلاف بيناه في تغليق التعليق ورواية محمد بن الصلت وصلها الترمذي والدارمي قوله: "لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا عيدنا أهل الإسلام" يشير بذلك إلي حديثين أحدهما عن عائشة في قصة الجاريتين اللتين كانتا تغنيان عند النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قوله: "دعهما فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا" وهو موصول عنده في باب سنة العيدين ثانيهما حديث عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يوم عرفة وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام" وقد وصله أبو داود والنسائي وابن خزيمة والحاكم وغيرهم من أبواب الوتر قال أبو هريرة "أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم بالوتر قبل النوم" وصله المؤلف بمعناه في الصوم وهو عند أحمد بلفظه

(1/30)


الاستسقاء رواية بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركعة الأخيرة يقول اللهم أنج الوليد الحديث ينظر فيه رواية عمر بن حمزة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه وصلها أحمد وابن ماجة زيادة أسباط بن نصر عن منصور عن أبي الضحى وصلها البيهقي في السنن وفي الدلائل رواية المسعودي عن أبي بكر موصولة عنده وهي معطوفة على حديث عبد الله بن محمد عن سفيان عن عبد الله بن أبي بكر قال سفيان وأخبرني المسعودي فذكره وقد ساقه الحميدي في مسنده عن سفيان مبينا ووهم من عده في التعليق رواية أيوب بن سليمان عن أبي بكر بن أبي أويس في حديث أنس في قصة الأعرابي القائل يوم الجمعة هلكت الماشية وصلها أبو عوانة في صحيحه والإسماعيلي والبيهقي ورويناها بعلو في الجزء الثالث من أمالى المحاملي رواية الأويسي عن محمد بن جعفر تأتي في الدعوات متابعة القاسم بن يحيى عن عبيد الله بن عمر في حديث عائشة لم أجدها ورواية الأوزاعي عن نافع وصلها أحمد والنسائي وفيها اختلاف بينته في الكبير ورواية عقيل عن نافع كذلك حديث أبي هريرة خمس لا يعلمهن إلا الله وصله في كتاب الإيمان
الكسوف : حديث عائشة خطب النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف وصله في موضع آخر مطولا وحديث أسماء كذلك وحديث أبي موسى في قوله: "يخوف الله بهما عباده" وصله بعد ثمانية أبواب رواية عبد الوارث عن يونس وصلها المؤلف في باب كسوف القمر وكذا رواية شعبة وخالد الطحان عنه ورواية حماد بن سلمه عنه وصلها الطبراني ورواية موسى بن إسماعيل عن مبارك بن فضالة لم أجدها ورواية أشعث عن الحسن وصلها النسائي حديث عائشة ما سجدت سجودا أطول منها معطوف على حديث بن عمر وليس معلقا بل أبو سلمة رواه عنهما جميعا
قوله : "باب لا تنكسف الشمس لموت أحد ولا لحياته رواه أبو بكر والمغيرة وأبو موسى وابن عباس وابن عمر وقال بعده باب الذكر في الكسوف رواه بن عباس رضي الله عنهما وقال بعده باب الدعاء في الخسوف قاله أبو موسى وعائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم الأحاديث الخمسة بل الستة موصولة عنده فرقها في أبواب الكسوف رواية أبي أسامة عن هشام في أما بعد تقدمت في الجمعة وقد وقع لنا بعلو في جزء محمد بن عثمان ابن كرامة رواية الأوزاعي وغيره عن الزهري معطوفة علي رواية الوليد عن ابن أبي نمر وقد أوضحه مسلم وليس معلقا ومتابعة سليمان ابن كثير عن الزهري في الجهر وصلها أحمد والنسائي ومتابعة سفيان ابن حسين وصلها الترمذي والبيهقي
أبواب سجود القرآن قوله: "باب سجدة النجم قاله بن عباس وصله المؤلف في باب سجود المسلمين مع المشركين ورواية إبراهيم بن طهمان عن أيوب لم أجدها قوله: "زاد نافع عن ابن عمر يعني عن عمر بن الخطاب أن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء هو معطوف على رواية بن أبي مليكة والقائل زاد نافع هو بن جريج وليس معلقا كما ظن المزي وقد أوضحه الإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما والبيهقي والله الموفق
أبواب تقصير الصلاة متابعة عطاء عن جابر وصلها في الحج قوله: "وسمي النبي صلى الله عليه وسلم يوما وليلة

(1/31)


سفرا هو في حديث أبي هريرة لا يحل لامرأة الحديث وصله المؤلف بعد متابعة أحمد عن ابن المبارك لم أجدها وليس هو أحمد بن حنبل لأنه لم يسمع من بن المبارك متابعة يحيى بن كثير عن المقبري وصلها أحمد ومتابعة سهل بن أبي صالح عنه وصلها أبو داود وابن حبان والحاكم وفيه اختلاف على سهيل بينته في الكبير ومتابعة مالك وصلها مسلم وأبو داود وغيرهما زيادة الليث عن يونس في باب يصلي المغرب ثلاثا وصلها الذهلي في الزهريات ورواية الليث عن يونس في باب ينزل للمكتوبة وصلها الإسماعيلي رواية إبراهيم بن طهمان عن حجاج هو بن حجاج عن أنس بن سيرين عن أنس لم أجدها قوله: "ركع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتي الفجر في السفر وصله مسلم في حديث أبي قتادة الأنصاري في قصة النوم عن صلاة الصبح وفي الباب عن أبي هريرة وبلال وعمر أن ابن حصين كما بينتها في الكبير ورواية الليث عن يونس وصلها الذهلي ورواية إبراهيم بن طهمان عن حسين المعلم وصلها البيهقي ومتابعة علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير وصلها الحسن بن سفيان وأبو نعيم في المستخرج ومتابعة حرب بن شداد عن يحيى وصلها المؤلف بعد بباب
قوله : "باب يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس فيه اسم عباس تقدم حديث بن عباس من رواية إبراهيم بن طهمان المذكورة لكنه غير مقيد بالارتحال إلا أنه يأخذ من قوله: "إذا كان على ظهر سير. أبواب التهجد والتطوع رواية سفيان عن عبد الكريم بن أبي أمية موصولة وكذا رواية سفيان عن سليمان ابن أبي مسلم كلاهما عنده عن علي عن سفيان ولكن وقع في رواية أبي ذر الهروي في زيادة سليمان قال على بن خشرم قال سفيان فالظاهر أنها من رواية الفربري عن على بن خشرم ووهم من زعم أن رواية عبد الكريم معلقة بل هي موصولة كما بينه أبو نعيم وغيره
قوله : "باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب وصل مقصود ذلك في هذه الأبواب قوله: "باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم حتى ترم قدماه وقالت عائشة حتى تفطر قدماه وصله المؤلف من حديث المغيرة بن شعبة بلفظ الباب وحديث عائشة وصله أيضا في تفسير سورة الفتح متابعة سليمان ابن أبي خالد الأحمر عن حميد وصلها المؤلف في الصيام
قوله : "وقال سليمان لأبي الدرداء نم فلما كان من آخر الليل قال قم هو طرف من حديث طويل وصله المؤلف في الأدب من حديث أبي جحيفة رواية القعنبي عن مالك في قصة المرأة من بني أسد وصلها أبو نعيم في المستخرج رواية هشام هو بن عمار عن ابن أبي العشرين عن الأوزاعي وصلها الإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما ومتابعة عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي وصلها مسلم متابعة عقيل عن الزهري وصلها الطبراني في المعجم الكبير في مسند عبد الله بن رواحة ورواية الزبيدي عنه وصلها المؤلف في تاريخه الصغير حديث أبي هريرة أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم بركعتي الضحى هو طرف من حديث الوتر المتقدم حديث عتبأن ابن مالك غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بعدما امتد النهار الحديث أسنده المؤلف بعد قليل مطولا من طريق الزهري عن محمود بن الربيع عنه متابعة كثير بن فرقد عن نافع في الرواتب لم أجدها ومتابعة أيوب عنه وصلها المؤلف بعد أبواب ورواية بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة ينظر فيها

(1/32)


قوله : "باب صلاة الضحى في الحضر قاله عتاب عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو طرف من حديث عتبان الذي تقدم التنبيه عليه لكن ليس عنده في شيء من طرقه التصريح بأن الركعتين اللتين صلاهما صلاة الضحى نعم رويناه في مسند أحمد وسنن الدارقطني وفي جزء الذهلي بعلو من طريق عثمان ابن عمر عن يونس عن الزهري ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته الضحى ومتابعة بن أبي عدي عن شعبة وصلها أسحق ومتابعة عمرو بن مرزوق وصلها البرقاني في كتاب المصافحة
قوله : "باب صلاة النوافل جماعة ذكره أنس وعائشة وقد وصل حديثهما من طرق متابعة عبد الوهاب عن أيوب وصلها مسلم بن زيادة بن نمير عن عبيد الله بن عمر في مسند أبي بكر بن أبي شيبة ووصلها مسلم أيضا
أبواب العمل في الصلاة قوله: "باب من رجع القهقرى في صلاته أو تقدم بأمر ينزل به رواه سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم هو موصول عنده في الجمعة رواية الليث عن جعفر بن ربيعة في قصة جريج الراهب وأمه وصلها الإسماعيلي وأبو نعيم وغيرهما رواية النضر بن شميل عن شعبة فدعته بالذال المعجمة وصلها مسلم قوله: "ويذكر عن عبد الله بن عمر وقال نفخ النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده في كسوف وصله أحمد والترمذي وابن خزيمة وابن حبان
قوله : "باب من صفق جاهلا من الرجال في صلاته لم تفسد فيه سهل بن سعد وصله بعد بابين رواية هشام عن ابن سيرين في النهي عن الخصر في الصلاة وصلها أحمد وأصل الحديث عند المؤلف ورواية أبي هلال عنه وصلها الدارقطني في الأفراد متابعة بن جريج عن ابن شهاب في التكبير وصلها أحمد والسراج والطبراني قوله: "باب الإشارة في الصلاة قاله كريب عن أم سلمة وصل حديثها بعد بباب

(1/33)


كتاب الجنائز
متابعة عبد الرزاق عن معمر وصلها مسلم ورويناها عالية جدا في جزء الذهلي ورواية سلامة بن روح عن عقيل لم تقع لي بعد رواية نافع بن يزيد عن عقيل وصلها الإسماعيلي ومتابعة شعيب عن الزهري وصلها المؤلف في الشهادات ومتابعة عمرو بن دينار عنه وصلها بن أبي عمر العدني في مسنده عن سفيان عيينة عنه ومتابعة معمر وصلها المؤلف في التعبير متابعة بن جريج عن ابن المنكدر وصلها مسلم حديث أبي رافع عن أبي هريرة إلا آذنتموني به وصله المؤلف بتمامه في باب كنس المسجد رواية شريك عن ابن الأصبهاني وصلها أبو بكر بن أبي شيبة ورويناها في الجزء الثاني من فوائد بن أخي سمي قول بن عباس المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا ذكره سعيد بن منصور وابن أبي شيبة موقوفا ووصله الحاكم مرفوعا ورواه البيهقي مرفوعا وموقوفا حديث المؤمن لا ينجس أسنده المؤلف في باب الجنب يمشي في السوق في الطهارة من حديث أبي رافع عن أبي هريرة ورواية وكيع عن سفيان في حديث أم عطية وصلها الإسماعيلي.
قوله : "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه وصله من حديث بن عباس عن عمر حديث كلكم راع وصله في مواضع من حديث بن عمر حديث لا تقتل نفس ظلما إلا كان على بن آدم الأول كفل من دمها الحديث وصله من حديث بن مسعود في بدء الخلق متابعة عبد الأعلى وهو بن حماد عن يزيد بن زريع

(1/33)


وصلها أبو يعلى في مسنده عنه ورواية آدم عن شعبة رويناها في حديثه من طريق إبراهيم بن ديزيل عنه ورواية الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة وصلها مسلم عنه وابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى عن الحكم
قوله : "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إنا بك لمحزونون هو طرف من قصة إبراهيم ولد النبي صلى الله عليه وسلم من مارية وقد ذكر في رواية سليمان ابن المغيرة الآتية وحديث بن عمر تدمع العين وصله بعد بباب ورواية موسى بن إسماعيل عن سليمان ابن المغيرة وصلها البيهقي في الدلائل زيادة الحميدي عن سفيان أو توضع وصلها أبو نعيم في مستخرجه من طريق الحميدي رواية أبي حمزة وهو السكري عن الأعمش في قصة قيس بن سعد وسهل بن حنيف وصلها أبو نعيم ورواية زكريا عن الشعبي وصلها سعيد بن منصور ورواية أبي الزبير عن جابر كنت في الصف الثاني وصلها النسائي وابن بشران وأصله في مسلم حديث من صلى على الجنازة وصله المؤلف من حديث أبي هريرة حديث صلوا على صاحبكم وصله من حديث سلمة بن الأكوع حديث صلوا على النجاشي وصله من حديث جابر رواية يزيد بن هارون عن سليمان ابن حيان في حديث جابر في الصلاة على النجاشي وصلها المؤلف في هجرة الحبشة ومتابعة عبد الصمد عنه وصلها الإسماعيلي رواية بن المبارك عن فليح وصلها الإسماعيلي رواية سليمان ابن كثير عن الزهري وصلها الذهلي حديث أبي هريرة في الإذخر لقبورنا وبيوتنا هو طرف من حديثه وصله المؤلف في اللقطة وغيرها ورواية أبان ابن صالح عن الحسن بن مسلم رواها البخاري في التاريخ الكبير وابن ماجة ورواية مجاهد عن طاوس وصلها المؤلف في الحج قوله: "وقال الإسلام يعلو ولا يعلى هكذا هو غير معزو لقائل وقد وصله الدارقطني ومحمد بن هارون الروياني في مسنده والخليلي في فوائده كلهم من طريق عائد بن عمرو المزني زاد الخليلي في روايته وكان ممن بايع تحت الشجرة وفي حديثه قصة رواية شعيب عن الزهري في قصة بن صياد وصلها المؤلف في الأدب ورواية عقيل عنه وصلها في الجهاد وكذا رواية معمر ورواية إسحاق الكلبي وصلها الذهلي قوله: "وقال حجاج بن منهال حدثنا جرير بن حازم وصله المؤلف في ذكر بني إسرائيل قال حدثنا محمد حدثنا حجاج وسياقه الموصول أتم قوله: "وقال عفان حدثنا داود بن أبي الفرات كذا في بعض الروايات وفي بعضها حدثنا عفان وكذا وصله أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عفان حديث بن عمر في كراهية الصلاة على المنافقين وصله في الجنائز أيضا في قصة عبد الله بن أبي سلول قوله: "زاد غندر يعني شعبة سمعت الأشعث يقول عذاب القبر حق وصله النسائي رواية النضر عن شعبة عن عون بن أبي جحيفة وصلها إسحاق بن راهويه والبيهقي في البعث والنشور حديث أبي هريرة من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث الحديث تقدم ذكر من وصله في أوائل الجنائز من رواية شريك عن ابن الأصبهاني وقد رواه بهذا اللفظ أبو عوانة في صحيحه من حديث أنس بن مالك قوله: "في حديث سمرة بن جندب في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم وقال يزيد بن هارون ووهب بن جرير وعلى شط النهر رجل روى حديث يزيد بن هارون أحمد في مسنده عنه ووصل حديث وهب بن جرير مسلم والترمذي مختصرا وساقه أبو عوانة في صحيحه وفيه هذا اللفظ المعلق قوله: "وقال بعض أصحابنا عن موسى بن إسماعيل كلوب حديد وصله الطبراني في الكبير عن العباس بن الفضل عن موسى متابعة على بن الجعد عن شعبة في حديث عائشة لا تسبوا الأموات وصلها المؤلف في كتاب الرقاق عنه ومتابعة محمد بن عرعرة وابن

(1/34)


أبي عدي عن شعبة لم أقف عليهما وكذا رواية عبد الله بن عبد القدوس ومحمد بن أنس عن الأعمش.

(1/35)


"كتاب الزكاة"
حديث بن عباس عن أبي سفيان تقدم في بدأ الوحي وهو في التفسير بهذه الزيادة رواية سليمان ابن حرب وأبي النعمان عن حماد في قصة وفد عبد القيس وصلهما المؤلف أما حديث سليمان ففي المغازي وأما حديث أبى النعمان ففي الخمس ورواية بهز بن راشد عن شعبة وصلها المؤلف في الأدب متابعة سليمان وهو بن بلال عن عبد الله بن دينار تأتي في التوحيد وكذا رواية ورقاء عن ابن دينار ورواية مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح رويناها في كتاب الصيام ليوسف بن يعقوب القاضي ورواية يزيد بن أسلم عنه وصلها مسلم من حديث بن وهب عن هشام بن سعد عنه ورواية سهيل عن أبي صالح عن أبي هريرة وصلها مسلم أيضا حديث أبي هريرة ورجل تصدق بصدقة فأخفاها وصله المؤلف بعد ببابين مطولا حديث أبي موسى هو أحد المتصدقين وصله المؤلف بعد أبواب حديث من أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله وصله المؤلف من حديث أبي هريرة في باب الاستقراض حديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال هو طرف من حديث المغيرة بن شعبة وصله المؤلف في الصلاة وقوله: "قال كعب قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنلخع من مالي صدقه الحديث هو طرف من قصة توبة كعب بن مالك وقد وصله بتمامه في المغازي في غزوة تبوك قوله: "كفعل أبي بكر حين تصدق بماله وكذلك آثر الأنصار المهاجرين أما قصة أبي بكر فوصلها أبو داود والترمذي والحاكم من حديث عمر بن الخطاب ورويناه بعلو في مسندي عبد بن حميد والدارمي وأما إيثار الأنصار فسيأتي في كتاب الهبة إن شاء الله تعالى متابعة الحسن بن مسلم عن طاوس في الحبتين وصلها المؤلف في اللباس ورواية حنظلة عنه يأتي الكلام عليها هناك ورواية الليث عن جعفر بن ربيعة لم أجدها قوله: "في باب العرض في الزكاة وقال طاوس قال معاذ لأهل اليمن الحديث وصله يحيى بن آدم في كتاب الخراج حديث وأما خالد ففقد احتبس أدراعه وصله المؤلف من حديث أبي هريرة بعد قليل حديث "تصدقن ولو من حليكن" وصله المؤلف من حديث أبي سعيد في العيدين
قوله : "باب لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع ويذكر عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وصله أبو يعلى وأحمد وأبو داود والترمذي في حديث طويل ورويناه في مسند الدارمي وصحيح بن خزيمة مختصرا حديث أبي بكر وأبي ذر وأبي هريرة في زكاة الإبل أسند المؤلف الأحاديث الثلاثة في الزكاة وحديث أبي ذر أيضا في النذر رواية الليث عن عبد الرحمن بن خالد في قول أبي بكر لو منعوني عناقا وصله الذهلي في الزهريات حديث أبي حميد في قصة بن اللتبية وصله المؤلف في الهبة وغيرها وقد تقدم في الصلاة رواية بكير وهو بن عبد الله بن الأشج عن أبي صالح عن أبي هريرة في الترهيب من منع الزكاة بنحو حديث أبي ذر وصلها مسلم ورويناها بعلو في مستخرج أبي نعيم حديث له أجران أجر الصدقة والقرابة هو طرف من حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود في سؤالها عن الصدقة على زوجها وقد وصله المؤلف بعد ثلاثة أبواب متابعة روح عن مالك تأتي في البيوع ورواية يحيى بن يحيى أسندها المؤلف في الوكالة ومتابعة إسماعيل أسندها في تفسير سورة آل عمران وسيأتي الكلام في الاختلاف عليه في الوصايا

(1/35)


قوله : "باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر قاله أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قد وصله في الباب الذي قبله حديث أن خالدا احتبس ادراعه يأتي قريبا قوله: "ويذكر عن أبي لاس قال حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل الصدقة وصله أحمد وإسحاق في مسنديهما وصححه بن خزيمة والحاكم ووقع لنا عاليا في المعرفة لابن منده متابعة بن أبي الزناد عن أبيه في قصة العباس بن عبد المطلب وصلها أحمد بن حنبل وأبو عبيد في كتاب الأموال رواية إسحاق بن راهويه عن أبي الزناد وصلها الدارقطني ورواية بن جريج قال حدثت عن الأعرج وصلها عبد الرزاق في مصنفه وخالف الناس في بن جميل فجعل مكانه أبا جهم بن حذيفة زيادة عبد الله بن صالح عن الليث في الشفاعة العظمى وصلها البزار والطبراني في الأوسط وابن منده في كتاب الأيمان له ورواية معلى وهو بن أسد عن وهيب وصلها يعقوب بن سفيان عنه ورويناها بعلو في أمالى بن البختري رواية سليمان وهو بن بلال عن عمرو بن يحيى وصلها المؤلف في الحج ورواية سليمان أيضا عن سعد بن سعيد الأنصاري وصلها أبو على أحمد بن الفضل بن خزيمة في فوائده ومن طريقه خرجها الحافظ الضياء في الأحاديث المختارة قوله: "كما روى الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في الكعبة وصله أحمد في مسنده من حديث الفضل وحديث بلال وصله المصنف في الحج رواية أبي داود قال أنبأنا شعبة هي في مسنده قوله: "وإنما جعل النبي صلى الله عليه وسلم في الركاز الخمس وصله من حديث أبي هريرة وأبي سعيد رواية الليث عن جعفر بن ربيعة تأتي في البيوع متابعة أبي قلابة عن أنس في قصة العرنيين وصلها في الجهاد وغيره ومتابعة حميد عنه عند مسلم والنسائي وأبي داود وابن ماجة وابن خزيمة ووقعت لنا بعلو في جزء أبي مسعود الرازي وفيه نكتة ذكرتها في كتاب المدرج ومتابعة ثابت وصلها المؤلف في كتاب الطب

(1/36)


"كتاب الحج"
حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل من ذي الحليفة وصله المؤلف في باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح وحديث بن عباس في ذلك وصله في باب ما يلبس المحرم من الثياب رواية أبان وهو العطار عن مالك بن دينار وصلها أبو نعيم في المستخرج ووقعت لنا بعلو في الجزء الأول من حديث أبي العباس بن نجيح ورواية محمد بن أبي بكر المقدمي عن يزيد بن زريع وقع في رواية أبي ذر الهروي حدثنا محمد بن أبي بكر ولكن عدها الضياء المقدسي من المعلقات وأخرجها في كتاب الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين أو أحدهما من مسند أبي يعلى ومعجم الطبراني الكبير رواية بن عيينة عن عمرو بن دينار رواها سعيد بن منصور وابن أبي حاتم في تفسيره والإسماعيلي وقد وقعت لنا من وجه آخر متصلة بيناها في الكبير قوله: "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم العقيق واد مبارك وصله في الاعتصام رواية أبي عاصم عن ابن جريج في بعض الروايات حدثنا أبو عاصم رواية بعضهم عن أيوب عن رجل عن أنس أوردها المؤلف في باب نحو البدن قائمة
قوله : "باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح قاله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وصله قبل أبواب متابعة أبي معاوية عن الأعمش في حديث التلبية وصلها مسدد في مسنده والجوزقي في المتفق ورواية شعبة وصلها أحمد وأبو داود الطيالسي رواية أبي معمر عن عبد الوارث وصلها أبو نعيم في المستخرج ومتابعة إسماعيل بن علية عن أيوب وصلها المؤلف بعد

(1/36)


قوله: "باب من أهل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم قاله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وصله المؤلف في باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا إلى اليمن من آخر المغازي زيادة محمد بن بكر عن ابن جريج وصلها أيضا في الباب المذكور حديث بن عباس من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج وصله بن خزيمة في صحيحه والدارقطني والحاكم ورويناه عاليا في الجزء الثاني من حديث أبي طاهر المخلص رواية أبي كامل فضيل بن حسين الجحدري عن أبي معشر وهو البراء واسمه يوسف بن يزيد عن عثمان ابن غياث وصلها الإسماعيلي في مستخرجه وأبو نعيم ووقع عندهما عن أبي معشر عن عثمان ابن سعد رواية أبي معاوية عن هشام بن عروة وصلها مسلم والنسائي رواية سلامة بن روح عن عقيل وصلها بن خزيمة في صحيحه ورواية يحيى بن الضحاك وهو البابلتي عن الأوزاعي وصلها أبو عوانة في صحيحه متابعة أبان العطار عن قتادة وصلها أحمد بن حنبل ومتابعة عمران القطان وصلها أحمد وأبو يعلى وابن خزيمة ورواية عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة وصلها أحمد أيضا
قوله : "باب هدم الكعبة قالت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم يغزو جيش الكعبة فيخسف بهم سيأتي في أوائل الصوم متابعة الليث عن كثير بن فرقد وصلها النسائي متابعة الدراوردي عن ابن أخي بن شهاب وصلها الإسماعيلي قصة بن عباس ومعاوية في استلام الأركان وصلها أحمد والطبراني والترمذي والحاكم متابعة إبراهيم بن طهمان عن خالد الحذاء وصلها المؤلف في الطلاق حديث عطاء طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال وفيه قصة وقع في كثير من الروايات قال عمرو بن على وفي رواية أبي ذر وغيره قال لي عمرو بن علي وكذا أخرجه البيهقي من رواية حماد بن شاكر عن البخاري قال قال لي عمرو بن علي وأخرجه أبو نعيم في مستخرجه من طريق البخاري قال: قال لي عمرو بن على ثم قال بعده هذا حديث عزيز ضيق المخرج رواية عبدان لحديث الإسراء وقع في كثير من الروايات قال عبدان وفي رواية أبي ذر قال لي عبدان ووصلها الجوزقي في المتفق قوله: "زاد الحميدي عن سفيان كذا رويناه في مسند الحميدي قوله: "قال أبو الزبير عن جابر أهللنا من البطحاء وصله أحمد ومسلم ورواية عبيد بن جريج عن ابن عمر وصلها المؤلف في اللباس ورواية عبد الملك عن عطاء وصلها مسلم باب الجمع بين الصلاتين قال الليث حدثني عقيل الخ وصله الإسماعيلي قوله: "في باب التمتع قال آدم ووهب وغندر عن شعبة عمرة متقبلة أما رواية آدم فوصلها في باب التمتع والقران وأما رواية وهب فوصلها البيهقي وأما رواية غندر فأخرجها أحمد عنه
قوله: "باب إشعار البدن قال عروة عن المسور قلد النبي صلى الله عليه وسلم الهدى هذا طرف من حديث طويل وصله المؤلف في الشروط متابعة محمد بن بشار عن عثمان ابن عمر لم أقف عليها لكن أخرجه الإسماعيلي من هذا الوجه باب نحر الإبل مقيدة رواية شعبة عن يونس وصلها إسحاق بن راهويه في مسنده ووقع لنا بعلو في المناسك للحربى باب الذبح قبل الحلق رواية عبد الرحيم بن سليمان الرازي وصلها الإسماعيلي والطبراني في الأوسط ورواية القاسم بن يحيى لم أقف عليها ورواية عفان أخرجها أحمد بن حنبل عنه ورواية حماد بن سلمة عن قيس وصلها النسائي والطحاوي وابن حبان باب الحلق والتقصير حديث الليث عن نافع وصله مسلم وغيره وحديث عبيد الله وصله مسلم باب الزيارة يوم النحر حديث أبي الزبير عن عائشة وابن عباس وصله أبو داود والترمذي وحديث أبي

(1/37)


حسان وصله الطبراني في الكبير والبيهقي وحديث عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر في مستخرج الإسماعيلي وحديث القاسم عن عائشة في قولها حاضت صفية وصله المؤلف بمعناه وحديث عروة وصله المؤلف في المغازي وحديث الأسود وصله في باب الإدلاج من المحصب باب الفتيا على الدابة حديث معمر وصله أحمد بن حنبل ومسلم باب الخطبة أيام مني متابعة بن عيينة رواها أحمد في مسنده عنه ووصلها مسلم وحديث هشام بن الغاز وصله أبو داود وابن ماجة ووقع لنا عاليا في حديث الفاكهى باب أصحاب السقاية حديث أبي أسامة وصله مسلم وحديث أبي ضمرة وصله المؤلف في باب ما جاء في سقاية الحاج وحديث عقبة بن خالد وصله مسلم باب رمى الجمار وقال جابر رمى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى ورمى بعد ذلك بعد الزوال وصله مسلم وابن خزيمة وابن حبان من طريق عبد الملك بن جريج عن أبي الزبير عن جابر باب رمى الجمار بسبع حصيات وباب يكبر مع كل حصاة وباب من رمى جمرة العقبة ولم يقف قال في كل منها رواه بن عمر وحديث بن عمر في هذا كله وصله المؤلف في باب من رمى الجمار ولم يطف من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه باب الدعاء عند الجمرتين قال محمد حدثنا عثمان ابن عمر عن يونس عن الزهري وصله الإسماعيلي من حديث أبي موسى محمد بن المثنى باب طواف الوداع متابعة الليث وصلها الطبراني في الأوسط وسمويه في فوائده باب إذا حاضت بعد ما أفاضت رواية خالد وصلها البيهقي ورواية قتادة وصلها الإسماعيلي وحديث أفلح عن القاسم وصله مسلم وحديث مسدد عن أبي عوانة رويناه في مسنده ورواية جرير عن منصور وصلها المؤلف في باب التمتع والقران والافراد باب من نزل بذي طوى حديث محمد بن عيسى عن حماد عن أيوب وصله الإسماعيلي باب الادلاج من المحصب حديث محمد عن محاضر وصله الإسماعيلي وأبو نعيم من طريق الحسن بن سفيان عن محمد بن عبد الله بن نمير العمرة باب من اعتمر قبل الحج حديث إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق حدثني عكرمة بن خالد وصله أحمد بن حنبل عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه باب يفعل في العمرة ما يفعل في الحج رواية أبي معاوية وصلها مسلم ورواية سفيان وهو الثوري رويناها في جامعه باب متى يحل المعتمر وقال عطاء عن جابر وصلها المؤلف في باب تقضى الحائض المناسك إلا الطواف باب من أسرع ناقته زيادة الحارث بن عمير عن حميد حركها من حبها وصلها أحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنديهما باب لا يعضد شجر الحرم حديث بن عباس وصله المؤلف قبل أبواب باب لا يحل القتال بمكة حديث أبي شريح وصله المؤلف في الباب الذي قبله باب ما ينهى من الطيب للمحرم رواية موسى بن عقبة وصلها النسائي ورواية إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وصلها أبو الحسين بن بشران في فوائده ووقعت لنا بعلو عنه ورواية جويرية وصلها المؤلف في اللباس وليس فيه مقصود الترجمة ووصله أبو يعلى بتمامه ورواية بن إسحاق وصلها أحمد بن حنبل وأبو داود والحاكم في مستدركه وحديث عبيد الله بن عمر وصله النسائي وابن خزيمة وحديث مالك في الموطأ ورواية ليث بن أبي سليم لم أقف عليها باب حج الصبيان رواية يونس عن الزهري وصلها مسلم حديث بن جريج عن عطاء وصله المؤلف في باب العمرة في رمضان ورواية عبيد الله بن عمر وصلها أحمد بن حنبل وابن ماجة فضل المدينة حديث معمر عن الزهري وصله المؤلف في الفتن وحديث سليمان ابن كثير وصله المؤلف في كتاب بر الوالدين خارج الصحيح حديث عثمان ابن عمر عن يونس في الزهريات

(1/38)


"كتاب الصوم"
قوله: "قال النبي صلى الله عليه وسلم من صام رمضان وصله في الباب الذي بعده قوله: "وقال يعني النبي صلى الله عليه وسلم لا تقدموا رمضان وصله مسلم بهذا اللفظ وهو عند المؤلف بلفظ لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين الحديث قوله: "وقال غيره عن الليث حدثني عقيل ويونس وصله الإسماعيلي من رواية كاتب الليث عن الليث عن عقيل باللفظ الذي ذكره المؤلف وكذا أورده الذهلي في الزهريات عن أبي صالح عن الليث عن يونس قال نحو لفظ عقيل باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا ونية وقالت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم يبعثون على نياتهم هذا طرف من حديث وصله المؤلف في البيوع في باب ما ذكر في الأسواق باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا هذا الحديث أورده مسلم بهذا اللفظ وأما البخاري فأورده بلفظ إذا رأيتموه فصوموا ورواية صلة عن عمار في صوم يوم الشك وصلها بن خريمة وابن حبان في صحيحهما والأربعة وأحمد في مسنده والحاكم في مستدركه باب قول الله عز وجل {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} البراء يشير بذلك إلى حديثه المشهور في نزول الآية وهو موصول في الباب الذي قبله وفي غيره باب الصائم يصبح جنبا رواية همام عن أبي هريرة وصلها أحمد في مسنده وحديث عبيد الله ويقال عبد الله بن عبد الله بن عمر في مسند الشاميين للطبراني وفي السنن الكبرى النسائي قوله في باب اغتسال الصائم ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استاك وهو صائم وفي باب السواك للصائم ويذكر عن عامر بن ربيعة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم وصله أحمد وأبو داود والترمذي وابن خزيمة والدارقطني وغيرهم من طريق عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف عن عبد الله بن عامر عن أبيه ووقع لنا بعلو في مسند عبد بن حميد وحديث أبي هريرة رواه بن خزيمة بهذا اللفظ وحديث جابر رواه بن عدي في الكامل وحديث زيد بن خالد رواه أحمد وأصحاب السنن الثلاثة وحكى الترمذي عن البخاري أنه صححه وحديث عائشة رواه النسائي وابن حبان وغيرهما باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء هذا الحديث لم يسنده البخاري ووصله مسلم ووقع لنا عاليا في صحيفة همام عن أبي هريرة باب إذا جامع في رمضان ويذكر عن أبي هريرة رفعه مه أفطر يوما من رمضان وصله أصحاب السنن من حديث أبي المطوس عن أبيه عن أبي هريرة ووقع لنا بعلو في مسند الطالسي وفيه اضطراب ورواه الدارقطني من وجه آخر ضعيف قوله : "في باب الحجامة للصائم ويذكر عن أبي هريرة إذا قاء يفطر يشير إلى حديث هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء ومن استقاء فليقض وقد رواه أصحاب السنن من هذا الوجه وقال الدارمي قال عيسى بن يونس زعم أهل البصرة أن هشاما وهم فيه وحديث الحسن عن غير واحد أفطر الحاجم والمحجوم وصله البيهقي وفي بعض النسخ من البخاري قال لي عياش وفي التاريخ حدثني عياش والله أعلم ورواية شبابة عن شعبة في غرائب شعبة لابن منده باب الصوم في السفر متابعة جرير وصلها المؤلف في الطلاق ومتابعة أبي بكر بن عياش وصلها أيضا في باب تعجيل الإفطار باب وعلى الذين يطيقونه حديث بن عمر أسنده المؤلف في الباب مختصرا والطبراني في تفسيره وفيه المقصود وحديث سلمة وصله المؤلف في تفسير سورة البقرة وحديث بن نمير عن الأعمش وصله البيهقي بطوله وأبو نعيم في المستخرج باب من مات وعليه صوم متابعة بن وهب عن عمرو بن الحارث وصلها مسلم ومتابعة يحيى بن أيوب وصلها بن خريمة وأبو عوانة والدارقطني رواية يحيى وهو القطان عن الأعمش رواها أحمد عنه وكذا حديث أبي معاوية ورواية أبي خالد الأحمر وصلها مسلم ولم يسق اللفظ

(1/39)


ووصلها أيضا بن خزيمة والترمذي والنسائي وغيرهم ووقع لنا بعلو في السادس من حديث بن صاعد وحديث عبيد الله بن عمر وصله مسلم وحديث حريز وصله البيهقي باب إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس رواية معمر عن هشام بن عروة وصلها عبد بن حميد في مسنده باب التنكيل لمن أكثر الوصال رواه أنس سيأتي في التمنى رواية سليمان وهو أبو خالد الأحمر عن حميد عند المؤلف في الباب باب حق الأهل رواه أبو جحيفة وصله قبل باب ما يذكر من صوم النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا صام من صام الأبد" وصله بن ماجة بهذا اللفظ وهو عند المؤلف بلفظ لا صام من صام الدهر باب من زار قوما فلم يفطر عندهم رواية بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب وقعت مصرحة بالتحديث فيها من رواية كريمة عن الكشميهني باب الصوم آخر الشهر رواية ثابت عن مطرف وصلها مسلم باب صوم يوم الجمعة قوله: "زاد غير أبي عاصم المراد بالغير يحيى القطان كذلك وصله النسائي من حديثه ورواية حماد بن الجعد عن قتادة رويناها في حديث هدبة بن خالد رواية البغوي عنه باب صيام أيام التشريق رواية إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب في مسند الشافعي عنه باب فضل ليلة القدر متابعة سليمان ابن كثير في الزهريات باب تحري ليلة القدر فيه عبادة وصله في باب رفع ليلة القدر حديث عبد الوهاب الثقفي عن أيوب بمتابعة وهيب رويناها في مسند بن أبي عمر العدني عنه.

(1/40)


"كتاب البيوع"
باب ما يكره من الشبهات رواية همام بن منبه عن أبي هريرة أسندها المؤلف في اللقطة باب من ير الوساوس رواية بن أبي حفصة عن الزهري وصلها السراج في مسنده باب التجارة في البحر حديث الليث وصله المؤلف هنا في رواية أبي إسحاق المستملى عن الفربري فقال في آخره حدثني عبد الله بن صالح حدثنا الليث بهذا ووصله أيضا الإسماعيلي وغيره باب كسب الرجل وعمله بيده رواية همام بن يحيى عن هشام أخرجها أبو نعيم في المستخرج باب من أنظر معسرا رواية أبي مالك عن ربعى في مسند بن أبي عمر ومتابعة شعبة عن عبد الملك عند المؤلف في الاستقراض ومتابعة أبي عوانة عنده في ذكر بني إسرائيل ورواية نعيم بن أبي هند وصلها مسلم باب إذا بين البيعان حديث العداء بن خالد وصله الترمذي والنسائي وغيرهما وفي السياق قلب بينته في الأصل ووقع لنا بعلو في رباعيات أبي بكر الشافعي باب موكل الربا قال ابن عباس هذه آخر آية أنزلت وصله في التفسير باب ما قيل في الصواغ حديث طاوس عنده في الحج وحديث عبد الوهاب عن خالد الحذاء في الحج أيضا شراء الحوائج بنفسه حديث بن عمر يأتي وحديث عبد الرحمن بن أبي بكر في الأطعمة وحديث جابر يأتي أيضا باب كم يجوز الخيار قوله: "زاد أحمد حدثنا بهز وصلها أبو عوانة عن أبي جعفر الدارمي وهو أحمد بن سعيد قال حدثنا بهز بسنده باب إذا اشترى فوهب من ساعته قال الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو عن ابن عمر هو في مسند الحميدي وفي رواية بن عساكر في الصحيح قال لنا الحميدي ورواية الليث عن عبد الرحمن بن خالد عند الإسماعيلي باب ما ذكر في الأسواق حديث عبد الرحمن بن عوف في فضائل الأنصار وحديث أنس في النكاح وحديث عمر في الاستئذان وفيه قصة أبي موسى الأشعري باب كراهية الصخب في الأسواق متابعة عبد العزيز بن أبي سلمة في تفسير سورة الفتح ورواية سعيد بن هلال عن هلال عن عطاء في مسند الدارمي باب الكيل على البائع وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اكتالوا حتى تستوفوا" هو طرف من حديث

(1/40)


طارق بن عبد الله المحاربي وهو عند أحمد وأبي داود ووقع لنا بعلو في المحامليات وحديث عثمان ابن عفان وصله أحمد وغيره وحديث فراس عن الشعبي عن جابر في الوصايا وحديث هشام عن وهب بن كيسان في الصلح باب بركة صاع النبي صلى الله عليه وسلم فيه عائشة وصله في الحج والهجرة والطلب باب بيع الطعام قبل أن يقبض زاد إسماعيل عن مالك وصله البيهقي باب النجش حديث الخديعة في النار في معجم الطبراني الصغير وحديث من عمل عملا يأتي في الصلح باب بيع الملامسة وباب بيع المنابذة فيه أنس وصله المؤلف بعد أبواب باب النهي عن التصرية رواية أبي صالح عن أبي هريرة وصلها مسلم ورواية مجاهد في المعجم الأوسط للطبراني ورواية الوليد بن رباح في مسند أحمد بن منيع ورواية موسى بن يسار عند أحمد ومسلم ورواية بن سيرين بذكر التمر فيه في مسند الشافعي وابن أبي عمر ومسلم والنسائي وروايته بدون ذكر التمر عند مسلم ووقع لنا بعلو في حديث عبد الله بن إسحاق الخراساني باب هل يبيع حاضر لباد حديث إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له عند أحمد من حديث حكيم بن أبي يزيد عن أبيه وعند البيهقي من حديث جابر وله طرق أخرى بينتها في الكبير باب بيع المزابنة حديث أنس موصول عنده كما تقدم باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها حديث الليث عن أبي الزناد لم أقف على الإسناد إليه وأظنه في نسخة أبي صالح كاتبه عنه لكن رواه سعيد بن منصور عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد وحديث على بن بحر القطان هو شيخ البخاري باب إذا باع الثمار رواية الليث عن يونس في الزهريات باب من باع نخلا قد أبرت رواية إبراهيم بن موسى عن هشام بن يوسف وقع في طريق أبي ذر قال لي إبراهيم بن موسى قوله: "في باب من أجرى أمر الأنصار على ما يتعارفون بينهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم لهند " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" هو طرف من حديث عائشة وهو موصول في النفقات باب بيع الأرض مشاعا رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري في مسند مسدد ورواية هشام بن يوسف عن معمر في باب ترك الحيل وحديث عبد الرزاق قبل هذا بباب واحد باب شراء المملوك من الحربي حديث سلمان عند أحمد والطبراني وغيرهما واللفظ المذكور هنا وقع في حديث بريدة عند بن حبان في صحيحه وقصة سبي عمار لم أتحققها وقصة سبي صهيب أشار إليها المؤلف في هذا الباب وصرح بها الحاكم في مستدركه وقصة بلال ذكرها عبد الرزاق في مصنفه ومسدد في مسنده وأبو نعيم في الحلية بألفاظ مختلفة باب قتل الخنزير وباب لا يذاب شحم الميتة وباب تحريم الخمر ذكر فيها حديث جابر وسيأتي باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم اليهود ببيع أرضهم حديث المقبري عن أبي هريرة وصله في الجزية ورواية أبي عاصم في حديث جابر أن الله حرم بيع الخمر والميتة الحديث وصله أحمد ومسلم وأبو داود باب السلم إلي من ليس عنده حديث عبد الله بن الوليد العدني عن سفيان في جامع سفيان روايته وكذا حديثه في باب السلم إلى معلوم باب استئجار المشركين عند الضرورة وعامل النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر وصله في المغازي في باب أجر السمسار حديث المسلمون عند شروطهم وصله أحمد وأبو داود والحاكم من حديث أبي هريرة والدارقطني والحاكم من حديث عمرو بن عوف باب ما يعطي في الرقية حديث شعبة وصله المؤلف في الطب باب إذا استأجر أرضا قال ابن عمر أعطى النبي صلى الله عليه وسلم خيبر بالشطر وصله في الباب من حديث جويرية عن نافع وقال بعده قال عبيد الله بن عمر عن نافع ووصل حديث عبيد الله في المزارعة باب الكفالة حديث الليث عن

(1/41)


جعفر بن ربيعة تقدم في أوائل البيوع باب جوار أبي بكر رواية أبي صالح حدثني عبد الله عن يونس في الزهريات وأبو صالح هو سليمان ابن صالح الملقب سلمويه وعبد الله هو بن المبارك باب وكالة الشريك وقد أشرك النبي صلى الله عليه وسلم عليا في هديه ثم أمره بقسمتها هذا الكلام ملفق من حديثين أحدهما في الحج من حديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنه وأمره أن يقسمها والآخر في كتاب الشركة من حديث عطاء عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليا أن يقيم على إحرامه وأشركه في الهدى باب إذا أبصر الراعي أو الوكيل شاه تموت متابعة عبدة وصلها المؤلف في كتاب الذبائح باب إذا وكل رجلا حديث عثمان ابن الهيثم وصله المستملي في روايته عن محمد بن عقيل عن أبي الدرداء بن منيب عنه باب إذا قال لوكيله ضعه حيث أراك الله متابعة إسماعيل عن مالك في تفسير آل عمران ورواية روح عنه أخرجها أحمد عنه باب فضل الزرع حديث مسلم بن إبراهيم أخرجه مسلم عن عبد بن حميد عنه باب اقتناء الكلب للحرث حديث بن سيرين وحديث أبي صالح وصله أبو الشيخ في كتاب الترهيب له وكذا حديث أبى حازم باب قطع الشجر والنخل حديث أنس وصله المؤلف في الهجرة وغيرها باب إذا زرع بمال قوم رواية إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن نافع وصلها في الأدب باب أوقاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر تصدق بأصله الخ أورده بالمعنى ووصله من طرق باب من أحيا أرضا مواتا حديث عمرو بن عوف في مسند أبي بكر بن أبي شيبة وحديث جابر في مسند أحمد بن حنبل باب إذا قال رب الأرض أقرك رواية عبد الرزاق عن ابن جريج وصلها أحمد ومسلم باب ما كان الصحابة يواسى بعضهم بعضا رواية الربيع بن نافع عن معاوية بن سلام وصلها مسلم باب الشرب وقال عثمان قال النبي صلى الله عليه وسلم من يشتري بئر رومة وصله الترمذي في حديث طويل باب فضل سقى الماء حديث الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد وصله أبو عوانة في صحيحه وحديث حماد بن سلمة باب من رأى أن صاحب الحوض أحق بمائه رواية علي لم أقف عليها باب كتابة القطائع رواية الليث عن يحيى كذلك باب الرجل يكون له ممر رواية بن إسحاق عن بشير بن يسار كذلك باب أداء الديون رواية صالح وعقيل عن الزهري في الزهريات باب لصاحب الحق مقال حديث لي الواجد يحل عرضه وعقوبته وصله أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم وأخرجه البيهقي من الوجه الذي أشار إليه المؤلف باب من أخر الغريم إلى الغد حديث جابر يأتي في باب الهبة باب إذا أقرضه إلى أجل مسمى رواية الليث عن جعفر في أوائل البيوع باب من رد أمر السفيه حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على المتصدق قبل النهي ثم نهاه في مسند عبد بن حميد من طريق محمود بن لبيد عن جابر في قصة الذي أتى بمثل البيضة من الذهب أصابها في بعض المعادن ورواه أيضا أبو داود وابن خزيمة وأبو يعلى وفي روايته عن ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمر عن محمود حديث النهي عن إضاعة المال موصول عنده قبل بابين من حديث المغيرة وحديث الذي يخدع في البيوع موصول عنده بعد من حديث بن عمر باب الملازمة رواية الليث عن جعفر بن ربيعة وصلها الإسماعيلي باب إذا وجد خشبة رواية الليث تقدمت باب إذا وجد تمرة في الطريق رواية يحيى القطان عن سفيان في مسند مسدد ومعاني الطحاوي ورواية زائدة عن منصور عند مسلم باب كيف تعرف لقطة أهل مكة حديث طاوس في الحج عند المؤلف وحديث خالد عن عكرمة عنده في أوائل البيوع وحديث أحمد بن سعيد وهو أبو جعفر الدارمي لم أجده باب قصاص المظالم رواية يونس بن محمد عن شيبان في الإيمان لابن منده

(1/42)


الديات ووفود الأنصار باب إذا كسر قصعة لغيره رواية بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب لم أجدها باب شركة اليتيم وأهل الميراث رواية الليث عن يونس أخرجها بن جرير الطبري في تفسيره.

(1/43)


"كتاب العتق"
باب ما يستحب من العتاقة في الكسوف رواية الدراوردي عن هشام بن عروة وصلها البيهقي باب إذا أعتق عبدا بين اثنين رواية الليث عن نافع وصلها مسلم ووقعت لنا بعلو في جزء أبي الجهم ورواية بن أبي ذئب عن نافع وصلها مسلم ورواية بن إسحاق عن نافع في صحيح أبي عوانة وكذا رواية صخر بن جويرية ورواية جويرية بن أسماء عن نافع وصلها المؤلف في الشركة ورواية يحيى بن سعيد الأنصاري عنه وصلها أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي ورواية إسماعيل بن أمية عن نافع وصلها مسلم والطبراني باب إذا أعتق نصيبا في عبد متابعة حجاج بن حجاج وموسى بن خلف لم أجدهما رواية أبان وصلها أبو داود ورواية شعبة في مسند أبي داود الطيالسي باب الخطأ والنسيان حديث لكل امرئ ما نوى وصله في النكاح بهذا اللفظ باب إذا قال لعبده هو لله رواية أبي كريب عن أسامة عند المؤلف في كتاب اللعان باب أم الولد حديث أبي هريرة عنده في كتاب الإيمان باب إذا أسر أخو الرجل حديث أنس في قول العباس فأديت نفسي وعقيلا تقدم في الصلاة وأعاد هذا التعليق أيضا في باب من ملك من العرب رقيقا باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "العبيد إخوانكم فأطعموهم مما تأكلون" وصله المؤلف من حديث أبي ذر بالمعنى في الباب ومن حديث جابر وصحابي لم يسم في الأدب المفرد باب كراهية التطاول على الرقيق حديث قوموا إلى سيدكم هو طرف من حديث أبي سعيد الخدري في قصة حكم سعد بن معاذ في بني قريظة وقد أسنده المؤلف في المغازي وحديث من سيدكم طرف من قوله: "صلى الله عليه وسلم لبني سلمة من سيدكم قالوا جد بن قيس وقد وصله بن منده في المعرفة من حديث كعب بن مالك بإسناد صحيح ووصله المؤلف في الأدب المفرد من حديث أبي الزبير عن جابر باب المكاتب حديث الليث عن يونس في الزهريات باب ما يجوز من شروط المكاتب فيه بن عمر أسنده بعد باب

(1/43)


"كتاب الهبة والمنيحة والعمرى والرقبى"
باب من استوهب من ساعته حديث اضربوا لي معكم سهما هو طرف من حديث أبي سعيد في الرقية بفاتحة الكتاب وهو عنده في الطب وغيره باب من استسقى حديث سهل بن سعد في النكاح باب قبول هدية الصيد حديث أبي قتادة في الباب الذي قبله باب من أهدى وتحرى بعض نسائه رواية هشام عن رجل ورواية أبي مروان عن هشام لم أجدهما باب المكافأة في الهدية رواية وكيع رواها بن أبي شيبة في مصنفه عنه ورواية محاضر لم أقف عليها باب الهبة للولد حديث اعدلوا بين أولادكم هو طرف من حديث النعمان ابن بشير وقد وصله المؤلف بعد وحديث اشتري النبي صلى الله عليه وسلم من عمر بعيرا تقدم في البيوع من مسند الحميدي باب هبة الرجل لامرأته حديث استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه أن يمرض في بيت عائشة وحديث العائد في هبته كالكلب مسندان عنده في الباب باب هبة المرأة لغير زوجها رواية

(1/43)


"كتاب الشهادات"
حديث الليث عن يونس في قصة الإفك وصله المؤلف في تفسير سورة النور باب إذا شهد شاهد أو شهود بشيء حديث بلال والفضل تقدما في الحج باب الشهادة على الأنساب قال النبي صلى الله عليه وسلم "أرضعتني وأبا سلمة ثويبة" هذا طرف من حديث أم حبيبة ومتابعة بن مهدي عن سفيان وصلها مسلم وحديث نفى النبي صلى الله عليه وسلم الزاني سنة طرف من حديث أبي هريرة في قصة العسيف وهو في النكاح والحدود وحديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلام كعب بن مالك وصاحبيه طرف من قصة توبة كعب وهو في المغازي وغيرها وحديث الليث عن يونس في قصة المرأة التي سرقت وصله أبو داود باب لا يشهد على جور رواية أبي حريز عن الشعبي في صحيح بن حبان والطبراني باب ما قيل في شهادة الزور متابعة غندر وصلها المؤلف في الأدب ومتابعة أبي عامر في الإيمان لابن منده ومتابعة بهز أخرجها أحمد عنه ومتابعة عبد الصمد وصلها المؤلف في الديات وحديث إسماعيل عن الجريري وصله المؤلف في استتابة المرتدين باب شهادة الأعمى زيادة عباد بن عبد الله وصلها أبو يعلى في مسنده باب اليمين على المدعى عليه في الأموال حديث شاهداك أو يمينه هو طرف من حديث الأشعث ووصله المؤلف بعد وأعاد التعليق في باب يحلف المدعى عليه باب كيف يستحلف حديث ورجل حلف بالله كاذبا بعد العصر هو طرف من حديث أبي هريرة ووصله قبل ببابين باب من أقام البينة بعد اليمين حديث لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض هو طرق من حديث أم سلمة وقد وصله في الباب بمعناه وفي كتاب المظالم بلفظه وحديث المسور موصول عنده في الخمس باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة حديث أبي هريرة

(1/44)


"لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم" وصله المؤلف في تفسير البقرة باب القرعة في المشكلات حديث أبي هريرة عرض النبي صلى الله عليه وسلم على قوم اليمين فأسرعوا فأمر أن يسهم بينهم أسنده المؤلف قبل أبواب من طريق همام بن منبه عنه.

(1/45)


"كتاب الصلح"
رواية عبد الله بن جعفر المخرمي وصلها مسلم ورواية عبد الواحد بن أبي عون وصلها الدارقطني ووقعت لنا بعلو في الثالث من حديث المخلص باب الصلح مع المشركين فيه عن أبي سفيان يشير بذلك إلى حديثه الطويل في شأن هرقل وحديث عوف بن مالك وصله المؤلف في الجزية وحديث سهل بن حنيف وصله المؤلف في الاعتصام وحديث أسماء وهي بنت أبي بكر وصله المؤلف في الأدب وسيأتي وحديث المسور وصله في أول الشروط ورواية موسى بن مسعود وهو أبو حذيفة النهدي وصلها أبو نعيم في المستخرج وأبو عوانة في صحيحه ورواية مؤمل بن إسماعيل وصلها أحمد بن حنبل عنه باب الصلح في الدية رواية الفزاري وصلها المؤلف في التفسير باب الصلح بين الغرماء حديث جابر في وفاء دين أبيه من طريق هشام عن وهب وصله المؤلف في الاستقراض ورواية بن إسحاق ينظر فيها باب الصلح بالدين والعين رواية الليث عن يونس في الزهريات

(1/45)


"كتاب الشروط"
حديث جابر في قصة جملة رواية شعبة عن مغيرة وصلها البيهقي وراوية إسحاق عن جرير وصلها المؤلف في الجهاد ورواية عطاء عن جابر وصلها المؤلف في الوكالة ورواية بن المنكدر وصلها البيهقي ورواية زيد بن أسلم وصلها البيهقي أيضا ورواية أبي الزبير عن جابر وصلها البيهقي أيضا وأصلها عند مسلم ورواية الأعمش عن سالم رواها مسلم والنسائي ووقع لنا بعلو من حديث محمد بن عبيد عنه ففي مسند عبد بن حميد ورواية عبيد الله بن عمر عن وهب أسندها المؤلف بعد أبواب ورواية بن إسحاق عن وهب وصلها أحمد ورواية أبي إسحاق عن سالم ورواية داود بن قيس عن عبيد الله بن مقسم لم أجدهما ورواية أبي نضرة وصلها أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة باب الشروط في المهر حديث المسور وصله في الخمس باب الشروط في الطلاق متابعة معاذ عن شعبة وصلها مسلم ومتابعة عبد الصمد كذلك ورواية غندر وصلها أبو نعيم في مستخرجه على مسلم ورواية آدم وعبد الرحمن بن مهدي والنضر وهو بن شميل لم أقف عليها ورواية حجاج وهو بن منهال وصلها البيهقي باب إذا اشترط في المزارعة رواية حماد بن سلمة وصلها أبو يعلى باب الشروط في القرض حديث الليث تقدم في أوائل البيوع باب الشروط في الجهاد رواية عقيل عن الزهري وصلها المؤلف في الطلاق.

(1/45)


"كتاب الوصايا والوقف"
متابعة محمد بن مسلم وهو الطائفي عن عمرو بن دينار لم أقف عليها باب قول الله تعالى من بعد وصية يوصى بها أو دين حديث إياكم والظن وصله المؤلف في الأدب من حديث أبي هريرة وحديث " آية المنافق ثلاث " وصله المؤلف في الإيمان من حديث عبد الله بن عمر وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية وصله أحمد والترمذي وغيرهما من حديث الحارث عن على حديث "لا صدقة إلا عن ظهر غنى" وصله المؤلف في الأدب من حديث أبي هريرة وحديث آية المنافق ثلاث وصله المؤلف في الإيمان من حديث عبد الله بن عمر وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية وصله أحمد والترمذي وغيرهما من حديث الحارث عن علي حديث " لا صدقة إلا عن ظهر غنى" وصله المؤلف من حديث أبي هريرة في الزكاة بغير لفظه ووصله النسائي وأحمد بلفظه من وجه آخر وحديث العبد راع في مال سيده وصله المؤلف من حديث بن عمر في العتق باب إذا وقف لأقاربه رواية

(1/45)


"كتاب الجهاد"
باب درجات المجاهدين رواية محمد بن فليح عن أبيه عند المؤلف في التوحيد باب الجنة تحت بارقة السيوف حديث المغيرة عند المؤلف في الجزية وقول عمر طرف من حديث سهل بن حنيف في قصة الحديبية وهو عند المؤلف في الاعتصام وغيره ومتابعة الأويسي عن الفزاري وصلها بن أبي عاصم في كتاب الجهاد له باب من طلب الولد للجهاد رواية الليث عن جعفر في قصة سليمان ابن داود صلى الله عليه وسلم وصلها أبو نعيم في المستخرج باب من حدث بمشاهده قاله أبو عثمان عن سعد وصله المؤلف بعد أبواب من حديث سليمان التيمي عن أبي عثمان باب من حبسه العذر رواية موسى وهو بن إسماعيل عن حماد حماد عن ثابت في قصة ثابت بن قيس عند الطبراني في المعجم الكبير وابن سعد في الطبقات باب الخيل معقود في نواصيها الخير متابعة مسدد في مسنده رواية معاذ بن المثنى عنه ورواية سليمان ابن حرب في المعجم الكبير ومستخرج أبي نعيم باب السبق بين الخيل رواية عبد الله عن سفيان في جامع سفيان رواية سفيان رواية عبد الله بن الوليد عنه باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم حديث بن عمر وصله المؤلف في باب حجة الوداع في أواخر المغازي وحديث المسور سبق أنه وصله في الصلح وحديث موسى عن حماد وصله أبو داود في السنن باب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم قاله أنس وصله في المغازي في قصة حنين وحديث أبي حميد في الجزية باب جهاد النساء رواية عبد الله بن الوليد عن سفيان في جامع سفيان. باب الحراسة في الغزو زيادة عمرو وهو بن مرزوق رويناها في أمالي القطيعي ووقع في رواية أبي ذر الهروي زادنا عمرو ووصلها أيضا أبو نعيم في المستخرج باب من استعان بالضعفاء حديث بن عباس عن أبي سفيان ساقه بطوله بعد أبواب باب لا يقال فلان شهيد حديث أبي هريرة الله أعلم بمن يجاهد في سبيله وصله في أوائل الجهاد من حديث بن المسيب عنه وحديث الله أعلم بمن يكلم في سبيله وصله أيضا في أوائل الجهاد من حديث الأعرج عنه باب اللهو بالحراب حديث على عن عبد الرزاق وقع في رواية أبي ذر عن المستملى زادنا على باب الدرق رواية أحمد عن ابن وهب وصلها المؤلف في العيدين باب الرماح حديث بن عمر جعل زرقي تحت ظل رمحي وصله أبو داود

(1/46)


ووقع لنا بعلو في مسند عبد بن حميد وله شاهد بإسناد حسن مرسل في مصنف بن أبي شيبة باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم حديث "أما خالد فقد احتبس أدراعه" هو طرف من حديث أبي هريرة أسنده المؤلف في الزكاة ورواية وهيب عن خالد وصلها في التفسير وحديث يعلى عن الأعمش وصله في السلم وحديث معلى وصله في الاستقراض باب الدعاء على المشركين بالهزيمة رواية يوسف بن إسحاق وصلها في الطهارة ورواية شعبة وصلها في المبعث باب دعوة اليهود والنصارى إلى الإسلام حديث عمر وصله المؤلف في الزكاة وحديث بن عمر وصله في الإيمان باب الخروج آخر الشهر رواية كريب عن ابن عباس وصلها في الحج باب التوديع حديث بن وهب عن عمرو وصله النسائي والإسماعيلي باب من غزا وهو حديث عهد بعرس فيه جابر أشار بذلك إلى حديث جابر في قصة جمله وفيه قوله: "فقلت يا رسول الله إن عروس" وهو موصول عنده قبل بباب باب من أختار الغزو بعد البناء فيه أبو هريرة وصله المؤلف في أخبار الأنبياء باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "نصرت بالرعب" حديث جابر وصله المؤلف في الطهارة والصلاة والخمس باب كراهية السفر بالمصاحف رواية محمد بن بشر أخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده عنه ورواية بن إسحاق وصلها أحمد بن حنبل في مسنده عن يزيد بن هارون عنه باب التكبير عند الحرب متابعة على عن سفيان وصلها المؤلف في علامات النبوة باب السرعة في السير حديث أبي حميد وصله المؤلف في أواخر الحج باب فإما منا بعد وإما فداء فيه حديث ثمامة يشير إلى حديث أبي هريرة في قصة ثمامة بن آثال وقد وصله في المغازي وغيرها باب السير وحده رواية أبي نعيم وقفت موصولة في أكثر الروايات من طريق أبي ذر الهروي وغيره باب لا تمنوا لقاء العدو رواية أبي عامر العقدي وصلها مسلم والنسائي باب ما يجوز من الاحتيال رواية الليث عن عقيل وصلها الإسماعيلي باب الرجز في الحرب حديث سهل وأنس وصلهما المؤلف في قصة الخندق في المغازي وحديث يزيد وهو بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع وصله في المغازي والدعوات وغير موضع باب من قال خذها وأنا بن فلان حديث سلمة وصله في المغازي باب فداء المشركين رواية إبراهيم بن طهمان تقدم الكلام عليها في الصلاة في ذكر المساجد باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لليهود "أسلموا تسلموا" رواية المقبري عن أبي هريرة وصلها المؤلف في الجزية وغيرها باب كتابة الإمام الناس رواية أبي معاوية عن الأعمش وصلها أحمد بن حنبل في مسنده عنه وأخرجها مسلم باب من غلب على العدو فأقام ثلاثا متابعة معاذ وصلها الإسماعيلي ووقعت لنا بعلو في فوائد أبي الحسين بن بشران ومتابعة عبد الأعلى بن عبد الأعلى وصلها مسلم باب من قسم الغنيمة في غزوة حديث رافع وصله المؤلف في الشركة باب إذا غنم المشركون مال المسلم حديث بن نمير عن عبيد الله بن عمر في ذلك وصله بن ماجة باب الغلول رواية أيوب عن أبي حيان عن أبي زرعة وصلها مسلم والطبراني في المعجم الصغير ووقع لنا تاما في كتاب الزكاة ليوسف بن يعقوب القاضي باب القليل من الغلول ولم يذكر عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرق متاعه ثم ساقه من حديث سالم بن أبي الجعد في قصة كركرة قال وقال ابن سلام كركرة يعني بفتح الكاف وإشار بحرق متاع الغال إلى حديث أخرجه أبو داود إسناده ضعيف وصحح المؤلف في التاريخ أنه موقوف باب البشارة في الفتوح حديث مسدد في ذكر ذي الخلصة هو في مسنده رواية معاذ بن المثنى عنه باب ما يعطي البشير حديث كعب بن مالك هو طرف من قصة توبته وقد وصله في المغازي باب الطعام عند القدوم زيادة معاذ عن

(1/47)


شعبة في حديث جابر وصلها مسلم باب ما "ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم زيادة سليمان وهو بن المغيرة عن حميد بن هلال وصلها مسلم باب إيثار النبي صلى الله عليه وسلم أهل الصفة والأرامل حين سألته فاطمة أن يخدمها وصله أحمد في مسنده من طريق عطاء بن السائب عن أبيه عن على مطولا وأصله في الصحيح في تعليمها الذكر عند النوم دون مقصود الترجمة رواية حصين عن سالم عن جابر وصلها المؤلف في الأدب ورواية عمرو بن مرزوق عن شعبة وصلها أبو نعيم في المستخرج وحديث إنما أنا قاسم في حديث جابر المذكور وحديث إنما أنا خازن وصله المؤلف في الاعتصام حديث أحلت لكم الغنائم وصله المؤلف في الأدب ورواية عمرو بن مرزوق عن شعبة وصلها أبو نعيم في المستخرج من حديث أبي هريرة ومن حديث جابر باب قسم ما يقدم عليه رواية بن علية وصلها في الأدب ورواية حاتم بن وردان في الشهادات ورواية الليث في اللباس وقصة هوازن وسؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم برضاعة فيهم وصله بن إسحاق في المغازي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ورواه الطبراني وغيره من حديث زهير بن صرد نحوه وقوله: "ما كان يعد الناس أن يعطيهم من الفيء فيه حديث جابر في الباب وقوله: "ما أعطى الأنصار فيه حديث أنس عنده وقوله: "ما أعطى جابر بن عبد الله من تمر خيبر فيه إشارة إلى حديث رواه أبو داود والدارقطني من طريق بن إسحاق عن وهب بن كيسان عن جابر ووقع لنا بعلو في المحامليات ورواية الليث عن يونس وصلها المؤلف في المغازي وكذا رواية عبد الله بن زيد في قصة المؤلفة وزيادة جرير بن حازم وصلها مسلم ورواية معمر وصلها المؤلف في المغازي وزيادة أبي عاصم وصلها المؤلف في العيدين ورواية أبي ضمرة بإرسالها لم أجدها.

(1/48)


"كتاب الجزية"
حديث إبراهيم بن طهمان تقدم في الصلاة في المساجد وحديث عمر في إخراج اليهود وصله في الجهاد وحديث بن عمر موصول في قصة الفتح وحديث بن وهب أخرجه في جامعه وحديث أبي موسى محمد بن المثنى وصله أبو نعيم في المستخرج

(1/48)


"كتاب بدء الخلق"
رواية عيسى وهو بن موسى غنجار وصلها الطبراني في مسند رقبة بن مصقلة وابن منده في أماليه باب ما جاء في سبع أرضين رواية بن أبي الزناد لم أجدها باب ذكر الملائكة حديث أنس قال عبيد الله بن سلام وصله في الهجرة ومتابعة أبي عاصم عن ابن جريج وصلها في الأدب ورواية موسى بن إسماعيل عن جرير بن حازم في المغازي وحديث أبي هريرة في معارضة جبريل وصله المؤلف في فضائل القرآن وحديث عائشة عن فاطمة في علامات النبوة ومتابعة شعبة عن الأعمش وصلها في النكاح ومتابعة أبي حمزة لم أرها ومتابعة بن داود رواها مسدد في مسنده رواية معاذ بن المثنى عنه ومتابعة أبي معاوية وصلها مسلم وحديث أنس تحرس الملائكة المدينة وصله المؤلف في أوامر الحج وحديث أبي بكرة في الفتن باب صفة الجنة رواية أبي عبد الصمد وصلها المؤلف في تفسير سورة الرحمن ورواية الحارث بن عبيد وصلها مسلم ووقعت لنا بعلو في جزء حنبل بن إسحاق أبواب الجنة حديث من أنفق زوجين وصله المؤلف في الصيام من حديث أبي هريرة وحديث عبادة في أبواب الجنة وصله في أحاديث الأنبياء باب صفة النار رواية غندر عن شعبة وصلها المؤلف في الفتن باب صفة إبليس رواية الليث عن هشام رويناها في جزء بن زنبور بعلو وحديث

(1/48)


"كتاب أحاديث الأنبياء"
رواية الليث عن يحيى بن سعيد ورواية يحيى بن أيوب عنه وصلهما البخاري في الأدب المفرد والإسماعيلي في المستخرج باب ذكر إدريس رواية عبدان في الإسراء تقدم في الصلاة ووصله الجوزقي باب عاد حديث عطاء عن عائشة في الريح وصله المؤلف في بدء الخلق وحديث سليمان ابن يسار عنها في تفسير سورة الأحقاف ورواية بن كثير عن سفيان في تفسير سورة براءة حديث قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم رأيت السد مثل البرد المحبر قال رأيته وصله بن أبي عمر في مسنده باب إبراهيم رواية أبي أسامة وصلها في قصة يوسف ورواية معتمر في قصة يعقوب ومتابعة عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد في مسند مسدد رواية أبي خليفة عنه ومتابعة عجلان وصلها أحمد في مسنده ورواية محمد بن عمرو وصلها أبو يعلى ومتابعة أنس في حديث الشفاعة وصله المؤلف في صفة الجنة بطوله ورواية الأنصاري عن ابن جريج في قصة هاجر وصلها أبو نعيم في المستخرج حديث عبد الله بن زيد في أحد وصله المؤلف في البيوع ورواية إسماعيل عن مالك وصلها في التفسير وحديث بن عمر في قصة الكريم بن الكريم في قصة يوسف وحديث أبي هريرة في قصة يعقوب باب ثمود حديث سبرة بن معبد في إلقاء الطعام رواه الطبراني وأبو نعيم وسمويه في فوائده وحديث أبي الشموس فيه الآحاد لابن أبي عاصم والمعرفة لابن منده وحديث أبي ذر في ذلك في مسند البزار ومتابعة أسامة بن زيد عن نافع في فوائد بن المقري باب قصة يوسف رواية حسين الجعفي عن زائدة وصلها المؤلف في الصلاة قصة موسى متابعة ثابت عن أنس في الإسراء وصلها مسلم ومتابعة عباد بن أبي على عنه لم أرها باب قصة داود رواية موسى بن عقبة عن صفوأن ابن سليم وصلها المؤلف في خلق أفعال العباد والإسماعيلي باب قصة سليمان رواية شعيب عن أبي الزناد وصلها المؤلف في الأيمان والنذور ورواية بن أبي الزناد لم أجدها باب قصة مريم رواية بن وهب وصلها مسلم ومتابعة بن أخي الزهري وإسحاق الكلبي في الزهريات ومتابعة عبيد الله عن نافع وصلها مسلم ورواية إبراهيم بن طهمان وصلها النسائي باب نزول عيسى بن مريم متابعة عقيل وصلها بن منده في كتاب الإيمان ومتابعة الأوزاعي وصلها البيهقي باب بني إسرائيل متابعة شعبة عن الأعمش لم أرها وحديث جابر في الشحوم وصله المؤلف في البيوع وحديث أبي هريرة وصله في البيوع أيضا

(1/49)


ومتابعة غندر عن شعبة وصلها مسلم قوله: "وقال غيره عن معمر هو عبد الرزاق أخرجه أحمد عنه ورواية معاذ عن شعبة وصلها مسلم ومتابعة عبد الرحمن بن خالد عن الزهري في الزهريات.

(1/50)


"كتاب المناقب"
رواية يعقوب بن إبراهيم وصلها مسلم بغير السياق الذي علقه البخاري وقد انتقده أبو مسعود ورواية الليث بن سعد عن أبي الأسود وصله المؤلف بعد باب وحديث بن عمر وأبي هريرة في الكريم بن الكريم تقدما في فضائل الأنبياء عليهم السلام وحديث البراء بن عازب في قوله: "أنا ابن عبد المطلب" وصله المؤلف في الجهاد في أثناء حديث وحديث عائشة رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترنى بردائه تقدم في العيدين باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام رواية قبيصة وصلها الإسماعيلي والطبراني باب خاتم النبوة رواية إبراهيم بن حمزة وصلها المؤلف في الطب باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم رواية يوسف بن أبي إسحاق وصلها قبل بحديث وفي هذا زيادة ورواية بن بكير عن بكر بن مضر في الصلاة وحديث أبي موسى يأتي في المناقب ورواية الليث عن يونس في الزهريات ورواية سعيد بن ميناء عن جابر في الاعتصام قوله: "وقال غيره يعني عن معتمر بن سليمان فعرفنا أن الغير هو عبيد الله بن معاذ كذلك وصله مسلم والإسماعيلي والبيهقي في الدلائل من طريقه قوله: "وقال عبد الحميد هو عبد بن حميد صاحب المسند ورواية أبي عاصم وصلها أبو داود والبيهقي قوله: "تابعه غيره عن عبد الرزاق هكذا وصله الإمامان أحمد وإسحاق في مسنديهما عن عبد الرزاق كرواية يحيى عنه رواية محمود عن أبي داود قال أبو نعيم قال البخاري قال لنا محمود رواية همام عن أبي هريرة في نزع أبي بكر وصله المؤلف في التفسير حديث عائشة في الغار وصله في أول الهجرة وحديث بن عباس وصله بعد بباب وكذا حديث أبي سعيد وحديث بن عباس في سد الأبواب وصله في الصلاة وحديث أبي سعيد فيه وصله قبل بباب وحديث عبد الله بن سالم عن الزبيدي وصله الطبراني في مسند الشاميين متابعة جرير عن الأعمش وصلها مسلم ومتابعة أبي معاوية وعبد الله بن داود وصلها مسدد في مسنده رواية أبي خليفة عنه عندهما ووقع لنا بعلو من حديث أبي معاوية في أمالى أبي جعفر الرزاز وأخرجه مسلم لكن قال عن أبي هريرة بدل أبي سعيد وهو وهم منه ومتابعة محاضر عن الأعمش رويناها في فوائد أبي الفتح الحداد رواية السلفي عنه باب مناقب عمر زيادة زكريا بن أبي زائدة وصلها الإسماعيلي رواية حماد بن زيد عن أيوب وصلها الإسماعيلي أيضا مناقب عثمان حديث من يحفر بئر رومه تقدم في آخر الوقف وكذا حديث من جهز جيش العسرة ورواية معمر عن الزهري وصلها المؤلف في هجرة الحبشة متابعة عبد الله بن عبد العزيز لم أرها زيادة حماد عن عاصم وغيره وصلها بن أبي خيثمة مناقب على حديث أنت مني وأنا منك وصله في النكاح من حديث البراء وقول عمر وصله في باب وفاة عمر مناقب جعفر حديث أشبهت خلقي وخلقي وصله في النكاح مناقب فاطمة حديث فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وصله في الوفاة من حديث عائشة عنها مناقب الزبير حديث بن عباس وصله في التفسير مناقب طلحة قول عمر في باب وفاة عمر باب مناقب سعد متابعة أبي أسامة وصلها في باب إسلام سعد وزيادة محمد بن عمرو بن حلحلة في الخمس وحديث البراء في زيد بن حارثة في النكاح ورواية نعيم عن ابن المبارك لم أرها ووقع لي من حديث عبدان عن ابن المبارك رواه بن أبي الدنيا في كتاب الأمر بالمعروف قوله: "حدثني بعض أصحابي عن سليمان ابن عبد الرحمن هو الذهلي كذاك رويناه في الزهريات من طريقه عن سليمان أو يعقوب بن سفيان كذلك رويناه في تاريخه

(1/50)


عن سليمان وكذا رواه الطبراني في مسند الشاميين عن أبي عامر الهروي الصوري عن سليمان بالزيادة المذكورة مناقب الحسن رواية نافع بن جبير عن أبي هريرة أسنده المؤلف في البيوع ورواية عبد الرزاق عن معمر أخرجها أحمد والترمذي ووقعت لنا عاليا في مسند عبد بن حميد مناقب بلال حديث سمعت دف نعليك وصله المؤلف في صلاة الليل حديث فاطمة تقدم حديث لولا الهجرة لكنت امرئ من الأنصار قاله عبد الله بن زيد وصله في غزوة حنين باب فضل دور الأنصار رواية عبد الصمد عن شعبة وصلها المؤلف في مناقب سعد بن عبادة حديث اصبروا حتى تلقوني على الحوض في المغازي من رواية عبد الله بن زيد رواية قتادة عن أنس في مناديل سعد وصلها في الهبة ورواية الزهري عنه تأتي في اللباس إن شاء الله تعالى باب منقبة أسيد بن حضير رواية معمر عن ثابت وصلها الإسماعيلي ووقعت لنا بعلو في فضائل الصحابة لطراد وحديث حماد بن سلمة وصله النسائي منقبة سعد بن عبادة قول عائشة طرف من قصة الإفك وهي في المغازي والتفسير بتمامها مناقب عبد الله بن سلام رواية النضر بن شميل عن شعبة أخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده عنه ورواية أبي داود ووهب لم أجدهما مناقب خديجة رواية إسماعيل بن الخليل رواها أبو عوانة في صحيحه ذكر هند بنت عتبة رواية عبدان عن عبد الله وصلها البيهقي باب زيد بن عمرو بن نفيل رواية الليث رويناها بعلو في جزء أبي بكر بن زنبور عن ابن أبي داود قوله: "قال موسى بن عقبة حدثنا سالم بن عبد الله ولا أعلمه إلا عن أبيه أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام وصله أبو يعلى في مسنده الكبير من هذا الوجه بتمامه باب أيام الجاهلية حديث بن وهب وصله أبو نعيم في المستخرج باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم بمكة متابعة بن إسحاق وصلها أحمد بن حنبل ورواية عبدة عن هشام وصلها النسائي ورواية محمد بن عمرو وصلها البخاري في خلق أفعال العباد وأبو يعلى بتمامه باب انشقاق القمر رواية أبي الضحى وصلها أبو داود الطيالسي في مسنده ورويناها بعلو في المعرفة لابن منده ومتابعة محمد بن مسلم وصلها البيهقي في الدلائل باب هجرة الحبشة حديث عائشة أرأيت دار هجرتكم ذات نخل وصله المؤلف في الصلاة وحديث أبي موسى وأسماء وهي بنت عميس وصله المؤلف في غزوة حنين في حديث واحد رواية يونس عن الزهري وصلها المؤلف في مناقب عثمان ورواية بن أخي الزهري وصلها بن عبد البر في التمهيد باب موت النجاشي متابعة عبد الصمد مضت في الجنائز ورواية عبد الله بن محمد عن ابن عيينة لم أرها باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة حديث عبد الله بن زيد وصله المؤلف في غزوة حنين وحديث أبي هريرة وصله المؤلف في فضائل الأنصار حديث أبي موسى وصله المؤلف في غزوة خيبر وغيرها رواية أبان ابن يزيد عن هشام لم أقف عليها حديث بن عباس طرف من حديث وصله المؤلف في تفسير سورة براءة متابعة خالد بن مخلد وصلها مسلم قوله: "حدثني محمد بن الصباح أو بلغني عنه رواه أبو نعيم في المستخرج من طريق أبي بدر عباد بن الوليد عن محمد بن الصباح رواية دحيم عن الوليد وصلها الإسماعيلي ورواية محمد بن يوسف مضت في الهبة باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة رواية بشر بن شعيب عن أبيه أخرجها أحمد في مسنده عنه ومتابعة إسحاق بن يحيى الكلبي وصلها أبو بكر بن شاذان البزاز في نسخة يحيى بن صالح عن إسحاق باب التاريخ متابعة عبد الرزاق وصلها الإسماعيلي ورواية أحمد بن يونس وصلها المؤلف في حجة الوداع ورواية موسى في الدعوات وحديث عبد الرحمن بن عوف في البيوع وحديث أبي جحيفة في الصوم

(1/51)


"المغازي"
باب غزوة بدر حديث وحشي وصله المؤلف بطوله في غزوة أحد وحديث كعب بن مالك وصله بتمامه في غزوة تبوك ورواية الليث عن يونس وصلها قاسم بن أصبغ ومن طريقه بن عبد البر في التمهيد ومتابعة أصبغ وصلها الإسماعيلي ورواية الليث عن يونس أيضا وصلها البخاري في التاريخ باب حديث بني النضير وما أرادوا من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك بن إسحاق في المغازي متابعة هشيم وصلها المؤلف في تفسير سورة الحشر باب غزوة أحد رواية حميد وصلها الترمذي والنسائي ووقعت لنا بعلو في جزء بن ملاس ورواية ثابت وصلها مسلم ووقعت لنا بعلو في مسند عبد بن حميد ورواية أبي الوليد وصلها الإسماعيلي ورواية عباس بن سهل عن أبي حميد وصلها المؤلف في أواخر الحج زيادة خليفة عن يزيد بن زريع في تاريخه باب غزوة الخندق رواية محمود عن عبد الرزاق أخرجها محمد بن قدامة في كتاب أخبار الخوارج له عن محمود وزيادة إبراهيم بن طهمان وصلها النسائي باب غزوة ذات الرقاع رواية عبد الله بن رجاء وصلها أبو العباس السراج في مسنده وسمويه في فوائده وحديث بن عباس وصله أحمد وإسحاق والنسائي ورواية بكر بن سوادة وصلها حرملة في حديثه عن ابن وهب وسعيد بن منصور في السنن ووقعت لنا بعلو في الخلعيات ورواية بن إسحاق وصلها أحمد ورواية يزيد عن سلمة وصلها المؤلف مطولة ورواية معاذ عن هشام رواها بن جرير ومتابعة ليث عن هشام وهو بن سعد وصلها المؤلف في التاريخ ورواية أبان عن يحيى وصلها مسلم والإسماعيلي ورواية مسدد عن أبي عوانة عن أبي بشر يعني عن سليمان ابن قيس عن جابر وصلها في مسنده الكبير رواية معاذ بن المثنى عنه ورواية أبي الزبير عن جابر رواها بن جرير وحديث أبي هريرة رواه أبو داود وابن حبان باب غزوة بني المصطلق قول الزهري كان الإفك في المريسيع وصله البيهقي في الدلائل رواية محمد بن عقبة عن عثمان ابن فرقد لم أقف عليها باب غزوة الحديبية رواية عبيد الله بن معاذ وصلها أبو نعيم في المستخرج ومتابعة محمد بن بشار وصلها الإسماعيلي ومتابعة أبي داود عن قرة وصلها الإسماعيلي أيضا ومتابعة الأعمش عن سالم وصلها المؤلف في الأشربة وقول محمود ثم أنسيتها يعني بإسناده إلى المسيب بن حزن كما وصله المؤلف بعد ومتابعة معاذ عن شعبة وصلها الإسماعيلي ورواية هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم لم أجدها نعم أخرجه أبو نعيم من طريق دحيم عن الوليد باب قصة عكل وعرينة رواية شعبة وصلها المؤلف في الزكاة ورواية أبان لم أجدها ورواية حماد بن سلمة وصلها أبو داود والترمذي والنسائي ورواية يحيى بن أبي كثير وصلها المؤلف في المحاربين ورواية أيوب وصلها في الباب المذكور ورواية عبد العزيز بن صهيب وصلها مسلم وغيره ورواية أبي قلابة وصلها المؤلف من طرق في الطهارة والقسامة وغير موضع باب غزوة خيبر متابعة معمر وصلها المؤلف في القدر ورواية شبيب بن سعيد وصلها الذهلي وابن منده في الإيمان ورواية بن المبارك في كتاب الجهاد له ومتابعة صالح بن كيسان وصلها البخاري في التاريخ ورواية الزبيدي وصلها البخاري أيضا في التاريخ ورواية الزبيدي في قصة أبان ابن سعيد وصلها أبو داود باب استعمال النبي صلى الله عليه وسلم على خيبر رواية عبد العزيز بن محمد وصلها الدارقطني وأبو عوانة في صحيحه باب الشاة التي سمت بخيبر رواية عروة عن عائشة ستأتي من طريق يونس عن الزهري باب عمرة القضاء حديث أنس وصله المؤلف في الحج وزيادة حماد بن سلمة عن أيوب وصلها الإسماعيلي والطبراني وزيادة بن إسحاق وصلها بن خزيمة وابن حبان وهي في المغازي

(1/52)


باب بعث أسامة رواية عمر بن حفص بن غياث في فوائد سمويه ومستخرج أبي نعيم باب غزوة الفتح رواية عبد الرزاق وصلها أحمد في مسنده عنه ورواية حماد بن زيد المرسلة لم أقف عليها باب أين ركز الراية رواية معمر أسندها المؤلف في الجهاد ورواية يونس في الحج ومتابعة معمر عن أيوب وصلها أحمد ورواية وهيب المرسلة لم أرها باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم من أعلى مكة رواية الليث وصلها المؤلف في الجهاد ومتابعة أبي أسامة في الباب مرسلة وفي الحج موصولة ومتابعة وهيب في الحج ورواية الليث عن يونس في التاريخ الصغير والأدب المفرد للمؤلف ورواية الليث في قصة عبد بن زمعة وصلها الذهلي في الزهريات ورواية خالد عن أبي عثمان في قصة مجاشع وصلها الإسماعيلي ورواية النضر عن شعبة وصلها الإسماعيلي أيضا حديث أبي هريرة أن الله حرم مكة وصله المؤلف في الحج باب غزوة حنين رواية إسرائيل وصلها المؤلف في الجهاد وكذا رواية زهير عن أبي إسحاق.
قوله : "قال بعضهم عن حماد بن زيد يعني موصولا يشير إلى ما رواه مسلم عن أحمد بن عبدة عن حماد بن زيد ورواية جرير بن حازم تقدمت في الخمس ورواية حماد بن سلمة وصلها مسلم والطبراني وأبو نعيم ورواية الليث وصلها المؤلف في الأحكام ورواية الحميدي عن سفيان بلفظ الخبر في مسند عبد الله بن عمر من مسند الحميدي ورواية هشام بن يوسف عن معمر لم أقف عليها باب بعث أبي موسى إلى اليمن رواية جرير عن الشيباني وصلها الإسماعيلي ورواية عبد الواحد لم أرها ورواية أبي عامر العقدي وصلها المؤلف في الأحكام ورواية وهب بن جرير وصلها أبو نعيم في مستخرجه على مسلم ورواية وكيع وصلها المؤلف في الجهاد مختصرا وأخرجها بن أبي عاصم في كتاب الأشربة تامة ورواية النضر بن شميل وصلها المؤلف في الأدب ورواية أبي داود وهو الطيالسي في مسنده وأخرجها النسائي من طريقه وزيادة معاذ عن شعبة لم أقف عليها باب بعث علي إلى اليمن زيادة محمد بن بكر عن ابن جريج وصلها الإسماعيلي وأبو عوانة في صحيحه باب وفد عبد القيس رواية بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث وصلها الطحاوي في معانيه باب قدوم الأشعريين حديث أبي موسى وصله المؤلف في هجرة الحبشة ورواية غندر عن شعبة عن سليمان عن ذكوان وصلها أحمد عنه وكذا رواية غندر عن شعبة عن الأعمش عن إبراهيم باب حجة الوداع رواية محمد بن يوسف وصلها الطبراني وأبو نعيم في المستخرج ورواية الليث عن يونس في الزهريات باب غزوة تبوك رواية أبي داود وهو الطيالسي عن شعبة رويناها في مسنده باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته رواية يونس عن الزهري في السم وصلها الإسماعيلي والبزار والحاكم في المستدرك حديث بن عمر في صلاة أبي بكر بالناس وصله المؤلف في الصلاة وحديث أبي موسى كذلك وفي قصة يوسف وحديث بن عباس كذلك وفي هذا الباب ورواية بن أبي الزناد عن أبيه في اللدود وصلها أحمد والحاكم وأبو يعلى

(1/53)


"التفسير"
تفسير سورة البقرة رواية بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب وصلها المؤلف في الصلاة ورواية أبي أسامة عن الأعمش وصلها في الاعتصام وزيادة عثمان ابن صالح عن ابن وهب لم أرها ورواية عبد الله بن الوليد عن سفيان هي في جامع سفيان روايته عنه ورواية عبد الصمد عن أبيه رواها إسحاق بن راهويه عنه ومن طريقه أبو نعيم وكذا وصله بن جرير عن أبي قلابة ورواية محمد بن يحيى بن سعيد رواها الطبراني في الأوسط والحاكم في التاريخ رواية إبراهيم بن طهمان عن يونس في النكاح رواية أيوب عن محمد تأتي في الطلاق

(1/53)


ورواية محمد بن يوسف عن سفيان كذا رويناها في تفسيره تفسير آل عمران رواية عبد الله بن يوسف عن مالك في قصة أبي طلحة وصلها المؤلف في الزكاة ورواية روح بن عبادة رواها أحمد في مسنده عنه وقد تقدم رواية إسحاق بن راشد عن الزهري وصلها الطبراني ومتابعة عبد الرزاق عن ابن جرير وصلها بن جرير سورة النساء متابعة سعيد عن ابن عباس وصلها المؤلف في الوصايا ورواية الليث عن أبي الأسود وصلها الطبراني في الأوسط سورة المائدة رواية وكيع عن سفيان وصلها أحمد وإسحاق في مسنديهما ورواية النضر عن شعبة وصلها أبو نعيم في المستخرج ورواية روح عنه وصلها المؤلف في الرقاق ورواية أبي اليمان عن شعيب وصلها المؤلف في المناقب ورواية بن الهاد وصلها الطبراني في الأوسط سورة الأنعام زيادة يزيد بن هارون عن العوام وصلها الإسماعيلي ورواية محمد بن عبيد وصلها المؤلف في التفسير بعد ورواية سهل بن يوسف وصلها المؤلف في أحاديث الأنبياء ورواية أبي عاصم عن عبد الحميد بن جعفر تقدم الكلام عليها في البيوع وأن أحمد رواه عنه سورة الأعراف رواية عبد الله بن براد عن أبي أسامة لم أقف عليها سورة الأنفال رواية معاذ عن شعبة لم أقف عليها سورة براءة رواية أحمد بن شبيب في أول الزكاة ورواية الليث حدثني عقيل في الناسخ والمنسوخ لأبي داود ومتابعة عثمان ابن عمر رواها أحمد وإسحاق في مسنديهما عنه ورواية الليث عن يونس وصلها المؤلف في فضائل القرآن ورواية الليث عن عبد الرحمن بن خالد وصلها البغوي في معجمه ورواية موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد وصلها المؤلف في التوحيد ورواية يعقوب بن إبراهيم عن أبيه وصلها أبو يعلى وابن أبي داود في المصاحف ورواية أبي ثابت وصلها المؤلف في الأحكام سورة هود رواية شيبان عن قتادة حدثنا صفوان تأتي في التوحيد سورة يوسف متابعة أبي أسامة وصلها المؤلف في أحاديث الأنبياء سورة الإسراء رواية يعقوب عن ابن أخي بن شهاب في الزهريات ومن طريقه قاسم في الدلائل وقد رواها أحمد بن يعقوب عن أبيه فليعقوب فيه إسنادان زيادة الأشجعي رويناه في تفسير الثوري روايته عنه سورة مريم رواية الثوري عن الأعمش وصلها المؤلف بعد باب ورواية شعبة وصلها بعد بابين ورواية حفص وهو بن غياث وصلها في الإجارة ورواية أبي معاوية أخرجها أحمد ومسلم والترمذي والنسائي ورواية وكيع وصلها المؤلف مع حديث شعبة وزيادة الأشجعي رويناها في تفسير الثوري روايته عنه سورة الحج رواية أبي أسامة عن الأعمش وصلها المؤلف في أحاديث الأنبياء ورواية جرير وصلها في الرقاق ورواية عيسى بن يونس أخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده عنه ورواية أبي معاوية وصلها مسلم والطبراني ورواية سفيان عن أبي هاشم وصلها المؤلف في المغازي سورة النور رواية أبي أسامة في قصة الإفك أخرجها أحمد بن حنبل في مسنده عنه ورواية أحمد بن شبيب عن أبيه وصلها بن مردويه في تفسيره سورة الشعراء رواية إبراهيم بن طهمان وصلها النسائي في التفسير من طريقه ومتابعة أصبغ مضت في الوصايا سورة السجدة رواية أبي معاوية وصلها أبو عبيد في فضائل القرآن له عنه ومسلم وابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عنه سورة الأحزاب متابعة موسى بن أعين عن معمر أخرجها النسائي ورواية عبد الرزاق أخرجها أحمد عنه ورواية الليث عن يونس في الزهريات وكذا رواية أبي سفيان المعمري ومتابعة عباد بن عباد رواها أبو بكر بن مردويه في تفسيره ورويناها في فوائد يحيى بن معين رواية أبي بكر بن علي المروزي عنه رواية بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب تأتي في النكاح رواية أبي صالح عن الليث وصلها بن مردويه

(1/54)


في تفسيره سورة حم السجدة رواية المنهال بن عمرو وصلها البخاري في طريق أبي ذر في آخر المتن فقال حدثنيه يوسف بن عدي ورويناها موصولة في المصافحة للبرقاني وفي المعجم الكبير للطبراني سورة النجم رواية عبد الرحمن بن خالد بن مسافر في الزهريات ورواية معمر أخرجها أحمد في مسنده عنه ومتابعة إبراهيم بن طهمان وصلها الإسماعيلي ورواية بن علية المرسلة لم أرها. سورة الرحمن عز وجل قول أبي الدرداء في قوله: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} رويناه مرفوعا في صحيح بن حبان وغيره من حديثه سورة الممتحنة متابعة يونس تأتي في الطلاق ومتابعة معمر أسندها المؤلف في الأحكام ومتابعة عبد الرحمن بن إسحاق وصلها بن مردويه في تفسير ورواية إسحاق بن راشد في الزهريات للذهلى ومتابعة عبد الرزاق عن معمر في حديث عبادة وصلها مسلم سورة المنافقين رواية بن أبي زائدة عن الأعمش وصلها النسائي سورة الطلاق رواية سليمان ابن حرب وصلها الطبراني في الكبير ورواية أبي النعمان وصلها أبو نعيم في المستخرج والبيهقي من طريق يعقوب بن سفيان سورة المدثر قوله: "حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وغيره قالا حدثنا حرب بن شداد مثل حديث على بن المبارك الغير المبهم هو أبو داود الطيالسي كذلك رويناه في مستخرج أبي نعيم من طريق أبي عروبة الحراني عن محمد بن بشار بندار عن عبد الرحمن بن مهدي وأبي داود قالا حدثنا حرب ورواية على بن المبارك التي أشار إليها رويناها في صحيح مسلم وفي كتاب الأوائل لأبي عروبة من طريق عثمان ابن عمر عنه ووقع لنا بعلو في الغيلانيات من حديث عثمان ابن عمر سورة المرسلات قوله: "وسئل بن عباس عن قوله: "لا ينطقون يشير إلي الحديث الذي تقدم في تفسير حم فصلت من طريق المنهال بن عمرو ومتابعة أسود بن عامر عن إسرائيل وصلها أحمد عنه وأحاديث حفص وأبي معاوية وسليمان ابن قرم تقدمت في بدء الخلق ورواية يحيى بن حماد عن أبي عوانة وصلها الطبراني في الكبير ورواية بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود وصلها أحمد وابن مردويه سورة والشمس وضحاها رواية أبي معاوية وصلها إسحاق بن راهويه عنه باللفظ الذي علقه البخاري سورة اقرأ رواية الليث عن عقيل عن الزهري وصلها المؤلف في تفسير هذه السورة أيضا ومتابعة عمرو بن خالد وصلها على بن عبد العزيز البغوي في منتخب المسند له عنه سورة الكوثر رواية أبي الأحوص وصلها أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه عنه ورواية مطرف وصلها النسائي في تفسيره والبيهقي في البعث والنشور ورواية زكريا لم أقف عليها.

(1/55)


"فضائل القرآن"
رواية مسدد عن يحيى في مسنده رواية معاذ بن المثنى عنه رواية مسروق عن عائشة عن فاطمة موصولة عنده في علامات النبوة متابعة الفضيل عن حسين بن واقد رواها إسحاق بن راهويه في مسنده عنه ورواية أبي معمر عن عبد الوارث وصلها الإسماعيلي ورواية عثمان ابن الهيثم في آية الكرسي تقدم ذكرها في الوكالة ورواية عمرة عن عائشة في فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وصلها المؤلف في التوحيد وزيادة أبي معمر القطيعي عن إسماعيل بن جعفر أخرجها أبو يعلى في مسنده عنه والنسائي في عمل يوم وليلة باب نزول السكينة رواية الليث عن يزيد بن الهاد وصلها أبو نعيم في مستخرجيه معا باب استذكار القرآن متابعة بشر بن محمد عن ابن المبارك لم أقف عليها ومتابعة بن جريج وصلها مسلم باب نسيان القرآن متابعة على بن مسهر وصلها المؤلف بعد قليل ومتابعة عبدة بن سليمان وصلها المؤلف في الدعوات باب اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم متابعة

(1/55)


الحارث بن عبيد عن أبي عمران وصلها الدارمي في مسنده ومتابعة سعيد بن زيد وصلها الحسن بن سفيان ورواية أبان وصلها مسلم ورواية حماد بن سلمة لم أرها ورواية غندر وصلها الإسماعيلي ورواية بن عون وصلها أبو عبيد في فضائل القرآن له عن معاذ بن معاذ عنه

(1/56)


"كتاب النكاح"
باب تزويج المعسر فيه سهل بن سعد وصله المؤلف في باب عرض المرأة نفسها باب قول الرجل لأخيه انظر أي زوجتي شئت رواية عبد الرحمن بن عوف وصلها في الهجرة إلي المدينة باب ما يكره من التبتل والخصاء رواية أصبغ عن ابن وهب وصلها الإسماعيلي والجوزقي باب تزويج الأبكار رواية بن أبي ملكية وصلها المؤلف في تفسير سورة النور باب تزويج الثيبات حديث أم حبيبة وصله المؤلف بعد أبواب باب اتخاذ السراري رواية أبي بكر وهو بن عياش عن أبي حصين أخرجها أحمد بن حنبل في مسنده ووقعت لنا بعلو في مسند الطيالسي وذكر أبو نعيم أن أبا بكر المذكور تفرد به باب قوله: عز وجل {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} رواية بشر بن عمر وصلها مسلم قوله: "ودفع النبي صلى الله عليه وسلم ربيبة له إلى من يكفلها أشار به إلى حديث أم سلمة في قصة تزويجها النبي صلى الله عليه وسلم وتشاغلها برضاعة بنتها زينب لما أراد أن يدخل عليها حتى جاء عمار بن ياسر فأخدها عنده فأقر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقد أسند القصة بن سعد وأحمد والحاكم في المستدرك وروى البزار والحاكم من طريق فروة بن نوفل عن أبيه مقصود الترجمة قوله: "وسمي النبي صلى الله عليه وسلم بن ابنته ابنا هو الحسن والحديث في المناقب من طريق أبي بكرة ورواية الليث عن هشام في قوله: "درة بنت أبي سلمة لم أرها. باب لا تنكح المرأة على عمتها رواية داود عن الشعبي وقعت لنا بعلو في مسند الدارمي ورواها مسلم والترمذي ورواية بن عون رواها النسائي في السنن الكبرى والبيهقي باب هل للمرأة أن تهب نفسها رواية أبي سعيد المؤدب وصلها بن مردوية والبيهقي ورواية محمد بن بشر أخرجها أحمد في مسنده عنه ورواية عبدة وصلها مسلم وابن ماجة باب النهى عن نكاح المتعة رواية بن أبي ذئب وصلها الإسماعيلي والطبراني وحديث على موصول عند المؤلف في المغازي وغيرها باب من قال لا نكاح إلا بولي رواية يحيى بن سليمان عن ابن وهب لم أرها ووجدته بطوله من رواية أصبغ عن ابن وهب عند الدارقطني وكذا وصله أبو نعيم من رواية أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه باب إذا كان الولي هو الخاطب حديث سهل تقدمت الأشارة إليه أول النكاح باب تزويح الأب حديث عمر يأتي قريبا باب السلطان ولي لقول النبي صلى الله عليه وسلم زوجناكها هو طرف من حديث سهل باب تزويج اليتيمة فيه سهل تقدم ورواية الليث عن عقيل وصلها المؤلف في باب الأكفاء في المال باب تفسير ترك الخطبة متابعة يونس في عرض عمر حفصة وصلها الدارقطني في العلل ورواية موسى بن عقبة وابن أبي عتيق في الزهريات باب قول الله {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} حديث سهل تقدم وذكره بعد باب باب الشروط في النكاح حديث المسور وصله المؤلف في الخمس وغيره باب الصفرة للمتزوج حديث عبد الرحمن بن عوف وصله المؤلف في الهجرة باب الهدية للعروس رواية إبراهيم بن طهمان عن أبي عثمان لم أرها لكن وصلها مسلم من حديث جعفر بن سليمان عن أبي عثمان باب الوليمة حق حديث عبد الرحمن بن عوف في الهجرة باب حق إجابة الوليمة ولم يؤقت النبي صلى الله عليه وسلم يوما ولا يومين ذكر فيه حديث بن عمر وهو مطلق في الإجابة وقد ذكرنا ما فيه في

(1/56)


التخريج الكبير ومتابعة أبي عوانة عن أشعث وصلها المؤلف في الأشربة ومتابعة الشيباني عنه وصلها في الاستئذان باب المداراة مع النساء حديث إنما المرأة كالضلع وصله المؤلف دون قوله: "في أوله إنما فذكرها الإسماعيلي من الوجه الذي ذكره منه المؤلف باب حسن المعاشرة مع الأهل رواية سعيد بن سلمة عن هشام في قصة أم زرع وصلها مسلم ولم يسق لفظها وساقها أبو عوانة في صحيحه وأبو نعيم في المستخرج على مسلم قوله: "وقال بعضهم فأتقمح هي رواية أحمد بن جناب عن عيسى بن يونس عند أبي يعلى الموصلي ومن طريقه أبو نعيم في المستخرج على مسلم باب موعظة الرجل ابنته رواية عبيد بن حنين وصلها المؤلف في تفسير سورة التحريم باب لا تأذن المرأة لأحد في بيت زوجها إلا بإذنه رواية أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه وصلها أحمد والنسائي ووقعت لنا بعلو في جزء بن نجيد باب كفران العشير حديث أبي سعيد وصله في العيدين ومتابعة أيوب عن أبي رجاء وصلها النسائي والإسماعيلي ورواية سلم بن زرير وصلها المؤلف في صفة الجنة باب لزوجك عليك حق حديث أبي جحيفة وصله في الصيام باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في غير بيوتهن حديث معاوية بن حيدة وقع لنا بعلو في جزء البانياسي ووصله أبو داود والنسائي وأبو ذر الهروي في المستدرك باب إذا تزوج البكر رواية عبد الرزاق وصله مسلم باب الغيره رواية وراد عن المغيرة بن شعبة في غيرة سعد وصلها المؤلف في أواخر الحدود باب يقل الرجال حديث أبي موسى وصله في الزكاة باب طلب الولد متابعة عبيد الله عن وهب وصلها في البيوع والثقة المذكور في حديث مسدد عن هشيم هو شعبة قاله الإسماعيلي.

(1/57)


كتاب الطلاق
رواية أبي معمر عن عبد الوارث وصلها أبو ذر الهروي في روايته بلفظ حدثنا أبو معمر باب هل يواجه بالطلاق رواية حجاج بن أبي منيع رواها يعقوب بن سفيان في تاريخه ووقعت لنا بعلو في مشيخته ورواية الحسين بن الوليد عن ابن الغسيل وصلها أبو نعيم في المستخرج باب إذا قال فارقتك حديث عائشة وصله المؤلف بتمامه في التفسير باب من قال لامرأته أنت على حرام رواية الليث عن نافع وصلها مسلم ووقعت لنا بعلو في جزء أبي الجهم باب إذا قال لامرأته هذه أختي قصة إبراهيم وسارة مع الجبار وصلها المؤلف في الهبة وفي أحاديث الأنبياء من حديث أبي هريرة باب الطلاق في الاغلاق حديث الأعمال بالنية وصله المؤلف هكذا في العتق وحديث أبك جنون وصله في الحدود في قصة ماعز وحديث على في قصة حمزة وصله المؤلف في المغازي وحديث علي ألم تعلم أن القلم رفع وصله أبو داود وابن ماجة وابن حبان ووقع لنا بعلو في الجعديات باب الخلع رواية إبراهيم بن طهمان وصلها الإسماعيلي ورواية بن جريج عن عطاء بإرسالها أخرجها عبد الرزاق عنه وكذا رواية مجاهد المرسلة أخرجها عبد بن حميد في تفسيره ورواية إبراهيم بن المنذر رواها الذهلي في الزهريات عنه باب الإشارة في الطلاق حديث بن عمر وصله المؤلف في الجنائز وحديث كعب بن مالك وصله المؤلف في الملازمة وحديث أسماء في الكسوف وصله المؤلف في الصلاة وكذا حديث أنس في صلاة أبي بكر وحديث بن عباس وصله في العلم وحديث قتاة وصله في الحج في باب لا يشير المحرم إلى الصيد وحديث زينت بنت جحش وصله في أواخر أحاديث الأنبياء ورواية الأويسي عن إبراهيم بن سعد وصلها أبو نعيم في المستخرج ورواية الليث عن جعفر في الجبة تقدم في الزكاة باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت راجما بغير بينة

(1/57)


رواية أبي صالح عن الليث وقعت موصولة في رواية أبي ذر بلفظ قال لي أبو صالح ورواية عبد الله بن يوسف وصلها المؤلف في كتاب المحاربين باب والمطلقات يتربصن بأنفسهن زيادة بن أبى الزناد وصلها أبو داود وابن ماجة باب وبعولتهن أحق بردهن قوله: "وزاد فيه غيره عن الليث رواها مسلم عن محمد بن رمح ووقعت لنا بعلو في جزء أبي الجهم وقد ذكرناه قبل باب تلبس الحادة ثياب العصب رواية الأنصاري عن هشام وصلها البيهقي

(1/58)


"كتاب النفقات"
باب حفظ المرأة زوجها في ذات يده حديث معاوية في نساء قريش وصله أحمد والطبراني وحديث بن عباس وصله أيضا أحمد والطبراني وأبو يعلى باب المراضع رواية شعيب في قصة ثويبة وصلها المؤلف في النكاح.

(1/58)


"كتاب الأطعمة"
حديث أنس في التسمية وغيرها وصله مسلم وأبو نعيم في المستخرج وهو المشار إليه في أواخر النكاح من حديث الجعد بن أبي عثمان باب من تتبع حوالي القصعة حديث عمر بن أبي سلمة وصله المؤلف في باب تسمية الطعام باب الخبز المرقق رواية عمرو بن أبي عمرو وصلها المؤلف في باب الحيس باب المؤمن يأكل في معا واحد رواية بن بكير وهو يحيى وصلها أبو نعيم في المستخرج باب الأقط رواية عمرو بن أبي عمرو وصلها المؤلف في باب الحيس ورواية حميد وصلها المؤلف في باب الخبز المرقق باب ما كان السلف يدخرون حديث عائشة وصله المؤلف في الهجرة وكذا حديث أسماء وأسنده أيضا في الجهاد ورواية محمد بن كثير عن سفيان وصلها الطبراني ومتابعة محمد عن ابن عيينة أخرجها بن أبي عمر في مسنده عن سفيان ابن عيينة ورواية بن جريج عن عطاء وصلها في الحج باب من ناول رواية ثمامة عن أنس وصلها في باب من أضاف رجلا باب الرطب والتمر رواية محمد بن يوسف عن سفيان لم أرها باب ما يكره من الثوم والبقول حديث بن عمر وصله المؤلف في غزوة خيبر باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر حديث أبي هريرة وصله بن خزيمة وابن حبان وابن ماجة باب الرجل يدعى إلى الطعام رواية وهيب عن هشام وصلها الإسماعيلي ورواية يحيى بن سعيد أخرجها أحمد بن حنبل عنه بلفظه ووصلها المؤلف في الصلاة بلفظ آخر باب إذا حضر العشاء رواية الليث عن يونس في الزهريات

(1/58)


"كتاب العقيقة"
رواية حجاج وهو بن منهال عن حماد وصلها البيهقي ورواية غير واحد عن عاصم وهشام رواها النسائي وأحمد من رواية بن عيينة عن عاصم ورواها أبو داود والترمذي من رواية عبد الرزاق عن هشام ورواها بن ماجة من رواية عبد الله بن نمير عن هشام ورواها جماعة عن هشام عن حفصة بإسقاط الرباب كذا أخرجه الدارمي والحارث بن أبي أسامة وغيرهما ورواية يزيد بن إبراهيم عن محمد بن سيرين لم أرها وكذا رواية أصبغ عن ابن وهب.

(1/58)


"كتاب الذبائح والصيد"
باب الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة رواية عبد الأعلى عن داود وصلها أبو بكر بن أبي شيبة وأبو يعلى والإسماعيلي وغيرهم باب أكل الجراد رواية سفيان عن أبي يعفور وصلها الدارمي ورواية أبي عوانة عنه وصلها مسلم ورواية إسرائيل وصلها الطبراني باب ذبيحة المرأة

(1/58)


"كتاب الأضاحي"
باب سنة الأضحية رواية مطرف عن عامر وصلها المؤلف في العيدين باب أضحية النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "ويذكر بكبشين سمينين وصله أبو عوانة في صحيحه من حديث أنس وأحمد من حديث أبي رافع متابعة وهيب وصلها الإسماعيلي ورواية إسماعيل وهو بن علية وصلها المؤلف بعد قليل ورواية حاتم بن وردان وصلها مسلم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة ضح متابعة عبيدة وهو بن معتب عن الشعبي وإبراهيم لم أرها ومتابعة وكيع عن حريث وصلها أبو الشيخ في كتاب الأضاحي له ورواية عاصم وصلها أبو عوانة في صحيحه ورواية داود وصلها أحمد ومسلم ووقعت لنا بعلو في مسند الحارث ورواية زبيد وصلها المؤلف بعد بابين ورواية فراس وصلها المؤلف بعد ثلاثة أبواب ورواية أبي الأحوص وصلها المؤلف في العيدين ورواية بن عون وصلها المؤلف في الأيمان والنذور ورواية حاتم بن وردان تقدمت قريبا.

(1/59)


"كتاب الأشربة"
متابعة معمر عن الزهري وصلها المؤلف في أحاديث الأنبياء ومتابعة بن الهاد وصلها النسائي وأبو عوانة في صحيحة والطبراني في الأوسط وهو عندهم من رواية بن الهاد عن عبد الوهاب بن بخت عن الزهري وبهذا جزم الحاكم فلعل ذكر عبد الوهاب سقط سهوا ومتابعة عثمان وهو بن عمر بن موسى بن عبيد الله التيمي رواها تمام في فوائدة ووهم الحاكم فظن أنه عثمان ابن عمر بن فارس فقال إنما رواه عثمان ابن عمر عن يونس عن الزهري وتبعه المزي علي ذلك فوهم ورواية الزبيدي عن الزهري وصلها النسائي وابن حبان قوله: "وكان أبو هريرة يلحق معها الحنتم والنقير يشير إلى حديث رواه أحمد والنسائي وابن ماجة من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة بتمامه باب ما جاء أن الخمر ما خامر العقل رواية حجاج عن حماد وصلها علي بن عبد العزيز في منتخب المسند باب ما جاء فيمن يستحل الخمر رواية هشام بن عمار وصلها الحسن بن سفيان في مسنده والإسماعيلي والطبراني في الكبير وأبو نعيم من أربعة طرق وابن حبان في صحيحه وغيرهم باب الترخيص في الأوعية رواية خليفة لم أرها باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر رواية عمرو بن الحارث وصلها مسلم والبيهقي باب شرب اللبن رواية إبراهيم بن طهمان وصلها أبو عوانة في صحيحه والطبراني في الصغير ووقعت لنا

(1/59)


"كتاب المرضى والطب"
باب ما جاء في كفارة المرض رواية زكريا بن أبي زائدة عن سعد وهو بن إبراهيم وصلها مسلم باب فضل من ذهب بصره متابعة أشعث وصلها أحمد والطبراني في الأوسط ومتابعة أبي ظلال وصلها الترمذي وعبد بن حميد باب عيادة المشرك رواية سعيد بن المسيب عن أبية وصلها المؤلف في التفسير باب دعاء العائد للمريض رواية عائشة بنت سعد عن أبيها وصلها المؤلف في الطب مطولا ورواية عمرو بن أبي قيس رويناها بعلو في فوائد أبي بكر محمد بن العباس بن نجيح ورواية إبراهيم بن طهمان وصلها الإسماعيلي ورواية جرير عن منصور وصلها بن ماجة ورواية القمي وهو يعقوب عن ليث وصلها البزار ووقعت لنا بعلو في الغيلانيات وفي جزء بن بخيث باب الحجم في السفر حديث بن بحينة وصله المؤلف بعد أبواب باب الحجامة على الرأس رواية الأنصاري وصلها أحمد والإسماعيلي والبيهقي وأبو نعيم باب الحجم من الشقيقة رواية محمد بن سواء وصلها الإسماعيلي باب الإثمد حديث أم عطية وصله المؤلف في الطلاق باب الجذام رواية عفان لم أرها باب العذرة رواية يونس عن الزهري وصلها أحمد بن حنبل ورواية إسحاق بن راشد وصلها المؤلف بعد بابين باب دواء المبطون متابعة النضر بن شميل وصلها إسحاق بن راهويه في مسنده عنه باب لا صفر رواية الزهري عن أبي سلمة وسنان وصلها المؤلف بعد بابين باب ذات الجنب رواية عباد بن منصور وصلها أبو يعلى في مسنده باب أجر الصابر متابعة النضر عن داود بن أبي الفرات وصلها المؤلف في القدر باب الرقي بفاتحة الكتاب قوله: "ويذكر عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وصله المؤلف بعد باب وإنما لم يجزم به لذكره إياه بالمعني باب رقية العين متابعة عبد الله بن سالم عن الزبيدي وصلها الذهلي في الزهريات ورواية عقيل مع إرسالها وقعت لنا في جزء من رواية أبي الفضل بن طاهر الحافظ وأخرجها الحاكم في المستدرك موصوله باب السحر متابعة أبي أسامة وصلها المؤلف بعد باب ومتابعة أبي ضمرة وصلها في الدعوات ومتابعة بن أبي الزناد لم أرها ورواية الليث مضت في باب صفة إبليس ورواية بن عيينة وصلها المؤلف بعد باب باب السم رواية عروة عن عائشة تقدم الكلام عليها في أواخر المغازي باب ألبان الأتن رواية الليث عن يونس وصلها البغوي في الجعديات دون القصة التي فيه وروى أبو نعيم القصة والحديث معا في المستخرج من طريق أبي ضمرة عن يونس.

(1/60)


"كتاب اللباس "
حديث كلوا واشربوا والبسوا الحديث وصله النسائي وابن ماجة وأبو داود الطيالسي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده باب من جر ثوبه من الخيلاء متابعة يونس عن الزهري

(1/60)


"كتاب الأدب"
باب من أحق الناس بحسن الصحبة رواية بن شبرمة ويحيى بن أيوب وصلها المؤلف في الأدب المفرد وروى مسلم طريق بن شبرمة باب صلة المرأة أمها رواية الليث عن هشام رويناها بعلو في جزء أبي الجهم باب تبل الرحم زيادة عنبسة بن عبد الواحد وصلها المؤلف في بر الوالدين له خارج الجامع وفي الأدب المفرد والإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما باب من وصل رحمه في الشرك قوله: "ويقال أيضا عن أبي اليمان أتحنت يعني بالتاء المثناة هي رواية أبي زرعة الدمشقي عن أبي اليمان كذا أخرجها أبو نعيم في المستخرج ورواية معمر وصلها المؤلف في الصلاة ورواية صالح بن كيسان وصلها مسلم ووقعت لنا بعلو في الإيمان لابن منده ورواية بن مسافر وصلها الطبراني في الكبير ومتابعة هشام بن عروة وصلها المؤلف في العتق ورواية بن إسحاق في المغازي له باب رحمة الولد رواية ثابت عن أنس وصلها المؤلف في الجنائز باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه متابعة شبابة وصلها الإسماعيلي وأخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده عنه ومتابعة أسد بن موسى وصلها الطبراني في مكارم الأخلاق له ورواية حميد بن الأسود لم أرها ورواية عثمان ابن عمر وصلها أحمد في مسنده عنه ورواية شعيب بن إسحاق وأبي بكر بن عياش لم أرها باب طيب الكلام حديث أبي هريرة وصله المؤلف في الصلح من رواية همام بن منبه عنه باب حسن الخلق حديث بن عباس وصله المؤلف في بدء الوحي والصيام وحديث أبي ذر وصله في مناقب قريش باب قول الله تعالى لا يسخر قوم من قوم رواية الثوري عن هشام وصلها المؤلف في النكاح ورواية وهيب وصلها المؤلف في التفسير ورواية أبي معاوية تقدمت الإشارة إليها في التفسير باب ما ينهي من السباب واللعن متابعة غندر أخرجها أحمد في مسنده عنه باب ما يجوز من ذكر الناس حديث ذي اليدين تقدم في الصلاة باب ما يكره من التمادح رواية وهيب عن خالد وهو الحذاء وصلها المؤلف عن موسى عنه بعد باب من أثنى على أخيه حديث سعد وهو بن أبي وقاص وصله المؤلف في مناقب عبد الله بن سلام باب الكبر رواية محمد بن عيسى لم أقف عليها باب الهجران لمن عصى حديث كعب طرف من قصة توبته وقد مضى في المغازي باب هل يزور صاحبه كل يوم رواية الليث عن عقيل وصلها المؤلف في الهجرة من حديث طويل باب الزيارة قصة سلمان وأبي الدرداء وصلها المؤلف في الصيام من حديث أبي جحيفة باب الإخاء حديث أبي جحيفة سبق كما تري وحديث عبد الرحمن بن عوف وصله المؤلف في البيوع باب التبسم والضحك حديث فاطمة وصله في المناقب وحديث بن عباس وصله في الجنائز ورواية الحميدي تقدم في المغازي الكلام عليها باب من أكفر أخاه رواية عكرمة بن عمار وصلها أبو نعيم في المستخرج باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا قول عمر لحاطب وصله المؤلف في المغازي من حديث على عنه باب ما يجوز من الغضب رواية المكي بن إبراهيم أخرجها أحمد في مسنده عنه ووقعت لنا بعلو في مسند الدارمي عنه أيضا قوله: "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يسروا ولا تعسروا وكان يحب التخفيف والتيسير على الناس أما حديث يسروا فوصله في الباب وأما حديث كان يحب التخفيف فأشار به إلي حديث وصله في الصلاة في باب ما يصلي بعد

(1/62)


العصر من حديث عائشة بلفظ كان يحب ما خفف عنهم وعنده في الأدب من حديث أبي برزة أنه رأى من تيسير النبي صلى الله عليه وسلم رواية الليث عن يونس في قصة الأعرابي وصلها الذهلي باب المداراة رواية حماد بن زيد عن أيوب وصلها المؤلف في الخمس ورواية حاتم بن وردان وصلها في الشهادات باب قول الضيف لصاحبه لا آكل حديث أبي جحيفة وصله قبل ببابين باب إكرام الكبير رواية الليث عن يحيى وهو بن سعيد وصلها مسلم والترمذي والنسائي ورواية بن عيينة وصلها مسلم والنسائي ووقعت لنا بعلو في الزيادات باب هجاء المشركين متابعة عقيل وصلها الطبراني في الكبير ورواية الزبيدي وصلها المؤلف في التاريخ الصغير والطبراني أيضا باب ما جاء في قول الرجل ويلك متابعة يونس عن الزهري وصلها البيهقي ورواية عبد الرحمن بن خالد وصلها الذهلي ورواية النضر بن شميل عن شعبة وصلها إسحاق بن راهويه عنه فيما أحسب ورواية عمر بن محمد وصلها المؤلف في المغازي ورواية شعبة عن قتادة باختصارها وصلها مسلم وأحمد باب علامة حب الله تعالى متابعة جرير بن حازم وصلها أبو نعيم في كتاب المحبين ومتابعة أبي عوانة وصلها أبو عوانة في صحيحه ومتابعة سليمان ابن قرم وصلها مسلم في صحيحه ورواية أبي معاوية ومحمد بن عبيد قاله مسلم في صحيحه والحسن بن سفيان في مسنده حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير أخبرنا أبو معاوية ومحمد بن عبيد جميعا به ووقع لنا حديث محمد بن عبيد بعلو في فوائد النجاد باب قول الرجل مرحبا حديث عائشة وصله المؤلف في علامات النبوة وحديث أم هاني وصله المؤلف في الصلاة وغيرها من حديثها باب لا تقل خبثت نفسي متابعة عقيل وصلها الطبراني في الكبير وسمويه في فوائده باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إنما الكرم قلب المؤمن وصله في الباب وحديث إنما المفلس وصله المؤلف في الرقاق وحديث إنما الصرعة وصله المؤلف بلفظ إنما الشديد من يملك نفسه ووصله باللفظ المذكور وحديث لا ملك إلا الله وصله مسلم ووقع لنا بعلو في صحيفة همام وأصل الحديث عند المؤلف دون الزيادة باب قول الرجل فداك أبي وأمي حديث الزبير وصله المؤلف في المناقب باب قول الرجل جعلني الله فداك قول أبي بكر وصله المؤلف في الهجرة من حديث أبي سعيد باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سموا باسمي قاله أنس سيأتي في باب من سمى بأسماء الأنبياء حديث أنس تقدم في الجنائز وحديثة في تسموا باسمي وصله في البيوع وحديث أبي بكرة في الكسوف باب من دعا صاحبه رواية أبي حازم عن أبي هريرة وصلها المؤلف في الأطعمة باب كنية المشرك حديث المسور وصله في النكاح باب المعاريض رواية إسحاق عن أنس وصلها في الجنائز باب قوله: "للشيء ليس بشيء حديث بن عباس وصله في الطهارة والجنائز وغير موضع باب رفع البصر إلى السماء رواية أيوب عن ابن أبي مليكة وصلها المؤلف في أواخر المغازي وأخرجها بن حبان بلفظ الذي علقه المؤلف باب التكبير رواية بن أبي ثور وصلها المؤلف في العلم وغيره.

(1/63)


"كتاب الاستئذان"
باب يسلم الصغير على الكبير رواية إبراهيم بن طهمان وصلها المؤلف في الأدب المفرد باب التسليم ثلاثا رواية بن المبارك عن ابن عيينة وصلها أبو نعيم في المستخرج باب إذا دعي رواية سعيد عن قتادة وصلها في الأدب المفرد وأبو داود باب تسليم الرجال على النساء متابعة شعيب عن الزهري وصلها المؤلف في الرقاق ورواية يونس وصلها في فضل عائشة ورواية النعمان بن راشد وصلها الطبراني في الكبير

(1/63)


ووقعت لنا بعلو في جزء هلال الحفار باب من رد حديث عائشة سبق كما ترى وحديث رد الملائكة على آدم وصله المؤلف في أول كتاب الاستئذان من رواية همام عن أبي هريرة ورواية أبي أسامة عن عبيد الله وصلها في الإيمان والنذور باب بمن يبدأ في الكتاب رواية الليث عن جعفر تقدمت في البيوع ورواية عمر بن أبي سلمة وصلها أبو نعيم في المستخرج ووقعت لنا بعلو في فوائد بن السماك وفي ثالث المخلص باب قوله: "قوموا إلى سيدكم" قوله: "أفهمنى بعض أصحابي عن أبي الوليد بعضه وقع لنا الحديث تاما من رواية محمد بن سعد كاتب الواقدي عن أبي الوليد أخرجه في الطبقات ووقع لنا أيضا من رواية محمد بن أيوب بن الضريس عن أبي الوليد أخرجه البيهقي في شعب الإيمان باب المصافحة حديث بن مسعود وصله المؤلف بعد باب وحديث كعب بن مالك مختصر من قصة توبته وهو في المغازي وغيرها باب من أجاب بلبيك رواية أبي شهاب وصلها المؤلف في الاستقراض ورواية أبي صالح عن أبي الدرداء تأتي في الرقاق باب من اتكأ بين يدي أصحابه حديث خبات وصله المؤلف في علامات النبوة باب الجلوس كيفما تيسر رواية معمر وصلها المؤلف في البيوع ورواية محمد بن أبي حفصة وعبد الله بن بديل وصلهما الذهلي في الزهريات باب الختان بعد الكبر رواية بن إدريس عن أبيه وصلها الإسماعيلي باب ما جاء في البناء حديث أبي هريرة وصله المؤلف في الإيمان في حديث.

(1/64)


"كتاب الدعوات"
رواية معتمر عن أبيه وصلها مسلم باب التوبة متابعة أبي عوانة وصلها أبو نعيم في المستخرج ومتابعة جرير وصلها مسلم ورواية أبي أسامة وصلها مسلم ورواية شعبة وأبي مسلم قائد الأعمش واسمه عبيد الله بن عبد القدوس لم أرهما ورواية أبي معاوية أخرجها أحمد وإسحاق في مسنديهما عنه باب بلا ترجمة متابعة أبي ضمرة وصلها البخاري في الأدب المفرد ومتابعة إسماعيل بن زكريا وصلها الطبراني في الأوسط ورواية يحيى وهو القطان أخرجها الإمام أحمد عنه والنسائي في اليوم والليلة ووقعت لنا بعلو في السابع من حديث المزكي ورواية بشر بن المفضل أخرجها مسدد في مسنده عنه ورواية مالك وصلها المؤلف في التوحيد ورواية بن عجلان أخرجها أحمد والترمذي والنسائي باب الدعاء في الصلاة رواية عمرو وهو بن الحارث وصلها المؤلف في التوحيد باب الدعاء بعد الصلاة متابعة عبيد الله بن عمر عن سمي وصلها المؤلف في الصلاة ورواية بن عجلان عن سمي ورجاء وصلها مسلم والطبراني في الأوسط ورواية جرير عن عبد العزيز بن رفيع وصلها الإسماعيلي والنسائي ورواية سهيل عن أبيه وصلها مسلم والنسائي ورواية شعبة عن منصور وصلها أحمد باب قول الله تعالى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} حديث أبي موسى وصله المؤلف في المغازي باب رفع الأيدي حديث أبي موسى هو في الذي قبله وحديث بن عمر وصله المؤلف في غزوة الفتح ورواية الأويسي وصلها أبو نعيم في المستخرج باب الدعاء عند الكرب رواية وهب بن جرير بن حازم عن شعبة لم أرها باب الدعاء للصبيان حديث أبي موسى وصله المؤلف في العقيقة وفي الأدب باب الدعاء إذا هبط واديا حديث جابر وصله المؤلف في الجهاد وكذا حديث يحيى بن أبي إسحاق عن أنس باب الدعاء للمتزوج رواية بن عيينة وصلها المؤلف في المغازي ورواية محمد بن مسلم لم أرها باب تكرير الدعاء زيادة عيسى بن يونس وصلها المؤلف في الطب ورواية الليث بن سعد تقدمت في صفة إبليس باب الدعاء على المشركين حديث بن مسعود وصله المؤلف في

(1/64)


الصلاة في الاستسقاء وحديث بن عمر وصله المؤلف في المغازي باب قول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لي رواية عبيد الله بن معاذ أخرجها مسلم عنه باب فضل التهليل رواية إبراهيم بن يوسف لم أرها ورواية موسى بن إسماعيل أخرجها بن أبي خيثمة في تاريخه عنه ورواية إسماعيل وهو بن أبي خالد عن الشعبي وصلها الحسين بن الحسن المروزي في زيادات الزهد لابن المبارك ورواية آدم لم أرها وكأنها في نسخته المعروفة ورواية الأعمش وصلها النسائي في الكبرى ورواية حصين وصلها النسائي ووقعت لنا بعلو في الدعاد لمحمد بن فضيل ورواية أبي محمد الحضرمي عن أبي أيوب وصلها أحمد والطبراني في الكبير ووقعت لنا بعلو في أمالي المحاملي باب فضل ذكر الله رواية شعبة وصلها أحمد والإسماعيلي ورواية سهيل عن أبيه وصلها أحمد وأبو داود الطيالسي ووقعت لنا بعلو في الأربعين للثقفي.

(1/65)


"كتاب الرقاق"
رواية العباس العنبري أخرجها بن ماجة عنه باب من بلغ ستين متابعة أبي حازم وصلها الإسماعيلي وابن منده في التوحيد ومتابعة بن عجلان وصلها أحمد والبيهقي ووقعت لنا بعلو في فوائد الفاكهي ورواية الليث عن يونس وصلها الإسماعيلي ورواية بن وهب وصلها مسلم ورواية شعبة من قتادة وصلها مسلم ووقعت لنا بعلو في أمالي الحرقي باب العمل الذي يبتغي به وجه الله حديث سعد وهو بن أبي وقاص وصله المؤلف في الفرائض وغيرها باب المكثرون وهم المقلون رواية النضر بن شميل وصلها الإسماعيلي وابن منده في الإيمان وابن حبان في صحيحه وحديث عطاء بن يسار عن أبي الدرداء وصله البيهقي في البعث والنشور باب ما أحب أن لي أحدا ذهبا رواية الليث عن يونس في الزهريات باب الغني غنى النفس متابعة أيوب مضت في النكاح ومتابعة عرف وصلها المؤلف في النكاح أيضا ورواية صخر وحماد وصلهما النسائي وابن منده في الإيمان ووقع لنا حديث صخر عاليا في الجعديات باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "حدثني أبو نعيم بنحو من نصف هذا الحديث قد وصله النسائي والحاكم في المستدرك وأبو نعيم في الحيلة بتمامه باب القصد والمداومة على العمل رواية عفان أخرجها أحمد في مسنده عنه باب فضل الخوف من الله تعالى رواية معاذ عن شعبة تقدم في أحاديث الأنبياء الكلام عليه باب العزلة راحة من خلاط السوء رواية محمد بن يوسف وصلها مسلم والأسماعيلي وابن منده في الإيمان ومتابعة الزبيدي وصلها مسلم ومتابعة سليمان ابن كثير وصلها أبو داود ومتابعة النعمان بن راشد وصلها أحمد بن حنبل ورواية معمر وصلها أحمد ومسلم ووقعت لنا بعلو في مسند عبد بن حميد ورواية يونس في الزهريات للذهلي وكذا رواية بن مسافر ويحيى بن سعيد باب قول النبي صلى الله عليه وسلم بعثت أنا والساعة كهاتين متابعة إسرائيل عن أبي حصين وصلها الإسماعيلي باب من أحب لقاء الله رواية أبي داود وهو الطيالسي هي في مسنده ووصلها الترمذي ورواية عمر بن مرزوق وصلها الطبراني في الكبير ورواية سعيد عن قتادة وصلها مسلم والترمذي والنسائي ووقعت لنا بعلو في البعث لابن أبي داود باب نفخ الصور حديث أبي سعيد وصله المؤلف في التفسير باب يقبض الله الأرض رواية نافع عن ابن عمر وصلها المؤلف في التوحيد وستأتي باب من نوقش الحساب عذب متابعة بن جريج ومحمد بن سليم وصلهما معا أبو عوانة في صحيحه ومتابعة أيوب وصلها المؤلف في التفسير ورواية صالح بن رستم وصلها إسحاق بن راهويه

(1/65)


في مسنده وأبو عوانة في صحيحه ووقعت لنا بعلو في المحامليات باب صفة الجنة والنار حديث أبي سعيد وصله المؤلف في التوحيد ورواية إسحاق بن إبراهيم عن المغيرة بن سلمة وصلها أبو نعيم في المستخرج على مسلم من طريق إسحاق بن راهويه في مسنده باب الحوض حديث عبد الله بن زيد وصله المؤلف في المناقب متابعة عاصم عن أبي وائل وصلها الحارث بن أبي أسامة في مسنده ورواية حصين وصلها مسلم ورواية أحمد بن شبيب عن أبيه وصلها أبو عوانة في صحيحه والإسماعيلي ورواية شعيب وعقيل في الزهريات للذهلي ورواية الزبيدي وصلها الذهلي أيضا والدارقطني في الأفراد وزيادة بن أبي عدي عن شعبة وصلها مسلم.

(1/66)


"كتاب القدر"
رواية آدم عن شعبة وصلها المؤلف في التوحيد باب جف القلم حديث أبي هريرة تقدم في أوائل النكاح باب رواية شبابة وصلها الطبراني في الأوسط باب لا مانع لما أعطى الله رواية بن جريج عن عبدة وصلها أحمد عن عبد الرزاق عنه ووقعت لنا بعلو في مستخرج أبي نعيم على مسلم

(1/66)


"كتاب الأيمان والنذور"
حديث سعد وصله المؤلف في كتاب الإيمان في أوائل الكتاب وحديث أبي قتادة وصله في الجهاد في كتاب الخمس ورواية شعبة وصلها في المناقب ورواية إسرائيل وصلها في اللباس باب لا تحلفوا بآبائكم متابعة عقيل وصلها أبو نعيم في المستخرج على مسلم ومتابعة الزبيدي وصلها النسائي ومتابعة إسحاق الكلبي وقعت لنا في نسخته رواية يحيى بن صالح الوحاظي عنه من طريق أبي بكر بن شاذان ورواية بن عيينة رواها الحميدي في مسنده عنه ورواية معمر أخرجها أحمد عن عبد الرزاق عنه واختلف فيه على معمر ورواية أحمد هذه هي الراجحة باب لا يقول ما شاء الله وشئت رواية عمرو بن عاصم وصلها المؤلف في ذكر بني إسرائيل باب وأقسموا بالله جهد أيمانهم حديث بن عباس في قول أبي بكر وصله المؤلف في التعبير باب الحلف بعزة الله حديث بن عباس وصلها المؤلف في التوحيد وحديث أبى هريرة وصله المؤلف في الرقاق وقول أيوب عليه السلام وصله المؤلف في أحاديث الأنبياء عليهم السلام من حديث أبي هريرة ورواية شعبة عن قتادة وصلها المؤلف في التفسير باب إذا قال والله لا أتكلم اليوم حديث أفضل الكلام أربع وصله بن حبان في صحيحه من حديث سمرة بن جندب وأخرج أصله مسلم والنسائي ورواه بن حبان والنسائي من طريق أبي صالح عن أبي هريرة ورواه النسائي وجعفر الفريابي من طريق أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد جميعا ورواه أحمد بن حنبل من طريق أبي صالح عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أبي سفيان تقدم في أوائل الكتاب باب إذا حنث ناسيا في اليمين رواية أيوب عن ابن سيرين وصلها المؤلف في الأضاحي باب إذا حلف أن لا يأتدم رواية بن كثير عن سفيان وصلها البيهقي باب إذا حرم طعامه رواية إبراهيم بن موسى عن هشام وصلها المؤلف في التفسير باب منذر فيما لا يملك رواية الفزاري عن حميد وصلها المؤلف في الحج ورواية عبد الوهاب عن أيوب على إرسالها لم أرها وحديث بن عمر وصله في البيوع وحديث أبي طلحة وصله في الوكالة باب الكفارة قبل الحنث متابعة حماد بن زيد في التوجد ومتابعة أشهل بن حاتم عن ابن عون وصلها أبو عوانة في صحيحه والحاكم ومتابعة يونس وصلها المؤلف في الأحكام ومتابعة سماك بن عطية وصلها مسلم ومتابعة سماك بن حرب وصلها الطبراني في الكبير ومتابعة حميد وصلها البزار والطبراني ومتابعة قتادة وصلها مسلم والنسائي

(1/66)


"كتاب الفرائض"
باب الولاء قول بن عباس في قصة بريرة رأيته يعني زوجها عبدا وصله المؤلف في الطلاق باب إذا أسلم على يديه رجل حديث الولاء لمن أعتق وصله المؤلف في الشروط من حديث عائشة وحديث تميم الداري وصله أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجة والطبراني وابن أبي عاصم والدارمي والنجاد وآخرون.

(1/68)


"كتاب الحدود"
باب قول الله تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} متابعة عبد الرحمن بن خالد في الزهريات للذهلي ورواية بن أخي الزهري وصلها أبو عوانة في صحيحه ورواية معمر وصلها أحمد عن عبد الرزاق عنه وأخرجها أبو عوانة في صحيحه من طريق سعيد بن أبي عروبة عن معمر وقال قال سعيد نبأنا معمرا فرويناه عنه وهو شاب ورواية وكيع وابن إدريس على الإرسال وصلها البيهقي وأخرج بن أبي شيبة حديث وكيع في مصنفه ومتابعة بن إسحاق وصلها الإسماعيلي ورواية الليث عن نافع وصلها مسلم باب لا يرجم المجنون والمجنونة قول علي لعمر مضى في الطلاق باب الرجم بالمصلي رواية يونس وصلها المؤلف قبل ثلاثة أبواب ورواية بن جريح وصلها مسلم ووقعت لنا بعلو في مستخرج أبي نعيم عليه باب من أصاب ذنبا دون الحد رواية أبي عثمان عن ابن مسعود وصلها المؤلف في الصلاة وفي التفسير ورواية الليث عن عمرو بن الحارث وصلها البخاري في التاريخ والإسماعيلي والطبراني في الأوسط باب لا يثرب على الأمة إذا زنت متابعة إسماعيل بن أمية وصلها النسائي باب أحكام أهل الذمة متابعة على بن مسهر وصلها مسلم ومتابعة خالد وصلها المؤلف في باب رجم المحصن ومتابعة المحاربي لم أجدها ومتابعة عبيدة وصلها الإسماعيلي قوله: "وقال بعضهم بعد سورة المائدة هذه رواية أحمد بن منيع في مسنده عن عبيدة بن حميد عن أبي إسحاق باب من أدب أهله حديث أبي سعيد وصله المؤلف في الصلاة باب كم التعزير متابعة شعيب وصلها المؤلف في الصيام ومتابعة يحيى بن سعيد وصلها الذهلي في الزهريات ومتابعة يونس وصلها مسلم ومتابعة عبد الرحمن بن خالد ستأتي في الأحكام

(1/67)


"كتاب الديات والمحاربين"
رواية حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير وصلها البزار والطبراني والدارقطني في الأفراد باب قول الله ومن أحياها حديث أبي بكرة وصله المؤلف في الحج وغيره وحديث بن عباس وصله أيضا في الحج والفتن وحديث أبي موسى وصله المؤلف في الفتن باب من قتل له قتيل رواية عبد الله بن رجاء وصلها البيهقي ومتابعة عبيد الله بن موسى وصلها مسلم قوله: "وقال بعضهم عن أبي نعيم القتل يعني بالقاف والتاء المثناة من فوق أراد به محمد بن يحيى الذهلي هكذا أخرجه الجوزقي من طريقه باب القصاص بين الرجال والنساء قوله: "وجرحت أخت الربيع إنسانا يشير إلي حديث أخرجه مسلم من حديث حماد بن سلمة

(1/67)


"كتاب الإكراه وترك الحيل"
حديث الأعمال بالنية مضى القول فيه في الطلاق باب يمين الرجل حديث المسلم أخو المسلم وصله المؤلف في الباب وحديث قال إبراهيم لامرأته هذه أختي وصله في المظالم وغيرها باب إذا غصب جارية حديث أموالكم عليكم حرام وصله المؤلف في الإيمان والحج وحديث لكل غادر لواء وصله في الباب باب احتيال العامل حديث بيع المسلم لا داء ولا خبثه تقدم الكلام عليه في البيوع من حديث العداء بن خالد.

(1/68)


"كتاب التعبير"
باب الرؤيا الصالحة رواية ثابت وصلها مسلم ورواية حميد وصلها أحمد ورواية إسحاق بن عبد الله وصلها المؤلف بعد باب ورواية شعيب بن الحبحاب وصلها بن منده في كتاب الروح له ووقعت لنا بعلو في الرابع من حديث أبي جعفر الرزاز باب من رأى النبي صلى الله عليه وسلم متابعة يونس وابن أخي الزهري عن الزهري وصلها مسلم باب رؤيا الليل حديث سمرة وصله بعد قليل بطوله ومتابعة سليمان ابن كثير عن الزهري وصلها مسلم ووقعت لنا بعلو في مسند الدارمي ومتابعة بن أخي الزهري عنه في الزهريات للذهلي ومتابعة سفيان ابن حسين وصلها أحمد في مسنده ورواية الزبيدي وصلها مسلم ورواية شعيب وإسحاق بن يحيى في الزهريات ورواية معمر وصلها مسلم وأخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده مبينا باب القيد في النوم رواية قتادة وصلها مسلم ورواية يونس وصلها البزار ورواية هشام وصلها أحمد وإسحاق في مسنديهما ومسلم ووقعت لنا بعلو في أمالي أبي بكر النجاد ورواية أبي هلال لم أرها وقد بينت موضع الإدراج فيه في كتابي في المدرج باب نزع الماء من البئر حديث أبي هريرة وصله المؤلف في الباب الذي يليه باب من كذب في حلمه رواية قتيبة عن أبي عوانة وقعت لنا في نسخة قتيبة رواية النسائي عنه ورواية شعبة وصلها الإسماعيلي ومتابعة هشام عن عكرمة الموقوفة لم أرها.

(1/68)


"كتاب الفتن"
حديث عبد الله بن زيد وصله المؤلف في المغازي وحديث سترون بعدي أمورا تنكرونها وصله المؤلف في الباب بعده باب ظهور الفتن رواية شعيب وصلها المؤلف في الأدب ورواية يونس وصلها مسلم ورواية الليث وصلها الطبراني في الأوسط ورواية بن أخي الزهيري وصلها الطبراني في الأوسط أيضا ورواية أبي عوانة عن عاصم لم أرها باب إذا التقي المسلمان بسيفيهما رواية مؤمل وهو بن إسماعيل عن حماد بن زيد وصلها أحمد في مسنده ورواية معمر وصلها مسلم والنسائي والإسماعيلي ورواية بكار بن عبد العزيز وصلها الطبراني في الكبير ورواية غندر أخرجها أحمد عنه ومسلم ورواية سفيان الموقوفة عن منصور وصلها النسائي باب من كره أن يكثر سواد الفتن رواية الليث عن أبي الأسود تقدمت في سورة النساء باب

(1/68)


"كتاب الأحكام"
باب الأمراء من قريش متابعة نعيم بن حماد وصلها الطبراني باب ما يكره من الحرص على الإمارة رواية محمد بن بشار لم أرها حديث خذي ما يكفيك وصله المؤلف بهذا اللفظ في كتاب النفقات باب الشهادة على الخط قوله: "وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل خيبر أشار بهذا إلى حديث سهل بن أبي حثمة في قصة محيصة وقد وصله المؤلف في باب كتاب الحاكم إلي عماله باب من حكم في المسجد رواية يونس وابن جريج تقدما في الحدود ورواية معمر وصلها المؤلف فيه باب الشهادة تكون عند الحاكم قول عمر في الرجم وصله المؤلف في حديث السقيفة وقصة ماعز وصلها المؤلف في الحدود ورواية عبد الله عن الليث في قصة أبي قتادة وقع في رواية أبي ذر عن الكشميهني قال لي عبد الله وهو بن صالح قوله: "وقد كره النبي صلى الله عليه وسلم الظن وقال إنما هذه صفية أشار بهذا إلي الحديث الآتي ورواية شعيب وصلها المؤلف في الأدب ورواية بن مسافر في الخمس ورواية بن أبي عتيق في الاعتكاف ورواية إسحاق الكلبي في الزهريات للذهلي باب أمر الوالي رواية النضر ووكيع تقدما في المغازي ورواية أبي داود وهو الطيالسي وقعت لنا في مسنده رواية يونس بن حبيب عنه ورواية يزيد بن هارون وصلها أبو عوانة في صحيحه والبيهقي باب بيع الإمام علي الناس قوله: "وقد باع النبي صلى الله عليه وسلم مدبرا من نعيم بن النحام أشار به إلى حديث جابر في هذه القصة وقد وصله في البيوع باب هدايا العمال زيادة هشام بن عروة تقدمت في الجمعة باب ترجمة الحكام رواية خارجة بن زيد عن أبيه وصلها البخاري في التاريخ ووقعت لنا بعلو في حديث الفاكهي ووقعت لنا بعلو من وجه آخر عن زيد بن ثابت في جزء هلال الحفار باب بطانه الإمام رواية سليمان عن يحيى وصلها الإسماعيلي ورواية سليمان عن ابن أبي عتيق وموسى بن عقبة وصلها البيهقي ووقعت لنا بعلو في حديث يحيى المزكي ورواية شعيب وقعت لنا من طريق علي بن محمد الجكاني عن أبي اليمان عنه ورواية الأوزاعي وصلها أحمد وابن حبان والحاكم ورواية معاوية بن سلام وصلها النسائي ورواية بن أبي حسين وسعيد بن زياد عن أبي سلمة لم أرها ورواية عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوأن ابن سليم وصلها النسائي والإسماعيلي ووقع لنا بعلو في حديث أبي الأحوص العكبري باب بيعة النساء حديث بن عباس في ذلك وصله المؤلف في تفسير سورة الممتحنة ورواية الليث عن يونس في الزهريات باب قوله: "ليت كذا وكذا حديث عائشة وصله المؤلف في الهجرة باب كراهية تمني لقاء العدو رواية الأعرج عن أبي هريرة وصلها المؤلف في الجهاد باب ما يجوز من اللو رواية إبراهيم بن المنذر عن معن ابن عيسى لم أرها ومتابعة سليمان ابن المغيرة عن ثابت وصلها مسلم ووقعت لنا بعلو في مسند عبد بن حميد ومتابعة أبي التياح عن أنس وصلها المؤلف في المغازي ورواية الليث عن عبد الرحمن بن خالد في الزهريات باب إجازة خبر الواحد حديث بن عباس وصله المؤلف في العلم وغيره باب وصاة النبي صلى الله عليه وسلم وفود العرب حديث مالك بن الحويرث وصله قبل في باب إجازة خبر الواحد

(1/69)


"كتاب الاعتصام"
متابعة قتيبة عن ليث وصلها الترمذي والإسماعيلي ورواية أبي بكر وصلها المؤلف في باب استتابة المرتدين ورواية عبد الله وهو بن صالح أخرجها أبو عبيد في كتاب الأموال له عنه ووقع لنا في هذا المكان من رواية أبي ذر الهروي قال لي عبد الله باب من آوى محدثا حديث على أسنده المؤلف في أواخر الحج باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسئل حديث بن مسعود أسنده المؤلف في التفسير باب ما جاء من اجتهاد القضاة متابعة بن أبي الزناد وصلها الطبراني ووقعت لنا يعلو من رواية المحاملي عن البخاري عن الأويسي عنه باب الحض على الاتفاق زيادة الليث عن يونس وصلها البيهقي في الصلاة وحديث سهل بن سعد في فضل أحد تقدم في الزكاة ورواية هارون بن إسماعيل عن علي بن المبارك أخرجها عبد بن حميد في مسنده عنه باب وكذلك جعلناكم أمة وسطا رواية جعفر بن عون جزم أبو نعيم بأنها معلقة وقد أخرجها عبد بن حميد في مسنده عنه باب إذا اجتهد العامل حديث من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وصله بهذا اللفظ مسلم من حديث عائشة وأصله عند البخاري باب أجر الحاكم رواية عبد العزيز بن المطلب المرسلة لم أجدها باب الأحكام التي تعرف بالدلائل رواية بن عفير عن ابن وهب تقدم الكلام عليها في الصلاة وكذا حديث الليث وأما حديث أبي صفوان فوصله المؤلف في الأطعمة وزيادة الحميدي عن إبراهيم بن سعد وصلها المؤلف عنه في فضل أبي بكر باب كراهية الخلاف رواية يزيد بن هارون عن هارون الأعور قال الدارمي في مسنده حدثنا أبو النعمان حدثنا هارون الأعور وحدثنا يزيد بن هارون أخبرنا همام جميعا عن أبي عمران فيحرر هذا باب نهي النبي صلى الله عليه وسلم على التحريم حديث أم عطية نهينا عن أتباع الجنائز وصله المؤلف في الجنائز ورواية محمد بن بكر عن ابن جريج تقدم الكلام عليها في حجة الوداع وفي الحج باب قول الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وأمرهم شورى بينهم حديث شاور النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم أحد في الخروج وصله أحمد والحاكم والطبراني بتمامه والنسائي وابن ماجة مختصرا من حديث بن عباس ووصله أحمد أيضا والدارمي والنسائي من طريق جابر حديث شاور النبي صلى الله عليه وسلم عليا وأسامة فيما رمى به أهل الإفك عائشة هو طرف من حديث الإفك وقد تقدم في المغازي وفي التفسير ورواية أبي أسامة تقدمت في التفسير أيضا وقصة جلد الرامين وصلها أبو داود وأحمد والترمذي والبيهقي من طريق بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة وحديث أبي بكر في قتال مانعي الزكاة تقدم في الزكاة وحديث "من بدل دينه فاقتلوه" وصله المؤلف في الجهاد من حديث بن عباس وقوله: "وكان القراء أصحاب مشورة عمر وصله المؤلف في تفسير الأعراف

(1/70)


"كتاب التوحيد"
زيادة إسماعيل بن جعفر عن مالك مضت في فضائل القرآن باب قول الله عز وجل {مَلِكِ النَّاسِ} حديث بن عمر يأتي قريبا ورواية شعيب تأتي أيضا ورواية الزبيدي وصلها بن خزيمة ووقعت لنا بعلو في جزء بن جوصا ورواية بن مسافر وصلها المؤلف في التفسير ورواية إسحاق بن يحيى في الزهريات باب قول الله تعالى {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} حديث أنس وصله المؤلف في الأيمان والنذور وبقية التعاليق التي في هذا الباب تقدمت فيه باب {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً} رواية الأعمش عن تميم بن سلمة وصلها أحمد في مسنده وابن منده في التوحيد باب السؤال بأسماد الله متابعة يحيى بن سعيد وجميع ما ذكر معها تقدم في

(1/70)


الدعوات ومتابعة محمد بن عبد الرحمن والدراوردي وأسامة بن حفص تقدمت أيضا في الذبائح باب قول الله تعالى {الْخَالِقُ الْبَارِئُ} رواية مجاهد عن قزعة وصلها مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ووقعت لنا بعلو في الزيادات ورواية سعيد وهو بن داود عن مالك وصلها اللالكائي في السنة والدارقطني في الغرائب ورواية عمر بن حمزة وصلها مسلم ووقعت لنا بعلو في مسند عبد بن حميد ورواية أبي اليمان وصلها بن خزيمة في التوحيد ووقعت لنا بعلو في مسند الدارمي باب رواية عبيد الله بن عمرو وصلها الدارمي في مسنده باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} رواية الليث عن ابن مسافر تقدمت في تفسير براءة ورواية الماجشون وصلها أبو داود الطيالسي في مسنده وفيه رد على أبي مسعود الدمشقي حيث زعم أن البخاري وهم فيها باب قول الله تعالى {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ} رواية أبي حمزة عن ابن عباس تقدمت في إسلام أبي ذر ورواية خالد بن مخلد وصلها الجوزقي في المتفق باب قول الله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} رواية حجاج بن منهال وصلها الإسماعيلي وأبو نعيم في المستخرج ورواية قيس بن سعد عن طاوس وصلها مسلم وأصحاب السنن ورواية أبي الزبير عنه وصلها مالك ومسلم باب ما جاء في قوله: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} رواية همام وصلها المؤلف في صفة الجنة باب قول الله {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} حديث سعيد بن المسيب عن أبيه وصله المؤلف في المغازي ورواية أحمد بن صالح في الزهريات للذهلي باب ولا تنفع الشفاعة عنده رواية مسروق عن ابن مسعود وصلها المؤلف في خلق أفعال العباد ووقع لنا بعلو في جزء هلال الحفار وحديث جابر عن عبد الله بن أنيس وصله أحمد وأبو يعلى والطبراني وهو في الأدب المفرد للبخاري مطول وفي خلق أفعال العباد بلفظ التعليق باب قول الله أنزله بعلمه زيادة الحميدي في مسنده كما علق البخاري باب قول الله {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} رواية خليفة وقع في رواية أبي ذر الهروي قال لي خليفة باب كلام الرب مع الملائكة رواية آدم عن شيبان لم أجدها باب قول الله تعالى {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} حديث بن مسعود أسنده المؤلف في هجرة الحبشة باب قول الله تعالى {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} حديث أبي هريرة وصله أحمد وابن ماجة وابن حبان في صحيحه والحاكم من حديث أبي هريرة باب قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خاله حراما إلي قوم وصله المؤلف في الجهاد ورواية محمد عن أبي عامر العقدي لم أرها لكن أخرج الإسماعيلي الحديث من رواية أحمد بن ثابت الجحدري عن أبي عامر باب قول الله {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ} قوله: "وسمي النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام والإيمان عملا يشير إلى حديث بن مسعود سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل قال إيمان بالله وقد علقه هنا ووصله في الباهلي الذي بعده وستأتي الإشارة إليه من حديث أبي ذر وأبي هريرة أيضا وأشار أيضا إلى حديث بن عمر بني الإسلام على خمس فإن فيه تسمية الإسلام عملا وحديث أبي هريرة في قصة بلال وصله المؤلف في كتاب صلاة الليل قوله: "وسمي النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عملا ذكر معني ذلك في الباب وحديث "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" وصله في الصلاة من حديث عبادة بن الصامت باب رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه رواية معتمر عن أبيه وصلها مسلم وابن حبان في صحيحه وزاد في آخر الحديث فالله أوسع بالمغفرة ووقع لنا بلعو في فوائد أبي الحسن العقيقي باب ما يجوز من تفسير التوراة حديث بن عباس عن أبي سفيان ابن حرب تقدم في الإيمان والتفسير والجهاد وغير موضع موصولا ومعلقا باب قول النبي صلى الله عليه وسلم الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة وصل المؤلف هذا الحديث من رواية سعد بن هشام عن عائشة في

(1/71)


التفسير بغير هذا اللفظ ووصله مسلم بهذا اللفظ وحديث "زينوا القرآن بأصواتكم" وصله في كتاب خلق أفعال العباد وخارج الصحيح من حديث البراء بن عازب من طرق ووقع لنا بعلو في مسند الدارمي وأسنده أيضا أبو داود والنسائي وابن ماجة ورواه بن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة ورواه بن أبي داود في المصاحف من حديث بن عباس ورويناه في الأول من حديث بن السماك من حديث بن مسعود موقوفا باب قول الله تعالى {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} حديث كل ميسر لما خلق له وصله المؤلف في القدر وفي التفسير من حديث على بن أبي طالب باب قول الله تعالى {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} قوله: "وسمي النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عملا تقدم قريبا وحديث أبي ذر أي الأعمال أفضل وصله المؤلف في العتق وحديث أبي هريرة في ذلك وصله المؤلف في الإيمان والحج وحديث وفد عبد القيس وصله في الباب من حديث بن عباس قرأت على عبد القادر بن محمد بن علي سبط الذهبي عن أحمد بن علي بن الحسن العابد فيما قرئ عليه وهو يسمع أن محمد بن إسماعيل الخطيب أخبرهم أنبأنا أبو الحسن علي بن حمزة أنبأنا أبو القاسم الشيباني أنبأنا أبو طالب بن غيلان حدثنا أبو بكر الشافعي أخبرنا محمد بن إسحاق بن الحسن الحربي حدثنا أبو حذيفة حدثنا سفيان عن رجل عن مجاهد في قوله: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} قال العدل بالرومية ورواه الفريابي في تفسيره عن ورقاء بن عمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله آخر ما في الصحيح من الأحاديث المعلقة المرفوعة وقد بينت ما وصله منها في مكان آخر من كتابه مع تعيينه وما لم يوصله هو في مكان آخر من كتابه ووصله في مكان من كتبه التي هي خارج الصحيح بينته أيضا وما لم نقف عليه من طريقه بينت من وصله إلى من علق عنه من الأئمة في تصانيفهم وقد استوفيت جميع ذلك بطرقه واختلاف ألفاظه في التخريج الكبير فتصير هذه الأوراق التي لخصت في هذه المقدمة كالعنوان لذلك التخريج ومن تأمل هذا الفصل حق تأمله عرف سعة حفظ البخاري وكثرة روايته وجودة استحضاره وقوة ذاكرته رحمه الله تعالى ورضي عنه وكرمه والله الموفق لا إله إلا هو وهذا الفصل من النفائس المستجادة وهو مستحق لأن يفرد بالتصنيف فمن أراد إفراده فليبدأ بحمد الله تعالى والثناء عليه بأن يقول الحمد لله واصل من انقطع إليه ورافع من وضع حد التواضع متوكلا عليه وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الذي أوتى جوامع الكلم واشتهر من نصيحته للأمة ما تيقن وعلم وعلى آله وصحبه نجوم الهدى ومصابيح الاقتدا أما بعد فهذا مختصر جعلته كالعنوان لكتابي تغليق التعليق الذي وصلت فيه تعاليق البخاري في صحيحه وأوضحت فيه ما يحتاج إليه الطالب من تضعيف الحديث وتصحيحه ليرجع إليه من هذا المختصر بأدنى نظر المتأمل ويعول على نسبة الحديث إلى مخرجه من أراد أن يعول هذا آخر الخطبة ويكتب بعد ذلك والمراد بالتعليق إلى أن ينتهي إلى آخر هذا الفصل لمن أراد أن يقف على ذلك بأدنى تحصيل والله تعالى يهدينا جميعا إلى سواء السبيل.

