Translate فتح الباري وتفسير بن كثير كيكي520.

الجمعة، 13 مايو 2022

كتاب الأم 3. محمد بن إدريس الشافعي أبو عبد الله سنة الولادة 150/ سنة الوفاة 204 .

 

3.

كتاب الأم 3. محمد بن إدريس الشافعي أبو عبد الله سنة الولادة 150/ سنة الوفاة 204 .

=عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه رضي اللَّهُ عنهما أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم حَثَى على الْمَيِّتِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ بِيَدَيْهِ جميعا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد بَلَغَنِي عن بَعْضِ من مَضَى أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُقْعَدَ عِنْدَ قَبْرِهِ إذَا دُفِنَ بِقَدْرِ ما تُجْزَرُ جَزُورٌ ( قال ) وَهَذَا أَحْسَنُ ولم أَرَ الناس عِنْدَنَا يَصْنَعُونَهُ
أخبرنا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه قال ما أُحِبُّ أَنْ أُدْفَنَ بِالْبَقِيعِ لَأَنْ أُدْفَنَ في غَيْرِهِ أَحَبُّ إلى إنَّمَا هو وَاحِدُ رَجُلَيْنِ إمَّا ظَالِمٌ فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ في جِوَارِهِ وَإِمَّا صَالِحٌ فَلَا أُحِبُّ أَنْ يُنْبَشَ في عِظَامِهِ أخبرنا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عن عَائِشَةَ أنها قالت كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) تعنى في الْمَأْثَمِ وَإِنْ أُخْرِجَتْ عِظَامُ مَيِّتٍ أَحْبَبْت أَنْ تُعَادَ فَتُدْفَنَ وَأُحِبُّ أَنْ لَا يُزَادَ في الْقَبْرِ تُرَابٌ من غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِأَنْ يَكُونَ فيه تُرَابٌ من غَيْرِهِ بَأْسٌ إذَا زِيدَ فيه تُرَابٌ من غَيْرِهِ ارْتَفَعَ جِدًّا وَإِنَّمَا أُحِبُّ أَنْ يُشَخِّصَ على وَجْهِ الْأَرْضِ شِبْرًا أو نَحْوَهُ وَأُحِبُّ أَنْ لَا يُبْنَى وَلَا يُجَصَّصَ فإن ذلك يُشْبِهُ الزِّينَةَ وَالْخُيَلَاءَ وَلَيْسَ الْمَوْتُ مَوْضِعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ولم أَرَ قُبُورَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مُجَصَّصَةً ( قال الرَّاوِي ) عن طَاوُسٍ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى أَنْ تُبْنَى الْقُبُورُ أو تُجَصَّصَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد رَأَيْت من الْوُلَاةِ من يَهْدِمَ بِمَكَّةَ ما يُبْنَى فيها فلم أَرَ الْفُقَهَاءَ يَعِيبُونَ ذلك فَإِنْ كانت الْقُبُورُ في الْأَرْضِ يَمْلِكُهَا الْمَوْتَى في حَيَاتِهِمْ أو وَرَثَتُهُمْ بَعْدَهُمْ لم يُهْدَمْ شَيْءٌ أَنْ يُبْنَى منها وَإِنَّمَا يُهْدَمُ أن هُدِمَ ما لَا يَمْلِكُهُ أَحَدٌ فَهَدْمُهُ لِئَلَّا يُحْجَرَ على الناس مَوْضِعُ الْقَبْرِ فَلَا يُدْفَنُ فيه أَحَدٌ فَيَضِيقُ ذلك بِالنَّاسِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ تَشَاحَّ الناس مِمَّنْ يَحْفِرُ لِلْمَوْتَى في مَوْضِعٍ من الْمَقْبَرَةِ وَهِيَ غَيْرُ مِلْكٍ لِأَحَدٍ حَفَرَ الذي يَسْبِقُ حَيْثُ شَاءَ وان جاؤوا معا ( ( ( مما ) ) ) اقرع الْوَالِي بَيْنَهُمْ وإذا دُفِنَ الْمَيِّتُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ حَفْرُ قَبْرِهِ حتى يأتى عليه مُدَّةٌ يَعْلَمُ أَهْلُ ذلك الْبَلَدِ أَنَّ ذلك قد ذَهَبَ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِالْبُلْدَانِ فَيَكُونُ في السَّنَةِ وَأَكْثَرَ فَإِنْ عَجَّلَ أَحَدٌ بِحَفْرِ قَبْرِهِ فَوَجَدَ مَيِّتًا أو بَعْضَهُ أُعِيدَ عليه التُّرَابُ وَإِنْ خَرَجَ من عِظَامِهِ شَيْءٌ أُعِيدَ في الْقَبْرِ ( قال ) وإذا كانت أَرْضٌ لِرَجُلٍ فَأَذِنَ بِأَنْ يُقْبَرَ فيها ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهَا فَلَهُ أَخْذُ ما لم يُقْبَرْ فيه وَلَيْسَ له أَخْذُ ما قُبِرَ فيه منها وَإِنْ قَبَرَ قَوْمٌ في أَرْضٍ لِرَجُلٍ بِلَا إذْنِهِ فَأَرَادَ تَحْوِيلَهُمْ عنها أو بِنَاءَهَا أو زَرْعَهَا أو حَفْرَهَا آبَارًا كَرِهْت ذلك له وَإِنْ شَحَّ فَهُوَ أَحَقُّ بِحَقِّهِ وَأُحِبُّ لو تَرَكَ الْمَوْتَى حتى يَبْلُوا ( قال ) وَأَكْرَهُ وَطْءَ الْقَبْرِ وَالْجُلُوسَ وَالِاتِّكَاءَ عليه إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ الرَّجُلُ السَّبِيلَ إلَى قَبْرِ مَيِّتِهِ إلَّا بِأَنْ يَطَأَهُ فَذَلِكَ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ فَأَرْجُو حِينَئِذٍ أَنْ يَسَعَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ تَعْجِيلَ دَفْنِ الْمَيِّتِ إذَا بَانَ مَوْتُهُ فإذا أَشْكَلَ أَحْبَبْت الْأَنَاةَ به حتى يَتَبَيَّنَ مَوْتُهُ وَإِنْ كان الْمَيِّتُ غَرِيقًا أَحْبَبْت التَّأَنِّي بِهِ بِقَدْرِ ما يُوَلَّى من حَفْرِهِ وَإِنْ كان مَصْعُوقًا أَحْبَبْت أَنْ يستأني بِهِ حتى يُخَافَ تَغَيُّرُهُ وَإِنْ بَلَغَ ذلك يَوْمَيْنِ أو ثَلَاثَةً لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ يُصْعَقُ فَيَذْهَبُ عَقْلُهُ ثُمَّ يُفِيقُ بَعْدَ الْيَوْمَيْنِ وما أَشْبَهَ ذلك وَكَذَلِكَ لو كان فَزِعًا من حَرْبٍ أو سَبُعٍ أو فَزِعًا غير ذلك أو كان مُتَرَدِّيًا من جَبَلٍ وإذا مَاتَ الْمَيِّتُ فَلَا تَخْفَى عَلَامَاتُ الْمَوْتِ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ خَفِيَتْ على الْبَعْضِ لم تَخْفَ على الْكُلِّ وإذا كانت الطَّوَاعِينُ أو مَوْتُ الْفَجْأَةِ وَاسْتَبَانَ الْمَوْتُ فلم يَضْبِطْهُ أَهْلُ الْبَيْتِ إلَّا أَنْ يُقَدِّمُوا بَعْضَ الْمَوْتَى فَقَدَّمُوا الْوَالِدَيْنِ من الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ثُمَّ قَدَّمُوا بَعْدُ من رَأَوْا فَإِنْ كان امْرَأَتَانِ لِرَجُلٍ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا أَيَّتُهُمَا تُقَدَّمُ وإذا خِيفَ التَّغْيِيرُ على بَعْضِ الْمَوْتَى قُدِّمَ من كان يُخَافُ عليه التَّغْيِيرُ لَا من لَا يُخَافُ التَّغْيِيرُ عليه وَيُقَدَّمُ الْكِبَارُ على الصِّغَارِ إذَا لم يُخَفْ التَّغْيِيرُ على من تَخَلَّفَ وإذا كان الضَّرُورَةُ دُفِنَ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ في قَبْرٍ وَقُدِّمَ إلَى الْقِبْلَةِ أَفْضَلُهُمْ وَأَقْرَؤُهُمْ ثُمَّ جُعِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذي يَلِيهِ حَاجِزٌ من تُرَابٍ فَإِنْ كَانُوا رِجَالًا وَنِسَاءً وَصِبْيَانًا جُعِلَ الرَّجُلُ الذي يَلِيَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْمَرْأَةُ وَرَاءَهُ وَأَحَبُّ إلى لو لم تُدْفَنْ الْمَرْأَةُ مع الرِّجَالِ وَإِنَّمَا رَخَّصْت في أَنْ يُدْفَنَ الرَّجُلَانِ في قَبْرٍ بِالسُّنَّةِ لم أَسْمَعْ أَحَدًا من أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا يَتَحَدَّثُ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ اثْنَانِ في قَبْرٍ وَاحِدٍ وقد قِيلَ ثَلَاثَةٌ - * بَابُ ما يَكُونُ بَعْدَ الدَّفْنِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال

(1/277)


لَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ عليه وَإِنَّمَا نهى عن الْجُلُوسِ عليه لِلتَّغَوُّطِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَكِنْ لَا يُقَالُ عِنْدَهَا هُجْرٌ من الْقَوْلِ وَذَلِكَ مِثْلُ الدُّعَاءِ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَالنِّيَاحَةِ فَأَمَّا إذَا زُرْت تَسْتَغْفِرُ لِلْمَيِّتِ وَيَرِقُّ قَلْبَك وَتَذْكُرُ أَمْرَ الْآخِرَةِ فَهَذَا مِمَّا لَا أَكْرَهُهُ وَلَا أُحِبُّ الْمَبِيتَ في الْقُبُورِ لِلْوَحْشَةِ على الْبَائِتِ وقد رَأَيْت الناس عِنْدَنَا يُقَارِبُونَ من ذَوِي الْقَرَابَاتِ في الدَّفْنِ وأنا أُحِبُّ ذلك وَأَجْعَلُ الْوَالِدَ أَقْرَبَ إلَى الْقِبْلَةِ من الْوَلَدِ إذَا أَمْكَنَ ذلك وَكَيْفَمَا دُفِنَ أَجْزَأَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَيْسَ في التَّعْزِيَةِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ يُقَالُ لَا يُعْدَى إلَى غَيْرِهِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الْقَاسِمُ بن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عن جَدِّهِ قال لَمَّا توفى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَجَاءَتْ التَّعْزِيَةُ سَمِعُوا قَائِلًا يقول إنَّ في اللَّهِ عَزَاءً من كل مُصِيبَةٍ وَخَلَفًا من كل هَالِكٍ وَدَرْكًا من كل ما فَاتَ فَبِاَللَّهِ فَثِقُوا وَإِيَّاهُ فأرجوا فإن الْمُصَابَ من حُرِمَ الثَّوَابَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) قد عَزَّى قَوْمٌ من الصَّالِحِينَ بِتَعْزِيَةٍ مُخْتَلِفَةٍ فَأُحِبُّ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ هذا الْقَوْلَ وَيَتَرَحَّمَ على الْمَيِّتِ وَيَدْعُوَ لِمَنْ خَلْفَهُ ( قال ) وَالتَّعْزِيَةُ من حِينِ مَوْتِ الْمَيِّتِ في الْمَنْزِلَ وَالْمَسْجِدَ وَطَرِيقَ الْقُبُورِ وَبَعْدَ الدَّفْنِ وَمَتَى عَزَّى فَحَسَنٌ فإذا شَهِدَ الْجِنَازَةَ أَحْبَبْت أَنْ تُؤَخَّرَ التَّعْزِيَةُ إلَى أَنْ يُدْفَنَ الْمَيِّتُ إلَّا أَنْ يَرَى جَزَعًا من الْمُصَابِ فَيُعَزِّيَهُ عِنْدَ جَزَعِهِ ويعزى الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالْمَرْأَةَ إلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً شَابَّةً وَلَا أُحِبُّ مُخَاطَبَتَهَا إلَّا لِذِي مَحْرَمٍ وَأُحِبُّ لِجِيرَانِ الْمَيِّتِ أو ذِي قَرَابَتِهِ أَنْ يَعْمَلُوا لِأَهْلِ الْمَيِّتِ في يَوْمِ يَمُوتُ وَلَيْلَتِهِ طَعَامًا يُشْبِعُهُمْ فإن ذلك سُنَّةٌ وَذِكْرٌ كَرِيمٌ وهو من فِعْلِ أَهْلِ الْخَيْرِ قَبْلَنَا وَبَعْدَنَا لِأَنَّهُ لَمَّا جاء نَعْيُ جَعْفَرٍ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم اجْعَلُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فإنه قد جَاءَهُمْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن جَعْفَرٍ عن أبيه عن عبد اللَّهِ بن جَعْفَرٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَيْسَ هذا عِنْدَنَا كما قال وَإِنْ كان نهى عنه للمذهب ( ( ( المذهب ) ) ) فَقَدْ نهى عنه وقد نهى عنه مُطْلَقًا لِغَيْرِ الْمَذْهَبِ أخبرنا
الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عن جَدِّهِ قال تَبِعْت جِنَازَةً مع أبي هُرَيْرَةَ فلما كان دُونَ الْقُبُورِ جَلَسَ أبو هُرَيْرَةَ ثُمَّ قال لَأَنْ أَجْلِسَ على جَمْرَةٍ فَتُحْرِقُ رِدَائِي ثُمَّ قَمِيصِي ثُمَّ إزَارِي ثُمَّ تُفْضِي إلَى جِلْدِي أَحَبُّ إلى من أَنْ أَجْلِسَ على قَبْرِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ( قال ) وَأَكْرَهُ أَنْ يُبْنَى على الْقَبْرِ مَسْجِدٌ وَأَنْ يُسَوَّى أو يُصَلَّى عليه وهو غَيْرُ مُسَوًّى أو يُصَلَّى إلَيْهِ ( قال ) وَإِنْ صلى إلَيْهِ أَجْزَأَهُ وقد أَسَاءَ أخبرنا مَالِكٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ لَا يَبْقَى دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ ( قال ) وَأَكْرَهُ هذا لِلسُّنَّةِ وَالْآثَارِ وَأَنَّهُ كُرِهَ وَاَللَّهُ تعالي أَعْلَمُ أَنْ يُعَظَّمَ أَحَدٌ من الْمُسْلِمِينَ يَعْنِي يُتَّخَذُ قَبْرُهُ مَسْجِدًا ولم تُؤْمَنْ في ذلك الْفِتْنَةُ وَالضَّلَالُ على من يأتى بَعْدُ فَكُرِهَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِئَلَّا يُوطَأَ فَكُرِهَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ مُسْتَوْدَعَ الْمَوْتَى من الْأَرْضِ ليس بِأَنْظَفِ الْأَرْضِ وَغَيْرُهُ من الْأَرْضِ أَنْظَفُ - * بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ دَفْنِ الْمَيِّتِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وإذا وُضِعَ الْمَيِّتُ في قَبْرٍ قال من يَضَعُهُ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأُحِبُّ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ أَسْلَمَهُ إلَيْك الإشحاء من وَلَدِهِ وَأَهْلِهِ وَقَرَابَتِهِ وَإِخْوَانِهِ وَفَارَقَ من كان يُحِبُّ قُرْبَهُ وَخَرَجَ من سَعَةِ الدَّارِ وَالْحَيَاةِ إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَضِيقِهِ وَنَزَلَ بِك وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ إنْ عَاقَبْته عَاقَبْته بِذَنْبِهِ وَإِنْ عَفَوْت فَأَنْتَ أَهْلُ الْعَفْوِ اللَّهُمَّ أنت غَنِيٌّ عن عَذَابِهِ وهو فَقِيرٌ إلَى رَحْمَتِك اللَّهُمَّ اُشْكُرْ حَسَنَتَهُ وَتَجَاوَزْ عن سَيِّئَتِهِ وَشَفِّعْ جَمَاعَتَنَا فيه وَاغْفِرْ ذَنْبَهُ وَافْسَحْ له في قَبْرِهِ وَأَعِذْهُ من عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَدْخِلْ عليه الْأَمَانَ وَالرُّوحَ في قَبْرِهِ وَلَا بَأْسَ بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ
أخبرنا مَالِكٌ عن رَبِيعَةَ ( يَعْنِي بن أبي عبد الرحمن ) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال وَنَهَيْتُكُمْ عن زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا

(1/278)


قال جاء نعى جَعْفَرٍ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم اجْعَلُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فإنه قد جَاءَهُمْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ أو ما يَشْغَلُهُمْ شَكَّ سُفْيَانُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَقُومُ لِلْجِنَازَةِ من شَهِدَهَا وَالْقِيَامُ لها مَنْسُوخٌ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن وَاقِدِ بن عُمَرَ بن سَعْدِ بن مُعَاذٍ عن نَافِعِ بن جُبَيْرٍ عن مَسْعُودِ بن الْحَكَمِ عن عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ رضي اللَّهُ عنه قال كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَقُومُ في الْجَنَائِزِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدُ
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن مُحَمَّدِ بن عَمْرِو بن علقمه بهذا الْإِسْنَادِ أو شَبِيهًا بهذا وقال قام رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَمَرَ بِالْقِيَامِ ثُمَّ جَلَسَ وَأَمَرَ بِالْجُلُوسِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُصَلِّي على الْجَنَائِزِ أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ من لَيْلٍ أو نَهَارٍ وَكَذَلِكَ يُدْفَنُ في أَيِّ سَاعَةٍ شَاءَ من لَيْلٍ أو نَهَارٍ وقد دُفِنَتْ على عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مِسْكِينَةٌ لَيْلًا فلم يُنْكِرْ وَدُفِنَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لَيْلًا وَدُفِنَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدُ لَيْلًا وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يُصَلَّى عليها مع اصْفِرَارِ الشَّمْسِ وَلَا مع طُلُوعِهَا حتى تَبْرُزَ وَاحْتُجَّ في ذلك بِأَنَّ بن عُمَرَ قال لِأَهْلِ جِنَازَةٍ وَضَعُوهَا على بَابِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الصُّبْحِ إمَّا إنْ تُصَلُّوا عليها الْآنَ وَإِمَّا أَنْ تَدَعُوهَا حتى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ ( قال ) وبن عُمَرَ يروى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا يَتَحَرَّى أحدكم بِصَلَاتِهِ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا وقد يَكُونُ بن عُمَرَ سمع هذا من النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم خَاصَّةً ولم يَسْمَعْ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم النَّهْيَ عن الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حتى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَرَأَى هذا حَمْلَهُ على كل صَلَاةٍ ولم يَرَ النَّهْيَ إلَّا فِيمَا سُمِعَ قال وقد جاء عن رسول اللَّه صلى اللَّهُ عليه وسلم ما دَلَّ علي أَنَّ نَهْيَهُ عن الصَّلَاةِ في هذه السَّاعَاتِ إنَّمَا يَعْنِي بِهِ صَلَاةَ النَّافِلَةِ فَأَمَّا كُلُّ صَلَاةٍ كُرِهَتْ فَلَا وَأَثْبَتْنَا ذلك في كِتَابِ الصَّلَاةِ وَلَوْ كان علي كل صَلَاةٍ وَكَانَتْ الصَّلَاةُ على الْجَنَائِزِ صَلَاةً لَا تَحِلُّ إلَّا في وَقْتِ صَلَاةٍ ما صلى على مَيِّتِ الْعَصْرِ وَلَا الصُّبْحِ وقد يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بن عُمَرَ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ لَا يَجْلِسَ من تَبِعَ الْجِنَازَةَ وَلَا يَتَفَرَّقَ من أَهْلِ الْمَسْجِدِ حتى يَكْثُرَ المصلى عليها فإن أَصْحَابَنَا يَتَحَرَّوْنَ بِالْجَنَائِزِ انْصِرَافَ الناس من الصَّلَاةِ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ فيقول صَلُّوا مع كَثْرَةِ الناس أو أَخِّرُوا إلَى أَنْ يأتى الْمُصَلُّونَ لِلضُّحَى
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الثِّقَةُ من أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادٍ لَا أَحْفَظُهُ أَنَّهُ صلى على عَقِيلِ بن أبي طَالِبٍ وَالشَّمْسُ مُصْفَرَّةٌ قبل الْمَغِيبِ قَلِيلًا ولم يَنْتَظِرْ بِهِ مَغِيبَ الشَّمْسِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَكْرَهُ النِّيَاحَةَ على الْمَيِّتِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَنْ تَنْدُبَهُ النَّائِحَةُ على الِانْفِرَادِ لَكِنْ يُعَزَّى بِمَا أَمَرَ اللَّهُ عز وجل من الصَّبْرِ وَالِاسْتِرْجَاعِ وَأَكْرَهُ الْمَأْتَمَ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ وَإِنْ لم يَكُنْ لهم بُكَاءٌ فإن ذلك يُجَدِّدُ الْحُزْنَ وَيُكَلِّفُ الْمُؤْنَةَ مع ما مَضَى فيه من الْأَثَرِ ( قال ( ( ( قتل ) ) ) ) وَأُرَخِّصُ في الْبُكَاءِ بِلَا أَنْ يَتَأَثَّرَ وَلَا أَنْ يَعُلْنَ إلَّا خيرا ( ( ( خبرا ) ) ) وَلَا يَدْعُونَ بِحَرْبٍ قبل الْمَوْتِ فإذا مَاتَ أَمْسَكْنَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ بن جَابِرِ بن عَتِيكٍ عن عَتِيكِ بن
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ لِقَيِّمِ أَهْلِ الْمَيِّتِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ أَنْ يَتَعَاهَدَ أَضْعَفَهُمْ عن احْتِمَالِهَا بِالتَّعْزِيَةِ بِمَا يَظُنُّ من الْكَلَامِ وَالْفِعْلِ أَنَّهُ يُسَلِّيهِ وَيَكُفُّ من حُزْنِهِ وَأُحِبُّ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ الِابْتِدَاءَ بِأَوْلَى من قَضَاءِ دَيْنِهِ فَإِنْ كان ذلك يَسْتَأْخِرُ سَأَلَ غُرَمَاءَهُ أَنْ يُحَلِّلُوهُ وَيَحْتَالُوا بِهِ عليه وَأَرْضَاهُمْ منه بِأَيِّ وَجْهٍ كان
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن أبيه عن عُمَرَ بن أبي سَلَمَةَ أَظُنُّهُ عن أبيه عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حتى يقضي عنه ( قال ) وَأُحِبُّ إنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ أَنْ يُعَجِّلَ الصَّدَقَةَ عنه وَيَجْعَلَ ذلك في أَقَارِبِهِ وَجِيرَانِهِ وَسَبِيلِ الْخَيْرِ وَأُحِبُّ مَسْحَ رَأْسِ الْيَتِيمِ وَدَهْنَهُ وَإِكْرَامَهُ وَأَنْ لَا يُنْهَرَ وَلَا يُقْهَرَ فإن اللَّهَ عز وجل قد أَوْصَى بِهِ - * بَابُ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال

(1/279)


الحرث بن عَتِيكٍ أخبره عن عبد اللَّهِ بن عَتِيكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم جاء يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بن ثَابِتٍ فَوَجَدَهُ قد غُلِبَ فَصَاحَ بِهِ فلم يُجِبْهُ فَاسْتَرْجَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وقال غُلِبْنَا عَلَيْك يا أَبَا الرَّبِيعِ فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ فَجَعَلَ بن عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم دَعْهُنَّ فإذا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ قالوا وما الْوُجُوبُ يا رَسُولَ اللَّهِ قال إذَا مَاتَ - * غُسْلُ الْمَيِّتِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ قال لم أَسْمَعْ هذا الْكِتَابَ من الشَّافِعِيِّ وَإِنَّمَا أَقْرَؤُهُ على الْمَعْرِفَةِ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) أَوَّلُ ما يَبْدَأُ بِهِ من يُحَضِّرُ الْمَيِّتَ من أَوْلِيَائِهِ أَنْ يَتَوَلَّى أَرْفَقُهُمْ بِهِ إغْمَاضَ عَيْنَيْهِ بِأَسْهَلَ ما يَقْدِرُ عليه وَأَنْ يَشُدَّ تَحْتَ لَحْيَيْهِ عِصَابَةً عَرِيضَةً وَتُرْبَطَ من فَوْقِ رَأْسِهِ كيلا ( ( ( كي ) ) ) يسترخى لَحْيُهُ الْأَسْفَلُ فَيَنْفَتِحَ فُوهُ ثُمَّ يَجْسُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا يَنْطَبِقَ وَيَرُدَّ يَدَيْهِ حتى يُلْصِقَهُمَا بِعَضُدَيْهِ ثُمَّ يَبْسُطَهُمَا ثُمَّ يَرُدَّهُمَا ثُمَّ يَبْسُطَهُمَا مَرَّاتٍ لِيَبْقَى لِينُهُمَا فَلَا يَجْسُوَ وَهُمَا إذَا لُيِّنَا عِنْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ تَبَاقَى لِينُهُمَا إلَى وَقْتِ دَفْنِهِ فَفُكَّتَا وَهُمَا لَيِّنَتَانِ وَيُلَيِّنُ كَذَلِكَ أَصَابِعَهُ وَيَرُدُّ رِجْلَيْهِ من بَاطِنٍ حتى يُلْصِقَهُمَا بِبُطُونِ فَخِذَيْهِ كما وَصَفْت فِيمَا يَصْنَعُ في يَدَيْهِ وَيَضَعُ على بَطْنِهِ شيئا من طِينٍ أو لَبِنَةٍ أو حَدِيدَةٍ سَيْفٍ أو غَيْرِهِ فإن بَعْضَ أَهْلِ التَّجْرِبَةِ يَزْعُمُونَ أَنَّ ذلك يَمْنَعُ بَطْنَهُ أَنْ تَرْبُوَ وَيُخْرِجُ من تَحْتِهِ الوطيء ( ( ( الوطء ) ) ) كُلَّهُ ويفضى بِهِ إلَى لَوْحٍ إنْ قَدَرَ عليه أو سَرِيرِ أَلْوَاحٍ مُسْتَوٍ فإن بَعْضَ أَهْلِ التَّجْرِبَةِ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُسْرِعُ انْتِفَاخُهُ على الوطيء ( ( ( الوطء ) ) ) وَيَسْلُبُ ثِيَابًا إنْ كانت عليه وَيُسْجِي ثَوْبًا يغطى بِهِ جَمِيعَ جَسَدِهِ وَيَجْعَلُ من تَحْتِ رِجْلِهِ وَرَأْسِهِ وَجَنْبَيْهِ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ فإذا أَحْضَرُوا له غَسْلَهُ وَكَفَنَهُ وَفَرَغُوا من جِهَازِهِ فَإِنْ كان على يَدَيْهِ وفي عَانَتِهِ شَعْرٌ فَمِنْ الناس من كَرِهَ أَخْذَهُ عنه وَمِنْهُمْ من أَرْخَصَ فيه فَمَنْ أَرْخَصَ فيه لم يَرَ بَأْسًا أَنْ يَحْلِقَهُ بِالنُّورَةِ أو يَجُزَّهُ بِالْجَلَمِ وَيَأْخُذَ من شَارِبَيْهِ وَيُقَلِّمَ من أَظْفَارِهِ وَيَصْنَعَ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ ما كان فِطْرَةً في الْحَيَاةِ وَلَا يَأْخُذُ من شَعْرِ رَأْسِهِ وَلَا لِحْيَتِهِ شيئا لِأَنَّ ذلك إنَّمَا يُؤْخَذُ زِينَةً أو نُسُكًا وما وَصَفْت مِمَّا يُؤْخَذُ فِطْرَةً فَإِنْ نَوَّرَهُ أَنْقَاهُ من نُورَةٍ وَإِنْ لم يُنَوِّرْهُ اتَّخَذَ قبل ذلك عِيدَانًا طِوَالًا الأخله من شَجَرٍ لَيِّنٍ لَا يَجْرَحُ ثُمَّ اسْتَخْرَجَ جَمِيعَ ما تَحْتَ أَظْفَارِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ من الْوَسَخِ ثُمَّ أَفْضَى بِهِ إلَى مُغْتَسَلِهِ مَسْتُورًا وَإِنْ غَسَلَهُ في قَمِيصٍ فَهُوَ أَحَبُّ إلى وَأَنْ يَكُونَ الْقَمِيصُ سَخِيفًا رَقِيقًا أَحَبُّ إلى وَإِنْ ضَاقَ ذلك عليه كان أَقَلَّ ما يَسْتُرُهُ بِهِ ما يوارى ما بين سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ لِأَنَّ هذا هو الْعَوْرَةُ من الرَّجُلِ في الْحَيَاةِ وَيَسْتُرُ الْبَيْتَ الذي يُغَسِّلُهُ فيه بِسَتْرٍ وَلَا يَشْرَكُهُ في النَّظَرِ إلَى الْمَيِّتِ إلَّا من لَا غِنَى له عنه مِمَّنْ يُمْسِكُهُ أو يُقَلِّبُهُ أو يَصُبُّ عليه وَيَغُضُّونَ كلهم وهو عنه الطَّرْفَ وَإِلَّا فِيمَا لَا يُجْزِيهِ فيه إلَّا النَّظَرُ إلَيْهِ لِيَعْرِفَ ما يُغَسِّلُ منه وما بَلَغَ الْغَسْلُ وما يَحْتَاجُ إلَيْهِ من الزِّيَادَةِ في الْغَسْلِ وَيَجْعَلُ السَّرِيرَ الذي يُغَسِّلُهُ عليه كَالْمُنْحَدِرِ قَلِيلًا وَيُنْفِذُ مَوْضِعَ مَائِهِ الذي يُغَسِّلُهُ بِهِ من الْبَيْتِ فإنه أَحْرَزُ له أَنْ يَنْضَحَ فيه شَيْءٌ انْصَبَّ عليه وَلَوْ انْتَضَحَ لم يَضُرَّهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَكِنَّ هذا أَطْيَبُ لِلنَّفْسِ وَيَتَّخِذُ إنَاءَيْنِ إنَاءً يَغْرِفُ بِهِ من الْمَاءِ الْمَجْمُوعِ لِغُسْلِهِ وَإِنَاءً يَصُبُّ فيه ذلك الْإِنَاءَ ثُمَّ يَصُبُّ الْإِنَاءَ الثَّانِيَ عليه لِيَكُونَ إنَاءُ الْمَاءِ غير قَرِيبٍ من الصَّبِّ على الْمَيِّتِ وَيُغَسِّلُهُ بِالْمَاءِ غَيْرِ السُّخْنِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُغَسَّلَ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ وَلَوْ غُسِّلَ بِهِ أجزأ ( ( ( أجزأه ) ) ) إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ كان عليه وَسَخٌ وكان بِبَلَدٍ بَارِدٍ أو كانت بِهِ عِلَّةٌ لَا يَبْلُغُ الْمَاءُ غَيْرُ الْمُسَخَّنِ أَنْ ينقى جَسَدَهُ غَايَةَ الْإِنْقَاءِ وَلَوْ لَصِقَ بِجَسَدِهِ مالا يُخْرِجُهُ إلَّا الدُّهْنُ دُهِنَ ثُمَّ غُسِّلَ حتى يَتَنَظَّفَ وَكَذَلِكَ إنْ طلى بِنُورَةٍ وَلَا يفضى غَاسِلُ الْمَيِّتِ بيده إلَى شَيْءٍ من عَوْرَتِهِ وَلَوْ تَوَقَّى سَائِرَ جَسَدِهِ كان أَحَبَّ إلى وَيُعِدُّ خِرْقَتَيْنِ نَظِيفَتَيْنِ قبل غُسْلِهِ فَيَلُفُّ على يَدِهِ إحْدَاهُمَا ثُمَّ يُغَسِّلُ بها أَعْلَى جَسَدِهِ وَأَسْفَلَهُ فإذا أَفْضَى إلَى ما بين رِجْلَيْهِ وَمَذَاكِيرِهِ فَغَسَّلَ ذلك أَلْقَاهَا فَغُسِلَتْ وَلَفَّ الْأُخْرَى وَكُلَّمَا عَادَ على الْمَذَاكِيرِ وما بين الإليتين أَلْقَى الْخِرْقَةَ التي على يَدِهِ وَأَخَذَ الْأُخْرَى الْمَغْسُولَةَ لِئَلَّا يَعُودَ بِمَا مَرَّ على الْمَذَاكِيرِ وَبِمَا بين الْأَلْيَتَيْنِ على سَائِرِ جَسَدِهِ إنْ شَاءَ اللَّه

(1/280)


- * بَابُ عِدَّةِ غَسْلِ الْمَيِّتِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُلْقَى الْمَيِّتُ على ظَهْرِهِ ثُمَّ يَبْدَأُ غَاسِلُهُ فَيُوَضِّئُهُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَيُجْلِسُهُ إجْلَاسًا رَفِيقًا وَيُمِرُّ يَدَهُ على بَطْنِهِ إمْرَارًا رَفِيقًا بَلِيغًا لِيُخْرِجَ شيئا إنْ كان فيه ثَمَّ فَإِنْ خَرَجَ شَيْءٌ أَلْقَاهُ وَأَلْقَى الْخِرْقَةَ عن يَدِهِ وَوَضَّأَهُ ثُمَّ غَسَّلَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالسِّدْرِ حتى يُنَقِّيَهُمَا وَيُسَرِّحَهُمَا تَسْرِيحًا رَفِيقًا ثُمَّ يُغَسِّلُهُ من صَفْحَةِ عُنُقِهِ الْيُمْنَى صَبًّا إلَى قَدَمِهِ الْيُمْنَى وَغُسِّلَ في ذلك شِقُّ صَدْرِهِ وَجَنْبُهُ وَفَخِذُهُ وَسَاقُهُ الْأَيْمَنُ كُلُّهُ يُحَرِّكُهُ له مُحَرِّكٌ لِيَتَغَلْغَلَ الْمَاءُ ما بين فَخِذَيْهِ وَيُمِرُّ يَدَهُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَلِيَأْخُذَ الْمَاءَ فَيُغَسِّلَ يَامِنَةَ ظَهْرِهِ ثُمَّ يَعُودُ على شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيَصْنَعُ بِهِ ذلك ثُمَّ يَحْرِفُ على جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ فَيُغَسِّلُ نَاتِئَةَ ظَهْرِهِ وَقَفَاهُ وَفَخِذِهِ وَسَاقِهِ إلَى قَدَمِهِ وهو يَرَاهُ مُمْكِنًا ثُمَّ يَحْرِفُ على جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ حتى يَصْنَعَ بِيَاسِرَةِ قَفَاهُ وَظَهْرِهِ وَجَمِيعِ بَدَنِهِ وإليتيه وَفَخِذَيْهِ وَسَاقِهِ وَقَدَمِهِ مِثْلَ ذلك وَأَيُّ شِقٍّ حَرَفَهُ إلَيْهِ لم يَحْرِفْهُ حتى يُغَسِّلَ ما تَحْتَهُ وما يَلِيهِ لِيَحْرِفَهُ على مَوْضِعٍ نَقِيٍّ نَظِيفٍ وَيَصْنَعُ هذا في كل غَسْلَةٍ حتى يَأْتِيَ على جَمِيعِ غُسْلِهِ وَإِنْ كان على بَدَنِهِ وَسَخٌ نُحِّيَ إلَى إمْكَانِ غُسْلِهِ بِأُشْنَانٍ ثُمَّ مَاءٍ قَرَاحٍ وَإِنْ غَسَّلَهُ بِسِدْرٍ أو إشنان أو غَيْرِهِ لم نَحْسَبْ شيئا خَالَطَهُ من هذا شَيْءٌ يَعْلُو فيه غُسْلًا وَلَكِنْ إذَا صَبَّ عليه الْمَاءَ حتى يَذْهَبَ هذا أُمِرَّ عليه بَعْدَهُ الْمَاءُ الْقَرَاحُ كما ( ( ( بما ) ) ) وَصَفْت وكان غَسْلُهُ بِالْمَاءِ وكان هذا تَنْظِيفًا لَا يُعَدُّ غَسْلَ طَهَارَةٍ وَالْمَاءُ ليس فيه كَافُورٌ كَالْمَاءِ فيه شَيْءٌ من الْكَافُورِ وَلَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ عن سَجِيَّةِ خِلْقَتِهِ وَلَا يَعْلُو فيه منه إلَّا رِيحُهُ وَالْمَاءُ بحالة فَكَثْرَةُ الْكَافُورِ في الْمَاءِ لَا تَضُرُّ وَلَا تَمْنَعُهُ أَنْ يَكُونَ طَهَارَةً يَتَوَضَّأُ بِهِ الْحَيُّ وَلَا يَتَوَضَّأُ الْحَيُّ بِسِدْرٍ مَضْرُوبٍ بِمَاءٍ لِأَنَّ السِّدْرَ لَا يُطَهِّرُ وَيُتَعَهَّدُ بِمَسْحِ بَطْنِ الْمَيِّتِ في كل غَسْلَةٍ وَيَقْعُدُ عِنْدَ آخِرِ كل غَسْلَةٍ فإذا فَرَغَ من آخِرِ غَسْلَةٍ غَسَلَهَا تُعُهِّدَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَرُدَّتَا لِئَلَّا تَجْسُوَا ثُمَّ مُدَّتَا فَأُلْصِقَتَا بِجَنْبِهِ وَصَفَّ بين قَدَمَيْهِ وَأُلْصِقَ أَحَدُ كَعْبَيْهِ بالأخر وَضُمَّ إحْدَى فَخِذَيْهِ إلَى الْأُخْرَى فَإِنْ خَرَجَ من الْمَيِّتِ بَعْدَ الْفَرَاغِ من غَسْلِهِ شَيْءٌ أنقى وَاعْتُدَّتْ غَسْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يستجف ( ( ( يستخف ) ) ) في ثَوْبٍ فإذا جَفَّ صُيِّرَ في أَكْفَانِهِ - * عَدَدُ كَفَنِ الْمَيِّتِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أُحِبُّ عَدَدَ كَفَنِ الْمَيِّتِ إلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ رَيْطَاتٍ ليس فيها قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ فَمَنْ كُفِّنَ فيها بُدِئَ بِاَلَّتِي يُرِيدُونَ أَنْ تَكُونَ أَعْلَاهَا فَبُسِطَتْ أَوَّلًا ثُمَّ بُسِطَتْ الْأُخْرَى فَوْقَهَا ثُمَّ الثَّالِثَةُ فَوْقَهُمَا ثُمَّ حُمِلَ الْمَيِّتُ فَوُضِعَ فَوْقَ الْعُلْيَا ثُمَّ أُخِذَ الْقُطْنُ مَنْزُوعُ الْحَبِّ فَجُعِلَ فيه الْحَنُوطُ وَالْكَافُورُ وألقى على الْمَيِّتِ ما يَسْتُرُهُ ثُمَّ أُدْخِلَ بين إلييه ( ( ( أليتيه ) ) ) إدْخَالًا بَلِيغًا وَأَكْثَرَ لِيَرُدَّ شيئا إنْ جاء منه عِنْدَ تَحْرِيكِهِ إذَا حُمِلَ فَإِنْ خِيفَ أَنْ يأتى شَيْءٌ لِعِلَّةٍ كانت بِهِ أو حَدَثَتْ يُرَدُّ بها أَدْخَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَفَنِهِ لِبْدًا ثُمَّ شَدُّوهُ عليه كما يَشُدُّ التُّبَّانَ الْوَاسِعَ فَيَمْنَعُ شيئا إنْ جاء
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَقَلُّ ما يُجْزِئُ من غَسْلِ الْمَيِّتِ الْإِنْقَاءُ كما يَكُونُ أَقَلَّ ما يُجْزِئُ في الْجَنَابَةِ وَأَقَلُّ ما أُحِبُّ أَنْ يُغَسَّلَ ثَلَاثًا فَإِنْ لم يَبْلُغْ بِإِنْقَائِهِ ما يُرِيدُ الْغَاسِلُ فَخَمْسٌ فَإِنْ لم يَبْلُغْ ما يُحِبُّ فَسَبْعٌ وَلَا يُغَسِّلُهُ بِشَيْءٍ من الْمَاءِ إلَّا أَلْقَى فيه كَافُورًا لِلسُّنَّةِ وَإِنْ لم يَفْعَلْ كَرِهْتُهُ وَرَجَوْت أَنْ يُجْزِئَهُ وَلَسْت أَعْرِفُ أَنْ يُلْقَى في الْمَاءِ وَرَقُ سِدْرٍ وَلَا طِيبٌ غير كَافُورٍ وَلَا غيره ( ( ( يغره ) ) ) وَلَكِنْ يَتْرُكُ مَاءً على وَجْهِهِ ويلقى فيه الْكَافُورَ - * ما يُبْدَأُ بِهِ في غَسْلِ الْمَيِّتِ - *

(1/281)


منه من أَنْ يَظْهَرَ أو ثَوْبًا صَفِيقًا أَقْرَبَ الثِّيَابِ شَبَهًا بِاللِّبْدِ وَأَمْنَعَهَا لِمَا يأتى منه إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَشَدُّوهُ عليه خِيَاطَةً وَإِنْ لم يَخَافُوا ذلك فَلَفُّوا مَكَانَ ذلك ثَوْبًا لَا يَضُرُّهُمْ وَإِنْ تَرَكُوهُ رَجَوْت أَنْ يُجْزِئَهُمْ وَالِاحْتِيَاطُ بِعَمَلِهِ أَحَبُّ إلى ثُمَّ يُؤْخَذُ الْكُرْسُفُ فَيُوضَعُ عليه الْكَافُورُ فَيُوضَعُ على فيه وَمَنْخَرَيْهِ وَعَيْنَيْهِ وَمَوْضِعِ سُجُودِهِ فَإِنْ كانت بِهِ جِرَاحٌ نافذ ( ( ( نافد ) ) ) وُضِعَ عليها وَيُحَنَّطُ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ وَلَوْ ذُرَّ الْكَافُورُ على جَمِيعِ جَسَدِهِ وَثَوْبِهِ الذي يُدْرَجُ فيه أَحْبَبْت ذلك وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ من الْكَفَنِ الْمَوْضِعَ الذي يَبْقَى من عِنْدِ رِجْلَيْهِ منه أَقَلُّ ما بقى من عِنْدِ رَأْسِهِ ثُمَّ تُؤْخَذُ صنفة الثَّوْبِ الْيُمْنَى فَتُرَدُّ على شِقِّ الرِّجْلِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ تُؤْخَذُ صَنِفَتهُ الْيُسْرَى فَتَرُدُّ على شِقِّ الرِّجْلِ الْأَيْمَنِ حتى يغطى بها صَنِفَتهُ الْأُولَى ثُمَّ يَصْنَعُ بِالثَّوْبِ الذي يَلِيهِ مِثْلَ ذلك ثُمَّ بِالثَّوْبِ الْأَعْلَى مِثْلَ ذلك وَأُحِبُّ أَنْ يُذَرَّ بين أَضْعَافِهَا حَنُوطٌ وَالْكَافُورُ ثُمَّ يُجْمَعُ ما عِنْدَ رَأْسِهِ من الثِّيَابِ جَمْعَ الْعِمَامَةِ ثُمَّ يُرَدُّ على وَجْهِهِ حتى يُؤْتَى بِهِ صَدْرُهُ وما عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَذَلِكَ حتى يُؤْتَى بِهِ على ظَهْرِ رِجْلَيْهِ إلَى حَيْثُ بَلَغَ فَإِنْ خَافُوا انْتِشَارَ الثِّيَابِ من الطَّرَفَيْنِ عَقَدُوهَا كيلا ( ( ( كي ) ) ) تَنْتَشِرَ فَإِنْ أَدْخَلُوهُ الْقَبْرَ لم يَدَعُوا عليه عُقْدَةً إلَّا حَلُّوهَا وَلَا خِيَاطَةً إلَّا فَتَقُوهَا وَأَضْجَعُوهُ على جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ وَرَفَعُوا رَأْسَهُ بِلَبِنَةٍ وَأَسْنَدُوهُ لِئَلَّا يستلقى على ظَهْرِهِ وَأَدْنَوْهُ في اللَّحْدِ من مُقَدَّمِهِ كيلا ( ( ( كي ) ) ) يَنْقَلِبَ على وَجْهِهِ فَإِنْ كان بِبَلَدٍ شَدِيدِ التُّرَابِ أَحْبَبْت أَنْ يُلْحَدَ له وَيُنْصَبَ اللَّبِنُ على قَبْرِهِ ثُمَّ تُسَدُّ فُرَجُ اللَّبِنِ ثُمَّ يُهَالُ التُّرَابُ عليه وَإِنْ كان بِبَلَدٍ رَقِيقٍ ضُرِحَ له وَالضَّرْحُ أَنْ تُشَقَّ الْأَرْضُ ثُمَّ تُبْنَى ثُمَّ يُوضَعَ فيه الْمَيِّتُ كما وَصَفْت ثُمَّ سُقِفَ بِأَلْوَاحٍ ثُمَّ سُدَّتْ فُرَجُ الْأَلْوَاحِ ثُمَّ ألقى على الْأَلْوَاحِ وَالْفُرَجِ إذْخِرٌ وَشَجَرٌ ما كان فَيُمْسِكُ التُّرَابَ أَنْ يَنْتَخِلَ على الْمَيِّتِ فَوُضِعَ مِكْتَلًا مِكْتَلًا لِئَلَّا يَتَزَايَلَ الشَّجَرُ عن مَوَاضِعِهِ ثُمَّ أُهِيلَ عليه التُّرَابُ وَالْإِهَالَةُ عليه أَنْ يَطْرَحَ من على شَفِيرِ الْقَبْرِ التُّرَابَ بِيَدَيْهِ جميعا عليه وَيُهَالُ بِالْمَسَاحِي وَلَا نُحِبُّ أَنْ يُزْدَادَ في الْقَبْرِ أَكْثَرُ من تُرَابِهِ ليس لِأَنَّهُ يَحْرُمُ ذلك وَلَكِنْ لِئَلَّا يَرْتَفِعَ جِدًّا وَيُشَخَّصُ الْقَبْرُ عن وَجْهِ الْأَرْضِ نحو من شِبْرٍ وَيُسَطَّحُ وَيُوضَعُ عليه حَصْبَاءُ وَتُسَدُّ أَرْجَاؤُهُ بِلَبِنٍ أو بِنَاءٍ وَيُرَشُّ على الْقَبْرِ وَيُوضَعُ عِنْدَ رَأْسِهِ صَخْرَةٌ أو عَلَامَةٌ ما كانت فإذا فَرَغَ من الْقَبْرِ فَذَلِكَ أَكْمَلُ ما يَكُونُ من اتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ فَلْيَنْصَرِفْ من شَاءَ وَالْمَرْأَةُ في غَسْلِهَا وَتَعَاهُدِ ما يَخْرُجُ منها مِثْلُ الرَّجُلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَفَقَّدَ منها أَكْثَرَ ما يُتَفَقَّدُ من الرَّجُلِ وَإِنْ كان بها بَطْنٌ أو كانت نُفَسَاءَ أو بها عِلَّةٌ أحتيط فَخِيطَ عليها لِبْدٌ لِيَمْنَعَ ما يَأْتِي منها إنْ جاء وَالْمَشْيُ بِالْجِنَازَةِ الْإِسْرَاعُ وهو فَوْقَ سَجِيَّةِ الْمَشْيِ فَإِنْ كانت بِالْمَيِّتِ عِلَّةٌ يُخَافُ لها أَنْ تُجِيءُ منه شيء ( ( ( شيئا ) ) ) أَحْبَبْت أَنْ يُرْفَقَ بِالْمَشْيِ وَأَنْ يُدَارَى لِئَلَّا يأتى منه أَذًى وإذا غُسِّلَتْ الْمَرْأَةُ ضُفِرَ شَعْرُهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ فَأُلْقِينَ خَلْفَهَا وَأُحِبُّ لو قُرِئَ عِنْدَ الْقَبْرِ ودعى لِلْمَيِّتِ وَلَيْسَ في ذلك دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ وَأُحِبُّ تَعْزِيَةَ أَهْلِ الْمَيِّتِ وَجَاءَ الْأَثَرُ في تَعْزِيَتِهِمْ وَأَنْ يُخَصَّ بِالتَّعْزِيَةِ كِبَارُهُمْ وَصِغَارُهُمْ الْعَاجِزُونَ عن احْتِمَالِ الْمُصِيبَةِ وَأَنْ يَجْعَلَ لهم أَهْلُ رَحِمِهِمْ وَجِيرَانُهُمْ طَعَامًا لِشُغْلِهِمْ بِمُصِيبَتِهِمْ عن صَنْعَةِ الطَّعَامِ - * الْعِلَلُ في الْمَيِّتِ - * (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا كان الْمَيِّتُ مَصْعُوقًا أو مَيِّتًا غَمًّا أو مَحْمُولًا عليه عَذَابٌ أو حَرِيقًا أو غَرِيقًا أو بِهِ عِلَّةٌ قد تَوَارَتْ بِمِثْلِ الْمَوْتِ استؤنى بِدَفْنِهِ وَتُعُوهِدَ حتى يُسْتَيْقَنَ مَوْتُهُ لَا وَقْتَ غَيْرُ ذلك وَلَوْ كان يَوْمًا أو يَوْمَيْنِ أو ثَلَاثَةً ما لم يَبِنْ بِهِ الْمَوْتُ أو يُخَافُ أَثَرُهُ ثُمَّ غُسِّلَ وَدُفِنَ وإذا اسْتُيْقِنَ مَوْتُهُ عُجِّلَ غُسْلُهُ وَدَفْنُهُ وَلِلْمَوْتِ عَلَامَاتٌ منها امْتِدَادُ جِلْدَةِ الْوَلَدِ مُسْتَقْبِلِهِ قال الرَّبِيعُ يعنى خُصَاهُ فَإِنَّهَا تُفَاضُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَافْتِرَاجُ زَنْدَيْ يَدَيْهِ وَاسْتِرْخَاءُ الْقَدَمَيْنِ حتى لَا يَنْتَصِبَانِ وَمَيَلَانُ الْأَنْفِ وَعَلَامَاتٌ سِوَى هذه فإذا رُئِيَتْ دَلَّتْ على الْمَوْت

(1/282)


- * من يَدْخُلُ قَبْرَ الرَّجُلِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُكَبِّرُ على الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مع كل تَكْبِيرَةٍ وَيُسَلِّمُ عن يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ عِنْدَ الْفَرَاغِ وَيَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى ثُمَّ يصلى على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَيَدْعُو لِجُمْلَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ يُخْلِصُ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ في الدُّعَاءِ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ عَبْدُك وبن عَبْدِك خَرَجَ من رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا وَمَحْبُوبِهِ وأحبائه ( ( ( أحبائه ) ) ) فيها إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وما هو لَاقِيهِ كان يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أنت وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ نَزَلَ بِك وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إلَى رَحْمَتِك وَأَنْتَ غنى عن عَذَابِهِ وقد جِئْنَاك رَاغِبِينَ إلَيْك شُفَعَاءَ له اللَّهُمَّ فَإِنْ كان مُحْسِنًا فَزِدْ في إحْسَانِهِ وَإِنْ كان مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عنه وَبَلِّغْهُ بِرَحْمَتِك رِضَاك وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ وَافْسَحْ له في قَبْرِهِ وَجَافِ الْأَرْضَ عن جَنْبَيْهِ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك الْأَمْنَ من عَذَابِك حتى تَبْعَثَهُ إلَى جَنَّتِك يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وإذا أُدْخِلَ قَبْرَهُ أَنْ يُقَالَ اللَّهُمَّ أَسْلَمَهُ إلَيْك الْأَهْلُ وَالْإِخْوَانُ وَرَجَعَ عنه كُلُّ من صَحِبَهُ وَصَحِبَهُ عَمَلُهُ اللَّهُمَّ فَزِدْ في حَسَنَتِهِ وَاشْكُرْهُ وَاحْطُطْ سَيِّئَتَهُ وَاغْفِرْ له وَاجْمَعْ له بِرَحْمَتِك الْأَمْنَ من عَذَابِك وَاكْفِهِ كُلَّ هَوْلٍ دُونَ الْجَنَّةِ اللَّهُمَّ وَاخْلُفْهُ في تَرِكَتِهِ في الْغَابِرِينَ وَارْفَعْهُ في عِلِّيِّينَ وَعُدْ عليه بِفَضْلِ رَحْمَتِك يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَضُرُّ الرَّجُلَ من دخل قَبْرَهُ من الرِّجَالِ وَلَا يَدْخُلُ النِّسَاءُ قَبْرَ رَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُنَّ وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونُوا وِتْرًا في الْقَبْرِ ثَلَاثَةً أو خَمْسَةً أو سَبْعَةً وَلَا يَضُرُّهُمْ أَنْ يَكُونُوا شَفْعًا وَيَدْخُلُهُ من يُطِيقُهُ وَأُحِبُّهُمْ أَنْ يَدْخُلَ قَبْرَهُ أَفْقَهُهُمْ ثُمَّ أَقْرَبُهُمْ بِهِ رَحِمًا ثُمَّ يَدْخُلُ قَبْرَ الْمَرْأَةِ من الْعَدَدِ مِثْلُ من يَدْخُلُ قَبْرَ الرَّجُلِ وَلَا تَدْخُلُهُ امْرَأَةٌ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَلِيَهَا النِّسَاءُ لِتَخْلِيصِ شَيْءٍ إنْ كُنَّ يَلِينَهُ وَحَلِّ عَقْدٍ عنها وَإِنْ وَلِيَهَا الرِّجَالُ في ذلك كُلِّهِ فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَلِيَهَا إلَّا زَوْجٌ أو ذُو مَحْرَمٍ إلَّا أَنْ لا يُوجَدَ وَإِنْ لم يُوجَدُوا أَحْبَبْت أَنْ يَلِيَهَا رَقِيقٌ إنْ كَانُوا لها فَإِنْ لم يَكُونُوا فَخُصْيَانٌ فَإِنْ لم يَكُنْ لها رَقِيقٌ فَذُو مَحْرَمٍ أو وَلَاءٍ فَإِنْ لم يَكُونُوا فَمَنْ وَلِيَهَا من الْمُسْلِمِينَ وَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَتُغَسِّلُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا وَالرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إنْ شَاءَ وَتُغَسِّلُهَا ذَاتُ مَحْرَمٍ منها أَحَبُّ إلى فَإِنْ لم تَكُنْ فَامْرَأَةٌ من الْمُسْلِمِينَ وَيُدْخِلُ الْمَرْأَةَ قَبْرَهَا إذَا لم يَكُنْ مَعَهَا من قَرَابَتِهَا أَحَدُ الصالحون ( ( ( الصالحين ) ) ) الَّذِينَ لو احْتَاجَتْ إلَيْهِمْ في حَيَاتِهَا لَجَازَ لهم أَنْ يَنْظُرُوا إلَيْهَا وَيَشْهَدُوا عليها - * بَابُ التَّكْبِيرِ على الْجَنَائِزِ - *

(1/283)


- * بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنْ دخل في صَلَاةٍ أو صَوْمٍ هل له قَطْعُ ما دخل فيه قبل تَمَامِهِ وَلَيْسَ في التَّرَاجِمِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ تَطَوَّعَ بِصَلَاةٍ أو طَوَافٍ أو صِيَامٍ أَحْبَبْت له أَنْ لَا يَخْرُجَ من شَيْءٍ منه حتى يأتى بِهِ كَامِلًا إلَّا من أَمْرٍ يُعْذَرُ بِهِ كما يُعْذَرُ في خُرُوجِهِ من الْوَاجِبِ عليه بِالسَّهْوِ أو الْعَجْزِ عن طَاقَتِهِ أو انْتِقَاضِ وُضُوءٍ في الصَّلَاةِ أو ما أَشْبَهَهُ فَإِنْ خَرَجَ بِعُذْرٍ أو غَيْرِ عُذْرٍ فَلَوْ عَادَ له فَكَمَّلَهُ كان أَحَبَّ إلى وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدِي أَنْ يَعُودَ له وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَإِنْ قال قَائِلٌ وَلِمَ لَا يَعُودُ لِمَا دخل فيه من التَّطَوُّعِ من صَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَطَوَافٍ إذَا خَرَجَ منه كما يَعُودُ لِمَا وَجَبَ عليه قِيلَ له إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِاخْتِلَافِ الْوَاجِبِ من ذلك وَالنَّافِلَةِ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَأَيْنَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) من دخل في صَوْمٍ وَاجِبٍ عليه من شَهْرِ رَمَضَانَ أو قَضَاءٍ أو صَوْمِ نَذْرٍ أو كَفَّارَةٍ من وَجْهٍ من الْوُجُوهِ أو صلى مَكْتُوبَةً في وَقْتِهَا أو قَضَاهَا أو صَلَاةً نَذَرَهَا أو صَلَاةَ طَوَافٍ لم يَكُنْ له أَنْ يَخْرُجَ من صَوْمٍ وَلَا صَلَاةٍ ما كان مُطِيقًا لِلصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ على طَهَارَةٍ في الصَّلَاةِ وَإِنْ خَرَجَ من وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِلَا عُذْرٌ مِمَّا وَصَفْت أو ما أَشْبَهَهُ عَامِدًا كان مُفْسِدًا آثِمًا عِنْدَنَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وكان عليه إذَا خَرَجَ منه الْإِعَادَةُ لِمَا خَرَجَ منه بِكَمَالِهِ فَإِنْ خَرَجَ منه بِعُذْرٍ من سَهْوٍ أو انْتِقَاضِ وُضُوءٍ أو غَيْرِ ذلك من الْعُذْرِ كان عليه أَنْ يَعُودَ فيقضى ما تَرَكَ من الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ بِكَمَالِهِ لَا يَحِلُّ له غَيْرُهُ طَالَ تَرْكُهُ له أو قَصُرَ وَأَصْلُ هذا إذَا لم يَكُنْ لِلْمَرْءِ تَرْكُ صَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ قبل أَنْ يَدْخُلَ فيه وكان عليه أَنْ يَعُودَ فيقضى ما تَرَكَ بِكَمَالِهِ فَخَرَجَ منه قبل إكْمَالِهِ عَادَ وَدَخَلَ فيه فَأَكْمَلَهُ لِأَنَّهُ إذَا لم يُكْمِلْهُ بَعْدَ دُخُولِهِ فيه فَهُوَ بحاله لِأَنَّهُ قد وَجَبَ عليه فلم يَأْتِ بِهِ كما وَجَبَ عليه وَإِنَّمَا تُكْمِلُ صَلَاةُ المصلى الصَّلَاةَ الْوَاجِبَةَ وَصَوْمُ الصَّائِمِ الْوَاجِبُ عليه إذَا قَدِمَ فيه مع دُخُولِهِ في الصَّلَاةِ نِيَّةً يَدْخُلُ بها في الصَّلَاةِ فَلَوْ كَبَّرَ لَا ينوى وَاجِبًا من الصَّلَاةِ أو دخل في الصَّوْمِ لَا ينوى وَاجِبًا لم تُجْزِهِ صَلَاتُهُ وَلَا صِيَامُهُ من الْوَاجِبِ عليه مِنْهُمَا وما قُلْت في هذا دَاخِلٌ في دَلَالَةِ سُنَّةٍ أو أَثَرٍ لَا أَعْلَمُ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فيه

(1/284)


الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا قِيلَ له إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَا اخْتِلَافَ مُخْتَلِفَانِ قبل الدُّخُولِ فِيهِمَا وَبَعْدَهُ فَإِنْ قال قَائِلٌ ما وُجِدَ في اخْتِلَافِهِمَا قِيلَ له أَرَأَيْت الْوَاجِبَ عليه أَكَانَ له تَرْكُهُ قبل أَنْ يَدْخُلَ فيه فَإِنْ قال لَا قِيلَ أَفَرَأَيْت النَّافِلَةَ أَكَانَ له تَرْكُهَا قبل أَنْ يَدْخُلَ فيها فَإِنْ قال نعم قِيلَ أَفَتَرَاهُمَا مُتَبَايِنَتَيْنِ قبل الدُّخُولِ فَإِنْ قال نعم قِيلَ أَفَرَأَيْت الْوَاجِبَ عليه من صَوْمٍ وَصَلَاةٍ لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَدْخُلَ فيه لَا يَنْوِي الصَّلَاةَ التي وَجَبَتْ بِعَيْنِهَا وَالصَّوْمَ الذي وَجَبَ عليه بِعَيْنِهِ فَإِنْ قال لَا وَلَوْ فَعَلَ لم يُجْزِهِ من وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيلَ له أَفَيَجُوزُ له أَنْ يَدْخُلَ في صَلَاةِ نَافِلَةٍ وَصَوْمٍ لَا يَنْوِي نَافِلَةً بِعَيْنِهَا وَلَا فَرْضًا أَفَتَكُونُ نَافِلَةً فَإِنْ قال نعم قِيلَ له وَهَلْ يَجُوزُ له وهو مُطِيقٌ على الْقِيَامِ في الصَّلَاةِ أَنْ يصلى قَاعِدًا أو مُضْطَجِعًا وفي السَّفَرِ رَاكِبًا أَيْنَ تَوَجَّهَتْ بِهِ دَابَّتُهُ يُومِئُ إيمَاءً فَإِنْ قال نعم قِيلَ له وَهَلْ يَجُوزُ له هذا في الْمَكْتُوبَةِ فَإِنْ قال لَا قِيلَ أَفَتَرَاهُمَا مُفْتَرِقَتَيْنِ بين الِافْتِرَاقِ قبل الدُّخُولِ فِيهِمَا وَمَعَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ عِنْدَنَا وَعِنْدَك اسْتِدْلَالًا بِالسُّنَّةِ وما لم أَعْلَمْ من أَهْلِ الْعِلْمِ مُخَالِفًا فيه - * بَابُ الْخِلَافِ فيه - * (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَخَالَفَنَا بَعْضُ الناس وَآخَرُ في هذا فَكَلَّمْت بَعْضَ الناس وَكَلَّمَنِي بِبَعْضِ ما حَكَيْت في صَدْرِ هذه الْمَسْأَلَةِ وَأَتَيْت على مَعَانِيهِ وَأَجَابَنِي بِجُمَلِ ما قُلْت غير أَنِّي لَا أَدْرِي لعلى أَوْضَحْتُهَا حين كَتَبْتُهَا بِأَكْثَرَ من اللَّفْظِ الذي كان منى حين كَلَّمْتُهُ فلم أُحِبَّ أَنْ أحكى إلَّا ما قُلْت على وَجْهِهِ وَإِنْ كُنْت لم أَحْكِ إلَّا مَعْنَى ما قُلْت له بَلْ تَحَرَّيْت أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ ما قُلْت له وَأَنْ آتى على ما قال ثُمَّ كَلَّمَنِي فيها هو وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْعِلْمِ من أَصْحَابِهِ مِمَّا سأحكى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ما قالوا وَقُلْت فقال لي قد عَلِمْت أَنَّ فُقَهَاءَ الْمَكِّيِّينَ وغيرهم ( ( ( وغير ) ) ) وأحدا ( ( ( واحد ) ) ) من فُقَهَاءِ الْمَدَنِيِّينَ يَقُولُونَ ما قُلْت لَا يُخَالِفُونَك فيه وقد وَافَقَنَا في قَوْلِنَا بَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ فَخَالَفَك مَرَّةً وَخَالَفَنَا في شَيْءٍ منه فَقُلْت لَا أَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ فَاذْكُرْ قَوْلَك وَالْحُجَّةَ فيه ذِكْرَ من لَا يَحْتَجُّ إلَّا بِمَا يُرَى مِثْلُهُ حُجَّةً وَلَا تَذْكُرْ مِمَّا يُوَافِقُ قَوْلَك قَوْلَ من لَا يُرَى قول ( ( ( قوله ) ) ) حُجَّةً بِحَالٍ قال أَفْعَلُ ثُمَّ قال أخبرني بن جُرَيْجٍ عن بن شِهَابٍ أو أخبرنا ثِقَةٌ عن بن جُرَيْجٍ عن بن شِهَابٍ أَنَّ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ أَصْبَحَتَا صَائِمَتَيْنِ فأهدى لَهُمَا شَيْءٌ فَذَكَرَتَا ذلك لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال صُومَا يَوْمًا مَكَانَهُ فَقُلْت هل عِنْدَك حُجَّةٌ من رِوَايَةٍ أو أَثَرٍ لَازِمٍ غَيْرِ هذا قال ما يَحْضُرُنِي الْآنَ شَيْءٌ غَيْرُهُ وَهَذَا الذي كنا نبنى عليه من الْأَخْبَارِ في هذا قال فَقُلْت له هل تَقْبَلُ منى أَنْ أُحَدِّثَك مُرْسَلًا كَثِيرًا عن بن شِهَابٍ وبن الْمُنْكَدِرِ وَنُظَرَائِهِمَا وَمَنْ هو أَسَنُّ مِنْهُمَا عَمْرُو بن دِينَارٍ وَعَطَاءٌ وبن الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ قال لَا قُلْت فَكَيْفَ قَبِلْت عن بن شِهَابٍ مُرْسَلًا في شَيْءٍ وَلَا تَقْبَلُهُ عنه وَلَا عن مِثْلِهِ وَلَا أَكْبَرَ منه في شَيْءٍ غَيْرِهِ قال فقال فَلَعَلَّهُ لم يَحْمِلْهُ إلَّا عن ثِقَةٍ قُلْت وَهَكَذَا يقول لَك من أَخَذَ بِمُرْسَلِهِ في غَيْرِ هذا وَمُرْسَلِ من هو أَكْبَرُ فيقول كُلَّمَا غَابَ عنى مِمَّا يُمْكِنُ فيه أَنْ يَحْمِلَهُ عن ثِقَةٍ أو عن مَجْهُولٍ لم تَقُمْ على بِهِ حُجَّةٌ حتى أَعْرِفَ من حَمَلَهُ عنه بِالثِّقَةِ فَأَقْبَلَهُ أو أَجْهَلَهُ فَلَا أَقْبَلَهُ قُلْت وَلِمَ إلَّا أَنَّك إنَّمَا أَنْزَلْتَهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَاتِ وَلَا تَأْمَنُ أَنْ يَشْهَدَ لَك شَاهِدَانِ على ما لم يَرَيَا ولم يُسَمِّيَا من شَهِدَا على شَهَادَتِهِ قال أَجَلْ وَهَكَذَا نَقُولُ في الحديث كُلِّهِ قال فَقُلْت له وقد كَلَّمَنِي في حديث بن شِهَابٍ كَلَامَ من كَأَنَّهُ لم يَعْلَمْ فيه وَمِنْ حديث بن شِهَابٍ هذا عِنْدَ بن شِهَابٍ وَفِيهِ شَيْءٌ يُخَالِفُهُ ولم نَعْرِفْ ثِقَةً ثَبْتًا يُخَالِفُهُ وهو أَوْلَى أَنْ تَصِيرَ إلَيْهِ منه في حديث بن شِهَابٍ قال فَكَانَ ذَاهِبًا عِنْدَ بن شِهَابٍ قُلْت نعم أخبرنا مُسْلِمُ بن خَالِدٍ عن بن جُرَيْجٍ عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ قال الْحَدِيثُ الذي رَوَيْت عن حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال بن جُرَيْجٍ فَقُلْت ل

(1/285)