(1/72)


الفصل الخامس: في سياق ما في الكتاب من الألفاظ الغريبة على ترتيب الحروف مشروحا
حرف الألف
...
الفصل الخامس: في سياق ما في الكتاب من الألفاظ الغريبة على ترتيب الحروف مشروحا
وقد ذكرت كثيرا منه على ظاهر لفظه غير مراع لأصل مادته تيسيرا للكشف ونبهت على بعض ذلك كما ستراه وأوردت فيه كثيرا وإن كان مذكورا في الأصل لتتم الفائدة في موضع واحد.
حرف الألف
"فصل أا" قوله: "آآآ" كذا وقع مهموزا ممدودا في حديث عبد الله بن مغفل وهو حكاية ترجيعه صلى الله عليه وسلم لما قرأ سورة الفتح قوله : "أوابد" هو جمع آبدة وزن فاعلة يقال أبدت تأبد إذا توحشت ويقال جاء فلان بآبدة إذا جاد بأمر مشكل قوله : "ماء آجن" أي متغير الريح قوله : "آخرة الرحل" بكسر المعجمة وهو عود في مؤخره وهو ضد قادمته قوله : "آدر" أي به أدرة بالقصر وفتح الراء وهو العظيم الخصيتين ويقال بضم الهمزة وسكون الدال قوله : "آدم" في صفة موسى وفي صفة نبينا ليس بالآدم جمعه أدم بالضم وسكون الدال وهو اللون الذي بين البياض والسواد قوله : "ولا يؤده أي ولا يثقله يقال آده يؤده إذا أثقله والآد والأيد القوة قوله : "آسن" في صفة الماء أي متغير قوله : "وآل فلان" أي أهل فإذا صغروا آل ردوه إلى الأصل فقيل أهيل قوله : "آمين" بالمد ويجوز قصر الهمزة وأنكره ثعلب والميم مخففة ويجوز تشديدها وأنكره الأكثرون والنون مفتوحة على كل حال ويقال في فعله أمن الرجل بالتشديد تأمينا واختلف في معناها فقال عطاء هو دعاء وقيل كذلك يكون وقيل هو اسم الله وقيل أصله أمين بالقصر فدخل عليه حرف النداء فكأنه قيل يا الله استجب وقيل هي درجة في الجنة تجب لمن قال ذلك وقيل هو طابع لدفع الافات وقيل غير ذلك قوله : "آنفا" أي قريبا وقيل أول وقت كنا فيه وقيل الساعة وكله بمعنى وهو من الاستئناف قوله : "آية" أي علامة وآية القرآن علامة على تمام الكلام أو لأنها جماعة من كلمات القرآن والآية تقال للجماعة
"فصل أب" قوله : "قول أم عطية بأبي" ضبطه الأكثرون بكسر الباءين وفتح الهمزة بينهما وسهل بعضهم الهمزة ياء وللأصيلي بفتح الموحدة الثانية وكذا لأبي ذر في بعض المواضع لكن مع تسهيل الهمزة وكذا لعبدوس في الحج وهذه الروايات كلها صحيحة قال ابن الأنباري معناها بأبي هو فحذف هو لكثرة الاستعمال وأصله أفديه بأبي ووقع لبعضهم بأبي بفتح الباءين معا وسكون الهمزة بينهما كأنه جعله اسما واحدا وجعل آخره مقصورا قوله : "الأب" هو ما تأكله الأنعام وقيل هو المتهيء للرعي ومنه قول قس بن ساعده فجعل يرتع أبا قوله: "الأبتر" يأتي في الباء قوله : "للأبد" الأبد هو الدهر وقوله : "لا بد أبد" المراد المبالغة في دوام ذلك قوله : "الأباريق" هي المعروفة وقيل ما كان ذا أذن وعروة فهو إبريق وإلا فهو كوب وقيل الإبريق ما له خرطوم فقط وقيل مشتق من البريق فيذكر في الموحدة قوله : "نخل أبرت" وقوله : "أبرها ويؤبرون":

(1/73)


بالتخفيف على الأشهر وبالتشديد والاسم الأبار وهو التلقيح قوله : "لم يئتبر" كذا عند بن السكن بتقديم الهمزة والمشهور عكسه وسيأتي قوله : "أبزن" بفتح أوله قيده القابسي وذكره ثابت بكسرها وهي كلمة فارسية صفة حوض صغير أو قصرية من فخار أو حجر منقور وقال أبو ذز كالقدر يسخن فيه الماء وأنكره عياض قال وإنما أراد أنس أنه يتبرد فيه قلت ولا يمتنع أن يكون أصل اتخاذه للتسخين ثم استعمل للتبريد حيث لا نار قوله : "الأبطح" هو مسيل الماء فيه دقاق الحصي وهو البطحاء أيضا ويضاف إلي مكة ومنى وهو واحد وهو إلى مني أقرب منه إلى مكة كذا قال ابن عبد البر وغيره من المغاربة وفيه نظر قوله : "أبق" بفتح الباء ويجوز كسرها أي هرب وقوله : "أبابيل" أي مجتمعة متتابعة قوله : "أبلسوا" أي أيسوا وقوله : "ألم تر الجن وإبلاسها أي تحيرها ودهشتها والإبلاس الحيرة والسكوت من الحزن أو الخوف وقال القزاز أبلس ندم وحزن قوله : "أبنوا أهلي" بتخفيف الباء أي اتهموهم وذكروهم بالسوء ووقع عند الأصيلي بالتشديد قال ثابت التأبين ذكر الشيء وتتبعه والتخفيف بمعناه ووقع عند عبدوس بتقديم النون وهو تصحيف لأن التأنيب اللوم وليس هذا موضعه وقوله : "نأبنه" نرقيه أي نطبه برقى وهو حجة لمن قال إنه قد يستعمل في غير الشر قوله : "أبهرى الأبهر" عرق في الظهر وقيل هو عرق مستبطن القلب فإذا انقطع لم تبق معه حياة وقيل غير ذلك قوله : "الأبواء" بفتح الهمزة وسكون الموحدة قرية من الفرع من عمل المدينة بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا قيل سميت بذلك للوباء الذي بها ولا يصح ذلك إلا على القلب قوله : "حتى يأتي أبو منزلنا" أي صاحبه قوله : "إنا إذا صيح بنا أبينا" كذا للأصيلي بموحدة أي أبينا الفرار ولغيره بالمثناة أي أجبنا الداعي قوله : "وكانت بنت أبيها" أي في الشهامة وقوة النفس قوله : "لا أبالك" كلمة حث على الفعل أي اعمل عمل من لا معاون له
"فصل ات" قوله : "في حديث الهجرة أتينا" على البناء للمفعول أي أدركنا وقوله : "الطريق" المئتاء بكسر الميم بعدها همزة ساكنة وقد تسهل وبالمد أي محجة مسلوكة قوله: "أتى" بالقصر أي جاء وبالمد أي أعطى وقال ابن عباس في قوله: تعالى {ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} أي أعطيا {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} أي أعطينا قال عياض ليس أتى هنا بمعنى أعطى وإنما هو بمعنى جاء ويمكن تخريجه على تقريب المعنى بأنهما لما أمرتا بإخراج ما فيهما فأجابتا كان كالإعطاء فعبر بالإعطاء عن المجيء بما أودعتاه قوله : "لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر أو آتيه" كذا لأبي ذر من الإتيان بلفظ المتكلم وللباقين وابنه بالموحدة والنون وقيل هو وهم وليس كذلك بل هو الصواب بدليل الرواية الأخرى أن ادعوا أباك وأخاك قوله : "كنا عند أبي موسى فأتى ذكر دجاجة" كذا لأبي ذر بفتح همزة أتى وللأصيلي بضمها وهو الصواب فإن التقدير أتى بدجاجة وذكر بلفظ الفعل الماضي كأن الراوي شك في المأتى به لكنه حفظ كونه دجاجة قوله : "في حديث الحديبية فإن يأتونا كان قد قطع الله عينا من المشركين" كذا للأكثر من الإتيان ولابن السكن بموحدة وبعد الألف مثناة مشددة من البتات أي قاطعونا قوله : "أتان" هي الأنثى من الحمر وقوله : "على حمار أتان" ضبطه الأصيلي بالتنوين فيهما على أن أحدهما بدل من الآخر بدل البعض من الكل لأن لفظ الحمار يطلق على الذكر والأنثى وضبط في رواية أبي ذر بالإضافة أي حمار أنثى وقيل المراد وصفه بالصلابة لأن الأتان من أسماء الحجارة الصلبة قوله : "أترجة" واحدة الأترج وهو معروف مشدد الجيم أو بنون ساكنة قبل الجيم ووقع في تفسير يوسف ولا يعرف في كلام العرب الأترج وليس المراد بذلك النفي

(1/74)


المطلق وإنما أراد أنه لا يعرف في كلامهم تفسير المتكابه لا أنه نفى اللفظة من كلام العرب فإنها ثابتة في الحديث
"فصل اث" قوله: {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} أي يبالغ وقيل يغلب والمراد المبالغة في قتل الكفار يقال أثخنه المرض إذا أوهنه وقول عائشة حتى أثخنت عليها أي بالغت في إفحامها ولبعضهم بالمهملة قبلها نون وهو أصوب وسيأتي قوله : "لولا أن يأثروا" أي ينقلوا يقال أثرت الحديث بالقصر آثره بالمد وضم المثلثة أثرا بسكونها إذا حدثت به وقوله : "ذاكرا ولا آثرا" أي ناقلا وقال مجاهد أو أثارة من علم أي يأثر علما وقوله : "على إثر واحدة منهما" بكسر الهمزة وسكون المثلثة وبفتحها أيضا أي بعدها وقوله : "ينسأ له في أثره" أي يؤخر له في أجله قوله : "لأوثرنه على نفسي" أي لأقدمنه وقوله : "آثر ناسا في القسمة" أي فضلهم ومنه فآثر التويتات كذا للأكثر ولبعضهم فأين التويتات وهو تصحيف قوله : "ستكون بعدي أثرة" بضم الهمزة وسكون الثاء وبفتحهما أيضا قال الأزهري هو الاستئثار أي يستأثر عليكم بأمور الدنيا ويفضل عليكم غيركم ومنه قول عمر ما استأثر بها عليكم وفي حديث البيعة وعلى أثرة علينا وهي بفتحتين قوله : "من أثل الغابة" بفتح أوله قال ابن عباس هو الطرفاء وقيل ما عظم منه قوله : "تأثلته" أي اتخذته أصلا وأثلة الشيء بضم الهمزة وسكون الثاء أصله ومنه قوله: "غير متأثل ما لا" قوله : "آثم عند الله" أي أعظم إثما وقوله : "تأثيما وتأثما" أي تحرجا من الإثم وكذا قوله : "تأثموا منه" وقوله : "كرهت أن أوثمكم" أي أدخل عليكم إثما بسبب ما يدخل عليكم من المشقة الداعي إلى التسخط ومنه قوله : "حتى يؤثمه" أي يدخله في الحرج قوله : "المأثم" أي الأمر الذي يوجب الإثم أو هو نفس الإثم وضعا للمصدر موضع الاسم قوله: {يَلْقَ أَثَاماً} أي عقوبة قوله : "أثاثا" أي مالا
"فصل أج" قوله: "الأجاج" أي المر قوله: "أجج نارا" بالتشديد أي أشعلها حتى سمع لها صوت وهو من الأجيج قوله : "ما أجد" بفتح أوله وضم ثانيه وتشديد الدال أي اجتهد في القتال ولبعضهم بفتح أوله وكسر الجيم مخففا من الوجدان والأول أقوى قوله : "أجرنا من أجرت" يقال أجار يجير إجارة وقوله : "أجره الله" بالقصر وأجره بالمد يأجره بالضم من الأجر ومن الإجارة للأجير قوله : "ولا يجيز يومئذ إلا الرسل" يقال أجاز الوادي يجيز إجازة إذا قطعه سيرا ومنه أول من يجيز وقوله : "حتى أجاز الوادي" ومنه فنظر ثم أجاز قوله : "قبل أن تجيزوا علي" أي تكملوا قتلي وأجهز على الجريح إذا تممه قتلا قال الجوهري إنما أجهزوه بالهاء ولا يقال أجزت على الجريح قوله : "أجل أن يأكل معك" بسكون الجيم أي من أجل ويقال بكسر الهمزة وأما أجل بفتحتين فمعناه نعم بسكون آخره والأجل بفتحتين أيضا الغاية من كل شيء ويطلق على العمر قوله: "أجم" بضمتين أي حصن والجمع آجام بالمد وبكسر الهمزة أيضا بلا مد قوله: "أجيفوا الأبواب" أي أغلقوها من الإجافة
"فصل أح" قوله : "الأحابيش" هم أحياء من القارة انضموا إلى بني ليث في محاربتهم قريشا والتحبيش التجميع وقال الزبير تحالفت قريش وبنو الحارث بن عبد مناف بن كنانة وعضل والقارة على بني ليث بن بكر فسموا يومئذ الأحابيش وكان ذلك أول إخراج بني ليث من تهامة قال الوافدي وكأن ابنو عبد المطلب هم الذين عقدوا حلف الأحابيش قوله : "أحد" بضمتين جبل بالمدينة معروف قوله : "الحج أحد الجهادين" بفتحتين

(1/75)


ومن قاله بهمزة ممدودة ثم خاء مكسورة معجمة ثم راء فقد صحف قوله : "أحسوا" أي توقعوا يقال أحسست كذا أي توقعته ويجيء بمعنى ظننته ويقال حسست وأحسست وسيأتي في الحاء قوله: "فلما أحفظه" أرى أغضبه وزنا ومعنى والإحفاظ الإغضاب قوله: "الإحليل" بكسر أوله أي الذكر
" فصل أخ" قول "اخ اخ" بكسر أوله كلمة تقال للجمل ليبرك قوله : "يتأخي مناخه" ويروي يتوخى بالواو أي يقصد قوله: "إخاذات" بالكسر والتخفيف والذال معجمة أي غدران واحدتها إخاذة قوله: "يؤخذ" بفتح الهمزة وقد تسهل وتشديد الخاء عن امرأته أي يحبس عن جماعها من الآخذة بضم الهمزة وهي رقية الساحر وأصله من الربط ومنه قيل للأسير أخيذ ومنه قوله: "فلما أخذ" أي صرع وقوله : "تأخذ أمتي بأخذ القرون" كذا بالموحدة ويروي مأخذ بالميم منصوبا على التمييز أي يسلكون مسلكهم وضبطه بعضهم بموحدة بعدها همزة مكسورة ثم خاء مفتوحة ثم ذال مكسورة جمع أخذة مثل كسر وكسرة قال ثعلب يقال ما أخذ أخذه أي ما قصد قصده ومنه قوله : "أخذ أهل الجنة أخذاتهم" أي سلكوا طرقهم أو حصلوا كراماتهم قوله: "الآخر" بقصر الهمزة وكسر المعجمة أي الأبعد وقيل الأرذل وأما قوله : "في حديث العسيف واغد يا أنيس إلى امرأة الآخر" فهو بالمد وفتح الخاء قوله: "مؤخرة الرحل" بكسر الخاء المعجمة الثقيلة وأنكره ابن قتيبة وسكن الهمزة وخفف الخاء وصححه النووي وحكى التشديد قولا وفتح الأصيلي الميم وسهل الهمزة كذلك وفيه لغة أخرى آخره بالمد كما تقدم وجمع الجوهري فيها ست لغات قوله: "الأخشبين" هما جبلا مكة قعيقعان وأبو قبيس سميا بذلك لعظمهما وخشونتهما قوله: "أخفره" الإخفار الغدر وهو من الخفرة بضم ثم سكون وحقه أن يذكر في الخاء يقال أخفرته إذا لم تف بذمته وخفرته أجرته والهمزة في أخفرته للإزالة قوله: {أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ} أي قعد وتقاعس قوله: "ولكن إخوة الإسلام" كذا للأكثر وللأصيلي ولكن خوة الإسلام بغير ألف قال ابن الأخضر النحوي نقل حركة الهمزة إلى نون لكن ثم خرج من الكسرة إلي الضمة بسكون النون وقال ابن مالك هو بضم النون للاتباع
"فصل اد" قوله : "مأدبة" بضم الدال وفتحها أي مدعاة إلي الطعام وفي رواية القابسي ائتدب الله أي أجاب من دعاه والمشهور انتدب بنون قوله: "شيأ إدا" أي قولا عظيما قوله: "به أدرة" بضم الهمزة وسكون الدال أي عظيم الخصيتين قوله: "من أدم البيت" بالضم وسكون الدال جمع أدام ومنه قوله: "خبز مأدوم أي مضاف إليه ما يؤتدم به وهو ما يؤكل مع الخبز ما كان وقوله : "فأدمته" بالمد وبالقصر وتخفيف الميم أي جعلت له أداما قوله: "من أديم الأرض" أي جلدها وقوله: "من أدم الرجال" بضم الهمزة وسكون الدال جمع آدم بالمد من الأدمة قوله: "أرأيت رجلا مؤديا" بهمزة ساكنة وقد تسهل واوا بعدها ياء خفيفة أي قويا على السفر أو كامل الأداة قوله : "أداة الحرب" أي السلاح وأداة كل شيء آلته قوله: "الإداوة" بالكسر هي إناء صغير من جلد يتخذ للماء والجمع أداوى بفتح الواو
"فصل اذ" قوله: "الإذخر" بكسر ثم سكون وبكسر الخاء المعجمة حشيشة معروفة طيبة الريح توجد بالحجاز قوله: "أذربيجان" بفتحتين وسكون الراء وكسر الموحدة بعدها ياء ساكنة ثم جيم وبفتح أوله

(1/76)


وثالثة وسكون ثانية بلدة معروفة وضبطها الأصيلي بالمد وحكى فيه أيضا فتح الموحدة قوله: "أدرح" بفتح ثم سكون ثم راء مضمومة ثم حاء مهملة قرية بالشام من أدانيه وقيل هي فلسطين قوله: "مذعنين" أي منقادين قوله: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ} أي إعلام وقوله: "أذن" صدق يصدق ما يقال وقوله: {أَذِنَتْ لِرَبِّهَا} أي سمعت وقوله: "ما أذن الله كأذنه بحركات" أي ما استمع كاستماعه وقيل ما أعلم إعلامه وقوله: "آذني" أي أعلمني وإذ تأذن أي أعلم وقوله: "فلم تؤذنوني" أي فلم تعلموني وقوله: "آذناك" أي أعلمناك وقوله: "فآذنتكم" أي أعلمتكم قوله: "لاها الله إذا" هو قسم وإذا ظرف يتعلق به لا بالذي بعده لئلا يختل الكلام ويأتي الكلام على دعوي الخطابي وغيره في أن الألف من إذا زائدة في الشرح إن شاء الله تعالى
"فصل ار" قوله: "أرايت" أي اعلمني وقوله: "أرأيتكم" أي أعلموني وسيأتي توجيهه في حرف الراء قوله: "أرب ماله" بفتح الألف الموحدة بينهما راء مكسورة وبفتح أوله وثانيه وتنوين الموحدة ولأبي ذر بفتح الجميع فمن جعله فعلا فمعناه أحتاج أو تفطن يقال أرب إذا عقل فهو أريب وقيل معناه تعجب من حرصه وقيل دعاء عليه بسقوط أرابه وهي أعضاؤه وهو كقول عمر رضي الله عنه أربت من بدنك أي تقطعت آرابك عن بدنك ومن جعله اسما فمعناه حاجة جاءت به وتكون ما فيه زائدة وأنكر عياض توجيه رواية أبي ذر ووجهها بن الأثير بأن معناه أنه ذو خبرة وعلم قوله: "أملككم لإربه" بكسر ثم سكون قال الخطابي كذا يقول أكثر الرواة والإرب العضو قال وإنما هو لأربه بفتحتين أي لحاجته أه وقد قالوا أيضا الأرب بالسكون الحاجة وقوله: "بكل إرب منه إربا منه" المراد هنا العضو وكذا قوله: "يسجد على سبعة آراب" وقوله: "غير أولى الأربة" أي النكاح قال طاوس الحاجة إليه وقال ابن عباس ولي فيها مآرب أي حاجات قوله: "على إرث من إرث ابراهيم" أي على بقية من شريعته قوله: "أرجئه" أي آخره ترجئ أي تؤخر قوله: "على أرجائها" أي ما لم يتشقق منها وقيل على نواحيها قوله: "أرجوحة" هو حبل يشد طرفاه في موضع عال ثم يحرك راكبه قوله: "الأرجوان" بضم أوله وثالثه وسكون الراء بينهما هو الشديد الحمرة قوله: " أريحاء" بوزن فعيلاء هي قرية الغور بقرب بيت المقدس قوله: "أردبها" هو كيل معروف بمصر قدر خمسين صاعا قوله: "الأرزة" بفتح أوله وسكون ثانيه بعدها زاي هي شجرة قوية عظيمة قيل هي شجرة الصنوبر قوله: "الأرز" فيه ست لغات فتح الهمزة وضمها وضم الراء وسكونها وبحذف الهمزة والراء مضمومة بعدها زاي مشدة أو نون ساكنة بدل التشديد قوله: "ليأرز" يقال أرز بكسر الراء يأرز مثلثة الرأي أي ينضم ويجتمع قوله: "إثم الأريسيين" بفتح أوله وكسر الراء وتشديد الياء بعد المهملة وللنسفى بياء بدل الهمزة الأولى وفيه روايات أخرى خارج الصحيح وهو نسبة إلى أريس قيل هم أتباع عبد الله بن أريس وكان قد ابتدع فيهم دينا وقيل هم الملوك الذين يخالفون أنبياءهم وقيل هم الفلاحون والأتباع وبه جزم الليث بن سعد ويؤيده ما في بعض رواياته فإن عليك إثم رعاياك قوله: "بئر أريس" هي معروفة بالمدينة إلى الآن كأنها نسبت إلى بانيها قوله: "الأرش" بفتح ثم سكون ثم شين معجمة هو ما يأخذه المشتري إذا اطلع على عيب في السلعة قوله: "من أهل الأرض" أي من أهل الذمة قيل لهم ذلك لأنهم أقروا بأرضهم على أن يعطوا الجزية وجمع الأرض أرضون بفتح الراء قوله: "بنى أرفدة" هم الحبشة نسبوا إلى جد لهم قوله: "أرق" بكسر الراء وفتحها أي سهر والاسم الأرق

(1/77)


بالفتح وقوله: "أرقت الماء وجعل يريق" تكرر في الحديث وجاء بالهاء والأصل الهمزة من الإراقة وهي الصب قوله: "أركوا هذين" أي أخروا وأصله الراء لأنه من ركا قوله: "الأراك" هو شجر معروف طيب الريح يستاك به وهو علم على موضع بعرفات معروف قوله: "الأريكة" واحدة الأرائك وهي السرر قيل هي التي في الحجال وقال الأزهري كل ما اتكىء عليه فهو أريكة قوله: "إرمينية" بكسر ثم سكون ثم كسر ثم ياء ساكنة ثم نون مكسورة ثم ياء خفيفة مفتوحة بلدة كبيرة معروفة قوله: "أرنبته" أرنبة الأنف طرفه المحدد قوله: "أنفجنا أرنبا" أي أثرناه والأرنب دويبة معروفة قوله: "اعجل أو آرن" بكسر الراء وسكون النون بوزن أقم للنسفى ولغيره بسكون الراء وكسر النون وضبطه الأصيلي بكسرها وإثبات الياء وقال الخطابي الصواب فيه أيرن فعل أمر من الأرن وهو الإسراع وقد يكون بوزن أطع من أران القوم إذا هلكت مواشيهم أو بوزن أعط بمعنى أدم الحز من رنوت إذا أدمت النظر أو يكون أرن بمعنى هات وقال الزمخشري كل من علاك وغلبك فقد ران بك ورين بفلان ذهب به الموت وأران القوم بمواشيهم أي ذهبوا بها فمعنى أرن أي صر ذا رين في ذبيحتك قوله: "إن بعض النخاسين سمي آرى خراسان وسجستان هو بهمزة مفتوحة ممدودة وراء مكسورة وياء مشددة كذا ضبطه الجرجاني وهو مربط الدابة وقيل معلفها وقيل حبل يدفن في الأرض لتربط فيه الدابة والمعنى أن الدلال كان يسمي مربط دوابه هذا الاسم ليوهم أن الدابة جلبت من تلك البلدة ليرغب فيها وكأن المضاف سقط من الأصل كأن الأصل آرى دوابه أو كان معرفا فسقطت آلة التعريف كأنه كان فيه يسمى الآرى واللام فيه للجنس وعند المروزي أري بفتح الهمزة والراء بوزن دعا ولغيره بضم الهمزة وكلاهما وهم
"فصل از" قوله: "أزاء كذا" أي قبالته وقوله: "وأزينا العدو" أي صاففناهم وأصله الهمز يقال آزيت إلى الشيء انضممت إليه قوله: "إزره المؤمن" بالكسر والمراد الهيئة ويقوله بعضهم بالضم قوله: "أنصرك نصرا مؤزرا" أي بالغا قويا وقيل هو من وازرت صرت وزيرا قوله: "أزري" أي ظهري وأصل الإزر القوة قوله: "وكان لها أزرار في كميها" وقع في رواية الجرجاني إزار وهو خطأ والأزرار جمع زر وهو معروف قوله: "وشد المئزر" كناية عن التأهب والاستعداد قوله: {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ} أي اقتربت الساعة وأصل الأزف القرب
"فصل اس" قوله: "استبرق" هو ما غلظ من الديباج وهو معرب قوله: "أسد" بوزن علم أي صار كالأسد يقال أسد واستأسد قوله: "إذا أسد الأمر" يأتي في الواو قوله: "شددنا أسرهم" قال معمر بن المثنى الأسر شدة الخلق وكل شيء شددته فهو مأسور وقوله: "يأسرهم" أي يجمعهم قوله: "أسارير وجهه" يأتي في السين قوله: "أساطير" واحدتها أسطورة وأسطارة وهي الترهات وستأتي في السين قوله: "أسطوانة" أي سارية وهي الدعامة قوله: "أسيف" أي سريع الحزن وقوله: {آسَفُونَا} أي أسخطونا وقوله: "أسف" أي ندم وزنه ومعناه قوله: "أسقطوا لهاته" يأتي في السين قوله: "الأسقف" ويقال فيه سقف بضمتين معروف عند النصارى قوله: "أسكفة" بضم الهمزة والكاف بينهما سين مهملة ساكنة والفاء مشددة هي عتبة الباب

(1/78)


السفلى قوله: "يأتسي" أي يتبع ويقتدي وفي رواية يتأسى بوزن يتفعل وقوله: "لا تأس" أي لا تحزن فكيف آسى كيف أحزن قوله: "آساني بماله" يأتي في الواو قوله: "ماء آسن" يقال أسن الماء إذا تغير ريحه قوله: "كان علي مسيأ في شأنها" كذا للنسفى ولابن السكن وكذا هو لابن أبي خيثمة والإساءة المذكورة من جهة قوته والنساء سواها كثير ورواه أكثر رواة البخاري وكان علي مسلما في شأنها ثم اختلفوا فلبعضهم بسكون السين وكسر اللام أي لم يقل فيها شيئا فسلم ولبعضهم بالتشديد أي وقف لم يثبت ولم ينكر
"فصل اش" قوله: "أشخصه" أي نقله من مكان إلى مكان ومنه الإشخاص بكسر أوله قوله: "الأشر" بالفتح أي البطر قوله: "أشربته قلوبكم" يأتي في الشين المعجمة قوله: "الآشرة والواشرة والمؤتشرة" هي المحددة أطراف الأسنان وفي الحديث ذكر المنشار وقع بالنون وبالياء الأخيرة بهمز وبغير همز ونقل أبو زيد عن أبي عمرو بن العلاء توهين النون قوله: "الأشطاط" بفتح أوله وسكون ثانيه هو مكان تلقاء الحديبية قوله: "إشفى" مقصور بكسر الهمزة هو المثقب الذي يخرز به قوله: "وأشفيت منه على الموت" أي أشرفت
"فصل اص" قوله: "إصبع" بكسر الهمزة وفتح الموحدة ويجوز تثليث الهمزة مع تثليث الباء فتكمل تسعة وعاشرها أصبوع بضمتين وزيادة واو قوله: "إصرا" أي عهدا والإصر أيضا الإثم قوله: "الآصال" واحدها أصيل وهو العشي قوله: "استأصلت قومك" أي قتلت جماعتهم فلم تبق منهم أصلا
"فصل اط" قوله: "لا تطروني" الإطراء الإفراط في المدح ومنه يطريه قوله: "أطرتها بين نسائي" يأتي في الطاء قوله: "أطيط" قيل هو صوت المحمل عند السير وقيل صوت الإبل عن كظتها قوله: "الأطم" بضمتين هو الحصن وآطام المدينة بالمد ويقال بالكسر أيضا ويقال لما ارتفع من البناء
"فصل أع" قوله: "اع اع" حكاية الصوت الخارج عند وضع السواك في الفم قوله: "أعيا" أي تعب والاسم الإعياء
"فصل اغ" قوله: "أغروا بي" بضم أوله من الإغراء وهو التسليط وقوله: "لنغرينك" أي لنسلطنك فسره في الأصل
"فصل اف" قوله: {أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً} أي أنزل كذا في الأصل وهو بمعنى أسكب والاسم الإفراغ قوله: "أفشته حفصه" أي أظهرته ومنه قولها ما كنت أفشى قوله: "أفضوا" من الإفضاء وهو ملاقاة الشيء للشيء وقال ابن عباس قوله: {أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} هو كناية عن النكاح قوله: {تُفِيضُونَ فِيهِ} أي تقولون فيه كذا وهو من الإفاضة ومنه أفاض من عرفة قوله: "أف" بتشديد الفاء وضم أوله يستعمل جوابا عما يستقذر وعما يضجر منه وفيه عشر لغات ضم الهمزة مع سكون الفاء وبتشديدها بالحركات الثلاث منونا وبغير تنوين فذلك ستة وبإشباع الفتحة مع التشديد وبكسر الهمزة مع فتح الفاء المشددة وبفتح الهمزة وتشديد الفاء بعدها تاء تأنيث منونة مفتوحة أيضا وقد جمعها بن مالك في بيت فقال
فأف ثلث ونون إن أردت وأف ... أفا ورفعا ونصبا أفة قبلا
وحكى البارع ضم الهمزة في التاسعة والعاشرة بلا تنوين وقال ابن جنى لا يقال مثل العامة بكسر الفاء وإثبات

(1/79)


الياء وأجازة الأخفش وقال أبو البقاء من كسر جاء على الأصل ومن فتح طلب التخفيف ومن ضم أتبع ومن نون أراد التنكير ومن لم ينون أراد التعريف ومن خفف حذف أحد المثاين قوله: "الأفق" بضمتين جمعه آفاق بالمد وهي نواحي السماء والأرض وأما الأفق بفتحتين فهو جمع أفيق مثل أدم وأديم وزنا ومعنى قوله: "الافك" والأفك الثانية بفتحتين بمنزلة النجس والنجس تقول أفكهم وافكهم ويقال أفكهم بفتحتين فعل ماض بمعنى صرفهم كما قال يوفك عنه من أفك أي يصرف عنه من صرف وأما المؤتفكة فيقال ائتفكت أي انقلبت وأصل الإفك الكذب قوله: "لم يفلته" من الإفلات وهو الإطلاق
"فصل اق قوله: "أقط" بفتح الهمزة وكسر القاف وقد يسكن ويجوز ضم أوله وكسره قال عياض هو جبن اللبن المستخرج زبده وخصه بن الأعرابي بالضأن وقيل لبن مجفف مستحجر يطبخ به قوله: "أقسط" فهو مقسط من الإقساط وهو العدل قوله: "أقلعت عنه الحمى" من الإقلاع والمراد ارتفعت قوله: "أقلني" من الإقالة وهو ترك العقد قوله: "الأقاليد" جمع إقليد وهو المفتاح
"فصل اك قوله: "لو غير أكار قتلني الأكار" هو الزراع مأخوذ من الأكرة بضم وسكون وهي الحفرة بجانب النهر ليصفو ماؤها وأكرت الأرض إذا شققتها للحرث وأشار بذلك إلي الأنصار لأنهم أصحاب زرع قوله: "فأكفئت" وقوله: "لتستكفيء إناءها" الإكفاء الإفراغ قوله: "على إكاف" بكسر أوله هو كالبرذعة ونحوها لذوات الحافر قوله: "أكلة خيبر" وقوله: "أكلة أو أكلتين" بالضم اللقمة وبالفتح المصدر قوله: "تأكل القرى" أي تساق إليها غنائم القرى أو لأنها منها فتحت القرى وغنمت أموالها قوله: "على أكمة" بفتحات هي الرابية والجمع آكام بالمد وبالكسر بلا مد أيضا
"فصل ال" قوله: "ألتنا" أي نقصنا وقوله: {يَلِتْكُمْ} أي ينقصكم قوله: {إِلّاً وَلا ذِمَّةً} قال البخاري الإل القرابة وقال غيره العهد وقيل المراد به الله قوله: "فألحت القصواء" بتشديد الحاء من الإلحاح قوله: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} أي ألفوا ذلك وقال ابن عيينة أي لنعمتي وقوله: "المؤلفة قلوبهم" من التأليف وأصله التجميع وقوله: "ما أئتلفت" أي ما اجتمعت وقالوا الإيلاف العهد والذمام وأول من أخذه من الملوك لقريش هاشم بن عبد مناف قوله: "ما ألفاه السحر" أي وجده ألفوا وجدوا ألفينا وجدنا ألفيا سيدها وجدا قوله: {أَلْقَى السَّامِرِيُّ} أي صنع قوله: "أليم" مؤلم من الوجع وهو من الألم وهو في موضع مفعل وقيل هو ذو ألم قوله: "الألنجوج" بفتحتين وسكون النون وضم الجيم الأولى جاء في تفسير الألوة وهو العود الهندي ويقال بياء أوله على التسهيل وللأصيلي أنجوج بحدف اللام وهو وهم والألوة بالفتح وضم اللام والتشديد قوله: "من هذا المتألي" أي الحالف المبالغ والألية اليمين يقال آلى أي حلف والإيلاء الحلف إلى مدة معينة وهو شرعي ويقال فيه إلا أيضا قوله: "ما آلو ما أفتديت به" أي ما اقصر قوله: "ما ألوت" أي لم استطع وهو من إلا يألوا وتقول ما ألوت جهدا أي لم أدع جهدا وما ألوت نصحا ومنهم من يمده قوله: {لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا} أي لا يقصرون في إفسادكم قوله: "وأولى الأمر" أي ذوي الأمر قوله: "إليك عني" أي تنح وأبعد عني قوله: "أليات بفتح أوله واللام جمع ألية بفتح وسكون أي المعقدة

(1/80)


فصل إلا بالتشديد وكسر أوله أو فتحه وإلا بالتخفيف بالفتح وبالكسر إلا بالكسر والتشديد "حرف استثناء أو استدراك وبالتخفيف للغاية ويرد بمعني مع ك قوله: "يربط إلى سارية المسجد" وبمعنى اللام ك قوله: "جئت إلى أمير السرية" وبالفتح والتشديد للتوبيخ وبالتخفيف للاستفتاح ووقع اختلاف في بعض الأحاديث بيناه في مواضعه
"فصل ام" قوله: "إما لا" تكررت وهي بكسر أوله وتشديد الميم وفتح اللام وضبطه الأصيلي بكسرها وخطأ أبو حاتم من كسرها ونسبه إلى العامة لكن خرج على الإمالة وجعل الكلمة كلها واحدة والمعنى إن كنت لا تفعل كذا فافعل غيره وكأنهم اكتفوا بذكر لا عن ذكر الفعل وأما بفتح وتخفيف "حرف استفتاح ويكون بمعني حقا وهي مركبة من همزة الاستفهام وما النافية وتفيد التقرير وهي مثل ألم ك قوله: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ} ووقع في قصة الحسن رضي الله عنه أما علمت ولبعضهم بحذف الهمزة وهي تحذف كثيرا ولا بد هنا من تقديرها قوله: {وَلا أَمْتاً} قال في الأصل هي الرابية قوله: "أمدها" أي غايتها الأمد الغاية قوله: "ويشركونا في الأمر" في رواية الجرجاني في الثمر بفتحتين وهو الأوجه قوله: "لقد أمر" بفتح ثم كسر أمر بن أبي كبشة أي عظم يقال أمر القوم إذا كثروا ومنه لقد جئت شيئا إمرا أي عظيما قوله: "تأمرتم" بوزن تفعلتم أي تشاورتم وهو من الائتمار وهو المشورة وقوله: "يأتمرون" أي يتشاورون قوله: "فإن أصابت الإمرة" بكسر أوله وسكون الميم أي الإمارة وأما الأمارة بالفتح فهي العلامة وورد لفظ الأمر كثيرا في معنى طلب الفعل وأما أمر الساعة وأمر العامة فمعناه الشأن وكذا قوله: "أولي الأمر" قوله: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} أي كثرناهم وقيل أمرناهم بالطاعة قوله: "في قصة السواك فلينته فأمره" بالتشديد أي استن به وللقابسي بأمره والأول أوجه قوله: "أمللت" أي أمليت وقوله: "تملى عليه" أي تقرأ وقوله: "يمليها علي كلمة كلمة" من الإملاء وهو إلقاء القول على سامعه قوله: "أمنا في ثوب" من الإمامة وقوله: {فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} أي الطريق والإمام كل ما ائتممت به واهتديت قوله: "وإمامكم منكم" قيل خليفتكم وقيل القرآن قوله: {عَلَى أُمَّةٍ} أي على إمام قاله مجاهد وقوله : {أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} أي دينكم وقوله: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} أي بعد قرن وقرئ بعد أمة بفتح الهمزة والميم المخففة بعدها هاء والأمة النسيان وللأمة معان أخرى غير هذه قوله: "لا أم لك" هي كلمة تقولها العرب عند الإنكار وقد لا يقصد بها الذم قوله: "أن تلد الأمة" أي الجارية الموطوأة وقوله: "في ولد الملاعنة وكأن ابن أمه" هو بضم أوله وتشديد الميم بعدها هاء أي يدعى إلي أمه لانقطاع نسبه من أبيه قوله: "الأمي" أي الذي لا يقرأ ولا يكتب قيل نسب إلي الأم لأن ذلك من شأن النساء غالبا قوله: "في حديث عمر بعد أن قالها أمنت للأكثر" بكسر الميم مقصورا والتاء مضمومة للمتكلم ومفتوحة على الحكاية وللأصيلي بالمد وفتح الميم قوله: "أمنا بني أرفدة" بالنصب على المصدر أي أمنتم أمنا وللأصيلي والهروي آمنا بالمد أي صادفتم وقتا أو مكانا أو بلدا ولهذا قال في آخره يعني من الأمن وقول عائشة فأممت منزلي بتشديد الميم أي فيممت وهذه الياء مسهلة من الهمزة قوله : "إلا آمن عليه البشر" أي آمنوا عند معاينته لوضوح المعجزة قوله: "إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال" قيل المراد بها التكليف وقيل بمعنى ما إذا تمكن في قلب العبد إذ قام بأداء التكاليف

(1/81)


فصل أن قوله: {آنَاءَ اللَّيْلِ} أي أوقاته وأحدها أني بوزن رحي وبوزن كلا ويقال أني بوزن قدر قوله: "إناء أحدكم" معروف والجمع آنية قوله: "يؤنبوني" أي يوبخوني أنبه وبخع قوله: "الانبجانية" بفتح أوله وثالثه وبكسرهما وبالتشديد والتخفيف وبالتذكير والتأنيث قال ثعلب هي كل ما كثف من الأكسية وقال غيره إذا كان الكساء بعلمين فهي الخميصة وإلا فهي الإنبجانية وأغرب بن قتيبة فقال إنما هي منبجانية نسبة إلي منبج بلد معروف بالشام ومن قالها بهمز أوله فقد غير ونقل ذلك بن عيينة عن الأصمعي وأنكره غيره قوله: "يستنبطونه" أي يستخرجونه من الإنباط وهو إخراج الماء من الأرض قوله: "أنثا بإذن الله" أي ولدا أنثى قوله: "الإنسية" قاله بن أبي أويس بفتحتين والمشهور بكسر أوله وسكون ثانيه والأنس بالفتح التأنس وجوز أبو موسى ضم أوله وهو ضد الوحشية قوله: "استأنس يا رسول الله" هو بالاستفهام أي أنبسط من الأنس قوله: "فحمى أنفا" بفتحات أي حمية وغضبا ويروي بسكون النون قوله: "أنفذه لنا ابن الأصبهاني" يعني بعثه فكأنه رواه عنه بالمكاتبة أو المراد أنه مر فيه إلى آخره من النفوذ لا من الإنفاذ قوله: "الأنام" أي الخلق قوله: "أنين الصبي" أي الصوت الضعيف قوله: "أناه" أي وقته ومنه ألم يأن للرجل يقال أني يأني وآن يئن ونال الكل بمعني أي قرب قوله: "استأنيت بهم" أي انتظرتهم قوله: "واليه أنيب" أي أرجع من الإنابة وهي الرجوع قوله: "أنى بأضك السلام" أي من أين قوله: "أنى شئتم" أي كيف شئتم قوله: "أنهر الدم" أي أراقة قوله: "مئنة من فقهه" أي دليل عليه كذا لأكثرهم بفتح أوله وكسر الهمزة وتشديد النون ولابن السكن مائنة بالمد
"فصل أه" قوله: "أهبة" بحركات جمع إهاب على غير قياس وفي رواية الأصيلي آهبة بكسر الهاء قبلها مدة وهو وهم قوله: "يتأهبون أهبة عدوهم" أي يستعدون لذلك ما يحتاجون له قوله: "أهلك ولا نعلم إلا خيرا" وقوله: "ليس بك على أهلك هوان" الأهل يطلق على النفس وعلى الزوج وعلى الأقارب قوله: "إهالة سنخة" بكسر الهمزة الإهالة ما يؤتدم به من الأدهان والسنخ المتغير الريح قوله: "أهوي وقوله: "يهوين" يأتي في الهاء
"فصل أو" قوله: "آب" أي رجع ومنه آيبون أرى راجعون والأواب الرجاع إيابهم أي مرجعهم كله من الأوب وهو الرجوع وقوله: "أوبي" أي سبحي قوله: "آوانا" كذلك للأكثر من الإيواء ولابن السكن أروانا من الري والأول أشهر وقوله: "آواه الله" أشهر ما يقرأ بقصر الألف ويجوز المد ثلاثيا ورباعيا معدي وغير معدي قوله: "الأوليان" واحدة أولي ومنه أولي به أي أحق وأما قوله: "أولى له" فيقال لمن حاول أمرا بعد أن فاته والعرب تقولها عند المعتبة قوله: "أوه" بتشديد الواو وكسرها أو فتحها بلا مد وهاد ساكنة كلمة يقولها الرجل عند الشكاية والتوجع قوله: "الأواه" أي الرحيم بلسان الحبشة كذا حكاه في الأصل وقيل هو المتضرع وقيل الكثير البكاء أو الدعاء وقال غيره الأواه شفقا وفرقا وقال الشاعر تأوه آهة الرجل الحزين كذا لهم بالمد وللأصيلى بغير مد وبتشديد الهاء قوله: "أوان وجدت" الأوان الزمان والوقت والحين قوله: "إني لأراه مؤمنا فقال أو مسلما" هو بسكون الواو على معنى الإضراب ويجوز أن يكون بمعنى التردد أي لا تقطع بأحدهما ولا يجوز فتح الواو هنا وكذا قول المرأة أو إنه لرسول الله حقا وكذا قوله: "في حديث الحمر التي طبخت أو ذاك"

(1/82)


وأما قوله: "أو خير هو" فهو بفتح الواو وهي ابتدائية قبلها همزة الاستفهام وكذا قوله : "أو أملك لك أن نزع الله" وقوله: "في الأشربة أو مسكر هو"
"فصل أي" قوله: "يوجز الصلاة" وقوله: "أوجز" من الإيجاز وهو الإسراع قوله: "أو جفتم" من الايجاف وسيأتي في الواو قوله: "ليس البر بالإيضاع" قال البخاري أوضعوا أسرعوا وسيأتي في الواو قوله: "وأيضا والله" أي تشتد بصيرتكم فيه قوله: "الأيكة" قال مجاهد إظلال العذاب إياهم كذا في الأصل وقد أشبعت القول فيه في ترجمة شعيب من أحاديث الأنبياء عليهم السلام قوله: "إيلياء" بكسر الهمزة واللام بينهما ياء أخيرة ساكنة وقبل الألف مثلها مفتوحة أي بيت المقدس ووهم من قال أيلة هنا وأيلة بفتح أوله وسكون الياء أيضا وفتح اللام ساحل القلزم كانت مدينة معروفة ثم خربت وهي بين مصر والحجاز قوله: "أيم الله" بسكون الياء وأولها ألف وصل أو قطع وفيها لغات وهي قسم وقد ذكروا فيها عدة لغات جمعها بن مالك في بيتين:
همز أيم وأيمن فافتح واكسر أو أم قل ... أو قل م أو من بالتثليث قد شكلا
وأيمن اختم به والله كلا أضف ... إليه في قسم تستوف ما نقلا
وقوله: "الأيم" بتشديد الياء هي التي مات زوجها أو طلقها وقيل من لا زوج لها ولو كانت بكرا ومنه تأيمت حفصة أي مات زوجها وأما قوله: "أيم هذا" فهو استفهام قال الحربي هي أي وما صلة قال الله تعالى {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} وقال أيا ما تدعوا وهو بالتشديد للأصيلي ولأبي ذر بإسكان الياء قال الخطابي هما لغتان قوله: "أيان مرساها أي متى خروجها قوله: "إيها يا ابن الخطاب" بكسر الهمزة كلمة تصديق ومنه قول بن الزبير إيها والاله وأما إيه بالكسروالتنوين فكلمة استزاده قوله: "إياي وإياك وإياكم" كلمة تحذير وقوله : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ} و {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} أي بالتشديد اسم مبني على الضم قوله: "أي فلان" هوحرف نداء بمعنى يا قوله: "إي والله" بالكسر والتخفيف معناه نعم والله

(1/83)


حرف الباء الموحدة
أصلها الإلصاق لما تقدمها من اسم أو فعل وتأتي زائدة لتحسين الكلام وقد تحذف كما في القسم وتأتي بمعنى من أجل وبمعنى اللام وعن وفي ومن ومع وبمعنى الحال والبدل والعوض
"فصل ب أ" قوله: "باء" أي رجع ومنه باء بها أحدهما وباؤا وتبوء وقيل في باؤا انقلبوا وتبوء تحمل كذا في الأصل قوله: "الباءة" أي النكاح وتبدل همزته هاء وتسهل قوله: "البأساء" من البأس ومن البؤس قال مجاهد نبأس نحزن ومنه لا تبأسوا والبائس وقوله: {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} أي شديد والبأساء وكذلك البؤسى الشدة والبؤس بهمز وبغير همز وقوله: "عسى الغوير أبؤسا أي عساه يحدث أبؤسا جمع البأس وهو الشدة من المرض والحرب وغيرهما وسيأتي تمامه في الغوير قوله: {تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} في الأصل هي الدروع وإنما هو تفسير السرابيل وأما البأس هنا فهي الحرب ومنه كنا إذا أشتد البأس قوله: "يا بابوس" بوزن قابوس هو الرضيع

(1/83)


من أي نوع كان وزعم الداودي أنه اسم علم على ذلك الصبي وغلطوه
"فصل ب ب" قوله: "ببانا واحدا" بموحدتين الثانية مشددة وبعد الألف الأولى نون فسره بن مهدي شيئا واحدا وقال أبو عبيد لا أحسبه من كلام العرب واستند إلى قول بعضهم لم يلتق حرفان من جنس واحد وهذا لم يطرد فقد ثبت لست من دد وقال أبو سعيد الضرير هو بياء أخيرة بدل الموحدة الثانية أي شيئا واحدا ورده الأزهري وقال هي لغة صحيحة ليست فاشية في كلام مضر وقد صححها صاحب العين وقال يقال هم على ببان واحد أي على طريقة واحدة وقال الطبري المراد لولا أن أتركهم فقراء معدمين لا شيء لهم أي متساوين في الفقر
"فصل ب ت" قوله: "وبت طلاقي" وقوله: "طلقني بتة" وقوله: "طلقني البتة" وفي الخمس أو هي البتة هذا أصلها والمراد القطع والمراد به في الطلاق قطع العصمة وزعم بعض العجم أن البتة لم تسمع إلا بقطع الهمزة والذي ثبت في الحديث بالوصل على الجادة في ألف التعريف فانتفي ما نفاه وقوله: "في قصة الحديبية فإن باتونا تقدم في
"فصل آت" قوله: "لم يبتئر" أي لم يدخر فسره قتادة ويؤيده قول الشاعر:
فإن لم يبتئر رؤسا قريش ... فليس لسائر الناس ابتئار
يقال بأرت الشيء إذا ادخرته والاسم البئيرة بوزن عظيمة ويجوز كسر أوله وسكون الهمزة قال الشاعر:
فإنك إن تبأر لنفسك مرة ...
تجدها إذا ما غيبتك المقابر
وفي رواية الأصيلي بالزاي وللجرجاني بالنون والزاي وغلط وقال عياض يروي بالميم في غير الصحيحين وأثبته صاحب المطالع لبعض الرواة في مسلم قوله: "المنتثر" يأتي في النون قوله: "الأبتر" هو المقطوع الذنب من الحيات وفي غيرها القصير الذنب وعبر به عمن لا نسل له أو من لا ذكر له بالثناء عليه قوله : "البتع هو نبيذ العسل كان أهل اليمن يشربونه قوله: "بتكه أي قطعه قوله: "التبتل" هو ترك النكاح والبتول المنقطعة عن الزوج وقوله: "تبتل" أي أخلص قاله مجاهد
"فصل ب ث" قوله: "لا أبث خبره" أي لا أظهره أول لا أنشره قوله: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} أي نشر فيها وقوله: "إنما أشكو بثي وحزني إلي الله" وقوله: "حضرني بثي" أي شديد حزني وقولها ولا يولج الكف ليعلم البث قيل هو ذم أي لا يتفقد أمورها وقيل مدح أي لا يستكشف عيبها قوله: "وعصر ابن عمر بثرة" بفتح المثلثة وسكونها هي خراج صغير قوله: "فانبثق الماء" أي انفجر قوله: "فبثقه" يقال بثق النهر إذا كسره ليصرفه عن طريقه وفي رواية فشقه بالشين المعجمة وقوله: "بشق المسافر" يأتي في ب ش
"فصل ب ج" قوله: "بجحنى" بتشديد الجيم وحكى تخفيفها قوله: "فبجحت" بفتح الجيم وبكسرها وضعف الجوهري الفتح أي فرحني ففرحت وقيل عظمني قوله: "عجره وبجره" البجر بضم أوله وفتح الجيم الهموم وقيل المعايب وأصلها العروق المنعقدة في الجسد والأبجر العظيم البطن والعجر يأتي في العين قوله: "انبجست" أي انفجرت وقول أبي هريرة فانبجست منه كذا لابن السكن وأبي ذر إلا عن المستملى وله عنه بالخاء المعجمة

(1/84)


وكذا للنسفي والأصيلي والقابسي والصواب بنون ثم خاء معجمة مفتوحة ثم نون مفتوحة بعدها سين مهملة قاله عياض وغيره
"فصل ب ح" قوله: "فأخذته بحة" بالضم والتشديد ما يحدث للصوت فيمنع جهارته قوله: "البحرين" هي بلاد معروفة فيها عدة قرى قاعدتها هجر قوله: "البحيرة وقوله: البحرة" الأول تصغير الثاني المراد القرية والعرب تسمى القرى البحار ومنه قوله عليه السلام: "اعمل من واء البحار" أي البلاد وقال الجرمي البحيرة دوين الوادي وقيل كل بلد لها نهر أو ماء ناقع فهي بحيره قوله: "وكتب لهم ببحرهم" أي ببلدهم وفي رواية عبدوس بالنون بدل الموحدة وهو تصحيف قوله: "البحيرة" بفتح أوله قال ابن المسيب هي التي يمنع درها للطواغيت أي الأصنام والبحر الشق كانوا يشقون أذن الناقة نصفين إذا نتجت خمسة أبطن آخرها ذكر ثم لا تذبح ولا تركب ولا يشرب لبنها وقيل هي بنت السائبة
"فصل ب خ" قوله: "بخ بخ" يقال الشيء إذا ارتضى وقيل إذا عظم وفيها لغات إسكان الخاء وكسرها منونا وبغير تنوين وبضمها منونا وبتشديدها مضموما ومنونا واختار الخطابي إذا كرر تنوين الأولى وتسكين الثانية ومن شواهد التسكين فيهما قول الأعشى بخ بخ لوالدة وللمولود قوله : "بخسا" أي نقصانا قوله: "باخع" أي مهلك
"فصل ب د" قوله: "بدء الوحي وبدء الحيض وبدء الأذان وبدء الخلق" مهموز من الابتداء وقال عياض في الأول روى بالضم غير مهموز من الظهور والأول أولي بدلالة التنبيه عليه قوله: "تكون لهم بدء الفجور أي أوله قوله: "عودا على بدء" أي مرة بعد مرة قوله: "وعدتم من حيث بدأتم" أي رجعتم إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من ترك إعطاء الحقوق غالبا وهو غريب وفي الحديث الآخر لا تقوم الساعة حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة وشرحه عياض بما في تقريره تكلف قوله: "استبد علينا" أي انفرد قوله: "فبدد أصابعه" أي فرق قوله: "لا بد منه" أي لا انفكاك قوله: "أبده بصره" أي أتبعه وللأكثر أمده بالميم قوله: "اقتلهم بددا" أي متفرقين وحكى بكسر أوله وخطئت وقيل الصواب بالضم من البدد بضمه وتخفيفه وهو النصيب أي أعط كلا منهم نصيبه من القتل قوله: "أتى ببدر فيه خضرات" أي طبق فسره بن وهب ولغيره بقدر بالقاف قال النووي والصواب هنا بالموحدة قوله: "بدر الطرف نباته" أي سبق ومنه بادرني عبدي وابتدرته وبدر يمين أحدهم شهادته وابتدره وابتدرني بالكلام وقوله: "بدارا" أي مبادرة قوله: "بوادره" هو جمع بادرة وهي لحمة بين المنكب والعنق وأما قوله: "فإن عجلت منه بادرة" فمن المبادرة قوله: "قليب بدر ويوم بدر" هو موضع معروف كانت به الوقعة المشهورة قوله: "بدعا" أي أولا كذا في الأصل والبديع من أسماء الله قال في الأصل البديع والمبتدع والخالق والبارىء والفاطر واحد ولبعض الرواة والباديء بالدال وقد جاء في الأسماء الحسني في بعض الطرق البادئ وفي أخرى المبدىء ومنه يبدىء الخلق ثم يعيده وبدأ الخلق وفي اللغة بدأ وأبدأ بمعني وقول عمر نعمت البدعة هو فعل ما لم يسبق إليه فما وافق السنة فحسن وما خالف فضلالة وهو المراد حيث وقع ذم البدعة وما لم يوافق ولم يخالف فعلى أصل الإباحة

(1/85)


قوله: "إنما البدل" يعني قضاء الحج قوله: "بدنه" هي واحدة البدن قال مجاهد سميت البدن لسمنها وقال عياض البدن مختصة بالإبل وقال غيره يقع على الجمل والناقة والبقرة لكن على الإبل أكثر قوله: "فلما بدن بتشديد الدال أي أسن وبضم الدال مخففا أي كثر شحمه وأنكره بعضهم ورد بالرواية الأخرى فلما أسن وأخذ اللحم قوله: "ثم بدا لأبي بكر" أي ظهر له رأي وفي حديث أبرص وأعمى ثم بدأ الله أن يبتليهم قال عياض قيدناه عن متقنى شيوخنا بدأ الله بالهمزة المفتوحة أي ابتدأ الله ابتلاهم قال والأول لا يجوز إطلاقه على الله إلا أن يؤول بمعنى الإرادة قوله: "بادي الرأي" أي ما ظهر لنا عن ابن عباس وهو على قراءة طرح الهمزة وأما من همز فمن الابتداء ووقع لنا في قصة الخضر مثل هذه اللفظة بالوجهين قوله: "بدأ" أي خرج إلى البادية ومنه أذن لي في البدو وفي البداوة
"فصل ب ذ" قوله: "الباذق" بفتح الذال غير مهموز نوع من الأشربة وهو العصير المطبوخ قوله: "علي أن جاء عمر بالبذر" هو ما عزل من الحبوب للزراعة قوله: "متبذلة بوزن متفعلة بالتشديد وللكشميهني بوزن مفتعلة أي لابسة بذلة الثياب أي غير متزينة وقوله: "المبتاذلين" من البذل وهو الإعطاء
"فصل ب ر" قوله: "برأ النسمة" أي خلقها وقوله: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} وبرأ كرر تأكيدا والبارئ من أسماء الله والبرية بهمز وبغير همز فمن همز فمن الخلق ومن لم يهمز فمن البري وهو التراب أو من بريت العود إذا قومته وقوله: "أصبح بحمد الله بارءا قال ثابت هذه لغة الحجاز برأت من المرض ولغة تميم برئت وأما برئ من الدين فبالكسر جزما ومنه برئت منه الذمة قوله: "إنني براء" الواحد والإثنان والجمع والمذكر والمؤنث سواء كذا في الأصل وقرأ عبد الله إنني برئ بلفظ الإفراد وكله من البراءة والخلاص قوله: "ولا تستبرأ العذراء وقوله: "يستبرئها بحيضه" أي يمسك عن جماعها وأصله من براءة الرحم وقوله: "استبرأ لدينه" أي أخذ حذره قبل أن يدخل في الأمر قوله: "لا يستبرىء من البول" أي لا يستقصي ما عنده أو لا يتجنبه وهو الموافق للرواية الأخرى لا يستنزه بالنون والزاي قوله: "ولا تبرجن" قال معمر أن تخرج محاسنها قوله: "بروجا" فسره منازل للشمس والقمر قوله: "ما أنا ببارح" أي بذاهب وقد تكرر وقوله: "غير مبرح" أي شديد والبارحة أقرب ليلة مضت وفي قوله: "بعد الصبح هل رأى أحذ منكم البارحة رؤيا رد على من زعم أنه لا يقال إلا بعد الزوال قوله: "من البرحاء" بوزن فعلاء هو شدة الكرب ويقال لشدة الحمى أيضا قوله: "أربعة برد" جمع بريد والبريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال ويطلق البريد على الرسول العجول وقوله: "بريد الرويثة سيأتي في الراء قوله: "البردة هي الشملة والجمع برود وقوله: "الثلج والبرد" بفتحتين معروف قوله: "من صلى البردين" بفتح أوله وسكون الراء أي الصبح والعصر قوله: "أبردوا عن الصلاة" بكسر الراء أي أخروها عن وقت شدة الحر وقوله: "ابردوها" بالماء بضم الراء مع الوصل وبكسر الراء مع الهمزة وقال الجوهري الثانية لغة رديئة قوله: "لو أن عملنا برد لنا" بفتح الراء أي ثبت وخلص قوله: "ضربه حتى برد أي سكن وبطلت حركته قوله: "حتى أثرت فيه حاشية البرد" كذا للأصيلي ولغيره الرداء قال عياض الأول الصواب لأن في أول الحديث وعليه برد نجراني فلا يسمى بردا كذا قاله ولا يمنع أن يتردى بالبرد قوله: "البراذين" بالذال المعجمة هي الخيل

(1/86)


التي ليست بعربية قوله: "إبرار القسم وقوله: لأبره وقوله: أتبرر بها" أي أطلب البر وعمله كله من البر وهو ضد الحنث ويطلق على الطاعة وعلى فعل الخير وعلى الخير وعلى الإحسان وقوله: "الحج المبرور" قيل المقبول وقيل الذي لم يخالطه إثم وقيل الخالص والتبر بالفتح ضد البحر وضد الفاجر ويطلق على المحسن والمطيع قوله: "وزن برة بضم أوله والتشديد أي قمحة قوله: "تبرزت وقوله: "البراز" بفتح أوله هو كناية عن قضاء حاجة الإنسان في الخلاء قوله: "أن ابن أبي العاص قد برز" بتخفيف الراء أي ظهر وبتشديدها أي قدم عسكره قوله: "وهو هذا البارز" بفتح الراء قال القابسي أي البارزون لقتال المسلمين يقال بارز وظاهر وقال أبو نعيم في مستخرجه هم الأكراد وقيل الديلم والبارز بلدهم وقال سفيان مرة بتقديم الزاي وعليه شرح أبو موسى قوله: "برزخ" أي حاجز قوله: "نتبرضه تبرضا" بالضاد المعجمة أي نتبعه قليلا قليلا والبرض الماء القليل قوله: "البرطمة" هو ضرب من اللهو وللأصيلي البرطنة بالنون وقيل الذي بالنون الانتفاخ من الغضب قوله: "برق الفجر" أي لمع وبارقة السيوف لمعانها وقوله: "تبرق أسارير وجهه" أي تلمع وقوله: "براق الثنايا" أي شديد البياض وقوله: "البراق" بضم أوله ذكر في المعراج سمي بذلك إما لاشتقاقه من البرق لسرعته وإما لشدة بياضه قوله: "برك الغماد" بفتح أوله للأكثر وقيل بالكسر وسكون الراء وضعف فتحها موضع في أقاصي هجر وقيل في طرف اليمن وقيل وراء مكة بخمس ليال وله تتمة في الغين المعجمة قوله: "برك الجمل" بحركات أي استناخ وبرك بالتشديد من البركة واختلف في قولها في حديث أم زرع كثيرات المبارك فقيل تحبس لتنحر فقليلا ما تسرح وقيل يحلب لبنها لكثرة من يطرق من الضيفان قوله: "البرمة" بالضم قدرة من برام قوله: "مبرمون" أي مجتمعون قوله: "برنس" بضم النون نوع من الثياب معروف قوله: "برني" بسكون الراء وكسر النون بعدها ياء النسب ضرب من التمر معروف وهو أجوده قوله: "والبرية" بالتشديد إلي جانبه أي الفلاة
"فصل ب ز" قوله: "البازر" تقدم قوله: "بزاخة" بضم أوله والخاء معجمة موضع بالبحرين وقيل بالقرب من الكوفة وهو ماء لبني طيء وقيل ماء لبني أسد وهو أشبه
"فصل ب س" قوله: "كان مبسورا" أي به ورم في أسفل مخرجه ومنه قوله: "في بواسير" ورواه بعضهم بالنون قوله: "يبسون" أي يسيرون قال ابن مالك وقيل يزجرون الإبل لأنهم يقولون في سوقها بس بس قوله: "بست" أي فتت قوله: "بسطة" أي زيادة وفضلا قوله: "انبسط" أي أظهر البشر قوله: {بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} قال ابن عباس البسط الضرب قوله: "يقبض ويبسط البسط كناية عن سعة رحمته قوله: "بسق" لغة قليلة في بصق وبالزاي كالصاد قوله: "باسقات" أي طوال قاله مجاهد قوله: "تبسل" أي تفضح قاله بن عباس وقال في قوله: "تعالى أبسلوا" أي أسلموا والبسل يكون بمعنى الحلال والحرام ويقال فلان أبسل ماله أي أسلم بدينه
"فصل ب ش" قوله: "يباشرها" وقوله: "يباشر" أي تلاقى بشرته بشرة غيره وأصل البشرة جلدة الوجه والجسد وتطلق المباشرة على الجماع ومنه قوله: تعالى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ} قوله: "اقبلوا البشرى" ووقع للأصيلي بالتحتانية والمهملة وهو تصحيف قوله: "بشاشة القلوبط هي الأنس واللطف ومنه بشاشة العرس قوله: "بشعة

(1/87)


في الحلق" أي كريهة في الطعم قوله: "بشق المسافر" بكسر الشين قال أبو عبيدة أي تأخر وقيل مل وقيل ضعف ولغير الأصيلي بثق بمثلثة ولبعضهم مثله لكن أوله لام ورجحه الخطابي.
"فصل ب ص" قوله: "الإبصار" أي التبصر في أمر الله وقوله: "بصر عيني وبصرت به بضم الصاد إذا نظرت إليه بعد مانع والاسم منه البصر بالضم ثم السكون قوله: "مستبصرين أي ضللة" كذا في الأصل والمستبصر هو الداخل في الأمر على بصيرة أي على عمد وهو ك قوله: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} قوله: "بصرى" بالضم مقصور هي بلد معروف بالشام وقيل هي مدينة حوران قوله: "بصيص" أي بريق قوله: "بصق يقال بالصاد والسين والزاي كما تقدم
"فصل ب ض" قوله: "تبض من الماء" أي تقطر وتسيل ويقال بض الماء إذا سأل وقيل البض الرشح وروى تبص بمهملة من البصيص وهو البريق قوله: "بضع امرأة" بضم أوله هو الفرج ويطلق على الجماع والمباضعة اسم الجماع وقوله: "استبضعي منه" أي اطلبي منه الجماع لأجل الولد ومنه نكاح الاستبضاع فسرته عائشة قوله: "بضاعة" بالكسر قطعة من المال غير النقد وبالضم بضاعة قال القعنبي نخل بالمدينة وقيل هي دار بني ساعده بالمدينة وبئرها مشهور قوله: "بضع" بكسر أوله في العدد ما بين ثلاث إلى تسع علي المشهور وقيل إلى عشر وقيل من اثنين إلى عشرة ومن أثنى عشر إلى عشرين وقيل سبع وقيل من واحد إلى أربع قوله: "مثل البضعة" بفتح أوله هي القطعة من كل شيء ومنه فاطمة بضعة مني
"فصل ب ط"
قوله: "بطحان" بضم أولها وسكون ثانيه اسم واد بالمدينة تكرر ذكره في الحديث وضبطه أهل اللغة بفتح أوله وثانيه وبه جزم أبو عبيد البكري قوله: "البطحاء" والأبطح تقدم قوله: "بطح لها" أي ألقي على وجهه قوله: "بطرت" أي أشرت فسره في الأصل ومنه قوله: "بطرا والبطر فسروه بالطغيان عند النعمة قوله: "بعض بطارقته" جمع بطريق وهو الحاذق بالحرب بلغة الروم قوله: "باطش بجانب العرش" أي متعلق به والبطش الأخذ القوي الشد قوله: "فمثل ذلك بطل أي ذهب باطلا وفي رواية بالتحتانية من طل دمه ورجحها الخطابي قوله: "ماتت في بطن" أي في نفاسها قوله: "كانت له بطانتان" بطانة الرجل صاحب سره قوله: "امرأة بطيئة" بوزن فعيلة وهي ضد السريعة
"فصل ب ظ" قوله: "بظر اللات" بفتح أوله وإسكان ثانيه ما يقطع من فرج المرأة عند الختان ومنه قول حمزة يا بن مقطعة البظور
"فصل ب ع" قوله: "فبعثنا البعير" أي اقمناه من مبركه ومنه حين تنبعث به راحلته قوله: "يبعث البعوث إلى مكة" أي يجهز الجيوش قوله: "فابتعثاني أي أيقظاني قوله: "ونؤمن بالبعث" أي الحياة بعد الموت وبعث النبي صلى الله عليه وسلم إرساله بالشرع وقوله: "يا آدم ابعث بعث النار" هو من تسمية المفعول بالمصدر والمراد من يرسل إلى النار قوله: "يوم بعاث" بعاث بضم أوله وهو موضع على ميلين من المدينة كان به وقعة بين الأوس والخزرج قبيل الإسلام ومنهم من ذكره بالغين المعجمة كالأصيلي والقابسي وتبعا في ذلك الخليل بن أحمد وتفرد به وغلطوه قوله: "بعثرت" أي أثيرت بعثرت حوضي أي جعلت أسفله أعلاه قوله: "أراكم من بعدي" أي من

(1/88)


خلف ظهري وأبعد من فسره بعد الموت وقوله: "في دار البعداء" أي الحبشة لبعد دياركم ونسبهم ودينهم قوله: "فأحرق على من لا يخرج إلى الصلاة بعد" أي بعد أن يسمع النداء ولبعضهم بعذر وهي متعلقة بنفي محذوف والتقدير لا عذر له في ترك الخروج قوله: "البعير" هو الجمل ويطلق على الأنثى أيضا والجمع أبعرة وقوله: "ترمي بالبعرة "واحدة البعر وهو روث الجمال وفي تفسير الحوايا المباعري أي أماكن البعر ولبعضهم الأمعاء بدل المباعر قوله: "البعوض" هو البق وقيل صغاره واحدتها بعوضة ويجمع على بعض أيضا قوله: "بعط فعل أمر من البيع وهو المعاوضة وقال إبراهيم العرب تقول بع لي وهي تعني الشراء يعني أن لفظ البيع يطلق على الشراء
"فصل ب غ"
قوله: "في التلبينة البغيض النافع" بغيض وزن فعيل قيل لها ذلك لأن المريض يكره الدواء وهو نافع قوله: {لا يَبْغِيَانِ} أي لا يختلطان لأنه لا يبغي أحدهما على الآخر بأن يتجاوز مكانه قوله: "مهر البغي" بتشديد الياء قبلها كسرة هي الزانية ومهرها ما تعطاة وقوله: "على البغاء" أي على الزنا وأصل البغاء الطلب وأكثرها ما يستعمل في الشر ومنه فأن بغت إحداهما على الأخرى وبغوا علينا وجاء لمطلق الطلب في قوله: "أبغنى حبيبا" أعني على الطلب ومثله أبغني أحجارا قوله: "يبتغي" أي يطلب وحبسني أبتغاؤه أي طلبه وبغيت حتي جمعتها أي طلبت وصحف من ذكره بلفظ تعبت بمثناه ثم مهملة فموحدة وفي قصة زيد بن عمرو خرج يسأل على الدين ويبتغيه كذا وقع للقابسي أي يطلبه ولغيره يتبعه بمثناه ثقيلة ثم موحدة
"فصل ب ق" قوله: "بقر خواصرهماط أي شقها وأصل البقر التوسع وقوله: "يبقرون بيوتنا" أي ينقبونها ويسرقون ما فيها قوله: "بقع الماء" جمع بقعة وأما البقعة من الأرض فجمعها أيضا بقع وبقاع أيضا قوله: "بقيع بطحان وقوله: البقيع" هو مقبرة أهل المدينة وقال الخليل كل موضع من الأرض فيه شجر يقال له بقيع وكان البقيع أولا كذلك ثم نبش واتخذ مقبرة قوله: "العصف" بقل الزرع أي نباتة الأخضر ووقع للمستملي بمثلثة وفاء والأول هو الوجه قوله: "بقية خير" أي فضلة قوله: "أبقى لثوبك" كذا لأكثرهم من البقاء قال الأصيلي ويقال بالنون قوله: "كراهية أن تري أني كنت أبقيه" كذا لهم بموحدة أي أرهبه وفي مسلم انتبه بنون ومثناة وهو بمعناه قوله: "إلا الإبقاء عليهم" أي الرفق بهم
"فصل ب ك"
قوله: "الإبكار" بكسر أوله هو أول الفجر قاله مجاهد قوله: "بدلو بكرة" على الإضافة والبكرة بالتحريك التي يجعل فيها حبل الدلو وللأصيلي بإسكان الكاف والبكرة هي الصغيرة من الإبل قوله: "الصم البكم" قيل ذلك لرعاع الناس وجهلتهم لأنهم لا يقبلون فكأنهم لا يسمعون ولا يحسنون النطق بالحق فكأنهم لا ينطقون قوله: "أبكم" هو أحد البكم قوله: "بكيا" أي جماعة باك
"فصل ب ل"
قوله: "بلحوا على" بالتشديد وبالتخفيف أيضا أي عجزوا يقال بلج الرجل إذا وقف من التعب قوله: "بلدح" بسكون اللام وبالحاء المهملة واد غربي مكة لبني فزارة قوله: "أليست البلدة" أي مكة قيل اللام بدل من الإضافة أي بلدتنا وقيل اسم مكة وقيل اسم مني قوله: "إلى البلاط" هو موضع قريب من مسجد المدينة اتخذه عمر لمن يتحدث وسيأتي البلاط في ملاط قوله: "البلعوم" فسره في الأصل مجرى الطعام قوله: "أبلها ببلالها" وفي رواية ببلاها قال البخاري لا أعرف للثاني وجها ويقال للماء في السقاء بلة ولا بلال

(1/89)


بكسر أوله ويفتح أي ماء ومعني الحديث سأصلها بصلاتها ومنه قوله: "بلوا أرحامكم قوله: "تبلغ عليه أي اكتف به وقوله: "لا بلاغ" أي لا وصول وقوله: "أبلى وأخلقى" أمر بالابلاء أي البسي إلى أن يصير خلقا باليا قوله: "بله ما اطلعتم عليه" بفتح أوله وسكون اللام وفتح الهاء تأتي بمعني الإضراب وبمعنى غير وكيف فحيث أدخل عليها من فهي بمعنى غير لا غير قوله: "ما أبلى أحد" أي أغني ومنه أبلاه وأبلاني يستعمل في الخير مقيدا والشر مطلقا لقوله تعالى: {بَلاءً حَسَناً} وقد يطلق فيهما كقوله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} وأصله الاختبار ومنه أراد الله أن يبتليهم
"فصل ب ن" قوله: "بالبنات" أي اللعب والصور اللواتي تشبه الجواري تلعب بها الصبايا قوله: "البندقة" معروفة تصنع من طين وغيره يرمي بها الصيد من عصا مجوفة أو من غيرها قوله: "بنانه" أي أصبعه قوله: "تبني زيدا" أي دعاه ابنه قوله: "بني بي" بضم أوله على البناء للمفعول أي دخل على ومنه قوله: "ولم يبن بهاط وأصل ذلك أنهم كانوا يبنون للمتزوج قبة يدخل فيها على أهله قوله: "كالبنيان" أي البناء قوله: "البنية" بكسر النون والتشديد هي الكعبة
"فصل ب ه" قوله: "قوم بهت" بضم أوله وثانيه وقد تسكن جمع بهوت بفتح أوله وضم ثانيه من البهتان وهو قول الباطل ومنه بهتوني وقوله: "فبهت" بالضم وكسر الهاء أي ذهبت حجته قوله: "بهجتها" أي حسنها قوله: "ابهار الليل" بتشديد الراء قيل انتصف أو ذهب معظمه إذ بهرة كل شيء أكثره والأبهر تقدم في الألف قوله: "ما بهشت لهم بقصبة" أي ما مددت يدي إليها قوله: "رعاة البهم" أي الغنم إذ هو جمع بهمة وهي واحدة البهائم قوله: "ذبحت بهيمة" هو تصغير بهمة قوله: "يباهي" أي يفاخر وأصله البهاء وهو الجمال والحسن قوله: "به به" قال ابن السكيت يعني بخ بخ واستبعده بن الأثير إذ هو في مقام الإنكار وجوز غيره أن تكون الباء بمعنى الميم
"فصل ب و" قوله: "فليتبوأ" أي ليتخذ مباءة وهي المنزل ومنه بوأه الله وهو أمر بمعنى الخبر قوله: "ولا يبوح" أي لا يظهر وقوله: "كفرا بواحا" بفتح وتخفيف أي ظاهرا قيل الصواب بوجا بسكون الواو بغير ألف قوله: "دار البوار" هو الهلاك قاله مجاهد وقال ابن عباس النار وكان أحدهما فسر المضاف والآخر فسر المضاف إليه قوله: {قَوْماً بُوراً} أي هالكين قوله: "البؤس" تقدم في البأس قوله: "بواط" بالضم والتخفيف جبل من جهينة قوله: "باعا" وفي رواية بوعا هو طول ذراعي الإنسان وما بينهما قوله: "اتخذوا بوقا" هو شيء مجوف ينفخ فيه قوله: "بوائقه جمع بائقه وهي المصيبة أو الداهية قوله: "بينهما بون" أي بعد ويطلق البون على الاختلاف وعلى مسافة ما بين الشيئين قوله: "بال الشيطان في أذنه" قيل على حقيقته وقيل كناية عن الاستخفاف قوله: "لا يباليهم الله بالة ولا يلقى لها بالا وما باليت" كله من المبالاة وهي الاكتراث بالشيء والبال أيضا الحال والفكر وقيل والهم
"فصل ب ي" قوله: "بينا" تقدم في الهمزة قوله: "فيبيتهم الله وقوله: فيبيتون" هو من البيات وقد تكرر والمراد إيقاع الحرب بالليل وفي قصة بن أبي الحقيق دخل عليه بيته بالتشديد من هذه المادة وفي رواية

(1/90)


بإسكان الباء التحتانية وهو متجه قوله: "البيداء" هي الأرض القفر والجمع بيد وزن بير وقوله: "حتى استوت راحلته على البيداء" وقوله: "بيداؤكم هذه" هي الأرض الملساء التي دون ذي الحليفة في طريق مكة وأما قول عائشة حتي إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي فقيل هي هي وقال البكري هي أدني إلي مكة من ذي الحليفة قوله: "بيد أنهم" أي غير أنهم وقد تأتي بمعني على وبمعنى إلا وبمعنى من أجل قوله: "بيدر من بيادر التمر" هو الجرين وقوله: "بيدر كل تمر فعل أمر منه أي اجعل كل صنف في بيدر قوله: "بيرحا" موضع قبلي المسجد النبوي يعرف بقصر بني جديلة اختلف في ضبطه فقيل بلفظ البئر والإضافة كمثل"حرف الهجاء وعلى هذا فحركات الإعراب في الراء وأنكر ذلك أبو ذر الخشني وإنما هي بفتح الراء على كل حال وقال الصوري هي بفتح الباء والراء معا في كل حال فحصلنا على ثلاثة أقوال وحكى المد والقصر فيها فتصير ستة وفي رواية لمسلم بريحاء بفتح الباء وكسر الراء بعدها ياء ثم حاء مهملة ولأبي داود مثله لكن أشبع فتحة الباء إلى أن صارت بأريحاء وهو يؤيد ما ذهب إليه الصوري قوله: "بئر جمل بالإضافة والجيم موضع معروف بالمدينة قوله: "بئر أريس" تقدم في الهمزة قوله: "بئر ذروان" هو موضع على ساعة من المدينة قال الأصمعي من قالها ذروان فقد أخطأ وإنما هي ذو أروان وقال غيره إنما قالوا ذروان تخفيفا وجمع البئر أبار بسكون الموحدة بعدها همزة كحمل وأحمال ويقال آبار بالمد وهو جمع قلة وقوله: "بئارها بكسر وهمزة وقد تسهل وهو جمع كثرة قوله: "حريق بالبويرة" تصغير بئر وهي موضع معروف بالمدينة كان لليهود قوله: {بَيْضٌ مَكْنُونٌ} قال ابن عباس اللؤلؤ قوله: "وابياضت" أي صفت يقال أبيض الشيء إذا أسفر وابياض إذا تحول من لون إلى آخر بين اللونين قوله: "البيض" بالكسر جمع أبيض وهي السيوف وبالفتح جمع بيضة وهي التي تلبس في الرأس في الحرب وتطلق على الملك وعلى العز وعلى معظم الشيء قوله: "بيضتهم" بالفتح أي جماعتهم قوله: "بيعة" بكسر أوله وهي الكنيسة وقيل البيعة لليهود كالكنيسة للنصارى وأما البيعة بالفتح فواحدة البيع وهي المعاوضة وقد تكرر وقد تقدم ويطلق على السوم ومنه لا يبع بعضكم على بيع بعض قوله: "البيان" يطلق للظهور وللفهم ولذكاء القلب ومنه البينة لظهورها أو لظهور الحق بها وقوله: "ليس بالطويل البأئن" أي المفرط في الطول وأصل البائن البعيد فكأنه بعد عن أنظاره وقوله: "بن القدح أي أبعده قوله: "بينا وبينما" هو من البين وهو الوصل تقول بينا أنا وبينما أنا أي أنا متصل بفعل ويطلق على البعد فهو من الأضداد وأما بينما فهو الأول زيد فيه ما

(1/91)


حرف التاء المثناة من فوق
"فصل ت أ" قوله: "تائه" أي متحير قوله: "فليتئد وقوله: اتئدوا" المراد التأني والرزانة والاسم التؤدة وقول عمر في قصة علي وعباس تيدكم بفتح أوله وسكون الياء وفتح الدال وللأصيلي بكسر أوله ولأبي ذر بفتح أوله وكسر الهمزة وسكون الدال والأول أصوب وهو اسم فعل من التؤدة وحكى سيبويه بيس فلان بفتح أوله فعلي هذا فالياء مسهلة من الهمزة وهي مبدلة من الواو
"فصل ت ب" قوله: "تباب" أي خسران وقوله: "تبت أي خسرت وقوله: "تبا لك" أي خسرنا ويقال

(1/91)


للهلاك ومنه قوله: "تتبيب" أي تدمير كذا في الأصل وكذا قوله: "ليتبروا قال في الأصل ليدمروا وقوله: "متبر" أي خسران قوله: "سبع في التابوت" أي الجسد شبهه بالصندوق قوله: "تبارا" أي هلاكا قوله: "تبرا من الصدقة" أي ذهبا غير مسبوك قوله: "تبيع في زكاة البقر" هو الذي دخل السنة الثانية وقيل استوفاها ودخل في الثالثة وقوله: "كنت تبيعا" لطلحة أي تابعا له أخدمه قوله: "تبع" هو لقب ملوك اليمن سمي بذلك لأنه يتبع صاحبه والظل يسمى تبعا لأنه يتبع الشمس كذا في الأصل وعن الأصمعي سمي تبعا لأنه ملك فتابعه الناس قوله: "تباعا" أي متوالية يتبع بعضها بعضا وقول أبي هريرة ما سألته إلا ليستتبعني أي ليقول لي اتبعني إلى المنزل ووقع لابن السكن ليشبعني من الشبع بمعجمه ثم موحدة قوله: "كنا لكم تبعا" بفتحات واحدة تابع مثل غيب وغائب وقوله: "تبعة" أي حق يطلب به ومنه قوله: "علينا به تبيعا" أي طالبا وعن ابن عباس نصيرا وقيل ثائرا وقيل معني أتبعه سار خلفه واتبعه مشددا حذا حذوه قوله: "إذا أتبع أحدكم فليتبع" بالسكون في الأولى والتشديد في الثانية للمعظم وقيل بالسكون فيهما وبه جزم بن الأثير وخطأ الخطابي التشديد وتبعه النووي والذي ثبت في الرواية وجه وقال صاحب التاريخ أتبعته على فلان أحلته وأتبعني عليه أحالني قوله: "تبوك معروفة وهي من أداني أرض الشام قوله: "التبتل" تقدم في الموحدة قوله: "التبن" هو ما يخرج منه القمح والشعير قوله: "في تبان" بضم أوله والتشديد هو سراويل قصيرة الساقين أو بلا ساقين
"فصل ت ج" قوله: "تجاهه" أي مقابلة من تلقاء وجهه وحقه أن يذكر في الواو
"فصل ت ح" قوله : "من تحت" أي من أسفل وتحت القوم أراذلهم قوله: "يتحفونه" أي يوجهون إليه التحف من طرف الفاكهة وغيرها ومنه قوله: "فما تحفتهم" وهي بسكون الحاء وقد تفتح
"فصل ت ر" قوله: "ترب جبينه" أي قتل لأن القتيل يقع على وجهه ليترب وظاهره الدعاء عليه بذلك ولا يقصد ذلك وكذا قوله: "تربت يداك" أي افتقرت فامتلأت ترابا وقيل المراد ضعف عقلك بجهلك بهذا وقيل افتقرت من العلم وقيل معناه استغنيت يقال هي لغة القبط استعملها العرب واستبعد والراجح أنه شيء يدعم به الكلام تارة للتعجب وتارة للزجر أو التهويل أو الإعجاب وهو كويل أمه ولا أبالك وعقرى حلقي وقال الداودي إنما هو ثربت بالمثلثة وغلط قوله: "ذا متربة" أي الساقط في التراب قوله: "أتراب" أي أمثال وهو جمع ترب بكسر أوله قوله: "الترجمان" بفتح أوله وضمه الأصيلي وضم الجيم هو من يفسر لغة بلغة وقوله: "يترجم له" من ذلك قوله: "سحابة مثل الترس" أي مستديرة والترس معروف ومنه يتترس ويترس قوله: "مترس" يأتي في الميم قوله: "ترعة" بضم ثم سكون بعدها عين مهملة قيل الباب وقيل الروضة وقيل الدرجة قوله: "أترفوا" أي أهلكوا كذا في الأصل وهو تفسير باللازم والمترف المتوسع في ملاذ الدنيا وهو شأن من يحصل له الهلاك قوله : "التراقي" جمع ترقوه بضم القاف وهو العظم الذي بين ثغره النحر والعاتق قوله: "يطالع تركته" أي ولده الذي تركه هناك وهو بكسر الراء الشيء المتروك وقيل بالسكون وهي في الأصل بيض النعامة لأنها لا تحضنه قوله: "قبة تركية" منسوبة إلى الترك وهم الجيل المعروف قال النووي كانت صغيرة من لبود ق وله : "الترهات" تأتي في الأساطير

(1/92)


"فصل ت س" قوله: "تستر" مدينة من بلاد فارس وهو بضم أوله وسكون ثانيه وفتح المثناة وضبطه البكري بفتح أوله وضم ثالثه قوله: "تسنيم" قال ابن عباس يعلو شراب أهل الجنة يريد أن المزاج يكون فوق الممزوج وقال الراغب التسليم عين رفيعة القدر ذكر أهل التفسير أنها تختص بالمقربين ويمزج منها شراب أهل اليمين ثم قيل هو من المعرب وقيل أصله من سنمه بتشديد النون إذا رفعه
"فصل ت ع" قوله: "تعس" بكسر العين وبفتحها أي عثر فسقط على وجهه وقيل معناه بعد وقيل هلك أو لزمه الشر قوله: "تعسا" كأنه يقول أتعسهم الله دعاء عليهم بالتعس قوله: "تعهن" بكسر أوله وقد يفتح وسكون ثانيه وكسر الهاء موضع على ثلاثة أميال من السقيا بطريق مكة وضبطه بعضهم بضم أوله وثانيه وتشديد الهاء حكاه أبو موسى في الذيل ومنهم من يكسر أوله وهو الذي في الحديث مع سكون ثانيه كما ذكرته أولا
"فصل ت ف" قوله: "التفل" بسكون الفاء هو النفخ ببصاق قليل أو بغير بصاق ومنه قوله: "في التيمم وتفل فيهما ويتفل بضم الفاء وبكسرها قوله: "وليخرجن تفلات" التفل بفتح الفاء الرائحة الكريهة والمراد أن لا يتطيبن يقال هو تفل أي غير متطيب قوله : "تفثهم" التفث إذهاب الشعث قوله: "الشيء التافه" أي اليسير الحقير
"فصل ت ق" قوله: "التقية إلى يوم القيامة" أي التستر لأجل الحذر والجمع التقي وقوله: "يتقي بجذوع النخل أي يستتر بها وتقوى الله الخوف منه
"فصل ت ك" قوله: "وكان متكئا وكان يتكيء" قال الخطابي كل معتمد على شيء متمكن منه فهو متكئ ومنه قوله: "يتوكأ"
"فصل ت ل" قوله: "التلبينة" تأتي في اللام قوله: "تلعة" بفتح أوله أرض مرتفعة يتردد فيها السيل والجمع تلاع قوله: "من تلادى" بكسر أوله أي من قديم ما قرأته وتلاد المال قديمه وطارفه جديده قوله: "تله في يده" أي دفعه إليه وقوله: "فتله للجبين أي وضع وجهه بالأرض قوله: "في التلول جمع تل وهو الموضع المرتفع قوله: "لا دريت ولا تليت" قيل معناه ولا تلوت وإنما قالها بالياء للمؤاخاة والاتباع وقيل معناه ولا تبعت الحق وقال ابن الأثير ولا ائتليت أي لا استطعت يقال ما ألوت أي ما استطعت وهي افتعلت منه وهذا الذي جزم به ذكره بن الأنباري تجويزا
"فصل ت م" قوله: "تمتمة" هو تردد اللسان إلى لفظ كأنه التاء واسم الرجل تمتام
"فصل ت ن" قوله: "التنعيم" مكان معروف خارج مكة سمي بذلك لأنه عن يمينه جبل يقال له نعيم وآخر يقال له ناعم والوادي اسمه نعمان قوله: "التنور" هو الذي يخبز فيه وقيل اسم مكان بالكوفة وقال ابن عباس في قوله: {وَفَارَ التَّنُّورُ} أي نبع الماء وقال عكرمة وجه الأرض وقيل من المعرب قوله: "التناوش" هو الرد من الآخرة إلي الدنيا
"فصل ت ه" قوله: "تهامة" بكسر أوله كل ما انخفض من بلاد الحجاز ونجد كل ما ارتفع قال ابن فارس

(1/93)


مأخوذ من التهم بفتحتين وهو شدة الحر وركود الريح قال البكري أولها من مدارج تحت عرق وطرفها الآخر مدارج العرج
"فصل ت و" قوله: "يتوجونه" أي يلبسوه التاج وقوله: "توخاه" أي قصده والتوخي هو القصد قوله: "فدعا بتور هو إناء من حجارة أو غيرها مثل القدر قوله: "توى لأحدهما" أي هلك ومنه لا توي عليه ووهم من قال بالمثلثة قوله: "تيب عليه" أي قبلت توبته والتوبة الرجوع
"فصل ت ي" قوله: "تيس" هو الذكر الثني من المعز الذي لم يبلغ حد الضراب قوله: "تارة" جمعه تيرة وتارات وصوابه تير بكسر أوله وفتح ثانيه قوله: "كيف تيكم" هي من أسماء الإشارة للمؤنث قوله: "التيمم وتيمموا" يأتي في الياء الأخيرة وأصله القصد آمين عامدين وأممت ويممت واحد قوله: "تيماء" موضع قريب بادية الحجاز وهي حاضرة شاطئ يخرج منها إلي الشام على البلقاء

(1/94)


حرف الثاء المثلثة
"فصل ث ا" قوله: "تثاءب" والاسم الثؤباء وقيل الصواب بتشديد الهمزة ولا يقال تثاوب بالواو قال ابن دريد أصله ثئب الرجل إذا استرخى وكسل
"فصل ث ب" قوله: "ليثبتوك" قال ليحبسوك كذا في الأصل وقوله: "فاستثبت عطاء هو من التثبت وقوله: "طعنته فأثبته أي أثبت الطعنة فيه فأصبت مقتله وقوله: "إذا عمل عملا أثبته أي دام عليه قوله: "ثبات يقال وأحدها ثبة بالضم والتخفيف قال ابن عباس أي سرايا متفرقين قوله: "ثبج البحر" أي وسطه وقيل ظهره وأصله ما بين الكاهل إلى الظهر قوله: "ثبير" هو جبل معروف بمكة على يسار الذاهب إلى مني من عرفة قوله: "ثبوراط قال ابن عباس أي ويلا وقوله: "مثبوراط أي ملعونا قوله: "ثبطة" أي ثقيلة وأصله التعويق
"فصل ث ج" قوله: "ثجاجا" أي منصبا والثج الصب
"فصل ث خ" قوله: "أثخنته" أي أثقلته بالجراح
"فصل ث د" قوله: "الثدي" بفتح أوله وسكون الدال وتخفيف الياء للواحد وبالضم وكسر الدال والتشديد للجمع وقوله: "ذي الثدية" المشهور بالمثلثة مصغرا وقيل أوله ياء أخيرة كذلك وله وجه
"فصل ث ر" قوله: "ولا يثرب" أي ولا يوبخ قوله: "الثريد معروف وهو ما يصنع بمرق اللحم وقد يكون معه اللحم غالبا قوله: "الثريا" هو النجم المعروف قوله: "الثرى" هو التراب الندى وقوله: "فثرى" أي بل بالماء حتى صار كالثرى ومنه مكان ثريان قوله: "نعما ثريا أي كثيرة يقال أثروا إذا كثرت أموالهم والاسم الثرى والثروة والثراء بالمد المال والغنى
"فصل ث ع" قوله: "مثعب" أي مسيل ومنه يثعب دما قوله: "الثعبان" قال ابن عباس الحية الذكر قوله: "الثعارير" هي الضغابيس قال الأصمعي هو نبات ينبت في أصول الثمام شبه الهليون وقال أبو عبيدة صغار

(1/94)


القثاء وقيل يشبهها ويقال للأقط إذا كان رطبا وقيل هو نبت يخرج من الإذخر وغيره قدر شبر فيه حموضة وقال القابسي صدف الجوهر وكأنه أخذه من الطريق الأخرى حيث قال كأنهم اللؤلؤ ولا تلازم بينهما لأنهما تشبيهان مختلفان وقوله: "في الحديث فينبتون يدل للأول
"فصل ث غ" قوله: "ثغاء" هو صوت الغنم يقال ما له ثاغية أي غنم قوله: "كالثغب شرب صفوه" هو بسكون ثانية وفتحه الماء المستنقع من المطر وقوله: "وكان منها ثغبة" كذا رواه بعضهم وهو تصحيف وإنما هو نقية بالنون والقاف والتشديد وقوله: "ثغرة نحره بضم أوله هي النقرة التي بين الترقوتين والثغر ما يلي دار العدو وأثغر الصبي إذا نبتت سنة وإذا قلعت
"فصل ث ف" قوله: "استثفري بثوب" أي شدي على فرجك وهو مأخوذ من ثفر الدابة وهو الذي يشد تحت ذنبها قوله: "جمل ثفال" بفتح أوله هو البطيء السير وخطؤا من كسر أوله
"فصل ث ق" قوله: "الثاقب المضيء" يقال اثقب نارك للموقد قوله: "ثقب" في تنور وللكشميهني بالنون قوله: "ثقف" أي فطن وزنا ومعنى قوله: "لما ثقل" أي أشتد مرضه قوله: "الثقل من جمع" بفتحتين هو متاع المسافر وأتباعه قوله: "اثقالا" أي أوزارا وقوله: "مثقلة إلى حملها" أي مثقلة ذنبا وقوله: "مثقال ذرة" أي زنة ذرة ومنه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع أي غلب عليهم النوم حتى ما يطيقوا القيام من ثقل الرؤوس والغشى المثقل أي الذي يثقل صاحبه
"فصل ث ك" قوله: "ثكلتك أمك" الثكل بفتحتين وبضم ثم سكون الفقد وهي كلمة تستعمل ولا يراد بها حقيقتها
"فصل ث ل" قوله: "ثلاث ورباع" بين في الأصل قوله: "ثلطت" أي سلحت والثلط بسكون اللام الرجيع السهل قوله: "يثلغ رأسه" أي يشدخ قوله: "ثلة" بالضم أي أمة كذا في الأصل والثلة القطعة من الناس وبفتح أوله القطعة من الغنم قوله: "ثلة الجدار" أي الموضع المنهدم منه
"فصل ث م" قوله: "ثمد قليل الماء" قيل هو ما يظهر من الماء في الشتاء قوله: "ثمال اليتامى" أي مطعمهم وعمادهم أو ظلهم وقيل مطعمهم في الشدة قوله: "ثمل" بكسر الميم أي سكران قوله: "ثمرت أجره" أي نميته وكثرته قوله: "ثمر الأراك" بفتحتين أي ما يؤكل منه قوله: "وكان له ثمر" قال مجاهد ذهب وفضة وقال غيره جماعة الثمر قوله: "ثم" بالضم حرف عطف يرتب ما بعده على ما قبله قوله: "ثم" بالفتح ظرف مكان وقوله: "أثم" هو الهمزة للاستفهام أي أههنا هو قوله: "ثامنوني" أي بايعوني فيه واذكروا لي ثمنه قوله: "ثمنهن" بضم أوله أي ميراثهن وهو الثمن
"فصل ث ن" قوله: "في ثنته" بالضم وتشديد النون بعدها مثناة هو ما بين السرة والعانة قوله: "ثنية جارية" أي سنها المقدم وثنية الوداع موضع على طريق المدينة قوله: "بيع الثنيا" بضم أوله وسكون ثانيه أي ما يستثنى في البيع قوله: {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} قرأ بن عباس تثنوني لأبي الهيثم بمثناة أوله ولغيره بتحتانية ثم مثلثة

(1/95)


ساكنة ثم نون مفتوحة وبعد الواو نون مكسورة وصدورهم بالضم وهو أفعوعلت من انثنى الشيء أنعطف قال في الأصل كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا بفروجهم إلى السماء
"فصل ث و" قوله: "ثاب رجال" أي رجعوا وقوله: "ثابت إلينا أحسابنا" أي رجعت وقوله: "مثابة" أي مجتمعا وقيل معاذا قوله: "ثوب بالصلاة" أي دعي إليها قوله: {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّار} أي جوزي قوله: "لا بأس أن يعطى الثوب بالثلث" كذا للأكثر بالموحدة ولابن السكن والنسفي بالراء قال عياض الثاني أشبه بسياق الباب قلت والأول موجه أيضا لأنه في النساجة وذاك في الزراعة قوله: "ثائر الرأس" أي منتشر الشعر قوله: "يثور من بين أصابعه" أي ينتشر قوله: "جبل ثور" هو معروف بمكة وثور جبل آخر صغير بالمدينة خلف أحد وأنكره مصعب الزبيري وأثبته جماعة قوله: "ثوى" أي أقام ومثواه أي مقامه
"فصل ث ي" قوله: "الثيب" من تزوج وحصل له الوطء يقال للأنثى وللذكر وهو من ثاب يثوب كأنه من صلح لعود الوطء وقيل لأنها ترجع بغير الوجه الذي كانت عليه من الحياء

(1/96)


حرف الجيم
"فصل ج ا" قوله: "فجئثت" يأتي في ج ث قوله: "جأشه" بسكون الهمزة أي قلبه قوله: "لها جؤار" هو صوت البقرة ويستعمل للآدمي وقوله: "ثم إليه تجأرون" أي تضجون وتستغيثون
"فصل ج ب" قوله: "جب أسنمتها" أي قطعها قوله: "الجب" بالضم أي الركبة التي لم تطو قوله: "الجبت" بالكسر قال عمر السحر وقال عكرمة الشيطان قوله: "جبتان" تثنية جبة وهي ما قطع من الثياب مشمرا ويقال بالنون قوله: "جبذت بثوبه" الجبذ معروف ويقال فيه الجذب ومنه فاجتذبتها واجتبذتها قوله: "جبار" أي هدر لا يطلب قوله: "بجبلي طيء" هما أجا بوزن ذهب وسلمى قوله: "والجبلة الأولين" قال هم الخلق جبل خلق ومنه جبلا وجبلا مخفف ومثقل قوله: "الجبن" هو ضد الشجاعة قوله: "تجبى" أي تجلب قوله: "وأحدثنا التجبيه" بفتح المثناة وسكون الجيم وكسر الموحدة بعدها تحتانية ساكنة ثم هاء فسر في الحديث بالجلد والتحميم والمخالفة في الركوب قال ثابت وقد يكون معناه التعيير والإغلاظ من جبهت الرجل أي قابلته بما يكره وضبطها بعضهم بمثناة آخره وقبلها حركة وأصله البروك وهو بعيد هنا
"فصل ج ث" قوله: "جثئت منه" بكسر المثلثة بعدها همزة ساكنة وقد تسهل ياء ثم تاء المخاطب والأكثر بتقديم الهمزة أي رعبت وخفت قوله: "اجتثت" أي قطعت قوله: "المجثمة" هي المحبوسة لترمى قوله: "جثا" بوزن عرا جمع جاث أي بارك على ركبتيه قوله: "جاثية" أي مستوفزة على الركب وقوله: "فجثا" فعل ماض منه
"فصل ج ح" قوله: "من جحرها" أي مكانها والجحر المكان الضيق قوله: "جحش" بالضم هو أكبر من الخدش قوله: "الجحفة" بالضم ثم السكون مشهورة من المواقيت قوله: "الجحيم" هو من أسماء النار وأصله ما أشتد لهبه

(1/96)


فصل ج د" قوله: "أجادب" إحداها جدبة بفتح أوله وكسر ثانيه وقد يسكن ضد الخصبة قال الأصمعي الأجادب ما لا ينبت الكلأ قوله: "الأجداث" جمع جدث بفتحتين آخره مثلثة هو القبر قوله: "فاجدح لي" أي حرك السويق بالماء وقال الداودي أي احلب وخطيء قوله: "هذا جدكم" بالفتح أي حظكم قوله: "ولا ينفع ذا الجد منك الجد" قال الحسن الجد الغني وقيل الحظ وقيل العظمة وقوله: "تمادى بي الجد" بالكسر أي السرعة في السير قوله: "فأطال جدا" أي بالغ قوله: "جواد الطريق" جمع جادة بالتشديد وقد يخفف وهي الواضح منها قوله: "جداد النخل" أي صرامها وقطع ثمرها قوله: "عن الجدر" هو من البيت أي الجدار الذي في الحجر وهو الأساس القديم وليس المراد الحجر كله ومنه حتى يبلغ الجدر قوله: "أعطيت جدلا" أي حجة ومدافعة قوله: "فجدع وسب" أي دعا عليه بالقطع وقوله: "هل تحس فيها من جدعاء" أي مقطوعة الأذن
"فصل ج ذ" قوله: "فاجتذبتها" تقدم قبل قوله: "في جذر قلوب الرجال" الجذر بالفتح ويجوز الكسر الأصل من كل شيء قيل ومنه حتى يبلغ الماء إلى الجذر والمشهور بالدال المهملة قوله: "جذاذا" قال قتادة قطعهن قوله: "ياليتني فيها جذع" بفتحتين هو أول الأسنان والجذع من الحيوان ما لم يئن ومنه الجذع من الضأن ومنه قوله: "وليست عنده جذعة" قوله: "جذوع النخل وقوله: حنين الجذع" بكسر الجيم وسكون الذال معروف قوله: "بجذل شجرة" بكسر أوله أي أصلها وقوله: "جذيلها" بالصغير هو عود ينصب للجرباء من الإبل لتحتك به قوله: "المجذوم" هو من أصابه الجذام أعاذنا الله منه قوله: "بني جذيمة" بالفتح وزن عظيمة هي قبيلة معروفة قوله: "جذوة" أي قطعة غليظة من الخشب ليس فيها لهب قوله: "المجذبة" بالضم ثم السكون وكسر الذال المعجمة أي المنتصبة
"فصل ج ر" قوله: "جرآء" بوزن فعلاء من الجرأة وهي الإقدام وقوله: "لأنها أجرأ" أي أكثر إقداما ومنه ما جرأ صاحبك قوله: "جرباء وقوله: "أجرب" الجرب داء معروف أعاذنا الله منه قوله: "جراب" بالكسر للجمهور وعاء من جلد وجوز القزاز الفتح قوله: "يجرجر" أي يردده بالجرجرة وهي صوت البعير عند الضجر قوله: "الجرادة" واحدة الجراد معروف وسميت بها فرس أبي قتادة قوله: "جريدة" هي سعفة النخل وقد تطلق على غيره قوله: "المجردل" كذا للأصيلي ويأتي في الخاء المعجمة قوله: "جرداوين" أي ليس عليهما شعر قوله: "تجرر" أي يجرونها من مكان إلى مكان قوله: "اجترت" أي أخرجت الجرة وهي ما كانت ابتعلته لتمضغه قوله: "الجريت لا تأكله اليهود" هو حوت يشبه الحيات ويقال فيه بحذف المثناة من آخره قوله: "الجريرة" أي الجناية ومنه بجريرة قومك أي بجنايتهم قوله: "هلم جرا" أمر بالاستمرار انتصب على المصدر أي جر جرا قوله: {الْجُرُز} بضمتين قال ابن عباس الأرض التي لا تمطر إلا ماء لا يغنى عنها قوله: "الجرس" هو الجلجل وأصله من الجرس بفتح ثم سكون وهو الصوت الخفي ويقال بكسر أوله قوله: "جرست" أي رعت قوله: "الجرف" بضمتين موضع معروف بالمدينة على ثلاثة أميال وقوله: {عَلَى شَفَا جُرُفٍ} أصله ما تجرفه السيول وطاعون الجارف وقع بالعراق مرارا أولها سنة سبع وستين ثم سنة سبع وثمانين وسمي بذلك لكثرته كأنه جرف الناس كالسيل قوله: {يَجْرِمَنَّكُمْ} أي يحملكنم قاله بن عباس وقيل معنى

(1/97)


لا جرم لا محالة ويقال أجرم وجرم بمعنى وقيل أصل جرم كسب ومنه اجترم أي اكتسب قوله: "الجرية" أي جرى الماء إلى أسفل قوله: "يجري عليه" أي الرزق قوله: "مجراها" أي مدفعها وهو مصدر أجريت قوله: "فأرسلوا جريا أو جريين" الجري بفتح أوله وكسر الراء وتشديد الياء الرسول لأنه يجري في الحوائج ومنه قوله: "لا يستجرينكم الشيطان
"فصل ج ز" قوله: "جزيرة العرب" قال المغيرة مكة والمدينة واليمامة واليمن وروى مثله عن مالك قوله: "في جزارتها" بكسر الجيم أي على عمل الجزار قوله: "الجزور" بفتح أوله هو ما يجزر من الإبل أي يذبح والجمع جزائر وجزر قوله: "الجزع" بالتحريك القول السيء وقيل الفزع قوله: "يجزعه" أي يطرح عنه الجزع قوله: "من جزع أظفار" بإسكان الزاي خرز معروف قوله: "فتجزعوها" أي تقسموها قوله: "جزافا" مثلث الجيم أي بغير كيل ولا وزن قوله: "الجزل" أي القوي قوله: "أيجزي إحدانا" أي أيكفي وقوله: "ما أجزأ فلان أي ما أغني وأجزاني بالهمز كفاني وقوله: "ويجزي من ذلك ركعتان أي ينوب ويقضي وقوله: "أجزي به أي أثيب
"فصل ج س" قوله: "جسدا" قال مجاهد شيطانا وقال غيره ولدا صغيرا شق إنسان قيل هو الذي ولدته إحدى جواريه حيث أقسم أن يطأهن فيحملن فيلدن ولم يقل إن شاء الله قوله: "ثم يؤتى بالجسر" أي الصراط وهو كالقنطرة بين الجنة والنار يمر عليها المؤمنون قوله: "ولا تجسسوا" أي لا تسألوا عن السر وقيل التجسس التبحث
"فصل ج ش" قوله: "جشته"ط أي طحنته قوله: "جشاء" بضم أوله والمد يعني أن فضل طعامهم يخرج فيه قوله: "لتجشمت لقاءه" أي تكلفت
"فصل ج ع" قوله: "جعبة" بفتح أوله من نبل هي الكنانة التي يوضع فيها السهام قوله: "جعدا" الجعد في الشعر المتجعد وفي الرجال والحيوان الشديد الخلق قوله: "الجعرانة" هو موضع معروف بين مكة والطائف بكسر أوله وبكسر العين وتشديد الراء ويقال بإسكانها وتخفيف الراء قال علي بن المديني أهل المدينة يخففونها وأهل العراق يشددونها وخطأ الخطابي التشديد قوله: "يكون انجعافها" أي انقلاعها قوله: "الجعائل" جمع جعيلة وهو ما يجعله القاعد لمن يخرج عنه مجاهدا والجعل ما يجعل على عمل معين
"فصل ج ف" قوله: "فيذهب جفاء" يقال أجفأت القدر إذا غلت فعلاها الزبد قوله: "الجفاء" بفتح أوله أي التباعد وعدم الرقة والرحمة قوله: "يجافى جنبه" أي يجفو فراشه من الجفاء وهو البعد قوله: "الجفرة" بالفتح هي من ولد الضأن ما مضي له أربعة أشهر قوله: "جف طلعة" أي غشاؤها قوله: "جفن السيف" أي غمده وقوله: "كجفنة الركب أي أعظم قصعة معهم
"فصل ج ل" قوله: "تلقى الجلب" أي ما يجلب من البوادي إلي القرى قوله: "جلبان السلاح" بضم اللام وتشديد الموحدة وبتسكين اللام والتخفيف وذكر في الصلح جلبة بضمتين هو جمع جلبة وهي الغمد والغلاف

(1/98)


قوله: "جلبابها" قال النضر الجلباب ثوب أقصر من الخمار وأعرض منه وهو المقنعة قوله: "فهو يتجلجل" أي يغوص وروى بخاءين معجمتين والأول أشهر قوله: "فاطلعت في الجلجل" لم يفسره صاحب المشارق والمطالع ولا صاحب النهاية وأظنه الجلجل المعروف وهو الجرس الصغير الذي يعلق في عنق الدابة قوله: "باجليح" بوزن عظيم لم يذكروه أيضا ويحتمل أن يكون فعيلا من الجلح أو هو علم على المخاطب بذلك أو من التجليح وهو التصميم على الأمر قوله: "جليدا" وقوله: "جلدا" هو من الجلادة وهي القوة قوله: "من جلدتنا" أي من جنسنا وقوله: "جلده" أي ضربه بالجلدة قوله: "إنك لجلف" أي غليظ أحمق قوله: "أذخر وجليل" الجليل بالجيم الثمام بضم المثلثة نبت معروف قوله: "جلالها" بالكسر هي الثياب التي تلبسها البدن قوله: "أجليكم منها" الجلاء بالفتح الإخراج من أرض إلى أرض وفي النعوت الحسني ذو الجلال أي العظمة قوله: "في ذكر الحوض فيجلون" أي يبعدون ويرون بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام بعدها همزة أي يطردون عن الماء
"فصل ج م" قوله: "يجمحون" أي يسرعون ومنه فجمح موسى في أثره أي أسرع قوله: "الجمد" بفتح الميم وسكونها الماء الجامد وقوله: "جامدة" أي قائمة وقوله: "جمادى" أي أحد الشهرين سمي بذلك لأنه اتفق وقوعه في قوة الشتاء قوله: "استجمر" أي تمسح بالأحجار والجمار بالكسر الحجارة الصغار وقوله: "رمى الجمرة" هي المواضع التي يرمي فيها حصيات الجمار في مني وأكبرها جمرة العقبة قوله: "جمز" بالزاي أي وثب وعدا وأسرع قوله: "من جمع" بإسكان الميم هو مكان معروف بالمزدلفة وهو اسم المشعر الحرام وقيل هو المزدلفة نفسها وقوله: "تموت بجمع" بفتح أوله وبضمه أيضا والميم ساكنة أيضا أي تموت في نفاسها قوله: "من تمر الجمع" هو كل ما لا يعرف له اسم قوله: "فأجمعت صدقه" أي عزمت عليه قوله: "الصلاة جامعة" أي في جماعة أو ذات جماعة قوله: "مستجمعا ضاحكا" أي مقبلا على ذلك قوله: "جوامع الكلم" قال البخاري بلغني أن الله يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت لمن قبله في أمر واحد أو أمرين وقال غيره المراد الموجز من القول مع كثرة المعاني وجزم في النهاية بأن المراد القرآن قوله: {جِمَالَتٌ صُفْرٌ} قال هي حبال السفن قوله: "جملوه فباعوه" أي أذابوه قوله: "حبا جما" أي كثيرا قوله: "فقد جموا" بالفتح وتشديد الميم أي استراحوا ومنه قوله: "مجمة للمريض بكسر الجيم وفتحها إن فتحت الميم فإن ضممتها كسرت الجيم أي مربحة قوله: "جمته" بالضم أي شعره الكثير وهو أكثر من الوفرة قوله: "فوفى شعري جميمة" بالتصغير أي بقي يسيرا قوله: "مثل الجمان" بالضم والتخفيف وهو شذور تصنع من الفضة أمثال اللؤلؤ
"فصل ج ن" قوله: "يجنأ عليها" بالهمزة قيده الأصيلي ولغيره بالحاء المهملة وصحح أبو عبيد يجنأ بفتح أوله بالجيم قوله: "جنب" وقوله: "أجنبت" من الجنابة وأصلها البعد واستعمل في إنزال المني ونحوه لأن صاحبه يبعد عن المسجد وعن الصلاة قوله: "فبصرت به عن جنب أي عن بعد وقوله: "الجار الجنب" هو الغريب قوله: "تمر جنيب" أي ليس بمختلط وقال مالك هو الكبيس وقيل الطيب وقيل القوي قوله: "جنبات أم سليم" أي نواحيها ومنه على جنبتي الصراط بالتحريك أي ناحيتيه قوله: "جنابذ اللؤلؤ" واحدها جنبذة وفسر بالقباب وسيأتي في حبائل قوله: "جنح الليل" بضم أوله وبكسره هو أول الليل وقيل قطعة من نصفه

(1/99)


الأول وقوله: "استجنح الليل" أي أقبل وقوله: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ} أي طلبوا قوله: "أمراء الأجناد" جمع جند كان عمر قسم الشام أجنادا أربعة وقيل خمسة فولى على كل جند منها أميرا ومنه الأرواح جنود مجندة قوله: "جنازة" بكسر الجيم وفتحها يقال للميت ولسريره وقيل بالفتح للميث وبالكسر للسرير قوله: "جنفا" أي ميلا قوله: "جنة من النار" بضم أوله أي ستر ومنه جنتان من حديد ومنه المجن وهو الترس والجمع مجان بفتح الميم ومنه كالمجان المطرقة قوله: "يجن بنانه" أي يسترها قوله: "جن" بالفتح أي أظلم وسمي الجن جنا لاستتارهم وقيل لكل ما استتر جنة بالكسر قوله: "الجنين" هو الولد ما دام في بطن أمه قيل له ذلك لاستتاره فإذا وضعته فإن كان حيا فهو ولد أو ميتا فهو سقط وقد يطلق عليه جنين مجازا قوله: "جنان البيوت" بكسر أوله هي الحيات وقيل البيض الدقاق وقيل ما لا يتعرض للناس وفي الأصل الحيات أجناس الجان والأفاعي والأساود
"فصل ج ه" قوله: "بلغ مني الجهد" الأكثر بالفتح ولبعضهم بالضم وهو المشقة وقرىء {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} بالوجهين قوله: "اجهد جهدك" أي أبلغ أقصى ما تقدر عليه وقوله: "جاهدا عليه أي مبالغا في أذاه وكذا أجهد علي قوله: "جهد البلاء" قيل الشدة وقيل كثرة العيال وقلة المال وقوله: "في الجماع" ثم جهدها أي بالغ في مشقتها وإخراج ما عندها قوله: "جهرة" أي معاينة قوله: "إلا المجاهرين" أي المعلنين بالمعصية والجهر ضد السر وفيه وإن من المجاهرة وفي رواية الحموي وإن من المجانة قوله: "قضيت جهازك" أي فرغت من تحصيل أهبة السفر ومنه أجهز جيشي قوله: "جهش الناس" أي استقبلوه مستعدين للبكاء قوله: "فلا يرفث ولا يجهل" أي لا يقل قول أهل الجهل والجاهلية ما قبل الإسلام وقد تطلق باعتبار قوم مخصوصين
"فصل ج و" قوله: "الجوبة" بالفتح هي المكان المتسع من الأرض وقوله: "جابوا" أي نقبوا بجوب الفلاة أي بقطعها وقال مجاهد كالجوابي حياض الإبل قوله: "مجوب عليه" أي مترس قول جواثي بالضم وفتح الواو الخفيفة وبالمثلثة قرية من البحرين قوله: "جائحة" أي مصيبة ومنه اجتاح أصله أي أهلكه كله قوله: "بالجود" بفتح أوله هو المطر الغزير قوله: "يجود بنفسه" أي يخرجها من جسده قوله: "الجودي" قال مجاهد جبل بالجزيرة قوله: "جور عن طريقك" أي مخالف قوله: "الجوار" بكسر أوله وبواو خفيفة أي المجاورة قوله: "له جؤار" بالضم وبالهمزة أي له صوت تقدم في أول الحرف قوله: "جاسوا" أي يمموا قوله: "جواظ" بوزن فعال آخره ظاء معجمة هو البطين القصير وقيل غير ذلك قوله: "مجاعة" من الجوع أي زمان الجوع وقوله: "الرضاعة من المجاعة" أي ممن يرضع لجوعه قوله: "الجوف من مراد" كذا للأكثر بالواو وهو موضع باليمن وللكشميهني بالراء بدل الواو وغلط قوله: "فأجافوا عليهم الباب" أي أغلقوا ومنه أجيفوا الأبواب قوله: "جولة" أي انكشاف وذهاب عن مكانهم ومنه ثم جالت الفرس قوله: "عروة جوالقه" بالضم أي الغرارة والجمع جوالق قوله: "فاجتووا المدينة" أي استوخموها قوله: "كأنها جونة عطار" بضم أوله مهموز ويسهل هي الوعاء قوله: "يجيل القداح" أي يديرها والمراد أنه يخلطها ويضرب بها
"فصل ج ي" قوله: "جيب القميص" أي فرجه أو شقه الذي يدخل منه الرأس قوله: {الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ}

(1/100)


أي السراع قاله مجاهد قوله: "كأجاويد الخيل" أجاويد جمع جيد وهو الأصيل فيها قوله: "جائزته يوم وليلة" قيل ما يجوز به ويكفيه قوله: "لا نجيز البطحاء إلا شدا" من أجاز الوادي إذا قطعه ومنه فأكون أنا وأمتي أول من يجيز أي أول من يجوز قوله: "قبل أن تجيزوا علي" أي تكملوا قتلي قوله: "أجيزوا الوفد" أي أعطوهم الجائزة قوله: "أن يجيزا بني بواحد من الخمسين" أي يفتديه قوله: "فليتجوز" أي ليسرع قوله: "يشق على اجتيازه" أي المضي فيه قوله: "حتي يجيش" أي يفور أو يندفق قوله: "جيفة" بالكسر الميت الذي أنتن وقوله: "الجيف" بالكسر وفتح الياء هو الجمع وقوله: "قد جيفوا" أي صاروا جيفا قوله: "فوجدوا الجام" هو إناء معروف من فضة أو غيرها وهو مستدير لا قعر له غالبا

(1/101)


"حرف الحاء
"فصل ح ب" قوله: "حب رسول الله صلى الله عليه وسلم" بكسر أوله أي محبوبه قوله: "بحبيبتيه" أي بعينيه قوله: "الحبة السوداء" بفتح أوله فسرت في الحديث الشونيز وهي في العرف الآن أشهر من الشونيز وحكى الحربي عن الحسن أنها الخردل قوله: "كما تنبت الحبة" بكسر أوله قال الفراء هي بزر البقل البري وقال أبو عمرو نبت ينبت في الحشيش وقيل ما كان في النبات له اسم فواحده حبة بالفتح وما لا اسم له حبة بالكسر وقوله: "حبة من خردل بالفتح واحدة الحب قوله: "لم يكن لهم يومئذ حب" يعني حنطة وكذا قوله: "حب الحصيد" قيل الحنطة وقيل أعم قوله: "برد حبرة" بكسر أوله وفتح ثانيه من التحبير وهو التزيين والمراد هنا عصب اليمن وقوله: "لا ألبس الحبير" قيل هو مثله وقيل هو ثوب وشى مخطط وقيل جديد قوله: "حبر العرب" بفتح أوله وكسره أي عالمهم وقوله: "كعب الأحبار" أي العالم وقيل سمي بذلك للحبر الذي يكتب به وقال الشاعر
والعالم المدعو حبرا إنما ... سماه باسم الحبر حمل المحبر
قوله: "حبسه القرآن" أي منعه من الخروج منها قال في الأصل يعني قوله: "خالدين فيها قوله: "لعلها تحبسنا" أي تمنعنا وكذا قوله: "فحبسه بعد ما أقيمت الصلاة قوله: "جمعوا لك الأحابيش" تقدم في "فصل ا ح" قوله: "ما يقتل حبطا" يقال حبطت الدابة إذا أكلت المرعى حتي تنتفخ بطنها فتموت وقوله: "حبط عمله" أي بطل قوله: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} أي محتبكة بالنجوم وقال في الأصل يعني استواءها وحسنها قوله: "حبائل اللؤلؤ" كذا لجميع الرواة في جميع المواضع إلا في أحاديث الأنبياء لغير المروزي فقالوا جنابذ وقد تقدم في الجيم قال جماعة حبائل تصحيف من جنابذ وقال ابن حزم لا أعرف حبائل ولا جنابذ وفسر غيره جنابذ بالقباب كما تقدم وقال عياض يحتمل أن يريد بالحبائل القلائد والعقود والحبل هو الطويل من الرمل أو يريد جمع حبلة وهو ضرب من الحلي معروف وتعقبه بن قرقول فقال الحبائل إنما يكون جمع حبالة أول حبيلة لا جمع حبل ولا حبلة وقال صاحب النهاية يحتمل أن يكون حبائل جمع حبل على غير قياس والله أعلم قوله: "نهي عن بيع حبل الحبلة" بتحريك الموحدتين وبتحريك الأولي وتسكين الثاني فسره في رواية مالك عن نافع ببيع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها وفي رواية جويرية عن نافع كذلك وأبهم المفسر في رواية عبيد الله عن نافع وقيل هو شراء نتاج

(1/101)


النتاج على تقدير أن يكون ما في بطن الناقة أنثى وقيل هو بيع العنب قبل طيبه لأن الحبلة وهي الكرمة تقال بسكون الباد وفتحها وقيل معناه بيع الأجنة وهي الحبل في بطون الأمهات وهي الحبلة والحبلة بالتحريك جمع حابلة قاله الأخفش فائدة قالوا الحبل بالموحدة مختص بالآدميات إلا 3في هذا الحديث قوله: "وما لنا طعام إلا ورق السمر والحبلة" قيل الحبلة ثمر السمر وهو يشبه اللوبيا ووقع لمسلم إلا الحبلة وهو السمر وقيل الحبلة ثمر العضاه وقيل ثمر الطلح قوله: "تقطعت بي الحبال" جمع حبل وهو المستطيل من الرمل وقيل الضخم المرتفع منه قوله: "يحتبى بثوبه" أي ينصب ساقيه ويدير عليهما ثوبه أو يعقد يديه على ركبتيه معتمدا والاسم الحبوة والحبية بضم الحاء وكسرها قوله: "ولو حبوا" أي زحفا وهو زحف مخصوص يقال لمن زحف على إستة أو على يديه ورجليه ومنه ومنهم من يحبو
"فصل ح ت" قوله: "تحته بظفرها" أي تقشره ومنه قوله: "فحتها" وكذا قوله: "حتيه وقوله: "لا يتحات ورقها" أي لا يسقط قوله: "مات حتف أنفه" يقال لمن يمرت على فراشه والحتف الموت قال أبو عبيد كأن أنفه أماته بانقطاع النفس وقيل أن نفسه تخرج على فراشه من فمه وأنفه
"فصل ح ث" قوله: "أحث الجهاز" أي أعجله وقوله: "أكلا حثيثا" أي سريعا وتكرر بتصاريفه قوله: "في حثالة" بالضم أي رذالة قوله: "فأحث" فعل أمر بالحثو وهو الحثي أيضا وأصله الغرف باليد
"فصل ح ج" قوله: "حاج آدم موسى" أي غلبه بالحجة وظهر عليه قوله: "لا حجة لهم" أي لا برهان وقال مجاهد لا خصومة قوله: "شهر ذي الحجة" بالفتح وبالكسر سمي بذلك لأنه يحج فيه قوله: "الحجيج" أي الحجاج وهما جمعان قوله: "حجيجه" أي غالبه بالحجة قوله: "ربيبتي في حجري وفي حجر ميمونة" هو بالفتح معناه التربية كالحاضنة وتحت النظر والمنع مما لا ينبغي وحكى في المنع التثليث وكذا في المصدر وأما قوله: "أجلسه في حجره" فيجوز فيه الفتح والكسر إذا أريد به الثوب والحضن وإن أريد به الحضانة أو المنع فالفتح لا غير وكذا المصدر وحكى في المحكم الضم أيضا إذا أريد به الحضن وإن أريد به الاسم فبالكسر لا غير وفي الأصل في قوله تعالى {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ} هو موضع ثمود وأما {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} فمعناه حرام وكل ممنوع فهو حجر محجور والحجر كل بناء بنيته فحجرت عليه من الأرض ومنه سمي حطيم البيت حجرا ويقال للأنثى من الخيل حجر ويقال للعقل حجر وأما حجر اليمامة فهو المنزل ا ه وكل ذلك بالكسر إلا حجر اليمامة قوله: "تحجرت واسعا" أي ضيقت وكذا حجرت وأما تحجر كلمة فمعناه صار يابسا كالحجر من يبسه عند اجتماعه قوله: "وكانت عائشة تطوف حجرة" بالفتح وسكون الجيم أي ناحية منفردة غير بعيدة قوله: "فأتيت به الحجر" بضم ثم فتح هي البيوت جمع حجرة ومنه مما يلي الحجر ومنه احتجره حجرة وقوله: "يحتجره من الليل أي يمنعه قوله: "فما احتجزوا" بالزاي ما انكفوا عنه قوله: "آخذ بحجزكم" بالضم ثم الفتح جمع حجزة وهي معقد السراويل والازار ومنه وهي محتجزة وقوله: "أخرجته من حجزتها وللقابسي من حزتها على الإدغام وقوله: "فجعل يحجزهن ويغلينه أي يحول بينهن وبين النار قوله: "الحجاز" ما بين نجد وجبل السراة وهو جبل ممتد من اليمن إلى أطراف الشام وقيل أوله من جبل طيء قوله: "حجفة" بفتحتين أي درقة قوله: "مثل زر الحجلة"

(1/102)


المشهور بفتحتين والزر واحد والأرار التي في العرى كأزرار القميص والحجلة على هذا الكلة وهي ستر مسجف ووقع في صفة النبي صلى الله عليه وسلم الحجلة من حجل الفرس الذي بين عينيه وقيدوه بضم أوله وسكون ثانيه وهو القيد وبه سمي حجل المرأة بمعنى الخلخال وبكسر زوله وفتح ثانيه وقيل هو خطأ لأن حجل الفرس بياض في قوائمها لا في عينيها ومنه يأتون غر محجلين ويمكن توجيه وقال الترمذي هو زر أبيض ووقع للخطابي بتقديم الراء على الزاي وسيأتي قوله: "فجعلت أحجل" أي أقفز على رجل واحدة والاسم منه الحجل بالفتح ويجوز الكسر ثم السكون ومنه يحجل في قيوده قوله: "حجمه واحتجم" والمحجم الالة التي يمص بها موضع الحجامة قوله: "الحجون" بالفتح ثم الضم مخففا هو الجبل الذي بجانب مسجد العقبة وقال الزبيدي هي مقبرة أهل مكة قوله: "بمحجن" بكسر الميم وسكون الحاء وفتح الجيم عصا معوجة وقوله: "حجنه بمحجنه أي نخسه بطرفه قوله: "يقال للعقل حجر وحجا" بكسر أوله مقصور هو من أسماء العقل بمعنى المعرفة والتيقظ
"فصل ح د" قوله: "الحداء" بضم أوله والمد مهموز هو ضرب من الغناء تساق به الإبل قوله: "الحدأة" بالكسر وفتح الدال بعدها همزة طير معروف ويقال بالقصر أيضا ويقال له الحديا بالضم وتشديد الياء والحدياة مثله بزيادة هاء في آخره والجمع كالأول بلا هاء كعنبة وعنب قوله: {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} قال قتادة أي أكمة وقال غيره هو ما ارتفع من الأرض ويظهرون من غليظ الأرض ومرتفعها والجمع حداب قوله: "الحديبية" بالتخفيف والتثقيل موضع معروف من جهة جدة بينها وبين مكة عشرة أميال قوله: "لولا حدثان قومك" بكسر أوله وسكون الدال أي قرب عهدهم قوله: "حدث به عيب" بفتح الدال حيث وقع إلا في قولهم ما قرب وما حدث فبالضم قوله: "لمن أحدث عليه" أي تغوط وقوله: "ما لم يحدث" فسر في الحديث بالفساء والضراط وفي رواية النسفي ما لم يحدث فيه يؤذ فيه وهو تفسير للحدث فيحتمل المعنى الأعم أيضا ولبعضهم بزيادة أو بينهما قوله: "من أحدث حدثا" أي فعل فعلا لا أصل له والمراد مما يخالف الشرع قوله: "من أمتي محدثون" بفتح الدال وتشديدها وقرأ بن عباس من نبي ولا محدث قيل المراد يجري الصواب على ألسنتهم من غير قصد وقيل المراد الإلهام وهو في مسلم بلفظ ملهمون قوله: "حداث الأسنان" بضم أوله والتشديد أي شباب والحداث أيضا الذين يتحدثون مثل السمار قوله: "ما يحدون إليه النظر" أي يديمون أو يبالغون قوله: "يستحد بها" أي يحلق شعر عانته وكذا تستحد المغيبة قوله: "مازلت أرى حدهم كليلا" أي شدتهم ضعيفة قوله: "أن تحد على ميت" بالضم من الرباعي وهو الإحداد ومن الثلاثى أيضا يقال حدت وأحدت والمراد الامتناع من الزينة والطيب قوله: "فيحد لي حدا" أصل الحد المنع والفصل بين الشيئين والمعني يمنعني من تجاوزه قوله: "يحادون" قال في الأصل أي يشاقون وهي مفاعلة من المحادة وكأن أصله أن العدو يلاقى عدوه بحد السيف أو أن كلا منهما يجاوز الحد في العداوة قوله: "ذات الشوكة" أي الحدة والمراد حدة القوة والظهور قوله: "محدودين" أي ذهب حدهم وقوتهم ومنه أرى حدهم كليلا وقوله: "أدارى منه بعض الحد أي شدة الخلق ومنه وكان رجلا حديدا أي شديد الخلق قوله: "على حدة منه" بالكسر وفتح الدال مخففا أي ناحية
"فصل ح ذ" قوله: "معها حذاؤها" بالكسر والمد أي نعلها وقوله: "حذاء الإمام" أي بجنبه ومنه حذو

(1/103)


قديد قوله: "فحذف بيديه" أي رمى وكذا حذفه بالسيف وأما حدفه بعصاه فغلط من قاله بالمعجمة قوله: "وإما أن يحذيه" يقال أحذيت الرجل إذا أعطيته وحذيته أيضا والاسم الحذيا والحذية ومنه يحذين ومنه يحذين من الغنيمة
"فصل ح ر" قوله: "حراء" هو جبل معروف بمكة بكسر أوله وحكى فيه الفتح والضم وهو ممدود ويقصر ويصرف ولا يصرف قوله: "الحربة" هي رمح قصير معروفة وقوله: "بحرابهم جمعهما قوله: "محروبين" أي مسلوبين يقال حرب الرجل إذا سلب حريبته أي ماله فهو حريب ومحروب والاسم الحرب بفتحتين قوله: "الحربي منسوب إلى أهل الحرب قوله: "المحاربة لله" قال البخاري هي كلمة الكفر قوله: "خميصة حريثية" قيل هو تصحيف والصواب جونية بالجيم والنون وقيل بل منسوبة إلى رجل يقال له حريث قوله: "ويتحرج وقوله: أحرجكم وقوله: التحريج وقوله: حتى يحرجه" كله من الحرج وهو ضيق الصدر وغيره ويطلق علي الإثم وقوله: "علي حرد" قال قتادة جد في أنفسهم قوله: "الحرور" قال هو بالنهار مع الشمس وقال ابن عباس ورؤية الحرور بالليل والسموم بالنهار وقيل هذا هو الأغلب وقد يطلق كل على الآخر وقيل هو الحر الشديد ليلا أو نهارا والسموم بالنهار فقط وعن الكسائي هما سواء قوله: "استحر القتل" بتشديد الراء أي كثر واشتد قوله: "الحرة" بالفتح والتشديد هي أرض ذات حجارة سود والمراد بذلك حرة المدينة ومنه قوله: "إلى الحرتين ويوم الحرة" اسم وقعة كانت بحرة المدينة في خلافة يزيد بن معاوية قوله: "وحرزا للأميين" أي يحوطهم وقوله: "إلى جبل لأحرزه أي أحفظه فيه قوله: "حرضا" أي محرضا يذيبك الهم كذا في الأصل وقال غيره رجل حرض أي فاسد قول حرفتي أي كسبي واحترف أي اكتسب قوله: "فحرفها" أي جعلها محرفة إشارة إلى صفة قطع السيف قوله: "اقرأ على حرف" أي على لغة وقوله: "يحرفون" أي يغيرون قوله: "الحرقات من جهينة" وأحدها الحرقة بالضم ثم الفتح قبائل منهم قوله: "حركت بعيري" أي دفعته ليمشي سريعا قوله: "وحرم على قرية" بكسر الحاء أي وجب أن لا رجوع وعلى قراءة وحرام على قرية حرم الرجوع فيتحد المعنى قوله: {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} جمع حرام أي محرم أو داخل الحرم وقوله: "وحرم الحج" بضمتين جميع أموره وفتح الأصيل الراء أي الممنوعات قوله: "مع ذي محرم" أي مع من يحرم عليه نكاحها قوله: "حرمها الله" أي جعلها حراما قوله: "إن الصورة محرمة" أي محرمة الضرب قوله: "لحرمة" بالضم وقيل بالكسر وصوبه ثابت وعكسه الخطابي قوله: "أحرورية" الحروري نسبة إلي حروراء قرية بالعراق وهم طائفة من الخوارج كان ابتداء خروجهم بها ويقال لجماعتهم الحرورية وقال مصعب بن سعد عن أبيه الحرورية الذين ينقضون عهد الله ومنه قوله: "عام حج الحرورية" قوله: "فليتحر الصواب" وقوله: "أحرى أن لا يفعل" هو من التحري وهو طلب الصواب وقوله: "حرى أن لا يفعل أي خليق وزنا ومعنى ويقال أيضا حر بالتنوين بلا تشديد والواحد والإثنان والجماعة سواء وأحرى أفعل تفضيل منه قوله: "يستحلون الحر" مخفف الراء فرج المرأة قيل أصله حرح فحذفت الأخيرة تخفيفا وهي ظاهرة في الجمع
"فصل ح ز" قوله: "الأحزاب" جمع حزب وهم الجماعة المتحزبة وقال مجاهد في تفسير حم الأحزاب القرون الماضية وقوله: "كن حزبين تثنية حزب قوله: "حتي يحزر" أي يقدر ولبعضهم بتقديم الراء أي يحفظ .