أَسَمِعْتَهُ من عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ قال لَا إنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ رَجُلٌ بِبَابِ عبد الْمَلِكِ بن مَرْوَانَ أو رَجُلٌ من جُلَسَاءِ عبد الْمَلِكِ بن مَرْوَانَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فقال أَفَلَيْسَ يَقْبُحُ أَنْ يَدْخُلَ رَجُلٌ في صَلَاتِهِ ثُمَّ يَخْرُجَ منها قبل أَنْ يصلى رَكْعَتَيْنِ وفي صَوْمٍ فَيَخْرُجَ منه قبل أَنْ يُتِمَّ صَوْمَ يَوْمٍ أو في طَوَافٍ فَيَخْرُجَ منه قبل أَنْ يُكْمِلَ سَبْعًا فَقُلْت له وقد صِرْت إذْ لم تَجِدْ حُجَّةً فِيمَا كُنْت تَحْتَجُّ بِهِ إلَى أَنْ تَكَلَّمَ كَلَامَ أَهْلِ الجهالة ( ( ( الهالة ) ) ) قال الذي قُلْت أَحْسَنُ قُلْت أَتَقُولُ أَنْ يُكْمِلَ الرَّجُلُ ما دخل فيه قال نعم قُلْت وَأَحْسَنُ منه أَنْ يَزِيدَ على أَضْعَافِهِ قال أَجَلْ قُلْت أَفَتُوجِبُهُ عليه قال لَا قُلْت له أَفَرَأَيْت رَجُلًا قَوِيًّا نَشِيطًا فَارِغًا لَا يَصُومُ يَوْمًا وَاحِدًا تَطَوُّعًا أو لَا يَطُوفُ سَبْعًا أو لَا يصلى رَكْعَةً هو أَقْبَحُ فِعْلًا أَمْ من طَافَ فلم يُكْمِلْ طَوَافًا حتى قَطَعَهُ من عُذْرٍ فلم يَبْنِ أو صَنَعَ ذلك في صَوْمٍ أو صَلَاةٍ قال الذي امْتَنَعَ من أَنْ يَدْخُلَ من ذلك سيء ( ( ( سيئ ) ) ) قُلْت أَفَتَأْمُرُهُ إذَا كان فِعْلُهُ أَقْبَحَ أَنْ يصلى وَيَصُومَ وَيَطُوفَ تَطَوُّعًا أَمْرًا تُوجِبُهُ عليه قال لَا قُلْت فَلَيْسَ قَوْلُك أَحْسَنَ وَأَقْبَحَ من مَوْضِعِ الْحُجَّةِ بِسَبِيلٍ ها هنا إنَّمَا هو مَوْضِعُ اخْتِيَارٍ قال نعم فلم يَدْخُلْ الِاخْتِيَارُ في مَوْضِعِ الْحُجَّةِ وقد أَجَزْنَا له قبل أَنْ نَقُولَ هذا ما اخْتَرْت له وَأَكْثَرَ فَقُلْنَا ما نُحِبُّ أَنْ يُطِيقَ رَجُلٌ صَوْمًا فيأتى عليه شَهْرٌ لَا يَصُومُ بَعْضَهُ وَلَا صَلَاةً فيأتى عليه لَيْلٌ وَلَا نَهَارٌ إلَّا تَطَوَّعَ في كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَدَدٍ كَثِيرٍ من الصَّلَاةِ وما يَزِيدُ في ذلك أَحَدٌ شيئا إلَّا كان خَيْرًا له وَلَا يُنْقِصُ منه أَحَدٌ إلَّا وَالْحَظُّ له في تَرْكِ النَّقْصِ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ لِعَالِمٍ أَنْ يَقُولَ لِرَجُلٍ هذا مَعِيبٌ وَهَذَا مُسْتَخِفٌّ وَالِاسْتِخْفَافُ وَالْعَيْبُ بِالنِّيَّةِ وَالْفِعْلِ وقد يَكُونُ الْفِعْلُ وَالتَّرْكُ مِمَّنْ لَا يَسْتَخِفُّ فقال فِيمَا قُلْت من الرَّجُلِ يَخْرُجُ من التَّطَوُّعِ في الصَّلَاةِ أو الصَّوْمِ أو الطَّوَافِ فَلَا يَجِبُ عليه قَضَاؤُهُ خَبَرٌ يَلْزَمُ أو قِيَاسٌ يُعْرَفُ قُلْت نعم قال فَاذْكُرْ بَعْضَ ما يَحْضُرُك منها قُلْنَا أخبرنا سُفْيَانُ عن طَلْحَةَ بن يحيى عن عَمَّته عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عن عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قالت دخل على رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقُلْت إنَّا خَبَّأْنَا لَك حَيْسًا فقال أَمَا أني كُنْت أُرِيدُ الصَّوْمَ وَلَكِنْ قَرِّبِيهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فقال قد قِيلَ إنَّهُ يَصُومُ يَوْمًا مَكَانَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت له ليس فِيمَا حَفِظْت عن سُفْيَانَ في الحديث وأنا أَسْأَلُك قال فَسَلْ قُلْت أَرَأَيْت من دخل في صَوْمِ وَاجِبٍ عليه من كَفَّارَةٍ أو غَيْرِهَا له أَنْ يُفْطِرَ ويقضى يَوْمًا مَكَانَهُ قال لَا قُلْت أَفَرَأَيْت إنْ كان من دخل في التَّطَوُّعِ عِنْدَك بِالصَّوْمِ كَمَنْ وَجَبَ عليه أَيَجُوزُ أَنْ تَقُولَ من غَيْرِ ضَرُورَةٍ ثُمَّ يقضى قال لَا قُلْت وَلَوْ كان هذا في الحديث وكان على مَعْنَى ما ذَهَبْت إلَيْهِ كُنْت قد خَالَفْتَهُ قال فَلَوْ كان في الحديث أَيُحْتَمَلُ مَعْنًى غَيْرُ أَنَّهُ وَاجِبٌ عليه أَنْ يَقْضِيَهُ قُلْت نعم يُحْتَمَلُ إنْ شَاءَ تَطَوَّعَ يَوْمًا مَكَانَهُ قال وَأَيَّامًا أَفَتَجِدُ في شَيْءٍ روى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ما يَدُلُّ على ما وَصَفْت قُلْت نعم
أخبرنا سُفْيَانُ عن بن أبي لَبِيدٍ قال سَمِعْت أَبَا سَلَمَةَ بن عبد الرحمن يقول قَدِمَ مُعَاوِيَةُ بن أبي سُفْيَانَ الْمَدِينَةَ فَبَيْنَمَا هو على الْمِنْبَرِ إذْ قال يا كَثِيرُ بن الصَّلْتِ اذْهَبْ إلَى عَائِشَةَ فَسَلْهَا عن صَلَاةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعْدَ الْعَصْرِ قال أبو سَلَمَةَ فَذَهَبْت معه إلَى عَائِشَةَ وَبَعَثَ بن عَبَّاسٍ عَبْدَ اللَّهِ بن الحرث بن نَوْفَلٍ مَعَنَا فأتي عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا عن ذلك فقالت له اذْهَبْ فَسَلْ أُمَّ سَلَمَةَ فَذَهَبْت معه إلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَهَا فقالت أُمُّ سَلَمَةَ دخل عَلَيَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَصَلَّى عِنْدِي رَكْعَتَيْنِ لم أَكُنْ أَرَاهُ يُصَلِّيهِمَا قالت
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت له أَفَرَأَيْت لو كُنْت تَرَى الْحُجَّةَ تَقُومُ بِالْحَدِيثِ الْمُرْسَلِ ثُمَّ عَلِمْت أَنَّ بن شِهَابٍ قال في الحديث ما حَكَيْت لَك أَتَقْبَلُهُ قال لَا هذا يُوهِنُهُ بِأَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ قَبِلَهُ عن رَجُلٍ لَا يُسَمِّيهِ وَلَوْ عَرَفَهُ لَسَمَّاهُ أو وَثَّقَهُ

(1/286)


أُمُّ سَلَمَةَ فَقُلْت يا رَسُولَ اللَّهِ لقد صَلَّيْت صَلَاةً لم أَكُنْ أَرَاك تُصَلِّيهَا قال إنِّي كُنْت أصلى رَكْعَتَيْنِ قبل الظُّهْرِ وَأَنَّهُ قَدِمَ عَلَيَّ وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ أو صَدَقَةٌ فَشَغَلُونِي عنهما فَهُمَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فقال هذا في شَهْرِ رَمَضَانَ قُلْت فَذَلِكَ أَوْكَدُ لِلْحُجَّةِ عَلَيْك أَنَّهُ إذَا كان له أَنْ يُفْطِرَ في السَّفَرِ في شَهْرِ رَمَضَانَ لَا عِلَّةَ غَيْرُهُ بِرُخْصَةِ اللَّهِ وكان له أَنْ يَصُومَ إنْ شَاءَ فَيُجْزَى عنه من أَفْطَرَ قبل أَنْ يَسْتَكْمِلَهُ دَلَّ هذا على مَعْنَى قولى من أَنَّهُ لَمَّا كان له قبل الدُّخُولِ في الصَّوْمِ أَنْ لَا يَدْخُلَ فيه كان بِالدُّخُولِ فيه في تِلْكَ الْحَالِ غَيْرُ وَاجِبٍ عليه بِكُلِّ حَالٍ وكان له إذَا دخل فيه أَنْ يَخْرُجَ منه بِكُلِّ حَالٍ كما فَعَلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَالتَّطَوُّعُ بِكُلِّ وَجْهٍ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ هَكَذَا من الْفَرْضِ الذي له تَرْكُهُ في ذلك الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَقْضِيَهُ في غَيْرِهِ قال فَتَقُولُ بهذا قُلْت نعم أَقُولُهُ اتِّبَاعًا لِأَمْرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم { وما كان لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لهم الْخِيرَةُ من أَمْرِهِمْ } قال لي فَقَدْ ذُكِرَ لي أَنَّك تَحْفَظُ في هذا أَثَرًا عن بَعْضِ أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقُلْت له الذي جِئْتُك بِهِ أَقْطَعُ لِلْعُذْرِ وَأَوْلَى أَنْ تَتَّبِعَهُ من الْأَثَرِ قال فَاذْكُرْ الْأَثَرَ قُلْت فَإِنْ ذَكَرْتُهُ بِمَا ثَبَتَ بمثله عن وَاحِدٍ من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ولم تَأْتِ بِشَيْءٍ يُخَالِفُهُ ثَابِتٍ عن وَاحِدٍ منهم تَعْلَمُ أَنَّ فِيمَا قُلْنَا الْحُجَّةَ وفي خِلَافِهِ الْخَطَأَ قال فَاذْكُرْهُ قُلْت
أخبرنا مُسْلِمٌ وعبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ عن عَطَاءِ بن أبي رَبَاحٍ أَنَّ بن عَبَّاسٍ كان لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُفْطِرَ الْإِنْسَانُ في صِيَامِ التَّطَوُّعِ وَيَضْرِبُ لِذَلِكَ أَمْثَالًا رَجُلٌ قد طَافَ سَبْعًا ولم يُوفِهِ فَلَهُ ما احْتَسَبَ أو صلى رَكْعَةً ولم يُصَلِّ أُخْرَى فَلَهُ أَجْرُ ما احْتَسَبَ
أخبرنا مُسْلِمٌ وعبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ قال كان بن عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِالْإِفْطَارِ في صِيَامِ التَّطَوُّعِ بَأْسًا
أخبرنا مُسْلِمٌ وعبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ عن الزُّبَيْرِ عن جَابِرٍ أَنَّهُ كان لَا يَرَى بِالْإِفْطَارِ في صِيَامِ التَّطَوُّعِ بَأْسًا
أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ عن عَطَاءٍ عن أبي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ كان يَأْتِي أَهْلَهُ حين
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَثَابِتٌ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ وَإِنَّمَا أَرَادَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ الْمُدَاوَمَةَ على عَمَلٍ كان يَعْمَلُهُ فلما شُغِلَ عنه عَمِلَهُ في أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ منه ليس أَنَّ رَكْعَتَيْنِ قبل الْعَصْرِ وَاجِبَتَانِ وَلَا بَعْدَهَا وَإِنَّمَا هُمَا نَافِلَةٌ وقال عُمَرُ بن الْخَطَّابِ من فَاتَهُ شَيْءٌ من صَلَاةِ اللَّيْلِ فَلْيُصَلِّهِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فإنه قِيَامُ اللَّيْلِ ليس أَنَّهُ يُوجِبُ قِيَامَ اللَّيْلِ وَلَا قَضَاءَهُ وَلَكِنْ يقول من أَرَادَ تَحَرَّى فَصَلَّى فَلْيَفْعَلْ
أخبرنا سُفْيَانُ عن أَيُّوبَ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ في الْجَاهِلِيَّةِ فَسَأَلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ في الْإِسْلَامِ وهو على هذا الْمَعْنَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَسْبِقَ بِاعْتِكَافٍ اعْتَكَفَ ولم يَمْنَعْهُ أَنَّهُ نَذَرَهُ في الْجَاهِلِيَّةِ أخبرنا الدَّرَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه رضي اللَّهُ تَعَالَى عنهما عن جَابِرٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صَامَ في سَفَرِهِ إلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ في شَهْرِ رَمَضَانَ وَأَمَرَ الناس أَنْ يُفْطِرُوا فَقِيلَ له إنَّ الناس صَامُوا حين صُمْت فَدَعَا بِإِنَاءٍ فيه مَاءٌ فَوَضَعَهُ على يَدِهِ وَأَمَرَ من بين يَدَيْهِ أَنْ يَحْبِسُوا فلما حَبَسُوا وَلَحِقَهُ من وَرَاءَهُ رَفَعَ الْإِنَاءَ إلَى فيه فَشَرِبَ وفي حَدِيثِهِمَا أو حديث أَحَدِهِمَا وَذَلِكَ بَعْدَ الْعَصْرِ
أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ قال خَرَجَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من الْمَدِينَةِ حتى إذَا كان بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ وهو صَائِمٌ ثُمَّ رَفَعَ إنَاءً فيه مَاءٌ فَوَضَعَهُ على يَدِهِ وهو على الرَّحْلِ فَحَبَسَ من بين يَدَيْهِ وَأَدْرَكَهُ من وَرَاءَهُ ثُمَّ شَرِبَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ

(1/287)


يَنْتَصِفُ النَّهَارَ أو قَبْلَهُ فيقول هل من غَدَاءٍ فَيَجِدُهُ أولا يَجِدُهُ فيقول لَأَصُومَنَّ هذا الْيَوْمَ فَيَصُومُهُ وَإِنْ كان مُفْطِرًا وَبَلَغَ ذلك الْحِينَ وهو مُفْطِرٌ قال بن جُرَيْجٍ
أخبرنا عَطَاءٌ وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كان يَفْعَلُ ذلك حين يُصْبِحُ مُفْطِرًا حتى الضُّحَى أو بَعْدَهُ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ وَجَدَ غَدَاءً أو لم يَجِدْهُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا لَا يُجْزِئُ في صَوْمٍ وَاجِبٍ حتى يَنْوِيَ صَوْمَهُ قبل الْفَجْرِ
أخبرنا الثِّقَاتُ من أَصْحَابِنَا عن جَرِيرِ بن عبدالمجيد عن قَابُوسَ بن أبي ظَبْيَانِ عن أبيه قال دخل عُمَرُ بن الْخَطَّابِ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ خَرَجَ فَسُئِلَ عن ذلك فقال إنَّمَا هو تَطَوُّعٌ فَمَنْ شَاءَ زَادَ وَمَنْ شَاءَ نَقَصَ
أخبرنا غَيْرُ وَاحِدٍ من أَهْلِ الْعِلْمِ بِإِسْنَادٍ لَا يَحْضُرُنِي ذِكْرُهُ فِيمَا يُثْبِتُ مثله عن عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه مِثْلُ مَعْنَى ما روى عن عُمَرَ لَا يُخَالِفُهُ
أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن بن أبي نَجِيحٍ عن أبيه قال حدثني من رأي أَبَا ذَرٍّ يُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَقِيلَ له أَيُّهَا الشَّيْخُ تدرى على شَفْعٍ تَنْصَرِفُ أَمْ على وِتْرٍ قال لَكِنَّ اللَّهَ يدرى
أخبرنا عبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عن خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عن أبي تَمِيمٍ الْمُنْذِرِيِّ عن مُطَرِّفٍ قال أَتَيْت بَيْتَ الْمَقْدِسِ فإذا أنا بِشَيْخٍ يُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فلما انْصَرَفَ قُلْت إنَّك شَيْخٌ وَإِنَّك لَا تَدْرِي على شَفْعٍ انْصَرَفْت أَمْ على وِتْرٍ فقال إنَّك قد كُفِيت حِفْظَهُ وإنى لَأَرْجُو أَنِّي لَا أَسْجُدُ سَجْدَةً إلَّا رَفَعَنِي اللَّهُ بها دَرَجَةً أو كَتَبَ لي بها حَسَنَةً أو جَمَعَ لي كِلْتَيْهِمَا قال عبد الْوَهَّابِ الشَّيْخُ الذي صلى وقال الْمَقَالَةَ أبو ذَرٍّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) قَوْلُ أبي ذَرٍّ لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي وَقَوْلُهُ قد كُفِيت حِفْظَهُ يعنى عَلِمَ اللَّهُ بِهِ وَيَتَوَسَّعُ وَإِنْ لم يَعْلَمْ هو وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا لَا يَتَّسِعُ في الْفَرْضِ إلَّا أَنْ يَنْصَرِفَ على عَدَدٍ لَا يُزِيدُ فيه وَلَا يُنْقِصُ منه شيئا وقد تَوَسَّعَ أبو ذَرٍّ فيه في التَّطَوُّعِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقُلْت مَذْهَبُك فِيمَا يَظْهَرُ اتِّبَاعُ الْوَاحِدِ من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا لم يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ من رِوَايَتِك وَرِوَايَةِ أَصْحَابِك الثَّابِتَةِ عِنْدَهُمْ ما وُصِفَ عن عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَأَبِي ذَرٍّ من الرِّوَايَةِ التي لَا يَدْفَعُ عَالِمٌ أنها غَايَةٌ في الثَّبْتِ رَوَيْنَا عن بن عَبَّاسٍ وَنَحْنُ وَأَنْتَ نُثْبِتُ رِوَايَتَنَا عن جَابِرِ بِنَّ عَبِدِ اللَّهِ ويروى عن أبي ذَرٍّ عَدَدٌ من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ما يُوَافِقُ ما قُلْنَا فَلَوْ لم يَكُنْ في هذا دَلَالَةٌ من سُنَّةٍ لم يَكُنْ فيه إلَّا الْآثَارُ وَأَيًّا كان لم يَكُ على أَصْلِ مَذْهَبِك أَنْ تقول ( ( ( نقول ) ) ) قَوْلَنَا فيه وَأَنْتَ تروى عن عُمَرَ إذَا أَغْلَقَ بَابًا أو أَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ وتقول ( ( ( ونقول ) ) ) وَلَوْ تَصَادَقَا أَنَّهُ لم يَمَسَّهَا وَجَبَ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ اتِّبَاعًا لِقَوْلِ عُمَرَ فَتُرَدُّ على من خَالَفَهُ وقد خَالَفَهُ بن عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٌ وَتَأَوَّلَ حُجَّةً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ من قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وقد فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ } وَلِقَوْلِهِ { فما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ من عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } قالوا إنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ الْمَهْرَ وَالْعِدَّةَ في الطَّلَاقِ بِالْمَسِيسِ فَقُلْت لَا تُنَازِعْ عُمَرَ وَلَا تَتَأَوَّلْ معه بَلْ تَتَّبِعُهُ وتتبع ( ( ( ونتبع ) ) ) بن عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ من نسى من نُسُكِهِ شيئا أو تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا وفي قَوْلِهِ ما الذي نهى عنه رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الطَّعَامِ أَنْ يُبَاعَ حتى يُقْبَضَ ثُمَّ يَقُولَ بِرَأْيِهِ وَلَا أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مثله فَقُلْت لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ أشترى حتى ( ( ( متى ) ) ) يُقْبَضُ اتِّبَاعًا لِابْنِ عَبَّاسٍ وتروى ذلك حُجَّةً على من خَالَفَك إذَا كان مَعَك قَوْلُ بن عَبَّاسٍ وتروى عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه في امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ خِلَافَ عُمَرَ وَتَحْتَجُّ بِهِ عليه وَتَرَى لَك فيه حُجَّةً على من خَالَفَك ثُمَّ تَدَعُ عُمَرَ وَعَلِيًّا وبن عَبَّاسٍ وَجَابِرًا وَأَبَا ذَرٍّ وَعَدَدًا من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مُتَّفِقَةً أَقَاوِيلُهُمْ وَأَفْعَالُهُمْ وَتُخَالِفُهُمْ على أَقَاوِيلِهِمْ بِالْقِيَاسِ ثُمَّ تخطيء ( ( ( تخطئ ) ) ) الْقِيَاسَ أَرَأَيْت لَا يُمْكِنُ أَحَدًا في قَوْلِ وَاحِدٍ منهم أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْك قِيَاسًا صَحِيحًا وَمَعَهُمْ دَلَائِلُ السُّنَّةِ التي ليس لِأَحَدٍ خِلَافُهَا ( قال ) أَفَتَكُونُ صَلَاةُ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ ( قُلْت ) مَسْأَلَتُك مع ما وَصَفْت
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) في قَوْلِهِ يُصْبِحُ مُفْطِرًا يَعْنِي يُصْبِحُ لم يَنْوِ صَوْمًا ولم يَطْعَمْ شيئا

(1/288)


من الْأَخْبَارِ جَهَالَةٌ أو تَجَاهُلٌ فَإِنْ زَعَمْت أَنَّ لنا وَلَك أَنْ نَكُونَ مُتَكَلِّمِينَ مع سُنَّةً أو أثر ( ( ( أثرا ) ) ) عن بَعْضِ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقَدْ سَأَلْت في مَوْضِعِ مَسْأَلَةٍ وَإِنْ زَعَمْت أَنَّ أَقَاوِيلَهُمْ غَايَةٌ يُنْتَهَى إلَيْهَا لَا تُجَاوَزُ وَإِنْ لم يَكُنْ مَعَهَا سُنَّةٌ لم يَكُنْ لِمَسْأَلَتِك مَوْضِعٌ ( قال ) أَفَرَأَيْت إنْ كَنَعْت عن الْقَوْلِ في الصِّيَامِ وَالطَّوَافِ وَكَلَّمْتُك في الصَّلَاةِ وَزَعَمْت أَنِّي لَا أَقِيسُ شَرِيعَةً بِشَرِيعَةٍ وَلَا يَكُونُ ذلك لَك فلما لم أَجِدْ في الصَّوْمِ حَدِيثًا يَثْبُتُ يُخَالِفُ ما ذَهَبْت إلَيْهِ وَلَا في الطَّوَافِ وَكَنَعْت عن الْكَلَامِ فِيهِمَا قُلْت وَرَجَعْت إلَى إجَازَةِ أَنْ يَخْرُجَ من صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَالطَّوَافِ فقال بَلْ أَقِفُ فيه قُلْت أَفَتَقْبَلُ من غَيْرِك الْوُقُوفَ عِنْدَ الْحُجَّةِ قال لعلى سَأَجِدُ حُجَّةً فِيمَا قُلْتَ قُلْت فَإِنْ قال لَك غَيْرُك فلعلى سَأَجِدُ الْحُجَّةَ عَلَيْك فَلَا أَقْبَلُ مِنْك أَيَكُونُ ذلك له وَفَائِدَةُ وُقُوفِك وَالْخَبَرُ الذي يَلْزَمُ مِثْلُهُ عِنْدَك ثَابِتٌ بِخِلَافِ قَوْلِك فَإِنْ قال فَإِنْ قُلْت لَك في الصَّلَاةِ أن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى يُسَلِّمُ بين كل رَكْعَتَيْنِ قُلْت فَأَنْتَ تُخَالِفُ هذا فَتَقُولُ صَلَاةُ النَّهَارِ أَرْبَعٌ وَصَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى قال بِحَدِيثٍ قُلْت فَهُوَ إذَنْ يُخَالِفُ هذا الحديث فإيهما الثَّابِتُ قال فَاقْتَصِرْ على صَلَاةِ اللَّيْلِ وَأَنْتَ تَعْرِفُ الحديث فيها ( ( ( ليلا ) ) ) وَتُثْبِتُهُ قُلْت نعم وَلَيْسَتْ لَك حُجَّةٌ فيه إنْ لم تَكُنْ عَلَيْك قال وَكَيْفَ قُلْت إنَّمَا سَنَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى لِمَنْ أَرَادَ صَلَاةً تُجَاوِزُ مَثْنَى فَأَمَرَ بِأَنْ يُسَلِّمَ بين كل رَكْعَتَيْنِ لِئَلَّا تَشْتَبِهَ بِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ لَا أَنَّهُ حَرَامٌ أَنْ يصلى أَقَلَّ من مَثْنَى وَلَا أَكْثَرَ قال وَأَيْنَ أَجَازَ أَنْ يصلى أَقَلَّ من مَثْنَى قُلْت في قَوْلِهِ فإذا خشى الصُّبْحَ صلى وَاحِدَةً يُوتِرُ بها ما قد صلى فَقَدْ صلى رَكْعَةً وَاحِدَةً مُنْفَرِدَةً وَجَعَلَهَا صَلَاةً وقد رَوَى هِشَامُ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يُوتِرُ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ لَا يُسَلِّمُ وَلَا يَجْلِسُ إلَّا في أُخْرَاهُنَّ وَرَوَى بن عَبَّاسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم سَلَّمَ من الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ وَأَخْبَرَ أَنَّ وَجْهَ الصَّلَاةِ في التَّطَوُّعِ أَنْ تَكُونَ مَثْنَى ولم يُحَرِّمْ أَنْ تُجَاوِزَ مَثْنَى وَلَا تَقْصُرَ عنه قال فَإِنْ قُلْت بَلْ حَرَّمَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا مَثْنَى قُلْت فَأَنْتَ إذَنْ تُخَالِفُ أن زَعَمْت أَنَّ الْوِتْرَ وَاحِدَةٌ وَإِنْ زَعَمْت أَنَّهُ ثَلَاثٌ لَا يَفْصِلُ بِسَلَامٍ بَيْنَهُنَّ أو أَكْثَرَ فَلَيْسَ وَاحِدَةٌ وَلَا ثَلَاثٌ مَثْنَى قال فقال بَعْضُ من حَضَرَهُ من أَصْحَابِهِ ليس الذي ذَهَبَ إلَيْهِ من هذا بِحُجَّةٍ عَلَيْك عِنْدَهُ فما زَالَ الناس يَأْمُرُونَ بِأَنْ يُصَلُّوا مَثْنَى وَلَا يُحَرِّمُونَ دُونَ مَثْنَى فإذا جَازَ أَنْ يصلى غير مَثْنَى قُلْت فَلِمَ أَحْتَجُّ بِهِ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) قُلْت له نَحْنُ وَأَنْتَ مُجْمِعُونَ على إنَّمَا يَجِبُ لِلرَّجُلِ إذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ طَاهِرًا أَنْ يَسْجُدَ وَأَنْتَ تُوجِبُهَا عليه أَفَسَجْدَةٌ لَا قِرَاءَةَ فيها أَقَلُّ أَمْ رَكْعَةٌ قال هذا ستة ( ( ( سنة ) ) ) وَأَثَرٌ قُلْت له وَلَا يَدْخُلُ على السُّنَّةِ وَلَا الْأَثَرِ قال لَا قُلْت فَلِمَ أَدْخَلْتَهُ عَلَيْنَا في السُّنَّةِ وَالْأَثَرِ وإذا كانت سَجْدَةٌ تَكُونُ صَلَاةً ولم تُبْطِلْهَا بِقَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى لِأَنَّهُ لم يَبْلُغْ بها أَنْ يُجَاوِزَ بها مَثْنَى فَيَقْصُرَ بها على مَثْنَى فَكَيْفَ عَبَثٌ أَنْ نَقُولَ أَقَلُّ من مَثْنَى وَأَكْثَرُ من سَجْدَةِ صَلَاةٌ قال فَإِنْ قُلْت السُّجُودُ وَاجِبٌ قُلْنَا فَذَلِكَ أَوْكَدُ لِلْحُجَّةِ عَلَيْك أَنْ يجب ( ( ( يحب ) ) ) من الصَّلَاةِ سَجْدَةً بِلَا قِرَاءَةٍ وَلَا رُكُوعٍ ثُمَّ تَعِيبَ أَنْ يَجُوزَ أَكْثَرُ منها قُلْت له سَجَدَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم سَجْدَةَ شكرا ( ( ( شكر ) ) ) لِلَّهِ عز وجل
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بِذَلِكَ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَسَجَدَ أبو بَكْرٍ شُكْرًا لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حين جَاءَهُ قَتْلُ مُسَيْلِمَةَ وَسَجَدَ عُمَرُ حين جَاءَهُ فَتْحُ مِصْرَ شُكْرًا لِلَّهِ جَلَّ اسْمُهُ فإذا جَازَ أَنْ يُتَطَوَّعَ لِلَّهِ بِسَجْدَةٍ فَكَيْفَ كَرِهْت أَنْ يُتَطَوَّعَ بِأَكْثَرَ منها وَقُلْت له وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ذَهَبَ في قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى في الْمُزَّمِّلِ حين خَفَّفَ قِيَامَ اللَّيْلِ وَنِصْفِهِ قال { فاقرؤوا ( ( ( فاقرءوا ) ) ) ما تَيَسَّرَ منه } يَعْنِي صَلُّوا ما تَيَسَّرَ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ ذلك إلَيْهِمْ فِيمَا قد وُضِعَ عَنْهُمْ فَرْضُهُ بِلَا تَوْقِيتٍ كان أَقْرَبَ إلَى أَنْ يُشْبِهَ أَنْ يَكُونَ هذا له حُجَّةً وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مِنْك وقد أَوْتَرَ عُثْمَانُ بن عَفَّانَ وَسَعْدٌ وَغَيْرُهُمَا بِرَكْعَةٍ في اللَّيْلِ لم يَزِيدُوا عليها بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ
أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ قال أخبرني عُتْبَةُ بن مُحَمَّدِ بن الحرث أَنَّ كُرَيْبًا مولى بن عَبَّاسٍ أخبره أَنَّهُ رَأَى مُعَاوِيَةَ صلى الْعِشَاءَ ثُمّ

(1/289)


أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ لم يَزِدْ عليها فَأَخْبَرَ بن عَبَّاسٍ فقال أَصَابَ أَيْ بَنَى ليس أَحَدٌ مِنَّا أَعْلَمَ من مُعَاوِيَةَ هِيَ وَاحِدَةٌ أو خَمْسٌ أو سَبْعٌ إلَى أَكْثَرَ من ذلك الْوِتْرِ ما شَاءَ
أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ عن زَيْدِ بن خُصَيْفَةَ عن السَّائِبِ بن يَزِيدَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ الرحمن التَّيْمِيَّ عن صَلَاةِ طَلْحَةَ قال إنْ شِئْت أَخْبَرْتُك عن صَلَاةِ عُثْمَانَ قال قُلْت لَأَغْلِبَنَّ اللَّيْلَةَ على الْمُقَامِ فَقُمْت فإذا بِرَجُلٍ يَزْحَمُنِي مُتَقَنِّعًا فَنَظَرْت فإذا عُثْمَانُ قال فَتَأَخَّرْت عنه فَصَلَّى فإذا هو يَسْجُدُ سُجُودَ الْقُرْآنِ حتى إذَا قُلْت هذه هَوَادِي الْفَجْرِ فَأَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ لم يُصَلِّ غَيْرَهَا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فقال فَبَقِيَتْ لنا عَلَيْك حُجَّةٌ وَهِيَ أَنَّك تَرَكْت فِيهِمَا بَعْضَ الْأَصْلِ الذي ذَهَبْت إلَيْهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت وما هِيَ قال أنت تَقُولُ من تَطَوَّعَ بِحَجٍّ أو عُمْرَةٍ فَدَخَلَ فِيهِمَا لم يَكُنْ له الْخُرُوجُ مِنْهُمَا وَهُمَا نَافِلَةٌ فما فَرَّقَ بين الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَغَيْرِهِمَا من صَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَصَوْمٍ قُلْت الْفَرْقُ الذي لَا أَعْلَمُك وَلَا أَحَدًا يُخَالِفُ فيه قال فما هو قُلْت أَفَرَأَيْت من أَفْسَدَ صَلَاتَهُ أو صَوْمَهُ أو طَوَافَهُ أيمضى في وَاحِدٍ منها أو يَسْتَأْنِفُهَا قال بَلْ يَسْتَأْنِفُهَا قُلْت وَلَوْ مَضَى في صَلَاةٍ فَاسِدَةٍ أو صَوْمٍ أو طَوَافٍ لم يُجْزِهِ وكان عَاصِيًا وَلَوْ فَسَدَتْ طَهَارَتُهُ وَمَضَى مُصَلِّيًا أو طَائِفًا لم يَجُزْ قال نعم قُلْت يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ منها قال نعم قُلْت أَفَرَأَيْت إذَا فَسَدَ حَجُّهُ وَعُمْرَتُهُ أَيُقَالُ له أخرج مِنْهُمَا فإنه لَا يَجُوزُ له أَنْ يمضى في وَاحِدٍ مِنْهُمَا وهو فَاسِدٌ قال لَا قلت ( ( ( وقلت ) ) ) وَيُقَالُ له اعْمَلْ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وقد فَسَدَا كما تَعْمَلُهُ صَحِيحًا لَا تَدَعْ من عَمَلِهِ شيئا لِلْفَسَادِ وَاحْجُجْ قَابِلًا وَاعْتَمِرْ وَافْتَدِ قال نعم قُلْت أَفَتَرَاهُمَا يُشْبِهَانِ شيئا مِمَّا وَصَفْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فقال فما حُجَّتُك على صَاحِبِك الذي خَالَفَ مَذْهَبَك قُلْت له حُجَّتِي عَلَيْك حُجَّتِي عليه وَلَوْ سَكَتَ عن جَمِيعِ ما احْتَجَجْت بِهِ عَلَيْك سُكَاتَ من لم يَعْرِفْهُ كُنْت مَحْجُوجًا على لِسَانِ نَفْسِك قال وَأَيْنَ قُلْت هل تَعْدُو النَّافِلَةُ من الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ من الصِّيَامِ كما قُلْت من أنها لَمَّا لم يَجِبْ على الرَّجُلِ الدُّخُولُ فيها فَدَخَلَ فيها فَقَطَعَهَا أَنْ لَا يَكُونَ عليه بَدَلُهَا إذَا لم يَكُنْ أَصْلُهَا مِمَّا يَلْزَمُهُ تَأْدِيَتُهُ أو تَكُونُ غير وَاجِبَةٍ عليه فإذا دخل فيها وَجَبَتْ بِدُخُولِهِ فيها فَلَزِمَهُ تَمَامُهَا قال ما تَعْدُو وَاحِدًا من هَذَيْنِ قُلْت فَقَوْلُهُ خَارِجٌ من هَذَيْنِ قال وَكَيْفَ قُلْت يَزْعُمُ أَنَّ من قَطَعَ صَلَاةً أو صِيَامًا أو طَوَافًا من غَيْرِ عُذْرٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَهُ كما يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْمَفْرُوضِ عليه من هذا كُلِّهِ وَمَنْ قَطَعَ من عُذْرٍ لم يَلْزَمْهُ أَنْ يَقْضِيَهُ وهو يَزْعُمُ في الْمَفْرُوضِ عليه أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا قَطَعَهُ من عِلَّةٍ أَنْ يقضية كما يَلْزَمُهُ إذَا قَطَعَهُ من غَيْرِ عُذْرٍ قال ليس لِقَائِلِ هذا حُجَّةٌ يَحْتَاجُ عَالِمٌ معه إلَى مُنَاظَرَاتِهِ وقد كُنْت أَعْلَمُ أَنَّهُ يُوَافِقُنَا منه في شَيْءٍ وَيُخَالِفُنَا في شَيْءٍ لم أَعْرِفْهُ حتى ذَكَرَهُ قُلْت فَهَكَذَا قَوْلُهُ قال فَلَعَلَّ عِنْدَهُ فيه أَثَرًا قُلْنَا فَيُوهِمُ أَنَّ عِنْده أَثَرًا وَلَا يَذْكُرُهُ وَأَنْتَ تَرَاهُ يَذْكُرُ من الْآثَارِ ما لَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ لَا تَرَى أنت له فيه حُجَّةً وَلَا أَثَرًا