(1/104)


قوله: "كان حزاء" فسره بقوله: "ينظر في النجوم" أي في أحكامها ويقال له أيضا الحازي يقال حزى ويحزو إذا تكهن فكأنه أراد بيان جهة تكهنه قوله: "يحتز من كتف شاة" أي يقطع ومنه حتي حزله أي قطع والحزة بالضم القطعة قوله: "حزم على بطنه" أي شد عليه حزاما ورجل حازم أي عاقل
"فصل ح س" قوله: "الحسبة" أي طلب الأجر ومنه يحتسبون آثاركم وقوله: "إيمانا واحتسابا" والاسم الحسبان بكسر أوله وأصله ادخار أجر ذلك العمل قوله: "بغير حساب" قال مجاهد بغير حرج وكأنه تفسير باللازم قوله: "فيحسب الحاسب" أي يظن الظان وهو بكسر السين وبفتحها وأما الذي بضمها فهو من الحساب وقوله: "أتحسب عليه بتطليقة" أي تعد وقوله: "بحسبان" قيل معناه بحساب ومنازل وقيل كحسبان الرحي وحسبان جمع حساب بمثل شهاب وشهبان وقوله: "حسبانه" أي حسابه وقوله: "كتاب الله حسبنا" أي كافينا ومنه حسبنا الله قوله: "حسر" بفتحتين أي كشف وقوله: "حسرا" بالضم والتشديد جمع حاسر وقوله: "يستحسرون" أي ينقطعون وهو استفعال من حسر إذا تعب ومنه حسير وحسرت وقوله: "الحسيس والحس واحد وهو من الصوت الخفي وقوله: "تحسسوا" أي استخبروا وقيل الفرق بينهما إنه بالجيم السؤال عن العورات من غيره وبالحاء استكشاف ذلك بنفسه وقيل هما بمعنى قوله: "هل تحسون فيها قوله: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} يقال حسست وأحسست أي وجدت والرباعي أكثر منه قوله: "حسكة" أي شوكة صلبة قوية قوله: {حُسُوماً} أي متتابعة قوله: "فلم يحسمهم" أي ما كواهم بعد القطع قوله: "إحدى الحسنيين" تثنية حسنى أحداهما الشهادة والأخرى الفتح
"فصل ح ش" قوله: "يحشها" أي يجمع لهبها قوله: "حشفة" واحدة الحشف وهو التمر اليابس قوله: "حاش لله" هو تنزيه واستثناء وقيل معناه معاذ الله وأصله من حاشيت أي نحيت قوله: "حشا رابية" أي وقع على حشاك الربو بسبب التعب فيحصل منه البهر فينشأ عنه الربو يقال حشي بفتح ثم كسر أصابه الربو فانقطع نفسه
"فصل ح ص" قوله: "فحصبني وقوله: فحصبهم" هو الرمي بالحصباء وقال عكرمة معني قوله: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} أي حطب وقال غيره صاحبا الريح العاصف والحاصب ما ترمي به الريح ومنه حصب جهنم أي يرمي به فيها ويقال حصب في الأرض أي ذهب والحصب مشتق من الحصباء وهي الحجارة وقوله: "ليلة الحصبة والمحصب والتحصيب" كله من الحصباء والمراد هو الأبطح وهو خيف بني كنانة ظاهر مكة والتحصيب هو النزول بذلك المكان قوله: "حصائد ألسنتهم" أي ما يقتطعونه من الكلام واحدتها حصيدة شبهها بما يحصد من الزرع قوله: {حَصْحَصَ الْحَقُّ} الحصحصة التحريك والمراد ظهر قوله: "حب الحصيد" هو المستأصل ومنه أحصدوهم قوله: "المحصر" أي الممنوع من التصرف وقال عطاء الإحصار من كل شيء يحبسه يعني في الإحرام قوله: "حصورا" أي لا يأتي النساء قوله: "حصت كل شيء" أي اجتاحته قوله: "حصصهم" جمع حصة وهو النصيب قوله: "حصل" من التحصيل أي ميز وقوله: "بذهيبة لم تحصل من ترابها أي لم تصف ولم تخلص قوله: "حصان رزان" بالفتح أي عفيفة ومنه أحصنت فرجها وأحصنت المرأة أي تزوجت ويأتي بمعنى العفة والحرية والإسلام وحصنت مثلث الصاد قوله: "وحصانه إلي جنبه" أي فرسه المنجب سمي بذلك لأن ظهره

(1/105)


كالحصن لراكبه قوله: "حصن تستر" موضع من بلاد العراق فوله بيع الحصاة هو من بيوع الغرر وهو أن يقول إذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب البيع وقيل أن يقول بعتك ما تقع عليه حصاتك إذا رميت بها وبعتك من الأرض ما تنتهي إليها حصاتك قوله: "من أحصاها" أي حفظها كذا في الدعوات وقيل من أحاط بها علما ومعرفة وقيل إيمانا وقيل استخرجها من كتاب الله وقيل أطاق العمل بمقتضاها وقيل أخطرها بباله وقيل من عرف معانيها قوله: "لا أحصي ثناء عليك" أي لا أبلغ وصف واجب حقك وعظمتك
"فصل ح ض" قوله: "حضرموت" هي من بلاد اليمن مشهورة وهذيل تقوله بضم الميم قوله: "إن الكافر إذا احتضر" يقال حضره الموت إذا قرب وحضرته الملائكة الموكلون بنزع الأرواح ومنه إن ابنتي احتضرت قوله: "قراءة الليل محضورة" أي تحضرها الملاذكة قوله: "شرب محتضر" أي يحضرون الماء والحاضر ضد البادي قوله: "يحضننونا عن الأمر" أي يخرجونا قاله أبو عبيد وضبطه الأزهري بضم أوله من الخاصرة وثبت بلفظه في بدء الخلق وفي الصحاح الحضن ما تحت الإبط إلي الكشح
"فصل ح ط" قوله: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} أي حط عنا ذنوبنا قوله: "الحطيم" تقدم في الحجر قيل له ذلك لانحطام الناس فيه أي ازدحامهم قوله: "يحطم بعضها بعضا" أي يأكل بعضها بعضا وسميت جهنم الحطمة لأنها تحطم ما يدخل فيها قوله: "حطمه" أي زحمه الناس يروي بالباء والنون فبالباء المراد به كبر السن وبالنون أي كثر عليه الوفود فشغلوه عن الراحة بالنهار قوله: "قبل حطمة الناس" بالإضافة أي زحمتهم ومنه في قصة كعب يحطمهم الناس قوله: "حطاما" أي محطوما
"فصل ح ظ" قوله: "كهشيم المحتظر" قال الحظار من الشجر والحظار كل شيء مانع بين شيئين ومنه الحظيرة وقوله: "حظار شديد" أي مانع قوي ومنه حظر البيع ويحظره ومنه {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} أي ممنوعا قوله: "فليت حظى أي نصيبي قوله: "أحظى عنده منى" أفعل تفضيل من الحظور وهي عظم المنزلة
"فصل ح ف" قوله: "حفدة" بفتحتين جمع حافد قال ابن عباس من ولد الرجل وقيل أتباعه وخدمه قوله: "الحافرة" قال ابن عباس الأمر الأول وقيل أصل الحافرة الحافر ألحقت به تاء التأنيث لكثرة الاستعمال ثم كثر حتى استعمل في كل أولية قوله: "حفش" بالكسر قال مالك البيت الصغير وقال الشافعي القريب السقف وقال أبو عبيد الحفش الدرج سمي البيت به للصغر وقيل هو زنبيل من خوص شبة البيت الحقير به قوله: "أحفظه" أي أغضبه قوله: "حفوا دونهما بالسلاح وقوله: يحفونهم لأجنحتهم وحفت بهم الملائكة" أي أحدقوا بهم ومنه حافة الطريق أي جانبه والمحفة بالكسر شبة الهودج إلا أنها لا قبة لها وقوله: {حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} أي مطيفين به قوله: "تحفل الإبل" أي تترك بلا حلب ليكثر لبنها ومنه المحفلة قوله: "وجعلت تحفن الماء" أي تجمعه بيديها والحفنة الغرفة باليدين أو اليد قوله: "يحفى شاربه" أي يجزه ويستقصيه قوله: "أحفوه بالمسئلة" أي أكثروا وألحوا وقوله: {كَانَ بِي حَفِيّاً} أي لطيفا وقيل بارا قوله: "الحفياء" بالمد والقصر ساكن الفاء موضع معروف بالمدينة

(1/106)


"فصل ح ق" قوله: "حقبا" أي زمانا والجمع أحقاب قوله: "فأحقبها ناقة" أي جعلها وراءه مكان الحقيبة قوله: "حقروا شأنها" أي صغروه وجعلوه حقيرا قوله: "الأحقاف" جمع حقف بالكسر وهو ما اعوج من الرمل قوله: "أمينا حق أمين" أي أمينا حقيقة قوله: "حقة" هي التي دخلت في رابع سنة من الإبل قيل سميت بذلك لأنها استحقت الركوب والتحميل وجمعها حقق بالضم وحقاق بالكسر وحقائق قوله: "الحاقة القيامة لأن فيها حواق الأمور والحقة والحاقة واحد والحاقة النازلة والداهية وبذلك سميت القيامة وقيل لأنها تحق كل إنسان من خير أو شر وقيل لأنها تحق كل مخاصم أي تغلبه وتخصمه قوله: "المحاقلة" هي كراء الأرض بجزء مما يخرج منها ومنه كنا أهل حقل وأصل الحقل الزرع قوله: "حاقنتي" قيل الحاقنة ما سفل من البطن والذاقنة ما علا منها وقيل الحاقنة ما فيه الطعام وقيل الوهدة المنخفضة بين الترقوتين والحلق قوله: "فأعطانا حقوه" بفتح أوله أي إزاره وهو موضع الإزار فأطلق عليه وقيل الخاصرة فقط
"فصل ح ك" قوله: "من حكة" هو داء معروف أعاذنا الله منه قوله: "المحكك" تقدم في الجيم ومعنى المحكك المعاود وأراد أنه يستشفى برأيه كما يستشفى الأجرب من الإبل بالتحكك قوله: "الحكمة" قال البخاري الحكمة الإصابة في غير النبوة وقال قتادة الحكمة السنة وقيل أنها تطلق على الفقه والعلم بالدين وعلى ما ينفع من موعظة ونحوها وعلى الحكم بالحق وعلى الحسنة وعلى الفهم عن الله ورسوله وقد وردت بمعنى النبوة
"فصل ح ل" قوله: "يحلئون" بتشديد اللام وبالهمزة أي يطردون قوله: "الحلاب" بالكسر والتخفيف الإناء الذي يحلب فيه ويقال له المحلب وأما قوله: "في الغسل باب من بدأ بالحلاب أو الطيب ففيه كلام كثير أو جهة أن مراده هل يبدأ بالغسل قبل الطيب ليبقى أثر الطيب أو بالطيب قبل الغسل وقد أوضحته في الشرح قوله: "ومن حقها حلبها على الماء" بفتح اللام ويجوز الإسكان قوله: "جمعت أحلاسها" أي ثيابها جمع حلس بالكسر وهو الكساء ونحوه يجعل على البعير تحت القتب قوله: "لا حلف في الإسلام" أصل الحلف أنهم كانوا يتعاقدون ويتحالفون على نصر بعضهم بعضا ويضعون أيديهم جميعا في جفنة فيها طيب أو غيره ومنه الحلفاء وحلفاؤهم وتحالفت وغمس حلفا قوله: "الحلقوم" فسره في الأصل بمجرى الطعام قوله: "حلق" بتشديد اللام أي ارتفع والحالق الجبل العالي قوله: "الحلقة" بالسكون السلام والجماعة المستديرون وقد تفتح لامه قوله: "اغفر للمحلقين" أي من يحلق شعره قوله: "حلقى" مقصور أصله أن المرأة كانت إذا مات لها حميم حلقت شعرها فكأنه دعا عليها بذلك لكن لا يقصد ظاهره قوله: "فلما حلت" أي صارت حلالا للأزواج قوله: "بلغت محلها" أي موضع الإحلال قوله: "وعلى غلامه حلة" هي ثياب ذات خطوط والحلة لا تكون إلا من ثوبين وقيل إنما تكون حلة إذا كانت جديدة وقال أبو عبيد الحلل برود اليمن قوله: "حل حل" بالفتح وسكون اللام هو زجر الناقة للنهوض قوله: "تحلة القسم" أي تحليل اليمين قوله: "حل من إحرامه" أي صار حلالا وكذا إذا خرج من الحرم قوله: "محلى بفضة" من الحلية قوله: "ثم برك فتحلل" أي انحلت قوته قوله: "حلوان الكاهن" أي رشوته والحلوان أصله الشيء الحلو قوله: "حليلة جاره" هي المرأة ذات الزوج قيل لها ذلك لكونها تحل معه في موضع واحد قوله: "بلغ الحلم" أي أدرك والمحتلم والحالم واحد قوله: "إذا هي احتلمت" أي رأت المجامعة

(1/107)


في النوم قوله: "حلمة ثديه" بفتحتين هو طرفه قوله: "ذو الحليفة" يأتي في الذال المعجمة قوله: "الحلى" بفتح ثم سكون ما تتحلى به المرأة وجمعه بضم ثم كسر وتشديد ويجوز كسر أوله وقوله: "في حديث أم زرع من حلى يجوز بالمفرد وبالجمع
"فصل ح م" قوله: "حم" قال مجاهد مجازها مجاز أوائل السور أي حكمها وقيل هو اسم للسورة وقيل هو اسم الله وقيل تجمع من الحروف المقطعة أسماء لله تعالى وقيل غير ذلك قوله: "حمأ" بفتحتين جمع حماة وهو المنتن المتغير قوله: "كأنه حميت" بوزن عظيم هو زق السمن شبه به الرجل الأسود السمين قوله: "لا رقية إلا من حمة" بالضم وتخفيف الميم وخطأ الأزهري التشديد هي فوعة السم وقيل السم نفسه قوله: "حمحمة وقامت تحمحم" هو صوت الفرس وهو دون الصهيل قوله: "الحمس" قال مسلم هي قريش وما ولدت ويدخل معهم حلفاؤهم وقيل سموا بذلك لتحمسهم أي تشددهم في الأمر قوله: "حمص" مدينة بالشام مشهورة بكسر أوله وسكون الميم قوله: "أرأيت إن استحمق" أي فعل فعل الأحمق والأحمق الجاهل المتهور ومنه ليراني أحمق ومنه يحمقوا إنسانا أي ينسبوه إلى الحمق قوله: "حميل السيل" هو ما يجيء به السيل من طين وغيره فعيل بمعنى مفعول وقيل هو خاص بما لم يصك قطره ولبعضهم بالهمزة بدل اللام وهو كالحمأة قوله: "كنا نحامل" أي نحمل على ظهورنا لغيرنا قوله: "حمل على بعير أو على فرس" أي أباحها فجعلها محمولا عليها قوله: {حَمُولَةً وَفَرْشاً} قال ابن عباس يحمل عليها ومنه قوله: "حمولة الناس ولا أجد حمولة قوله: "واستثنيت حملانه" بضم المهملة أي أحمل عليه نفسي أو رحلي ومنه فيستحمله ويسأله الحملان قوله: "هذا الحمال لا حمال خيبر" هو بالكسر من الحمل والذي يحمل من خيبر التمر أي إن هذه الحجارة التي تحمل للبناء في الآخرة أفضل مما يحمل من خيبر وجاء بفتح الجيم وهو تصحيف قوله: {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} أي تمشي بالنميمة قوله: "نحممهم" أي نسود وجوههم بالحمم وهو الفحم قوله: "توفى حميم لأم حبيبة" أي قريب وهو الذي يهتم بأمر قريبه والحميم الماء الحار وأصله المطر الذي يجيء في الحر ويطلق على العرق قوله: "الحمنان جمع حمانة وهو صغار الحلم وهو القراد قوله: "أحمى سمعي وبصري" مأخوذ من الحمى وأصله المنع قوله: "الحمو" فسره في مسلم بأنه أخو الزوج وما أشبهه من أقاربه قال الأصمعي الأحماء من قبل الزوج والأصهار من قبل الزوجة وقال أبو علي القالي الأصهار يقع عليهما جميعا قوله: "حمية" أي أنفا وغضبا قوله: "حمى الله" أصل الحمى المنع أي الذي منعه قوله: "بين مكة وحمير" بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح الياء قبيلة مشهورة باليمن وسمي بها الموضع
"فصل ح ن" قوله: "الحنتم" فسره في الحديث بالجرار الخضر وقيل الحمر وقيل البيض وقال الحربي جرار مزفته وقيل الحنتم المزادة المجبوبة قوله: "فيتحنث" أي يفعل فعلا يطرح عنه الحنث أي الإثم ومنه لم يبلغوا الحنث أي لم يدركوا فيكتب عليهم الإثم وأما قول عائشة ولا اتحنث إلى نذري فهو على الأصل أي لا أفعل فعلا يوجب الحنث وقال في العتق أتحنث أي أتبرر وأراد طرح الإثم قوله: "حناجرهم" الحنجرة الحلقوم قوله: "بضب محنوذ" أي مشوي وكذا فجاء بعجل حنيذ قوله: "الحنوط" هو ما يطيب به الميت ومنه فحنطه وأتحنط قوله: "الحنيفية" أي الملة المستقيمة وقوله: "حنيفا" هو للواحد وحنفاء للجماعة وقال أبو عبيد

(1/108)


الحنفاء عند العرب من كان على دين إبراهيم وأصل الحنف الميل والمعنى مال إلى الإسلام قوله: "فحنكه" التحنيك إدخال الإصبع في فم الصغير عند ولادته والحنك باطن أعلى الفم قوله: "لأحتنكن" أي لأستأصلن يقال احتنك فلان ما عند فلان من علم أي استقصاه قوله: "ولهم حنين" أصله ترجيع الناقة صوتها لولدها ومنه فحن إليه الجذع حنين العشار أي الناقة قوله: "حنين" بالضم هو الوادي الذي بقرب الطائف بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا وكانت به الوقعة المشهورة قوله: "وأحناه على ولد" أي أشفقه يقال حنا عليه يحنو حنوا ومنه فرأيته يحنا عليها قال الخطابي المحفوظ بالحاء المهملة ووقع في الرواية بالجيم قوله: "حنى رأسه" أي أماله
"فصل ح و" قوله: "حوبا" قال ابن عباس أي إثما ومنه تحوبوا أي خافوا الحوب وهو بالضم ويجوز فتح أوله قوله: {وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً} قال الحسن أي حسدا وقوله: "على حاجته" أي التغوط ونحوه وقوله: "فإن كانت له حاجة إلى أهله كناية عن الجماع قوله: "استحوذ" أي غلب قوله: "حوارى وحواري الزبير" قال سفيان الحواري الناصر وقيل سمي الحواريون لبياض ثيابهم ويطلق الحواري على الخالص والخليل والمخلص والناصح والخصيص والمجاهد والمفضل ومن يصحب الكبير ومن يصلح لخلافة كبيرة قوله: "حار عليه" أي رجع قوله: "الحور العين" أي يحار فيها الطرف قوله: "بالحورانية" نسبة إلى حوران بالفتح وهي مدينة مشهورة قوله: "المحاوره وقوله: يحاوره" المحاورة المراجعة قوله: "حواشي أموالهم" أي أطرافها قوله: "جعلت تحوضه" أي تجعل له حوضا يجتمع فيه الماء قوله: "يحوطك" أي يصونك قوله: "حاك في الصدر" أي تردد قوله: "حولا" أي سنة قوله: "لا حول ولا قوة" أي لا حركة إلا بالله وقيل الحول الحيلة وقيل الانصراف قوله: "ما حال بينهم" أي حجز قوله: "ويحيل بعضهم على بعض" من أحال إذا مال أي يميل بعضهم على بعض من كثرة الضحك وكذا وقع عند مسلم قوله: "أحالوا إلى الحصن" قال أبو عبيد أحال إلى المكان أي تحول قوله: "الحوالة مشهورة" وهي تحول الدين قوله: "الحام" أي فحل الإبل قوله: "يحوى لها بعباءة" أي يجعل حوية تركب عليها وهي كساء ونحوه يحشى بشيء ويدار حول سنام البعير وهي بالتشديد وحكى التخفيف والجمع الحوايا قوله: {الْحَوَايَا} قال ابن عباس المباعر وهي تسمية الشيء بما يحل فيه
"فصل ح ي" قوله: "شر حيبة" بالكسر أي حالة والحيبة أيضا المسكنة والحاجة ويقال فيها حوبة بالواو ويفتح أوله ويضم قوله: "فحاد" أي مال قوله: "الحيرة" بالكسر بلد بالعراق خربت قوله: "الحيس" هو خلط الأقط بالتمر والسمن قوله: "تحوزونه" أي تؤوونه قوله: "من محيص" أي من مجيد أو معدل وقوله: "فحاصوا" أي نفروا قوله: "الحيض" معروف وقوله: "الحيضة" بالفتح هي المرة الواحدة وثياب حيضتي بكسر الحاء أي الحالة وامرأة حائض ولا يقال حائضة والاستحاضة معروفة وهي انفجار عرق من المرأة يخرج الدم من فرجها والمرأة مستحاضة قوله: {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} وقوله: وأحيط بهم" أي دنوا من الهلكة قوله: "حاق" أي نزل قوله: "يحيق بهم" أي ينزل قوله: "على حيال أذنه ووجهه" أي مقابله قوله: "حان وحانت" أي وقع حينها ويتحينون الصلاة أي يطلبون حينها أي وقتها ومنه تحينوا ليلة القدر كله من الحين وقوله: {وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ}

(1/109)


قال الحين عند العرب من ساعة إلى ساعة إلى ما لا عدده والمراد هنا يوم القيامة قوله: "حيهلا وحي على الفلاح" كله بمعنى أقبلوا وسيأتي معنى هلا في الهاء قوله: "كان حييا" أي شديد الحياء قوله: "التحيات" جمع تحية وهي السلام قوله: "والشمس حية" أي باقية على شدة حرها قوله: "الحيات" جمع حية وهي أنثى الثعبان قال الحيات أجناس الأفاعي والأساود والجان قوله: "سيد الحي" هو اسم لمنزل القبيلة ثم سميت القبيلة به قوله: "

(1/110)


حرف الخاء المعجمة
"فصل خ ب" قوله: "خبأت لك خبأ" بالفتح وسكون الموحدة مهموزا ومنه {يُخْرِجُ الْخَبْءَ} وبالكسر في الموحدة بوزن عظيم وهو اسم ما خبأته فعيل بمعني مفعول وأختبيء دعوتي أي أدخر وأختبىء أنا أي استتر والخباء بالمد والكسر من بيوت الأعراب وقد يستعمل في غيرها والجمع أخبأ وأخبية ومنه أهل أخبأ قوله: "الخبب" أي الإسراع ومنه يخب ثلاثة أطواف أي يسرع في المشي قوله: "وبشر المخبتين" أي المطمئنين كذا في الأصل وهو تفسير باللازم قوله: "خبث الحديد" بفتحتين وآخره مثلثة وخبث الفضة هو الرديء منهما وأما إذا كثر الخبث فالمراد به الفجور قوله "الخبث والخبائث" قيل ذكران الشياطين وإناثهم أو الخبث الشر كله والخبائث الخطايا أو الأفعال المذمومة قوله: "ولا خبثة" بالكسر أراد بالخبثة الحرام أو الريبة وقيل بيع أهل العهد قوله: "خبيث النفس" أي ثقيلا غير نشيط وقوله: "لا يقل أحد خبثت نفسي" كره الاسم فقط وقوله: "الدواء الخبيث" فسره الترمذي في روايته السم وقال غيره الحرام وقوله: "ثمن الكلب خبيث" أي حرام أو مكروه أو فاسد ومنه أكل من هذه الشجرة الخبيثة فإن خبثها من جهة كراهية رائحتها قوله: "نهى عن المخابرة" هي المزراعة على جزء يخرج من الأرض وأصله أن أهل خيبر كانوا يتعاملون كذلك جزم بذلك بن الأعرابي وقال غيره الخبير في كلام الأنصار الأكار قوله: "خبزة واحدة" هي الطلمة بالمهملة وزنا ومعنى والمراد الرغيف
"فصل خ ت" قوله: "يختله" أي يستغفله ويراوغه ليقتله أو يسمع كلامه بغير علمه قوله: "ختامه مسك" أي طينه قوله: "خاتم النبيين" أي آخرهم قوله: "الختان" هو الموضع الذي يقطع من الفرج ثم استعمل للفعل قوله: "ختنه" بالتحريك أي صهره
"فصل خ د" قوله: "الأخدود" شق في الأرض مستطيل قوله: "ذوات الخدور وقوله: من خدرها وقوله: في خدرها" الخدر ستر يكون للجارية البكر في ناحية البيت وقيل الخدور البيوت قوله: "تخدشها هرة وقوله: خدوشا في وجهه" الخدش قشر الجلد بعود أو نحوه ولو لم يدم قوله: "الخداع ويخدع وخديعة" كله من إظهار غير ما يكتم وقوله: "الحرب خدعة" من ذلك والمشهور فيه بفتحتين ويقال بالضم ثم السكون ويقال بالفتح ثم السكون وحكى فتح الدال فيهما قوله: "خدلج الساقين" بفتحتين وتشديد اللام بعدها جيم أي ممتلئ الساقين وقوله: "خدلا" مثله لكن بلا جيم والدال ساكنة وكسرها الأصيلي قوله: "خدم سوقهما" أي الخلاخيل الواحدة خدمة بفتحتين قوله: "أخدان" أي أخلاء جمع خدن الكسر وهو الخيل قوله: "مذعنين مستخدين"

(1/110)


هو بالخاء المعجمة والدال المهملة معناه السير السريع قال كعب بن زهير في وصف الناقة:
تخدى على نشزات وهي لاهية ... يقال خدي يخدي خديا فهو خاد
"فصل خ ذ" قوله: "حصى الخذف" هو الذي يرمي به بين الإبهام والسبابة
"فصل خ ر" قوله: "خرب المدينة" بفتح أوله وكسر ثانيه أو كسر أوله وفتح ثانيه جمع خربة وهي الخرابة قوله: "ولا فارا بخربة" أي بسرقة ضبطوه بفتح أوله إلا الأصيلي فبالضم والراء ساكنة وقال في أواخر الحج الخربة البلية وفي رواية المستملي يعني السرقة وقال الخليل الخربة بالضم الفساد في الدين وهو مشتق من الخارب وهو اللص ولا يكاد يستعمل إلا في سرقة الإبل ويقال المختص بالإبل الخرابة وقال غيره الخربة بالفتح السرقة وقيل العيب وبالكسر هيئة الخارب قوله: "خريتا بوزن فعيل مشدد هو الماهر بالهداية قوله: "خرجا معلوما" أي أجرا قوله: "كان يأكل من خراجه" أي غلته قوله: "المخردل" أي المقطع ومنه قوله: "ومنهم من يخردل قوله: "فخررت عنها" أي سقطت ومنه فخر عليه وخر إلى الأرض قوله: "يخرزان وقوله: أخرز غربه" هو خياطة الجلود قوله: "تلقي خرصها" بضم أوله هي الحلقة التي في الأذن قوله: {قتل الخراصون} أي الكذابون وقوله: "يخرصها" بالفتح أي يحزرها ويقدرها والخرص بالكسر الاسم وبالفتح اسم الفعل وقيل لغتان في الاسم والمصدر بالفتح وأما الذي يمعني الكذب فبالفتح فقط قوله: "يخترط السيف" أي يسله قوله: "مخرفا ومخرافا وخرافا" كله من الخرفة بالضم وهي الفاكهة والمخرف وعاء يجمع فيه الفاكهة ومنه يخترف لهم أي يجمع وقال الأصمعي المخرف جناء النخيل وأطلق المخرف على البستان قوله: "خرقاء" أي لا تحسن العمل قوله: "لا يخرم" أي لا ينقص قوله: "انخرام قرنه" أي انقضاؤه
"فصل خ ز" قوله: "على خزير" هو حيس يصنع من النخالة قوله: "ما لبست خزا" هو ما خلط من الحرير بالوبر ونحوه قوله: "الخزف" هو ما استعمل من الطين المشوي قوله: "كل ما خزق" أي شق وقطع قوله: "يختزلوننا" أي يزيلوننا قوله: "بخزامة" هي حلقة من شعر تجعل في أنف البعير الصعب ليرتاض قوله: "الخزائن" جمع خزانة وهي ما يخزن فيه الشيء قوله: "غير خزايا" أي غير مهانين ولا مفضوحين ومنه قوله: "نخزيهما" أي نفضحهما ولا تخزني ولا يخزيك الله
"فصل خ س" قوله: "خاسئا وقوله: اخسأ" هي كلمة زجر قال في الأدب خسأت الكلب أبعدته طردا خاسئين مبعدين قوله: "خسر" أي ضلال وهي تفسير باللازم لأن الضال خاسر ومنه خبت وخسرت أي هلكت وحرمت الخير قوله: "خسفت الشمس" بفتحتين قيل الخسوف في الكل والكسوف في البعض وهو أولى من قول من قال الخسوف للقمر والكسوف للشمس لصحة ورود ذلك في الصحيح بالخاء للشمس واخسف في الأرض أن تغور هي أو من حل بها
"فصل خ ش" قوله: {خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} جمع خشبة وأخشبا مكة جبلاها أبو قبيس وقعيقعان قوله: "خشخشة" أي صوت قوله: "خشاش الأرض" بفتح أوله ويجوز الكسر والضم وهي الحشرات

(1/111)


ولبعضهم خشيش بوزن عظيم وهو بمعناه وصحف بعضهم الخاء بالإهمال وفسرها بالنبات وهو غلط قوله: "الخاشعين" أي المؤمنين حقا وهو تفسير باللازم وأصل الخشوع هو التذلل والسكون ويظهر بغض البصر وخفض الصوت قوله: "سمعت خشفة" بفتحتين وبتسكين الثاني هو الصوت الذي ليس بشديد
"فصل خ ص" قوله: "خصيبة" أي ذات خصب قوله: "خاصرتي وامتدت خاصرتاها" الخاصرة معروفة وهي الخصر ومنه قوله: "نهي عن الخصر في الصلاة ونهى أن يصلي الرجل مختصرا معناه أن يصلي وهو متوكئ علي خاصرته أو يصلي وبيده عصا يتوكأ عليها مأخوذ من المخصرة وقيل معناه أن لا يتم ركوعها ولا سجودها وقيل أن يقرأ من آخر السورة آية فصاعدا ولا يتم السوره قلت وهذا كله تفسير الاختصار لكن رواية الخصر تؤيد الأول قوله: "خصاصة" أي حاجة قوله: "أخصف نعلى" أي أخرزها وأصل الخصف الضم والجمع ومنه يخصفان عليهما من ورق الجنة أي يجمعان بعضه إلي بعض قوله: "خصفة" بفتحتين وحجرة مخصفة هي حصير من خوص قوله: "خصلة من النفاق" أي جزء أو شعبة أو حالة وأصل الخصلة لحمة منفردة في الجسم قوله: "الخصم" بفتح أوله وكسر ثانيه الخصام والخصم بفتح ثم سكون يطلق على الواحد والجمع مؤنثا ومذكرا قوله: "ما سد منها من خصم" بالضم ثم السكون أي ناحية وطرف والمراد به هنا فم الرواية الأسفل قوله: "يستخصى" يستفعل من الخصاء وهو قطع الذكر أو سل الأنثيين
"فصل خ ض" قوله: "المخضب" بكسر أوله وفتح ثالثه شبه القصرية يغسل فيها الثياب قوله: "مخضود" قال مجاهد الموقر حملا ويقال الذي لا شوك له قوله: "خضرة حلوة" أي ناعمة مشتهاة والخضر من النبات الرخص الطري قوله: "نهى عن بيع المخاضرة" هي بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها قوله: "إلا آكلة الخضر" بفتح ثم كسر وحكى بضم ثم فتح ولبعضهم آكلة الخضراء بالمد قال الأزهري المراد ما له أصل غائص في الأرض فالماشية تشتهيه ونكثر منه لأنه يبقي فيه خضرة ورطوبة قوله: "خضراء قريش" أي معظمهم وقوله: "كتيبة خضراء أي ملبسة أطلق على سواد الحديد خضرة قوله: "خضعانا بضم أوله ويكسر أي مذللا وهو مصدر خضع أو جمع خاضع
"فصل خ ط" قوله: "خطأ" أي إثما وهو اسم خطئت والخطأ مفتوح مصدر من الإثم وخطئت بمعنى أخطأت قوله: "على خطبة أخيه" بالكسر وهو التكلم في ذلك في النكاح وأما في الجمعة والعيد وغيرهما فبضم أوله قوله: "وعزني في الخطاب أي الكلام قوله: "حتى يخطر" بكسر الطاء ومنهم من يضمها أي يوسوس ويخطر في مشيه أي يتمايل قوله: "يخاطر بنفسه" أي يلقيها في المهالك قوله: "خطة" بضم أوله أي قضية ومنه خطة رشد أي أمر حق قوله: "حتى أسمع خطيطه" أي صوت نفسه وهو نائم ويروي غطيطه بالغين المعجمة وهو المعروف في اللغة قوله: "أخذ خطيا" بفتح أوله وحكى الكسر أي رمحا منسوبا إلي الخط موضع بالبحرين قوله: "فمن وافق خطه فذاك" أي علم مثل علمه قوله: "خط خططا" أي علم علامات في الأرض ومنه قوله: "فخططت بزجه قوله: "يتخطفه الطير" أي يذهب به بسرعة ومنه قوله: فخطفته قوله: "خطيفة" أي عصيدة وزنا ومعني وقيل تكون من اللبن وقوله: "إن للجن خطفة" أي يختطفون بسرعة قوله: "أخذ

(1/112)


بخطامه" هو الحبل يشد على رأس البعير ومنه مخطوم وقوله: "خطم بأنفه أي جادت الضربة في موضع الخطام والخطم مقدم الأنف ومنه خطم الجبل قوله: "تخط رجلاه وقوله: "يخطان" هو من الخطو1 وقوله: "خطوات" جمع خطوة وهو بالضم ما بين نقل القدم في المشي وبالفتح المصدر ويقال خطوت خطوة واحدة وجمعها خطوات بالفتح وجمعها أيضا خطا ومنه كثرة الخطا
"فصل خ ف" قوله: "خفت" بكسر الفاء أي مات أو قرب من الموت قوله: "لا تخفروا وقوله: إنا كرهنا أن نخفرك" يقال أخفرت الرجل إذا غدرت به وخفرته إذا أجرته قوله: "فخفضهم" أي سكتهم وقوله: "فخفضت عاليه أي أملته وقوله: "فخفضوا أصواتهم أي أخفوها وقوله: "فخفض البصر أي أماله ومنه يخفض القسط ويرفعه وقوله: "خافضة أي تخفض قوما إلى النار رافعة أي ترفع قوما إلى الجنة قوله: "وأخفاؤهم" بالتشديد وخفافهم بالتخفيف جمع خفيف قوله: "خف" غلاف للرجل من جلود قوله: "الخفقة" كالسنة من النوم وأصله ميل الرأس قوله: "من طرف خفي أي ذليل" كذا في الأصل وهو تفسير بالمعنى وقوله: "أخف علينا" أمر بالإخفاء وقوله: "يتخافتون" أي يتناجون سرا قوله: "خافت" أي سارر
"فصل خ ل" قوله: "خلأت القصواء" بفتحتين مهموزا أي امتنعت من المشي وهو كالحران للفرس قوله: "حبب إليه الخلاء" بالمد أي الخلوة قوله: "إن كان خلبها" أي خدعها قوله: "لا خلابة" أي لا خديعة قوله: "خلبة" بالضم هو ليف ويطلق على الحبل المتخذ منه قوله: "خليج" أي نهر يخرج من جنب وخليج الوادي جانبه قوله: "اختلجوا دوني" أي اقتطعوا أو انتزعوا مني ومنه ليختلجن قوله: "يختلسه الشيطان" أي يأخذه سرقة بسرعة قوله: "أخلص اليه" بضم اللام وقوله: خلصت إلى عظمي وقوله: خلص إلى من عمله وقوله: لسنا نخلص إليك وقوله: تخلص في أهل الفقه وقوله: إذا خلص المؤمنون" قال في البارع خلص فلان إلى فلان وصل إليه ويطلق على السلامة والنجاة وقوله: "ورهطك المخلصين" بفتح اللام أي المختارين والمخلص بالكسر السالم من الرياء وقوله: {خَلَصُوا نَجِيّاً} قال في الأصل معناه اعتزلوا قوله: "ذو الخلصة" هو بيت صنم كان ببلاد دوس قوله: "خليطين" أي شريكين والخلطاء الشركاء والخلط من التمر بمعنى المخلوط وقوله: "ما له خلط" أي ما يخالطه شيء من ثفل الطعام إذا خرج قوله: "الخلع" بالضم وسكون اللام معروف في أبواب الطلاق قوله: "وقد كانت هذيل خلعوا خليعا ومخلوعا" أي أخرجوه من حلفهم فكأنهم نزعوا اليمين التي لبسوها معه قوله: "تختلف أيدينا" أي يضع هذا حين يرفع هذا قوله: " لخلوف فم الصائم " أي تغير رائحته قال عياض الأكثر يقولونه بالفتح وبعضهم بالضم وبعضهم بهما قوله: "ونفرنا خلوف" بالضم أي رجالنا غيب قوله: "الخوالف" الخالف الذي خلفك فقعد بعدك ومنه يخلفه في الغابرين قوله: "خلفه لمن أراد أن يذكر" قال في الأصل من فاته عمل من الليل أدركه بالنهار قوله: "أو ليخالفن الله بين وجوهكم" قيل تحول إلى أقفائهم قوله: "أو خلفات" بكسر اللام جمع خلفه وهي التي يمضي لها نصف الحمل قوله: "خلافك وخلفك" واحد أي من بعدك قوله: "مخلافان" أي إقليمان وهو بلغة اليمن قوله: "ولجعلت له خلفا بسكون اللام أي بابا في الظهر قوله: "إذا وعد أخلف" أي فعل خلاف ما ذكر أنه يفعله قوله: "ثم أخالف إلي رجال" أي أقصدهم من خلفهم
ـــــــ
1 الصواب "من الخط" بدون واو كما هو ظاهر الحديث

(1/113)


أو أخالف ظنهم إياي مشتغلا بالصلاة لآخذهم على غرة قوله: "خالقوا الناس" أي تخلقوا لهم بخلق حسن قوله: "اختلاق" أي كذب وأصله من الخلق كأن الكاذب يخلق ما يقول قوله: "أبلى وأخلقى" أي اقطعي يقال خلق الثوب وأخلق ولبعضهم أخلفى بالفاء قوله: "ثوب خلق" بفتحتين أي بال قوله: "خليق للإمارة" أي حقيق بها قوله: "أتى بخلوق" أي طيب مخلوط بزعفران قوله: "لا خلاق" أي لا نصيب قوله: "أخلاقهم على خلق رجل واحد" بفتح أوله وسكون اللام للأكثر وللنسفى بضمتين قوله: "يخلل أصول شعره" أي يفرق شعره ليدخله الماء قوله: {لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ} أي مخاللة وقوله: "ولا خلة" أي مودة ومنه قوله: "خلة الإسلام" أي مودته والخلة مثلثة الخاء والكسر أشهر في الخل ووجه عياض الفتح وحكى الفراء الضم والخليل الصادق الخالص المختص بالمودة الذي لا خلل عنده في شيء من ذلك قوله: "خلائل خديجة" جمع خليلة أي صديقة قوله: "في خلتها" بالضم أي حلائلها أقام الواحد مقام الجمع والخلة بالفتح الخصلة والحاجة قوله: "خلالكم" من التخلل وفجرنا خلالهما أي بينهما ومن خلال السحاب أي أضعاف السحاب قوله: "خلا منها" مقصورا أي ذهب شبابها قوله: "لا يختلي خلاها" مقصور ومن مده فقد أخطأ وهو النبات الرطب قوله: "لست لك بمخلية" أي منفردة بك قوله: "كانوا يستحيون أن يتخلوا" أي يتكشفوا عند قضاء الحاجة
"فصل خ م" قوله: "خامدين" أي هامدين وقوله: "خمدت النار" سكن لهبها قوله: "الخمر" ما خامر العقل أي غطاه وهو وارد على من زعم اختصاصه بماء العنب وقد ثبت في مسلم كل مسكر خمر قوله: "الخمرة" بالضم حصير صغير مضفور بقدر الوجه والكفين قوله: "علي خمارها" هي سترة الرأس والجمع خمر بضمتين قوله: "خمر إناءك" أي غطه ومنه إلا خمرته وخمرت وجهي قوله: "والخميس" الجيش قيل سمي الجيش بذلك لأن له قلبا ومقدمة وساقة وميمنة وميسرة وقيل لأنه يخمس وردد عياض بأن التخميس أمر شرعي والعرب شأنها أن تقول للخمس خميس وللنصف نصيف والخمس بضم الميم وإسكانها جزء من خمسة أجزاء الغنيمة قوله: "خموش" أي خدوش وهي الجراحات التي لا أثر لها ومنه اقتص شريح من خموش قوله: "في خميصة" قال الأصمعي كساء من صوف أو خز معلم وقال أبو عبيدة كساء مربع له علمان قوله: "بعرض ثياب خميص أو لبيس" وذكره أبو عبيدة بالسين المهملة وفسره بالثوب الصغير ووجه ما في البخاري على أنه تذكير الخميصة قوله: "أصابه خمص ورأيت به خمصا" بفتح الميم أي ضمورا في بطنه من الجوع ويعبر عن الجوع به قال في الأصل مخمصة أي مجاعة قوله: "أخمص قدمه" هو المتجافى من باطنه على الأرض قوله: "الخمط" هو الأراك قوله: "خمل رقيق" أي هدب والخميلة كساء ذات خمل من أي لون كان وقيل الخميل الأسود من الثياب
"فصل خ ن" قوله: "أخنأ اسم عند الله" أي أفحش مشتق من الخنى وهو الفجور قوله: "خلف المخنث" أي المتكسر المتعطف المتخلق بخلق النساء قوله: "انخنث في حجري" أي مال وانثنى عند الموت قوله: "لم يختز اللحم أي لم ينتن قوله: "خنس الإبهام" أي قبضها قوله: "خنسه الشيطان" أي قبض على قلبه ومنه الخناس بلفظ المبالغة منه قوله: "الخنس" هي النجوم التي تخنس في مجراها أي ترجع وقيل لأنها تغيب بالنهار وتظهر بالليل وخصها بعضهم بالسبعة السيارة وبعضهم بالخمسة ما سوي القمرين قوله: "الخنصر" هي الأصبع الصغرى

(1/114)


وقد يطلق على الوسطى قوله: "أخنع اسم" أي أذل قوله: "لهم خنين" أي بكاء له صوت فيه غنة
"فصل خ و" قوله: "خوخة" أي كورة بين بيتين عليها باب صغير قوله: "روضة خاخ" موضع بقرب حمراء الأسد ووقع في رواية أبي عوانة بمهملة ثم جيم وقالوا أنها تصحيف قوله: "خوار" هو صوت البقر قوله: "خوز وكرمان" الخوز جيل من العجم وكرمان بلد قوله: "خويصة" تصغير خاصة أي حاجة تخصه قوله: "مخوصة" أي منسوجة بالذهب قوله: "فيتخوضون" بالمعجمتين أي يتلبسون قوله: "على تخوف" أي تنقص تضرعا وخيفة من الخوف قوله: "خولنا" أي أعطينا قوله: "إخوانكم خولكم" أي خدمكم وعبيدكم قوله: "يتخولنا" أي يصلحنا وقال أبو عبيدة أي يذللنا قوله: "خامة الزرع" هي أول ما ينبت منه يكون غضا طريا أو ضعيفا قوله: "خوان" بكسر أوله وضمه هو المائدة المعدة للأكل وشذ من أثبت في أوله همزة بلفظ جمع أخ قوله: "خاوية" أي لا أنيس فيها
"فصل خ ي" قوله: "خيبة لك" أي حرمانا قوله: "استخيرك" أي أطلب خيرتك قوله: "بين خيرتين" هو مصدر أختار كذا قال القاضي قوله: {خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} واحدتها خيرة بالفتح قوله: "خير دور الأنصار" أي أفضل قوله: "بيع الخيار" أي التخيير قوله: "في فضل جعفر كان أخير الناس" ولبعضهم بغير ألف في أوله وهو المشهور قال ابن مالك إثبات الألف هو الأصل في أفعل التفضيل لكن لم يستعملوا في الخير والشر إلا خير وشر ك قوله: تعالى {شَرٌّ مَكَاناً} و {خَيْرٌ ثَوَاباً} وقد استعمل الأصل في بعض الأحاديث كهذا ومنه قول رؤبة
يا قاسم الخيرات وابن الأخير
وعن أبي قلابة أنه قرأ سيعلمون غدا من الكذاب الأشر بفتح الشين وتشديد الراء قوله: "المخيط" بفتح الميم وكسر الخاء أي الثوب وبكسر ثم سكون أي الإبرة قوله: "خيف بني كنانة" هو الوادي المعروف بالمحصب قوله: "يخيل إليه" أي يظن وقوله: "يخال إلي" مثل يخيل إلي قوله: "لا أخاله" أي لا أظنه قوله: "خيلاء" أي تكبرا ومرحا ومنه "يجر إزاره من مخيلة" قوله: "الختال والمختال" واحد قال ابن مالك صواب الأول الخال يحذف التاء المثناة انتهي ويجوز أن يكون بالمثناة من تحت وهي رواية الأصيلي قوله: "إذا رأى مخيلة" أي سحابة يخيل فيها المطر قوله: "أوجس خيفة" أي أضمر خوفا فذهبت الواو لكسرة الخاء قوله: "خائنة الأعين" هو النظر إلى ما نهي عنه وهو بلفظ المصدر كقولهم عافاه الله عافية قوله: "جمل خيار" أي مختار جيد

(1/115)


"حرف الدال المهملة
"فصل د ا" قوله: "داء" أي مرض قوله: "دأب" أي حال قال مجاهد في تفسير قوله: "كدأب آل فرعون" والدأب الحال الملازمة ومنه دأبي ودأبهما قوله: "تدأدأ" أي تدلى كما في الرواية الأخرى يقال تدأدأ وتدهده إذا انحط من علو إلى أسفل
"فصل د ب" قوله: "الدباء" ممدود ويقصر القرع قوله: "دابة الأرض" أي الأرضة قوله: "من ديباج" هي الثياب المتخذة من ابريسم وقد يفتح داله قوله: "برأ الدبر" بفتح الباء هو الجرح الذي يكون على

(1/115)


ظهر البعير قوله: "غلاما عن دبر" أي بعد موته قوله: "دابر" أي آخر قوله: "لا تدابروا" أي لا تقاطعوا قوله: "مثل الظلة من الدبر" بسكون الموحدة جماعة النحل وقيل الزنابير قوله: "الدبور" هي الريح الغريبة
"فصل د ث" قوله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} وقوله: "دثورني" أي غطوني قوله: "أهل الدثور" أي أهل المال الكثير
"فصل د ج" قوله: "مدجج" أي كامل السلاح والآلة قوله: "الدجال" أي الكذاب قوله: "شاة داجن هي ما تألف البيت من الحيوان
"فصل دح" قوله: "دحورا" أي طردا ومدحورين أي مطرودين قوله: "تدحض الشمس" أي تزول عن كبد السماء قوله: "الدحض والطين" أي الماء يكون منه الزلق وقوله: "دحض مزلة مثله ليدحضوا ليزيلوا والدحض الزلق زلقا لا يثبت فيه قدم قوله: "دحاها" أي بسطها ودحي السيل أي بسط فيه ما ساقه من تراب
"فصل د خ" قوله: "لن أدخر" أصله من الذخر بالذال المعجمة فلما أدغمت في تاء افتعل قلبت دالا والمدخر الكنوز قوله: "الدخ" قيل هو لغة في الدخان وقيل نبت موجود بين النخيل قاله الخطابي ووهاه عياض قوله: "داخرين" أي خاضعين وأصله من الذلة داخر أي ذليل قوله: "فولجت داخلا لهم" أي بيتا أو مخدعا قوله: "مدخلا" أي مكانا يدخلون فيه قوله: "داخلة إزاره" طرفه الذي يلي الجسد قوله: "دخلا" بفتحتين أي مكرا وخديعة قوله: "دخانا" هو ما يصعد من النار قوله: "على دخن قلت وما دخنه" أي غير صاف ولا خالص
"فصل در" قوله: {فَادَّارَأْتُمْ} أي اختلفتم كذا في الأصل وهو من الدرء وهو الدفع فالمعني دفع ذلك بعضهم عن بعض قوله: "يدرءون" أي يدفعون ودرأته عني دفعته قوله: "الدرجة" بكسر أوله وفتح ثانيه جمع درج بضم أوله قوله: "درج زمزم" جمع درجة بفتحتين وهي السلالم قوله: "سنستدرجهم" من التدريج وهو النقلة من الشيء إلي الشيء علي مهل قوله: "لبن الدر ويمنع درها ويدر لبنها" أي يندفق قوله: "مدرارا" أي يتبع بعضه بعضا قوله: "تدرد" الدرد بالتحريك سقوط الأسنان قوله: "تدردر" أي تدحرج وزنا ومعنى قوله: "فيدارسه القرآن" أي يقرأ معه قوله: "بيت المدراس" هو البيت الذي يقرأون فيه والمدراس مفعال من الدرس ومنه فوضع مدراسها يده قوله: "دراستهم" أي تلاوتهم وقوله: "خفت دروس العلم" أي ذهابه قوله: "أدراعه ولبس الدرع" أي الثوب الذي يلبس في الحرب قوله: "الدرك الأسفل" هو اسم من الإدراك ويقال الدرك بفتح الراء وسكونها ومنه قوله: "دركا" لقضاء حاجته ومنه قوله: "درك الشقاء" أي لحاق الشقاء قوله: "اداركوا" أي اجتمعوا كذا في الأصل وكأن المراد لحق بعضهم بعضا قوله: "من درنه" أي من وسخه قوله: "درنوك" هو ضرب من الثياب له خمل قصير
"فصل د س" قوله: "دسره البحر" أي دفعه وقوله: {ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} هي أضلاع السفينة قوله: "دسته

(1/116)


في ثوبه أي غيبته قوله: "دساها" أي أغواها وأصله دسس أي وضع الشيء بخفية قوله: "في دسكرة بحمص" الدسكرة بناء كالقصر قوله: "دسماء وكذا دسمة" أي متغيرة اللون إلى السواد أي وسخة كالثوب الذي أصابه الدسم من الزيت ونحوه وكان ذلك من العرق وقيل كان ذلك لونها الأصلي فإن في بعض الروايات سوداء
"فصل د ع" قوله: "أدعج" أي شديد سواد العين قوله: "يدعون" أي يدفعون من دععت كذا في الأصل قوله: "فذعته" يأتي في الذال المعجمة قوله: "من لم يجب الدعوة" بفتح الدال علي المشهور هي الطعام قوله: "بدعوي الجاهلية" هي قولهم يا آل فلان ومنه حتى تداعوا قوله: "بدعاية الإسلام" بكسر الدال بدعوته وهي التوحيد قوله: "دعاة على أبواب جهنم" أي يدعون الناس إلى العمل بما يولج فيها قوله: "دعار طيء" بضم أوله والتشديد جمع داعر وهو الشرير ويطلق على المفسد والسارق
"فصل دغ" قوله: "تدغرون أولادكن" بفتح أوله هو غمز الحلق بسبب العذرة وهي المسماة بسقوط اللهاة
"فصل دف" قوله: "بين الدفتين" أي حافتي المصحف قولهدفت دافة الدف بالفتح السير الذي ليس بشديد قوله: "تدففان أي تضربان بالدف وهو بالضم ويفتح وهو الذي يضرب به في الأعراس قوله: "دف نعليك" بالفتح أي صوت مشيتك فيهما قوله: "الدفء" ما استدفأت به
"فصل د ق" قوله: "فاندقت عنقها" أي انكسرت قوله: "دق الباب" أي ضربه
" فصل د ك" قوله: "دكت" أي زلزلت وقوله: "فدكتا وقوله: فدككن" جعل الجبال واحدة قوله: "حتى دكن" أي صار لونه أدكن وهو الشديد السواد قوله: "دكه دكا" أي ألزقه بالأرض وناقة دكاء لا سنام لها والدكداك من الأرض مثله
"فصل د ل" قوله: "والدلجة" هو بالضم وسكون اللام سير الليل كله ويقال بفتح الدال وبفتح اللام أيضا وكذلك قوله: "فأدلجوا" قيل هو سير الليل كله ويقال أدلج بالتشديد سار آخر الليل وأدلج بالتخفيف سار الليل كله وهذا قول الأكثر وقوله: "فلقيناه مدلجا" هو من أدلج أي سار آخر الليل قوله: "تندلق اقتابه" أي تخرج أمعاؤه قوله: "دلك" أي عالج إخراج الوسخ قوله: "دلوك الشمس" هو من زوالها عن الاستواء ويأتي بمعنى الغروب قوله: "دل الطريق" أي هدايته قوله: "أشبه الناس سمتا ودلا" أي هديا وهي الطريقة الحسنة
"فصل د م" قوله: "من ديماس" بكسر أوله ويفتح أي حمام قوله: "دموا وجهه" أي جرحوه فخرج منه الدم قوله: "الدمان" بالفتح والضم وتخفيف الميم هو فساد الطلع ويقال إن داله مثلثة
"فصل د ن" قوله: "الدنس" أي الوسخ قوله: "الدنان" بكسر الدال جمع دن بالفتح وهي الخابية قوله: "دانية" أي قريبة قوله: "الجمرة الدنيا" بكسر الدال وضمها أي القريبة قوله: "الدنية" أي الحقيرة وزنا ومعنى

(1/117)


"فصل د هـ" قوله: "تدهده" تقدم في تدأدأ قوله: "دهش" أي ذهل وزنا ومعني ومنه فدهشت قوله: "دهاقا" أي ممتلئة قاله بن عباس قوله: "الدهقان" بكسر أوله وبالضم أيضا فارسي معرب أي رئيس القرية قوله: "مدهامتان" أي سوداوان من الري قوله: "مدهنون" أي مكذبون مثل {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} كذا في الأصل وكأنه تفسير باللازم وإلا فالادهان من المداهنة ومنه قوله: "مثل المداهن في حدود الله" أي المصانع فيها قوله: "أدهى وأمر أفعل من الداهية
"فصل د و" قوله: "دوحة" أي شجرة كبيرة ومنه دوحات المدينة قوله: "من دارة الكفر" تأنيث الدار قوله: "تدوكون" أي يخوضون قوله: "فيدال علينا" أي تكون الدولة وهو الظهور قوله: "دووى" أي صنع له الدواد أو عولج قوله: "دومة الجندل" بضم الدال وفتحها هي قرية قريبة من تبوك قوله: "دوي صوته" أي رفعه وتتابعه
"فصل د ي" قوله: "ديباج" تقدم قوله: "دائرة" أي دولة ودائرة السوء العذاب قاله مجاهد قوله: "ديارا" أي أحدا وكأنه فيعال من الدوران قوله: "دائس" اسم فاعل من الدياس وهو دوس الطعام بعد حصده قوله: "الدين" أي الجزاء في الخير والشر كما تدين تدان ومنه تدانون وقال مجاهد بالدين بالحساب مدينين محاسبين قوله: "لا يجمعهم ديوان" أي كتاب حاسب

(1/118)


"حرف الذال المعجمة"
"فصل ذ ا" قوله: "أخذ بذؤابتي" أي بشعر ناصيتي ويطلق على موضعها من الرأس وقد تسهل الهمزة وفتح أوله خطأ
"فصل ذ ب" قوله: "ذبابة بين ثدبيه" أي طرف سيفه قوله: "يقتل الذباب" هو الطير المعروف من جملة الحشرات وهو جمع والواحد ذبابة وقيل هو اسم جمع يقال للواحد والجمع
"فصل ذ خ" قوله: "ذخرها" بالتحريك أي خبأها
"فصل ذ ر" قوله: "ذرفت" يقال بفتح الراء أي انصب الدمع منها قوله: "ذرة" بفتح أوله واحدة الذر وهو النمل الصغير وقيل الهباء الذي يظهر في عين الشمس وقيل غير ذلك قوله: "ذرها" أي دعها وقوله: "أن تذر" أي تدع قوله: "موتا ذريعا" أي فاشيا كثيرا أو سريعا قوله: "والذاريات" قال على الرياح وقال غيره تذروه تفرقه قوله: "فذروني بضم الذال وتشديد الراء فعل أمر بالتذرية ومنه قوله: تعالى {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} أي تفرقه يقال ذرته الريح تذروه وتذريه إذا أطارته قوله: "الذرة" بضم الذال وتخفيف الراء نوع من القطاني ذكره في الزكاة قوله: "أتى بدريرة" هو نوع من الطيب معروف قوله: "غر الذرى" أي بيض الأعالي أي الأسنمة وذروة كل شيء أعلاه وهو بكسر أوله ويجوز ضمه

(1/118)


فصل ذ ع" قوله: "ذعته" بفتح الذال والعين وتشديد المثناة أي خنقته وقيل غمرته غمرا شديدا وروى بالدال المهملة أي دفعته بعنف قوله: "ذعرتها" أي أفزعتها وقوله: "ذعرا" أي فزعا
"فصل ذ ف" قوله: "مسك أذفر" أي ذكي وهو من الذفر بفتح الفاء يقال للطيب الريح وغيره وأما بسكونها وإهمال الدال فخاص بالسكرية الريح
"فصل ذ ق" قوله: "ذاقننى" قيل الذاقنة نقرة النحر وقيل طرف الحلقوم قوله: "الأذقان" قال هو مجتمع اللحيين الواحد ذقن
"فصل ذ ك" قوله: "أحرقني ذكاؤها" أي شدة حرها قوله: "لا ذاكرا ولا آثرا" قال أبو عبيدة ليس هو من الذكر ضد النسيان وإنما معناه قائلا كما تقول ذكرت لفلان حديث كذا قوله: "قعدوا إلى المذكر" أي القاص ووهم من قال هو الوقت وكذا من قال موضع الذكر فضبطه بفتح الميم والكاف وسكون الذال بينهما قوله: "مذاكيره" أي ذكره وهو اسم واحد بلفظ الجمع وقيل المراد ذكره وخصيتاه فهو من باب التغليب قوله: "يقاتل للذكر" أي ليذكر بين الناس ويوصف بالشجاعة ولفظ الذكر يطلق على ضد النسيان وعلى القرآن والوحي والحفظ والخبر والطاعة والشرف والخير واللوح المحفوظ وكل كتاب منزل من الله تعالى والنطق بالتسبيح والتفكير بالقلب والصلاة الواحدة ومطلق الصلاة والتوبة والغيب والخطبة والدعاء والثناء والصيت والشكر والقراءة فهذه زيادة على عشرين وجها من كلام الحربي والصنعاني وغيرهما قوله: "ذكاه" أي ذبحه والتذكية اسم للذبح الشرعي وهو قطع الأوداج
"فصل ذ ل" قوله: "ذلف الأنوف" بضم الذال وسكون اللام والاسم الذلف بتحريك اللام أي فطس الأنوف وقيل هو قصر الأنف وانبطاحه وقيل ارتفاع طرفه مع صغر أرنبته قوله: "أذلقته الحجارة" أي بلغت منه الجهد وقيل معناه أضعفته قوله: {لا ذَلُولٌ} قال أبو العالية لم يذللها العمل ليست بذلول تثير الأرض ولا تعمل في الحرث
"فصل ذ م" قوله: "ذمة الله" أي ضمانه وقيل الذمام الأمان
"فصل ذ ن" قوله: "ذنوبا أو ذنوبين" قال الذنوب الدلو العظيم وقيل لا تسمى بذلك إلا إذا كان فيها ماء وفي قوله: {ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} أي نصيبا وقال مجاهد سبيلا
"فصل ذ ه" قوله: "الذهاب" بالفتح المطر وأما الذهاب بالكسر فمعروف ويفتح أيضا قوله: "بذهيبة" تصغير ذهبة قوله: "يذهل" أي يشغل قوله: "اسأل عن ذه" اسم إشارة للمؤنث يقال ذه وذي وهذه وهذي والهاء للسكت
"فصل ذ و" "خمس ذود" قوله: "الذود من الإبل" ما بين الإثنين إلي التسع قوله: "لأذودن" أي لأطردن قوله: "ذرقوا" قال معناه باشروا وجربوا وليس هو من ذوق الفم قوله: "ذواقا" مصدر ذاق يذوق

(1/119)


"فصل ذ ي" قوله: "فاذا هو بذيخ" بكسر الذال بعدها ياء تحتانية ثم خاء معجمة هو ذكر الضباع قوله: "ذات الجنب" قيل هو السل وقيل الدبيلة وقيل قرحة في الباطن وقيل طول المرض قوله: "ذات الجيش" موضع على بريد من المدينة قوله: "ذات الرقاع" بكسر الراء اسم شجرة بنجد سميت بها الغزوة وقيل اسم جبل فيه بياض وحمرة وقيل لكونهم عصبوا أرجلهم بالرقاع ومال غير واحد إلى أنهما غزوتان قوله: "ذات السلاسل" هو موضع بأطراف الشام كانت به غزوة عمرو بن العاص قوله: "ذات عرق" هو مهل أهل العراق قوله: "ذات العشيرة" بالمعجمة وقيل بالمهملة مصغرا هي اسم الوقعة التي كانت بالعشيرة وهي أول المغازي ولم يتفق فيها قتال.
تنبيه تكرر قوله: "ذات يوم وذات يده وذات ليلة وذات بينكم وكله كناية عن نفس الشيء وحقيقته وتطلق على الخلق والصفة وأصلها اسم الإشارة للمؤنث وقد يجعل ذات اسما مستقلا فيقال ذات الشيء والله أعلم وسيأتي الكلام على قول خبيب وذلك في ذات الإله في شرح كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى مبسوطا قوله: "ذو الحليفة" هو ميقات أهل المدينة قوله: "ذو الخلصة" بفتحات بيت صنم لدوس قوله: "ذو السويقتين" يأتي في حرف السين قوله: "ذو طوى" بفتح الطاء مقصور وقيل بكسر الطاء وقيل بضمها قال الأصمعي الوادي المقدس مقصور والذي في طريق الطائف ممدود قوله: "ذو الطفيتين" يأتي في الطاء قوله: "ذو قرد" بفتحتين ماء على نحو يوم من المدينة مما يلي بلاد غطفان قوله: "ذو المجاز" هو سوق من أسواق الجاهلية وكان بمكان قريب من مكة تنبيه ذو جاء بمعنى صاحب ومنه تصل ذا رحمك وقال القاضي عياض في المشارق هي عند النحاة وأهل العربية إنما تضاف إلى الأجناس ولا تصح إضافتها إلي غيرها ولا تثني عند أكثرهم ولا تجمع ولا تضاف إلى مضمر ولا صفة ولا ألف ولا اسم مفرد ولا مضاف لأنها نفسها لا تنفك عن الإضافة ومهما جاء من ذلك كذلك فهو نادر كقولهم ذوو رأينا وقوله: "إن تقتل تقتل ذا دم" وكذا ذو مال وفي التنزيل ذوا عدل منكم وذواتا أفنان وقال الزبيدي في مختصر العين أصل ذو ذوو لأنهم قالوا في التثنية ذوا قال وذكره في اللفيف بالياء وبالواو انتهي وذكر صاحب الصحاح نحوه واستشهد بقوله سبحانه وتعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} وهذا يعكر على ما تقدم إلا أن التزم أنه من النادر والله أعلم والأذواء اسم لرؤساء اليمن قيل ذي عين وذي يزن وأضيفت إلى مفرد في رواية الأصيلي في الجهاد ففيه أهل من ذي مسجد ذي الحليفة وسقطت ذي من رواية غيره وتجيء بمعنى الذي كقولهم أنا ذو سمعت به

(1/120)


حرف الراء
"فصل ر ا" قوله: {أَثَاثاً وَرِئْياً} قال ابن عباس الأثاث المال والرئى المنظر قوله: "أرأيت" معناه الاستخبار أي أخبرني عن كذا وهو بفتح المثناه في الواحد والمثني والجمع تقول أرأيت وأرأيتك وأرأيتكما وأرأيتكم ويقال للمؤنث في الجمع بكسر المثناة أو الكاف وفي الجمع كالأول لكن بنون بدل الميم وقد يراد بنها الرؤية فيئني ما قبل علامة المخاطب ويجمع قوله: "راءينا المشركين" بوزن فاعلنا من الرؤية أي أريناهم بذلك الفعل أنا أقوياء وليس هو من الرياء قوله: "كريه المرآة" بفتح الميم والمد أي المنظر وأما المرآة بكسر الميم فهي التي يرى فيها الوجه

(1/120)


"فصل ر ب" قوله: "ربتها" أي سيدتها قوله: "يربني بنو عمى" أي تدبر أمري وتصير لي ربا أي سيدا ومنه قول سلمان تداولني بضعة عشر من رب إلى رب أي من سيد إلي سيد قوله: "الربانيون" أي العلماء قيل سموا بذلك لعلمهم بالرب سبحانه وتعالى وقيل الرباني الذي يربى الناس بصغار العلم قبل كباره أي بالتدريج وقيل غير ذلك ومنه قوله: "ربيون واحدة ربي قوله: "يربيها كما يربي" هو من التربية وهي القيام على الشيء وإصلاحه قوله: "ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم" بوزن فعيلة من التربية والمراد أنها بنت امرأته قوله: "الربابة البيضاء" أي العمامة قوله: "مال رابح" بالموحدة من الربح وبالتحتانية أي يروح الأجر عليه على الدوام قوله: "مربد النعم" بكسر الميم أي الموضع الذي تحبس فيه قوله: "الربذة" بفتحات مكان معروف بين مكة والمدينة قوله: "مرابض الغنم" جمع مربض وهو موضع إقامتها على الماء قوله: "الرباط" أي ملازمة الثغر للجهاد وأصله الحبس كأن المرابط حبس نفسه على هذه الطاعة قوله: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} أي ألهمناهم الصبر قوله: "من رباع" بكسر أوله هو جمع ربع وهي الدار المعروفة وقيل لا يقال الربع إلا لما فيه بناء زائد قوله: "رباعيته" أي المقدم من أسنانه قوله: "اربعوا على أنفسكم" أي الزموا شأنكم ولا تعجلوا وقيل معناه كفوا أو ارفقوا قوله: "على أربعاء" بكسر الموحدة جمع ربيع وهو الجدول والأربعاء اسم لليوم المخصوص وهو مثلث الباء قوله: "ربا من أسفلها" أي زاد وقوله: "يربي الصدقات أي ينميها قوله: "رابيا" هو من ربا يربو إذا زاد والربا في المعاملة مقصور قوله: "ربا الرجل" أي أصابه نفس في جوفه ومنه قوله: "مالك حشا رابية أي أصابك الربو فعلا نفسك ومنه سميت الربوة لما ارتفع من الأرض وقوله: "ربت أي ارتفعت
"فصل ر ت" قوله: "ورتعت وترتع" أي تأكل وهي مطلقة قوله: "رتقاء" أي ملتصقة قوله: "يرتل القرآن" أي لا يستعجل في قراءته
"فصل ر ث" قوله: "يرثى له" أي يتوجع
"فصل ر ج" قوله: "وأرجأ أمرنا" أي أخره وكذا قوله: "ترجى أي تؤخر قوله: "عذيقها المرجب"ط الرجبة بضم الراء وسكون الجيم البناء الذي يحاط به النخل مخافة أن يسقط قوله: "رجب مضر" هو الشهر نسب إلى مضر لتعظيمهم له قوله: "حتى يرتج" أي يتحرك ويضطرب وفي قوله: "رجت" أي زلزلت قوله: "وزن لي فأرجح" أي زاد في الميزان حتى مال قوله: "الرجز" قال هي الأوثان وهو تفسير باللازم لأنها تؤدي إلى الرجز وهو العذاب ومنه في الطاعون رجز أرسل قوله: "الرجز" بفتحتين هو ضرب من الشعر معروف وأنكر بعضهم أن يكون شعرا قوله: "رجس" بسكون الجيم أي قذر وقيل الرجس النجس ويجيء الرجس بمعنى الإثم وبمعنى الكفر كقوله: {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} {فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ} وقد يجيء بمعنى العذاب أو بما يقتضيه قوله: "يرجع" أي يكرر وقوله: "الرجعي" تأنيث المرجع قوله: {ذَاتِ الرَّجْعِ} أي ترجع بالمطر قوله: {رَجْعٌ بَعِيدٌ} أي رد وقوله: "باسترجاعه أي ب قوله: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} ومنه قوله: "فاسترجع قوله: "غزوة الرجيع" هو مكان من بلاد بني سليم وهذيل وقوله: "يتراجعان بينهما بالسوية" يتعلق بالخليطين في الزكاة وتفسيره يأتي في الشرح قوله: "يرجف فؤاده" أي يضطرب وترجف المدينة أي يقع بها زلزلة لطيفة {وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ}

(1/121)


هم الذين يخوضون في الفتن وغيرها قوله: "كنت أرجل رأسه" أي أسرح شعره ومنه قوله: "أراد الحج فرجل" أي شعر رأسه ومنه قوله: "المرجل بالتشديد وأما المرجل بكسر أوله وسكون الراء فهو القدر قوله: "فما ترجل النهار" أي ارتفع قوله: "المترجلات من النساء" أي المتشبهات بالرجال قوله: "برجلك" الرجل الرجالة وقول الشاعر:
ورجلة يضربون البيض
...
هو جمع رجل على غير قياس قوله: {لَأَرْجُمَنَّكَ} أي لأشتمنك وقيل لأهجرنك وأما قوله: {أَنْ تَرْجُمُونِ} فقيل معناه القتل ومنه {لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} قوله: "ترجين النكاح" بالضم والتشديد من الرجاء وهو الأمل ويجيء أيضا بمعنى الخوف ومنه {لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} أي لا تخافون عظمته كذا في الأصل ومثله {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} أي يخافه يقال في الأمل رجوت ورجيت بالواو وبالياء وفي الخوف بالواو لا غير
"فصل ر ح" قوله: "مرحبا" هي كلمة تقال عند إرادة المبرة للقادم أصلها الرحب أي صادفت حبا قوله: "رحب بي" أي قال لي مرحبا قوله: "رحراح" أي واسع قوله: "الرحضاء" بضم الراء وفتح الحاء والضاد المعجمة مع المد هو عرق الحمى وقوله: "مراحيض" جمع مرحاض وهو بيت الخلاء مأخوذ من الرحض وهو الغسل قوله: "الرحيق" قال ابن عباس الخمر وقال غيره الشراب الذي لا غش فيه قوله: "الرحلة في المسألة النازلة" أي الرحيل بسبب ذلك وقوله: "لا تشد الرحال" وقوله: "على الرحل" هو مفرد الذي قبله ما يوضع على ظهر البعير تحت الراكب يقال رحلت البعير بالتخفيف أي شددت عليه الرحل قوله: "صلة الرحم" بفتح الراء وكسر الحاء وذوو الرحم هم الأقارب ويقع علي كل من يجمع بينهما نسب من جهة النساء قوله: "الرحى" هي التي يطحن فيها معروفة
"فصل ر خ" قوله: "رخاء حيث أصاب" قال مجاهد أي طيبة وقيل لينة قوله: "الرخصة" وقوله: "أرخص له" هو من ذلك وهي مقابلة العزيمة قوله: "بايعه برخص" أي بدون قيمة الوقت قوله: "في شدة ولا رخاء" أي في ضيق ولا سعة قوله: "منزلي متراخ" أي بعيد
"فصل ر د" قوله: "ردء الإسلام" أي عونهم وقال ابن عباس ردا يصدقني يقال معينا ويقال مغيثا قوله: "رداح" بالفتح أي ثقيلة ممتلئة قوله: {فَارْتَدَّا} أي رجعا وقوله: "فرددتها عليه أي أعدتها وقال ابن عباس المتردية التي تتردى أي تسقط فتموت والمردودة من بناته هي المطلقة قوله: "فردتني" أي جعلته لي رداء وقيل معناه صرفت به جوعي وهو غلط قوله: "ردع" بسكون الدال وبالعين المهملة أي صبغ وقوله: "ردغ" بالغين المعجمة أي طين كثير قوله: "ردف" أي اقترب قوله: "ردف فلان" بكسر أوله وسكون الدال أي راكب خلفه يقال أردفته أي حملته خلفي وردفته أي ركبت خلفه
"فصل ر ز" قوله: "لا أرزأ وقوله: ما رزئنا وقوله: فلم يرزأني" كله من الرزء بالفتح وهو النقص وأما قوله: "الرزية" فهو من الرزء بالضم وهو المصيبة قوله: "ثوبين رازقيين" أي من كتان أبيض وفي اللون زرقة وقيل الرازقي الضعيف من كل شيء قوله: "حصان رزان" أي عاقلة من الرزانة وهو الثبات والوقار
"فصل ر س" قوله: "الرس" قال هو المعدن جمعه رساس وقيل الرس الفساد وسمي أهل الرس بذلك

(1/122)


لأنهم رسوا نبيهم أي دسوه في بئر حتى مات قوله: "راسيات" أي ثابتات قوله: "مرساها" أي مقرها قوله: "على رسغه" بضم الراء أي المفصل الذي بين الكف والساعد وكذا مجمع الساق والقدم قوله: "يرسف في قيوده" بضم السين ويقال بكسرها هو مشى المقيد قوله: "على رسل" بكسر الراء فسر في الحديث وهو لبن المنحة يقال الرسل بالفتح الإبل وبالكسر اللبن وقوله: "على رسلكما" بفتح الراء وبكسرها أي على هينتكما وقيل بالكسر التؤدة وبالفتح الرفق وأصله السير البطيء ومنه قوله: "مشي مسترسلا ويأتون أرسالا
"فصل ر ش" قوله: "رشحهم المسك" أي عرقهم ومنه قوله: "في رشحه" قوله: "رشد" بكسر ثانيه وبفتحه هو الصواب كيفما تصرف قوله: "يرشون" هو صب الماء مفرقا قوله: "ارشقوهمط أي ارموهم بالنبل ومنه قوله: "رشقتهم نبال ثقيف" قوله: "الرشوة" بكسر الراء وبضمها أي العطية في الباطل والجمع الرشا بضم الراء والقصر
"فصل ر ص" قوله: "رصدته" أي رقبته وقوله: "أخذ علينا بالرصد" أي الارتقاب ومنه أرصده بضم الصاد أي أرقبه وأرصد الله له ملكا أي أقعده على طريقه قوله: {بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} قال ابن عباس ملصق بعضه ببعض وهو قول الأكثر وقال يحيى وهو الفراء مبنى بالرصاص قوله: "تراصوا" أي تلاصقوا قوله: "رصافة" بكسر الراء أي العقبة التي تلوى على مدخل النصل في السهم
"فصل رض" قوله: "ارضخى" أي أعطى الرضخ وهو الشيء القليل بالنسبة لغيره ومنه "يرضخ لها" وقوله: "رضخ رأسها" أي شدخ وزنا ومعني قوله: "رض رأسها" أي دق ويرض فخذي أي يدقها قوله: "يوم الرضع" جمع رضيع أي لئيم والمعنى يوم هلاك اللئام وقيل للئيم راضع لأنه يمتص اللبن من الضرع لئلا يسمع غيره صوت الحلب فيطلب منه والرضاعة بكسر الراء وبفتحها قوله: "رضف" هي الحجارة المحماة ومنه رضيفها أي ما طرحت فيه الحجارة المحماة قوله: "الرضم" بفتح الضاد وقد تسكن حجارة مجتمعة قوله: "قوم رضا" يقال للواحد والجمع وقوله: "وكان رضيا" أي مرضيا يعني أنه فعيل بمعنى مفعول
"فصل ر ط" قوله: "رطبة" بسكون الطاء أي لم يجف لسانه من قراءتها قوله: "فقام في الرطاب" بكسر الراء جمع رطبة أي النخل ذات الرطب قوله: "ارتطمت" أي ساخت بالخاء المعجمة قوله: "رطن" أي تكلم بغير العربية ومنه الرطانة بفتح الراد وكسرها
"فصل رع" قوله: "رعبت" أي فزعت ومنه رعب المسيح أي الفزع منه قوله: "فاذا ترعرت" أي كبرت قوله: "رعاع الناس" بفتح الراء وبمهملتين هم السقاط منهم قوله: "تحت راعوفة" هي صخرة تترك في أسفل البئر ليجلس عليها المستقى قوله: "رعامها" بضم الراء وبالعين المهملة أي ما يسيل من أنوفها قوله: "رعل" بكسر الراء وسكون العين حي من سليم قوله: "رعاء الشاء" بكسر الراء ممدود وبضم أوله وبعد الألف هاء تأنيث وهما جمع راع وهو القائم على الماشية ومنه "كلكم راع" أي حافظ مؤتمن قوله: "راعنا" فسره بقوله: "وانظرنا" وقيل معناه حافظنا من الرعي أي أرعنا سمعك
"فصل رغ" قوله: "والرغباء إليك" بفتح الراء وبالمد من الرغبة وهي الطلب وتكررت في الحديث

(1/123)


قوله: "رغسه الله مالا" أي كثره له قوله: "أرغم الله أنفه ورغم أنفه" هو دعاء بالذل والخزي كأنه دعا عليه بأن يلصق بالرغام وهو التراب وقيل معناه الاضطراب والرغم المساءة والغضب وقوله: "سنة نبيكم وإن رغمتم" أي كرهتم
"فصل ر ف" قوله: "رفاتا أي حطاما قوله: "ولا رفث" قيل الجماع وقيل الفحش في الكلام وقيل مذاكرة ذلك مع النساء قوله: "الرفاة" بالكسر أي المعونة قوله: {الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} قيل معناه العون المعين يقال رفدته إذا أعنته وقيل معناه بئس العطاء المعطي قوله: "رفرفا أخضر" هو بساط أخضر قوله: "ارفضي عمرتك" أي اتركي ومنه رفضه ويرفضه كله من الترك قوله: "لو أن أحدا ارفض" بالتشديد أي سقط قوله: "رفعت فرسي" أي طلبت منه الزيادة في السير قوله: "على رف" هو خشب يرفع عن الأرض إلي جنب الجدار والجمع رفوف ورفاف قوله: "المرفق" بفتح أوله وثالثه ويكسر هو طرف عظم الذراع مما يلي العضد قوله: "كأن ابنا رافقا" أي معينا قوله: "الرفيق الأعلى" قيل هو اسم من أسماء الله تعالى وخطأ ذلك الأزهري وقال بل هم جماعة الأنبياء وغيرهم وهو المراد بقوله سبحانه وتعالى: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} وقال غيره الرفيق الأعلى الجنة ومنه قوله: "وكان رفيقا" هو من الرفق قوله: "الرفقة" أي الجماعة المترافقة في السفر قوله: "الرفاهية" أي رغد العيش
"فصل رق" قوله: "فما رقأ الدم" بالهمز أي انقطع جريه ومنه قولها لا يرقأ لي دمع وأما قوله: "فكنت رقاء في الجبال" فهو فعال من الرقي قوله: "ارقبوا محمدا" أي احفظوه قوله: {رَقِيبٌ عَتِيدٌ} قال مجاهد أي رصيد وقوله: "الرقيب" هو من أسماء الله سبحانه وتعالى ومعناه الحافظ وقوله: "فارتقب" أي انتظر وقوله: "في الرقاب هم المكاتبون" يعطون من الصدقات ما يفكون به رقابهم قوله: "الرقوب" فسره في الحديث بمن لم يقدم من ولده شيئا قال أبو عبيد معناه في كلامهم إنما هو فقد الأولاد في الدنيا فجلعها فقدهم في الآخرة وليس هذا بخلاف ذاك1 ولكنه تحويل قوله: "الرقبى" هو أن يقول الرجل لآخر قد وهبتك كذا فإن مت قبلي رجعت إلي وإن مت قبلك فهو لك فكل واحد منهما يرقب صاحبه ومنه أن يكون ذلك من الجانبين معا قوله: "من أعتق رقبة" أي شخصا من الآدميين وهو من تسمية الشيء باسم بعضه قوله: "رقاع تخفق" أي أوراق والمراد صحائف سيآنه وقيل ما يكتب عليه من الحقوق التي أثم بتأخير وفائها قوله: "رغيفا مرققا أي لينا واسعا ومنه الرقاق بالضم والتخفيف قوله: "مراق البطن" بتشديد القاف يأتي في الميم قوله: "رقم في ثوب" أي طرز ونحوه قوله: "الرقمة في زراع الحمار" هي كالدائرة فيه أو شبه الظفر يكون في قوائم الدواب قوله: "الرقيم" أي الكتاب مرقوم من الرقم وقيل الرقيم الكهف نفسه وقيل اسم القرية وقيل اسم الكلب قوله: "رقاه" وقوله: "إني لأرقي" بكسر القاف من الرقية وهي العوذة قوله: "رقى المنير" أي صعد وكذا قوله: "رقيت على ظهر بيت لنا" أي صعدت
ـــــــ
1 قوله "وليس هذا بخلاف ذاك" في النهاية وفيه أنه ما تعدون الرقوب فيكم قالوا الذي لا يبقى له ولد فقال بل الرقوب الذي لم يقدم من ولده شيئا الرقوب في اللغة من يعيش له ولد فنقله صلى الله عليه وسلم إلى الذي لم يقدم شيئا من الولد تعريفا أن الأجر والثواب لمن قدم شيئا من الولد وأن الاعتداد به أكثر وأن من لم يرزق ذلك فهو كالذي لا ولد له وليس هذا نفيا لتفسيره اللغوي وإنما هو على حد إنما المحروب من دينه اهـ

(1/124)


"فصل ر ك" قوله: "ركب ذات غداة مركبا" أي سار مسيرا وهو راكب قوله: "فبعثوا الركاب" أي أثاروا الإبل قوله: "في ركوب" أي ركائب جمع ركاب قوله: "أركد في الأوليين" أي أسكن وأترك الحركة والمعنى أنه يطيل القراءة فيهما قوله: "الركاز" هو الكنز عند أهل الحجاز وفسره أهل العراق بالمعدن قوله: "ركز الراية" أي غرزها قوله: "ركزا" أي صوتا وقيل الصوت الخفي قوله: "هذا ركس" أي نجس يقال بالكاف وبالجيم وأما قوله: "أركسهم" فقال ابن عباس معناه بددهم وقال غيره ردهم من حالة إلى حالة قوله: "ركض دابته" أي حركها ودفعها للسير ومنه ركضني ويركض قوله: "اركعي" أي صلى من تسمية الشيء ببعضه قوله: "فيركمه جميعا" أي يجمعه والركام جعل الشيء بعضه فوق بعض قوله: "الى ركن شديد" أي عشيرة وكذا قوله: "فتولى بركنه" أي بمن معه وأصل الركن الناحية من الجبل ويوضع موضع القوة وقوله: "ولا تركنوا" أي لا تميلوا وكذا قوله: {لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً} قوله: "يستلم الركنين اليمانيين" أي الحجر الأسود والذي يسامته من قبل اليمن قوله: "علي رأس ركي" وقوله: "على شفة الركى" أي البئر وهي الركية أيضا وإثبات الهاء فيها قليل
"فصل ر م" قوله: "ترمح الدابة" أي تضرب برجلها قوله: "عظيم الرماد" هو كناية عن كثرة الأضياف لأن من لازم ذلك كثرة الطبخ فتكثر النيران فتكثر الرماد وقوله: "رمادا" هو ما يبقى من الفحم مذرورا قوله: "له رمزة" وفي رواية زمرة بتقديم الزاي وفي رواية رمرمة براءين وفي رواية بزايين قال عياض وغيره هو بمعجمتين تحريك الشفتين بكلام من الخيشوم والحلق لا يتحرك فيه اللسان وبمهملتين صوت خفي ساكن جدا وبتقديم الراء صوت خفي بتحريك الشفتين لا يفهم وبتقديم الزاي صوت من داخل الفم قوله: "حمل أرمك" أي أورق وهو الذي فيه سواد وبياض قوله: "رمال حصير" وقوله: "وقد أثر الرمال" وقوله: "على سرير مرمول" هو المنسوج من السعف بالحبال قوله: "أن يرملوا الأشواط" الرمل في الطواف الوثب في المشي ليس بالشديد قوله: "أرملوا في الغزو" أي نفد زادهم والأرملة التي لا زوج لها وقيل تختص بمن مات زوجها وقد يطلق على المحتاجة قوله: "رميم" أي نبات الأرض إذا يبس وديس كذا فيه وقال غيره الرميم الجاف المنحطم والرمة بكسر وتثقيل العظم البالي قوله: "إلى مرماتين" قال أبو عبيد وغيره المرماة بكسر الميم وبفتحها أيضا ما بين ظلفي الشاة من اللحم فعلى هذا الميم أصلية وقيل هو السهم الذي يرمي به فالميم زائدة وهي مكسورة قولا واحدا وقيل هو سهم يلعب به في كوم تراب فمن رمى به فثبت على الكوم غلب وقيل المرماتان السهمان اللذان يرمي بهما الرجل فيجوز السبق والرمية بكسر الميم والتشديد الصيد الذي يرمي به
"فصل ر ه" قوله: "رهبة منك" أي خوفا وكذا قوله: "يرهبون" وقوله: {اسْتَرْهَبُوهُمْ} من الرهب أيضا وهو الخوف ومنه قوله: "رهبوت" بوزن فعلوت من الرهبة أيضا قوله: "رهطا" قال أبو عبيد الرهط ما دون العشرة وقيل إلى ثلاثة قوله: "أرهقتنا الصلاة" أي أدركتنا وقوله: {تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} أي تلحقها وتغشاها وقوله: {وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً} أي لا تحملني ما لا أطيق قال الأزهري الرهق اسم من الإرهاق وهو الحمل على ما لا يطاق وقوله: "راهقت الحلم" أي أدركته قوله: "الرهن" وقوله: "فرهن مقبوضة" أصل الرهن الحبس ومنه {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} والهاء للمبالغة أي محبوسة بكسبها والرهن معروف في الفقهيات قوله: "واترك البحر رهوا" قال مجاهد أي طريقا

(1/125)


يابسا وقال غيره ساكنا وقيل منفرجا وقال ابن عرفة يجوز أن يكون رهوا من نعت موسى عليه الصلاة والسلام أي على هينتك أو من نعت البحر كما تقدم وقال ابن الأعرابي رهوا أي واسعا بعيد ما بين الطاقات
"فصل ر و" قوله: "ولا تأتني بروثه" أي بعره ومنه قوله: "وأروائها" قوله: "بريد الرويثة" بلفظ تصغير روثة وهو مكان معروف قوله: "غدوة أو روحة" وقوله: الروحة وعلى الروحة" هو وقت لما بين زوال الشمس إلى الليل قوله: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} قال مجاهد جنة ورخاء وقيل راحة واستراحة قوله: "من روح الله" أي رحمته وقيل معناه الرجاء والريحان يأتي وقوله: {رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا} بضم الراء قال ابن عباس القرآن وكل ما كان فيه حياة للنفوس بالإرشاد وقيل هو جبريل وقوله: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} هو جبريل وكذا روح القدس وفي الروح أقوال منتشرة قوله: "الروحاء" بفتح الراء والمد موضع من عمل المدينة بينهما ما بين الثلاثين والأربعين ميلا قوله: "فيكون لهم أرواح" جمع ريح والمراد الرائحة الكريهة قوله: "لم يرح" بفتح الراء ويروي بكسرها مع فتح أوله وضمه يقال رحت الشيء أراحه ورحته بالكسر أريحه إذا وجدت ريحه وأرحته أيضا أريحه قوله: "فلم يرعهم" أي فلم يفزعهم والروع بالفتح الفزع وبالضم النفس قوله: "فراغ" بالغين المعجمة أي مال وقيل رجع في خفية قوله: "رويدك" أي أرفق تصغير رود بالضم وهو الرفق وانتصب على صفة محذوف
"فصل رى" قوله: "المرائي" وقوله: "الرياء" هو إظهار الخير لقصد الشهرة مع إبطان غيره قوله: "يريبنى" أي يشككني من الريب قوله: "راث علينا" أي أبطأ قوله: {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} قال قتادة الحرب وقال غيره النصر قوله: "يوما راحا" أي ذا ريح قوله: "وريحان" قال مجاهد الرزق وقيل النضيج الذي لم يؤكل وقوله: "ريحانتاي الريحانة" كل بقلة طيبة الريح وهو ما يستراح إليه أيضا قوله: "وريشا" قال ابن عباس المال وقيل ما ظهر من اللباس قوله: "الريع" الارتفاع من الأرض وجمعه ريعة والرياع واحده ريعة قوله: "لم يرم" أي لم يبرح يقال رام يريم ريما إذا برح وأقام قوله: {كَلَّا بَلْ رَانَ} أي غلب حتى غطى على قلوبهم وقيل المراد ثبت الخطايا قوله: "لأرى الري" كناية عن ظهوره قوله: "يوم التروية" هو اليوم الثامن من ذي الحجة سمي بذلك لأنهم كانوا يتروون من الماء للخروج إلى الموقف

(1/126)


حرف الزاي
"فصل زب" قوله: "له زبيبتان" هما الزبدتان اللتان في جانبي شدقي الحية من السم وقيل الزبيبة النكتة السوداء فوق عينها ويقال بجانب فيها قوله: "الزبد" قال مجاهد السيل وزبد مثله خبث الحديد والحلية قوله: {زُبَرَ الْحَدِيدِ} أي قطع الحديد واحدها زبرة قوله: "زبرني" أي زجرني وزبره أي أغلظ له قوله: "الزبر" الكتب وأحدها زبور ويقال زبرت أي كتبت قوله: "الزبيل" بفتح أوله وكسر ثانيه هو القفة الكبيرة ويقال لها أيضا الزنبيل قوله: "الزبانية" هي الملائكة قيل سموا بذلك لدفعهم الناس في جهنم والزبن الدفع واحده زبنية قوله: "المزابنة" هو بيع من بياعات الغرر مشتق من الزبن وهو الدفع كأن كلا من المتبايعين يدفع الآخر عن حقه وقيل هي بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر

(1/126)


"فصل زج" قوله: "فخططت بزجه" الزج بالضم الحديدة التي في أسفل الرمح قوله: "زجج موضعها" أي سمرها أو حشا شقوق لصاقها بالزج ويحتمل أن يكون النقر في طرف الخشبة فترك فيه زجا ليمسكه ويحفظ ما في جوفه قوله: "الزجاجة" معروفة قوله: {زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ} أي صيحة وقوله: "زجرا شديدا" أي نهيا قويا ومنه قوله: "زجرها" قوله: {مُزْدَجَرٌ} قال مجاهد أي متناهي وقال غيره مزجر وفي قوله: "وازدجر" قال مجاهد استطير جنونا وقال غيره افتعل من الزجر وقال غيره أي زجر بالشتم قوله: "مزجى السحاب" أي باعثها وسائقها
"فصل ز ح" قوله: "زحزح" أي بوعد والزحزحة والإبعاد وقوله: "بمزحزحه" أي بمباعده قوله: "زحفا" أي مشا على الإلية
"فصل ز خ" قوله: "زخرف القول" هو كل شيء حسنته ووشيته وهو باطل وقوله: "لتزخرفنها" أي تزينونها بالذهب وغيره والزخرف الذهب أيضا
"فصل ز ر" قوله: {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} قال يحيى الفراء هي الطنافس لها خمل رقيق وقال غيره زرابي البيت ألوانه قوله: "زر الحجلة قيل المراد بالحجلة الكلة وزرها ما تزرر به وقيل المراد بها الطير وزرها بيضها وقيل المراد بها البياض وزرها النقطة البيضاء قوله: "مزررة بالذهب" أي أزرارها ذهب وقوله: "ويزره" أي يشده كشد الأزرار قوله: "لا تزرموه" أي لا تقطعوا بوله قوله: "الريح ريح زرنب" هو نوع من الطيب كأنها وصفته بطيب الريح أو بحسن الثناء
"فصل ز ط" قوله: "من رجال الزط" هم صنف السودان
"فصل ز ع" قوله: "فلا تزعزعوها" أي لا تحركوها ولا تقلقوها قوله: "زعم الزعم" مثلث الزاي وأصله في المشكوك فيه وقد يطلق على الكذب وقد يطلق على المحقق وعلى مطلق القول ويتميز بالقرينة
"فصل ز ف" قوله: "يزفر لنا القرب" أي يخيط وقيل لا يعرف هذا التفسير في اللغة وهو في رواية المستملى وحده والمعروف يحملها مملوءة والزفر بكسر أوله القربة قوله: {زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} قال ابن عباس صوت شديد وصوت ضعيف وقيل الأصل في الزفير صوت الحمار في ابتداء النهيق والشهيق آخره وقيل الزفير من الصدر والشهيق من الحلق قوله: "زفت امرأة" هو من الزفيف وهو تقارب الخطو قوله: "المزفت" هو المطلي بالزفت من الأواني
"فصل زق" قوله: "الزقاق" بالضم هو الطريق جمعه أزقة وقوله: "زقاق" بالكسر جمع زق وهو الظرف قوله: "الزقوم" من الزقم وهو اللقم الشديد والشرب المفرط
"فصل ز ك" قوله: "الزكاة" الطاعة والإخلاص وقوله: {لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} لا يشهدون أن لا إله إلا الله قوله: "لا أزكى به" أي لا يثني علي بسببه بما ليس في قوله: {أَزْكَى طَعَاماً} أي أكثر ريعا
"فصل زل" قوله: "كان أزلفها" أي قربها أو جمعها أو اكتسبها قوله: "وزلفى" ساعات بعد ساعات ومنه سميت المزدلفة لأن الزلف منزلة بعد منزلة وأما زلفى فمصدر مثل قربى ويقال ازدلفوا اجتمعوا أزلفنا جمعنا

(1/127)


قوله: "هناك الزلازل" قيل على ظاهره جمع زلزلة وهي اضطراب الأرض وقيل المراد الحروب الواقعة في الفتن لكثرة الحركة فيها قوله: "الأزلام" ذكر في تفسير سورة المائدة والأزلام وأحدها زلم وهي القداح وهي سهام مكتوب عليها أفعل أو لا تفعل فإذا أراد أمرا أدخل يده فإن خرج الأمر فعل وإن خرج النهى لم يفعل قوله: "فأزلهما" أي زحزحهما عن القصد المستقيم
"فصل ز م" قوله: "زمرة" بالضم أي جماعة وتقدم زمرة بالفتح في الراء قوله: "مزمارة الشيطانط الزمر الغناء والصوت الحسن والعالى ويقال المزمار صوت بصفير قوله: "زملوني" أي لفوني في ثيابي قوله: "زاملته" الزاملة البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع كأنها فاعلة من الزمل وهو الحمل قوله: "الزمهرير" هو البرد الشديد
"فصل زن" قوله: "الزنادقة" الزنديق من لا يعتقد ملة وينكر الشرائع ويطلق على المنافق قوله: "تزن بريبة" أي تتهم قوله: "زنيم" يقال له زنمة مثل زنمة الشاة بتحريك النون وهي لحمة معلقة في عنقها
"فصل ز ه" قوله: "يزهدها" أي يقللها قوله: "أزهر اللون" أي مشرقه قوله: "المزهر" بكسر الميم هو عود الغناء ويطلق على المعزفة وهي أكثر عند العرب قوله: {زَهَقَ الْبَاطِلُ} أي هلك والزهوق الخروج وهي استعارة قوله: "الزهو" هو ابتداء ارطاب البلح وأصله الظهور وقوله: "حتى يزهي" فسره في الحديث فقال حتى يحمر فهو بضم أوله وكسر الهاء من الرباعي وفي رواية حتى يزهو من زها ثلاثيا ومنهم من أنكرها ومنهم من أنكر الأول ويقال زها إذا ظهر وأزهى إذا أشتد وأما قول عائشة يزهى أن تلبسه أي يترفع عنه ولا يرضاه
"فصل ز و" قوله: "من أنفق زوجين" أي شيئين من كل شيء ويطلق الزوج على الصنف والنوع وعلى كل مقترنين ونقيضين وشبيهين قوله: "مرود تمر" المرود وعاء كالجراب ونحوه قوله: "مزادة" أي وعاء الماء قوله: "قول الزور" أي الكذب والباطل قوله: "زورت مقالة" أي هيأتها وصورتها في نفسي قوله: "تزاور" أي تميل وهو من الزور وهو الميل والأزور الأميل قوله: "نهي عن الزور" وهو بالضم يعني وصل الشعر بشعر آخر أو غيره قوله: "لزورك" بفتح الزاي أي لضيفك وقد تكلم عليه المصنف في باب إكرام الضيف من الأدب قوله: "الزوراء" بالمد هو موضع بسوق المدينة قوله: "يزول في الناس" أي يتحرك ذاهبا وآيبا ولا يستقر قوله: "يزوى بعضها إلى بعض" أي ينقبض وينضم قوله: "الزاوية" هو موضع بالبصرة على فرسخين منها كانت به وقعة مشهورة للحجاج وكان به قصر لأنس بن مالك
"فصل ز ي" قوله: "زاح عني الباطل" أي ذهب قوله: "زيادة كبد الحوت" هي القطعة المنفردة المتعلقة من الكبد قوله: {الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قال مجاهد مغفرة وقال غيره النظر إلى وجه الله وثبت الثاني في حديث صحيح عنه مسلم قوله: "قبل أن أزيغ" أي أميل ومنه زاغت الأبصار أي مالت وقوله: {مَا زَاغَ الْبَصَر} قوله: "إن تزيغ الشمس" أي تميل إلى وجه المغرب قوله: "زينة القوم" الحلي الذي استعاروا من آل فرعون

(1/128)


حرف السين
"فصل س ا" قوله: "صنع سؤرا" بسكون الهمزة أي طعاما وقيل السؤر الصنيع بالحبشية وقيل بالفارسية وقيل لا يهمز قوله: "إنك لسؤل" أي كثير السؤال قوله: "السآمة" أي الملالة
"فصل س ب" قوله: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً} قوله: "بسبب" أي بحبل قاله ابن عباس وقال الأسباب السماء وقال مجاهد طرقها في أبوابها قوله: {تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} قال مجاهد الوصلات في الدنيا قوله: "سبابتيه" تثنية سبابة وهي الإصبع التي بجنب الإبهام قوله: "ساببتط بوزن فاعلت من السب وهو الشتم وقوله: "سباب" هو مصدر قوله: "النعال السبتيةط منسوبة إلى السبت بالكسر وهو جلد البقر قوله: "يسبحون" أي يدورون قوله: "سابح يسبحط أي يعوم قوله: "حين التسبيح" أي حين صلاة النافلة ومنه قوله: "سبحة الضحى" وسميت الصلاة سبحة لما فيها من تعظيم الله وتنزيهه ومنه كان يسبح بعد العشاء أي يتنفل وأما قوله تعالى: {لَوْلا تُسَبِّحُونَ} فمعناه لولا تقولون إن شاء الله أريد بالتسبيح ذكر الله تعالى قوله: "سبحان الله" هو تنزيهه عن السوء وهو منصوب على المصدر قوله: "ذات سبخة" بفتحتين وخاء معجمة هي أرض مالحة وقد يسكن ثانيه والجمع سباخ قوله: "سيماهم" التسبيد أي استئصال الشعر بالحلق أو غيره وقيل المبالغة في التقشف والأول أشهر قوله: "سباطة قوم" هي المزبلة قوله: "الأسباط" هم قبائل بني إسرائيل قوله: "سبط الشعر" أي ليس فيه تكسر وسبط الكفين أي بسيطهما وقد تكسر الموحدة وحكى فيها الفتح أيضا قوله: "لكل سبوع ركعتين" هو جمع سبع مثل ضرب وضروب والمراد طاف سبع مرات قوله: "من لها يوم السبع" بضم الموحدة وبسكونها قيل هي اسم موضع المحشر وقيل موضع ظفره بها تقول سبع الذئب الغنم إذا افترسها وقيل المراد يوم الإهمال وقيل يوم يفترس السبع الراعي فينفرد الذئب بالغنم وقيل هو يوم عيد كان في الجاهلية يجتمعون فيلهون عن الغنم فيأكلها السبع وقيل المراد يوم الذعر يقال أسبع فلانا إذا أذعره وقال النووي أكثر الرواة علي ضم الباء ومنهم من سكنها والأصح أن المعنى من لها عند الفتن حين تترك لا راعي لها وادعى بعضهم أنها بالموحدة تصحيف وأن الصواب بالمثناة التحتانية وهو الضياع يقال أسيعت وأضيعت قوله: "سبغت" أي كملت وقوله: "توضأ فأسبغ" أي أكمل وقوله : "لم يسبغ" أي خفف قوله: "سابغات" قال شاملات وهي الدروع وقوله: "سابغ الإليتين" أي عظيمهما من سبوغ الثوب وقيل شديد السواد من كثرة الشعر قوله: "انقطعت بي السبل" أي الطرق قوله: "بسبيل" أي بطريق وسبيل الله طاعته والسبيل في الأصل الطريق ويذكر ويؤنث والتأنيث أكثر وسبيل الله عام يقع على كل عمل خالص أريد به التقرب إلى الله تعالى بأنواع الطاعات وإذا أطلق أريد به الجهاد غالبا وأما بن السبيل فهو المسافر سمي ابنا لها لملازمته لها وفي قصة وقف عمر سبل ثمرتها أي جعلها مباحة سبلت الشيء إذا أبحته كأنك جعلت إليه طريقا قوله: "المسبل إزاره هو الذي يطول ثوبه ويرسله إذا مشى كبرا وعجبا قوله: "السبىء" وقوله: "سبيئة" مهموز وغير مهموز هو ما غلب عليه من الآدميين أو استرق

(1/129)


فصل س ج" قوله: "ملكت فأسجح" بفتح الهمزة ثم مهملة ساكنة ثم جيم مكسورة ثم حاء مهملة أي قدرت فسهل أي فاعف قوله: "يسجرون" قال مجاهد يوقد لهم النار وفي قوله : "المسجور" قال مجاهد الموقد وفي رواية الموقر بالراء وقال غير المملوء وهو بمعني الذي بالراء وفي قوله: "سجرت" قال الحسن تسجر حتى يذهب ماؤها فلا يبقى فيه قطرة وهذا بمعنى قول مجاهد الأول لكن قال مجاهد في هذا معني سجرت أفضى بعضها إلى بعض فصارت بحرا واحدا وقوله: "فأخذته فسجرته في التنور" أي أوقدته وهذا يؤيد التفسير الأول قوله: "سجف حجرته" هو الستر المشقوق الوسط قوله: "السجل" بتشديد اللام هي الصحيفة وقيل ملك وروى أبو داود أنه اسم صحابي قوله: "سجلا" بفتح أوله وسكون الجيم أي دلوا قوله: "الحرب سجال" بالكسر أي مرة كذا ومرة كذا مأخوذ من مساجلة المستقيين حيث يدلى هذا سجله مرة وهذا مرة قوله: "سجيل" قال هو الكبير الشديد ويقال باللام والنون وقال ابن عباس أصله سنك وكل فأدغم ثم عرب قال الأزهري قد بين الله المراد ب قوله: {حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} حيث قال حجارة من طين مسومة وأما سجين حيث وقع فقيل هو فعيل من السجن وقيل حجر تحت الأرض السابعة قوله: "مسجى" أي مغطى به كله قوله: {إِذَا سَجَى} أي أظلم وقيل استوى وقيل غطى النهار بظلمته
"فصل س ح" قوله : "ثم سحبوا إلى القليب" أي جروا إلى البئر قوله: "فيسحتكم" أي يهلككم وقيل يستأصلكم قوله: "السحت" أي الحرام سمي بذلك لأنه يسخت المال أي يهلكه وقيل المراد به الرشوة قوله: "سحا" كذا في الصحيحين منون على المصدر أي تسح سحا روى في غيرهما سحاء بالمد والهمز على الصفة قوله: "سحري ونحري" السحر بالفتح وسكون الحاء الرئة تريد أنه مات وهو مستند لصدرها ما بين جوفها وعنقها قوله: "مسحرين" أي مسحورين مرة بعد مرة وقوله: "يسحرون" أي يعمون وقيل يصرفون قوله: "السحر" هو آخر الليل قوله: " السحور" هو الغداء في ذلك الوقت وبالفتح ما يؤكل في ذلك الوقت قوله: "سحقا" أي بعدا يقال سحيق بعيد قوله: "اسحقوا" ابعدوا قوله: "اسحقوني" أي دقوا الرماد إذا أحرقتموني قوله: "إن من البيان لسحرا" أي منه ما يصرف قلوب السامعين وإن كان غير حق وكذلك السحر فإن أريد بالحديث المدح فالمعنى أنه يستمال به القلوب ويرضى به الساخط ويستنزل به الصعب وإن أريد به الذم فالمعنى أنه يكتسب به من الإثم ما يكتسبه الساحر قوله: "سحولة" هي نسبة إلى قرية يقال لها سحول باليمن وقال ابن حبيب وابن الأعرابي السحول القطن ووقع في رواية ثلاثة أثواب سحولية كرسف والكرسف القطن قوله: "أسحم" أي شديد السواد قوله: "السحنة" بكسر أوله ويفتح وسكون الحاء بعدها نون هي بشرة الوجه وهيئته قوله: "بمساحيهم" بسكون الياء جمع مسحاة وهي المجرفة من الحديد والميم مكسورة وهي زائدة لأنه من السحر وهو الكشف والإزالة
"فصل س خ" قوله: "ليس بصخاب" وفي رواية بصخاب والصخب اختلاط الأصوات يقال بالصاد والسين والأول أشهر قوله: "ألبسة سخابا" بكسر أوله والتخفيف هي القلادة من طيب أو قرنفل وقيل خيط ينظم فيه خرز ويعلق على الصبيان والجواري ومنه تلقى سخابها قوله: "اتسخر بي" أي أتستهزئ بي قاله من شدة الدهش بالفرح أو ظن لما وقع منه من الاخلاف أنه يقابله بذلك عقوبة قوله: "سخطة لدينه" بفتح السين وتضم أي كراهية ويقال السخط والسخط كالسقم والسقم قوله: "سخاوة نفس" أي طيب نفس وقيل ترك الحرص عليه

(1/130)


فصل س د" قوله: "سد الروحاء" يقال بالضم والفتح وهو الجبل وفي قوله: "بين السدين" قيل الجبلين وقوله: "رأيت الصد مثل البرد المحبر" هو سد يأجوج ومأجوج وهو المكان الذي سده عليهم ذو القرنين وهو الردم وهو ما جعل بعضه على بعض حتي يتصل قوله: "سددوا وقاربوا" السداد القصد في الأمر قوله: "سدرة المنتهى" هي شجرة في السماء السابعة وقيل في السادسة قوله: "سادلة رجليها" أي مرسلتهما على الجمل ويروي سابلة بالموحدة قوله: "يسدل شعره" أي يرسله من خلفه ومنه كانوا يسدلون والسدل في الصلاة إرخاء الثوب قوله: "سديدا" أي صدقا قاله مجاهد وقال غيره قصدا مستقيما لا ميل فيه وهو السداد قوله: {أَنْ يُتْرَكَ سُدىً} أي هملا
"فصل س ر" قوله: "سربا" بسكون الراء ويفتح أي مذهبا قوله: "يسرب" أي يسلك ومنه وسارب بالنهار ومنه يسربهن إلى أي يرسلهن واحدة بعد أخري قوله: "سرابيل" هي القمص قوله: "السراب" هو ما يظهر نصف النهار في الفيافي كأنه ماء قوله: "أمثال السرج" أي المصابيح قوله: "سرح الماء" أي أطلقه قوله: "قليلات المسارح كثيرات المبارك" أي أن إبله لا تغيب عن الحي ولا تسرح إلى المراعى البعيدة ولكنها تكون بفنائه لتقرى من لحمانها وألبانها الضيفان قوله: "سرحة" أي شجرة طويلة قوله: "سرح المدينة" أي الإبل التي ترعي قوله: "سرادق" أي حجرة وهم المعنية بالفسطاط وقيل كل ما أحاط بشيء كالمضرب قوله: {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} أي قدر المسامير لا تدق ولا تعظم وقيل متابعة حلق الدرع شيئا بعد شيء قوله: "أسرد الصوم" أي أتابعه قوله: "سرر هذا الشهر" بفتح أوله وثانيه قال أبو عبيد سرار الشهر آخره وسرره مثله قوله: "ملوك على الأسرة" جمع سرير وهو معروف قوله: {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً} قال الحسن الزنا وقيل الإفصاح بالنكاح وقيل المجامعة وقيل غير ذلك قوله: "أسارير وجهه" أي خطوط الجبهة وأحدها سر وسرر والجمع أسرار وجمع الجمع أسارير قوله: "سري عنه" أي كشف عنه قوله: "سرعان الناس" بفتحتين أي المسرع المستعجل منهم قوله: "سرغ" موضع بالشام بفتح أوله وسكون الراء آخره غين معجمه قوله: "سرف" بفتح السين وكسر الراء قرية في ستة أميال من مكة بها قبر ميمونة رضي الله عنها وأما قوله: "وحمى عمر السرف" فقيل الصواب بالشين المعجمة قال أبو عبيد البكري هو ماء لبني باهلة أو بني كلاب قال وأما سرف الذي بقرب مكة فلا تدخله الألف واللام قوله: "أسرف رجل على نفسه" السرف مجاوزة القصد والغلو في الشيء قوله: "سرقة من حرير" بفتح السين والراء قيل هو الأبيض منه وقيل الجيد منه قوله: "السرقين" فسره في الأصل بزبل الدواب ويقال بالقاف والجيم وهي فارسية عربت قوله: "سرمدا" أي دائما قوله: "سروات الجن" أي ساداتهم ومنه قوله: "وقتلت سرواتهم" أي ساداتهم وأحدها سري مشتق من السرو قوله: "نكحت رجلا سريا" أي جمع المروءة والسخاء معا قوله: {تَحْتَكِ سَرِيّاً} أي نهرا صغيرا بالسريانية وقيل السري الجدول سمي بذلك لأن الماء يسري فيه أي يمر فيه جاريا قوله: "ما السري يا جابر" وقوله: "أسرينا" من السري وهو سير الليل قوله: "خلف سرية" قال ابن السكيت السرية ما بين الخمسة إلى الثلاثمائة وقال الخليل هي نحو أربعمائة ويدل له قوله صلى الله عليه وسلم: "خير السرايا أربعمائة" أخرجه أبو داود وغيره
"فصل س ط" قوله: "سطحية" هو إناء من جلود قال ابن الأعرابي هي المزادة إذا كانت من جلدين

(1/131)


سطح أحدهما على الآخر قوله: "الأساطير" وأحدها أسطورة وهي الترهات بضم المثناة وتشديد الراء وتخفيف الهاء واحدتها ترهة وهي فارسي معرب أصلها الطرق الصغار غير الجادة تتشعب عنها ثم استعير للباطل وربما جاء مضافا قوله: "المسيطرون" المسيطر المسلط يقال بالصاد وبالسين قوله: {يَسْطُرُونَ} أي يخطون قوله: "يسطون" أي يفرطون من السطوه ويقال يبطشون
"فصل س ع" قوله: "لبيك وسعديك" أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة قوله: "شوك السعدات" هو نبت ذو شوك من أحسن مراعي الإبل قوله: "سعروا البلاد" بتشديد العين وحكى أبو حاتم التخفيف أي ألهبوها كالتهاب السعير قوله: "السعر" أي الثمن الذي يقف عليه الأسواق والتسعر والاضطرام التوقد الشديد قوله: "سعيرا" أي وقودا قوله: "السعوط" وقوله: "استعط" أي جعل فيه سعوط بفتح السين وهو ما يجعل في الأنف من الأدوية قوله: "يسعى في الوادي" أي يمشي قويا قوله: "ساعيه" وقوله: "سعاة" هم ولاة الصدقة قوله: "الساعي على الأرملة" أي العامل عليها قوله: "سعوا له بكل شيء" أي طلبوا قوله: "لا تأتوها وأنتم تسعون" أي تجرون ومنه السعي بين الصفا والمروة ويسعون في السكك وأما قوله: {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} فمعناه فامضوا إلي ذكر الله فالسعي يراد به الجري ويراد به المضي قال بعضهم إذا كان بمعنى المضي أو بمعني الجري تعدي بإلى وإذا كان بمعنى العمل تعدى باللام ك قوله: {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} ويرده فاسعوا إلي ذكر الله فإنه بمعنى امضوا قوله: "على ساعتي هذه" أي على حالتي أو في وقتي قوله: "في حديث الجمعة من راح في الساعة الأولى" ذهب مالك إلى أن أولها دخول الوقت وهو زوال الشمس وذهب غيره إلي أنها من أول النهار قوله: "في حديث المكاتب ثم استسعى" أي أتبع فيما بقي عليه فطلبه بالسعى في فكاك رقبته قوله: "من أشراط الساعة" سمي يوم القيامة الساعة لأنها كلمحة البصر ولم يكن في كلام العرب في المدد أقصر من الساعة
"فصل س غ" قوله: {فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} أي مجاعة
"فصل س ف" قوله: "مسفوحا" أي دما مهراقا قوله : "سفح الجبل" أي عرضه من أسفله قوله: "بعد ما أسفر" أي أضاء وابتدأ الأسفار والأصل فيه البيان يقال أسفر وسفر قوله: "سفرة" قال هم الملائكة واحدهم سافر يقال سفرت بينهم أي أصلحت وجعلت الملائكة إذا نزلت بوحي الله وتأديته كالسفير الذي يصلح بين القوم وفي تفسير سورة عبس فيه زيادة قوله: "وصنعنا لهم سفرة في جراب" أي زاد أصل السفرة الزاد الذي يصنع للمسافر ثم استعمل في وعاء الزاد كالمزاودة والرواية قوله: "سفعة" روى بالفتح والضم فسرها في الحديث صفرة وفي بعض اللغة صفرة مشوبة بسواد أو زرقة وقيل غير معروف في اللغة وقيل معناه ضربة واحدة من الشيطان من قوله: "لنسفعن أي لنأخذن سفعت بيده أخذت وقبضت يقال سفعت لطمت وقيل معناه علامة الشيطان ومنه سفعاء الخدين قوله: "بعدما سهم سفع" أي سواد من لفح النار أو علامة من النار وقوله: "سفعة من غضب" بضم السين هو سواد مشرب بحمرة قوله: "السفق بالأسواق" يقال بالصاد والسين المراد المبايعة وأصلها عند البيع ضرب أيدي المتبايعين بعضها ببعض قوله: "فسمعت تسفيقها" أي ضرب كف على كف قوله: "يسفك دما" أي يهريقه قوله: "اليد السفلى" فسرها في الحديث بأنها الآخذة وعن الحسن أنها المانعة والسفل والعلو بضم أولهما

(1/132)


ويجوز الكسر قوله: "السفن" جمع سفينة وهي ما يركب في البحر قوله: "سفيهة" أي خفيفة العقل جاهلة
"فصل س ق" قوله: "سفاءها" أي ما تشرب فيه قوله: "أحق بسقبه" أي بما يلاصقه قوله: "السقط" أي ما يولد ميتا وهو مثلث السين قوله: {سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} قال كل من ندم فقد سقط في يده وقال غيره تحير قوله: "وكأن ابن الناطور سقف" أي جعل أسقفا وهو رئيس النصارى قوله: "سقيفة بني ساعدة" هو مكان لهم كانوا يستظلون به قوله: {السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} هو السماء قوله: {جعل السقاية في رحل أخيه} قيل هي مكيال يكتالون به قوله: "سقيهم" بالكسر اسم للشيء المسقى والاستسقاء الدعاء يطلب السقي قوله: "وهو قائل السقيا" هو اسم موضع من الفرع وقعت القائلة فيه
"فصل س ك" قوله: {مَاءٍ مَسْكُوبٍ} أي جار قوله: "فجعلته في سك" بضم المهملة وتشديد الكاف طيب قوله: "اسكاتة" بكسر أوله وضمه الأصيلي مصدر سكت قوله: "سكر الأنهار" هو سدها وقوله: "سكرت" أي غطيت قوله: "السكر" بفتحتين هو ما حرم قوله: "سكك المدينة" جمع سكة وهي الطريق المسلوكة قوله: "فاستكانا" أي خضعا قوله: "السكينة في أهل الغنم" أي الوقار أو الرحمة أو الطمأنينة مأخوذ من سكون القلب وتطلق السكينة أيضا بإزاء معان غير ما ذكر منها الملائكة في قوله: "تلك السكينة تنزلت لسماع القرآن" وقيل في سكينة بني إسرائيل هي ريح وقيل خلق كرأس الهر وقيل له وجه كوجه الإنسان وقيل روح يتكلم وقال النووي هي شيء من خلق الله فيه طمأنينة ورحمة ومعه ملائكة قوله: "المسكنة" مصدر يقال فلان أسكن من فلان أي أحوج منه ولم يرد السكون وقال غيره المسكنة فقر النفس وإن كان موسرا وتمسكن تشبه بالمساكين الواحد مسكين وهو الذي أسكنه الفقر أي قلل حركته فعلي هذا هو مفعيل من السكون
"فصل س ل" قوله: "مسلحة لهم" بفتح الميم واللام هم القوم الذين يعدون بالسلاح لحراسة الجيش قوله: "السلحفاة" بضم أوله وفتح ثانيه وسكون المهملة وسكون وثانيه وفتح ثالثه وبحذف الهاء فيهما وبتحتانية بدل الألف مع كسر الفاء وبالمد والقصر فيها لغات قوله: "نسلخ" أي نخرج أحدهما من الآخر قوله: "سلخ حية" أي جلدها قوله: "في مسلاخها" بكسر أوله أي جلدها والمراد أن يكون نظيرها في كل شيء قوله: "سلسلت الشياطين" أي ربطت بالسلاسل قوله: "سلسبيلا" قال مجاهد حديدة الجرية وقيل هو اسم العين وقيل لينة سهلة في الحلق تسلسل فيه وقال ابن الأعرابي لم أسمع هذا الحرف إلا في القرآن قوله: "قال ابن عباس كل سلطان في القرآن حجة" وأصله من التسلط وهو الغلبة وقيل اشتقاقه من السليط وهو الدهن لإضاءته قوله: "ترعى بسلع" هو جبل معروف بالمدينة قوله: "السلعة" أي المتاع قوله: "اجعله سلفا" أي خيرا متقدما قوله: "السلف" أي القرض إلى أجل قوله: "تنفرد سالفتي" أي ينقطع عنقي لأن السالفة أعلي العنق وقيل للإنسان سالفتان وهما جانبا العنق قوله: "سلق" بكسر أوله بقلة معروفة قوله: "السالقة" وقوله: "ليس منا من سلق" بتخفيف اللام أي رفع صوته عند المصيبة وقيل هو ضرب الوجه قوله: "سلكت" أي دخلت قوله: "فانسللت منه" أي خرجت في خفية ومنه فانسل فذهب قوله: "فأتى بسلي جزور" هي مشيمة البهيمة ومنه ما قرأت سلى قط قوله: "سلالة" أي الولد وقيل النطفة قوله: "سليم" أي لديغ سمي بذلك للتفاؤل قوله: "السلم" هو السلف إلى أجل معلوم قوله

(1/133)


"سلمات الطريق" جمع سلمة بكسر اللام وهي الحجارة وبفتح اللام جمع سلمة أي شجرة كبيرة وأغرب الداودي فقال هي ما تفرع من جوانب الطريق قوله: "وهل لي بعد قومي من سلام" أي سلامة
"فصل س م" قوله: "فيما سقت السماء" أي المطر سماه سماء لنزوله من السماء وكذا قوله: "على أثر سماء" قوله: "سمتا وهديا" أي قصدا وطريقة قوله: "تسميت العاطس" قال ثعلب هو بالمهملة من السمت وقال أكثر الناس بالمعجمة وأصله الدعاء بالخير وقيل أصله من إشمات الشيطان قوله: "الحنيفية السمحة" أي السهلة قوله: "مكانا سمحا" أي سهلا وكذا أسمح لخروجه قوله: {سَامِدُونَ} قال عكرمة يتغنون بالحميرية وقال غيره أي لاهون والسمود الغفلة عن الشيء وقيل معناه مستكبرون وقيل السامد القائم في تحير قوله: "وسمر أعينهم" أي كحلها بالمسامير المحماة قوله: "السمسار" هو الدلال وقوله: "السمسرة" أي الدلالة وأصلها القيام بالأمر قوله: "إلى ظل سمرة" بضم الميم هي شجرة الطلح قوله: "وجاءت السمراء" أي القمح الشامي ومنه يردها وصاعا من تمر لا سمراء قوله: "أهل سمره" أهل المتحدثين عنده بعد العشاء وأصل السمر مشتق من لون القمر لأنهم كانوا يتحدثون فيه قوله: "شاة سميط أو مسموطة" أي شويت بجلدها قوله: "سمكها" أي بناءها قوله: "رياء وسمعة" أي يرى فعله ويسمع به قوله: "سمل أعينهم" أي فقأها بالشوك وقيل بحديدة محماة تدني من العين حتى يذهب ضوءها وقيل كحلهم بحديدة قوله: "سم الخياط" أي ثقب الإبرة ومسام الإنسان كلها تسمى سموما قوله: "قتل نفسه بسم معروف يقال بفتح السين وضمها والفتح أفصح والسموم بالفتح هي الريح الحارة قوله: "ويظهر فيهم السمن" أي كثرة اللحم ووجه كونه عيبا أنه يحصل من كثرة الأكل وليس من الصفات المحمودة قوله: "تساميني" أي تضاهيني وأصله من السمو وهو الارتفاع
"فصل س ن" قوله: "بالسنح" بضم أوله وآخره حاء مهملة هو موضع معروف في عوالي المدينة وقول عائشة فأكره أن أسنحه أي أمر إمامه قوله: "واهالة سنخة" أي دهن زنخ قوله: "أسند الأمر" أي وكل قوله: "يسندون في الجبل" أي يصعدون قوله: "سندس" هو رقيق الديباج قوله: "أسنمة الإبل" جمع سنام وهو حدبة الجمل قوله: "مسنما" أي مرتفعا على وجه الأرض مأخوذ من السنام قوله: "فاسنن" أي استاك والاستنان الاستياك وهو دلك الأسنان بالعود ونحوه قوله: "إن فرص المجاهد لتستن" أي لتمرح وقيل ترعى وقيل تقمص قوله: "يتسنه" أي يتغير والمسنون المتغير قوله: "حتى أسن" بالتشديد أي دخل في السن قوله: "أعطوه سنا" أي ناقة لها سن معين قوله: "سنن من كان قبلكم" بفتح أوله أي طريقهم قوله: "سنة حسنة" أي فعلة جميلة قوله: "معنى برقه" أي ضياؤه قوله: "سناه سناه" أي حسنة بلسان الحبشة قوله: "سنة" بكسر أوله أي نعاس قوله: "أصابتهم سنة" أي عام مجاعة قوله: "نهي عن بيع السنين" وهو بيع التمر سنة وهو من بيوع الغرر
"فصل س ه" قوله: "الساهرة" قيل وجه الأرض وقيل المكان المستوي قوله: "اسهكوني" أي اسحقوني قوله: "إلا أسلهن بنا" أي أفضين بنا إلي سهل من الأرض يقال أسهل القوم إذا صاروا إلى السهل ومنه قوله: "ثم يسهل" بإسكان السين أي يسير في السهل قوله: "إلا أن يستهموا عليه" أي يقرعوا بالسهام قال الله تعالى {فَسَاهَمَ} أي قارع

(1/134)


وكذا قولها خرج سهمي وقوله: "سهمي الذي بخيبر أي نصيبي وكذا قوله: "اضربوا لي معكم سهما" قوله: "على سهوة" أي صفة بين يدي البيت أو مخدع أو عيدان يوضع عليه المتاع أو كومة بين بيتين أو حائط بين والسقف على الجميع فما كان وسطا فهو سهوة وما كان داخلا فهو مخدع وقيل السهوة بيت صغير منحدر في الأرض مرتفع السمك يشبه الخزانة وقيل صفة بين بيتين قوله: "السهو في الصلاة" أي النسيان
"فصل س و" قوله: "واسوأتاه" السوأة الفعلة القبيحة ويسمى الفرج بذلك ومنه قوله تعالى: {مِنْ سَوْآتِهِمَا} قوله: "ومن أساء في الإسلام" أي استمر على كفره أو أسلم ثم ارتد قوله: "من سوء الفتن" وفي رواية سواي الفتن السوء الهلاك والبلاء ونحوه ومنه السيئة وهي كل ما قبحه الشرع والسوأى تأنيثه قوله: "إنا إذا نزلنا بساحة قوم" أي بفنائهم قوله: "ساخت فرسي" أي غاصت قوله: "سوادي" بالكسر أي سراري ومنه قوله: "صاحب السواد" أي السر وأما قوله: "لا يفارق سوادي" سواده بالفتح أي شخصي شخصه وتكرر ومنه ورأيت أسودة بالساحل أي أشخاصا وأما قوله: "وأتى بسواد بطنها" فقيل الكبد وقيل حشوة البطن كلها قوله: "سيد" مأخوذ من السودد وهي الرياسة والزعامة ورفعة القدر ويطلق على الرب والمالك والرئيس والأمير والشريف والفاضل والكريم والحليم الدي يتحمل أذى قومه والزوج قوله: "الحبة السوداء فسرت في الحديث بالشونيز قيل هو الخردل وقيل البطم وقيل السرو وقيل الرازيانج قوله: "تسورت عليه الجدار" أي علوت سوره قوله: "إن جابرا صنع سورا" أي طعاما تقدم في س ا قوله: "سوارات" وقوله: "أساورة" هو جمع سوار بفتح أوله وضمه وهو ما يتحلى به النساء في أيديهن ويقال له اسوار بكسر الهمزة وبضمها ويطلق الأخير على آحاد الفرس وقيل هو الرامي منهم أو الغاية أو القائد أو المقاتل قوله: "ما خلا سورة من حدة" بفتح السين أي ثورة وعجلة قوله: "كدت أن أساوره" أي آخذ برأسه أو أواثبه قوله: "يسوسه" أي يتعهد الشيء بما يصلحه سواء كان آدميا أو دابة وقوله: "أسوسه" أي أقوم عليه وقوله: "ليسوسهم الأنبياء" أي تحكم بينهم قوله: "ويساط بالحميم" أي يخلط ومنه سمي السوط لأنه يخلط اللحم بالدم قوله: "سواع" هو اسم صنم قوله: "فلم يجد مساغا" أي مسلكا قوله: " كم سقت اليها" أي كم أمهرتها وأصله أنهم كانوا يمهرون المواشي قوله: "نزل يسوق بهن" أي يحدو ومنه سوقك بالقوارير قوله: "يرى مخ سوقها" جمع ساق وأما السوق الذي يباع فيها فقيل سميت بذلك لما يساق إليها من الأمتعة وقيل للقيام فيها على السوق قوله: "ذو السويقتين" تصغير الساقين صغرهما لدقتهما وحموشتهما وهي صفة السودان غالبا قوله: {يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} قيل الأمر الشديد وقيل غير ذلك والساق حاملة الشجر قوله: "السويق" هو القمح أو الشعير المقلو ثم يطحن قوله: "يسول لهم" أي يزين قوله: "سائمة الغنم" أي الراعية يسومون يرعون وقال مجاهد المسومة المطهمة قيل المطهم السمين قوله: "على سوم أخيه" أي طلبه أو عرضه يقال سامنى عرض على كأنه يعرض على البائع الثمن وأما قوله: {يَسُومُونَكُمْ} ففسره في الأصل يولونكم وقيل يحملونكم على ذلك أي يطالبونكم به ومنه استيام البائع وهو أن يطلب لسلعته ثمنا معينا والمساومة المحادثة بين المتبايعين قوله: "السام عليك" أي الموت وقيل أصله السأمة فسهلت الهمزة وحذفت الهاء والأول المعتمد قوله: "سواء" بالفتح ويمد وسوى بالكسر ويقصر منونا وغير منون فالممدود بمعنى مثل وبمعنى وسط ومنه سواء الجحيم وبمعنى معتدل ومنه سواء السبيل ويقال

(1/135)


فيهما بالكسر مقصورا وأما المقصور فبمعنى غير قوله: "ساوى الظل التلول" معناه ماثل امتداده ارتفاعها وهو قدر القامة وشرحه الداودي بما وهم فيه قوله: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} هو من المتشابه الذي يفوض علمه إلى الله تعالى ووقع تفسيره في الأصل قوله: "وقال مجاهد السوأى الإساءة" كذا للأصيلي وتقدم في أول الفصل قوله: "سويا" أي صحيحا
"فصل س ي" قوله: "سيب السوائب" وقوله: "إن أهل الإسلام لا يسيبون" كانوا في الجاهلية إذا نذروا قال أحدهم ناقتي سائبة أي تسرح ولا تمنع من مرعى والسائبة أن يقول لعبده أنت سائبة أو أعتقتك سائبة فيصح عتقه واختلف لمن يكون ولاؤه قوله: "الساج" بالجيم هو ضرب من الخشب يؤتى به من الهند والواحدة ساجة ويجمع على سيجان قوله: "وما سقي بالسيح" أي بالأنهار والسوقي قوله: "ساخت قوائم فرسي" أي دخلت في الأرض قوله: "حلة سيراء" تقدم في الحاء قوله: "سير" هو قد من جلد وجمعه سيور قوله: "كان لا يسير بالسرية" ظاهره أنه لا يخرج مع سراياه وقيل معناه لا يسير بالسيرة السوية أي العادلة والسيرة هي طريقة الإمام في رعيته والرجل في أهله وفي قوله: "على سيرتها" أي حالتها قوله: "سيف البحر" بكسر أوله أي ساحله قوله: {سَيْلَ الْعَرِمِ} قال هو السد وهو ماء أحمر ذكره مفصلا في تفسير سورة سبأ قوله: "بطن المسيل" أي مسيل مياه الأمطار من الجبل قوله: "وأسلنا له" أي أذبنا قوله: "سيماهم" بالتخفيف أي علامتهم قال مجاهد السحنة وقيل التواضع وبقيته في سورة الفتح قوله: "لا سيما" بالتشديد

(1/136)


حرف الشين المعجمة
"فصل ش ا" قوله: "الشؤم" بالهمز هو ما كانوا يتطيرون به ويقال لكل محذور مشئوم ومشأمة والشؤمى اليسرى تأنيث الأشأم ومئة حديث عدي فينظر أشأم منه وسميت أرض الشام شأما لأنها عن يسار الكعبة قوله: "شؤون رأسها" هي الخطوط التي في عظم الجمجمة وواحدها شأن وأما قوله: "أني لفي شأن" فمعناه الخطب أو الأمر أو الحال ومنه قوله: "ما شأنكم" أي ما خطبكم أو أمركم ومنه كان لي ولها شأن ومنه ثم شأنك بأعلاها أي هو مباح لك وكذلك شأنك بها وأما قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} فهو إشارة إلى تنفيذ ما قدره وإيجاد ما سبق في علمه أنه يوجد قوله: "شاه شاه" منون الأول فسره في الحديث فقال ملك الملوك وهو فارسي وأصله شاهان شاه فشاه ملك وشاهان جمعه وهو على قياس كلامهم في التقديم والتأخير وكذا قوله: "أبو شاه" وقد غلطوا من جعل هاءه تاء مثناة قوله: "أرفع فرسي شأوا" الشأو الشوط والمدى ومنه شأوت القوم أي سبقتهم عدوا
"فصل ش ب" قوله: "يشبب بأبيات له" أي يتغزل قوله: "وشب ضرامها" أي عظم شرها وهو استعارة من وقود النار إذا اشتد اشتعالها قوله: "شببة" جمع شاب وكذا قوله: "شبان" قوله: "بشبع بطني" بالسكون وبالفتح والباء سببة والشبع ضد الجوع قوله: "شبرا" الشبر بالكسر من طرف الخنصر إلى طرف الإبهام قوله: "الشبرق" هو نبت حجازي يؤكل ولا شوك له إذا يبس يسمى الضريع قوله: "مشتبهات" أي مشكلات وكذا متشابهات وقوله: "متشابها" ليس من الاشتباه ولكن يشبه بعضه بعضا ويختلف في الطعم قوله: "من أين يكون الشبه" بفتحتين وبكسر أوله وسكون ثانيه كمثل ومثل وزنا ومعنى

(1/136)


فصل ش ت" قوله: "أشتاتا وشتى وشتات وشت واحد" كذا وقع ومراده أن اشتقاق ذلك متحد والأفشت مفرد وما عداه جمع ومعناه متفوقون ومختلفون قوله: "في يوم شات" أي في زمن الشتاء
"فصل ش ث" قوله: "شئن الكفين" بسكون المثلثة أي غليظهما
"فصل ش ج" قوله: "على المشجب" هي أعواد توضع عليها الثياب قوله: "شجك أو فلك" أي جرحك والشج مختص من الجراح بالرأس والوجه قوله: {شَجَرَ بَيْنَهُمْ} أي اختلفوا والشجر بالفتح الأمر المختلف وقوله: "شاجره" أي نازعه وقوله : "الرمح شاجر" أي قاصد أن يطعن قوله: "شجاع أقرع" هو الحية الذكر وقيل كل حية شجاع بضم أوله وقد يكسر قوله: "شجنة من الرحمن" بضم أوله وبكسره وحكى الفتح أيضا وأصله اشتباك العروق والأغصان ومنه الحديث شجون أي متداخل وإضافة إلى الرحمن مجازا
"فصل ش ح" قوله: "شاحبا" أي متغير اللون بهزال أو جوع أو مرض قوله: "ويلقي الشح" فسره في الأصل بالحرص الشديد قوله: "يتشحط في دمه" أي يضطرب فيه قوله: "حرمت عليهم الشحوم" هي شحم الكلى والكرش والأمعاء خاصة فاللام فيه عهدية قوله: "شحناء" هي العداوة قوله: {الْمَشْحُونِ} قال مجاهد الموقر أي المملوء
"فصل ش خ" قوله: "يشخب" أي يصب قوله: "شخص بصره" أي ارتفع وامتد وقوله: "لا شخص" هو كل جسم له ارتفاع وظهور واستعمل هنا استعارة
"فصل ش د" قوله: "يشدخ رأسه" أي يكسر قوله: "اشدد وطأتك أي خذهم بشدة قوله: "لن يشاد هذا الدين" بتشديد الدال أصلها يشادده أي يغالبه قوله: "اشتد النهار" أي ارتفع وقوله: "فخرج يشتد واشتد وراءه" كله من الجري وكذا لا يقطع البطحاء إلا شدا قوله: {بَلَغَ أَشُدَّهُ} وأحدها شد بضم الدال كذا في الأصل وقال غيره الأشد من خمسة عشر إلى أربعين وهي جمع شدة مثل نعمة وأنعم وهي القوة والجلادة في البدن والعقل وقيل الأشد بلوغ الحلم وقيل ثماني عشرة وقيل ثلاثة وثلاثون عاما وقيل غير ذلك قوله: "أشد منه" أي أشجع قوله: "إلا تشد" أي تحمل فتقاتل وكذا قوله: "شد على" أي حمل على وقوله تعالى: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} قال ابن عباس أي سنعين قوله: "شدقه" أي فمه وقوله: "لو كنت في شدق الأسد" كناية عن الموافقة أي لو كنت في موضع لا يوصل إليك فيه عادة لأحببت أن أصل إليك
"فصل ش ذ" قوله: "لا يدع شاذة" الشذوذ الانفراد
"فصل ش ر" قوله: "يشرئبون" بالهمز وتشديد الموحدة هو مد العنق كالمتطاول وقال الأصمعي هو رفع الرأس قوله: "في مشربة" بضم الراء وفتحها أي غرفة قوله: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ} أي حل فيها محل الشرب وقبلوه يقال ثوب مشرب أي مصبوغ قوله: "في شرب من الأنصار" بالفتح وسكون الراء جمع شارب وقوله: "ما جاء في الشرب" بكسر الشين أي حكم قسمة الماء قوله: "شراج الحرة" الشراج بكسر أوله مسايل الماء وأحدها شرج بسكون الراء وكذا قوله: "شريج الحرة" قوله: "شرد" أي فرق قوله: "شرذمة" أي طائفة قوله: "فيشرشر

(1/137)


شدقه" أي يقطعه ويشقه والشرشرة أصلها أخذ السبع بفيه قوله: {أَشْرَاطُهَا} أي علاماتها وهو جمع شرط بفتحتين وقيل هو الرديء من كل شيء فعلى هذا فالمراد صعاب أمورها وشدائدها قبل قيامها قوله: {شُرَّعاً} أي شوارع وقال ابن قتيبة أي شوارع في الماء جمع شارع كأنه يريد شاربة قوله : "فنشرع فيه جميعا" أي نتناول قوله: "الشريعة والشرعة" أي السنة والطريقة قوله: {شَرَعَ لَكُمْ} أي سن لكم أو أظهر وبين قوله: "كان في شارف" أي ناقة من قوله: "مشرف الوجنتين" بسكون الشين أي مرتفعهما قوله: "بشرف الروحاء" أي الجبل العالي الذي بها قوله: " شرفا أو شرفين" أي شوطا أو شوطين أو طلقا أو طلقين وقيل الشرف ما علا من الأرض قوله: "ولا مشرفط أي متطلع وقوله : "ذات شرف" بفتحتين أي ذات قدر كبير وقيل يستشرف الناس لها أي يرفعون أبصارهم إليها قوله: "شرقوا أي توجهوا نحو المشرق قوله: "تشرق الشمس أي تطلع قوله: "شرق" بذلك بكسر الراء أي ضاق صدره حسدا كمن غص بالماء قوله: "شرقيا" أي مما يلي الشرق قوله: "أيام التشريق" أي أيام منى سميت بذلك لأنهم كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي أي يقطعونها ويقددونها وقيل سميت بذلك من أجل صلاة العيد لأنها تصلى وقت شروق الشمس وقيل لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس قوله: "أو شرك في دم" أي شركة وكذا من أعتق شركا وأصل الشركة معلوم وقوله: "لمن يشركهم"1 بكسر الراء أي يشاركهم قوله: "شراك نعله" الشراك أحد سيور النعل التي تكون على وجهه قوله: "شروا" أي باعوا والشراء والبيع واحد لكنه غلب من جهة معطى الثمن كما غلب البيع من جهة صاحب السلعة قوله: "ركب فرسا شري"ا أي فرسا يستشري في مشيته ويتمادى وقال ابن السكيت أي فرسا خيارا وشراة المال خياره
"فصل ش س" قوله: "شسع" هو أحد سيور النعل وهو الذي يدخل بين الإصبعين وقوله: "شاسع الدار" أي بعيدها
"فصل ش ط" قوله: "شطأه" أي فراخه يقال شطء السنبل تنبت الحبة عشرا وثمانيا وسبعا فيقوى بعضه ببعض ولهذا قال فآزره أي قواه ولو كانت حبة واحدة لم تقم علي ساق قوله: "مسل شطبه" قيل الشطبة من جريد النخل وقيل عود محدد قوله: "شطر ما يخرج منها" أي نصفه وقوله: "وضع عني شطرها" أي بعضها وقوله: {شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أي جهته قوله: {شَطَطاً} أي إفراطا أو إسرافا وقال مجاهد قوله: {وَلا تُشْطِطْ} أي لا تسرف قوله: "على شط النهر" أي جانبه قوله: "بشطنينط أي بحبلين والشطن بالتحريك الحبل الطويل
"فصل ش ع" قوله: "بين شعبها" أي المرأة والشعب النواحي قيل المراد ما بين يديها ورجليها وقيل شعب الفرج وكنى بذلك عن الجماع لأن القعود كذلك مظنته وقيل غير ذلك قوله: "شعبة من الإيمان" أي قطعة قوله: "الشعب" بالكسر الطريق في الجبل وأما الشعب فواحد الشعوب ومنه جعلناكم شعوبا وقيل الشعوب النسب البعيد والقبائل دون ذلك وقال ابن عباس الشعوب القبائل العظام وقيل الشعوب العجيم والقبائل العرب وقول أنس أتخذ مكان الشعب سلسلة أي الصدع قوله: "شعبان" الشهر المعروف قيل سمي بذلك لتشعبهم فيه أي لتفرقهم قوله: "تمتشط الشعثة" يقال امرأة شعثاء وشعثة أي ملبدة الشعر ورجل أشعث وشعث رأسه من ذلك قوله: {مِنْ
ـــــــ
1 الصواب فتح الراء كما يعلم في الصحاح والقاموس وغيرها.