(1/290)


3 (1) * أَخْبَرْنَا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ قال أَخْبَرْنَا محمد بن إدْرِيسَ الْمُطَّلِبِيُّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قال قال اللَّهُ عز وجل { وما أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ له الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتَوْا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَبَانَ اللَّهُ عز وجل أَنَّهُ فَرَضَ عليهم أَنْ يَعْبُدُوهُ مُخْلِصِينَ له الدِّينَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتَوْا الزَّكَاةَ وقال اللَّهُ جل وعز { وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا في سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يوم يُحْمَى عليها في نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بها جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ } وقال عز ذِكْرُهُ { وَلَا يحسبن ( ( ( تحسبن ) ) ) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ من فَضْلِهِ هو خَيْرًا لهم بَلْ هو شَرٌّ لهم سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يوم الْقِيَامَةِ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَبَانَ اللَّهُ عز وجل في هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ فَرْضَ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَاقَبَ على مَنْعِ ما أَوْجَبَ وَأَبَانَ أَنَّ في الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الزَّكَاةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) قَوْلُ اللَّهِ عز وجل { وَلَا يُنْفِقُونَهَا في سَبِيلِ اللَّهِ } يعنى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ في سَبِيلِهِ الذي فَرَضَ من الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَمَّا دَفْنُ الْمَالِ فَضَرْبٌ من إحْرَازِهِ وإذا حَلَّ إحْرَازُهُ بِشَيْءٍ حَلَّ بِالدَّفْنِ وَغَيْرِهِ وقد جَاءَتْ السُّنَّةُ بِمَا يَدُلُّ على ذلك ثُمَّ لَا أَعْلَمُ فيه مُخَالِفًا ثُمَّ الْآثَارُ
أَخْبَرْنَا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ قال أَخْبَرْنَا الشَّافِعِيُّ قال أَخْبَرْنَا سُفْيَانُ قال أَخْبَرْنَا جَامِعُ بن أبي رَاشِدٍ وعبدالملك بن أَعْيَنَ سَمِعَا أَبَا وَائِلٍ يُخْبِرُ عن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ يقول سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول ما من رَجُلٍ لَا يؤدى زَكَاةَ مَالِهِ إلَّا مُثِّلَ له يوم الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَفِرُّ منه وهو يَتْبَعُهُ حتى يُطَوِّقَهُ في عُنُقِهِ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم { سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يوم الْقِيَامَةِ }
أَخْبَرْنَا الرَّبِيعُ قال أَخْبَرْنَا الشَّافِعِيُّ قال أَخْبَرْنَا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن دِينَارٍ عن أبي صَالِحٍ السَّمَّانِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كان يقول من كان له مَالٌ لم يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ له يوم الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ له زَبِيبَتَانِ يَطْلُبُهُ حتى يُمْكِنَهُ يقول أنا كَنْزُك
أَخْبَرْنَا الرَّبِيعُ قال أَخْبَرْنَا الشَّافِعِيُّ قال أَخْبَرْنَا سُفْيَانُ عن بن عَجْلَانَ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ قال كُلُّ مَالٍ يؤدى زَكَاتَهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ وَإِنْ كان مَدْفُونًا وَكُلُّ مَالٍ لَا يؤدى زَكَاتَهُ فَهُوَ كَنْزٌ وَإِنْ لم يَكُنْ مَدْفُونًا وقال اللَّهُ عز وجل لِنَبِيهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم { خُذْ من أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بها } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ منهم ما أَوْجَبَ عليهم وَذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الزَّكَاةَ في غَيْرِ مَوْضِعٍ من كِتَابِهِ سِوَى ما وَصَفْت منها ( قال ) فَأَبَانَ اللَّهُ عز وجل فَرْضَ الزَّكَاةِ في كِتَابِهِ ثُمَّ أَبَانَ على لِسَانِ نَبِيهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في أَيِّ الْمَالِ الزَّكَاةَ فَأَبَانَ في الْمَالِ الذي فيه الزَّكَاةُ أَنَّ منه ما تَسْقُطُ عنه الزَّكَاةُ وَمِنْهُ ما تَثْبُتُ عليه وَأَنَّ من الْأَمْوَالِ مالا زَكَاةَ فيه ( قال ) وكان فِيمَا أَبَانَ من هذا مع غَيْرِهِ إبَانَةُ الْمَوْضِعِ الذي وَضَعَ اللَّهُ بِهِ رسول ( ( ( رسوله ) ) ) صلى اللَّهُ عليه وسلم من دِينِهِ وَكِتَابِهِ وَالدَّلِيلُ على أَنَّ سُنَّةَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فِيمَا لِلَّهِ عز وجل فيه
____________________
1- * كِتَابُ الزَّكَاةِ

(2/3)


حُكْمٌ وَالدَّلِيلُ على ما أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِحُكْمِهِ أَخَاصًّا أَرَادَ أَمْ عَامًّا وَكَمْ قَدْرُ ما أَرَادَ منه وإذا كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بهذا الْمَوْضِعِ من كِتَابِ اللَّهِ عز وجل وَدِينِهِ في مَوْضِعٍ كان كَذَلِكَ في كل مَوْضِعٍ وَسُنَّتُهُ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْإِبَانَةِ عن اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ - * بَابُ الْعَدَدِ الذي إذَا بَلَغَتْهُ الْإِبِلُ كان فيها صَدَقَةٌ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أَخْبَرْنَا الشَّافِعِيُّ قال أَخْبَرْنَا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن مُحَمَّدِ بن عبد اللَّهِ بن عبد الرحمن بن أبي صَعْصَعَةَ الْمَازِنِيِّ عن أبيه عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال ليس فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ
أَخْبَرْنَا الرَّبِيعُ قال أَخْبَرْنَا الشَّافِعِيُّ قال أَخْبَرْنَا سُفْيَانُ قال حدثنا عَمْرُو بن يحيى الْمَازِنِيُّ عن أبيه قال سَمِعْت أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يقول إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال ليس فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن عَمْرِو بن يحيى الْمَازِنِيِّ عن أبيه قال سَمِعْت أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مثله (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبَيَّنَ في السُّنَّةِ أَنَّ ليس فِيمَا دُونَ خَمْسٍ من الْإِبِلِ صَدَقَةٌ وَأَنَّ في الْخَمْسِ صَدَقَةً - * بَابُ كَيْفَ فَرَضَ الصَّدَقَةَ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الْقَاسِمُ بن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ عن الْمُثَنَّى بن أَنَسٍ أو بن فُلَانِ بن أَنَسٍ الشَّافِعِيُّ يَشُكُّ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ قال هذه الصَّدَقَةُ ثُمَّ تَرَكَتْ الْغَنَمَ وَغَيْرَهَا وَكَرِهَهَا الناس بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرَّحِيمِ هذه فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ التي فَرَضَهَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على الْمُسْلِمِينَ التي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بها فَمَنْ سُئِلَهَا على وَجْهِهَا من الْمُؤْمِنِينَ فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِهِ في أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ من الْإِبِلِ فما دُونَهَا الْغَنَمُ في كل خَمْسِ شَاةٌ فإذا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ من الْإِبِلِ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ أُنْثَى فَإِنْ لم يَكُنْ فيها بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فإذا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى فإذا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ فإذا بَلَغَتْ إحْدَى وَسِتِّينَ إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ فإذا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ إلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ فإذا بَلَغَتْ إحْدَى وَتِسْعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ فَإِنْ زَادَتْ على عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كل أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وفي كل خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَأَنَّ بين أَسْنَانِ الْإِبِلِ في فَرِيضَةِ الصَّدَقَةِ من بَلَغَتْ عِنْدَهُ من الْإِبِلِ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ منه الْحِقَّةُ وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إنْ اسْتَيْسَرَ عليه أو عِشْرِينَ دِرْهَمًا فإذا بَلَغَتْ عليه الْحِقَّةُ وليست ( ( ( وليس ) ) ) عِنْدَهُ حِقَّةٌ وَعِنْدَهُ جَذَعَةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ منه الْجَذَعَةُ وَيُعْطِيه الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أو شَاتَيْنِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وَأَخْبَرَنِي عَدَدٌ ثِقَاتٌ كلهم عن حَمَّادِ بن سَلَمَةَ عن ثُمَامَةَ بن عبد اللَّهِ بن أَنَسِ بن مَالِكٍ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِمِثْلِ مَعْنَى هذا لَا يُخَالِفُهُ إلَّا أَنِّي لَا أَحْفَظُ فيه أَلَّا يعطى شَاتَيْنِ أو عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَلَا أَحْفَظُ إنْ اسْتَيْسَرَ عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَحْسَبُ في حديث حَمَّادٍ عن أَنَسٍ أَنَّهُ قال دَفَعَ إلَى أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضى اللَّهُ عنه كِتَابَ الصَّدَقَةِ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَذَكَرَ هذا الْمَعْنَى كما وَصَفْت
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مُسْلِمٌ عن بن جُرَيْجٍ قال قال لي بن طَاوُسٍ عِنْدَ أبي كِتَابٌ من الْعُقُولِ نَزَلَ بِهِ الْوَحْيُ وما فَرَضَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من الْعُقُولِ أو الصَّدَقَةِ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِهِ الْوَحْيُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَذَلِكَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَلَا أَعْلَمُ فيه مُخَالِفًا لَقِيته وَلَا أَعْلَمُ ثِقَةً يَرْوِيه إلَّا عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فإذا أَثْبَتُوا حَدِيثًا وَاحِدًا مَرَّةً وَجَبَ عليهم أَنْ يُثْبِتُوهُ أُخْرَى

(2/4)


إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كما رَوَى بن طَاوُسٍ وَبَيَّنَ في قَوْلِ أَنَسٍ ( قال ) وَحَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ ثَابِتٌ من جِهَةِ حَمَّادِ بن سَلَمَةَ وَغَيْرِهِ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَبِهِ نَأْخُذُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا أَنَسُ بن عِيَاضٍ عن مُوسَى بن عُقْبَةَ عن نَافِعٍ عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ أَنَّ هذا كِتَابُ الصَّدَقَاتِ فيه في كل أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ من الْإِبِلِ فَدُونَهَا من الْغَنَمِ في كل خَمْسٍ شَاةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذلك إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنْ لم تَكُنْ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذلك إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِيمَا فَوْقَ ذلك إلَى سِتِّينَ حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ وَفِيمَا فَوْقَ ذلك إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ جَذَعَةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذلك إلَى تِسْعِينَ ابْنَتَا لَبُونٍ وَفِيمَا فَوْقَ ذلك إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ فما زَادَ على ذلك فَفِي كل أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وفي كل خَمْسِينَ حِقَّةٌ وفي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إذَا كانت أَرْبَعِينَ إلَى أَنْ تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذلك إلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ وَفِيمَا فَوْقَ ذلك إلَى ثلاثمائة ثَلَاثُ شِيَاهٍ فما زَادَ على ذلك فَفِي كل مِائَةٍ شَاةٌ وَلَا يُخْرِجُ في الصَّدَقَةِ هَرِمَةً وَلَا ذَاتِ عَوَارٍ وَلَا تيس ( ( ( تيسا ) ) ) إلَّا ما شَاءَ الْمُصَدِّقُ وَلَا يُجْمَعُ بين مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بين مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وما كان من خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وفي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ إذَا بَلَغَتْ رِقَّةُ أَحَدِهِمْ خَمْسَ أواقي ( ( ( أواق ) ) ) هذه نُسْخَةُ كِتَابِ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ التي كان يَأْخُذُ عليها (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا قِيلَ في سَائِمَةِ الْغَنَمِ هَكَذَا فَيُشْبِهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ لَا يَكُونَ في الْغَنَمِ غَيْرِ السَّائِمَةِ شَيْءٌ لِأَنَّ كُلَّمَا قِيلَ في شَيْءٍ بِصِفَةٍ والشي ( ( ( والشيء ) ) ) يَجْمَعُ صِفَتَيْنِ يُؤْخَذُ من صِفَةِ كَذَا فَفِيهِ دَلِيلٌ على أَنْ لَا يُؤْخَذَ من غَيْرِ تِلْكَ الصِّفَةِ من صِفَتَيْهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) بهذا قُلْنَا لَا يَتَبَيَّنُ أَنْ يُؤْخَذَ من الْغَنَمِ غَيْرِ السَّائِمَةِ صَدَقَةُ الْغَنَمِ وإذا كان هذا هَكَذَا في الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ لِأَنَّهَا الْمَاشِيَةُ التي تَجِبُ فيها الصَّدَقَةُ دُونَ ما سِوَاهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان لِلرَّجُلِ أَرْبَعَةٌ من الْإِبِلِ فَلَا يَكُونُ فيها زَكَاةٌ حتى تَبْلُغَ خَمْسًا فإذا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ ثُمَّ لَا زَكَاةَ في الزِّيَادَةِ على خَمْسٍ حتى تَبْلُغَ عَشْرًا فإذا بَلَغَتْ فَفِيهَا شَاتَانِ فإذا زَادَتْ على عَشْرٍ فَلَا زَكَاةَ في الزِّيَادَةِ حتى تُكْمِلَ خَمْسَ عَشْرَةَ فإذا كَمَّلَتْهَا فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ فإذا زَادَتْ فَلَا زَكَاةَ في الزِّيَادَةِ حتى تَبْلُغَ عِشْرِينَ فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ فإذا زَادَتْ فَلَا زَكَاةَ في الزِّيَادَةِ حتى تَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فإذا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَقَطَتْ الْغَنَمُ فلم يَكُنْ في الْإِبِلِ غَنَمٌ بِحَالٍ وَكَانَتْ فيها بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنْ لم يَكُنْ فيها بِنْتُ مَخَاضٍ فَفِيهَا بن لَبُونٍ ذَكَرٌ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تُكْمِلَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فإذا كملتها ( ( ( أكملتها ) ) ) فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تُكْمِلَ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فإذا كَمَّلَتْهَا فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تُكْمِلَ إحْدَى وَسِتِّينَ فإذا كَمَّلَتْهَا فَفِيهَا جَذَعَةٌ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ سِتًّا وَسَبْعِينَ فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ إحْدَى وَتِسْعِينَ فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ مِائَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ فإذا بَلَغَتْهَا سَقَطَ الْفَرْضُ الثَّانِي وَاسْتُقْبِلَ بها فَرْضٌ ثَالِثٌ فَعُدَّتْ كُلُّهَا فَكَانَ في كل أَرْبَعِينَ منها بِنْتُ لَبُونٍ وفي كل خَمْسِينَ حِقَّةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِبَانَةُ ذلك أَنْ تَكُونَ الْإِبِلُ مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ فَيَكُونُ فيها ثَلَاثُ بَنَاتٍ لَبُونٍ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في زِيَادَتِهَا شَيْءٌ حتى تُكْمِلَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ فإذا كَمَّلَتْهَا فَفِيهَا حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في زِيَادَتِهَا شَيْءٌ حتى تُكْمِلَ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ فإذا كملتها ( ( ( كملها ) ) ) فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في زِيَادَتِهَا شَيْءٌ حتى تُكْمِلَ مِائَةً وَخَمْسِينَ فإذا كَمَّلَتْهَا فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ ثُمَّ ليس في زِيَادَتِهَا شَيْءٌ حتى تُكْمِلَ مِائَةً وَسِتِّينَ فإذا كَمَّلَتْهَا فَفِيهَا أَرْبَعُ بَنَاتٍ لَبُونٍ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في زِيَادَتِهَا شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ مِائَةً
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرني الثِّقَةُ من أَهْلِ الْعِلْمِ عن سُفْيَانَ بن حُسَيْنٍ عن الزُّهْرِيِّ عن سَالِمِ بن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ عن أبيه عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا أَدْرِي أَدَخَلَ بن عُمَرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عُمَرَ في حديث سُفْيَانَ أَمْ لَا في صَدَقَةِ الْإِبِلِ مِثْلُ هذا الْمَعْنَى لَا يُخَالِفُهُ وَلَا أَعْلَمُهُ بَلْ لَا أَشُكُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا أَنَّهُ حَدَّثَ بِجَمِيعِ الحديث في صَدَقَةِ الْغَنَمِ وَالْخُلَطَاءِ وَالرِّقَّةِ هكذا ( ( ( وهكذا ) ) ) إلَّا أَنِّي لَا أَحْفَظُ إلَّا الْإِبِلَ في حَدِيثِهِ

(2/5)


وَسَبْعِينَ فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا حِقَّةٌ وَثَلَاثُ بَنَاتٍ لَبُونٍ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ مِائَةً وَثَمَانِينَ فإذا بَلَغْتهَا فَفِيهَا حِقَّتَانِ وابنا ( ( ( وابنتا ) ) ) لَبُونٍ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ مِائَةً وَتِسْعِينَ فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ فإذا بَلَغَتْهَا فَعَلَى الْمُصَدِّقِ أَنْ يَسْأَلَ فَإِنْ كانت أَرْبَعَ حِقَاقٍ منها خَيْرًا من خَمْسِ بَنَاتٍ لَبُونٍ أَخَذَهَا وَإِنْ كانت خَمْسُ بَنَاتٍ لَبُونٍ خَيْرًا أَخَذَهَا لَا يَحِلُّ له غَيْرُ ذلك وَلَا أَرَاهُ يَحِلُّ لِرَبِّ الْمَالِ غَيْرُهُ فَإِنْ أَخَذَ من رَبِّ الْمَالِ الصِّنْفَ الْأَدْنَى كان حَقًّا عليه أَنْ يُخْرِجَ فَضْلَ ما بين ما أَخَذَ منه وَتَرَكَ له فَيُعْطِيه أَهْلَ السُّهْمَانِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ اسْتَوَتْ قِيَمُ أَرْبَعِ حِقَاقٍ وَخَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ كان لِلْمُصَّدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ من أَيِّ الصِّنْفَيْنِ شَاءَ لِأَنَّهُ ليس هُنَالِكَ فَضْلٌ يَدَعُهُ لِرَبِّ الْمَالِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ وَجَدَ الْمُصَدِّقُ أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ ولم يَجِدْ الْآخَرَ أَخَذَ الصِّنْفَ الذي وَجَدَ ولم يَأْخُذْ الْآخَرَ كَأَنْ وَجَدَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ ولم يَجِدْ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ فَيَأْخُذُ الْحِقَاقَ فَإِنْ وَجَدَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ ولم يَجِدْ الْحِقَاقَ فَيَأْخُذُ بَنَاتَ اللَّبُونِ لِأَنَّهُ ليس هُنَالِكَ فَرْضٌ وَلَا فَضْلٌ يَدَعُهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كانت الْإِبِلُ مِائَتَيْنِ فَوَجَدَ أَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَأَرْبَعَ حِقَاقٍ فرأي أَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ يُقَارِبْنَ الْحِقَاقَ ولم يَشُكَّ في أَنْ لو كانت مَعَهُنَّ وَاحِدَةٌ منهم ( ( ( منهن ) ) ) في أنها أَفْضَلُ من الْحِقَاقِ لم يَكُنْ له أَنْ يَأْخُذَ إلَّا الْحِقَاقَ ولم يَكُنْ له أَنْ يُكَلِّفَهُ ما ليس في إبِلِهِ وهو يَجِدُ فَرِيضَتَهُ في إبِلِهِ ( قال ) وَلَوْ كانت بَنَاتُ لَبُونٍ كما وَصَفْت وَهُنَالِكَ حِقٌّ فَأَرَادَ أَخْذَهَا وَحِقًّا أو أَخَذَهَا وَبِنْتَ مَخَاضٍ لِأَنَّهَا دُونَ بِنْتِ لَبُونٍ وكان مع بَنَاتِ اللَّبُونِ خَيْرًا لِلْمَسَاكِينِ لم يَكُنْ ذلك له لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ إلَى فِرَاقِ الْفَرِيضَةِ ( قال ) وَلَوْ كانت الْحِقَاقُ مِرَاضًا أو ذَوَاتَ نَقْصٍ أو عَيْبٍ لم يَكُنْ له أَنْ يَأْخُذَ إلَّا بَنَاتَ لَبُونٍ إذَا كانت صِحَاحًا ( قال ) وَلَوْ كان الصِّنْفَانِ اللَّذَانِ هُمَا الْفَرْضُ مَعًا نَاقِصَيْنِ وَسَائِرُ الْإِبِلِ صِحَاحًا قِيلَ له إنْ أَعْطَيْت من أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ صِحَاحًا من حَيْثُ شِئْت قَبِلْنَاهُ وَإِنْ لم تَفْعَلْ أَخَذْنَا مِنْك السِّنَّ التي هِيَ أَعْلَى وَرَدَدْنَا عَلَيْك أو السِّنَّ التي هِيَ أَسْفَلُ وَأَخَذْنَا مِنْك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت الْإِبِلُ مَعِيبَةً كُلُّهَا أو بَعْضُهَا مَعِيبَةً إلَّا الْأَقَلَّ من عَدَدِ الصَّدَقَةِ كَأَنَّ الصَّدَقَةَ خَمْسٌ أو أَرْبَعٌ وَالصَّحِيحُ ثَلَاثٌ أو اثْنَتَانِ قِيلَ له نَأْخُذُ مِنْك الصَّحِيحَ الذي عِنْدَك وَعَلَيْك ما يَبْقَى من الصَّحِيحِ صَحِيحًا مثله فَإِنْ جِئْت بِهِ وَإِلَّا أَخَذْنَا مِنْك الصَّحِيحَ الْأَعْلَى وَرَدَدْنَا عَلَيْك أو الصَّحِيحَ الْأَسْفَلَ وَأَخَذْنَا مِنْك وَلَا نَأْخُذُ مِنْك مَرِيضًا وفي الْإِبِلِ عَدَدٌ صَحِيحٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كانت الْإِبِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فلم يَكُنْ فيها بِنْتُ مَخَاضٍ أُخِذَ منها بن لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِنْ لم يَكُنْ فيها فَالْخِيَارُ لِرَبِّ الْمَالِ يأتى بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَأَيُّهُمَا جاء بِهِ فَهُوَ فَرِيضَةٌ فَإِنْ جاء بِهِمَا مَعًا لم يَكُنْ لِلْمُصَّدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا ابْنَةَ مَخَاضٍ لِأَنَّهَا الْفَرْضُ الْأَوَّلُ الذي لَا فَرْضَ غَيْرَهُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ - * بَابُ عَيْبِ الْإِبِلِ وَنَقْصِهَا - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وَإِنْ كانت الْإِبِلُ مَعِيبَةً كُلُّهَا بِجَرَبٍ أو هُيَامٍ أو مَرَضٍ أو عَوَارٍ أو عَيْبٍ ما كان أَخَذَ الْمُصَدِّقُ وَاحِدَةً منها ولم يُكَلِّفْهُ صَحِيحَةً من غَيْرِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَيْسَ لِلْمُصَّدِّقِ إذَا كانت الْإِبِلُ مَعِيبَةً كُلُّهَا أَنْ يَنْخَفِضَ وَلَا يَرْتَفِعَ عن الْفَرْضِ وَيَرُدُّ أو يَأْخُذُ نَظَرًا لِلْمَسَاكِينِ إنَّمَا يَكُونُ له الِارْتِفَاعُ أو الِانْخِفَاضُ إذَا لم تَكُنْ السِّنُّ مَوْجُودَةً أو كانت السِّنُّ مَوْجُودَةً مَعِيبَةً وفي الْمَالِ سِوَاهَا سَالِمٌ من الْعَيْبِ ( قال ) وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ غير الْمَعِيبِ من السِّنِّ التي وَجَبَتْ له وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُبْدِلَهُ شَرًّا منها + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت الْإِبِلُ مَعِيبَةً كانت فَرِيضَتُهَا الْغَنَمَ فَكَانَتْ الشَّاةُ التي تَجِبُ فيها أَكْثَرَ ثَمَنًا من بَعِيرٍ منها قِيلَ له إنْ أَعْطَيْتهَا قُبِلَتْ وَإِنْ لم تُعْطِهَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) ثُمَّ هَكَذَا كُلُّ ما اجْتَمَعَ فيه الْفَرْضُ في أَرْبَعِمِائَةٍ وَغَيْرِهَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ الْأَفْضَلَ لِأَهْلِ السُّهْمَانِ وَأَعْطَى ذلك رَبَّ الْمَالِ فَإِنْ تَرَكَ له أَخْرَجَ رَبُّ الْمَالِ فَضْلَهُ

(2/6)


فَلَكَ الْخِيَارُ في أَنْ تُعْطِيَ بَعِيرًا مُتَطَوِّعًا مَكَانَهَا أو تُعْطِيَهَا فَإِنْ أَبَى الْخِيَارَ جُبِرَ على أَخْذِ الشَّاةِ وَمَتَى جُبِرَ فلم يُعْطِ الشَّاةَ حتى يَخْتَارَ أَنْ يعطى الْبَعِيرَ قُبِلَ منه ( قال ) وإذا كان بَعْضُ الْإِبِلِ مُبَايِنًا لِبَعْضٍ فَأَعْطَى أَنْقَصَهَا أو أَدْنَاهَا أو أَعْلَاهَا قُبِلَ منه وَلَيْسَ كَالْإِبِلِ فَرِيضَتُهَا منها فيها النَّقْصُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ عَدَّ السَّاعِي الْإِبِلَ فلم يَقْبِضْ من رَبِّهَا الزَّكَاةَ حتى تَلِفَتْ أو تَلِفَ بَعْضُهَا ولم يُفَرِّطْ فَإِنْ كان في الْبَاقِي شَيْءٌ أَخَذَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت لِرَجُلٍ إبِلٌ فَعَدَّهَا السَّاعِي وقال رَبُّ الْمَالِ لي إبِلٌ غَائِبَةٌ فَأَخَذَ منه صَدَقَةَ الْغَائِبَةِ وَالْحَاضِرَةِ ثُمَّ أَخَذَ منه سَاعِي بَلَدٍ إبِلَهُ الْغَائِبَةَ صَدَقَةً فَعَلَى الْمُصَدِّقِ الذي أَخَذَ منه صَدَقَةَ الْغَائِبَةِ أَنْ يَرُدَّ عليه قَدْرَ صَدَقَةِ الْغَائِبَةِ من صَدَقَةِ غَيْرِهِ مِثْلُ ما أَخَذَ منه إذَا كان قد قَسَّمَ صَدَقَتَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ أَنْ يَدَعَ حَقَّهُ - * بَابُ إذَا لم تُوجَدْ السِّنُّ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال حَفِظْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال في أَسْنَانِ الْإِبِلِ التي فَرِيضَتُهَا بِنْتُ لَبُونٍ فَصَاعِدًا إذَا لم يَجِدْ الْمُصَدِّقُ السِّنَّ التي وَجَبَتْ له وَأَخَذَ السِّنَّ التي دُونَهَا أَخَذَ من رَبِّ الْمَالِ شَاتَيْنِ أو عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَإِنْ أَخَذَ السِّنَّ التي فَوْقَهَا رَدَّ على رَبِّ الْمَالِ شَاتَيْنِ أو عِشْرِينَ دِرْهَمًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى الْمُصَدِّقِ إذَا لم يَجِدْ السِّنَّ التي وَجَبَتْ له وَوَجَدَ السِّنَّ التي هِيَ أَعْلَى منها أو أَسْفَلُ أَنْ لَا يَأْخُذَ لِأَهْلِ السُّهْمَانِ إلَّا الْخَيْرَ لهم وَكَذَلِكَ على رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْخَيْرَ لهم فَإِنْ لم يَقْبَلْ الْمُصَدِّقُ الْخَيْرَ لهم كان على رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْرِجَ فَضْلَ ما بين ما أَخَذَ الْمُصَدِّقُ وَبَيْنَ الْخَيْرِ لهم ثُمَّ يُعْطِيه أَهْلَ السُّهْمَانِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وَجَدَ الْعُلْيَا ولم يَجِدْ السُّفْلَى أو السُّفْلَى ولم يَجِدْ الْعُلْيَا فَلَا خِيَارَ له وَيَأْخُذُ من التي وَجَدَ وَلَيْسَ له غَيْرُ ذلك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وَجَدَ أَحَدَ السِّنَّيْنِ ذَاتَ عَوَارٍ أو هُمَا مَعًا ذَاتَيْ عَوَارٍ وَتَحْتَهُمَا أو فَوْقَهُمَا من الْإِبِلِ سَالِمٌ من الْعَوَارِ ولم يَجِدْ السِّنَّ الْعُلْيَا وَلَا السُّفْلَى فَلَيْسَ له أَنْ يَأْخُذَ ذلك من ذَوَاتِ الْعَوَارِ وفي الْإِبِلِ صَحِيحَةٌ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ على النَّظَرِ لِلْمَسَاكِينِ على ما وَصَفْت فَكُلَّمَا ارْتَفَعَ سِنًّا أَعْطَى رَبَّ الْمَالِ شَاتَيْنِ أو عِشْرِينَ دِرْهَمًا وإذا ارْتَفَعَ إلَى السِّنِّ التي فَوْقَ السِّنِّ التي تلى ما وَجَبَ له فَقَدْ ارْتَفَعَ سِنَّيْنِ أَعْطَى رَبَّ الْمَالِ أَرْبَعَ شِيَاهٍ أو أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا ثُمَّ إنْ ارْتَفَعَ سِنًّا ثَالِثًا زَادَ شَاتَيْنِ فَأَعْطَاهُ سِتَّ شِيَاهٍ أو سِتِّينَ دِرْهَمًا وَهَكَذَا إذَا انْخَفَضَ أَخَذَ منه في سِنِّ ما انْخَفَضَ إلَيْهَا شَاتَيْنِ أو عِشْرِينَ دِرْهَمًا لَا يُخْتَلَفُ وَلَا يُنْظَرُ في ذلك إلَى أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ ما بين السِّنَّيْنِ أَكْثَرَ أو أَقَلَّ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ أَنْ يَأْخُذَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَحِلُّ لِلسَّاعِي أَنْ يُعْطِيَهُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَالشَّاتَانِ أَقَلُّ نَقْدًا على الْمَسَاكِينِ من الْعِشْرِينَ الدَّرَاهِمِ وَلَا الشَّاتَيْنِ وَالْعِشْرُونَ الدَّرَاهِمِ أَقَلُّ نَقْدًا على الْمَسَاكِينِ مِنْهُمَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان الْمُصَدِّقُ يلى صَدَقَةَ دَرَاهِمَ وَإِبِلٍ وَغَنَمٍ وهكذا ( ( ( فهكذا ) ) ) وَإِنْ لم يَكُنْ يَصَّدَّقُ إلَّا مَاشِيَةً بَاعَ منها فَيَرُدُّ على الْمَأْخُوذِ منه عِشْرِينَ دِرْهَمًا إذَا كان ذلك النَّظَرُ لِلْمَسَاكِينِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَبِيعُ على النَّظَرِ لِلْمَسَاكِينِ من أَيِّ أَصْنَافِ الْمَاشِيَةِ أَخَذَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان يَصَّدَّقُ إبِلًا لَا أَثْمَانَ لها لِلَوْنِهَا أو عَيْبٍ بها
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ كان النَّقْصُ قَدِيمًا أو حَدَثَ بعد ما عَدَّ الْإِبِلَ وَقَبِلَ يَنْقُصُ منها أو من الْغَنَمِ ثُمَّ نَقَصَ ما قَبَضَ أو هَلَكَ في يَدِهِ أو نَقَصَتْ إبِلُ رَبِّ الْمَالِ أو هَلَكَتْ في يَدِهِ لم يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا على صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ

(2/7)


فلم يَجِدْ السِّنَّ التي وَجَبَتْ في الْمَالِ وَوَجَدَ السِّنَّ التي أَسْفَلَ منها فَكَانَ إذَا أَخَذَهَا وَشَاتَيْنِ أو عِشْرِينَ دِرْهَمًا كانت الشَّاتَانِ أو الْعِشْرُونَ دِرْهَمًا خَيْرًا من بَعِيرٍ منها خُيِّرَ رَبُّ الْمَالِ بين أَنْ يَتَطَوَّعَ له بِالسِّنِّ التي هِيَ أَعْلَى مِمَّا وَجَبَتْ عليه أو يُعْطِيه الْمُصَدِّقَ الذي هو خَيْرٌ لِلْمَسَاكِينِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالِاحْتِيَاطُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يعطى الْأَكْثَرَ لِلْمَسَاكِينِ من شَاتَيْنِ أو عِشْرِينَ دِرْهَمًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كانت إبِلٌ لِرَجُلٍ فيها صَدَقَةٌ منها فلم يَكُنْ فيها السِّنُّ التي وَجَبَتْ فيها فقال رَبُّ الْإِبِلِ آتَى بها قُبِلَتْ منه إذَا جاء بها من أَمْثَلِ إبِلِهِ أو خَيْرًا منها وَإِنْ جاء بها من إبِلِ ألأم منها لم يَكُنْ لِلْمُصَّدِّقِ أَنْ يَقْبَلَهَا وكان له أَنْ يَرْتَفِعَ في إبِلٍ وَيَرُدَّ عليه أو يَنْخَفِضَ وَيَأْخُذَ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْإِبِلُ في هذا مُخَالِفَةً لِلْبَقَرِ وَالْغَنَمِ إذَا لم يَجِدْ السِّنَّ من الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كُلِّفَهَا رَبُّهَا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ له بِأَعْلَى منها وإذا وَجَدَ ذلك السِّنَّ منها مَعِيبَةً وفي مَاشِيَتِهِ صَحِيحٌ فَلَيْسَ له أَنْ يَرْتَفِعَ وَيَرُدَّ وَلَا يَنْخَفِضَ وَيَأْخُذَ من الْبَقَرِ وَلَا الْغَنَمِ بِحَالٍ - * بَابُ الشَّاةِ تُؤْخَذُ في الْإِبِلِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وإذا كانت لِرَجُلٍ إبِلٌ فَرِيضَتُهَا الْغَنَمُ وَلَهُ غَنَمٌ أُخِذَ من غَنَمِهِ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُضْحِيَّةً فَإِنْ كانت غَنَمُهُ مَعْزًى فَثَنِيَّةً وَإِنْ كانت ضَأْنًا فَجَذَعَةً وَلَا يُؤْخَذُ منه أَعْلَى منها وَلَا دُونَهَا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ رَبُّ الْمَالِ بِأَعْلَى فَيُقْبَلُ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت غَنَمُهُ ذَوَاتَ عَوَارٍ أو مِرَاضًا أو لَا غَنَمَ له فَالْخِيَارُ فيها إلَيْهِ يَدْفَعُ إلَيْهِ أَيَّ شَاةٍ أَجْزَأَتْ أُضْحِيَّةً من ضَأْنٍ أو مَعْزًى وَلَا أَنْظُرُ إلَى الْأَغْلَبِ بِالْبَلَدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا جاء أَنَّ عليه شَاةً فإذا أَخَذْتهَا في السِّنِّ الذي يُجْزِئُ في صَدَقَةِ الْغَنَمِ فَلَيْسَ لي أَكْثَرُ منها ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا إنْ كانت ضَأْنًا أو مَعْزًى أو ضَأْنًا فَأَرَادَ أَنْ يعطى مَاعِزَةً أو مَعْزًى فَأَرَادَ أَنْ يعطى ضائنة ( ( ( ضأنة ) ) ) قَبِلْتهَا منه لِأَنَّهُ إنَّمَا سُمِّيَتْ عليه شَاةً فإذا جاء بها قَبِلْتهَا منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَأْخُذُ إبِلَهُ بِالْعَدَدِ ما كانت إبِلُهُ لِئَامًا أو كِرَامًا لَا يَخْتَلِفُ ذلك وَأَيُّ شَاةٍ من شَاءِ بَلَدِهِ تُجْزِئُ أُضْحِيَّةً قُبِلَتْ منه وَإِنْ جاء بها من غَيْرِ شَاءِ بَلَدِهِ وَمِثْلِ شَاءِ بَلَدِهِ أو خَيْرٍ قُبِلَتْ وَإِنْ جاء بها دُونَهَا لم تُقْبَلْ وَلَوْ كانت له إبِلٌ كِرَامٌ وَجَبَتْ فيها فَرِيضَةٌ منها فَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَنَا من إبِلٍ له وَلِغَيْرِهِ تِلْكَ السِّنُّ وَهِيَ أَدْنَى من إبِلِهِ لم يَكُنْ لنا أَخْذُهَا منه ولم تُجْزِ عنه أَنْ يُعْطِيَنَا إيَّاهَا كما لو كانت له إبِلٌ لِئَامٌ وَلَهُ إبِلٌ كِرَامٌ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِ أو بِبَلَدِهِ إبِلٌ كِرَامٌ لم نَأْخُذْ منه صَدَقَةَ اللِّئَامِ من إبِلِ بَلَدِهِ وَلَا إبِلِهِ التي بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِ وَأَخَذْنَا من كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ ما فيها + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وَجَبَتْ لنا عليه جَذَعَةٌ لم يَكُنْ لِلْمُصَّدِّقِ أَنْ يَأْخُذَهَا منه مَاخِضًا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ فإذا ضَرَبَ الْفَحْلُ السِّنَّ التي وَجَبَتْ فلم يَدْرِ أَحَالَتْ أو لُقِّحَتْ قِيلَ له لَا نَأْخُذُهَا مِنْك أو تَأْتِي بِغَيْرِهَا من تِلْكَ السِّنِّ إنْ شِئْت أو نَأْخُذُ السُّفْلَى وَتَرُدُّ عَلَيْنَا أو الْعُلْيَا وَنَرُدُّ عَلَيْك - * بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ عن طَاوُسٍ أَنَّ مُعَاذَ بن جَبَلٍ أتى بِوَقَصِ الْبَقَرِ فقال لم يَأْمُرْنِي فيه النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِشَيْءٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْوَقَصُ ما لم يَبْلُغْ الْفَرِيضَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُعَاذٌ إنَّمَا أَخَذَ الصَّدَقَةَ بِأَمْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وقد روى أَنَّهُ أتى بِمَا دُونَ ثَلَاثِينَ فقال لم أَسْمَعْ من النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فيها شيئا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَخَذَ من رَبِّ الْمَالِ الْفَضْلَ بين السِّنَّيْنِ أَعْطَى رَبَّ الْمَالِ أَيَّهُمَا شَاءَ إنْ شَاءَ شَاتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَلَيْسَ لِلْوَالِي أَنْ يَمْتَنِعَ لِأَنَّ في الحديث شَاتَيْنِ إنْ تَيَسَّرَتَا أو عِشْرِينَ دِرْهَمًا فإذا تَيَسَّرَتْ الشَّاتَانِ وَفِيهِمَا وَفَاءٌ أَعْطَاهُمَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا

(2/8)


عن حُمَيْدِ بن قَيْسٍ عن طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ أَنَّ مُعَاذَ بن جَبَلٍ أَخَذَ من ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً وَأَتَى بِمَا دُونَ ذلك فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ منه شيئا وقال لم أَسْمَعْ من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فيه شيئا حتى أَلْقَاهُ فَأَسْأَلُهُ فتوفى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قبل أَنْ يَقْدُمَ مُعَاذُ بن جَبَلٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ من أَهْلِ الْيَمَنِ عن عَدَدٍ مَضَوْا منهم أَنَّ مُعَاذًا أَخَذَ منهم صَدَقَةَ الْبَقَرِ على ما رَوَى طَاوُسٌ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْأَمَانَةِ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن نُعَيْمِ بن سَلَامَةَ أَنَّ عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ دَعَا بِصَحِيفَةٍ فَزَعَمُوا أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَتَبَ بها إلَى مُعَاذِ بن جَبَلٍ فإذا فيها في كل ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ وفي كل أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وهو ما لَا أَعْلَمُ فيه بين أَحَدٍ لَقِيته من أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا وَبِهِ نَأْخُذُ - * بَابُ تَفْرِيعِ صَدَقَةِ الْبَقَرِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ليس في الْبَقَرِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا تَبِيعٌ فإذا زَادَتْ فَلَيْسَ في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ثُمَّ ليس في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ سِتِّينَ فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا تَبِيعَانِ ثُمَّ ليس في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ سَبْعِينَ فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا مُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ ثُمَّ ليس في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ ثَمَانِينَ فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا مُسِنَّتَانِ ثُمَّ ليس في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ تِسْعِينَ فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ ثُمَّ ليس في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ مِائَةً فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا مُسِنَّةٌ وَتَبِيعَانِ ثُمَّ ليس في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ مِائَةً وَعَشْرَةً فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا مُسِنَّتَانِ وَتَبِيعٌ ثُمَّ ليس في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ مِائَةً وَعِشْرِينَ فإذا بَلَغَتْهَا جُعِلَ لِلْمُصَّدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ الْخَيْرَ لِلْمَسَاكِينِ أَرْبَعَةَ أَتْبِعَةٍ أو ثَلَاثَ مُسِنَّاتٍ كما قُلْت في الْإِبِلِ وإذا وَجَدَ أَحَدَ السِّنَّيْنِ ولم يَجِدْ الْآخَرَ أَخَذَ الصَّدَقَةَ من السِّنِّ التي وَجَدَ كما قُلْت في الْإِبِلِ لَا يَخْتَلِفُ إذَا اجْتَمَعَتْ له سِنَّانِ فِيهِمَا فَرْضٌ ثُمَّ هَكَذَا صَدَقَةُ الْبَقَرِ حتى تتناهى ( ( ( تناهى ) ) ) إلَى ما تَنَاهَتْ إلَيْهِ - * بَابُ صَدَقَةِ الْغَنَمِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ثَابِتٌ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في صَدَقَةِ الْغَنَمِ مَعْنَى ما أَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وهو أَنَّ ليس في الْغَنَمِ صَدَقَةٌ حتى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ فإذا كانت أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاةٌ ثُمَّ ليس في زِيَادَتِهَا شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا شَاتَانِ ثُمَّ ليس في زِيَادَتِهَا شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ مِائَتَيْ شَاةٍ وَشَاةٍ فإذا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ ثُمَّ ليس في زِيَادَتِهَا شَيْءٌ حتى تَبْلُغَ أَرْبَعَمِائَةِ شَاةٍ فإذا كَمَّلَتْهَا فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ ثُمَّ يَسْقُطُ فَرْضُهَا الْأَوَّلُ فإذا بَلَغَتْ هذا فَتُعَدُّ فَفِي كل مِائَةٍ شَاةٌ وَلَا شَيْءَ في الزِّيَادَةِ حتى تَكْمُلَ مِائَةً أُخْرَى ثُمَّ تَكُونُ فيها شَاةٌ وَتُعَدُّ الْغَنَمُ وَلَا تُفَرَّقُ وَلَا يُخَيَّرُ رَبُّ الْمَاشِيَةِ وَلِلسَّاعِي أَنْ يَخْتَارَ السِّنَّ التي وَجَبَتْ له من خَيْرِ الْغَنَمِ إذَا كانت الْغَنَمُ وَاحِدَةً - * بَابُ السِّنِّ التي تُؤْخَذُ في الْغَنَمِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ قال حدثنا بِشْرُ بن عَاصِمٍ عن أبيه أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَطَاوُسٌ عَالِمٌ بِأَمْرِ مُعَاذٍ وَإِنْ كان لم يَلْقَهُ على كَثْرَةِ من لقى مِمَّنْ أَدْرَكَ مُعَاذًا من أَهْلِ الْيَمَنِ فِيمَا عَلِمْت وقد روى أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ مُعَاذًا أَنْ يَأْخُذَ من ثَلَاثِينَ تَبِيعًا وَمِنْ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً

(2/9)


أَبَا سُفْيَانَ بن عبد اللَّهِ على الطَّائِفِ وَمَخَالِيفِهَا فَخَرَجَ مُصَّدِّقًا فَاعْتَدَّ عليهم بالغذى ولم يَأْخُذْهُ منهم فَقَالُوا له إنْ كُنْت مُعْتَدًّا عَلَيْنَا بالغذى فَخُذْهُ مِنَّا فَأَمْسَكَ حتى لقى عُمَرَ فقال اعْلَمْ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّا نَظْلِمَهُمْ أَنَّا نَعْتَدُّ عليهم بالغذى وَلَا نَأْخُذُهُ منهم فقال له عُمَرُ فَاعْتَدَّ عليهم بالغذى حتى بِالسَّخْلَةِ يَرُوحُ بها الرَّاعِي على يَدِهِ وَقُلْ لهم لَا آخُذُ مِنْكُمْ الرُّبَى وَلَا الْمَاخِضَ وَلَا ذَاتَ الدَّرِّ وَلَا الشَّاةَ الْأَكُولَةَ وَلَا فَحْلَ الْغَنَمِ وَخُذْ الْعَنَاقَ وَالْجَذَعَةَ وَالثَّنِيَّةَ فَذَلِكَ عَدْلٌ بين غِذَاءِ الْمَالِ وَخِيَارِهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وهو وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَعْقُولٌ إذَا قِيلَ فيها شَاةٌ فما أَجْزَأَ أُضْحِيَّةً أَجْزَأَ فِيمَا أُطْلِقَ اسْمُ شَاةٍ - * بَابُ الْغَنَمِ إذَا اخْتَلَفَتْ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فإذا اخْتَلَفَتْ غَنَمُ الرَّجُلِ وَكَانَتْ فيها أَجْنَاسٌ بَعْضُهَا أَرْفَعُ من بَعْضٍ أَخَذَ الْمُصَدِّقُ من وَسَطِ أَجْنَاسِهَا لَا من أَعْلَاهَا وَلَا من أَسْفَلِهَا وَإِنْ كانت وَاحِدَةً أَخَذَ خَيْرَ ما يَجِبُ له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان خَيْرُ الْغَنَمِ أَكْثَرَهَا أو وَسَطُهَا أكثرها ( ( ( أكثر ) ) ) فَسَوَاءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَأْخُذُ من الْأَوْسَاطِ من الْغَنَمِ فَإِنْ لم يَجِدْ في الْأَوْسَاطِ السِّنَّ التي وَجَبَتْ له قال لِرَبِّ الْغَنَمِ إنْ تَطَوَّعْت بِأَعْلَى منها أَخَذْتهَا وَإِنْ لم تَتَطَوَّعْ كَلَّفْتُك أَنْ تَأْتِيَ بِمِثْلِ شَاةٍ وَسَطٍ ولم آخُذْ من الْأَدْنَى وَالْوَسَطِ فَيُؤْخَذُ مِمَّا وَصَفْت من ثَنِيَّةٍ وَجَذَعَةٍ وَإِنَّمَا منعنى أَنْ آخُذَ أَعْلَى منها إذَا كانت الْغَنَمُ كُلُّهَا أَعْلَى منها لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِمُعَاذِ بن جَبَلٍ حين بَعَثَهُ مُصَّدِّقًا إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَكَرَائِمُ الْأَمْوَالِ فِيمَا هو أَعْلَى من كل ما يَجُوزُ أُضْحِيَّةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت الْغَنَمُ ضَأْنًا وَمَعْزًى سَوَاءً فَقَدْ قِيلَ يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ من أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ كانت إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ أَخَذَ من الْأَكْثَرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَأْخُذَ من كُلٍّ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَلَا يُشْبِهُ هذا التَّمْرَ لِأَنَّ الضَّأْنَ بَيِّنَ التَّمْيِيزِ من الْمَعْزَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ التَّمْرُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا الْبَقَرُ لَا تُخَالِفُ الْغَنَمَ إذَا كانت جَوَامِيسَ وَعِرَابًا وَدِرْبَانِيَةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كانت الْإِبِلُ بُخْتًا وَعِرَابًا وَمِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ فَكَانَتْ صَدَقَتُهَا الْغَنَمَ فَلَا تَخْتَلِفُ وَإِنْ كانت صَدَقَتُهَا منها فَمَنْ قال يَأْخُذُ بِالْأَكْثَرِ من أَصْنَافِهَا أَخَذَ من الْأَكْثَرِ فَإِنْ لم يَجِدْ في الْأَكْثَرِ السِّنَّ التي تَجِبُ له كَلَّفَهَا رَبَّ الْمَاشِيَةِ ولم يَنْخَفِضْ ولم يَرْتَفِعْ وَيَرُدُّ إلَّا أَنْ يَنْخَفِضَ في الْأَكْثَرِ منها أو يَرْتَفِعَ فَيَرُدُّ فَأَمَّا في غَيْرِ الصِّنْفِ الذي هو أَكْثَرُ فَلَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ قال يَأْخُذُ في كُلٍّ بِقَدْرِهِ أَخَذَهَا بِقِيَمٍ فَكَأَنَّهُ كانت له ابْنَةُ مَخَاضٍ وَالْإِبِلُ عَشْرٌ مُهْرِيَّةٌ تسوي مِائَةً وعشر ( ( ( وعشرا ) ) ) أَرْحَبِيَّةً تَسْوَى خَمْسِينَ وَخَمْسٌ نَجْدِيَّةٌ تَسْوَى خَمْسِينَ فَيَأْخُذُ بِنْتَ مَخَاضٍ أو بن لَبُونٍ ذَكَرًا بِقِيمَةِ خمسى مُهْرِيَّةٍ وخمسى أَرْحَبِيَّةٍ وخمس ( ( ( وخمسي ) ) ) وَاحِدَةٍ نَجْدِيَّةٍ إلَّا أَنْ تَطِيبَ نَفْسُ رَبِّ الْمَالِ فَيُعْطِيَهُ من الْخَيِّرِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهَذَا نَقُولُ أَنْ تُؤْخَذَ الْجَذَعَةُ وَالثَّنِيَّةُ وهو في مَعْنَى أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يَأْخُذْ الصَّدَقَةَ من الجعرور وَلَا معى الْفَأْرَةِ وَإِنْ كان مَعْقُولًا أَنَّهُ أَخَذَ من وَسَطِ التَّمْرِ فيقول تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ من وَسَطِ الْغَنَمِ فَتُجْزِي الشَّاةُ التي تَجُوزُ أُضْحِيَّةً

(2/10)


منها بِلَا قِيمَةٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كانت لِرَجُلٍ غَنَمٌ غَائِبَةٌ عن السَّاعِي فَزَعَمَ أنها دُونَ الْغَنَمِ التي تُحْصَرُ بِهِ وَسَأَلَ السَّاعِيَ أَنْ يَأْخُذَ من الْأَكْثَرِ أو من التي هِيَ دُونَ الْأَكْثَرِ أو من كُلٍّ بِقَدْرِهِ فَعَلَى السَّاعِي تَصْدِيقُهُ إذَا صَدَّقَهُ على عَدَدِهَا صَدَّقَهُ على انْخِفَاضِهَا وَارْتِفَاعِهَا وَهَكَذَا إذَا كانت الْبَقَرُ عِرَابًا وَدِرْبَانِيَةً وَجَوَامِيسَ وَالْغَنَمُ مُخْتَلِفَةً هَكَذَا أُخِذَتْ صَدَقَتُهَا كما وُصِفَتْ بِقَدْرِهَا وَقِيمَةُ الْمَأْخُوذِ منها من قَدْرِ عَدَدِ كل صِنْفٍ منها وَيُضَمُّ الْبُخْتُ إلَى الْعِرَابِ وَالْجَوَامِيسُ إلَى الْبَقَرِ وَالضَّأْنُ إلَى الْمَعْزِ - * بَابُ الزِّيَادَةِ في الْمَاشِيَةِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا كانت لِرَجُلٍ أَرْبَعُونَ شَاةً كُلُّهَا فَوْقَ الثَّنِيَّةِ جَبَرَ الْمُصَدِّقُ رَبَّ الْمَاشِيَةَ على أَنْ يَأْتِيَهُ بِثَنِيَّةٍ إنْ كانت مَعْزًى أو جَذَعَةً إنْ كانت ضَأْنًا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ فيعطى شَاةً منها فَيَقْبَلُهَا لِأَنَّهَا أَفْضَلُ لِأَنَّهُ إذَا كُلِّفَ ما يَجِبُ عليه من غَيْرِ غَنَمِهِ فَقَدْ تَرَكَ فَضْلًا في غَنَمِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا إنْ كانت الْغَنَمُ التي وَجَبَتْ فيها الزَّكَاةُ مَخَاضًا كُلُّهَا أو لِبْنًا أو مَتَابِيعَ لِأَنَّ كُلَّ هذا ليس له لِفَضْلِهِ على ما يَجِبُ له وَكَذَلِكَ إنْ كانت تُيُوسًا لِفَضْلِ التُّيُوسِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ إنْ كانت كُلُّ الْغَنَمِ التي وَجَبَتْ له فيها الزَّكَاةُ أَكُولَةً كُلِّفَ السِّنَّ التي وَجَبَتْ عليه إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ فيعطى مِمَّا في يَدَيْهِ وَمَتَى تَطَوَّعَ فَأَعْطَى مِمَّا في يَدَيْهِ فَوْقَ السِّنِّ التي وَجَبَتْ عليه غَيْرُ ذَاتِ نَقْصٍ قُبِلَتْ منه فَإِنْ أَعْطَاهُ منها ذَاتَ نَقْصٍ وَفِيهَا صَحِيحٌ لم يَقْبَلْ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ أَعْطَى ذَاتَ نَقْصٍ أَكْثَرَ قِيمَةً من سِنٍّ وَجَبَتْ عليه لم يَقْبَلْ ذَاتَ نَقْصٍ إذَا لم تُجْزِ ضَحِيَّةً وَقُبِلَتْ إذَا جَازَ ضَحِيَّةً إلَّا أَنْ يَكُونَ تَيْسًا فَلَا يُقْبَلُ بِحَالٍ لِأَنَّهُ ليس في فَرْضِ الْغَنَمِ ذُكُورٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا هذا في الْبَقَرِ لَا يَخْتَلِفُ إلَّا في خَصْلَةٍ فإنه إذَا وَجَبَ عليه مُسِنَّةٌ وَالْبَقَرُ ثِيرَانٌ فَأَعْطَى ثَوْرًا أَجْزَأَ عنه إذَا كان خَيْرًا من تَبِيعٍ إذَا كان مَكَانَ تَبِيعٍ فإذا كان فَرْضُهَا من الْإِنَاثِ فَلَا يَقْبَلَ مَكَانَهَا ذَكَرًا قال الرَّبِيعُ أَظُنُّ مَكَانَ مُسِنَّةٍ تَبِيعٌ وَهَذَا خَطَأٌ من الْكَاتِبِ لِأَنَّ آخِرَ الْكَلَامِ يَدُلُّ على أَنَّهُ تَبِيعٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَمَّا الْإِبِلُ فَتُخَالِفُ الْغَنَمَ وَالْبَقَرَ في هذا الْمَعْنَى بِأَنَّ الْمُصَدِّقَ يَأْخُذُ السِّنَّ الْأَعْلَى وَيَرُدُّ أو السُّفْلَى وَيَأْخُذُ وَلَا رَدَّ في غَنَمٍ وَلَا بَقَرٍ وإذا أَعْطَى ذَكَرًا بِقِيمَةِ أُنْثَى لم يُؤْخَذْ منه وَيُؤْخَذُ منه أُنْثَى إذَا وَجَبَتْ أُنْثَى وَذَكَرٌ إذَا وَجَبَ ذَكَرٌ إذَا كان ذلك في مَاشِيَتِهِ التي هِيَ أَعْلَى مِمَّا يَجُوزُ في الصَّدَقَةِ وَلَا يُؤْخَذُ ذَكَرٌ مَكَانَ أُنْثَى إلَّا أَنْ تَكُونَ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا ذُكُورًا فَيُعْطَى منها وَمَتَى تَطَوَّعَ فَأَعْطَى مِمَّا في يَدِهِ فَوْقَ السِّنِّ التي وَجَبَتْ غير ذَاتِ نَقْصٍ قُبِلَتْ منه - * النَّقْصُ في الْمَاشِيَةِ - * + قال الشَّافِعِيُّ إذَا كانت أَرْبَعُونَ شَاةً فَحَال عليها الْحَوْلُ فما نَتَجَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ لم يَعُدْ على رَبِّهِ كان قبل أَنْ يأتى الْمُصَدِّقُ أو بَعْدَهُ ( قال ) وَيَعُدْ على رَبِّ الْمَالِ ما نَتَجَتْ قبل الْحَوْلِ وَلَوْ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ عَدَدْته على رَبِّ الْمَاشِيَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُصَدِّقُ الْمَاشِيَةَ حتى تَكُونَ في أَوَّلِ الْحَوْلِ وَآخِرِهِ أَرْبَعِينَ شَاةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَنْظُرُ إلَى قُدُومِ الْمُصَدِّقِ وَإِنَّمَا أَنْظُرُ إلَى الْحَوْلِ من يَوْمِ يَمْلِكُ رَبُّ الْمَاشِيَةِ الْمَاشِيَةَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَاشِيَةِ فإذا خَرَجَ الْمُصَدِّقُ في الْمُحَرَّمِ وَحَوْلُ الْمَاشِيَةِ صَفَرٌ أو رَبِيعُ الْأَوَّلُ أو رَجَبٌ أو قَبْلَهُ أو بَعْدَهُ لم يَأْخُذْ من رَبِّ الْمَاشِيَةِ شيئا ( ( ( شيء ) ) ) حتى يَكُونَ حَوْلُهَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كان في بَعْضِ الْإِبِلِ أو الْبَقَرِ أو الْغَنَمِ الْمُخْتَلِفَةِ عَيْبٌ أَخَذَ الْمُصَدِّقُ من الصِّنْفِ الذي لَا عَيْبَ فيه لِأَنَّهُ ليس له عَيْبٌ

(2/11)


إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ بِالْأَدَاءِ عنها (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُوَكِّلُ بِهِ الْمُصْدِقُ من يَقْبِضُ منه الصَّدَقَةَ في حَوْلِهَا فَإِنْ لم يَفْعَلْ فَعَلَى رَبِّ الْمَاشِيَةِ أَنْ يُؤَدِّيَ صَدَقَتَهُ لِحَوْلِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كان لِرَجُلٍ أَرْبَعُونَ من الْغَنَمِ فَحَالَ عليها حَوْلٌ فَوَلَدَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ ولم يُمْكِنْهُ أَنْ يُؤَدِّيَ صَدَقَتَهَا فَلَا صَدَقَةَ عليه في أَوْلَادِهَا وَإِنْ كَثُرُوا حتى يَحُولَ على أَوْلَادِهَا الْحَوْلُ وَأَوْلَادُهَا كَالْفَائِدَةِ فيها إذَا حَالَ عليها الْحَوْلُ قبل تَلِدَهَا وَإِنَّمَا تُعَدُّ عليه أَوْلَادُهَا إذَا كان الْوِلَادُ قبل الْحَوْلِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كانت الْوِلَادَةُ قبل الْحَوْلِ ثُمَّ مُوِّتَتْ الْأُمَّهَاتُ فَإِنْ كان الْأَوْلَادُ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا الصَّدَقَةُ وَإِنْ لم تَكُنْ أَرْبَعِينَ فَلَا صَدَقَةَ فيها لِأَنَّ الْحَوْلَ حَالَ وَهِيَ مِمَّا لَا تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ لو كانت الْأُمَّهَاتُ أَنْفُسُهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت لِرَجُلٍ غَنَمٌ لَا يَجِبُ في مِثْلِهَا الصَّدَقَةُ فَتَنَاتَجَتْ قبل الْحَوْلِ فَحَال الْحَوْلُ وَهِيَ أَرْبَعُونَ لم يَكُنْ فيها صَدَقَةٌ وَلَا صَدَقَةَ فيها حتى يَحُولَ عليها الْحَوْلُ من يَوْمِ تَمَّتْ أَرْبَعِينَ وَيَحُولُ عليه الْحَوْلُ وَهِيَ أَرْبَعُونَ أو أَكْثَرُ ( قال ) وَهَكَذَا لو أَفَادَ غَنَمًا فَضَمَّهَا إلَى غَنَمٍ لَا تَجِبُ فيها الصَّدَقَةُ لم يَجِبْ عليه فيها الصَّدَقَةُ حتى يَحُولَ عليها الْحَوْلُ من يَوْمِ أَفَادَ الْأَرْبَعِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَعُدْ بِالسَّخْلِ على رَبِّ الْمَاشِيَةِ إلَّا بِأَنْ يَكُونَ السَّخْلُ قبل الْحَوْلِ وَيَكُونَ أَصْلُ الْغَنَمِ أَرْبَعِينَ فَصَاعِدًا فَأَمَّا إذَا كانت أَقَلَّ من أَرْبَعِينَ ولم تَكُنْ الْغَنَمُ مِمَّا فيه الصَّدَقَةُ وَلَا يَعُدْ بِالسَّخْلِ حتى يَتِمَّ بِالسَّخْلِ أَرْبَعِينَ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ بها حَوْلًا من يَوْمِ تَمَّتْ أَرْبَعِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كانت لِرَجُلٍ أَرْبَعُونَ شَاةً فَحَالَ عليها الْحَوْلُ فَأَمْكَنَهُ أَنْ يُصَدِّقَهَا ولم يَفْعَلْ حتى هَلَكَتْ كُلُّهَا أو بَعْضُهَا فَعَلَيْهِ شَاةٌ وَلَوْ لم يُمْكِنْهُ أَنْ يُصَدِّقَهَا حتى مَاتَتْ منها شَاةٌ فَلَا زَكَاةَ في الْبَاقِي لِأَنَّهُ أَقَلُّ من أَرْبَعِينَ شَاةً فإذا كانت الْغَنَمُ أَرْبَعِينَ شَاةً فَنَتَجَتْ أَرْبَعِينَ قبل الْحَوْلِ ثُمَّ مَاتَتْ أُمَّهَاتُهَا وَجَاءَ الْمُصَدِّقُ وَهِيَ أَرْبَعُونَ جَدْيًا أو بَهْمَةً وَبَيْنَ جَدْيٍ وَبَهْمَةٍ أو كان هذا في إبِلٍ هَكَذَا فَجَاءَ الْمُصَدِّقُ وَهِيَ فِصَالٌ أو في بَقَرٍ فَجَاءَ الْمُصَدِّقُ وَهِيَ عُجُولٌ أَخَذَ من كل صِنْفٍ من هذا وَاحِدًا منه فَإِنْ كان في غِذَاءِ الْغَنَمِ إنَاثٌ وَذُكُورٌ أَخَذَ أُنْثَى وَإِنْ لم يَكُنْ إلَّا وَاحِدَةً وَإِنْ كان في غِذَاءِ الْبَقَرِ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ أَخَذَ ذَكَرًا وَإِنْ لم يَكُنْ إلَّا وَاحِدًا إذَا كانت ثَلَاثِينَ وَإِنْ كانت أَرْبَعِينَ أَخَذَ أُنْثَى وَإِنْ لم يَكُنْ إلَّا وَاحِدَةً وَإِنْ كان في غِذَاءِ الْإِبِلِ إنَاثٌ وَذُكُورٌ أَخَذَ أُنْثَى وَلَوْ لم يَكُنْ إلَّا وَاحِدَةً فَإِنْ كانت كُلُّهَا إنَاثًا أَخَذَ من الْإِبِلِ أُنْثَى وقال لِرَبِّ الْمَالِ إنْ شِئْت فَائِت بِذَكَرٍ مِثْلِ أَحَدِهَا وَإِنْ شِئْت أَدَّيْت أُنْثَى وَأَنْتَ مُتَطَوِّعٌ بِالْفَضْلِ إنْ كان فيها تَبِيعٌ ( قال ) فَإِنْ قال قَائِلٌ فَكَيْف لم تُبْطِلْ عنه الصَّدَقَةُ إذَا لم تَكُنْ في مَاشِيَتِهِ السِّنُّ التي وَجَبَتْ فيها الصَّدَقَةُ أو كَيْف لم تُكَلِّفْهُ السِّنَّ التي تَجِبُ في الصَّدَقَةِ إذَا عَدَدْت عليه بِالصِّغَارِ عَدْلٌ بِالْكِبَارِ قِيلَ له إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ عِنْدِي وَاحِدٌ من الْقَوْلَيْنِ لَا يَجُوزُ أَنْ أُبْطِلَ عنه الصَّدَقَةَ وَحُكْمُ الصِّغَارِ حُكْمُ الْأُمَّهَاتِ في الْعَدَدِ إذَا كُنَّ مع الْأُمَّهَاتِ يَجِبُ فِيهِنَّ الصَّدَقَةُ وَأَمَّا أخذى منه سِنًّا هِيَ أَكْبَرُ مِمَّا في غَنَمِهِ فَأَبْعَدُ أَنْ يَجُوزَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ من قَبْلُ أَنِّي إذَا قِيلَ لي دَعْ الربى وَالْمَاخِضَ وَذَاتَ الدَّرِّ وَفَحْلَ الْغَنَمِ وَاخْفِضْ عن هذا وَخُذْ الْجَذَعَةَ وَالثَّنِيَّةَ فَقَدْ عَقَلْنَا أَنَّهُ قِيلَ لي دَعْ خَيْرًا مِمَّا تَأْخُذُ منه إذَا كان فِيمَا عِنْدَهُ خَيْرٌ منه وَدُونَهُ وَخُذْ من مَاشِيَةٍ أَدْنَى مِمَّا تَدَعُ وَخُذْ الْعَدْلَ بين الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وهو الْجَذَعَةُ وَالثَّنِيَّةُ فإذا كانت عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ بَهْمَةً تَسْوَى عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَكَلَّفْته شَاةً تَسْوَى عِشْرِينَ دِرْهَمًا فلم آخُذْ عَدْلًا من مَالِهِ بَلْ أَخَذْت قِيمَةَ مَالِهِ كُلِّهِ وَإِنَّمَا قِيلَ لي خُذْ ما يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ رُبْعَ عُشْرِ مَالِهِ إذَا كان أَرْبَعِينَ فَإِنْ قال فَقَدْ أَمَرْتُ إذَا كانت الثَّنِيَّةُ مَوْجُودَةً أَنْ تَأْخُذَهَا وَنَهَيْت عَمَّا هو أَصْغَرُ منها قِيلَ نعم
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا بَيِّنٌ أَنَّ الْمُصَدِّقَ ليس مِمَّا تَجِبُ بِهِ الصَّدَقَةُ بِسَبِيلٍ وَأَنَّ الصَّدَقَةَ إنَّمَا تَجِبُ لِحَوْلِهَا

(2/12)