(1/138)


شَعَائِرِ اللَّه} جمع شعيرة أي علامة ومنه المشعر الحرام ومشاعر الحج قوله : "ثم لم أشعر" أي لم أعلم ومنه قولهم ليت شعري وقوله: "فشق من قصه إلى شعرته بكسر الشين أي شعر عانته قوله: "أشعرنها إياه" أي ألففنها فيه واجعلنه مما يلي جسدها مأخوذ من الشعار وهو ما يلي الجسد ومنه قوله: "للأنصار شعار وأشعار وأشعار البدن أن يشق أحد جنبتي السنام حتي يسيل الدم ويجعل ذلك علامة لها يعرف بها أنها هدى قوله: {رَبُّ الشِّعْرَى} قال هو مرزم الجوزاء وقال غيره الشعرى يقال لنجمتين في السماء أحدهما العبور لأنها عبرت المجرة وليس في السماء نجم يقطعها عرضا غيره والآخر الغميصاء لأنها لا تتوقد توقد العبور وكان أبو كبشة الخزاعي يعبدها فأنزل الله في تكذيبه وتكذيب من تابعه وأنه هو رب الشعرى أي رب النجم الذي كانوا يعبدون قوله: "شعف الجبال" أي رؤوسها وأطرافها وقال في التفسير وقوله: "شعفها حبا" بالمهملة من المشعوف ولم يرد أي في القرآن والعرب تقول فلان مشعوف بفلانة أي برح به حبها وأما بالمعجمة فيقال لصق بقلبي وداخله والشغاف حجاب القلب وقال أبو عبيد المشغوف بالمعجمة الذي بلغ حبه شغاف قلبه وبالمهلمة الذي خلص الحب إلى قلبه فأحرقه قوله: "واشتد اشتغال القتال وقوله: "اشتعلت وشب ضرامها" أي عظم أمرها وقوله: "يتبعني بشعلة من نار" الشعلة بالضم ما اتخذت فيه النار والتهبت فيه قوله: "رجل مشعان" بضم أوله وتشديد النون أي منتفش الشعر وقال في الأصل مشعان أي طويل جدا فوق الطويل
"فصل ش غ" قوله: "نهى عن الشغار" فسره في الحديث قيل أصله من رفع الرجل وكنى بذلك عن النكاح وقيل أصل الشغر البعد وقيل الاتساع قوله: "يشغلهم" بفتح الغين من الشغل ضد الفراغ
"فصل ش ف" قوله: "وأخذ الشفرة" أي السكين وشفرة السيف حده وشفير جهنم حرفها وشفير الوادي طرفه وشفير العين منبت شعر الجفن قوله: "يشفع الأذان" أي يقوله: زوجا زوجا ومنه قام في الشفع وإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته وشفعها بالسجدتين ومنه الشفع والوتر قال القتيبي الشفع الزوج والوتر الواحد وأما في الآية فعن مجاهد الوتر الله والشفع جميع الخلق وقال غيره الوتر يوم عرفة والشفع أيام العشر وقيل أيام النحر وقيل الوتر آدم شفع بحواء وقال ثعلب الشفعة بالضم اشتقاقها من الزيادة لأنه يضم ما شفع فيه إلي نصيبه والشفاعة الرغبة لزيادته في الرغبة وشفع أول كلامه بآخره قوله: "ولا تشفوا بعضها على بعض" بضم التاء أي لا تفضلوا وتزيد واو الشف بالكسر الزيادة والنقصان وهو من الأضداد والشف بالفتح اسم الفعل ويقال للثوب الرقيق الذي يظهر ما وراءه شف بكسر أوله ومنه جوهر شفاف قوله: "شف هذا على هذا" أي زاد قوله: "وإذا شرب اشتف" أي استقصى هذا على رأي من رواه بالمعجمة قوله: "غاب الشفق" هي الحمرة التي تبقى بعد مغيب الشمس وهي بقية شعاعها وقيل الشفق البياض الذي يبقى بعد الحمرة قوله: "أشفق أبو بكر" أي خاف قوله: "شافهني" أي كلمني بغير واسطة قوله: "ما شفيتني" أي ما بلغت مرادي والشفاء الدواء ومنه هجاهم حسان فشفى واشتفى والشفاء أيضا الراحة قوله: "أشفيت منه" أي أشرفت على التلف قوله: {شَفَا حُفْرَةٍ} قال في الأصل مثل شفا الركية وهو حرفها

(1/139)


"فصل ش ق" قوله: "حتى تشقح" أي تحمر أو تصفر قوله: "بمشقص" هو نصل السهم الطويل وجمعه مشاقص قوله: "من باع شقصا" أي نصيبا قوله: "شقه الأيمن" بكسر أوله أي جانبه قوله: "أهل غنيمة بشق" بكسر أوله أي في جهد من العيش وقيل الشق موضع معين ويجوز فتح أوله أي مكان ضيق وقوله: "لولا أن أشق على أمتي" لولا أن أثقل عليهم وقوله: "غير مشقوق عليه" أي غير مجهود قوله: "جئناك من شقة بعيدة" بضم أوله ويجوز الكسر أي من مسير بعيد فيه مشقة قوله: "يشق عصا المسلمين" أي يفرق جماعتهم قوله: "الشاقة أي التي تشق جيبها عند المصيبة ومنه شق الجيب قوله: "من شقيقة كانت به" أي صداع شديد في الرأس
"فصل ش ك" قوله: "فشكر الله له" أي رضي الله عنه والشكور من أسماء الله تعالى الحسني قيل معناه الذي يذكر عنده القليل من عمل عباده فيضاعف لهم ثوابه وقيل الراضي بالقليل من الشكر وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "أفلا أكون عبد شكورا" فمعناه مثنيا على الله مبالغا في ذلك قوله: "الشكس" قيل هو العسر الذي لا يرضى بالإنصاف ومنه {مُتَشَاكِسُونَ} قوله: "فشكت عليها ثيابها" أي جمعت أطرافها ويقال شككته بالرمح إذا انتظمته به والشك إلصاق الشيء بالشيء كالعضد بالجنب ويطلق على اللزوم قوله: "شاكي السلاح" أي جامع لها يقال شاك وشائك والشكة السلاح التام وقيل أصله شائك السلاح ومعنى شائك ذو شوكة فهو من المقلوب قوله: "نحن أحق بالشك من إبراهيم" قيل المراد نفي الشك عنهما أي لم يشك ونحن كذلك ولو شك لكنا أولى بذلك منه إعظاما لإبراهيم قوله: {عَلَى شَاكِلَتِهِ} أي طريقته أو ناحيته أو نيته قوله: "الشكلة" بفتح الشين وكسر الكاف هي الغزلة الغنجة في شكواه الذي قبض فيه وفي رواية في شكوه أي في مرضه وقوله: "وهو شاك" أي مريض ومنه اشتكى سعد وأما قول أم سلمة شكوت أني اشتكى فالثاني بمعناه والأول معروف ومنه أخذ الثاني ومنه شكت ما تلقى من الرحى وقوله: "يكثرن الشكاةط وقول بن الزبير وتلك شكاة ظاهر عنك عارها ويراد بالشكاة الذم والعيب
"فصل ش ل" قوله: "شلت يداه" أي يبست وهو بالفتح ولا يقال بالضم والاسم الشلل قوله: "شلو" بالكسر هو العضو من اللحم وممزع أي مقطع وقيل الشلو الجسد من كل شيء
"فصل ش م" قوله: "اشمأزت" أي نفرت قوله: "تشميت العاطس" أي الدعاء له بإزالة الشماتة عنه وتقدم في المهملة قوله: "مشمر الإزار" أي رافعه ومنه وانهما المشمرتان قوله: "شمس أناسا" أي أقامهم في الشمس قوله: "شمط رأسه" أي اختلط البياض بالسواد ومنه أعد شمطاته وقال ثابت كل لونين اختلطا فذلك الشمط قوله: "اشتمال الصماء" فسره في الحديث بالتوشح وهو إدارة الثوب على الجسد بغير إخراج اليد والاسم الشملة وقيل إنما تسمى شملة إذا كان لها هدب وحكى الخليل كسر أوله والجمع شمال مشترك مع اليد وأما بالفتح فهو الريح التي تأتي من دبر القبلة وفيها لغات كاليد وبوزن جعفر مهموزا وبتقديم الهمزة على الميم وغير ذلك
"فصل ش ن" قوله: "شنآن" أي بغض وعداوة قوله: "تشنجت الأصابع" أي يبست قوله: "شنار" بالفتح أي عيب قوله: "شن الغارة" أي فرقها وصبها كصب الماء وتفريقه قوله: "شن معلقة" أي قربة بالية وكل سقاء خلق فهو شن قوله: "شنقوا له" بكسر النون أي أبغضوه قوله: "حل شناقها" قال أبو عبيدة هو

(1/140)


الخيط الذي تعلق به القربة ومنه شنق للقصوى الزمام أي عطف به رأسها قوله: "أزد شنوأة" بفتح الشين وضم النون وبعد الواو همزة قبيلة معروفة
"فصل ش ه" قوله: "شهاب" أي الكوكب الذي يرمي به جمعه شهب وشهاب النار كل عود اشتعلت في طرفه قوله: "أشهد على النبي صلى الله عليه وسلم" أي أخبر بعلم وقوله: "في اللعان أشهد بالله" أي أحلف وكذا قول أبي هريرة وغيره أشهد بالله أي أحلف لقد سمعت وفي الأصل الأشهاد واحدة شاهد مثل أصحاب وصاحب قوله: "ليبلغ الشاهد الغائب" أي الحاضر السامع من غاب قوله: "شهد الله" أي بين وقيل للشاهد شاهد لأنه يبين الحكم ومنه إنا أرسلناك شاهدا قوله: "كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد" قيل هو أن يحلف بعهد الله أو يشهد بالله ويؤيده قوله: "في الرواية الأخرى نهينا أن نحلف بالشهادة والعهد" قوله: "ما يجد الشهيد" قيل سمي شهيدا لأنه يشاهد ماله من الخير والمنزلة عند موته وقيل لأن الله وملائكته شهدوا له بالجنة وقيل الشهيد الحي قال أبو عبيد الهروي هذا قول النضر بن شميل كأنه تأول قوله تعالى: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} وقيل لأن ملائكة الرحمة تشهد له وقيل لأنه قام بشهادة الحق في الله وقيل لأنه ممن يشهد على الأمم قبله قوله: "الشهر" قيل سمي بذلك لاشتهاره قوله: "شهيق" تقدم في زفير قوله: "شواهق الجبال" أي طوالها جمع شاهق وهو العالي الممتنع
"فصل ش و" قوله: "لم يشب" أي لم يخلط يقال شيب يشاب شوبا ومنه شوب اللبن بالماء وقوله: "ثم إن لهم عليها لشوبا" قيل في تفسيره يخلط طعامهم ويساط بالحميم قوله: "شارة حسنة" أي هيئة ومنه الشوار بالفتح أي متاع العروس قوله: "أشار عليهم" أي نصحهم وهو من المشهورة وهي بفتح أوله وضم ثانيه وسكون الواو ويجوز سكون ثانيه وفتح الواو يقال أصله من شار الدابة إذا عرضها للبيع ويقال من شار العسل إذا جناه وأما قوله: "أشار إليهم فمعناه أومأ وهو من الإشارة قوله: "يشوص فاه" بالسواك أي يدلكه أو يحكه وقيل الشوص الغسل وقيل الشوص الاستياك بالعرض وهو قول الأكثر وقال وكيع بل بالطول من سفل إلى علو قوله: "طفت أشواطا" جمع شوط بالفتح أي مرة وهو في الأصل مسافة تعدوها الفرس والشوط في حديث أبي أسيد كالأول وبالمعجمة وآخره مهملة بستان بالمدينة ويقال فيه بالطاء المعجمة قوله : {شُوَاظٌ مِنْ نَار} أي لهب وهو الذي لا دخان له قوله: "متشوفين أي متطلعين ومنه تشوفت قوله: "شاكي السلاح" تقدم قوله: "كواه من الشوكة" بالفتح هو داء كالطاعون قوله: "ذات الشوكة" أي الحد وشوكة القتال سدته وحدته قوله: "وإذا شيك فلا انتقش" أي إذا أصابته الشوكة فلا أخرجت منه بالمنقاش قوله: "الشؤم" ضد اليمن تقدم قوله: "شامة وطفيل" قيل هما جبلان بمكة قوله: {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} قيل هي الأطراف واليدان والرجلان وجلدة الرأس يقال لها شوى قوله: "الشوائل" جمع شائلة وهي الناقة التي شال لبنها أي نفد وتسمى الشول أي ذات شول لأنه لم يبق في ضرعها إلا شول من لبن أي بقية
"فصل ش ي" قوله: "أشاح" أي انكمش وقبض وجهه قوله: "مشيخة قريش" جمع شيخ وهو بسكون الشين وحكى كسرها قوله: "مشيد" أي مبنى قوله: "من الشيزي" مقصور هي الجفان وأصل الشيزي شجر تصنع منه وأراد بها الشاعر أصحابها الذين كانوا يطعمون فيها وقتلوا قوله: "فشام السيف" أي أغمده قوله: "شيمته

(1/141)


الوفاء" أي خلقه وطبعه قوله: "شانه" أي عابه والشين ضد الزين قوله: {فِي شِيَعِ الْأَوَّلِين} أي الإثم والشيع والأنصار والأولياء والطوائف ومنه {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً} أي فرقا قوله: {لا شِيَةَ فِيهَا} أي لا بياض قاله أبو العالية وقيل كل لون يخالف معظم الألوان فهو شية ويطلق على العلامة

(1/142)


حرف الصاد المهملة
"فصل ص ب" قوله: "صبأنا" بالهمز وقد يسهل وقوله: "الصابئ كذلك والصباة من همز قاله بوزن كفرة ومن لم يهمز قاله بوزن رماة ومعناه الخروج من دين إلى دين فأما الصابئون فقال أبو العالية هم فرقة من أهل الكتاب وقيل من النصارى تخالفهم إلى أشياء من اليهودية فكأنهم خرجوا من الدينين إلى ثالث وهم يزعمون أنهم على شريعة نوح أو إدريس أو إبراهيم ومنهم من يعبد الكواكب أو الملائكة قوله: "انصبت قدماه" أي انحدرت قوله: "مصبح في أهله" أي يؤتى وقت صلاة الصبح فيسلم عليه وصبحنا خيبر بالتخفيف والتثقيل أتيناها صباحا قوله: "صبح رابعة" بضم أوله ويجوز كسره قوله: "يا صباحاه" كلمة تقال عند هجوم العدو وخص هذا الوقت لأنه كان الأغلب لوقت الغارة فكأن المعنى جاء وقت القتال فتأهبوا وقوله: "اصطبح" أي شرب صباحا ومثله الصبوح وضده الغبوق وقولها أتصبح أي أنام أول النهار قوله: "أصبحي سراجك" أي أوقديه والمصباح السراج لأنه يطلب به الضياء قوله: "قتله صبرا" وقوله: "أن تصبر البهائم" وقوله: "ولا تصبر يمينه" كله من الحبس والقهر ففي الأيمان الإجبار عليها وفي البهائم نصبها للرمي وفي القتل ظاهر وأصل الصبر الثبات وقوله: "أصبر على أذى" أي أشد حلما وقوله: "الصبرة من الطعام" ما جمع من الحب بلا كيل قوله: "قرظ مصبور" معناه مجتمع على الأرض بعضه على بعض قوله: {صِبْغَةَ اللَّهِ} أي دينه قوله: "أصيبغ من قريش" كذا لبعضهم بالمهملة والغين المعجمة وعكس آخرون والأول معناه أسود كأنه عيره بلونه والثاني كأنه تصغير ضبع على غير قياس وقال له ذلك تحقيرا له وهو أشبه بمساق الكلام ل قوله: بعد وتدع أسدا قوله: "الصبية" بكسر أوله وتخفيف الموحدة جمع صبي والصبيان بكسر أوله ويجوز ضمه والصبا بكسر أوله الصغر ويجوز المد فيه وقوله: "نصرت بالصبا" بفتح أوله مقصور الريح التي تهب من مطلع الشمس
"فصل ص ح" قوله: "لا يورد ممرض على مصح" أي ذو إبل مريضة على ذي إبل صحيحة وراء يورد وممرض وصاد مصح مكسورات قال ابن القطاع أصح القوم سلمت إبلهم من العاهة وذلك مخافة ما يقع في النفوس من اعتقاد العدوى التي نفاها صلى الله عليه وسلم حسما للمادة وجودا واعتقادا وأبطلها شرعا وطبعا قاله عياض قوله: "في صحفتها" أي القصعة وقيل هي أصغر
"فصل ص خ" قوله: "وكثر عنده الصخب" أي اختلاط الأصوات ومنه قوله: "ولا صخب فيها" وقوله: "ليس بصخاب" وقوله: "يصخب عليه" قوله: "الصاخطة "أي الصيحة التي تكون عنها القيامة تصخ الأسماع تصمها
"فصل ص د" قوله: "يصد هذا" أي يعرض ويهجر وقوله: "صددت عن البيت" أي منعت عن الوصول إليه ومنه إنهم صادوك ولا يصدنكم قوله: "صديد" هو اللحم المختلط بالدم وقيل هو قيح ودم قوله

(1/142)


{يَصِدُّونَ} بكسر الصاد أي يضجون بالجيم قاله مجاهد قوله: {يَصَّدَّعُونَ} بالإدغام أي يتفرقون ومنه قوله: "فتصدعوا عنها" أي انكشفوا وكذا فتصدع السحاب وأصله الانشقاق عن الشيء ومنه انصداع الفجر وقوله: {ذَاتِ الصَّدْ} أي تتصدع بالنبات قوله: "صدغيه" الصدغ جانب الرأس مما يلي الوجه قوله: "صدف" أي أعرض وقوله: "الصدفين" أي الجبلين قوله: "المصدق" بالتخفيف هو الذي يتولى العمل على الصدقة والمصدق بالتشديد الذي يعطيها وقد يخفف أيضا والصديق بالتشديد مبالغة من الصدق والصديق بالتخفيف وفتح أوله الصاحب المخلص الذي صدقت مودته قوله: "أصدقاء خديجة" جمع صديقة وهو نادر كسفيهة وسفهاء والمشهور اختصاص هذا الجمع بالمذكر قوله: "الصدمة الأولي" أي أول نزول المصيبة وأصل الصدمة الضربة الصاءبة قوله: "وكيف حياة أصداء" هو جمع صدى كانوا في الجاهلية يزعمون أن الميت إذا بلى خرج من هامته شبه الطائر فيسمى الصدى فيذهب فلا يرى بعد قوله: "فتصدى لي رجل" أي تعرض لي وأما قوله: "في عبس تصدى" أي تغافل كذا في الأصول وفي بعض النسخ تلهى تغافل فلعل تصدي تغيير من تلهى أو سقط تفسير تصدى إلي تفسير تلهى ووصل ما بين الكلامين ويحتمل أن يكون المراد تتصدى لأجل من استغنى فتتغافل عن الأعمى وأصله التصدد فأبدلت الدال ياء
"فصل ص ر" قوله: "في صريح الحكم" أي خالصه ومثله صريح الإيمان قوله: "صرخ" أي رفع صوته وكذا استهل صارخا ولأصرخن بها واستصرخ قوله: "صوت الصارخ" أي الديك قوله: {الصَّرْحَ} يعني هنا كل بلاط اتخذ من القوارير قال والصرح جماعته صروح تكلم عليه في تفسير النمل قلت والصرح في اللغة القصر والبناء المشرف قوله: "صر" بكسر أوله أي برد شديد وقوله: {صَرْصَرٍ} أي شديدة قوله: "صرة" بالفتح أي صيحة قوله: "صرة" بالضم أي خرقة مربوطة قوله: "المصراة" قال هي التي صري لبنها وحقن وجمع وأصل التصرية حبس الماء وقال غيره أصله من صرى بوزن زكى وقوله: "لا تصروا" بوزن تزكوا من صرى إذا جمع مثقل ومخفف وأما بحذف واو الجمع وبضم لام الإبل فعلي ما لم يسم فاعله ويخرج ذلك على تفسير من فسره بالربط والشد من صر يصر وهو تفسير الشافعي ومنه نهى عن التصرية وهو حبس اللبن في ضرع الشاة لتباع كذلك يغر بها المشتري واستشهد الخطابي للشافعي بقول الشاعر:
فقلت لقومي هذه صدقاتكم ... مصررة أخلافها لم تجرد
قوله: "فصرهن" أي قطعهن قوله: "صرار" بالكسر والتخفيف موضع قريب من المدينة وقيل بئر قديمة على ثلاثة أميال منها من طريق العراق قوله: "صراط الجحيم" أي وسط الجحيم قاله بن عباس والصراط في الأصل الطريق ومنه الصراط المستقيم والصراط الذي ينصب على جهنم يجوز عليه الناس جاء في صفته أنه أحد من السيف وأدق من الشعر قوله: "الصرعة" بضم الصاد وفتح الراء وهو الذي يصرع الناس بقوته وقيل للذي يملك نفسه عند الغضب صرعة لأنه قهر أقوى أعدائه نفسه وشيطانه قوله: "بين مصراعين" المصراع الباب ولا يقال مصراع إلا إذا كان ذا درفين قوله: "صرعى" أي وقوعا وقوله: "صرعت عن دابتها" أي سقطت قوله: "لا ينصرف" أي لا يذهب ولا ينصرف من الصلاة أي لا يخرج منها قوله: "وصرفت الطرق" أي قسمت الدار

(1/143)


فبينت طرقها قوله: "صرف ولا عدل" قيل الصرف التوبة والعدل الفدية وقيل الصرف النافلة والعدل الفريضة نقل ذلك عن الحسن البصري وعن الجمهور عكسه وقيل الصرف الحيلة والعدل الدية أو الفدية وقيل العدل التصرف في الفعل وفيها أقوال أخرى منتشرة قوله: "صريف الأقلام" أي صريرها على اللوح قوله: "منصرف الروحاء" هو موضع معروف تقدم في الراء قوله: "فهدى الله ذلك الصرم" بالكسر أي القطعة من الناس قوله: {كَالصَّرِيمِ} فعيل من الصرم وهو القطع وهو بمعني مصروم وهو كل رملة انصرمت من معظم الرمل قوله: "صرام النخل" أي قطعه والصريمة من الإبل وغيرها القطعة القليلة ومنه قوله: "رب الصريمة" بالتصغير قوله: "من يصريني منك" أي من يقطعني والصرى القطع قال الحربي إنما هو ما يصريك عني أي يقطعك عن مسألتي يعني فجرى على القلب
"فصل ص ع" قوله: "جملا صعبا" أي لم يذلل للركوب قوله: "في صعيد" أي أرض والصعيد وجه الأرض التي لا ثبات فيها والجمع صعد بضمتين ويطلق على التراب أيضا وقوله: "الصعدات" بالضم هي الطرق مأخوذة من الصعيد وقوله: "صعد" أي علا وأصعد مثله يقال أصعد في الأرض أي ذهب مبتدئا لا راجعا وفي الرجوع انحدر ومنه إذ تصعدون قوله: "فسما بصري صعدا" بضمتين للأكثر بالقصر منون وللأصيلي بالمد من غير تنوين معناه ارتفع طالعا وأما تنفس الصعداء فهو بفتح العين والمد أي علا نفسه صاعدا قوله: "صعد النظر" بتشديد العين أي نظر إلى أعلى بتدريج وصوب عكسه قوله: {وَلا تُصَعِّرْ} الإعراض بالوجه وأما قول كعب وأنا إليها أصعر فمعناه أميل وجاء بالغين المعجمة
"فصل ص غ" قوله: "صاغيتي" أي خاصتي يقال صغوك إلي فلان أي ميلك ومنه يصغى إلى رأسه أي يميله قوله: {صَاغِرُونَ} يعني أذلاء
"فصل ص ف" قوله: "على صفاحهما" أي جانبيهما ومنه على صفحتهما قوله: "غير مصفح" بفتح الفاء وبكسرها أي غير ضارب بعرضه بل بحده فمن فتح جعله وصفا للسيف ومن كسر جعله وصفا للضارب وصفحا السيف وجهاه وغراره حداه والصفيحة من السيوف العريضة وصفحة العنق جانبه قوله: "صفدت الشياطين" أي أوثقت بأغلال الحديد قوله: "في الأصفاد" أي في الوثائق قوله: "لا صفر" قيل المراد الشهر وكانت الجاهلية تغير حكمه واسمه في النسيء وقيل بل كانوا يزيدون في كل أربع سنين شهرا يسمونه صفرا الثاني فتكون السنة الرابعة ثلاثة عشر شهرا لتستقيم لهم الأزمان من جهة الشتاء والصيف وقيل المراد دواب في البطن كالحيات تصيب الإنسان إذا جاع وكانوا يقولون إنها تعدي فأبطل الشارع العدوى قوله: "ملك بني الأصفر" هم الروم سموا بذلك باسم جدهم الأصفر بن الروم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم قاله الحربي قيل لأن الحبشة غلبت عليهم فولدت نساؤهم منهم أولادا صفرا فنسبوا إليهم حكاه ابن الأنباري قوله: "صفر رداءها" أي خاليته والصفر بالكسر الشيء الفارغ يريد أنها ضامرة البطن لأن الرداء ينتهي إلى البطن وقيل المراد أنها خفيفة الأعلى ثقيلة الأسفل أي امتلاء منكبيها وردفيها وقيام نهديها يدفعان الرداء عن مس بطنها قوله: "الصفراء والبيضاء" أي الذهب والفضة قوله: "دعت بشيء من صفرة" بالضم أي خلوق قوله: "من صفر" بالضم أي نحاس قوله: "الصفراء" موضع

(1/144)


في طريق المدينة قوله: "أهل الصفة" هي سقيفة مظللة كانت تأوي إليها المساكين في المسجد النبوي وأبعد من قال أنهم سموا بذلك لأنهم كانوا يصفون على باب المسجد قوله: "صفة زمزم" هو مكان مظلل كان هناك قوله: "الصافون" أي الملائكة وقوله: {الصَّافَّاتِ} قال بسط أجنحتهن عند الطيران ومنه {الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ} قوله: "كانوا صفا" أي جميعا قوله: {صَوَافَّ} أي قياما قوله: "الصفق بالأسواق" أي التصرف في التجارة ومنه قوله: "أعطاني صفقة يمينه" أي عهده وميثاقه وأصله من صفق اليد على الأخرى عند البيع ومنه صفقة البيع وقد تكرر التصفيق وهو ضرب إحدى الكفين على الأخرى ويقال له التصفيح أيضا قوله : {الصَّافِنَاتُ} قال مجاهد صفن الفرس رفع إحدى رجليه قوله: "اللقحة الصفي" أي الكريمة الغزيرة اللبن والجمع صفايا قوله: {صَفْوَانٍ} أي صخرة ملساء بإسكان الفاء ووهم من فتحها قوله: "الصفا" أي الجبل الذي بمكة قوله: "صفين" بكسر أوله وتشديد الفاء موضع الوقعة المشهورة بين الشام والعراق
"فصل ص ق" قوله: "أحق بصقبه" بفتح الصاد والقاف بعدها موحدة أي بجواره قوله: "مثل الصقرين" تثنية الطائر المعروف
"فصل ص ك" قوله: "صك في صدري" أي ضرب فيه ضربة شديدة وقوله: "صكه موسى" كذلك وقوله: {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} قيل جمعت أصابعها فضربت جبهتها
"فصل ص ل" قوله: "الصلب" أي ظهر الرجل قوله: "فيكسر الصليب" أي الذي تعظمه النصارى قوله: "في ثوب مصلب يريد فيه صورة الصليب قوله: "صلتا" بفتح أوله وبضم أي مسلولا قوله: "صلدا" أي ليس عليه شيء قوله: "يصلون" قال أبو العالية صلاة الله الثناء والملائكة الدعاء وكذا من بني آدم وقال ابن عباس يصلون أي يركعون قوله: "صلة الرحم" أي إكرام القرابة من جهة الأم قوله: "الصالقة" هي المولولة بالصوت الشديد عند المصيبة ومنه ليس منا من صلق قوله: "صلصال" قال هو طين خلط بزبل فصلصل كما يصلصل الفخار ويقال منتن يريدون به صل كما قيل صر الباب وصرصر قوله: "صلصلة الجرس" هو صوت وقع الحديد أي طنينه قوله: "بها صليا" يقال صلى يصلي بفتح اللام في المضارع أي شوى يشوي ومنه قوله: "مصلية" بفتح الميم أي مشوية
"فصل ص م" قوله: "الصامت" هو العين من الذهب والفضة وله: "اصمت" أي اسكت صمت الرجل إذا سكت هو وأصمته غيره إذا أسكته قوله: "الصمد" الذي لا جوف له وقيل الذي انتهى إليه السودد وقيل المقصور وقيل الذي لا يأكل وقيل الذي لا عيب له وقيل الملك وقيل الحليم وقيل المالك وقيل الكامل وقيل الذي لا شيء فوقه وقيل الذي لا يوجد أحد بصفته قوله: "اشتمال الصماء" قيل سميت بذلك لاشتمالها على الأعضاء حتى لا يجد منفذا كالصخرة الصماء والصمصامة السيف بحد واحد قوله: "صومعة" هو منارة الراهب ومتعبده قوله: "المن" صمغة كذا وقع الصمغة ما يدوب من الشجر والصحيح أنه عسل ينزل على بعض الثمار في بعض البلاد وهو المسمى بالترنجبين

(1/145)


"فصل ص ن" قوله: "صناديد" جمع صنديد وهو العظيم الشرف قوله: "في قصة أبي لؤلؤة الصنع" يقال رجل صنع بفتحتين أي حاذق في صناعته ومنه أن زينب بنت جحش كانت صناعا قوله: "في قصة صفية نصنعها" بالتشديد أي نزينها قوله: "صنعاء" بلد معروف باليمن قوله: "صنعة ثوبه" أي طرفه الذي يلي طرته قوله: "صنف تمرك" أي اجعل كل صنف منه على حدة قوله: "صنم" قال نفطويه كل ما كان معبود مصورا فهو صنم أو غير مصور فهو وثن قوله: "صنو أبيه" أي مثله وقريبه وأصله النخلتان تخرجان عن أصل واحد ومنه صنوان
"فصل ص ه" قوله: "الصهباء" مكان معروف بين المدينة وخيبر قوله: "صهرا له" الأصهار من جهة النساء والأحماء من جهة الرجال والأختان يجمعهما كذا في المطالع وقال غيره الصهر أعم وأصل المصاهرة المقاربة قوله: "أهل صهيل" أي خيل والصهيل صوت الخيل قوله: "صه" كلمة زجر للسكوت
"فصل ص و" قوله: "صيبا أي نافعا" بياء تحتانية مشددة أي مطرا صاب يصوب إذا نزل وروى صيبا بسكون الياء قوله: "الصور" قال مجاهد كالبوق قوله: "الصورة محرمة" أي الوجه الذي لا يحل ضربه قوله: "صواع الملك" هو مكيال وهو المكوك بالفارسية قوله: "الصاع" مكيال معروف والجمع أصوع وصيعان قوله: "يصول" كالجمل أي يحمل على الناس ويحطمهم قوله: "أصبت أصاب الله بك" أي قصدت طريق الهدى فوجدته والإصابة الموافقة قوله: "رخاء حيث أصاب" أي حيث أراد قوله: "في قصة حنين أن يصيبهم ما أصاب الناس" أي ينالهم من عطاياه قوله: "أصيب يوم أحد" أي قتل قوله: "أصابنيها يوم خيبر1 أي أصابتني في ساقي وأصل الإصابة الأخذ ويقال أصابوا من الطعام إذا أكل منه قوله: "صيتا" أي جهير الصوت
"فصل ص ي" قوله: "صيحة" أي هلكة قوله: "إنا أصدنا" أي اصدطنا وهو مثل أن يصالحا وقيل أصدت بمعني أثرت الصيد قوله: "من صائر الباب" أي شق الباب فسر في الحديث قوله: "يكفيك آية الصيف" أي التي أنزلت في زمن الصيف

(1/146)


حرف الضاد المعجمة
"فصل ض ا" قوله: "من ضئضئي هذا أي من أصله أو معدنه أو نسله قوله: "من قدوم ظأن" الظأن من الغنم معروف وقيل المراد بالضأن هنا جبل ببلاد دوس وقدوم بقربه
"فصل ض ب" قوله: "وأضبا" بضم الضاد جمع ضب وهي دابة معروفة قوله: "أضيبع من قريش" بالتصغير تقدم في الصاد المهملة قوله: "ضابة" بالفتح وهو البخار المتصاعد من الأرض في يوم الدخن قوله: "بيدي ضبيعه" بفتح أوله وسكون ثانيه أي عضدية وقيل إبطيه وقيل الضبع ما بين الإبط إلى نصف العضد والأضباع وضع الثوب تحت الإبط الأيمن وإلقاء طرفيه على الكتف الأيسر
ـــــــ
1 "أصابتها يوم خيبر" كما في "الفتح جزء 7"

(1/14)


حرف الطاء المهملة
"فصل ط ا" قوله: "طأطأ رأسه" أي خفضه
"فصل ط ب" قوله: "مطبوب" أي مسحور والطب بالفتح السحر وبالكسر العلاج ويطلق على الطبيب وقيل هو من الأضداد قوله: "وبالناس طباخ" بفتح أوله وتخفيف ثانيه أي قوة وقد يستعمل في غيرها يقال لا طباخ لفلان أي لا عقل أو خير ويطلق على السمن قوله: "طبع" أي خلق قوله: "طبقا عن طبق" أي حالا بعد حال قوله: "عاذ ظهره طبقا" أي فقارة واحدة قوله: "فاطبقت عليهم" أي عمهم مطرها قوله: "طبقاء" بالفتح ممدود قيل هو الأحمق الذي انطبقت عليه أموره وقيل الأحمق الفدم وقيل العي لأنه ينطبق فمه من عيه وقيل الثقيل الصدر عند الجماع وقيل الذي لا يأتي النساء
"فصل ط ح" قوله: "طحاها" أي دحاها والمراد اتساعها
"فصل ط ر" قوله: "حيث انتهى طرفه" بسكون الراء أي امتد لحظه ويقال طرف العين حركتها والطرف بالتحريك الأخير قوله: "طرفاء الغاية" الطرفاء شجر من البادية واحدتها طرفة بالتحريك وبه سمي الرجل قوله: "أطارد حية" أي أتصيدها قوله: "بطريقتكم" أي بدينكم قوله: "طرقه وفاطمة" أي جاءه ليلا وكذا قوله: "أن يأتي الرجل أهله طروقا قال في الأصل ما أتاك في الليل فهو طارق ويقال للنجم الثاقب الطارق قوله: "سبع طرائق" أي سبع سماوات سميت بذلك لأنها مطارقة بعضها فوق بعض قوله: "طرائق قددا" أي فرقا مختلفة قوله: "طروقة الجمل" أي استحقت أن يطأها الفحل قوله: "المجان المطرقة" بالتشديد وفتح الطاء وبالسكون وتخفيف الراء أي الترسة التي أطبقت بالعقب قوله: "لا تطروني" الإطراء ممدودا مجاوزة الحد في المدح
"فصل ط س" قوله: "الطست" واحد الطساس وهو الإناء المعروف ويقال له طس وطسة وفي الجمع طسوس وطسوسة يذكر ويؤنث
"فصل ط ع" قوله: "إنما هي طعمة" أي أكلة وروي بالكسر أي هيئة الكسب وقوله: "فما زالت تلك طعمتي" أي صفة أكلي قوله: "بيع الطعام" هو كل مطعوم يقتات به قوله: "فاستطعمته الحديث" أي طلبت منه أن يحدثني به قوله: "الطاعون" هو قروح تخرج في المغابن قلما يلبث صاحبها قوله: "المطعون شهيد" هو من مات بالطاعون قوله: "فجعل يطعن بيده" أي يضرب برأسها ومنه يطعنها بعود وهو بضم العين ويجوز الفتح
"فصل ط غ" قوله: "الطاغوت" قال عمر هو الشيطان وقال عكرمة الكاهن وقيل الطواغيت بيوت الأصنام وهي الطواغي بغير تاء قوله: "طغى الماء" أي كثر وقوله : "بالطاغية" أي الريح طغت على الخزان قوله: "بطغواها" أي معاصيها

(1/149)


"فصل ط ف" قوله: "كأنها عنبة طافئة" يروي بالهمز أي مطموسة وفي وصفها أيضا ممسوحة وغير ناتئة وبغير همز أي بارزة ومنه الطافي من السمك كما سيأتي وفي وصفها أيضا جاحظة وكأنها كوكب ويحتمل أن تكون عيناه بهاتين الصفتين قوله: "أطفات السراج" مهموز أي نفخت فيه حتى خمد لهبه قوله: "طفق بالحجر ضربا" أي جعل وصار ملتزما بذلك قوله: "العوذ المطافيل" هو النوق التي معها أولادها قوله: "ويل للمطففين" المطفف الذي لا يوفى غيره والتطفيف النقص ويطلق على الزيادة ومنه طف بن الفرس أي زاد على الغاية وطف الكيل امتلأ ويطلق على ما قارب الامتلاء قوله: "شامة وطفيل" هما جبلان بمكة قوله: "الطافى من السمك" وهو الذي مات فطفا على وجه الماء
"فصل ط ل" قوله: "طلبة" بكسر اللام يعني شيئا يطلبه قوله: "لو أن لي طلاع الأرض" بكسر الطاء أي ما طلعت عليه الشمس من الأرض والمطلع بالتشديد ما يطلع عليه من أهوال يوم القيامة وقال في الأصل المطلع الطلوع وبالكسر الموضع الذي يطلع منه قوله: "فليطلع لنا قرنه" أي يظهر نفسه قوله: "طليعة" يقال لمن أرسل ليطلع علي خبر العدو قوله: "اطلع إطلاعه" أي أشرف وزنه ومعناه قوله: "استطلق بطنه" أي أصابه الإسهال فانطلق قوله: "تطلق وجهه" أي انبسط وظهر فيه البشر ووجه طليق أي منبسط قوله: "الطلقاء" أي من أسلم يوم الفتح وهو بفتح اللام والمد جمع طليق ويقال لمن أطلق من أسر ونحوه قوله: "فانتزع طلقا من جفنة" هو قيد من أديم أحمر وقيل الحبل القوي قوله: "طلقت المرأة" بضم أوله والتشديد من الطلاق وبالتخفيف الولادة والماضي بفتح اللام مخففا ويقال في الطلاق بالضم أيضا وهي طالق فيهما معنى ومطلقة بالسكون من الطلق وبالتشديد من الطلاق قوله: "الطل" هو المطر الرقيق قوله: "ومثل ذلك يطل" أي يبطل يقال طل دمه بضم الطاء ويجوز الفتح وأطل وطله الحاكم وأطله قوله: "ويطلى بها السفن" أي تدهن قوله: "الطلاء" ممدود بكسر أوله هو ما طبخ من العصير حتى يغلظ وشبه بطلاء الإبل وهو القطران الذي يطلى به الجرب
"فصل ط م" قوله: "طمثت" أي حاضت والطمث الحيض ومنه طمثها أي من حيضها قوله: "طمحت" أي شخصت قوله: "طمسه" أي محاه وقوله: "نطمس" وجوها أي نسويها حتي تعود كالأقفية قوله: "اطمأن" سكن وأقام والموضع المطئمن المنخفض
"فصل ط ن" قوله: "طنبي المدينة" الطنب الحبل الذي يسد إلى الوتد قوله: "أطنب" أي بالغ في المدح قوله: "طنبور" آلة من الآت الملاهي قوله: "طنفسة" بكسر الطام وفتح الفاء على الأفصح بساط صغير له خمل ويجوز ضمهما وكسرهما وفتحهما وفتح الطاء مع كسر الفاء
"فصل ط ه" قوله: "طه" قال عكرمة معناه يا رجل بالنبطية وقيل غير ذلك وقال الخليل من فتح طه فمعناه يا رجل ومن قرأ بكسرهما فهما حرفان من حروف المعجم وقيل معناه فعل أمر بالطمأنينة وقيل الهاء ضمير الأرض وإن لم يتقدم لها ذكر والمعنى طأ الأرض قوله: "تطهري" أي تنظفي لتنقطع رائحة الدم بطيب

(1/150)


المسك وأصل التطهير في الشرع بالماء وفي اللغة الإبقاء قوله: "المطهرة" بكسر أوله أي الإناء يتطهر به وبفتح أوله المكان قوله: "المطهمة" بالتشديد هي التامة الخلق
"فصل ط و" قوله: "الطوفان" قيل هو الموت الكثير وقيل إنما هذا في قصة آل فرعون وأما في قصة نوح فالماء بلا خلاف قوله: "كان يطوف على نسائه" أي يجامع وأصله أن يدور على الشيء من جوانبه قوله: "كالطود" أي كالجبل قوله: "عدا طوره" أي قدره قوله: "أطوارا" أي أحوالا طورا كذا وطورا كذا وقوله: "الطور" أي الجبل بالسريانية قوله: "مثل الطاق" أي الكوة قوله: "الطول" بالفتح أي الفضل قوله: "طوقه" أي جعل في طوقه وكذا سيطوقون قوله: "طوي" هو اسم الوادي قوله: "طوبى" قال في الأصل طوبى فعلى من كل شيء طيب وهي ياء حولت إلى الواو قوله: "طوى" بتشديد الياء من أطواء بدر قال الطوي البئر المطوية قوله: "بطولي الطوليين" طولى تأنيث أطول والطوليين تثنية طولى وفسر الطولى بالأعراف وفسر الطوليان بالأعراف والأنعام وهو رواية النسائي وغيره
"فصل ط ي" قوله: "فطار لنا عثمان" أي صار في نصيبنا وقسمنا ومنه فطارت القرعة لعائشة ولحفصة ومنه أطرتها بين نسائي أي قسمتها والطير يطلق على النصيب وقال ابن عباس طائركم أي مصائبكم وقوله: "لا طيرة" هي نفي لما كانوا يعتقدونه في الجاهلية وأصله أن يعتبر حال الطائر إذا طار فإن تيامن فعلوا وإن تشاءم تركوا واعتقدوا أن ذلك مشئوم ثم أطلق على كل ما يتشاءم به قوله: "إذا مسهم طيف من الشيطان" أي ألم بهم لمم ويقال طائف قوله: "طائفة" يقال للواحد فما فوقه أخذا من قوله: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} وقيل أقله ثلاثة قوله: "فما أصابته في طيلها" بكسر أوله وفتح التحتانية أي الحبل الذي تربط به ويقال له طول بالواو المفتوحة

(1/151)


حرف الظاء المعجمة
"فصل ظ 1" قوله: "وكان ظئرا لإبراهيم" أي أبا من الرضاعة ويطلق على المرضعة أيضا
"فصل ظ ب" قوله: "لو رأيت الظباء" جمع ظبي بفتح الظاء وهو الغزال
"فصل ظ ر" قوله: "ظرب" هو واحد الظراب وهي الجبال الصغار قوله: "ظروف الأدم" أي الأوعية قوله: "غلاما ظريفا" أي حسن الهيئة
"فصل ظ ع" قوله: "الظعن" جمع الظعينة وهي المرأة وأصله الهودج إذا كانت فيه المرأة ثم أطلق على المرأة وقيل سميت المرأة بذلك لكونها يظعن بها أي يرحل بها فعلية بمعني مفعولة
"فصل ظ ف" قوله: "الظفر" بضمتين معروف قوله: "كل ذي ظفر" قال نحو البقرة والنعامة وفي الظفر لغات بضمتين وبكسرتين أتباعا وبسكون الفاء مع ضم أوله وكسره وأظفور قوله: "ظفار" بوزن قطام اسم مدينة باليمن وقوله: "من جزع ظفار" منسوب إليها ولبعضهم من جزع أظفار جمع ظفر وهو القسط المعروف

(1/151)


الذي يتبخر به كأنه كان يثقب وينظم قوله: "قسط ظفار" فيه ما في الأول والأصوب في الأول جزع ظفار وفي الثاني قسط أظفار
"فصل ظ ل" قوله: "أخاف ظلعهم" أي ميلهم وضعف إيمانهم وأصله داء في الرجل قوله: "الظلف" هو كل حافر منشق وقد يطلق على ذات الظلف وقوله: "بأظلافها" هو جمع للظلف قوله: "ظلل عليه" أي جعل له ما يظله قوله: "يظل الرجل" أي يصير قوله: "أظله" أي غشيه قوله: "مثل الظلة" أي السحابة وجمعها ظلل ومنه رأيت ظلة تنظف السمن قوله: "تحت ظلال السيوف" كناية عن القرب من القرن في القتال حتي يصير تحت ظل سيفه قوله: "لم يظلم" أي لم ينقص
"فصل ظ ن" قوله: "الظنين" أي المتهم مأخوذ من أظن وهو من الأضداد يقال ظننت إذا تحققت وإذا شككت وقيل الشك الظن المستوى
"فصل ظ ه" قوله: "ظاهر وبارز" أي لبس درعا فوق أخرى قوله: "ظهير" أي عون أو نصير ومنه يظاهرون عليكم قوله: "ببعير ظهير" أي قوي قوله: "الظهار" هو قول الرجل لزوجته أنت علي كظهر أمي قوله: "بين ظهرانيهم" أي بينهم على سبيل الاستظهار والعرب تضع الإثنين موضع الجمع ومنه قوله: "ظهراني جهنم" وقوله: "ظهراني الحجر" قوله: "ظهريا" أي لم يلتفتوا إليه ويقال لمن لم يقض الحاجة ظهرت حاجتي وجعلتني ظهريا والظهري أن تأخذ معك دابة أو وعاء تستظهر به كذا قال في الأصل قوله: "جعل لي ظهره إلى المدينة" أي أباح لي ركوالذي يتبخر به كأنه كان يثقب وينظم قوله: "قسط ظفار" فيه ما في الأول والأصوب في الأول جزع ظفار وفي الثاني قسط أظفار
"فصل ظ ل" قوله: "أخاف ظلعهم" أي ميلهم وضعف إيمانهم وأصله داء في الرجل قوله: "الظلف" هو كل حافر منشق وقد يطلق على ذات الظلف وقوله: "بأظلافها" هو جمع للظلف قوله: "ظلل عليه" أي جعل له ما يظله قوله: "يظل الرجل" أي يصير قوله: "أظله" أي غشيه قوله: "مثل الظلة" أي السحابة وجمعها ظلل ومنه رأيت ظلة تنظف السمن قوله: "تحت ظلال السيوف" كناية عن القرب من القرن في القتال حتي يصير تحت ظل سيفه قوله: "لم يظلم" أي لم ينقص
"فصل ظ ن" قوله: "الظنين" أي المتهم مأخوذ من أظن وهو من الأضداد يقال ظننت إذا تحققت وإذا شككت وقيل الشك الظن المستوى
"فصل ظ ه" قوله: "ظاهر وبارز" أي لبس درعا فوق أخرى قوله: "ظهير" أي عون أو نصير ومنه يظاهرون عليكم قوله: "ببعير ظهير" أي قوي قوله: "الظهار" هو قول الرجل لزوجته أنت علي كظهر أمي قوله: "بين ظهرانيهم" أي بينهم على سبيل الاستظهار والعرب تضع الإثنين موضع الجمع ومنه قوله: "ظهراني جهنم" وقوله: "ظهراني الحجر" قوله: "ظهريا" أي لم يلتفتوا إليه ويقال لمن لم يقض الحاجة ظهرت حاجتي وجعلتني ظهريا والظهري أن تأخذ معك دابة أو وعاء تستظهر به كذا قال في الأصل قوله: "جعل لي ظهره إلى المدينة" أي أباح لي ركوبه قوله: "عن ظهر قلب" هو كناية عن الحفظ قوله: "مصبح على ظهر" أي على رحيل قوله: "قبل أن يظهر" أي يعلو ومنه قوله: "أن يظهروه" أي يعلوا عليه وكذا قوله: "ظهرت لمستوى" ومنه قوله: "أسرينا حتى ظهرنا" وقوله: "ظاهر عنك" عارها أي زائل وقوله: "حتى إذا أظهرنا" أي دخلنا في الظهيرة قوله: "ما كان عن ظهر غنى" أي زائدا كأنه يطرح خلف الظهر

(1/152)


الحرف العين المهملة
"فصل ع ب" قوله: "ما يعبأ به" يقال ما عبأت بكذا أي لم اهتم به من العبء بكسر العين والهمز وهو الثقل قوله: "بعباءة" مهموز ممدود وقد تبدل ياء هي كساء قيل إذا كال فيه خطوط قوله: "تعبثون" قال في الأصل تبنون والعبث في الأصل فعل ما لا فائدة فيه قوله: "فأنا أول العابدين" أي الجاحدين من عبد يعبد بكسر الماضي وفتح المضارع أي جحد وقيل من العبادة على طريق الفرض والمشروط لا يستلزم الوقوع قوله: "احتبس أدراعه وأعبده" هي بالموحدة في رواية الأكثر جمع عبد ويروي بالمثناة وسيأتي قوله: "العبرانية" هي لسأن ابني إسرائيل قوله: "يعبرون" أي يؤولون الرؤيا يقال عبر الرؤيا مثقل ومخفف إذا أعلم بما يئول إليه أمرها قوله: "العبير" هو طيب معمول من أخلاط قوله: "حتى يعبر عنه لسانه" أي يبين قوله: "لعله أن يعتبر" أي يتذكر من العبرة ومنه قوله: "عبرة لمن بقي" قوله: "وجد معابر صغارا" أي مراكب يعبر فيها من جانب إلى جانب قوله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} أي كلح واعرض من الأصل قوله: "عبقريا يفري" قال ابن نمير العبقري عتاق الزرابي وقال:

(1/152)


أبو عبيدة العبقري من الرجال الذي ليس فوقه شيء ويطلق على السيد والبيت والكبير والقوي وقيل هو منسوب إلى عبقر موضع بالبادية يسكنه الجن فأطلقته العرب على كل ما كان عظيما في نفسه فائقا في جنسه
"فصل ع ت" قوله: "فعتب الله عليه" أي لامه ومنه عاتبني أبو بكر وقيل العتاب الموجدة وقيل الملام بإدلال وأما قوله: "لعله يستعتب" فمعناه يعترف فيلوم نفسه وأعتب أزال الشكوى قوله: "عتبة الحجرة" هي العارضة التي تكون للباب من خشب أو حجارة قوله: "أعتده جمع عتيد وهو الفرس الصلب المعد للركوب وقيل السريع الوثب وقيل هو جمع قلة للعتاد وهو ما يعد من سلاح ودابة وآله حرب قوله: "عتود" بفتح أوله وضم المثناة من ولد المعز ما بلغ السفاد ولم يكمل سنة قوله: "أعتدنا" أي أعددنا من العتاد قوله: "عتيرة "هي التي تذبح في رجب قيل كانوا ينذرونها لمن بلغ ماله عددا معينا أن يذبح من كل عشرة منها رأسا للأصنام ويصب دمها على رأسها قوله : "المعتر" أي الذي يعتر بالبدن من غني أو فقير أي يلم بها مرة وقيل هو الذي يتعرض ولا يسأل صريحا قوله: "العواتق" جمع عاتق وهي البكر التي لم يبن بها الزوج أو الشابة أو البالغة أو التي أشرفت على البلوغ أو التي استحقت التزويج ولم تتزوج أو التي زوجت عند أهلها ولم تخرج عنهم وأما العاتق من الأعضاء فمن المنكب إلى أصل العنق قوله: "البيت العتيق" أي عتق من الجبابرة أو من الغرق في عهد نوح أو سمي عتيقا لشرفه أو لحسنه أو لقدمه قوله: "من العتاق الأول" أي من أول ما نزل من القرآن أو المراد بالعتيق الشريف قوله: "على فرس عتيق" أي بالغ في الجودة أو السبق وسمي أبو بكر عتيقا لشرفه أو لحسنه أو لعتقه من النار وقيل بل هو علم شخص سماه أبوه عبد الله وأمه عتيقا قوله: "فاعتلوه" أي ادفعوه قوله: "عتل" بالتشديد هو الجافي الغليظ وقيل الشديد من كل شيء قوله: "ليلة معتما" أي مظلمة وأعتم دخل في ظلمة الليل والعتمة ظلمة الليل وتنتهي إلى ثلث الليل وأطلقت على صلاة العشاء لأنها توقع فيها ومنه قولهم روضة معتمة قوله: "عتيا" أي عصيا عتا يعتو عتوا أي عصى وقال مجاهد عتوا أي طغوا وقال ابن عيينة عاتية عتت على الخزان
"فصل ع ث"
قوله: "فان عثر" أي ظهر أو اطلع وأكثر ما يستعمل في وجود ما أخفى بغير تطلب وعثر الفرس والرجل بالضم في الماضي والمضارع زل برجله وبلسانه ومنه أعثرنا عليهم أي أظهرنا قوله: "أو كان عثريا" بفتحتين أي سقته السماء من غير معالجة قوله: "عثان" بضم أوله أي دخان
"فصل ع ج" قوله: "عجب ذنبه" بفتح ثم سكون هو العظم المحدد أسفل الصلب وهو مكان الذنب من ذوات الأربع قوله: "عجاب" مبالغة من عجب قوله: "من تعاجيب ربنا" أي أعاجيب لا واحد له من لفظه أي ما أظهره في خلقه من العجائب قوله: "عجاجة الدابة" أي غبارها الذي تثيره قوله: "معتجرا بعمامة" هو ليها فوق الرأس دون تحنيك وقيل اللف مطلقا قوله: "عجزه وبجره" أي عيوبه والعجر العقد التي تجتمع في الجسد قوله: "عجز راحلته" أي مؤخرتها وهو بوزن رجل على الأفصح ويجوز سكون الجيم وأعجاز الأمور أواخرها وعجيزة المرأة معروفة وقد تقال للرجل والعجز بفتحتين جمع عاجز قوله: "أعجمي" الأعجم الذي

(1/153)


لا يفصح ولو كان عربيا والعجمي من ينسب إلى العجم ولو كان فصيحا قوله: "العجماء جبار" أي البهيمة والجبار تقدم في الجيم قوله: "العجوة" هو اللين من التمر والجيد منه
"فصل ع د" قوله: "اعداد مياه الحديبية" العد بكسر أوله الماء المجتمع المعين ويطلق على الذي لا تنقطع مادته وجمعه أعداد كند وأنداد قوله: "فاسأل العادين" أي الملائكة لأنهم يعدون الأنفاس فضلا عن الأعمال قوله: "ما زالت أكلة خيبر تعادني" بتشديد الدال أي تعاودني والعداد اهتياج الألم باللديغ كلما مضت سنة من يوم لدغ هاج قوله: "وعدلت الصفوف" أي سويت قوله: "عدلتمونا" أي شبهتمونا قوله: "مما عدل به" أي وزن به قوله: "صرف ولا عدل" تقدم في الصادر قوله: "بعدل تمرة" قال المصنف يقال عدل بالكسر أي زنة وبالفتح أي مثل ومنه أو عدل ذلك صياما وقال غيرهما لغتان بمعنى وقيل بالكسر من الجنس وبالفتح من غير الجنس وقيل بالعكس قوله: "ثم هم يعدلون" أي يجعلون له عدلا بالفتح ومنه قيمة عدل قوله: "فقسم فعدل" من العدل وهو الاستقامة قوله: "قد عدلنا بالله" أي أشركنا والعديل الشريك قوله: "نعم العدلان" أي الحمل والعدل بالكسر نصف الحمل لاستوائهما قوله: "تكسب المعدوم" أي الشيء الذي لا يوجد تجده أنت لوفور معرفتك وتكسبه لنفسك وقيل غير ذلك قوله: "جنة عدن" أي خلد يقال عدن بالمكان أي أقام به ومنه سمي المعدن ومعدن كل شيء أصله قوله: "عدا حمزة" من العدوان وهو مجاوزة الحد وكذا عدا عليه الذئب وعدا يهودي ومنه غير باغ ولا عاد ومنه يعدون في السبت أي يتجاوزون ما أمروا به ومنه قوله: "لن تعدو قدرك" أي لن تجاوزه وقوله: "بغيا وعدوا" من العدوان ومنه قوله: "لا يحب المعتدين" أي في الدعاء وفي غيره قوله: "له عليه عدة" أي وعد مثل زنه ووزن قوله: "عدوتان" أي جانبان والعدوة بالضم شفير الوادي قوله: "لا عدوى" العدوى ما كانت الجاهلية تعتقده من تعدي داء ذي الداء إلى من يجاوره ويلاصقه ف قوله : "لا يحتمل النهي عن قول ذلك" واعتقاده أو النفي لحقيقة ذلك كما قال لا يعدي شيء شيئا ومن أعدى الأول وهذا أظهر قوله: "تعادى بنا خيلنا" أي تجري والعدو الطلق من الجري وأصله التوالي والعادية الخيل تعدو عدوا قوله: "ما عدا سورة من حدة" أي ما خلا وخلا وعدا من حروف الاستثناء قوله: "استعدى عليه" أي رفع أمره إلى الحاكم قوله: "فلم يعد أن رأى الناس" أي لم يجاوز
"فصل ع ذ" قوله: "العذراء" أي البكر قوله: "ليتعذر في مرضه" أي ليتمنع قوله: "فاستعذر" أي طلب المعذرة أي قال من يعذرني أي يقوم بعذري قوله: "وأحب إليه العذر" أي الاعتذار قوله: "أعلقت عليه من العذرة" بالضم ثم السكون هي اللهاة وتطلق على وجع الحلق من هيجان الدم وقيل قرحة في الخرم بين الأنف والحلق تعرض للأطفال عند طلوع العذرة وهي تحت الشعرى وطلوعها في وسط الحر وأي العذرة بفتح ثم كسر فالغائط قوله: "أعطت عذاقا" جمع عذق بالفتح وهي النخلة ومنه قوله: "عذق أبي زيد" وأما بالكسر فالعرجون وقوله: "عذيقها المرجب" فهو تصغير عذق والمرجب المعظم قوله : "عذله" أي لأمه والعذل بالسكون والتحريك اللوم
"فصل ع ر" قوله: "التعرب في الفتنة" أي سكنى البادية بين الأعراب قوله: "عربا" بضمتين واحدها

(1/154)


عروب مثل صبر وصبور قيل العرب المحببات إلى أزواجهن والعربة الحديثة السن التي تحب اللهو ولا تمل منه قوله: "أعربهم أحسابا" أي أصحهم وأوضحهم قوله: "عرج بي إلى السماء" أي صعد قوله : "ذي المعارج" قال تعرج الملائكة إليه وقيل المعراج سلم تصعد فيه الملائكة والأرواح والأعمال وقيل هو من أحسن شيء لا تتمالك النفس إذا رأته أن تخرج إليه واليه يشخص بصر المحتضر من حسنه وقال ابن عباس المعارج درج قوله: "إلى العرج" بفتح ثم سكون هو أول تهامة قوله: "من تعار" أي استيقظ وقيل تمطى وأن وقيل تكلم وقيل تقلب في فراشه من السهر قوله: "ممن تخشى معرته" بفتح المهملة وتشديد الراء أي عيبه قوله : "من عرس" بالضم ثم السكون أي من وليمة وقوله: "أعرس الرجل بأهله" إذا دخل بها والعروس الزوجة لأول الابتناء بها والرجل كذلك وقوله: "أعرستم الليلة" هو كناية عن الجماع قوله: "معرسين التعريس نزول آخر الليل للنوم والراحة ويستعمل في كل وقت ومنه معرسين في نحر الظهيرة قوله: "من عريش" أي مظلل بجريد ونحوه يقال عروش وعريش وقال ابن عباس معروشات ما يعرش من الكوم والعروش الأبنية وعرش البيت سقفه وكذا عريشه والعرش والسرير للسلطان قوله: "أقام بالعرصة" ثلاثا أي وسط البلد وعرصة الدار ساحتها قوله: "عرض ثياب" بفتح أوله وسكون الراء ما عدا الحيوان والعقار وما يكال وما يوزن ويطلق أيضا على متاع الدنيا ومنه كثرة العرض وهذا أكثر ما يقال بالحركة وهو ما يسرع إليه الفناء ومنه يبيع دينه بعرض قوله: "عرضوا" بالضم فأبوا أي عرض عليهم الطعام فامتنعوا والعراضة بالضم الهدية قوله: "عرض الوسادة" بفتح أوله ضد الطول وذكره الداودي بالضم وصوبوا الأول وعرض الشيء جانبه وقيل وسطه قوله: "عرض له رجل" أي ظهر له قوله: "عرضت يوم الخندق" أي أحضرت للاختبار ومنه عرض الأمير الجيش قوله: "المعراض" خشبة محدودة الطرف أو في طرفها حديدة يرمي بها الصيد قوله: "معروضة في المسجد اعتراض الجنازة" مأخوذ من العرض ضد الطول قوله: "يعرض" بالتشديد ولا يبوح أي يلوح والمعاريض التورية بالشيء عن آخر بلفظ يشركه فيه أو يحتمله مجازه أو تصريفه قوله: "ولو أن تعرض عليه عودا" بضم الراء وفتح أوله وذكره أبو عبيد بكسر الراء معناه تضع عليه بالعرض قوله: "وهذ الخطوط الأعراض" جمع عرض بفتح الراء وهو حوادث الدهر قوله: "عرض له" أي عارض من الجن أو من الجن أو من المرض قوله: "عرض الحائط" بالضم أي جانبه قوله: "أعرض عنه" أي لم يلتفت إليه قوله: "عارضا مستقبل" هو السحاب قوله: "عراض الوجوه" يريد سعتها قوله: "يتعرض للجواري" أي يتصدى لهن يراودهن قوله: "استبرأ لدينه وعرضه" العرض بكسر أوله وسكون ثانيه وجمعه أعراض ومنه اعراضكم عليكم حرام قال ابن قتيبة هو بدن الإنسان ونفسه وقال غيره هو موضع المدح والذم من نفسه أو سلفه أو من نسب إليه وقيل ما يصونه من نفسه وحسبه قوله: "العرف عرف مسك" بالفتح أي الريح الطيبة قوله: "عرفها لهم" أي بينها لهم ويحتمل أن يكون أيضا من العرف قوله: "العرفط" بضمتين هو شجر الطلح وله صمغ يقال له مغافير رائحته كريهة قوله: "بعد المعرف" أي وقوف الناس بعرفة قوله: "عرفاؤكم" جمع عريف وهو من يلي أمر القوم ومنه فعرفنا أي جعلنا عرفاء قوله: "إذا انشق معروف من الفجر ساطع" أي ظاهر قوله: "ليس لعرق ظالم حق" قيل هو الذي يبني في موات غيره وقيل المشتري في أرض غيره قوله: "كان يصلي إلى العرق" أي الجبل الصغير من الرمل قوله:

(1/155)


"إنما ذلك عرق" واحد العروق أي انفجر قوله: "عرقا سمينا بفتح أوله هو العظيم عليه بقية من اللحم ومنه فيجعل أصول السلق عرقه ومنه عرقه واعترقه قال الخليل العراق عظم لا لحم عليه وما عليه لحم فهو عرق وقال غيره العرق واحد العراق ومثله رذال جمع رذل قوله: "مكتل يقال له العرق" بفتحتين وسكنه بعضهم هو المكتل الضخم يسع خمسة عشر صاعا إلي عشرين صاعا قوله: "عركت المرأة" أي حاضت والمعركة موضع القتال لأن المتقاتلين يعتركان ومنه اعتركوا قوله: "رجل عارم" من العرامة وهي الشهامة في شدة وشر قوله : "العرم" قيل هو اسم الوادي وقيل المطر الشديد وقيل الفار الذي خرب السد وقيل هو السد وقيل العرم المسناة بالحميرية قوله: "كنت أرى الرؤيا أعرى منها" أي أحم من العرقاء بضم ثم فتح وهو بعض الحمى قوله: "لحقوقه التي تعروه" أي تغشاه وقوله: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ} افتعل من عروته أي قصدته وقوله: "يعتريهم" أي يقصدهم قوله: "في أعلاه عروة" أي شيء يتمسك به وعروة الكلا ما له أصل في النبت وعروة الدلو أذنه قوله: "أن تعرى المدينة" أي تخلو فتترك عراء والعراء الفضاء من الأرض قوله: "العرايا" جمع عرية فعلية بمعني مفعولة وهو من عراه يعروه أي أعطاه ويحتمل أن يكون من عرى يعرى كأنها عريت من الذي حرم فهي فعلية بمعني فاعلة يقال هو عرو من الأمر أي خلو منه قوله: "النذير العريان" أصله أن رجلا من خثعم طرقه عدوهم فسلبه ثيابه فأنذر قومه فكذبوه فاصطلموا وقيل لأن العادة أن ينزع ثوبه ويلوح به ليري من بعد وشرطه أن يكون على مكان عال
"فصل ع ز" قوله: "عزب" بفتح الزاي أي لا زوج له ومنه اشتدت علينا العزبة ورجل عزب وأعزب بمعنى ومنهم من أنكر أعزب ويقال للمرأة أيضا عزب قال الشاعر يا من يدل عزبا على عزب قوله: "الكوكب العازب" كذا للأصيلي ولغيره بالغين المعجمة والراء المهملة وللكشميهني بتقديم الموحدة على الراء قوله: {لا يَعْزُبُ} بضم الزاي أي لا يغيب قوله: "فأصبحت بنو أسد تعزرتي" أي توقفني عليه أو توبخني علي التقصير فيه قوله :{ فَعَزَّزْنَا} أي شددنا وقوينا قوله: "في عزة" أي مغالبة وممانعة قوله: { وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} أي غلبني فصار أعز مني أعززته جعلته عزيزا وكيفما تصرفت هذه الكلمة فهي راجعة إلي القوة والغلبة قوله: "تعازفت الأنصار" مأخوذ من المعازف وهي المزاهر والات الملاهي قوله: "العزل" هو ترك صب المني في الفرج عند الجماع خشية أن تحبل المرأة قوله: "وأطلق العزالى" جمع عزلى وهي فم المزادة الأسفل قوله: "عزمة" أي حق واجب ومنه عزائم السجود" أي مؤكداتها قوله : "عزم الأمر" أي جد قوله: "العزى" صنم كان بالطائف قوله: {عِزِينَ} أي حلق وجماعات واحدها عزة بالتخفيف وأصلها عزوة
"فصل ع س" قوله: "عسب الفحل" بسكون السين مع فتح أوله ويجوز ضمه هو كراء ضرابه وقيل العسب الضراب نفسه ويقال ماؤه قوله: "العسيب" واحد العسب وهو سعف النخل قوله: "غزوة العسرة" وهي غزوة تبوك سميت بذلك لمشقة السفر إليها قوله: "العسير أو العسيرة" مصغر المشهور بالإهمال وقيل بالإعجام قوله: "وأمر لي بعس" بضم أوله هو القدح الكبير قوله: "عسفان" بضم أوله موضع معروف بقرب مكة قوله: "العسيف" هو الأجير قوله: "العسيلة" هي كناية عن لذة الجماع والتصغير للتقليل إشارة إلى

(1/156)


أن القليل منه يجزيء والتأنيث لغة في العسل وقيل هو إشارة إلي قطعة منه وليس المراد بعض المني لأن الإنزال لا يشترط قوله: "وما عسيتهم" قال ابن مالك ضمن عسي معنى حسب فعداه تعديته مع جواز أن تكون التاء حرف خطاب والضمير اسم عسى والتقدير عساهم وأطال في تقرير ذلك
"فصل ع ش" قوله: "كأصوات العشار" بكسر أوله هي النوق الحوامل ومنه ناقة عشراء بضم أوله وفتح ثانيه ممدود وهي التي مضى لحملها عشرة أشهر قوله: "يكفرن العشير" أي الزوج مأخوذ من المعاشرة وكل معاشر عشير وعشيرة الرجل بنو أبيه الأدنين قوله: "فيما سقت الأنهار العشر" أي زكاة ما يخرج منه سهم من عشرة قوله: "عاشوراء" قال ابن دريد هو يوم إسلامي ولم يكن في الجاهلية لأنه ليس في كلامهم عاشوراء وتعقب بما في الصحيح كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية ثم هو بالمد وحكى أبو عمرو الشيباني فيه القصر قوله: "معشار" مفعال من العشر قوله: "معشر" هم كل من يشترك في وصف قوله: "تعشيشا" أي لا تملأ زواياه زبالة فيصير كالعش قوله: "العشنق" بفتح أوله وثانيه وتشديد النون ثم قاف أي الطويل وقيل المقدام الشرس وقيل الجريء قوله: "العشى " قال مجاهد هو ميل الشمس إلي أن تغرب وصلاة العشي الظهر أو العصر وقوله: "تعشيت" أي أكلت آخر النهار قوله: "ومن يعش" بضم الشين قال ابن عباس يعمى وقال غيره الأعشى الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل
"فصل ع ص" قوله: "من لحم أو عصب" أي عروق قوله: "العصبية" أي الحمية والعصبة بالتحريك في اللغة القرائب الذكور يدلون بالذكور والعصبة بالضم الجماعة والعصابة أيضا الجماعة وقوله: "تجعل علي رأسه العصابة" أي تعصبه بالتاج ومنه عصب رأسه أي شده قوله: "العصب" بفتح وسكون ثباب يؤتى بها من اليمن بعصب غزله أي يشد ويجمع ثم يصبغ ثم ينسج فيأتي موشيا لأن الذي عصب منه يبقى أبيض وأبعد السهيلي فقال العصب صبغ لا يثبت إلا باليمن قوله: "العصر" أي المدة وقال يحيى الفراء قوله: {وَالْعَصْرِ} الدهر أقسم به قوله: "إعصار" أي ريح عاصف شديدة قوله: "العصفر" نبت معروف قوله: "العصف" هو بقل الزرع إذا قطع قبل أن يدرك وقيل هو التبن وقيل غير ذلك قوله: "عصم منى" أي منع ومنه عصمة للأرامل أي يمنعهم من الأذى قوله: {عِصَمِ الْكَوَافِرِ} جمع عصمة وهي عقدة النكاح قوله: "لا يضع عصاه عن عاتقه" كناية عن كثرة ضربة المرأة وقيل كان كثير السفر والأول الصواب لثبوته في بعض الطرق قوله: "عصبة" بالتصغير حي من بني سليم
"فصل ع ض" قوله: "العضباء" هو اسم ناقج النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عبيد الأعضب المكسور القرن فقيل كانت مقطوعة الأذن وقيل بل هو اسم فقط وهو الأرجح وقيل العضباء القصيرة اليد قوله: "العضد" هو ما بين المرفق إلى المنكب قوله: "عضادتيه" جمع عضادة وهي جانب الباب قوله: "لا يعضد" شجرها أي لا يقطع وأصله من قطع العضد وفيه سب لغات وزن رحل ورجل وحقب وكتب وفاس وقف قوله: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ} قال ابن عباس كل ما عززت شيئا جعلت له عضدا قوله: "عض يد رجل" العض معروف وهو الأخذ بالأسنان ومنه قوله: "أن بعض بأصل شجرة والمراد به اللزوم قوله: "عضل والقارة" هما حيان من

(1/157)


بني سليم قوله: "لا تعضلوهن" أي لا تقهروهن قاله بن عباس والمعني منع الرجل وليته من التزويج وأصله التضييق قوله: {جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} جمع عضة من عضيت الشيء إذا فرقته قال ابن عباس هم أهل الكتاب آمنوا ببعض وكفروا ببعض أو واحدته عضيهة عضهه إذا رماه بالقبح قوله: "العضاة" هو كل شجر له شوك
"فصل ع ط" قوله: {ثَانِيَ عِطْفِهِ} أي جانب رقبته كناية عن التكبر قوله: "متعطفا بملحفة" المتعطف المتوشح بالثوب كذا في العين وقال ابن شميل هو أن يكون على المنكبين لأنه يقع على عطفى الرجل وهما جانبا عنقه ومنه قوله: "ونظره في عطفيه قوله: "حتى ضرب الناس بعطن" أي رووا ورويت إبلهم فأقامت على الماء ومنه أعطان الإبل أي مواضع إقامتها على الماء
"فصل ع ظ" قوله: "فيه عظم من الأنصار" أي جماعة قوله: "عظة النساء" أي موعظتهن
"فصل ع ف" قوله: "عفر إبطيه" أي بياضهما المشوب مأخوذ من عفر الأرض وروى بفتحتين وروى بضم أوله وسكون ثانيه وعفراء ليست خالصة البياض وقوله: "يعفر وجهه" أي يسجد وقوله: "لأفرن وجهه" أي لألصقنه بالتراب قوله: "عفاصها" بكسر أوله أي الوعاء قوله: "تعففا" أي طلبا للعفة وهي الكف عما لا يحل ومنه يستعف أي يطلب العفاف قوله: "في عفاف" أي في كفاف عما لا يحل قوله: "عفريت" هو القوي النافذ مع خبث ودهاء ويطلق على المتمرد من الجن والإنس أيضا قوله: "استعفوا" أي اطلبوا العفو قوله: "عفوا" أرى كثروا قوله: "عفا الأثر" أي كثر أو خفي وهو الأظهر ومنه يعفو أثره قوله: "عوافي الطير ورأوا طيرا عافيا" العافي كل طالب رزق من إنسان أو دابة أو بهيمة قوله: "فله العفو" أي الصفح
"فصل ع ق" قوله: "ويل للأعقاب من النار" العقب مؤخر القدم ومنه رجع على عقبيه قوله: "العاقب" هو الذي يخلف من قبله قوله: "فعاقبتم" هو ما يؤدي المسلمون إلي من هاجرت امرأته من الكفار قوله: "من شاء فليعقب" أي فليرجع عقب مضى صاحبه والتعقيب الغزوة بأثر الأخرى في سنة واحدة ومنه يعتقبون وقوله: "يتعاقبون" أي يتداولون قوله: "معقبات" قال في الأصل هم الملائكة الحفظة تعقب الأولى الأخرى ومنه على بعير يعتقبانه قوله: "لا معقب" أي لا مغير قوله: "عقبى الله" أي ثوابه في الآخرة والعقبى ما يكون كالعوض من الشيء ومنه العقاب على الذنب لأنه بدل من فعله قوله: "لا يضمن الدابة ما عاقبت بيد أو رجل" أي فعلت ذلك بمن فعله بها قوله: "ثم تكون لهم العاقبة" أي الغلبة في آخر الأمر قوله: {عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي} قال في الأصل هو كل من لم ينطق بحرف من تمتمة أو فأفأة ونحو ذلك والحق أنه لم يبق في كلام موسى شيء من ذلك ل قوله: {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ} قوله: "وعقد بيده تسعين" أي ثنى السبابة إلي أصل الإبهام قوله: "عقد لي" أي أمرني قوله: "معقود في نواصيها الخير" أي ملازم لها قوله: "العقود" قال ابن عباس العهود قوله: "عقرى حلقى" تقدم في الحاء قال ابن عباس هي لغة قريش أي الدعاء بهذا أي أصيبت بحلق شعرها وعقر جسمها وظاهره الدعاء وليس بمراد وجوز فيه أبو عبيد التنوين وقيل المعنى أنها لشؤمها تعقر قومها وتحلقهم وهو كناية عن

(1/158)


إدخال الشر عليهم قوله: "لا تعقر مسلما" أي تجرح وقوله: "فعقرته" أي جرحته وهو هنا كناية عن الذبح ويطلق على ضرب قوائم البعير بالسيف قوله: "فعقرت حتى ما تقلني رجلاي" بفتح أوله وكسر القاف ووهم من ضمه أي دهشت والاسم العقر بفتحتين وهو فجأة الفزع قوله: "رفع عقيرته" أي صوته قيل أصله أن رجلا قطعت رجله فكان يرفع المقطوعة على الصحيحة ويصيح قوله: "لمسيلمة لأن أدبرت ليعقرنك الله" أي ليهلكنك قيل أصله من عقر النخل وهو أن يقطع رؤوسها فتيبس قوله: "أهل الأرض والعقار" بالفتح أي الدور ويطلق على أصل المال والمتاع قوله: "عقاص رأسها" العقاص جعل الشعر بعضه على بعض وضفره والعقيصة الشعر المضفور قوله: "العقيقة" هي الذبيحة التي تذبح يوم سابع المولود والعقوق العصيان وأصله من العق وهو الشق وزنه ومعناه والعق أيضا القطع قوله: "الإبل المعلقة" أي المشدودة في العقال وهو الحبل ومنه إلي عقال أسود ولو منعوني عقالا وقتله في عقال أي بسبب عقال ويطلق العقال على زكاة عام قوله: "وعقلت ناقتي" أي شددتها قوله: "العقل" أي حكم العقل وهو الدية ومنه أما أن يعقل أي يعطي الدية والمراد بالعاقلة في الدية العصبات وهم من عدا الأصول والفروع قوله: "الريح العقيم" قال مجاهد التي لا تلقح والعقيم التي لا تلد
"فصل ع ك" قوله: "عكازة" هي عصا في أسفلها زج قوله: "اعتكف" أي لازم المسجد واعتكف المؤذن للصبح أي انتصب قائما يراقب الفجر قوله: "في عكة عسل" قربة صغيرة قوله: "عكاظ" موضع بقرب مكة كان به سوق عظيم قوله: "عكومها رداح" الأعكام الأحمال والغرائر والرداح المملوءة والمراد وصفها بالسمن قوله: "عكن بطني" جمع عكنة وهي طيات البطن
"فصل ع ل" قوله: "علبة فيها ماء" هي قدح ضخم من خشب أو غيره قوله: "العلابي" بفتح أوله وتخفيف اللام بعدها موحدة وهي القصب الرطب يشد به أجفان السيوف والرماح قوله: "علاجه" أي عمله قوله: "يعالج من التنزيل شدة" أي يمارس قوله: "عالجت امرأة" أي داوتها قوله: "العلج" بكسر أوله وسكون ثانيه القوي الضخم قوله: "العلقة" يضم أوله وسكون ثانيه الشيء اليسير الذي فيه بلغة قوله: "علقت به الأعراب" أي لزموه قوله: "أعلاقنا" أي خيار أموالنا وقيل المراد ما يعلق علي الدواب والأحمال من أسباب المسافر قوله: "أعلق الأغاليق" أي علق المفاتيح قوله: "علقة" بفتحتين هي القطعة من الدم قوله: "بعلاقته" أي ما يعلق به قوله: "اعلقت عليه" ويروي علقت وقوله: "بهذا العلاق" ويروي الأعلاق هو معالجة عذرة الصبي وهو ورم في حلقه ترفعه أمه أو غيرها بإصبعها قوله: "المعلقة" هي التي لا أيم ولا ذات زوج قوله: "تعلت من نفاسها" أي انقطع دمها فطهرت قوله: "العلك" هو ما يطول مضغه وأصله نبت بأرض الحجاز قوله: "أولاد علات" أي إخوة من أبي أمهاتهم شتى قوله: "حتى أتى العلم" أي العلامة في الأرض وهي المعلم أيضا ويطلق على جبل ومنه ينزل إلي جنب علم قوله: "والعلم في الثوب وقوله: أعلامها" جمع علم أي العلامة أيضا وقوله: "أن تعلم الصورة" أي يجعل الوسم في وجوه الحيوان قوله: "تعلم" بالتشديد والجزم" أي أعلم قيل أصله تعلم مني فحذف ويقال في الأمر المحقق قوله: "العالم" بفتح اللام قيل الخلق وقيل العقلاء منهم فعلى الأول هو من العلامة وعلي الثاني هو من العلم فمن الأول رب العالمين ومن الثاني ليكون للعالمين نذير ويطلق على الآدميين فقط ك قوله: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} قوله:

(1/159)


لم أعلنه" أي لم أظهره وقوله: "لا تستعلن به" أي لا تقرأه علانية أي جهرا قوله: "العلاوة" بكسر وتخفيف ما يوضع على البعير وغيره بعد الحمل زيادة قوله: "وعال قلم زكريا" أي مال ولبعضهم فعلا أي غلب في العلو وجاء في غير الأصل فصعد
"فصل غ م" قوله: {ذَاتِ الْعِمَادِ} أهل عمود لا يقيمون وقيل ذات الطول والبناء الرفيع قوله: "رفيع العماد" إشارة إلى أن بيته عالي السمك متسع الأرجاء وقد يكنى بالعماد عن نفس الرجل لحسبه وشرفه قوله: "هل أعمد من رجل" أي أعجب أو أعذر وقيل هل زاد عميد قوم قتل وعميد القوم سيدهم قوله: "العمري" هي إسكان الرجل الآخر داره عمره أو تمليكه مناف أرضه عمره أو عمر المعطي قوله: "استعمركم" أرى جعلكم عمارا قوله: "التعمق" أي التنطع والمتعمق البعيد الغور الغالي في القصد المتشدد في الأمر وعميق أي بعيد المذهب وأعمقوا أي أبعدوا في الأرض قوله: "فأمر لي بعمالة" بضم أوله يجوز الكسر هي أجرة العامل وقوله: "فعملني" أي جعل لي عمالة أو جعلني عاملا أي نائبا على بلد وكذا من يتولى قبض الزكاة قوله: "في خيبر ليعتملوها" أي ليعملوا ما يحتاج إليه من زراعة وغيرها قوله: "روضة معتمة" بتشديد الميم أي تامة النبات ويروى بالتخفيف أي شديدة السواد
"فصل ع ن" قوله: "دابة يقال لها العنبر" يقال هو الحوت الذي يقذف العنبر وقد ورد أنه كان على صورة البعير قوله: "العنت" بمثناة آخره أي الزنا وأصله الضرر ومنه لأعنتكم أي لأحرجكم قوله: "عنيد وعنود واحد" من العنود وهوالتجبر والعناد جحد الحق من العارف قوله: "عنزة" بفتحتين هي عصا في طرفها زج قوله: "منيحة العنز" بسكون النون أي عطية لبن الشاة قوله: "عنصرهما" أي أصلهما قوله: "فلم يعنف" التعنيف اللوم والعنف بالضم ضد الرفق قوله: "العنفقة" ما بين اللحيين قوله: "عناق جذعة" هي الأنثى من ولد المعز قوله: "العنق" هو سير سهل سريع ليس بالتشديد قوله: "العنقري" منسوب إلى العنقر وهو نبت معروف وقيل هو المرزنجوش قوله: "العنان" بفتح أوله أي السحاب قوله: "عنان" فرسه بكسر أوله أرى لجامها قوله: "عنانا" بالتشديد أي أتعبنا والعناء المشقة والتعب قوله: "معنية بأمري" بالتشديد أي ذات عناية بي قوله: "عنت" أي خضعت يقال عني يعني وعنا يعنو وقوله: "فكوا العاني" أي الأسير وأصله الخضوع قوله: "عن" هو حرف جر بمعني من غالبا لأن فيها البيان والتبعيض قيل إلا أن من تقتضي الانفصال بخلاف عن يقال أخذت منه مالا وأخذت عنه علما وقد تأتي بمعنى علي ك قوله: "خالف عنا" علي والزبير وقوله: "لكذبت عنه" أي عليه وقوله: "اقتصروا عن قواعد إبراهيم" أي قواعده وقوله: "لست أنافسكم عن هذا الأمر" أي عليه أو فيه ومنه قوله: "يتعلى عني" وورد بلفظ علي أي يترفع ومنه سقط عنهم الحائط وروى عليهم وقد تأتي عن سببية ك قوله: "كان يضرب الناس عن تلك الصلاة وقوله: "لا تهلكوا عن آية الرجم" وقد يحتمل أن يكونا على حذف مضاف
"فصل ع ه" قوله: "العهد" أي الذمة ومنه المعاهد وقوله: "كانوا يضربوننا على الشهادة" والعهد العهد يطلق على اليمين والأمان والذمة والحرمة وأمر بالشيء والمعرفة والوقت والالتقاء والإلمام والوصية والحفاظ والظاهر أنه أراد هنا اليمن كأنهم كانوا يعلمونهم ويؤدبونهم على المحافظة على الشهادات والإيمان أن يتحفظوا في

(1/160)


ذلك قوله: "عما عهد" أي عرفه في البيت قوله: "وللعاهر" أي الزاني قوله: "من عهن" أي صوف
"فصل ع و" قوله : "غير ذي عوج" أي لبس قوله: "بالمعوذات" جاء مفسرا في الرواية الأخرى بالإخلاص والسورتين بعدها قوله: "العوذ المطافيل" العوذ بالذال المعجمة جمع عائذ وهي الناقة التي وضعت إلى أن يقوى ولدها قوله: "ذات عوار" أي عيب قوله: "فأعوز أهل المدينة" أي عدموا والعوز العدم قوله: "أيعاض صاحبها" أي يعطي العوض قوله: "عوان بين ذلك" أي نصف لا بكر ولا هرمة قوله: "عاهة" أي آفة أو مرض
"فصل ع ي" قوله: "عيبتي" أي موضع سري مأخوذ من عيبة الثياب وهي ما تحفظ فيها ومنه قوله: "عيبة نصحى" أي موضع سري وأمانتي قوله: "عاثت في دمائها" أي أفسدت ومنه {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} أي لا تعيثوا قوله: "فعيرته بأمه" أي عبته قوله: "سهم عائر" هو الذي لا يدري من رمى به قوله: "من عير إلى ثور" وفي رواية من عائر هما جبلان بالمدينة وقيل إن ذكر ثور فيه غلط وصحيح غير واحد أن له وجودا بالمدينة أيضا قوله: "حتى يخرج العير" بكسر العين أي القافلة قوله: "أعافه" أي أتقذره قوله: "عالة" أي فقراء والعيلة الفقر قوله: "عائلا" أي ذا عيال وقوله: "عالها" أي جعلها من عياله قوله: "عين من المشركين" أي جاسوس قوله: "عين ركبته" أي رأسها قوله: "يوم عيين" أي يوم أحد قوله: "عين التمر" موضع خارج البصرة قوله: "زوجي عياياء" بالمدينة" أي عي عاجز

(1/161)


حرف الغين المعجمة
"فصل غ ب" قوله: "لا تغبروا علينا" أي لا تثيروا علينا الغبار ومنه مغبرة قدماه أي علاها الغبار وهو التراب الناعم قوله: "غبرات" بضم ثم تشديد أهل الكتاب أي بقاياهم قوله: "الكوكب الغابر" أي الذاهب الماضي وفي رواية الغارب قوله: "العشر الغوابر" أي البواقي ويطلق على المواضي وهو من الأضداد قوله: "الاغتباط" أصله الحسد وقيل الفرق بينهما أن الحسد تمني زوال النعمة والغبطة تمني مثل النعمة قوله: "لا أغبق قبلهما" بفتح أوله وضم الموحدة ويجوز تثليثها والغبوق شرب الغشي قوله: "غبن أهل الجنة أهل النار قوله غبنته" أصل الغبن النقص ثم استعمل في نحو القهر قوله: "غبي عليكم" بالتخفيف أي خفي عليكم وفي رواية أغمى وفي رواية غم عليكم
"فصل غ ث" قوله: "جمل غث" أي هزيل قوله: "غثاء" هو الزبد وما ارتفع على الماء قوله: "ياغنثر" قيل النون زائدة وهو مأخوذ من الغثر وهو السقوط وقيل أصلية والغنثر ذباب كأنه استحقره
"فصل غ د" قوله: "غدة كغدة البعير" الغدة خراج في الحلق قوله: "أي غدر" معناه يا غادر والغادر الناقض العهد وقوله: "لا يغادر" أي لا يترك قوله: "غدير الأشطاط" هو موضع والغدير النهر الصغير قوله: "غندر" قيل النون زائدة من الغدر وقيل الغندر المشعب قوله: "غدوة في سبيل الله" الغدوة بفتح أوله من أول النهار إلى الزوال والمراد بها هنا سير أول النهار

(1/161)


فصل غ ر" قوله: "سهم غرب" أي جاء من حيث لا يدري قال أبو زيد بتحريك الراء إذا رمى شيئا فأصاب غيره وبسكونها إذا لم يعلم من رمى به ويجوز فيه الإضافة وتركها قوله: "غربوا" أي توجهوا قبل المغرب قوله: "فاستحالت غربا" أي انقلبت دلوا كبيرة قوله: "أخرز غربه" أي دلوه قوله: "غرابيب سود" أي أشد سوادا قوله: "تصبح غرثى الغرث الجوع" أي لا تذكر أحدا بسوء قوله: "غرا محجلين" الغرة بياض في الوجه غير فاحش ومنه يطيل غرته وقوله: "غر الذرى" أي بيض الأعالي وتطلق الغرة على النسمة ومنه بغرة عبدا وأمه وقيل الغرة الخيار وقيل البياض ويروي بالتنوين وتركه قوله: "بيع الغرر" بفتحتين أي المخاطرة ومنه عش ولا تغتر والمراد به في البيع الجهل به أو بثمنه أو بأجله قوله: "لا يغرنك أن كانت جارتك" أي ضرتك أو صاحبتك أي لا تغتري بها فتفعلي كفعلها فتقعي في الغرر لأنها تدل بحبه لها قوله: "وهم غارون" بالتشديد أي غافلون قوله: "الغرور" قال مجاهد الشطان وقال غيره الهلاك قوله: "اغرورقت عيناه" أي امتلأت بالدموع ولم تفض قوله: "غرض" بفتحتين أي هدف وزنه ومعناه قوله: "بقيع الغرقد" قال أبو حنيفة الغرقدة هي العوسج إذا عظمت صارت غرقدة وسمي البقيع بذلك لشجرات كانت فيه قديما قوله: "تغرة أن يقتلا" أي حذارا قوله: "في الغرز" بفتح أوله وسكون ثانيه ثم زاي هو ركاب البعير قوله: "في غرفة" أي مكان عال والجمع غرف والغرفة أيضا بالضم مقدار ملء اليد وبالفتح المرة الواحدة قوله: "غرلا" أي غير مختتنين قوله: "المغرم" هو الدين والغريم الذي عليه الدين والذي له أيضا وأصله اللزوم قوله: "غراما" أي هلاكا قوله: {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ} قال مجاهد لملزمون قوله: "أغروا بي" بضم أوله أي سلطوا علي قوله: "كأنما يغرى في صدري" بضم أوله وسكون المعجمة أي يلصق به
"فصل غ ز" قوله: "غزا" قال وأحدها غاز والغزاة أيضا جمع غاز قوله: "للغزالين" أي الذين يبيعون الغزل
"فصل غ س" قوله: "غساقا" يقال غسقت عينه وغسق الجرح كان الغساق والغسق واحد وقيل الغساق المنتن وأما غسق الليل فاجتماع ظلمته قوله: "غسلين كل شيء غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين فعلين من الغسل من الجرح والدبر
"فصل غ ش" قوله: "غششته" من الغش وهو نقيض النصح وتغطية الحق ويطلق على الخديعة أيضا قوله: {غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} أي عقوبة تغطي عليهم قوله: "غاشية أهله" أي الذين يلوذون به ويتكررون عليه قوله: "لها غشاء" أي غطاء قوله: "فتغشى بثوبه" أي تغطى به قوله: "فغشى عليه" وقوله: "علاني الغشاء" هو ضرب من الإغماء خفيف قوله: "غشيان الرجل امرأته" أي مجامعتها وغشيت امراتي أي جامعتها وقوله: "فاغشنا به" أي باشرنا به ومنه فلا تغشنا ومنه أن غشيت شيئا وقوله: "لم يغشهن اللحم "ومنه ما لم تغش الكبائر" أي تؤتى وتباشر قوله: {سْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} أي يتغطون
"فصل غ ص" قوله: "غاص بأهله" أي ممتلئ بهم

(1/162)


فصل غ ض" قوله: "لو غض الناس" أي لو نقصوا وقيل معناه رجعوا وقيل كفوا ومنه غضوا أبصاركم وأغض للبصر والغضاضة النقص
"فصل غ ط" قوله: "فغطني" أي غمني وزنا ومعنى قوله: "وان برمتنا لتغط" أي تغلى ولغليانها صوت ومنه فغط حتى ركض برجله أي صوت وهو نائم بنفسه ومنه سمعت غطيطه وغطيط البكر صياحه قوله: "أغطش" أي أظلم
"فصل غ ف" قوله: "غفرانك" مصدر منصوب على المفعول أي اعطنا ذلك قوله: "المغفر "بكسر الميم هو ما يجعل من الزرد على الرأس مثل القلنسوة قوله: "مغافير" قيل جمع مغفور وهو شيء يشبه الصمغ يكون في أصل الرمث فيه حلاوة ووقع في تفسير عبد الرزاق أن المغافير بطن الشاة كذا قال عبد الرزاق من قبل نفسه ولم يتابع وقد تقدم في العرفط له تفسير آخر وقيل الميم فيه أصلية قوله: "لحوم الغوافل" أي الغافلات عن الفواحش قوله: "أغفى إغفاءة" نام نوما خفيفا ويجوز غفا وأنكره بن دريد
"فصل غ ل" قوله: "غلبنا" قال الغلب الملتفة قوله: "ليس بالأغاليظ" جمع أغلوطة وهو ما يغلط فيه ويخطأ قوله: "أغلظت له" أي شددت عليه في القول قوله: "قلوب غلف" كل شيء في غلاف يقال سيف أغلف ورجل أغلف إذا لم يكن مختونا قوله: "فغلفها بالحناء" بالتخفيف وحكى التشديد وأنكره بن قتيبة والمراد صبغها قوله: "الأغاليق" أي المفاتيح قوله: "في إغلاق" أي إكراه وقيل غصب قوله: "أكره الغل" هو ما يجعل في العتق قوله: "من غلول" أي خيانة في المغنم قوله: "من غلته" أي من أجرة عمله قوله: "نام الغليم" بالتصغير وكذا قوله: "أغيلمة من بني عبد المطلب" وقوله: "غلمة من قريش" جمع غلام قوله: "غلت القدور" من الغليان وهو الفوران قوله: "من غلوة" بفتح أوله أي طلق فرس وهو مدى جريه
"فصل غ م" قوله: "برك الغماد" المشهور في الروايات كسر الغين وجزم بن خالويه بضمها وخطأ الكسر ونسبه النووي لأهل اللغة لكن جوز أبو عبيد البكري وغيره الضم والكسر وجوز القزاز وغيره الفتح أيضا وذكره بن عديس في المثلث وهو موضع على خمس ليال أو ثمان من مكة إلى جهة اليمن مما يلي البحر وأغرب بعضهم فحكى فيها إهمال الغين قوله: "يتغمدني" أي يسترني قوله: { فِي غَمْرَتِهِمْ} ضلالتهم قوله: {فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} أي شدائده قوله: "أما صاحبكم فقد غامر" فسره المستملى بأن المراد سبق بالخير وقال الخطابي خاصم فدخل في غمرات الخصومة وقال الشيباني المغامرة المعاجلة وقد تكون مفاعلة من الغمر وهو الحقد قوله: "الغمز من العذرة" رفع اللهاة بالإصبع قوله: "غمس يمين حلف" أي حالفهم وأصله أنهم كانوا يحضرون يوم التحالف جفنه مملوءة طيبا أو خلوقا ويدخلون أيديهم فيها قوله: "اليمين الغموس" هي التي لا استثناء فيها قيل سميت بذلك لغمسها صاحبها في المأثم قوله: "فغمس منقاره" أي وضعه في الماء قوله: "أغمصه عليها" أي أعيبه وقوله: "مغموصا عليه" أي مطعونا عليه قوله: "أغمضته عند الموت" أي أطبقت أجفانه قوله: "غمة" أي هم وضيق قوله: "فان غم عليكم" أي ستره الغمام قوله: "بالغميم" ماء بين عسفان وضجنان

(1/163)


فصل غ ن" قوله: "غنثر" تقدم قوله: "الغنجة" هو تكسر في الجارية قوله: "غندر" تقدم قوله: "غنيمة" تصغير غنم كأنه أراد الجماعة قوله: "يتغنى بالقرآن" قال ابن عيينة يستغنى به يقال تغانيت وتغنيت أي استغنيت وفي رواية يجهر به وكل رفع صوت عند العرب يقال له غناء وقيل المراد تحزين القراءة وترجيعها وقيل معناه يجعله هجيراه وتسلية نفسه وذكر لسانه في كل حالة كما كانوا يفعلون بالشعر والرجز والغني بالكسر والقصر ضد الفقر وبالفتح والمد الكفاية قوله: "ربطها تغيبا" أي استغناء قوله: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} أي لم يعيشوا وقيل لم ينزلوا أو لم يقيموا راضين وهو أقرب وقول عثمان أغنها عنا بقطع الألف أي اصرفها وقيل كفها
"فصل غ و" قوله: "الغابة" بالموحدة من أموال عوالي المدينة وأصل الغابة شجر ملتف قوله: "غواث" بالضم والكسر أي إغاثة قوله: "عسى الغوير أبؤسا" أي عسى أن يكون باطن أمرك رديئا وقيل أصله غاز كان فيه ناس فانهد عليهم فصار مثلا لكل شيء يخاف أن يأتي منه شر ثم صغر فقيل غوير وقيل نصب أبؤسا على إضمار فعل أي عسى أن يحدث الغوير أبؤسا قوله: "أغار عليهم ويغير عليهم ويغيرون" والغارة الدفع بسرعة لقصد الاستئصال قوله: "غائر العينين" أي داخلتين في المقلتين غير جاحظتين قوله: {إ ِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً} يقال ماء غور وبئر غور المفرد والجمع والمثنى واحد وهو الذي لا تناله الدلاء وكل شيء غرت فيه فهو مغارة قوله: "غواش" تقدم في غ ش قوله: "الغائط" هو المنخفض من الأرض ومنه سمي الحدث لأنهم كانوا يقصدونه ليستتروا به قوله: "غوغاء" الجراد قيل هو الجراد نفسه وقيل صوته قوله: "غوغاؤهم" أي اختلاط أصواتهم قوله: {لا فِيهَا غَوْلٌ} قال مجاهد وجع بطن وقيل لا تذهب عقولهم والغول بالضم التي تغول أي تتلون في صور لتضل الناس في الطرق وحديث لا غول فيه نفى ما كانوا يعتقدونه من ذلك
"فصل غ ي" قوله: "غيابة الحب" قال كل شيء غيبته عنك فهو غيابة قوله: "تستحد المغيبة" بالضم هي التي غاب عنها زوجها قوله: "وان نفرنا غيب" بفتحتين وللأصيلي بضم أوله وتشديد الياء أي غير حضور قوله: "غيبوبة الشفق" أي مغيبة قوله: "الغيبة هو ذكر الرجل بما يكره ذكره مما هو فيه قوله: "الغيث" هو الماء الذي ينزل من السماء وقد يسمى الكلأ غيثا قوله: "أنا أغير منك وإني امرأة غيور والمؤمن يغار" كله من الغيرة وهي معروفة قوله: "لا يغيضها شيء" أي لا ينقصها قوله: "غيقة" هو مكان بين مكة والمدينة لبني غفار قوله: "ما يسقى الغيل" بفتح أوله هو الماء الجاري على وجه الأرض قوله: "قتل غيلة" بكسر أوله أي خديعة والاغتيال الأخذ على غفلة وقوله: "أنهى عن الغيلة" بكسر أوله أي نكاح الحامل والأخذ على غرة ويقال بفتح أوله أيضا ويقال لا يفتح إلا مع حذف الهاء والغائلة في البيع كل ما أدى إلى بلية وقال قتادة الغائلة الزنا وقال غيره السرقة قوله: "ثمانين غاية" أي راية قيل لها ذلك لأنها تشبه السحابة وفي حديث السباق ذكر الغاية وهي الأمد قوله: "غياياء" روى بالغين المعجمة وأنكر أبو عبيد لكن له وجه قوله: "إذا كان لغية" بفتح أوله من الغي ويكسر أيضا وأنكره أبو عبيد والغى ضد الرشد وقوله: "غوت أمتك الغي هو الانهماك في الشر ومنه أغويت الناس أي رميتهم في الغي

(1/164)


"حرف الفاء
"فصل ف ا" قوله: "فأفاء" هو الذي يغلب على لسانه الفاء وترديدها من حبسة فيه قوله: "يرجف فؤاده" قيل الفؤاد القلب وقيل غير القلب وقيل غشاؤه وجمع الفؤاد أفئدة قوله: "الفأرة" معروفة بهمز وقد تسهل قوله: "فأخذ فأسا" وقوله: "بفوسهم" هي القدوم برأسين قوله: "ويعجبني الفال" مهموز وقد لا يهمز قال أهل المعاني الفال فيما يحسن وفيما يسوء والطيرة فيما يسوء فقط وقال بعضهم الفال فيما يحسن فقط والفال ما وقع من غير قصد بخلاف الطيرة قوله: "فئام" بكسر أوله وحكى فتحه وبالهمز وقد يسهل اسم جمع لا واحد له من لفظه
"فصل ف ت" قوله: "تفتأ تذكر" أي لا تزال قوله: "فتت" أي بست قوله: "يستفتحون" أي يستنصرون ومنه أفتح هو وقوله: "الفتاح" أي القاضي ومنه افتح بيننا أي اقض قوله: "فتخها" قال عبد الرزاق الفتخ الخواتم العظام وقيل هي خواتم تلبس في الرجل وقال الأصمعي لا فصوص لها واحدها فتخة كقصب وقصبة قوله: "فاذا فترت تعلقت به" أي كسلت ومنه يقوم فلا يفتر وقوله: "فتر الوحي" أي سكن وتأخر نزوله وزمان الفترة هو ما بين الرسولين من المدة التي لا وحي فيها قوله: "لا ينفتل" أي لا يلتفت ومنه ثم انتفل وقوله: "فأخذ بأذني يفتلها" أي يمعكها قوله: "تفتنون في قبوركم" أصل الفتنة الاختبار والامتحان ثم استعمل فيما أخرجه الاختبار للمكروه ومنه وظن داود إنما فتناه وفتنة كذا وأفتنه والأول أشهر وجاءت بمعنى الكفر وبمعني الضلالة وبمعنى الإثم وبمعني العذاب وبمعنى ذهاب العقل وبمعنى الاعتذار فمما ورد بمعنى الاختبار قوله: "الفتنة" التي تموج والفتن وتفتنون في قبوركم وبمعنى الكفر قوله: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} وبمعنى الضلال ما أنتم عليه بفاتنين قال مجاهد بضالين وبمعنى الإثم قوله {أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} وبمعنى العذاب قوله: "فتنة النار" ذوقوا فتنتكم ونحوه وبمعنى ذهاب العقل كدنا أن نفتتن في صلاتنا وبمعني الاعتذار ثم لم تكن فتنتهم قال ابن عباس معذرتهم وبمعنى التوبيخ قوله: {ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي} قال أي لا توبخني وقال غيره لا تضلني ووردت بمعنى الالتهاء بالشيء عن أولى منه ومنه إنما أموالكم وأولادكم فتنة وبمعنى الدلالة على الشيء ومنه وإن كادوا ليفتنونك قوله: {فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} جمع فتاة والمراد الإماء قوله: "فتيا" أصله السؤال ثم سمي الجواب به
فصل ف ج" قوله: "لم يفجأهم" وقوله: "نظر الفجاء" هو بضم الفاء ممدود ولبعضهم بفتح الفاء ثم سكون وهو بمعنى البغتة يقال فجأني الأمر أي أتاني بغتة ومنه فجأة الحق قوله: "سالكا فجا" أي طريقا واسعا قال في قوله: {سُبُلاً فِجَاجاً} أي طرقا واسعة قوله: "فإذا وجد فجوة" أي طريقا متسعا والجمع فجوات قوله: "فجرت" أي فاضت ومنه تفجر دما والفجور إكثار المعصية شبه بانفجار الماء ويطلق على الكذب
"فصل ف ح" قوله: "أفحج" أي بعيد ما بين الفخدين قوله: "لم يكن فاحشا" أي بذيا وهو الذي يتكلم يقبح ويطلق على الباطل أيضا والمتفحش الذي يكثر من ذلك ويتكلفه وقيل الفحش عدوان الجواب والفاحشة

(1/165)


كل ما نهى الله عنه وقيل كل ما يشتد قبحه من المنهيات كالزنا وكلام الحليمي يقتضي أن الفاحشة أكبر الكبائر قوله: "عسب الفحول" هو ذكرها المعد لضرابها قوله: "فحمة العشاء" أي شدة الظلمة
"فصل ف خ" قوله: "من فخذ أخرى" بفتح أوله وسكون ثانيه ويجوز كسره دون القبيلة وفوق البطن والفخذ من الأعضاء مثله ويقال أيضا بكسر أوله وثانيه أتباعا
"فصل ف د" قوله: "في الفدادين" بالتشديد وحكي التخفيف قال الأصمعي هم الذي تعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم يقال فد الرجل يفد بكسر الفاء فديدا إذا أشتد صوته وقيل هم المكثرون من الإبل وقيل أهل الجفاء من الأعراب قوله: "على فدفد" هي الفلاة من الأرض لا شيء فيها وقيل ذات الحصي وقيل الجليدة وقيل المستوية قوله: "فدك" بفتحتين مدينة عن المدينة بيومين قوله: "لما فدع أهل خيبر" أي أزالوا يده من مفصلها فاعوجت قوله: "فاديت نفسي" أي أعطيت الفداء وهو العوض الذي يبذله المأسور عن نفسه لئلا يقتل قوله: "فدا لك" بالقصر وبالمد وبكسر الفاء فيهما وحكي فتح أوله مع القصر وقيل المد في المصدر فقط
"فصل ف ذ" قوله: "صلاة الفذ" أي المنفرد قوله: "الآية الفاذة" أي المنفردة وكذا قوله: "لا تدع شاذة ولا فاذة
"فصل ف ر" قوله: "الفرات" أي الماء العذب وهو اسم النهر المعروف بالشام قوله: "فرثها" أي ما في الكرش قوله: "فرج سقف بيتي" أي شق أو فتح ومنه فرج صدري قوله: {وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} أي شقوق قوله: "وجد فرجة في الحلقة" أي مكانا خاليا والفاء مثلثة والفتح أشهر قوله: "فروج حرير" بفتح أوله وتشديد الراء وتخفيفها أيضا وحكى ضم أوله هو القباء الذي شق من خلفه قوله: "حتي يفرج عنكم" أي يوسع عليكم أو ينكشف عنكم الغم والاسم الفرج بفتحتين قوله: "فرج بين أصابعه" أي فتح قوله: "لا يحب الفرحين" أي لا يحب المرحين كذا في الأصل وقال غيره المراد البطر قوله: "فرجعنا فرحى" بفتح أوله مقصور جمع فارح مثل هلكى جمع هالك قوله: "حتى تنفرد سالفتي" أي تزول عن جسدي قوله: "فارا بدم" أي هاربا قوله: "فرسخ" أصله الشيء الواسع ويطلق على مقدار ثلاثة أميال قوله: "فرسن شاة" هو ما فوق الحافر وهو كالقدم للإنسان وهو بكسر أوله وثالثه قوله: "الفراش" بفتح الفاء ما يتطاير من الذباب ونحوه في النار ومنه قوله: {كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} وقيل المراد هنا الجراد قوله: "فراشا" أي مهادا قوله: "الولد للفراش" أي لمالك الفراش وهو السيد أو الزوج قوله: "فرصة ممسكة" أي قطعة من قطن أو صوف تطيب بالمسك وقيل الممنى أنها تقطع بجلدها والجلد هو المسك بفتح الميم والمشهور في فرصة كسر الفاء وحكى تثليثها قوله: "فرضتي الجبل" الفرضة المكان المتسع وهو هنا ما انحدر من وسط الجبل وجانبه قوله: "الفريضة هو ما فرض الله" أي ألزم به ويطلق على السن المعين من زكاة المواشي قوله: "فرطنا قوله فرط صدق وقوله اجعله فرطا" الفرط بفتح الفاء والراء الذي يتقدم الواردين فيهيء لهم ما يحتاجون وهو في هذه الأحاديث المتقدم للثواب والشفاعة وأما قوله: "تفارط

(1/166)


الغزو" فقيل معناه تأخر وقته وفات والتفريط التقصير والإفراط الزيادة وقوله: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} أي ندما كذا في الأصل قوله: "يفرعها الحر" أي يزيل بكارتها قوله: "يفرع النساء طولا" أي يزيد عليهن في الطول قوله: "لا فرع" بفتحتين هو أول النتاج كانوا يذبحونه للأصنام فنفاه الإسلام وقيل كان من تمت إبله مائة قدم بكرا فنحره للصنم فهو الفرع والفرع بضمتين مكان من عمل المدينة قوله: "أفرغ على يديه" أي سكب قوله: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ} أي سنحاسبكم كذا في الأصل وقال المبرد سنفرغ أي سنعمل والفراغ على وجهين الفراغ من الشغل والقصد إلي الشيء قوله: "فرق رأسه ويفرقون رؤوسهم" بفتح الماضي وضم المستقبل والراء مخففة فيهما وشددها بعضهم والتخفيف أشهر وانفراق الشعر أنقسامه من وسط الرأس ومفرق الرأس مقدمه ومنه على مفارقه قوله: "فرقنا" أي فزعنا وزنه ومعناه وهو بكسر ثانيه قوله: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ} قال ابن عباس فصلناه قوله: "من قدح يقال له الفرق" بفتح الراء ويجوز إسكانها هو إناء يأخذ ستة عشر رطلا ومنه على فرق آرز قوله: "على فروة بيضاء" قال ابن عباس رضي الله عنه الفروة وجه الأرض وقيل قطعة يابسة من حشيش قوله: "فرهين" أي مرحين أو حاذقين قوله: "أعظم الفرى بكسر أوله جمع فرية وأفرى الفري أي الكذب قوله: "يفري فريه" بالتخفيف والتشديد وأنكر الخليل التشديد يقال فلان يفري الفري أي يعمل العمل البالغ
"فصل ف ز" قوله: "استفزز" أي استخف بخيلك الفرسان قوله: "فافزعوا إلى الصلاة" أي بادروا إليها قوله: "وقع فزع" أي ذعر واستغاثة يقال فزع من الشيء إذا ارتاع منه وفزع له إذا أغاثه قوله: {فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} أي كشف عنها الرعب
"فصل ف س" قوله: "فسيحة" أي واسعة ومنه وبيتها فساح ضبطوها بضم الفاء ويجوز فتحها قوله: "فسطاط" أي خباء ونحوه ويطلق أيضا على مجتمع أهل الناحية قوله: "خمس فواسق" أصل الفسق الخروج عن الشيء ومنه سمي هؤلاء فواسق لخروجهم عن الانتفاع بهم
"فصل ف ش" قوله: "فشت تلك المقالة" أي ظهرت وقوله: "يفشو العلم" أي يظهر وأفشته حفصة تقدم في الألف
"فصل ف ص" قوله: "يتفصد عرقا" أي يسيل قوله: "بأمر فصل" بإسكان الصاد أي قاطع يفصل المنازعة قوله: "فصل الخطاب" قال مجاهد الفهم في القضاء وقيل البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه وقيل قوله: "أما بعد قوله: "المفصل" قال ابن عباس هو المحكم وهو من أول الفتح إلى آخر القرآن وقيل في ابتدائه غير ذلك أقوال تزيد على عشرة وسمي المفصل لكثرة الفواصل بالبسملة وبغيرها قوله: "وفصيلته" قال هم أصغر آبائه القربى إليه ينتهي نسبه وقيل غير ذلك قوله: "فصاله" أي فطامه قوله: "فصلت الهدية" أي خرجت وفارقت أهلها وقوله: "بعد أن فصلوا" أي رحلوا قوله: "كانت الفيصل" أي القطيعة قوله: "فيفصم عنى" أي يقلع والفصم الإزالة من غير أبانة قوله: "فصه مما يلي كفه" بفتح أوله وحكى تثليثه معروف قوله: "تفصيا" أي زوالا أو تفلتا

(1/167)


فصل ف ض" قوله: "يفضحهم" أي يشهرهم بقبح ما فعلوا مأخوذ من الفضيحة قوله: "الفضيخ" هو البسر يفضخ أي يشدخ ويلقي عليه الماء قوله: "لا تفض الخاتم" أي تكسره وهو كناية عن افتضاض عذرة البكر وقد يطلق على الوطء الحرام قوله: "فتفتض به" فسره مالك بالتمسح أي تمسح قبلها به فلا يكاد يعيش من نتن ريحها وقيل معني تفتض أي تصير كالفضة والأول أولي قوله: "ولو أن أحدا انفض" أي تفرق قوله: "انفضوا" أي تفرقوا قوله: "أفضلت فضلى" أي ما فضل عن حاجتي ومنه فضل سواكه وفضل وضوئه ومنه كان لرجال فضول أرضين ومنه أفضلا لأمكما ومنه فضل الإزار وفضل الماء وفي صفة الجنة لا تزال تفضل حتى ينشئ الله لها خلقا قوله: "وعندي منه فاضلة" أي فضلة منه ورآه بعضهم فاضلة بضم اللام وهاء الضمير قوله: "وأفضل عليك" أي أعطاك قوله: "ملائكة فضلا" بضم أوله وثانيه وبسكون ثانيه فسر في الأصل بالزيادة قوله: "يفضي بفرجه إلى السماء" أي يكشفه قوله: "وقد أفضوا إلى ما قدموا" أي وصلوا
"فصل ف ط" قوله: "على الفطرة" أي فطرة الإسلام ومنه في الإسراء أخذت الفطرة وقيل المراد بالفطرة أصل الخلقة وأما حديث الفطرة خمس أو خمس من الفطرة فالمراد بها السنة عند الأكثر قوله: "تنفطر قدماه" أي تنشق قوله: "فطس الأنوف" الفطس انخفاض قصبة الأنف
"فصل ف ظ" قوله: "ليس بفظ" أي غليظ القلب وقوله: "أنت أفظ وأغلظ ليس المراد به المفاضلة بل بمعنى فظ وغليظ ويحتمل المفاضلة بتأويل قوله: "أفظع منه" أي أسوأ منظرا ومنه أفظعني ويفظعنا أي يفزعنا ويسوءنا أمره
"فصل ف غ" قوله: "فغر لها فاه" أي فتحه
"فصل ف ق" قوله: "فقأ عينه" بالهمز أي شقها فأطفأها قوله: "فقار ظهره" واحدها فقارة وهي عظام الظهر والمراد أنه أباح له ركوبه ومنه أفقرني ظهره قوله: "فاقع لونها" أي صاف نقي قوله: "الفقاع" هو شراب يتخذ من الشعير ومن الزبيب
"فصل ف ك" قوله: "انفكت قدمه" أي انخلعت قوله: "فكاك الأسير" أي تخليصه من الأسر قوله: {فَكُّ رَقَبَةٍ} أي خلاصها قوله: "تفكهون" أي تعجبون والفاكهة ذكرها المؤلف في تفسير الرحمن
"فصل ف ل" قوله: "افتلتت نفسها" أي ماتت فلتة والفلتة ما يعمل بغير روية قوله: "المفلس" الذي قل ماله قوله: "الفلق" أي الصبح وقيل فلق الصبح بيانه وانشقاقه وقال ابن عباس رضي الله عنهما فالق الإصباح هو ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل قوله: "مفلطحة" أي لها شوكة عظيمة لها عرض واتساع قوله: "فالق كبدي" أي يشقها ومنه فلق رأسه شقه قوله: {ِفي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} أي يدورون في فلك مثل فلكه المغزل قوله: "اصنع الفلك" أي السفينة والفلك والفلك واحد كذا في الأصل ولبعضهم الفلك واحد أي جمعا ومفردا وقال أبو حاتم السجستاني الفلك أي بالضم والسكون في القرآن واحدة والجمع والمؤنث والمذكر بلفظ واحد ولا نعلم أحدا جمعه كذا قال وجمعه غيره على أفلاك وأما الفلك بحركتين فهو ما دون السماء ركبت فيه النجوم

(1/168)


قاله الخليل قوله: "فلك" أي كسرك قوله: "بهن فلول" أي ثلم ومنه فلها يوم بدر وقوله: "أي فل مثل قوله: "يا فلان" أو هو ترخيمة قوله: "فلوه" أي مهره قوله: "فلت رأسه" وقوله: "تفلي رأسه" أي أخذت منه القمل
"فصل ف م" قوله: "فم" مثلث الفاء بإثبات الميم وحذفها وتضعيفها والعاشرة أتباع فائه لميمه وأفصحها فتح الفاء مع النقص
"فصل ف ن" قوله: "بفناء داره" أي ساحتها وكذا قوله: "بفناء الكعبة وفناء المسجد قوله: "أفنان" أي أغصان قوله: "تفندون" أي تجهلون
"فصل ف ه" قوله: "فهد" أي جلس جلوس الفهد والفهد معروف بكثرة النوم وقيل معناه وثب وثوب الفهد وهو موصوف أيضا بسرعة الوثوب قوله: "بفهر" بكسر أوله أي حجر
"فصل ف و" قوله: "من تفاوت" أي تخالف قوله: "فوجا فوجا" أي جمعا بعد جمع قوله: "من فور حيضتها" أي ابتدائها قوله: "من فورهم" أي من غضبهم وقيل من ساعتهم قوله: "بمفازتهم مأخوذ من الفوز وهو النجاة وسميت المفازة بها تفاؤلا قوله: "فوضت أمري إليك" أي صرفته قوله: {مَا لَهَا مِنْ فَوَاق} قال مجاهد من رجوع وقيل من راحة قوله: "الفاقة" هي الفقر قوله: "أتفوقه تفوقا" مأخوذ من فواق الناقة لأنها تحلب ثم تترك ساعة حتى تدر ثم تحلب قوله: "الفوم" قال مجاهد هي الحبوب وقيل الثوم والفاء قد تبدل ثاد مثلثة قوله: "فاه" تقدم في ف م وجمع الفم أفواه لأن أصله فوه كثوب وأثواب
"فصل ف ي" قوله: "يتفيأ" قال ابن عباس رضي الله عنه يتهيأ أو يتميل وقال غيره مأخوذ من الفيء وهو ظل الشمس ومنه فيء التلول والفيء الغنيمة ومنه يستفيء سهماننا ومنه أول ما يفيء الله علينا قوله: "تفيئها الريح" أي تميلها قوله: "فئة" أي جماعة وقوله: "فئتين" أي جماعتين قوله: "فئام" أي جماعة قوله: "من فيح جهنم" أي وهجها ويروي من فوح جهنم قوله: "ثم يفيض الماء" أي يصبه ومنه يفيض المال وقوله: "أفاض من عرفة" أي أخذ منها إلي مني قوله: {إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} أي يرجعون قوله: "الفيول" جمع فيل وهو الدابة المعروفة قوله: "في في امرأتك" أي فمها

(1/169)


حرف القاف
"فصل ق ب" قوله: "قباء" مكان معروف بالمدينة بضم أوله والمد وحكى تثليثه والقصر والتنوين وعكسه قوله: "وعليه قباء" بفتح أوله ممدود هو جنس من الثياب ضيق من لباس العجم معروف والجمع أقبية قوله: "قبة" أي خيمة وقوله: "تركية" نسبة إلي الترك الجيل المعروف ويقال قبوت الشيء أي رفعته قوله: "أقول فلا أقبح" أي لا يرد قولي والقبح الإبعاد قوله: { مِنَ الْمَقْبُوحِينَ} أي المهلكين وقيل المبعدين قوله: "المقبرة" مثلث الموحدة وكسرها نادر قوله: "قبس" أي شعلة من نار قوله: "قبل بيت المقدس" أي جهته قوله: "العذاب قبلا" قال في الأصل قبلا وقبلا وقبلا الأول بكسر ثم فتح والثاني بضمتين والثالث بفتحتين فالأول معناه معاينة أو مقابلة

(1/169)


والثاني مثله وقيل جمع قبيل والمعنى أنها ضروب للعذاب كل ضرب منها قبيل والثالث قيل معناه استئنافا قوله: "قبيله" أي جيله الذي هو منهم قوله: "لا قبل لي" أي لا طاقة قوله: "لها قبالان" أي شراكان قوله: "قبلت الماء" أي أقرته فيها قوله: "القبيل في السلف" أي الكفيل قوله: "القبول" بفتح أوله أي الرضا قوله: "اقبال الجداول" أي وقت سيلها
"فصل ق ت" قوله: "حملها على قتب" هو للجمل كالسرج للفرس وجمعه أقتاب وأما قوله: "تندلق أقتابه" فالمراد الأمعاء وهي جمع قتب بكسر أوله وسكون ثانيه ويقال ذلك للصغير من آلة الجمل قوله: "لا يدخل الجنة قتات" أي نمام قوله: "حمل قت" هو ما تأكل الدواب من الشيء اليابس قوله: "الإقتار" أي الإملاق والافتقار قوله: "قترة الجيش" أي الغبرة وكذا قوله: "على وجهة قترة" قوله: { قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} أي لعن الكذابون ومنه قتل الإنسان ومنه قوله: "قاتل الله فلانا" ويطلق القتل والقتال على المخاصمة مبالغة
"فصل ق ث" قوله: "القثاء هو المأكول المعروف وحكي ضم أوله والهمزة فيه أصلية
"فصل ق ح" قوله: "اقتحم المكان" أي دخله واقتحم عن بعيره أي نزل عنه قوله: "أقحط" أي جامع ولم ينزل والقحط ضد الخصب معروف
"فصل ق د" قوله: "القدح" هو السهم الذي لا ريش فيه كانوا يتفاءلون به وجمعه قداح قوله: "فقده" أي قطعه قوله: "موضع قدة" أي قطعة قوله: "قديد" بضم أوله مصغر موضع معروف بين مكة والمدينة قوله: "فاقدروا له" أي احتاطوا لقدره وقد فسر في الرواية الأخرى وأكملوا العدة قوله: "ليلة القدر" أي ذات القدر العظيم ويطلق عليها ذلك لشرفها قوله: "فوجدوا قميص عبد الله يقدر عليه" أي قدره سواء قوله: "على قدر" أي على موعد قاله مجاهد قوله: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} أي يوسع ويضيق قوله: "المقدس" قال ابن عباس رضي الله عنه المبارك والقدس اسم البلد والمسجد قوله: "روح القدس" أي جبريل قوله: "القادسية بلد معروف بالعراق قوله: "لك من القدم" بفتحتين أي السبق قوله: "قدم صدق" قال مجاهد خير وقال زيد بن أسلم محمد صلى الله عليه وسلم وقيل غير ذلك قوله: "برز القدمية" بضم القاف وفتح الدال يقال لمن يتقدم في الشر والخير وقيل المراد أنه طلب معالي الأمور قوله: "قدوم ضأن" بالتخفيف اسم موضع وصوابه فتح القاف وضمه بعضهم قوله: "اختتن بالقدوم" رواية شعيب عن أبي الزناد مخففة وغيره بالتشديد وقيل بالتخفيف الموضع وبالتشديد الآلة وفي قصة الخضر فأخذ القدوم ورويت أيضا بالتخفيف وقيل لا يقال في الالة إلا بالتخفيف قوله: {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ} أي لا تفتاتوا عليه قوله: "قد بيده" أمر بالقود ومنه قوله: "تقتدى
"فصل ق ذ" قوله: "إلى قذذه" بضم القاف أي ريش السهم قوله: "قد قذرني الناس وقوله تقذرا وقوله القذر" معروف كله وهو بالمعجمة قوله: "يقذف في قلوبكما" أي يرمي والمراد وسوسة الشيطان قوله: "قذف امرأة" أي رماها بالزنا ومنه قذف المحصنات قوله: "يقذف في النار" أي يرمي ومنه ويقذفون من كل جانب دحورا وقوله: "يقذفن في ثوب بلال" أي يرمين

(1/170)


قوله: "فيتقذف عليه نساء قريش" أي يترامون عليه قوله: "فقذفتها" أي فألقيتها قاله مجاهد قوله: "القذى" أي التراب ونحوه في العين
"فصل ق ر" قوله: "يقرأ السلام" بفتح أوله والهمزة من القراءة وقوله: "يقرؤك السلام بضم أوله من الإقراء يقال أقرئ فلانا السلام وأقرأ عليه السلام كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده قوله: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} أي قراءته وقد تكرر ذكر القراءة والإقراء والقاريء والقرآن والأصل في هذه الكلمة الجمع وكل شيء جمعته فقد قرأته وسمي القرآن بذلك لأنه جمع القصص والأحكام وغير ذلك وهو مصدر كالغفران والكفران ويطلق على الصلاة لكونها فيها قراءة من تسمية الشيء باسم بعضه وعلى القراءة نفسها كما مضى وقد يحذف الهمز تخفيفا وقوله: "استقرءوا القرآن من أربعة" أي اسألوهم أن يقرؤوكم قوله: "إلا تدعني أستقرى لك الحديث" أي أتتبعه وآتى به شيئا فشيئا قوله: "أيام أقرائك" جمع قرء بالضم والفتح وقد تكرر ويجمع على قروء أيضا وهو الطهر من الحيض وقيل هو الحيض وقال معمر وهو أبو عبيدة اللغوي يقال أقرأت المرأة إذا دنا حيضها وأقرأت إذا دنا طهرها وأطلق غيره أنه من الأضداد ويدل على ذلك قوله: "صلى الله عليه وسلم دعي الصلاة أيام إقرائك" أي أيام حيضتك وقوله: "من قرء إلى قرء" أي طهر إلى طهر فاستعمل مشتركا والتحقيق أنه انتقال من حال إلى حال وقيل الوقت وقيل الجمع وقوله: "وقال معمر يقال ما قرأت سلمى إذا لم تجمع ولدا في بطنها وقال غيره ما قرأت الناقة جنينا أي لم تشتمل عليه وهذا مصير منه إلى أن معناه الجمع قوله: {يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ} أي ذا قرابة قوله: "يقرب في المشي" أي يسرع قال الأصمعي التقريب أن ترفع الفرس يديها معا وتضعهما معا قوله: "القراب بما فيه" قراب السيف وغيره وعاؤه قوله: "سددوا وقاربوا" أي لا تغلوا ولا تقصروا وأقربوا من الصواب قوله: "إذا قرب الزمان لم تكد روياء المؤمن تكذب" قيل المراد اقتراب الساعة وقيل المراد استواء الليل والنهار وقوله: "يتقارب الزمان وتكثر الفتن" قيل المراد قصر الأعمار وقيل قصر الليل والنهار ويؤيده أن في الحديث الآخر يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر وقيل استواء الناس في الجهل قوله: "أقرب السفينة" جمع قارب علي غير قياس وهي معابر صغار قوله: "لأقربن لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي لأرينكم ما يشبهها ويقرب منها قوله: "وكانوا إلي على قريبا" أي رجعوا إلى مقاربته حين بايع أبا بكر بعد نفورهم منه قوله: "شيطانك قربك" بكسر الراء يقال قربه بالكسر يقربه بالفتح في المستقبل فإذا لم يكن هناك تعدية قلت قرب بالضم قوله: {مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} أي ألم الجراح ويطلق أيضا على الجراح والقروح الخارجة في الجسد ومنه إن يمسسكم قرح وقوله: "قرحت أشداقنا بكسر الراء" أي أصابتها القروح قوله: "غزوة ذي قرد" بفتحتين أوله قاف ويروي بضمتين حكاه البلاذري وقال إن الصواب الفتح فيهما قوله: "يقرد بعيره" أي يزيل عنه القراد قوله: "قرت عين أم إبراهيم" أي حصل لها السرور كأن عين الحزين مضطربة وعين المسرور ساكنة وقيل قرت أي نامت وقيل هو من القر بالضم وهو البرد لأن دمعة المسرور باردة ودمعة الحزين حارة ولذا يقال في الشتم سخنت عينه وقول امرأة أبي بكر لا وقره عيني أقسمت بالشيء الذي يقر عينها وقيل أرادت بذلك النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "يقر في صدري" أي يثبت ويروي يقرأ من القراءة ويروي يغرى بالغين المعجمة أي يلصق بالغراء قوله: "يتقرى حجر

(1/171)


نسائه" أي يتتبعهن قوله: "فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة" أي يثبتها والمراد بقر الدجاجة صوتها وأما الرواية الأخرى فيقرقرها قرقرة الدجاجة فالمعنى يرددها ترديد صوت الدجاجة ويروى الزجاجة بالزاي وهو كناية عن استقرارها فيها وقال ابن الأعرابي يقال قررت الكلام في الأذن إذا وضعت فمك عند المخاطبة عند الصماخ وتقول قر الخبر في الأذن يقره قرا إذا أودعه قوله: "في الإفك يقره" بضم أوله والتشديد أي لا ينكره وأما أقر بالشيء فمعناه صدق به قوله: "تقرصه بالماء" بالصاد المهملة أي تمعكه بأطراف أصابعها قوله: "قرضه" بالمعجمة أي قطعه بالمقراض قوله: "تقرضهم قال مجاهد تتركهم وقال غيره تعدل عنهم وهو نحوه وقوله: "القرض" بفتح القاف هو السلف والقراض المضاربة وهو أن يجعل للعامل جزء من الربح قوله: "تلقى القرط" أي ما تحلى به الأذان قوله: "قيراط من الأجر" أي جزء من أربعة وعشرين جزأ قوله: "على قراريط لأهل مكة" قيل هو موضع وقيل جمع قيراط وبه جزم سويد بن سعيد فيما حكاه عنه بن ماجة قال معناه كل شاة بقيراط قوله: "مقروظ" أي مدبوغ بالقرظ وهو معروف قوله: "أقرع بين نسائه واقترعوا وكانت قرعة واقتسم المهاجرون قرعة" هي رمي السهام على الخطوط وصفته أن يكتب الأسماء في أشياء ويخرجها أجنبي فمن خرج اسمه استحق قوله: "قرع نعالهم" أي صوت خفقها بالأرض قوله: "حتى قرع العظم" أي ضرب فيه قوله: "لنقرعن بها أبا هريرة" أي لنرد عنه والتقريع يطلق على التوبيخ ويحتمل أن يكون من أقرعته إذا قهرته بكلامك قوله: "من قراع الكتائب" أي قتال الجيوش وأصله وقع السيوف قوله: "اقترفت ذنبا" أي اكتسبت وقارفت ذنبا أي خالطت ومنه من لم يقارف الليلة أي يكتسب وقيل المراد هنا الجماع قوله: "القرفصى" هو الاحتباء باليد وقيل هي جلسة المستوفز قوله: "قرام لعائشة" أي ستر وهو بكسر القاف قوله: "قرنى" أي أصحابي واختلف السلف في تعيين مدة القرن فقيل مائة سنة وهو الأشهر وحكى الحربي الاختلاف فيه من عشرة إلى مائة وعشرين ثم قال عندي أن القرن كل أمة هلكت فلم يبق منها أحد قوله: "قرن الشيطان وبين قرني الشيطان" قيل أمته وقيل تسلطه وقيل جانبا رأسه وأنه حينئذ يتحرك ويدل عليه قوله: "فإذا ارتفعت فارقها وإذا استوت قارنها" قوله: "فليطلع لنا قرنه" أي فليظهر لنا رأسه وهو كناية عن عدم الاختفاء بالكلام قوله: "يغتسل بين القرنين" أي جانبي البئر وهما الدعامتان أو الخشبتان اللتان تمتد عليهما الخشبة التي تعلق فيها البكرة قوله: "بكبش أقرن" الأقرن من الكباش الذي له قرن ومن الناس الذي التقت حاجباه قوله: "ثلاثة قرون" أي ضفائر قوله: "قرن الثعالب" وقرن المنازل ومهل أهل نجد قرن كلها بسكون الراء وأصله جبيل صغير منفرد مستطيل من الجبل الكبير ثم سميت به أماكن مخصوصة قوله: "قرينتها في كتاب الله" أي نظيرتها ومنه خذ هاتين القرينتين وقوله: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ} قيل المراد الشياطين وهو جمع قرين ومنه قوله: "فهو له قرين" وهو الشيطان الذي وكل به وقوله: {أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ} أي يمشون معا قوله: "بئسما عودتم أقرانكم وحتى تقتل أقرانها" هذا جمع قرن بكسر القاف وهو الذي يناظره في بطش أو شدة وكذا في العلم وأما في السن فبالفتح والقرآن في الحج جمعه مع العمرة ويقال منه قرن ولا يقال أقرن وكذلك قران التمر وهو جمع التمرتين في لقمة ووقع في أكثر الروايات نهى عن الإقران وصوابه التمر القران وقوله: "وما كنا له مقرنين" أي مطيقين وقيل ضابطين يقال فلان مقرن لفلان ضابط له

(1/172)


"فصل ق ز" قوله: "وما نرى في السماء من قزعة" أي سحابة والقزع في الأصل السحاب المتفرق الرقيق قوله: "نهى عن القزع" قال عبد الله راويه هو أن يحلق رأس الصبي ويترك له ههنا وههنا شعر وههنا يعني في جوانب الرأس وأصله من الذي قبله
"فصل ق س" قوله: { فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} قيل هو أصوات الناس واختلاطهم وكل شديد قسورة وقال أبو هريرة القسورة الأسد قوله: "القسى" قال أبو بردة عن على هي ثياب مضلعة بالحرير فيها أمثال الأترج وقال غيره كانت تعمل بالس من ديار مصر فنسبت إليها قوله: "القسط الهندي" بضم القاف نوع مما يتبخر به من العود قوله: "القسطاس" قيل هو العدل بالرومية حكاه عن مجاهد وقال غيره هو أقوم الموازين وليس بعربى وقيل القسط مصدر المقسط وهو العادل وأما القاسط فمعناه الجائر كذا في الأصل وفيه نظر ووجوه بتأويل وقوله: "يخفض القسط ويرفعه" قيل المراد الرزق وقيل الميزان وقيل النصيب قوله: "أجر القسام" هو فعال من القسم بفتح القاف وهو تمييز النصيب والاسم القسامة بالضم والتخفيف والقسامة بالفتح هي الأيمان في الدماء قوله: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ} ذكره في المائدة وهو الضرب بالسهام لإخراج ما قسم الله لهم من أمر قوله: {عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ} أي الذين حلفوا أن لا يتركوا الشرك وقوله: {لا أُقْسِمُ} أي أقسم ويقرأ لا قسم وقوله: {تَقَاسَمُوا} أي تحالفوا وقاسمهما" أي حلف لهما قوله: "لو أقسم على الله لأبره" قيل لو دعا لأجابه وقيل على ظاهره
"فصل ق ش" قوله: "قشبني ريحها" أي ملأ خياشيمي والقشب الشم ويطلق على الإصابة بكل مكروه قوله: "تقشع السحاب" أي تفرق قوله: "قشام " بضم القاف والتخفيف هو أكال يقع في التمر وقيل هو أن يتساقط وهو يسر قيل أن يصير بلحا
"فصل ق ص" قوله: "من قصب" أي من لؤلؤ مجوف قوله: "يجر قصبه" بضم القاف وسكون الصاد أي أمعاءه وسمي الجزار قصابا من التقصيب وهو التقطيع تقول قصبت الشاة أي قطعتها أعضاء قوله: "قصد السبيل" أي وسطه وأعدله ومنه عليكم بالقصد أي الاستقامة قوله: "قصرت الضلاة" أي نقصت عن الإتمام ومنه تقصير الصلاة والتقصير في السفر أي جعل الرباعية اثنتين والتقصير في النسك قطع طرف بعض شعر الرأس وقوله: "اقتصروا عن قواعد إبراهيم" أي نقصوا يقال اقصر عنه إذا تركه عن قدره وقصر عنه إذا تركه عن عجز ويقال اقتصر عليه إذا لم يطلب سواه وقوله: "قصرت الدعوة عليهم" أي خصت بهم قوله: "قصرت بهم النفقة" أي ضاقت عليهم وقوله: "فاقصر الخطبة" أي قللها وقوله: "قيصر هو لقب من يملك الروم قوله: {بِشَرَرٍ} قال ابن عباس يرفع الخشب بقصر ثلاثة أذرع أي بقدر ثلاثة أذرع قوله: "قصر بني خلف" هو بالبصرة والمراد بهم أولاد طلحة الطلحات قوله: {مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} أي محبوسات قاصرات لا يبغين غير أزواجهن قوله: "قصيه" أي اتبعي أثره ومنه على آثارهما قصصا قوله: "قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي حدثه بها تامة وقوله: "لا تسجد لسجود القاص" أي المذكر الواعظ قوله: "قاصة في الدين" أي حاسبه ومنه يتقاصون مظالم كانت بينهم ومنه القصاص لأنه يأخذ منه حقه وقيل من القطع لأن أصله في الجرح يقطع كما قطع قوله: "القصمة البيضاء" بفتح القاف كناية عن النقاء والمراد به ماء أبيض يخرج آخر الحيض عند انقطاعه كالخيط الأبيض وقيل هو خروج ما تحتشى به أبيض كالقصة وهي

(1/173)


لجص ومنه بناه بالحجارة المنقوشة والقصة قوله: "تناول قصة من شعر " بضم القاف ما أقبل على الجبهة من شعر الرأس سمي بذلك لأنه يقص والقص ما في وسط الصدر من شعر وقيل المشاش المغروزة فيه أطراف الأضلاع قوله: "القصعة هي الإناد يكون من خشب قوله: "فقصعته" أي فركته بظفرها وقوله: "فأقصعته يأتي في ق ع قوله: "قاصفا يقصف كل شيء" أي يرميه وقوله: "فتقصف عليه النساء" أي يزدحمن قوله: "حتى يقصمها الله" أي يكسرها ويستعمل في الإهلاك وقول عائشة فقصمته بكسر الصاد أي شققته ويروى بالضاد المعجمة أي قطعته
"فصل ق ض" قوله: "بقضيب" أي بسيف رقيق أو بعود قوله: "يريد أن ينفض" أي يتصدع من غير أن يسقط وقوله: "لو أن أحدا انقض لما فعل بعثمان" أي أنهار وتصدع وتفرق قوله: "يقضمها كما يقضم الفحل" أي يقطعها ومنه فقضمته قوله: "أحسنكم قضاء" أي وفاء قوله: "تقاضى بن أبي حدرد" أي طلب منه وفاء دينه قوله: "قضى" أي مات قوله: "عمرة القضاء أو القضية" أي ما في الكتاب الذي اصطلحوا عليه بالحديبية ويحتمل أنها سميت بذلك لكونهم اعتمروا بعدها فكأنها عوض عنها وإن لم تجب وأما قوله: "لا يعدل في القضية فمعناه الحكومة قوله: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ} أي أمرناهم ويأتي القضاء على وجوه بمعني الأمر والحكم والخلق ومنه فقضاهن سبع سماوات أي خلقهن كذا في الأصل ويأتي القضاء بمعنى الأجر والوفاء ومنه قضى دينه وبمعنى صنع ومنه فاقض ما أنت قاض والفراغ ومنه فلما قضي صلاته وبمعنى الإتمام ومنه قضى أجلا والقتل ومنه فوكزه موسى فقضى عليه وبمعنى الإحصاء والتقدير وبمعنى الإعلام ومنه وقضينا إلى بني إسرائيل
"فصل ق ط" قوله: "درع قطر بكسر أوله هو ضرب من ثياب اليمن فيه حمرة قوله: {أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً} أي أصب عليه رصاصا ويقال الحديد ويقال الصفر ويقال النحاس قاله بن عباس قوله: {مِنْ أَقْطَارِهَا} جوانبها وأحدها قطر بضم أوله ثم سكون قوله: "قطر الدم" أي انسكب ومنه وذكرنا أحدنا يقطر قوله: " {عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} أي نصيبنا وقيل عذابنا وقيل القط الصحيفة وهي صحيفة الحسنات قوله: "جعدا قططا" هو الشديد الجعودة كالسودان قوله: "قط هو" بالتشديد إذا كانت ظرفا وقد تخفف والقاف مفتوحة على الأشهر وحكي ضمها وقيل إذا كانت بمعنى حسب فالطاء ساكنة جزما وفي وصف جهنم فتقول قط قط بسكون الطاء وبكسرها وفي رواية قطني قطني بزيادة نون وكله بمعنى حسبي وبمعنى التقليل1 قوله: "يقطع من دونها السراب" أي أسرعت حتى أن السراب يرى من دونها وينقطع قوله: {بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} أي سواد وقوله: "ليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر" قيل هو من قولهم منقطع القرين وقيل معناه ليس فيكم سابق إلى الخيرات مثله مأخوذ من سبق الجواد يقال للفرس إذا سبق تقطعت أعناق الخيل فلم تلحقه قوله: "يقتطع" أي يسلب قوله: "قطعوا لي قميصا" أي فصلوه ثم خاطوه قوله: "تقطعوا" أي اختلفوا قوله: "أربعة آلاف مقطعة" أي منجمة قوله: "ان يقطع بعثا قطعة" أي يفرد قوما للغزو ومنه قطع بعث كذا وأما قوله: "أن نقتطع دونك" فمعناه أن يمنعنا العدو من اللحاق بك قوله: "القطائع هو تسويغ الإمام شيئا لمن يراه أهلا قوله: "أن يقطع لهم البحرين" أي يخصهم
ـــــــ
1 قوله "وبمعنى التقليل" كذا في نسخة، وفي أخرى "بمعنى التوكيد"، وعبارة ابن الأثير "وتكرارها للتأكيد".

(1/174)


بجزيتها وأما قوله: "الأرض التي أقطعها الزبير" فالمراد بها التي أفردت له من الموات فأحياها قوله: "على قطيع من الغنم" أي طائفة منها قوله: "قطيفة" هي الكساء ذات الخمل قوله: "قطفا من العنب" بكسرأوله من العنقود قوله: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} أي يقطفون كيف شاءوا قوله: "جمل يقطف" أو به قطاف هو المتقارب الخطو بسرعة وهو من عيوب الدواب قوله: "من قطمير هي لفافة النواة
"فصل ق ع" قوله: "قعب هو إناء من خشب مدور قوله: "مقعد صدق" أي مستقر قوله: "قعد لها على مال لم يسم فاعله أي أجلس أو احتبس لها قوله: "قعود بفتح أوله ما اقتعد للركوب وأمكن ركوبه يقال ذلك للذكر والأنثى لكن للأنثى قعودة بزيادة هاء قوله: "عند القعدة" أي الجلسة في الصلاة وهي بالفتح قوله: "القواعد" أي الأساس واحدتها قاعدة والقواعد من النساء واحدتها قاعد قوله: "من قعر حجرتها هي داخلها من السفل قوله: "كقعاص الغنم هو داء يسرع إهلاكها قوله: "فأقعصته" أي قتلته ويروي أقصعته أي شدخته والقصع شدخ الشيء بين الظفرين قوله: "تقعقع" أي تتحرك وتضطرب بصوت ومنه قعقة السلاح قوله: "نهى عن الإقعاء هو إن يلصق إليته بالأرض وينصب ساقية ويداه بالأرض وهكذا المكروه ويطلق على الجلوس على وركيه وهذا ورد أنه فعل في الجلوس بين السجدتين مثله
"فصل ق ف" قوله: "كل قفار كذا روي والأشهر بتقديم الفاء كما تقدم قوله: "يقتفر الصيد" أي يطلبه في الأرض الفقر وهي الأرض الخالية قوله: "عن القفازين " بضم القاف هو ما تلبسه المرأة في اليد ليسترها قوله: "قف البئر " بضم أوله وهو البناء الذي حوله قوله: "قف شعري" أي انقبض وانجمع من إنكار ما قلت والقفوف القشعريرة من البرد وشبهه قوله: "حين قفل الجيش وإنا قافلون أصله الرجوع ومنه مقفلة من خيبر ولا تسمى قافلة إلا إذا رجعت وقد يطلق في الابتداء عليها تفاؤلا قوله: "المقفى" أي جئت في أثر الأنبياء أخيرا والذي يقفوا لشيء يتبع أثره
"فصل ق ل" قوله: "تلقى القلب" بضم القافالسوار قوله: "ما به قلبة" أي داء من القلاب بضم أوله مخففا قوله: "في تقلبهم" أي اختلافهم قوله: "فقام يقلبها" بفتح أوله أي يصرفها إلى بيتها ويرجعها إليه يقال قلبته فانقلب هو ومنه فلم أنقلب إلى أهلي وينقلبون قوله: "القليب" البئر وقيل يختص بغير المطوية قوله: "قلات السيل جمع قلت بالفتح هي الحفرة التي يجتمع فيها الماء قوله: "القلادة والقلائد" هو ما يعلق في العنق والمقاليد والأقاليد المفاتيح قوله: "قلص دمعي" أي انقبض وارتفع وقوله: "وتقلصت عليه" أي انقبضت وانضمت قوله: "ثلاثة عشر قلوصا" القلوص بالفتح في الواحد والجمع قلاص بالكسر وقلائص وهي فتيات النوق قوله: "أقلعي" أي أمسكي قوله: "أقلع عنها" أي كف والقلع بكسر أوله شراع السفينة قوله: "الأقلف الذي لم يختتن قوله: "يقلقل" أي يحرك بصوت شديد قوله: "تلال هجر" أي الجرار قوله: "فذهب يقله" أي يرفعه قوله: "يقلم أظفاره" أي يقصها قوله: "القلنسوة" بفتح أوله وضم السين وبالواو وقال ابن دريد أراه مشتقا من قلس الرجل إذا غطاه وستره والنون زائدة وفيها سبع لغات قلنسوة وبياء بدل الواو وقلساة بغير نون وقليسنة بعد اللام تحتانية ثم سين مكسورة ثم نون وبتحتانية بدل النون وقلينيسة بعد اللام تحتانية ساكنة ثم

(1/175)


نون مكسورة ثم تحتانية ساكنة ثم سين مهملة قوله: "وما قلى" أي أبغض ومنه وإن قلوبنا لتقليهم أي تبغضهم وفي رواية لتلعنهم
"فصل ق م" قوله: "أشرب فأتقمح" أي أشرب حتي أروى أو زيادة على ذلك والتقمح في الشرب كالزيادة في الشبع من الأكل وروي اتقنح بالنون قال البخاري بالميم أصح قوله: "تعال أقامرك" القمار معروف وهو جعل شيء لمن يغلب مطلقا في أي شيء كان قوله: "القمطرير" أي الشديد يقال قمطرير وقماطر العبوس أشد ما يكون وقال الأزهري القمطرير المنقبض ما بين العينين قوله: "فينقمعن منه" أي يتغيبن ويدخلن البيت قوله: "في القمقم" أي ما يسخن فيه الماء من نحاس وغيره قوله: "القمل" الحمنان الصغار قوله: "يقم البيت" أي يكنسه
"فصل ق ن" قوله: "قنأ لونها" بالهمز أي اشتدت حمرتها يقال أحمر قاني أي شديد الحمرة قوله: "قنت شهرا" أي دعا والقنوت يطلق على الدعاء والقيام والخضوع والسكون والسكوت والطاعة والصلاة والخشوع والعبادة وطول القيام قال ابن الأنباري يحمل كل ما يرد منها في الحديث على ما يقتضيه سياقه ومنه وقوموا لله قانتين وقال ابن مسعود القانت المطيع قوله: "أتقنح" تقدم في أتقمح قوله: "قنطرة" معروفة والجمع قناطر وإثبات الياء فيها غلط فذاك جمع قنطار واختلف النقل في قدره فالأكثر أنه مائة رطل وقيل الجملة الكثيرة من المال ملء جلد ثور من الذهب وقيل أربعة آلاف دينار ورجحه ثعلب وقال إذا قالوا قناطير مقنطرة فهي اثنا عشر ألف دينار وقيل هو ألف ومائتا أوقية وقيل أربعون أوقية ذهبا وقيل ألف ومائتا دينار وقيل هو مائة من أو مائة مثقال أو مائة درهم وقيل سبعون ألف دينار وقيل ثمانون ألف دينار ولعل هذين الأخيرين في القناطير المقنطرة قوله: "يتقنع وتقنع بردائه" أي غطى رأسه ومقنع بالحديد أي مغطى رأسه به قوله: "قنع بقوله" قوله: "أي اكتفى قوله: {مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ} أي رافعي رءوسهم أي ينظرون في ذل قوله: "القنو" قال هو العذق والإثنان كالجمع قنوان مثل صنو وصنوان قوله: "اقتنى" أي اكتسب شيئا فأبقاه عنده قوله: "وادى قناة هو واد من أودية المدينة عليه حرث ومال
"فصل ق ه" قوله: "قهرمانه" أي القائم بأموره قوله: "القهقري وقوله: "تقهقر هو الرجوع إلى خلف
"فصل ق و" قوله: {قَابَ قَوْسَيْنِ} أي قدر قوسين قوله: "أقاد بها الخلفاء وقوله إما أن يقاد" القود قتل القاتل بمن قتله وأصله أنهم كانون يدفعون القاتل لولي المقتول فيقوده بحبل ومنه يقيدني قوله: "يقودني" أي يجرني وقوله: "قد بيده" أمر بالقود قوله: "فاستقاد لأمر الله" أي أذعن قوله: "القوارير" قال أبو قلابة يعني النساء شبههن لضعفهن بالزجاج قوله: "فقوض" أي أزيل قوله: "ففشت تلك المقالة" أي المقول ويحتمل أن تكون الفعلة ويحتمل أن يكون بمعنى القائلة أي الجماعة القائلة وقد يطلق القول موضع الفعل ومنه في قصة الخضر فقال بيده فأقامه أي أشار بيده وقوله: "فقال بيده هكذا في الوضوء" أي نفضها وقوله: "البر تقولون بهن" أي تظنون قوله: "تقاولت به الأنصار" أي تهاجوا وقوله: "تقاولنا" أي تشاتمنا وقوله: "تقول" بالتشديد أي كذب قوله: "يؤم القوم هم الجماعة من الرجال على الصحيح

(1/176)


"فصل ق ي" قوله: "القاحة" بمهملة خفيفة واد على ثلاث مراحل قبل السقيا قوله: "قيد شبر وقيد سوط" أي قدره قوله: "المقير"هو بمعنى المزفت والمقير المطلي بالقار وهو القير قوله: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ} أي سلطنا أو وكلنا قوله: "فأجلسني في قاع وقوله: "قاعا يعلوه الماء" وقوله: "إنما هي قيعان" وقوله: "بقاع قرقر" القاع المستوى الصلب الواسع من الأرض قوله: "وهو قائل السقيا" أي نازل للقائلة بالسقيا ومنه ولم يقل عندي ومنه قائلة الضحى والاسم المقيل قوله: "قيلت الماء" قيل القيل شرب وسط النهار قوله: "أنت قيام السماوات والأرض" بتشديد الياء والقيام والقيوم القائم بالأمر وكذلك القيم ويوم القيامة سميت بذلك لقيام الناس فيها وإقامة الصلاة إتمامها والإقامة في الصلاة معروفة قوله: "لقينهم" أي الصائغ وقوله: "قينه" أي جارية تغني وقوله: "تقين" أي تمشط وتزين وتجلي على زوجها قوله: {وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ} أي السائرين في القي وهو القفر والأرض الملساء والأرض القفر الخالية وأقوت الدار خلت من أهلها

(1/177)


حرف الكاف
"فصل ك ا" قوله: "كآبه" أي حزن
"فصل ك ب" قوله: "كبه الله" أي ألقاه يقال في اللازم أكب وفي المتعدى كب تقول أكب عليه ومنه أكببنا على الغنائم وقد تكلم عليه المصنف قوله: "كبت الكافر" أي صرعه أو خيبه أو أذله أو آخزاه ومنه كبتوا أي أخزوا قوله: "الكباث" بفتحتين مخففا هو ثمر الأراك وقيل ورقه وغلط قائله قوله: "ونحن ننقل التراب على أكبادنا" كذا في غزوة الخندق بغير خلاف وهو استعارة ويروي في غير هذا الموضع بالتاء الفوقانية والكتد مجمع العنق والصلب ويؤيده رواية مسلم أكتافنا قوله: {فِي كَبَدٍ} أي في شدة خلق وقيل الذي يكابد أموره وقيل خلق منتصبا غير منحن قوله: "في حفر الخندق فعرضت لنا كبدة" بكسرالموحدة في رواية القابس والأصيلي وغيرهما أي قطعة من الأرض يشق حفرها لصلابتها ويروي بالنون يعني مكسورة وبالمثناة الفوقية قال القاضي ولا أعرف معناهما وبالياء التحتانية وبتقديم الدال عليها أيضا قوله: "كبد الحوت هو العضو المعروف من كل حيوان قوله: "الله أكبر" قيل معناه الكبير وقيل أكبر من كل شيء فحذف لوضوح المعني قوله: "واشتد وعظم ذلك وكبره" بضم الكاف وبكسرها أيضا ومنه والذي تولي كبره أي معظمه وقيل المراد الإثم الكبير من الكبيرة كالخطء من الخطيئة قوله: "كبر كبر" أي قدم الكبير السن وقال يحيى القطان أي ليلي الكلام الأكبر وفي رواية الكبر الكبر أي قدم السن وفي رواية كبر الكبر أي قدم الأكبر قوله: "على ساعتي هذه من الكبر أي على حالتي من زيادة السن قوله: {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ} أي الملك لأنه يلزم منه العظمة
"فصل ك ت" قوله: "أهل الكتاب" أي المنزل على أحد النبيين موسى أو عيسى قوله: "كتاب معلوم" أي أجل وكتاب الله القرآن وقد يطلق على ما أوجبه ك قوله: "لأقضين بينكما بكتاب الله ومنه وكتبنا عليهم وكتب عليكم القتال قوله: "كتائب وكتيبة" هي الجيوش المجتمعة التي لا تنتشر قوله: "المكتوبة" أي المفروضة قوله: "لأقضين بينكما بكتاب الله" أي بحكمه وكذا كتاب الله القصاص وأقم على كتاب الله وكتاب الله أحق قوله:

(1/177)


المكاتبة وكاتبوهم وكاتب يا سلمان أصله أن السيد يعتق عبدة على مال معلوم يؤديه إليه مقطعا فيكتب بذلك بينهما كتاب قوله: "علي أكتادنا" جمع كتد وهو جمع العنق والصلب وقد تقدم قوله: "ائتونى بكتف" أي جلد كتف الشاة ليكتب فيه قوله: "في مكتل هو الزنبيل والقفة قال ابن وهب المكتل يسع من خمسة عشرة صاعا إلى عشرين قوله: "بالحناء والكتم" هو نبات يصبغ به الشعر يقرب لونه من الدهمة
"فصل ك ث" قوله: "عنده كثيب" أي قطعه من الرمل مستطيلة تشبه الربوة من التراب والجمع كثب بضم المثلثة قوله: "إن أكثبوكم" أي قاربوكم قوله: "فحلب كثبة" بالضم وسكون المثلثة أي قليلا منه جمعه قوله: "من كثب" بفتحتين أي من قرب قوله: "كث اللحية" أي فيها كثافة واستدارة وليست طويلة قوله: "الكوثر" هو نهر صغر في الجنة وقيل القرآن وقيل النبوة وقيل فوعل من الكثرة ومعناه الخير الكثير قوله: "من سأل تكثرا" أي ليجمع الكثير بلا حاجة ومنه ومن ادعى دعوى ليتكثر بها
"فصل ك ح" قوله: "على الأكحل" قال الخليل هو عرق الحياة وقال أبو حاتم هو في اليد وقيل في كل عضو منه شعبة
"فصل ك خ" قوله: "كخ كخ" كلمة زجر للصبي عما يريد فعله يقال بفتح الكاف وكسرها وسكون الخاءين وكسرهما وبالتنوين مع الكسر وبغير التنوين قيل هي كلمة أعجمية عربتها العرب
"فصل ك د" قوله: "كداء بالمدينة" مفتوح الكاف وكدى بالقصر مضموم الكاف جبلان وقرب مكة الأعلى الممدود والأسفل المقصور ويقال في المقصور بصيغة التصغير والأصح أن الذي بصيغة التصغير موضع آخر من جهة اليمن قوله: "يكدحون" أي يكتسبون قوله: "ليس من كدك" أي تعبك قوله: "الكديد" بفتح الكاف هو ما بين عسفان وقديد على اثنين وأربعين ميلا من مكة قوله: "انكدرت" أي انتشرت قوله: "الكدرة" بالضملون يقرب من السواد قوله: "مكدوس" بالمهملة أي مطروح قوله: "يكدم الأرض" أي يعضها قوله: "أكدي" أي قطع عطاءه قوله: "كدية" أي قطعة غليظة
"فصل ك ذ" قوله: "فإن كذبني" بالتخفيف أي أخبرني بالكذب قوله: "أن أكون مكذبا" بالفتح أي يكذبني الناس ويروي بالكسر أي يكذب قولي عملي وقد يطلق الكذب على الخطأ قوله: "فكذاك وكذاك حتي أهل مكة من مكة الإشارة إلي من يسكن بين الميقات والحرم
"فصل ك ر" قوله: "وأكرب أباه" أي غمه ومنه فكرب لذلك قوله: "فكر الناس عنه" أي رجعوا قوله: "اية الكرسي " أي الله لا إله إلا هو الحي القيوم إلي قوله: "العلى العظيم قوله: "الكرسف " أي القطن قوله: "كرشى" بكسر الراء وبالشين المعجمة أي جماعتي وموضع ثقتي ويطلق الكرش على الجماعة من الناس قوله: "كرعنا " أي شربنا بأفواهنا قوله: "لو دعيت إلى كراع قيل المراد اسم مكان وهو كل أنف سائل من جبل أو حرة وقيل المراد العضو والجمع أكارع وهو لذوات الظلف خاصة قوله: "الدواب والكراع وقوله: "هلك الكراع هو اسم لجميع الخيل قوله: "تكركر حبات من شعير " أي تطحنها قوله: "يقاتلون خوزا وكرمان"

(1/178)


أي أهلها وأحرم من كرمان هي بلد معروف من بلاد العجم بكسر الكاف وفتحها قوله: "الكرم" قيل سمت العرب شجرة الخمر كرما لأن الخمر كانت تحملهم على الكرم والكرم والكريم بمعنى وصف بالمصدر فنهى الشرع عن تسمية العنب كرما لأنه مدح لما حرم الله وقيل سميت كرما لكرم ثمرتها وظلها وكثرة حملها وطيبها وسهولة جناها قوله: "الكريم بن الكريم " أي الذي جمع كثرة الخير قوله: "كرائم أموالهم " أي نفائسها قوله: "قال لكريه " أي الذي اكتري منه قوله: "رجل كريه المرآة " أي قبيح المنظر قوله: "الكرى" مقصور النوم ويطلق على النعاس قوله: "الكراء" بالمد هو الأجرة
"فصل ك س" قوله: "تكسب المعدوم" أشهر الروايات فيه فتح أوله أي تكسيه لنفسك وكني عن العزيز الوجود بالمعدوم وقيل تكسيه غيرك يقال كسب مالا وكسب غيره مالا لازما ومتعديا وأجاز بن الأعرابي أكسب بالهمزة وأنكره القزاز ويدل على الجواز قوله: "فأكسبني مالا وأكسبته" حمدا قوله: "نهى عن كسب الإماء" هو أجورهن على البغاء قوله: "كست أظفار " أي قسط أظفار يقال بالكاف والقاف وبالطاء والتاء قوله: "فلم يكسره لهم " أي لم يمكنهم من أخذ جميع الحائط قوله: "كسع أنصاريا قال المصنف الكسع هو أن يضرب بيده على شيء أو برجله ويكون أيضا إذا رماه بسوء وقال الخليل أن يضرب بيده ورجله دبر إنسان قوله: "كسفت الشمس " أي ستر ضوءها قوله: "كسفا " أي قطعا قاله بن عباس قوله: "يكسل " بضم أوله من الرباعي وبفتحه من الثلاثي أي جامع فلم ينزل وأصل الكسل ترك العمل لعدم الإرداة فإن كان لعدم القدرة فهو العجز قوله: "كاسية في الدنيا " أي مكتسية
"فصل ك ش" قوله: "أنا لنكشر في وجوه قوم" بكسرالشين الكشر ظهور الأسنان عند التبسم قوله: "فيكشط السحاب " أي يفزق والكشط والقشط سواء يقال كشطت وقشطت قوله: "انكشفوا عنه " أي انهزموا
"فصل ك ظ" قوله: "وهو كظيظ" بوزن عظيم أي ممتلئ يقال كظ الوادي أي امتلأ قوله: "كظامة قوم " أي سقاية أو كناسة قوله: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} أي الكاتمين" يقال كظم الغيظ أي احتمله وصبر عليه أي حبسه ومنه في التثاؤب فليكظم ما استطاع قوله: "مكظوم " أي مغموم
"فصل ك ع" قوله: "كواعب" جمع كاعب وهي الناهد قوله: "تكعكعت " أي نكصت أي رجعت وراءك
"فصل ك ف" قوله: "أكفاء تتكافأ دماؤهم " أي يتساوون في القصاص والكفء بالضم وبالكسر مع المد والقصر المثل قوله: "يتكفؤها الجبار " أي يقلبها ويميلها وقيل يضمها قوله: "فانكفأت إلى امرأتي " أي رجعت ومنه انكفأت إليهن قوله: "تكفأ" بتشديد الفاء أي تمايل إلى قدام قوله: "اكفتوا صبيانكم " أي ضموهم ومنه قوله: "ولا نكفت شعرا قوله: "كفاتا " أي ذات كفت أي ضم وجمع قوله: "يكفرن العشير " أي يجحدن إحسانه قوله: "كافور" هو الطيب المعروف ويطلق على الوعاء قال بعضهم وعاء كل شيء كافوره وكفراه ويقال العنب إذا خرج كافور وكفري قوله: "الكفري " بضم الكاف وفتح الفاء وبضمهما معا وتشديد الراء مقصور

(1/179)


هو وعاء الطلع قاله الأصمعي ورجحه القالي وقال الخطابي هو الطلع بما فيه وقال الفراء هو الطلع حين ينشق ويؤيده قوله: في الحديث قشر الكفري قوله: "غير مكفي ولا مكفور " أي غير مجحود قوله: "كفارة اليمين" قال الراغب الكفارة ما يعطي الحانث في اليمن واستعملت في كفارة القتل والظهار وهي من التكفير وهو ستر الفعل وتغطيته فيصير بمنزلة ما لم يعلم قال ويصح أن يكون أصله إزالة الكفر نحو التمريض في إزالة المرض وأصل الكفر الستر وتكفر الرجل بالسلاح إذا استتر به قوله: "يتكففون الناس " أي يسألونهم ليعطوهم في الأكف قوله: "كفاف " أي سواء قوله: "كفة واحدة " أي ملء كفة من الماء قوله: "كفى رأسك " أي اجمعي أطرافه قوله: "فكف " أي ترك قوله: "كفيل " أي ضمين والجمع كفلاء ومنه الكفالة وتكفل الله وكفلهم عشائرهم قوله: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} أي ضمها ومنه فقال أكفلنيها أي ضمها إلى وكله بمعنى الضم وليس من كفالة الديون قوله: "كفل" أي نصيب وقال أبو موسى كفلين من رحمته أي أجرين بلسان الحبشة قوله: "الكفن هو ما يلبسه الميت
"فصل ك ل" قوله: "الكلأ" مهموز بغير مد هو المرعى رطبا ويابسا قوله: "كلاب وكلوب " أي خطاف والجمع كلاليب قوله: "عبس " أي كلح الكلح بفتح اللام تقلص الشفتين وقال في موضع آخر كالحون عابسون قوله: "أكلفوا" من العمل يقال كلفت بالشيء إذا أولعت به قوله: "تحمل الكل " أي من لا يقدر على العمل والكسب وقال المصنف الكل العيال وهو أحد معانيه ويطلق على الواحد والجمع والذكر والأنثى وأصله من الكلال وهو الإعياء ثم استعمل في كل أمر ضائع أو أمر مثقل ومنه قوله: "من ترك كلا " أي عيالا أو دينا قوله: "كلالة" قال المصنف هو من لم يرثه أب ولا بن وهو مصدر من تكلله النسب وقوله: "تكلله النسب " أي عطف عليه وأحاط به وزاد غيره من لم يرث والدا ولا ولدا قوله: "الإكليل" هو التاج وأكاليل الوجه الجبين وما يحيط به وهو موضع الإكليل قوله: "كلا" كلمة زجر وتأتي بمعنى لا والله قوله: "يكلم في سبيل الله " أي يجرح ويداوى الكلمى أي الجرحى والكلم الجرح قوله: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} أي قوله: "كن قوله: {إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} هي كلمة التوحيد قوله: "بكلمة الله " أي بأمر الله قوله: "بكلمات الله التامة قيل معناه كلامه وقيل علمه
"فصل ك م" قوله: "الكمأة" بفتح أوله وثالثه وسكون ثانيه مهموز ويجوز حذف الألف وخطيء من أثبتها مسهلة هو معروف من نبات الأرض والعرب تسمية جدري الأرض فسماه الشارع منا أي طعاما بغير عمل كالمن الذي أنزل على بني إسرائيل قوله: "فكمنا فيه " أي اختفينا قوله: "الأكمه" من يولد أعمى وقال مجاهد الذي يبصر بالنهار لا بالليل وهو انتقال من تفسير الأعشى إلى تفسير الأكمه والكمه العمى
"فصل ك ن" قوله: "هذا كنزك" وتكرر ذكر الكنز وهو ما يودع في الأرض من الأموال والمراد به هنا ما يدخر ولا يؤدي الحق منه قوله: "الكنود الكفور " أي الجحود قوله: "كنز من كنوز الجنة " أي أجر قائلها مدخر كالكنز قوله: "كنس كما يكنس الطبي " أي تغيب واستتر قوله: "ما كشفت كنف أنثى " أي ثوبها الذي يسترها وكنى هنا بذلك عن الجماع ومنه قول المرأة لم يكشف لنا كنفا قوله: "فتكنفه الناس " أي أحاطوا به

(1/180)


وتكرر قوله: "بين أكنافكم " أي جوانبكم قوله: "فيضع عليه كنفه" بفتح أوله أي يستره فلا يفضحه قوله: "الكنيف" بفتح أوله هو الخلاء قوله: "كنانته " أي ما يضع فيها سهامه سميت بذلك لأنها تكنها أي تحفظها ومنه قول عمر أكن الناس من المطر أي أصنع لهم كنا قال المصنف اكنة وأحدها كنان وأكنان وأحدها كن مثل حمل وأحمال يقال كننت الشيد أخفيته قوله: "يتعاهد كنته" بفتح أوله أي امرأة ابنه أو امرأة أخيه
"فصل ك ه" قوله: "الكهف" قال مجاهد الجبل قوله: "وكهلا" قال مجاهد هو الحليم وقال غيره هو الذي بين الرجولية والشيخوخة قوله: "على كاهله " أي ما بين كتفيه وقيل مقدم أعلى الظهر وهو الثلث الأعلى فيه قوله: "الكهان" جمع كاهن وهو الذي يتعاطى الأخبار عن الكائنات في مستقبل الزمان
"فصل ك و" قوله: "الكوب" قال البخاري ما لا أذن له ولا عروة وقال أيضا الأكواب الأباريق التي لا خرطوم لها وقال غيره الأكواب ما كان مستديرا لا عروة له وقيل غير ذلك قوله: "مثل الكوة" هي الطاقة بالفتح إذا كانت غير نافذة وبالضم إذا كانت نافذة قوله: "كورت تكور حتي يذهب ضوؤها قوله: "يكوران يوم القيامة " أي يذهب نورهما وضياؤهما وقيل يرمي بهما قوله: "كيزانه عدد نجوم السماء" جمع كوز ويجمع على أكواز قوله: "الكوفة" هي مشهورة من بلاد العراق قوله إن الشيطان لا يتكونني أي لا يتمثل بي
"فصل ك ي" قوله: "كيت وكيت" هذا اللفظ مبني علي الفتح وهو كناية عن الأحوال والأفعال تقول فعلت كيت وكيت وكان من الأمر كيت وكيت فإن كان من الأقوال تقول قلت ذيت وذيت قوله: "من كاد أهل المدينة وقوله يكادان به" من الكيد والمكيدة وهو اعتقاد فعل السوء وتدبيره بهما قوله: "كادوا" يقال كاد الشيء بمعني قرب قوله: "وهو يكيد بنفسه " أي يسوق كأنه من كاد إذا قارب قوله: "كما ينفي الكير خبث الحديد"الكير معروف وهو آلة الحداد التي ينفخ بها قوله: "الكيس الكيس " أي الولد يقال كاس إذا ولد كيسا وقال ابن حبان المراد بالكيس هنا الجماع وسبقه إلي ذلك بن الأعرابي وهو كيس مخصوص لأن من أطال الغيبة عن أهله فلما اجتمع جامع كان ذلك من فطنته وقيل المراد هنا الجماع لطلب الولد والنسل وهي فطنة فاعله لامتثاله السنة قوله: "غلام كيس" بالتثقيل والتخفيف أي فطن والكيس هنا ضد العجز فيكون بالتخفيف فقط قوله: "من كيس أبي هريرة" بكسر أوله أي مما عنده من العلم المقتني في قلبه" ويروى بفتح أوله أي من فقهه وفطنته قوله: "كيل بعير " أي ما يحمل بعير قوله: "إذا بعت فكل" أمر بالكيل

(1/181)


حرف اللام
"فصل ل ا"
قوله: "كأنهم اللؤلؤ" قيل هو كبار الدر وقيل اسم جامع لجنس الدر وقوله: "يتلألأ " أي يشرق قوله: "نرهنك اللأمة" هي الدرع وتستعمل في جميع السلاح ومنه ويستلئم للقتال قال الأصمعي معناه يلبس سلاحه التام قوله: "ولأم بينهما " أي ضم بعضهما إلى بعض
"فصل ل ب" قوله: "لبيك" معناه إجابة لك بعد إجابة كما قال حنانيك ونصب على المصدر قال الحربي:

(1/181)


الألباب القرب وقيل الطاعه وقيل الخضوع وقيل الاتجاه والقصد وقيل المحبة وقيل الإخلاص قوله: "فلببته بردائه " أي جمع عليه ثوبه عند صدره في لبته وهو بالتشديد والتخفيف واللبة بالفتح والتشديد المنحر قوله: "لذي لب " بضم اللام أي عقل والجمع ألباب وجمع اللبيب ألباء بكسر اللام والتشديد والمد قوله: "استلبث الوحي " أي أبطأ نزوله كذا في المشارق وقال في النهاية هو استفعل من اللبث وهو الإبطاء والتأخير ولم يتعرضا لمعنى السين هنا وقال شيخنا في القاموس استلبثه استبطأه وهذا على القياس ولكن مقتضاه أن يقرأ الوحي بالنصب وقد قيل إنه ضبط في بعض نسخ البخاري كذلك فيحتمل أن معنى الرواية المشهورة تأخر عامدا مثل استأخر قوله: "من لبد شعره والتلبيد وملبدا" هو جمع الشعر في الرأس بما يلصقه وقوله: "كساء ملبد " أي مشطت حتى صارت كاللبد وقيل معناه مرقعا قوله: {كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} أي أعوانا وقيل لبدا أي كثيرا قوله: "لبيس " أي ملبوس قوله: "لبوس لكم " أي الدروع قوله: "وللبسنا" قال ابن عباس رضي الله عنه أي لشبهنا وقال غيره أي خلط عليهم وقال يلبسكم من الالتباس أي الاختلاط قوله: "يتلبط " أي يتقلب في الأرض قوله: "لبنة وموضع اللبنة" جمعه لبن بكسر الموحدة معروف وهو الطين يعجن ثم يجفف ويبنى به فإذا أحرق فهو الآجر ومنه لبن المسجد وقوله: "على لبنتين" ومنه قوله: "لبنتها" بالكسر كالأول وبالسكون من ديباج أي رقعة في الجيب قوله: "عندي عناق لبن" بفتح الموحدة أي ملبونة تطعم اللبن قوله: "بنت لبون" معروف من أسنان الإبل ما دخل في الثالثة قوله: "التلبينة" هي حساء كالحريرة يتخذ من دقيق أو من نخالة سميت بذلك لشببها باللبن في البياض
"فصل ل ت" قوله: "اللات والعزى" قال ابن عباس رضي الله عنه كان اللات رجلا يلت السويق للحاج كأنه كان في الأصل مثقلا ثم خفف
"فصل ل ث" قوله: "لثق المسافر" بكسر الثاء أي وقع في ماء وطين
"فصل ل ج" قوله: "الجأت ظهري " أي أسندت ومنه ولا ملجأ قوله: "من استلج في يمينه من اللجاج وهو التمادي في الأمر قوله: "أن للمسجد للجة" بفتح اللامين مثقل أي اختلاط الأصوات قوله: "يلجمهم العرق " أي يصل إلى أفواههم حتى يصير موضع اللجام من الدابة
"فصل ل ح" قوله: "ألحت " أي تمادت علي فعلها قوله: "اللحد" سمي لحدا لأنه في ناحية وقوله: "ملتحدا " أي معدلا وإذا كان مستقيما يقال له الضريح قوله: "لحاف" هو الذي يتغطى به قوله: "ألحف " أي بالغ في الطلب قوله: "اللحيف" بالضموالمهملة مصغرا اسم فرس النبي صلى الله عليه وسلم ويقال بالخاء المعجمة قال الواقدي سمي اللحيف لأنه كالملتحف بمعرفته ويقال شبه بلحف جبل ثم صغر قوله: "ألحن بحجته " أي أفطن بها وأقوم واللحن مشترك بين الخطأ والفطنة وقيل إنما يقال في الفطنة بالتحريك قوله: "ما بين لحييه" قيل لسانه وقيل بطنه واللحي بفتح اللام وكسرها العظم الذي تنبت عليه اللحية من الإنسان قوله: "تلاحى رجلان " أي تخاصما والملاحاة الخصومة والسباب أيضا والاسم اللحاء مكسور ممدود قوله: "لحى جمل" يقال بكسر اللام وبفتحها هو موضع على سبعة أميال من المدينة قال ابن وضاح هو عقبة الجحفة وفي رواية لحي جمل بالتثنية

(1/182)


"فصل ل د" قوله: "الألد الخصم" هو الدائم الخصومة والاسم اللدد مأخوذ من لديدي الوادي وهما جانباه قوله: "لا تلدوني" وقوله: "إلا لد" وقوله: "يلد به من ذات الجنب" ولددناه اللدود بفتح اللام الدواء الذي يصب من أحد جانبي فم المريض وهما لديداه ولددت فعلت ذلك بالمريض قوله: "لدا " أي عوجا ألد أعوج قوله: "لدغ يقال لدغته العقرب " أي ضربته بذنبها وأما لذعته نار فبالعين المهملة والذال المعجمة
"فصل ل ذ" قوله: "إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ " أي بالجماع وأنواعه
"فصل ل ز" قوله: "لازب " أي لازم قوله: "ألزقته ضممته إليه قوله: "اللزام " أي فصل القضية وفسره في الحديث بيوم بدر وقوله: "فيلتزمه " أي يضمه
"فصل ل ص" قوله: "ملصقا في قريش " أي لست من أنفسهم
"فصل ل ط" قوله: "اللطخ بالتحريك " أي التهمة قوله: "اللطف بالتحريك أيضا " أي البر والرفق لطم الخدود أي ضربها
"فصل ل ظ" قوله: {نَاراً تَلَظَّى} أي توهج وقيل تلتهب ولظى من أسماء جهنم
"فصل ل ع" قوله: "تلاعبها وتلاعبك" قيل هو من اللعب وقيل من اللعاب بكسر اللام وتدل عليه الرواية الأخرى أين أنت من العذارى ولعابها ورواه الكشميهني بضم اللام فيرجع إلى المعنى الأول ويشير الثاني إلى مص ريقها وارتشافه قوله: "رجل لعاب " أي مزاح بصيغة مبالغة من اللعب قوله: "اللعن والالتعان" من القذف الشرعي وهو معروف وأصل اللعن البعد واللعين المطرود
"فصل ل غ" قوله: "فلغبوا " أي تعبوا ومنه قوله: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} قال هو النصب قوله: "لغاديده "هو ما تعلق من لحم اللحيين وقيل هي لحمة في باطن الأذنين من داخل قوله: "فكثر عنده اللغط" هو الكلام الذي لا يفهم ومنه ولغط نسوة قوله: "أكثروا اللغو" وقوله: "فقد لغا وقوله: "لاغية" وقوله: "فقد لغوت" أصل اللغو ما لا محصول له من الكلام ولغو اليمين ما لا كفارة فيه وفسر المصنف اللغو بالباطل
"فصل ل ف" قوله: "لفحتك النار " أي أثرت فيك قوله: "لفظته الأرض " أي طرحته قوله: "متلفعات بمروطهن " أي متلففات والتلفع يستعمل في الالتحاف مع تغطية الرأس وقد يجيء بمعنى تغطية الرأس فقط قوله: "إذا أكل لف " أي جمع قوله: "ألفافا " أي مجتمعة فص ل ق قوله: "لقحة" وقوله: "بلقاح اللقحة" بكسراللام ويقال بفتحها ذوات الألبان من الإبل قال ثعلب هي بعد ثلاثة أشهر من إنتاجها لبون وجاءت في الحديث في البقر والغنم ونوق لواقح أي حاملات الأجنة وقول المصنف لواقح ملاقح هي أحد الأقوال بمعني ملقحة أو ذوات لقح أي تلقح الشجر والنبات وتأتي بالسحاب وقيل لواقح حاملات للسحاب كما تحمل الناقة قوله: "لقست نفسي " أي خبثت وقيل ساءت خلقا قوله: "اللقطة " بضم اللام وفتح القاف ومنه ولا تحل لقطتها والالتقاط أخذ الشيء الموجود على غير طلب قوله: "تلقف " أي تلقم قوله: "ما لم يكن نقع أو لقلقة" فسر المصنف وغيره اللقلقة بالصوت واللقلقة حكاية الأصوات =

2.

: مجلد 2.فتح الباري أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى : 852هـ)
 باب { أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت ـ إلى قوله ـ و نحن له مسلمون }
...
14 - باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} إلى قوله {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [133 البقرة]
3374- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أَكْرَمُهُمْ أَتْقَاهُمْ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا".
قوله: "باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ} الآية" أورد فيه حديث أبي هريرة "أكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله" الحديث، ومناسبته لهذه الترجمة من جهة موافقة الحديث الآية في سياق نسب يوسف عليه السلام، فإن الآية تضمنت أن يعقوب خاطب أولاده عند موته محرضا لهم على الثبات على الإسلام. وقال له أولاده إنهم يعبدون إلهه وإله آبائه إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، ومن جملة أولاد يعقوب يوسف عليهم السلام، فنص الحديث على نسب يوسف وأنه ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم وزاد أن الأربعة أنبياء في نسق. قوله: "حدثنا إسحاق بن إبراهيم" هو ابن راهويه الإمام المشهور. قوله: "سمع المعتمر" أي أنه سمع المعتمر وهم يحذفون "أنه" خطا كما يحذفون قال خطا ولا بد من ثبوتهما لفظا. وعبيد الله هو ابن عمر العمري. قوله: "أكرمهم أتقاهم" هو موافق لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. قوله: "قالوا يا نبي الله ليس عن هذا نسألك، قال: فأكرم الناس يوسف " الجواب الأول من جهة الشرف بالأعمال الصالحة، والثاني من جهة الشرف بالنسب الصالح. قوله: "أفعن معادن العرب؟" أي أصولهم التي ينسبون إليها ويتفاخرون بها، وإنما جعلت معادن لما فيها من الاستعداد المتفاوت، أو شبههم بالمعادن لكونهم أوعية الشرف كما أن المعادن أوعية للجواهر. قوله:

(6/414)


باب { و لوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة و أنتم تبصرون ، أإنكم لتأتوم الرجال شهوة من دون النساء ، با أنتم قوم تجهلون . فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون . فأنجي
...
15 - باب {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ . أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ . فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ . فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنْ الْغَابِرِينَ . وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ } [84-88 النمل]
3375- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَغْفِرُ اللَّهُ لِلُوطٍ إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ".
قوله: "باب: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} إلى قوله: {فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ}" يقال إنه لوط بن هاران بن تارخ وهو ابن أخي إبراهيم عليه السلام، وقد قص الله تعالى قصته مع قومه في الأعراف وهود والشعراء والنمل والصافات وغيرها وحاصلها أنهم ابتدعوا وطء الذكور فدعاهم لوط إلى التوحيد إلى الإقلاع عن الفاحشة فأصروا على الامتناع، ولم يتفق أن يساعده منهم أحد، وكانت مدائنهم تسمى سدوم وهي بغور زغر من البلاد الشامية، فلما أراد الله إهلاكهم بعث جبريل وميكائيل وإسرافيل إلى إبراهيم فاستضافوه فكان ما قص الله في سورة هود، ثم توجهوا إلى لوط فاستضافوه فخاف عليهم من قومه وأراد أن يخفي عليهم خبرهم فنمت عليهم امرأته فجاءوا إليه وعاتبوه على كتمانه أمرهم وظنوا أنهم ظفروا بهم، فأهلكهم الله على يد جبريل فقلب مدائنهم بعد أن خرج عنهم لوط بأهل بيته، إلا امرأته فإنها تأخرت مع قومها أو خرجت مع لوط فأدركها العذاب، فقلب جبريل المدائن بطرف جناحه فصار عاليها سافلها وصار مكانها بحيرة منتنة لا ينتفع بمائها ولا بشيء مما حولها. قوله: "يغفر الله للوط إن كان ليأوي إلى ركن شديد" أي إلى الله سبحانه وتعالى، ويشير صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} ويقال إن قوم لوط لم يكن فيهم أحد يجتمع معه في نسبه لأنهم من سدوم وهي من الشام وكان أصل إبراهيم ولوط من العراق، فلما هاجر إبراهيم إلى الشام هاجر معه لوط، فبعث الله لوطا إلى أهل سدوم فقال: لو أن لي منعة وأقارب وعشيرة لكنت أستنصر بهم عليكم ليدفعوا عن ضيفاني، ولهذا جاء في بعض طرق هذا الحديث كما أخرجه أحمد من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال لوط: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد، قال فإنه كان يأوي إلى ركن شديد ولكنه عنى عشرته فما بعث الله نبيا إلاَّ

(6/415)


في ذروة من قومه" زاد ابن مردويه من هذا الوجه "ألم تر إلى قول شعيب: {وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ}" وقيل معنى قوله: "لقد كان يأوي إلى ركن شديد" أي إلى عشيرته، لكنه لم يأو إليهم وأوى إلى الله انتهى. والأول أظهر لما بيناه. وقال النووي: يجوز أنه لما اندهش بحال الأضياف قال ذلك، أو أنه التجأ إلى الله في باطنه وأظهر هذا القول للأضياف اعتذارا، وسمى العشيرة ركنا لأن الركن يستند إليه ويمتنع به فشبههم بالركن من الجبل لشدتهم ومنعتهم، وسيأتي في الباب الذي بعده تفسير الركن بلفظ آخر.

(6/416)


16 - باب {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [62 الحجر]،
{بِرُكْنِهِ}: بِمَنْ مَعَهُ لِأَنَّهُمْ قُوَّتُهُ. {تَرْكَنُوا}: تَمِيلُوا. فَأَنْكَرَهُمْ ونَكِرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ. {يُهْرَعُونَ}: يُسْرِعُونَ. {دَابِرٌ}: آخِرٌ. {صَيْحَةٌ}: هَلَكَةٌ. {لِلْمُتَوَسِّمِينَ}: لِلنَّاظِرِينَ. {لَبِسَبِيلٍ}: لَبِطَرِيقٍ.
3376- حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.
قوله: "باب {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ}" أي أنكرهم لوط. قوله: "بركنه بمن معه لأنهم قوته" هو تفسير الفراء. وقال أبو عبيدة: فتولى بركنه وبجانبه سواء، إنما يعني ناحيته. وقال في قوله: {أوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} أي عشيرة عزيزة منيعة. كذا أورد المصنف هذه الجملة في قصة لوط، وهو وهم فإنها من قصة موسى والضمير لفرعون، والسبب في ذلك أن ذلك وقع تلو قصة لوط حيث قال تعالى في آخر قصة لوط {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} ثم قال عقب ذلك {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} أو ذكره استطرادا لقوله في قصة لوط {أوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}. قوله: "تركنوا: تميلوا" قال أبو عبيدة في قوله: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} لا تعدلوا إليهم ولا تميلوا، تقول: ركنت إلى قولك أي أحببته وقبلته، وهذه الآية لا تتعلق بقصة لوط أصلا. ثم ظهر لي أنه ذكر هذه اللفظة من أجل مادة "ركن" بدليل إيراده، الكلمة الأخرى وهي "ولا تركنوا". قوله: "فأنكرهم ونكرهم واستنكرهم واحد" قال أبو عبيدة: نكرهم وأنكرهم واحد وكذلك استنكرهم، وهذا الإنكار من إبراهيم غير الإنكار من لوط، لأن إبراهيم أنكرهم لما لم يأكلوا من طعامه، وأما لوط فأنكرهم لما لم يبالوا بمجيء قومه إليهم، ولكن لها تعلق مع كونها لإبراهيم بقصة لوط. قوله: "يهرعون: يسرعون" قال أبو عبيدة: يهرعون إليه أي يستحثون إليه، قال الشاعر بمعجلات نحوهم نهارع أي نسارع. وقيل معناه يزعجون مع الإسراع. قوله: "دابر: آخر" قال أبو عبيدة في تفسير قوله: {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ} أي آخرهم. قوله: "صيحة: هلكة" هو تفسير قوله: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} ولم أعرف وجه دخوله هنا، لكن لعله أشار إلى قوله: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} فإنها تتعلق بقوم لوط. قوله: "للمتوسمين: للناظرين" قال الفراء في قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} أي للمتفكرين، ويقال للناظرين المتفرسين. وقال أبو عبيدة أي المتبصرين المتثبتين. قوله: "لبسبيل: لبطريق" هو تفسير أبي عبيدة؛ والضمير في قوله: {إِنَّهَا} يعود على مدائن قوم لوط، وقيل يعود على الآيات. "تنبيهان": أحدهما هذه التفاسير وقعت في رواية المستملي وحده. "ثانيهما": أورد المصنف عقب هذا قصة ثمود وصالح، وقد قدمتها في مكانها عقب قصة عاد وهود، وكأن السبب في إيرادها أنه لما أورد التفاسير من سورة الحجر كان آخرها قوله: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ، إِنَّ

(6/416)


فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} {وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ} {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} إلخ" فجاءت قصة ثمود وهم أصحاب الحجر في هذه السورة تالية لقصة قوم لوط وتخلل بينهما قصة أصحاب الأيكة مختصرة فأوردها من أوردها على ذلك، وقد قدمت الاعتذار على ذلك فيما مضى.

(6/417)


18 – باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} [133 البقرة]
3382- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمْ السَّلاَم".
[الحديث 3382 – طرفاه في: 3390، 4688]
قوله: "باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ}" كذا ثبت هذه الترجمة هنا وهي مكررة كما سبق قريبا، والصواب أن حديثها تلو حديث الباب الذي يليها وهي من قصة يوسف عليه السلام، وقوله: "أخبرنا عبد الصمد" هو ابن عبد الوارث. قوله: "يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم" وفي رواية الطبراني من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه "يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله" وله من حديث ابن عباس "قالوا يا رسول الله من السيد؟ قال: يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله، قالوا: فما في أمتك سيد؟ قال رجل أعطي مالا حلالا ورزق سماحة" وإسناده ضعيف.

(6/417)


باب قول الله تعالى { لقد كان في يوسف و إخوته آيات للسائلين }
...
19 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [7 يوسف]: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ}
3383- حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي النَّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا".
أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا.
3384- حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: "مُرِي أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَالَتْ إِنَّهُ رَجُلٌ أَسِيفٌ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ رَقَّ فَعَادَ فَعَادَتْ قَالَ شُعْبَةُ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ ...".
3385- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ يَحْيَى الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي

(6/417)


باب قول الله تعالى { و أيوب إذ نادى ربه أني مسنى الضر و أنت أرحم الراحمين }
...
20 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [83 الأنبياء]: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}. {ارْكُضْ}: اضْرِبْ. { يَرْكُضُونَ} : يَعْدُونَ.
3391- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى قَالَ بَلَى يَا رَبِّ وَلَكِنْ لاَ غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ".
قوله: "باب قول الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ} الآية" يقال هو أيوب بن ساري بن رغوال بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم، وقيل: اسم أبيه موص والباقي سواء، وقيل: موص بن رزاح بن عيص، وقيل: أيوب بن رزاح بن موص بن عيصو، ومنهم من زاد بين موص وعيص ليقرن، وزعم بعض المتأخرين أنه من ذرية روم بن عيص ولا يثبت ذلك، وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط عليه السلام وأن أباه كان ممن آمن بإبراهيم وعلى هذا فكان قبل موسى. وقال ابن إسحاق: الصحيح أنه كان من بني إسرائيل ولم يصح في نسبة شيء إلا أن اسم أبيه امص والله أعلم. وقال الطبري: كان بعد شعيب. وقال ابن أبي خيثمة: كان بعد سليمان، وكان عيصو تزوج بشمت بنت عمه إسماعيل فرزق منها رغوال وهو بغين معجمة. قوله: "اركض: اضرب، يركضون: يعدون" روى ابن جرير من طريق شعبة عن قتادة في قوله: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} قال: ضرب برجله الأرض فإذا عينان تنبعان فشرب من إحداهما واغتسل من الأخرى. وقال الفراء في قوله تعالى: {إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ} أي يهربون. وأخرج الطبري من طريق مجاهد في قوله: {لا تَرْكُضُوا} أي لا تفروا. قوله: "بينا أيوب" أصل "بينا" بين أشبعت الفتحة، ويغتسل خبر المبتدأ والجملة في محل الجر بإضافة بين إليه والعامل "خر عليه" أو هو مقدر وخر مفسر له، ووقع عند أحمد وابن حبان من طريق بشير بن نهيك عن أبي هريرة "لما عافى الله أيوب أمطر عليه جرادا من ذهب". قوله: "عريانا" تقدم القول فيه في كتاب الغسل. قوله: "خر عليه" أي سقط عليه، وقوله: "رجل جراد" أي جماعة جراد، والجراد اسم جمع واحده جرادة كتمر وتمرة، وحكى ابن سيده أنه يقال للذكر جراد وللأنثى جرادة. قوله: "يحثي" بالمثلثة أي يأخذ بيديه جميعا. وفي رواية بشير بن نهيك "يلتقط". قوله: "في ثوبه" في حديث ابن عباس عند ابن أبي

(6/420)


حاتم "فجعل أيوب ينشر طرف ثوبه فيأخذ الجراد فيجعله فيه فكلما امتلأت ناحية نشر ناحية". قوله: "فناداه ربه" يحتمل أن يكون بواسطة أو بإلهام، ويحتمل أن يكون بغير واسطة. قوله: "قال بلى" أي أغنيتني. قوله: "ولكن لا غنى لي" بالقصر بغير تنوين وخبر لا قوله لي أو قوله عن بركتك. وفي رواية بشير بن نهيك "فقال ومن يشبع من رحمتك" أو قال: "من فضلك". وفي الحديث جواز الحرص على الاستكثار من الحلال في حق من وثق من نفسه بالشكر عليه، وفيه تسمية المال الذي يكون من هذه الجهة بركة، وفيه فضل الغني الشاكر، وسيأتي بقية مباحث هذه الخصلة الأخيرة في الرقاق إن شاء الله تعالى. واستنبط منه الخطابي جواز أخذ النثار في الأملاك، وتعقبه ابن التين فقال: هو شيء خص الله به نبيه أيوب، وهو بخلاف النثار فإنه من فعل الآدمي فيكره لما فيه من السرف، ورد عليه بأنه أذن فيه من قبل الشارع إن ثبت الخبر، ويستأنس فيه بهذه القصة والله أعلم. "تنبيه": لم يثبت عند البخاري في قصة أيوب شيء، فاكتفى بهذا الحديث الذي على شرطه. وأصح ما ورد في قصته ما أخرجه ابن أبي حاتم وابن جريج وصححه ابن حبان والحاكم من طريق نافع بن يزيد عن عقيل عن الزهري عن أنس "أن أيوب عليه السلام ابتلي فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه فكانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما للآخر: لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما وإلا لكشف عنه هذا البلاء، فذكره الآخر لأيوب، يعني فحزن ودعا الله حينئذ فخرج لحاجته وأمسكت امرأته بيده فلما فرغ أبطأت عليه، فأوحي الله إليه أن اركض برجلك، فضرب برجله الأرض فنبعت عين فاغتسل منها فرجع صحيحا، فجاءت امرأته فلم تعرفه، فسألته عن أيوب فقال: إني أنا هو، وكان له أندران: أحدهما: للقمح والآخر: للشعير، فبعث الله له سحابة فأفرغت في أندر القمح الذهب حتى فاض، وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض" . وروى ابن أبي حاتم نحوه من حديث ابن عباس وفيه: "فكساه الله حلة من حلل الجنة، فجاءت امرأته فلم تعرفه فقالت: يا عبد الله هل أبصرت المبتلى الذي كان هنا، فلعل الذئاب ذهبت به؟ فقال: ويحك أنا هو" وروى ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عبيد بن عمير نحو حديث أنس، وفي آخره: "قال فسجد وقال: وعزتك لا أرفع رأسي حتى تكشف عني فكشف عنه" وعن الضحاك عن ابن عباس "رد الله على امرأته شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ولدا ذكرا" وذكر وهب بن منبه ومحمد بن إسحاق في "المبتدأ" قصة مطولة جدا وحاصلها أنه كان بحوران، وكان له البثنية سهلها وجبلها، وله أهل ومال كثير وولد، فسلب ذلك كله شيئا فشيئا وهو يصبر ويحتسب، ثم ابتلي في جسده بأنواع من البلاء حتى ألقي خارجا من البلد، فرفضه الناس إلا امرأته، فبلغ من أمرها أنها كانت تخدم بالأجرة وتطعمه إلى أن تجنبها الناس خشية العدوى فباعت إحدى ضفيرتها من بعض بنات الأشراف وكانت طويلة حسنة فاشترت له به طعاما طيبا، فلما أحضرته له حلف أن لا يأكله حتى تخبره من أين لها ذلك، فكشفت عن رأسها، فاشتد حزنه وقال حينئذ: {أنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} فعافاه الله تعالى، وروى ابن أبي حاتم عن مجاهد أن أيوب أول من أصابه الجدري. ومن طريق الحسن أن إبليس أتى امرأته فقال لها: إن أكل أيوب ولم يسم عوفي فعرضت ذلك على أيوب فحلف ليضربنها مائة، فلما عوفي أمره الله أن يأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ فضربها ضربة واحدة، وقيل: بل قعد إبليس على الطريق في صورة طبيب فقال لها: إذا داويته فقال أنت شفيتني قنعت بذلك، فعرضت ذلك عليه فغضب وكان ما كان. وذكر الطبري أن اسمها ليا بنت يعقوب، وقيل: رحمة

(6/421)


بنت يوسف بن يعقوب، وقيل: بنت إفرائيم أو ميشا بن بوسف، وأفاد ابن خالويه أنه يقال لها أم زيد واختلف في مدة بلائه فقيل ثلاث عشرة سنة كما تقدم، وقيل ثلاث سنين وهذا قول وهب، وقيل: سبع سنين وهو عن الحسن وقتادة، وقيل: إن امرأته قالت له: ألا تدعو الله ليعافيك فقال: قد عشت صحيحا سبعين سنة أفلا أصبر سبع سنين؟ والصحيح ما تقدم أنه لبث في بلائه ثلاث عشرة سنة. وروى الطبري أن مدة عمره كانت ثلاثا وتسعين سنة فعلى هذا فيكون عاش بعد أن عوفي عشر سنين، والله أعلم.

(6/422)


باب { و اذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا و كان رسولا نبيا . و ناديناه من جانب الطور الأيمن و قربناه نجيا } كلمه
...
21 - باب [51 مريم]: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا . وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} كَلَّمَهُ {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} يُقَالُ لِلْوَاحِدِ وَللْاثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ نَجِيٌّ وَيُقَالُ خَلَصُوا نَجِيًّا: اعْتَزَلُوا نَجِيًّا، وَالْجَمِيعُ أَنْجِيَةٌ يَتَنَاجَوْنَ. {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} إلى {مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [28 غافر]
3392- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ سَمِعْتُ عُرْوَةَ قَالَ: "قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَدِيجَةَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَانْطَلَقَتْ بِهِ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ وَكَانَ رَجُلًا تَنَصَّرَ يَقْرَأُ الإِنْجِيلَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَقَالَ وَرَقَةُ مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى وَإِنْ أَدْرَكَنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا".
النَّامُوسُ: صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي يُطْلِعُهُ بِمَا يَسْتُرُهُ عَنْ غَيْرِهِ.
قوله: "باب: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} إلى قوله {نَجِيًّا} في رواية أبي ذر "قول الله واذكر إلخ " وليس فيه: "باب" وساق في رواية كريمة إلى قوله: {أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً}. قوله: "يقال للواحد والاثنين" زاد الكشميهني: والجمع نجي "ويقال خلصوا: اعتزلوا نجيا والجمع أنجية، يتناجون" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {خَلَصُوا نَجِيّاً}: أي اعتزلوا نجيا يتناجون، والنجي يقع لفظه على الواحد والجمع أيضا. وقد يجمع فيقال نجي وأنجية، قال لبيد:
وشهدت أنجية الإفاقة عاليا ... كعبي وأرداف الملوك شهود
وموسى: هو ابن عمران بن لاهب بن عازر بن لاوي بن يعقوب عليه السلام لا اختلاف في نسبه، ذكر السدي في تفسيره بأسانيده أن بدء أمر موسى أن فرعون رأى كأن نارا أقبلت من بيت المقدس فأحرقت دور مصر وجميع القبط إلا دور بني إسرائيل، فلما استيقظ جمع الكهنة والسحرة فقالوا: هذا غلام يولد من هؤلاء يكون خراب مصر على يده، فأمر بقتل الغلمان، فلما ولد موسى أوحي الله إلى أمه أن أرضعيه، فإذا خفت عليه فألقيه في اليم، قالوا فكانت ترضعه، فإذا خافت عليه جعلته في تابوت وألقته في البحر وجعلت الحبل عندها، فنسيت الحبل يوما فجرى به النيل حتى وقف على باب فرعون فالتقطه الجواري فأحضروه عند امرأته، ففتحت التابوت فرأته

(6/422)


فأعجبها، فاستوهبته من فرعون فوهبه لها، فربته حتى كان من أمره ما كان. قوله: "تلقف: تلقم" هو تفسير أبي عبيدة قاله في سورة الأعراف. ثم أورد المصنف طرفا من حديث بدء الوحي، وقد تقدم شرحه بتمامه في أول الكتاب، والغرض منه قوله: "الناموس الذي أنزل على موسى". قوله: "الناموس صاحب السر الذي يطلعه بما يستره عن غيره" هو قول المصنف، وقد تقدم قول من خصه بسر الخير.

(6/423)


باب قول الله عز و جل { و هل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا ـ إلى قوله ـ بالوادي المقدس طوى }
...
22 - باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [9-12 طه]: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَاراً} إلى قوله: {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى }. {آنَسْتُ} : أَبْصَرْتُ { نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ} الْآيَةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُقَدَّسُ الْمُبَارَكُ. {طُوًى}: اسْمُ الْوَادِي. {سِيرَتَهَا}: حَالَتَهَا. وَ {النُّهَى}: التُّقَى. {بِمَلْكِنَا}: بِأَمْرِنَا. {هَوَى}: شَقِيَ. {فَارِغًا}: إِلاَّ مِنْ ذِكْرِ مُوسَى. {رِدْءاً}: كَيْ يُصَدِّقَنِي، وَيُقَالُ: مُغِيثًا أَوْ مُعِينًا. {يَبْطُشُ} وَ { يَبْطِشُ}. {يَأْتَمِرُونَ}: يَتَشَاوَرُونَ. وَالْجِذْوَةُ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ مِنْ الْخَشَبِ لَيْسَ فِيهَا لَهَبٌ. {سَنَشُدُّ}: سَنُعِينُكَ، كُلَّمَا عَزَّزْتَ شَيْئًا فَقَدْ جَعَلْتَ لَهُ عَضُدًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلَّمَا لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ فَهِيَ {عُقْدَةٌ}. {أَزْرِي}: ظَهْرِي. {فَيُسْحِتَكُمْ}: فَيُهْلِكَكُمْ. {الْمُثْلَى}: تَأْنِيثُ الأَمْثَلِ، يَقُولُ: بِدِينِكُمْ يُقَالُ خُذْ الْمُثْلَى خُذْ الأَمْثَلَ. {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا}: يُقَالُ هَلْ أَتَيْتَ الصَّفَّ الْيَوْمَ يَعْنِي الْمُصَلَّى الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ . {فَأَوْجَسَ}: أَضْمَرَ خَوْفًا فَذَهَبَتْ الْوَاوُ مِنْ {خِيفَةً} لِكَسْرَةِ الْخَاءِ. {فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}: عَلَى جُذُوعِ. {خَطْبُكَ}: بَالُكَ. {مِسَاسَ}: مَصْدَرُ مَاسَّهُ مِسَاسًا. {لَنَنْسِفَنَّهُ}: لَنُذْرِيَنَّهُ {الضَّحَاءُ}: الْحَرُّ. {قُصِّيهِ}: اتَّبِعِي أَثَرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ أَنْ تَقُصَّ الْكَلاَمَ {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ}. {عَنْ جُنُبٍ}: عَنْ بُعْدٍ، وَعَنْ جَنَابَةٍ وَعَنْ اجْتِنَابٍ وَاحِدٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ: {عَلَى قَدَرٍ}: مَوْعِدٌ. {لاَ تَنِيَا}: لاَ تَضْعُفَا. {يَبَسًا}: يَابِسَا. {مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ}: الْحُلِيِّ الَّذِي اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ. {فَقَذَفْتُهَا}: أَلْقَيْتَهَا. {أَلْقَى}: صَنَعَ. {فَنَسِيَ مُوسَى}: هُمْ يَقُولُونَهُ أَخْطَأَ الرَّبَّ أَنْ لاَ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ قَوْلًا فِي الْعِجْلِ.
3393- حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ فَإِذَا هَارُونُ قَالَ هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ".
تَابَعَهُ ثَابِتٌ وَعَبَّادُ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قوله: "باب قول الله عز وجل: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَاراً} إلى قوله: {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}" سقط لفظ: "باب" عند أبي ذر وكريمة. قوله: "آنست: أبصرت" قال أبو عبيدة في قوله: {آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ

(6/423)


نَاراً} أي أبصر. قوله: "قال ابن عباس: المقدس المبارك، طوى اسم الوادي" هكذا وقع هذا التفسير وما بعده في رواية أبي ذر عن المستملي والكشميهني خاصة ولم يذكره جميع رواة البخاري هنا، وإنما ذكروا بعضه في تفسير سورة طه، وها أنا أشرحه هنا وأبين إذا أعيد في تفسير طه إن شاء الله تعالى ما سبق منه هنا. وقول ابن عباس هذا وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس به، وروى هو والطبري من وجه آخر عن ابن عباس أنه سمي "طوى" لأن موسى طواه ليلا قال الطبري: فعلى هذا فالمعنى إنك بالوادي المقدم طويته وهو مصدر أخرج من غير لفظه كأنه قال: طويت الوادي المقدس طوى. وعن سعيد بن جبير قال: قيل له طوى أي طأ الأرض حافيا، وروى الطبري عن مجاهد مثله، وعن عكرمة أي طأ الوادي، ومن وجه آخر عن ابن عباس كذلك، وروى ابن أبي حاتم من طريق مبشر بن عبيد والطبري من طريق الحسن قال: قيل له طوى لأنه قدس مرتين. وقال الطبري: قال آخرون معنى قوله طوى أي ثنى، أي ناداه ربه مرتين إنك بالوادي المقدس، وأنشد لذلك شاهدا قول عدي بن زيد:
أعاذل أن اللوم في غير حينه ... علي طوى من غيك المتردد
وقال أبو عبيدة: طوى يكسر أوله قوم، كقول الشاعر: وإن كان حيانا عدي آخر الدهر قال: ومن جعل طوى اسم أرض لم ينونه، ومن جعله اسم الوادي صرفه، ومن جعله بمعنى نودي مرتين صرفه تقول: ناديته ثنى وطوى أي مرة بعد مرة، وأنشد البيت المذكور. قوله: "سيرتها: حالتها" وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} يقول حالتها الأولى، ورواه ابن جرير كذلك. ومن طريق مجاهد وقتادة سيرتها هيئتها. قوله: "والنهى: التقى" وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهَى} قال: لأولي التقى. ومن طريق سعيد عن قتادة "لأولي النهي: لأولي الورع" قال الطبري خص أولي النهي لأنهم أهل التفكر والاعتبار. قوله: "بملكنا بأمرنا" وصله ابن أبي حاتم والطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا } يقوله: بأمرنا، ومن طريق سعيد عن قتادة "بملكنا أي بطاقتنا" وكذا قال السدي؛ ومن طريق ابن زيد بهوانا. واختلف أهل القراءة في ميم ملكنا فقرءوا بالضم وبالفتح وبالكسر، ويمكن تخريج هذه التأويلات على هذه القراءات. قوله: "هوى شقي" وصله ابن أبي حاتم من الطريق المذكورة في قوله تعالى: {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} قال: يعني شقي. وكذا أخرجه الطبري. قوله: "فارغا إلا من ذكر موسى" وصله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي في تفسير ابن عيينة من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً} قال: من كل إلا من ذكر موسى. وأخرج الطبري من طريق سعيد بن حبير عن ابن عباس نحوه، ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "فارغا لا تذكر إلا موسى" ومن طريق مجاهد وقتادة نحوه ومن طريق الحسن البصري "أصبح فارغا من العهد الذي عهد إليها أنه سيرد عليها" وقال أبو عبيدة في قوله فارغا: أي من الحزن لعلمها أنه لم يغرق. ورد ذلك الطبري وقال: إنه مخالف لجميع أقوال أهل التأويل. وأم موسى اسمها بادونا وقيل: أباذخت ويقال يوحاند. قوله: "ردءا كي يصدقني" وصله ابن أبي حاتم من الطريق المذكورة قبل،

(6/424)


وروى الطبري من طريق السدي قال: كيما يصدقني، ومن طريق مجاهد وقتادة ردءا أي عونا. قوله: "ويقال مغيثا أو معينا" يعني بالمعجمة والمثلثة وبالمهملة والنون؛ قال أبو عبيدة في قوله ردءا يصدقني: أي معينا، يقال فيه أردأت فلانا على عدوه أي أكنفته وأعنته، أي صرت له كنفا. قوله: "يبطش: ويبطش" يعني بكسر الطاء وبضمها، قال أبو عبيدة في تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا} بالطاء مكسورة ومضمومة لغتان. قلت: الكسر القراءة المشهورة هنا. وفي قوله تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} والضم قراءة ابن جعفر، ورويت عن الحسن أيضا. قوله: "يأتمرون يتشاورون" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ}: أي يهمون بك ويتآمرون ويتشاورون انتهى. وهي بمعنى يتآمرون، ومنه قول الشاعر:
أرى الناس قد أحدثوا شيمة ... وفي كل حادثة يؤتمر
وقال ابن قتيبة: معناه يأمر بعضهم بعضا كقوله: { وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ}. قوله: "والجذوة قطعة غليظة من الخشب ليس لها لهب" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ}: أي قطعة غليظة من الحطب ليس فيها لهب، قال الشاعر:
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها ... جزل الجذا غير خوار ولا دعر
والجذوة مثلثة الجيم. قوله: "سنشد: سنعينك، كلما عززت شيئا فقد جعلت له عضدا" وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ}: أي سنقويك به ونعينك، تقول شد فلان عضد فلان إذا أعانه، وهو من عاضدته على أمره أي عاونته. قوله: "وقال غيره كلما لم ينطق بحرف أو فيه تمتمة أو فأفأة فهي عقدة" هو قول أبي عبيدة، قال في قوله تعالى: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي}: العقدة في اللسان ما لم ينطق بحرف أو كانت فيه مسكة من تمتمة أو فأفأة. وروى الطبري من طريق السدي قال: لما تحرك موسى أخذته آسية امرأة فرعون ترقصه ثم ناولته لفرعون، فأخذ موسى بلحيته فنتفها، فاستدعى فرعون الذباحين، فقالت آسية إنه صبي لا يعقل، فوضعت له جمرا وياقوتا وقالت إن أخذ الياقوت فاذبحه وإن أخذ الجمرة فاعرف أنه لا يعقل، فجاء جبريل فطرح في يده جمرة فطرحها في فيه فاحترق لسانه فصارت في لسانه عقدة من يومئذ. ومن طريق مجاهد وسعيد بن جبير نحو ذلك، التمتمة هي التردد في النطق بالمثناة الفوقانية، والفأفأة بالهمزة التردد في النطق بالفاء. قوله: "أزري: ظهري" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي}: أي ظهري، ويقال: قد أزرني أي كان لي ظهرا ومعينا. وأورد بإسناد لين عن ابن عباس في قوله: "اشدد به أزري" قال: ظهري. قوله: "فيسحتكم: فيهلككم" وصله الطبري عن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وهو قول أبي عبيدة قال: وتقول سحته وأسحته بمعنى، قال الطبري سحت أكثر من أسحت. وروى من طريق قتادة في قوله: {فَيُسْحِتَكُمْ} أي يستأصلكم، والخطاب للسحرة، ويقال إن اسم رؤسائهم غادون وسانور وخطخط والمصفا. قوله: "المثلى: تأنيث الأمثل يقول بدينكم. يقال خذ المثلى خذ الأمثل" قال أبو عبيدة في قوله: {بِطَرِيقَتِكُمُ} أي بسنتكم ودينكم وما أنتم عليه، والمثلى تأنيث الأمثل يقال خذ المثلى منهما للأنثيين، وخذ الأمثل منهما إذا كان ذكرا، والمراد بالمثلي الفضلى. قوله: "ثم ائتوا صفا،

(6/425)


يقال: هل أتيت الصف اليوم يعني المصلى الذي يصلي فيه" قال أبو عبيدة في قوله: {ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً} أي صفوفا، وله معنى آخر من قولهم: هل أتيت الصف اليوم؟ أي المصلى الذي يصلي فيه. قوله: "فأوجس: أضمر خوفا فذهبت الواو من خيفة لكسرة الخاء" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} أي فأضمر منهم خيفة أي خوفا، فذهبت الواو فصارت ياء من أجل كسرة الخاء. قال الكرماني: مثل هذا الكلام لا يليق بجلالة هذا الكتاب أن يذكر فيه انتهى. وكأنه رأى فيه ما يخالف اصطلاح المتأخرين من أهل علم التصريف فقال ذلك حيث قالوا في مثل هذا أصل خيفة خوفة فقلبت الواو ياء لكونها بعد كسرة، وما عرف أنه كلام أحد الرءوس العلماء باللسان العربي وهو أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري. قوله: "في جذوع النخل: على جذوع" هو قول أبي عبيدة، واستشهد بقول الشاعر هم صلبوا العبدي في جذع نخلة وقال: إنما جاء على موضع في إشارة لبيان شدة التمكن في الظرفية. قوله: "خطبك بالك" قال أبو عبيدة في قوله: {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ} أي ما بالك وشأنك؟ قال الشاعر: "يا عجبا ما خطبه وخطبي" وروى الطبري من طريق السدي في قول الله: {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ} قال: مالك يا سامري واسم السامري المذكور يأتي. قوله: "مساس مصدر ماسه مساسا". قال الفراء: قوله: { لا مِسَاسَ} أي لا أمس ولا أمس، والمراد أن موسى أمرهم أن لا يؤاكلوه ولا يخالطوه، وقرئ لا مساس بفتح الميم وهي لغة فاشية، واسم السامري موسى بن طفر وكان من قوم يعبدون البقر. وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: {لا مِسَاسَ}: إذا كسرت الميم جاز النصب والرفع والجر بالتنوين، وجاءت هنا منفية ففتحت بغير تنوين، قال النابغة:
فأصبح من ذاك كالسامري ... إذ قال موسى له لا مساسا
قال: والمماسة والمخالطة واحد، قال: ومنهم من جعلها اسما فكسر أخرها بغير تنوين، قال الشاعر:
تميم كرهط السامري وقوله ... ألا لا مريد السامري مساس
أجراها مجرى قطام وحزام. قوله: "لننسفنه: لنذرينه" وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً} يقول لنذرينه في البحر. قوله: "الضحاء الحر" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى} أي لا تعطش ولا تضحى للشمس فتجد الحر، وروى الطبري من طريق علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس: لا يصبك فيها عطش ولا حر. قلت: وهذا الموضع وقع استطرادا، وإلا فلا تعلق له بقصة موسى عليه السلام. قوله: "قصيه: اتبعي أثره، وقد يكون أن يقص الكلام: نحن نقص عليك" أما الأول فهو قول مجاهد والسدي وغيرهما أخرجه ابن جرير. وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ} أي اتبعي أثره تقول: قصصت آثار القوم، وأما الثاني هو من قبل المصنف. وأخت موسى اسمها مريم وافقتها في ذلك مريم بنت عمران والدة عيسى عليه السلام. قوله: "عن جنب: عن بعد، وعن جنابة وعن اجتناب واحد" روى الطبري من طريق مجاهد في قوله: {عَنْ جُنُبٍ} قال: عن بعد. وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} أي عن بعد وتجنب، ويقال ما تأتينا إلا عن جنابة وعن جنب. قال الشاعر:
فلا تحرمني نائلا عن جنابة ... فإني امرؤ وسط القباب غريب
وفي حديث القنوت الطويل عن ابن عباس: الجنب أن يسمو بصر الإنسان إلى الشيء البعيد وهو إلى جنبه لم

(6/426)


يشعر. قوله: "قال مجاهد: على قدر موعد" وصله الفرياني من طريق ابن أبي نجيح عنه، روى الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله: {عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} أي على ميقات. قوله: "لا تنيا: لا تضعفا" وصله الفريابي أيضا عن مجاهد، وروى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} قال: لا تبطئا. قوله: "مكانا سوى: منصف بينهم" وصله الفريابي أيضا عن مجاهد. وقال أبو عبيدة بضم أوله وبكسره كعدي وعدي، والمعنى النصف والوسط. قوله: "يبسا يابسا" وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {فاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً} أي يابسا. وقال أبو عبيدة في قوله: "طريقا في البحر يبسا" متحرك الحروف وبعضهم يسكن الباء، وتقول شاة يبس بالتحريك أي يابسة ليس لها لبن. قوله: "من زينة القوم: الحلي الذي استعاروا من آل فرعون" وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} أي الحلي الذي استعاروا من آل فرعون، وهي الأثقال أي الأوزار، وروى الطبري من طريق ابن زيد قال: الأوزار الأثقال وهي الحلي الذي استعاروه من آل فرعون، وليس المراد بها الذنوب، ومن طريق قتادة قال كان الله وقت لموسى ثلاثين ليلة ثم أتمها بعشر، فلما مضت الثلاثون قال السامري لبني إسرائيل: إنما أصابكم الذي أصابكم عقوبة بالحلي الذي كان معكم، وكانوا قد استعاروا ذلك من آل فرعون فساروا وهي معهم فقذفوها إلى السامري فصورها صورة بقرة، وكان قد صر في ثوبه قبضة من أثر فرس جبريل فقذفها مع الحلي في النار فأخرج عجلا يخور. قوله: "فقذفتها ألقيتها، ألقى صنع" وقع في رواية الكشميهني: "فقذفناها" وصله الفرياني من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا} {فَقَذَفْنَاهَا} قال: ألقيناها. وفي قوله: {أ َلْقَى السَّامِرِيُّ} أي صنع. وفي قوله: {فَنَبَذْتُهَا} أي ألقيتها. قوله: "فنسي موسى، هم يقولونه أخطأ الرب" وصله الفريابي عن مجاهد كذلك، وروى الطبري من طريق السدي قال: لما خرج العجل فخار قال لهم السامري: هذا إلهكم وإله موسى، فنسي أي فنسي موسى وضل، ومن طريق قتادة نحوه قال: نسي موسى ربه. ومن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس "فنسي" أي السامري نسي ما كان عليه من الإسلام. قوله: "إن لا يرجع إليهم قولا في العجل" وصله الفريابي عن مجاهد كذلك. وقال أبو عبيدة: تقدير القراءة بالضم أنه لا يرجع، ومن لم يضم العين نصب بأن. "تنبيه": لمح المصنف بهذه التفاسير لما جرى لموسى في خروجه إلى مدين، ثم في رجوعه إلى مصر، ثم في أخباره مع فرعون، ثم في غرق فرعون، ثم في ذهابه إلى الطور، ثم في عبادة بني إسرائيل العجل وكأنه لم يثبت عنده في ذلك من المرفوعات ما هو على شرطه، وأصح ما ورد في جميع ذلك ما أخرجه النسائي وأبو يعلى بإسناد حسن عن ابن عباس في حديث القنوت الطويل في قدر ثلاث ورقات، وهو في تفسير طه عنده وعند ابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه وغيرهم ممن خرج التفسير المسند. ثم ذكر المصنف طرفا من حديث الإسراء من رواية قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة، وسيأتي بتمامه في السيرة النبوية، واقتصر منه هنا على قوله: "حتى أتى السماء الخامسة فإذا هارون" الحديث بهذه القصة خاصة، ثم قال: تابعه ثابت وعباد بن أبي علي عن أنس، وأراد بذلك أن هذين تابعا قتادة عن أنس في ذكر هارون في السماء الخامسة لا في جميع الحديث، بل ولا في الإسناد، فإن راوية ثابت موصولة في صحيح مسلم من طريق حماد بن سلمة عنه ليس فيها ذكر مالك بن صعصعة، نعم فيها ذكر هارون في السماء الخامسة، وكذلك في رواية عباد بن أبي علي وهو بصري ليس

(6/427)


له في البخاري ذكر إلا في هذا الموضع ووافق ثابتا في أنه لم يذكر لأنس فيه شيخا، وقد وافقهما شريك عن أنس في ذلك وفي كون هارون في الخامسة، وسيأتي حديثه في أثناء السيرة النبوية. وأما قتادة فقال: عن أنس عن مالك بن صعصعة، وأما الزهري فقال: عن أنس عن أبي ذر كما مضى في أول الصلاة، ولم يذكر في حديثه هارون أصلا، وإلى هذا أشار المصنف بالمتابعة. والله أعلم.

(6/428)


باب { و قال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه ـ إلى قوله ـ مسرف كذاب }
...
23 - باب {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} إلى قوله: {مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}
قوله: "باب: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} إلى قوله: {مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}" كذا وقعت هذه الترجمة بغير حديث، ولعله أخلى بياضا في الأصل فوصل كنظائره، ووقع هذا في رواية النسفي مضموما إلى ما في الباب الذي بعده وهو متجه. واختلف في اسم هذا الرجل فقيل هو يوشع بن نون وبه جزم ابن التين وهو بعيد لأن يوشع كان من ذرية يوسف عليه السلام ولم يكن من آل فرعون، وقد قيل إن قوله: {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} متعلق بيكتم إيمانه، والصحيح أن المؤمن المذكور كان من آل فرعون، واستدل لذلك الطبري بأنه لو كان من بني إسرائيل لم يصغ فرعون إلى كلامه ولم يستمع منه. وذكر الثعلبي عن السدي ومقاتل أنه ابن عم فرعون، وقيل: اسمه شمعان بالشين المعجمة، قال الدار قطني في "المؤتلف": لا يعرف شمعان بالشين المعجمة إلا هذا وصححه السهيلي، وعن الطبراني اسمه حيزور وقيل حزقيل برحايا وقيل: حربيال قاله وهب بن منبه وقيل: حابوت، وعن ابن عباس اسمه حبيب وهو ابن عم فرعون وأخرجه عبد بن حميد، وقيل: هو حبيب النجار وهو غلط، وذكر الوزير أبو القاسم المغربي في "أدب الخواص": إن اسم صاحب فرعون حوتكة بن سود بن أسلم من قضاعة، وعزاه لرواية أبي هريرة.

(6/428)


باب قول الله تعالى { و هل أتاك حديث موسى ـ و كلم الله موسى تكليما }
...
24 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}
3394- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رَأَيْتُ مُوسَى وَإِذَا هُوَ رَجُلٌ ضَرْبٌ رَجِلٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ وَرَأَيْتُ عِيسَى فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الْآخَرِ خَمْرٌ فَقَالَ اشْرَبْ أَيَّهُمَا شِئْتَ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ فَقِيلَ أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ".
[الحديث 3394 – أطرافه في: 3437، 4709، 5576، 5603]
3395- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لاَ يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ".
[الحديث 3395 – أطرافه في: 3413، 4630، 7539]

(6/428)


باب قول الله تعالى { و واعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة . و قال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي و أصلح ، و لا تتبع شبيل المفسدين . و لما جاء موسى لميقاتنا و كلمه ربه
...
25 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ . وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا

(6/429)


وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} إلى قوله: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}. يُقَالُ: دَكَّهُ: زَلْزَلَهُ فَدُكَّتَا فَدُكِكْنَ جَعَلَ الْجِبَالَ كَالْوَاحِدَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا} وَلَمْ يَقُلْ كُنَّ رَتْقًا: مُلْتَصِقَتَيْنِ. {أُشْرِبُوا} ثَوْبٌ مُشَرَّبٌ مَصْبُوغٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {انْبَجَسَتْ}: انْفَجَرَتْ. {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ}: رَفَعْنَا
3398- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَلاَ أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ".
3399- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَوْلاَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزْ اللَّحْمُ وَلَوْلاَ حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ".
قوله: "باب قول الله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً} إلى قوله: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}" ساق في رواية كريمة الآيتين كلتيهما. وقوله: "وأتممناها بعشر" فيه إشارة إلى أن المواعدة وقعت مرتين، وقوله: "صعقا" أي مغشيا عليه. قوله: "يقال دكه زلزله" هذا ذكره هنا لقوله في قصة موسى عليه السلام {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً} قال أبو عبيدة جعله دكا أي مستويا مع وجه الأرض، وهو مصدر جعل صفة، ويقال ناقة دكاء أي ذاهبة السنام مستوظهرها. ووقع عند ابن مردويه مرفوعا: "إن الجبل ساخ في الأرض فهو يهوي فيها إلى يوم القيامة " وسنده واه، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق أبي مالك رفعه: "لما تجلى الله للجبل طارت لعظمته ستة أجبل فوقعت ثلاثة بمكة: حرى وثور وثبير، وثلاثة بالمدينة: أحد ورضوى وورقان" وهذا غريب مع إرساله. قوله: "فدكتا فدككن جعل الجبال كالواحدة كما قال الله عز وجل: {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً} ولم يقل كن رتقا" ذكر هذا استطرادا إذ لا تعلق له بقصة موسى، وكذا قوله: "رتقا: ملتصقتين" وقال أبو عبيدة الرتق التي ليس فيها ثقب، ثم فتق الله السماء بالمطر وفتق الأرض بالشجر. قوله: "أشربوا، ثوب مشرب مصبوغ" يشير إلى أنه ليس من الشرب. وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} أي سقوه حتى غلب عليهم، وهو من مجاز الحذف أي أشربوا في قلوبهم حب العجل. ومن قال إن العجل أحرق ثم ذري في الماء فشربوه فلم يعرف كلام العرب، لأنها لا تقول في الماء: أشرب فلان في قلبه. قوله: "قال ابن عباس: انبجست انفجرت" وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه كذلك. قوله: "وإذ نتقنا الجبل رفعنا" وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه أيضا. حديث أبي هريرة في أن الناس يصعقون(1) "حديث الصعق إنما هو عن أبي سعيد" وسيأتي شرحه قريبا. حديثه "لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم" وسبق شرحه في ترجمة آدم.
ـــــــ
(1) حديث الصعق إنما هو عن أبي سعيد

(6/430)


باب طوفان من السيل . و يقال للموت الكثير طوفان
...
26 - باب طُوفَانٍ مِنْ السَّيْلِ. يُقَالُ لِلْمَوْتِ الْكَثِيرِ طُوفَانٌ
{الْقُمَّلُ}: الْحُمْنَانُ يُشْبِهُ صِغَارَ الْحَلَمِ. {حَقِيقٌ}: حَقٌّ. {سُقِطَ}: كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ.
قوله: "باب" كذا لهم بغير ترجمة، وهو كالفصل من الباب الذي قبله وتعلقه به ظاهر، وسقط جميعه من رواية النسفي. قوله: "طوفان من السيل، ويقال للموت الكثير طوفان" قال أبو عبيدة: الطوفان مجاز من السيل، وهو من الموت المتتابع الذريع. قوله: "القمل: الحمنان يشبه صغار الحلم" قال أبو عبيدة: القمل عند العرب هي الحمنان. قال الأثرم الراوي عنه: والحمنان يعني بالمهملة ضرب من القردان، وقيل: هي أصغر، وقيل: أكبر، وقيل: الدبا بفتح المهملة وتخفيف الموحدة مقصور. قوله: "حقيق: حق" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلَى} مجازه حق علي أن لا أقول على الله إلا الحق، وهذا على قراءة من قرأ حقيق علي بالتشديد وأما من قرأها "عليَّ" فإنه يقول معناه حريص أو محق. قوله: "سقط: كل من ندم فقد سقط في يده" قال أبو عبيدة في قوله: "ولما سقط في أيديهم": يقال لكل من ندم وعجز عن شيء سقط في يده.

(6/431)


27 - باب حَدِيثِ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلاَم
3400- حدثنا عمرو بن محمد حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثني أبي عن صالح عن بن شهاب أن عبيد الله بن عبد الله أخبره عن بن عباس "أنه تمارى هو والحر بن قيس الفزاري في صاحب موسى قال بن عباس هو خضر فمر بهما أبي بن كعب فدعاه بن عباس فقال إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقيه هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل جاءه رجل فقال هل تعلم أحدا أعلم منك قال لا فأوحى الله إلى موسى بلى عبدنا خضر فسأل موسى السبيل إليه فجعل له الحوت آية وقيل له إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه فكان يتبع أثر الحوت في البحر فقال لموسى فتاه أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره فقال موسى ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا فوجدا خضرا فكان من شأنهما الذي قص الله في كتابه".
3401- حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا عمرو بن دينار قال أخبرني سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى بني إسرائيل إنما هو موسى آخر فقال كذب عدو الله حدثنا أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم أن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم فقال أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فقال له بلى لي عبد بمجمع

(6/431)


البحرين هو أعلم منك قال أي رب ومن لي به وربما قال سفيان أي رب وكيف لي به قال تأخذ حوتا فتجعله في مكتل حيثما فقدت الحوت فهو ثم وربما قال فهو ثمه وأخذ حوتا فجعله في مكتل ثم انطلق هو وفتاه يوشع بن نون حتى أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فرقد موسى واضطرب الحوت فخرج فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا فأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار مثل الطاق فقال هكذا مثل الطاق فانطلقا يمشيان بقية ليلتهما ويومهما حتى إذا كان من الغد قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ولم يجد موسى النصب حتى جاوز حيث أمره الله قال له فتاه أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا فكان للحوت سربا ولهما عجبا قال له موسى ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجى موسى فرد عليه فقال وأنى بأرضك السلام قال أنا موسى قال موسى بني إسرائيل قال نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا قال يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه قال هل أتبعك قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا إلى قوله إمرا فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت بهما سفينة كلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول فلما ركبا جاء عصفور فوقع على فنقر في البحر نقرة أو نقرتين قال له الخضر يا موسى ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور بمنقاره من البحر إذ أخذ الفأس فنزع لوحا قال فلم يفجأ موسى إلا وقد قلع لوحا بالقدوم فقال له موسى ما صنعت قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فكانت الأولى من موسى نسيانا فلما خرجا من البحر مروا بغلام يلعب فأخذ الخضر برأسه فقلعه بيده هكذا وأومأ سفيان بأطراف أصابعه كأنه يقطف شيئا فقال له موسى أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض مائلا أومأ بيده هكذا وأشار سفيان كأنه يمسح شيئا إلى فوق فلم أسمع سفيان يذكر مائلا إلا مرة. قال: قوم

(6/432)


أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا عمدت إلى حائطهم لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا قال النبي صلى الله عليه وسلم: وددنا أن موسى كان صبر فقص الله علينا من خبرهما. قال سفيان: قال النبي صلى الله عليه وسلم يرحم الله موسى لو كان صبر لقص علينا من أمرهما. وقرأ بن عباس أمامهم: ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا. وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين ثم قال لي سفيان: سمعته منه مرتين وحفظته منه. قيل لسفيان: حفظته قبل أن تسمعه من عمرو أو تحفظته من إنسان؟ فقال: ممن أتحفظه، ورواه أحد عن عمرو غيري سمعته منه مرتين أو ثلاثا وحفظته منه".
3402- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ ابْنُ الأَصْبِهَانِيِّ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرَ أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ مِنْ خَلْفِهِ خَضْرَاءَ" . قال الحموي: قال محمد بن يوسف بن مطر الفربري: حدثنا علي بن خشرم عن سفيان بطوله.
قوله: "باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام" ذكر فيه حديث ابن عباس عن أبي بن كعب من وجهين، وسيأتي أولهما بأتم من سياقه في تفسير سورة الكهف ونستوفي شرحه هناك، ووقع هنا في رواية ابن ذر عن المستملي خاصة عن الفربري "حدثنا علي بن خشرم حدثنا سفيان بن عيينة" الحديث بطوله وقد تقدم التنبيه على مثل ذلك في كتاب العلم. والخضر قد اختلف في اسمه قبل ذلك وفي اسم أبيه وفي نسبه وفي نبوته وفي تعميره. فقال وهب بن منبه: هو بليا بفتح الموحدة وسكون اللام بعدها تحتانية، ووجد بخط الدمياطي في أول الاسم بنقطتين، وقيل: كالأول بزيادة ألف بعد الباء، وقيل اسمه إلياس، وقيل اليسع، وقيل عامر، وقيل خضرون - والأول أثبت - ابن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفشخذ بن سام بن نوح. فعلى هذا فمولده قبل إبراهيم الخليل لأنه يكون ابن عم جد إبراهيم، وقد حكى الثعلبي قولين في أنه كان قبل الخليل أو بعده، قال وهب وكنيته أبو العباس، وروى الدار قطني في "الأفراد" من طريق مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال: هو ابن آدم له لصلبه، وهو ضعيف منقطع، وذكر أبو حاتم السجستاني في "المعمرين" أنه ابن قابيل بن آدم رواه عن أبي عبيدة وغيره، وقيل: اسمه ارميا بن طيفاء حكاه ابن إسحاق عن وهب، وارميا بكسر أوله وقيل بضمه وأشبعها بعضهم واوا، واختلف في اسم أبيه فقيل ملكا وقيل: كليان وقيل: عاميل وقيل: قابل والأول أشهر، وعن إسماعيل بن أبي أويس: هو العمر بن مالك بن عبد الله بن

(6/433)


نصر بن الأزد، وحكى السهيلي عن قوم أنه كان ملكا من الملائكة وليس من بني آدم، وعن ابن لهيعة كان ابن فرعون نفسه، وقيل ابن بنت فرعون، وقيل: اسمه خضرون بن عاييل بن معمر بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم، وقيل: كان أبوه فارسيا رواه الطبري من طريق عبد الله بن شوذب، وحكى ابن ظفر في تفسيره أنه كان من ذرية بعض من آمن بإبراهيم، وقيل: إنه الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه فلا يموت حتى ينفخ في الصور، وروى الدار قطني في الحديث المذكور قال: مد للخضر في أجله حتى يكذب الدجال. وقال عبد الرزاق في مصنفه عن معمر في قصة الذي يقتله الدجال ثم يحييه: بلغني أنه الخضر. وكذا قال إبراهيم بن سفيان الراوي عن مسلم في صحيحه. وروى ابن إسحاق في "المبتدأ" عن أصحابه أن آدم أخبر بنيه عند الموت بأمر الطوفان، ودعا لمن يحفظ جسده بالتعمير حتى يدفنه، فجمع نوح بنيه لما وقع الطوفان وأعلمهم بذلك فحفظوه، حتى كان الذي تولى دفنه الخضر. وروى خيثمة بن سليمان من طريق جعفر الصادق عن أبيه أن ذا القرنين كان له صديق من الملائكة، فطلب منه أن يدله على شيء يطول به عمره فدله على عين الحياة وهي داخل الظلمة، فسار إليها والخضر على مقدمته فظفر بها الخضر ولم يظفر بها ذو القرنين. وروي عن مكحول عن كعب الأحبار قال: أربعة من الأنبياء أحياء أمان لأهل الأرض: اثنان في الأرض الخضر وإلياس، واثنان في السماء إدريس وعيسى. وحكى ابن عطية البغوي عن أكثر أهل العلم أنه نبي ثم اختلفوا هل هو رسول أم لا؟ وقالت طائفة منهم القشيري هو ولي. وقال الطبري في تاريخه: كان الخضر في أيام أفريدون في قول عامة علماء الكتاب الأول، وكان على مقدمة ذي القرنين الأكبر. وأخرج النقاش أخبارا كثير تدل على بقائه لا تقوم بشيء منها حجة قاله ابن عطية، قال: ولو كان باقيا لكان له في ابتداء الإسلام ظهور، ولم يثبت شيء من ذلك. وقال الثعلبي في تفسيره: هو معمر على جميع الأقوال، محجوب عن الأبصار. قال وقد قيل إنه لا يموت إلا في آخر الزمان حين يرفع القرآن. قال القرطبي: هو نبي عند الجمهور والآية تشهد بذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتعلم ممن هو دونه، ولأن الحكم بالباطن لا يطلع عليه إلا الأنبياء. وقال ابن الصلاح: هو حي عند جمهور العلماء والعامة معهم في ذلك، وإنما شذ بإنكاره بعض المحدثين. وتبعه النووي وزاد أن ذلك متفق عليه بين الصوفية وأهل الصلاح، وحكاياتهم في رؤيته والاجتماع به أكثر من أن تحصر انتهى. والذي جزم بأنه غير موجود الآن البخاري وإبراهيم الحربي وأبو جعفر بن المنادى وأبو يعلى بن الفراء وأبو طاهر العبادي وأبو بكر بن العربي وطائفة، وعمدتهم الحديث المشهور عن ابن عمر وجابر وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال في آخر حياته: "لا يبقى على وجه الأرض بعد مائة سنة ممن هو عليها اليوم أحد" قال ابن عمر: أراد بذلك انخرام قرنه. وأجاب من أثبت حياته بأنه كان حينئذ على وجه البحر، أو هو مخصوص من الحديث كما خص منه إبليس بالاتفاق. ومن حجج من أنكر ذلك قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} وحديث ابن عباس "ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه" أخرجه البخاري ولم يأت في خبر صحيح أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا قاتل معه، وقد قال صلى الله عليه وسلم يوم بدر: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض" فلو كان الخضر موجودا لم يصح هذا النفي. وقال صلى الله عليه وسلم: "رحم الله موسى لوددنا لو كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما" فلو كان الخضر موجودا لما حسن هذا التمني ولأحضره بين يديه وأراه العجائب وكان أدعى لإيمان الكفرة لا سيما أهل الكتاب. وجاء في اجتماعه مع النبي صلى الله عليه وسلم حديث ضعيف أخرجه ابن عدي من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن

(6/434)


أبيه عن جده "أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع وهو في المسجد كلاما فقال: يا أنس اذهب إلى هذا القائل فقل له يستغفر لي، فذهب إليه فقال: قل له إن الله فضلك على الأنبياء بما فضل به رمضان على الشهور. قال فذهبوا ينظرون فإذا هو الخضر" إسناده ضعيف. وروى ابن عساكر من حديث أنس نحوه بإسناد أو هي منه، وروى الدار قطني في "الأفراد" من طريق عطاء عن ابن عباس مرفوعا: "يجتمع الخضر وإلياس كل عام في الموسم، فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه، ويفترقان عن هؤلاء الكلمات: بسم الله ما شاء الله" الحديث، في إسناده محمد بن أحمد بن زيد بمعجمة ثم موحدة ساكنة وهو ضعيف. وروى ابن عساكر من طريق هشام بن خالد عن الحسن بن يحيى عن ابن أبي رواد نحوه وزاد: "ويشربان من ماء زمزم شربة تكفيهما إلى قابل" وهذا معضل. ورواه أحمد في الزهد بإسناد حسن عن ابن أبي رواد وزاد أنهما "يصومان رمضان ببيت المقدس" وروى الطبري من طريق عبد الله بن شوذب نحوه. وروي عن علي أنه "دخل الطواف فسمع رجلا يقول يا من لا يشغله سمع عن سمع" الحديث فإذا هو الخضر"، أخرجه ابن عساكر من وجهين في كل منهما ضعف، وهو في "المجالسة" من الوجه الثاني. وجاء في اجتماعه ببعض الصحابة فمن بعدهم أخبار أكثرها واهي الإسناد، منها ما أخرجه ابن أبي الدنيا والبيهقي من حديث أنس "لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم دخل رجل فتخطاهم - فذكر الحديث في التعزية - فقال أبو بكر وعلي: هذا الخضر" في إسناده عباد بن عبد الصمد وهو واه. وروى سيف في الردة نحوه بإسناد آخر مجهول. وروى ابن أبي حاتم من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن علي نحوه. وروى ابن وهب من طريق ابن المنكدر "أن عمر صلى على جنازة، فسمع قائلا يقول: لا تسبقنا - فذكر القصة - وفيها: أنه دعا للميت، فقال عمر: خذوا الرجل، فتوارى عنهم فإذا أثر قدمه ذراع، فقال عمر: هذا والله الخضر" في إسناده مجهول مع انقطاعه. وروى أحمد في الزهد من طريق مسعر عن معن بن عبد الرحمن عن عون بن عبد الله قال: بينا رجل بمصر في فتنة ابن الزبير مهموما إذ لقيه رجل فسأله فأخبره باهتمامه بما فيه الناس من الفتن، فقال: قل اللهم سلمني وسلم مني، قال فقالها فسلم. قال معسر: يرون أنه الخضر. وروى يعقوب بن سفيان في تاريخه وأبو عروبة من طريق رياح بالتحتانية ابن عبيدة قال: "رأيت رجلا يماشي عمر بن عبد العزيز معتمدا على يديه فلما انصرف قلت له من الرجل؟ قال: رأيته؟ قلت: نعم. قال أحسبك رجلا صالحا، ذاك أخي الخضر بشرني أني سأولى وأعدل". لا بأس برجاله. ولم يقع لي إلى الآن خبر ولا أثر بسند جيد غيره، وهذا لا يعارض الحديث الأول في مائة سنة فإن ذلك كان قبل المائة. وروى ابن عساكر من طريق كرز بن وبرة قال: أتاني أخ لي من أهل الشام فقال اقبل مني هذه الهدية، إن إبراهيم التيمي حدثني قال: كنت جالسا بفناء الكعبة أذكر الله، فجاءني رجل فسلم علي؛ فلم أر أحسن وجها منه ولا أطيب ريحا، فقلت: من أنت؟ فقال أنا أخوك الخضر. قال فعلمه شيئا إذا فعله رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام. وفي إسناده مجهول وضعيف. وروى ابن عساكر في ترجمة أبي زرعة الرازي بسند صحيح أنه رأى وهو شاب رجلا نهاه عن غشيان أبواب الأمراء، ثم رآه بعد أن صار شيخا كبيرا على حالته الأولى فنهاه عن ذلك أيضا، قال فالتفت لأكلمه فلم أره، فوقع في نفسي أنه الخضر. وروى عمر الجمحي في فرائده والفاكهي في "كتاب مكة" بسند فيه مجهول عن جعفر بن محمد أنه رأى شيخا كبيرا يحدث أباه ثم ذهب، فقال له أبوه: رده علي، قال فتطلبته فلم أقدر عليه، فقال

(6/435)


لي أبي: ذاك الخضر. وروى البيهقي من طريق الحجاج بن قرافصة أن رجلين كانا يتبايعان عند ابن عمر، فقام عليهم رجل فنهاهما عن الحلف بالله ووعظهم بموعظة، فقال ابن عمر لأحدهما: اكتبها منه، فاستعاده حتى حفظها ثم تطلبه فلم يره، قال: وكانوا يرون أنه الخضر.

(6/436)


28 - باب
3403- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ وَقَالُوا حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ".
[الحديث 3403 – طرفاه في: 4476، 4641]
3404- حَدَّثَنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ وَخِلاَسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا لاَ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ إِلاَّ مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ إِمَّا بَرَصٌ وَإِمَّا أُدْرَةٌ وَإِمَّا آفَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى فَخَلاَ يَوْمًا وَحْدَهُ فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى الْحَجَرِ ثُمَّ اغْتَسَلَ فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا وَإِنَّ الْحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الْحَجَرَ فَجَعَلَ يَقُولُ ثَوْبِي حَجَرُ ثَوْبِي حَجَرُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلاَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ وَقَامَ الْحَجَرُ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ فَوَاللَّهِ إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا فَذَلِكَ قَوْلُهُ [69 الأحزاب]: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}.
3405- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَغَضِبَ حَتَّى رَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ يَرْحَمُ اللَّهَ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ".
قوله: "باب" كذا لأبي ذر وغيره بغير ترجمة، وهو كالفصل من الباب الذي قبله، وتعلقه به ظاهر، وأورد فيه أحاديث: أحدها: حديث أبي هريرة "قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا" وسيأتي شرحه في تفسر الأعراف. ثانيها: حديث أبي هريرة "إن موسى كان رجلا حييا" بفتح المهملة وكسر التحتانية الخفيفة بعدها أخرى مثقلة بوزن فعيل من الحياء وقوله: "ستيرا" بوزنه من الستر، ويقال ستيرا بالتشديد. قوله في الإسناد "حدثنا عوف" هو الأعرابي. قوله: "عن الحسن ومحمد وخلاس" أما الحسن فهو البصري وأما محمد فهو ابن سيرين وسماعه من أبي هريرة ثابت، فقد أخرج أحمد هذا الحديث عن روح عن عوف عن محمد وحده عن أبي هريرة. وأما خلاس فبكسر المعجمة

(6/436)


وتخفيف اللام وآخره مهملة هو ابن عمر بصري، يقال إنه كان على شرطة علي، وحديثه عنه في الترمذي والنسائي، وجزم يحيى القطان بأن روايته عنه من صحيفته. وقال أبو داود عن أحمد: لم يسمع خلاص من أبي هريرة. وقال ابن أبي حاتم عن أبي زرعة كان يحيى القطان يقول: روايته عن علي من كتاب، وقد سمع من عمار وعائشة وابن عباس قلت: إذا ثبت سماعه من عمار وكان على شرطة علي كيف يمتنع سماعه من علي؟ وقال أبو حاتم: يقال وقعت عنده صحيفة عن علي، وليس بقوي، يعنى في علي. وقال صالح بن أحمد عن أبيه: كان يحيى القطان يتوقى أن يحدث عن خلاس عن علي خاصة. وأطلق بقية الأئمة توثيقه. قلت: وما له في البخاري سوى هذا الحديث، وقد أخرجه له مقرونا بغيره، وأعاده سندا ومتنا في تفسير الأحزاب. وله عنه حديث آخر أخرجه في الأيمان والنذور مقرونا أيضا بمحمد بن سيرين عن أبي هريرة، ووهم المزي فنسبه إلى الصوم. وأما الحسن البصري فلم يسمع من أبي هريرة عند الحفاظ النقاد، وما وقع في بعض الروايات مما يخالف ذلك فهو محكوم بوهمه عندهم، وما له في البخاري عن أبي هريرة سوى هذا مقرونا. وله حديث آخر في بدء الخلق مقرونا بابن سيرين، وثالث ذكره في أوائل الكتاب في الإيمان مقرونا بابن سيرين أيضا. قوله: "لا يرى من جلده شيء استحياء منه" هذا يشعر بأن اغتسال بني إسرائيل عراة بمحضر منهم كان جائزا في شرعهم. وإنما اغتسل موسى وحده استحياء. قوله: "وإما أدرة" بضع الهمزة وسكون الدال على المشهور وبفتحتين أيضا فيما حكاه الطحاوي عن بعض مشايخه ورجح الأول وتقدم بيانه في كتاب الغسل، ووقع في رواية ابن مردويه من طريق عثمان بن الهيثم عن عوف الجزم بأنهم قالوا إنه آدر. قوله : "فخلا يوما وحده فوضع ثيابه" في رواية الكشميهني ثيابا أي ثيابا له، والأول هو المعروف، وظاهره أنه دخل الماء عريانا. وعليه بوب المصنف في الغسل "من اغتسل عريانا" وقد قدمت توجيهه في كتاب الغسل، ونقل ابن الجوزي عن الحسن بن أبي بكر النيسابوري أن موسى نزل إلى الماء مؤتزرا، فلما خرج تتبع الحجر والمئزر مبتل بالماء علموا عند رؤيته أنه غير آدر، لأن الأدرة تبين تحت الثوب المبلول بالماء انتهى. هذا إن كان هذا الرجل قاله احتمالا فيحتمل لكن المنقول يخالفه، لأن في رواية علي بن زيد عن أنس عند أحمد في هذا الحديث: "إن موسى كان إذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه حتى يواري عورته في الماء". قوله: "عدا بثوبه" بالعين المهملة أي مضى مسرعا. قوله: "ثوبي حجر، ثوبي حجر" هو بفتح الياء الأخيرة من ثوبي أي أعطني ثوبي، أو رد ثوبي، وحجر بالضم على حذف حرف النداء، وتقدم في الغسل بلفظ ثوبي يا حجر. قوله: "وأبرأه مما يقولون" في رواية قتادة عن الحسن عن أبي هريرة عند ابن مردويه وابن خزيمة: "وأعدله صو رة" وفي روايته: "فقالت بنو إسرائيل قاتل الله الأفاكين وكانت براءته" وفي رواية روح بن عبادة المذكورة " فرأوه كأحسن الرجال خلقا، فبرأه مما قالوا". قوله: "وقام حجر فأخذ بثوبه" قلت كذا فيه، وفي "مسند إسحاق بن إبراهيم" شيخ البخاري فيه: "وقام الحجر" بالألف واللام، وكذا أخرجه أبو نعيم وابن مردويه من طريقه. قوله: "فوالله إن بالحجر لندبا" ظاهره أنه بقية الحديث، بين في رواية همام في الغسل أنه قول أبي هريرة. قوله: "ثلاثا أو أربعا أو خمسا" في رواية همام المذكور "ستة أو سبعة" ووقع عند ابن مردويه من رواية حبيب بن سالم عن أبي هريرة الجزم بست ضربات. قول: "فذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} لم يقع هذا في رواية همام، وروى ابن مردويه من طريق عكرمة عن أبي هريرة قال: "قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا

(6/437)


كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} الآية، قال: إن بني إسرائيل كانوا يقولون: إن موسى آدر، فانطلق موسى إلى النهر يغتسل فذكر نحوه وفي رواية علي بن زيد المذكورة قريبا في آخره: "فرأوه ليس كما قالوا؛ فأنزل تعالى: {لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى}" وفي الحديث جواز المشي عريانا للضرورة. وقال ابن الجوزي: لما كان موسى في خلوة وخرج من الماء فلم يجد ثوبه تبع الحجر بناء على أن لا يصادف أحدا وهو عريان، فاتفق أنه كان هناك قوم فاجتاز بهم، كما أن جوانب الأنهار وإن خلت غالبا لا يؤمن وجود قوم قريب منها، فبني الأمر على أنه لا يراه أحد لأجل خلاء المكان، فاتفق رؤية من رآه. والذي يظهر أنه استمر يتبع الحجر على ما في الخبر حتى وقف على مجلس لبني إسرائيل كان فيهم من قال فيه ما قال. وبهذا تظهر الفائدة، وإلا فلو كان الوقوف على قوم منهم في الجملة لم يقع ذلك الموقع وفيه جواز النظر إلى العورة عند الضرورة الداعية لذلك من مداواة أو براءة من عيب، كما لو ادعى أحد الزوجين على الآخر البرص ليفسخ النكاح فأنكر. وفيه أن الأنبياء في خلقهم وخلقهم على غاية الكمال، وأن من نسب نبيا من الأنبياء إلى نقص في خلقته فقد آذاه ويخشى على فاعله الكفر. وفيه معجزة ظاهرة لموسى عليه السلام، وأن الآدمي يغلب عليه طباع البشر، لأن موسى علم أن الحجر ما سار بثوبه إلا بأمر من الله، ومع ذلك عامله معاملة من يعقل حتى ضربه. ويحتمل أنه أراد بيان معجزة أخرى لقومه بتأثير الضرب بالعصا في الحجر. وفيه ما كان في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الصبر على الجهال واحتمال أذاهم، وجعل الله تعالى العاقبة لهم على من آذاهم، وقد روى أحمد بن منيع في مسنده بإسناد حسن والطحاوي وابن مردويه من حديث علي أن الآية المذكورة نزلت في طعن بني إسرائيل على موسى بسبب هارون لأنه توجه معه إلى زيارة فمات هارون فدفنه موسى، فطعن فيه بعض بني إسرائيل. وقالوا: أنت قتلته، فبرأه الله تعالى بأن رفع لهم جسد هارون وهو ميت فخاطبهم بأنه مات. وفي الإسناد ضعف ولو ثبت لم يكن فيه ما يمنع أن يكون في الفريقين معا لصدق أن كلا منهما آذى موسى فبرأه الله مما قالوا والله أعلم. ثم أورد المصنف في الباب حديث ابن مسعود في قول الرجل "إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله" والغرض منه ذكر موسى، وقد تقدم في أواخر فرض الخمس من الجهاد في "باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي من المؤلفة" وعين هناك موضع شرحه، والله أعلم.

(6/438)


29 - باب {يَعْكِفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [138 الأعراف].
{مُتَبَّرٌ}: خُسْرَانٌ. {وَلِيُتَبِّرُوا}: يُدَمِّرُوا. {مَا عَلَوْا}: مَا غَلَبُوا
3406- حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن يونس عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نجني الكباث وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بالأسود منه فإنه أطيبه . قالوا أكنت ترعى الغنم؟ قال: وهل من نبي إلا وقد رعاها؟".
[الحديث 3406 – طرفه في: 5453]
قوله: "باب يعكفون على أصنام لهم. متبر خسران، وليتبروا: يدمروا ما علوا ما غلبوا" ثم ساق حديث جابر "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نجني الكباث، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بالأسود منه فإنه أطيبه، قالوا:

(6/438)


أكنت ترعى الغنم؟ قال: وهل من نبي إلا وقد رعاها" والكباث بفتح الكاف والموحدة الخفيفة وآخره مثلثة هو ثمر الأراك ويقال ذلك للنضيج منه، كذا نقله النووي عن أهل اللغة. وقال أبو عبيد: هو ثمر الأراك إذا يبس وليس له عجم. وقال القزاز: هو الغض من ثمر الأراك، وإنما قال له الصحابة "أكنت ترعى الغنم" لأن في قوله لهم عليكم بالأسود منه دلالة على تمييزه بين أنواعه، والذي يميز بين أنواع ثمر الأراك غالبا من يلازم رعي الغنم على ما ألفوه. وقوله في الترجمة: "باب يعكفون على أصنام لهم" أي تفسير ذلك، والمراد تفسير قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} ولم يفسر المؤلف من الآية إلا قوله تعالى فيها: {إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ} فقال: إن تفسير متبر خسران، وهذا أخرجه الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال في قوله: {إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ} قال: خسران، والخسران تفسير التتبير الذي اشتق منه المتبر. وأما قوله: {وَلِيُتَبِّرُوا} ليدمروا فذكره استطرادا، وهو تفسير قتادة أخرجه الطبري من طريق سعيد عنه في قوله: {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً} قال: ليدمروا ما غلبوا عليه تدميرا. وأما حديث جابر في رعي الغنم فمناسبته للترجمة غير ظاهرة. وقال شيخنا ابن الملقن في شرحه: قال بعض شيوخنا لا مناسية، قال شيخنا: بل هي ظاهرة لدخول عيسى فيمن رعى الغنم، كذا رأيت في النسخة، وكأنه سبق قلم وإنما هو موسى لا عيسى، وهذا مناسب لذكر المتن في أخبار موسى، وأما مناسبة الترجمة للحديث فلا، والذي يهجس في خاطري أنه كان بين التفسير المذكور وبين الحديث بياض أخلي للحديث يدخل في الترجمة ولترجمة تصلح لحديث جابر، ثم وصل ذلك كما في نظائره. ومناسبة حديث جابر لقصص موسى من جهة عموم قوله: "وهل من نبي إلا وقد رعاها؟" فدخل فيه موسى كما أشار إليه شيخنا، بل وقع في بعض طرق هذا الحديث: "ولقد بعث موسى وهو يرعى الغنم" وذلك فيما أخرجه النسائي في التفسير من طريق أبي إسحاق عن نصر بن حزن قال: "افتخر الإبل والشاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بعث موسى وهو راعي غنم" الحديث، ورجال إسناده ثقات، ويؤيد هذا الذي قلت أنه وقع في رواية النسفي "باب" بغير ترجمة وساق فيه حديث جابر ولم يذكر ما قبله، وكأنه حذف الباب الذي فيه التفاسير الموقوفة كما هو الأغلب من عادته واقتصر على الباب الذي فيه الحديث المرفوع، وقد تكلف بعضهم وجه المناسبة - وهو الكرماني - فقال وجه المناسبة بينهما أن بني إسرائيل كانوا مستضعفين جهالا ففضلهم الله على العالمين. وسياق الآية يدل عليه - أي فيما يتعلق ببني إسرائيل - فكذلك الأنبياء كانوا أولا مستضعفين بحيث أنهم كانوا يرعون الغنم انتهى. والذي قاله الأئمة أن الحكمة في رعاية الأنبياء للغنم ليأخذوا أنفسهم بالتواضع، وتعتاد قلوبهم بالخلوة، ويترقوا من سياستها إلى سياسة الأمم، وقد تقدم إيضاح هذا في أوائل الإجارة، ولم يذكر المصنف من الآيات بالعبارة والإشارة إلا قوله: {مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ} ولا شك أن قوله: {وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} إنما ذكر بعد هذا فكيف يحمل على أنه أشار إليه دون ما قبله فالمعتمد ما ذكرته. ونقل الكرماني عن الخطابي قال: أراد أن الله لم يضع النبوة في أبناء الدنيا والمترفين منهم، وإنما جعلها في أهل التواضع كرعاة الشاء وأصحاب الحرف. قلت: وهذه أيضا مناسبة للمتن لا لخصوص الترجمة، وقد نقل القطب الحلبي هذا عن الخطابي ثم قال: وينظر في وجه مناسبة هذا الحديث للترجمة.

(6/439)


باب { و إذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة }
...
30 - باب {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الْآيَةَ [67 البقرة]
قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: الْعَوَانُ النَّصَفُ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالْهَرِمَةِ. {فَاقِعٌ}: صَافٍ. {لاَ ذَلُولٌ}: لَمْ يُذِلَّهَا الْعَمَلُ

(6/439)


{تُثِيرُ الأَرْضَ}: لَيْسَتْ بِذَلُولٍ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَعْمَلُ فِي الْحَرْثِ. {مُسَلَّمَةٌ}: مِنْ الْعُيُوبِ. {لاَ شِيَةَ}: بَيَاضٌ. {صَفْرَاءُ}: إِنْ شِئْتَ سَوْدَاءُ، وَيُقَالُ صَفْرَاءُ كَقَوْلِهِ {جِمَالاَتٌ صُفْرٌ}. {فَادَّارَأْتُمْ}: اخْتَلَفْتُمْ.
قوله: "باب {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الْآيَةَ" لم يذكر فيه سوى شيء من التفسير عن أبي العالية، وقصة البقرة أوردها آدم بن أبي إياس في تفسيره قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الْآيَةَ قال: كان رجل من بني إسرائيل غنيا ولم يكن له ولد وكان له قريب وارث فقتله ليرثه ثم ألقاه على مجمع الطريق، وأتى موسى فقال إن قريبي قتل وأتى إلي أمر عظيم، وإني لا أجد أحدا يبين لي قاتله غيرك يا نبي الله، فنادى موسى في الناس: من كان عنده علم من هذا فليبينه، فلم يكن عندهم علم، فأوحى الله إليه: قل لهم فليذبحوا بقرة، فعجبوا وقالوا: كيف نطلب معرفة من قتل هذا القتيل فنؤمر بذبح بقرة؟ وكان ما قصه الله تعالى: {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} يعني لا هرمة ولا صغيرة {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} أي نصف بين البكر والهرمة {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} أي صاف {تسُرُّ النَّاظِرِينَ} أي تعجبهم {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} الآية {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ} أي لم يذلها العمل {تُثِيرُ الْأَرْضَ} يعني ليست بذلول فتثير الأرض {وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ} يقول: ولا تعمل في الحرث {مُسَلَّمَةٌ} أي من العيوب، {لا شِيَةَ فِيهَا} أي لا بياض {قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} قال ولو أن القوم حين أمروا بذبح بقرة استرضوا أي بقرة كانت لأجزأت عنهم، ولكنهم شددوا فشدد عليهم، ولولا أنهم استثنوا فقالوا {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} لما اهتدوا إليها أبدا. فبلغنا أنهم لم يجدوها إلا عند عجوز، فأغلت عليهم في الثمن، فقال لهم موسى: أنتم شددتم على أنفسكم فأعطوها ما سألت، فذبحوها، فأخذوا عظما منها فضربوا به القتيل فعاش، فسمى لهم قاتله، ثم مات مكانه فأخذ قاتله، وهو قريبه الذي كان يريد أن يرثه فقتله الله على أسوأ عمله. وأخرج ابن جرير هذه القصة مطولة من طريق العوفي عن ابن عباس، ومن طريق السدي كذلك. وأخرجها هو وابن أبي حاتم وعبد بن حميد بإسناد صحيح عن محمد بن سيرين عن عبيدة بن عمرو السلماني أحد كبار التابعين. وأما قوله: "صفراء: إن شئت سوداء ويقال صفراء كقوله جمالات صفر" فهو قول أبي عبيدة، قال في قوله تعالى: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا}: إن شئت صفراء وإن شئت سوداء كقوله: {جِمَالاَتٌ صُفْرٌ} أي سود، والمعنى أن الصفرة يمكن حملها على معناها المشهور وعلى معنى السواد كما في قوله: {جِمَالاَتٌ صُفْرٌ} فإنها فسرت بأنها صفر تضرب إلى سواد. وقد روي عن الحسن أنه أخذ أنها سوداء من قوله: {فَاقِعٌ لَوْنُهَا}. وقوله: {فَادَّارَأْتُمْ} اختلفتم هو قول أبي عبيدة أيضا: وهو من التدارؤ وهو التدافع.

(6/440)


باب وفاة موسى ، و ذكره بعد
...
31 - باب وَفَاةِ مُوسَى، وَذِكْرِهِ بَعْدُ
3407- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلاَم فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لاَ يُرِيدُ الْمَوْتَ قَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ

(6/440)


شَعَرَةٍ سَنَةٌ. قَالَ: أَيْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا. قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ: فَالْآنَ. قَالَ: فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ. فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كُنْتُ ثَمَّ لاَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ". قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ
3408- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْعَالَمِينَ فِي قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ذَلِكَ يَدَهُ فَلَطَمَ الْيَهُودِيَّ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ فَقَالَ لاَ تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ فَلاَ أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ".
3409- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ لَهُ مُوسَى أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنْ الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ ثُمَّ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ . فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى مَرَّتَيْنِ".
[الحديث 3409 – أطرافه في: 4736، 4738، 6614، 7515]
3410- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا قَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ هَذَا مُوسَى فِي قَوْمِهِ".
[الحديث 3410 – أطرافه في: 5705، 5752، 6472، 6541]
قوله: "وفاة موسى وذكره بعد" كذا لأبي ذر بإسقاط "باب" ولغيره بإثباته. وقوله: "وذكره بعد" بضم دال بعد على البناء. ثم أورد فيه أحاديث: الأول: حديث أبي هريرة في قصة موسى مع ملك الموت. أورده موقوفا من طريق طاوس عنه، ثم عقبه برواية همام عنه مرفوعا وهذا هو المشهور عن عبد الرزاق، وقد رفع محمد بن يحيى عنه رواية طاوس أيضا أخرجه الإسماعيلي. قوله: "أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام فلما جاءه صكه" أي ضربه على عينه. وفي رواية همام عن أبي هريرة عند أحمد ومسلم: "جاء ملك الموت إلى موسى فقال: أجب ربك، فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها" وفي رواية عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة عند أحمد والطبري "كان ملك الموت يأتي الناس عيانا، فأتى موسى فلطمه ففقأ عينه". قوله: "لا يريد الموت" زاد همام "وقد فقأ عيني،

(6/441)


فرد الله عليه عينه" وفي رواية عمار "فقال يا رب عبدك موسى فقأ عيني، ولولا كرامته عليك لشققت عليه". قوله: "فقل له يضع يده" في رواية أبي يونس "فقل له الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك". قوله: "على متن" بفتح الميم وسكون المثناة هو الظهر، وقيل: مكتنف الصلب بين العصب واللحم. وفي رواية عمار على جلد ثور. قوله: "فله بما غطى يده" في رواية الكشميهني بما غطت يده. قوله: "ثم الموت" في رواية أبي يونس "قال فالآن يا رب من قريب" وفي رواية عمار "فأتاه فقال له ما بعد هذا؟ قال: الموت قال: فالآن" والآن ظرف زمان غير متمكن، وهو اسم لزمان الحال الفاصل بين الماضي والمستقبل. قوله: "فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر" قد تقدم شرح ذلك وبيانه في الجنائز. قوله: "فلو كنت ثم" بفتح المثلثة أي هناك. قوله: "من جانب الطريق" في رواية المستملي والكشميهني: "إلى جانب الطريق" وهي رواية همام. قوله: "تحت الكثيب الأحمر" في روايتهما: "عند الكثيب الأحمر" وهي رواية همام أيضا، والكثيب بالمثلثة وآخره موحدة وزن عظيم: الرمل المجتمع، وزعم ابن حبان أن قبر موسى بمدين بين المدينة وبيت المقدس، وتعقبه الضياء بأن أرض مدين ليست قريبة من المدينة ولا من بيت المقدس، قال وقد اشتهر عن قبر بأريحاء عنده كثيب أحمر أنه قبر موسى، وأريحاء من الأرض المقدسة، وزاد عمار في روايته: "فشمه شمة فقبض روحه، وكان يأتي الناس خفية" يعني بعد ذلك، ويقال إنه أتاه بتفاحة من الجنة فشمها فمات. وذكر السدي في تفسيره أن موسى لما دنت وفاته مشي هو وفتاه يوشع بن نون فجاءت ريح سوداء، فظن يوشع أنها الساعة فالتزم موسى، فانسل موسى من تحت القميص، فأقبل يوشع بالقميص. وعن وهب بن منبه أن الملائكة تولوا دفنه والصلاة عليه، وأنه عاش مائة وعشرين سنة. قوله: "قال وأخبرنا معمر عن همام إلخ" هو موصول بالإسناد المذكور، ووهم من قال إنه معلق، فقد أخرجه أحمد عن عبد الرزاق عن معمر، ومسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق كذلك، وقوله في آخره: "نحوه" أي أن رواية معمر عن همام بمعنى روايته عن ابن طاوس لا بلفظه، وقد بينت ذلك فيما مضى، قال ابن خزيمة: أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث وقالوا إن كان موسى عرفه فقد استخف به، وإن كان لم يعرفه فكيف لم يقتص له من فقء عينه؟ والجواب أن الله لم يبعث ملك الموت لموسى وهو يريد قبض روحه حينئذ، وإنما بعثه إليه اختبارا وإنما لطم موسى ملك الموت لأنه رأى آدميا دخل داره بغير إذنه ولم يعلم أنه ملك الموت، وقد أباح الشارع فقء عين الناظر في دار المسلم بغير إذن، وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداء، ولو عرفهم إبراهيم لما قدم لهم المأكول، ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه. وعلى تقدير أن يكون عرفه فمن أين لهذا المبتدع مشروعية القصاص بين الملائكة والبشر؟ ثم من أين له أن ملك الموت طلب القصاص من موسى فلم يقتص له؟ ولخص الخطابي كلام ابن خزيمة وزاد فيه أن موسى دفعه عن نفسه لما ركب فيه من الحدة، وأن الله رد عين ملك الموت ليعلم موسى أنه جاءه من عند الله فلهذا استسلم حينئذ. وقال النووي: لا يمتنع أن يأذن الله لموسى في هذه اللطمة امتحانا للملطوم. وقال غيره إنما لطمه لأنه جاء لقبض روحه من قبل أن يخيره، لما ثبت أنه لم يقبض نبي حتى يخير، فلهذا لما خيره في المرة الثانية أذعن، قيل: وهذا أولي الأقوال بالصواب، وفيه نظر لأنه يعود أصل السؤال فيقال: لم أقدم ملك الموت على قبض نبي الله وأخل بالشرط؟ فيعود الجواب أن ذلك وقع امتحانا. وزعم بعضهم أن معنى قوله: "فقأ عينه" أي أبطل حجته، وهو مردود بقوله في نفس الحديث: "فرد الله عينه" وبقوله: "لطمه

(6/442)


وصكه" وغير ذلك من قرائن السياق. وقال ابن قتيبة: إنما فقأ موسى العين التي هي تخييل وتمثيل وليست عينا حقيقة، ومعنى رد الله عينه أي أعاده إلى خلقته الحقيقية، وقيل على ظاهره، ورد الله إلى ملك الموت عينه البشرية ليرجع إلى موسى على كمال الصورة فيكون ذلك أقوى في اعتباره، وهذا هو المعتمد. وجوز ابن عقيل أن يكون موسى أذن له أن يفعل ذلك بملك الموت وأمر ملك الموت بالصبر على ذلك كما أمر موسى بالصبر على ما يصنع الخضر. وفيه أن الملك يتمثل بصورة الإنسان، وقد جاء ذلك في عدة أحاديث. وفيه فضل الدفن في الأرض المقدسة، وقد تقدم شرح ذلك في الجنائز. واستدل بقوله: "فلك بكل شعرة سنة" على أن الذي بقي من الدنيا كثير جدا لأن عدد الشعر الذي تواريه اليد قدر المدة التي بين موسى وبعثة نبينا صلى الله عليه وسلم مرتين وأكثر. واستدل له على جواز الزيادة في العمر وقد قال به قوم في قوله تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} أنه زيادة ونقص في الحقيقة. وقال الجمهور: والضمير في قوله: {مِنْ عُمُرِهِ} للجنس لا للعين، أي ولا ينقص من عمر آخر، وهذا كقولهم عندي ثوب ونصفه أي ونصف ثوب آخر. وقيل المراد بقوله ولا ينقص من عمره أي وما يذهب من عمره، فالجميع معلوم عند الله تعالى. والجواب عن قصة موسى أن أجله قد كان قرب حضوره ولم يبق منه إلا مقدار ما دار بينه وبين ملك الموت من المراجعتين، فأمر بقبض روحه أولا مع سبق علم الله أن ذلك لا يقع إلا بعد المراجعة وإن لم يطلع ملك الموت على ذلك أولا. والله أعلم. حديث أبي هريرة أيضا. قوله: "أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب" كذا قال شعيب عن الزهري. وتابعه محمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب كما سيأتي في التوحيد. وقال إبراهيم بن سعد عن الزهري على الوجهين. وقد جمع المصنف بين الروايتين في التوحيد إشارة إلى ثبوت ذلك عنه على الوجهين، وله أصل من حديث الأعرج من رواية عبد الله بن الفضل عنه وسيأتي بعد ثلاثة أبواب، ومن طريق أبي الزناد عنه كما سيأتي في الرقاق، ومن طريق أبي سلمة عن أبي هريرة أخرجه الترمذي وابن ماجه من طريق محمد بن عمرو عنه، ورواه - مع أبي هريرة - أبو سعيد وقد تقدم في الإشخاص بتمامه. قوله: "استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود" وقع في رواية عبد الله بن الفضل سبب ذلك، وأول حديثه "بينما يهودي يعرض سلعة أعطي بها شيئا كرهه فقال: لا والذي اصطفى موسى على البشر" ولم أقف على اسم هذا اليهودي في هذه القصة، وزعم ابن بشكوال أنه فنحاص بكسر الفاء وسكون النون ومهملتين وعزاه لابن إسحاق، والذي ذكره ابن إسحاق لفنحاص مع أبي بكر الصديق في لطمه إياه قصة أخرى في نزول قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} الآية. وأما كون اللاطم في هذه القصة هو الصديق فهو مصرح به فيما أخرجه سفيان بن عيينة في جامعه وابن أبي الدنيا في "كتاب البعث" من طريقه عن عمرو بن دينار عن عطاء، وابن جدعان عن سعيد بن المسيب قال: "كان بين رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبين رجل من اليهود كلام في شيء" فقال عمرو بن دينار: هو أبو بكر الصديق "فقال اليهودي والذي اصطفي موسى على البشر فلطمه المسلم" الحديث. قوله: "فرفع المسلم يده عند ذلك فلطم اليهودي" أي عند سماعه قول اليهودي: "والذي اصطفى موسى على العالمين" وإنما صنع ذلك لما فهمه من عموم لفظ العالمين فدخل فيه محمد صلى الله عليه وسلم، وقد تقرر عند المسلم أن محمدا أفضل، وقد جاء ذلك مبينا في حديث أبي سعيد أن الضارب قال لليهودي حين قال ذلك "أي خبيث على محمد" فدل على أنه لطم اليهودي عقوبة له على كذبه عنده.

(6/443)


ووقع في رواية إبراهيم بن سعد "فلطم وجه اليهودي" ووقع عند أحمد من هذا الوجه "فلطم على اليهودي" وفي رواية عبد الله بن الفضل "فسمعه رجل من الأنصار فلطم وجهه وقال: أتقول هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا" وكذا وقع في حديث أبي سعيد أن الذي ضربه رجل من الأنصار، وهذا يعكر على قول عمرو بن دينار أنه أبو بكر الصديق، إلا إن كان المراد بالأنصار المعنى الأعم فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه من أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعا، بل هو رأس من نصره ومقدمهم وسابقهم. قوله: "فأخبره الذي كان من أمر المسلم" زاد في رواية إبراهيم بن سعد "فدعا النبي صلى الله عليه وسلم المسلم فسأله عن ذلك فأخبره" وفي رواية ابن الفضل "فقال - أي اليهودي - يا أبا القاسم إن لي ذمة وعهدا فما بال فلان لطم وجهي؟ فقال: لم لطمت وجهه؟ - فذكره - فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى رؤي في وجهه" وفي حديث أبي سعيد "فقال: ادعوه لي، فجاء فقال: أضربته؟ قال: سمعته بالسوق يحلف" فذكر القصة. قوله: "لا تخيروني على موسى" في رواية ابن الفضل "فقال لا تفضلوا بين أنبياء الله" وفي حديث أبي سعيد "لا تخيروا بين الأنبياء". قوله: "فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق" في رواية إبراهيم بن سعد "فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأصعق معهم، فأكون أول من يفيق" لم يبين في رواية الزهري من الطريقين محل الإفاقة من أي الصعقتين ووقع في رواية عبد الله بن الفضل "فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث" وفي رواية الكشميهني أول من يبعث "والمراد بالصعق غشي يلحق من سمع صوتا أو رأى شيئا يفزع منه. وهذه الرواية ظاهرة في أن الإفاقة بعد النفخة الثانية، وأصرح من ذلك رواية الشعبي عن أبي هريرة في تفسير الزمر بلفظ: "إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الأخيرة" وأما ما وقع في حديث أبي سعيد "فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من تنشق عنه الأرض" كذا وقع بهذا اللفظ في كتاب الإشخاص، ووقع في غيرها "فأكون أول من يفيق" وقد استشكل، وجزم المزي فيما نقله عنه ابن القيم في "كتاب الروح" أن هذا اللفظ وهم من راويه وأن الصواب ما وقع في رواية غيره: "فأكون أول من يفيق" وأن كونه صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض صحيح، لكنه في حديث آخر ليس فيه قصة موسى انتهى. ويمكن الجمع بأن النفخة الأولي يعقبها الصعق من جميع الخلق أحيائهم وأمواتهم، وهو الفزع كما وقع في سورة النمل {فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} ثم يعقب ذلك الفزع للموتى زيادة فيما هم فيه وللأحياء موتا، ثم ينفخ الثانية للبعث فيفيقون أجمعين، فمن كان مقبورا انشقت عنه الأرض فخرج من قبره، ومن ليس بمقبور لا يحتاج إلى ذلك. وقد ثبت أن موسى ممن قبر في الحياة الدنيا، ففي صحيح مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره" أخرجه عقب حديث أبي هريرة وأبي سعيد المذكورين ولعله أشار بذلك إلى ما قررته. وقد استشكل كون جميع الخلق يصعقون مع أن الموتى لا إحساس لهم، فقيل المراد أن الذين يصعقون هم الأحياء، وأما الموتى فهم في الاستثناء في قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} أي إلا من سبق له الموت قبل ذلك فإنه لا يصعق، وإلي هذا جنح القرطبي. ولا يعارضه ما ورد في هذا الحديث أن موسى ممن استثنى الله لأن الأنبياء أحياء عند الله وإن كانوا في صورة الأموات بالنسبة إلى أهل الدنيا، وقد ثبت ذلك للشهداء. ولا شك أن الأنبياء أرفع رتبة من الشهداء وورد التصريح بأن الشهداء ممن استثنى الله أخرجه إسحاق بن راهويه وأبو يعلى من طريق زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة. وقال عياض: يحتمل أن يكون المراد صعقة فزع بعد البعث حين

(6/444)


تنشق السماء والأرض، وتعقبه القرطبي بأنه صرح صلى الله عليه وسلم بأنه حين يخرج من قبره يلقى موسى وهو متعلق بالعرش، وهذا إنما هو عند نفخة البعث انتهى. ويرده قوله صريحا كما تقدم: "إن الناس يصعقون فأصعق معهم" إلى آخر ما تقدم، قال: ويؤيده أنه عبر بقوله: "أفاق" لأنه إنما يقال أفاق من الغشي وبعث من الموت، وكذا عبر عن صعقة الطور بالإفاقة لأنها لم تكن موتا بلا شك، وإذا تقرر ذلك كله ظهر صحة الحمل على أنها غشية تحصل للناس في الموقف. هذا حاصل كلامه وتعقبه. قوله: "فأكون أول من يفيق" لم تختلف الروايات في الصحيحين في إطلاق الأولية، ووقع في رواية إبراهيم بن سعد عند أحمد والنسائي: "فأكون في أول من يفيق" أخرجه أحمد عن أبي كامل، والنسائي من طريق يونس بن محمد كلاهما عن إبراهيم، فعرف أن إطلاق الأولية في غيرها محمول عليها، وسببه التردد في موسى عليه السلام كما سيأتي، وعلى هذا يحمل سائر ما ورد في هذا الباب، كحديث أنس عند مسلم رفعه: "أنا أول من تنشق عنه الأرض" وحديث عبد الله بن سلام عند الطبراني. قوله: "فإذا موسى باطش بجانب العرش" أي آخذ بشيء من العرش بقوة، والبطش الأخذ بقوة. وفي رواية ابن الفضل "فإذا موسى آخذ بالعرش" وفي حديث أبي سعيد "آخذ بقائمة من قوائم العرش" وكذا في رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قوله: "فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله" أي فلم يكن ممن صعق، أي فإن كان أفاق قبلي فهي فضيلة ظاهرة وإن كان ممن استثنى الله فلم يصعق فهي فضيلة أيضا. ووقع في حديث أبي سعيد "فلا أدري كان فيمن صعق - أي فأفاق قبلي - أم حوسب بصعقته الأولى" أي التي صعقها لما سأل الرؤية، وبين ذلك ابن الفضل في روايته بلفظ: "أحوسب بصعقته يوم الطور" والجمع بينه وبين قوله: "أو كان ممن استثنى الله" أن في رواية ابن الفضل وحديث أبي سعيد بيان السبب في استثنائه، وهو أنه حوسب بصعقته يوم الطور فلم يكلف بصعقة أخرى. والمراد بقوله: "ممن استثنى الله" قوله: "إلا من شاء الله" وأغرب الداودي الشارح فقال: معنى قوله: "استثنى الله" أي جعله ثانيا، كذا قال، وهو غلط شنيع. وقد وقع في مرسل الحسن في "كتاب البعث لابن أبي الدنيا" في هذا الحديث: "فلا أدري أكان ممن استثنى الله أن لا تصيبه النفخة أو بعث قبلي" وزعم ابن القيم في "كتاب الروح" أن هذه الرواية وهو قوله: "أكان ممن استثنى الله" وهم من بعض الرواة، والمحفوظ "أو جوزي بصعقة الطور" قال: لأن الذين استثنى الله قد ماتوا من صعقة النفخة لا من الصعقة الأخرى، فظن بعض الرواة أن هذه صعقة النفخة وأن موسى داخل فيمن استثنى الله، قال: وهذا لا يلتئم على سياق الحديث، فإن الإقامة حينئذ هي إفاقة البعث فلا يحسن التردد فيها، وأما الصعقة العامة فإنها تقع إذا جمعهم الله تعالى لفصل القضاء فيصعق الخلق حينئذ جميعا إلا من شاء الله، ووقع التردد في موسى عليه السلام. قال: ويدل على ذلك قوله: "وأكون أول من يفيق" وهذا دال على أنه ممن صعق، وتردد في موسى هل صعق فأفاق قبله أم لم يصعق؟ قال: ولو كان المراد الصعقة الأولى للزم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم جزم بأنه مات، وتردد في موسى هل مات أم لا، والواقع أن موسى قد كان مات لما تقدم من الأدلة، فدل على أنها صعقة فزع لا صعقة موت، والله أعلم. ووقع في رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عند ابن مردويه "أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، فأنفض التراب عن رأسي، فآتي قائمة العرش فأجد موسى قائما عندها فلا أدري، أنفض التراب عن رأسه قبلي أو كان ممن استثنى الله" ويحتمل قوله في هذه الرواية: "أنفض التراب قبلي" تجويز المعية في الخروج من القبر أو هي كناية عن الخروج من القبر، وعلى كل تقدير ففيه فضيلة لموسى

(6/445)


كما تقدم. "تكميل": زعم ابن حزم أن النفخات يوم القيامة أربع: الأولى: نفخة إماتة يموت فيها من بقي حيا في الأرض، والثانية نفخة إحياء يقوم بها كل ميت وينشرون من القبور ويجمعون للحساب، والثالثة نفخة فزع وصعق يفيقون منها كالمغشي عليه لا يموت منها أحد، والرابعة: نفخة إفاقة من ذلك الغشي. وهذا الذي ذكره من كون الثنتين أربعا ليس بواضح بل هما نفختان فقط، ووقع التغاير في كل واحدة منهما باعتبار من يستمعهما، فالأولى: يموت بها كل من كان حيا ويغشى على من لم يمت ممن استثنى الله، والثانية: يعيش بها من مات ويفيق بها من غشي عليه والله أعلم. قال العلماء في نهيه صلى الله عليه وسلم عن التفضيل بين الأنبياء: إنما نهى عن ذلك من يقوله برأيه لا من يقوله بدليل أو من يقوله بحيث يؤدي إلى تنقيص المفضول أو يؤدي إلى الخصومة والتنازع، أو المراد لا تفضلوا بجميع أنواع الفضائل بحيث لا يترك للمفضول فضيلة، فالإمام مثلا إذ قلنا إنه أفضل من المؤذن لا يستلزم نقص فضيلة المؤذن بالنسبة إلى الأذان، وقيل: النهى عن التفضيل إنما هو في حق النبوة نفسها كقوله تعالى: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} ولم ينه عن تفضيل بعض الذوات على بعض لقوله: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}. وقال الحليمي الأخبار الواردة في النهي عن التخيير إنما هي في مجادلة أهل الكتاب وتفضيل بعض الأنبياء على بعض بالمخايرة، لأن المخايرة إذا وقعت بين أهل دينين لا يؤمن أن يخرج أحدهما إلى ازدراء بالآخر فيفضي إلى الكفر، فأما إذا كان التخيير مستندا إلى مقابلة الفضائل لتحصيل الرجحان فلا يدخل في النهي، وسيأتي مزيد لذلك في قصة يونس إن شاء الله تعالى. الحديث الثالث: حديث أبي هريرة "احتج آدم وموسى" سيأتي شرحه في كتاب القدر، والغرض منه شهادة آدم لموسى أن الله اصطفاه. "تنبيه": قوله: "ثم تلومني" كذا للأكثر بالمثلثة والميم المشددة، ووقع للأصيلي والمستملي بالموحدة وتخفيف الميم. الحديث الرابع: حديث ابن عباس في عرض الأمم، أورده مختصرا، وسيأتي بتمامه مع شرحه في الرقاق إن شاء الله تعالى، وفيه أن أمة موسى أكثر الأمم بعد أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

(6/446)


باب قول الله تعالى { و ضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون ـ إلى قوله ـ و كانت من القانتين }
...
32 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [11 التحريم]: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ} إلى قوله: {وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ}
3411- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ".
[الحديث 3411 – أطرافه في: 3433، 3769، 5418]
قوله: "باب قول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ} إلى قوله: {وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ}" كذا للأكثر، وسقط من رواية أبي ذر {لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ} والغرض من هذه الترجمة ذكر آسية وهي بنت مزاحم امرأة فرعون، قيل إنها من بني إسرائيل وإنها عمة موسى، وقيل إنها من العماليق، وقيل: ابنة عم فرعون. وأما مريم فسيأتي ذكرها مفردا بعد. قوله: "عن عمرو بن مرة عن مرة الهمداني" مرة والد عمرو غير مرة شيخه، وهو عمرو بن مرة بن عبيد الله بن طارق الجملي - بفتح الجيم والميم - المرادي، ثقة عابد من صغار

(6/446)


التابعين. وقد وقع في الأطعمة عمرو بن مرة الجملي، وأما شيخه مرة فهو ابن شراحيل، مخضرم ثقة عابد أيضا من كبار التابعين، يقال له مرة الطيب ومرة الخير. قوله: "كمل" بضم الميم وبفتحها. قوله: "ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران" استدل بهذا الحصر على أنهما نبيتان لأن أكمل النوع الإنساني الأنبياء ثم الأولياء والصديقون والشهداء، فلو كانتا غير نبيتين للزم ألا يكون في النساء ولية ولا صديقة ولا شهيدة، والواقع أن هده الصفات في كثير منهن موجودة فكأنه قال ولم ينبأ من النساء إلا فلانة وفلانة، ولو قال لم تثبت صفة الصديقية أو الولاية أو الشهادة إلا لفلانة وفلانة لم يصح لوجود ذلك في غيرهن، إلا أن يكون المراد في الحديث كمال غير الأنبياء فلا يتم الدليل على ذلك لأجل ذلك والله أعلم. وعلى هذا فالمراد من تقدم زمانه صلى الله عليه وسلم، ولم يتعرض لأحد من نساء زمانه إلا لعائشة، وليس فيه تصريح بأفضلية عائشة رضي الله عنها على غيرها لأن فضل الثريد على غيره من الطعام إنما هو لما فيه من تيسير المؤنة وسهولة الإساغة، وكان أجل أطعمتهم يومئذ، وكل هذه الخصال لا تستلزم ثبوت الأفضلية له من كل جهة، فقد يكون مفضولا بالنسبة لغيره من جهات أخرى. وقد ورد في هذا الحديث من الزيادة بعد قوله: ومريم ابنة عمران "وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد" أخرجه الطبراني عن يوسف بن يعقوب القاضي عن عمرو بن مرزوق عن شعبة بالسند المذكور هنا، وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" في ترجمة عمرو بن مرة أحد رواته عند الطبراني بهذا الإسناد، وأخرجه الثعلبي في تفسيره من طريق عمرو بن مرزوق به، وقد ورد من طريق صحيح ما يقتضي أفضلية خديجة وفاطمة على غيرهما وذلك فيما سيأتي في قصة مريم من حديث علي بلفظ: "خير نسائها خديجة" وجاء في طريق أخرى ما يقتضي أفضلية خديجة وفاطمة وذلك فيما أخرجه ابن حبان وأحمد وأبو يعلى والطبراني وأبو داود في "كتاب الزهد" والحاكم كلهم من طريق موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون" وله شاهد من حديث أبي هريرة في "الأوسط للطبراني" ولأحمد في حديث أبي سعيد رفعه: "فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران" وإسناده حسن، وإن ثبت ففيه حجة لمن قال إن آسية امرأة فرعون ليست نبية، وسيأتي في مناقب فاطمة قوله صلى الله عليه وسلم لها إنها سيدة نساء أهل الجنة مع مزيد بسط لهذه المسألة هناك إن شاء الله تعالى، ويأتي في الأطعمة زيادة فيما يتعلق بالثريد، قال القرطبي: الصحيح أن مريم نبية لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملك، وأما آسية فلم يرد ما يدل على نبوتها. وقال الكرماني: لا يلزم من لفظة الكمال ثبوت نبوتها لأنه يطلق لتمام الشيء وتناهيه في بابه، فالمراد بلوغها النهاية في جميع الفضائل التي للنساء. قال: وقد نقل الإجماع على عدم نبوة النساء، كذا قال، وقد نقل عن الأشعري أن من النساء من نبيء وهن ست: حواء وسارة وأم موسى وهاجر وآسية ومريم، والضابط عنده أن من جاءه الملك عن الله بحكم من أمر أو نهى أو بإعلام مما سيأتي فهو نبي، وقد ثبت مجيء الملك لهؤلاء بأمور شتى من ذلك من عند الله عز وجل، ووقع التصريح بالإيحاء لبعضهن في القرآن. وذكر ابن حزم في "الملل والنحل" أن هذه المسألة لم يحدث التنازع فيها إلا في عصره بقرطبة، وحكى عنهم أقوالا ثالثها الوقف، قال: وحجة المانعين قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً} قال: وهذا لا حجة فيه فإن أحدا لم يدع فيهن الرسالة، وإنما الكلام في النبوة فقط. قال: وأصرح ما ورد في ذلك قصة مريم، وفي قصة أم موسى ما يدل على ثبوت ذلك لها من مبادرتها

(6/447)


بإلقاء ولدها في البحر بمجرد الوحي إليها بذلك، قال: وقد قال الله تعالى بعد أن ذكر مريم والأنبياء بعدها {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} فدخلت في عمومه والله أعلم. ومن فضائل آسية امرأة فرعون أنها اختارت القتل على الملك والعذاب في الدنيا على النعيم الذي كانت فيه، وكانت فراستها في موسى عليه السلام صادقة حين قالت: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي}

(6/448)


33 - باب {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} الْآيَةَ
{لَتَنُوءُ}: لَتُثْقِلُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أُولِي الْقُوَّةِ}: لاَ يَرْفَعُهَا الْعُصْبَةُ مِنْ الرِّجَالِ. يُقَالُ {الْفَرِحِينَ}: الْمَرِحِينَ. {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ}: مِثْلُ {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} وَيُوَسِّعُ عَلَيْهِ وَيُضَيِّقُ
قوله: "باب {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} الآية" هو قارون بن يصفد بن يصهر ابن عم موسى، وقيل: كان عم يوسف. والأول أصح فقد روى ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن ابن عباس أنه كان ابن عم موسى قال: وكذا قال قتادة وإبراهيم النخعي وعبد الله بن الحارث وسماك بن حرب، واختلف في تفسير بغي قارون فقيل: الحسد، لأنه قال: ذهب موسى وهارون بالأمر فلم يبق لي شيء. وقيل: أنه واطأ امرأة من البغايا أن تقذف موسى بنفسها فألهمها الله أن اعترفت بأنه هو الذي حملها على ذلك. وقيل: الكبر، لأنه طغى بكثرة ماله. وقيل: هو أول من أطال ثيابه حتى زادت على قامته شبرا. قوله: "لتنوء: لتثقل" هو تفسير ابن عباس أورده ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه في قوله: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} يقول تثقل. قوله: "قال ابن عباس: أولي القوة لا يرفعها العصبة من الرجال" واختلف في العصبة فقيل عشرة، وقيل: خمسة عشر، وقيل: أربعون، وقيل: من عشرة إلى أربعين. قوله: "الفرحين: المرحين" هو تفسير ابن عباس أورده ابن أبي حاتم أيضا من طريق ابن أبي طلحة عنه في قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} أي المرحين، والمعنى أنهم يبطرون فلا يشكرون الله على نعمه. قوله: "ويكأن الله، مثل ألم تر أن الله" هو قول أبي عبيدة، واستشهد بقول الشاعر:
ويكأن من يكن له نشب يحبـ ... ـب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وذهب قطرب إلى أن "وي" كلمة تفجع و "كأن" حرف تشبيه، وعن الفراء هي كلمة موصولة. قوله: "يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر: يوسع عليه ويضيق" قال أبو عبيدة في قوله: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ } يوسع ويكثر. وفي قوله: {وَيَقْدِرُ} هو مثل قوله: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أي ضاق. "تنبيه": لم يذكر المصنف في قصة قارون إلا هذه الآثار، وهي ثابتة في رواية المستملي والكشميهني فقط. وقد أخرج ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: كان موسى يقول لبني إسرائيل إن الله يأمركم بكذا حتى دخل عليهم في أموالهم فشق ذلك على قارون فقال لبني إسرائيل: إن موسى يقول: من زنى رجم، فتعالوا نجعل لبغي شيئا حتى تقول إن موسى فعل بها فيرجم فنستريح منه، ففعلوا ذلك، فلما خطبهم موسى قالوا له: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا. فقالوا: فقد زنيت، فأرسلوا إلى المرأة فلما جاءت عظم عليها موسى، وسألها بالذي فلق البحر لبني إسرائيل إلا صدقت، فأقرت بالحق، فخر موسى ساجدا يبكي، فأوحى الله إليه: إني أمرت الأرض أن تطيعك

(6/448)


فأمرها بما شئت، فأمرها فخسفت بقارون ومن معه. وكان من قصة قارون أنه حصل أموالا عظيمة جدا حتى قيل: كانت مفاتيح خزائنه كانت من جلود تحمل على أربعين بغلا وكان يسكن تنيس، فحكي أن عبد العزيز الحروري ظفر ببعض كنوز قارون وهو أمير على تنيس، فلما مات تأمر ابنه على مكانه وتورع ابنه الحسن بن عبد العزيز عن ذلك فيقال: إن عليا كتب إلى أخيه الحسن إني استطيبت لك من مال أبيك مائة ألف دينار فخدها فقال: أنا تركت الكثير من ماله لأنه لم يطب لي فكيف هذا القليل؟ وقد روى البخاري في هذا الصحيح عن الحسن بن عبد العزيز هذا.

(6/449)


باب قول الله تعالى { و إلى مدين أخاهم شعيبا }
...
34 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [85 الأعراف، 84 هود، 36 العنكبوت]: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ لِأَنَّ مَدْيَنَ بَلَدٌ وَمِثْلُهُ {وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ} {وَاسْأَلْ الْعِيرَ} يَعْنِي أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَأَهْلَ الْعِيرِ. {وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ، يُقَالُ: إِذَا لَمْ يَقْضِ حَاجَتَهُ ظَهَرْتَ حَاجَتِي وَجَعَلْتَنِي ظِهْرِيًّا قَالَ الظِّهْرِيُّ أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وِعَاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ {مَكَانَتُهُمْ} وَمَكَانُهُمْ وَاحِدٌ. {يَغْنَوْا}: يَعِيشُوا {تَأْسَ}: تَحْزَنْ. {آسَى}: أَحْزَنُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: {إِنَّكَ لاَنْتَ الْحَلِيمُ}: يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَيْكَةُ}: الأَيْكَةُ. {يَوْمِ الظُّلَّةِ}: إِظْلاَلُ الْغَمَامِ الْعَذَابَ عَلَيْهِمْ.
قوله: "باب قول الله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}" هو شعيب بن ميكيل بن يشجر بن لاوي بن يعقوب، كذا قال ابن إسحاق ولا يثبت. وقيل: يشجر بن عنقا بن مدين بن إبراهيم. وقيل: هو شعيب بن صفور بن عنقا بن ثابت بن مدين. وكأن مدين ممن آمن بإبراهيم لما أحرق. وروى ابن حبان في حديث أبي ذر الطويل "أربعة من العرب: هود وصالح وشعيب ومحمد" فعلى هذا هو من العرب العاربة. وقيل: إنه من بني عنزة بن أسد، ففي حديث سلمة بن سعيد العنزي "أنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فانتسب إلى عنزة فقال: نعم الحي عنزة مبغي عليهم منصورون رهط شعيب وأختان موسى" أخرجه الطبراني، وفي إسناده مجاهيل. قوله: "إلى أهل مدين، لأن مدين بلد ومثله "واسأل القرية - واسأل العير" يعني أهل القرية وأهل العير" هو قول أبي عبيدة قاله في تفسير سورة هود. قوله: "وراءكم ظهريا لم يلتفتوا إليه، ويقال إذا لم تقض حاجته ظهرت حاجتي وجعلتني ظهريا قال: الظهري أن تأخذ معك دابة أو وعاء تستظهر به" قال أبو عبيدة في قوله: {وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً} أي ألقيتموه خلف ظهوركم فلم تلتفتوا إليه، وتقول للذي لا يقضي حاجتك ولا يلتفت إليها: ظهرت بحاجتي وجعلتها ظهرية أي خلف ظهرك، قال الشاعر: "وجدنا بني البرصاء من ولد الظهر" أي من الذين يظهرون بهم ولا يلتفتون إليهم. قوله: "مكانتهم ومكانهم واحد" هكذا وقع، وإنما هو في قصة شعيب "مكانتكم" في قوله: {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ}، ثم هو قول أبي عبيدة قال في تفسير سورة يس في قوله: "مكانتهم" المكان والمكانة واحد. قوله: "يغنوا: يعيشوا" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} أي لم ينزلوا فيها ولم يعيشوا فيها، قال: والمغني الدار، الجمع مغاني، يغني بالغين المعجمة. قوله: "تأس: تحزن، آسى: أحزن" قال أبو عبيدة في قوله: {فَكَيْفَ آسَى} أي أحزن وأندم وأتوجع، والمصدر الأسى، وأما قوله: "تأس: تحزن" فهو من قوله تعالى لموسى: {فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}

(6/449)


وذكره المصنف هنا استطرادا. قوله: "وقال الحسن: إنك لأنت الحليم الرشيد يستهزئون به" وصله ابن أبي حاتم من طريق أبي المليح عن الحسن البصري بهذا، وأراد الحسن أنهم قالوا له ذلك على سبيل الاستعارة التهكمية ومرادهم عكس ذلك. قوله: "وقال مجاهد: ليكة الأيكة، يوم الظلة إظلال العذاب عليهم" وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: { كَذَّبَ أَصْحَابُ ليْكَةِ} كذا قرأها، وهي قراءة أهل مكة ابن كثير وغيره. وفي قوله: {عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} قال: إظلال العذاب إياهم. "تنبيه": لم يذكر المصنف في قصة شعيب سوى هذه الآثار، وهي للكشميهني والمستملي فقط. قد ذكر الله تعالى قصته في الأعراف وهود والشعراء والعنكبوت وغيرها، وجاء عن قتادة أنه أرسل إلى أمتين: أصحاب مدين وأصحاب الأيكة، ورجح بأنه وصف في أصحاب مدين بأنه أخوهم بخلاف أصحاب الأيكة وقال في أصحاب مدين {أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} والصيحة. وفي أصحاب الأيكة {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} والجمهور على أن أصحاب مدين هم أصحاب الأيكة، وأجابوا عن ترك ذكر الأخوة في أصحاب الأيكة بأنه لما كانوا يعيدون الأيكة ووقع في صدر الكلام بأنهم أصحاب الأيكة ناسب أن لا يذكر الأخوة، وعن الثاني بأن المغايرة في أنواع العذاب إن كانت تقتضي المغايرة في المعذبين فليكن الذين عذبوا بالرجفة غير الذين عذبوا بالصيحة، والحق أنهم أصابهم جميع ذلك، فإنهم أصابهم حر شديد فخرجوا من البيوت فأظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها فرجفت بهم الأرض من تحتهم وأخذتهم الصيحة من فوقهم، وسيأتي الكلام على الأيكة في التفسير إن شاء الله تعالى.

(6/450)


باب قول الله تعالى { و إن يونس لمن المرسلين ـ إلى قوله ـ فمتعناهم إلى حين }
...
35 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [139 الصافات]: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ} إلى قوله: {فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} إلى قوله {وَهُوَ مُلِيمٌ}
قَالَ مُجَاهِدٌ: مُذْنِبٌ الْمَشْحُونُ الْمُوقَرُ {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ} الْآيَةَ {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ} بِوَجْهِ الأَرْضِ {وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} مِنْ غَيْرِ ذَاتِ أَصْلٍ الدُّبَّاءِ وَنَحْوِهِ {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [48 القلم] {وَلاَ تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ}، {كَظِيمٌ}: وَهُوَ مَغْمُومٌ
3412- حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان قال حدثني الأعمش حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقولن أحدكم إني خير من يونس". زاد مسدد: "يونس بن متى".
[الحديث 3412 – طرفاه في: 4603، 4804]
3413- حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي العالية عن بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما ينبغي لعبد أن يقول إني خير من يونس بن متى". ونسبه إلى أبيه.
3414- حدثنا يحيى بن بكير عن الليث عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بينما زفر يعرض سلعته أعطي بها شيئا كرهه فقال لا والذي اصطفى موسى على البشر فسمعه رجل من الأنصار فقام فلطم وجهه وقال تقول والذي اصطفى موسى على البشر والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا فذهب إليه فقال أبا القاسم إن لي ذمة وعهدا فما بال فلان لطم وجهي فقال لم لطمت وجهه فذكره فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى رؤى في وجهه ثم قال لا تفضلوا بين

(6/450)


أنبياء الله فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث فإذا موسى آخذ بالعرش فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور أم بعث قبلي".
3415- "ولا أقول إن أحدا أفضل من يونس بن متى".
[الحديث 3415 – أطرافه في: 3416، 4604، 4631، 4805]
3416- حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم سمعت حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى".
قوله: "باب قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ} إلى قوله: {فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} إلى قوله {وَهُوَ مُلِيمٌ}" هو يونس بن متى بفتح الميم وتشديد المثناة مقصور، ووقع في تفسير عبد الرزاق أنه اسم أمه، وهو مردود بما في حديث ابن عباس في هذا الباب: "ونسبه إلى أبيه" فهذا أصح، ولم أقف في شيء من الأخبار على اتصال نسبه، وقد قيل إنه كان في زمن ملوك الطوائف من الفرس. قوله: "قال مجاهد: مذنب" يعني تفسير قوله: {وَهُوَ مُلِيمٌ} وقد أخرجه ابن جرير من طريق مجاهد قال: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} من ألام الرجل إذا أتى بما يلام عليه. ثم قال الطبري: المليم هو المكتسب اللوم. قوله: "والمشحون الموقر" وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال المشحون المملوء، ومن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس المشحون الموقر. قوله: "فلولا أنه كان من المسبحين - الآية - فنبذناه بالعراء: بوجه الأرض" قال أبو عبيدة في قوله: { فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ}: أي بوجه الأرض، والعرب تقول نبذته بالعراء أي بالأرض الفضاء، قال الشاعر: "ونبذت بالبلد العراء ثيابي" والعراء الذي لا شيء فيه يواري من شجر ولا غيره. وقال الفراء: العراء المكان الخالي. قوله: "من يقطين: من غير ذات أصل، الدباء ونحوه" وصله عبد بن حميد من طريق مجاهد وزاد: ليس لها ساق، وكذا قال أبو عبيدة: كل شجرة لا تقوم على ساق فهي يقطين نحو الدباء والحنظل والبطيخ، والمشهور أنه القرع، وقيل التين وقيل الموز، وجاء في حديث مرفوع في القرع "هي شجرة أخي يونس". قوله: "ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم. كظيم: مغموم" كذا فيه، والذي قاله أبو عبيدة في قوله تعالى: {إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ}: أي من الغم مثل كظيم. وروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَهُوَ مَكْظُومٌ} يقول: مغموم. ثم ذكر حديث ابن مسعود "لا يقولن أحدكم إني خير من يونس بن متى" وحديث ابن عباس "لا ينبغي لعبد أن يقول إني خير من يونس بن متى، ونسبه إلى أبيه" وحديث أبي هريرة في قصة المسلم الذي لطم اليهودي وقد تقدم شرحها في أواخر قصة موسى. وقال في آخره في هذه الرواية: "ولا أقول إن أحد أفضل من يونس بن متى" وحديثه من وجه آخر مختصرا مقتصرا على مثل لفظ حديث ابن عباس. وقد وقع في حديث عبد الله بن جعفر عند الطبراني بلفظ: "لا ينبغي لنبي أن يقول إلخ" وهذا يؤيد أن قوله في الطريق الأولى: "إن" المراد بها النبي صلى الله عليه وسلم. وفي رواية للطبراني في حديث ابن عباس "ما ينبغي لأحد أن يقول أنا عند الله خير من يونس" وفي رواية للطحاوي "أنه سبح الله في الظلمات" فأشار إلى جهة الخيرية المذكورة، وأما قوله في الرواية الأولى "ونسبه إلى أبيه" ففيه إشارة إلى الرد

(6/451)


على من زعم أن متى اسم أمه، وهو محكي عن وهب بن منبه في "المبتدأ"، وذكره الطبري وتبعه ابن الأثير في "الكامل" والذي في الصحيح أصح. وقيل: سبب قوله: "ونسبه إلى أبيه" أنه كان في الأصل يونس ابن فلان فنسي الراوي اسم الأب وكنى عنه بفلان، وقيل: إن ذلك هو السبب في نسبته إلى أمه فقال الذي نسي اسم أبيه يونس ابن متي وهو أمه ثم اعتذر فقال ونسبه - أي شيخه - إلى أبيه أي سماه فنسبه، ولا يخفى بعد هذا التأويل وتكلفه، قال العلماء إنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك تواضعا إن كان قاله بعد أن أعلم أنه أفضل الخلق، وإن كان قاله قبل علمه بذلك فلا إشكال، وقيل: خص يونس بالذكر لما يخشى على من سمع قصته أن يقع في نفسه تنقيص له فبالغ في ذكر فضله لسد هذه الذريعة. وقد روى قصته السدي في تفسيره بأسانيده عن ابن مسعود وغيره: "إن الله بعث يونس إلى أهل نينوى وهي من أرض الموصل فكذبوه، فوعدهم بنزول العذاب في وقت معين، وخرج عنهم مغاضبا لهم، فلما رأوا آثار ذلك خضعوا وتضرعوا وآمنوا، فرحمهم الله فكشف عنهم العذاب، وذهب يونس فركب سفينة فلججت به، فاقترعوا فيمن يطرحونه منهم فوقعت القرعة عليه ثلاثا، فالتقمه الحوت" وروى ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن ميمون عن ابن مسعود بإسناد صحيح إليه نحو ذلك وفيه: "وأصبح يونس فأشرف على القرية فلم ير العذاب وقع عليهم، وكان في شريعتهم من كذب قتل، فانطلق مغاضبا حتى ركب سفينة - وقال فيه - فقال لهم يونس إن معهم عبدا آبقا من ربه وإنها لا تسير حتى تلقوه، فقالوا: لا نلقيك يا نبي الله أبدا، قال فاقترعوا فخرج عليه ثلاث مرات، فألقوه فالتقمه الحوت فبلغ به قرار الأرض، فسمع تسبيح الحصى {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ} الآية. وروى البزار وابن جرير من طريق عبد الله بن نافع عن أبي هريرة رفعه: "لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت أمر الله الحوت أن لا يكسر له عظما ولا يخدش له لحما، فلما انتهى به إلى قعر البحر سبح الله فقالت الملائكة: يا ربنا إنا نسمع صوتا بأرض غريبة. قال: ذاك عبدي يونس، فشفعوا له، فأمر الحوت فقذفه في الساحل - قال ابن مسعود - كهيئة الفرخ ليس عليه ريش" وروى ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك قال: لبث في بطن الحوت أربعين يوما. ومن طريق جعفر الصادق قال: سبعة أيام، ومن طريق قتادة قال: ثلاثا، ومن طريق الشعبي قال: التقمه ضحى، ولفظه عشية.

(6/452)


باب { و اسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت }
...
36 – باب [163 الأعراف]: {وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} يَتَعَدَّوْنَ يُجَاوِزُونَ فِي السَّبْتِ. {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا}: شَوَارِعَ {وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ} إلى قوله: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}
قوله: "باب قوله تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ}" الجمهور أن القرية المذكورة أيلة وهي التي على طريق الحاج الذاهب إلى مكة من مصر، وحكى ابن التين عن الزهري أنها طبرية. قوله: "{إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ}: يتعدون، يتجاوزون" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ}: أي يتعدون فيه عما أمروا به ويتجوزون. قوله: "شرعا: شوارع - إلى قوله: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}" هو قول أبي عبيدة أيضا. قوله: "بئيس" شديد، قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ}: أي شديد وزنا ومعنى، قال الشاعر:
حنقا علي وما ترى ... لي فيهم أمرا بئيسا

(6/452)


هذا على إحدى القراءتين، والأخرى بوزن حذر، وقرئ شاذا بوزن هين وهين مذكرين. "تنبيه": لم يذكر المصنف في هذه القصة حديثا مسندا، وقد روى عبد الرزاق من حديث ابن عباس بسند فيه مبهم، وحكاه مالك عن يزيد بن رومان معضلا، وكذا قال قتادة: إن أصحاب السبت كانوا من أهل أيلة وأنهم لما تحيلوا علي صيد السمك بأن نصبوا الشباك يوم السبت ثم صادوها يوم الأحد فأنكر عليهم قوم ونهوهم فأغلظوا لهم، فقالت طائفة أخرى دعوهم واعتزلوا بنا عنهم، فأصبحوا يوما فلم يروا الذين اعتدوا، ففتحوا أبوابهم فأمروا رجلا أن يصعد على سلم فأشرف عليهم فرآهم قد صاروا قردة، فدخلوا عليهم فجعلوا يلوذون بهم، فيقول الذين نهوهم: ألم نقل لكم، ألم ننهكم؟ فيشيرون برءوسهم. وروى ابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس: "أنهم لم يعيشوا إلا قليلا وهلكوا" وروى ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس "صار شبابهم قردة وشيوخهم خنازير".

(6/453)


باب قوله تعالى { و آتينا داود زبورا }
...
37 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [162 النساء، 55 الإسراء]: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا}
{الزُّبُرُ}: الْكُتُبُ وَاحِدُهَا زَبُورٌ زَبَرْتُ كَتَبْتُ {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ}: قَالَ مُجَاهِدٌ: سَبِّحِي مَعَهُ {وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنْ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} الدُّرُوعَ {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} الْمَسَامِيرِ وَالْحَلَقِ وَلاَ يُدِقَّ الْمِسْمَارَ فَيَتَسَلْسَلَ وَلاَ يُعَظِّمْ فَيَفْصِمَ {وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
3417- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَم الْقُرْآنُ فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَوَابِّهِ فَتُسْرَجُ فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ دَوَابُّهُ وَلاَ يَأْكُلُ إِلاَّ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ" رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3418- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَهُ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَقُولُ وَاللَّهِ لاَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلاَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهِ لاَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلاَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ قُلْتُ قَدْ قُلْتُهُ قَالَ إِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ وَصُمْ مِنْ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ فَقُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ قَالَ قُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ قُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لاَ

(6/453)


أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ".
3419- حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا مسعر حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي العباس عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم أنبأ أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟ فقلت: نعم. فقال: فإنك إذا فعلت ذلك هجمت العين ونفهت النفس صم من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صوم الدهر أو كصوم الدهر. قلت: إني أجد بي قال مسعر يعني قوة قال: فصم صوم داود عليه السلام وكان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر إذا لاقى".
قوله: "باب قول الله تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا}" هو داود بن إيشا بكسر الهمز وسكون التحتانية بعدها معجمة ابن عوبد بوزن جعفر بمهملة وموحدة ابن باعر بموحدة ومهملة مفتوحة ابن سلمون بن يارب بتحتانية وآخره موحدة ابن رام بن حضرون بمهملة ثم معجمة ابن فارص بفاء وآخره مهملة ابن يهوذا بن يعقوب. قوله: "الزبر: الكتب واحدها زبور، زبرت: كتبت" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} أي كتب الأولين واحدها زبور. وقال الكسائي: زبور بمعنى مزبور، تقول زبرته فهو مزبور مثل كتبته فهو مكتوب، وقرئ بضم أوله وهو جمع زبر. قلت: الضم قراءة حمزة. قوله: "أوبي معه: قال مجاهد: سبحي معه" وصله الفريابي من طريق مجاهد مثله، وعن الضحاك هو بلسان الحبشة. وقال قتادة: معنى أوبي سيري. قوله: "أن أعمل سابغات: الدروع" قال أبو عبيدة في قوله: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} أي دروعا واسعة طويلة. قوله: "وقدر في السرد: المسامير والحلق، ولا ترق السمار فيسلس، ولا تعظم فينفصم" كذا في رواية الكشميهني، ولغيره: "لا تدق" بالدال بدل الراء، وعندهم "فيتسلسل" وفي آخره: "فيفصم" بغير نون، ووافقه الأصيلي في قوله: "فيسلس" وهو بفتح اللام ومعناه فيخرج من الثقب برفق أو يصير متحركا فيلين عند الخروج. وأما الرواية الأخرى "فيتسلسل" أي يصير كالسلسلة في اللين، والأول أوجه، والفصم بالفاء القطع من غير إبانة. وهذا التفسير وصله الفريابي من طريق مجاهد في قوله: {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} أي قدر المسامير والحلق، وروى إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" من طريق مجاهد في قوله: {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}: لا ترق المسامير فيسلس، ولا تغلظه فيفصمها. وقال أبو عبيدة: يقال درع مسردة أي مستديرة الحلق، قال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تبع
وهو مثل مسمار السفينة. قوله: "أفرغ أنزل" لم أعرف المراد من هذه الكلمة هنا، واستقريت قصة داود في المواضع التي ذكرت فيها فلم أجدها، وهذه الكلمة والتي بعدها في رواية الكشميهني وحده. قوله: "بسطة: زيادة وفضلا" قال أبو عبيدة في قوله: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} أي زيادة وفضلا وكثرة، وهذه الكلمة في قصة طالوت وكأنه ذكرها لما كان آخرها متعلقا بداود فلمح بشيء من قصة طالوت، وقد قصها الله في القرآن. ثم ذكر ثلاثة أحاديث: الأول: حديث همام عن أبي هريرة: "خفف على داود القرآن" في رواية الكشميهني: "القراءة"

(6/454)


قيل: المراد بالقرآن القراءة، والأصل في هذه اللفظة الجمع وكل شيء جمعته فقد قرأته، وقيل: المراد الزبور وقيل: التوراة، وقراءة كل نبي تطلق علي كتابه الذي أوحي إليه، وإنما سماه قرآنا للإشارة إلى وقوع المعجزة به كوقوع المعجزة بالقرآن أشار إليه صاحب "المصابيح" والأول أقرب، وإنما ترددوا بين الزبور والتوراة لأن الزبور كله مواعظ، وكانوا يتلقون الأحكام من التوراة. قال قتادة: كنا نتحدث أن الزبور مائة وخمسون سورة كلها مواعظ وثناء، ليس فيه حلال ولا حرام ولا فرائض ولا حدود، بل كان اعتماده على التوراة، أخرجه ابن أبي حاتم وغيره. وفي الحديث أن البركة قد تقع في الزمن اليسير حتى يقع فيه العمل الكثير. قال النووي: أكثر ما بلغنا من ذلك من كان يقرأ أربع ختمات بالليل وأربعا بالنهار، وقد بالغ بعض الصوفية في ذلك فادعى شيئا مفرطا، والعلم عند الله. قوله: "بدوابه" في رواية موسى بن عقبة الآتية "بدابته" بالإفراد، وكذا هو في التفسير، ويحمل الإفراد على الجنس، أو المراد بها ما يختص بركوبه، وبالجمع ما يضاف إليها مما يركبه أتباعه. قوله: "فيقرأ القرآن قبل أن تسرج" في رواية موسى "فلا تسرج حتى يقرأ القرآن". قوله: "ولا يأكل آلا من عمل يده" تقدم شرحه في أوائل البيوع وأن فيه دليلا على أنه أفضل المكاسب، وقد استدل به على مشروعية الإجارة من جهة أن عمل اليد أعم من أن يكون للغير أو للنفس، والذي يظهر أن الذي كان يعمله داود بيده هو نسج الدروع، وألان الله له الحديد، فكان ينسج الدروع ويبيعها ولا يأكل إلا من ثمن ذلك مع كونه كان من كبار الملوك، قال الله تعالى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ}، وفي حديث الباب أيضا ما يدل على ذلك، وأنه مع سعته بحيث أنه كان له دواب تسرج إذا أراد أن يركب ويتولى خدمتها غيره، ومع ذلك كان يتورع ولا يأكل إلا مما يعمل بيده. قوله: "رواه موسى بن عقبة عن صفوان بن سليم إلخ" وصله المصنف في كتاب خلق أفعال العباد عن أحمد بن أبي عمرو عن أبيه - وهو حفص بن عبد الله - عن إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة. حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في مراجعة النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل وصيام النهار، أورده من طريقين، وقد تقدم في صلاة الليل، والغرض منه قوله: "صيام داود".

(6/455)


باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، و أحب الصيام إلى الله صيام داود : كان ينام نصف الليل ، و يقوم ثلثه و ينام سدسه . و يصوم يوما و يفطر يوما
...
38 - باب أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ. كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ. وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ: "مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إِلاَّ نَائِمًا".
3420- حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس الثقفي سمع عبد الله بن عمرو قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه".
قوله: "باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود إلخ" يشير إلى الحديث المذكور قبله. قوله: "قال علي: هو قول عائشة ما ألفاه السحر عندي إلا نائما" هكذا وقع في رواية المستملي والكشميهني، وأما غيرهما فذكر الطريق الثالثة مضمومة إلى ما قبله دون الباب ودون قول علي، ولم أره منسوبا، وأظنه علي بن المديني شيخ البخاري،

(6/455)


وأراد بذلك بيان المراد بقوله: "وينام سدسه" أي السدس الأخير، وكأنه قال: يوافق ذلك حديث عائشة "ما ألفاه" بالفاء أي وجده والضمير للنبي صلى الله عليه وسلم والسحر الفاعل، أي لم يجيء السحر والنبي صلى الله عليه وسلم عندي إلا وجده نائما، كما تقدم بيان ذلك في قيام الليل.

(6/456)


باب { و اذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب ـ إلى قوله ـ وفصل الخطاب }
...
39 – باب: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} إلى قوله: {وَفَصْلَ الْخِطَابِ}
قَالَ مُجَاهِدٌ: الْفَهْمُ فِي الْقَضَاءِ {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ} إِلَى {وَلاَ تُشْطِطْ}: لاَ تُسْرِفْ {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ نَعْجَةٌ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا شَاةٌ {وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا } مِثْلُ {وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءُ} ضَمَّهَا {وَعَزَّنِي} غَلَبَنِي صَارَ أَعَزَّ مِنِّي أَعْزَزْتُهُ جَعَلْتُهُ عَزِيزًا فِي الْخِطَابِ يُقَالُ الْمُحَاوَرَةُ {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْخُلَطَاءِ} الشُّرَكَاءِ {لَيَبْغِي} إلى قوله: {أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ اخْتَبَرْنَاهُ. وَقَرَأَ عُمَرُ {فَتَّنَّاهُ} بِتَشْدِيدِ التَّاءِ {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}.
3421- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ سَمِعْتُ الْعَوَّامَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَنَسْجُدُ فِي "ص"؟ فَقَرَأَ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} حَتَّى أَتَى {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ".
[الحديث 3421 – أطرافه في: 4632، 4806، 4807]
3422- حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن عكرمة عن بن عباس رضي الله عنهما قال: "ليس ص من عزائم السجود ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها".
قوله: "{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} إلى قوله: {وَفَصْلَ الْخِطَابِ}" الأيد القوة، وكان داود موصوفا بفرط الشجاعة، والأواب يأتي تفسيره قريبا. قوله: "قال مجاهد: الفهم في القضاء" أي المراد بفصل الخطاب، وروى ابن أبي حاتم من طريق أبي بشر عن مجاهد قال: الحكمة الصواب. ومن طريق ليث عن مجاهد: فصل الخطاب إصابة القضاء وفهمه، ومن طريق ابن جريج عن مجاهد قال: فصل الخطاب العدل في الحكم وما قال من شيء أنفذه. وقال الشعبي: فصل الخطاب قوله أما بعد، وفي ذلك حديث مسند من طريق بلال بن أبي بردة عن أبيه عن جده قال: "أول من قال "أما بعد" داود النبي صلى الله عليه وسلم وهو فصل الخطاب" أخرجه ابن أبي حاتم، وذكر عن ابن جرير بإسناد صحيح عن الشعبي مثله، وروى ابن أبي حاتم من طريق شريح قال: "فصل الخطاب الشهود والأيمان" ومن طريق أبي عبد الرحمن السلمي نحوه. قوله: "ولا تشطط: لا تسرف" كذا وقع هنا. وقال الفراء: معناه لا تجر، وروى ابن جرير من طريق قتادة في قوله: ولا تشطط أي لا تمل، ومن طريق السدي قال لا تخف. قوله: "يقال للمرأة نعجة ويقال لها أيضا شاة" قال أبو عبيدة في قوله: {وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} : أي امرأة، قال الأعشى:
فرميت غفلة عينه عن شاته ... فأصبت حبة قلبها وطحالها
قوله: "فقال أكفلنيها، مثل وكفلها زكريا ضمها" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ}

(6/456)


هو كقوله: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} أي ضمها إليه، وتقول كفلت بالنفس أو بالمال ضمنته. قوله: "وعزني غلبني صار أعز مني، أعززته جعلته عزيزا، في الخطاب يغال المحاورة" قال أبو عبيدة في قوله: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} أي صار أعز مني فيه. وروى الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس قال: إن دعا ودعوت كان أكثر مني، وإن بطشت وبطش كان أشد مني. ومن طريق قتادة قال: معناه قهرني وظلمني. وأما قوله: "يقال المحاورة" فمراده تفسير الخطاب بالمحاورة، وهي بالحاء المهملة أي المراجعة بين الخصمين، وهذا تفسير قوله تعالى: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ}. قوله: "الخلطاء الشركاء" حكاه ابن جرير أيضا. قوله: "فتناه قال ابن عباس: اختبرناه، وقرأ عمر فتناه بتشديد بالتاء" أما قول ابن عباس فوصله ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه، وأما قراءة عمر فمذكورة في الشواذ ولم يذكرها أبو عبيد في القراآت المشهورة، ونقل التشديد أيضا عن أبي رجاء العطاردي والحسن البصري. حديث ابن عباس في السجود في "ص" أورده من وجهين، ومحمد شيخه في الطريق الأولى هو ابن سلام، والعوام هو ابن حوشب بمهملة ثم معجمة. قوله: "أنسجد" بنون، وللكشميهني والمستملي "أأسجد"، وسيأتي شرح الحديث في التفسير إن شاء الله تعالى.