وَأَمَرْت أَنْ لَا آخُذَ الجعرور وَلَا مُصْرَانَ الْفَأْرَةِ فإذا كان تَمْرُ الرَّجُلِ كُلُّهُ جعرورا وَمُصْرَانَ فَأْرَةٍ أَخَذْت منها ولم أُكَلِّفْهُ ما كُنْت آخُذُ منه وَلَوْ كان في تَمْرِهِ ما هو خَيْرٌ منه وَإِنَّمَا أَخَذْت الثَّنِيَّةَ إذَا وَجَدْتهَا في الْبُهْمِ أَنَّ الصَّدَقَةَ قد وَجَبَتْ فيها بِالْحَوْلِ على أُمَّهَاتِهَا غير أَنَّ أُمَّهَاتِهَا يَمُوتُنَّ فَلَا صَدَقَةَ في مَيِّتٍ فَهُوَ يُخَالِفُ هَا هُنَا الجعرور وَلَوْ كان لِرَجُلٍ جعرور وَنَخْلٌ بردى أَخَذْت الجعرور من الجعرور وَعُشْرَ الْبَرْدِيِّ من الْبَرْدِيِّ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَاَلَّذِي لَا أَشُكُّ فيه أَنَّ الْخَلِيطَيْنِ الشَّرِيكَانِ لم يُقَسِّمَا الْمَاشِيَةَ وَتَرَاجُعُهُمَا بِالسَّوِيَّةِ أَنْ يَكُونَا خَلِيطَيْنِ في الْإِبِلِ فيها الْغَنَمُ تُوجَدُ الْإِبِلُ في يَدِ أَحَدِهِمَا فَتُؤْخَذُ في صَدَقَتِهَا فَيَرْجِعُ على شَرِيكِهِ بِالسَّوِيَّةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد يَكُونُ الْخَلِيطَانِ لِرَجُلَيْنِ يَتَخَالَطَانِ بِمَاشِيَتِهِمَا وَإِنْ عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاشِيَتَهُ وَلَا يَكُونَانِ خَلِيطَيْنِ حتى يَرُوحَا وَيُسَرِّحَا وَيَسْقِيَا مَعًا وَتَكُونُ فُحُولُهُمَا مُخْتَلِطَةً فإذا كَانَا هَكَذَا صَدَّقَا صَدَقَةَ الْوَاحِدِ بِكُلِّ حَالٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ تَفَرَّقَا في مَرَاحٍ أو سقى أو فُحُولٍ فَلَيْسَا خَلِيطَيْنِ وَيَصَّدَّقَانِ صَدَقَةَ الِاثْنَيْنِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَكُونَانِ خَلِيطَيْنِ حتى يَحُولَ عَلَيْهِمَا حَوْلٌ من يَوْمِ اخْتَلَطَا فإذا حَالَ عَلَيْهِمَا حَوْلٌ من يَوْمِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ كَيْفَ تَأْخُذُ من خَمْسٍ وَعِشْرِينَ من الْإِبِلِ أَحَدَ سِنَّيْنِ قُلْت الْعَدَدُ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ وَإِنَّمَا الْفَضْلُ بين الْأَخْذِ مِنْهُمَا في سِنٍّ أَعْلَى من سِنٍّ فإذا لم يُوجَدْ أَحَدُ السِّنَّيْنِ وَوُجِدَ السِّنُّ الْآخَرُ آخذ من السِّنِّ الذي وُجِدَ وَهَكَذَا روى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ عن عُمَرَ من هذا وَلَا يُؤْخَذُ ما لَا يُوجَدُ في الْمَالِ وَلَا فَضْلَ في الْمَالِ عنه وَإِنَّمَا صَدَقَتُهُ فيه لَا يُكَلِّفُ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ في مَالِهِ فَضْلٌ فَيَحْبِسُهُ عن الْمُصَدِّقِ فَيُقَالُ ائْتِ بِالسِّنِّ التي عَلَيْك إلَّا أَنْ تعطى مُتَطَوِّعًا مِمَّا في يَدِك كما قِيلَ لنا خُذُوا من أَوْسَطِ التَّمْرِ وَلَا تَأْخُذُوا جعرورا فإذا لم نَجِدْ إلَّا جعرورا أَخَذْنَا منه ولم نُنْقِصْ من الْكَيْلِ وَلَكِنَّا نَقَّصْنَا من جَوْدَةِ ما نَأْخُذُ إذَا لم نَجِدْ الْجَيِّدَ فَكَذَلِكَ نَقَّصْنَا من السِّنِّ إذَا لم نَجِدْهَا ولم نُنْقِصْ من الْعَدَدِ - * بَابُ الْفَضْلِ في الْمَاشِيَةِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وإذا كان لِرَجُلٍ أَرْبَعُونَ من الْغَنَمِ كُلُّهَا فَوْقَ السِّنِّ التي تُؤْخَذُ أو مَخَاضًا كُلُّهَا أو مُتَّبِعَةً أو كانت كُلُّهَا أَكُولَةً أو تُيُوسًا قِيلَ لِصَاحِبِهَا عَلَيْك فيها ثَنِيَّةٌ أو جَذَعَةٌ فَإِنْ جِئْت بها قُبِلَتْ مِنْك وَإِنْ أَعْطَيْت منها وَاحِدَةً قُبِلَ مِنْك وَأَنْتَ مُتَطَوِّعٌ بِالْفَضْلِ فيها وَهَكَذَا هذا في الْبَقَرِ وإذا تَرَكْنَا لَك الْفَضْلَ في مَالِك فَلَا بُدَّ أَنْ تُعْطِيَنَا الذي عَلَيْك وَهَكَذَا هذا في الْبَقَرِ فَأَمَّا الْإِبِلُ فإذا أَخَذْنَا سِنًّا أَعْلَى رَدَدْنَا عَلَيْك وَإِنْ أَعْطَيْتنَا السِّنَّ التي لنا لم نَأْخُذْ غَيْرَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وإذا أَعْطَيْتنَا تَيْسًا من الْغَنَمِ أو ذَكَرًا من الْبَقَرِ في عَدَدٍ فَرِيضَتُهُ أُنْثَى وَفِيهَا أُنْثَى لم نَقْبَلْ لِأَنَّ الذُّكُورَ غَيْرُ الْإِنَاثِ - * بَابُ صَدَقَةِ الْخُلَطَاءِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال جاء الْحَدِيثُ لَا يُجْمَعُ بين مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بين مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وما كان من خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ

(2/13)


اخْتَلَطَا زَكَّيَا زَكَاةَ الْوَاحِدِ وَإِنْ لم يَحِلَّ عَلَيْهِمَا حَوْلٌ زَكَّيَا زَكَاةَ الِاثْنَيْنِ وَإِنْ اخْتَلَطَا حَوْلًا ثُمَّ افْتَرَقَا قبل أَنْ يَأْتِيَ الْمُصَدِّقُ وَالْحَوْلُ زَكَّيَا زَكَاةَ الْمُفْتَرِقَيْنِ ( قال ) وَهَكَذَا إذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا قالوا هذا فَنَقَصُوا الْمَسَاكِينَ شَاتَيْنِ من مَالِ الْخُلَطَاءِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ لو فُرِّقَ مَالُهُمْ كان فيه ثَلَاثُ شِيَاهٍ لم يَجُزْ إلَّا أَنْ يَقُولُوا لو كانت أَرْبَعُونَ شَاةً بين ثَلَاثَةٍ وَأَكْثَرَ كان عليهم فيها صَدَقَةٌ لِأَنَّهُمْ صَدَقُوا الْخُلَطَاءَ صَدَقَةَ الْوَاحِدِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا أَقُولُ فَيَصْدُقُ الْخُلَطَاءُ صَدَقَةَ الْوَاحِدِ في الْمَاشِيَةِ كُلِّهَا الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَكَذَلِكَ الْخُلَطَاءُ في الزَّرْعِ وَالْحَائِطِ أَرَأَيْت لو أَنَّ حَائِطًا صَدَقَتُهُ مجزئة ( ( ( مجزأة ) ) ) على مِائَةِ إنْسَانٍ ليس فيه إلَّا عَشَرَةُ أَوْسُقٍ أَمَا كانت فيها الصَّدَقَةُ وَإِنْ كانت حِصَّةُ كل وَاحِدٍ منهم من تَمْرِهِ لَا تَبْلُغُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) في هذا صَدَقَةٌ وفي كل شِرْكٍ صَدَقَةٌ إذَا بَلَغَتْ جُمْلَتُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ بِكُلِّ حَالٍّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما قُلْت في الْخُلَطَاءِ مَعْنَى الحديث نَفْسِهِ ثُمَّ قَوْلَ عَطَاءِ بن أبي رَبَاحٍ وَغَيْرِهِ من أَهْلِ الْعِلْمِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مُسْلِمُ بن خَالِدٍ عن بن جُرَيْجٍ قال سَأَلْت عَطَاءً عن النَّفَرِ يَكُونُ لهم أَرْبَعُونَ شَاةً قال عليهم شَاةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ فَقَدْ قِيلَ في الحديث لَا يُفَرَّقُ بين مُجْتَمِعٍ وَلَا يُجْمَعُ بين مُفْتَرِقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ قِيلَ فَهَذَا يَدُلُّ على ما قُلْنَا لَا يُفَرَّقُ بين ثَلَاثَةٍ في عِشْرِينَ وَمِائَةٍ خَشْيَةَ إذَا جُمِعَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَكُونَ فيها شَاةٌ لِأَنَّهَا إذَا فُرِّقَتْ فَفِيهَا ثَلَاثُ شياة وَلَا يُجْمَعُ بين مُتَفَرِّقٍ وَرَجُلٌ له مِائَةُ شَاةٍ وَآخَرُ له مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ فإذا تُرِكَا على افْتِرَاقِهِمَا كانت فيها شَاتَانِ وإذا اجْتَمَعَتْ كانت فيها ثَلَاثٌ وَرَجُلَانِ لَهُمَا أَرْبَعُونَ شَاةً وإذا افْتَرَقَتْ فَلَا شَيْءَ فيها وإذا اجْتَمَعَتْ فَفِيهَا شَاةٌ فَالْخَشْيَةُ خَشْيَةُ الْوَالِي أَنْ تَقِلَّ الصَّدَقَةُ وَخَشْيَةٌ أُخْرَى وَهِيَ خَشْيَةُ رَبِّ الْمَالِ أَنْ تَكْثُرَ الصَّدَقَةُ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْلَى بِاسْمِ الْخَشْيَةِ من الْآخَرِ فَأَمَرَ أَنْ نُقِرَّ كُلًّا على حَالِهِ وَإِنْ كان مُجْتَمِعًا صَدَقَ مُجْتَمِعًا وَإِنْ كان مُتَفَرِّقًا صَدَقَ مُتَفَرِّقًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَمَّا قوله ( ( ( قول ) ) ) وما كان من خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ لِجَمَاعَةٍ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلَيْنِ مِائَةُ شَاةٍ وَتَكُونَ غَنَمُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْرُوفَةً فَتُؤْخَذُ الشَّاةُ من غَنَمِ أَحَدِهِمَا فَيَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ منه الشَّاةَ على خَلِيطِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ عن غَنَمِهِ وَغَنَمِهِ إذَا كان عَدَدُ غَنَمِهِمَا وَاحِدًا فَإِنْ كانت الشَّاةُ مَأْخُوذَةً من غَنَمِ رَجُلٍ له ثُلُثُ الْغَنَمِ وَلِشَرِيكِهِ ثُلُثَاهَا رَجَعَ الْمَأْخُوذُ منه الشَّاةَ على شَرِيكِهِ بِثُلُثَيْ قِيمَةِ الشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ عن غَنَمِهِ وَغَنَمِ شَرِيكِهِ لِأَنَّ ثُلْثَيْهَا أُخِذَ عن غَنَمِ شَرِيكِهِ فَغَرِمَ حِصَّةَ ما أَخَذَ عن غَنَمِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت في غَنَمِهِمَا مَعًا ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَأُخِذَتْ الثَّلَاثُ من غَنَمِ وَاحِدٍ له ثُلُثُ الْغَنَمِ رَجَعَ على خَلِيطِهِ بِثُلُثَيْ قِيمَةِ الثَّلَاثِ الشياة الْمَأْخُوذَةِ عن غَنَمِهَا وَلَا يَرْجِعُ عليه بِقِيمَةِ شَاتَيْنِ منها وَذَلِكَ أَنَّ الشِّيَاهَ الثَّلَاثَ أُخِذَتْ مَعًا فَثُلُثَاهَا عن خَلِيطِهِ وَثُلُثُهَا عنه مُخْتَلِطَةً لَا مَقْسُومَةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَصْدُقُ صِدْقَ الْخُلَطَاءِ أَحَدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَلِيطَانِ مُسْلِمَيْنِ مَعًا فَأَمَّا أن خَالَطَ نَصْرَانِيٌّ مُسْلِمًا صَدَقَ الْمُسْلِمُ صَدَقَةَ الْمُنْفَرِدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصَّدَّقُ الرَّجُلَانِ كما يَصَّدَّقُ الْوَاحِدُ إذَا كَانَا مَعًا مِمَّنْ عليه الصَّدَقَةُ فَأَمَّا إذَا كان أَحَدُهُمَا مِمَّنْ لَا صَدَقَةَ عليه فَلَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا إنْ خَالَطَ مُكَاتَبٌ حُرًّا لِأَنَّهُ لَا صَدَقَةَ في مَالِ مُكَاتَبٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كَانَا خَلِيطَيْنِ عَلَيْهِمَا صَدَقَةٌ فَالْقَوْلُ فِيهِمَا كما وَصَفْت + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت غَنَمُهُمَا سَوَاءً وَكَانَتْ فِيهِمَا عَلَيْهِمَا شَاتَانِ فَأُخِذَتْ من غَنَمِ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ وَكَانَتْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَعْلَمُ مُخَالِفًا في أَنَّ ثَلَاثَةَ خُلَطَاءَ لو كانت لهم مِائَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً أُخِذَتْ منهم شَاةٌ وَاحِدَةٌ فَصَدَّقُوا صَدَقَةَ الْوَاحِدِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى عَدَدِهِمْ وَلَا حِصَّةِ كل وَاحِدٍ منهم

(2/14)


قِيمَةُ الشَّاتَيْنِ الْمَأْخُوذَتَيْنِ مُتَقَارِبَةً لم يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا على صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لم يُؤْخَذْ منه الا ما عليه في غَنَمِهِ لو كانت على الِانْفِرَادِ وَلَوْ كانت لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُ الْغَنَمِ وَالْآخَرِ ثُلُثَاهَا فَأُخِذَتْ من غَنَمِ أَحَدِهِمَا شَاةٌ وَمِنْ غَنَمِ الْآخَرِ شَاةٌ رَجَعَ الذي له ثُلُثٌ على شَرِيكِهِ بِقِيمَةِ ثُلُثِ الشَّاةِ التي أُخِذَتْ من غَنَمِهِ لِأَنَّ ثُلُثَهَا مَأْخُوذٌ عن غَنَمِ صَاحِبِهِ وَثُلُثَهَا مَأْخُوذٌ عن غَنَمِ نَفْسِهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ ظَلَمَهُمَا السَّاعِي فَأَخَذَ من غَنَمِ أَحَدِهِمَا عن غَنَمِهِ وَغَنَمِ الْآخَرِ شَاةً ربي أو مَاخِضًا أو ذَاتَ دَرٍّ أو تَيْسًا أو شَاتَيْنِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِمَا شَاةٌ فَأَرَادَ الْمَأْخُوذُ منه الشَّاةُ الرُّجُوعَ على خَلِيطِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ ما أُخِذَ من غَنَمِهِ عن غَنَمِهِمَا لم يَكُنْ له أَنْ يَرْجِعَ عليه إلَّا بِقِيمَةِ نِصْفِ ما وَجَبَ عَلَيْهِمَا إنْ كانت ثَنِيَّةً أو جَذَعَةً لَا يَزِيدُ على ذلك وَكَذَلِكَ لو لم يَكُنْ عَلَيْهِمَا شَاةٌ فَأَخَذَ من غَنَمِ أَحَدِهِمَا شَاةً لم يَرْجِعْ على خَلِيطِهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِظُلْمٍ إنَّمَا يَرْجِعُ عليه بِالْحَقِّ الذي وَجَبَ عليه وَكَذَلِكَ لو وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا شَاةٌ فَأَخَذَ بِقِيمَتِهَا دَرَاهِمَ أو دَنَانِيرَ لم يَرْجِعْ عليه إلَّا بِقِيمَةِ نِصْفِ الشَّاةِ التي وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ لو وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا شَاةٌ فَتَطَوَّعَ فَأَعْطَاهُ أَكْبَرَ من السِّنِّ التي وَجَبَتْ عليه لم يَرْجِعْ إلَّا بِنِصْفِ قِيمَةِ السِّنِّ التي وَجَبَتْ عليه وإذا تَطَوَّعَ بِفَضْلٍ أو ظَلَمَهُ لم يَرْجِعْ بِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا إذَا كانت غَنَمُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا فَأَمَّا إذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ في جَمِيعِ الْغَنَمِ سَوَاءً لَا فَرْقَ بين غَنَمِهِمَا فَأُخِذَ مِنْهُمَا ظُلْمٌ كَثِيرٌ أو قَلِيلٌ لَا يَتَرَاجَعَانِ في شَيْءٍ من المظلمة ( ( ( الظلمة ) ) ) لِأَنَّ المظلمة ( ( ( الظلمة ) ) ) دَخَلَتْ عَلَيْهِمَا مَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان الرَّجُلَانِ خَلِيطَيْنِ فَافْتَرَقَا قبل الْحَوْلِ زَكَّيَا على الِافْتِرَاقِ فَإِنْ افْتَرَقَا بَعْدَ الْحَوْلِ زَكَّيَا على الِاجْتِمَاعِ وإذا وُجِدَا مُتَفَرِّقَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا في الْوَقْتِ الذي افْتَرَقَا فيه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كانت لِرَجُلٍ غَنَمٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ في مِثْلِهَا فَأَقَامَتْ في يَدَيْهِ شَهْرًا ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهَا مُشَاعًا من رَجُلٍ أو مَلَّكَهُ إيَّاهَا مِلْكًا يَصِحُّ أَيُّ مِلْكٍ كان ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ على هذه الْغَنَمِ أُخِذَتْ الزَّكَاةُ من نَصِيبِ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ بِحَوْلِهِ ولم تُؤْخَذْ من نَصِيبِ الْمَالِكِ الثَّانِي إلَّا بِحَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَصَّدَّقَانِ مَعًا إذَا كان حَوْلُهُمَا مَعًا وإذا كانت أَرْبَعِينَ أُخِذَتْ من نَصِيبِ الْأَوَّلِ نِصْفُ شَاةٍ فإذا حَالَ الْحَوْلُ الثَّانِي أُخِذَتْ منه نِصْفُ شَاةٍ وَإِنْ كانت في يَدِ رَجُلٍ غَنَمٌ تَجِبُ فيها الزَّكَاةُ فَخَالَطَهُ رَجُلٌ بِغَنَمٍ تَجِبُ فيها الزَّكَاةُ فَكَانَ ذلك بِتَبَايُعٍ بَيْنَهُمَا اسْتَقْبَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمَا الْحَوْلَ بِمَا مَلَكَ على صَاحِبِهِ من يَوْمِ مِلْكِهِ وزكي ما لم يَخْرُجْ عن مِلْكِهِ بِحَوْلِهِ وَإِنْ لم يَكُونَا تَبَايَعَا وَلَكِنَّهُمَا اخْتَلَطَا زُكِّيَتْ مَاشِيَةُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا على حَوْلِهَا ولم يُزَكِّيَا زَكَاةَ الْخَلِيطَيْنِ في الْعَامِ الذي اخْتَلَطَا فيه فإذا كان قَابَلَ وَهُمَا خَلِيطَانِ كما هُمَا زَكَّيَا زَكَاةَ الْخَلِيطَيْنِ لِأَنَّهُمَا قد حَالَ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ من يَوْمِ اخْتَلَطَا وَإِنْ كانت مَاشِيَتُهُمَا حَوْلُ أَحَدِهِمَا في الْمُحَرَّمِ وَحَوْلُ الْآخَرِ في صَفَرٍ أُخِذَتْ مِنْهُمَا نِصْفُ شَاةٍ في الْمُحَرَّمِ وَنِصْفُ شَاةٍ في صَفَرٍ يَكُونُ الْمُصَدِّقُ شَرِيكًا بِنِصْفِ شَاةٍ وَيُعْطِيهَا أَهْلَ السُّهْمَانِ وَيَكُونَانِ شِرْكًا فِيهِمَا - * بَابُ الرَّجُلِ إذَا مَاتَ وقد وَجَبَتْ في مَالِهِ زَكَاةٌ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وإذا مَاتَ الرَّجُلُ وقد وَجَبَتْ في مَالِهِ زَكَاةٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وقد أَوْصَى بِوَصَايَا أُخِذَتْ الزَّكَاةُ من مَالِهِ قبل الدَّيْنِ وَالْمِيرَاثِ وَالْوَصَايَا وَإِنْ مَاتَ قبل أَنْ تَجِبَ الزَّكَاةَ فيها ثُمَّ حَالَ حَوْلُهَا قبل أَنْ تُقَسَّمَ أُخِذَتْ منها الزَّكَاةُ لِأَنَّهَا لم تُقَسَّمْ وَلَوْ أَوْصَى منها بِغَنَمٍ بِعَيْنِهَا أُخِذَ فِيمَا بقى منها الصَّدَقَةُ ولم يُؤْخَذْ من الْغَنَمِ التي أَوْصَى بها بِعَيْنِهَا أُخِذَتْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أُخِذَتْ من غَنَمِ أَحَدِهِمَا شَاةٌ وَغَنَمُهُمَا سَوَاءٌ في الْعَدَدِ فَتَدَاعَيَا في قِيمَةِ الشَّاةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الذي يُؤْخَذُ منه نِصْفُ قِيمَةِ الشَّاةِ وَعَلَى رَبِّ الشَّاةِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ أَقَامَ رَبُّ الشَّاةِ الْبَيِّنَةَ على أَنَّ قِيمَتَهَا عَشْرَةٌ رَجَعَ بِخَمْسَةٍ وَإِنْ لم يُقِمْ بَيِّنَةً فقال شَرِيكُهُ قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ حَلَفَ وَرَجَعَ عليه بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ

(2/15)


منها في قَوْلِ من لَا ياخذ الصَّدَقَةَ من الْخَلِيطَيْنِ إذَا عَرَّفَا غَنَمَهُمَا وَأُخِذَتْ في قَوْلِ من يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ مِنْهُمَا وَإِنْ عَرَّفَا أَمْوَالَهُمَا - * بَابُ ما يُعَدُّ بِهِ على رَبِّ الْمَاشِيَةِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن بِشْرِ بن عَاصِمٍ عن أبيه أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ أَبَا سُفْيَانَ بن عبد اللَّهِ على الطَّائِفِ وَمَخَالِيفِهَا فَخَرَجَ مُصَدِّقًا فَاعْتَدَّ عليهم بِالْغِذَاءِ ولم يَأْخُذْهُ منهم فَقَالُوا له إنْ كُنْت مُعْتَدًّا عَلَيْنَا بِالْغِذَاءِ فَخُذْهُ مِنَّا فَأَمْسَكَ حتى لقى عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه فقال إنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّا نَظْلِمُهُمْ نَعْتَدُّ عليهم بِالْغِذَاءِ وَلَا نَأْخُذُهُ منهم فقال له عُمَرُ اعْتَدَّ عليهم بِالْغِذَاءِ حتى بِالسَّخْلَةِ يَرُوحُ بها الرَّاعِي على يَدِهِ وَقُلْ لهم لَا أخذ مِنْكُمْ الربى وَلَا الناخض ( ( ( الماخض ) ) ) وَلَا ذَاتَ الدَّرِّ وَلَا الشَّاةَ الْأَكُولَةَ وَلَا فَحْلَ الْغَنَمِ وَخُذْ الْعَنَاقَ وَالْجَذَعَةَ وَالثَّنِيَّةَ فَذَلِكَ عَدْلٌ بين غِذَاءِ الْمَالِ وَخِيَارِهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا حَالَ عليها الْحَوْلُ وَهِيَ أَرْبَعُونَ وَأَكْثَرُ فَجَاءَهَا الْمُصَدِّقُ عَدَّهَا عليه بِنِتَاجِهَا كُلِّهِ إذَا كان نِتَاجُهَا قبل الْحَوْلِ وَأَخَذَ السِّنَّ التي تَجِبُ له من الْغَنَمِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلَّمَا أَفَادَ الرَّجُلُ من الْمَاشِيَةِ صَدَقَ الْفَائِدَةَ بِحَوْلِهَا وَلَا يَضُمُّهَا إلَى مَاشِيَةٍ له وَجَبَتْ فيها الزَّكَاةُ فَيُزَكِّيهَا بِحَوْلِ مَاشِيَتِهِ وَلَكِنْ يزكى كُلَّ وَاحِدَةٍ منها بِحَوْلِهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ فَائِدَةٍ من ذَهَبٍ وَرِبْحٍ في ذَهَبٍ أو وَرِقٍ لَا يُضَمُّ منه شَيْءٌ إلَى غَيْرِهِ وَلَا يَكُونُ حَوْلُ شَيْءٍ منه إلَّا حَوْلَ نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ نِتَاجٍ لِمَاشِيَةٍ لَا يَجِبُ في مِثْلِهَا الصَّدَقَةُ فَأَمَّا نِتَاجُ الْمَاشِيَةِ التي يَجِبُ في مِثْلِهَا الصَّدَقَةُ فَتُصَدَّقَ بِحَوْلِ أُمَّهَاتِهَا إذَا كان النِّتَاجُ قبل الْحَوْلِ فإذا كان بَعْدَ الْحَوْلِ لم تَعُدْ لِأَنَّ الْحَوْلَ قد مَضَى وَوَجَبَتْ فيها الصَّدَقَةُ - * بَابُ السِّنِّ التي تُؤْخَذُ من الْغَنَمِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن إسْمَاعِيلَ بن أُمَيَّةَ عن عَمْرِو بن أبي سُفْيَانَ عن رَجُلٍ سَمَّاهُ بن مِسْعَرٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عن مِسْعَرٍ أَخِي بَنِي عَدِيٍّ قال جَاءَنِي رَجُلَانِ فَقَالَا إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعَثَنَا نُصْدِقُ أَمْوَالَ الناس فَأَخْرَجْت لَهُمَا شَاةً مَاخِضًا أَفْضَلَ ما وَجَدْت فَرَدَّاهَا على وَقَالَا إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نَهَانَا أَنْ نَأْخُذَ الشَّاةَ الْحُبْلَى فَأَعْطَيْتُهُمَا شَاةً من وَسَطِ الْغَنَمِ فَأَخَذَاهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) إذَا وَجَدَ الْمُصَدِّقُ عِنْدَ الرَّجُلِ الْغَنَمَ فَعَدَّهَا عليه فَزَعَمَ أَنَّ بَعْضَهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ أو أَنَّهُ اسْتَرْعَاهَا أو أنها ضَوَالُّ أو أَنَّ بَعْضَهَا فَائِدَةٌ لم يَحُلْ عليها الْحَوْلُ أو أَنَّ كُلَّهَا فَائِدَةٌ لم يَحُلْ عليها حَوْلُ الصَّدَقَةِ لم يَأْخُذْ منها شيئا فَإِنْ خَافَ كَذِبَهُ أَحْلَفَهُ بِاَللَّهِ عز وجل ثُمَّ قَبِلَ منه وَإِنْ شَهِدَ عليه شَاهِدَانِ أَنَّ له مِائَةَ شَاةٍ من أَوَّلِ السَّنَةِ وَآخِرِهَا لم تُقْبَلْ شَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ حتى يَشْهَدَا أنها هذه الْغَنَمُ بِأَعْيَانِهَا فإذا فَعَلَا أَخَذَ منه الصَّدَقَةَ وَإِنْ لم يَثْبُتَا على هذا أو قَالَا منها شَيْءٌ نَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ وَمِنْهَا شَيْءٌ لَا نَعْرِفُهُ فإذا كان ما يَعْرِفَانِهِ مِمَّا تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ أَخَذَ منه الصَّدَقَةَ وَإِنْ كان مِمَّا لَا تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ لم يَأْخُذْ منه الصَّدَقَةَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) جُمْلَةُ جِمَاعِ ما أَحْفَظُ عن عَدَدٍ لَقِيت وَأَقُولُ بِهِ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَكُونُ عليه في مَاشِيَتِهِ صَدَقَةٌ حتى يَمْلِكَ أَرْبَعِينَ شَاةً في أَوَّلِ السَّنَةِ وَآخِرِهَا وَيَحُولُ عليها حَوْلٌ في يَدِهِ فَإِنْ كانت أَقَلَّ من أَرْبَعِينَ شَاةً في أَوَّلِ الْحَوْلِ ثُمَّ نَتَجَتْ فَصَارَتْ أَرْبَعِينَ لم يَجِبْ عليه فيها صَدَقَةٌ حتى يَحُولَ عليه فيها حَوْلٌ من يَوْمِ صَارَتْ أَرْبَعِينَ وَكَذَلِكَ لو كانت أَقَلَّ من أَرْبَعِينَ شَاةً ثُمَّ أَفَادَ إلَيْهَا تَمَامَ أَرْبَعِينَ لم يَكُنْ فيها زَكَاةٌ حتى يَحُولَ عليها حَوْلٌ من يَوْمِ تَمَّتْ في مِلْكِهِ أَرْبَعِينَ وَأَنَّ نِتَاجَهَا إذَا لم يَجِبْ فيها الصَّدَقَةُ كَالْفَائِدَةِ فإذا حَالَ عليها حَوْلٌ وَهِيَ مِمَّا تَجِبُ فيها الصَّدَقَةُ فَنِتَاجُهَا كَأَصْلِ ما وَجَبَتْ فيه الصَّدَقَةُ منها

(2/16)


لِأَنَّهُ قد يَكُونُ له غَنَمٌ بِعَيْنِهَا ثُمَّ يُفِيدُ أُخْرَى وَلَا يَحُولُ على التي أَفَادَ الْحَوْلُ حتى يأتى الْمُصَدِّقُ وَلَا يَجِبُ عليه فيها الصَّدَقَةُ ( قال ) فَإِنْ قَطَعَا الشَّهَادَةَ على مِائَةٍ بِعَيْنِهَا فقال قد بِعْتهَا ثُمَّ اشْتَرَيْتهَا صَدَقَ ولم تُؤْخَذْ صَدَقَتُهَا حتى يَحُولَ عليها حَوْلٌ من يَوْمِ اشْتَرَاهَا الشِّرَاءَ الْآخَرَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا غَلَّ الرَّجُلُ صَدَقَتَهُ ثُمَّ ظَهَرَ عليه أُخِذَتْ منه الصَّدَقَةُ ولم نَزِدْ على ذلك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنْ تُؤْخَذَ الصَّدَقَةُ وَشَطْرًا بَلْ الْغَالُّ لِصَدَقَتِهِ وَلَوْ ثَبَتَ قُلْنَا بِهِ وَإِنْ كان الْوَالِي عَدْلًا يَضَعُ الصَّدَقَةَ مَوَاضِعَهَا فَلَهُ عُقُوبَتُهُ إلَّا أَنْ يدعى الْجَهَالَةَ فَيَكُفُّ عن عُقُوبَتِهِ وَإِنْ كان لَا يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا لم يَكُنْ له أَنْ يُعَزِّرَهُ - * بَابُ الْوَقْتِ الذي تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن بن شِهَابٍ قال أَخْذُ الصَّدَقَةِ كُلَّ عَامٍ سُنَّةٌ من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم + ( قال محمد بن إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فيه عَلِمْته في كل صَدَقَةِ مَاشِيَةٍ وَغَيْرِهَا لَيْسَتْ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ قال لَا تَجِبُ في مَالٍ زَكَاةٌ حتى يَحُولَ عليه الْحَوْلُ
أخبرنا مَالِكٌ عن بن عُقْبَةَ عن الْقَاسِمِ بن مُحَمَّدٍ قال لم يَكُنْ أبو بَكْرٍ يَأْخُذُ في مَالٍ زَكَاةً حتى يَحُولَ عليه الْحَوْلُ
( أخبرنا ) الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عُمَرَ بن حُسَيْنٍ عن عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ عن أَبِيهَا قال كُنْت إذَا جِئْت عُثْمَانَ بن عَفَّانَ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه أَقْبِضُ منه عَطَائِي سَأَلَنِي هل عِنْدَك من مَالٍ وَجَبَتْ فيه الزَّكَاةُ فَإِنْ قُلْت نعم أَخَذَ من عَطَائِي زَكَاةَ ذلك الْمَالِ وَإِنْ قُلْت لَا دَفَعَ إلَى عَطَائِي
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ قال أَوَّلُ من أَخَذَ من الْأَعْطِيَةِ زَكَاةً مُعَاوِيَةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) الْعَطَاءُ فَائِدَةٌ فَلَا زَكَاةَ فيه حتى يَحُولَ عليه الْحَوْلُ ( قال ) وَإِنَّمَا هو مَالٌ يُؤْخَذُ من الْفَيْءِ من الْمُشْرِكِينَ فَيُدْفَعُ إلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّمَا يَمْلِكُونَهُ يوم يُدْفَعُ إلَيْهِمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) كُلُّ مَالٍ لِرَجُلٍ وَجَبَتْ فيه الزَّكَاةُ فَإِنَّمَا تَجِبُ فيه عليه بِأَنْ يَحُولَ عليه في يَدِ مَالِكِهِ حَوْلٌ إلَّا ما أَنْبَتَتْ الْأَرْضُ فإن الزَّكَاةَ تَجِبُ فيه حين يَخْرُجُ من الْأَرْضِ وَيَصْلُحُ وَكَذَلِكَ ما خَرَجَ من الْأَرْضِ من الْمَعَادِنِ وما وُجِدَ في الْأَرْضِ من الرِّكَازِ ( قال ) فَيَجِبُ على الْوَالِي أَنْ يَبْعَثَ الْمُصَدِّقِينَ قبل الْحَوْلِ فَيُوَافُونَ أَهْلَ الصَّدَقَةِ مع حُلُولِ الْحَوْلِ فَيَأْخُذُونَ منهم صَدَقَاتِهِمْ ( قال ) وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ يأخذها ( ( ( أخذها ) ) ) في الْمُحَرَّمِ وَكَذَلِكَ رَأَيْت السُّعَاةَ يَأْخُذُونَهَا عِنْدَمَا كان الْمُحَرَّمُ في صَيْفٍ أو شِتَاءٍ وَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لها شَهْرٌ مَعْلُومٌ ولا ( ( ( ولأنا ) ) ) نالوا أَدَرْنَا بِأَشْهُرِهَا مع الصَّيْفِ جَعَلْنَا وَقْتَهَا بِغَيْرِ الْأَهِلَّةِ التي جَعَلَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَوَاقِيتَ ( قال ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ تَجِبُ إلَّا بِالْحَوْلِ دُونَ الْمُصَدِّقِ وَيَأْخُذُهَا الْمُصَدِّقُ إذَا حَالَ عليها الْحَوْلُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت الْمَاشِيَةُ مِمَّا تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ فَنَتَجَتْ قبل الْحَوْلِ حَسَبَ نِتَاجِهَا مَعَهَا وَكَذَلِكَ إنْ نَتَجَتْ قبل مضى الْحَوْلِ بِطَرْفَةٍ حَسَبَ نِتَاجِهَا مَعَهَا وَعَدَّ عليهم السَّاعِي بِالنِّتَاجِ فإذا حَالَ الْحَوْلُ ولم تَنْقُصْ الْعِدَّةُ قَبَضَ الصَّدَقَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَبِينُ لي أَنْ يَجِبَ عليهم أَنْ يَعُدَّ عليهم الْمُصَدِّقُ بِمَا نَتَجَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ قُدُومِهِ أو معه إذَا كان قُدُومُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَإِنْ تَطَوَّعَ بها رَبُّ الْمَالِ بِأَنْ يعد ( ( ( يمد ) ) ) عليه فَهُوَ أَحَبُّ إلى له وَلَا أَرَى أَنْ يُجْبَرَ على ذلك وَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ على رَبِّ الْمَاشِيَةِ وَمَاشِيَتُهُ مِمَّا تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ فَتَأَخَّرَ عنه السَّاعِي فلم يَأْخُذْهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ صَدَقَتَهَا فَإِنْ لم يَفْعَلْ وهو مُمْكِنٌ له فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا فيها من الصَّدَقَةِ حتى يُؤَدِّيَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ إنْ ذَبَحَ منها شيئا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ

(2/17)


أو وَهَبَهُ أو بَاعَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعَدَّ عليه بِهِ حتى تُؤْخَذَ منه الصَّدَقَةُ على عَدَدِهَا يوم يَحُولُ عليها حَوْلُهَا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا اخْتِلَافَ بين أَحَدٍ عَلِمْته في أَنَّ سُنَّةَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ في الْمَاشِيَةِ وَغَيْرِهَا من الْمَالِ إلَّا ما أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ من الْحَوْلِ وَمَنْ قال تَكُونُ الصَّدَقَةُ بِالْمُصَدِّقِ وَالْحَوْلِ خَالَفَ السُّنَّةَ وَجَعَلَ مع الْحَوْلِ غير الصَّدَقَةِ وَلَزِمَهُ إنْ أستأخر الْمُصَدِّقُ سَنَةً أو سَنَتَيْنِ أَنْ لَا تَجِبَ الصَّدَقَةُ على رَبِّ الْمَالِ حتى يَقْدَمَ فإذا قَدِمَ أَخَذَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً لَا مِرَارًا ( قال ) وإذا كانت لِرَجُلٍ أَرْبَعُونَ شَاةً فلم يَصْدُقْهَا حتى مَرَّ بها أَعْوَامٌ ولم تَزِدْ شيئا فَعَلَيْهِ فيها شَاةٌ وَإِنْ زَادَتْ شَاةً فَعَلَيْهِ فيها شَاتَانِ وَإِنْ زَادَتْ ثَلَاثَ شِيَاهٍ فَعَلَيْهِ فيها أَرْبَعُ شِيَاهٍ إذَا مَرَّتْ بها أَرْبَعُ سِنِينَ لِأَنَّ كُلَّ شَاةٍ فَضْلٌ عَمَّا تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ ثُمَّ تَبْقَى أَرْبَعُونَ فَفِيهَا شَاةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَحَبُّ إلى لو كانت أَرْبَعُونَ لَا تَزِيدُ أَنْ يُؤَدِّيَ في كل سَنَةٍ شَاةً لِأَنَّهُ لم يَنْقُصْ عن أَرْبَعِينَ وقد حَالَتْ عليها أَحْوَالٌ هِيَ في كُلِّهَا أَرْبَعُونَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ شاه فَحَال عليها حَوْلٌ فلم يَصْدُقْهَا ثُمَّ حَالَ عليها حَوْلٌ ثَانٍ وقد وَلَدَتْ وَاحِدًا ثُمَّ مَاتَ الْوَاحِدُ وَحَالَ عليها حَوْلٌ ثَالِثٌ وَهِيَ أَرْبَعُونَ فَفِيهَا شَاتَانِ شَاةٌ في أنها أَرْبَعُونَ وَشَاةٌ لِأَنَّهَا زَادَتْ على أَرْبَعِينَ ثُمَّ مَاتَتْ الشَّاةُ الزَّائِدَةُ بعد ما وَجَبَتْ فيها الصَّدَقَةُ لِلزِّيَادَةِ فَضَمَّهَا ولم يُؤَدِّهَا وقد أَمْكَنَهُ أَدَاؤُهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت لِرَجُلٍ أَرْبَعُونَ شَاةً فَضَلَّتْ في أَوَّلِ السَّنَةِ ثُمَّ وَجَدَهَا في آخِرِهَا قبل الْحَوْلِ أو بَعْدَهُ كانت عليه زَكَاتُهَا وَكَذَلِكَ لو ضَلَّتْ أَحْوَالًا وَهِيَ خَمْسُونَ شَاةً أَدَّى في كل عَامٍ منها شَاةً لِأَنَّهَا كانت في مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ لو غَصَبَهَا ثُمَّ أَخَذَهَا أَدَّى في كل عَامٍ منها شَاةً ( قال ) وَهَذَا هَكَذَا في الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ التي فَرِيضَتُهَا منها وفي الْإِبِلِ التي فَرِيضَتُهَا من الْغَنَمِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أنها هَكَذَا لِأَنَّ الشَّاةَ التي فيها في رِقَابِهَا يُبَاعُ منها بَعِيرٌ فَيُؤْخَذُ منها إنْ لم يَأْتِ بها رَبُّهَا وَهَذَا أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ وَالثَّانِي أَنَّ في كل خَمْسٍ من الْإِبِلِ حَالَ عليها ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ في كل حَوْلٍ شَاةٌ ( قال ) وَإِنْ كانت لِرَجُلٍ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ من الْإِبِلِ فَحَالَ عليها في يَدِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَدَّى بِنْتَ مَخَاضٍ لِلسَّنَةِ الْأُولَى ثُمَّ أَرْبَعَ شِيَاهٍ لِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ أَرْبَعَ شِيَاهٍ لِلسَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَلَوْ كانت إبِلُهُ إحْدَى وَتِسْعِينَ مَضَى لها ثَلَاثُ سِنِينَ أَدَّى لِلسَّنَةِ الْأُولَى حِقَّتَيْنِ وَلِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ ابْنَتَيْ لَبُونٍ وَلِلسَّنَةِ الثَّالِثَةِ ابنى لَبُونٍ ( قال ) وَلَوْ كانت له مِائَتَا شَاةٍ وَشَاةٌ فَحَالَ عليها ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ كانت فيها لِأَوَّلِ سَنَةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ من السَّنَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ شَاتَانِ ( قال ) وَلَوْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَهَا بعد ما يَحُولُ عليها الْحَوْلُ وَقَبْلَ قُدُومِ السَّاعِي أو بَعْدَهُ وَقَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا منه كانت عليه فيها الصَّدَقَةُ ( قال ) وَهَكَذَا لو عَدَّهَا السَّاعِي ثُمَّ مُوِّتَتْ وقد أَقَامَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ ما يُمْكِنُ السَّاعِيَ أَنْ يَقْبِضَهَا فيه فَتَرَكَ قَبْضَهُ إيَّاهَا وقد أَمْكَنَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ أَنْ يَضَعَهَا مَوَاضِعَهَا فإذا اجْتَمَعَ ما وَصَفْت من الْحَوْلِ وَأَنْ يُمْكِنَ السَّاعِيَ قَبْضُهَا مَكَانَهُ وَيُمْكِنَ رَبَّ الْمَاشِيَةِ وَضْعُهَا مَكَانَهَا فلم يَفْعَلْ رَبُّهَا وَلَا السَّاعِي فَهَلَكَتْ فَهِيَ من ضَمَانِ رَبِّ الْمَاشِيَةِ وَعَلَيْهِ صَدَقَتُهَا كما يَكُونُ ذلك فِيمَا حَالَ عليه الْحَوْلُ من نَاضِّ مَالِهِ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَضَعَهُ مَوْضِعَهُ فلم يَفْعَلْ حتى هَلَكَ منه فَعَلَيْهِ فيه الزَّكَاةُ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَجُوزُ عِنْدِي إلَّا هذا الْقَوْلُ لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَجِبُ بِالْحَوْلِ وَلَيْسَ لِلْمُصَدِّقِ مَعْنًى إلَّا أَنْ يلى قَبْضَهَا فَيَنْبَغِي ما وَصَفْت من أَنْ يُحْضِرَهَا حتى يَقْبِضَهَا مع رَأْسِ السَّنَةِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن بن شِهَابٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لم يَكُونَا يَأْخُذَانِ الصَّدَقَةَ مُثَنَّاةً وَلَكِنْ يَبْعَثَانِ عليها في الْجَدْبِ وَالْخَصْبِ وَالسِّمَنِ وَالْعَجَفِ لِأَنَّ أَخْذَهَا في كل عَامٍ من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم سُنَّةٌ

(2/18)


كان تَرَكَ الصَّدَقَةَ عَامًا ثُمَّ أَفَادَ غَنَمًا وَتَرَكَ صَدَقَتَهَا وَصَدَقَةَ الْأُولَى عَامًا آخَرَ صَدَقَ الْغَنَمَ الْأُولَى لِحَوْلَيْنِ وَالْغَنَمَ الْفَائِدَةَ لِحَوْلٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَتْ عليه صَدَقَتُهَا عَامًا وَاحِدًا - * بَابُ الْغَنَمِ تَخْتَلِطُ بِغَيْرِهَا - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وَلَوْ كانت لِرَجُلٍ غَنَمٌ فَنَزَتْهَا ظِبَاءٌ فَوَلَدَتْ لم تُعَدَّ الْأَوْلَادُ مع أُمَّهَاتِهَا بِحَالٍ وَلَوْ كَثُرَ أَوْلَادُهَا حتى تَكُونَ مِائَةً وَأَكْثَرَ لم يَكُنْ فيها زَكَاةٌ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ في الظِّبَاءِ وَكَذَلِكَ لو كانت له ظِبَاءٌ فَنَزَتْهَا تُيُوسٌ فَوَلَدَتْ لم يُؤْخَذْ منها صَدَقَةٌ وَهَذَا خَلْطُ ظِبَاءٍ وَغَنَمٍ فَإِنْ قِيلَ فَكَيْف أَبْطَلْت حَقَّ الْغَنَمِ فيها قِيلَ إنَّمَا قِيلَ في الْغَنَمِ الزَّكَاةُ وَلَا يَقَعُ على هذه اسْمُ الْغَنَمِ مُطْلَقًا وَكَمَا أَسْهَمْت لِلْفَرَسِ في الْقِتَالِ وَلَا أُسْهِمُ لِلْبَغْلِ كان أَبُوهُ فَرَسًا أو أُمُّهُ ( قال ) وَهَكَذَا إنْ نَزَا ثَوْرٌ وَحْشِيٌّ بَقَرَةً أنسية أو ثَوْرٌ أنسي بَقَرَةً وَحْشِيَّةً فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ من هذا أُضْحِيَّةً وَلَا يَكُونُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَهُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت لِرَجُلٍ أَرْبَعُونَ شَاةً فَضَلَّتْ منها شَاةٌ قبل الْحَوْلِ لم يَأْخُذْ الْمُصَدِّقُ منها شيئا فإذا وَجَدَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ شَاةً يوم يَجِدُهَا فَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ بِشَهْرٍ أو أَكْثَرَ وقد مَاتَتْ غَنَمُهُ كُلُّهَا أو بَعْضُهَا أو بَاعَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الشَّاةَ التي وَجَدَ إلَّا أَنْ يَرْغَبَ فيها وَيُؤَدِّيَ السِّنَّ الذي وَجَبَ عليه فَيُجْزِئُ عنه لِأَنَّهُ قد أَحَاطَ حين وَجَدَهَا أَنَّهُ كانت عليه شَاةٌ - * بَابُ افْتِرَاقِ الْمَاشِيَةِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وإذا كانت لِرَجُلٍ بِبَلَدٍ أَرْبَعُونَ شَاةً وَبِبَلَدٍ غَيْرِهِ أَرْبَعُونَ شَاةً أو بِبَلَدٍ عِشْرُونَ شَاةً وَبِبَلَدٍ غَيْرِهِ عِشْرُونَ شَاةً دَفَعَ إلَى كل وَاحِدٍ من الْمُصَدِّقِينَ قِيمَةَ ما يَجِبُ عليه من شَاةٍ يَقْسِمُهَا مع ما يَقْسِمُ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَدْفَعَ في أَحَدِ الْبَلَدَيْنِ شَاةً وَيَتْرُكَ الْبَلَدَ الْآخَرَ لِأَنِّي أُحِبُّ أَنْ تُقَسَّمُ صَدَقَةُ الْمَالِ حَيْثُ الْمَالُ ( قال ) وإذا كانت له أَرْبَعُونَ شَاةً بِبَلَدٍ فقال السَّاعِي آخُذُ منها شَاةً فَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ إنَّمَا عليه فيها نِصْفُ شَاةٍ فَعَلَى السَّاعِي أَنْ يُصَدِّقَهُ وَإِنْ اتَّهَمَهُ أَحْلَفَهُ وَقَبِلَ قَوْلَهُ وَلَا يَزِيدُهُ على أَنْ يُحْلِفَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ أَدَّى شَاةً في أَحَدِ الْبَلَدَيْنِ كَرِهْت ذلك له ولم أَرَ عليه في الْبَلَدِ الْآخَرِ إعَادَةَ نِصْفِ شَاةٍ وَعَلَى صَاحِبِ الْبَلَدِ الْآخَرِ أَنْ يُصَدِّقَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَأْخُذُ منه وَإِنْ اتَّهَمَهُ أَحْلَفَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ( قال ) وَلَوْ كانت له بِبَلَدٍ مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ وَبِبَلَدٍ آخَرَ مِائَةُ شَاةٍ كان عليه فيها ثَلَاثُ شِيَاهٍ في كل بَلَدٍ شَاةٌ وَنِصْفٌ إلَّا زِيَادَةَ فَضْلٍ حَسَبَ الشَّاةَ على الْمِائَةِ كما وَصَفْت في نِصْفَيْ الشَّاتَيْنِ بِحِسَابٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ دَفَعَ الثَّلَاثَ الشِّيَاهَ إلَى عَامِلِ أَحَدِ الْبَلَدَيْنِ ثُمَّ أَثْبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ مَاشِيَتَهُ الْغَائِبَةَ قد تَلِفَتْ قبل الْحَوْلِ كان على السَّاعِي أَنْ يَرُدَّ عليه شَاتَيْنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَتْ عليه شَاةٌ ( قال ) وَسَوَاءٌ كان إحْدَى غَنَمِهِ بِالْمَشْرِقِ وَالْأُخْرَى بِالْمَغْرِبِ في طَاعَةِ خَلِيفَةٍ وَاحِدٍ أو طَاعَةِ وَالِيَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ إنَّمَا تَجِبُ عليه الصَّدَقَةُ بِنَفْسِهِ في مِلْكِهِ لَا بِوَالِيهِ وَلَا بِقُرْبِ الْبَلَدِ وَلَا بُعْدِهِ ( قال ) وَهَكَذَا الطَّعَامُ وَغَيْرُهُ إذَا افْتَرَقَ ( قال ) وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا له مَاشِيَةٌ فَارْتَدَّ عن الْإِسْلَامِ ولم يُقْتَلْ ولم يَتُبْ حتى حَالَ الْحَوْلُ على مَاشِيَتِهِ وُقِفَتْ مَاشِيَتُهُ فَإِنْ تَابَ أَخَذَ صَدَقَتَهَا وَإِنْ مَاتَ أو قُتِلَ على الرِّدَّةِ كانت فَيْئًا تُخَمَّسُ فَيَكُونُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ نَزَا كَبْشٌ مَاعِزَةً أو تَيْسٌ ضَائِنَةٌ فَنَتَجَتْ كان في نِتَاجِهَا الصَّدَقَةُ لِأَنَّهَا غَنَمٌ كُلُّهَا وَهَكَذَا لو نَزَا جَامُوسٌ بَقَرَةً أو ثَوْرٌ جَامُوسَةً أو بُخْتِيٌّ عَرَبِيَّةً أو عربى بُخْتِيَّةً كانت الصَّدَقَاتُ في نِتَاجِهَا كُلِّهَا لِأَنَّهَا بَقَرٌ كُلُّهَا أَلَا تَرَى أَنَّا نُصْدِقُ الْبُخْتَ مع الْعِرَابِ وَأَصْنَافِ الْإِبِلِ كُلِّهَا وَهِيَ مُخْتَلِفَةُ الْخَلْقِ وَنُصْدِقُ الْجَوَامِيسَ مع الْبَقَرِ وَالدِّرْبَانِيَةِ مع الْعِرَابِ وَأَصْنَافِ الْبَقَرِ كُلِّهَا وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ وَالضَّأْنُ يُنْتِجُ الْمَعْزَ وَأَصْنَافَ الْمَعْزِ وَالضَّأْنَ كُلَّهَا لِأَنَّ كُلَّهَا غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَإِبِلٌ

(2/19)


خُمْسُهَا لِأَهْلِ الْخُمْسِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِأَهْلِ الْفَيْءِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت لِرَجُلٍ أَرْبَعُونَ شَاةً في بَلَدٍ وَأَرْبَعُونَ في بَلَدٍ غَيْرِهِ فلما مَضَتْ له سِتَّةُ أَشْهُرٍ بَاعَ نِصْفَ الْأَرْبَعِينَ مُشَاعًا من رَجُلٍ فلم يُقَاسِمْهُ حتى حَالَ الْحَوْلُ علي غَنَمِهِ وَذَلِكَ بِمُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ من يَوْمِ بَاعَ غَنَمَهُ أُخِذَتْ منه شَاةٌ كُلُّهَا عليه لِأَنَّ حَوْلَهُ قد حَالَ وَعَلَيْهِ شَاةٌ تَامَّةٌ لو هَلَكَتْ مَاشِيَةُ شَرِيكِهِ فإذا حَالَ حَوْلُ شَرِيكِهِ بِمُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أُخْرَى آخُذُ من شَرِيكِهِ نِصْفَ شَاةٍ بِخَلْطِهِ وَلَا أَرُدُّهُ على الْمَأْخُوذِ منه الشَّاةَ لِاخْتِلَافِ حَوْلَيْهِمَا وَإِنْ ضَمَمْت مَاشِيَتَهُمَا فِيمَا اشْتَرَكَا فيه ( قال ) وَلَوْ كان لِرَجُلٍ غَنَمَانِ يَجِبُ عليه في كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الزَّكَاةُ وَهُمَا مُخْتَلِفَا الْحَوْلَيْنِ ضَمَمْتُهُمَا مَعًا وَأَخَذْت من كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حَوْلِهَا بَالِغًا ما بَلَغَ - * بَابُ أَيْنَ تُؤْخَذُ الْمَاشِيَةُ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى على الْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاشِيَةَ على مِيَاهِ أَهْلِ الْمَاشِيَةِ وَلَيْسَ عليه إذَا كان لِرَجُلٍ مَاءَانِ تَخْلِيَةً إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ وَعَلَى رَبِّ الْمَاشِيَةِ أَنْ يُورِدَهَا الْمَاءَ لِتُؤْخَذَ صَدَقَتُهَا عليه وَلَيْسَ لِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَاشِيَةَ على الْمَاءِ على مَاشِيَةٍ غَيْرِهَا لِيَفْتَدِيَ رَبُّهَا من حَبْسِهِ بِزِيَادَةٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا جَازَتْ الْمَاشِيَةُ على الْمَاءِ فَعَلَى الْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَهَا في بُيُوتِ أَهْلِهَا وَأَفْنِيَتِهِمْ وَلَيْسَ عليه أَنْ يُتْبِعَهَا راعية ( قال ) وَلَوْ كَلَّفَهُمْ الْمَجَامِعَ التي يُورِدُونَهَا إذَا كان الظَّمَأُ ما كان ذلك ظُلْمًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا انْتَوَوْا أَخْذَ الصَّدَقَةِ منهم حَيْثُ انْتَوَوْا على مِيَاهِ مَوَاضِعِهِمْ التي انْتَوَوْا إلَيْهَا وَحَيْثُ انْتَوَوْا دَارَهُمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا عَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ وَقَلَّتْ الصَّدَقَةُ كان لِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَبْعَثَ من تَخِفُّ مُؤْنَتُهُ إلَى أَهْلِ الصَّدَقَةِ حَيْثُ كَانُوا فَيَأْخُذُ صَدَقَاتِهِمْ - * بَابُ كَيْف تُعَدُّ الْمَاشِيَةُ - * ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تُضْطَرُّ الْغَنَمُ إلَى حِظَارٍ إلَى جِدَارٍ أو جَبَلٍ أو شَيْءٍ قَائِمٍ حتى يَضِيقَ طَرِيقُهَا ثُمَّ تُزْجَرُ فَتُسَرَّبُ وَالطَّرِيقُ لَا تَحْتَمِلُ إلَّا شَاةً أو اثْنَتَيْنِ وَيَعُدُّ الْعَادُّ في يَدِهِ شَيْءٌ يُشِيرُ بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ على ذلك الْعَدَدِ فإنه ليس عَدَدٌ أَحْصَى وأوخى من هذا الْعَدَدِ وَلَوْ ادَّعَى رَبُّ الْمَاشِيَةِ أَنَّهُ أَخْطَأَ عليه أُعِيدَ له الْعَدَدُ وَكَذَلِكَ إنْ ظَنَّ السَّاعِي أَنَّ عَادَّهُ أَخْطَأَ الْعَدَدَ - * بَابُ تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ عن أبي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم اسْتَسْلَفَ من رَجُلٍ بَكْرًا فَجَاءَتْهُ إبِلٌ من الصَّدَقَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَقْضِيَهُ إيَّاهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَجُوزُ لِلْوَالِي إذَا رأي الْخُلَّةَ في أَهْلِ الصَّدَقَةِ أَنْ يَسْتَسْلِفَ لهم من صَدَقَاتِ أَهْلِ الْأَمْوَالِ إذَا طَابُوا بها نَفْسًا وَلَا يُجْبَرُ رَبُّ مَالٍ على أَنْ يُخْرِجَ صَدَقَتَهُ قبل مَحِلِّهَا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا اسْتَسْلَفَ الْوَالِي من رَجُلٍ شيئا من الصَّدَقَةِ أو مَالٍ لِرَجُلٍ غير صَدَقَةِ الْقَوْمِ الَّذِينَ تُقَسَّمُ صَدَقَاتُهُمْ على من اسْتَسْلَفَ فَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ من سُهْمَانِ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ مِثْلَ ما أَخَذَ لهم + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ اسْتَسْلَفَ لهم فَهَلَكَ السَّلَفُ منه قبل أَنْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت بين رَجُلَيْنِ أَرْبَعُونَ شَاةً وَلِأَحَدِهِمَا في بَلَدٍ آخَرَ أَرْبَعُونَ شَاةً أَخَذَ الْمُصَدِّقُ من الشَّرِيكَيْنِ شَاةً ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا على صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ الْغَائِبَةِ وَرُبْعُهَا على الذي له عِشْرُونَ لَا غَنَمَ له غَيْرُهَا لِأَنِّي أَضُمُّ كُلَّ مَالِ رَجُلٍ إلَى مَالِهِ حَيْثُ كان ثُمَّ آخُذُهُ في صَدَقَتِهِ

(2/20)


يَدْفَعَهُ إلَيْهِمْ وقد فَرَّطَ أو لم يُفَرِّطْ فَهُوَ ضَامِنٌ لهم في مَالِهِ وَلَيْسَ كَوَالِي الْيَتِيمِ الذي يَأْخُذُ له فِيمَا لَا صَلَاحَ له إلَّا بِهِ لِأَنَّ أَهْلَ السُّهْمَانِ قد يَكُونُونَ أَهْلَ رُشْدٍ مثله وَأَرْشَدَ وَلَا يَكُونُونَ أَهْلَ رُشْدٍ وَيَكُونُ لهم وُلَاةٌ دُونَهُ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا جَازَ أَنْ يَسْتَسْلِفَ لهم لِأَنَّهُ تَعْجِيلُ حَقٍّ لهم قبل وُجُوبِهِ وَتَعْجِيلُ الْحَقِّ زِيَادَةٌ لهم بِكُلِّ حَالٍ ( قال ) وَيَجُوزُ له أَنْ يَسْتَسْلِفَ لِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ ثُمَّ يَقْضِيه من حَقِّ من اسْتَسْلَفَ له دُونَ حَقِّ غَيْرِهِ ( قال ) فَإِنْ اسْتَسْلَفَ وَالٍ لِرَجُلٍ أو اثْنَيْنِ من أَهْلِ الصَّدَقَةِ بَعِيرًا أو اثْنَيْنِ فَدَفَعَ ذلك إلَيْهِمَا فَأَتْلَفَاهُ وَمَاتَا قبل الْحَوْلِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ ما اسْتَسْلَفَ لَهُمَا من أَمْوَالِهِمَا لِأَهْلِ السُّهْمَانِ لِأَنَّهُمَا لَمَّا لم يَبْلُغَا الْحَوْلَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمَا في صَدَقَةٍ حَلَّتْ في حَوْلٍ لم يَبْلُغَاهُ وَلَوْ مَاتَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ أَخْذِ الصَّدَقَةِ كَانَا قد اسْتَوْجَبَا الصَّدَقَةَ بِالْحَوْلِ وَإِنْ أبطيء ( ( ( أبطأ ) ) ) بها عنهما (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَعْطَاهَا رَجُلًا فلم يَحُلْ عليه الْحَوْلُ حتى مَاتَ المعطى وفي يدى رَبِّ الْمَالِ مَالٌ فيه الزَّكَاةُ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ ولم يَرْجِعْ على مَالِ الْمَيِّتِ لِتَطَوُّعِهِ بِإِعْطَائِهِ إيَّاهُ وَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ وَلَا شَيْءَ في يَدِهِ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ عليه وما أَعْطَى كما تَصَدَّقَ بِهِ أو أَنْفَقَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ لم يَحُلْ الْحَوْلُ حتى أَيْسَرَ الذي أَعْطَاهُ زَكَاةَ مَالِهِ من غَيْرِ مَالِهِ فَإِنْ كان في يَدِهِ مَالٌ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ أَدَّى زَكَاتَهُ لِأَنَّا عَلِمْنَا أَنَّهُ أَعْطَاهُ من لَا يَسْتَوْجِبُهُ يوم تَحِلُّ الزَّكَاةُ لِأَنَّ عليه يوم تَحِلُّ أَنْ يُعْطِيَهَا قَوْمًا بِصِفَةٍ فإذا حَالَ الْحَوْلُ وَاَلَّذِي عَجَّلَهُ إيَّاهَا مِمَّنْ لَا يَدْخُلُ في تِلْكَ الصِّفَةِ لم تُجْزِئْ عنه من الزَّكَاةِ وَهَذَا يُعْطِيهَا قَوْمًا بِصِفَةٍ فإذا حَالَ الْحَوْلُ وَاَلَّذِي عَجَّلَهُ إيَّاهَا مِمَّنْ لَا يَدْخُلُ في تِلْكَ الصِّفَةِ لم تُجْزِئْ عنه من الزَّكَاةِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلرَّجُلِ يَكُونُ له الْحَقُّ بِعَيْنِهِ فَيُعَجِّلُهُ إيَّاهُ وإذا حَالَ الْحَوْلُ وهو مُوسِرٌ بِمَا أَعْطَاهُ لَا بِغَيْرِهِ أَجْزَأَ عنه من زَكَاتِهِ ( قال ) وَلَوْ مَاتَ الذي عَجَّلَ زَكَاةَ مَالِهِ قام وَرَثَتُهُ فِيمَا عَجَّلَ من زَكَاةِ مَالِهِ مَقَامَهُ فَأَجْزَأَ عَمَّا وَرِثُوا من مَالِهِ من الزَّكَاةِ ما أَجْزَأَ عنه ولم يُجْزِ عَنْهُمْ ما لم يُجْزِ عنه ( قال ) وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لم يَكُنْ له مَالٌ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فقال إنْ أَفَدْت مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَهَذِهِ زَكَاتُهَا أو شَاةً فقال إنْ أَفَدْت أَرْبَعِينَ شَاةً فَهَذِهِ صَدَقَتُهَا وَدَفَعَهَا إلَى أَهْلِهَا ثُمَّ أَفَادَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أو أَرْبَعِينَ شَاةً وَحَالَ عليها الْحَوْلُ لم يُجْزِ عنه ما أَخْرَجَ من الدَّرَاهِمِ وَالْغَنَمِ لِأَنَّهُ دَفَعَهَا بِلَا سَبَبِ مَالٍ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ فَيَكُونُ قد عَجَّلَ شيئا عليه إنْ حَالَ عليه فيه حَوْلٌ فَيُجْزِي عنه ما أَعْطَاهُ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ مَاتَا مُعْدَمَيْنِ ضَمِنَ الْوَالِي ما اسْتَسْلَفَ لَهُمَا في مَالِهِ ( قال ) وَلَوْ لم يَمُوتَا وَلَكِنَّهُمَا أَيْسَرَا قبل الْحَوْلِ فَإِنْ كان يُسْرُهُمَا بِمَا دَفَعَ إلَيْهِمَا من الصَّدَقَةِ فَإِنَّمَا أَخَذَا حَقَّهُمَا وَبُورِكَ لَهُمَا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمَا شَيْءٌ وَإِنْ كان يُسْرُهُمَا من غَيْرِ ما أَخَذَا من الصَّدَقَةِ قبل الْحَوْلِ أَخَذَ مِنْهُمَا ما أَخَذَا من الصَّدَقَةِ لِأَنَّ الْعِلْمَ قد أَحَاطَ أَنَّ الْحَوْلَ لم يَأْتِ إلَّا وَهُمَا من غَيْرِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ أَعْطَاهُمَا ما ليس لَهُمَا ولم يُؤْخَذْ مِنْهُمَا نَمَاؤُهُ لِأَنَّهُمَا مَلَكَاهُ فَحَدَثَ النَّمَاءُ في مِلْكِهِمَا وَإِنْ نَقَصَ ما أَعْطَيَا من الصَّدَقَةِ أَخَذَهُ رَبُّهُ نَاقِصًا وَأَعْطَى أَهْلَ السُّهْمَانِ تَامًّا وَلَا ضَمَانَ على الْمُعْطَى لِأَنَّهُ أُعْطِيَهُ مُمَلَّكًا له ( قال ) وَلَوْ قال قَائِلٌ ليس لهم أَخْذُهُ منه وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ إنْ كان أَعْطَاهُ غُرْمُهُ أو على الْمُصَدِّقِ إنْ كان أَعْطَاهُ كان يَجِدُ مَذْهَبًا وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ الْأَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ أُعْطِيَهُ مُمَلَّكًا له على مَعْنًى فلم يَكُنْ من أَهْلِهِ وَإِنْ مَاتَا قبل الْحَوْلِ وقد أَيْسَرَا ضَمِنَ الْوَالِي ما اسْتَسْلَفَ لَهُمَا ( قال ) وَسَوَاءٌ في هذا كُلِّهِ أَيُّ أَصْنَافِ الصَّدَقَةِ اسْتَسْلَفَ ( قال ) وَلَوْ لم يَكُنْ الْوَالِي اسْتَسْلَفَ من الصَّدَقَةِ شيئا وَلَكِنَّ رَبَّ الْمَالِ تَطَوَّعَ وَلَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أو أَرْبَعُونَ شَاةً قبل الْحَوْلِ فَأَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ ثُمَّ هَلَكَ مَالُهُ قبل الْحَوْلِ وَوَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ من أَعْطَاهُمْ إيَّاهَا من أَهْلِ السُّهْمَانِ لم يَكُنْ له الرُّجُوعُ على من أَعْطَاهُ إيَّاهَا لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ من مَالِهِ مُتَطَوِّعًا بِغَيْرِ ثَوَابٍ وَمَضَى عَطَاؤُهُ بِالْقَبْضِ

(2/21)