(6/457)


باب قول الله تعالى { و وهبنا لداود سليمان ، نعم العبد إنه أواب } الراجع المنيب
...
40 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [30 ص]: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} الرَّاجِعُ الْمُنِيبُ.
وَقَوْلِهِ [35 ص]: {هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}. وَقَوْلِهِ [102 البقرة]: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} . [12 سبأ] {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} أَذَبْنَا لَهُ عَيْنَ الْحَدِيدِ {وَمِنْ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ} إِلَى قَوْلِهِ {مِنْ مَحَارِيبَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: بُنْيَانٌ مَا دُونَ الْقُصُورِ {وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ}: كَالْحِيَاضِ لِلْإِبِلِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَالْجَوْبَةِ مِنْ الأَرْضِ {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ . فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ} الأَرَضَةُ {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} عَصَاهُ {فَلَمَّا خَرَّ} إِلَى قَوْلِهِ {فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}. [22-23 ص] {حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي ... فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} يَمْسَحُ أَعْرَافَ الْخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا. {الأَصْفَادُ}: الْوَثَاقُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: {الصَّافِنَاتُ}: صَفَنَ الْفَرَسُ رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ حَتَّى تَكُونَ عَلَى طَرَفِ الْحَافِرِ. {الْجِيَادُ}: السِّرَاعُ {جَسَدًا}: شَيْطَانًا. {رُخَاءً}: طَيِّبَةً {حَيْثُ أَصَابَ}: حَيْثُ شَاءَ. {فَامْنُنْ}: أَعْطِ بِغَيْرِ حِسَابٍ بِغَيْرِ حَرَجٍ.
3423- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ عِفْرِيتًا مِنْ الْجِنِّ تَفَلَّتَ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلاَتِي فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَأَخَذْتُهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ {رَبِّ هَبْ لِي

(6/457)


مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا". عِفْرِيتٌ: مُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جَانٍّ مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهَا الزَّبَانِيَةُ
3424- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ لاَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارِسًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَمْ يَقُلْ وَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا إِلاَّ وَاحِدًا سَاقِطًا أَحَدُ شِقَّيْهِ . فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَوْ قَالَهَا لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ". قَالَ شُعَيْبٌ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ تِسْعِينَ وَهُوَ أَصَحُّ.
3425- حَدَّثَنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ قَالَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ الْمَسْجِدُ الأَقْصَى قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ ثُمَّ قَالَ حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّ وَالأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ".
3426- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِي النَّارِ".
3427- "وَقَالَ: كَانَتْ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ صَاحِبَتُهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ وَقَالَتْ الأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا فَقَالَتْ الصُّغْرَى لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةُ".
[الحديث 3427 – طرفه في: 6769]
قوله: "قول الله تعالى : {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ}" في رواية غير أبي ذر "باب قول الله". قوله: "نعم العبد إنه أواب الراجع المنيب" هو تفسير الأواب. وقد أخرج ابن جريج من طريق مجاهد قال: الأواب الرجاع عن الذنوب ومن طريق قتادة قال: المطيع، ومن طريق السدي قال: هو المسبح. قوله: "من محاريب، قال مجاهد: بنيان ما دون القصور" وصله عبد بن حميد عنه كذلك وقال أبو عبيدة المحاريب جمع محراب وهو مقدم كل بيت، وهو أيضا المسجد والمصلي. قوله: "وجفان كالجواب كالحياض للإبل. وقال ابن عباس كالجوبة من الأرض" أما قول مجاهد فوصله عبد بن حميد عنه، وأما قول ابن عباس فوصله ابن أبي حاتم عنه. وقال أبو عبيدة: الجوابي جمع جابية، وهو الحوض الذي يجبى فيه الماء. قوله: "دابة الأرض" الأرضة. قوله: "منسأته: عصاه" هو قول ابن عباس وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه، قال أبو عبيدة: المنسأة العصا. ثم ذكر تصريفها وهي مفعلة من نسأت إذا

(6/458)


زجرت الإبل أي ضربتها بالمنسأة. قوله: "فطفق مسحا بالسوق والأعناق، يمسح أعراف الخيل وعراقيبها" هو قول ابن عباس أخرجه ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه وزاد في آخره: "حبا لها"، وروى من طريق الحسن قال: كشف عراقيبها وضرب أعناقها وقال: لا تشغلني عن عبادة ربي مرة أخرى. قال أبو عبيدة: ومنه قوله مسح علاوته إذا ضرب عنقه. قال ابن جرير: وقول ابن عباس أقرب إلى الصواب. قوله: "الأصفاد الوثاق" روى ابن جرير من طريق السدي قال: مقرنين في الأصفاد: أي يجمع اليدين إلى العنق بالأغلال. وقال أبو عبيدة: الأصفاد الأغلال واحدها صفد، ويقال للغطاء أيضا صفد. قوله: "قال مجاهد: الصافنات، صفن الفرس رفع إحدى رجليه حتى يكون على طرف الحافر" وصله الفريابي من طريقه قال: صفن الفرس إلخ، لكن قال: "يديه" ووقع في أصل البخاري "رجليه" وصوب عياض ما عند الفريابي. وقال أبو عبيدة: الصافن الذي يجمع بين يديه ويثني مقدم حافر إحدى رجليه. قوله: "الجياد السراع" وصله الفريابي من طريق مجاهد أيضا. روى ابن جرير من طريق إبراهيم التيمي أنها كانت عشرين فرسا ذوات أجنحة. قوله: "جسدا شيطانا" قال الفريابي: حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً} قال: شيطانا يقال له آصف، قال له سليمان كيف تفتن الناس؟ قال أرني خاتمك أخبرك، فأعطاه، فنبذه آصف في البحر فساخ، فذهب ملك سليمان وقعد آصف على كرسيه، ومنعه الله نساء سليمان فلم يقربهن، فأنكرته أم سليمان، وكان سليمان يستطعم ويعرفهم بنفسه فيكذبونه حتى أعطته امرأة حوتا فطيب بطنه فوجد خاتمه في بطنه فرد الله إليه ملكه، وفر آصف فدخل البحر. وروى ابن جرير من وجه آخر عن مجاهد أن اسمه آصر آخره راء، ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن اسم الجني صخر، ومن طريق السدي كذلك وأخرج القصة من طريقه مطولة، والمشهور أن آصف اسم الرجل الذي كان عنده علم من الكتاب والله أعلم. قوله: "رخاء طيبة" في رواية الكشميهني: "طيبا" رواه الفريابي من الوجه المذكور في قوله: "رخاء" قال طيبة. قوله: "حيث أصاب حيث شاء" وصله الفريابي كذلك. قوله: "فامنن أعط، بغير حساب بغير حرج" وصله الفريابي من طريق مجاهد كذلك. وقال أبو عبيدة في قوله: "بغير حساب" أي بغير ثواب ولا جزاء، أو بغير منة ولا قلة. حديث أبي هريرة في تفلت العفريت على النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: "تفلت علي" بتشديد اللام أي تعرض لي فلتة أي بغتة. قوله: "البارحة" أي الليلة الخالية الزائلة، والبارح الزائل ويقال من بعد الزوال إلى آخر النهار البارحة. قوله: "فذكرت دعوة أخي سليمان" أي قوله: {وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} وفي هذه إشارة إلى أنه تركه رعاية لسليمان عليه السلام، ويحتمل أن تكون خصوصية سليمان استخدام الجن في جميع ما يريده لا في هذا القدر فقط، واستدل الخطابي بهذا الحديث على أن أصحاب سليمان كانوا يرون الجن في أشكالهم وهيئتهم حال تصرفهم، قال: وأما قوله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} فالمراد الأكثر الأغلب من أحوال بني آدم، وتعقب بأن نفي رؤية الإنس للجن على هيئتهم ليس بقاطع من الآية بل ظاهرها أنه ممكن، فإن نفي رؤيتنا إياهم مقيد بحال رؤيتهم لنا ولا ينفي إمكان رؤيتنا لهم في غير تلك الحالة، ويحتمل العموم. وهذا الذي فهمه أكثر العلماء حتى قال الشافعي: من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته، واستدل بهذه الآية. والله أعلم. قوله: "عفريت متمرد من إنس أو جان مثل زبنية جماعته زبانية" الزبانية في الأصل اسم أصحاب الشرطة، مشتق من الزبن وهو الدفع، وأطلق على الملائكة، ذلك لأنهم يدفعون الكفار في النار،

(6/459)


وواحد الزبانية زبنية وقيل: زبني وقيل: زابن وقيل: زباني وقال قوم لا واحد له من لفظه وقيل واحده زبنيت وزن عفريت، ويقال عفرية لغة مستقلة ليست مأخوذة من عفريت، ومراد المصنف بقوله: "مثل زبنية " أي أنه قيل في عفريت عفرية، وهي قراءة رويت في الشواذ عن أبي بكر الصديق، وعن أبي رجاء العطاردي وأبي السمال بالمهملة واللام. وقال ذو الرمة:
كأنه كوكب في أثر عفرية ... مصوب في ظلام الليل منتصب
وقد تقدم كثير من بيان أحوال الجن في "باب صفة إبليس وجنوده" من بدء الخلق. قال ابن عبد البر: الجن على مراتب، فالأصل جني، فإن خالط الإنس قيل: عامر، ومن تعرض منهم للصبيان قيل: أرواح، ومن زاد في الخبث قيل شيطان، فإن زاد على ذلك قيل: مارد، فإن زاد على ذلك قيل: عفريت. وقال الراغب: العفريت من الجن هو العارم الخبيث، وإذا بولغ فيه قيل عفريت نفريت. وقال ابن قتيبة: العفريت الموثق الخلق، وأصله من العفر وهو التراب، ورجل عفر بكسر أوله وثانيه وتثقيل ثالثه إذا بولغ فيه أيضا. قوله: "حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن" هو الحزامي وليس بالمخزومي، واسم جد الحزامي عبد الله بن خالد بن حزام، واسم جد المخزومي الحارث بن عبد الله. قوله: "قال سليمان بن داود لأطوفن الليلة" في رواية الحموي والمستملي: "لأطيفن" وهما لغتان. طاف بالشيء وأطاف به إذا دار حوله وتكرر عليه، وهو هنا كناية عن الجماع، واللام جواب القسم وهو محذوف، أي والله لأطوفن، ويؤيده قوله في آخره: "لم يحنث" لأن الحنث لا يكون إلا عن قسم، والقسم لابد له من مقسم به. قوله: "على سبعين امرأة" كذا هنا من رواية مغيرة. وفي رواية شعيب كما سيأتي في الأيمان والنذور "فقال تسعين" وقد ذكر المصنف ذلك عقب هذا الحديث ورجح تسعين بتقديم المثناة على سبعين وذكر أن ابن أبي الزناد رواه كذلك. قلت: وقد رواه سفيان بن عيينة عن أبي الزناد فقال: "سبعين" وسيأتي في كفارة الأيمان من طريقه ولكن رواه مسلم عن ابن أبي عمر عن سفيان فقال: "سبعين" بتقديم السين، وكذا هو في "مسند الحميدي" عن سفيان، وكذا أخرجه مسلم من رواية ورقاء عن أبي الزناد، وأخرجه الإسماعيلي والنسائي وابن حبان من طريق هشام بن عروة عن أبي الزناد قال: "مائة امرأة " وكذا قال طاوس عن أبي هريرة كما سيأتي في الأيمان والنذور، من رواية معمر، وكذا قال أحمد عن عبد الرزاق من رواية هشام بن حجير عن طاوس "تسعين" وسيأتي في كفارة الأيمان، ورواه مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق فقال: "سبعين" وسيأتي في التوحيد من رواية أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة "كان لسليمان ستون امرأة" ورواه أحمد وأبو عوانة من طريق هشام عن ابن سيرين فقال: "مائة امرأة" وكذا قال عمران بن خالد عن ابن سيرين عند ابن مردويه، وتقدم في الجهاد من طريق جعفر بن ربيعة عن الأعرج فقال: "مائة امرأة أو تسع وتسعون" على الشك، فمحصل الروايات ستون وسبعون وتسعون وتسع وتسعون ومائة، والجمع بينها أن الستين كن حرائر وما زاد عليهن كن سراري أو بالعكس، وأما السبعون فللمبالغة، وأما التسعون والمائة فكن دون المائة وفوق التسعين فمن قال تسعون ألغى الكسر ومن قال مائة جبره ومن ثم وقع التردد في رواية جعفر، وأما قول بعض الشراح: ليس في ذكر القليل نفي الكثير وهو من مفهوم العدد وليس بحجة عند الجمهور فليس بكاف في هذا المقام، وذلك أن مفهوم العدد معتبر عند كثيرين والله أعلم. وقد حكى وهب بن منبه في "المبتدأ" أنه كان لسليمان ألف امرأة ثلاثمائة مهيرة وسبعمائة سرية،

(6/460)


ونحوه مما أخرج الحاكم في "المستدرك" من طريق أبي معشر عن محمد بن كعب قال: بلغنا أنه كان لسليمان ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلاثمائة صربحة وسبعمائة سرية. قوله: "تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله" هذا قاله على سبيل التمني للخير، وإنما جزم به لأنه غلب عليه الرجاء، لكونه قصد به الخير وأمر الآخرة لا لغرض الدنيا. قال بعض السلف: نبه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على آفة التمني والإعراض عن التفويض، قال: ولذلك نسي الاستثناء ليمضي فيه القدر. قوله: "فقال له صاحبه: إن شاء الله" في رواية معمر عن طاوس الآتية "فقال له الملك" وفي رواية هشام بن حجير "فقال له صاحبه، قال سفيان يعني الملك" وفي هذا إشعار بأن تفسير صاحبه بالملك ليس بمرفوع، لكن في "مسند الحميدي" عن سفيان "فقال له صاحبه أو الملك" بالشك، ومثلها لمسلم، وفي الجملة ففيه رد على من فسر صاحبه بأنه الذي عنده علم من الكتاب، وهو آصف بالمد وكسر المهملة بعدها فاء ابن برخيا بفتح الموحدة وسكون الراء وكسر المعجمة بعدها تحتانية. وقال القرطبي في قوله: "فقال له صاحبه أو الملك" إن كان صاحبه فيعني به وزيره من الإنس والجن، وإن كان الملك فهو الذي كان يأتيه بالوحي. وقال: وقد أبعد من قال المراد به خاطره. وقال النووي: قيل: المراد بصاحبه الملك، وهو الظاهر من لفظه، وقيل: القرين، وقيل: صاحب له آدمي. قلت: ليس بين قوله صاحبه والملك منافاة، إلا أن لفظه: "صاحبه" أعم، فمن ثم نشأ لهم الاحتمال، ولكن الشك لا يؤثر في الجزم، فمن جزم بأنه الملك حجة على من لم يجزم. قوله: "فلم يقل" قال عياض: بين في الطريق الأخرى بقوله: "فنسي". قلت: هي رواية ابن عيينة عن شيخه. وفي رواية معمر قال: "ونسي أن يقول إن شاء الله" ومعنى قوله: "فلم يقل" أي بلسانه لا أنه أبى أن يفوض إلى الله بل كان ذلك ثابتا في قلبه، لكنه اكتفى بذلك أولا ونسي أن يجريه على لسانه لما قيل له لشيء عرض له. قوله: "فطاف بهن"(1) في رواية ابن عيينة، "فأطاف بهن" وقد تقدم توجيهه. قوله: "إلا واحدا ساقطا أحد شقيه" في رواية شعيب "فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل" وفي رواية أيوب عن ابن سيرين "ولدت شق غلام" وفي رواية هشام عنه "نصف إنسان" وهي رواية معمر، حكى النقاش في تفسيره أن الشق المذكور هو الجسد الذي ألقي على كرسيه، وقد تقدم قول غير واحد من المفسرين إن المراد بالجسد المذكور شيطان وهو المعتمد، والنقاش صاحب مناكير. قوله: "لو قالها لجاهدوا في سبيل الله " في رواية شعيب "لو قال إن شاء الله" وزاد في آخره: "فرسانا أجمعون" وفي رواية ابن سيرين "لو استثنى لحملت كل امرأة منهن فولدت فارسا يقاتل في سبيل الله" وفي رواية طاوس "لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته" كذا عند المصنف من رواية هشام بن حجير، وعند أحمد ومسلم مثله من رواية معمر، وعند المصنف من طريق معمر "وكان أرجى لحاجته" وقوله: "دركا" بفتحتين من الإدراك وهو كقوله تعالى: {لا تَخَافُ دَرَكاً } أي لحاقا، والمراد أنه كان يحصل له ما طلب ولا يلزم من إخباره صلى الله عليه وسلم بذلك في حق سليمان في هذه القصة أن يقع ذلك لكل من استثنى في أمنيته، بل في الاستثناء رجو الوقوع وفي ترك الاستثناء خشية عدم الوقوع، وبهذا يجاب عن قول موسى للخضر {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً} مع قول الخضر له آخرا {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً} وفي الحديث فضل فعل الخير وتعاطي أسبابه، وأن كثيرا
ـــــــ
(1) قال مصحح طبعة بولاق: هذه اللفظة لم توجد بالصحيح الذي بأيدينا، ولعلها رواية للشارح.

(6/461)


من المباح والملاذ يصير مستحبا بالنية والقصد. وفيه استحباب الاستثناء لمن قال سأفعل كذا، وأن إتباع المشيئة اليمين يرفع حكمها، وهو متفق عليه بشرط الاتصال، وسيأتي بيان ذلك في الأيمان والنذور مع بسط فيه. وقد استدل بهذا الحديث من قال: الاستثناء إذا عقب اليمين ولو تخلل بينهما شيء يسير لا يضر، فإن الحديث دل على أن سليمان لو قال إن شاء الله عقب قول الملك له قل إن شاء الله لأفاد مع التخلل بين كلاميه بمقدار كلام الملك، وأجاب القرطبي باحتمال أن يكون الملك قال ذلك في أثناء كلام سليمان، وهو احتمال ممكن يسقط به الاستدلال المذكور. وفيه أن الاستثناء لا يكون إلا باللفظ ولا يكفي فيه النية. وهو اتفاق إلا ما حكي عن بعض المالكية. وفيه ما خص به الأنبياء من القوة على الجماع الدال ذلك على صحة البنية وقوة الفحولية وكمال الرجولية مع ما هم فيه من الاشتغال بالعبادة والعلوم. وقد وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أبلغ المعجزة لأنه مع اشتغاله بعبادة ربه وعلومه ومعالجة الخلق كان متقللا من المآكل والمشارب المقتضية لضعف البدن على كثرة الجماع، ومع ذلك فكان يطوف على نسائه في ليلة بغسل واحد وهن إحدى عشرة امرأة، وقد تقدم في كتاب الغسل، ويقال إن كل من كان أتقى لله فشهوته أشد لأن الذي لا يتقي يتفرج بالنظر ونحوه. وفيه جواز الإخبار عن الشيء ووقوعه في المستقبل بناء على غلبة الظن فإن سليمان عليه السلام جزم بما قال ولم يكن ذلك عن وحي وإلا لوقع، كذا قيل. وقال القرطبي: لا يظن بسليمان عليه السلام أنه قطع بذلك على ربه إلا من جهل حال الأنبياء وأدبهم مع الله تعالى. وقال ابن الجوزي: فإن قيل من أين لسليمان أن يخلق من مائه هذا العدد في ليلة؟ لا جائز أن يكون بوحي لأنه ما وقع، ولا جائز أن يكون الأمر في ذلك إليه لأن الإرادة لله. والجواب أنه من جنس التمني على الله والسؤال له أن يفعل والقسم عليه كقول أنس بن النضر "والله لا يكسر سنها" ويحتمل أن يكون لما أجاب الله دعوته أن يهب له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده كان هذا عنده من جملة ذلك فجزم به. وأقرب الاحتمالات ما ذكرته أولا وبالله التوفيق. قلت: ويحتمل أن يكون أوحى إليه بذلك مقيدا بشرط الاستثناء فنسي الاستثناء فلم يقع ذلك لفقدان الشرط، ومن ثم ساغ له أولا أن يحلف. وأبعد من استدل به على جواز الحلف على غلبة الظن. وفيه جواز السهو على الأنبياء، وأن ذلك لا يقدح في علو منصبهم، وفيه جواز الإخبار عن الشيء أنه سيقع ومستند المخبر الظن مع وجود القرينة القوية لذلك. وفيه جواز إضمار المقسم به في اليمين لقوله: "لأطوفن" مع قوله عليه السلام: "لم يحنث" فدل على أن اسم الله فيه مقدر، فإن قال أحد بجواز ذلك فالحديث حجة له بناء على أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا ورد تقديره على لسان الشارع، وإن وقع الاتفاق على عدم الجواز فيحتاج إلى تأويله كأن يقال لعل التلفظ باسم الله وقع في الأصل وإن لم يقع في الحكاية، وذلك ليس بممتنع، فإن من قال: والله لأطوفن يصدق أنه قال لأطوفن فإن اللافظ بالمركب لافظ بالمفرد، وفيه حجة لمن قال: لا يشترط التصريح بمقسم به معين، فمن قال أحلف أو أشهد ونحو ذلك فهو يمين وهو قول الحنفية، وقيده المالكية بالنية. وقال بعض الشافعية ليست بيمين مطلقا. وفيه جواز استعمال لو ولولا، وسيأتي الكلام عليه في باب مفرد عقده له المصنف في أواخر الكتاب. وفيه استعمال الكناية في اللفظ الذي يستقبح ذكره لقوله: " لأطوفن" بدل قوله "لأجامعن". قوله: "حدثنا إبراهيم التيمي عن أبيه" هو يزيد بن شريك. قوله: "أي مسجد وضع أول" تقديم التنبيه عليه في أثناء قصة إبراهيم عليه السلام وقوله: "أدركتك الصلاة" أي وقت الصلاة، وفيه إشارة إلى المحافظة على الصلاة في أول وقتها، ويتضمن

(6/462)


ذلك الندب إلى معرفة الأوقات. وفيه إشارة إلى أن المكان الأفضل للعبادة إذا لم يحصل لا يترك المأمور به لفواته بل يفعل المأمور في المفضول لأنه صلى الله عليه وسلم كأنه فهم عن أبي ذر من تخصيصه السؤال عن أول مسجد وضع أنه يريد تخصيص صلاته فيه فنبه على أن إيقاع الصلاة إذا حضرت لا يتوقف على المكان الأفضل. وفيه فضيلة الأمة المحمدية لما ذكر أن الأمم قبلهم كانوا لا يصلون إلا في مكان مخصوص وقد تقدم التنبيه عليه في كتاب التيمم. وفيه الزيادة على السؤال في الجواب لا سيما إذا كان للسائل في ذلك مزيد فائدة. قوله في الإسناد: "عن عبد الرحمن" هو الأعرج، وهو كذلك في نسخة شعيب عن أبي الزناد عند الطبراني. قوله: "أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فجعل الفراش وهذه الدواب تقع في النار. وقال كانت امرأتان معهما ابناهما " هكذا أورده، ومراده الحديث الثاني فإنه هو الذي يدخل في ترجمة سليمان، وكأنه ذكر ما قبله - وهو طرف من حديث طويل - لكونه سمع نسخة شعيب عن أبي الزناد، وهذا الحديث مقدم على الآخر، وسمع الإسناد في السابق دون الذي يليه فاحتاج أن يذكر شيئا من لفظ الحديث الأول لأجل الإسناد، وقد تقدم في الطهارة للمصنف مثل هذا الصنيع فذكر من هذه النسخة بعينها حديث: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم" وذكر قبله طرفا من حديث: "نحن الآخرون السابقون" ولما ذكر في الجمعة حديث: "نحن الآخرون السابقون" لم يضم معه شيئا، وذكر في الجهاد حديث: "من أطاعني فقد أطاع الله" الحديث فقال قبله: "نحن الآخرون السابقون" أيضا، وذكر في الديات حديث: "لو اطلع عليك رجل" وقدم ذلك قبله أيضا، لكنه أورد حديث المرأتين في الفرائض ولم يضم معه في أوله شيئا من الحديث الآخر وكذا في بقية هذه النسخة فلم يطرد للمصنف في ذلك عمل، وكأنه حيث ضم إليه شيئا أراد الاحتياط، وحيث لم يضم نبه على الجواز والله أعلم. وأما مسلم فإنه في نسخة همام عن أبي هريرة ينبه على أنه لم يسمع الإسناد في كل حديث منها فإنه يسوق الإسناد إلى أبي هريرة ثم يقول: فذكر أحاديث منها كذا وكذا. وصنيعه في ذلك حسن جدا والله أعلم. "تنبيه": لم أر الحديث الأول تاما في صحيح البخاري، وقد أورده الحميدي في "الجمع" من طريق شعيب هذه وساق المتن بتمامه وقال: إنه لفظ البخاري وإن مسلما أخرجه من رواية مغيرة وسفيان عن أبي الزناد به، ومن طريق همام عن أبي هريرة، وكذلك أطلق المزي أن البخاري أخرجه في أحاديث الأنبياء، فإن كان عني هذا الموضع فليس هو فيه بتمامه، وإن كان عني موضعا آخر فلم أره فيه. ثم وجدته في "باب الانتهاء عن المعاصي" من كتاب الرقاق، ويأتي شرحه هناك إن شاء الله تعالى. قوله: "مثلي" أي في دعائي الناس إلى الإسلام المنقذ لهم من النار ومثل ما تزين لهم أنفسهم من التمادي على الباطل "كمثل رجل إلخ" والمراد تمثيل الجملة بالجملة لا تمثيل فرد بفرد. قوله: "استوقد" أي أوقد، وزيادة السين والتاء للإشارة إلى أنه عالج إيقادها وسعى في تحصيل آلاتها. ووقع في حديث جابر عند مسلم: "مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا" زاد أحمد ومسلم من رواية همام عن أبي هريرة "فلما أضاءت ما حوله". قوله: "فجعل الفراش" بفتح الفاء والشين المعجمة معروف ويطلق الفراش أيضا على غوغاء الجراد الذي يكثر ويتراكم. وقال في "المحكم" الفراش دواب مثل البعوض واحدتها فراشة، وقد شبه الله تعالى الناس في المحشر بالفراش المبثوت أي في الكثرة والانتشار والإسراع إلى الداعي. قوله: "وهذه الدواب تقع في النار" قلت: منها البرغش والبعوض، ووقع في حديث جابر "فجعل الجنابذ والفراش" والجنابذ جمع جنبذ وهو على القلب، والمعروف الجنادب جمع جندب بفتح الدال وضمها والجيم مضمومة

(6/463)


وقد تكسر، وهو على خلقة الجرادة يصر في الليل صرا شديدا، وقيل: إن ذكر الجراد يسمى أيضا الجندب. قوله: "تقع في النار" كذا فيه، وإنما هو في نسخة شعيب كما أخرجه أبو نعيم في "المستخرج": "وهذه الدواب التي تقعن في النار تقعن فيها" قال النووي: مقصود الحديث أنه صلى الله عليه وسلم شبه المحالفين له بالفراش وتساقطهم في نار الآخرة بتساقط الفراش في نار الدنيا مع حرصهم على الوقوع في ذلك ومنعه إياهم، والجامع بينهما اتباع الهوى وضعف التمييز وحرص كل من الطائفتين على هلاك نفسه. وقال القاضي أبو بكر بن العربي: هذا مثل كثير المعاني، والمقصود أن الخلق لا يأتون ما يجرهم إلى النار على قصد الهلكة، وإنما يأتونه على قصد المنفعة واتباع الشهوة، كما أن الفراش يقتحم النار لا ليهلك فيها بل لما يعجبه من الضياء. وقد قيل: إنها لا تبصر بحال وهو بعيد، وإنما قيل إنها تكون في ظلمة فإذا رأت الضياء اعتقدت أنها كوة يظهر منها النور فتقصده لأجل ذلك فتحترق وهي لا تشعر. وقيل: إن ذلك لضعف بصرها فتظن أنها في بيت مظلم وأن السراج مثلا كوة فترمي بنفسها إليه وهي من شدة طيرانها تجاوزه فتقع في الظلمة فترجع إلى أن تحترق. وقيل: إنها تتضرر بشدة النور فتقصد إطفاءه فلشدة جهلها تورط نفسها فيما لا قدرة لها عليه، ذكر مغلطاي أنه سمع بعض مشايخ الطب يقوله. وقال الغزالي: التمثيل وقع على صورة الإكباب على الشهوات من الإنسان بإكباب الفراش على التهافت في النار، ولكن جهل الآدمي أشد من جهل الفراش؛ لأنها باغترارها بظواهر الضوء إذا احترقت انتهى عذابها في الحال، والآدمي يبقى في النار مدة طويلة أو أبدا والله المستعان. قوله: "وقال كانت امرأتان" ليس في سياق البخاري تصريح برفعه، وهو مرفوع عنده عن أبي اليمان عن شعيب في أواخر كتاب الفرائض أورده هناك، وكذا هو في نسخة شعيب عند الطبراني وغيره. وفي رواية النسائي، من طريق علي بن عياش عن شعيب "حدثني أبو الزناد مما حدثه عبد الرحمن الأعرج مما ذكر أنه سمع أبا هريرة يحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينما امرأتان". قلت: ولم أقف على اسم واحدة من هاتين المرأتين ولا على اسم واحد من ابنيهما في شيء من الطرق. قوله: "فتحاكما" في رواية الكشميهني: "فتحاكمتا" وفي نسخة شعيب "فاختصما". قوله: "فقضى به للكبرى إلخ" قيل: كان ذلك على سبيل الفتيا منهما لا الحكم، ولذلك ساغ لسليمان أن ينقضه. وتعقبه القرطبي بأن في لفظ الحديث أنه قضى بأنهما تحاكما، وبأن فتيا النبي وحكمه سواء في وجوب تنفيذ ذلك. وقال الداودي: إنما كان منهما على سبيل المشاورة فوضح لداود صحة رأي سليمان فأمضاه. وقال ابن الجوزي: استويا عند داود في اليد، فقدم الكبرى للسن. وتعقبه القرطبي وحكى أنه قيل: كان من شرع داود أن يحكم للكبرى قال: وهو فاسد لأن الكبر والصغر وصف طردي كالطول والقصر والسواد والبياض، ولا أثر لشيء من ذلك في الترجيح، قال: وهذا مما يكاد يقطع بفساده. قال: والذي ينبغي أن يقال إن داود عليه السلام قضى به للكبرى لسبب اقتضى به عنده ترجيح قولها، إذ لا بينة لواحدة منهما، وكونه لم يعين في الحديث اختصارا لا يلزم منه عدم وقوعه، فيحتمل أن يقال: إن الولد الباقي كان في يد الكبرى وعجزت الأخرى عن إقامة البينة قال: وهذا تأويل حسن جار على القواعد الشرعية وليس في السياق ما يأباه ولا يمنعه، فإن قيل فكيف ساغ لسليمان نقض حكمه؟ فالجواب أنه لم يعمد إلى نقض الحكم، وإنما احتال بحيلة لطيفة أظهرت ما في نفس الأمر، وذلك أنهما لما أخبرتا سليمان بالقصة فدعا بالسكين ليشقه بينهما، ولم يعزم على ذلك في الباطن، وإنما أراد استكشاف الأمر، فحصل مقصوده لذلك لجزع الصغرى الدال على عظيم الشفقة، ولم يلتفت إلى إقرارها بقولها هو ابن الكبرى لأنه علم أنها

(6/464)


آثرت حياته، فظهر له من قرينة شفقة الصغرى وعدمها في الكبرى - مع ما انضاف إلى ذلك من القرينة الدالة على صدقها - ما هجم به على الحكم للصغرى. ويحتمل أن يكون سليمان عليه السلام ممن يسوغ له أن يحكم بعلمه، أو تكون الكبرى في تلك الحالة اعترفت بالحق لما رأت من سليمان الجد والعزم في ذلك. ونظير هذه القصة ما لو حكم حاكم على مدع منكر بيمين، فلما مضى ليحلفه حضر من استخرج من المنكر ما اقتضى إقراره بما أراد أن يحلف على جحده، فإنه والحالة هذه يحكم عليه بإقراره سواء كان ذلك قبل اليمين أو بعدها، ولا يكون ذلك من نقض الحكم الأول، ولكن من باب تبدل الأحكام بتبدل الأسباب. وقال ابن الجوزي: استنبط سليمان لما رأى الأمر محتملا فأجاد، وكلاهما حكم بالاجتهاد، لأنه لو كان داود حكم بالنص لما ساغ لسليمان أن يحكم بخلافه. ودلت هذه القصة على أن الفطنة والفهم موهبة من الله لا تتعلق بكبر سن ولا صغره. وفيه أن الحق في جهة واحدة، وإن الأنبياء يسوغ لهم الحكم بالاجتهاد وإن كان وجود النص ممكنا لديهم بالوحي، لكن في ذلك زيادة في أجورهم، ولعصمتهم من الخطأ في ذلك إذ لا يقرون لعصمتهم على الباطل. وقال النووي: إن سليمان فعل ذلك تحيلا على إظهار الحق، فكان كما لو اعترف المحكوم له بعد الحكم أن الحق لخصمه. وفيه استعمال الحيل في الأحكام لاستخراج الحقوق، ولا يتأتى ذلك إلا بمزيد الفطنة وممارسة الأحوال. قوله: "لا تفعل يرحمك الله" وقع في رواية مسلم والإسماعيلي من طريق ورقاء عن أبي الزناد "لا، يرحمك الله" قال القرطبي ينبغي على هذه الرواية أن يقف قليلا بعد "لا" حتى يتبين للسامع أن الذي بعده كلام مستأنف؛ لأنه إذا وصله بما بعده يتوهم السامع أنه دعا عليه وإنما هو دعاء له، ويزول الإيهام في مثل هذا بزيادة واو كأن يقول: لا ويرحمك الله. وفيه حجة لمن قال: إن الأم تستلحق، والمشهور من مذهب مالك والشافعي أنه لا يصح، وقد تعرض المصنف لذلك في أواخر كتاب الفرائض، ويأتي البحث فيه هناك إن شاء الله تعالى. قوله: "قال أبو هريرة" يعني بالإسناد إليه وليس تعليقا، وقد وقع كذلك في رواية الإسماعيلي من طريق ورقاء عن أبي الزناد، والمدية مثلثة الميم قيل: للسكين، ذلك لأنها تقطع مدى حياة الحيوان، والسكين تذكر وتؤنث، قيل لها ذلك لأنها تسكن حركة الحيوان.

(6/465)


باب قول الله تعالى { و لقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ـ إلى قوله ـ إن الله لا يحب كل مختال فخور }
...
41 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [12-18 لقمان]: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ} إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}. {وَلاَ تُصَعِّرْ} الإِعْرَاضُ بِالْوَجْهِ
3428- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [82 الأنعام] قَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ فَنَزَلَتْ [13 لقمان]: {لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.
3429- حدثني إسحاق أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه قال: "لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شق ذلك على المسلمين فقالوا يا رسول الله أينا لا يظلم نفسه؟ قال ليس ذلك إنما هو الشرك ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه وهو يعظه {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.

(6/465)


قوله: "باب قول الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ} إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}" اختلف في لقمان فقيل كان حبشيا، وقيل: كان نوبيا. واختلف هل كان نبيا؟ قال السهيلي: كان نوبيا من أهل أيلة، واسم أبيه عنقا بن شيرون. وقال غيره هو ابن باعور بن ناحر بن آزر فهو ابن أخي إبراهيم. وذكر وهب في "المبتدأ" أنه كان ابن أخت أيوب، وقيل: ابن خالته. وروى الثوري في تفسيره عن أشعث عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان لقمان عبدا حبشيا نجارا. وفي "مصنف ابن أبي شيبة" عن خالد بن ثابت الربعي أحد التابعين مثله، وحكى أبو عبيد البكري في "شرح الأمالي" أنه كان مولى لقوم من الأزد، وروى الطبري من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب كان لقمان من سودان مصر ذو مشافر، أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة. وفي "المستدرك" بإسناد صحيح عن أنس قال: كان لقمان عند داود وهو يسرد الدرع، فحصل لقمان يتعجب ويريد أن يسأله عن فائدته فتمنعه حكمته أن يسأل. وهذا صريح في أنه عاصر داود عليه السلام. وقد ذكره ابن الجوزي في "التلقيح" بعد إبراهيم قبل إسماعيل وإسحاق والصحيح أنه كان في زمن داود. وقد أخرج الطبري وغيره عن مجاهد أنه كان قاضيا على بني إسرائيل زمن داود عليه السلام، وقيل: إنه عاش ألف سنة، نقل عن ابن إسحاق وهو غلط ممن قاله، وكأنه اختلط عليه بلقمان بن عاد وقيل: إنه كان يفتي قبل بعث داود، وأغرب الواقدي فزعم أنه كان بين عيسى ونبينا عليهما الصلاة والسلام، وشبهته ما حكاه أبو عبيدة البكري أنه كان عبدا لبني الحسحاس بن الأزد والأكثر أنه كان صالحا. قال شعبة عن الحكم عن مجاهد كان صالحا ولم يكن نبيا، وقيل: كان نبيا أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير من طريق إسرائيل عن جابر عن عكرمة. قلت: وجابر هو الجعفي ضعيف، ويقال إن عكرمة تفرد بقوله كان نبيا، وقيل: كان لرجل من بني إسرائيل فأعتقه وأعطاه مالا يتجر فيه. وروى ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن بشير عن قتادة أن لقمان خير بين الحكمة والنبوة فاختار الحكمة، فسئل عن ذلك فقال: خفت أن أضعف عن حمل أعباء النبوة. وفي سعيد بن بشير ضعف، وقد روى سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} قال التفقه في الدين ولم يكن نبيا، وقد تقدم تفسير المراد بالحكمة في أوائل كتاب العلم في شرح حديث ابن عباس "اللهم علمه الحكمة" وقيل كان خياطا وقيل: نجارا. وقوله: "وإذ قال لقمان لابنه" قال السهيلي: اسم ابنه باران بموحدة وراء مهملة، وقيل فيه بالدال في أوله، وقيل: اسمه أنعم، وقيل: شكور وقيل بابلي. قوله: "ولا تصعر: الإعراض بالوجه" هو تفسير لقوله تعالى: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} وهو تفسير عكرمة أورده عنه الطبري، وأورد من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: "ولا تصعر خدك للناس": لا تتكبر عليهم، قال الطبري: أصل الصعر - يعني بالمهملتين - داء يأخذ الإبل في أعناقها حتى تلفت أعناقها عن رءوسها، فيشبه به الرجل المتكبر المعرض عن الناس انتهى. وقوله: "تصعر" هي قراءة عاصم وابن كثير وأبي جعفر. وقال أبو عبيدة في "القراآت" له: حدثنا هشيم عن يونس عن الحسن أنه قرأها كذلك وقرأها الباقون "تصاعر" قال أبو عبيدة والأول أحب إلي لما في الثانية من المفاعلة، والغالب أنه من اثنين، وتكون الأولى أشمل في اجتناب ذلك. وقال الطبري: القراءتان مشهورتان ومعناهما صحيح والله أعلم. حديث ابن مسعود في نزول قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} وسيأتي شرحه في تفسير الأنعام أورده من وجهين، وإسحاق شيخه في الطريق الثانية هو ابن راهويه وبذلك جزم أبو نعيم في "المستخرج".

(6/466)


باب { و اضرب لهم مثلا أصحاب القرية } الآية
...
42 - باب [13 يس]: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} الْآيَةَ
{فَعَزَّزْنَا} قَالَ مُجَاهِدٌ: شَدَّدْنَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {طَائِرُكُمْ}: مَصَائِبُكُمْ.
قوله: "باب {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} الآية. {فَعَزَّزْنَا} قال مجاهد: شددنا. وقال ابن عباس {طَائِرُكُمْ}: مصائبكم" أما قول مجاهد فوصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عنه بهذا، وأما قول ابن عباس فوصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه به. والقرية المراد بها أنطاكية فيما ذكر ابن إسحاق ووهب في "المبتدأ" ولعلها كانت مدينة بالقرب من هذه الموجودة، لأن الله أخبر أنه أهلك أهلها. وليس لذلك أثر في هذه المدينة الموجودة الآن، ولم يذكر المصنف في ذلك حديثا مرفوعا، وقد روى الطبراني من حديث ابن عباس مرفوعا: "السبق ثلاثة يوشع إلى موسى، وصاحب يس إلى عيسى، وعلي إلى محمد صلى الله عليه وسلم" وفي إسناده حسين بن حسين الأشقر وهو ضعيف فإن ثبت دل على أن القصة كانت في زمن عيسى أو بعده، وصنيع المصنف يقتضي أنها قبل عيسى. وروى ابن إسحاق في "المبتدأ" عن أبي طوالة عن كعب الأحبار أن اسم صاحب يس حبيب النجار، وروى الثوري في تفسيره عن عاصم عن أبي مجلز قال: كان اسمه حبيب بن بري، وعن حبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس: هو حبيب النجار، وعن السدي كان قصارا، وقيل: كان إسكافا. قال ابن إسحاق واسم الرسل الثلاثة صادق وصدوق وشلوم. وقال ابن جريج عن وهب بن سليمان عن شعيب الجبئي بالجيم والموحدة والهمز بلا مد: كان اسم الرسولين شمعون ويوحنا واسم الثالث بولص. وعن قتادة: كانوا رسلا من قبل المسيح. والله أعلم.

(6/467)


باب قول الله تعالى { ذكر رحمة ربك عبده زكريا ، إذ نادى ربه نداء خفيا . قال رب إني وهن العظم مني و اشتعل الرأس شيبا ـ إلى قوله ـ لم نجعل له من قبل سميا }
...
43 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [3-7 مريم]: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّاءَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} إلى قوله: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا}. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِثْلًا يُقَالُ {رَضِيًّا}: مَرْضِيًّا. {عُتِيًّا}: عَصِيًّا عَتَا يَعْتُو . {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ عِتِيًّا} إلى قوله: {ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} وَيُقَالُ صَحِيحًا {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا}. {فَأَوْحَى}: فَأَشَارَ . {يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} إلى قوله: {وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}. {حَفِيًّا}: لَطِيفًا. {عَاقِرًا}: الذَّكَرُ وَالأُنْثَى سَوَاءٌ.
3430- حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ قَالَ هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا ثُمَّ قَالاَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ".

(6/467)


قوله: "باب قول الله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} إلى قوله: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا}" في زكريا أربع لغات: المد والقصر وحذف الألف مع تخفيف الياء وفيه تشديدها أيضا وحذفها. وقال الجوهري: لا يصرف مع المد والقصر. قوله: "قال ابن عباس: مثلا" وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} يقول: هل تعلم له مثلا أو شبها، ومن طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} قال: لم يسم يحيى قبله غيره، وأخرجه الحاكم في "المستدرك". قوله: "يقال رضيا مرضيا" حكاه الطبري قال: مرضيا ترضاه أنت وعبادك. قوله: "عتيا عصيا، عتا يعتو" كذا فيه بالصاد المهملة والصواب بالسين، وروى الطبري بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: "ما أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عتيا أو عسيا" وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً}: كل مبالغ من كبر أو كفر أو فساد فقد عتا يعتو عتيا. قوله: "ثلاث ليال سويا ويقال صحيحا" هو قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أخرجه ابن أبي حاتم عنه قال في قوله: {ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} وأنت صحيح، فحبس لسانه فكان لا يستطيع أن يتكلم وهو يقرأ التوراة ويسبح ولا يستطيع أن يكلم الناس، أخرجه ابن أبي حاتم من طريقه. وأخرج من طريق أبي عبد الرحمن السلمي قال: اعتقل لسانه من غير مرض. قوله: "فأوحى: فأشار" هو قول محمد بن كعب ومجاهد وغير واحد أخرجه ابن أبي حاتم عنهم. قوله: "حفيا: لطيفا" هو قول ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه. وقال أبو عبيدة في قوله: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً} أي محتفيا، يقال تحفيت بفلان. قوله: "عاقرا الذكر والأنثى سواء" قال أبو عبيدة العاقر التي لا تلد، والعاقر الذي لا يلد، قال عامر بن الطفيل:
لبئس الفتى إن كان أعور عاقرا ... جبانا فما عذري لدى كل محضر
وقال أيضا: لفظ الذكر فيه مثل لفظ الأنثى. قال الثعلبي. ولد يحيى وعمر زكريا مائة وعشرون سنة وقيل تسعين وقيل اثنين وتسعين وقيل مائة إلا سنتين وقيل إلا سنة. أورد المصنف طرفا من حديث الإسراء من رواية أنس عن مالك بن صعصعة والغرض منه ذكر يحيى بن زكريا. وقال فيه وفي عيسى ابن مريم إنهما ابنا خالة وزكريا هو ابن أدن ويقال ابن شبوي ويقال ابن بارخيا ويقال ابن أبي ابن بارخيا، ومريم بنت عمران بن ناشي، وهما من ذرية سليمان بن داود عليهما السلام، واسم أم مريم حنة بمهملة ونون بنت فاقود واسم أختها والدة يحيى إيشاع قال ابن إسحاق في " المبتدأ " كانت حنة عند عمران وأختها عند زكريا وكانت حنة أمسك عنها الولد ثم حملت بمريم فمات عمران وهي حامل. وروى ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن القاسم: سمعت مالك بن أنس يقول: بلغني أن عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا كان حملهما جميعا، فبلغني أن أم يحيى قالت لمريم: إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك، قال مالك: أراه لفضل عيسى على يحيى. وقال الثعلبي: ولد يحيى قبل عيسى بستة أشهر. واختلف في قوله: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} فقيل نبئ وهو ابن تسع سنين وقيل أقل من ذلك، والمراد بالحكم الفهم في الدين، قال ابن إسحاق: كان زكريا وابنه آخر من بعث من بني إسرائيل قبل عيسى. وقال أيضا: أراد بنو إسرائيل قتل زكريا ففر منهم، فمر بشجرة فانفلقت له فدخل فيها فالتأمت عليه، فأخذ الشيطان بهدبة ثوبه فرأوها فوضعوا المنشار على الشجرة فنشروها حتى قطعوه من وسطه في جوفها. وأما يحيى فقتل بسبب امرأة أراد ملكهم

(6/468)


أن يتزوجها، فقال له يحيى: إنها لا تحل لك لكونها كانت بنت امرأته، فتوصلت إلى الملك حتى قتل يحيى، قال ابن إسحاق: كان ذلك قبل أن يرفع عيسى. وروى أصل هذه القصة الحاكم في "المستدرك" من حديث عبد الله بن الزبير، وروى أيضا من حديث ابن عباس أن دم يحيى كان يفور حتى قتل عليه بختنصر من بني إسرائيل سبعين ألفا فسكن.

(6/469)


باب قول الله تعالى { و اذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا }
...
44 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [16 مريم]: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا}.
[45 آل عمران]: {إِذْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ}. [33 آل عمران ]: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} إِلَى قَوْلِهِ {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَآلُ عِمْرَانَ}: الْمُؤْمِنُونَ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ وَآلِ عِمْرَانَ وَآلِ يَاسِينَ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يَقُولُ [68 آل عمران]: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} وَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ. وَيُقَالُ: {آلُ يَعْقُوبَ}: أَهْلُ يَعْقُوبَ. فَإِذَا صَغَّرُوا "آلَ" ثُمَّ رَدُّوهُ إِلَى الأَصْلِ قَالُوا: أُهَيْلٌ.
3431- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ بَنِي آدَمَ مَوْلُودٌ إِلاَّ يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ غَيْرَ مَرْيَمَ وَابْنِهَا ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [36 آل عمران]".
قوله: "باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا}" وقوله: "{ إِذْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ}" وقوله: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا}" هذه الترجمة معقودة لأخبار مريم عليها السلام، وقد قدمت شيئا من شأنها في الباب الذي قبله. ومريم بالسريانية الخادم، وسميت به والدة عيسى فامتنع الصرف للتأنيث والعلمية، ويقال إن مريم بلسان العرب من تكثر من زيارة الرجال من النساء كالزير وهو من يكثر زيارة النساء، واستشهد من زعم هذا بقول رؤبة "قلت لزير لم تصله مريمه" حكاه أبو حبان في تفسير سورة البقرة، وفيه نظر. قوله: "قال ابن عباس: وآل عمران المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد صلى الله عليه وسلم يقول: إن أولى الناس بإبراهيم الذين اتبعوه، وهم المؤمنون" وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه، وحاصله أن المراد بالاصطفاء بعض آل عمران وإن كان اللفظ عاما فالمراد به الخصوص. قوله: "ويقال آل يعقوب أهل يعقوب، إذا صغروا آل ردوه إلى الأصل قالوا أهيل" اختلف في "آل" فقيل: أصله أهل فقلبت الهاء همزة بدليل ظهور ذلك في التصغير وهو يرد الأشياء إلى أصلها، وهذا قول سيبويه والجمهور، وقيل: أصله أول من آل يئول إذا رجع لأن الإنسان يرجع إلى أهله، فتحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وتصغيره على أويل. قوله: "عن الزهري قال حدثني سعيد بن المسيب" كذا قال أكثر أصحاب الزهري. وقال السدي: عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أخرجه الطبري. قوله: "ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد" في

(6/469)


رواية سعد بن المسيب عن أبي هريرة الماضية في "باب صفة إبليس" بيان المس المذكور لفظه: "كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد، غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب" أي في المشيمة التي فيها الولد قال القرطبي: هذا الطعن من الشيطان هو ابتداء التسليط، فحفظ الله مريم وابنها منه ببركة دعوة أمها حيث قالت: "إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم" ولم يكن لمريم ذرية غير عيسى. ووقع في رواية معمر عن الزهري عند مسلم: "إلا نخسه الشيطان" بنون وخاء معجمة ثم مهملة. قوله: "فيستهل صارخا من مس الشيطان" في رواية معمر المذكورة "من نخسة الشيطان" أي سبب صراخ الصبي أول ما يولد الألم من مس الشيطان إياه، والاستهلال الصياح. قوله: "غير مريم وابنها" تقدم في "باب إبليس" بذكر عيسى خاصة فيحتمل أن يكون هذا بالنسبة إلى المس وذاك بالنسبة إلى الطعن في الجنب، ويحتمل أن يكون ذاك قبل الإعلام بما زاد، وفيه بعد لأنه حديث واحد، وقد رواه خلاس عن أبي هريرة بلفظ: "كل بني آدم قد طعن الشيطان فيه حين ولد، غير عيسى وأمه جعل الله دون الطعنة حجابا فأصاب الحجاب ولم يصبهما" والذي يظهر أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الآخر، والزيادة من الحافظ مقبولة، وأما قول بعضهم يحتمل أن يكون من العطف التفسيري والمقصود الابن كقولك أعجبني زيد وكرمه فهو تعسف شديد. قوله: "ثم يقول أبو هريرة: وإني أعيذها بك إلخ" فيه بيان لأن في رواية أبي صالح عن أبي هريرة إدراجا وأن تلاوة الآية موقوفة على أبي هريرة.

(6/470)


باب { و إذ قالت الملائكة يامريم إن الله اصطفاك و طهرك و اصطفاك على نساء العالمين . يا مريم اقنتي لربك و اسجدي و اركعي مع الراكعين .ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ، و ما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم
...
45 - باب [42 آل عمران]: {وَإِذْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ . يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ . ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}. يُقَالُ: {يَكْفُلُ}: يَضُمُّ كَفَلَهَا ضَمَّهَا مُخَفَّفَةً لَيْسَ مِنْ كَفَالَةِ الدُّيُونِ وَشِبْهِهَا
3432- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ".
[الحديث 3432 – طرفه في: 3815]
قوله: "باب {وَإِذْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ} الآية إلى قوله: {أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} ، يقال يكفل يضم كفلها ضمها مخففة، ليس من كفالة الديون وشبهها" أشار بقوله: "مخففة" إلى قراءة الجمهور، وقرأها الكوفيون "كفلها" بالتشديد أي كفلها الله زكريا، وفي قراءتهم زكريا بالقصر إلا أن أبا بكر بن عياش قرأه بالمد فاحتاج إلى أن يقرأ زكرياء بفتح الهمزة. وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} يقال كفلها بفتح الفاء وكسرها أي ضمها. وفي قوله: {أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} أي يضم انتهى. وكسر الفاء هو في قراءة بعض التابعين. واستدل بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ} على أنها كانت نبية وليس بصريح في ذلك، وأيد بذكرها مع الأنبياء في

(6/470)


سورة مريم، ولا يمنع وصفها بأنها صديقة فقد وصف يوسف بذلك. وقد نقل عن الأشعري أن في النساء عدة نبيات، وحصرهن ابن حزم في ست، حواء وسارة وهاجر وأم موسى وآسية ومريم. وأسقط القرطبي سارة وهاجر، ونقله في "التمهيد" عن أكثر الفقهاء. وقال القرطبي: الصحيح أن مريم نبية. وقال عياض: الجمهور على خلافه. ونقل النووي في "الأذكار" أن الإمام(1) نقل الإجماع على أن مريم ليست نبية. وعن الحسن: ليس في النساء نبية ولا في الجن. وقال السبكي الكبير: لم يصح عندي في هذه المسألة شيء، ونقله السهيلي في آخر "الروض" عن أكثر الفقهاء. قوله: "حدثنا النضر" هو ابن شميل، وهشام هو ابن عروة بن الزبير، وعبد الله بن جعفر أي ابن أبي طالب. قال الدار قطني: رواه أصحاب هشام بن عروة عنه هكذا؛ وخالفهم ابن جريج وابن إسحاق فروياه عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن عبد الله بن جعفر زاد في الإسناد عبد الله بن الزبير، والصواب إسقاطه، والله أعلم. قوله: "خير نسائها مريم" أي نساء أهل الدنيا في زمانها، وليس المراد أن مريم خير نسائها لأنه يصير كقولهم زيد أفضل إخوانه، وقد صرحوا بمنعه، فهو كما لو قيل فلان أفضل الدنيا. وقد رواه النسائي من حديث ابن عباس بلفظ: "أفضل نساء أهل الجنة" فعلى هذا فالمعنى خير نساء أهل الجنة مريم. وفي رواية: "خير نساء العالمين" وهو كقوله تعالى: {وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} وظاهره أن مريم أفضل من جميع النساء وهذا لا يمتنع عند من يقول إنها نبية. وأما من قال ليست بنبية فيحمله على عالمي زمانها، وبالأول جزم الزجاج وجماعة واختاره القرطبي؛ ويحتمل أيضا أن يراد نساء بن إسرائيل أو نساء تلك الأمة أو "من" فيه مضمرة والمعنى أنها من جملة النساء الفاضلات، ويدفع ذلك حديث أبي موسى المتقدم بصيغة الحصر أنه لم يكمل من النساء غيرها وغير آسية. قوله: "وخير نسائها خديجة" أي نساء هذه الأمة قال القاضي أبو بكر بن العربي: خديجة أفضل نساء الأمة مطلقا لهذا الحديث، وقد تقدم في آخر قصة موسى حديث أبي موسى في ذكر مريم وآسية وهو يقتضي فضلهما على غيرهما من النساء، ودل هذا الحديث على أن مريم أفضل من آسية وأن خديجة أفضل نساء هذه الأمة، وكأنه لم يتعرض في الحديث الأول لنساء هذه الأمة حيث قال: ولم يكمل من النساء، أي من نساء الأمة الماضية، إلا إن حملنا الكمال على النبوة فيكون على إطلاقه. وعند النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس "أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية" وعند الترمذي بإسناد صحيح عن أنس "حسبك من نساء العالمين" فذكرهن. وللحاكم من حديث حذيفة "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه ملك فبشره أن فاطمة سيده نساء أهل الجنة" وسيأتي مزيد لذلك في ترجمة خديجة من مناقب الصحابة.
ـــــــ
(1) يعني إمام الحرمين كما يأتي بعد صحيفتين

(6/471)


باب قوله تعالى { إذ قالت الملائكة يامريم ـ إلى قوله ـ قائما يقول له كن فيكون }
...
46 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى [45-48 آل عمران]: {إِذْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ} إِلَى قَوْلِهِ {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}. {يُبَشِّرُكِ} وَيَبْشُرُكِ وَاحِدٌ {وَجِيهًا}: شَرِيفًا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ المَسِيحُ: الصِّدِّيقُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْكَهْلُ: الْحَلِيمُ. وَالأَكْمَهُ: مَنْ يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَلاَ يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ يُولَدُ أَعْمَى.
3433- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى

(6/471)


الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ".
3434- وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ". يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ". تَابَعَهُ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
[الحديث 3434 – طرفاه في: 5082، 5365]
قوله: "باب قول الله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} وقع في رواية أبي ذر بزيادة واو في أول هذه الآية وهو غلط، وإنما وقعت الواو في أول الآية التي قبلها وأما هذه فبغير واو. قوله: "يبشرك ويبشرك واحد" يعني بفتح أوله وسكون الموحدة وضم المعجمة، وبضم أوله وفتح الموحدة وتشديد المعجمة، والأولى وهي بالتخفيف قراءة يحيى بن وثاب وحمزة والكسائي، والبشير هو الذي يخبر المرء بما يسره من خير، وقد يطلق في الشر مجازا. قوله: "وجيها" أي "شريفا" قال أبو عبيدة: الوجيه الذي يشرف وتوجهه الملوك أي تشرفه، وانتصب قوله: "وجيها على الحال. قوله: "وقال إبراهيم: المسيح الصديق" وصله سفيان الثوري في تفسيره رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عنه عن منصور عن إبراهيم هو النخعي قال: المسيح الصديق. قال الطبري: مراد إبراهيم بذلك أن الله مسحه فطهره من الذنوب، فهو فعيل بمعنى مفعول. قلت: وهذا بخلاف تسمية الدجال المسيح فإنه فعيل بمعنى فاعل يقال إنه سمي بذلك لكونه يمسح الأرض وقيل: سمي بذلك لأنه ممسوح العين فهو بمعنى مفعول، قيل في المسيح عيسى أيضا أنه مشتق من مسح الأرض لأنه لم يكن يستقر في مكان، ويقال سمي بذلك لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا بريء، وقيل: لأنه مسح بدهن البركة مسحه زكريا وقيل: يحيى، وقيل: لأنه كان ممسوح الأخمصين، وقيل: لأنه كان جميلا يقال: مسحه الله أي خلقه خلقا حسنا ومنه قولهم به مسحة من جمال. وأغرب الداودي فقال لأنه كان يلبس المسوح. قوله: "وقال مجاهد: الكهل الحليم" وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ} قال: الكهل الحليم انتهى، وقد قال أبو جعفر النحاس: إن هذا لا يعرف في اللغة، وإنما الكهل عندهم من ناهز الأربعين أو قاربها، وقيل: من جاوز الثلاثين وقيل ابن ثلاث وثلاثين انتهى. والذي يظهر أن مجاهدا فسره بلازمه الغالب، لأن الكهل غالبا يكون فيه وقار وسكينة، وقد اختلف أهل العربية في قوله: "وكهلا" هل هو معطوف على قوله: "وجيها" أو هو حال من الضمير في يكلم أي يكلمهم صغيرا وكهلا، وعلى الأول يتجه تفسير مجاهد. قوله: "الأكمه من يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل. وقال غيره من يولد أعمى" أما قول مجاهد فوصله الفريابي أيضا، وهو قول شاذ تفرد به مجاهد، والمعروف أن ذلك هو الأعشى. وأما قول غيره فهو قول الجمهور وبه جزم أبو عبيدة وأخرجه

(6/472)


الطبري عن ابن عباس، وروى عبد بن حميد من طريق سعيد عن قتادة: كنا نتحدث أن الأكمه الذي يولد وهو مضموم العين. ومن طريق عكرمة: الأكمه الأعمى. وكذا رواه الطبري عن السدي، وعن ابن عباس أيضا، وعن الحسن ونحوهم، قال الطبري: الأشبه بتفسير الآية قول قتادة، لأن علاج مثل ذلك لا يدعيه أحد، والآية سيقت لبيان معجزة عيسى عليه السلام، فالأشبه أن يحمل المراد عليها ويكون أبلغ في إثبات المعجزة والله أعلم. حديث أبي موسى الأشعري في فضل مريم وآسية، وقد تقدم شرحه في آخر قصة موسى عليه السلام. وحديث أبي هريرة في فضل نساء قريش. قوله: "وقال ابن وهب إلخ" وصله مسلم عن حرملة عن ابن وهب، وكذلك أخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن حرملة، وسيأتي للمصنف موصولا من وجه آخر عن ابن وهب في النكاح، قال القرطبي: هذا تفضيل لنساء قريش على نساء العرب خاصة، لأنهم أصحاب الإبل غالبا، وسيأتي بقية شرحه في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى.
قوله: "أحناه" أشفقه، حنى يحنو ويحنى من الثلاثي، وأحنى يحني من الرباعي: أشفق عليه وعطف، والحانية التي تقوم بولدها بعد موت الأب، قال: وحنت المرأة على ولدها إذا لم تتزوج بعد موت الأب. قال ابن التين: فإن تزوجت فليست بحانية. قال الحسن في الحانية التي لها ولد ولا تتزوج. وفي بعض الكتب: أحنى بتشديد النون والتنوين حكاه ابن التين وقال: لعله مأخوذ من الحنان بفتح وتخفيف وهو الرحمة، وحنت المرأة إلى ولدها وإلى زوجها سواء كان بصوت أم لا، ومن الذي بالصوت حنين الجذع وأصله ترجيع صوت الناقة على أثر ولدها، وكان القياس أحناهن لكن جرى لسان العرب بالإفراد، وقوله: "ولم تركب مريم بعيرا قط" إشارة إلى أن مريم لم تدخل في هذا التفضيل بل هو خاص بمن يركب الإبل، والفضل الوارد في خديجة وفاطمة وعائشة هو بالنسبة إلى جميع النساء إلا من قيل إنها نبية، فإن ثبت في حق امرأة أنها نبية فهي خارجة بالشرع لأن درجة النبوة لا شيء بعدها، وإن لم يثبت فيحتاج من يخرجهن إلى دليل خاص لكل منهن، فأشار أبو هريرة إلى أن مريم لم تدخل في هذا العموم، لأنه قيد أصل الفضل بمن يركب الإبل ومريم لم تركب بعيرا قط. وقد اعترض بعضهم فقال: كأن أبا هريرة ظن أن البعير لا يكون إلا من الإبل، وليس كما ظن بل يطلق البعير على الحمار. وقال ابن خالويه: لم تكن إخوة يوسف ركبانا إلا على أحمرة، ولم يكن عندهم إبل، وإنما كانت تحملهم في أسفارهم وغيرها الأحمرة، وكذا قال مجاهد هنا: البعير الحمار، وهي لغة حكاها الكواشي(1)، واستدل بقوله: {وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} على أنها كانت نبية، ويؤيد ذكرها في سورة مريم بمثل ما ذكر به الأنبياء، ولا يمنع وصفها بأنها صديقة فإن يوسف وصف بذلك مع كونه نبيا، وقد نقل عن الأشعري أن في النساء نبيات. وجزم ابن حزم بست: حواء وسارة وهاجر وأم موسى وآسية ومريم، ولم يذكر القرطبي سارة ولا هاجر، ونقله السهيلي في آخر "الروض" عن أكثر الفقهاء. وقال القرطبي: الصحيح أن مريم نبية. وقال عياض: الجمهور على خلافه. وذكر النووي في "الأذكار" عن إمام الحرمين أنه نقل الإجماع على أن مريم ليست نبية، ونسبه في "شرح المهذب" لجماعة، وجاء عن الحسن البصري ليس في النساء نبية
ـــــــ
(1) ما بعد هذا تقدم في أول الباب الذي قبل هذا. قال مصحح طبعة بولاق: والنسخ التي بأيدينا متفقة على إثباته في المحلين مع تفاوت يسير جدا، وإنما أعادها هنا لمناسبة المقام لها.

(6/473)


ولا في الجن. وقال السبكي: اختلف في هذه المسألة ولم يصح عندي في ذلك شيء. قوله: "يقول أبو هريرة على أثر ذلك: ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط" في رواية لأحمد وأبي يعلى "وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مريم لم تركب بعيرا قط" أراد أبو هريرة بذلك أن مريم لم تدخل في النساء المذكورات بالخيرية لأنه قيدهن بركوب الإبل ومريم لم تكن ممن يركب الإبل، وكأنه كان يرى أنها أفضل النساء مطلقا. قوله: "تابعه ابن أخي الزهري وإسحاق الكلبي عن الزهري" أما متابعة ابن أخي الزهري وهو محمد بن عبد الله بن مسلم فوصلها أبو أحمد بن عدي في الكامل من طريق الدراوردي عنه، وأما متابعة إسحاق الكلبي فوصلها الزهري في "الزهريات" عن يحيى بن صالح عنه.

(6/474)


باب قوله { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم و لا تقولوا على الله إلا الحق ، إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه ، فآمنوا بالله و رسله و لا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم
...
47 - باب قَوْلُهُ [171 النساء]: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ . إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُوا ثَلاَثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: {كَلِمَتُهُ} كُنْ فَكَانَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {وَرُوحٌ مِنْهُ} أَحْيَاهُ فَجَعَلَهُ رُوحًا. {وَلاَ تَقُولُوا ثَلاَثَةٌ}.
3435- حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْعَمَلِ".
قَالَ الْوَلِيدُ: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ عَنْ عُمَيْرٍ عَنْ جُنَادَةَ وَزَادَ: "مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ أَيَّهَا شَاءَ".
قوله: "باب قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} إلى {وَكِيلًا} قال عياض: وقع في رواية الأصيلي "قل يا أهل الكتاب" ولغيره بحذف "قل" وهو الصواب. قلت: هذا هو الصواب في هذه الآية التي هي من سورة النساء لكن قد ثبت "قل" في الآية الأخرى في سورة المائدة {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} الآية، ولكن مراد المصنف آية سورة النساء بدليل إيراده لتفسير بعض ما وقع فيها فالاعتراض متجه. قوله: "قال أبو عبيد: كلمته كن فكان" هكذا في جميع الأصول، والمراد به أبو عبيد القاسم بن سلام، ووقع نظيره في كلام أبي عبيدة معمر بن المثنى، وفي تفسير عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مثله. قوله: "وقال غيره: وروح منه أحياه فجعله روحا" هو قول أبي عبيدة، قال في قوله تعالى: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} قوله كن فكان، وروح منه الله تبارك وتعالى أحياه فجعله روحا ولا تقولوا ثلاثة: أي لا تقولوا هم ثلاثة. قوله: "ولا تقولوا ثلاثة" هو بقية الآية التي فسرها أبو عبيدة. قوله: "عن الأوزاعي" في رواية الإسماعيلي من طريق علي بن المديني عن الوليد "حدثنا الأوزاعي". قوله: "عن عبادة" هو ابن الصامت، في رواية ابن المديني المذكورة "حدثني عبادة" وفي رواية مسلم عن جنادة "حدثنا عبادة بن الصامت". قوله: "وأن عيسى عبد الله ورسوله" زاد

(6/474)


ابن المديني في روايته: "وابن أمته" قال القرطبي: مقصود هذا الحديث التنبيه على ما وقع للنصارى من الضلال في عيسى وأمه، ويستفاد منه ما يلقنه النصراني إذا أسلم، قال النووي: هذا حديث عظيم الموقع، وهو من أجمع الأحاديث المشتملة على العقائد؛ فإنه جمع فيه ما يخرج عنه جميع ملل الكفر على اختلاف عقائدهم وتباعدهم. وقال غيره: في ذكر عيسى تعريض بالنصارى وإيذان بأن إيمانهم مع قولهم بالتثليث شرك محض، وكذا قوله: "عبده" وفي ذكر "رسوله" تعريض باليهود في إنكارهم رسالته وقذفه بما هو منزه عنه وكذا أمه. وفي قوله: "وابن أمته" تشريف له، وكذا تسميته بالروح ووصفه بأنه "منه" كقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} فالمعنى أنه كائن منه كما أن معنى الآية الأخرى أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه، أي أنه مكون كل ذلك وموجده بقدرته وحكمته. وقوله: "وكلمته" إشارة إلى أنه حجة الله على عباده أبدعه من غير أب وأنطقه في غير أوانه وأحيى الموتى على يده، وقيل: سمي كلمة الله لأنه أوجده بقوله كن، فلما كان بكلامه سمي به كما يقال سيف الله وأسد الله، وقيل: لما قال في صغره إني عبد الله، وأما تسميته بالروح فلما كان أقدره عليه من إحياء الموتى، وقيل: لكونه ذا روح وجد من غير جزء من ذي روح. وقوله: "أدخله الله الجنة من أي أبواب الجنة شاء"(1) يقتضي دخوله الجنة وتخييره في الدخول من أبوابها، وهو بخلاف ظاهر حديث أبي هريرة الماضي في بدء الخلق فإنه يقتضي أن لكل داخل الجنة بابا معينا يدخل منه، قال: ويجمع بينهما بأنه في الأصل مخير، لكنه يرى أن الذي يختص به أفضل في حقه فيختاره فيدخله مختارا لا مجبورا ولا ممنوعا من الدخول من غيره. قلت: ويحتمل أن يكون فاعل شاء هو الله، والمعنى أن الله يوفقه لعمل يدخله برحمة الله من الباب المعد لعامل ذلك العمل. قوله: "قال الوليد" هو ابن مسلم، وهو موصول بالإسناد المذكور، وقد أخرجه مسلم عن داود بن رشيد عن الوليد بن مسلم عن ابن جابر وحده به ولم يذكر الأوزاعي، وأخرجه من وجه آخر عن الأوزاعي. قوله: "عن جنادة وزاد" أي عن جنادة عن عبادة بالحديث المذكور وزاد في آخره، وكذا أخرجه مسلم بالزيادة ولفظه: "أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء" وقد تقدمت الإشارة إليه في صفة الجنة من بدء الخلق، وقد تقدم الكلام على ما يتعلق بدخول جميع الموحدين الجنة في كتاب الإيمان بما أغنى عن إعادته. ومعنى قوله: "على ما كان من العمل" أي من صلاح أو فساد، لكن أهل التوحيد لا بد لهم من دخول الجنة، ويحتمل أن يكون معنى قوله: "على ما كان من العمل" أي يدخل أهل الجنة الجنة على حسب أعمال كل منهم في الدرجات. "تنبيه": وقع في رواية الأوزاعي وحده فقال في آخره: "أدخله الله الجنة على ما كان عليه من العمل" بدل قوله في رواية ابن جابر: "من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء" وبينه مسلم في روايته. وأخرج مسلم من هذا الحديث قطعة من طريق الصنابحي عن عبادة "من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله حرم الله عليه النار" وهو يؤيد ما سيأتي ذكره في الرقاق في شرح حديث أبي ذر أن بعض الرواة يختصر الحديث، وأن المتعين عل من يتكلم على الأحاديث أن يجمع طرقها ثم يجمع ألفاظ المتون إذا صحت الطرق ويشرحها على أنه حديث واحد، فإن الحديث أولى ما فسر بالحديث. قال البيضاوي في قوله: "على ما كان عليه من العمل" دليل على المعتزلة من وجهين: دعواهم أن العاصي
ـــــــ
(1) قال مصحح طبعة بولاق: هذه الجملة ليست في الصحيح التي بأيدينا.

(6/475)


يخلد في النار وأن من لم يتب يجب دخوله في النار، لأن قوله: "على ما كان من العمل" حال من قوله: "أدخله الله الجنة" والعمل حينئذ غير حاصل، ولا يتصور ذلك في حق من مات قبل التوبة إلا إذا أدخل الجنة قبل العقوبة. وأما ما ثبت من لازم أحاديث الشفاعة أن بعض العصاة يعذب ثم يخرج فيخص به هذا العموم، وإلا فالجميع تحت الرجاء، كما أنهم تحت الخوف. وهذا معنى قول أهل السنة: إنهم في خطر المشيئة.

(6/476)


باب قول الله { و اذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها }
...
48 - باب قَوْلِ اللَّهِ [16 مريم]: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا}. نَبَذْنَاهُ: أَلْقَيْنَاهُ. اعْتَزَلَتْ {شَرْقِيًّا}: مِمَّا يَلِي الشَّرْقَ. {فَأَجَاءَهَا}: أَفْعَلْتُ مِنْ جِئْتُ وَيُقَالُ أَلْجَأَهَا اضْطَرَّهَا. {تَسَّاقَطْ}: تَسْقُطْ. {قَصِيًّا}: قَاصِيًا {فَرِيًّا}: عَظِيمًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {نِسْيًا}: لَمْ أَكُنْ شَيْئًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: النِّسْيُ الْحَقِيرُ. وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: عَلِمَتْ مَرْيَمُ أَنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ حِينَ قَالَتْ {إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا}. قَالَ وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ {سَرِيًّا}: نَهَرٌ صَغِيرٌ بِالسُّرْيَانِيَّةِ
3436- حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ عِيسَى وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ كَانَ يُصَلِّي جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي فَقَالَتْ اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلاَمًا فَقَالَتْ مِنْ جُرَيْجٍ فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلاَمَ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلاَمُ قَالَ الرَّاعِي قَالُوا نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ لاَ إِلاَّ مِنْ طِينٍ وَكَانَتْ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ فَقَالَتْ اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهُ فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَصُّ إِصْبَعَهُ ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ فَقَالَتْ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ فَتَرَكَ ثَدْيَهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا فَقَالَتْ لِمَ ذَاكَ فَقَالَ الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنْ الْجَبَابِرَةِ وَهَذِهِ الأَمَةُ يَقُولُونَ سَرَقْتِ زَنَيْتِ وَلَمْ تَفْعَلْ".
3437- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ وَحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ لَقِيتُ مُوسَى قَالَ فَنَعَتَهُ فَإِذَا رَجُلٌ حَسِبْتُهُ قَالَ مُضْطَرِبٌ رَجِلُ الرَّأْسِ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ قَالَ وَلَقِيتُ عِيسَى فَنَعَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ يَعْنِي الْحَمَّامَ وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ

(6/476)


وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ قَالَ وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالْآخَرُ فِيهِ خَمْرٌ فَقِيلَ لِي خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ فَقِيلَ لِي هُدِيتَ الْفِطْرَةَ أَوْ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ".
3438- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رَأَيْتُ عِيسَى ومُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ فَأَمَّا عِيسَى فَأَحْمَرُ جَعْدٌ عَرِيضُ الصَّدْرِ وَأَمَّا مُوسَى فَآدَمُ جَسِيمٌ سَبْطٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ".
3439- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ نَافِعٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَيْ النَّاسِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ أَلاَ إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ".
3440- وَأَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فِي الْمَنَامِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ رَجِلُ الشَّعَرِ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ثُمَّ رَأَيْتُ رَجُلًا وَرَاءَهُ جَعْدًا قَطِطًا أَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ".
تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ
[الحديث 3440 – أطرافه في: 3441، 5902، 6999، 7026، 7128]
3441- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لاَ وَاللَّهِ مَا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لِعِيسَى أَحْمَرُ وَلَكِنْ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ عَيْنِهِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ وَأَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ هَلَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ".
3442- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ وَالأَنْبِيَاءُ أَوْلاَدُ عَلاَتٍ

(6/477)


لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ".
[الحديث 3442 – طرفه في: 3443]
3443- حدثنا محمد بن سنان حدثنا فليح بن سليمان حدثنا هلال بن علي عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة والأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد". وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3444- وحَدَّثَني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلًا يَسْرِقُ فَقَالَ لَهُ أَسَرَقْتَ قَالَ كَلاَ وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَقَالَ عِيسَى آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ عَيْنِي".
3445- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ".
3446- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ حَيٍّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ قَالَ لِلشَّعْبِيِّ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ أَخْبَرَنِي أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَدَّبَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا كَانَ لَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا آمَنَ بِعِيسَى ثُمَّ آمَنَ بِي فَلَهُ أَجْرَانِ وَالْعَبْدُ إِذَا اتَّقَى رَبَّهُ وَأَطَاعَ مَوَالِيَهُ فَلَهُ أَجْرَانِ".
3447- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ثُمَّ قَرَأَ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ فَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ ثُمَّ يُؤْخَذُ بِرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِي ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}".
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ ذُكِرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَبِيصَةَ قَالَ هُمْ الْمُرْتَدُّونَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ".

(6/478)


قوله: "باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا}" هذا الباب معقود لأخبار عيسى عليه السلام، والأبواب التي قبله لأخبار أمه مريم، وقد روى الطبري من طريق السدي قال: أصاب مريم حيض فخرجت من المسجد فأقامت شرقي المحراب. قوله: "فنبذناه: ألقيناه" وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {فَنَبَذْنَاهُ} قال: ألقيناه. وقال أبو عبيدة في قوله: {إِذِ انْتَبَذَتْ} أي اعتزلت وتنحت. قوله: "اعتزلت شرقيا مما يلي الشرق" قال أبو عبيدة في قوله: {مَكَاناً شَرْقِيّاً} مما يلي الشرق، وهو عند العرب خير من الغربي الذي يلي الغرب. قوله: "فأجاءها: أفعلت من جئت ويقال ألجأها اضطرها" قال أبو عبيدة في قوله: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ} مجازه أفعلها من جاءت، وأجاءها غيرها إليه، يعني فهو من مزيد جاء، قال زهير:
وجاء وسار معتمدا إليكم ... أجاءته المخافة والرجاء
والمعنى ألجأته. وقال الزمخشري: إن أجاء منقول من جاء، إلا أن استعماله تغير بعد النقل إلى معنى الإلجاء. قوله: "تساقط: تسقط" هو قول أبي عبيدة، وضبط تسقط بضم أوله من الرباعي والفاعل النخلة عند من قرأها بالمثناة، أو الجذع عند من قرأها بالتحتانية. قوله: "قصيا: قاصيا" هو تفسير مجاهد أخرجه الطبري عنه. وقال أبو عبيدة في قوله: {مَكَاناً قَصِيّاً} أي بعيدا. قوله: "فريا عظيما" هو تفسير مجاهد وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عنه، ومن طريق سعيد عن قتادة كذلك، قال أبو عبيدة في قوله: {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً} أي عجبا فائقا. قوله: "قال ابن عباس: نسيا لم أكن شيئا" وصله ابن جرير من طريق ابن جريج " أخبرني عطاء عن ابن عباس في قوله: {يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً} "أي لم أخلق ولم أكن شيئا". قوله: "وقال غيره النسي الحقير" هو قول السدي، وقيل: هو ما سقط في منازل المرتحلين من رذالة أمتعتهم، وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة قال في قوله: {وَكُنْتُ نَسْياً}: أي شيئا لا يذكر. قوله: "وقال أبو وائل: علمت مريم أن التقي ذو نهية حين قالت إن كنت تقيا" وصله عبد بن حميد من طريق عاصم قال: قرأ أبو وائل {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً} قال: لقد علمت مريم أن التقي ذو نهية، وقوله نهية: بضم النون وسكون الهاء أي ذو عقل وانتهاء عن فعل القبيح وأغرب من قال إنه اسم رجل يقال له تقي كان مشهورا بالفساد فاستعاذت منه. قوله: "وقال وكيع عن إسرائيل إلخ" ذكر خلف في "الأطراف" أن البخاري وصله عن يحيى عن وكيع، وأن ذلك وقع في التفسير، ولم نقف عليه في شيء من النسخ، فلعله في رواية حماد بن شاكر عن البخاري. قوله: "سريا: نهر صغير بالسريانية" كذا ذكره موقوفا من حديث البراء معلقا، وأورده الحاكم في "المستدرك" وابن أبي حاتم من طريق الثوري والطبري من طريق شعبة كلاهما عن أبي إسحاق مثله، وأخرجه ابن مردويه من طريق آدم عن إسرائيل به لكن لم يقل بالسريانية وإنما قال البراء: السري الجدول وهو النهر الصغير، وقد ذكر أبو عبيدة أن السري النهر الصغير بالعربية أيضا وأنشد للبيد بن ربيعة:
فرمى بها عرض السري فغادرا ... مسجورة متجاوز أقلامها
والعرض بالضم الناحية، وروى الطبري من طريق حصين عن عمرو بن ميمون قال: السري الجدول، ومن طريق الحسن البصري قال: السري هو عيسى، وهذا شاذ. وقد روى ابن مردويه في تفسيره من حديث ابن عمر

(6/479)


مرفوعا: "السري في هذه الآية نهر أخرجه الله لمريم لتشرب منه". ثم ذكر المصنف في الباب عشرة أحاديث: أولها: حديث أبي هريرة في قصة جريج الراهب وغيره، والغرض منه ذكر الذين تكلموا في المهد، وأورده في ترجمة عيسى أنه أولهم. قوله: "لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة" قال القرطبي: في هذا الحصر نظر، إلا أن يحمل على أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل أن يعلم الزيادة على ذلك، وفيه بعد، ويحتمل أن يكون كلام الثلاثة المذكورين مقيدا بالمهد وكلام غيرهم من الأطفال بغير مهد، لكنه يعكر عليه أن في رواية ابن قتيبة أن الصبي الذي طرحته أمه في الأخدود كان ابن سبعة أشهر، وصرح بالمهد في حديث أبي هريرة، وفيه تعقب على النووي في قوله: إن صاحب الأخدود لم يكن في المهد، والسبب في قوله هذا ما وقع في حديث ابن عباس عند أحمد والبزار وابن حبان والحاكم "لم يتكلم في المهد إلا أربعة" فلم يذكر الثالث الذي هنا وذكر شاهد يوسف والصبي الرضيع الذي قال لأمه وهي ماشطة بنت فرعون لما أراد فرعون إلقاء أمه في النار "اصبري يا أمه فإنا على الحق". وأخرج الحاكم نحوه من حديث أبي هريرة، فيجتمع من هذا خمسة. ووقع ذكر شاهد يوسف أيضا في حديث عمران بن حصين لكنه موقوف، وروى ابن أبي شيبة من مرسل هلال بن يساف مثل حديث ابن عباس إلا أنه لم يذكر ابن الماشطة. وفي صحيح مسلم من حديث صهيب في قصة أصحاب الأخدود "أن امرأة جيء بها لتلقى في النار أو لتكفر، ومعها صبي يرضع، فتقاعست، فقال لها: يا أمه اصبري فإنك على الحق" وزعم الضحاك في تفسره أن يحيى تكلم في المهد أخرجه الثعلبي. فإن ثبت صاروا سبعة. وذكر البغوي في تفسيره أن إبراهيم الخليل تكلم في المهد. وفي "سير الواقدي" أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم أوائل ما ولد. وقد تكلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مبارك اليمامة وقصته في "دلائل النبوة، للبيهقي" من حديث معرض بالضاد المعجمة، والله أعلم. على أنه اختلف في شاهد يوسف: فقيل كان صغيرا، وهذا أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس وسنده ضعيف، وبه قال الحسن وسعيد بن جبير. وأخرج عن ابن عباس أيضا ومجاهد أنه كان ذا لحية. وعن قتادة والحسن أيضا كان حكيما من أهلها. قوله: "وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج" بجيمين مصغر، وقد روى حديثه عن أبي هريرة محمد بن سيرين كما هنا، وتقدم في المظالم من طريقه بهذا الإسناد، والأعرج كما تقدم في أواخر الصلاة، وأبو رافع وهو عند مسلم وأحمد، وأبو سلمة وهو عند أحمد، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي هريرة عمران بن حصين، وسأذكر ما في رواية كل منهم من الفائدة. وأول حديث أبي سلمة "كان رجل في بني إسرائيل تاجرا، وكان ينقص مرة ويزيد أخرى. فقال: ما في هذه التجارة خير، لألتمسن تجارة هي خير من هذه، فبنى صومعة وترهب فيها، وكان يقال له جريج" فذكر الحديث، ودل ذلك على أنه كان بعد عيسى ابن مريم، وأنه كان من أتباعه لأنهم الذين ابتدعوا الترهب وحبس النفس في الصوامع. والصومعة بفتح المهملة وسكون الواو هي البناء المرتفع المحدد أعلاه، ووزنها فوعلة من صمعت إذا دققت لأنها دقيقة الرأس. قوله: "جاءت أمه" في رواية الكشميهني: "فجاءته أمه" وفي رواية أبي رافع "كان جريج يتعبد في صومعته فأتته أمه" ولم أقف في شيء من الطرق على اسمها. وفي حديث عمران بن حصين "وكانت أمه تأتيه فتناديه فيشرف عليها فيكلمها، فأتته يوما وهو في صلاته" وفي رواية أبي رافع عند أحمد "فأتته أمه ذات يوم فنادته قالت: أي جريج أشرف علي أكلمك، أنا أمك". قوله: "فدعته فقال أجيبها أو أصلي" زاد المصنف في المظالم بالإسناد الذي ذكره هنا "فأبى أن يجيبهما" ومعنى قوله أمي وصلاتي أي اجتمع عليه إجابة أمي وإتمام صلاتي فوفقني لأفضلهما. وفي رواية أبي رافع "فصادفته

(6/480)


يصلي، فوضعت يدها على حاجبها فقالت: يا جريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي، فاختار صلاته، فرجعت. ثم أتته فصادفته يصلي فقالت: يا جريج أنا أمك فكلمني، فقال مثله" فذكره. وفي حديث عمران بن حصين أنها جاءته ثلاث مرات تناديه في كل مرة ثلاث مرات. وفي رواية الأعرج عند الإسماعيلي: "فقال أمي وصلاتي لربي، أوثر صلاتي على أمي، ذكره ثلاثا" وكل ذلك محمول على أنه قاله في نفسه لا أنه نطق به، ويحتمل أن يكون نطق به على ظاهره لأن الكلام كان مباحا عندهم، وكذلك كان في صدر الإسلام، وقد قدمت في أواخر الصلاة ذكر حديث يزيد بن حوشب عن أبيه رفعه: "لو كان جريج عالما لعلم أن إجابة أمه أولى من صلاته". قوله: "فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات" في رواية الأعرج "حتى ينظر في وجوه المياميس" ومثله في رواية أبي سلمة وفي رواية أبي رافع "حتى تريه المومسة" بالإفراد، وفي حديث عمران بن حصين "فغضبت فقالت: اللهم لا يموتن جريج حتى ينظر في وجوه المومسات" والمومسات جمع مومسة بضم الميم وسكون الواو وكسر الميم بعدها مهملة وهي الزانية وتجمع على مواميس بالواو، وجمع في الطريق المذكورة بالتحتانية، وأنكره ابن الخشاب أيضا ووجهه غيره كما تقدم في أواخر الصلاة وجوز صاحب "المطالع" فيه الهمزة بدل الياء بل أثبتها رواية، ووقع في رواية الأعرج "فقالت أبيت أن تطلع إلى وجهك، لا أماتك الله حتى تنظر في وجهك زواني المدينة". قوله : "فتعرضت له امرأة فكلمته فأبى، فأتت راعيا فأمكنته من نفسها" في رواية وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عند أحمد "فذكر بنو إسرائيل عبادة جريج، فقالت بغي منهم: إن شئتم لأفتننه، قالوا قد شئنا. فأتته فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأمكنت نفسها من راع كان يؤوي غنمه إلى أصل صومعة جريج" ولم أقف على اسم هذه المرأة، لكن في حديث عمران بن حصين أنها كانت بنت ملك القرية. وفي رواية الأعرج "وكانت تأوي إلى صومعته راعية ترعى الغنم" ونحوه في رواية أبي رافع عند أحمد. وفي رواية أبي سلمة "وكان عند صومعته راعي ضأن وراعية معزى" ويمكن الجمع بين هذه الروايات بأنها خرجت من دار أبيها بغير علم أهلها متنكرة وكانت تعمل الفساد إلى أن ادعت أنها تستطيع أن تفتن جريجا فاحتالت بأن خرجت في صورة راعية ليمكنها أن تأوي إلى ظل صومعته لتتوصل بذلك إلى فتنته. قوله: "فولدت غلاما" فيه حذف تقديره فحملت حتى انقضت أيامها فولدت، وكذا قوله: "فقالت من جريج" فيه حذف تقديره فسئلت ممن هذا؟ فقالت من جريج. وفي رواية أبي رافع التصريح بذلك ولفظه: "فقيل لها ممن هذا؟ فقالت هو من صاحب الدير" وزاد في رواية أحمد "فأخذت، وكان من زنى منهم قتل فقيل لها ممن هذا؟ قالت هو من صاحب الصومعة" زاد الأعرج "نزل إلي من صومعته" وفي رواية الأعرج "فقيل لها من صاحبك؟ قالت جريج الراهب، نزل إلي فأصابني" زاد أبو سلمة في روايته: "فذهبوا إلى الملك فأخبروه، قال: أدركوه فأتوني به". قوله: "فأتوه فكسروا صومعته وأنزلوه". وفي رواية أبي رافع "فأقبلوا بفؤوسهم ومساحيهم إلى الدير فنادوه فلم يكلمهم، فأقبلوا يهدمون ديره" وفي حديث عمران "فما شعر حتى سمع بالفئوس في أصل صومعته فجعل يسألهم: ويلكم ما لكم؟ فلم يجيبوه، فلما رأى ذلك أخذ الحبل فتدلى". قوله: "وسبوه" زاد أحمد عن وهب ابن جرير "وضربوه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: إنك زنيت بهذه" وفي رواية أبي رافع عنده "فقالوا أي جريج انزل، فأبى يقبل على صلاته، فأخذوا في هدم صومعته، فلما رأى ذلك نزل فجعلوا في عنقه وعنقها حبلا وجعلوا يطوفون بهما في الناس". وفي رواية أبي سلمة "فقال له الملك: ويحك يا جريج، كنا نراك

(6/481)


خير الناس فأحبلت هذه، اذهبوا به فاصلبوه" وفي حديث عمران "فجعلوا يضربونه ويقولون: مراء تخادع الناس بعملك" وفي رواية الأعرج "فلما مروا به نحو بيت الزواني خرجن ينظرن فتبسم، فقالوا: لم يضحك، حتى مر بالزواني". قوله: "فتوضأ وصلى" وفي رواية وهب بن جرير "فقام وصلى ودعا" وفي حديث عمران "قال فتولوا عني، فتولوا عنه فصلى ركعتين". قوله: "ثم أتى الغلام فقال: من أبوك يا غلام؟ فقال: الراعي" زاد في رواية وهب بن جرير "فطعنه بإصبعه فقال: بالله يا غلام من أبوك؟ فقال: أنا ابن الراعي" وفي مرسل الحسن عند ابن المبارك في "البر والصلة" أنه "سألهم أن ينظروه فأنظروه، فرأى في المنام من أمره أن يطعن في بطن المرأة فيقول: أيتها السخلة من أبوك؟ ففعل، فقال: راعي الغنم" وفي رواية أبي رافع "ثم مسح رأس الصبي فقال: من أبوك؟ قال راعي الضأن" وفي روايته عند أحمد "فوضع إصبعه على بطنها" وفي رواية أبي سلمة "فأتي بالمرأة والصبي وفمه في ثديها فقال له جريج: يا غلام من أبوك؟ فنزع الغلام فاه من الثدي وقال أبي راعي الضأن" وفي رواية الأعرج "فلما أدخل على ملكهم قال جريج: أين الصبي الذي ولدته؟ فأتي به فقال من أبوك؟ قال: فلان، سمى أباه". قلت ولم أقف على اسم الراعي، ويقال إن اسمه صهيب، وأما الابن فتقدم في أواخر الصلاة بلفظ: "فقال يا أبا بوس" وتقدم شرحه أواخر الصلاة وأنه ليس اسمه كما زعم الداودي وإنما المراد به الصغير، وفي حديث عمران "ثم انتهى إلى شجرة فأخذ منها غصنا ثم أتي الغلام وهو في مهده فضربه بذلك الغصن فقال: من أبوك؟" ووقع في "التنبيه لأبي الليث السمرقندي" بغير إسناد أنه قال للمرأة: أين أصبتك؟ قالت: تحت شجرة، فأتى تلك الشجرة فقال: يا شجرة أسألك بالذي خلقك من زنى بهذه المرأة؟ فقال كل غصن منها: راعي الغنم. ويجمع بين هذا الاختلاف بوقوع جميع ما ذكر بأنه مسح رأس الصبي، ووضع إصبعه على بطن أمه، وطعنه بإصبعه، وضربه بطرف العصا التي كانت معه. وأبعد من جمع بينها بتعدد القصة وأنه استنطقه وهو في بطنها مرة قبل أن تلد ثم استنطقه بعد أن ولد، زاد في رواية وهب بن جرير "فوثبوا إلى جريج فجعلوا يقبلونه" وزاد الأعرج في روايته: "فأبرأ الله جريجا وأعظم الناس أمر جريج" وفي رواية أبي سلمة "فسبح الناس وعجبوا". قوله: "قالوا نبني صومعتك من ذهب، قال: لا إلا من طين" وفي رواية وهب بن جرير "ابنوها من طين كما كانت" وفي رواية أبي رافع "فقالوا نبني ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة، قال: لا ولكن أعيدوه كما كان، ففعلوا" وفي نقل أبي الليث "فقال له الملك نبنيها من ذهب، قال: لا. قال من فضة. قال: لا إلا من طين" زاد في رواية أبي سلمة "فردوها فرجع في صومعته، فقالوا له: بالله مم ضحكت؟ فقال ما ضحكت إلا من دعوة دعتها علي أمي" وفي الحديث إيثار إجابة الأم على صلاة التطوع لأن الاستمرار فيها نافلة وإجابة الأم وبرها واجب، قال النووي وغيره: إنما دعت عليه فأجيبت لأنه كان يمكنه أن يخفف ويجيبها، لكن لعله خشي أن تدعوه إلى مفارقة صومعته والعود إلى الدنيا وتعلقاتها، كذا قال النووي، وفيه نظر لما تقدم من أنها كانت تأتيه فيكلمها، والظاهر أنها كانت تشتاق إليه فتزوره وتقتنع برؤيته وتكليمه، وكأنه إنما لم يخفف ثم يجيبها لأنه خشي أن ينقطع خشوعه. وقد تقدم في أواخر الصلاة من حديث يزيد بن حوشب عن أبيه "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كان جريج فقيها لعلم أن إجابة أمه أولى من عبادة ربه" أخرجه الحسن بن سفيان، وهذا إذا حمل على إطلاقه استفيد منه جواز قطع الصلاة مطلقا لإجابة نداء الأم نفلا كانت أو فرضا، وهو وجه في مذهب الشافعي حكاه الروياني. وقال النووي تبعا لغيره: هذا محمول على

(6/482)


أنه كان مباحا في شرعهم، وفيه نظر قدمته في أواخر الصلاة، والأصح عند الشافعية أن الصلاة إن كانت نفلا وعلم تأذي الوالد بالترك وجبت الإجابة وإلا فلا، وإن كانت فرضا وضاق الوقت لم تجب الإجابة، وإن لم يضق وجب عند إمام الحرمين. وخالفه غيره لأنها تلزم بالشروع، وعند المالكية أن إجابة الوالد في النافلة أفضل من التمادي فيها، وحكى القاضي أبو الوليد أن ذلك يختص بالأم دون الأب، وعند ابن أبي شيبة من مرسل محمد بن المنكدر ما يشهد له وقال به مكحول، وقيل إنه لم يقل به من السلف غيره. وفي الحديث أيضا عظم بر الوالدين وإجابة دعائهما ولو كان الولد معذورا؛ لكن يختلف الحال في ذلك بحسب المقاصد. وفيه الرفق بالتابع إذا جرى منه ما يقتضي التأديب لأن أم جريج مع غضبها منه لم تدع عليه إلا بما دعت به خاصة، ولولا طلبها الرفق به لدعت عليه بوقوع الفاحشة أو القتل. وفيه أن صاحب الصدق مع الله لا تضره الفتن. وفيه قوة يقين جريج المذكور وصحة رجائه، لأنه استنطق المولود مع كون العادة أنه لا ينطق؛ ولولا صحة رجائه بنطقه ما استنطقه. وفيه أن الأمرين إذا تعارضا بدئ بأهمهما، وأن الله يجعل لأوليائه عند ابتلائهم مخارج، وإنما يتأخر ذلك عن بعضهم في بعض الأوقات تهذيبا وزيادة لهم في الثواب. وفيه إثبات كرامات الأولياء، ووقوع الكرامة لهم باختيارهم وطلبهم. وقال ابن بطال: يحتمل أن يكون جريج كان نبيا فتكون معجزة، كذا قال، وهذا الاحتمال لا يتأتى في حق المرأة التي كلمها ولدها المرضع كما في بقية الحديث. وفيه جواز الأخذ بالأشد في العبادة لمن علم من نفسه قوة على ذلك. واستدل به بعضهم على أن بني إسرائيل كان من شرعهم أن المرأة تصدق فيما تدعيه على الرجال من الوطء ويلحق به الولد، وأنه لا ينفعه جحد ذلك إلا بحجة تدفع قولها. وفيه أن مرتكب الفاحشة لا تبقى له حرمة، وأن المفزع في الأمور المهمة إلى الله يكون بالتوجه إليه في الصلاة. واستدل بعض المالكية بقول جريج "من أبوك يا غلام" بأن من زنى بامرأة فولدت بنتا لا يحل له التزوج بتلك البنت خلافا للشافعية ولابن الماجشون من المالكية. ووجه الدلالة أن جريجا نسب ابن الزنا للزاني وصدق الله نسبته بما خرق له من العادة في نطق المولود بشهادته له بذلك، وقوله أبي فلان الراعي، فكانت تلك النسبة صحيحة فيلزم أن يجري بينهما أحكام الأبوة والبنوة، خرج التوارث والولاء بدليل فبقي ما عدا ذلك على حكمه. وفيه أن الوضوء لا يختص بهذه الأمة خلافا لمن زعم ذلك، وإنما الذي يختص بها الغرة والتحجيل في الآخرة، وقد تقدم في قصة إبراهيم أيضا مثل ذلك في خبر سارة مع الجبار والله أعلم. قوله: "وكانت امرأة" بالرفع، ولم أقف على اسمها ولا على اسم ابنها ولا على اسم أحد ممن ذكر في القصة المذكورة. قوله: "إذ مر بها راكب" وفي رواية خلاس عن أبي هريرة عند أحمد "فارس متكبر". قوله: "ذو شارة" بالشين المعجمة أي صاحب حسن وقيل: صاحب هيئة ومنظر وملبس حسن يتعجب منه ويشار إليه. وفي رواية خلاس "ذو شارة حسنة". قوله: "قال أبو هريرة كأني أنظر" هو موصول بالإسناد المذكور، وفيه المبالغة في إيضاح الخبر بتمثيله بالفعل. قوله: "ثم مر" بضم الميم على البناء للمجهول. قوله: "بأمة" زاد أحمد عن وهب بن جرير "تضرب" وفي رواية الأعرج عن أبي هريرة الآتية في ذكر بني إسرائيل "تجرر ويلعب بها" وهي بجيم مفتوحة بعدها راء ثقيلة ثم راء أخرى. قوله: "فقالت له ذلك" أي سألت الأم ابنها عن سبب كلامه. قوله: "قال الراكب جبار" في رواية أحمد "فقال يا أمتاه، أما الراكب ذو الشارة فجبار من الجبابرة" وفي رواية الأعرج فإنه كافر. قوله: "يقولون سرقت زنيت" بكسر المثناة فيهما على المخاطبة وبسكونها على الخبر. قوله: "ولم تفعل" في رواية

(6/483)


أحمد "يقولون سرقت ولم تسرق، زنيت ولم تزن، وهي تقول حسبي الله" وفي رواية الأعرج "يقولون لها تزني وتقول حسبي الله، ويقولون لها تسرق وتقول حسبي الله" ووقع في رواية خلاس المذكورة أنها كانت حبشية أو زنجية وأنها ماتت فجروها حتى ألقوها، وهذا معنى قوله في رواية الأعرج "تجرر". وفي الحديث أن نفوس أهل الدنيا تقف مع الخيال الظاهر فتخاف سوء الحال، بخلاف أهل التحقيق فوقوفهم مع الحقيقة الباطنة فلا يبالون بذلك مع حسن السريرة كما قال تعالى حكاية عن أصحاب قارون حيث خرج عليهم {يا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ... وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ} . وفيه أن البشر طبعوا على إيثار الأولاد على الأنفس بالخير لطلب المرأة الخير لابنها ودفع الشر عنه ولم تذكر نفسها. حديث أبي هريرة في ذكر موسى وعيسى وقد تقدم في قصة موسى من هذا الوجه، لكن زاد هنا إسنادا آخر فقال: "حدثنا محمود وهو ابن غيلان عن عبد الرزاق" وساقه على لفظه، وكان ساقه هناك على لفظ هشام بن يوسف، وقوله في هذه الرواية: "فإذا رجل حسبته قال مضطرب" القائل "حسبته" هو عبد الرزاق، والمضطرب الطويل غير الشديد، وقيل الخفيف اللحم، وتقدم في رواية هشام بلفظ: "ضرب" وفسر بالنحيف، ولا منافاة بينهما. وقال ابن التين: هذا الوصف مغاير لقوله بعد هذا "إنه جسيم" يعني في الرواية التي بعد هذه. وقال: والذي وقع نعته بأنه جسيم إنما هو الدجال. وقال عياض: رواية من قال: "ضرب" أصح من رواية من قال: "مضطرب" لما فيها من الشك، قال وقد وقع في الرواية الأخرى "جسيم" وهو ضد الضرب، إلا أن يراد بالجسيم الزيادة في الطول. وقال التيمي: لعل بعض لفظ هذا الحديث دخل في بعض، لأن الجسيم إنما ورد في صفة الدجال لا في صفة موسى انتهى. والذي يتعين المصير إليه ما جوزه عياض أن المراد بالجسيم في صفة موسى الزيادة في الطول، ويؤيده قوله في الرواية التي بعد هذه "كأنه من رجال الزط" وهم طوال غير غلاظ، ووقع في حديث الإسراء وهو في بدء الخلق "رأيت موسى جعدا طوالا" واستنكره الداودي فقال: لا أراه محفوظا لأن الطويل لا يوصف بالجعد وتعقب بأنهما لا يتنافيان. وقال النووي: الجعودة في صفة موسى جعودة الجسم وهو اكتنازه واجتماعه لا جعودة الشعر لأنه جاء أنه كان رجل الشعر. قوله في صفة عيسى: "ربعة" هو بفتح الراء وسكون الموحدة ويجوز فتحها وهو المربوع، والمراد أنه ليس بطويل جدا ولا قصير جدا بل وسط، وقوله: "من ديماس" هو بكسر المهملة وسكون التحتانية وآخره مهملة. قوله: "يعني الحمام" هو تفسير عبد الرزاق، ولم يقع ذلك في رواية هشام، والديماس في اللغة السرب، ويطلق أيضا على الكن، والحمام من جملة الكن. المراد من ذلك وصفه بصفاء اللون ونضارة الجسم وكثرة ماء الوجه حتى كأنه كان في موضع كن فخرج منه وهو عرقان، وسيأتي في رواية ابن عمر بعد هذا "ينطف رأسه ماء" وهو محتمل لأن يراد الحقيقة، وأنه عرق حتى قطر الماء من رأسه، ويحتمل أن يكون كناية عن مزيد نضارة وجهه، ويؤيده أن في رواية عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة عند أحمد وأبي داود "يقطر رأسه ماء وإن لم يصبه بلل". قوله: "وأتيت بإناءين" يأتي الكلام عليه في الكلام على الإسراء في السيرة النبوية إن شاء الله تعالى. قوله: "أخبرنا عثمان بن المغيرة" هو الثقفي مولاهم الكوفي ويقال له عثمان بن أبي زرعة، وهو ثقة من صغار التابعين، وليس له في البخاري غير هذا الحديث الواحد. قوله: "عن ابن عمر" كذا وقع في جميع الروايات التي وقعت لنا من نسخ البخاري، وقد تعقبه أبو ذر في روايته فقال: كذا وقع في جميع الروايات المسموعة عن الفربري "مجاهد عن ابن عمر". قال: ولا

(6/484)


أدري أهكذا حدث به البخاري أو غلط فيه الفربري لأني رأيته في جميع الطرق عن محمد بن كثير وغيره عن مجاهد عن ابن عباس، ثم ساقه بإسناده إلى حنبل بن إسحاق قال: حدثنا محمد بن كثير. وقال فيه ابن عباس. قال: وكذا رواه عثمان بن سعيد الدارمي عن محمد بن كثير قال: وتابعه نصر بن علي عن أبي أحمد الزبيري عن إسرائيل، وكذا رواه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن إسرائيل انتهى. وأخرجه أبو نعيم في "المستخرج" عن الطبراني عن أحمد بن مسلم الخزاعي عن محمد بن كثير وقال: رواه البخاري عن محمد بن كثير فقال مجاهد عن ابن عمر، ثم ساقه من طريق نصر بن علي عن أبي أحمد الزبيري عن إسرائيل فقال ابن عباس انتهى. وأخرجه ابن منده في "كتاب الإيمان" من طريق محمد بن أيوب بن الضريس وموسى بن سعيد الدنداني كلاهما عن محمد بن كثير فقال فيه ابن عباس ثم قال: قال البخاري عن محمد بن كثير عن ابن عمر والصواب عن ابن عباس. وقال أبو مسعود في "الأطراف" إنما رواه الناس عن محمد بن كثير فقال مجاهد عن ابن عباس، ووقع في البخاري في سائر النسخ مجاهد عن ابن عمر وهو غلط، قال: وقد رواه أصحاب إسرائيل منهم يحيى بن أبي زائدة وإسحاق بن منصور والنضر بن شميل وآدم بن أبي إياس وغيرهم عن إسرائيل فقالوا ابن عباس قال: وكذلك رواه ابن عون عن مجاهد عن ابن عباس انتهى. ورواية ابن عون تقدمت في ترجمة إبراهيم عليه السلام، ولكن لا ذكر لعيسى عليه السلام فيها. وأخرجها مسلم عن شيخ البخاري فيها وليس فيها لعيسى ذكر إنما فيها ذكر إبراهيم وموسى حسب. وقال محمد بن إسماعيل التيمي: ويقع في خاطري أن الوهم فيه من غير البخاري فإن الإسماعيلي أخرجه من طريق نصر بن علي عن أبي أحمد وقال فيه عن ابن عباس ولم ينبه على أن البخاري قال فيه عن ابن عمر، فلو كان وقع كذلك لنبه عليه كعادته، والذي يرجع أن الحديث لابن عباس لا لابن عمر ما سيأتي من إنكار ابن عمر على من قال إن عيسى أحمر وحلفه على ذلك. وفي رواية مجاهد هذه "فأما عيسى فأحمر جعد" فهذا يؤيد أن الحديث لمجاهد عن ابن عباس لا عن ابن عمر، والله أعلم. قوله: "سبط" بفتح المهملة وكسر الموحدة أي ليس بجعد، وهذا نعت لشعر رأسه. قوله: "كأنه من رجال الزط" بضم الزاي وتشديد المهملة جنس من السودان، وقيل: هم نوع من الهنود وهم طوال الأجسام مع نحافة فيها، وقد زعم ابن التين أن قوله في صفة موسى "جسيم"، مخالف لقوله في الرواية الأخرى في ترجمته "ضرب من الرجال" أي خفيف اللحم قال فلعل راوي الحديث دخل له بعض لفظه في بعض، لأن الجسيم ورد في صفة الدجال. وأجيب بأنه لا مانع أن يكون مع كونه خفيف اللحم جسيما بالنسبة لطوله، فلو كان غير طويل لاجتمع لحمه وكان جسيما. حديث ابن عمر في ذكر عيسى والدجال، أورده من طريق نافع عنه من وجهين موصولة ومعلقة، ومن طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه. قوله: "حدثنا موسى" هو ابن عقبة. قوله: "بين ظهراني" بفتح الظاء المعجمة وسكون الهاء بلفظ التثنية أي جالسا في وسط الناس، والمراد أنه جلس بينهم مستظهرا لا مستخفيا، وزيدت فيه الألف والنون تأكيدا، أو معناه أن ظهرا منه قدامه وظهرا خلفه وكأنهم حفوا به من جانبيه فهذا أصله، ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين قوم مطلقا، ولهذا زعم بعضهم أن لفظة ظهراني في هذا الموضع زائدة. قوله: "ألا أن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأنه عينه عنبة طافية" أي بارزة، وهو من طفا الشيء يطفا بغير همز إذا علا على غيره وشبهها بالعنبة التي تقع في العنقود بارزة عن نظائرها، وسيأتي بسط ذلك في كتاب الفتن. قوله: "وأراني" بفتح الهمزة، ذكر بلفظ المضارعة مبالغة في استحضار صورة الحال. قوله: "آدم" بالمد أي

(6/485)


باب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام
...
49 - باب نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلاَم
3448- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ

(6/490)


فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}.
3449- حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ". تَابَعَهُ عُقَيْلٌ وَالأَوْزَاعِيُّ.
قوله: "نزول عيسى ابن مريم" يعني في أواخر الزمان، كذا لأبي ذر بغير "باب" وأثبته غيره. وذكر فيه المصنف حديثين عن أبي هريرة. أحدهما: حديث: "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم" الحديث. قوله: "حدثنا إسحاق" هو ابن إبراهيم المعروف بابن راهويه، وإنما جزمت بذلك مع تجويز أبي علي الجياني أن يكون هو أو إسحاق بن منصور لتعبيره بقوله أخبرنا يعقوب بن إبراهيم لأن هذه العبارة يعتمدها إسحاق بن راهويه كما عرف بالاستقراء من عادته أنه لا يقول إلا "أخبرنا" ولا يقول: "حدثنا" وقد أخرج أبو نعيم في "المستخرج" هذا الحديث من مسند إسحاق بن راهويه وقال: "أخرجه البخاري عن إسحاق". قوله: "أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي" هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. قوله: "والذي نفسي بيده" فيه الحلف في الخبر مبالغة في تأكيده. قوله: "ليوشكن" بكسر المعجمة أي ليقربن أي لا بد من ذلك سريعا. قوله: "أن ينزل فيكم" أي في هذه الأمة، "فإنه خطاب لبعض الأمة ممن لا يدرك نزوله. قوله: "حكما" أي حاكما، والمعنى أنه ينزل حاكما بهذه الشريعة فإن هذه الشريعة باقية لا تنسخ، بل يكون عيسى حاكما من حكام هذه الأمة. وفي رواية الليث عن ابن شهاب عند مسلم: "حكما مقسطا" وله من طريق ابن عيينة عن ابن شهاب "إماما مقسطا" والمقسط العادل بخلاف القاسط فهو الجائر. ولأحمد من وجه آخر عن أبي هريرة "أقرءوه من رسول الله السلام" وعند أحمد من حديث عائشة "ويمكث عيسى في الأرض أربعين سنة" وللطبراني من حديث عبد الله بن مغفل "ينزل عيسى ابن مريم مصدقا بمحمد على ملته". قوله: "فيكسر الصليب ويقتل الخنزير" أي يبطل دين النصرانية بأن يكسر الصليب حقيقة ويبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمه، ويستفاد منه تحريم اقتناء الخنزير وتحريم أكله وأنه نجس، لأن الشيء المنتفع به لا يشرع إتلافه، وقد تقدم ذكر شيء من ذلك في أواخر البيوع. ووقع للطبراني في "الأوسط" من طريق أبي صالح عن أبي هريرة "فيكسر الصليب ويقتل الخنزير والقرد" زاد فيه القرد وإسناده لا بأس به، وعلى هذا فلا يصح الاستدلال به على نجاسة عين الخنزير لأن القرد ليس بنجس العين اتفاقا، ويستفاد منه أيضا تغيير المنكرات وكسر آلة الباطل. ووقع في رواية عطاء بن ميناء عن أبي هريرة عند مسلم: "ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد". قوله: "ويضع الحرب" في رواية الكشميهني: "الجزية"، والمعنى أن الدين يصير واحدا فلا يبقى أحد من أهل الذمة يؤدي الجزية، وقيل معناه أن المال يكثر حتى لا يبقى من يمكن صرف مال الجزية له فتترك الجزية استغناء عنها. وقال عياض: يحتمل أن يكون المراد بوضع الجزية تقريرها على الكفار من غير محاباة، ويكون كثرة المال بسبب ذلك.

(6/491)


وتعقبه النووي وقال: الصواب أن عيسى لا يقبل إلا الإسلام. قلت: ويؤيده أن عند أحمد من وجه آخر عن أبي هريرة "وتكون الدعوى واحدة" قال النووي: ومعنى وضع عيسى الجزية مع أنها مشروعة في هذه الشريعة أن مشروعيتها مقيدة بنزول عيسى لما دلَّ عليه هذا الخبر، وليس عيسى بناسخ لحكم الجزية بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو المبين للنسخ بقوله هذا، قال ابن بطال: وإنما قبلناها قبل نزول عيسى للحاجة إلى المال بخلاف زمن عيسى فإنه لا يحتاج فيه إلى المال فإن المال في زمنه يكثر حتى لا يقبله أحد، ويحتمل أن يقال إن مشروعية قبولها من اليهود والنصارى لما في أيديهم من شبهة الكتاب وتعلقهم بشرع قديم بزعمهم، فإذا نزل عيسى عليه السلام زالت الشبهة بحصول معاينته فيصيرون كعبدة الأوثان في انقطاع حجتهم وانكشاف أمرهم، فناسب أن يعاملوا معاملتهم في عدم قبول الجزية منهم. هكذا ذكره بعض مشايخنا احتمالا والله أعلم. قوله: "ويفيض المال" بفتح أوله وكسر الفاء وبالضاد المعجمة أي يكثر. وفي رواية عطاء بن ميناء المذكور "وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد" وسبب كثرته نزول البركات وتوالي الخيرات بسبب العدل وعدم الظلم وحينئذ تخرج الأرض كنوزها وتقل الرغبات في اقتناء المال لعلمهم بقرب الساعة. قوله: "حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها" أي أنهم حينئذ لا يتقربون إلى الله إلا بالعبادة، لا بالتصدق بالمال، وقيل: معناه أن الناس يرغبون عن الدنيا حتى تكون السجدة الواحدة أحب إليهم من الدنيا وما فيها. وقد روى ابن مردويه من طريق محمد بن أبي حفصة عن الزهري بهذا الإسناد في هذا الحديث: "حتى تكون السجدة واحدة لله رب العالمين". قوله: "ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} الآية" هو موصول بالإسناد المذكور، قال ابن الجوزي: إنما تلا أبو هريرة هذه الآية للإشارة إلى مناسبتها لقوله: "حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها" فإنه يشير بذلك إلى صلاح الناس وشدة إيمانهم وإقبالهم على الخير، فهم لذلك يؤثرون الركعة الواحدة على جميع الدنيا. والسجدة تطلق ويراد بها الركعة، قال القرطبي: معنى الحديث أن الصلاة حينئذ تكون أفضل من الصدقة لكثرة المال إذ ذاك وعدم الانتفاع به حتى لا يقبله أحد. قوله في الآية: "وإن" بمعنى ما، أي لا يبقى أحد من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى إذا نزل عيسى إلا آمن به، وهذا مصير من أبي هريرة إلى أن الضمير في قوله: "إلا ليؤمنن به" وكذلك في قوله: "قبل موته" عود على عيسى، أي إلا ليؤمن بعيسى قبل موت عيسى، وبهذا جزم ابن عباس فيما رواه ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عنه بإسناد صحيح، ومن طريق أبي رجاء عن الحسن قال قبل موت عيسى: والله إنه الآن لحي ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون، ونقله عن أكثر أهل العلم ورجحه ابن جرير وغيره. ونقل أهل التفسير في ذلك أقوالا أخر وأن الضمير في قوله: "به" يعود لله أو لمحمد، وفي "موته" يعود على الكتابي على القولين، وقيل: على عيسى. وروى ابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس "لا يموت يهودي ولا نصراني حتى يؤمن بعيسى، فقال له عكرمة: أرأيت إن خر من بيت أو احترق أو أكله السبع؟ قال: لا يموت حتى يحرك شفتيه بالإيمان بعيسى" وفي إسناده خصيف وفيه ضعف. ورجح جماعة هذا المذهب بقراءة أبي بن كعب "إلا ليؤمنن به قبل موتهم" أي أهل الكتاب. قال النووي: معنى الآية على هذا ليس من أهل الكتاب أحد يحضره الموت إلا آمن عند المعاينة قبل خروج روحه بعيسى وأنه عبد الله وابن أمته، ولكن لا ينفعه هذا الإيمان في تلك الحالة كما قال تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} قال: وهذا المذهب

(6/492)


أظهر لأن الأول يخص الكتابي الذي يدرك نزول عيسى، وظاهر القرآن عمومه في كل كتابي في زمن نزول عيسى وقبله. قال العلماء: الحكمة في نزول عيسى دون غيره من الأنبياء الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه، فبين الله تعالى كذبهم وأنه الذي يقتلهم، أو نزوله لدنو أجله ليدفن في الأرض، إذ ليس لمخلوق من التراب أن يموت في غيرها. وقيل: إنه دعا الله لما رأى صفة محمد وأمته أن يجعله منهم فاستجاب الله دعاءه وأبقاه حتى ينزل في آخر الزمان مجددا لأمر الإسلام، فيوافق خروج الدجال، فيقتله، والأول أوجه. وروى مسلم من حديث ابن عمر في مدة إقامة عيسى بالأرض بعد نزوله أنها سبع سنين، وروى نعيم بن حماد في "كتاب الفتن" من حديث ابن عباس أن عيسى إذ ذاك يتزوج في الأرض ويقيم بها تسع عشرة سنة، وبإسناد فيهم مبهم عن أبي هريرة يقيم بها أربعين سنة، وروى أحمد وأبو داود بإسناد صحيح من طريق عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة مثله مرفوعا. وفي هذا الحديث: "ينزل عيسى عليه ثوبان ممصران فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويدعو الناس إلى الإسلام، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل وتلعب الصبيان بالحيات - وقال في آخره - ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون" وروى أحمد ومسلم من طريق حنظلة بن علي الأسلمي عن أبي هريرة "ليهلن ابن مريم بفج الروحاء بالحج والعمرة" الحديث. وفي رواية لأحمد من هذا الوجه: ينزل عيسى فيقتل الخنزير ويمحي الصليب وتجمع له الصلاة ويعطي المال حتى لا يقبل ويضع الخراج، وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما وتلا أبو هريرة {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} الآية. قال حنظلة قال أبو هريرة: يؤمن به قبل موت عيسى. وقد اختلف في موت عيسى عليه السلام قبل رفعه، والأصل فيه قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} فقيل على ظاهره، وعلى هذا فإذا نزل إلى الأرض ومضت المدة المقدرة له يموت ثانيا. وقيل: معنى قوله: "متوفيك" من الأرض، فعلى هذا لا يموت إلا في آخر الزمان. واختلف في عمره حين رفع فقيل ابن ثلاث وثلاثين وقيل مائة وعشرين. قوله: "عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري" هو أبو محمد بن عياش الأقرع، قال ابن حبان هو مولى امرأة من غفار وقيل له مولى أبي قتادة لملازمته له. قلت: وليس له عن أبي هريرة في الصحيح سوى هذا الحديث الواحد. قوله: "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم" سقط قوله: "فيكم" من رواية أبي ذر. قوله: "تابعه عقيل والأوزاعي" يعني تابعا يونس عن ابن شهاب في هذا الحديث، فأما متابعة عقيل فوصلها ابن منده في "كتاب الإيمان" من طريق الليث عنه ولفظه مثل سياق أبي ذر سواء، وأما متابعة الأوزاعي فوصلها ابن منده أيضا وابن حبان والبيهقي في "البعث" وابن الأعرابي في معجمه من طرق عنه ولفظه مثل رواية يونس، وقد أخرجه مسلم من طريق ابن أبي ذئب عن ابن شهاب بلفظ: "وأمكم منكم" قال الوليد بن مسلم: فقلت لابن أبي ذئب إن الأوزاعي حدثنا عن الزهري فقال: "وإمامكم منكم" قال ابن أبي ذئب أتدري ما أمكم منكم؟ قلت تخبرني، قال: فأمكم بكتاب ربكم. وأخرجه مسلم من رواية ابن أخي الزهري عن عمه بلفظ: "كيف بكم إذا نزل فيكم ابن مريم فأمكم" وعند أحمد من حديث جابر في قصة الدجال ونزول عيسى "وإذا هم بعيسى، فيقال تقدم يا روح الله، فيقول ليتقدم إمامكم فليصل بكم" ولابن ماجه في حديث أبي أمامة الطويل في الدجال قال: "وكلهم أي المسلمون ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح قد تقدم ليصلي بهم، إذ نزل عيسى فرجع الإمام ينكص ليتقدم عيسى، فيقف عيسى بين كتفيه ثم يقول: تقدم فإنها لك أقيمت" وقال أبو الحسن الخسعي الآبدي في مناقب الشافعي: تواترت

(6/493)


الأخبار بأن المهدي من هذه الأمة وأن عيسى يصلي خلفه، ذكر ذلك ردا للحديث الذي أخرجه ابن ماجه عن أنس وفيه: "ولا مهدي إلا عيسى" وقال أبو ذر الهروي: حدثنا الجوزقي عن بعض المتقدمين قال: معنى قوله: "وإمامكم منكم" يعني أنه يحكم بالقرآن لا بالإنجيل. وقال ابن التين: معنى قوله: "وإمامكم منكم" أن الشريعة المحمدية متصلة إلى يوم القيامة، وأن في كل قرن طائفة من أهل العلم. وهذا والذي قبله لا يبين كون عيسى إذا نزل يكون إماما أو مأموما، وعلى تقدير أن يكون عيسى إماما فمعناه أنه يصير معكم بالجماعة من هذه الأمة. قال الطيبي: المعنى يؤمكم عيسى حال كونه في دينكم. ويعكر عليه قوله في حديث آخر عند مسلم: "فيقال له: صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة لهذه الأمة" وقال ابن الجوزي: لو تقدم عيسى إماما لوقع في النفس إشكال ولقيل: أتراه تقدم نائبا أو مبتدئا شرعا، فصلى مأموما لئلا يتدنس بغبار الشبهة وجه قوله: "لا نبي بعدي". وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة. والله أعلم.

(6/494)


50 - باب مَا ذُكِرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ
3450- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو لِحُذَيْفَةَ أَلاَ تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ مَعَ الدَّجَّالِ إِذَا خَرَجَ مَاءً وَنَارًا فَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا النَّارُ فَمَاءٌ بَارِدٌ وَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ فَنَارٌ تُحْرِقُ فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِي الَّذِي يَرَى أَنَّهَا نَارٌ فَإِنَّهُ عَذْبٌ بَارِدٌ".
[الحديث 3450 – طرفه في: 7130]
3451- قَالَ حُذَيْفَةُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَتَاهُ الْمَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ فَقِيلَ لَهُ هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ قَالَ مَا أَعْلَمُ قِيلَ لَهُ انْظُرْ قَالَ مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَأُجَازِيهِمْ فَأُنْظِرُ الْمُوسِرَ وَأَتَجَاوَزُ عَنْ الْمُعْسِرِ فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ".
3452- فَقَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ رَجُلًا حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَلَمَّا يَئِسَ مِنْ الْحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ إِذَا أَنَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا وَأَوْقِدُوا فِيهِ نَارًا حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِي وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِي فَامْتُحِشَتْ فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا ثُمَّ انْظُرُوا يَوْمًا رَاحًا فَاذْرُوهُ فِي الْيَمِّ فَفَعَلُوا فَجَمَعَهُ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَاكَ وَكَانَ نَبَّاشًا".
[الحديث 3454 – طرفاه في: 3479، 6480]
3453، 3454- حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَائِشَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالاَ: "لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ يَطْرَحُ

(6/494)


خَمِيصَةً عَلَى وَجْهِهِ فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا".
3455- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ".
3456- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ؟ ".
[الحديث 4356 – طرفه في: 7320]
3457- حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ فَذَكَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فَأُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ".
3458- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا "كَانَتْ تَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ فِي خَاصِرَتِهِ وَتَقُولُ إِنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُهُ".
تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنْ الأَعْمَشِ
3459- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلاَ مِنْ الأُمَمِ مَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتْ الْيَهُودُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتْ النَّصَارَى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ أَلاَ فَأَنْتُمْ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ أَلاَ لَكُمْ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ فَغَضِبَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً

(6/495)


قَالَ اللَّهُ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا قَالُوا لاَ قَالَ فَإِنَّهُ فَضْلِي أُعْطِيهِ مَنْ شِئْتُ".
3460- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: "قَاتَلَ اللَّهُ فُلاَنًا أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا فَبَاعُوهَا". تَابَعَهُ جَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3461- حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ".
3462- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ".
[الحديث 3462 – طرفه في: 5899]
3463- حَدَّثَنا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا جُنْدَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ وَمَا نَسِينَا مُنْذُ حَدَّثَنَا وَمَا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ فَجَزِعَ فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ".
قوله: "باب ما ذكر عن بني إسرائيل" أي ذرية يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وإسرائيل لقب يعقوب، أي من الأعاجيب التي كانت في زمانهم. ذكر فيه أربعة وثلاثين حديثا: الحديث الأول: وهو يشتمل على ثلاثة أحاديث. وقوله: "حدثنا موسى بن إسماعيل" هذا هو الصواب. ولبعضهم "حدثنا مسدد" بدل "موسى" وليس بصواب لأن رواية مسدد ستأتي في آخر هذا الباب موصولة، ورواية موسى معلقة من أجل كلمة اختلفا فيها على أبي عوانة وكلام أبي علي الغساني يوهم أن ذلك وقع هنا وليس كذلك. وقوله: "حدثنا عبد الملك" هو ابن عمير. قوله: "قال عقبة بن عمرو" هو أبو مسعود الأنصاري المعروف بالبدري. قوله: "إن مع الدجال إذا خرج ماء" الحديث يأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الفتن، والغرض منه هنا إيراد ما يليه وهو قصة الرجل الذي كان يبايع الناس، وقصة الرجل الذي أوصى بنيه أن يحرقوه. فأما قصة الذي كان يبايع الناس فقد أوردها أيضا في أواخر هذا الباب من حديث أبي هريرة، وتقدم الكلام عليه في أثناء كتاب البيوع، وقوله في هذه الرواية: "كنت أبايع الناس في الدنيا وأجازيهم"، أي أقاضيهم، والمجازاة المقاضاة، أي آخذ منهم وأعطي. ووقع في رواية الإسماعيلي: "وأجازفهم"

(6/496)


بالجيم والزاي والفاء. وفي أخرى بالمهملة والراء، وكلاهما تصحيف لا يظهر، والله أعلم. وأما قصة الذي أوصى بنيه أن يحرقوه فسيأتي الكلام عليها في أواخر هذا الباب حيث أورده المصنف مفردا إن شاء الله تعالى. قوله: "فامتحشت" بضم المثناة وكسر المهملة بعدها معجمة أي احترقت، ولبعضهم بوزن احترقت وهو أشبه. وقوله: "ثم انظروا يوما راحا" أي شديد الريح. قوله في آخره: "قال عقبة بن عمرو، وأنا سمعته" يعني النبي صلى الله عليه وسلم "يقول ذاك، وكان نباشا" ظاهره أن الذي سمعه أبو مسعود هو الحديث الأخير فقط، لكن تبين من رواية شعبة عن عبد الملك بن عمير أنه سمع الجميع، فإنه أورد في الفتن قصة الذي كان يبايع الناس من حديث حذيفة. وقال في آخره: "قال أبو مسعود وأنا سمعته" وكذلك قال في حديث الذي أوصى بنيه كما سيأتي في أواخر هذا الباب، وقوله: "وكان نباشا" ظاهره أنه من زيادة أبي مسعود في الحديث، لكن أورده ابن حبان من طريق ربعي عن حذيفة قال: "توفي رجل كان نباشا فقال لولده أحرقوني" فدل على أن قوله: وكان نباشا من رواية حذيفة وأبي مسعود معا. ووقع في رواية للطبراني بلفظ: "بينما حذيفة وأبو مسعود جالسين فقال أحدهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن رجلا من بني إسرائيل كان ينبش القبور" فذكره، وعرف منها وجه دخوله في هذا الباب. قوله: "لما نزل" بضم أوله، وفي نسخة عند أبي ذر بفتحتين "برسول الله صلى الله عليه وسلم" يعني الموت أو ملك الموت، ونقل النووي أنه في مسلم للأكثر بالضم. وفي رواية بزيادة مثناة يعني المنية، أورده مختصرا وقد تقدم بأتم من هذا في الصلاة. ويأتي شرحه في أواخر المغازي إن شاء الله تعالى، والغرض منه ذم اليهود والنصارى في اتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد، وعبد الله الذي في الإسناد هو ابن المبارك. قوله: "عن فرات القزاز" بقاف وزايين معجمتين وهو فرات بضم الفاء وتخفيف الراء آخره مثناة ابن عبد الرحمن، وأبو حازم هو سلمان الأشجعي. قوله: "تسوسهم الأنبياء" أي أنهم كانوا إذا ظهر فيهم فساد بعث الله لهم نبيا لهم يقيم أمرهم ويزيل ما غيروا من أحكام التوراة، وفيه إشارة إلى أنه لا بد للرعية من قائم بأمورها يحملها على الطريق الحسنة وينصف المظلوم من الظالم. قوله: "وإنه لا نبي بعدي" أي فيفعل ما كان أولئك يفعلون. قوله: "وسيكون خلفاء" أي بعدي، وقوله: "فيكثرون" بالمثلثة وحكى عياض أن منهم من ضبطه بالموحدة وهو تصحيف، ووجه بأن المراد إكبار قبيح فعلهم. قوله: "فوا" فعل أمر بالوفاء، والمعنى أنه إذا بويع الخليفة بعد خليفة فبيعة الأول صحيحة يجب الوفاء بها وبيعة الثاني باطلة، قال النووي: سواء عقدوا للثاني عالمين بعقد الأول أم لا، سواء كانوا في بلد واحد أو أكثر. سواء كانوا في بلد الإمام المنفصل أم لا. هذا هو الصواب الذي عليه الجمهور، وقيل: تكون لمن عقدت له في بلد الإمام دون غيره، وقيل: يقرع بينهما قال: وهما قولان فاسدان. وقال القرطبي: في هذا الحديث حكم بيعة الأول وأنه يجب الوفاء بها، وسكت عن بيعة الثاني. وقد نص عليه في حديث عرفجة في صحيح مسلم حيث قال: "فاضربوا عنق الآخر". قوله: "أعطوهم حقهم" أي أطيعوهم وعاشروهم بالسمع والطاعة، فإن الله يحاسبهم على ما يفعلونه بكم، وستأتي تتمة القول في ذلك في أوائل كتاب الفتن. قوله: "فإن الله سائلهم عما استرعاهم" هو كحديث ابن عمر المتقدم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" وسيأتي شرحه في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى. وفي الحديث تقديم أمر الدين على أمر الدنيا لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بتوفية حق السلطان لما فيه من إعلاء كلمة الدين وكف الفتنة والشر؛ وتأخير أمر المطالبة بحقه لا يسقطه، وقد وعده الله أنه يخلصه ويوفيه إياه ولو في الدار الآخرة. الحديث

(6/497)


الرابع: حديث أبي سعيد. قوله: "لتتبعن" بضم العين وتشديد النون "سنن" بفتح المهملة أي طريق "من قبلكم" أي الذين قبلكم. قوله: "جحر" بضم الجيم وسكون المهملة "ضب" بفتح المعجمة وتشديد الموحدة دويبة معروفة يقال خصت بالذكر لأن الضب يقال له قاضي البهائم. والذي يظهر أن التخصيص إنما وقع لجحر الضب لشدة ضيقه ورداءته، ومع ذلك فإنهم لاقتفائهم آثارهم واتباعهم طرائقهم لو دخلوا في مثل هذا الضيق الرديء لتبعوهم. قوله: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن؟" هو استفهام إنكاري، أي ليس المراد غيرهم، وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث في كتاب الاعتصام. الحديث الخامس: حديث أنس "ذكروا النار والناقوس" الحديث أورده مختصرا، وقد مضى شرحه تاما في كتاب الصلاة. الحديث السادس: حديث عائشة "كانت تكره أن يجعل المصلي يده في خاصرته وتقول إن اليهود تفعله" في رواية أبي نعيم من طريق أحمد بن الفرات عن محمد بن يوسف شيخ البخاري فيه بلفظ: "إنها كرهت الاختصار في الصلاة وقالت: إنما يفعل ذلك اليهود" ووقع عند الإسماعيلي من طريق يزيد بن هارون عن سفيان وهو الثوري بهذا الإسناد، يعني وضع اليد على الخاصرة في الصلاة، وقد تقدم البحث في هذه المسألة في أواخر الصلاة في الكلام على حديث أبي هريرة "نهي عن الخصر في الصلاة". قوله: "تابعه شعبة عن الأعمش" وصله ابن أبي شيبة من طريقه. الحديث السابع: حديث ابن عمر "مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالا" الحديث، تقدم شرحه مستوفى في كتاب الصلاة. الحديث الثامن: حديث عمر "قاتل الله فلانا" أورده مختصرا، وقد تقدم تاما في كتاب البيوع في أواخره مع شرحه. قوله: "تابعه جابر وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم" يعني في تحريم شحوم الميتة دون القصة، فأما حديث جابر فوصله المصنف في أواخر البيوع وفيه غير ذلك، وتقدم شرحه هناك. وأما حديث أبي هريرة فوصله المصنف في أواخر البيوع أيضا من طريق سعيد بن المسيب عنه. قوله: "عن أبي كبشة السلولي" تقدم ذكره في كتاب الهبة في حديث آخر، وليس له في البخاري سوى هذين الحديثين. قوله: "بلغوا عني ولو آية" قال المعافى النهرواني في "كتاب الجليس" له: الآية في اللغة تطلق على ثلاثة معان: العلامة الفاصلة، والأعجوبة الحاصلة، والبلية النازلة. فمن الأول قوله تعالى: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً} ومن الثاني {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} ومن الثالث جعل الأمير فلانا اليوم آية. ويجمع بين هذه المعاني الثلاثة أنه قيل لها آية لدلالتها وفصلها وإبانتها. وقال في الحديث: "ولو آية" أي واحدة ليسارع كل سامع إلى تبليغ ما وقع له من الآي ولو قل ليتصل بذلك نقل جميع ما جاء به صلى الله عليه وسلم. اهـ كلامه. قوله: "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" أي لا ضيق عليكم في الحديث عنهم لأنه كان تقدم منه صلى الله عليه وسلم الزجر عن الأخذ عنهم والنظر في كتبهم ثم حصل التوسع في ذلك، وكأن النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية والقواعد الدينية خشية الفتنة، ثم لما زال المحذور وقع الإذن في ذلك لما في سماع الأخبار التي كانت في زمانهم من الاعتبار، وقيل: معنى قوله: "لا حرج": لا تضيق صدوركم بما تسمعونه عنهم من الأعاجيب فإن ذلك وقع لهم كثيرا، وقيل: لا حرج في أن لا تحدثوا عنهم لأن قوله أولا: "حدثوا " صيغة أمر تقتضي الوجوب فأشار إلى عدم الوجوب وأن الأمر فيه للإباحة بقوله: "ولا حرج" أي في ترك التحديث عنهم. وقيل: المراد رفع الحرج عن حاكي ذلك لما في أخبارهم من الألفاظ الشنيعة نحو قولهم {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا} وقولهم: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً} وقيل: المراد ببني إسرائيل أولاد إسرائيل نفسه وهم أولاد يعقوب، والمراد حدثوا عنهم بقصتهم مع أخيهم يوسف، وهذا أبعد الأوجه. وقال مالك المراد جواز التحدث

(6/498)


عنهم بما كان من أمر حسن، أما ما علم كذبه فلا. وقيل: المعنى حدثوا عنهم بمثل ما ورد في القرآن والحديث الصحيح. وقيل: المراد جواز التحدث عنهم بأي صورة وقعت من انقطاع أو بلاغ لتعذر الاتصال في التحدث عنهم، بخلاف الأحكام الإسلامية فإن الأصل في التحدث بها الاتصال، ولا يتعذر ذلك لقرب العهد. وقال الشافعي: من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجيز التحدث بالكذب، فالمعنى حدثوا عن بني إسرائيل بما لا تعلمون كذبه، وأما ما تجوزونه فلا حرج عليكم في التحدث به عنهم وهو نظير قوله: "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم" ولم يرد الإذن ولا المنع من التحدث بما يقطع بصدقه. قوله: "ومن كذب علي متعمدا" تقدم شرحه مستوفى في كتاب العلم، وذكرت عدد من رواه وصفة مخارجه بما يغني عن الإعادة. وقد اتفق العلماء على تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه من الكبائر، حتى بالغ الشيخ أبو محمد الجويني فحكم بكفر من وقع منه ذلك، وكلام القاضي أبي بكر بن العربي يميل إليه. وجهل من قال من الكرامية وبعض المتزهدة إن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم يجوز فيما يتعلق بتقوية أمر الدين وطريقة أهل السنة والترغيب والترهيب، واعتلوا بأن الوعيد ورد في حق من كذب عليه لا في الكذب له، وهو اعتلال باطل لأن المراد بالوعيد من نقل عنه الكذب سواء كان له أو عليه، والدين بحمد الله كامل غير محتاج إلى تقويته بالكذب. قوله: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم" يقتضي مشروعية الصبغ، والمراد به صبغ شيب اللحية والرأس، ولا يعارضه ما ورد من النهي عن إزالة الشيب لأن الصبغ لا يقتضي الإزالة. ثم إن المأذون فيه مقيد بغير السواد، لما أخرجه مسلم من حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "غيروه وجنبوه السواد" ولأبي داود وصححه ابن حبان من حديث ابن عباس مرفوعا: "يكون قوم في آخر الزمان يخضبون كحواصل الحمام لا يجدون ريح الجنة" وإسناده قوي، إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه، وعلى تقدير ترجيح وقفه فمثله لا يقال بالرأي فحكمه الرفع، ولهذا اختار النووي أن الصبغ بالسواد يكره كراهية تحريم. وعن الحليمي أن الكراهة خاصة بالرجال دون النساء فيجوز ذلك للمرأة لأجل زوجها. وقال مالك: الحناء والكتم واسع، والصبغ بغير السواد أحب إلي. ويستثنى من ذلك المجاهد اتفاقا. وليس المراد بالصبغ في هذا الحديث صبغ الثياب ولا خضب اليدين والرجلين بالحناء مثلا لأن اليهود والنصارى لا يتركون ذلك، وقد صرح الشافعية بتحريم لبس الثياب المزعفرة للرجل وبتحريم خضب الرجال أيديهم وأرجلهم إلا للتداوي، وسيأتي بسط القول في ذلك في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى. قوله: "حدثنا محمد" هو ابن معمر، نسبه ابن السكن عن الفربري، وقيل: هو الذهلي. قوله: "حدثنا حجاج" هو ابن منهال وجرير هو ابن حازم والحسن هو البصري. قوله: "في هذا المسجد" هو مسجد البصرة. قوله: "وما نسينا منذ حدثنا" أشار بذلك إلى تحققه لما حدث به وقرب عهده به واستمرار ذكره له. قوله: "وما نخشى أن يكون جندب كذب" فيه إشارة إلى أن الصحابة عدول، وأن الكذب مأمون من قبلهم ولا سيما على النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: "كان فيمن كان قبلكم رجل" لم أقف على اسمه. قوله: "به جرح" بضم الجيم وسكون الراء بعدها مهملة، وتقدم في الجنائز بلفظ به جراح وهو بكسر الجيم، وذكره بعضهم بضم المعجمة وآخره جيم وهو تصحيف، ووقع في رواية مسلم: "أن رجلا خرجت به قرحة" وهي بفتح القاف وسكون الراء: حبة تخرج في البدن، وكأنه كان به جرح ثم صار قرحة. قوله: "فجزع" أي فلم يصبر على ألم تلك القرحة. قوله: "فأخذ سكينا فحز بها يده" السكين تذكر وتؤنث، وقوله: "حز" بالحاء المهملة والزاي هو القطع

(6/499)


بغير إبانة، ووقع في رواية مسلم: "فلما آذته انتزع سهما من كنانته فنكأها" وهو بالنون والهمز أي نخس موضع الجرح، ويمكن الجمع بأن يكون فجر الجرح بذبابة السهم فلم ينفعه فحز موضعه بالسكين، ودلت رواية البخاري على أن الجرح كان في يده. قوله: "فما رقأ الدم" بالقاف والهمز أي لم ينقطع. قوله: "قال الله عز وجل: بادرني عبدي بنفسه" هو كناية عن استعجال المذكور الموت، وسيأتي البحث فيه. وقوله: "حرمت عليه الجنة" جار مجرى التعليل للعقوبة لأنه لما استعجل الموت بتعاطي سببه من إنفاذ مقاتله فجعل له فيه اختيارا عصى الله به فناسب أن يعاقبه. ودل ذلك على أنه حزها لإرادة الموت لا لقصد المداواة التي يغلب على الظن الانتفاع بها. وقد استشكل قوله: "بادرني بنفسه" وقوله: "حرمت عليه الجنة" لأن الأول يقتضي أن يكون من قتل فقد مات قبل أجله لما يوهمه سياق الحديث من أنه لو لم يقتل نفسه كان قد تأخر عن ذلك الوقت وعاش، لكنه بادر فتقدم، والثاني يقتضي تخليد الموحد في النار.
والجواب عن الأول أن المبادرة من حيث التسبب في ذلك والقصد له والاختيار، وأطلق عليه المبادرة لوجود صورتها، وإنما استحق المعاقبة لأن الله لم يطلعه على انقضاء أجله فاختار هو قتل نفسه فاستحق المعاقبة لعصيانه. وقال القاضي أبو بكر: قضاء الله مطلق ومقيد بصفة، فالمطلق يمضي على الوجه بلا صارف، والمقيد على الوجهين، مثاله أن يقدر لواحد أن يعيش عشرين سنة إن قتل نفسه وثلاثين سنة إن لم يقتل وهذا بالنسبة إلى ما يعلم به المخلوق كملك الموت مثلا، وأما بالنسبة إلى علم الله فإنه لا يقع إلا ما علمه. ونظير ذلك الواجب المخير فالواقع منه معلوم عند الله والعبد مخير في أي الخصال يفعل، والجواب عن الثاني من أوجه: أحدها: أنه كان استحل ذلك الفعل فصار كافرا. ثانيها: كان كافرا في الأصل وعوقب بهذه المعصية زيادة على كفره. ثالثها: أن المراد أن الجنة حرمت عليه في وقت ما كالوقت الذي يدخل فيه السابقون أو الوقت الذي يعذب فيه الموحدون في النار ثم يخرجون. رابعها: أن المراد جنة معينة كالفردوس مثلا. خامسها: أن ذلك ورد على سبيل التغليظ والتخويف وظاهره غير مراد. سادسها: أن التقدير حرمت عليه الجنة إن شئت استمرار ذلك. سابعها: قال النووي يحتمل أن يكون ذلك شرع من مضى أن أصحاب الكبائر يكفرون بفعلها. وفي الحديث تحريم قتل النفس سواء كانت نفس القاتل أم غيره، وقتل الغير يؤخذ تحريمه من هذا الحديث بطريق الأولى. وفيه الوقوف عند حقوق الله ورحمته بخلقه حيث حرم عليهم قتل نفوسهم وأن الأنفس ملك الله. وفيه التحديث عن الأمم الماضية وفضيلة الصبر على البلاء وترك التضجر من الآلام لئلا يفضي إلى أشد منها. وفيه تحريم تعاطي الأسباب المفضية إلى قتل النفس. وفيه التنبيه على أن حكم السراية على ما يترتب عليه ابتداء القتل. وفيه الاحتياط في التحديث وكيفية الضبط له والتحفظ فيه بذكر المكان والإشارة إلى ضبط المحدث لمن حدثه ليركن السامع لذلك، والله أعلم.

(6/500)


باب . حديث أبرص و أعمى و أقرع في بني إسرائيل
...
51 - حَدِيثُ أَبْرَصَ وَأَعْمَى وَأَقْرَعَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ
3464- حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ

(6/500)


أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ ثَلاَثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى بَدَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا فَأَتَى الأَبْرَصَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ قَالَ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا فَقَالَ أَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الإِبِلُ أَوْ قَالَ الْبَقَرُ هُوَ شَكَّ فِي ذَلِكَ إِنَّ الأَبْرَصَ وَالأَقْرَعَ قَالَ أَحَدُهُمَا الإِبِلُ وَقَالَ الْآخَرُ الْبَقَرُ فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ فَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا وَأَتَى الأَقْرَعَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ قَالَ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا قَالَ فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْبَقَرُ قَالَ فَأَعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلًا وَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا وَأَتَى الأَعْمَى فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ يَرُدُّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ قَالَ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ قَالَ فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْغَنَمُ فَأَعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ إِبِلٍ وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ بَقَرٍ وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ غَنَمٍ ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ تَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي فَلاَ بَلاَغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْحُقُوقَ كَثِيرَةٌ فَقَالَ لَهُ كَأَنِّي أَعْرِفُكَ أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ فَقَالَ لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ وَأَتَى الأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ وَأَتَى الأَعْمَى فِي صُورَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي فَلاَ بَلاَغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي فَقَالَ قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي فَخُذْ مَا شِئْتَ فَوَاللَّهِ لاَ أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ فَقَالَ أَمْسِكْ مَالَكَ فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ".
[الحديث 3464 – طرفه في: 6653]
قوله: "حديث أبرص وأقرع وأعمى" هكذا ترجم لهذا الحديث في أثناء ذكر بني إسرائيل، وهو الحديث الثاني عشر. قوله: "حدثنا أحمد بن إسحاق" هو السرماري بفتح المهملة ويجوز كسرها وبعدها راء ساكنة نسبة إلى سرمارة من قرى بخارى، الزاهد المجاهد وهو من أقران البخاري، مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين. قوله في السند الثاني "وحدثني محمد حدثنا عبد الله بن رجاء" يقال إن محمدا هذا هو الذهلي، ويقال إنه المصنف نفسه كما قيل في الحديث الذي قبله، ويؤيد ذلك أنه روى عن عبد الله بن رجاء في اللقطة وعدة مواضع بغير واسطة، لكن جزم أبو ذر بأنه عند المصنف عن محمد غير منسوب عن عبد الله بن رجاء وجوز أنه الذهلي وساقه عن الجوزقي

(6/501)


عن مكي بن عبدان عن الذهلبي بطوله، وكذلك جزم أبو نعيم وساقه من طريق موسى بن العباس عن محمد بن يحيى، وسيأتي في التوحيد حديث آخر أخرجه البخاري بهذين السندين سواء إلى أبي هريرة، وليس في البخاري لإسحاق بن أبي طلحة عن عبد الرحمن بن أبي عمرة سوى هذين الحديثين. قوله: "عن إسحاق بن عبد الله" هو ابن أبي طلحة صرح به شيبان في روايته عن همام عند مسلم والإسماعيلي. قوله: "بدا لله" بتخفيف الدال المهملة بغير همز أي سبق في علم الله فأراد إظهاره، وليس المراد أنه ظهر له بعد أن كان خافيا لأن ذلك محال في حق الله تعالى، وقد أخرجه مسلم عن شيبان بن فروخ عن همام بهذا الإسناد بلفظ: "أراد الله أن يبتليهم"، فلعل التغيير فيه من الرواة، مع أن في الرواية أيضا نظرا لأنه لم يزل مريدا والمعنى أظهر الله ذلك فيهم. وقيل: معنى أراد قضى. وقال صاحب "المطالع" ضبطناه على متقني شيوخنا بالهمز أي ابتدأ الله أن يبتليهم، قال: ورواه كثير من الشيوخ بغير همز وهو خطأ انتهى. وسبق إلى التخطئة أيضا الخطابي، وليس كما قال لأنه موجه كما ترى، وأولى ما يحمل عليه أن المراد قضى الله أن يبتليهم، وأما البدء الذي يراد به تغير الأمر عما كان عليه فلا. قوله: "قذرني الناس" بفتح القاف والذال المعجمة المكسورة أي اشمأزوا من رؤيتي. وفي رواية حكاها الكرماني "قذروني الناس" وهي على لغة أكلوني البراغيث. قوله: "فمسحه" أي مسح على جسمه. قوله: "فقال وأي المال" في رواية الكشميهني بحذف الواو. قوله: "الإبل، أو قال البقر، هو شك في ذلك أن الأبرص والأقرع قال أحدهما الإبل وقال الآخر البقر" وقع عند مسلم عن شيبان بن فروخ عن همام التصريح بأن الذي شك في ذلك هو إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة راوي الحديث. قوله: "فأعطي ناقة عشراء" أي الذي تمنى الإبل، والعشراء بضم العين المهملة وفتح الشين المعجمة مع المد هي الحامل التي أتى عليها في حملها عشرة أشهر من يوم طرقها الفحل، وقيل: يقال لها ذلك إلى أن تلد وبعدما تضع، وهي من أنفس المال. قوله: "يبارك لك فيها" كذا وقع "يبارك" بضم أوله. وفي رواية شيبان "بارك الله" بلفظ الفعل الماضي وإبراز الفاعل. قوله: "فمسحه" أي مسح على عينيه. قوله: "شاة والدا" أي ذات ولد ويقال حامل. قوله: "فأنتج هذان" أي صاحب الإبل والبقر "وولد هذا" أي صاحب الشاة، وهو بتشديد اللام، وأنتج في مثل هذا شاذ والمشهور في اللغة نتجت الناقة بضم النون ونتج الرجل الناقة أي حمل عليها الفحل، وقد سمع أنتجت الفرس إذا ولدت فهي نتوج. قوله: "ثم إنه أتى الأبرص في صورته" أي في الصورة التي كان عليها لما اجتمع به وهو أبرص ليكون ذلك أبلغ في إقامة الحجة عليه. قوله: "رجل مسكين" زاد شيبان وابن سبيل "تقطعت به الحبال في سفره" في رواية الكشميهني: "بي الحبال في سفري" والحبال بكسر المهملة بعدها موحدة خفيفة جمع حبل أي الأسباب التي يقطها في طلب الرزق، وقيل العقبات، وقيل الحبل هو المستطيل من الرمل. ولبعض رواة مسلم: "الحيال" بالمهملة والتحتانية جمع حيلة، أي لم يبق لي حيلة، ولبعض رواة البخاري "الجبال" بالجيم والموحدة وهو تصحيف. قال ابن التين قول الملك له "رجل مسكين إلخ" أراد أنك كنت هكذا، وهو من المعاريض والمراد به ضرب المثل ليتيقظ المخاطب. قوله: "أتبلغ عليه" في رواية الكشميهني: "أتبلغ به" وأتبلغ بالغين المعجمة من البلغة وهي الكفاية والمعنى أتوصل به إلى مرادي. قوله: "لقد ورثت لكابر عن كابر" في رواية الكشميهني: "كابرا عن كابر" وفي رواية شيبان "إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر" أي كبير عن كبير في العز والشرف. قوله: "فقال إن كنت

(6/502)


كاذبا فصيرك الله" أورده بلفظ الفعل الماضي لأنه أراد المبالغة في الدعاء عليه. قوله: "فخذ ما شئت" زاد شيبان "ودع ما شئت". قوله: "لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله" كذا في البخاري بالمهملة والميم، كذا قال عياض إن رواة البخاري لم تختلف في ذلك، وليس كما قال، والمعنى لا أحمدك على ترك شيء تحتاج إليه من مالي، كما قال الشاعر وليس على طول الحياة تندم أي فوت طول الحياة. وفي رواية كريمة وأكثر روايات مسلم: "لا أجهدك" بالجيم والهاء أي لا أشق عليك في رد شيء تطلبه مني أو تأخذه، قال عياض: لم يتضح هذا المعنى لبعض الناس فقال لعله "لا أحدك" بمهملة وتشديد الدال بغير ميم أي لا أمنعك، قال: وهذا تكلف انتهى. ويحتمل أن يكون قوله: "أحمدك" بتشديد الميم أي لا أطلب منك الحمد، من قولهم فلان يتحمد على فلان أي يمتن عليه، أي لا أمتن عليك. قوله: "فإنما ابتليتم" أي امتحنتم. قوله: "فقد رضي عنك" بضم أوله على البناء للمجهول في رضي وسخط. قال الكرماني ما محصله: كان مزاج الأعمى أصح من مزاج رفيقيه، لأن البرص مرض يحصل من فساد المزاج وخلل الطبيعة وكذلك القرع، بخلاف العمى فإنه لا يستلزم ذلك بل قد يكون من أمر خارج فلهذا حسنت طباع الأعمى وساءت طباع الآخرين. وفي الحديث جواز ذكر ما اتفق لمن مضى ليتعظ به من سمعه ولا يكون ذلك غيبة فيهم، ولعل هذا هو السر في ترك تسميتهم، ولم يفصح بما اتفق لهم بعد ذلك، والذي يظهر أن الأمر فيهم وقع كما قال الملك. وفيه التحذير من كفران النعم والترغيب في شكرها والاعتراف بها وحمد الله عليها، وفيه فضل الصدقة والحث على الرفق بالضعفاء وإكرامهم وتبليغهم مآربهم، وفيه الزجر عن البخل، لأنه حمل صاحبه على الكذب، وعلى جحد نعمة الله تعالى.

(6/503)


باب { أم حسبت أن أصحاب الكهف و الرقيم }
...
52 - باب {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ}
{الْكَهْفُ}: الْفَتْحُ فِي الْجَبَلِ. {وَالرَّقِيمُ}: الْكِتَابُ. {مَرْقُومٌ}: مَكْتُوبٌ مِنْ الرَّقْمِ. {رَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ}: أَلْهَمْنَاهُمْ صَبْرًا. {شَطَطًا}: إِفْرَاطًا. {الْوَصِيدُ}: الْفِنَاءُ، وَجَمْعُهُ وَصَائِدُ وَوُصُدٌ، وَيُقَالُ: الْوَصِيدُ: الْبَابُ. {مُؤْصَدَةٌ}: مُطْبَقَةٌ، آصَدَ الْبَابَ وَأَوْصَدَ. {بَعَثْنَاهُمْ}: أَحْيَيْنَاهُمْ. {أَزْكَى}: أَكْثَرُ رَيْعًا. {فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى آذَانِهِمْ}: فَنَامُوا. {رَجْمًا بِالْغَيْبِ}: لَمْ يَسْتَبِنْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَقْرِضُهُمْ}: تَتْرُكُهُمْ.
قوله: "{أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ}" كذا لأبي ذر عن المستملي والكشميهني وحدهما إلى آخر الترجمة، ولغيره في أوله "باب" ولم يورد في ذلك إلا تفاسير مما وقع في قصة أصحاب الكهف، وسقط كله من رواية النسفي. قوله: "الكهف الفتح في الجبل" هو قول الضحاك أخرجه عنه ابن أبي حاتم، واختلف في مكان الكهف فالذي تضافرت به الأخبار أنه في بلاد الروم، وروى الطبري بإسناد ضعيف عن ابن عباس أنه بالقرب من أيلة، وقيل: بالقرب من طرسوس، وقيل: بين أيلة وفلسطين، وقيل: بقرب زيزاء، وقيل: بغرناطة من الأندلس. وفي تفسير ابن مردويه عن ابن عباس: أصحاب الكهف أعوان المهدي وسنده ضعيف، فإن ثبت حمل على أنهم لم يموتوا بل هم في المنام

(6/503)


إلى أن يبعثوا لإعانة المهدي. وقد ورد في حديث آخر بسند واه أنهم يحجون مع عيسى ابن مريم. قوله: "والرقيم: الكتاب. مرقوم: مكتوب، من الرقم" روى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الرقيم الكتاب، وقوله مرقوم مكتوب هو قول أبي عبيدة قاله في تفسير قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ} ووراء ذلك أقوال أخرى، فأخرج الطبري من طريق سعيد عن قتادة ومن طريق عطية العوفي وكذا قال أبو عبيدة الرقيم الوادي الذي فيه الكهف. وأخرج الطبري أيضا من طريق ابن عباس عن كعب الأحبار قال: هو اسم القرية. وروى ابن أبي حاتم من طريق أنس بن مالك ومن طريق سعيد بن جبير أن الرقيم اسم الكلب، وقيل: الرقيم هو الغار كما سأبينه في حديث الغار، وقيل: الرقيم الصخرة التي أطبقت على الوادي، وسيأتي في تفسير سورة الكهف قول ابن عباس: إن الرقيم لوح من رصاص كتبت فيه أسماء أصحاب الكهف لما توجهوا عن قومهم ولم يدروا أين توجهوا، وسأشير إليه هنا مختصرا. وقيل: إن الذي كان مكتوبا في الرقيم شرعهم الذي كانوا عليه. وقيل: الرقيم الدواة. وقال قوم: أخبر الله عن قصة أصحاب الكهف ولم يخبر عن قصة أصحاب الرقيم. قلت: وليس كذلك، بل السياق يقتضي أن أصحاب الكهف هم أصحاب الرقيم والله أعلم. قوله: "ربطنا على قلوبهم: ألهمناهم صبرا" هو قول أبي عبيدة. قوله: "شططا: إفراطا" قال أبو عبيدة في قوله: {لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً} أي جورا وغلوا، قال الشاعر:
ألا يا لقومي قد أشطت عواذلي ... ويزعمن أن أودى بحقي باطلي
وروى الطبري عن سعيد عن قتادة في قوله: "شططا" قال كذبا. قوله: "الوصيد: الفناء" هو بكسر الفاء والمد، وهو قول ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير عن سعيد بن جبير. قوله: "وجمعه: وصائد ووصد، ويقال الوصيد الباب، مؤصدة مطبقة آصد الباب وأوصد" قال أبو عبيدة في قوله: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} أي على الباب وبفناء الباب، لأن الباب يؤصد أي يغلق والجمع وصائد ووصد.
وقالوا الوصيد عتبة الباب أيضا تقول: أوصد بابك وآصده، وذكر الطبري عن أبي عمرو بن العلاء أن أهل اليمن وتهامة يقولون الوصيد، وأهل نجد يقولون الأصيد. قوله: "مؤصدة: مطبقة" قال أبو عبيدة في قوله: {نَارٌ مُؤْصَدَةٌ} أي مطبقة تقول: أوصدت وآصدت أي أطبقت، وهذا ذكره المؤلف استطرادا. قوله: "بعثناهم أحييناهم" هو قول أبي عبيدة أيضا. قوله: "أزكى أكثر ريعا" قال أبو عبيدة في قوله: {أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً} أي أكثر، قال الشاعر:
قبائلنا سبع وأنتم ثلاثة ... وللسبع أزكى من ثلاث وأطيب
وروى عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة في قوله: {أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً} قال: خير طعاما، وروى الطبري عن سعيد بن جبير أحل، ورجحه الطبري. قوله: "فضرب الله على آذانهم فناموا" هو قول ابن عباس كما سأذكره من طريقه، وقيل معنى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ} أي سددنا عن نفوذ الأصوات إليها. قوله: "رجما بالغيب: لم يستبن" قال عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة في قوله: {رَجْماً بِالْغَيْبِ} قال: قذفا بالظن. وقال أبو عبيدة في قوله: {رَجْماً بِالْغَيْبِ} قال: الرجم ما لم يستيقنه من الظن، قال الشاعر:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم ... وما هو عنها بالحديث المرجم

(6/504)


قوله: "وقال مجاهد: تقرضهم: تتركهم" يأتي الكلام عليه في التفسير. "تنبيه": لم يذكر المصنف في هذه الترجمة حديثا مسندا. وقد روى عبد بن حميد بإسناد صحيح عن ابن عباس قصة أصحاب الكهف مطولة غير مرفوعة، وملخص ما ذكر أن ابن عباس غزا مع معاوية الصائفة فمروا بالكهف الذي ذكر الله في القرآن، فقال معاوية أريد أن أكشف عنهم، فمنعه ابن عباس، فصمم وبعث ناسا، فبعث الله ريحا فأخرجتهم، قال فبلغ ابن عباس فقال: إنهم كانوا في مملكة جبار يعبد الأوثان فلما رأوا ذلك خرجوا منها فجمعهم الله على غير ميعاد، فأخذ بعضهم على بعض العهود والمواثيق، فجاء أهاليهم يطلبونهم ففقدوهم، فأخبروا الملك فأمر بكتابة أسمائهم في لوح من رصاص وجعله في خزانته، فدخل الفتية الكهف فضرب الله على آذانهم فناموا. فأرسل الله من يقلبهم وحول الشمس عنهم فلو طلعت عليهم لأحرقتهم، ولولا أنهم يقلبون لأكلتهم الأرض. ثم ذهب ذلك الملك وجاء آخر فكسر الأوثان وعبد الله وعدل، فبعث الله أصحاب الكهف فأرسلوا واحدا منهم يأتيهم بما يأكلون فدخل المدينة مستخفيا فرأى هيئة وناسا أنكرهم لطول المدة، فدفع درهما إلى خباز فاستنكر ضربه وهم بأن يرفعه إلى الملك، فقال أتخوفني بالملك وأبي دهقانة؟ فقال من أبوك؟ فقال: فلان، فلم يعرفه، فاجتمع الناس فرفعوه إلى الملك فسأله فقال علي باللوح وكان قد سمع به فسمى أصحابه فعرفهم من اللوح، فكبر الناس وانطلقوا إلى الكهف وسبق الفتى لئلا يخافوا من الجيش، فلما دخل عليهم عمى الله على الملك ومن معه المكان فلم يدر أين ذهب الفتى، فاتفق رأيهم على أن يبنوا عليهم مسجدا فجعلوا يستغفرون لهم ويدعون لهم. وذكر ابن أبي حاتم في تفسيره عن شهر بن حوشب قال: كان لي صاحب قوي النفس، فمر بالكهف فأراد أن يدخله فنهي، فأبى فأشرف عليهم فابيضت عيناه وتغير شعره. وعن عكرمة أن السبب فيما جرى لهم أنهم تذكروا هل يبعث الله الروح والجسد أو الروح فقط، فألقى الله عليهم النوم فناموا المدة المذكورة ثم بعثهم فعرفوا أن الجسد يبعث كما تبعث الروح. وعن ابن عباس أن اسم الملك الأول دقيانوس واسم الفتية مكسلمينا ومخشليشا وتمليخا ومرطونس وكنشطونس وبيرونس ودينموس، وفي النطق بها اختلاف كثير، ولا يقع الوثوق من ضبطها بشيء. وأخرج أيضا عن مجاهد أن اسم كلبهم قطميروا، وعن الحسن قطمير، وقيل: غير ذلك. وأما لونه فقال مجاهد كان أصفر وقيل غير ذلك. وعن مجاهد أن دراهمهم كانت كخفاف الإبل وأن تمليخا هو الذي كان رسولهم لشراء الطعام. وقد ساق ابن إسحاق قصتهم في "المبتدأ" مطولة، وأفاد أن اسم الملك الصالح الذي عاشوا في زمنه بتدرسيس وروى الطبري من طريق عبد الله بن عبيد بن عمير أن الكلب الذي كان معهم كان كلب صيد، وعن وهب بن منبه أنه كان كلب حرث، وعن مقاتل كان الكلب لكبيرهم وكان كلب غنم، وقيل: كان إنسانا طباخا تبعهم وليس بكلب حقيقة، والأول المعتمد.

(6/505)


53 - باب حَدِيثُ الْغَارِ
3465- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَمْشُونَ إِذْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ

(6/505)


فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّهُ وَاللَّهِ يَا هَؤُلاَءِ لاَ يُنْجِيكُمْ إِلاَّ الصِّدْقُ فَليَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَجِيرٌ عَمِلَ لِي عَلَى فَرَقٍ مِنْ أَرُزٍّ فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ وَأَنِّي عَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ أَنِّي اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَأَنَّهُ أَتَانِي يَطْلُبُ أَجْرَهُ فَقُلْتُ لَهُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَسُقْهَا فَقَالَ لِي إِنَّمَا لِي عِنْدَكَ فَرَقٌ مِنْ أَرُزٍّ فَقُلْتُ لَهُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَإِنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْفَرَقِ فَسَاقَهَا فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا فَانْسَاحَتْ عَنْهُمْ الصَّخْرَةُ فَقَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ فَكُنْتُ آتِيهِمَا كُلَّ لَيْلَةٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ لِي فَأَبْطَأْتُ عَلَيْهِمَا لَيْلَةً فَجِئْتُ وَقَدْ رَقَدَا وَأَهْلِي وَعِيَالِي يَتَضَاغَوْنَ مِنْ الْجُوعِ فَكُنْتُ لاَ أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَبَ أَبَوَايَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا وَكَرِهْتُ أَنْ أَدَعَهُمَا فَيَسْتَكِنَّا لِشَرْبَتِهِمَا فَلَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا فَانْسَاحَتْ عَنْهُمْ الصَّخْرَةُ حَتَّى نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي ابْنَةُ عَمٍّ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ وَأَنِّي رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ إِلاَّ أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا فَأَمْكَنَتْنِي مِنْ نَفْسِهَا فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا فَقَالَتْ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ الْمِائَةَ دِينَارٍ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا".
الحديث الثالث عشر: قوله: "حديث الغار" عقب المصنف قصة أصحاب الكهف بحديث الغار إشارة إلى ما ورد أنه قد قيل: إن الرقيم المذكور في قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} هو الغار الذي أصاب فيه الثلاثة ما أصابهم، وذلك فيما أخرجه البزار والطبراني بإسناد حسن عن النعمان بن بشير أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الرقيم قال: انطلق ثلاثة فكانوا في كهف، فوقع الجبل على باب الكهف فأوصد عليهم، فذكر الحديث. قوله: "بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم" لم أقف على اسم واحد منهم، وفي حديث عقبة بن عامر عند الطبراني في الدعاء أن ثلاثة نفر من بني إسرائيل. قوله: "يمشون" في حديث عقبة وكذا في حديث أبي هريرة عند ابن حبان والبزار أنهم خرجوا يرتادون لأهليهم. قوله: "فأووا إلى غار" يجوز قصر ألف "أووا" ومدها. وفي حديث أنس عند أحمد وأبي يعلى والبزار والطبراني "فدخلوا غارا فسقط عليهم حجر متجاف حتى ما يرون منه خصاصه" وفي رواية سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه "حتى أووا المبيت إلى غار" كذا للمصنف، ولمسلم من هذا الوجه "حتى أواهم المبيت" وهو أشهر في الاستعمال، والمبيت في هذه الرواية منصوب على المفعولية، وتوجيهه أن دخول الغار من فعلهم فحسن أن ينسب الإيواء إليهم. قوله: "فانطبق عليهم" أي باب الغار. وفي رواية موسى بن عقبة عن نافع في المزارعة فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم ويأتي في الأدب بلفظ: "فانطبقت عليهم" وفيه حذف المفعول والتقدير نفسها أو المنفذ، ويؤيده أن في رواية سالم " فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت

(6/506)


عليهم الغار، زاد الطبراني في حديث النعمان بن بشير من وجه آخر "إذ وقع حجر من الجبل مما يهبط من خشية الله حتى سد فم الغار". قوله: "فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه" في رواية موسى بن عقبة المذكورة "انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله" ومثله لمسلم. وفي رواية الكشميهني: "خالصة ادعوا الله بها" ومن طريقه في البيوع "ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه" وفي رواية سالم "إنه لا ينجيكم إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم" وفي حديث أبي هريرة وأنس جميعا "فقال بعضهم لبعض عفا الأثر ووقع الحجر ولا يعلم بمكانكم إلا الله، ادعوا الله بأوثق أعمالكم" وفي حديث علي عند البزار "تفكروا في أحسن أعمالكم فادعوا الله بها لعل الله يفرج عنكم". وفي حديث النعمان بن بشير "إنكم لن تجدوا شيئا خيرا من أن يدعو كل امرئ منكم بخير عمل عمله قط". قوله: "فقال: اللهم إن كنت تعلم" كذا لأبي ذر والنسفي وأبي الوقت لم يذكر القائل، وللباقين "فقال واحد منهم". قوله: "اللهم إن كنت تعلم" فيه إشكال لأن المؤمن يعلم قطعا أن الله يعلم ذلك، وأجيب بأنه تردد في عمله ذلك هل له اعتبار عند الله أم لا، وكأنه قال: إن كان عملي ذلك مقبولا فأجب دعائي، وبهذا التقرير يظهر أن قوله: "اللهم" على بابها في النداء، وقد تردد بمعنى تحقق الجواب كمن سأل آخر عن شيء كأن يقول رأيت زيدا فيقول اللهم نعم، وقد ترد أيضا لندرة المستثنى كأن يقول شيئا ثم يستثني منه فيقول اللهم إلا إن كان كذا. قوله: "على فرق" بفتح الفاء والراء بعدها قاف وقد تسكن الراء. وهو مكيال يسع ثلاثة آصع قوله: "من أرز" فيه ست لغات فتح الألف وضمها مع ضم الراء وبضم الألف مع سكون الراء وتشديد الزاي وتخفيفها، وقد تقدم في المزارعة أنه فرق ذرة، وتقدم هناك بيان الجمع بين الروايتين، ويحتمل أنه استأجر أكثر من واحد، وكان بعضهم بفرق ذرة وبعضهم بفرق أرز. ويؤيد ذلك أنه وقع في رواية سالم "استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب" وفي حديث النعمان بن بشير نحوه كما سأذكره، ووقع في حديث عبد الله بن أبي أوفى عند الطبراني في الدعاء "استأجرت قوما كل واحد منهم بنصف درهم، فلما فرغوا أعطيتهم أجورهم، فقال أحدهم: والله لقد عملت عمل اثنين، والله لا آخذ إلا درهما، فذهب وتركه، فبذرت من ذلك النصف درهم إلخ" ويجمع بينهما بأن الفرق المذكور كانت قيمته نصف درهم إذ ذاك. قوله: "فذهب وتركه" في رواية موسى بن عقبة "فأعطيته فأبى ذاك أن يأخذ" وفي روايته في المزارعة "فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه حقه فرغب عنه" وفي حديث أبي هريرة "فعمل لي نصف النهار فأعطيته أجرا فسخطه ولم يأخذه" ووقع في حديث النعمان بن بشير بيان السبب في ترك الرجل أجرته ولفظه: "كان لي أجراء يعملون فجاءني عمال فاستأجرت كل رجل منهم بأجر معلوم، فجاء رجل ذات يوم نصف النهار فاستأجرته بشرط أصحابه فعمل في نصف نهاره كما عمل رجل منهم في نهاره كله فرأيت علي في الذمام أن لا أنقصه مما استأجرت به أصحابه لما جهد في عمله، فقال رجل منهم تعطي هذا مثل ما أعطيتني؟ فقلت يا عبد الله لم أبخسك شيئا من شرطك، وإنما هو مالي أحكم فيه بما شئت، قال فغضب وذهب وترك أجره" وأما ما وقع في حديث أنس "فأتاني يطلب أجره وأنا غضبان فزبرته فانطلق وترك أجره" فلا ينافي ذلك، وطريق الجمع أن الأجير لما حسد الذي عمل نصف النهار وعاتب المستأجر غضب منه وقال له: لم أبخسك شيئا إلخ وزبره فغضب الأجير وذهب، ووقع في حديث علي "وترك واحد منهم أجره وزعم أن أجره أكثر من أجور أصحابه". قوله: "وإني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته فصار من أمره أني اشتريت" وفي رواية الكشميهني: "أن اشتريت منه بقرا وأنه أتاني

(6/507)


يطلب أجره فقلت له أعمد إلى تلك البقر فسقها" وفي رواية موسى بن عقبة "فزرعته حتى اشتريت منه بقرا وراعيها" وفيه فقال: "أتستهزئ بي؟ فقلت: لا" وفي رواية أبي ضمرة "فأخذها" وفي رواية سالم "فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال" وفيه: "فقلت له كل ما ترى من الإبل والبقر والغنم والرقيق من أجرك" وفي رواية الكشميهني: "من أجلك" وفيه: "فاستاقه فلم يترك منه شيئا" ودلت هذه الرواية على أن قوله في رواية نافع "اشتريت بقرا أنه لم يرد أنه لم يشتر غيرها وإنما كان الأكثر الأغلب البقر فلذلك اقتصر عليها، وفي حديث أنس وأبي هريرة جميعا "فجمعته وثمرته حتى كان منه كل المال" وقال فيه: "فأعطيته ذلك كله، ولو شئت لم أعطه إلا الأجر الأول" ووقع في حديث عبد الله بن أبي أوفى أنه دفع إليه عشرة آلاف درهم، وهو محمول على أنها كانت قيمة الأشياء المذكورة، وفي حديث النعمان بن بشير "فبذرته على حدة فأضعف، ثم بذرته فأضعف، حتى كثر الطعام" وفيه: "فقال أتظلمني وتسخر بي" وفي رواية له "ثم مرت بي بقر فاشتريت منها فصيلة فبلغت ما شاء الله" والجمع بينهما ممكن بأن يكون زرع أولا ثم اشترى من بعضه بقرة ثم نتجت. قوله: "فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك" وفي رواية موسى بن عقبة: "ابتغاء وجهك" وكذا في رواية سالم، والجمع بينهما ممكن، وقد وقع في حديث علي عند الطبراني "من مخافتك وابتغاء مرضاتك" وفي حديث النعمان "رجاء رحمتك ومخافة عذابك". قوله: "ففرج عنا" في رواية موسى بن عقبة "فافرج" بوصل وضم الراء من الثلاثي، وضبطه بعضهم بهمزة وكسر الراء من الرباعي وزاد في روايته: "فأفرج عنا فرجة نرى منها السماء" وفيه تقييد لإطلاق قوله في رواية سالم "ففرج عنا ما نحن فيه" وقوله: "قال ففرج عنهم" وفي رواية أبي ضمرة "ففرج الله فرأوا السماء" ولمسلم من هذا الوجه "ففرج الله منها فرجة فرأوا منها السماء". قوله: "فانساخت عنهم الصخرة" أي انشقت، وأنكره الخطابي لأن معنى انساخ بالمعجمة غاب في الأرض، ويقال انصاخ بالصاد المهملة بدل السين أي انشق من قبل نفسه، قال: والصواب انساحت بالحاء المهملة أي اتسعت ومنه ساحة الدار، قال وانصاح بالصاد المهملة بدل السين أي تصدع، يقال ذلك للبرق. قلت: الرواية بالخاء المعجمة صحيحة وهي بمعنى انشقت، وإن كان أصله بالصاد فالصاد قد تقلب سينا ولا سيما مع الخاء المعجمة كالصخر والسخر. ووقع في حديث سالم "فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج" وفي حديث النعمان بن بشير "فانصدع الجبل حتى رأوا الضوء" وفي حديث علي "فانصدع الجبل حتى طمعوا في الخروج ولم يستطيعوا" وفي حديث أبي هريرة وأنس فزال ثلث الحجر. قوله: "فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي" كذا للأكثر، ولأبي ذر بحذف "أنه". قوله: "أبوان" هو من التغليب والمراد الأب والأم، وصرح بذلك في حديث ابن أبي أوفى. قوله: "شيخان كبيران" زاد في رواية أبي ضمرة عن موسى "ولي صبية صغار فكنت أرعى عليهم" وفي حديث علي "أبوان ضعيفان فقيران ليس لهما خادم ولا راع ولا ولي غيري فكنت أرعى لهما بالنهار وآوي إليهما بالليل". قوله: "فأبطأت عنهما ليلة" وفي رواية سالم "فنأى بي طلب شيء يوما فلم أرح عليهما حتى ناما" وقد تقدم شرح قوله: "نأى" و"الشيء" لم يفسر ما هو في هذه الرواية، وقد بين في رواية مسلم من طريق أبي ضمرة ولفظه: "وإني نأى بي ذات يوم الشجر" والمراد أنه استطرد مع غنمه في الرعي إلى أن بعد عن مكانه زيادة على العادة فلذلك أبطأ، وفي حديث علي "فإن الكلأ تنادي علي" أي تباعد، والكلأ المرعى. قوله: "وأهلي وعيالي" قال الداودي: يريد بذلك الزوجة والأولاد والرقيق والدواب، وتعقبه ابن التين بأن الدواب لا معنى لها هنا. قلت: إنما قال الداودي ذلك في

(6/508)


رواية سالم "وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا" وهو متجه فإنه إذا كان لا يقدم عليهما أولاده فكذلك لا يقدم عليهما دوابه من باب الأولى. قوله: "يتضاغون" بالمعجمتين والضغاء بالمد الصياح ببكاء، وقوله: "من الجوع" أي بسبب الجوع، وفيه رد على من قال لعل الصياح كان بسبب غير الجوع. وفي رواية موسى بن عقبة "والصبية يتضاغون". قوله: "وكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي، فكرهت أن أوقظهما، وكرهت أن أدعهما فيستكنا لشربتهما" أما كراهته لإيقاظهما فظاهر لأن الإنسان يكره أن يوقظ من نومه، ووقع في حديث علي "ثم جلست عند رءوسهما بإنائي كراهية أن أزرقهما أو أوذيهما" وفي حديث أنس "كراهية أن أرد وسنهما" وفي حديث ابن أبي أوفى "وكرهت أن أوقظهما من نومهما فيشق ذلك عليهما" وأما كراهته أن يدعهما فقد فسره بقوله: "فيستكنا لشربتهما" أي يضعفا لأنه عشاؤهما وترك العشاء يهرم، وقوله: "يستكنا" من الاستكانة، وقوله: "لشربتهما" أي لعدم شربتهما فيصيران ضعيفين مسكينين والمسكين الذي لا شيء له. قوله: "من أحب الناس إلي" هو مقيد لإطلاق رواية سالم حيث قال فيها: "كانت أحب الناس إلي " وفي رواية موسى بن عقبة كأشد ما يحب الرجل النساء، والكاف زائدة، أو أراد تشبيه محبته بأشد المحبات. قوله: "راودتها عن نفسها" أي بسبب نفسها أو من جهة نفسها. وفي رواية سالم "فأردتها على نفسها" أي ليستعلي عليها. قوله: "فأبت" في رواية موسى بن عقبة " فقالت لا ينال ذلك منها حتى". قوله: "إلا أن آتيها بمائة دينار" وفي رواية سالم "فأعطيتها عشرين ومائة دينار" ويحمل على أنها طلبت منه المائة فزادها هو من قبل نفسه عشرين، أو ألغى غير سالم الكسر، ووقع في حديث النعمان وعقبة بن عامر "مائة دينار" وأبهم ذلك في حديث علي وأنس وأبي هريرة. وقال في حديث ابن أبي أوفى "مالا ضخما". قوله: "فلما قعدت بين رجليها" في رواية سالم "حتى إذا قدرت عليها" زاد في حديث ابن أبي أوفى "وجلست منها مجلس الرجل من المرأة" وفي حديث النعمان بن بشير "فلما كشفتها" وبين في رواية سالم سبب إجابتها بعد امتناعها فقال: "فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة - أي سنة قحط - فجاءتني فأعطيتها" ويجمع بينه وبين رواية نافع بأنها امتنعت أولا عفة ودافعت بطلب المال فلما احتاجت أجابت. قوله: "ولا تفض" بالفاء والمعجمة أي لا تكسر، والخاتم كناية عن عذرتها، وكأنها كانت بكرا وكنت عن الإفضاء بالكسر، وعن الفرج بالخاتم لأن في حديث النعمان ما يدل على أنها لم تكن بكرا، ووقع في رواية أبي ضمرة "ولا تفتح الخاتم" والألف واللام بدل من الضمير أي خاتمي، ووقع كذلك في حديث أبي العالية عن أبي هريرة عند الطبراني في الدعاء بلفظ: "إنه لا يحل لك أن تفض خاتمي إلا بحقه" وقولها "بحقه" أرادت به الحلال، أي لا أحل لك أن تقربني إلا بتزويج صحيح، ووقع في حديث علي "فقالت: أذكرك الله أن تركب مني ما حرم الله عليك قال: فقلت أنا أحق أن أخاف ربي" وفي حديث النعمان بن بشير "فلما أمكنتني من نفسها بكت، فقلت ما يبكيك؟ قالت: فعلت هذا من الحاجة، فقلت انطلقي" وفي رواية أخرى عن النعمان أنها ترددت إليه ثلاث مرات تطلب منه شيئا من معروفه ويأبى عليها إلا أن تمكنه من نفسها، فأجابت في الثالثة بعد أن استأذنت زوجها فأذن لها وقال لها أغني عيالك، قال: فرجعت فناشدتني بالله فأبيت عليها، فأسلمت إلي نفسها، فلما كشفتها ارتعدت من تحتي، فقلت ما لك؟ قالت أخاف الله رب العالمين، فقلت خفتيه في الشدة ولم أخفه في الرخاء فتركتها، وفي حديث ابن أبي أوفى "فلما جلست منها مجلس الرجل من المرأة ذكرت النار فقمت عنها" والجمع بين هذه الروايات ممكن، والحديث يفسر بعضه بعضا. وفي هذا الحديث استحباب الدعاء في الكرب، والتقرب إلى الله

(6/509)


تعالى بذكر صالح العمل، واستنجاز وعده بسؤاله. واستنبط منه بعض الفقهاء استحباب ذكر ذلك في الاستسقاء، واستشكله المحب الطبري لما فيه من رؤية العمل، والاحتقار عند السؤال في الاستسقاء أولى لأنه مقام التضرع، وأجاب عن قصة أصحاب الغار بأنهم لم يستشفعوا بأعمالهم وإنما سألوا الله إن كانت أعمالهم خالصة وقبلت أن يجعل جزاءها الفرج عنهم، فتضمن جوابه تسليم السؤال لكن بهذا القيد وهو حسن، وقد تعرض النووي لهذا فقال في كتاب الأذكار "باب دعاء الإنسان وتوسله بصالح عمله إلى الله" وذكر هذا الحديث، ونقل عن القاضي حسين وغيره استحباب ذلك في الاستسقاء ثم قال: وقد يقال إن فيه نوعا من ترك الافتقار المطلق، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى عليهم بفعلهم فدل على تصويب فعلهم. وقال السبكي الكبير: ظهر لي أن الضرورة قد تلجئ إلى تعجيل جزاء بعض الأعمال في الدنيا وأن هذا منه، ثم ظهر لي أنه ليس في الحديث رؤية عمل بالكلتة لقول كل منهم "إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك" فلم يعتقد أحد منهم في عمله الإخلاص بل أحال أمره إلى الله، فإذا لم يجزموا بالإخلاص فيه مع كونه أحسن أعمالهم فغيره أولى، فيستفاد منه أن الذي يصلح في مثل هذا أن يعتقد الشخص تقصيره في نفسه ويسيء الظن بها ويبحث على كل واحد من عمله يظن أنه أخلص فيه فيفوض أمره إلى الله ويعلق الدعاء على علم الله به، فحينئذ يكون إذا دعا راجيا للإجابة خائفا من الرد فإن لم يغلب على ظنه إخلاصه ولو في عمل واحد فليقف عند حده ويستحي أن يسأل بعمل ليس بخالص، قال وإنما قالوا: "ادعوا الله بصالح أعمالكم" في أول الأمر ثم عند الدعاء لم يطلقوا ذلك ولا قال واحد منهم أدعوك بعملي، وإنما قال: "إن كنت تعلم"، ثم ذكر عمله. انتهى ملخصا. وكأنه لم يقف على كلام المحب الطبري الذي ذكرته فهو السابق إلى التنبيه على ما ذكره، والله أعلم. وفيه فضل الإخلاص في العمل، وفضل بر الوالدين وخدمتهما وإيثارهما على الولد والأهل وتحمل المشقة لأجلهما. وقد استشكل تركه أولاده الصغار يبكون من الجوع طول ليلتهما مع قدرته على تسكين جوعهم فقيل: كان في شرعهم تقديم نفقة الأصل على غيرهم، وقيل: يحتمل أن بكاءهم ليس عن الجوع، وقد تقدم ما يرده. وقيل: لعلهم كانوا يطلبون زيادة على سد الرمق وهذا أولى. وفيه فضل العفة والانكفاف عن الحرام مع القدرة، وأن ترك المعصية يمحو مقدمات طلبها، وأن التوبة تجب ما قبلها. وفيه جواز الإجارة بالطعام المعلوم بين المتآجرين، وفضل أداء الأمانة، وإثبات الكرامة للصالحين. واستدل به على جواز بيع الفضولي، وقد تقدم البحث فيه في البيوع. وفيه أن المستودع إذا اتجر في مال الوديعة كان الربح لصاحب الوديعة. قاله أحمد. وقال الخطابي: خالفه الأكثر فقالوا: إذا ترتب المال في ذمة الوديع وكذا المضارب كأن تصرف فيه بغير ما أذن له فيلزم ذمته أنه إن اتجر فيه كان الربح له. وعن أبي حنيفة الغرامة عليه، وأما الربح فهو له لكن يتصدق به. وفصل الشافعي فقال: إن اشترى في ذمته ثم نقد الثمن من مال الغير فالعقد له والربح له، وإن اشترى بالعين فالربح للمالك، وقد تقدم نقل الخلاف فيه في البيوع أيضا. وفيه الإخبار عما جرى للأمم الماضية ليعتبر السامعون بأعمالهم فيعمل بحسنها ويترك قبيحها، والله أعلم. "تنبيه": لم يخرج الشيخان هذا الحديث إلا من رواية ابن عمر، وجاء بإسناد صحيح عن أنس أخرجه الطبراني في الدعاء من وجه آخر حسن، وبإسناد حسن عن أبي هريرة، وهو في صحيح ابن حبان. وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن أبي هريرة وعن النعمان بن بشير من ثلاثة أوجه حسان أحدها عند أحمد والبزار وكلها عند الطبراني، وعن علي وعقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن أبي أوفى بأسانيد ضعيفة، وقد استوعب طرقه أبو عوانة في

(6/510)


صحيحه والطبراني في الدعاء، واتفقت الروايات كلها على أن القصص الثلاثة في الأجير والمرأة والأبوين إلا حديث عقبة بن عامر ففيه بدل الأجير أن الثالث قال: "كنت في غنم أرعاها فحضرت الصلاة فقمت أصلي فجاء الذئب فدخل الغنم فكرهت أن أقطع صلاتي فصبرت حتى فرغت" فلو كان إسناده قويا لحمل على تعدد القصة، ووقع في رواية الباب من طريق عبيد الله العمري عن نافع تقديم الأجير ثم الأبوين ثم المرأة، وخالفه موسى بن عقبة من الوجهين فقدم الأبوين ثم المرأة ثم الأجير، ووافقته رواية سالم، وفي حديث أبي هريرة المرأة ثم الأبوين ثم الأجير، وفي حديث أنس الأبوين ثم الأجير ثم المرأة، وفي حديث النعمان الأجير ثم المرأة ثم الأبوين، وفي حديث علي وابن أبي أوفى معا المرأة ثم الأجير ثم الأبوين وفي اختلافهم دلالة على أن الرواية بالمعنى عندهم سائغة شائعة، وأن لا أثر للتقديم والتأخير في مثل ذلك، وأرجحها في نظري رواية موسى بن عقبة لموافقة سالم لها فهي أصح طرق هذا الحديث وهذا من حيث الإسناد، وأما من حيث المعنى فينظر أي الثلاثة كان أنفع لأصحابه، والذي يظهر أنه الثالث لأنه هو الذي أمكنهم أن يخرجوا بدعائه، وإلا فالأول أفاد إخراجهم من الظلمة، والثاني أفاد الزيادة في ذلك وإمكان التوسل إلى الخروج بأن يمر مثلا هناك من يعالج لهم، والثالث هو الذي تهيأ لهم الخروج بسببه فهو أنفعهم لهم فينبغي أن يكون عمل الثالث أكثر فضلا من عمل الأخيرين. ويظهر ذلك من الأعمال الثلاثة: فصاحب الأبوين فضيلته مقصورة على نفسه لأنه أفاد أنه كان بارا بأبويه، وصاحب الأجير نفعه متعد وأفاد بأنه كان عظيم الأمانة، وصاحب المرأة أفضلهم لأنه أفاد أنه كان في قلبه خشية ربه، قد شهد الله لمن كان كذلك بأن له الجنة حيث قال: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} وقد أضاف هذا الرجل إلى ذلك ترك الذهب الذي أعطاه للمرأة فأضاف إلى النفع القاصر النفع المتعدي، ولا سيما وقد قال إنها كانت بنت عمه، فتكون فيه صلة رحم أيضا، وقد تقدم أن ذلك كان في سنة قحط فتكون الحاجة إلى ذلك أحرى، فيترجح على هذا رواية عبيد الله عن نافع. وقد جاءت قصة المرأة أيضا أخيرة في حديث أنس. والله أعلم.

(6/511)


54 - باب
3466- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "بَيْنَا امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنَهَا إِذْ مَرَّ بِهَا رَاكِبٌ وَهِيَ تُرْضِعُهُ فَقَالَتْ اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْ ابْنِي حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِي الثَّدْيِ وَمُرَّ بِامْرَأَةٍ تُجَرَّرُ وَيُلْعَبُ بِهَا فَقَالَتْ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا فَقَالَ أَمَّا الرَّاكِبُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَهَا تَزْنِي وَتَقُولُ حَسْبِيَ اللَّهُ وَيَقُولُونَ تَسْرِقُ وَتَقُولُ حَسْبِيَ اللَّهُ".
3467- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ".

(6/511)


3468- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ وَكَانَتْ فِي يَدَيْ حَرَسِيٍّ فَقَالَ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ وَيَقُولُ إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ".
[الحديث 3468 – أطرافه في: 3488، 5932، 5938]
3469- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنْ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي هَذِهِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ".
[الحديث 3469 – طرفه في: 3689]
3470- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لاَ فَقَتَلَهُ فَجَعَلَ يَسْأَلُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ".
3471- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا فَقَالَتْ إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ. فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ! فَقَالَ فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَا هُمَا ثَمَّ وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ فَطَلَبَ حَتَّى كَأَنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ هَذَا اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ يَوْمَ لاَ رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي؟ فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ! قَالَ فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَا هُمَا ثَمَّ".
وحَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ.
3472- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ

(6/512)


عَنْهُ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأَرْضُ إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ أَلَكُمَا وَلَدٌ قَالَ أَحَدُهُمَا لِي غُلاَمٌ وَقَالَ الْآخَرُ لِي جَارِيَةٌ قَالَ أَنْكِحُوا الْغُلاَمَ الْجَارِيَةَ وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا".
3473- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَعَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّاعُونِ فَقَالَ أُسَامَةُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ قَالَ أَبُو النَّضْرِ لاَ يُخْرِجْكُمْ إِلاَّ فِرَارًا مِنْهُ".
[الحديث 3473 – طرفاه في: 5728، 6974]
3474- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الطَّاعُونِ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ".
[الحديث 3474 – طرفاه في: 5734، 6619]
3475- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا".
3476- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ الْهِلاَلِيَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "سَمِعْتُ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ خِلاَفَهَا فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(6/513)


فَأَخْبَرْتُهُ فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ وَقَالَ كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ وَلاَ تَخْتَلِفُوا فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا".
3477- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ الأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ".
[الحديث 3477 – طرفه في: 6929]
3478- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنَّ رَجُلًا كَانَ قَبْلَكُمْ رَغَسَهُ اللَّهُ مَالًا فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حُضِرَ أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ. قَالَ فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ فَفَعَلُوا فَجَمَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ قَالَ مَخَافَتُكَ فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ". وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[الحديث 3478 – طرفاه في: 6481، 7508]
3479- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ قَالَ عُقْبَةُ لِحُذَيْفَةَ أَلاَ تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ رَجُلًا حَضَرَهُ الْمَوْتُ لَمَّا أَيِسَ مِنْ الْحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ إِذَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا ثُمَّ أَوْرُوا نَارًا حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِي وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِي فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا فَذَرُّونِي فِي الْيَمِّ فِي يَوْمٍ حَارٍّ أَوْ رَاحٍ فَجَمَعَهُ اللَّهُ فَقَالَ لِمَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: خَشْيَتَكَ. فَغَفَرَ لَهُ". قَالَ عُقْبَةُ وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ.
حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ: "فِي يَوْمٍ رَاحٍ".
3480- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "كَانَ الرَّجُلُ يُدَايِنُ النَّاسَ فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا قَالَ: فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ".
3481- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ:

(6/514)


إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اطْحَنُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا. فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ. فَأَمَرَ اللَّهُ الأَرْضَ فَقَالَ: اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ فَفَعَلَتْ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ. فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ. فَغَفَرَ لَهُ". وَقَالَ غَيْرُهُ: "مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ".
[الحديث 3481 – طرفه في: 7506]
3482- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلاَ سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلاَ هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ".
3483- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنْ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ".
[الحديث 3483 – طرفاه في: 3484، 6120]
3484- حدثنا آدم حدثنا شعبة عن منصور قال سمعت ربعي بن حراش يحدث عن أبي مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستحي فاصنع ما شئت".
3485- حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنْ الْخُيَلاَءِ خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" . تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ
[الحديث 3485 – طرفه في: 5790]
3486- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْدَ كُلِّ أُمَّةٍ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَا مِنْ بَعْدِهِمْ فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَغَدًا لِلْيَهُودِ وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى".
3487- "على كل مسلم في كل سبعة أيام يوم يغسل رأسه وجسده".
3488- حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا عمرو بن مرة سمعت سعيد بن المسيب قال: "قدم معاوية بن أبي سفيان المدينة آخر قدمة قدمها فخطبنا فأخرج كبة من شعر فقال: ما كنت أرى أن أحدا يفعل هذا غير اليهود، وإن النبي صلى الله عليه وسلم سماه الزور. يعني الوصال في الشعر". تابعه غندر عن شعبة.

(6/515)


الحديث الرابع عشر: حديث أبي هريرة في قصة المرأة التي كانت ترضع ولدها فتكلم، وقد تقدم شرحه في قصة عيسى ابن مريم. وعبد المذكور في الإسناد هو الأعرج. الحديث الخامس عشر: حديث أبي هريرة في قصة المرأة التي سقت الكلب. قوله: "يطيف" بضم أوله من أطاف يقال أطفت بالشيء إذا أدمت المرور حوله. قوله: "بركية" بفتح الراء وكسر الكاف وتشديد التحتانية: البئر مطوية أو غير مطوية، وغير المطوية يقال لها جب وقليب ولا يقال لها بئر حتى تطوى، وقيل الركي البئر قبل أن تطوى فإذا طويت فهي الطوى. قوله: "بغي" بفتح الموحدة وكسر المعجمة هي الزانية، وتطلق على الأمة مطلقا. قوله: "موقها" بضم الميم وسكون الواو بعدها قاف هو الخف، وقيل ما يلبس فوق الخف. قوله: "فغفر لها" زاد الكشميهني: "به" وقد تقدم الكلام على هذا الحديث مشروحا في كتاب الشرب، لكن وقع هناك وفي الطهارة أن الذي سقى الكلب رجل، وأنه سقاه في خفه، ويحتمل تعدد القصة. وقدمت بقية الكلام في كتاب الشرب، والله أعلم. الحديث السادس عشر: حديث معاوية: قوله: "عام حج" في رواية سعيد بن المسيب الآتية آخر الباب: "آخر قدمة قدمها" قلت: وكان ذلك في سنة إحدى وخمسين وهي آخر حجة حجها في خلافته. قوله: "فتناول قصة" بضم القاف وتشديد المهملة هي شعر الناصية، والحرسي منسوب إلى الحرس وهو واحد الحراس. قوله: "أين علماؤكم؟" فيه إشارة إلى أن العلماء إذ ذاك فيهم كانوا قد قلوا، وهو كذلك لأن غالب الصحابة كانوا يومئذ قد ماتوا، وكأنه رأى جهال عوامهم صنعوا ذلك فأراد أن يذكر علماءهم وينبههم بما تركوه من إنكار ذلك، ويحتمل أن يكون ترك من بقي من الصحابة ومن أكابر التابعين إذ ذاك الإنكار إما لاعتقاد عدم التحريم ممن بلغه الخبر فحمله على كراهة التنزيه، أو كان يخشى من سطوة الأمراء في ذلك الزمان على من يستبد بالإنكار لئلا ينسب إلى الاعتراض على أولي الأمر، أو كانوا ممن لم يبلغهم الخبر أصلا، أو بلغ بعضهم لكن لم يتذكروه حتى ذكرهم به معاوية، فكل هذه أعذار ممكنة لمن كان موجودا إذ ذاك من العلماء، وأما من حضر خطبة معاوية وخاطبهم بقوله أين علماؤكم، فلعل ذلك كان في خطبة غير الجمعة ولم يتفق أن يحضره إلا من ليس من أهل العلم فقال أين علماؤكم، لأن الخطاب بالإنكار لا يتوجه إلا على من علم الحكم وأقره. قوله: "ويقول" هو معطوف على "ينهى" وفاعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: "إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم" فيه إشعار بأن ذلك كان حراما عليهم، فلما فعلوه كان سببا لهلاكهم، مع ما انضم إلى ذلك من ارتكابهم ما ارتكبوه من المناهي، وسيأتي شرح ذلك مبسوطا في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى. الحديث السابع عشر: حديث أبي هريرة: قوله: "عن أبيه" هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. قوله: "عن أبي هريرة" هذا هو المشهور عن إبراهيم بن سعد، وقيل عنه عن أبيه عن أبي سلمة عن عائشة كما سيأتي. قوله: "إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون" بفتح الدال المهملة، وسيأتي شرحه مستوفى في مناقب عمر، فإن فيه أنهم كانوا من بني إسرائيل. قوله: "وإنه كان في أمتي هذه منهم" في رواية أبي داود الطيالسي عن إبراهيم بن سعد "وإنه إن كان في أمتي أحد منهم". قوله: "فإنه عمر بن الخطاب" كذا قاله النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التوقع، وكأنه لم يكن اطلع على أن ذلك كائن، وقد وقع بحمد الله ما توقعه النبي صلى الله عليه وسلم في عمر رضي الله عنه، ووقع من ذلك لغيره ما لا يحصى ذكره. الحديث الثامن عشر: حديث أبي سعيد: قوله: "عن أبي الصديق الناجي" في رواية مسلم من طريق معاذ عن شعبة عن قتادة أنه سمع أبا الصديق الناجي، واسم أبي الصديق - وهو بكسر الصاد المهملة وتشديد الدال

(6/516)


المكسورة - بكر، واسم أبيه عمرو وقيل قيس، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث. قوله: "كان في بني إسرائيل رجل" لم أقف على اسمه ولا على اسم أحد من الرجال ممن ذكر في القصة، زاد مسلم من طريق هشام عن قتادة عند مسلم: "فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب". قوله: "فأتى راهبا" فيه إشعار بأن ذلك كان بعد رفع عيسى عليه السلام، لأن الرهبانية إنما ابتدعها أتباعه كما نص عليه في القرآن. قوله: "فقال: له توبة؟" بحذف أداة الاستفهام، وفيه تجريد أو التفات، لأن حق السياق أن يقول: ألي توبة؟ ووقع في رواية هشام "فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة" وزاد: "ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم وقال فيه ومن يحول بينه وبين التوبة". قوله: "فقال له رجل ائت قرية كذا وكذا" زاد في رواية هشام "فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا كان نصف الطريق أتاه ملك الموت"، ووقعت لي تسمية القريتين المذكورتين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا في "المعجم الكبير للطبراني" قال فيه إن اسم الصالحة نصرة واسم القرية الأخرى كفرة. قوله: "فناء" بنون ومد أي بعد، أو المعنى مال أو نهض مع تثاقل، فعلى هذا فالمعنى فمال إلى الأرض التي طلبها، هذا هو المعروف في هذا الحديث، وحكى بعضهم فيه فنأى بغير مد قبل الهمز، وبإشباعها بوزن سعى تقول نأى ينأي نأيا بعد، وعلى هذا فالمعنى فبعد على الأرض التي خرج منها. ووقع في رواية هشام عن قتادة ما يشعر بأن قوله: "فناء بصدره" إدراج، فإنه قال في آخر الحديث: "قال قتادة قال الحسن: ذكر لنا أنه لما أتاه الموت ناء بصدره". قوله: "فاختصمن فيه" في رواية هشام من الزيادة "فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله. وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط، فأتاه ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال: قيسوا ما بين الأرضين أيهما كان أدني فهو لها". قوله: "فأوحى الله إلى هذه أن تباعدي" أي إلى القرية التي خرج منها "وإلى هذه أن تقربي" أي القرية التي قصدها. وفي رواية هشام "فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد". قوله: "أقرب بشبر فغفر له" في رواية معاذ عن شعبة "فجعل من أهلها" وفي رواية هشام "فقبضته ملائكة الرحمة" وفي الحديث مشروعية التوبة من جميع الكبائر حتى من قتل الأنفس، ويحمل على أن الله تعالى إذا قبل توبة القاتل تكفل برضا خصمه. وفيه أن المفتي قد يجيب بالخطأ، وغفل من زعم أنه إنما قتل الأخير على سبيل التأول لكونه أفتاه بغير علم لأن السياق يقتضي أنه كان غير عالم بالحكم حتى استمر يستفتي، وأن الذي أفتاه استبعد أن تصح توبته بعد قتله لم ذكر أنه قتله بغير حق، وأنه إنما قتله بناء على العمل بفتواه لأن ذلك اقتضى عنده أن لا نجاة له فيئس من الرحمة، ثم تداركه الله فندم على ما صنع فرجع يسأل. وفيه إشارة إلى قلة فطنة الراهب، لأنه كان من حقه التحرز ممن اجترأ على القتل حتى صار له عادة بأن لا يواجهه بخلاف مراده وأن يستعمل معه المعاريض مداراة عن نفسه، هذا لو كان الحكم عنده صريحا في عدم قبول توبة القاتل فضلا عن أن الحكم لم يكن عنده إلا مظنونا. وفيه أن الملائكة الموكلين ببني آدم يختلف اجتهادهم في حقهم بالنسبة إلى من يكتبونه مطيعا أو عاصيا، وأنهم يختصمون في ذلك حتى يقضي الله بينهم، وفيه فضل التحول من الأرض التي يصيب الإنسان فيها المعصية لما يغلب بحكم العادة على مثل ذلك إما لتذكره لأفعاله الصادرة قبل ذلك والفتنة بها وأما لوجود من كان يعينه على ذلك ويحضه عليه، ولهذا قال له الأخير: ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، ففيه إشارة إلى أن التائب ينبغي له مفارقة الأحوال التي اعتادها في زمن المعصية، والتحول منها كلها

(6/517)


والاشتغال بغيرها، وفيه فضل العالم على العابد لأن الذي أفتاه أولا بأن لا توبة له غلبت عليه العبادة فاستعظم وقوع ما وقع من ذلك القاتل من استجرائه على قتل هذا العدد الكثير، وأما الثاني فغلب عليه العلم فأفتاه بالصواب ودله على طريق النجاة، قال عياض: وفيه أن التوبة تنفع من القتل كما تنفع من سائر الذنوب، وهو وإن كان شرعا لمن قبلنا وفي الاحتجاج به خلاف لكن ليس هذا من موضع الخلاف لأن موضع الخلاف إذا لم يرد في شرعنا تقريره وموافقته، أما إذا ورد فهو شرع لنا بلا خلاف، ومن الوارد في ذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وحديث عبادة بن الصامت ففيه بعد قوله ولا تقتلوا النفس وغير ذلك من المنهيات "فمن أصاب من ذلك شيئا فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه" متفق عليه. قلت: ويؤخذ ذلك أيضا من جهة تخفيف الآصار عن هذه الأمة بالنسبة إلى من قبلهم من الأمم، فإذا شرع لهم قبول توبة القاتل فمشروعيتها لنا بطريق الأول، وسيأتي البحث في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} الآية في التفسير إن شاء الله تعالى، واستدل به على أن في بني آدم من يصلح للحكم بين الملائكة إذا تنازعوا، وفيه حجة لمن أجاز التحكيم، وأن من رضي الفريقان بتحكيمه فحكمه جائز عليهم، وسيأتي نقل الخلاف في ذلك في الحديث الذي يلي ما بعده، وفيه أن للحاكم إذا تعارضت عنده الأحوال وتعددت البينات أن يستدل بالقرائن على الترجيح. حديث أبي هريرة في قصة البقرة التي تكلمت: قوله: "عن الأعرج عن أبي سلمة" هو من رواية الأقران، وقد رواه الزهري أيضا عن أبي سلمة، وسيأتي مع شرحه مستوفى في المناقب. قوله: "بينا رجل يسوق بقرة" لم أقف على اسمه. قوله: "إذ ركبها فضربها فقالت إنا لم نخلق لهذا" استدل به على أن الدواب لا تستعمل إلا فيما جرت العادة باستعمالها فيه، ويحتمل أن يكون قولها إنما خلقنا للحرث للإشارة إلى معظم ما خلقت له، ولم ترد الحصر في ذلك لأنه غير مراد اتفاقا، لأن من أجل ما خلقت له أنها تذبح وتؤكل بالاتفاق، وقد تقدم قول ابن بطال في ذلك في كتاب المزارعة. قوله: "فإني أؤمن بهذا أنا وأبو بكر وعمر" هو محمول على أنه كان أخبرهما بذلك فصدقاه، أو أطلق ذلك لما طلع عليه من أنهما يصدقان بذلك إذا سمعاه ولا يترددان فيه. قوله: "وما هما ثم" بفتح المثلثة أي ليسا حاضرين، وهو من كلام الراوي، ولم يقع ذلك في رواية الزهري. قوله: "وبينا رجل" هو معطوف على الخبر الذي قبله بالإسناد المذكور. قوله: "إذ عدا الذئب" بالعين المهملة من العدوان. قوله: "هذا استنقذتها مني" في رواية الكشميهني: "استنقذها" بإبهام الفاعل. قوله: "حدثنا علي حدثنا سفيان عن مسعر" هذا يدل على أنه سمعه من شيخه مفرقا، والحاصل أن لسفيان فيه إسنادين: أحدهما أبو الزناد عن الأعرج، والآخر مسعر عن سعد بن إبراهيم، كلاهما عن أبي سلمة، وفي كل من الإسنادين رواية القرين عن قرينه، لأن الأعرج قرين أبي سلمة كما تقدم لأنه شاركه في أكثر شيوخه ولا سيما أبو هريرة، وإن كان أبو سلمة أكبر سنا من الأعرج وسفيان بن عيينة قرين مسعر، لأنه شاركه في أكثر شيوخه لا سيما سعد بن إبراهيم، وإن كان مسعر أكبر سنا من سفيان. حديث أبي هريرة أيضا: "اشترى رجل من رجل عقارا" لم أقف على اسمهما ولا على اسم أحد ممن ذكر في هذه القصة، لكن في "المبتدأ لوهب بن منبه" أن الذي تحاكما إليه هو داود النبي عليه السلام؛ وفي "المبتدأ لإسحاق بن بشر" أن ذلك وقع في زمن ذي القرنين من بعض قضاته فالله أعلم. وصنيع البخاري يقتضي ترجيح ما وقع عند وهب لكونه أورده في ذكر بني إسرائيل. قوله: "عقارا" العقار في اللغة المنزل والضيعة وخصه

(6/518)


بعضهم بالنخل، ويقال للمتاع النفيس الذي للمنزل عقار أيضا، وأما عياض فقال: العقار الأصل من المال، وقيل المنزل والضيعة، وقيل متاع البيت فجعله خلافا. والمعروف في اللغة أنه مقول بالاشتراك على الجميع والمراد به هنا الدار، وصرح بذلك في حديث وهب بن منبه. قوله: "فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له: خذ ذهبك فإنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع الذهب" وهذا صريح في أن العقد إنما وقع بينهما على الأرض خاصة، فاعتقد البائع دخول ما فيها ضمنا، واعتقد المشتري أنه لا يدخل. وأما صورة الدعوى بينهما فوقعت على هذه الصورة وأنهما لم يختلفا في صورة العقد التي وقعت، والحكم في شرعنا على هذا في مثل ذلك أن القول قول المشتري وأن الذهب باق على ملك البائع، ويحتمل أنهما اختلفا في صورة العقد بأن يقول المشتري لم يقع تصريح ببيع الأرض وما فيها بل يبيع الأرض خاصة، والبائع يقول وقع التصريح بذلك، والحكم في هذه الصورة أن يتحالفا ويستردا المبيع وهذا كله بناء على ظاهر اللفظ أنه وجد فيه جرة من ذهب، لكن في رواية إسحاق بن بشر أن المشتري قال إنه اشترى دارا فعمرها فوجد فيها كنزا، وأن البائع قال له لما دعاه إلى أخذه ما دفنت ولا علمت، وأنهما قالا للقاضي: ابعث من يقبضه وتضعه حيث رأيت، فامتنع، وعلى هذا فحكم هذا المال حكم الركاز في هذه الشريعة إن عرف أنه من دفين الجاهلية، وإلا فإن عرف أنه من دفين المسلمين فهو لقطة، وإن جهل فحكمه حكم المال الضائع يوضع في بيت المال، ولعلهم لم يكن في شرعهم هذا التفصيل فلهذا حكم القاضي بما حكم به. قوله: "وقال الذي له الأرض" أي الذي كانت له، ووقع في رواية أحمد عن عبد الرزاق بيان المراد من ذلك ولفظه: "فقال الذي باع الأرض: إنما بعتك الأرضى" ووقع في نسخ مسلم اختلاف، فالأكثر رووه بلفظ: "فقال الذي شرى الأرض" والمراد باع الأرض كما قال أحمد، ولبعضهم "فقال الذي اشترى الأرض" ووهمها القرطبي قال: إلا إن ثبت أن لفظ: "اشترى" من الأضداد كشرى فلا وهم، وقوله: "فتحاكما" ظاهره أنهما حكماه في ذلك، لكن في حديث إسحاق بن بشر التصريح بأنه كان حاكما منصوبا للناس، فإن ثبت ذلك فلا حجة فيه لمن جوز للمتداعيين أن يحكما بينهما رجلا وينفذ حكمه، وهي مسألة مختلف فيها: فأجاز ذلك مالك والشافعي بشرط أن يكون فيه أهلية الحكم وأن يحكم بينهما بالحق سواء وافق ذلك رأي قاضي البلد أم لا واستثنى الشافعي الحدود، وشرط أبو حنيفة أن لا يخالف ذلك رأي قاضي البلد، وجزم القرطبي بأنه لم يصدر منه حكم على أحد منهما، وإنما أصلح بينهما لما ظهر له أن حكم المال المذكور حكم المال الضائع، فرأى أنهما أحق بذلك من غيرهما لما ظهر له من ورعهما وحسن حالهما وارتجى من طيب نسلهما وسلاح ذريتهما، ويرده ما جزم به الغزالي في "نصيحة الملوك" أنهما تحاكما إلى كسرى، فإن ثبت هذا ارتفعت المباحث الماضية المتعلقة بالتحكيم لأن الكافر لا حجة له فيما يحكم به. ووقع في روايته عن أبي هريرة "لقد رأيتنا يكثر تمارينا ومنازعتنا عند النبي صلى الله عليه وسلم أيهما أكثر أمانة". قوله: "ألكما ولد؟" بفتح الواو واللام، والمراد الجنس، لأنه يستحيل أن يكون للرجلين جميعا ولد واحد، والمعنى ألكل منكما ولد؟ ويجوز أن يكون قوله: "ألكما ولد؟" بضم الواو وسكون اللام وهي صيغة جمع أي أولاد، ويجوز كسر الواو أيضا في ذلك. قوله: "فقال أحدهم لي غلام" بين في رواية إسحاق بن بشر أن الذي قال لي غلام هو الذي اشترى العقار. قوله: "أنكحوا الغلام الجارية وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا" هكذا وقع بصيغة الجمع في الإنكاح والإنفاق وبصيغة التثنية في النفسين وفي التصدق، وكأن السر في ذلك أن الزوجين كانا محجورين

(6/519)


وإنكاحهما لا بد مع وليهما من غيرهما كالشاهدين، وكذلك الإنفاق قد يحتاج فيه إلى المعين كالوكيل، وأما تثنية النفسين فللإشارة إلى اختصاص الزوجين بذلك. وقد وقع في رواية إسحاق بن بشر ما يشعر بذلك ولفظه: "اذهبا فزوج ابنتك من ابن هذا وجهزوهما من هذا المال وادفعا إليهما ما بقي يعيشان به" وأما تثنية التصديق فللإشارة إلى أن يباشراها بغير واسطة لما في ذلك من الفضل، وأيضا فهي تبرع لا يصدر من غير الرشيد ولا سيما ممن ليس له فيها ملك. ووقع في رواية مسلم: "وأنفقا على أنفسكما" والأول أوجه والله أعلم. الحديث الحادي والعشرون: حديث أسامة بن زيد في الطاعون وسيأتي شرحه مستوفى في الطب، والغرض منه هنا قوله في الحديث: "الطاعون رجز أرسل على بني إسرائيل"، ووقع هنا "رجس" بالسين المهملة بدل الزاي والمحفوظ بالزاي، ووجهه القاضي بأن الرجس يقع على العقوبة أيضا، وقد قال الفارابي والجوهري الرجس العذاب. قوله في آخر الحديث "فلا تخرجوا فرارا منه، قال أبو النضر: لا يخرجكم إلا فرارا منه" يريد أن الأولى رواية محمد بن المنكدر والثانية رواية أبي النضر، فأما رواية ابن المنكدر فلا إشكال فيها، وأما رواية أبي النضر فروايتها بالنصب كالذي هنا مشكلة، ورواها جماعة بالرفع ولا إشكال فيها، قال عياض في الشرح: وقع لأكثر رواة الموطأ بالرفع وهو بين أن السبب الذي يخرجكم الفرار ومجرد قصده لا غير ذلك، لأن الخروج إلى الأسفار والحوائج مباح، ويطابق الرواية الأخرى "فلا تخرجوا فرارا منه" قال ورواه بعضهم "إلا فرارا منه" قال وقال ابن عبد البر: جاء بالوجهين، ولعل ذلك من مالك، وأهل العربية يقولون دخول "إلا" هنا بعد النفي لإيجاب بعض ما نفي قبل من الخروج، فكأنه نهى عن الخروج إلا للفرار خاصة، وهو ضد المقصود فإن المنهي عنه إنما هو الخروج للفرار خاصة لا لغيره، قال وجوز ذلك بعضهم وجعل قوله: "إلا" حالا من الاستثناء أي لا تخرجوا إذا لم يكن خروجكم إلا للفرار، قال عياض: ووقع لبعض رواة الموطأ "لا يخرجكم الإفرار" بأداة التعريف وبعدها إفرار بكسر الهمزة وهو وهم ولحن. وقال في "المشارق" ما حاصله: يجوز أن تكون الهمزة للتعدية يقال أفره كذا من كذا ومنه قوله عليه الصلاة والسلام لعدي بن حاتم "إن كان لا يفرك من هذا إلا ما ترى" فيكون المعنى لا يخرجكم إفراره إياكم. وقال القرطبي في "المفهم" هذه الرواية غلط لأنه لا يقال أفر وإنما يقال فرر، قال: وقال جماعة من العلماء إدخال إلا فيه غلط. وقال بعضهم هي زائدة وتجوز زيادته كما تزاد لا، وخرجه بعضهم بأنها للإيجاب فذكر نحو ما مضى قال: والأقرب أن تكون زائدة. وقال الكرماني: الجمع بين قول ابن المنكدر "لا تخرجوا فرارا منه" وبين قول أبي النضر "لا يخرجكم إلا فرارا منه" مشكل فإن ظاهره التناقض، ثم أجاب بأجوبة: أحدها أن غرض الراوي أن أبا النضر فسر لا تخرجوا بأن المراد منه الحصر يعني الخروج المنهي هو الذي يكون لمجرد الفرار لا لغرض آخر فهو تفسير للمعلل المنهي عنه لا للنهي. قلت: وهو بعيد لأنه يقتضي أن هذا اللفظ من كلام أبي النضر زاده بعد الخبر وأنه موافق لابن المنكدر على اللفظ الأول رواية، والمتبادر خلاف ذلك. والجواب الثاني كالأول والزيادة مرفوعة أيضا فيكون روى اللفظين ويكون التفسير مرفوعا أيضا. الثالث إلا زائدة بشرط أن تثبت زيادتها في كلام العرب. الحديث الثاني والعشرون: حديث عائشة في ذلك وسيأتي شرحه في الطب أيضا. الحديث الثالث والعشرون: حديث عائشة في قصة المخزومية التي سرقت، وسيأتي شرحه في كتاب الحدود، وأورده هنا بلفظ: "إنما أهلك الذين من قبلكم"، وفي بعض طرقه: "إن

(6/520)


بني إسرائيل كانوا" وهو المطابق للترجمة وسيأتي بسط ذلك إن شاء الله تعالى. الحديث الرابع والعشرون: حديث ابن مسعود في النهي عن الاختلاف في القراءة، وسيأتي شرحه في فضائل القرآن. الحديث الخامس والعشرون: حديث عبد الله وهو ابن مسعود، وشقيق هو أبو وائل. قوله: "كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه" لم أقف على اسم هذا النبي صريحا، ويحتمل أن يكون هو نوح عليه السلام، فقد ذكر ابن إسحاق في "المبتدأ" وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسير الشعراء من طريق إسحاق قال: "حدثني من لا أتهم عن عبيد بن عمير الليثي أنه بلغه أن قوم نوح كانوا يبطشون به فيخنقونه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون". قلت: وإن صح ذلك فكأن ذلك كان في ابتداء الأمر، ثم لما يئس منهم قال: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} وقد ذكر مسلم بعد تخريج هذا الحديث حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال في قصة أحد "كيف يفلح قوم دموا وجه نبيهم" فأنزل الله {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} ومن ثم قال القرطبي: إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الحاكي والمحكي ما سيأتي. وأما النووي فقال: هذا النبي الذي جرى له ما حكاه النبي صلى الله عليه وسلم من المتقدمين، وقد جرى لنبينا نحو ذلك يوم أحد. قوله: "وهو يمسح الدم عن وجهه" يحتمل أن ذلك لما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم ذكر لأصحابه أنه وقع لشيء آخر قبله، وذلك فيما وقع له يوم أحد لما شج وجهه وجرى الدم منه. فاستحضر في تلك الحالة قصة ذلك النبي الذي كان قبله فذكر قصته لأصحابه تطييبا لقلوبهم. وأغرب القرطبي فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الحاكي وهو المحكي عنه، قال وكأنه أوحي إليه بذلك قبل وقوع القصة، ولم يسم ذلك النبي، فلما وقع له ذلك تعين أنه هو المعنى بذلك. قلت: ويعكر عليه أن الترجمة لبني إسرائيل فيتعين الحمل على بعض أنبيائهم، وفي "صحيح ابن حبان" من حديث سهل بن سعد "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" قال ابن حبان: معنى هذا الدعاء الذي قال يوم أحد لما شج وجهه أي اغفر لهم ذنبهم في شج وجهي، لا أنه أراد الدعاء لهم بالمغفرة مطلقا، إذ لو كان كذلك لأجيب ولو أجيب لأسلموا كلهم، كذا قال، وكأنه بناه على أنه لا يجوز أن يتخلف بعض دعائه على بعض أو عن بعض، وفيه نظر لثبوت "أعطاني اثنتين ومنعني واحدة" وسيأتي في تفسير سورة الأنعام، ثم وجدت في "مسند أحمد" من طريق عاصم عن أبي وائل ما يمنع تأويل القرطبي، ويعين الغزوة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ولفظه: "قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين بالجعرانة قال فازدحموا عليه فقال: إن عبدا من عباد الله بعثه الله إلى قومه فكذبوه وشجوه، فجعل يمسح الدم عن جبينه ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون". قال عبد الله فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح جبهته يحكي الرجل. قلت: ولا يلزم من هذا الذي قاله عبد الله أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم مسح أيضا، بل الظاهر أنه حكى صفة مسح جبهته خاصة كما مسحها ذلك النبي، وظهر بذلك فساد ما زعمه القرطبي. قوله: "عن عقبة بن عبد الغافر" بين في الرواية المعلقة تلو هذه سماع قتادة من عقبة، وعقبة المذكور أزدي بصري، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وحديث آخر تقدم في الوكالة. وطريق معاذ هذه وصلها مسلم عن عبيد الله بن معاذ العنبري عن أبيه به. قوله: "رغسه الله" بفتح الراء والغين المعجمة بعدها سين مهملة أي كثر ماله، وقيل رغس كل شيء أصله فكأنه قال جعل له أصلا من مال. ووقع في مسلم:

(6/521)


"رأسه الله" بهمز بدل الغين المعجمة، قال ابن التين: وهو غلط، فإن صح - أي من جهة الرواية - فكأنه كان فيه: "راشه" يعني بألف ساكنة بغير همز وبشين معجمة، والريش والرياش المال انتهى. ويحتمل في توجيه رواية مسلم أن يقال: معنى "رأسه" جعله رأسا ويكون بتشديد الهمزة، وقوله: "مالا"، أي بسبب المال. قوله: "قال عقبة لحذيفة" هو عقبة بن عمرو أبو مسعود الأنصاري البدري. قوله: "حدثنا موسى" هو ابن إسماعيل التبوذكي. وفي رواية الكشميهني: "حدثنا مسدد" وصوب أبو ذر رواية الأكثر وبذلك جزم أبو نعيم في المستخرج أنه عن موسى؛ وموسى ومسدد جميعا قد سمعا من أبي عوانة، لكن الصواب هنا موسى لأن المصنف ساق الحديث عن مسدد ثم بين أن موسى خالفه في لفظة منه وهي قوله: "في يوم راح" فإن في رواية مسدد "يوم حار" وقد تقدم سياق موسى في أول "باب ذكر بني إسرائيل". وقال فيه: "انظروا يوما راحا" وقوله راحا أي كثير الريح، ويقال ذلك للموضع الذي تخترقه الرياح، قال الجوهري: يوم راح أي شديد الريح، وإذا كان طيب الريح يقال الريح بتشديد الياء. وقال الخطابي: يوم راح أي ذو ريح كما يقال رجل مال أي ذو مال، وأما رواية الباب فقوله: "في يوم حار" فهو بتخفيف الراء، قال ابن فارس: الحور ريح تحن كحنين الإبل، وقد نبه أبو علي الجياني على ما وقع من ذلك. وظن بعض المتأخرين أنه عنى بذلك ما وقع في أول ذكر بني إسرائيل فاعترض عليه بأنه ليس هناك إلا روايته عن موسى بن إسماعيل في جميع الطرق وهو صحيح، لكن مراد الجياني ما وقع هنا، وهو بين لمن تأمل ذلك. قوله: "حدثنا عبد الملك" هو ابن عمير المذكور في الإسناد الذي قبله، ومراده أن عبد الملك رواه بالإسناد المذكور مثل الرواية التي قبله إلا في هذه اللفظة؛ وهذا يقتضي خطأ من أورده في الرواية الأولي بلفظ: "راح" وهي رواية السرخسي، وقد رواه أبو الوليد عن أبي عوانة فقال فيه: "في ريح عاصف" أخرجه المصنف في الرقاق. قوله: "أوروا" بفتح الهمزة وسكون الواو وضم الراء أي اقدحوا وأشعلوا. حديث أبي هريرة في الذي كان يداين الناس، وقد تقدم في البيوع. قوله: "حدثنا هشام" هو ابن يوسف. قوله: "كان رجل يسرف على نفسه" تقدم في حديث حذيفة أنه كان نباشا، وفي الرواية التي في الرقاق أنه كان يسيء الظن بعمله، وفيه أنه لم يبتئر خيرا، وسيأتي نقل الخلاف في تحريرها هناك إن شاء الله تعالى، وفي حديث أبي سعيد "إن رجلا كان قبلكم". قوله: "إذا أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني" بضم المعجمة وتشديد الراء، في حديث أبي سعيد "فقال لبنيه لما حضر - بضم المهملة وكسر المعجمة أي حضره الموت - أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإني لم أعمل خيرا قط، فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني" بفتح أوله والتخفيف. وفي رواية الكشميهني: "ثم أذرني" بزيادة همزة مفتوحة في أوله، فالأول بمعنى دعوني أي اتركوني، والثاني من قوله أذرت الريح الشيء إذا فرقته بهبوبها، وهو موافق لرواية أبي هريرة. قوله: "في الريح" تقدم ما في رواية حذيفة من الخلاف في هذه اللفظة، وفي حديث أبي سعيد "في يوم عاصف" أي عاصف ريحه، وفي حديث معاذ عن شعبة عند مسلم: "في ريح عاصف" ووقع في حديث موسى بن إسماعيل في أول الباب: "حتى إذا أكلت لحمي وخلصت إلى عظمي وامتحشت"، وهو بضم المثناة وكسر المهملة بعدها شين معجمة أي وصل الحرق العظام، والمحش إحراق النار الجلد. قوله: "فوالله لئن قدر الله علي" في رواية الكشميهني: "لئن قدر علي ربي" قال الخطابي: قد يستشكل هذا فيقال كيف يغفر له وهو منكر للبعث والقدرة على إحياء الموتى؟ والجواب أنه لم ينكر البعث وإنما جهل فظن أنه إذا فعل به ذلك لا يعاد فلا يعذب، وقد ظهر إيمانه باعترافه بأنه إنما فعل ذلك من خشية الله. قال ابن

(6/522)


قتيبة: قد يغلط في بعض الصفات قوم من المسلمين فلا يكفرون بذلك؛ ورده ابن الجوزي وقال: جحده صفة القدرة كفر اتفاقا، وإنما قيل إن معنى قوله: "لئن قدر الله علي" أي ضيق وهي قوله: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أي ضيق، وأما قوله: "لعلي أضل الله" فمعناه لعلي أفوته، يقال ضل الشيء إذا فات وذهب، وهو كقوله: {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} ولعل هذا الرجل قال ذلك من شدة جزعه وخوفه كما غلط ذلك الآخر فقال أنت عبدي وأنا ربك، ويكون قوله: "لئن قدر علي" بتشديد الدال أي قدر علي أن يعذبني ليعذبني، أو على أنه كان مثبتا للصانع وكان في زمن الفترة فلم تبلعه شرائط الإيمان، وأظهر الأقوال أنه قال ذلك في حال دهشته وغلبة الخوف عليه حتى ذهب بعقله لما يقول، ولم يقله قاصدا لحقيقة معناه بل في حالة كان فيها كالغافل والذاهل والناسي الذي لا يؤاخذ بما يصدر منه، وأبعد الأقوال قول من قال إنه كان في شرعهم جواز المغفرة للكافر. قوله: "فأمر الله الأرض فقال اجمعي ما فيك منه ففعلت" وفي حديث سلمان الفارسي عند أبي عوانة في صحيحه "فقال الله له كن فكان كأسرع من طرفة العين" وهذا جميعه كما قال ابن عقيل إخبار عما سيقع له يوم القيامة، وليس كما قال بعضهم إنه خاطب روحه، فإن ذلك لا يناسب قوله: "فجمعه الله" لأن التحريق والتفريق إنما وقع على الجسد وهو الذي يجمع ويعاد عند البعث. قوله: "وقال غيره خشيتك" الغير المذكور هو عبد الرزاق، كذا رواه عن معمر بلفظ: "خشيتك" بدل مخافتك، وأخرجه أحمد عن عبد الرزاق بهذا، وقد وقع في حديث أبى سعيد "مخافتك"، وفي حديث حذيفة "خشيتك". قوله في آخر حديث أبي سعيد "فتلقاه رحمته" في رواية الكشميهني فتلافاه قال ابن التين: أما تلقاه بالقاف فواضح. لكن المشهور تعديته بالباء وقد جاء هنا بغير تعدية، وعلى هذا فالرحمة منصوبة على المفعولية، ويحتمل أن يكون ذكر الرحمة وهي على هذا بالرفع، قال وأما "تلافاه" بالفاء فلا أعرف له وجها إلا أن يكون أصله فتلففه أي غشاه، فلما اجتمعت ثلاث فاءات أبدلت الأخيرة ألفا مثل "دساها" كذا قال ولا يخفى تكلفه، والذي يظهر أنه من الثلاثي، والقول فيه كالقول في التلقي. وقد وقع في حديث سلمان "مما تلافاه عندها أن غفر له". حديث عبد الله وهو ابن عمر في التي ربطت الهرة ولم أقف على اسمها، لكن تقدم أنها سوداء وأنها حميرية وأنها من بني إسرائيل، وأنه لا تنافي بين ذلك، وتقدم شرحه في أواخر بدء الخلق. قوله: "عن أبي مسعود" هذا هو المحفوظ ورواه إبراهيم بن سعد عن منصور عن عبد الملك فقال: "عن ربعي بن خراش عن حذيفة" حكاه الدار قطني في "العلل" قال: ورواه أبو مالك الأشجعي أيضا عن ربعي عن حذيفة، قلت: روايته عند أحمد، وليس ببعيد أن يكون ربعي سمعه من أبي مسعود ومن حذيفة جميعا. قوله: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة" الناس بالرفع في جميع الطرق ويجوز النصب أي مما بلغ الناس، وقوله: "من كلام النبوة" أي مما اتفق عليه الأنبياء، أي أنه مما ندب إليه الأنبياء ولم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم، لأنه أمر أطبقت عليه العقول، وزاد أبو داود وأحمد وغيرهما: "النبوة الأولى" أي التي قبل نبينا صلى الله عليه وسلم. قوله: "فاصنع ما شئت" هو أمر بمعنى الخبر، أو هو للتهديد أي اصنع ما شئت فإن الله يجزيك، أو معناه انظر إلى ما تريد أن تفعله فإن كان مما لا يستحي منه فافعله وإن كان مما يستحي منه فدعه، أو المعنى أنك إذا لم تستح من الله من شيء يجب أن لا تستحي منه من أمر الدين فافعله ولا تبال بالخلق، أو المراد الحث على الحياء والتنويه بفضله، أي لما لم يجز صنع جميع ما شئت لم يجز ترك الاستحياء. الحديث الثاني والثلاثون:

(6/523)


حديث ابن عمر "بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خسف به" سيأتي شرحه مستوفى في كتاب اللباس، وعبد الله هو ابن المبارك، وقد رواه عن يونس أيضا عبد الله بن وهب أخرجه النسائي وأبو عوانة في صحيحه. قوله: "تابعه عبد الرحمن بن خالد" أي ابن مسافر "عن الزهري" أي بهذا الإسناد، وطريق عبد الرحمن هذه وصلها المؤلف في كتاب اللباس. الحديث الثالث والثلاثون: حديث أبي هريرة في فضل يوم الجمعة، تقدم شرحه مستوفى في كتاب الجمعة. الحديث الرابع والثلاثون: حديث معاوية في النهي عن الوصل في الشعر. وقد تقدم في هذا الباب من وجه آخر. وتقدمت الإشارة إلى مكان شرحه. قوله: "تابعه غندر عن شعبة" وصله مسلم والنسائي من طريقه وأخرجه أحمد وابن أبي شيبة عن غندر - وهو محمد بن جعفر – به.
"خاتمة": اشتمل كتاب أحاديث الأنبياء وما بعده من ذكر بني إسرائيل من الأحاديث المرفوعة على مائتي حديث وتسعة أحاديث. المكرر منها فيه وفيما مضى مائة وسبعة وعشرون حديثا. والخالص اثنان وثمانون حديثا. المعلق منها ثلاثون طريقا، وسائرها موصول. وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث عائشة: "الأرواح جنود" وحديث: "قال رجل رأيت السد" وهذان معلقان، وحديث أبي هريرة "يلقي إبراهيم أباه"، وحديث ابن عباس في قصة زمزم وبناء البيت بطوله، وحديثه في تعويذ الحسن والحسين، وحديث سبرة بن معبد، وحديث أبي الشموس، وحديث أبي ذر، وهذه الثلاثة معلقات، وحديث أم رومان في قصة الإفك، وحديث أبي هريرة "إنما سمي الخضر"، وحديث ابن مسعود في يونس عليه السلام، وحديث أبي هريرة "خفف على داود القرآن" وحديث عمر: "لا تطروني"، وحديث عائشة في كراهية الإتكاء على الخاصرة، وحديث عبد الله بن عمرو: "بلغوا عني"، وحديث أبي هريرة: "إن اليهود لا يصبغون"، وحديث عائشة في الطاعون، وحديث أبي مسعود في الحياة. وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم ستة وثمانون أثرا. والله أعلم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(6/524)


كتاب المناقب
باب قول الله تعالى { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعرفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم }
...
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
61 - كِتَاب الْمَنَاقِبِ
1 – باب قول الله تعالى [13 الحجرات]:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. وقوله [1 النساء]: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}.
وَمَا يُنْهَى عَنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ. الشُّعُوبُ: النَّسَبُ الْبَعِيدُ. وَالْقَبَائِلُ: دُونَ ذَلِكَ.
3489- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} قَالَ: الشُّعُوبُ الْقَبَائِلُ الْعِظَامُ. وَالْقَبَائِلُ: الْبُطُونُ.
3490- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ. قَالَ أَتْقَاهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ".
3491- حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي رَبِيبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: "قُلْتُ لَهَا أَرَأَيْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَانَ مِنْ مُضَرَ؟ قَالَتْ: فَمِمَّنْ كَانَ إِلاَّ مِنْ مُضَرَ؟ مِنْ بَنِي النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ".
[الحديث 3491 – طرفه في: 3492]
3492- حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا كُلَيْبٌ حَدَّثَتْنِي رَبِيبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَظُنُّهَا زَيْنَبَ قَالَتْ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ وَقُلْتُ لَهَا: أَخْبِرِينِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ كَانَ؟ مِنْ مُضَرَ كَانَ؟ قَالَتْ: فَمِمَّنْ كَانَ إِلاَّ مِنْ مُضَرَ؟ كَانَ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ".
3493- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً".
[الحديث 3493 – طرفاه في: 3496، 3588]

(6/525)


3494- "وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَيَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ".
[الحديث 3494 – طرفاه في: 6058، 7179]
3495- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ".
3496- "وَالنَّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا تَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّ النَّاسِ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الشَّأْنِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ".
3497- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} قَالَ: فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "قُرْبَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلاَّ وَلَهُ فِيهِ قَرَابَةٌ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ فيه، إِلاَّ أَنْ تَصِلُوا قَرَابَةً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ".
[الحديث 3497 – طرفه في: 4818]
3498- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مِنْ هَا هُنَا جَاءَتْ الْفِتَنُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَالْجَفَاءُ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ".
3499- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِي الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ وَالإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ". قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: سُمِّيَتْ الْيَمَنَ لِأَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ وَالشَّأْمَ لِأَنَّهَا عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ وَالْمَشْأَمَةُ الْمَيْسَرَةُ وَالْيَدُ الْيُسْرَى الشُّؤْمَى وَالْجَانِبُ الأَيْسَرُ الأَشْأَمُ.
قوله: "بسم الله الرحمن الرحيم. باب المناقب" كذا في الأصول التي وقفت عليها من كتاب البخاري، وذكر صاحب الأطراف وكذا في بعض الشروح أنه قال: "كتاب المناقب" فعلى الأول هو من جملة كتاب أحاديث الأنبياء، وعلى الثاني هو كتاب مستقل، والأول أولى فإنه يظهر من تصرفه أنه قصد به سياق الترجمة النبوية بأن يجمع فيه أمور النبي صلى الله عليه وسلم من المبدأ إلى المنتهى، فبدأ بمقدماتها من ذكر ما يتعلق بالنسب الشريف فذكر أشياء تتعلق بالأنساب ومن ثم ذكر أمورا تتعلق بالقبائل، ثم النهي عن دعوى الجاهلية لأن معظم فخرهم كان بالأنساب ثم ذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله ومعجزاته، واستطرد منها لفضائل أصحابه؛ ثم أتبعها بأحواله قبل الهجرة وما جرى له بمكة فذكر المبعث، ثم إسلام الصحابة وهجرة الحبشة والمعراج ووفود الأنصار والهجرة إلى المدينة، ثم ساق المغازي على ترتيبها عنده ثم الوفاة، فهذا آخر هذا الباب وهو من جملة تراجم الأنبياء وختمها بخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم.

(6/526)


قوله: "وقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} الآية" يشير إلى ما تضمنته هذه الآية من أن المناقب عند الله إنما هي بالتقوى بأن يعمل بطاعته ويكف عن معصيته، قد ورد في الحديث ما يوضح ذلك: ففي صحيحي ابن خزيمة وابن حبان وتفسير ابن مردويه من رواية عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: "خطب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فقال: أما بعد يا أيها الناس، فإن الله قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وفخرها. يا أيها الناس، الناس رجلان مؤمن تقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله ثم تلا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى}" ورجاله ثقات إلا أن ابن مردويه ذكر أن محمد بن المقري راويه عن عبد الله بن رجاء عن موسى بن عقبة وهم في قوله موسى بن عقبة وإنما هو موسى بن عبيدة، وابن عقبة ثقة وابن عبيدة ضعيف، وهو معروف برواية موسى بن عبيدة، كذلك أخرجه ابن أبي حاتم وغيره، وروى أحمد والحارث وابن حاتم من طريق أبي نضرة "حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى وهو على بعير يقول: يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، خيركم عند الله أتقاكم". قوله: "لتعارفوا" أي ليعرف بعضكم بعضا بالنسب يقول فلان ابن فلان وفلان ابن فلان، أخرجه الطبري عن مجاهد. قوله: "وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} قال ابن عباس: أي اتقوا الأرحام وصلوها"، أخرجه ابن أبي حاتم عنه، والأرحام جمع رحم، وذوو الرحم الأقارب يطلق على كل من يجمع بينه وبين الآخر نسب، والقراءة المشهورة "والأرحام" نصبا وعليها جاء التفسير، وقرأ حمزة "والأرحام" بالجر، واختلف في توجيهه فقيل معطوف على الضمير المجرور في "به" من غير إعادة الجار وهو جائز عند جمع، ومنعه البصريون، وقرأها ابن مسعود فيما قيل بالرفع فإن ثبت فهو مبتدأ والخبر محذوف تقديره مما يتقي أو مما يسأل به، والمراد بذكر هذه الآية الإشارة إلى الاحتياج إلى معرفة السبب أيضا لأنه يعرف به ذوو الأرحام المأمور بصلتهم، وذكر ابن حزم في مقدمة "كتاب النسب" له فصلا في الرد على من زعم أن علم النسب علم لا ينفع وجهل لا يضر بأن في علم النسب ما هو فرض على كل أحد، وما هو فرض على الكفاية، وما هو مستحب. قال: فمن ذلك أن يعلم أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ابن عبد الله الهاشمي، فمن زعم أنه لم يكن هاشميا فهو كافر، وأن يعلم أن الخليفة من قريش، وأن يعرف من يلقاه بنسب في رحم محرمة ليجتنب تزويج ما يحرم عليه منهم، وأن يعرف من يتصل به ممن يرثه أو يجب عليه بره من صلة أو نفقة أو معاونة وأن يعرف أمهات المؤمنين وأن نكاحهن حرام على المؤمنين، وأن يعرف الصحابة وأن حبهم مطلوب، وأن يعرف الأنصار ليحسن إليهم لثبوت الوصية بذلك ولأن حبهم إيمان وبغضهم نفاق، قال: ومن الفقهاء من يفرق في الجزية وفي الاسترقاق بين العرب والعجم فحاجته إلى علم النسب آكد، وكذا من يفرق بين نصارى بني تغلب وغيرهم في الجزية وتضعيف الصدقة. قال: وما فرض عمر رضي الله عنه الديوان إلا على القبائل، ولولا علم النسب ما تخلص له ذلك، وقد تبعه على ذلك عثمان وعلي وغيرهما. وقال ابن عبد البر في أول كتابه النسب: ولعمري لم ينصف من زعم أن علم النسب علم لا ينفع وجهل لا يضر. انتهى. وهذا الكلام قد روي مرفوعا ولا يثبت، وروي عن عمر أيضا ولا يثبت بل ورد في المرفوع حديث: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم" وله طرق أقواها ما أخرجه الطبراني من حديث العلاء بن خارجة، وجاء هذا أيضا عن عمر ساقه ابن حزم بإسناد رجاله موثوقون إلا أن فيه انقطاعا، والذي يظهر حمل ما ورد من ذمه على التعمق فيه حتى يشتغل عما هو أهم منه، وحمل

(6/527)


ما ورد في استحسانه على ما تقدم من الوجوه التي أوردها ابن حزم، ولا يخفى أن بعض ذلك لا يختص بعلم النسب والله المستعان. قوله: "وما ينهى عن دعوى الجاهلية" سيأتي الكلام عليه بعد أبواب قلائل. قوله: "الشعوب النسب البعيد والقبائل دون ذلك" هو قول مجاهد أخرجه الطبري عنه، وذكر أبو عبيدة مثال الشعب مضر وربيعة، ومثال القبيلة من دون ذلك، وأنشد لعمرو بن أحمر:
من شعب همدان أو سعد العشيرة أو ... خولان أو مذحج هاجوا له طربا
قوله: "حدثنا أبو بكر" هو ابن عياش الكوفي وكذا سائر الإسناد، وأبو حصين بفتح أوله هو عثمان بن عاصم. قوله: "الشعوب القبائل العظام والقبائل البطون" أي أن المراد بلفظ القبائل في القرآن ما هو في اصطلاح أهل النسب البطون، وقد روى الطبري هذا الحديث عن خلاد بن أسلم وأبي كريب كلاهما عن أبي بكر بن عياش بهذا الإسناد، لكن قال في المتن "الشعوب الجماع" أي الذي يجمع متفرقات البطون، قال خلاد قال أبو بكر: القبائل مثل بني تميم، ودونها الأفخاذ انتهى. وقد قسمها الزبير بن بكار في "كتاب النسب" إلى شعب ثم قبيلة ثم عمارة بكسر العين ثم بطن ثم فخذ ثم فصيلة، وزاد غيره قبل الشعب الجذم وبعد الفصيلة العشيرة، ومنهم من زاد بعد العشيرة الأسرة ثم العترة، فمثال الجذم عدنان ومثال الشعب مضر ومثال القبيلة كنانة ومثال العمارة قريش وأمثلة ما دون ذلك لا تخفى. ويقع في عباراتهم أشياء مرادفة لما تقدم كقولهم حي وبيت وعقيلة وأرومة وجرثومة ورهط وغير ذلك، ورتبها محمد بن أسعد النسابة المعروف بالحراني جميعها وأردفها فقال: جذم ثم جمهور لم شعب ثم قبيلة ثم عمارة ثم بطن ثم فخذ ثم عشيرة ثم فصيلة ثم رهط ثم أسرة ثم عترة ثم ذرية. وزاد غيره في أثنائها ثلاثة وهي بيت وحي وجماع فزادت على ما ذكر الزبير عشرة. وقال أبو إسحاق الزجاج: القبائل للعرب كالأسباط لبني إسرائيل، ومعنى القبيلة الجماعة، ويقال لكل ما جمع على شيء واحد قبيلة أخذا من قبائل الشجرة وهو غصونها أو من قبائل الرأس وهو أعضاؤه، سميت بذلك لاجتماعها. ويقال: المراد بالشعوب في الآية بطون العجم وبالقبائل بطون العرب. ثم ذكر المصنف في الباب سبعة أحاديث: الأول: حديث أبي هريرة "قيل يا رسول الله من أكرم الناس؟ قال أتقاهم" الحديث، أورده مختصرا، وقد مضى في قصة يوسف، والغرض منه واضح، وإنما أطلق على يوسف أكرم الناس لكونه رابع نبي في نسق ولم يقع ذلك لغيره، فإنه اجتمع له الشرف في نسبه من وجهين. الحديث الثاني: قوله: "حدثنا عبد الواحد" هو ابن زياد. قوله: "حدثنا كليب بن وائل" هذا هو المحفوظ، ورواه عفان عن عبد الواحد فقال: "عن عاصم بن كليب" أخرجه الإسماعيلي وهو خطأ من عفان، وكليب بن وائل تابعي وسط كوفي أصله من المدينة، وهو ثقة عند الجميع إلا أن أبا زرعة ضعفه بغير قادح، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث. قوله: "حدثتني ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم" هي بنت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "قالت ممن كان إلا من مضر" في رواية الكشميهني: "فمن كان" بزيادة فاء في الجواب وهو استفهام إنكار، أي لم يكن إلا من مضر. قوله: "مضر" هو ابن نزار بن معد بن عدنان والنسب ما بين عدنان إلى إسماعيل بن إبراهيم مختلف فيه كما سيأتي، وأما من النبي صلى الله عليه وسلم إلى عدنان فمتفق عليه. وقال ابن سعد في "الطبقات" حدثنا هشام بن الكلبي قال: "علمني أبي وأنا غلام نسب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وهو شيبة الحمد ابن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وإليه جماع قريش، وما كان فوق فهر فليس بقرشي بل هو

(6/528)


كناني، ابن مالك بن النضر واسمه قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة واسمه عمرو بن إلياس بن مضر. وروى الطبراني بإسناد جيد عن عائشة قالت: "استقام نسب الناس إلى معد بن عدنان" ومضر بضم الميم وفتح المعجمة يقال سمي بذلك لأنه كان مولعا بشرب اللبن الماضر وهو الحامض، وفيه نظر لأنه يستدعي أنه كان له اسم غيره قبل أن يتصف بهذه الصفة، نعم ممكن أن يكون هذا اشتقاقه، ولا يلزم أن يكون متصفا به حالة التسمية، وهو أول من حدا الإبل. وروى ابن حبيب في تاريخه عن ابن عباس قال: "مات عدنان أبو وابنه معد وربيعة ومضر وقيس وتميم وأسد وضبة على الإسلام على ملة إبراهيم" وروى الزبير بن بكار من وجه آخر عن ابن عباس "لا تسبوا مضر ولا ربيعة فإنهما كانا مسلمين"، ولابن سعد من مرسل عبد الله بن خالد رفعه: "لا تسبوا مضر فإنه كان قد أسلم". قوله: "من بني النضر بن كنانة" أي المذكور، وروى أحمد وابن سعد من حديث الأشعث بن قيس الكندي قال: "قلت يا رسول الله إنا نزعم أنكم منا - يعني من اليمن - فقال نحن بنو النضر بن كنانة" ، وروى ابن سعد من حديث عمرو بن العاص بإسناد فيه ضعف مرفوعا: "أنا محمد بن عبد الله، وانتسب حتى بلغ النضر بن كنانة، قال فمن قال غير ذلك فقد كذب" انتهى. وإلى النضر تنتهي أنساب قريش، وسيأتي بيان ذلك في الباب الذي يليه، وإلى كنانة تنتهي أنساب أهل الحجاز، وقد روى مسلم من حديث واثلة مرفوعا: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم" ولابن سعد من مرسل أبي جعفر الباقر: "ثم اختار بني هاشم من قريش ثم اختار بني عبد المطلب من بني هاشم". قوله: "حدثنا موسى" هو ابن إسماعيل التبوذكي. قوله: "وأظنها زينب" كأن قائله موسى، لأن قيس بن حفص في الرواية التي قبلها قد جزم بأنها زينب، وشيخهما واحد. لكن أخرجه الإسماعيلي من رواية حبان بن هلال عن عبد الواحد وقال: لا أعلمها إلا زينب، فكأن الشك فيه من شيخهم عبد الواحد، كان يجزم بها تارة ويشك فيها أخرى. قوله: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدباء" بضم المهملة وتشديد الموحدة سيأتي شرحه في كتاب الأشربة، وأورده هنا لكونه سمع الحديث على هذه الصورة وهذا هو المرفوع منه فلم ير حذفه من السياق، على أنه لم يطرد له في ذلك عمل: فإنه تارة يأتي بالحديث على وجهه كما صنع هنا، وتارة يقتصر على موضع حاجته منه كما تقدم في عدة مواطن. قوله: "والمقير والمزفت" كذا وقع هنا بالميم والقاف المفتوحة، قال أبو ذر: هو خطأ والصواب النقير يعني بالنون وكسر القاف وهو واضح لئلا يلزم منه التكرار إذا ذكر المزفت. قوله: "حدثني إسحاق بن إبراهيم" هو ابن راهويه. قوله: "تجدون الناس معادن" أي أصولا مختلفة، والمعادن جمع معدن وهو الشيء المستقر في الأرض، فتارة يكون نفيسا وتارة يكون خسيسا، وكذلك الناس. قوله: "خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام" وجه التشبيه أن المعدن لما كان إذا استخرج ظهر ما اختفى منه ولا تتغير صفته فكذلك صفة الشرف لا تتغير في ذاتها بل من كان شريفا في الجاهلية فهو بالنسبة إلى أهل الجاهلية رأس فإن أسلم استمر شرفه وكان أشرف ممن أسلم من المشروفين في الجاهلية، وأما قوله إذا فقهوا ففيه إشارة إلى أن الشرف الإسلامي لا يتم إلا بالتفقه في الدين، وعلى هذا فتنقسم الناس أربعة أقسام مع ما يقابلها: الأول شريف في الجاهلية أسلم وتفقه، ويقابله مشروف في الجاهلية لم يسلم ولم يتفقه. الثاني شريف في الجاهلية أسلم ولم يتفقه، ويقابله مشروف في الجاهلية لم يسلم وتفقه. الثالث شريف في الجاهلية لم يسلم ولم يتفقه، ويقابله مشروف في الجاهلية أسلم ثم تفقه. الرابع:

(6/529)


شريف في الجاهلية لم يسلم وتفقه ويقابله مشروف في الجاهلية أسلم ولم يتفقه فأرفع الأقسام من شرف في الجاهلية ثم أسلم وتفقه، ويليه من كان مشروفا ثم أسلم وتفقه، ويليه من كان شريفا في الجاهلية ثم أسلم ولم يتفقه، ويليه من كان مشروفا ثم أسلم ولم يتفقه. وأما من لم يسلم فلا اعتبار به سواء كان شريفا أو مشروفا سواء تفقه أو لم يتفقه والله أعلم. والمراد بالخيار والشرف وغير ذلك من كان متصفا بمحاسن الأخلاق، كالكرم والعفة والحلم وغيرها، متوقيا لمساويها كالبخل والفجور والظلم وغيرها. قوله: "إذا فقهوا" بضم القاف ويجوز كسرها. قوله: "ويجدون خير الناس في هذا الشأن" أي الولاية والإمرة، وقوله: "أشدهم له كراهية" أي أن الدخول في عهدة الإمرة مكروه من جهة تحمل المشقة فيه، وإنما تشتد الكراهة له ممن يتصف بالعقل والدين، لما فيه من صعوبة العمل بالعدل وحمل الناس على رفع الظلم، ولما يترتب عليه من مطالبة الله تعالى للقائم به من حقوق عباده، ولا يخفى خيرية من خاف مقام ربه. وأما قوله في الطريق التي بعد هذه "وتجدون من خير الناس أشد الناس كراهية لهذا الشأن حتى يقع فيه" فإنه قيد الإطلاق في الرواية الأولي وعرف أن من فيه مراده، وأن من اتصف بذلك لا يكون خير الناس على الإطلاق. وأما قوله: "حتى يقع فيه" فاختلف في مفهومه فقيل: معناه أن من لم يكن حريصا على الأمرة غير راغب فيها إذا حصلت له بغير سؤال تزول عنه الكراهة فيها لما يرى من إعانة الله له عليها، فيأمن على دينه ممن كان يخاف عليه منها قبل أن يقع فيها، ومن ثم أحب من أحب استمرار الولاية من السلف الصالح حتى قاتل عليها، وصرح بعض من عزل منهم بأنه لم تسره الولاية بل ساءه العزل. وقيل المراد بقوله: "حتى يقع فيه" أي فإذا وقع فيه لا يجوز له أن يكرهه، وقيل معناه أن العادة جرت بذلك وأن من حرص على الشيء ورغب في طلبه قل أن يحصل له، ومن أعرض عن الشيء وقلت رغبته فيه يحصل له غالبا والله أعلم. قوله: "وتجدون شر الناس ذا الوجهين" سيأتي شرحه في كتاب الأدب، فقد أورده من وجه آخر مستقلا. قوله: "الناس تبع لقريش" بمعنى الأمر، ويدل عليه قوله في رواية أخرى "قدموا قريشا ولا تقدموها" أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح، لكنه مرسل وله شواهد، وقيل: هو خبر على ظاهره، والمراد بالناس بعض الناس وهم سائر العرب من غير قريش، وقد جمعت في ذلك تأليفا سميته "لذة العيش بطرق الأئمة من قريش" وسأذكر مقاصده في كتاب الأحكام مع إيضاح هذه المسألة. قال عياض: استدل الشافعية بهذا الحديث على إمامة الشافعي وتقديمه على غيره، ولا حجة فيه لأن المراد به هنا الخلفاء. وقال القرطبي: صحبت المستدل بهذا غفلة مقارنة لصميم التقليد. وتعقب بأن مراد المستدل أن القرشية من أسباب الفضل والتقدم كما أن من أسباب التقدم الورع مثلا، فالمستويان في خصال الفضل إذا تميز أحدهما بالورع مثلا كان مقدما على رفيقه، فكذلك القرشية، فثبت الاستدلال بها على تقدم الشافعي ومزيته على من ساواه في العلم والدين لمشاركته له في الصفتين وتميز عليه بالقرشية، وهذا واضح، ولعل الغفلة والعصبية صحبت القرطبي فلله الأمر. وقوله: "كافرهم تبع لكافرهم" وقع مصداق ذلك لأن العرب كانت تعظم قريشا في الجاهلية بسكناها الحرم، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ودعا إلى الله بوقف غالب العرب عن اتباعه وقالوا ننظر ما يصنع قومه، فلما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة وأسلمت قريش تبعتهم العرب ودخلوا في دين الله أفواجا، واستمرت خلافة النبوة في قريش، فصدق أن كافرهم كان تبعا لكافرهم وصار مسلمهم تبعا لمسلمهم. الحديث الخامس: قوله: "حدثني عبد الملك" هو

(6/530)


ابن ميسرة، وقع منسوبا في تفسير حم عسق ويأتي شرحه مستوفى هناك، ودخوله في هذه الترجمة واضح من جهة تفسير المودة المطلوبة في الآية بصلة الرحم التي بينه وبين قريش وهم الذين خوطبوا بذلك، وذلك يستدعي معرفة النسب التي تحقق بها صلة الرحم، قال عكرمة: كانت قريش تصل الأرحام في الجاهلية، فلما دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله خالفوه وقاطعوه، فأمرهم بصلة الرحم التي بينه وبينهم. وسيأتي بيان الاختلاف في المراد بقوله: "المودة في القربى" في التفسير وقوله هنا: "إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا وله فيه قرابة فنزلت فيه إلا أن تصلوا قرابة بيني وبينكم" كذا وقع هنا من رواية يحيى، وهو القطان عن شعبة، ووقع في التفسير من رواية محمد بن جعفر وهو غندر عن شعبة بلفظ: "إلا كان له فيهم قرابة فقال إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة" وهذه الرواية واضحة والأولى مشكلة لأنها توهم أن المذكور بعد قوله: "فنزلت" من القرآن وليس كذلك، وقد مشى بعض الشراح على ظاهره فقال: كان هذا قرآنا فنسخ. وقال غيره يحتمل أن هذا الكلام معنى الآية فنسب إلى النزول مجازا، وهو كقول حسان في قصيدته المشهورة:
وقال الله قد أرسلت عبدا ... يقول الحق ليس به خفاء
يريد أنه من قول الله بالمعنى. قلت: والذي يظهر لي أن الضمير في قوله: "فنزلت" للآية المسئول عنها وهي قوله: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}. وقوله: "إلا أن تصلوا" كلام ابن عباس تفسير لقوله تعالى:{إلا المودة في القربى" وقد أوضحت ذلك رواية الإسماعيلي من طريق معاذ بن معاذ عن شعبة فقال في روايته: "فقال ابن عباس: إنه لم يكن بطن من بطون قريش إلا للنبي صلى الله عليه وسلم فيه قرابة فنزلت: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} إلا أن تصلوا قرابتي منكم" وله من طريق يزيد بن زريع عن شعبة مثله لكن قال: إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة فعرف بهذا أن المراد ذكر بعض الآية بالمعنى على جهة التفسير، وسبب ذلك خفاء معناها على سعيد بن جبير، وسيأتي ذكر ما يتعلق بذلك في التفسير إن شاء الله تعالى. قوله: "عن إسماعيل" هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن أبي حازم. قوله: "يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم" هذا صريح في رفعه، وليس صريحا في أن الصحابي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: "من ها هنا" أي المشرق. قوله: "جاءت الفتن" ذكره بلفظ الماضي مبالغة في تحقق وقوعه وإن كان المراد أن ذلك سيجيء. قوله: "نحو المشرق" أي وأشار إلى جهة المشرق، وقد تقدم في بدء الخلق من وجه آخر عن إسماعيل "حدثني قيس عن عقبة بن عمرو أبي مسعود قال إشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم" فذكر الحديث. قوله: "والجفاء وغلظ القلوب" قال القرطبي هما شيئان لمسمى واحد كقوله: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} والبث هو الحزن، ويحتمل أن يقال: المراد بالجفاء أن القلب لا يلين بالموعظة ولا يخشع لتذكره، والمراد بالغلظ أنها لا تفهم المراد ولا تعقل المعنى، وقد مضى في الرواية التي في بدء الخلق بلفظ: "القسوة" بدل الجفاء. قوله: "في الفدادين" تقدم شرحه في بدء الخلق. قال الكرماني: مناسبة هذا الحديث والذي بعده للترجمة من ضرورة أن الناس باعتبار الصفات كالقبائل، وكون الأتقى منهم هو الأكرم انتهى. ولقد أبعد النجعة، والذي يظهر أنها من جهة ذكر ربيعة ومضر، لأن معظم العرب يرجع نسبه إلى هذين الأصلين وهم كانوا أجل أهل المشرق، وقريش الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم أحد فروع مضر فأما أهل اليمن فتعرض لهم في الحديث الذي بعده، وسيأتي لهم ترجمة "من نسب العرب كلهم إلى إسماعيل". قوله في حديث أبي هريرة "والإيمان يمان والحكمة يمانية" ظاهره نسبة

(6/531)


الإيمان إلى اليمن لأن أصل يمان يمني فحذقت ياء النسب وعوض بالألف بدلها، وقوله: "يمانية" هو بالتخفيف، وحكى ابن السيد في "الاقتضاب" أن التشديد لغة. وحكى الجوهري وغيره أيضا عن سيبويه جواز التشديد في يماني وأنشد:
يمانيا يظل يشد كيرا ... وينفخ دائما لهب الشواظ
واختلف في المراد به فقيل معناه نسبة الإيمان إلى مكة لأن مبدأه منها، ومكة يمانية بالنسبة إلى المدينة. وقيل: المراد نسبة الإيمان إلى مكة والمدينة وهما يمانيتان بالنسبة للشام بناء على أن هذه المقالة صدرت من النبي صلى الله عليه وسلم وهو حينئذ بتبوك، ومؤيده قوله في حديث جابر عند مسلم: "والإيمان في أهل الحجاز"، وقيل المراد بذلك الأنصار لأن أصلهم من اليمن ونسب الإيمان إليهم لأنهم كانوا الأصل في نصر الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حكى جميع ذلك أبو عبيدة في "غريب الحديث" له. وتعقبه ابن الصلاح بأنه لا مانع من إجراء الكلام على ظاهره، وأن المراد تفضيل أهل اليمن على غيرهم من أهل المشرق، والسبب في ذلك إذعانهم إلى الإيمان من غير كبير مشقة على المسلمين، بخلاف أهل المشرق وغيرهم، ومن اتصف بشيء وقوي قيامه به نسب إليه إشعارا بكمال حاله فيه، ولا يلزم من ذلك نفي الإيمان عن غيرهم، وفي ألفاظه أيضا ما يقتضي أنه أراد به أقواما بأعيانهم فأشار إلى من جاء منهم لا إلى بلد معين، لقوله في بعض طرقه في الصحيح "أتاكم أهل اليمن، هم ألين قلوبا وأرق أفئدة. الإيمان يمان والحكمة يمانية، ورأس الكفر قبل المشرق" ولا مانع من إجراء الكلام على ظاهره وحمل أهل اليمن على حقيقته. ثم المراد بذلك الموجود منهم حينئذ لأكل أهل اليمن في كل زمان، فإن اللفظ لا يقتضيه. قال: والمراد بالفقه الفهم في الدين، والمراد بالحكمة العلم المشتمل على المعرفة بالله انتهى. وقد أبعد الحكيم الترمذي حيث زعم أن المراد بذلك شخص خاص وهو أويس القرني، وسيأتي في "باب ذكر قحطان" زيادة في هذا والله أعلم. قوله: "قال أبو عبد الله" هو المصنف. قوله: "سميت اليمن لأنها عن يمين الكعبة" هو قول أبي عبيدة قاله في تفسير الواقعة، وروى عن قطرب قال: إنما سمي اليمن يمنا ليمنه والشام شأما لشؤمه. وقال الهمداني في "الأنساب": لما ظعنت العرب العاربة أقبل بنو قطن بن عامر فتيامنوا، فقالت العرب: تيامنت بنو قطن فسموا اليمن، وتشاءم الآخرون فسموا شاما. وقيل إن الناس لما تفرقت ألسنتهم حين تبلبلت ببابل أخذ بعضهم عن يمين الكعبة فسموا يمنا وأخذ بعضهم عن شمالها فسموا شاما، وقيل إنما سميت اليمن بيمن بن قحطان وسميت الشام بسام بن نوح، وأصله شام بالمعجمة ثم عرب بالمهملة. قوله: "والمشأمة الميسرة إلخ" يريد أنهما بمعنى، قال أبو عبيدة في تفسير قوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} أي أصحاب الميسرة، ويقال لليد اليسرى الشؤمى قال: ويقال للجانب الأيسر الأشأم انتهى، ويقال: المراد بأصحاب المشأمة أصحاب النار لأنهم يمر بهم إليها وهي على ناحية الشمال، ويقال لهم ذلك لأنهم يتناولون كتبهم بالشمال، والله تعالى أعلم.

(6/532)


2 - باب مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ
3500- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ

(6/532)


أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلاَ تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَالأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ هَذَا الأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لاَ يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلاَّ كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ".
[الحديث 3500 – طرفه في: 7139]
3501- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لاَ يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اثْنَانِ".
[الحديث 3501 – طرفه في: 7140]
3502- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطَيْتَ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَتَرَكْتَنَا وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ. فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ".
3503- وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ مُحَمَّدٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ ذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَعَ أُنَاسٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ إِلَى عَائِشَةَ وَكَانَتْ أَرَقَّ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ لِقَرَابَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
[الحديث 3503 – طرفاه في: 3505، 6073]
3504- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ وَجُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَأَشْجَعُ وَغِفَارُ مَوَالِيَّ لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ".
[الحديث 3504 – طرفه في: 3512]
3505- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: "كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَحَبَّ الْبَشَرِ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِهَا وَكَانَتْ لاَ تُمْسِكُ شَيْئًا مِمَّا جَاءَهَا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ إِلاَّ تَصَدَّقَتْ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْهَا فَقَالَتْ أَيُؤْخَذُ عَلَى يَدَيَّ عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ فَاسْتَشْفَعَ إِلَيْهَا بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَبِأَخْوَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَامْتَنَعَتْ فَقَالَ لَهُ الزُّهْرِيُّونَ أَخْوَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ

(6/533)


إِذَا اسْتَأْذَنَّا فَاقْتَحِمْ الْحِجَابَ فَفَعَلَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِعَشْرِ رِقَابٍ فَأَعْتَقَتْهُمْ ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تُعْتِقُهُمْ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ فَقَالَتْ وَدِدْتُ أَنِّي جَعَلْتُ حِينَ حَلَفْتُ عَمَلًا أَعْمَلُهُ فَأَفْرُغُ مِنْهُ".
قوله: "باب مناقب قريش" هم ولد النضر بن كنانة، وبذلك جزم أبو عبيدة أخرجه ابن سعد عن أبي بكر بن الجهم، وروى عن هشام بن الكلبي عن أبيه: كان سكان مكة يزعمون أنهم قريش دون سائر بني النضر حتى رحلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: من قريش؟ قال: من ولد النضر بن كنانة. وقيل: إن قريشا هما ولد فهر بن مالك بن النضر، وهذا قول الأكثر وبه جزم مصعب قال: ومن لم يلده فهر فليس قرشيا، وقد قدمت مثله عن ابن الكلبي. وقيل: أول من نسب إلى قريش قصي بن كلاب، فروى ابن سعد أن عبد الملك بن مروان سأل محمد بن جبير: متى سميت قريش قريشا؟ قال: حين اجتمعت إلى الحرم بعد تفرقها. فقال: ما سمعت بهذا، ولكن سمعت أن قصيا كان يقال له القرشي، ولم يسم أحد قريشا قبله. وروى ابن سعد من طريق المقداد: لما فرغ قصي من نفي خزاعة من الحرم تجمعت إليه قريش فسميت يومئذ قريشا لحال تجمعها، والتقرش التجمع. وقيل: لتلبسهم بالتجارة، وقيل: لأن الجد الأعلى جاء في ثوب واحد متجمعا فيه فسمى قريشا، وقيل: من التقرش وهو أخذ الشيء أولا فأولا. وقد أكثر ابن دحية من نقل الخلاف في سبب تسمية قريش قريشا ومن أول من تسمى به. وحكى الزبير بن بكار عن عمه مصعب أن أول من تسمى قريشا قريش بن بدر بن مخلد بن النضر بن كنانة، وكان دليل بني كنانة في حروبهم، فكان يقال قدمت عير قريش، فسميت قريش به قريشا، وأبوه صاحب بدر الموضع الموضع. وقال المطرزي: سميت قريش بدابة في البحر هي سيدة الدواب البحرية، وكذلك قريش سادة الناس، قال الشاعر:
وقريش هي التي تسكن البحر ... بها سميت قريش قريشا
تأكل الغث والسمين ولا تترك ... فيه لذي جناحين ريشا
هكذا في البلاد حي قريش ... يأكلون البلاد أكلا كميشا
ولهم آخر الزمان نبي ... يكثر القتل فيهم والخموشا
وقال صاحب "المحكم": قريش دابة في البحر لا تدع دابة في البحر إلا أكلتها، فجميع الدواب تخافها. وأنشد البيت الأول. قلت: والذي سمعته من أفواه أهل البحر: القرش بكسر القاف وسكون الراء، لكن البيت المذكور شاهد صحيح فلعله من تغيير العامة، فإن البيت الأخير من الأبيات المذكورة يدل على أنه من شعر الجاهلية ثم ظهر لي أنه مصغر القرش الذي بكسر القاف. وقد أخرج البيهقي من طريق ابن عباس قال: قريش تصغير قرش وهي دابة في البحر لا تمر بشيء من غث ولا سمين إلا أكلته، وقيل: سمي قريشا لأنه كان يقرش عن خلة الناس وحاجتهم ويسدها، والتقريش هو التفتيش، وقيل: سموا بذلك لمعرفتهم بالطعان، والتقريش وقع الأسنة، وقيل: التقرش التنزه عن رذائل الأمور، وقيل: هو من أقرشت الشجة إذا صدعت العظم ولم تهشمه، وقيل: أقرش بكذا إذا سعى فيه فوقع له، وقيل غير ذلك. ثم ذكر المصنف في الباب خمسة أحاديث: الأول: قوله: "كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث" سيأتي في الأحكام الرد على من زعم أن الزهري لم يسمعه من المذكور وأذكر إن شاء

(6/534)


الله شرح هذه المسألة هناك. قوله: "من قحطان" هو جماع اليمن، وفي إنكار معاوية ذلك نظر لأن الحديث الذي استدل به مقيد بإقامة الدين فيحتمل أن يكون خروج القحطاني إذا لم تقم قريش أمر الدين وقد وجد ذلك، فإن الخلافة لم تزل في قريش والناس في طاعتهم إلى أن استخفوا بأمر الدين فضعف أمرهم وتلاشى إلى أن لم يبق لهم من الخلافة سوى اسمها المجرد في بعض الأقطار دون أكثرها، وسيأتي مصداق قول عبد الله بن عمرو بعد قليل من حديث أبي هريرة، وقول عبد الله بن عمرو "يكون ملك من قحطان" بين نعيم بن حماد في كتاب الفتن من وجه قوي عن عمرو بن عقبة بن أوس عن عبد الله بن عمرو أنه ذكر الخلفاء ثم قال: "ورجل من قحطان" وأخرجه بإسناد جيد أيضا من حديث ابن عباس قال فيه: "ورجل من قحطان كلهم صالح" وروى أحمد والطبراني من حديث ذي مخمر الحبشي مرفوعا: "كان الملك قبل قريش في حمير وسيعود إليهم" وقال ابن التين: إنكار معاوية على عبد الله بن عمرو لأنه حمله على ظاهره، وقد يخرج القحطاني في ناحية لا أن حكمه يشمل الأقطار، وهذا الذي قاله بعيد من ظاهر الخبر. الحديث الثاني: قوله: "إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد" هي رواية الأكثر ووقع للحموي "سي واحد" بكسر المهملة وتشديد التحتانية، وحكى ابن التين أن أكثر الروايات بالمعجمة وأن فيها أحد بدل واحد. واستشكله بأن لفظ أحد إنما يستعمل في النفي تقول ما جاءني أحد، وأما في الإثبات فتقول جاءني واحد. قوله: "وقال الليث حدثني أبو الأسود محمد" أي ابن عبد الرحمن "عن عروة بن الزبير قال: ذهب عبد الله بن الزبير مع أناس من بني زهرة إلى عائشة وكانت أرق شيء عليهم لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم" هذا طرف من الحديث الذي أورده موصولا بعده عن عبد الله بن يوسف عن الليث وفيه بيان السبب في ذلك، ولم أره في جميع النسخ إلا هكذا معلقا، وقرابة بني زهرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجهين: أحدهما: أنهم أقارب أمه لأنها آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة، والثاني: أنهم إخوة قصي بن كلاب بن مرة وهو جد والد جد النبي صلى الله عليه وسلم، والمشهور عند جميع أهل النسب أن زهرة اسم الرجل، وشذ ابن قتيبة فزعم أنه اسم امرأته وأن ولدها غلب عليهم النسب إليها، وهو مردود بقول إمام أهل النسب هشام بن الكلبي، أن اسم زهرة المغيرة، فإن ثبت قول ابن قتيبة فالمغيرة اسم الأب وزهرة اسم امرأته فنسب أولادهما إلى أمهم ثم غلب ذلك حتى ظن أن زهرة اسم الأب فقيل زهرة بن كلاب، وزهرة بضم الزاي بلا خلاف. قوله: "حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان" هو الثوري "عن سعد بن إبراهيم" أي ابن عبد الرحمن بن عوف "ح قال يعقوب بن إبراهيم" أي ابن سعد بن إبراهيم "حدثنا أبي عن أبيه" أما طريق أبي نعيم فسيأتي بهذا المتن بعد ثلاثة أبواب مع شرح الحديث. وأما طريق يعقوب بن إبراهيم فقال أبو مسعود: حمل البخاري متن حديث يعقوب على متن حديث الثوري، ويعقوب إنما قال عن أبيه عن صالح بن كيسان عن الأعرج كما أخرج مسلم ولفظه: "غفار وأسلم ومزينة ومن كان من جهينة خير عند الله من أسد وغطفان وطيىء" انتهى. فحاصله أن رواية يعقوب مخالفة لرواية الثوري في المتن والإسناد، لأن الثوري يرويه عن سعد بن إبراهيم عن الأعرج ويعقوب يرويه عن أبيه عن صالح عن الأعرج. قلت: ولم يصب أبو مسعود فيما جزم به فإنهما حديثان متغايران متنا وإسنادا، ورى كلا منهما إبراهيم بن سعد: أحدهما: الذي أخرجه مسلم وهو عنده عن صالح عن الأعرج والآخر: الذي علقه البخاري وهو عند أبيه عن الأعرج؛ ولو كان كما قال أبو مسعود لاقتضى أن البخاري أخطأ في قوله: "حدثنا أبي عن أبيه حدثني الأعرج" وكان الصواب أن يقول حدثنا أبي عن

(6/535)


صالح عن الأعرج ونسبة البخاري إلى الوهم في ذلك لا تقبل إلا ببيان واضح قاطع، ومن أين يوجد وقد ضاق مخرجه على الإسماعيلي، فأخرجه من طريق البخاري نفسه معلقا ولم يتعقبه، ولا يلزم من عدم وجود هذا المتن بهذا الإسناد بعد التتبع عدمه في نفس الأمر، والله أعلم. الحديث الثالث: حديث ابن عمر "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان" قال الكرماني: ليست الحكومة في زمننا لقريش فكيف الحديث؟ وأجاب عن ذلك بأن في بلاد الغرب خليفة من قريش وكذا في مصر، وتعقب بأن الذي في الغرب هو الحفصي صاحب تونس وغيرها وهو منسوب إلى أبي حفص رقيق عبد المؤمن صاحب ابن تومرت الذي كان على رأس المائة السادسة ادعى أنه المهدي ثم غلب أتباعه على معظم الغرب وسموا بالخلافة وهم عبد المؤمن وذريته، ثم انتقل ذلك إلى ذرية أبي حفص ولم يكن عبد المؤمن من قريش؛ وقد تسمى بالخلافة هو وأهل بيته. وأما أبو حفص فلم يكن يدعي أنه من قريش في زمانه، وإنما ادعاه بعض ولده لما غلبوا على الأمر فزعموا أنهم من ذرية أبي حفص عمر بن الخطاب، وليس بيدهم الآن إلا المغرب الأدنى، وأما الأقصى فمع بني الأحمر وهم منسوبون إلى الأنصار، وأما الأوسط فمع بني مريم وهم من البربر. وأما قوله: "فخليفة من مصر" فصحيح(1) ولكنه لا حل بيده ولا ربط وإنما له من الخلافة الاسم فقط، وحينئذ هو خبر بمعنى الأمر وإلا فقد خرج هذا الأمر عن قريش في أكثر البلاد، ويحتمل حمله على ظاهره وأن المتغلبين على النظر في أمر الرعية في معظم الأقطار وإن كانوا من غير قريش لكنهم معترفون أن الخلافة في قريش ويكون المراد بالأمر مجرد التسمية بالخلافة لا الاستقلال بالحكم، والأول أظهر، والله أعلم. الحديث الرابع: حديث جبير بن مطعم في السؤال عن بني نوفل وعبد شمس، تقدم شرحه في كتاب الخمس. قوله: "كان عبد الله بن الزبير أحب البشر إلى عائشة" هو ابن أختها أسماء بنت أبي بكر وكانت قد تولت تربيته حتى كانت تكنى به. قوله: "وكانت لا تمسك شيئا" أي لا تدخر شيئا مما يأتيها من المال. "ينبغي أن يؤخذ على يديها" أي يحجر عليها وصرح بذلك في حديث المسور بن مخرمة كما سيأتي بأوضح من هذا السياق لهذه القصة في كتاب الأدب وسأذكر شرحه هناك إن شاء الله تعالى. قوله: "وقالت وددت أني جعلت حين حلفت عملا أعمله فأفرغ منه" استدل به على انعقاد النذر المجهول، وهو قول المالكية لكنهم يجعلون فيه كفارة يمين، وظاهر قول عائشة وصنيعها أن ذلك لا يكفي وأنه يحمل على أكثر ما يمكن أن ينذر، ويحتمل أن تكون فعلت ذلك تورعا لتيقن براءة الذمة، وأبعد من قال تمنت أن يدوم لها العمل الذي عملته للكفارة أي تصير تعتق دائما، وكذا من قال تمنت أنها بادرت إلى الكفارة حين حلفت ولم تكن هجرت عبد الله بن الزبير تلك المدة، ووجه بعد الأول أنه لم يكن في السياق ما يقتضي منعها من العتق فكيف تتمنى ما لا مانع لها من إيقاعه؟ ثم أنه يقيد باقتدارها عليه لا إلزامها به مع عدم الاقتدار، وأما بعد الثاني فلقولها في بعض طرق الحديث كما سيأتي إنها كانت تذكر نذرها فتبكي حتى يبل دمعها خمارها، فإن فيه إشارة إلى أنها كانت تظن أنها ما وفت بما يجب عليها من الكفارة. واستشكل ابن التين وقوع
ـــــــ
(1) بل هو غير صحيح. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الطبعة الجديدة بالرياض من فتاويه (ج4 ص508): "وكانوا يقولون إنهم من أولاد فاطمة ويدعون الشرف، وأهل العلم بالنسب يقولون: ليس لهم نسب صحيح. ويقال: إن جدهم كان ربيب الشريف الحسيني، فادعوا الشرف لذلك". وانظر في مجلة الأزهر (25: 613) مقالة لنا عن اعتراف الإسماعيليين بأن عبيد الله المهدي من ذرية القداح، وأنهم يقولون بالتبني الروحي خصوصا في توارثهم إمامة دعوتهم – محب الدين.

(6/536)


الحنث عليها بمجرد دخول ابن الزبير مع الجماعة قال: إلا أن يكون لما سلموا عند دخولهم ردت عليهم السلام وهو في جملتهم فوقع الحنث قبل أن يقتحم الحجاب انتهى. وغفل عما وقع في حديث المسور الذي أشرت إليه وفيه: "فقالت عائشة إني نذرت والنذر شديد فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير" مع أن التأويل الذي تأوله ابن التين لو لم يرد هذا التصريح لكان متعقبا، ووجهه أنه يجوز لها رد السلام عليهم إذا نوت إخراجه ولا تحنث بذلك، والله أعلم.

(6/537)


3 - باب نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ
3506- حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن بن شهاب عن أنس "أن عثمان دعا زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: "إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم" ففعلوا ذلك".
[الحديث 3506 – طرفاه في: 4984، 4987]
قوله: "باب نزل القرآن بلسان قريش" أورد فيه طرفا من حديث أنس في أمر عثمان بكتابة المصاحف، وسيأتي مبسوطا مشروحا في فضائل القرآن. ووجه دخوله في مناقب قريش ظاهر. والله أعلم.

(6/537)


4 - باب نِسْبَةِ الْيَمَنِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ مِنْهُمْ أَسْلَمُ بْنُ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ
3507- حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن يزيد بن أبي عبيد حدثنا سلمة رضي الله عنه قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم من أسلم يتناضلون بالسوق فقال: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا وأنا مع بني فلان ـ لأحد الفريقين ـ فأمسكوا بأيديهم. فقال: ما لهم؟ قالوا: وكيف نرمي وأنت مع بني فلان؟ قال: ارموا وأنا معكم كلكم".
قوله: "باب نسبة اليمن إلى إسماعيل" أي ابن إبراهيم الخليل. ونسبة مضر وربيعة إلى إسماعيل متفق عليها. وأما اليمن فجماع نسبهم ينتهي إلى قحطان، واختلف في نسبه فالأكثر أنه ابن عابر بن شالخ بن أرفشخذ بن سام بن نوح، وقيل هو من ولد هود عليه السلام، وقيل ابن أخيه. ويقال إن قحطان أول من تكلم بالعربية وهو والد العرب المتعربة، وأما إسماعيل فهو والد العرب المستعربة، وأما العرب العاربة فكانوا قبل ذلك كعاد وثمود وطسم وجديس وعمليق وغيرهم. وقيل: إن قحطان أول من قيل له أبيت اللعن وعم صباحا، وزعم الزبير بن بكار إلى أن قحطان من ذرية إسماعيل وأنه قحطان بن الهميسع بن تيم بن نبت بن إسماعيل عليه السلام، وهو ظاهر قول أبي هريرة المتقدم في قصة هاجر حيث قال وهو يخاطب الأنصار "فتلك أمكم يا بني ماء السماء" هذا

(6/537)


5 - باب
3508- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدِّيلِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ كَفَرَ وَمَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ".
[الحديث 3508 – طرفه في: 6045]

(6/539)


3509- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا حَرِيزٌ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ يَقُولُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ أَوْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ".
3510- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا مِنْ هَذَا الْحَيِّ مِنْ رَبِيعَةَ قَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ فَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَرَامٍ فَلَوْ أَمَرْتَنَا بِأَمْرٍ نَأْخُذُهُ عَنْكَ وَنُبَلِّغُهُ مَنْ وَرَاءَنَا قَالَ آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَى اللَّهِ خُمْسَ مَا غَنِمْتُمْ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ".
3511- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: "أَلاَ إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا يُشِيرُ إِلَى الْمَشْرِقِ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ".
قوله: "باب" كذا هو بلا ترجمة وهو كالفصل من الباب الذي قبله، ووجه تعلقه به من الحديثين الأولين ظاهر وهو الزجر عن الادعاء إلى غير الأب الحقيقي، لأن اليمن إذا ثبت نسبهم إلى إسماعيل فلا ينبغي لهم أن ينسبوا إلى غيره، وأما الحديث الثالث فله تعلق بأصل الباب وهو أن عبد القيس ليسوا من مضر، وأما الرابع فللإشارة إلى ما وقع في بعض طرقه من الزيادة بذكر ربيعة ومضر. فأما حديث أبي ذر فقوله في الإسناد "عن الحسين" هو ابن واقد المعلم، ووقع في رواية مسلم: "حدثنا حسين المعلم". وقوله: "عن أبي ذر" في رواية الإسماعيلي: "حدثني أبو ذر" وفي الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق، وقوله: "ليس من رجل" من زائدة، والتعبير بالرجل للغالب وإلا فالمرأة كذلك حكمها. قوله: "ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله" كذا وقع هنا كفر بالله ولم يقع قوله: "بالله" في غير رواية أبي ذر ولا في رواية مسلم ولا الإسماعيلي وهو أولى، وإن ثبت ذاك فالمراد من استحل ذلك مع علمه بالتحريم، وعلى الرواية المشهورة فالمراد كفر النعمة، وظاهر اللفظ غير مراد وإنما ورد على سبيل التغليظ والزجر لفاعل ذلك، أو المراد بإطلاق الكفر أن فاعله فعل فعلا شبيها بفعل أهل الكفر، وقد تقدم تقرير هذه المسألة في كتاب الإيمان، وقوله: "ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار" في رواية مسلم والإسماعيلي: "ومن ادعى ما ليس له فليس منا، وليتبوأ مقعده من النار" وهو أعم مما تدل عليه رواية البخاري، على أن لفظة "نسب" وقعت في رواية الكشميهني دون غيره ومع حذفها يبقى متعلق الجار والمجرور محذوفا فيحتاج إلى تقدير، ولفظ نسب أولى ما قدر لوروده في بعض الروايات. وقوله: "فليتبوأ" أي ليتخذ منزلا من النار، وهو إما دعاء أو خبر بلفظ الأمر، ومعناه هذا جزاؤه إن جوزي، وقد يعفى عنه، وقد

(6/540)


يتوب فيسقط عنه، وقد تقدم تقرير ذلك في كتاب الإيمان(1) في حديث: "من كذب علي" وفي الحديث تحريم الانتفاء من النسب المعروف والادعاء إلى غير، وقيد في الحديث بالعلم ولا بد منه في الحالتين إثباتا ونفيا لأن الإثم إنما يترتب على العالم بالشيء المتعمد له، وفيه جواز إطلاق الكفر على المعاصي لقصد الزجر كما قررناه، ويؤخذ من رواية مسلم تحريم الدعوى بشيء ليس هو للمدعي، فيدخل فيه الدعاوي الباطلة كلها مالا وعلما وتعلما ونسبا وحالا وصلاحا ونعمة وولاء وغير ذلك، ويزداد التحريم بزيادة المفسدة المترتبة على ذلك، واستدل به ابن دقيق العيد للمالكية في تصحيحهم الدعوى على الغائب بغير مسخر لدخول المسخر في دعوى ما ليس له وهو يعلم أنه ليس له، والقاضي الذي يقيمه أيضا يعلم أن دعواه باطلة، قال: وليس هذا القانون منصوصا في الشرع حتى يخص به عموم هذا الوعيد، وإنما المقصود إيصال الحق لمستحقه فترك مراعاة هذا القدر، وتحصيل المقصود من إيصال الحق لمستحقه أولى من الدخول تحت هذا الوعيد العظيم. قوله: "حدثنا علي بن عياش" بتحتانية ومعجمة. قوله: "حدثنا حريز" هو بفتح المهملة وكسر الراء وآخره زاي وهو ابن عثمان الحمصي من صغار التابعين، وهذا الإسناد من عوالي البخاري، وشيخه عبد الواحد بن عبد الله النصري بالنون المفتوحة بعدها صاد مهملة وهو دمشقي، واسم جده كعب بن عمير ويقال بسر بن كعب، وهو من بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، وهو من صغار التابعين، ففي الإسناد رواية القرين عن القرين، وقد ولي إمرة الطائف لعمر بن عبد العزيز، ثم ولي إمرة المدينة ليزيد بن عبد الملك، وكان محمود السيرة ومات سنة بضع ومائة، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد. وقد رواه عنه أيضا زيد بن أسلم وهو أكبر منه سنا ولقاء للمشايخ. لكنه أدخل بين عبد الواحد وواثلة عبد الوهاب بن بخت رأيته في مستخرج ابن عبدان على الصحيحين من رواية هشام بن سعد عن زيد وهشام فيه مقال، وهذا عندي من المزيد في متصل الأسانيد، أو هو مقلوب كأنه عن زيد بن أسلم عن عبد الوهاب بن بخت عن عبد الواحد، والله أعلم. قوله: "إن من أعظم الفرا" بكسر الفاء مقصور وممدود وهو جمع فرية والفرية الكذب والبهت تقول فرى بفتح الراء فلان كذا إذا اختلق يفري بفتح أوله وافترى اختلق. قوله: "أو يري" بضم التحتانية أوله وكسر الراء أي يدعي أن عينيه رأتا في المنام شيئا ما رأتاه، ولأحمد وابن حبان والحاكم من وجه آخر عن واثلة "أن يفتري الرجل على عينيه فيقول رأيت ولم ير في المنام شيئا". قوله: "أو يقول" بفتح التحتانية أوله وضم القاف وسكون الواو. وفي رواية المستملي بفتح المثناة والقاف وتثقيل الواو المفتوحة. وفي الحديث تشديد الكذب في هذه الأمور الثلاثة وهي الخبر عن الشيء أنه رآه في المنام ولم يكن رآه، والادعاء إلى غير الأب، والكذب على النبي صلى الله عليه وسلم. فأما هذا الأخير فتقدم البحث فيه في كتاب العلم، وأما ما يتعلق بالمنام فيأتي في التعبير، وأما الادعاء فتقدم قريبا فيما قبله، وتقدم بيان الحكمة في التشديد فيه، والحكمة في التشديد في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم واضح فإنه إنما يخبر عن الله فمن كذب عليه كذب على الله عز وجل، وقد اشتد النكير على من كذب على الله تعالى في قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ} فسوى بين من كذب عليه وبين الكافر. وقال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} والآيات في ذلك متعددة، وقد تمسك بعض أهل الجهل بقوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ}
ـــــــ
(1) صوابه "كتاب العلم".

(6/541)


وجاء في بعض طرق الحديث: "من كذب علي" وأما المنام فإنه لما كان جزءا من الوحي كان المخبر عنه بما لم يقع كالمخبر عن الله بما لم يلقه إليه، أو لأن الله يرسل ملك الرؤيا فيرى النائم ما شاء، فإذا أخبر عن ذلك بالكذب يكون كاذبا على الله وعلى الملك، كما أن الذي يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ينسب إليه شرعا لم يقله، والشرع غالبا إنما تلقاه النبي صلى الله عليه وسلم على لسان الملك فيكون الكاذب في ذلك كاذبا على الله وعلى الملك. الحديث الثالث: حديث ابن عباس "قدم وفد عبد القيس" تقدم الكلام عليه في كتاب الإيمان، ويأتي ما يتعلق بالأشربة منه في موضعه إن شاء الله تعالى. وقوله: "عن أبي جمرة" هو بالجيم، وقوله: "آمركم بأربعة وأنهاكم عن أربعة" في رواية الكشميهني: "بأربع" في الموضعين، والشيء إذا لم يذكر مميزه يجوز تذكيره وتأنيثه، ومناسبة هذا الحديث للترجمة من جهة أن جل العرب هم ربيعة ومضر، ولا خلاف في نسبتهم إلى إسماعيل. الحديث الرابع: حديث ابن عمر في أن الفتنة من قبل المشرق، وقد تقدم قريبا، ويأتي شرحه في كتاب الفتن أن شاء الله تعالى. ومناسبته للترجمة من جهة ذكر المشرق، وكلهم من مضر وربيعة كما تقدم قريبا. وفي بعض طرق هذا الحديث: "والإيمان يمان" ففيه إشارة إلى ذكر الأصول الثلاثة، فاثنان لا خلاف أنهم من بني إسماعيل وإنما الخلاف في الثالث.

(6/542)


باب ذكر أسلم و غفار و مزينة و جهينة و أشجع
...
6 - باب ذِكْرِ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ وَأَشْجَعَ
3512- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ وَجُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارُ وَأَشْجَعُ مَوَالِيَّ لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ".
3513- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحٍ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "عَلَى الْمِنْبَرِ غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَعُصَيَّةُ عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ".
3514- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَغِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا".
3515- حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارُ خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي أَسَدٍ وَمِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ فَقَالَ رَجُلٌ خَابُوا وَخَسِرُوا فَقَالَ هُمْ خَيْرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَمِنْ بَنِي أَسَدٍ وَمِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ".
[الحديث 3515 – طرفاه في: 3516، 6635]
3516- حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ

(6/542)


الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ وَأَحْسِبُهُ وَجُهَيْنَةَ ابْنُ أَبِي يَعْقُوبَ شَكَّ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ وَأَحْسِبُهُ وَجُهَيْنَةُ خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي عَامِرٍ وَأَسَدٍ وَغَطَفَانَ خَابُوا وَخَسِرُوا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ لَخَيْرٌ مِنْهُمْ".
3523- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَشَيْءٌ مِنْ مُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ أَوْ قَالَ شَيْءٌ مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ مُزَيْنَةَ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ أَوْ قَالَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَسَدٍ وَتَمِيمٍ وَهَوَازِنَ وَغَطَفَانَ".
قوله: "باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع" هذه خمس قبائل كانت في الجاهلية في القوة والمكانة دون بني عامر بن صعصعة وبني تميم بن مر وغيرهما من القبائل، فلما جاء الإسلام كانوا أسرع دخولا فيه من أولئك فانقلب الشرف إليهم بسبب ذلك، فأما أسلم فقد تقدم ذكر نسبهم في الباب الماضي، وأما غفار فبكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء وهم بنو غفار بن مليل بميم ولامين مصغر ابن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وسبق منهم إلى الإسلام أبو ذر الغفاري وأخوه أنيس كما سيأتي شرح ذلك قريبا، ورجع أبو ذر إلى قومه فأسلم الكثير منهم. وأما مزينة فبضم الميم وفتح الزاي وسكون التحتانية بعدها نون وهو اسم امرأة عمرو بن أد بن طابخة بالموحدة ثم المعجمة ابن إلياس بن مضر، وهي مزينة بنت كلب بن وبرة، وهي أم أوس وعثمان ابني عمرو، فولد هذين يقال لهم بنو مزينة والمزنيون، ومن قدماء الصحابة منهم عبد الله بن مغفل بن عبد نهم المزني وعمه خزاعي بن عبد نهم وإياس بن هلال وابنه قرة بن إياس وهذا جد القاضي إياس بن معاوية بن قرة وآخرون وأما جهينة فهم بنو جهينة بن زيد بن عقبة بن عامر الجهني وغيره، واختلف في قضاعة فالأكثر أنهم من حمير فيرجع نسبهم إلى قحطان، وقيل هم من ولد معد بن عدنان. وأما أشجع فبالمعجمة والجيم وزن أحمر وهم بنو أشجع بن ريث بفتح الراء وسكون التحتانية بعدها مثلثة ابن غطفان بن سعد بن قيس، من مشهوري الصحابة منهم نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف. والحاصل أن هذه القبائل الخمس من مضر، أما مزينة وغفار وأشجع فبالاتفاق، وأما أسلم وجهينة فعلى قول ويرجحه أن الذين ذكروا في مقابلهم وهم تميم وأسد وغطفان وهوازن جميعهم من مضر بالاتفاق، وكانت منازل بني أسد بن خزيمة ظاهر مكة حتى وقع بينهم وبين خزاعة فقتل فضالة بن عبادة بن مرارة الأسدي هلال بن أمية الخزاعي فقتلت خزاعة فضالة بصاحبها فنشبت الحرب بينهم فبرحت بنو أسد عن منازلهم فحالفوا غطفان فصار يقال للطائفتين الحليفان أسد وغطفان، وتأخر من بني أسد آل جحش بن رياب فحالفوا بن أمية، فلما أسلم آل جحش وهاجروا احتوى أبو سفيان على دورهم بذلك الحلف، ذكر ذلك عمر بن شبة في "أخبار مكة". قوله: "قريش والأنصار" تقدم ذكر قريش، وسيأتي ذكر الأنصار في

(6/543)


أوائل الهجرة. قوله: "موالي" بتشديد التحتانية إضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي أنصاري، وهذا هو المناسب هنا وإن كان للموالي عدة معان، ويروى بتخفيف التحتانية والمضاف محذوف أي موالي الله ورسوله، ويدل عليه قوله: "ليس لهم مولى دون الله ورسوله" وهذه فضيلة ظاهرة لهؤلاء القبائل، والمراد من آمن منهم، والشرف يحصل للشيء إذا حصل لبعضه، قيل إنما خصوا بذلك لأنهم بادروا إلى الإسلام فلم يسبوا كما سبي غيرهم، وهذا إذا سلم يحمل على الغالب، وقيل: المراد بهذا الخبر النهي عن استرقاقهم وأنهم لا يدخلون تحت الرق، وهذا بعيد. الحديث الثاني: حديث: "غفار غفر الله لها". قوله: "حدثنا محمد بن غرير" هو بالمعجمة والراء المكررة مصغر. قوله: "أن عبد الله" هو ابن عمر.قوله: "غفار غفر الله لها" هو لفظ خبر يراد به الدعاء، ويحتمل أن يكون خبرا على بابه، ويؤيده قوله في آخره: "وعصية عصت الله ورسوله" وعصية هم بطن من بني سليم ينسبون إلى عصية بمهملتين مصغر ابن خفاف بضم المعجمة وفاءين مخفف ابن امرئ القيس بن بهثة بضم الموحدة وسكون الهاء بعدها مثلثة ابن سليم، وإنما قال فيهم صلى الله عليه وسلم ذلك لأنهم عاهدوه فغدروا كما سيأتي بيان ذلك في كتاب المغازي في غزوة بئر معونة، وقد تقدمت له طرق في الاستسقاء، وحكى ابن التين أن بني غفار كانوا يسرقون الحاج في الجاهلية فدعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أسلموا ليمحي عنهم ذلك العار، ووقع في هذا الحديث من استعمال جناس الاشتقاق ما يلذ على السمع لسهولته وانسجامه، وهو من الاتفاقات اللطيفة. "تنبيه": وقع هنا في رواية كريمة وغيرها "باب ابن أخت القوم منهم" وذكر فيه حديث أنس في ذلك، وهو عند ابن ذر قبل "باب قصة الحبش" وسيأتي. ووقع بعده أيضا عندهم "باب قصة زمزم" وفيه حديث إسلام أبي ذر، وهو عند أبي ذر بعد "باب قصة خزاعة" وسيأتي شرح هذين البابين في مكانهما إن شاء الله تعالى. الحديث الثالث: قوله: "حدثنا محمد" هو ابن سلام، وقرأت بخط مغلطاي: قيل هو ابن سلام وقيل ابن يحيى الذهلي، وهذا الثاني وهم فإن الذهلي لم يدرك عبد الوهاب الثقفي، والصواب أنه ابن سلام كما ثبت عند أبي علي بن السكن في غير هذا الحديث، ويحتمل أن يكون ابن حوشب فقد خرج البخاري في تفسير {اقْتَرَبَتِ} وفي الإكراه عن محمد بن عبد الله بن حوشب عن عبد الله الثقفي فهو أولى أن يفسر به من محمد بن يحيى، وقد أخرجه الإسماعيلي وأبو يعلى من طريق محمد بن المثنى عن عبد الوهاب فيحتمل أن يكون هو فإنه من شيوخ البخاري. قوله: "عن أيوب" هو السختياني، ومحمد هو ابن سيرين، وذكر الإسماعيلي عن المنيعي أن عبد الوهاب الثقفي تفرد برواية هذا الحديث عن أيوب. الحديث الرابع: قوله: "أرأيتم" المخاطب بذلك الأقرع بن حابس كما في الرواية التي بعدها. قوله: "خيرا من بني تميم" أي ابن مر بضم الميم وتشديد الراء ابن أد بضم الألف وتشديد الدال ابن طابخة بن إلياس بن مضر، وفيهم بطون كثيرة جدا. قوله: "وبني أسد" أي ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وكانوا عددا كثيرا، وقد ظهر مصداق ذلك عقب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتد هؤلاء مع طليحة بن خويلد، وارتد الذين قبلهم وهم بنو تميم مع سجاح. قوله: "ومن بني عبد الله بن غطفان" بفتح المعجمة ثم المهملة ثم الفاء والتخفيف أي ابن سعد بن قيس عيلان بن مضر، وكان اسم عبد الله بن غطفان في الجاهلية عبد العزى فصيره النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وبنوه يعرفون ببني المحولة، "ومن بني عامر بن صعصعة" أي ابن معاوية بن بكر بن هوازن، وسيأتي نسب

(6/544)


هوازن في الحديث الذي بعده. قوله: "فقال رجل نعم(1)" هو الأقرع بن حابس التميمي كما في الرواية التي بعد هذه. قوله: "عن محمد بن أبي يعقوب" هو محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب نسب إلى جده وهو بصري من بني تميم، قال شعبة: حدثني محمد بن أبي يعقوب وهو سيد بني تميم وهو ثقة عند الجميع. قوله: "أن الأقرع بن حابس" بمهملة وموحدة مكسورة وبعدها سين مهملة. قوله: "إنما بايعك سراق الحجيج" بالموحدة وبعد الألف تحتانية. وفي رواية بالمثناة وبعد الألف موحدة. قوله: "ابن أبي يعقوب شك" هو مقول شعبة وقد ظهر من الرواية التي قبلها أن لا أثر لشنكه، وأن ذلك ثابت في الخبر. قوله: "لأخير منهم" كذا فيه بوزن أفعل وهي لغة قليلة، والمشهورة "لخير منهم" وثبت كذلك في رواية الترمذي، وإنما كانوا خيرا منهم لأنهم سبقوهم إلى الإسلام، والمراد الأكثر الأغلب. قوله: "عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أسلم وغفار" كذا فيه بحذف فاعل قال الثاني، وهو اصطلاح لمحمد بن سيرين إذا قال عن أبي هريرة قال: "قال" ولم يسم قائلا والمراد به النبي صلى الله عليه وسلم وقد نبه على ذلك الخطيب وتبعه ابن الصلاح، وقد أخرج مسلم هذا الحديث عن زهير بن حرب عن ابن علية عن أيوب فقال فيه: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" كذا أخرجه أحمد من طريق معمر عن أيوب. قوله: "وشيء من مزينة وجهينة" فيه تقييد لما أطلق في حديث أبي بكرة الذي قبله، وكذا في قوله: "يوم القيامة" لأن المعتبر بالخير والشر إنما يظهر في ذلك الوقت. قوله: "وهوازن وغطفان" أما غطفان فتقدم ذكره في حديث أبي هريرة، وأما هوازن فذكرت في حديث أبي هريرة بدل بني عامر بن صعصعة، وبنو عامر بن صعصعة من بني هوازن من غير عكس، فذكر هوازن أشمل من ذكر بني عامر، ومن قبائل هوازن غير بني عامر بنو نصر بن معاوية وبنو سعد بن بكر بن هوازن وثقيف وهو قيس بن منبه بن بكر بن هوازن، والجميع يجمعهم هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة - بفتح المعجمة ثم المهملة ثم الفاء والتخفيف - ابن قيس.
ـــــــ
(1) قال مصحح طبعة بولاق: قوله: "نعم" ليس بالمتن الذي بأيدينا، ولعله زيادة من قلم الناسخ، أو نسخة وقعت للشارح

(6/545)


7 - باب ذِكْرِ قَحْطَانَ
3517- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ".
[الحديث 3517 – طرفه في: 7117]
قوله: "باب ذكر قحطان" تقدم القول فيه وهل هو من ذرية إسماعيل أم لا؟ وإلى قحطان تنتهي أنساب أهل اليمن من حمير وكندة وهمدان وغيرهم. قوله: "عن ثور بن زيد" هو الديلي المدني، وأبو الغيث شيخه اسمه سالم. قوله: "لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان" لم أقف على اسمه ولكن جوز القرطبي أن يكون جهجاه الذي وقع ذكره في مسلم من طريق أخرى عن أبي هريرة بلفظ: "لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل يقال له جهجاه"
.

(6/545)


أخرجه عقب حديث القحطاني. قوله: "يسوق الناس بعصاه" هو كناية عن الملك، شبهه بالراعي وشبه الناس بالغنم، ونكتة التشبيه التصرف الذي يملكه الراعي في الغنم، وهذا الحديث يدخل في علامات النبوة من جملة ما أخبر به صلى الله عليه وسلم قبل وقوعه ولم يقع بعد، وقد روى نعيم بن حماد في الفتن من طريق أرطأة بن المنذر - أحد التابعين من أهل الشام - أن القحطاني يخرج بعد المهدي ويسير على سيرة المهدي. وأخرج أيضا من طريق عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده مرفوعا: "يكون بعد المهدي القطحاني، والذي بعثني بالحق ما هو دونه" وهذا الثاني مع كونه مرفوعا ضعيف الإسناد، والأول مع كونه موقوفا أصلح إسنادا منه، فإن ثبت ذلك فهو في زمن عيسى ابن مريم، لما تقدم أن عيسى عليه السلام إذا نزل يجد المهدي إمام المسلمين. وفي رواية أرطاة بن المنذر "أن القحطاني يعيش في الملك عشرين سنة" واستشكل ذلك كيف يكون في زمن عيسى يسوق الناس بعصاه والأمر إنما هو لعيسى؟ ويجاب بجواز أن يقيمه عيسى نائبا عنه في أمور مهمة عامة، وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى.

(6/546)


8 - باب مَا يُنْهَى مِنْ دَعْوَةِ الْجَاهِلِيَّةِ
3518- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ قَالَ مَا شَأْنُهُمْ فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ الْمُهَاجِرِيِّ الأَنْصَارِيَّ قَالَ: فَقال النبي صلى الله عليه وسلم : "دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ أَقَدْ تَدَاعَوْا عَلَيْنَا لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ فَقَالَ عُمَرُ أَلاَ نَقْتُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْخَبِيثَ؟ لِعَبْدِ اللَّهِ. فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ".
[الحديث 3518 – طرفاه في: 4905، 4907]
3519- حَدَّثَنا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وَعَنْ سُفْيَانَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ".
قوله: "باب ما ينهى من دعوى الجاهلية" ينهى بضم أوله ودعوى الجاهلية الاستغاثة عند إرادة الحرب. كانوا يقولون: يا آل فلان، فيجتمعون فينصرون القائل ولو كان ظالما، فجاء الإسلام بالنهي عن ذلك، وكأن المصنف أشار إلى ما ورد في بعض طرق جابر المذكور، وهو ما أخرجه إسحاق بن راهويه والمحاملي في "الفوائد الأصبهانية" من طريق أبي الزبير عن جابر قال: "اقتتل غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار" فذكر الحديث، وفيه:

(6/546)


"فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أدعوى الجاهلية؟ قالوا: لا. قال: لا بأس، ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما، فإن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر" وعرف من هذا أن الاستغاثة ليست حراما وإنما الحرام ما يترتب عليها من دعوى الجاهلية. قوله: "حدثنا محمد" كذا للجميع غير منسوب، وهو ابن سلام كما جزم به أبو نعيم في "المستخرج"، وأبو علي الجباني، ويؤيد ذلك ما وقع في "الوصايا" بمثل هذه الطريق، فعند الأكثر حدثنا محمد غير منسوب، وعند أبي ذر حدثنا محمد بن سلام. قوله: "غزونا" هذه الغزوة هي غزوة المريسيع. قوله: "ثاب معه" بمثلثة وموحدة أي اجتمع. قوله: "رجل لعاب" أي بطال، وقيل: كان يلعب بالحراب كما تصنع الحبشة، وهذا الرجل هو جهجاه بن قيس الغفاري وكان أجير عمر بن الخطاب، والأنصاري هو سنان بن وبرة حليف بني سالم الخزرجي، وسيأتي بيان ذلك في تفسير سورة المنافقين. قوله: "فكسع" بفتح الكاف والمهملتين أي ضربه على دبره. قوله: "حتى تداعوا" كذا للأكثر بسكون الواو بصيغة الجمع، وفي بعض النسخ عن أبي ذر "تداعوا" بفتح العين والواو بصيغة التثنية، والمشهور في هذا تداعيا بالياء عوض الواو، وكأنه بقاها على أصلها بالواو. قوله: "دعوها فإنها خبيثة" أي دعوى الجاهلية، وقيل: الكسعة، والأول هو المعتمد. قوله: "ألا نقتل" بالنون وبالمثناة أيضا. قوله: "هذا الخبيث لعبد الله" اللام بمعنى عن والتقدير قال عمر يريد عبد الله ألا نقتل هذا الخبيث؟ وسيأتي بقية شرح هذا الحديث في التفسير إن شاء الله تعالى. قوله: "وعن سفيان عن زبيد" هو معطوف على قوله: "حدثنا سفيان عن الأعمش" وهو موصول وليس بمعلق، وقد تقدم في الجنائز من رواية أبي نعيم عن سفيان عن زبيد، ومن رواية عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن الأعمش، فكأنه كان عند ثابت بن محمد عن سفيان عن شيخه، وكأنه سمعه منه مفرقا فحدث به؛ فنقل عنه كذلك.

(6/547)


9 - باب قِصَّةِ خُزَاعَةَ
3520- حَدَّثَنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " عَمْرُو بْنُ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ أَبُو خُزَاعَةَ".
3521- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْبَحِيرَةُ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ وَلاَ يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ وَالسَّائِبَةُ الَّتِي كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ فَلاَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرِ بْنِ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ".
[الحديث 3521 – طرفه في: 4623]
قوله: "باب قصة خزاعة" اختلف في نسبهم مع الاتفاق على أنهم من ولد عمر بن لحي باللام والمهملة مصغر وهو ابن حارثة بن عمرو بن عامر بن ماء السماء، وقد تقدم نسبه في أسلم وأسلم هو عم عمرو بن لحي، ويقال إن اسم لحي ربيعة، وقد صحف بعض الرواة فقال عمرو بن يحيى، ووقع مثل ذلك في "الجمع للحميدي" والصواب

(6/547)


باللام وتشديد الياء آخره مصغر، ووقع في حديث جابر عند مسلم: "رأيت أبا ثمامة عمرو بن مالك" وفيه تغيير لكن أفاد أن كنية عمرو أبا ثمامة، ويقال لخزاعة بنو كعب، نسبوا إلى جدهم كعب بن عمرو بن لحي، قال ابن الكلبي،: لما تفرق أهل سبأ بسبب سيل العرم نزل بنو مازن على ماء يقال له غسان، فمن أقام به منهم فهو غساني، وانخزعت منهم عمرو بن لحي عن قومهم فنزلوا مكة وما حولها فسموا خزاعة، وتفرقت سائر الأزد، وفي ذلك يقول حسان بن ثابت:
ولما نزلنا بطن مر تخزعت ... خزاعة منا في جموع كراكر
ووقع في حديث الباب أنه عمرو بن لحي بن قمعة ابن خندف، وهذا يؤيد قول من يقول إن خزاعة من مضر، وذلك أن خندف بكسر المعجمة وسكون النون وفتح الدال بعدها فاء اسم امرأة إلياس بن مضر، واسمها ليلى بنت حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، لقبت بخندف لمشيتها، والخندفة الهرولة، واشتهر بنوها بالنسبة إليها دون أبيهم لأن إلياس لما مات حزنت عليه حزنا شديدا بحيث هجرت أهلها ودارها وساحت في الأرض حتى ماتت، فكان من رأى أولادها الصغار يقول من هؤلاء؟ فيقال بنو خندف. إشارة إلى أنها ضيعتهم، وقمعة بفتح القاف والميم بعدها مهملة خفيفة ويقال بكسر القاف وتشديد الميم. وجمع بعضهم بين القولين أعني نسبة خزاعة إلى اليمن وإلى مضر فزعم أن حارثة بن عمرو لما مات قمعة ابن خندف كانت امرأته حاملا بلحي فولدته وهي عند حارثة فتبناه فنسب إليه، فعلى هذا فهو من مضر بالولادة ومن اليمن بالتبني. وذكر ابن الكلبي أن سبب قيام عمرو بن لحي بأمر الكعبة ومكة أن أمه فهيرة بنت عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي وكان أبوها آخر من ولي أمر مكة من جرهم فقام بأمر البيت سبطه عمرو بن لحي فصار ذلك في خزاعة بعد جرهم، ووقع بينهم في ذلك حروب إلى أن انجلت جرهم عن مكة، ثم تولت خزاعة أمر البيت ثلاثمائة سنة إلى أن كان آخرهم يدعى أبا غبشان بضم المعجمة وسكون الموحدة بعدها معجمة أيضا واسمه المحرش بمهملة ثم معجمة ابن حليل بمهملة ولامين مصغر ابن حبشية بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها معجمة ثم ياء نسب ابن سلول بفتح المهملة ولامين الأولى مضمومة ابن عمرو بن لحي، وهو خال قصي بن كلاب أخو أمه حبي بضم المهملة وتشديد الموحدة مع الإمالة، وكان في عقله شيء فخدعه قصي فاشترى منه أمر البيت بأذواد من الإبل، ويقال بزق خمر، فغلب قصي حينئذ على أمر البيت، وجمع بطون بني فهر وحارب خزاعة حتى أخرجهم من مكة؛ وفيه يقول الشاعر:
أبوكم قصي كان يدعي مجمعا ... به جمع الله القبائل من فهر
وشرع قصي لقريش السقاية والرفادة، فكان يصنع الطعام أيام منى والحياض للماء، فيطعم الحجيج ويسقيهم، وهو الذي عمر دار الندوة بمكة، فإذا وقع لقريش شيء اجتمعوا فيها وعقدوه بها. قوله: "عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة" أي هو أبو خزاعة، ووقع في رواية أبي نعيم عن إسرائيل بهذا السند عند الإسماعيلي: "خزاعة بن قمعة بن عمرو ابن خندف" وفيه تغيير بالتقديم والتأخير؛ وعنده من طريق أبي أحمد الزبيري عن إسرائيل "عمرو أبو خزاعة بن قمعة ابن خندف" وهذا يوافق الأول لكن بحذف لحي، وبأن يعرب ابن قمعة أعراب عمرو لا إعراب أبو خزاعة، وأصوبها الأول، وهكذا روى أبو حصين هذا الحديث عن أبي صالح مختصرا، وأخرجه مسلم من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه أتم منه ولفظه: "رأيت عمر وبن لحي بن قمعة ابن خندف يجر

(6/548)


قصبه في النار" وأورده ابن إسحاق في "السيرة الكبرى" عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي صالح أتم من هذا ولفظه: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأكثم بن الجون: رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار، لأنه أول من غير دين إسماعيل، فنصب الأوثان وسيب السائبة وبحر البحيرة ووصل الوصيلة وحمى الحامي" ووقع لنا بعلو في "المعرفة" وعند ابن مردويه من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه نحوه، وللحاكم من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، لكنه قال: "عمرو بن قمعة" فنسبه إلى جده، وروى الطبراني من حديث ابن عباس رفعه: "أول من غير دين إبراهيم عمرو بن لحي بن قمعة ابن خندف أبو خزاعة" وذكر الفاكهي من طريق عكرمة نحوه مرسلا وفيه: "فقال المقداد: يا رسول الله من عمرو بن لحي؟ قال: أبو هؤلاء الحي من خزاعة" وذكر ابن إسحاق أن سبب عبادة عمرو بن لحي الأصنام أنه خرج إلى الشام وبها يومئذ العماليق وهم يعبدون الأصنام فاستوهبهم واحدا منها وجاء به إلى مكة فنصبه إلى الكعبة وهو هبل، وكان قبل ذلك في زمن جرهم قد فجر رجل يقال له أساف بامرأة يقال لها نائلة في الكعبة فمسخهما الله جل وعلا حجرين، فأخذهما عمرو بن لحي فنصبهما حول الكعبة، فصار من يطوف يتمسح بهما، يبدأ بأساف ويختم بنائلة. وذكر محمد بن حبيب عن ابن الكلبي أن سبب ذلك أن عمرو بن لحي كان له تابع من الجن يقال له أبو ثمامة فأتاه ليلة فقال: أجب أبا ثمامة، فقال: لبيك من تهامة، فقال: أدخل بلا ملامة، فقال: أيت سيف جدة، تجد آلهة معدة، فخذها ولا تهب، وادع إلى عبادتها تجب. قال فتوجه إلى جدة فوجد الأصنام التي كانت تعبد في زمن نوح وإدريس، وهي ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، فحملها إلى مكة ودعا إلى عبادتها فانتشرت بسبب ذلك عبادة الأصنام في العرب، وسيأتي زيادة شرح ذلك في تفسير سورة نوح إن شاء تعالى. قوله في الرواية الأخرى عن أبي هريرة "عمرو بن عامر الخزاعي" كذا وقع نسبه في حديث ابن مسعود عند أحمد ولفظه: "أول من سيب السوائب وعبد الأصنام عمر وبن عامر أبو خزاعة" وهذا مغاير لما تقدم، وكأنه نسب إلى جده لأمه عمرو بن حارثة بن عمرو بن عامر، وهو مغاير لما تقدم من نسبة عمرو بن لحي إلى مضر، فإن عامرا هو ابن ماء السماء بن سبأ وهو جد جد عمرو بن لحي عند من نسبه إلى اليمن، ويحتمل أن يكون نسب إليه بطريق التبني كما تقدم قبل، وسيأتي الكلام على الوصيلة والسائبة وغيرهما في تفسير سورة المائدة إن شاء الله تعالى.

(6/549)


باب قصة إسلام أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ـ باب قصة زمزم
...
10 – باب قصَّةِ إسلاَمِ أبي ذرِّ الغفَاريِّ – رضي الله عنه
11 - باب قِصَّةِ زَمْزَمَ
3522- حدثنا زيد هو بن أخزم قال أبو قتيبة سلم بن قتيبة حدثني مثني بن سعيد القصير قال حدثني أبو جمرة قال قال لنا بن عباس: "ألا أخبركم بإسلام أبي ذر؟ قال: قلنا: بلى. قال: قال أبو ذر: كنت رجلا من غفار فبلغنا أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أنه نبي فقلت لأخي انطلق إلى هذا الرجل كلمه وأتني بخبره فانطلق فلقيه ثم رجع فقلت ما عندك فقال والله لقد رأيت رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر فقلت له لم تشفني من الخبر فأخذت جرابا وعصا ثم أقبلت إلى مكة فجعلت لا أعرفه وأكره أن أسأل

(6/549)


عنه وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد قال فمر بي علي فقال كأن الرجل غريب قال قلت نعم قال فانطلق إلى المنزل قال فانطلقت معه لا يسألني عن شيء ولا أخبره فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه وليس أحد يخبرني عنه بشيء قال فمر بي علي فقال أما نال للرجل يعرف منزله بعد قال قلت لا قال انطلق معي قال فقال ما التابعين وما أقدمك هذه البلدة قال قلت له إن كتمت علي أخبرتك قال فإني أفعل قال قلت له بلغنا أنه قد خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي فأرسلت أخي ليكلمه فرجع ولم يشفني من الخبر فأردت أن ألقاه فقال له أما إنك قد رشدت هذا وجهي إليه فاتبعني ادخل حيث أدخل فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له اعرض علي الإسلام فعرضه فأسلمت مكاني فقال لي يا أبا ذر اكتم هذا الأمر وارجع إلى بلدك فإذا بلغك ظهورنا فأقبل فقلت والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم فجاء إلى المسجد وقريش فيه فقال يا معشر قريش إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فقالوا قوموا إلى هذا الصابئ فقاموا فضربت لأموت فأدركني العباس فأكب علي ثم أقبل عليهم فقال ويلكم تقتلون رجلا من غفار ومتجركم وممركم على غفار فأقلعوا عني فلما أن أصبحت الغد رجعت فقلت مثل ما قلت بالأمس فقالوا قوموا إلى هذا الصابئ فصنع بي مثل ما صنع بالأمس وأدركني العباس فأكب علي وقال مثل مقالته بالأمس قال فكان هذا أول إسلام أبي ذر رحمه الله".
[الحديث 3522 – طرفه في: 3861]
قوله: "باب قصة إسلام أبي ذر الغفاري" هكذا في رواية أبي ذر عن الحموي وحده، وسقط للباقين، وكأنه أولى لأن هذه الترجمة ستأتي بعد إسلام أبي بكر وسعد وغيرهما. ووقع للأكثر هنا "قصة زمزم" ووجه تعلقها بقصة أبي ذر ما وقع له من الاكتفاء بماء زمزم في المدة التي أقام فيها بمكة، وسيأتي شرح ذلك في مكانه إن شاء الله تعالى.

(6/550)


باب قصة زمزم و جهل العرب
...
12 - باب جَهْلِ الْعَرَبِ
3523- حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال: أسلم، وغفار، وشيء من مزينة وجهينة – أو قال: شيء من جهينة أو مزينة – خير عند الله، أو قال: يوم القيامة من أسد وتميم وهوازن وغطفان".

(6/550)


3524- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَاقْرَأْ مَا فَوْقَ الثَّلاَثِينَ وَمِائَةٍ فِي سُورَةِ الأَنْعَامِ {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}
قوله: "باب قصة زمزم وجهل العرب" كذا لأبي ذر، ولغيره: "باب جهل العرب" وهو أولى إذ لم يجر في حديث الباب لزمزم ذكر، وأما الإسماعيلي فجمع هذه الأحاديث في ترجمة واحدة وهو متجه. قوله: "قد خسر الذين قتلوا أولادهم" أي بناتهم، وسيأتي بيان ذلك في التفسير إن شاء الله تعالى، ويؤخذ من هذه الآية مطابقتها للترجمة من قول ابن عباس "إذا سرك أن تعرف جهل العرب".

(6/551)


باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام و الجاهلية
...
13 - باب مَنْ انْتَسَبَ إِلَى آبَائِهِ فِي الإِسْلاَمِ وَالْجَاهِلِيَّةِ
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ". وَقَالَ الْبَرَاءُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ".
3525- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي يَا بَنِي فِهْرٍ يَا بَنِي عَدِيٍّ بِبُطُونِ قُرَيْشٍ".
3526- وَقَالَ لَنَا قَبِيصَةُ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُمْ قَبَائِلَ قَبَائِلَ".
3527- حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب أخبرنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني عبد مناف اشتروا أنفسكم من الله. يا بني عبد المطلب اشتروا أنفسكم من الله. يا أم الزبير بن العوام عمة رسول الله، يا فاطمة بنت محمد اشتريا أنفسكما من الله لا أملك لكما من الله شيئا. سلاني من مالي ما شئتما".
قوله: "باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية" أي جواز ذلك خلافا لمن كرهه مطلقا فإن محل الكراهة ما إذا أورده على طريق المفاخرة والمشاجرة، وقد روى أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن من حديث أبي ريحانة رفعه: "من انتسب إلى تسعة آباء كفار يريد بهم عزا أو كرامة فهو عاشرهم في النار". قوله: "وقال ابن عمر وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الكريم ابن الكريم إلخ" تقدم حديث كل منهما موصولا في أحاديث الأنبياء، ووجه دلالته للترجمة أنه لما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم نسبة يوسف عليه السلام إلى آبائه كان دليلا على جواز ذلك لغيره في

(6/551)


غيره ويكون ذلك مطابقا لركن الترجمة الأول. قوله: "وقال البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنا ابن عبد المطلب" هو طرف من حديث تقدم موصولا في الجهاد، وهو في قصة غزوة حنين، ووجه الدلالة منه أنه صلى الله عليه وسلم انتسب إلى جده عبد المطلب فيكون مطابقا لركن الترجمة الثاني. قوله: "لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} جعل النبي صلى الله عليه وسلم ينادي يا بني فهر، يا بني عدي، ببطون قريش" في رواية الكشميهني: "لبطون" باللام بدل الموحدة، ونداؤه للقبائل من قريش قبل عشيرته الأدنين ليكرر إنذار عشيرته، ولدخول قريش كلها في أقاربه، ولأن إنذار العشيرة يقع بالطبع، وإنذار غيرهم يكون بطريق الأولى. قوله: "وقال لنا قبيصة إلخ" هو موصول وليس بمعلق، وقد وصله الإسماعيلي من وجه آخر عن قبيصة. قوله: "جعل النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم قبائل قبائل" قد فسره الذي قبله وأنه كان يسمى رءوس القبائل كقوله يا بني عدي، وأوضح منه حديث أبي هريرة الذي بعده حيث ناداهم طبقة بعد طبقة إلى أن انتهى إلى عمته صفية بنت عبد المطلب وهي أم الزبير بن العوام وإلى ابنته فاطمة عليها السلام، وسيأتي شرح ذلك مبسوطا في تفسير سورة الشعراء. وهذه القصة إن كانت وقعت في صدر الإسلام بمكة فلم يدركها ابن عباس لأنه ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، ولا أبو هريرة لأنه إنما أسلم بالمدينة، وفي نداء فاطمة يومئذ أيضا ما يقتضي تأخر القصة لأنها كانت حينئذ صغيرة أو مراهقة، وإن كان أبو هريرة حضرها فلا يناسب الترجمة لأنه إنما أسلم بعد الهجرة بمدة، والذي يظهر أن ذلك وقع مرتين مرة في صدر الإسلام ورواية ابن عباس وأبي هريرة لها من مرسل الصحابة، وهذا هو الموافق للترجمة من جهة دخولها في مبتدأ السيرة النبوية، ويؤيد ذلك ما سيأتي من أن أبا لهب كان حاضرا لذلك وهو مات في أيام بدر، ومرة بعد ذلك حيث يمكن أن تدعى فيها فاطمة عليها السلام أو يحضر ذلك أبو هريرة أو ابن عباس.

(6/552)


باب ابن أخت القوم منهم ، و مولى القوم منهم
...
14 - باب ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ
3528- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَنْصَارَ فَقَالَ: "هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ قَالُوا لاَ إِلاَّ ابْنُ أُخْتٍ لَنَا. فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ".
قوله: "باب ابن أخت القوم منهم، ومولى القوم منهم" أي فيما يرجع إلى المناظرة والتعاون ونحو ذلك، وأما بالنسبة إلى الميراث ففيه نزاع، كما سيأتي بسطه في كتاب الفرائض. قوله: "إلا ابن أخت لنا" هو النعمان بن مقرن المزني كما أخرجه أحمد من طريق شعبة عن معاوية بن قرة في حديث أنس هذا، ووقع ذلك في قصة أخرى كما أخرجه الطبراني من حديث عتبة بن غزوان "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما لقريش: هل فيكم من ليس منكم؟ قالوا لا، إلا ابن أختنا عتبة بن غزوان، فقال: ابن أخت القوم منهم". وله من حديث عمرو بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيته قال: "ادخلوا علي ولا يدخل علي إلا قرشي، فقال: هل معكم أحد غيركم؟ قالوا: معنا ابن الأخت والمولى، قال حليف القوم منهم ومولى القوم منهم". وأخرج أحمد نحوه من حديث أبي موسى والطبراني نحوه من حديث أبو سعيد. "تنبيه": لم يذكر المصنف حديث: "مولى القوم منهم" مع ذكره في الترجمة، فزعم بعضهم أنه لم يقع له

(6/552)


حديث على شرطه فأشار إليه، وفيه نظر لأنه قد أورده في الفرائض من حديث أنس ولفظه: "مولى القوم من أنفسهم" والمراد بالمولى هنا المعتق بفتح المثناة أو الحليف، وأما المولى من أعلى فلا يراد هنا، وسيأتي في غزوة حنين بيان سبب حديث الباب، ووقع في حديث أبو هريرة عند البزار مضمون الترجمة وزيادة عليها بلفظ: "مولى القوم منهم، وحليف القوم منهم، وابن أخت القوم منهم".

(6/553)


باب قصة الحبش ، و قول النبي صلى الله عليه و سلم (( يا بني أرفدة ))
...
15 - باب قِصَّةِ الْحَبَشِ. وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بَنِي أَرْفِدَةَ".
3529- حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن بن شهاب عن عروة عن عائشة "أن أبا بكر رضي الله عنه دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه فقال: يا أبا بكر فإنها أيام عيد وتلك الأيام أيام منى".
3530- وقالت عائشة: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد فزجرهم عمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعهم أمناً بني أرفدة يعني من الأمن".
قوله: "باب قصة الحبش وقول النبي صلى الله عليه وسلم يا بني أرفدة" هو بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الفاء اسم لجد لهم. وقيل: معنى أرفدة الأمة، وقد تقدم شيء من ذلك في أبواب العيدين. والحبش هم الحبشة يقال إنهم من ولد حبش بن كوش بن حام بن نوح، وهم مجاورون لأهل اليمن يقطع بينهم البحر، وقد غلبوا على اليمن قبل الإسلام وملكوها، وغزا أبرهة من ملوكهم الكعبة ومعه الفيل، وقد ذكر ابن إسحاق قصته مطولة، وأخرجها الحاكم ثم البيهقي من طريق قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس ملخصة، وإلى هذا القدر أشار المصنف بذكرهم في مقدمة السيرة النبوية، واستدل قوم من الصوفية بحديث الباب على جواز الرقص سماع آلات الملاهي، وطعن فيه الجمهور باختلاف المقصدين، فإن لعب الحبشة بحرابهم كان للتمرين على الحرب فلا يحتج به للرقص في اللهو، والله أعلم.

(6/553)


16 - باب مَنْ أَحَبَّ أَنْ لاَ يُسَبَّ نَسَبُهُ
3531- حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: كَيْفَ بِنَسَبِي؟ فَقَالَ حَسَّانُ: لاَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنْ الْعَجِينِ".
وَعَنْ أَبِيهِ قَالَ: "ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: لاَ تَسُبَّهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
[الحديث 3531 – طرفاه في: 4145، 6150]
قوله: "باب من أحب أن لا يسب نسبه" هو بضم أول يسب والمراد بالنسب الأصل وبالسب الشتم، والمراد

(6/553)


باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه و سلم
...
17 - باب مَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [29 الفتح]: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}. وَقَوْلِهِ [6 الصف]: {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}
3532- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي وَأَنَا الْعَاقِبُ".
[الحديث 3532 – طرفه في: 4896]
3533- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ

(6/554)


عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَلاَ تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ".
قوله: "باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله عز وجل: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}. وَقَوْلِهِ: {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}" كأنه يشير إلى أن هذين الاسمين أشهر أسمائه، وأشهرهما محمد، وقد تكرر في القرآن، وأما أحمد فذكر فيه حكاية عن قول عيسى عليه السلام، فأما محمد فمن باب التفعيل للمبالغة، وأما أحمد فمن باب التفضيل، وقيل: سمي أحمد لأنه علم منقول من صفة وهي أفعل التفضيل ومعناه أحمد الحامدين، وسبب ذلك ما ثبت في الصحيح أنه يفتح عليه في المقام المحمود بمحامد لم يفتح بها على أحد قبله، وقيل الأنبياء حمادون وهو أحمدهم، أي أكثرهم حمدا أو أعظمهم في صفة الحمد، وأما محمد فهو منقول من صفة الحمد أيضا وهو بمعنى، محمود وفيه معنى المبالغة، وقد أخرج المصنف في "التاريخ الصغير" من طريق علي بن زيد قال كان أبو طالب يقول:
وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد
والمحمد الذي حمد مرة بعد مرة كالممدح، قال الأعشى:
إليك أبيت اللعن كان وجيفها ... إلى الماجد القرم الجواد المحمد
أي الذي حمد مرة بعد مرة، أو الذي تكاملت فيه الخصال المحمودة، قال عياض: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحمد قبل أن يكون محمدا كما وقع في الوجود لأن تسميته أحمد وقعت في الكتب السالفة، وتسميته محمدا وقعت في القرآن العظيم، وذلك أنه حمد ربه قبل أن يحمده الناس، وكذلك في الآخرة يحمد ربه فيشفعه فيحمده الناس. وقد خص بسورة الحمد وبلواء الحمد وبالمقام المحمود، وشرع له الحمد بعد الأكل وبعد الشرب وبعد الدعاء وبعد القدوم من السفر، وسميت أمته الحمادين، فجمعت له معاني الحمد وأنواعه صلى الله عليه وسلم. قوله: "عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه" كذا وقع موصولا عند معن بن عيسى عن مالك. وقال الأكثر "عن مالك عن الزهري عن محمد بن جبير" مرسلا، ووافق معنا على وصله عن مالك جويرية بن أسماء عند الإسماعيلي ومحمد بن المبارك وعبد الله بن نافع عند أبو عوانة، وأخرجه الدار قطني في "الغرائب" عن آخرين عن مالك. وقال: إن أكثر أصحاب مالك أرسلوه. قلت: وهو معروف الاتصال عن غير مالك، وصله يونس بن يزيد وعقيل ومعمر وحديثهم عند مسلم، وشعبة وحديثه عند المصنف في التفسير، وابن عيينة عند مسلم أيضا والترمذي كلهم عن الزهري، ورواه عن جبير بن مطعم أيضا ولده الآخر نافع وفي حديثه زيادة، وعند المصنف في التاريخ، وأخرجه أحمد وابن سعد وصححه الحاكم، وفي الباب عن أبي موسى الأشعري عند مسلم والمصنف في التاريخ، وعن حذيفة عند المصنف في التاريخ والترمذي وابن سعد، وعن ابن عباس وأبي الطفيل عند ابن عدي، ومن مرسل مجاهد عند ابن سعد، وسأذكر ما في رواياتهم من زيادة فائدة. قوله: "عن محمد بن جبير" في رواية شعيب المذكورة عن الزهري " أخبرني محمد بن جبير". قوله: "لي خمسة أسماء" في رواية نافع بن جبير عند ابن سعد أنه دخل على عبد الملك بن مروان فقال له: أتحصي أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان جبير بن مطعم يعدها؟ قال: نعم، هي ست. فذكر

(6/555)


الخمسة التي ذكرها محمد بن جبير وزاد الخاتم، لكن روى البيهقي في "الدلائل" من طريق ابن أبي حفصة عن الزهري في حديث محمد بن جبير بن مطعم "وأنا العاقب" قال يعني الخاتم، وفي حديث حذيفة "أحمد ومحمد والحاشر والمقفي ونبي الرحمة" وكذا في حديث أبي موسى إلا أنه لم يذكر الحاشر، وزعم بعضهم أن العدد ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم وإنما ذكره الراوي بالمعنى، وفيه نظر لتصريحه في الحديث بقوله: "إن لي خمسة أسماء" والذي يظهر أنه أراد أن لي خمسة أسماء أختص بها لم يسم بها أحد قبلي، أو معظمة أو مشهورة في الأمم الماضية، لا أنه أراد الحصر فيها. قال عياض: حمى الله هذه الأسماء أن يسمى بها أحد قبله، وإنما تسمى بعض العرب محمدا قرب ميلاده لما سمعوا من الكهان والأحبار أن نبيا سيبعث في ذلك الزمان يسمى محمدا فرجوا أن يكونوا هم فسموا أبناءهم بذلك، قال: وهم ستة لا سابع لهم، كذا قال. وقال السهيلي في "الروض" لا يعرف في العرب من تسمى محمدا قبل النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة: محمد بن سفيان بن مجاشع، ومحمد بن أحيحة بن الجلاح، ومحمد بن حمران بن ربيعة. وسبق السهيلي. إلى هذا القول أبو عبد الله بن خالويه في كتاب "ليس" وهو حصر مردود، وقد جمعت أسماء من تسمى بذلك في جزء مفرد فبلغوا نحو العشرين لكن مع تكرر في بعضهم ووهم في بعض، فيتلخص منهم خمسة عشر نفسا، وأشهرهم محمد بن عدي بن ربيعة بن سواءة بن جشم بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمي السعدي، روى حديثه البغوي وابن سعد وابن شاهين وابن السكن وغيرهم من طريق العلاء بن الفضل عن أبيه عن جده عبد الملك بن أبي سوية عن أبيه عن أبي سوية عن أبيه خليفة بن عبدة المنقري قال: "سألت محمد بن عدي بن ربيعة كيف سماك أبوك في الجاهلية محمدا؟ قال سألت أبي عما سألتني فقال: خرجت رابع أربعه من بني تميم أنا أحدهم وسفيان بن مجاشع ويزيد بن عمرو بن ربيعة وأسامة بن مالك، بن حبيب بن العنبر نريد ابن جفنة الغساني بالشام، فنزلنا على غدير عند دير، فأشرف علينا الديراني فقال لنا: إنه يبعث منكم وشيكا نبي فسارعوا إليه، فقلنا ما اسمه؟ قال: محمد. فلما انصرفنا ولد لكل منا ولد فسماه محمدا لذلك" انتهى وقال ابن سعد "أخبرنا علي بن محمد عن مسلمة بن محارب عن قتادة بن السكن قال: كان في بني تميم محمد بن سفيان بن مجاشع، قيل لأبيه إنه سيكون نبي في العرب اسمه محمد فسمى ابنه محمدا" فهؤلاء أربعة ليس في السياق ما يشعر بأن فيهم من له صحبة إلا محمد بن عدي. وقد قال ابن سعد لما ذكره في الصحابة: عداده في أهل الكوفة، وذكر عبدان المروزي أن محمد بن أحيحة بن الجلاح أول من تسمى في الجاهلية محمدا، وكأنه تلقى ذلك من قصة تبع لما حاصر المدينة وخرج إليه أحيحة المذكور هو والحبر الذي كان عندهم بيثرب فأخبر الحبر أن هذا بلد نبي يبعث يسمى محمدا فسمى ابنه محمدا. وذكر البلاذري منهم محمد بن عقبة بن أحيحة، فلا أدري أهما واحد نسب مرة إلى جده أم هما اثنان. ومنهم محمد بن البراء البكري ذكره ابن حبيب، وضبط البلاذري أباه فقال: محمد بن بر بتشديد الراء ليس، بعدها ألف ابن طريف بن عتوارة بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، ولهذا نسبوه أيضا العتواري. وغفل ابن دحية فعد فيهم محمد بن عتوارة وهو هو نسب لجده الأعلى. ومنهم محمد بن اليحمد الأزدي ذكره المفجع البصري في كتاب "المعقد" ومحمد بن خولي الهمداني وذكره ابن دريد. ومنهم محمد بن حرماز بن مالك اليعمري ذكره أبو موسى في الذيل. ومنهم محمد بن حمران بن أبي حمران واسمه ربيعة بن مالك الجعفي المعروف بالشويعر ذكره المرزباني فقال: هو أحد من سمي محمدا في الجاهلية، وله قصة مع امرئ القيس. ومنهم محمد بن خزاعي بن علقمة بن حرابة السلمي من بني ذكوان ذكره ابن سعد عن علي بن محمد عن سلمة بن الفضل

(6/556)


عن محمد بن إسحاق قال: سمي محمد بن خزاعي طمعا في النبوة. وذكر الطبري أن أبرهة الحبشي توجه وأمره أن يغزو بني كنانة فقتلوه فكان ذلك من أسباب قصة الفيل. وذكره محمد بن أحمد بن سليمان الهروي في كتاب "الدلائل" فيمن تسمى محمدا في الجاهلية. وذكر ابن سعد لأخيه قيس بن خزاعي يذكره من أبيات يقول فيها:
فذلكم ذو التاج منا محمد ... ورايته في حومة الموت
تخفق ومنهم محمد بن عمرو بن مغفل بضم أوله وسكون المعجمة وكسر الفاء ثم لام وهو والد هبيب بموحدتين مصغر وهو على شرط المذكورين فإن لولده صحبة ومات هو في الجاهلية. ومنهم محمد بن الحارث بن حديج بن حويص ذكره أبو حاتم السجستاني في "كتاب المعمرين" وذكر له قصة مع عمرو وقال: إنه أحد من سمي في الجاهلية محمدا. ومنهم محمد الفقيمي، ومحمد الأسيدي، ذكرهما ابن سعد ولم ينسبهما بأكثر من ذلك، فعرف بهذا وجه الرد على الحصر الذي ذكره السهيلي، وكذا الذي ذكره القاضي، وعجب من السهيلي كيف لم يقف على ما ذكره عياض مع كونه كان قبله، وقد تحرر لنا من أسمائهم قدر الذي ذكره القاضي مرتين بل ثلاث مرار فإنه ذكر في الستة الذين جزم بهم محمد بن مسلمة، وهو غلط فإنه ولد بعد ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم بمدة ففضل له خمسة وقد خلص لنا خمسة عشر والله المستعان. قوله: "وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر" قيل المراد إزالة ذلك من جزيرة العرب، وفيه نظر لأنه وقع في رواية عقيل ومعمر "يمحو بي الله الكفرة" ويجاب بأن المراد إزالة الكفر بإزالة أهله، وإنما قيد بجزيرة العرب لأن الكفر ما انمحى من جميع البلاد، وقيل: إنه محمول على الأغلب أو أنه ينمحي بسببه أولا فأولا إلى أن يضمحل في زمن عيسى ابن مريم فإنه يرفع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام، وتعقب بأن الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس؛ ويجاب بجواز أن يرتد بعضهم بعد موت عيسى وترسل الريح فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة فحينئذ فلا يبقى إلا الشرار. وفي رواية نافع بن جبير "وأنا الماحي فإن الله يمحو به سيئات من اتبعه" وهذا يشبه أن يكون من قول الراوي. قوله: "وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي" أي على أثري أي أنه يحشر قبل الناس، وهو موافق لقوله في الرواية الأخرى: "يحشر الناس على عقبي" ويحتمل أن يكون المراد بالقدم الزمان أي وقت قيامي على قدمي بظهور علامات الحشر، إشارة إلى أنه ليس بعده نبي ولا شريعة. واستشكل التفسير بأنه يقضي بأنه محشور فكيف يفسر به حاشر وهو اسم فاعل، وأجيب بأن إسناد الفعل إلى الفاعل إضافة والإضافة تصح بأدنى ملابسة، فلما كان لا أمة بعد أمته لأنه لا نبي بعده نسب الحشر إليه لأنه يقع عقبه، ويحتمل أن يكون معناه أنه أول من يحشر كما جاء في الحديث الآخر "أنا أول من تنشق عنه الأرض" وقيل معنى القدم السبب، وقيل المراد على مشاهدتي قائما لله شاهدا على الأمم. ووقع في رواية نافع بن جبير "وأنا حاشر بعثت مع الساعة" وهو يرجح الأول. "تنبيه": قوله: "على عقبي" بكسر الموحدة مخففا على الإفراد، ولبعضهم بالتشديد على التثنية والموحدة مفتوحة. قوله: "وأنا العاقب" زاد يونس بن يزيد في روايته عن الزهري "الذي ليس بعده نبي. وقد سماه الله رءوفا رحيما" قال البيهقي في "الدلائل" قوله: "وقد سماه الله إلخ " مدرج من قول الزهري. قلت: وهو كذلك وكأنه أشار إلى ما في آخر سورة براءة. وأما قوله: "الذي ليس بعده نبي" فظاهره الإدراج أيضا، لكن وقع في رواية سفيان بن عيينة عند الترمذي وغيره بلفظ: "الذي ليس بعدي نبي" ووقع في رواية نافع بن جبير أنه عقب الأنبياء؛ وهو محتمل للرفع والوقف. ومما وقع من أسمائه في القرآن بالاتفاق "الشاهد المبشر النذير المبين الداعي إلى الله السراج المنير" وفيه

(6/557)


أيضا: "المذكر والرحمة والنعمة والهادي والشهيد والأمين والمزمل والمدثر" وتقدم في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص "المتوكل"، ومن أسمائه المشهورة "المختار والمصطفى والشفيع المشفع والصادق المصدوق" وغير ذلك قال ابن دحية في تصنيف له مفرد في الأسماء النبوية: قال بعضهم أسماء النبي صلى الله عليه وسلم عدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعون اسما، قال: ولو بحث عنها باحث لبلغت ثلاثمائة اسم، وذكر في تصنيفه المذكور أماكنها من القرآن والأخبار وضبط ألفاظها وشرح معانيها واستطرد كعادته إلى فوائد كثيرة، وغالب الأسماء التي ذكرها وصف بها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد الكثير منها على سبيل التسمية، مثل عده اللبنة بفتح اللام وكسر الموحدة ثم النون في أسمائه للحديث المذكور في الباب بعده في القصر الذي من ذهب وفضة إلا موضع لبنة قال: "فكنت أنا اللبنة" كذا وقع في حديث أبي هريرة، وفي حديث جابر "موضع اللبنة" وهو المراد. ونقل ابن العربي في شرح الترمذي عن بعض الصوفية أن لله ألف اسم ولرسوله ألف اسم، وقيل: الحكمة في الاقتصار على الخمسة المذكورة في هذا الحديث أنها أشهر من غيرها موجودة في الكتب القديمة وبين الأمم السالفة. قوله: "سفيان" هو ابن عيينة. قوله: "عن أبي الزناد" في رواية: "حدثنا أبو الزناد". قوله: "ألا تعجبون" في رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عند المصنف في التاريخ "يا عباد الله انظروا" وله من طريق محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة بلفظ: "ألم تروا كيف" والباقي سواء. قوله: "يشتمون مذمما" كان الكفار من قريش من شدة كراهتهم في النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمونه باسمه الدال على المدح فيعدلون إلى ضده فيقولون مذمم، وإذا ذكروه بسوء قالوا فعل الله بمذمم، ومذمم ليس هو اسمه ولا يعرف به فكان الذي يقع منهم في ذلك مصروفا إلى غيره. قال ابن التين: استدل بهذا الحديث من أسقط حد القذف بالتعريض وهم الأكثر خلافا لمالك، وأجاب بأنه لم يقع في الحديث أنه لا شيء عليهم في ذلك بل الواقع أنهم عوقبوا على ذلك بالقتل وغيره انتهى. والتحقيق أنه لا حجة في ذلك إثباتا ولا نفيا، والله أعلم. واستنبط منه النسائي أن من تكلم بكلام مناف لمعنى الطلاق ومطلق الفرقة وقصد به الطلاق لا يقع، كمن قال لزوجته كلي وقصد الطلاق فإنها لا تطلق، لأن الأكل لا يصلح أن يفسر به الطلاق بوجه من الوجوه، كما أن مذمما لا يمكن أن يفسر به محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بوجه من الوجوه.

(6/558)


باب خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم
...
18 - باب خَاتِمِ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
3534- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَثَلِي وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ كَرَجُلٍ بَنَى دَارًا فَأَكْمَلَهَا وَأَحْسَنَهَا إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ وَيَقُولُونَ لَوْلاَ مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ".
3535- حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة! قال فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين".

(6/558)


قوله: "باب خاتم النبيين" أي أن المراد بالخاتم في أسمائه أنه خاتم النبيين، ولمح بما وقع في القرآن، وأشار إلى ما أخرجه في التاريخ من حديث العرباض بن سارية رفعه: "إني عبد الله وخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته" الحديث، وأخرجه أيضا أحمد وصححه ابن حبان والحاكم فأورد فيه حديثي أبي هريرة وجابر ومعناهما واحد وسياق أبي هريرة أتم، ووقع في آخر حديث جابر عند الإسماعيلي من طريق عفان عن سليم بن حيان "فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء". قوله: "مثلي ومثل الأنبياء كرجل بنى دارا" قيل: المشبه به واحد والمشبه جماعة فكيف صح التشبيه؟ وجوابه أنه جعل الأنبياء كرجل واحد، لأنه لا يتم ما أراد من التشبيه إلا باعتبار الكل، وكذلك الدار لا تتم إلا باجتماع البنيان، ويحتمل أن يكون من التشبيه التمثيلي وهو أن يوجد وصف من أوصاف المشبه ويشبه بمثله من أحوال المشبه به، فكأنه شبه الأنبياء وما بعثوا به من إرشاد الناس ببيت أسست قواعده ورفع بنيانه وبقي منه موضع به يتم صلاح ذلك البيت، وزعم ابن العربي أن اللبنة المشار إليها كانت في أس الدار المذكورة وأنها لولا وضعها لانقضت تلك الدار، قال: وبهذا يتم المراد من التشبيه المذكور انتهى. وهذا إن كان منقولا فهو حسن وإلا فليس بلازم، نعم ظاهر السياق أن تكون اللبنة في مكان يظهر عدم الكمال في الدار بفقدها وقد وقع في رواية همام عند مسلم: "إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها" فيظهر أن المراد أنها مكملة محسنة وإلا لاستلزم أن يكون الأمر بدونها كان ناقصا، وليس كذلك فإن شريعة كل نبي بالنسبة إليه كاملة، فالمراد هنا النظر إلى الأكمل بالنسبة إلى الشريعة المحمدية مع ما مضى من الشرائع الكاملة. قوله: "لولا موضع اللبنة" بفتح اللام وكسر الموحدة بعدها نون وبكسر اللام وسكون الموحدة أيضا هي القطعة من الطين تعجن وتجبل وتعد للبناء ويقال لها ما لم تحرق لبنة، فإذا أحرقت فهي آجرة. وقوله: "موضع اللبنة" بالرفع على أنه مبتدأ وخبره محذوف أي لولا موضع اللبنة يوهم النقص لكان بناء الدار كاملا، ويحتمل أن تكون "لولا" تحضيضية وفعلها محذوف تقديره لولا أكمل موضع اللبنة. ووقع في رواية همام عند أحمد "ألا وضعت هاهنا لبنة فيتم بنيانك". وفي الحديث ضرب الأمثال للتقريب للأفهام وفضل النبي صلى الله عليه وسلم على سائر النبيين، وأن الله ختم به المرسلين، وأكمل به شرائع الدين.

(6/559)


باب وفاة النبي صلى الله عليه و سلم
...
19 - باب وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
3536- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ".
وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ
[الحديث 3536 – طرفه في: 4466]
قوله: "باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم" كذا وقعت هذه الترجمة عند أبي ذر وسقطت من رواية النسفي ولم يذكرها الإسماعيلي، وفي ثبوتها هنا نظر فإن محلها في آخر المغازي كما سيأتي، والذي يظهر أن المصنف قصد بإيراد حديث عائشة هنا بيان مقدار عمر النبي صلى الله عليه وسلم فقط لا خصوص زمن وفاته وأورده في الأسماء إشارة إلى أن من جملة صفاته عند أهل الكتاب أن مدة عمره القدر الذي عاشه، وسيأتي نقل الخلاف في مقداره في آخر المغازي إن شاء الله تعالى.

(6/559)


قوله: "قال ابن شهاب وأخبرني سعيد بن المسيب مثله" أي مثل ما أخبر عروة عن عائشة، وقول ابن شهاب موصول بالإسناد المذكور، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب بالإسنادين معا مفرقا وهو من مرسل سعيد بن المسيب، ويحتمل أن يكون سعيد أيضا سمعه من عائشة رضي الله عنها.

(6/560)


باب كنية النبي صلى الله عليه و سلم
...
20 - باب كُنْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
3537- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّوقِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سَمُّوا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي".
3538- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي".
3539- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: "سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمُّوا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي".
قوله: "باب كنية النبي صلى الله عليه وسلم" الكنية بضم الكاف وسكون النون مأخوذة من الكناية تقول: كنيت عن الأمر بكذا إذا ذكرته بغير ما يستدل به عليه صريحا. وقد اشتهرت الكنى للعرب حتى ربما غلبت علي الأسماء كأبي طالب وأبي لهب وغيرهما، وقد يكون للواحد كنية واحدة فأكثر، وقد يشتهر باسمه وكنيته جميعا، فالاسم والكنية واللقب يجمعها العلم بفتحتين، وتتغاير بأن اللقب ما أشعر بمدح أو ذم، والكنية ما صدرت باب أو أم، وما عدا ذلك فهو اسم. كان النبي صلى الله عليه وسلم يكنى أبا القاسم بولده القاسم وكان أكبر أولاده، واختلف هل مات قبل البعثة أو بعدها، وقد ولد له إبراهيم في المدينة من مارية، ومضى شيء من أمره في الجنائز. وفي حديث أنس أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "السلام عليك يا أبا إبراهيم". وأورد المصنف في الباب ثلاثة أحاديث: أحدها: حديث أنس أورده مختصرا وقد مضى في البيوع بأتم منه، وفيه أن الرجل قال له لم أعنك، وحينئذ نهى عن التكني بكنيته. ثانيها: حديث جابر وسالم الراوي عنه هو ابن الجعد، وأورده أيضا مختصرا وقد مضى في الخمس بأتم منه أيضا، وقوله في أوله: "حدثنا محمد بن كثير حدثنا شعبة" كذا للأكثر. وفي رواية أبي علي بن السكن "سفيان" بدل شعبة، ومال الجياني إلى ترجيح الأكثر فإن مسلما أخرجه من طريق شعبة عن منصور. ثالثها: حديث أبي هريرة، قوله: "قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم" كذا وقع في هذه الطريق وهو لطيف، وتقدم في العلم بلفظ: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم". وقد اختلف في جواز التكني بكنيته صلى الله عليه وسلم فالمشهور عن الشافعي المنع على ظاهر هذه الأحاديث، وقيل: يختص ذلك بزمانه، وقيل بمن تسمى باسمه، وسيأتي بسط ذلك وتوجيه هذه المذاهب في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى.

(6/560)


21 – باب
3540- حَدَّثَنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ ابْنَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ جَلْدًا مُعْتَدِلًا فَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ مَا مُتِّعْتُ بِهِ سَمْعِي وَبَصَرِي

(6/560)


22 - باب خَاتِمِ النُّبُوَّةِ
3541- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ: "ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَقَعَ فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ وَتَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتِمٍ بَيْنَ كَتِفَيْهِ".
قَالَ ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: الْحُجْلَةُ مِنْ حُجَلِ الْفَرَسِ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ: "مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ".
قوله: "باب خاتم النبوة" أي صفته، وهو الذي كان بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وكان من علاماته التي كان أهل الكتاب يعرفونه بها، وادعى عياض هنا أن الخاتم هو أثر شق الملكين لما بين كتفيه، وتعقبه النووي فقال: هذا باطل، لأن الشق إنما كان في صدره وبطنه، وكذا قال القرطبي، وأثره إنما كان خطا واضحا من صدر إلى مراق بطنه كما في الصحيحين، قال: ولم يثبت قط أنه بلغ بالشق حتى نفذ من وراء ظهره، ولو ثبت للزم عليه أن يكون مستطيلا من بين كتفيه إلى قطنته، لأنه الذي يحاذي الصدر من سرته إلى مراق بطنه، قال: فهذه غفلة من هذا الإمام، ولعل ذلك وقع من بعض نساخ كتابه فإنه لم يسمع عليه فيما علمت، كذا قال، وقد وقفت على مستند القاضي وهو حديث عتبة بن عبد السلمي الذي أخرجه أحمد والطبراني وغيرهما عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف كان بدء أمرك؟ فذكر القصة في ارتضاعه في بني سعد، وفيه أن الملكين لما شقا صدره قال أحدهما للآخر: خطه، فخاطه وختم عليه بخاتم النبوة انتهى. فلما ثبت أن خاتم النبوة كان بين كتفيه حمل ذلك عياض على أن الشق لما وقع في صدره ثم خيط حتى التأم كما كان ووقع الختم بين كتفيه كان ذلك أثر الشق، وفهم النووي وغيره منه أن قوله بين كتفيه متعلق بالشق، وليس كذلك بل هو متعلق بأثر الختم، ويؤيده ما وقع في حديث شداد بن أوس عند أبي يعلى والدلائل لأبي نعيم "أن الملك لما أخرج قلبه وغسله ختم ثم أعاده عليه بخاتم في يده من نور فامتلأ نورا"

(6/561)


وذلك نور النبوة والحكمة، فيحتمل أن يكون ظهر من وراء ظهره عند كتفه الأيسر لأن القلب في تلك الجهة. وفي حديث عائشة عند أبي داود الطيالسي والحارث بن أبي أسامة والدلائل لأبي نعيم أيضا "أن جبريل وميكائيل لما تراءيا له عند المبعث هبط جبريل فسلقي لحلاوة القفا ثم شق عن قلبي فاستخرجه ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم أعاده مكانه ثم لأمه ثم ألقاني وختم في ظهري حتى وجدت مس الخاتم في قلبي، وقال: اقرأ ..." الحديث، هذا مستند القاضي فيما ذكره، وليس بباطل، ومقتضى هذه الأحاديث أن الخاتم لم يكن موجودا حين ولادته، ففيه تعقيب على من زعم أنه ولد به، وهو قول نقله أبو الفتح اليعمري بلفظ: "قيل: ولد به وقيل: حين وضع" نقله مغلطاي عن يحيى بن عائذ، والذي تقدم أثبت. ووقع مثله في حديث أبي ذر عند أحمد والبيهقي في الدلائل وفيه: "وجعل خاتم النبوة بين كتفي كما هو الآن" وفي حديث شداد بن أوس في المغازي لابن عائد في قصة شق صدره وهو في بلاد بني سعد بن بكر "وأقبل وفي يده خاتم له شعاع فوضعه بين كتفيه وثدييه" الحديث، وهذا قد يؤخذ منه أن الختم وقع في موضعين من جسده والعلم عند الله. قوله: "حدثنا محمد بن عبيد الله" بالتصغير، هو أبو ثابت المدني مشهور بكنيته، والإسناد كله مدنيون، وأصل شيخه حاتم بن إسماعيل كوفي. قوله: "ذهبت بي خالتي" لم أقف على اسمها، وأما أمه فاسمها علبة - بضم المهملة وسكون اللام بعدها موحدة - بنت شريح أخت مخرمة بن شريح. قوله: "وقع" بفتح الواو وكسر القاف وبالتنوين أي وجع وزنه ومعناه، وقد مضى في الطهارة بلفظ وجع، وجاء بلفظ الفعل الماضي مبنيا للفاعل، والمراد أنه كان يشتكي رجله كما ثبت في غير هذا الطريق. قوله: "فمسح رأسي ودعا لي بالبركة" سيأتي شرحه في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى. قوله: "فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه" في حديث عبد الله بن سرجس عند مسلم أنه كان إلى جهة كتفه اليسرى. قوله: "قال ابن عبيد الله الحجلة من حجل الفرس الذي بين عينيه وقال إبراهيم بن حمزة مثل زر الحجلة" قلت: هكذا وقع، وكأنه سقط منه شيء لأنه يبعد من شيخه محمد بن عبيد الله أن يفسر الحجلة ولم يقع لها في سياقه ذكر، وكأنه كان فيه مثل زر الحجلة ثم فسرها، وكذلك وقع في أصل النسفي تضبيب بين قوله: "بين كتفيه" وبين قوله: "قال ابن عبيد الله" وأما التعليق عن ابن إبراهيم بن حمزة فالمراد أنه روى هذا الحديث كما رواه محمد بن عبيد الله إلا أنه خالف في هذه الكلمة، وسيأتي الحديث عنه موصولا بتمامه في كتاب الطب. وقد زعم ابن التين أنها في رواية ابن عبيد الله بضم المهملة وسكون الجيم. وفي رواية ابن حمزة بفتحهما، وحكى ابن دحية مثله وزاد في الأول كسر المهملة مع ضمها، وقيل: الفرق بين رواية ابن حمزة وابن عبيد الله أن رواية ابن عبيد الله بتقديم الزاي على الراء على المشهور، ورواية ابن حمزة بالعكس بتقديم الراء على الزاي، وهو مأخوذ من ارتز الشيء إذا دخل في الأرض، ومنه الرزة، والمراد بها هنا البيضة يقال ارتزت الجرادة إذا أدخلت ذنبها في الأرض لتبيض، وعلى هذا فالمراد بالحجلة الطير المعروف، وجزم السهيلي بأن المراد بالحجلة هنا الكلة التي تعلق على السرير ويزين بها للعروس كالبشخانات، والزر على هذا حقيقة لأنها تكون ذات أزرار وعرى، واستبعد قول ابن عبيد الله بأنها من حجل الفرس الذي بين عينيه بأن التحجيل إنما يكون في القوائم، وأما الذي في الوجه فهو الغرة، وهو كما قال إلا أن منهم من يطلقه على ذلك مجازا، وكأنه أراد أنها قدر الزر، وإلا فالغرة لا زر لها. وجزم الترمذي بأن المراد بالحجلة الطير المعروف، وأن المراد بزرها بيضها، ويعضده ما سيأتي أنه مثل بيضة الحمامة، وقد وردت في صفة خاتم النبوة أحاديث متقاربة لما ذكر هنا،

(6/562)


منها عند مسلم عن جابر بن سمرة "كأنه بيض حمامة" ووقع في رواية ابن حبان من طريق سماك بن حرب "كبيضة نعامة" ونبه على أنها غلط(1) وعن عبد الله بن سرجس "نظرت خاتم النبوة جمعا عليه خيلان" وعند ابن حبان من حديث ابن عمر "مثل البندقة من اللحم" وعند الترمذي "كبضعة ناشزة من اللحم" وعند قاسم بن ثابت من حديث قرة بن إياس "مثل السلعة" وأما ما ورد من أنها كانت كأثر محجم، أو كالشامة السوداء أو الخضراء، أو مكتوب عليها "محمد رسول الله" أو "سر فأنت المنصور" أو نحو ذلك، فلم يثبت منها شيء وقد أطنب الحافظ قطب الدين في استيعابها في "شرح السيرة" وتبعه مغلطاي في "الزهر الباسم" ولم يبين شيئا من حالها، والحق ما ذكرته، ولا تغتر بما وقع منها في صحيح ابن حبان فإنه غفل حيث صحح ذلك والله أعلم. قال القرطبي: اتفقت الأحاديث الثابتة على أن خاتم النبوة كان شيئا بارزا أحمر عند كتفه الأيسر قدره إذا قلل قدر بيضة الحمامة وإذا كبر جمع اليد والله أعلم. ووقع في حديث عبد الله بن سرجس عند مسلم أن خاتم النبوة كان بين كتفيه عند ناغض كتفه اليسرى، وفي حديث عباد بن عمرو عند الطبراني كأنه ركبة عنز على طرف كتفه الأيسر ولكن سنده ضعيف، قال العلماء: السر في ذلك أن القلب في تلك الجهة، وقد ورد في خبر مقطوع أن رجلا سأل ربه أن يريه موضع الشيطان فرأى الشيطان في صورة ضفدع عند نغض كتفه الأيسر حذاء قلبه له خرطوم كالبعوضة، أخرجه ابن عبد البر بسند قوي إلى ميمون بن مهران عن عمر بن عبد العزيز، فذكر. وذكره أيضا صاحب "الفائق" في مصنفه في م ص ر، وله شاهد مرفوع عن أنس عند أبي يعلى وابن عدي ولفظه: "أن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم" الحديث، وأورد ابن أبي داود في "كتاب الشريعة" من طريق عروة بن رويم "أن عيسى عليه السلام سأل ربه أن يريه موضع الشيطان من ابن آدم، قال فإذا برأسه مثل الحية واضع رأسه على تمرة القلب، فإذا ذكر العبد ربه خنس، وإذا غفل وسوس". قلت: وسيأتي لهذا مزيد في آخر التفسير، قال السهيلي: وضع خاتم النبوة عند نغض كتفه صلى الله عليه وسلم لأنه معصوم من وسوسة الشيطان، وذلك الموضع يدخل منه الشيطان.
ـــــــ
(1) بهامش طبعة بولاق: في نسخة أخرى "وقد تبين من رواية مسلم أنها غلط" اهـ

(6/563)


باب صفة النبي صلى الله عليه و سلم
...
23 - باب صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
3542- حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: "صَلَّى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَصْرَ ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِي فَرَأَى الْحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَقَالَ بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ لاَ شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ".
[الحديث 3542 – طرفه في: 3750]
3543- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْحَسَنُ يُشْبِهُهُ".
[الحديث 3543 – طرفه في: 3544]

(6/563)


3544- حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلاَم يُشْبِهُهُ قُلْتُ لِأَبِي جُحَيْفَةَ صِفْهُ لِي قَالَ كَانَ أَبْيَضَ قَدْ شَمِطَ وَأَمَرَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاَثَ عَشْرَةَ قَلُوصًا قَالَ فَقُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ نَقْبِضَهَا".
3545- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبٍ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتُ بَيَاضًا مِنْ تَحْتِ شَفَتِهِ السُّفْلَى الْعَنْفَقَةَ".
3546- حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَرَأَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ شَيْخًا قَالَ كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ".
3547- حَدَّثَنا ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَصِفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ رَبْعَةً مِنْ الْقَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلاَ آدَمَ لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلاَ سَبْطٍ رَجِلٍ أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَقُبِضَ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ قَالَ رَبِيعَةُ فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ فَسَأَلْتُ فَقِيلَ احْمَرَّ مِنْ الطِّيبِ".
[الحديث 3547 – طرفاه في: 3548، 5900]
3548- حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سمعه يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير ولا بالأبيض الأمهق وليس بالآدم وليس بالجعد القطط ولا بالسبط بعثه الله على رأس أربعين سنة فأقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين فتوفاه الله وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء".
3549- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُ خَلْقًا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ".
3550- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: "سَأَلْتُ أَنَسًا هَلْ خَضَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لاَ إِنَّمَا كَانَ شَيْءٌ فِي صُدْغَيْهِ".
[الحديث 3550 – طرفاه في: 5894، 5895]

(6/564)


3551- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعًا بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ لَهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنِهِ رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ قَالَ يُوسُفُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ إِلَى مَنْكِبَيْهِ".
[الحديث 3551 – طرفاه في: 5844، 5901]
3552- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سُئِلَ الْبَرَاءُ أَكَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ السَّيْفِ قَالَ لاَ بَلْ مِثْلَ الْقَمَرِ".
3553- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ أَبُو عَلِيٍّ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ بِالْمَصِّيصَةِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ قَالَ شُعْبَةُ وَزَادَ فِيهِ عَوْنٌ عَنْ أَبِيهِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ كَانَ يَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا الْمَرْأَةُ وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ قَالَ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنْ الثَّلْجِ وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنْ الْمِسْكِ".
3554- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَم يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ".
3555- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ الْمُدْلِجِيُّ لِزَيْدٍ وَأُسَامَةَ وَرَأَى أَقْدَامَهُمَا إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأَقْدَامِ مِنْ بَعْضٍ".
[الحديث 3555 – أطرافه في: 3731، 6770، 6771]
3556- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ قَالَ: "فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنْ السُّرُورِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ".

(6/565)


3557- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا حَتَّى كُنْتُ مِنْ الْقَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ".
3558- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ".
[الحديث 3558 – طرفاه في: 3944، 5917]
3559- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا".
[الحديث 3559 – أطرافه في: 3759، 6029، 6035]
3560- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا".
[الحديث 3560 – أطرافه في: 6126، 6786، 6853]
3561- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلاَ دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
3562- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا".
[الحديث 3562 – طرفاه في: 6102، 6119]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِيٍّ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ مِثْلَهُ "وَإِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ"
3563- حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "مَا عَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا قَطُّ إِنْ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِلاَ تَرَكَهُ".
[الحديث 3563 – طرفه في: 5409]

(6/566)


3564- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ الأَسْدِيِّ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى نَرَى إِبْطَيْهِ قَالَ وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا بَكْرٌ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ".
3565- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُمْ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلاَّ فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ وَقَالَ أَبُو مُوسَى دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ ". وقال أبو موسى: "دعا النبي صلى الله عليه وسلم ورفع يديه".
3566- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَوْنَ بْنَ أَبِي جُحَيْفَةَ ذَكَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "دُفِعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالأَبْطَحِ فِي قُبَّةٍ كَانَ بِالْهَاجِرَةِ خَرَجَ بِلاَلٌ فَنَادَى بِالصَّلاَةِ ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ فَضْلَ وَضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ يَأْخُذُونَ مِنْهُ ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ الْعَنَزَةَ وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ سَاقَيْهِ فَرَكَزَ الْعَنَزَةَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ".
3567- حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ الْبَّزَّارُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لاَحْصَاهُ".
[الحديث 3567 – طرفه في: 3568]
3568- وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "أَلاَ يُعْجِبُكَ أَبُو فُلاَنٍ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْمِعُنِي ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ سُبْحَتِي وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ".
قوله: "باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم" أي خلقه وخلقه. وأورد فيه أربعة وعشرين حديثا: الأول: حديث أبي بكر المشتمل على أن الحسن بن علي كان يشبه جده صلى الله عليه وسلم. قوله: "عن ابن أبي مليكة" في رواية الإسماعيلي: "أخبرني" وفي أخرى "حدثني ابن أبي مليكة". قوله: "عن عقبة بن الحارث" في رواية الإسماعيلي: "أخبرني عقبة بن الحارث". قوله: "صلى أبو بكر رضي الله عنه العصر ثم خرج يمشي" زاد الإسماعيلي في رواية: "بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بليال، وعلي يمشي إلى جانبه". قوله: "بأبي" فيه حذف تقديره أفديه بأبي، ووقع في رواية الإسماعيلي: "وارتجز فقال: وابأبي، شبيه بالنبي" وفي تسمية هذا رجزا نظر، لأنه ليس بموزون، وكأنه أطلق على السجع رجزا. ووقع من بعض الرواة تغيير وتصحيف رواية الأصل، ولعلها كانت "وابأبي وابأبي" كما دلت عليه رواية الإسماعيلي

(6/567)


المذكورة، فهذا يكون من مجزوء الرجز، لكن قوله: "شبيه بالنبي" يحتاج إلى شيء قبله، فلعله كان شخص أو أنت شبيه بالنبي صلى الله عليه وسلم أو نحو ذلك، وأما الثالث فموزون. قوله: "وعلي يضحك" في رواية الإسماعيلي: "وعلي يتبسم" أي رضا بقول أبي بكر وتصديقا له. وقد وافق أبا بكر على أن الحسن كان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم أبو جحيفة كما سيأتي في الحديث الذي بعده، ووقع في حديث أنس كما سيأتي في المناقب أن الحسين بن علي كان أشبههم بالنبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي وجه التوفيق بينهما في المناقب إن شاء الله تعالى، وأذكر فيه من شاركهما في ذلك إن شاء الله تعالى. وفي الحديث فضل أبي بكر ومحبته لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي في المناقب قوله: "لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي" وفيه ترك الصبي المميز يلعب، لأن الحسن إذ ذاك كان ابن سبع سنين، وقد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ عنه، ولعبه محمول على ما يليق بمثله في ذلك الزمان من الأشياء المباحة، بل على ما فيه تمرين وتنشيط ونحو ذلك. والله أعلم. الحديث الثاني: حديث أبي جحيفة أورده من طريقين. وإسماعيل هو ابن أبي خالد، وابن فضيل بالتصغير هو محمد. قوله: "كان أبيض قد شمط" بفتح المعجمة وكسر الميم أي صار سواد شعره مخالطا لبياضه وقد بين في الرواية التي تلي هذا أن موضع الشمط كان في العنفقة ويؤيد ذلك حديث عبد الله بن بسر المذكور بعده، والعنفقة ما بين الذقن والشفة السفلى سواء كان عليها شعر أم لا. وتطلق على الشعر أيضا. وعند مسلم من رواية زهير "عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه منه بيضاء - وأشار إلى عنفقته - قيل مثل من أنت يومئذ؟ قال: أبري النبل وأريشها". قوله: "وأمر لنا" أي له ولقومه من بني سواءة - بضم المهملة وتخفيف الواو والمد والهمز وآخره هاء تأنيث - ابن عامر بن صعصعة، وكان أمر لهم بذلك على سبيل جائزة الوفد. قوله: "قلوصا" بفتح القاف، هي الأنثى من الإبل، وقيل: الشابة، وقيل: الطويلة القوائم. وقوله: "فقبض النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن نقبضها" فيه إشعار بأن ذلك كان قرب وفاته صلى الله عليه وسلم، وقد شهد أبو جحيفة ومن معه من قومه حجة الوداع كما في الرواية التي بعد هذه، فالذي يظهر أن أبا بكر وفي لهم بالوعد المذكور كما صنع بغيرهم. ثم وجدت ذلك منقولا صريحا، ففي رواية الإسماعيلي من طريق محمد بن فضيل بالإسناد المذكور "فذهبنا نقبضها فأتانا موته فلم يعطونا شيئا، فلما قام أبو بكر قال: من كانت له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة فليجيء، فقمت إليه فأخبرته فأمر لنا بها" وقد تقدم البحث في هذه المسألة في الهبة. الحديث الثالث: حديث أبي جحيفة أيضا. قوله: "عن وهب أبي جحيفة" هو اسم أبي جحيفة، وهو مشهور بكنيته أكثر من اسمه، وكان يقال له أيضا وهب الله ووهب الخير. قوله: "ورأيت بياضا من تحت شفته السفلى العنفقة" بالكسر على أنه بدل من الشفة، وبالنصب على أنه بدل من قوله: "بياضا"، ووقع عند الإسماعيلي من طريق عبيد الله بن موسى عن إسرائيل بهذا الإسناد "من تحت شفته السفلى مثل موضع إصبع العنفقة" وإصبع في هذه الرواية بالتنوين، وإعراب العنفقة كالذي قبله. وفي رواية شبابة بن سوار عن إسرائيل عنده "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم شابت عنفقته". الحديث الرابع: وهو من ثلاثياته. قوله: "حدثنا عصام بن خالد" هو أبو إسحاق الحمصي الحضرمي من كبار شيوخ البخاري، وليس له عنه في الصحيح غيره. وأما حريز فهو بفتح المهملة وتقدم قريبا أنه من صغار التابعين. قوله: "أرأيت النبي صلى الله عليه وسلم" يحتمل أن يكون "أرأيت" بمعنى أخبرني و"النبي" بالرفع على أنه اسم كان، والتقدير: أخبرني أكان النبي صلى الله عليه وسلم شيخا؟ ويحتمل أن يكون "أرأيت" استفهاما منه هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم؟ ويكون "النبي" بالنصب على المفعولية. وقوله: "كان شيخا"

(6/568)


استفهام ثان حذفت منه أداة الاستفهام، ويؤيد هذا الثاني رواية الإسماعيلي من وجه آخر عن حريز بن عثمان قال: "رأيت عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم بحمص والناس يسألونه، فدنوت منه وأنا غلام فقلت: أنت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قلت: شيخ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أم شاب؟ قال: فتبسم" وفي رواية له "فقلت له: أكان النبي صلى الله عليه وسلم صبغ؟ قال: يا ابن أخي لم يبلغ ذلك". قوله: "قال كان في عنفقته شعرات بيض" في رواية الإسماعيلي: "إنما كانت شعرات بيض، وأشار إلى عنفقته" وسيأتي بعد حديثين قول أنس "إنما كان شيء في صدغيه" وسيأتي وجه الجمع بينهما إن شاء الله تعالى. الحديث الخامس: حديث أنس من رواية ربيعة عنه، وهو ابن أبي عبد الرحمن فروخ الفقيه المدني المعروف بربيعة الرأي، وقد أورده من طريقين: أحدهما: من رواية خالد، وهو ابن يزيد الجمحي المصري، وكان من أقران الليث بن سعد لكنه مات قبله، وقد أكثر عنه الليث. قوله: "كان ربعة" بفتح الراء وسكون الموحدة أي مربوعا، والتأنيث باعتبار النفس، يقال رجل ربعة وامرأة ربعة، وقد فسره في الحديث المذكور بقوله: "ليس بالطويل البائن ولا بالقصير" والمراد بالطويل البائن المفرط في الطول مع اضطراب القامة، وسيأتي في حديث البراء بعد قليل أنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعا" ووقع في حديث أبي هريرة عند الذهلي في "الزهريات" بإسناد حسن "كان ربعة وهو إلى الطول أقرب". قوله: "أزهر اللون" أي أبيض مشرب بحمرة، وقد وقع ذلك صريحا في حديث أنس من وجه آخر عند مسلم، وعند سعيد بن منصور والطيالسي والترمذي والحاكم من حديث علي قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أبيض مشربا بياضه بحمرة" وهو عند ابن سعد أيضا عن علي، وعن جابر، وعند البيهقي من طرق عن علي، وفي "الشمائل" من حديث هند بن أبي هالة أنه أزهر اللون. قوله: "ليس بأبيض أمهق" كذا في الأصول، ووقع عند الداودي تبعا لرواية المروزي "أمهق ليس بأبيض" واعترضه الداودي. وقال عياض: إنه وهم، قال: وكذلك رواية من روى أنه ليس بالأبيض ولا الآدم ليس بصواب، كذا قال، وليس بجيد في هذا الثاني، لأن المراد أنه ليس بالأبيض الشديد البياض ولا بالآدم الشديد الأدمة، وإنما يخالط بياضه الحمرة، والعرب قد تطلق على من كان كذلك أسمر، ولهذا جاء في حديث أنس عند أحمد والبزار وابن منده بإسناد صحيح وصححه ابن حبان: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أسمر" وقد رد المحب الطبري هذه الرواية بقوله: في حديث الباب من طريق مالك عن ربيعة "ولا بالأبيض الأمهق وليس بالآدم" والجمع بينهما ممكن وأخرجه البيهقي في "الدلائل" من وجه آخر عن أنس فذكر الصفة النبوية قال: "كان رسول صلى الله عليه وسلم أبيض بياضه إلى السمرة" وفي حديث يزيد الرقاشي عن ابن عباس في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: "رجل بين رجلين جسمه ولحمه أحمر" وفي لفظ: "أسمر إلى البياض" أخرجه أحمد وسنده حسن، وتبين من مجموع الروايات أن المراد بالسمرة الحمرة التي تخالط البياض، وأن المراد بالبياض المثبت ما يخالطه الحمرة، والمنفي ما لا يخالطه، وهو الذي تكره العرب لونه وتسميه أمهق، وبهذا تبين أن رواية المروزي "أمهق ليس بأبيض" مقلوبة والله أعلم، على أنه يمكن توجيهها بأن المراد بالأمهق الأخضر اللون الذي ليس بياضه في الغاية ولا سمرته ولا حمرته، فقد نقل عن رؤبة أن المهق خضرة الماء، فهذا التوجيه يتم على تقدير ثبوت الرواية، وقد تقدم في حديث أبي جحيفة إطلاق كونه أبيض، وكذا في حديث أبي الطفيل عند مسلم. وفي رواية عند الطبراني "ما أنسى شدة بياض وجهه مع شدة سواد شعره" وكذا في شعر أبي طالب المتقدم في الاستسقاء "وأبيض يستسقي الغمام بوجهه" وفي حديث سراقة عند ابن إسحاق "فجعلت

(6/569)


أنظر إلى ساقه كأنها جمارة" ولأحمد من حديث محرش الكعبي في عمرة الجعرانة أنه قال: "فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة" وعن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يصف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "كان شديد البياض" أخرجه يعقوب بن سفيان والبزار بإسناد قوي، والجمع بينهما بما تقدم. وقال البيهقي: يقال إن المشرب منه حمرة وإلى السمرة ما ضحى منه للشمس والريح، وأما ما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر. قلت: وهذا ذكره ابن أبي خيثمة عقب حديث عائشة في صفته صلى الله عليه وسلم بأبسط من هذا وزاد: "ولونه الذي لا يشك فيه الأبيض الأزهر" وأما ما وقع في "زيادات عبد الله بن أحمد في المسند" من طريق علي "أبيض مشرب شديد الوضح" فهو مخالف لحديث أنس "ليس بالأمهق" وهو أصح، ويمكن الجمع بحمل ما في رواية علي على ما تحت الثياب مما لا يلاقي الشمس، والله أعلم. قوله: "ليس بجعد قطط ولا سبط" بفتح أوله وكسر الموحدة، والجعودة في الشعر أن لا يتكسر ولا يسترسل والسبوطة ضده، فكأنه أراد أنه وسط بينهما. ووقع في حديث علي عند الترمذي وابن أبي خيثمة "ولم يكن بالجعد القطط، ولا بالسبط، كان جعدا رجلا" وقوله: رجل بكسر الجيم - ومنهم من يسكنها - أي متسرح، وهو مرفوع على الاستئناف، أي هو رجل. ووقع عند الأصيلي بالخفض وهو وهم لأنه يصير معطوفا على المنفي، وقد وجه على أنه خفضه على المجاورة، وفي بعض الروايات بفتح اللام وتشديد الجيم على أنه فعل ماض. قوله: "أنزل عليه" في رواية مالك "بعثه الله". قوله: "وهو ابن أربعين" في رواية مالك "على رأس أربعين" وهذا إنما يتم على القول بأنه بعث في الشهر الذي ولد فيه، والمشهور عند الجمهور أنه ولد في شهر ربيع الأول وأنه بعث في شهر رمضان، فعلى هذا يكون له حين بعث أربعون سنة ونصف أو تسع وثلاثون ونصف، فمن قال أربعين ألغي الكسر أو جبر، لكن قال المسعودي وابن عبد البر: إنه بعث في شهر ربيع الأول. فعلى هذا يكون له أربعون سنة سواء. وقال بعضهم: بعث وله أربعون سنة وعشرة أيام، وعند الجعابي أربعون سنة وعشرون يوما، وعن الزبير بن بكار أنه ولد في شهر رمضان وهو شاذ، فإن كان محفوظا وضم إلى المشهور أن المبعث في رمضان فيصح أنه بعث عند إكمال الأربعين أيضا. وأبعد منه قول من قال: بعث في رمضان وهو ابن أربعين سنة وشهرين، فإنه يقتضي أنه ولد في شهر رجب، ولم أر من صرح به. ثم رأيته كذلك مصرحا به في "تاريخ أبي عبد الرحمن العتقي" وعزاه للحسين بن علي وزاد: "لسبع وعشرين من رجب" وهو شاذ. ومن الشاذ أيضا ما رواه الحاكم من طريق يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: "أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وأربعين" وهو قول الواقدي، وتبعه البلاذري وابن أبي عاصم، وفي "تاريخ يعقوب بن سفيان" وغيره عن مكحول أنه بعث بعد ثنتين وأربعين. قوله: "فلبث بمكة عشر سنين ينزل عليه" مقتضى هذا أنه عاش ستين سنة. وأخرج مسلم من وجه آخر عن أنس "أنه صلى الله عليه وسلم عاش ثلاثا وستين" وهو موافق لحديث عائشة الماضي قريبا وبه قال الجمهور. وقال الإسماعيلي: لا بد أن يكون الصحيح أحدهما، وجمع غيره بإلغاء الكسر، وسيأتي بقية الكلام على هذا الموضع في الوفاة آخر المغازي إن شاء الله تعالى. قوله: "وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء" أي بل دون ذلك، ولابن أبي خيثمة من طريق أبي بكر بن عياش "قلت لربيعة: جالست أنسا؟ قال: نعم، وسمعته يقول: شاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين شيبة هاهنا يعني العنفقة" ولإسحاق بن راهويه وابن حبان والبيهقي من حديث ابن عمر "كان شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من عشرين شعرة بيضاء في مقدمه" وقد اقتضى حديث عبد الله بن بسر أن شيبه كان لا يزيد على عشر

(6/570)


شعرات لإيراده بصيغة جمع القلة، لكن خص ذلك بعنفقته، فيحمل الزائد على ذلك في صدغيه كما في حديث البراء، لكن وقع عند ابن سعد بإسناد صحيح عن حميد عن أنس في أثناء حديث قال: "ولم يبلغ ما في لحيته من الشيب عشرين شعرة" قال حميد: "وأومأ إلى عنفقته سبع عشرة" وقد روى ابن سعد أيضا بإسناد صحيح عن ثابت عن أنس قال: "ما كان رأس النبي صلى الله عليه وسلم ولحيته إلا سبع عشرة أو ثماني عشرة" ولابن أبي خيثمة من حديث حميد عن أنس "لم يكن في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرون شعرة بيضاء. قال حميد: كن سبع عشرة" وفي مسند عبد بن حميد من طريق حماد عن ثابت عن أنس "ما عددت في رأسه ولحيته إلا أربع عشرة شعرة" وعند ابن ماجه من وجه آخر عن أنس "إلا سبع عشرة أو عشرين شعرة" وروى الحاكم في "المستدرك" من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن أنس قال: "لو عددت ما أقبل علي من شيبه في رأسه ولحيته ما كنت أزيدهن على إحدى عشرة شيبة" وفي حديث الهيثم بن زهير عند(1) "ثلاثون عددا". قوله: "قال ربيعة" هو موصول بالإسناد المذكور. قوله: "فرأيت شعرا من شعره فإذا هو أحمر فسألت فقيل أحمر من الطيب" لم أعرف المسئول المجيب بذلك، إلا أنه في رواية ابن عقيل المذكورة من قبل أن عمر بن عبد العزيز قال لأنس: "هل خضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فإني رأيت شعرا من شعره قد لون، فقال: إنما هذا الذي لون من الطيب الذي كان يطيب به شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الذي غير لونه" فيحتمل أن يكون ربيعة سأل أنسا عن ذلك فأجابه. ووقع في "رجال مالك" للدار قطني وهو في "غرائب مالك" له عن أبي هريرة قال: "لما مات النبي صلى الله عليه وسلم خضب من كان عنده شيء من شعره ليكون أبقى لها". قلت: فإن ثبت هذا استقام إنكار أنس، ويقبل ما أثبته سواه التأويل، وستأتي الإشارة إلى شيء من ذلك في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى. الحديث السادس: حديث البراء. قوله: "حدثنا إبراهيم بن يوسف" أي ابن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي. قوله: "وأحسنه خلقا" بفتح المعجمة للأكثر، وضبطه ابن التين بضم أوله واستشهد بقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ووقع في رواية الإسماعيلي بالشك "وأحسنه خلقا أو خلقا" ويؤيده قوله قبله "أحسن الناس وجها" فإن فيه إشارة إلى الحسن الحسي، فيكون في الثاني إشارة إلى الحسن المعنوي. وقد وقع في حديث أنس الذي يتعلق بفرس أبي طلحة الذي قال فيه: "إن وجدناه لبحرا" وهو عنده في مواضع، منها أن في أوله في باب الشجاعة في الحرب "كان أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس" فجمع صفات القوي الثلاث العقلية والغضبية والشهوانية، فالشجاعة تدل على الغضبية، والجود يدل على الشهوية، والحسن تابع لاعتدال المزاج المستتبع لصفاء النفس الذي به جودة القريحة الدال على العقل، فوصف بالأحسنية في الجميع. ومضى في الجهاد والخمس حديث جبير بن مطعم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذوبا ولا جبانا" فأشار بعدم الجبن إلى كمال القوة الغضبية وهي الشجاعة، وبعدم الكذب إلى كمال القوة العقلية وهي الحكمة، وبعدم البخل إلى كمال القوة الشهوانية وهو الجود. قوله: "ليس بالطويل البائن ولا بالقصير" تقدم في حديث ربيعة عن أنس أنه كان ربعة، ووقع في حديث عائشة عند ابن أبي خيثمة "لم يكن أحد يماشيه من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما، فإذا فارقاه نسبا إلى الطول، ونسب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الربعة" وقوله: "البائن" بالموحدة اسم فاعل من بان أي ظهر على غيره أو فارق من سواء. الحديث السابع: حديث قتادة "سألت أنسا:
ـــــــ
(1) قال مصحح طبعة بولاق: هكذا بياض في النسخ.

(6/571)


هل خضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنما كان شيء في صدغيه" الصدغ بضم المهملة وإسكان الدال بعدها معجمة ما بين الأذن والعين، ويقال ذلك أيضا للشعر المتدلي من الرأس في ذلك المكان، وهذا مغاير للحديث السابق أن الشعر الأبيض كان في عنفقته، ووجه الجمع ما وقع عند مسلم من طريق سعيد عن قتادة عن أنس قال: "لم يخضب رسول الله وإنما كان البياض في عنفقته وفي الصدغين، وفي الرأس نبذ" أي متفرق، وعرف من مجموع ذلك أن الذي شاب من عنفقته أكثر مما شاب من غيرها، ومراد أنس أنه لم يكن في شعره ما يحتاج إلى الخضاب، وقد صرح بذلك في رواية محمد بن سيرين قال: "سألت أنس بن مالك: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خضب؟ قال: لم يبلغ الخضاب" ولمسلم من طريق حماد عن ثابت عن أنس "لو شئت أن أعد شمطات كن في رأسه لفعلت" زاد ابن سعد والحاكم "ما شانه بالشيب" ولمسلم من حديث جابر بن سمرة "فقد شمط مقدم رأسه ولحيته، وكان إذا ادهن لم يتبين، فإذا لم يدهن تبين" وأما ما رواه الحاكم وأصحاب السنن من حديث أبي رمثة قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه بردان أخضران، وله شعر قد علاه الشيب، وشيبه أحمر مخضوب بالحناء" فهو موافق لقول ابن عمر "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخضب بالصفرة" وقد تقدم في الحج وغيره، والجمع بينه وبين حديث أنس أن يحمل نفي أنس على غلبة الشيب حتى يحتاج إلى خضابه ولم يتفق أنه رآه وهو مخضب، ويحمل حديث من أثبت الخضب على أنه فعله لإرادة بيان الجواز ولم يواظب عليه. وأما ما تقدم عن أنس وأخرجه الحاكم من حديث عائشة قالت: "ما شانه الله ببيضاء" فمحمول على أن تلك الشعرات البيض لم يتغير بها شيء من حسنه صلى الله عليه وسلم، وقد أنكر أحمد إنكار أنس أنه خضب، وذكر حديث ابن عمر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يخضب بالصفرة وهو في الصحيح، ووافق مالك أنسا في إنكار الخضاب وتأول ما ورد في ذلك. الحديث الثامن: حديث البراء. قوله: "بعيد ما بين المنكبين" أي عريض أعلى الظهر، ووقع في حديث أبي هريرة عند ابن سعد "رحب الصدر". قوله: "له شعر يبلغ شحمة أذنه" في رواية الكشميهني: "أذنيه" بالتثنية. وفي رواية الإسماعيلي: "تكاد جمته تصيب شحمة أذنيه". قوله: "وقال يوسف بن أبي إسحاق" هو يوسف بن إسحاق ابن أبي إسحاق نسبه إلى جده. قوله: "إلى منكبيه" أي زاد في روايته عن جده أبي إسحاق عن البراء في هذا الحديث له شعر يبلغ شحمة أذنيه إلى منكبيه، وطريق يوسف هذه أوردها المصنف قبل هذا بحديث لكنه اختصرها، قال ابن التين تبعا للداودي: قوله: "يبلغ شحمة أذنيه" مغاير لقوله: "إلى منكبيه" وأجيب بأن المراد أن معظم شعره كان عند شحمة أذنه، وما استرسل منه متصل إلى المنكب. أو يحمل على حالتين. وقد وقع نظير ذلك في حديث أنس عند مسلم من رواية قتادة عنه أن شعره "كان بين أذنيه وعاتقه" وفي حديث حميد عنه "إلى أصناف أذنيه" ومثله عند الترمذي من رواية ثابت عنه، وعند ابن سعد من رواية حماد عن ثابت عنه "لا يجاوز شعره أذنيه" وهو محمول على ما قدمته، أو على أحوال متغايرة. وروى أبو داود من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: "كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة ودون الجمة" وفي حديث هند بن أبي هالة في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الترمذي وغيره: "فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره" أي جعله وفرة، فهذا القيد يؤيد الجمع المتقدم. وروى أبو داود والترمذي من حديث أم هانئ قالت: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وله أربع غدائر" ورجاله ثقات. الحديث التاسع: حديث البراء أيضا. قوله: "حدثنا زهير" هو ابن معاوية وأبو إسحاق هو السبيعي. قوله: "سئل البراء" في رواية الإسماعيلي من طريق أحمد بن يونس عن زهير "حدثنا أبو إسحاق عن البراء قال له رجل". قوله:

(6/572)


"مثل السيف؟ قال: لا، بل مثل القمر" كأن السائل أراد أنه مثل السيف في الطول، فرد عليه البراء فقال: "بل مثل القمر" أي في التدوير، ويحتمل أن يكون أراد مثل السيف في اللمعان والصقال؟ فقال: بل فوق ذلك، وعدل إلى القمر لجمعه الصفتين من التدوير واللمعان: ووقع في رواية زهير المذكورة "أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حديدا مثل السيف؟" وهو يؤيد الأول. وقد أخرج مسلم من حديث جابر بن سمرة "أن رجلا قال له: أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: لا بل مثل الشمس والقمر مستديرا" وإنما قال: "مستديرا" للتنبيه على أنه جمع الصفتين، لأن قوله: "مثل السيف" يحتمل أن يريد به الطول أو اللمعان، فرده المسئول ردا بليغا. ولما جرى التعارف في أن التشبيه بالشمس إنما يراد به غالبا الإشراق، والتشبيه بالقمر إنما يراد به الملاحة دون غيرهما، أتى بقوله: "وكان مستديرا" إشارة إلى أنه أراد التشبيه بالصفتين معا: الحسن والاستدارة. ولأحمد وابن سعد وابن حبان عن أبي هريرة "ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في جبهته" قال الطيبي: شبه جريان الشمس في فلكها بجريان الحسن في وجهه صلى الله عليه وسلم، وفيه عكس التشبيه للمبالغة، قال: ويحتمل أن يكون من باب تناهي التشبيه جعل وجهه مقرا ومكانا للشمس. وروى يعقوب بن سفيان في تاريخه من طريق يونس بن أبي يعفور عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأة من همدان قال: "حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لها: شبهيه. قالت: كالقمر ليلة البدر، لم أر قبله ولا بعده مثله" وفي حديث الربيع بنت معوذ "لو رأيته لرأيت الشمس طالعة" أخرجه الطبراني والدارمي، وفي حديث يزيد الرقاشي المتقدم قريبا عن ابن عباس "جميل دوائر الوجه، قد ملأت لحيته من هذه إلى هذه حتى كادت تملأ نحره" وروى الذهلي في "الزهريات" من حديث أبي هريرة في صفته صلى الله عليه وسلم: "كان أسيل الخدين، شديد سواد الشعر، أكحل العينين، أهدب الأشفار" الحديث. وكأن قوله: "أسيل الخدين" هو الحامل على من سأل: أكان وجهه مثل السيف؟ ووقع في حديث علي عند أبي عبيد في الغريب "وكان في وجهه تدوير" قال أبو عبيد في شرحه: يريد أنه لم يكن في غاية من التدوير بل كان فيه سهولة، وهي أحلى عند العرب. الحديث العاشر: قوله: "حدثنا الحسن بن منصور البغدادي" هو أبو علي البغدادي الشطوي بفتح المعجمة ثم المهملة، لم يخرج عنه البخاري سوى هذا الموضع. قوله: "قال شعبة" هو متصل بالإسناد المذكور. قوله: "وزاد فيه عون عن أبيه أبي جحيفة" سيأتي هذا الحديث بزيادته من وجه آخر في آخر الباب، وقد تقدم ما يتعلق بذلك في أوائل الصلاة. قوله: "فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب رائحة من المسك" وقع مثله في حديث جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه عند الطبراني بإسناد قوي، وفي حديث جابر بن سمرة عند مسلم في أثناء حديث قال: "فمسح صدري فوجدت ليده بردا - أو ريحا - كأنما أخرجها من جونة عطار" وفي حديث وائل بن حجر عند الطبراني والبيهقي "لقد كنت أصافح رسول الله صلى الله عليه وسلم - أو يمس جلدي جلده - فأتعرفه بعد في يدي وإنه لأطيب رائحة من المسك" وفي حديثه عند أحمد "أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء، فشرب منه ثم مج في الدلو ثم في البئر ففاح منه مثل ريح المسك" وروى مسلم حديث أنس في جمع أم سليم عرقه صلى الله عليه وسلم وجعلها إياه في الطيب، وفي بعض طرقه: "وهو أطيب الطيب". وأخرج أبو يعلى والطبراني من حديث أبي هريرة في قصة الذي استعان به صلى الله عليه وسلم على تجهيز ابنته "فلم يكن عنده شيء، فاستدعى بقارورة فسلت له فيها من عرقه وقال له: مرها فلتطيب به، فكانت إذا تطيبت به شم أهل المدينة رائحة ذلك الطيب فسموا بيت المطيبين" وروى أبو

(6/573)


يعلى والبزار بإسناد صحيح عن أنس "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر في طريق من طرق المدينة وجد منه رائحة المسك، فيقال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم". الحديث الحادي عشر: حديث ابن عباس "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس" تقدم شرحه مستوفى في كتاب الصيام، والغرض منه وصفه عليه الصلاة والسلام بالجود. الحديث الثاني عشر: حديث عائشة في قصة القائف، وسيأتي شرحه في كتاب الفرائض إن شاء الله تعالى. والغرض منه هنا قولها: "تبرق أسارير وجهه" والأسارير جمع أسرار وهي جمع سر وهي الخطوط التي تكونت في الجبهة. الحديث الثالث عشر: حديث كعب بن مالك وهو طرف من قصة توبته، وسيأتي بطوله في المغازي مستوفى شرحه إن شاء الله تعالى. قوله: "استنار وجهه كأنه قطعة قمر" أي الموضع الذي يبين فيه السرور، وهو جبينه، فلذلك قال: "قطعة قمر" ولعله كان حينئذ ملثما، ويحتمل، أن يكون يريد بقوله قطعة قمر القمر نفسه. ووقع في حديث جبير بن مطعم عند الطبراني "التفت إلينا النبي صلى الله عليه وسلم بوجهه مثل شقة القمر" فهذا محمول على صفته عند الالتفات، وقد أخرج الطبراني حديث كعب بن مالك من طرق في بعضها "كأنه دارة قمر". الحديث الرابع عشر: حديث أبي هريرة. قوله: "عن عمرو" هو ابن أبي عمرو مولى المطلب، واسم أبي عمرو ميسرة. قوله: "بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا" القرن الطبقة من الناس المجتمعين في عصر واحد، ومنهم من حده بمائة سنة وقيل بسبعين، وقيل بغير ذلك. فحك الحربي الاختلاف فيه من عشرة إلى مائة وعشرين، ثم تعقب الجميع وقال: الذي أراه أن القرن كل أمة هلكت حتى لم يبق منها أحد. وقوله: "قرنا" بالنصب حال للتفصيل. قوله: "حتى كنت من القرن الذي كنت منه" في رواية الإسماعيلي: "حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه" وسيأتي في أول مناقب الصحابة حديث عمران بن حصين "خير الناس قرني" والكلام عليه مستوفى إن شاء الله تعالى. الحديث الخامس عشر: حديث ابن عباس. قوله: "عن ابن شهاب أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة" هذا هو المشهور عن ابن شهاب، وعنه فيه إسناد آخر أخرجه الحاكم من طريق مالك عن زياد بن سعد عن أنس "سدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ما شاء الله، ثم فرق بعد" وأخرجه أيضا أحمد وقال: تفرد به حماد بن خالد عن مالك وأخطأ فيه، والصواب عن عبيد الله بن عبد الله. وقال ابن عبد البر: الصواب عن مالك فيه عن الزهري مرسلا كما في الموطأ. قوله: "يسدل شعره" بفتح أوله وسكون المهملة وكسر الدال، ويجوز ضمها، أي يترك شعر ناصيته على جبهته. قال النووي: قال العلماء المراد إرساله على الجبين واتخاذه كالقصة، أي بضم القاف بعدها مهملة. قوله: "ثم فرق بعد" بفتح الفاء والراء أي ألقى شعر رأسه إلى جانبي رأسه فلم يترك منه شيئا على جبهته، ويفرقون بضم الراء وبكسرها وقد روى ابن إسحاق عن محمد بن جعفر عن عروة عن عائشة قالت: "أنا فرقت لرسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه" أي شعر رأسه عن يافوخه، ومن طريقه أخرجه أبو داود، وفي حديث هند بن أبي هالة في صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه "إن انفرقت عقيقته - أي شعر رأسه الذي على ناصيته - فرق وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنه" قال ابن قتيبة في غريبه: العقيقة شعر رأس الصبي قبل أن يحلق، وقد يطلق عليه بعد الحلق مجازا. وقوله: "كان لا يفرق شعره إلا إذا انفرق" محمول على ما كان أولا لما بينه حديث ابن عباس. قوله: "وكان يحب موافقة أهل الكتاب" أي حيث كان عباد الأوثان كثيرين. قوله: "فيما لم يؤمر فيه بشيء" أي فيما لم يخالف شرعه لأن أهل الكتاب في زمانه كانوا متمسكين ببقايا من شرائع الرسل فكانت موافقتهم أحب إليه من موافقة عباد الأوثان، فلما أسلم غالب عباد الأوثان أحب صلى الله عليه وسلم حينئذ مخالفة أهل الكتاب. واستدل به على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يجيء في شرعنا ما يخالفه، وتعقب

(6/574)


بأنه عبر بالمحبة، ولو كان ذلك لعبر بالوجوب. وعلى التسليم ففي نفس الحديث أنه رجع عن ذلك آخرا والله أعلم. الحديث السادس عشر: حديث عبد الله بن عمرو أي ابن العاص. قوله: "عن أبي حمزة" هو السكري، والإسناد كله كوفيون سوى طرفيه وقد دخلاها. قوله: "عن عبد الله بن عمرو" أي ابن العاص، في رواية مسلم عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عن الأعمش بسنده "دخلنا على عبد الله بن عمرو حين قدم مع معاوية الكوفة فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال". قوله: "فاحشا ولا متفحشا" أي ناطقا بالفحش، وهو الزيادة على الحد في الكلام السيئ، والمتفحش المتكلف لذلك أي لم يكن له الفحش خلقا ولا مكتسبا، ووقع عند الترمذي من طريق أبي عبد الله الجدلي قال: "سألت عائشة عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: لم يكن فاحشا ولا متفحشا، ولا سخابا في الأسواق، ولا يحزي بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح" وتقدمت هذه الزيادة في حديث عبد الله بن عمرو من وجه آخر بأتم من هذا السياق، ويأتي في تفسير سورة الفتح، وقد روى المصنف في الأدب من حديث أنس "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبابا ولا فحاشا ولا لعانا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ما له تربت جبينه" ولأحمد من حديث أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يواجه أحدا في وجهه بشيء يكرهه" ولأبي داود من حديث عائشة "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل: ما بال فلان يقول؟ ولكن يقول: ما بال أقوام يقولون". قوله: "وكان يقول" أي النبي صلى الله عليه وسلم. ووقع في رواية مسلم: "قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم". قوله: "إن من خياركم أحسنكم أخلاقا " في رواية مسلم: "أحاسنكم" وحسن الخلق: اختيار الفضائل، وترك الرذائل. وقد أخرج أحمد من حديث أبي هريرة رفعه: "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق" وأخرجه البزار من هذا الوجه بلفظ: "مكارم" بدل "صالح" وأخرج الطبراني في الأوسط بإسناد حسن عن صفية بنت حيي قالت: "ما رأيت أحدا أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم" وعند مسلم من حديث عائشة "كان خلقه القرآن، يغضب لغضبه ويرضى لرضاه". الحديث السابع عشر: حديث عائشة: قوله: "بين أمرين" أي من أمور الدنيا، يدل عليه قوله: "ما لم يكن إثما" لأن أمور الدين لا إثم فيها، وأبهم فاعل "خير" ليكون أعم من أن يكون من قبل الله أو من قبل المخلوقين، وقوله: "إلا أخذ أيسرهما" أي أسهلهما. وقوله: "ما لم يكن إثما" أي ما لم يكن الأسهل مقتضيا للإثم فإنه حينئذ يختار الأشد. وفي حديث أنس عند الطبراني في الأوسط "إلا اختار أيسرهما ما لم يكن لله فيه سخط" ووقوع التخيير بين ما فيه إثم وما لا إثم فيه من قبل المخلوق واضح، وأما من قبل الله ففيه إشكال لأن التخيير إنما يكون بين جائزين، لكن إذا حملناه على ما يفضي إلى الإثم أمكن ذلك بأن يخيره بين أن يفتح عليه من كنوز الأرض ما يخشى من الاشتغال به أن لا يتفرغ للعبادة مثلا وبين أن لا يؤتيه من الدنيا إلا الكفاف فيختار الكفاف وإن كانت السعة أمهل منه، والإثم على هذا أمر نسبي لا يراد منه معنى الخطيئة لثبوت العصمة له. قوله: "وما انتقم لنفسه" أي خاصة، فلا يرد أمره بقتل عقبة بن أبي معيط وعبد الله بن خطل وغيرهما ممن كان يؤذيه لأنهم كانوا مع ذلك ينتهكون حرمات الله، وقيل أرادت أنه لا ينتقم إذا أوذي في غير السبب الذي يخرج إلى الكفر، كما عفا عن الأعرابي الذي جفا في رفع صوته عليه، وعن الآخر الذي جبذ بردائه حتى أثر في كتفه، وحمل الداودي عدم الانتقام على ما يختص بالمال، قال: وأما العرض فقد اقتص ممن نال منه، قال: واقتص ممن لده في مرضه بعد نهيه عن ذلك بأن أمر بلدهم مع أنهم كانوا في ذلك تأولوا أنه إنما نهاهم عن عادة البشرية

(6/575)


من كراهة النفس للدواء، كذا قال، وقد أخرج الحاكم هذا الحديث من طريق معمر عن الزهري بهذا الإسناد مطولا وأوله "ما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما بذكر - أي بصريح اسمه - ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يضرب بها في سبيل الله، ولا سئل في شيء قط فمنعه إلا أن يسأل مأثما، ولا انتقم لنفسه من شيء إلا أن تنتهك حرمات الله فيكون لله ينتقم" الحديث. وهذا السياق سوى صدر الحديث عند مسلم من طريق هشام بن عروة عن أبيه به، وأخرجه الطبراني في "الأوسط" من حديث أنس وفيه: "وما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله، فإن انتهكت حرمة الله كان أشد الناس غضبا لله" وفي الحديث الحث على ترك الأخذ بالشيء العسر، والاقتناع باليسر، وترك الإلحاح فيما لا يضطر إليه. ويؤخذ من ذلك الندب إلى الأخذ بالرخص ما لم يظهر الخطأ، والحث على العفو إلا في حقوق الله تعالى، والندب إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحل ذلك ما لم يفض إلى ما هو أشد منه. وفيه ترك الحكم للنفس وإن كان الحاكم متمكنا من ذلك بحيث يؤمن منه الحيف على المحكوم عليه، لكن لحسم المادة والله أعلم. الحديث الثامن عشر: حديث أنس أخرجه من طريق حماد بن زيد، وأخرجه مسلم بمعناه من رواية سليمان بن المغيرة عن ثابت عنه. قوله: "ما مسست" بمهملتين الأولى مكسورة ويجوز فتحها والثانية ساكنة، وكذا القول في ميم شممت. قوله: "ولا ديباجا" هو من عطف الخاص على العام، لأن الديباج نوع من الحرير، وهو بكسر المهملة وحكي فتحها. وقال أبو عبيدة الفتح مولد أي ليس بعربي. قوله: "ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم" قيل هذا يخالف ما وقع في حديث أنس الآتي في كتاب اللباس "أنه كان ضخم اليدين" وفي رواية له "والقدمين" وفي رواية له "شثن القدمين والكفين" وفي حديث هند بن أبي هالة الذي أخرجه الترمذي في صفة النبي صلى الله عليه وسلم فإن فيه أنه "كان شثن الكفين والقدمين" أي غليظهما في خشونة وهكذا وصفه علي من عدة طرق عنه عند الترمذي والحاكم وابن أبي خيثمة وغيرهم، وكذا في صفة عائشة له عند ابن أبي خيثمة، والجمع بينهما أن المراد اللين في الجلد والغلظ في العظام فيجتمع له نعومة البدن وقوته، أو حيث وصف باللين واللطافة حيث لا يعمل بهما شيئا كان بالنسبة إلى أصل الخلقة، وحيث وصف بالغلظ والخشونة فهو بالنسبة إلى امتهانهما بالعمل، فإنه يتعاطى كثيرا من أموره بنفسه صلى الله عليه وسلم، وسيأتي مزيد لهذا في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى. وفي حديث معاذ عند الطبراني والبزار "أردفني النبي صلى الله عليه وسلم خلفه في سفر، فما مسست شيئا قط ألين من جلده صلى الله عليه وسلم". قوله: "أو عرفا" بفتح المهملة وسكون الراء بعدها فاء، وهو شك من الراوي، ويدل عليه قوله بعد "أطيب من ريح أو عرف" والعرف الريح الطيب. ووقع في بعض الروايات بفتح الراء والقاف، و"أو" على هذا للتنويع والأول هو المعروف، فقد تقدم في الصيام من طريق حميد عن أنس "مسكة ولا عنبرة أطيب رائحة من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم" وقوله: "عنبرة" ضبط بوجهين: أحدهما بسكون النون بعدها موحدة، والآخر بكسر الموحدة بعدها تحتانية، والأول معروف، والثاني طيب معمول من أخلاط يجمعها الزعفران، وقيل هو الزعفران نفسه. ووقع عند البيهقي "ولا شممت مسكا ولا عنبرا ولا عبيرا" ذكرهما جميعا وقد تقدم شيء من هذا في الحديث العاشر. وقوله: "من ريح أو عرف" بخفض ريح بغير تنوين لأنه في حكم المضاف كقول الشاعر: "بين ذراعي وجبهة الأسد" ووقع في أول الحديث عند مسلم: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون، كأن عرقه اللؤلؤ، إذا مشى يتكفأ، وما مسست إلخ". الحديث التاسع عشر: حديث أبو سعيد أورده من طريقين: قوله: "عن عبد الله بن أبي عتبة" بضم المهملة وسكون المثناة

(6/576)


بعدها موحدة، وهو مولى أنس، وهذا هو المحفوظ عن قتادة. وقد رواه الطبراني من وجه آخر عن شعبة عن قتادة فقال: "عن أبي السوار العدوي عن عمران بن حصين به". قوله: "أشد حياء من العذراء" أي البكر، وقوله: "في خدرها" بكسر المعجمة أي في سترها، وهو من باب التتميم، لأن العذراء في الخلوة يشتد حياؤها أكثر مما تكون خارجة عنه، لكون الخلوة مظنة وقوع الفعل بها، فالظاهر أن المراد تقييده بما إذا دخل عليها في خدرها لا حيث تكون منفردة فيه، ومحل وجود الحياء منه صلى الله عليه وسلم في غير حدود الله، ولهذا قال للذي اعترف بالزنا أنكتها لا يكني كما سيأتي بيانه في الحدود. وأخرج البزار هذا الحديث من حديث أنس وزاد في آخره: "وكان يقول الحياء خير كله" وأخرج من حديث ابن عباس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل من وراء الحجرات، وما رأى أحد عورته قط"، وإسناده حسن. قوله: "حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى وابن مهدي قالا حدثنا شعبة مثله" يعني سندا ومتنا، وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية أبي موسى محمد بن المثنى عن عبد الرحمن بن مهدي بسنده وقال فيه: "سمعت عبد الله بن أبي عتبة يقول سمعت أبا سعيد الخدري يقول" وأخرجه ابن حبان من طريق أحمد بن سنان القطان قال: "قلت لعبد الرحمن بن مهدي: يا أبا سعيد أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها؟ قال: نعم عن مثل هذا فسل يا شعبة" فذكره بتمامه. قوله: "وإذا كره شيئا عرف في وجهه" أي أن ابن بشار زاد هذا على رواية مسدد، وهذا يحتمل أن يكون في رواية عبد الرحمن بن مهدي وحده، وأن يكون في رواية يحيى أيضا ولم يقع لمسدد والأول المعتمد فقد أخرجه الإسماعيلي من رواية المقدمي وأبي خيثمة وابن خلاد عن يحيى بن سعيد وليس فيه الزيادة، وأخرجه من رواية أبي موسى عن عبد الرحمن بن مهدي فذكرها، وكذا أخرجه مسلم عن زهير بن حرب وأبي موسى محمد بن المثنى وأحمد بن سنان القطان كلهم عن ابن مهدي، وأخرجه من حديث معاذ والإسماعيلي من حديث علي بن الجعد كلاهما عن شعبة كذلك، وأخرجه ابن حبان من طريق عبد الله بن المبارك عن شعبة كذلك، وقوله: "عرفناه في وجهه"، إشارة إلى تصحيح ما تقدم من أنه لم يكن يواجه أحدا بما يكرهه بل يتغير وجهه فيفهم أصحابه كراهيته لذلك. الحديث العشرون: حديث أبي هريرة: قوله: "عن أبي حازم" هو الأشجعي واسمه سلمان، وليس هو أبا حازم سلمة بن دينار صاحب سهل بن سعد. قوله: "ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط" في رواية غندر عن شعبة عند الإسماعيلي: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عاب طعاما قط" وهو محمول على الطعام المباح ما سيأتي تقرير ذلك في كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى. الحديث الحادي والعشرون: حديث عبد الله بن مالك ابن بحينة، هو بتنوين مالك وإعراب ابن بحينة إعراب بن مالك لأن مالكا أبوه وبحينة أمه. قوله: "الأسدي" هو بسكون المهملة، ويقال فيه الأزدي بسكون الزاي، وهذا مشهور في هذه النسبة يقال بالزاي وبالسين، وغفل الداودي فقرأه فتح السين ثم أنكره، وقد تقدم هذا الحديث في كتاب الصلاة، وكذا قوله: "قال ابن بكير" أي يحيى بن عبد الله بن بكير "حدثنا بكر" أي ابن مضر بالإسناد المذكور. قوله: "بياض إبطيه" أي أن يحيى، زاد لفظ: "بياض" لأن في رواية قتيبة "حتى يرى إبطيه" واختلف في المراد بوصف إبطيه بالبياض فقيل: لم يكن تحتهما شعر فكانا كلون جسده، ثم قيل لم يكن تحت إبطيه شعر البتة، وقيل كان لدوام تعهده له لا يبقى فيه شعر، ووقع عند مسلم في حديث: "حتى رأينا عفرة إبطيه" ولا تنافي بينهما لأن الأعفر ما بياضه ليس بالناصع، وهذا شأن المغابن يكون لونها في البياض دون لون بقية الجسد. الحديث الثاني والعشرون: حديث أنس في رفع اليدين

(6/577)


في الاستسقاء، تقدم في موضعه مشروحا، والغرض منه ذكر إبطيه، والمراد بالحصر فيه الرفع على هيئة مخصوصة لا أصل الرفع فإنه ثابت عنه كما في الخبر الذي بعده. الحديث الثالث والعشرون: حديث أبي موسى، ذكر منه طرفا معلقا، هو طرف من حديث سيأتي موصولا في المناقب في ترجمة أبي عامر الأشعري، وقد علق طرفا منه في الوضوء أيضا. قوله: "حدثنا الحسن بن الصباح" هو البزار الذي أخرج عنه الحديث الذي بعده، وقيل بل هذا هو الزعفراني نسبه إلى جده لأنه الحسن بن محمد بن الصباح. قوله: "سمعت عون بن أبي جحيفة ذكر عن أبيه" في رواية شعبة عن عون "سمعت أبي" كما تقدم في أوائل الصلاة. قوله: "دفعت" بضم أوله أي أنه وصل إليه عن غير قصد، والأبطح هو الذي خارج مكة ينزل فيه الحاج إذا رجع من منى. وقوله: "وكان بالهاجرة" استئناف أو حال، وقد تقدم هذا الحديث من وجه آخر في هذا الباب وهو الحديث العاشر، والمراد منه قوله: "كأني أنظر إلى وبيص ساقيه" والوبيص بالموحدة والمهملة البريق وزنا ومعنى. الحديث الرابع والعشرون: حديث عائشة: قوله: "حدثنا الحسن بن الصباح البزار" بتقديم الزاي على الراء، وهو واسطي سكن بغداد، وكان من أئمة الحديث. وسفيان هو ابن عيينة فإن الحسن بن الصباح ما لحق الثوري، والثوري لا يروي عن الزهري إلا بواسطة. قوله: "لو عده العاد لأحصاه" أي لو عد كلماته أو مفرداته أو حروفه لأطاق ذلك وبلغ آخرها، والمراد بذلك المبالغة في الترتيل والتفهيم. هذا الحديث هو الحديث الذي بعده، اختلف الرواة في سياقه بسطا واختصارا. قوله: "وقال الليث حدثني يونس" وصله الذهلي في "الزهريات" عن أبي صالح عن الليث. قوله: "ألا يعجبك" بضم أوله وإسكان ثانيه من الإعجاب وبفتح ثانيه والتشديد من التعجيب. قوله: "أبا فلان" كذا للأكثر، قال عياض: هو منادي بكنيته. قلت وليس كذلك لما سأذكره، وإنما خاطبت عائشة عروة بقولها "ألا يعجبك" وذكرت له المتعجب منه فقالت: "أبا فلان" وحق السياق أن تقول أبو فلان بالرفع على أنه فاعل، لكنه جاء هكذا على اللغة القليلة ثم حكت وجه التعجب فقالت: "جاء فجلس إلخ" ووقع في رواية الأصيلي وكريمة: "أبو فلان" ولا إشكال فيها. وتبين من رواية مسلم وأبي داود أنه هو أبو هريرة، فأخرجه مسلم عن هارون بن معروف وأبو داود عن محمد بن منصور الطوسي كلاهما عن سفيان، لكن قال: "هارون عن سفيان عن هشام بن عروة" وقال الطوسي "عن سفيان عن الزهري" وكذا أخرجه الإسماعيلي عن ابن عمر عن سفيان عن هشام عن أبي يعلى وعن أبي معمر عن سفيان عن الزهري، وكذا أخرجه أبو نعيم من طريق القعنبي عن سفيان عن الزهري، فكأن لسفيان فيه شيخين. وفي رواية الجميع أنه أبو هريرة. ووقع في رواية ابن وهب عند الإسماعيلي: "ألا يعجبك أبو هريرة، جاء فجلس" ولأحمد ومسلم وأبي داود من هذا الوجه "ألا أعجبك من أبي هريرة" ووقع للقابسي بفتح الهمزة بعدها مثناة مفتوحة فعل ماض من الإتيان، وفلان بالرفع والتنوين وهو تصحيف لأنه تبين من الرواية الأخرى أنه بصيغة الكنية لا بلفظ الاسم المجرد عنها، والعجب أن القابسي أنكر عين روايته. وقال عياض: هي الصواب لولا قوله بعده "جاء". قلت: لأنه يصير تكرارا. قوله: "وكنت أسبح" أي أصلي نافلة، أو على، ظاهره أي أذكر الله، والأول أوجه. قوله: "ولو أدركته لرددت عليه" أي لأنكرت عليه وبينت له أن الترتيل في التحديث أولى من السرد. قوله: "لم يكن يسرد الحديث كسردكم" أي يتابع الحديث استعجالا بعضه إثر بعض لئلا يلتبس على المستمع. زاد الإسماعيلي من رواية بن المبارك عن يونس "إنما كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلا، فهما تفهمه القلوب" واعتذر

(6/578)


عن أبي هريرة بأنه كان واسع الرواية كثير المحفوظ، فكان لا يتمكن من المهل عند إرادة التحديث كما قال بعض البلغاء: أريد أن أقتصر فتتزاحم القوافي علي في.

(6/579)


باب كان النبي صلى الله عليه و سلم تنام عينه و لا ينام قلبه
...
24 - باب كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
3569- حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن سعيد المقبري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه ثم سأل عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربع ركعات فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا فقلت يا رسول الله تنام قبل أن توتر؟ قال: تنام عيني ولا ينام قلبي".
3570- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ "سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ جَاءَهُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ أَوَّلُهُمْ أَيُّهُمْ هُوَ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ هُوَ خَيْرُهُمْ وَقَالَ آخِرُهُمْ خُذُوا خَيْرَهُمْ فَكَانَتْ تِلْكَ فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاءُوا لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلاَ تَنَامُ قُلُوبُهُمْ فَتَوَلاَهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ".
[الحديث 3570 – أطرافه في: 4964، 5610، 6581، 7517]
قوله: "باب كان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عينه" في رواية الكشميهني: "عيناه ولا ينام قلبه". قوله: "رواه سعيد بن ميناء عن جابر" وصله في كتاب الاعتصام مطولا، وسيأتي شرحه هناك إن شاء الله تعالى وأخرجه المصنف في الباب من حديث عائشة في صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل وفي آخره: "فقلت يا رسول الله تنام قبل أن توتر؟ قال: تنام عيني ولا ينام قلبي" وهذا قد تقدم في صلاة التطوع، وتقدم حديث ابن عباس في ذلك في صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل، ثم ذكر طوفا من حديث شريك عن أنس في المعراج، وسيأتي بأتم من هذا في التوحيد. قوله: "حدثنا إسماعيل" هو ابن أبي أويس. قوله: "حدثنا أخي" هو أبو بكر عبد الحميد، وسليمان هو ابن بلال. قوله: "جاءه ثلاثة نفر" هم ملائكة، ولم أتحقق أسماءهم. قوله: "فقال أولهم أيهم" هو مشعر بأنه كان نائما بين اثنين أو أكثر، وقد قيل إنه كان نائما بين عمه حمزة وابن عمه جعفر بن أبي طالب. قوله: "فكانت تلك" أي القصة أي لم يقع في تلك الليلة غير ما ذكر من الكلام. قوله: "حتى جاءوا إليه ليلة أخرى" أي بعد ذلك، ومن هنا يحصل رفع الإشكال في قوله: "قبل أن يوحى إليه" ما سيأتي بيانه في مكانه. قوله: "فيما يرى قلبه والنبي صلى الله عليه وسلم نائمة عيناه ولا ينام قلبه وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم" قد تقدم مثل هذا من قول عبيد بن عمير في أوائل الطهارة، ومثله لا يقال من قبل الرأي، وهو ظاهر في أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم لكنه بالنسبة للأمة، وزعم القضاعي أنه مما اختص

(6/579)


به عن الأنبياء أيضا، وهذان الحديثان يردان عليه، وقد تقدم في التيمم في الكلام على حديث عمران في قصة المرأة صاحبة المزادتين ما يتعلق بكونه صلى الله عليه وسلم كان تنام عيناه ولا ينام قلبه، فليراجع منه من أراد الوقوف عليه.

(6/580)


25 - باب عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِسْلاَمِ
3571- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ "أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ فَأَدْلَجُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ عَرَّسُوا فَغَلَبَتْهُمْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ لاَ يُوقَظُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَنَامِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ فَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ فَقَعَدَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَ وَصَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ يَا فُلاَنُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا قَالَ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ ثُمَّ صَلَّى وَجَعَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكُوبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ فَقُلْنَا لَهَا أَيْنَ الْمَاءُ فَقَالَتْ إِنَّهُ لاَ مَاءَ فَقُلْنَا كَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ قَالَتْ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَقُلْنَا انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ وَمَا رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا حَتَّى اسْتَقْبَلْنَا بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَتْهُ بِمِثْلِ الَّذِي حَدَّثَتْنَا غَيْرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا فَمَسَحَ فِي الْعَزْلاَوَيْنِ فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حَتَّى رَوِينَا فَمَلاَنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا وَهِيَ تَكَادُ تَنِضُّ مِنْ الْمِلْءِ ثُمَّ قَالَ هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ فَجُمِعَ لَهَا مِنْ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ حَتَّى أَتَتْ أَهْلَهَا قَالَتْ لَقِيتُ أَسْحَرَ النَّاسِ أَوْ هُوَ نَبِيٌّ كَمَا زَعَمُوا فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا".
3572- حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ "أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ وَهُوَ بِالزَّوْرَاءِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ. قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: ثَلاَثَ مِائَةٍ أَوْ زُهَاءَ ثَلاَثِ مِائَةٍ".
3573- حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر فالتمس الوضوء فلم يجدوه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الإناء فأمر الناس أن يتوضؤوا منه فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه فتوضأ الناس حتى توضؤوا من عند آخرهم".

(6/580)


3574- حدثنا عبد الرحمن بن مبارك حدثنا حزم قال سمعت الحسن قال حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مخارجه ومعه ناس من أصحابه فانطلقوا يسيرون فحضرت الصلاة فلم يجدوا ماء يتوضؤون فانطلق رجل من القوم فجاء بقدح من ماء يسير فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثم مد أصابعه الأربع على القدح ثم قال قوموا فتوضؤوا فتوضأ القوم حتى بلغوا فيما يريدون من الوضوء وكانوا سبعين أو نحوه".
3575- حدثنا عبد الله بن منير سمع يزيد أخبرنا حميد عن أنس رضي الله عنه قال: "حضرت الصلاة فقام من كان قريب الدار من المسجد يتوضأ وبقي قوم فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بمخضب من حجارة فيه ماء فوضع كفه فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه فضم أصابعه فوضعها في المخضب فتوضأ القوم كلهم جميعا. قلت: كم كانوا؟ قال: ثمانون رجلا".
3576- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ رِكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ فَجَهِشَ النَّاسُ نَحْوَهُ فَقَالَ مَا لَكُمْ قَالُوا لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلاَ نَشْرَبُ إِلاَّ مَا بَيْنَ يَدَيْكَ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرِّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا قُلْتُ كَمْ كُنْتُمْ قَالَ لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً".
[الحديث 3576 – أطرافه في: 4152، 4153، 4154، 4840، 5639]
3577- حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا حَتَّى لَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَفِيرِ الْبِئْرِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَمَجَّ فِي الْبِئْرِ فَمَكَثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ اسْتَقَيْنَا حَتَّى رَوِينَا وَرَوَتْ أَوْ صَدَرَتْ رَكَائِبُنَا".
[الحديث 3577 – طرفاه في: 4150، 4151]
قوله: "باب علامات النبوة في الإسلام" العلامات جمع علامة، وعبر بها المصنف لكون ما يورده من ذلك أعم من المعجزة والكرامة، والفرق بينهما أن المعجزة أخص لأنه يشترط فيها أن يتحدى النبي صلى الله عليه وسلم من يكذبه بأن يقول: إن فعلت كذلك أتصدق بأني صادق؟ أو يقول من يتحداه: لا أصدقك حتى تفعل كذا. ويشترط أن يكون المتحدي به مما يعجز عنه البشر في العادة المستمرة. وقد وقع النوعان للنبي صلى الله عليه وسلم في عدة مواطن. وسميت المعجزة

(6/581)


لعجز من يقع عندهم ذلك عن معارضتها، والهاء فيها للمبالغة، أو هي صفة محذوف. وأشهر معجزات النبي صلى الله عليه وسلم القرآن لأنه صلى الله عليه وسلم تحدى به العرب - وهم أفصح الناس لسانا وأشدهم اقتدارا على الكلام - بأن يأتوا بسورة مثله فعجزوا مع شدة عداوتهم له وصدهم عنه، حتى قال بعض العلماء: أقصر سورة في القرآن {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} فكل قرآن من سورة أخرى كان قدر {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ } سواء كان آية أو أكثر أو بعض آية فهو داخل فيما تحداهم به، وعلى هذا فتصل معجزات القرآن من هذه الحيثية إلى عدد كثير جدا. ووجوه إعجاز القرآن من جهة حسن تأليفه والتئام كلماته وفصاحته وإيجازه في مقام الإيجاز، وبلاغته ظاهرة جدا مع ما انضم إلى ذلك من حسن نظمه وغرابة أسلوبه، مع كونه على خلاف قواعد النظم والنثر، هذا إلى ما اشتمل عليه من الإخبار بالمغيبات مما وقع من أخبار الأمم الماضية مما كان لا يعلمه إلا أفراد من أهل الكتاب، ولم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع بأحد منهم ولا أخذ عنهم، وبما سيقع فوقع على وفق ما أخبر به في زمنه صلى الله عليه وسلم وبعده، هذا مع الهيبة التي تقع عند تلاوته والخشية التي تلحق سامعه وعدم دخول الملال والسآمة على قارئه وسامعه، مع تيسر حفظه لمتعلميه وتسهيل سرده لتاليه، ولا ينكر شيئا من ذلك إلا جاهل أو معاند، ولهذا أطلق الأئمة أن معظم معجزات النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، ومن أظهر معجزات القرآن إبقاؤه مع استمرار الإعجاز، وأشهر ذلك تحديه اليهود أن يتمنوا الموت فلم يقع ممن سلف منهم ولا خلف من تصدى لذلك ولا أقدم، مع شدة عداوتهم لهذا الدين وحرصهم على إفساده والصد عنه، فكان في ذلك أوضح معجزة. وأما ما عدا القرآن من نبع الماء من بين أصابعه وتكثير الطعام وانشقاق القمر ونطق الجماد، فمنه ما وقع التحدي به ومنه ما وقع دالا على صدقة من غير سبق تحد، ومجموع ذلك يفيد القطع بأنه ظهر على يده صلى الله عليه وسلم من خوارق العادات شيء كثير، كما يقطع بوجود جود حاتم وشجاعة علي، وإن كانت أفراد ذلك ظنية وردت مورد الآحاد مع أن كثيرا من المعجزات النبوية قد اشتهر وانتشر ورواه العدد الكثير والجم الغفير، وأفاد الكثير منه القطع عند أهل العلم بالآثار، والعناية بالسير والأخبار، وإن لم يصل عند غيرهم إلى هذه الرتبة لعدم عنايتهم بذلك، بل لو ادعى مدع أن غالب هذه الوقائع مفيدة للقطع بطريق نظري لما كان مستبعدا وهو أنه لا مرية أن رواة الأخبار في كل طبقة قد حدثوا بهذه الأخبار في الجملة، ولا يحفظ عن أحد من الصحابة ولا من بعدهم مخالفة الراوي فيما حكاه من ذلك ولا الإنكار عليه فيما هنالك، فيكون الساكت منهم كالناطق، لأن مجموعهم محفوظ من الإغضاء على الباطل. وعلى تقدير أن يوجد من بعضهم إنكار أو طعن على بعض من روى شيئا من ذلك فإنما هو من جهة توقف في صدق الراوي أو تهمته بكذب أو توقف في ضبطه ونسبته إلى سوء الحفظ أو جواز الغلط، ولا يوجد من أحد منهم طعن في المروي كما وجد منهم في غير هذا الفن من الأحكام والآداب وحروف القرآن ونحو ذلك، وقد قرر القاضي عياض ما قدمته من وجود إفادة القطع في بعض الأخبار عند بعض العلماء دون بعض تقريرا حسنا، ومثل ذلك بأن الفقهاء من أصحاب مالك قد تواتر عندهم النقل أن مذهبه إجزاء النية من أول رمضان خلافا للشافعي في إيجابه لها في كل ليلة، وكذا إيجاب مسح جميع الرأس في الوضوء خلافا للشافعي في إجزاء بعضها، وأن مذهبهما معا إيجاب النية في أول الوضوء واشتراط الولي في النكاح خلافا لأبي حنيفة، وتجدد العدد الكثير والجم الغفير من الفقهاء من لا يعرف ذلك من خلافهم فضلا عمن لم ينظر في الفقه وهو أمر واضح والله أعلم. وذكر النووي في مقدمة شرح مسلم أن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم تزيد على ألف ومائتين. وقال

(6/582)


البيهقي في "المدخل": بلغت ألفا. وقال الزاهدي من الحنفية: ظهر على يديه ألف معجزة، وقيل: ثلاثة آلاف، وقد اعتنى بجمعها جماعة من الأئمة كأبي نعيم والبيهقي وغيرهما. قوله: "في الإسلام" أي من حين المبعث وهلم جرا دون ما وقع قبل ذلك، قد جمع ما وقع من ذلك قبل المبعث بل قبل المولد الحاكم في "الإكليل" وأبو سعيد النيسابوري في "شرف المصطفى" وأبو نعيم والبيهقي في "دلائل النبوة" وسيأتي منه في هذا الكتاب في قصة زيد بن عمرو بن نفيل في خروجه في ابتغاء الدين، ومضى منه قصة ورقة بن نوفل وسلمان الفارسي، وقدمت في "باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم" قصة محمد بن عدي بن ربيعة في سبب تسميته محمدا، ومن مشهور ذلك قصة بحيرا الراهب، وهي في السيرة لابن إسحاق، وروى أبو نعيم في "الدلائل" من طريق شعيب أي ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبيه عن جده قال: "كان بمر الظهران راهب يدعى عيصا" فذكر الحديث وفيه أنه "أعلم عبد الله بن عبد المطلب ليلة ولد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه نبي هذه الأمة" وذكر له أشياء من صفته. وروى الطبراني من حديث معاوية بن أبي سفيان عن أبيه "أن أمية بن أبي الصلت قال له: إني أجد في الكتب صفة نبي يبعث من بلادنا، وكنت أظن أني هو، ثم ظهر لي أنه من بني عبد مناف، قال فنظرت فلم أجد فيهم من هو متصف بأخلاقه إلا عتبة بن ربيعة، إلا أنه جاوز الأربعين ولم يوح إليه فعرفت أنه غيره. قال أبو سفيان: فلما بعث محمد قلت لأمية عنه، فقال: أما إنه حق فاتبعه، فقلت له: فأنت ما يمنعك؟ قال: الحياء من نسيات ثقيف أني كنت أخبرهن أني هو ثم أصير تبعا لفتى من بني عبد مناف" وروى ابن أبي إسحاق من حديث سلمة بن سلامة بن وقش، وأخرجه أحمد وصححه ابن حبان من طريقه قال: "كان لنا جار من اليهود بالمدينة، فخرج علينا قبل البعثة بزمان فذكر الحشر والجنة والنار، فقلنا له: وما آية ذلك؟ قال خروج نبي يبعث من هذه البلاد - وأشار إلى مكة - فقالوا: متى يقع ذلك؟ قال فرمى بطرفه إلى السماء - وأنا أصغر القوم - فقال: إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه، قال فما ذهبت الأيام والليالي حتى بعث الله نبيه وهو حي فآمنا به وكفر هو بغيا وحسدا" وروى يعقوب بن سفيان بإسناد حسن عن عائشة قالت: "كان يهودي قد سكن مكة، فلما كانت الليلة التي ولد فيها النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر قريش هل ولد فيكم الليلة مولود؟ قالوا: لا نعلم. قال: فإنه ولد في هذه الليلة نبي هذه الأمة، بين كتفيه علامة، لا يرضع ليلتين لأن عفريتا من الجن وضع يده على فمه، فانصرفوا فسألوا فقيل لهم: قد ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام، فذهب اليهودي معهم إلى أمه فأخرجته لهم، فلما رأى اليهودي العلامة خر مغشيا عليه وقال: ذهبت النبوة من بني إسرائيل، يا معشر قريش أما والله ليسطون بكم سطوة يخرج خبرها من المشرق والمغرب". قلت: ولهذه القصص نظائر يطول شرحها. ومما ظهر من علامات نبوته عند مولده وبعده ما أخرجه الطبراني عن عثمان بن أبي العاص الثقفي عن أمه أنها حضرت آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم فلما ضربها المخاض قالت: فجعلت أنظر إلى النجوم تدلى حتى أقول لتقعن علي، فلما ولدت خرج منها نور أضاء له البيت والدار. وشاهده حديث العرباض بن سارية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إني عبد الله وخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأخبركم عن ذلك: إني دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين، وإن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام" أخرجه أحمد وصححه ابن حبان والحاكم وفي حديث أبي أمامة عند أحمد نحوه. وأخرج ابن أبي إسحاق عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه وقالت: "أضاءت له بصرى من أرض الشام" وروى ابن حبان

(6/583)


والحاكم في قصة رضاعه صلى الله عليه وسلم من طريق ابن إسحاق بإسناده إلى حليمة السعدية ... الحديث بطوله. وفيه من العلامات: كثرة اللبن في ثدييها، ووجود اللبن في شارفها بعد الهزال الشديد، وسرعة مشي حمارها، وكثرة اللبن في شياهها بعد ذلك، وخصب أرضها، وسرعة نباته، وشق الملكين صدره. وهذا الأخير أخرجه مسلم من حديث أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم جمعه فأعاده مكانه" الحديث. وفي حديث مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه وكان قد أتت عليه خمسون ومائة سنة قال: "لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم انكسر إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرافة، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة، ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها، فلما أصبح كسرى أفزعه ما وقع، فسأل علماء أهل مملكته عن ذلك فأرسلوا إلى سطيح" فذكر القصه بطولها. أخرجها ابن السكن وغيره في "معرفة الصحابة". ثم أورد المصنف في الباب نحو خمسين حديثا: الحديث الأول: حديث عمران بن حصين في قصة المرأة صاحبة المزادتين، والمعجزة فيها تكثير الماء القليل ببركته صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم شرح الحديث مستوفى في أبواب التيمم، وقوله في هذه الرواية: "إيه" بكسر الهمزة وسكون التحتانية، وفي بعض النسخ "أيها" بالتنوين مع الفتح، وحكى الجوهري جواز فتح الهمزة في هذه. وقوله: "مؤتمة" أي ذات أيتام. وقوله: "فمسح بالعزلاوين" في رواية الكشميهني: "في العزلاوين" وهما تثنية عزلاء بسكون الزاي وبالمد وهو فم القربة والجمع عزالي بكسر اللام الخفيفة، وكذلك وقع في الرواية المتقدمة. قوله: "فشربنا عطاشا أربعون رجلا" أي ونحن حينئذ أربعون. وفي رواية الكشميهني: "أربعين" بالنصب وتوجيهها ظاهر. وقوله: و"هي تكاد تبض" بكسر الموحدة بعدها معجمة ثقيلة أي تسيل، وحكى عياض عن بعض الرواة بالصاد المهملة من البصيص وهو اللمعان، ومعناه مستبعد هنا، في نفس الحديث: "تكاد تبض من الملء" بكسر الميم وسكون اللام بعدها همزة، فكونها تكاد تسيل من الملء ظاهر، وأما كونها تلمع من الملء فبعيد. وقال ابن التين: معنى قوله: "تبض" بالمعجمة أي تشق، يقال بض الماء من العين إذا نبع، وكذا بض العرق، قال: وفيه روايات أخرى: روي "تنض" بنون وضاد معجمة، وروي "تيصر" بمثناة مفتوحة بعدها تحتانية ساكنة وصاد مهملة ثم راء. قال وذكر الشيخ أبو الحسن أن معناه تنشق، قال ومنه صير الباب أي شق الباب، ورده ابن التين بأن صير عينه حرف علة فكان يلزم أن يقول تصور، وليس هذا في شيء من الروايات. ورأيت في رواية أبي ذر عن الكشميهني: "تنصب" بفتح المثناة وسكون النون وفتح الصاد المهملة بعدها موحدة، فتوافق الرواية الأول لأنها بمعنى تسيل. الحديث الثاني والثالث: عن أنس في نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، أورده من أربعة طرق: من رواية قتادة وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة والحسن البصري وحميد، وتقدم عنده في الطهارة من رواية ثابت كلهم عن أنس وعند بعضهم ما ليس عند بعض. وظهر لي من مجموع الروايات أنهما قصتان في موطنين للتغاير في عدد من حضر، وهي مغايرة واضحة يبعد الجمع فيها، وكذلك تعيين المكان الذي وقع ذلك فيه، لأن ظاهر رواية الحسن أن ذلك كان في سفر، بخلاف رواية قتادة فإنها ظاهرة في أنها كانت بالمدينة، وسيأتي في غير حديث أنس أنها كانت في مواطن أخر. قال عياض: هذه القصة رواها الثقات من العدد الكثير عن الجم الغفير عن الكافة متصلة بالصحابة

(6/584)


وكان ذلك في مواطن اجتماع الكثير منهم في المحافل ومجمع العساكر، ولم يرد عن أحد منهم إنكار على راوي ذلك، فهذا النوع ملحق بالقطعي من معجزاته. وقال القرطبي: قضية نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم تكررت منه في عدة مواطن في مشاهد عظيمة، ووردت من طرق كثيرة يفيد مجموعها العلم القطعي المستفاد من التواتر المعنوي. قلت: أخذ كلام عياض وتصرف فيه، قال: ولم يسمع بمثل هذه المعجزة عن غير نبينا صلى الله عليه وسلم. وحديث نبع الماء جاء من رواية أنس عند الشيخين وأحمد وغيرهم من خمسة طرق، وعن جابر بن عبد الله من أربعة طرق، وعن ابن مسعود عند البخاري والترمذي، وعن ابن عباس عند أحمد والطبراني من طريقين، وعن ابن أبي ليلى والد عبد الرحمن عند الطبراني، فعدد هؤلاء الصحابة ليس كما يفهم من إطلاقهما، وأما تكثير الماء يلمسه بيد أو يتفل فيه أو يأمر بوضع شيء فيه كسهم من كنانته فجاء في حديث عمران بن حصين في الصحيحين، وعن البراء بن عازب عند البخاري وأحمد من طريقين، وعن أبي قتادة عند مسلم، وعن أنس عند البيهقي في الدلائل"، وعن زياد بن الحارث الصدائي عنده، وعن حبان بن بح بضم الموحدة وتشديد المهملة الصدائي أيضا، فإذا ضم هذا إلى هذا بلغ الكثرة المذكورة أو قاربها. وأما من رواها من أهل القرن الثاني فهم أكثر عددا، وإن كان شطر طرقه أفرادا. وفي الجملة يستفاد منها الرد على ابن بطال حيث قال: هذا الحديث شهده جماعة كثيرة من الصحابة إلا أنه لم ير وإلا من طريق أنس، وذلك لطول عمره وتطلب الناس العلو في السند انتهى. وهو ينادي عليه بقلة الاطلاع والاستحضار لأحاديث الكتاب الذي شرحه وبالله التوفيق. قال القرطبي: ولم يسمع بمثل هذه المعجزة عن غير نبينا صلى الله عليه وسلم حيث نبع الماء من بين عظمه وعصبه ولحمه ودمه، وقد نقل ابن عبد البر عن المزني أنه قال: "نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم أبلغ في المعجزة من نبع الماء من الحجر حيث ضربه موسى بالعصا فتفجرت منه المياه، لأن خروج الماء من الحجارة معهود، بخلاف خروج الماء من بين اللحم والدم" انتهى. وظاهر كلامه أن الماء نبع من نفس اللحم الكائن في الأصابع، ويؤيده قوله في حديث جابر الآتي "فرأيت الماء يخرج من بين أصابعه" وأوضح منه ما وقع في حديث ابن عباس عند الطبراني "فجاءوا بشن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عليه ثم فرق أصابعه فنبع الماء من أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عصا موسى، فإن الماء تفجر من نفس العصا فتمسكه به يقتضي أن الماء تفجر من بين أصابعه"، ويحتمل أن يكون المراد أن الماء كان ينبع من بين أصابعه بالنسبة إلى رؤية الرائي، وهو في نفس الأمر للبركة الحاصلة فيه يفور ويكثر وكفه صلى الله عليه وسلم في الماء، فرآه الرائي نابعا من بين أصابعه، والأول أبلغ في المعجزة، وليس في الأخبار ما يرده وهو أولى. قوله: "عن سعيد" هو ابن أبي عروبة. قوله: "عن أنس" لم أره من رواية قتادة إلا معنعنا، لكن بقية الخبر تدل على أنه سمعه من أنس لقوله: "قلت كم كنتم؟" لكن أخرجه أبو نعيم في "الدلائل" من طريق مكي بن إبراهيم عن سعيد فقال: "عن قتادة عن الحسن عن أنس" فهذا لو كان محفوظا اقتضى أن في رواية الصحيح انقطاعا، وليس كذلك لأن مكي بن إبراهيم ممن سمع من سعيد بن أبي عروبة بعد الاختلاط. قوله: "وهو بالزوراء" بتقديم الزاي على الراء وبالمد مكان معروف بالمدينة عند السوق. وزعم الداودي أنه كان مرتفعا كالمنارة، وكأنه أخذه من أمر عثمان بالتأذين على الزوراء، وليس ذلك بلازم، بل الواقع أن المكان الذي أمر عثمان بالتأذين فيه كان بالزوراء لا أنه الزوراء نفسها ووقع في رواية همام عن قتادة عن أنس "شهدت النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه عند الزوراء، أو عند بيوت المدينة" أخرجه أبو نعيم. وعند أبي نعيم من رواية

(6/585)


شريك بن أبي نمر عن أنس أنه هو الذي أحضر الماء، وأنه أحضره إلى النبي صلى الله عليه وسلم من بيت أم سلمة، وأنه رده بعد فراغهم إلى أم سلمة وفيه قدر ما كان فيه أولا. ووقع عنده في رواية عبيد الله بن عمر عن ثابت عن أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى قباء، فأتى من بعض بيوتهم بقدح صغير" ووقع في حديث جابر الآتي التصريح بأن ذلك كان في سفر ففي رواية نبيح العنزي عند أحمد عن جابر قال: "سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحضرت الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما في القوم من طهور؟ فجاء رجل بفضلة في إداوة فصبه في قدح، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن القوم أتوا ببقية الطهور فقالوا: تمسحوا تمسحوا، فسمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: على رسلكم، فضرب بيده في القدح في جوف الماء ثم قال: أسبغوا الطهور، قال جابر: فو الذي أذهب بصري لقد رأيت الماء يخرج من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توضؤا أجمعون، قال حسبته قال: كنا مائتين وزيادة" وجاء عن جابر قصة أخرى أخرجها مسلم من وجه آخر عنه في أواخر الكتاب في حديث طويل فيه: "أن الماء الذي أحضروه له كان قطرة في إناء من جلد لو أفرغها لشربها يابس الإناء، وأنه لم يجد في الركب قطرة ماء غيرها، قال فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم وغمز بيده ثم قال: ناد بجفنة الركب فجيء بها؛ فقال بيده في الجفنة فبسطها ثم فرق أصابعه ووضع تلك القطرة في قعر الجفنة فقال: خذ يا جابر فصب علي وقل بسم الله، ففعلت، قال: فرأيت الماء يفور من بين أصابعه، ثم فارت الجفنة ودارت حتى امتلأت، فأتى الناس فاستقوا حتى رووا، فرفع يده من الجفنة وهي ملأى" وهذه القصة أبلغ من جميع ما تقدم لاشتمالها على قلة الماء وعلى كثرة من استقى منه. قوله: "زهاء ثلاثمائة" هو بضم الزاي وبالمد أي قدر ثلاثمائة مأخوذة من زهوت الشيء إذا حصرته. ووقع عند الإسماعيلي من طريق خالد بن الحارث عن سعيد قال: "ثلاثمائة"، بالجزم بدون قوله: "زهاء" والله أعلم. الحديث الرابع: حديث جابر في نبع الماء أيضا: قوله: "عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة" كذا وقع في هذه الطريق، ووقع في الأشربة من طريق الأعمش عن سالم أن ذلك كان لما حضرت صلاة العصر، وسيأتي شرح الحديث مستوفى في غزوة الحديبية إن شاء الله تعالى. وقوله: "جهش" هو بفتح الجيم والهاء بعدها معجمة أي أسرعوا لأخذ الماء. وفي رواية الكشميهني: "فجهش" بزيادة فاء في أوله، وقوله: "فجعل الماء يثور" كذا للأكثر بمثلثة، وللكشميهني بالفاء وهما بمعنى. الحديث الخامس: حديث البراء في تكثير الماء ببئر الحديبية، وسيأتي الكلام عليه أيضا في غزوة الحديبية وأبين هناك التوفيق بينه وبين حديث جابر الذي قبله إن شاء الله تعالى.
3578- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ قَالَتْ نَعَمْ فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتْ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِي وَلاَثَتْنِي بِبَعْضِهِ ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ بِطَعَامٍ فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لِمَنْ مَعَهُ قُومُوا فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ

(6/586)


فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ. فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفُتَّ وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَأَدَمَتْهُ ثُمَّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا".
3579- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "كُنَّا نَعُدُّ الْآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةُ مِنْ اللَّهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ".
3580- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي عَامِرٌ قَالَ حَدَّثَنِي جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّ أَبِي تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا وَلَيْسَ عِنْدِي إِلاَّ مَا يُخْرِجُ نَخْلُهُ وَلاَ يَبْلُغُ مَا يُخْرِجُ سِنِينَ مَا عَلَيْهِ فَانْطَلِقْ مَعِي لِكَيْ لاَ يُفْحِشَ عَلَيَّ الْغُرَمَاءُ فَمَشَى حَوْلَ بَيْدَرٍ مِنْ بَيَادِرِ التَّمْرِ فَدَعَا ثَمَّ آخَرَ ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ فَقَالَ انْزِعُوهُ فَأَوْفَاهُمْ الَّذِي لَهُمْ وَبَقِيَ مِثْلُ مَا أَعْطَاهُمْ".
3581- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَرَّةً مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ أَوْ كَمَا قَالَ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاَثَةٍ وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ وَأَبُو بَكْرٍ ثَلاَثَةً قَالَ فَهُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي وَلاَ أَدْرِي هَلْ قَالَ امْرَأَتِي وَخَادِمِي بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ ضَيْفِكَ قَالَ أَوَعَشَّيْتِهِمْ قَالَتْ أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ. قال:

(6/587)


فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ. فَقَالَ يَا غُنْثَرُ - فَجَدَّعَ وَسَبَّ – وَقَالَ: كُلُوا وَقَالَ لاَ أَطْعَمُهُ أَبَدًا قَالَ وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ اللُّقْمَةِ إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلُ. فَنَظَرَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا شَيْءٌ أَوْ أَكْثَرُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ قَالَتْ لاَ وَقُرَّةِ عَيْنِي لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِمَّا قَبْلُ بِثَلاَثِ مَرَّاتٍ فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ يَعْنِي يَمِينَهُ ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَمَضَى الأَجَلُ فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ قَالَ أَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ أَوْ كَمَا قَالَ". وَغَيْرُهُ يَقُولُ "فَعَرَفْنَا" مِنْ الْعِرَافَةِ.
3582- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ وَعَنْ يُونُسَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْكُرَاعُ هَلَكَتْ الشَّاءُ فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا قَالَ أَنَسٌ وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ فَهَاجَتْ رِيحٌ أَنْشَأَتْ سَحَابًا ثُمَّ اجْتَمَعَ ثُمَّ أَرْسَلَتْ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا فَخَرَجْنَا نَخُوضُ الْمَاءَ حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا فَلَمْ نَزَلْ نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَتْ الْبُيُوتُ فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهُ فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ تَصَدَّعَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ".
الحديث السادس: حديث أنس في تكثير الطعام القليل. قوله: "قال أبو طلحة" هو زيد بن سهل الأنصاري زوج أم سليم والدة أنس، وقد اتفقت الطرق على أن الحديث المذكور من مسند أنس، وقد وافقه على ذلك أخوه لأمه عبد الله بن أبي طلحة فرواه مطولا عن أبيه أخرجه أبو يعلى من طريقه بإسناد حسن، وأوله عن أبي طلحة قال: "دخلت المسجد فعرفت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع"، الحديث، والمراد بالمسجد الموضع الذي أعده النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه حين محاصرة الأحزاب للمدينة في غزوة الخندق. قوله: "ضعيفا أعرف فيه الجوع" فيه العمل على القرائن. ووقع في رواية مبارك بن فضالة عن بكر بن عبد الله وثابت عن أنس عند أحمد "أن أبا طلحة رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم طاويا"، وعند أبي يعلى من طريق محمد بن سيرين عن أنس "أن أبا طلحة بلغه أنه ليس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام، فذهب فأجر نفسه بصاع من شعير بعمل بقية يومه ذلك ثم جاء به"، الحديث. وفي رواية عمرو بن عبد الله بن أبي طلحة وهو أخو إسحاق راوي حديث الباب عن أنس عند مسلم وأبي يعلى قال: "رأى أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا يتقلب ظهرا لبطن" وفي رواية يعقوب بن عبد الله بن أبي طلحة عند مسلم أيضا عن أنس قال: "جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته جالسا مع أصحابه يحدثهم وقد عصب بطنه بعصابة، فسألت بعض أصحابه فقالوا من الجوع، فذهبت=


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أشعار النساء - ط عالم الكتب المؤلف المرزباني

  أشعار النساء للمرزباني ثالث ما ألف من الكتب في أشعار النساء، بعد (أشعار الجواري) للمفجع البصري المتوفى سنة 327هـ و(الإماء الشواعر)...