لو تَصَدَّقَ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ قبل أَنْ يَحْلِفَ فقال إنْ حَنِثْت في يَمِينٍ فَهَذِهِ كَفَّارَتُهَا فَحَنِثَ لم تُجْزِ عنه من الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ لم يَكُنْ حَلَفَ وَلَوْ حَلَفَ ثُمَّ كَفَّرَ لِلْحِنْثِ ثُمَّ حَنِثَ أَجْزَأَ عنه من الْكَفَّارَةِ فَإِنْ قال قَائِلٌ من أَيْنَ قُلْت هذا قُلْت قال اللَّهُ عز وجل { فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } فَبَدَأَ بِالْمَتَاعِ قبل السَّرَاحِ وفي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال من حَلَفَ على يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا منها فَلْيُكَفِّرْ عن يَمِينِهِ وَلْيَأْتِ الذي هو خَيْرٌ منه ( قال ) وقد روى عن عَدَدٍ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُمْ كَانُوا يَحْلِفُونَ فَيُكَفِّرُونَ قَبْل يحنثون ( قال ) وقد يُرْوَى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا نَدْرِي أَيَثْبُتُ أَمْ لَا أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم تَسَلَّفَ صَدَقَةَ مَالِ الْعَبَّاسِ قبل أَنْ تَحِلَّ أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كان يَبْعَثُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إلَى الذي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قبل الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أو ثَلَاثَةٍ - * بَابُ النِّيَّةِ في إخْرَاجِ الزَّكَاةِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَدَّى خَمْسَةَ دَرَاهِمَ لَا يَحْضُرُهُ فيها نِيَّةُ زَكَاةٍ ثُمَّ نَوَى بَعْدَ أَدَائِهَا أنها مِمَّا تَجِبُ عليه لم تُجْزِ عنه من شَيْءٍ من الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا بِلَا نِيَّةِ فَرْضٍ عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت له أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَدَّى دِينَارًا عن الْأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أو أَكْثَرُ لم يُجْزِ عنه لِأَنَّهُ غَيْرُ ما وَجَبَ عليه وَكَذَلِكَ ما وَجَبَ عليه من صِنْفٍ فَأَدَّى غَيْرَهُ بِقِيمَتِهِ لم يُجْزِ عنه وكان الْأَوَّلُ له تَطَوُّعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَخْرَجَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فقال إنْ كان مَالِي الْغَائِبُ سَالِمًا فَهَذِهِ الْعَشَرَةُ من زَكَاتِهِ أو نَافِلَةٌ وَإِنْ لم يَكُنْ سَالِمًا فَهِيَ نَافِلَةٌ فَكَانَ مَالُهُ الْغَائِبُ سَالِمًا لم تُجْزِئْ عنه لِأَنَّهُ لم يَقْصِدْ بِالنِّيَّةِ فيها قَصْدَ فَرْضٍ خَالِصًا إنَّمَا جَعَلَهَا مُشْتَرَكَةً بين الْفَرْضِ وَالنَّافِلَةِ ( قال ) وَكَذَلِكَ لو قال هذه الْعَشَرَةُ دَرَاهِمَ عن مَالِي الْغَائِبِ أو نَافِلَةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ قال هذه الْعَشَرَةُ الدَّرَاهِمُ عن مَالِي الْغَائِبِ أَجْزَأَتْ عنه إنْ كان مَالُهُ سَالِمًا وَكَانَتْ له نَافِلَةً إنْ كان مَالُهُ عَاطِبًا قبل تَجِبَ عليه فيه الزَّكَاةُ ( قال ) وَلَوْ كان قال هذه الْعَشَرَةُ عن مَالِي الْغَائِبِ إنْ كان سَالِمًا وَإِنْ لم يَكُنْ سَالِمًا فَهِيَ نَافِلَةٌ أَجْزَأَتْ عنه وَأَعْطَاهُ إيَّاهَا عن الْغَائِبِ يَنْوِيه هَكَذَا وَإِنْ لم يَقُلْهُ لِأَنَّهُ إذَا لم يَكُنْ عليه في مَالِهِ الْغَائِبِ زَكَاةٌ فما أَخْرَجَ نَافِلَةً له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَخْرَجَ رَجُلٌ عن مِائَتَيْ دِرْهَمٍ غَائِبَةً عنه أو حَاضِرَةً عِنْدَهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَهَلَكَتْ الْغَائِبَةُ فَإِنْ كان عَجَّلَ الْخَمْسَةَ عن الْحَاضِرَةِ قبل حَوْلِهَا أو أَخْطَأَ حَوْلَهَا فَرَأَى أَنَّهُ قد تَمَّ فَأَخْرَجَهَا عنها ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لم يَتِمَّ حَوْلُهَا فَهَلَكَتْ الْحَاضِرَةُ أو الْغَائِبَةُ قبل أَنْ تَجِبَ فيها الزَّكَاةُ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ هذه الْخَمْسَةَ دَرَاهِمَ له عن مِائَتَيْنِ له أُخْرَيَيْنِ لم يَكُنْ له ذلك لِأَنَّهُ قَصَدَ بِالنِّيَّةِ في أَدَائِهَا قَصْدَ مَالٍ له بِعَيْنِهِ فَلَا يَكُونُ له أَنْ يَصْرِفَ النِّيَّةَ فيه بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى أَهْلِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ لم يَكُنْ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى أَهْلِهَا وَأَخْرَجَهَا لِيَقْسِمَهَا فَهَلَكَ مَالُهُ كان له حَبْسُ الدَّرَاهِمِ وَيَصْرِفُهَا إلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا عن الدَّرَاهِمِ غَيْرَهَا فَتُجْزِي عنه لِأَنَّهَا لم
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا كان في الصَّدَقَةِ فَرْضٌ وَتَطَوُّعٌ لم يَجُزْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ تُجْزِيَ عن رَجُلٍ زَكَاةٌ يَتَوَلَّى قَسْمَهَا إلَّا بِنِيَّةِ أَنَّهُ فَرْضٌ وإذا نَوَى بِهِ الْفَرْضَ وكان لِرَجُلٍ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ فأدي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ يَنْوِي بها الزَّكَاةَ عنها كُلِّهَا أو بَعْضِهَا أو ينوى بها مِمَّا وَجَبَ عليه فيها أَجْزَأَتْ عنه لِأَنَّهُ قد نَوَى بها نِيَّةَ زَكَاةٍ

(2/22)


تُقْبَضْ منه (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ لم يُنْفِذْهَا حتى هَلَكَ مَالُهُ قبل أَنْ تَجِبَ عليه فيه الزَّكَاةُ كان على والى الصَّدَقَةِ رَدَّهَا إلَيْهِ وَأَجْزَأَهُ هو أَنْ يَجْعَلَهَا عن غَيْرِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَخْرَجَ رَجُلٌ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فقال هذه من زَكَاةِ مَالِي قبل مَحَلِّ الزَّكَاةِ أو بَعْدَهُ فَكَانَ له مَالٌ تَجِبُ فيه الْخَمْسَةُ أَجْزَأَ عنه وَإِنْ لم يَكُنْ له مَالٌ تَجِبُ فيه الْخَمْسَةُ فَهِيَ نَافِلَةٌ وَلَوْ كان له ذَهَبٌ فَأَدَّى رُبْعَ عُشْرِهِ وَرِقًا أو وَرِقٌ فَأَدَّى عنه ذَهَبًا لم يُجْزِهِ ولم يُجْزِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عنه إلَّا ما وَجَبَ عليه ( قال ) وَإِنْ كان له عِشْرُونَ دِينَارًا فَأَدَّى عنها نِصْفَ دِينَارٍ دَرَاهِمَ بِقِيمَتِهِ لَا يجزئ عنه أَنْ يُؤَدِّيَ إلَّا ذَهَبًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ كُلُّ صِنْفٍ فيه الصَّدَقَةُ بِعَيْنِهِ لَا يُجْزِيه أَنْ يُؤَدِّيَ عنه إلَّا ما وَجَبَ عليه بِعَيْنِهِ لَا الْبَدَلَ عنه إذَا كان مَوْجُودًا ما يُؤَدِّي عنه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا قُلْت لَا تُجْزِي الزَّكَاةُ إلَّا بِنِيَّةٍ لِأَنَّ له أَنْ يعطى مَالَهُ فَرْضًا وَنَافِلَةً فلم يُجْزِ أَنْ يَكُونَ ما أَعْطَى فَرْضًا إلَّا بِنِيَّةٍ وَسَوَاءٌ نَوَى في نَفْسِهِ أو تَكَلَّمَ بِأَنَّ ما أَعْطَى فَرْضٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أَجْعَلَ النِّيَّةَ في الزَّكَاةِ كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ لِافْتِرَاقِ الزَّكَاةِ وَالصَّلَاةِ في بَعْضِ حَالِهِمَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ يجزئ أَنَّهُ يُؤَدِّي الزَّكَاةَ قبل وَقْتِهَا وَيُجْزِيه أَنْ يَأْخُذَهَا الْوَالِي منه بِلَا طِيبِ نَفْسِهِ فَتُجْزِي عنه وَهَذَا لَا يجزئ في الصَّلَاةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَخَذَ الْوَالِي من رَجُلٍ زَكَاةً بِلَا نِيَّةٍ من الرَّجُلِ في دَفْعِهَا إلَيْهِ أو بِنِيَّةٍ طَائِعًا كان الرَّجُلُ أو كَارِهًا وَلَا نِيَّةَ لِلْوَالِي الْآخِذِ لها في أَخْذِهَا من صَاحِبِ الزَّكَاةِ أو له نِيَّةٌ فَهِيَ تُجْزِي عنه كما يجزى في الْقَسْمِ لها أَنْ يُقْسِمَهَا عنه وَلِيُّهُ أو السُّلْطَانُ وَلَا يُقْسِمُهَا بِنَفْسِهِ كما يُؤَدِّي الْعَمَلَ عن بَدَنِهِ بِنَفْسِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَحَبُّ إلى أَنْ يَتَوَلَّى الرَّجُلُ قِسْمَتَهَا عن نَفْسِهِ فَيَكُونُ على يَقِينٍ من أَدَائِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَفَادَ الرَّجُلُ مَاشِيَةً فلم يَحُلْ عليها حَوْلٌ حتى جَاءَهُ السَّاعِي فَتَطَوَّعَ بِأَنْ يُعْطِيَهُ صَدَقَتَهَا كان لِلسَّاعِي قَبُولُهَا منه وإذا قال خُذْهَا لِتَحْبِسَهَا إذَا حَالَ الْحَوْلُ جَازَ ذلك له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي على أَنْ يَحْبِسَهَا إذًا وَحَال الْحَوْلُ فَقَسَمَهَا ثُمَّ مُوِّتَتْ مَاشِيَتُهُ قبل الْحَوْلِ فَعَلَيْهِ رَدُّ ما أَخَذَ منه فَإِنْ ولى غَيْرُهُ فَعَلَيْهِ رَدُّ ما أَخَذَ منه السَّاعِي من سُهْمَانِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ التي قَبَضَهَا السَّاعِي منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ دَفَعَهَا رَبُّ الْمَالِ إلَيْهِ ولم يُعْلِمْهُ أَنَّ الْحَوْلَ لم يَحُلْ عليها فَقَسَّمَهَا السَّاعِي ثُمَّ مُوِّتَتْ غَنَمُ الدَّافِعِ لم يَكُنْ له أَنْ يَرْجِعَ على السَّاعِي بِشَيْءٍ وكان مُتَطَوِّعًا بِمَا دَفَعَ ( قال ) وإذا تَطَوَّعَ الرَّجُلُ قبل الْحَوْلِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ صَدَقَةَ مَاشِيَتِهِ فَأُخِذَتْ وَهِيَ مِائَتَانِ فيها شَاتَانِ فَحَالَ عليها الْحَوْلُ وقد زَادَتْ شَاةً أُخِذَتْ منها شَاةٌ ثَالِثَةٌ وَلَا يَسْقُطُ عنه تَقْدِيمُهُ الشَّاتَيْنِ الْحَقَّ عليه في الشَّاةِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّ الْحَقَّ إنَّمَا يَجِبُ عليه بَعْدَ الْحَوْلِ كما لو أُخِذَتْ منها شَاتَانِ فَحَالَ عليه الْحَوْلُ وَلَيْسَ فيها إلَّا شَاةٌ رُدَّتْ عليه شَاةٌ - * بَابُ ما يُسْقِطُ الصَّدَقَةُ عن الْمَاشِيَةِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال روى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال في سَائِمَةِ الْغَنَمِ كَذَا فإذا كان هذا يَثْبُتُ فَلَا زَكَاةَ في غَيْرِ السَّائِمَةِ من الْمَاشِيَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُرْوَى عن بَعْضِ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ ليس في الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمِثْلُهَا الْغَنَمُ تُعْلَفُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَبِينُ لي أَنَّ في شَيْءٍ من الْمَاشِيَةِ صَدَقَةٌ حتى تَكُونَ سَائِمَةً وَالسَّائِمَةُ الرَّاعِيَةُ ( قال ) وَذَلِكَ أَنْ يُجْمَعَ فيها أَمْرَانِ أَنْ يَكُونَ لها مُؤْنَةُ الْعَلَفِ وَيَكُونَ لها نَمَاءُ الرَّعْيِ فَأَمَّا إنْ عُلِفَتْ فَالْعَلَفُ مُؤْنَةٌ تُحِيطُ بِكُلِّ فَضْلٍ لها أو تَزِيدُ أو تُقَارِبُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد كانت النَّوَاضِحُ على عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ خُلَفَائِهِ فلم أَعْلَمْ أَحَدًا يروى أَنَّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان دَفَعَ هذه الدَّرَاهِمَ إلَى والى الصَّدَقَةِ مُتَطَوِّعًا بِدَفْعِهَا فَأَنْفَذَهَا والى الصَّدَقَةِ فَهِيَ تَطَوُّعٌ عنه وَلَيْسَ له الرُّجُوعُ بها على والى الصَّدَقَةِ إذَا أَنْفَذَهَا وَلَا أَنْ يَجْعَلَهَا بَعْدَ أَنْ نَفَذَتْ عن غَيْرِهَا

(2/23)


رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَخَذَ منها صَدَقَةً وَلَا أَحَدًا من خُلَفَائِهِ وَلَا أَشُكُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ قد كان يَكُونُ لِلرَّجُلِ الْخُمُسُ وَأَكْثَرُ وفي الحديث الذي ذَكَرْت عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه في سَائِمَةِ الْغَنَمِ كَذَا وَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ يَدُلُّ على أَنَّ الصَّدَقَةَ في السَّائِمَةِ دُونَ غَيْرِهَا من الْغَنَمِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت الْعَوَامِلُ تَرْعَى مَرَّةً وَتُرْكَبُ أُخْرَى أو زَمَانًا وَتُرْكَبُ في غَيْرِهِ فلم يَنْضَحْ عليها أو كانت غَنَمًا هَكَذَا تُعْلَفُ في حِينٍ وَتَرْعَى في آخَرَ فَلَا يَبِينُ لي أَنْ يَكُونَ في شَيْءٍ من هذه صَدَقَةٌ وَلَا آخُذُهَا من مَالِكِهَا وَإِنْ كانت لي أَدَّيْت عنها الصَّدَقَةَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاخْتَرْت لِمَنْ هِيَ له أَنْ يَفْعَلَ - * بَابُ الْمُبَادَلَةِ بِالْمَاشِيَةِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا كانت لِرَجُلٍ مَاشِيَةٌ من إبِلٍ فَبَادَلَ بها إلَى بَقَرٍ أو إبِلٍ بِصِنْفٍ من هذا صِنْفًا غَيْرَهُ أو بَادَلَ مَعْزًى بِبَقَرٍ أو إبِلًا بِبَقَرٍ أو بَاعَهَا بِمَالٍ عَرَضٍ أو نَقْدٍ فَكُلُّ هذا سَوَاءٌ فَإِنْ كانت مُبَادَلَتُهُ بها قبل الْحَوْلِ فَلَا زَكَاةَ عليه في الْأُولَى وَلَا الثَّانِيَةِ حتى يَحُولَ على الثَّانِيَةِ الْحَوْلُ من يَوْمِ مِلْكِهَا وَكَذَلِكَ إنْ بَادَلَ بِاَلَّتِي مَلَكَ آخَرُ قبل الْحَوْلِ إلَى مَاشِيَةٍ أُخْرَى لم يَكُنْ عليه فيها زَكَاةٌ وَأَكْرَهُ هذا له إنْ كان فِرَارًا من الصَّدَقَةِ وَلَا يُوجِبُ الْفِرَارُ الصَّدَقَةَ إنَّمَا يُوجِبُهَا الْحَوْلُ وَالْمِلْكُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ بَادَلَ بها بَعْدَ أَنْ يَحُولَ عليها الْحَوْلُ أو بَاعَهَا فَفِي التي حَالَ عليها الْحَوْلُ الصَّدَقَةُ لِأَنَّهَا مَالٌ قد حَالَ عليها الْحَوْلُ وَسَوَاءٌ كان ذلك قبل قُدُومِ الْمُصَدِّقِ أو بَعْدَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا بَادَلَ بها أو بَاعَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ فَفِيهَا الصَّدَقَةُ وفي عَقْدِ بَيْعِهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مُبْتَاعَهَا بِالْخِيَارِ بين أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ لِأَنَّ ما أَخَذَ منها من الصَّدَقَةِ نَقْصٌ مِمَّا بِيعَ أو يُجِيزُ الْبَيْعَ وَمَنْ قال بهذا الْقَوْلِ قال وَإِنْ أَعْطَى رَبُّ الْمَالِ الْبَائِعَ الْمُصَدِّقَ ما وَجَبَ فيها من مَاشِيَةٍ غَيْرِهَا فَلَا خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ وَلَا الْمُبَادِلِ لِأَنَّهُ لم يَنْقُصْ من الْبَيْعِ شَيْءٌ ( قال ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ بَاعَ ما يَمْلِكُ وما لَا يَمْلِكُ فَلَا نُجِيزُهُ إلَّا أَنْ يُجَدِّدَا فيها بَيْعًا مُسْتَأْنَفًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَادَلَ بِغَنَمٍ له قبل أَنْ يَحُولَ عليها الْحَوْلُ إلَى غَنَمٍ أو غَيْرِهَا فَحَالَ حَوْلُهَا في يَدِ الْمُبَادِلِ الْآخَرِ بها ثُمَّ ظَهَرَ منها على عَيْبٍ بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ الذي قبل الْمُبَادَلَةِ فَكَانَ رَدُّهُ إيَّاهَا قبل الْحَوْلِ أو بَعْدَهُ فسواء ( ( ( سواء ) ) ) وَلَا زَكَاةَ فيها على مَالِكِهَا الْآخَرِ بِالْبَدَلِ لِأَنَّهُ لم يَحُلْ عليها حَوْلٌ من يَوْمِ مَلَكَهَا وَلَا على الْمَالِكِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ بَادَلَ بها قبل الْحَوْلِ فَخَرَجَتْ من مِلْكِهِ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَيَسْتَأْنِفُ بها حَوْلًا من يَوْمِ مَلَكَهَا بِخِيَارِ الْمُبَادِلِ بها الذي رَدَّهَا بِالْعَيْبِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ بَادَلَ بها قبل الْحَوْلِ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي لها بِالْبَدَلِ أو النَّقْدِ فَأَقَامَتْ في يَدِهِ حَوْلًا أو لم يَقْبِضْهَا فَأَقَامَتْ في مِلْكِهِ حَوْلًا ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ لم يَكُنْ ذلك له لِأَنَّهَا قد وَجَبَتْ عليه فيها صَدَقَةٌ منها وَهِيَ في مِلْكِهِ فَلَا يَكُونُ له أَنْ يَرُدَّهَا نَاقِصَةً عَمَّا أَخَذَهَا عليه وَيَكُونُ له أَنْ يَرْجِعَ بِالْعَيْبِ من أَصْلِ الثَّمَنِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَأَقَالَهُ فيها رَبُّهَا الْأَوَّلُ وهو يَعْلَمُ أَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ فيها أُخِذَتْ الزَّكَاةُ من رَبِّهَا الثَّانِي الذي حَالَ عليها في يَدِهِ حَوْلٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ بَادَلَ رَجُلٌ بِأَرْبَعِينَ شَاةً ولم يَحُلْ عليها حَوْلٌ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كانت لِرَجُلٍ نَوَاضِحُ أو بَقَرُ حَرْثٍ أو إبِلُ حُمُولَةٍ فَلَا يَتَبَيَّنُ لي أَنَّ فيها الزَّكَاةَ وَإِنْ بَطَلَتْ كَثِيرًا من السَّنَةِ وَرَعَتْ فيها لِأَنَّهَا غَيْرُ السَّائِمَةِ وَالسَّائِمَةُ ما كان رَاعِيًا دَهْرَهُ

(2/24)


في يَدِهِ إلَى أَرْبَعِينَ شَاةً لم يَحُلْ عليها حَوْلٌ في يَدِ صَاحِبِهِ مُبَادَلَةً صَحِيحَةً لم يَكُنْ على وَاحِدٍ مِنْهُمَا فيها صَدَقَةٌ حتى يَحُولَ على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَوْلٌ وَهِيَ في يَدِهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ بَاعَ رَجُلٌ مَاشِيَتَهُ قبل الْحَوْلِ أو بَادَلَ بها على أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَحَالَ عليها حَوْلُ الْبَائِعِ في يَدِ الْمُشْتَرِي أو لم يَبِعْهَا حتى حَالَ عليها حَوْلٌ في يَدِهِ ثُمَّ اخْتَارَ الْبَائِعُ رَدَّ الْبَيْعِ كانت عليه فيها صَدَقَةٌ لِأَنَّهَا لم تَخْرُجْ من مِلْكِهِ قبل الْحَوْلِ وَلَوْ اخْتَارَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ بَعْدَ حَوْلِهَا وَجَبَتْ أَيْضًا عليه فيها صَدَقَةٌ لِأَنَّهَا لم تَخْرُجْ من مِلْكِهِ إلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ - * بَابُ الرَّجُلِ يَصْدُقُ امْرَأَةً - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَصْدَقَ رَجُلٌ امْرَأَةً أَرْبَعِينَ شَاةً بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا أو قال أَرْبَعِينَ شَاةً في غَنَمِي هذه ولم يُشِرْ إلَيْهَا بِأَعْيَانِهَا ولم يُقْبِضْهَا إيَّاهَا فَالصَّدَقَةُ عليه وَلَيْسَ لها من مَاشِيَتِهِ في الْوَجْهَيْنِ أَمَّا الْأُولَى فَعَلَيْهِ أَرْبَعُونَ شَاةً بِصِفَةٍ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَوْ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا بِأَعْيَانِهَا فَأَقْبَضَهَا إيَّاهَا أو لم يُقْبِضْهَا إيَّاهَا فَأَيُّ ذلك كان فَلَا زَكَاةَ عليه فيها ( ( ( فبها ) ) ) ( قال ) وإذا حَالَ عليها حَوْلٌ وَهِيَ في مِلْكِهَا قَبَضَتْهَا أو لم تَقْبِضْهَا فَأَدَّتْ زَكَاتَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجَعَ عليها بِنِصْفِ الْغَنَمِ وَنِصْفِ قِيمَةِ الشَّاةِ التي أَخَذَتْ منه وَإِنْ لم تُؤَدِّهَا وقد حَالَ عليها الْحَوْلُ في يَدِهَا أُخِذَتْ منها الشَّاةُ التي وَجَبَتْ فيها وَرَجَعَ عليها بِنِصْفِ الْغَنَمِ وَنِصْفِ قِيمَةِ الشَّاةِ التي أُخْرِجَتْ من زَكَاتِهَا وَلَوْ أَدَّتْ عنها شَاةً من غَيْرِهَا رَجَعَ عليها بِنِصْفِهَا سَوَاءً لِأَنَّهُ لم يُؤْخَذْ منها شَيْءٌ في يَدِهَا إذَا كانت الْغَنَمُ بِحَالِهَا يوم قَبَضَتْهَا منه أو أَصْدَقَهَا إيَّاهُ لم تَزِدْ ولم تَنْقُصْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ وَجَبَتْ عليها فيها شَاةٌ فلم تُخْرِجْهَا حتى أَدَّتْ نِصْفَهَا إلَيْهِ حين طَلَّقَهَا أَخْرَجَتْ من النِّصْفِ الذي في يَدِهَا شَاةً فَإِنْ كانت اسْتَهْلَكَتْ ما في يَدِهَا منها أُخِذَ من النِّصْفِ الذي في يَدِ زَوْجِهَا وَرَجَعَ عليها بِقِيمَتِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا لو كانت امْرَأَتُهُ التي نَكَحَ بِهَذِهِ الْغَنَمِ بِأَعْيَانِهَا أَمَةً أو مُدَبَّرَةً لِأَنَّ سَيِّدَهَا مَالِكٌ ما مَلَكَتْ وَلَوْ كانت مُكَاتَبَةً أو ذِمِّيَّةً لم يَكُنْ عليها فيها صَدَقَةٌ ( قال ) وَهَكَذَا هذا في الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ التي فَرِيضَتُهَا منها فَأَمَّا الْإِبِلُ التي فَرِيضَتُهَا من الْغَنَمِ فَتُخَالِفُهَا فِيمَا وَصَفْت وفي أَنْ يَصْدُقَهَا خَمْسًا من الْإِبِلِ وَلَا يَكُونُ عِنْدَهَا شَاةٌ وَلَا ما تَشْتَرِي شَاةً فَيُبَاعُ منها بَعِيرٌ فَيُؤْخَذُ من ثَمَنِهِ شَاةٌ وَيَرْجِعُ عليها بِبَعِيرَيْنِ وَنِصْفٍ إذَا طَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ ( قال ) وَهَكَذَا الدَّرَاهِمُ يَبِيعُهَا بِدَرَاهِمَ أو دَنَانِيرَ وَالدَّنَانِيرُ يَبِيعُهَا بِدَنَانِيرَ أو دَرَاهِمَ لَا يَخْتَلِفُ لَا زَكَاةَ في الْبَيْعَيْنِ فِيهِمَا حتى يَحُولَ عليه حَوْلٌ من يَوْمِ مَلَكَهُ - * بَابُ رَهْنِ الْمَاشِيَةِ - * ( أخبرنا ) الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وإذا كانت لِرَجُلٍ غَنَمٌ فَحَالَ عليها حَوْلٌ فلم يُخْرِجْ صَدَقَتَهَا حتى رَهَنَهَا أُخِذَتْ منها الصَّدَقَةُ وكان ما بقى بَعْدَ الصَّدَقَةِ رَهْنًا وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ التي فَرِيضَتُهَا منها وَإِنْ كان الْمُرْتَهِنُ بَاعَ الرَّاهِنَ على أَنْ يَرْهَنَهُ هذه الْمَاشِيَةَ التي وَجَبَتْ فيها الزَّكَاةُ كان له فَسْخُ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ رَهَنَهُ شيئا قد وَجَبَ لِغَيْرِهِ بَعْضُهُ فَكَانَ كَمَنْ رَهَنَ شيئا له وَشَيْئًا ليس له وَكَذَلِكَ لو أَخْرَجَ عنها الشَّاةَ من غَيْرِهَا كان لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ وكان كَمَنْ بَاعَ شيئا له وَشَيْئًا ليس له ثُمَّ هَلَكَ الذي ليس له فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ كان رَهْنًا لَا يُمْلَكُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَرَهَنَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَوَجَبَ عليه في إبِلٍ له أَرْبَعُ شِيَاهٍ أُخِذَتْ من الْغَنَمِ صَدَقَةُ الغنم ( ( ( المغنم ) ) ) ولم يُؤْخَذْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَكَانَتْ الْمُبَادَلَةُ فَاسِدَةً كان كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالِكًا غَنَمَهُ التي بَادَلَ بها وَعَلَى كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا فيها الصَّدَقَةُ لِأَنَّهَا لم تَخْرُجْ من مِلْكِهِ بِالْمُبَادَلَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَا الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

(2/25)


منها صَدَقَةُ الْإِبِلِ وَبِيعَ من الْإِبِلِ فَاشْتَرَى منها صَدَقَتَهَا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان الرَّهْنُ فَاسِدًا في جَمِيعِ السَّائِلِ كان كَمَالٍ له لم يَخْرُجْ من يَدِهِ لَا يُخَالِفُهُ في أَنْ يُؤْخَذَ منه الصَّدَقَةُ التي فيه وفي غَيْرِهِ فَيَأْخُذُ غُرَمَاؤُهُ مع الْمُرْتَهِنِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ رَهَنَ رَجُلٌ إبِلًا فَرِيضَتُهَا الْغَنَمُ قد حَلَّتْ فيها الزَّكَاةُ ولم يُؤَدِّهَا فَإِنْ كان له مَالٌ أُخِذَتْ منه زَكَاتُهَا وَإِنْ لم يَكُنْ له مَالٌ غَيْرُهَا فَرَهَنَهَا بعد ما حَلَّتْ الصَّدَقَةُ فيها فلم يُؤَدِّهَا أُخِذَتْ الصَّدَقَةُ منها وَإِنْ كان رَهَنَهَا قبل أَنْ تَحِلَّ فيها الصَّدَقَةُ ثُمَّ حَلَّتْ فيها الصَّدَقَةُ فلم يُوجَدْ له مَالٌ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مُفْلِسًا وَتُبَاعُ الْإِبِلُ فَيَأْخُذُ صَاحِبُ الرَّهْنِ حَقَّهُ فَإِنْ فَضَلَ منها فَضْلٌ أُخِذَتْ منه الصَّدَقَةُ وَإِلَّا كان دَيْنًا عليه مَتَى أَيْسَرَ أَدَّاهُ وَغُرَمَاؤُهُ يُحَاصُّونَ أَهْلَ الصَّدَقَةِ من بَعْدِ ما يَقْضِي الْمُرْتَهِنُ رَهْنَهُ وَالثَّانِي أَنَّ نَفْسَ الْإِبِلِ مرتهنه من الْأَصْلِ بِمَا فيها من الصَّدَقَةِ فَمَتَى حَلَّتْ فيها الصَّدَقَةُ بِيعَتْ فيها على مَالِكِهَا وَمُرْتَهِنِهَا فَكَانَ لِمُرْتَهِنِهَا الْفَضْلُ عن الصَّدَقَةِ فيها وَبِهَذَا أَقُولُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا رُهِنَتْ الْمَاشِيَةُ فَنَتَجَتْ فَالنِّتَاجُ خَارِجٌ من الرَّهْنِ وَلَا يُبَاعُ ماخض منها حتى تَضَعَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا الرَّاهِنُ فإذا وَضَعَتْ بِيعَتْ الْأُمُّ في الرَّهْنِ دُونَ الْوَلَدِ - * بَابُ الدَّيْنِ في الْمَاشِيَةِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا كانت لِرَجُلٍ مَاشِيَةٌ فَاسْتَأْجَرَ عليها أَجِيرًا في مَصْلَحَتِهَا بِسِنٍّ مَوْصُوفَةٍ أو بِبَعِيرٍ منها لم يُسَمِّهِ فَحَالَ عليها حَوْلٌ ولم يَدْفَعْ منها في إجَارَتِهَا شَيْءٌ فَفِيهَا الصَّدَقَةُ وَكَذَلِكَ إنْ كان عليه دَيْنٌ أُخِذَتْ الصَّدَقَةُ وقضى دَيْنُهُ منها وَمِمَّا بقى من مَالِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ رَجُلًا بِبَعِيرٍ منها أو أَبْعِرَةٍ منها بِأَعْيَانِهَا فَالْأَبْعِرَةُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ أَخْرَجَهَا منه فَكَانَتْ فيها زَكَاةٌ زَكَّاهَا وَإِنْ لم يُخْرِجْهَا منه فَهِيَ إبِلُهُ وهو خَلِيطٌ بها يَصْدُقُ مع رَبِّ الْمَالِ الذي فيها وفي الْحَرْثِ وَالْوَرِقِ وَالذَّهَبِ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ فيها كُلُّهَا سَوَاءٌ - * بَابُ أَنْ لَا زَكَاةَ في الْخَيْلِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ وبن عُيَيْنَةَ كِلَاهُمَا عن عبد اللَّهِ بن دِينَارٍ عن سُلَيْمَانَ بن يَسَارٍ عن عِرَاكِ بن مَالِكٍ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال ليس على الْمُسْلِمِ في عَبْدِهِ وَلَا في فَرَسِهِ صَدَقَةٌ
( أخبرنا ) الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن أَيُّوبَ بن مُوسَى عن مَكْحُولٍ عن سُلَيْمَانَ بن يَسَارٍ عن عِرَاكِ بن مَالِكٍ عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مثله
( أخبرنا ) الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن يَزِيدَ بن يَزِيدَ بن جَابِرٍ عن عِرَاكِ بن مَالِكٍ عن أبي هُرَيْرَةَ مثله مَوْقُوفًا
( أخبرنا ) الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن دِينَارٍ قال سَأَلْت سَعِيدَ بن الْمُسَيِّبِ عن صَدَقَةِ الْبَرَاذِينِ فقال وَهَلْ في الْخَيْلِ صَدَقَةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَلَا زَكَاةَ في خَيْلٍ بِنَفْسِهَا وَلَا في شَيْءٍ في الْمَاشِيَةِ عَدَا الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ بِدَلَالَةِ سُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا صَدَقَةَ في الْخَيْلِ فَإِنَّا لم نَعْلَمْهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَخَذَ الصَّدَقَةَ في شَيْءٍ من الْمَاشِيَةِ غير الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا اشْتَرَى شيئا من هذه الْمَاشِيَةِ أو غَيْرِهَا مِمَّا لَا زَكَاةَ فيه لِلتِّجَارَةِ كانت فيه الزَّكَاةُ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ وَالشِّرَاءِ لها لَا بِأَنَّهُ نَفْسَهُ مِمَّا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان عليه في الْغَنَمِ شَيْءٌ من صَدَقَتِهَا عَامَيْنِ أو ثَلَاثَةٍ وَهِيَ فيها أُخِذَتْ منها صَدَقَةُ ما مَضَى وكان ما بقى رَهْنًا ( قال ) وَلَوْ كانت له غَنَمٌ غَيْرَهَا وَجَبَتْ فيها زَكَاةٌ فلم يُؤَدِّهَا حتى اُسْتُهْلِكَ الْغَنَمُ لم يُؤْخَذْ من غَنَمِهِ الْمَرْهُونَةِ زَكَاةُ الْغَنَمِ غَيْرُهَا وَأَخَذَ بِأَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْغَنَمِ غَيْرَهَا من مَالِهِ فَإِنْ لم يُوجَدْ له مَالٌ وَفَلْسٌ فَيُبَاعُ الْغَنَمُ الرَّهْنُ فَإِنْ كان منها فَضْلٌ بَعْدَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أُخِذَتْ زَكَاةُ الْغَنَمِ غَيْرَهَا منه وَإِنْ لم يَفْضُلْ منها فَضْلٌ كان دَيْنًا عليه مَتَى أَيْسَرَ أَدَّاهُ وَصَاحِبُ الرَّهْنِ أَحَقُّ بِرَهْنِهِ

(2/26)


- * بَابُ من تَجِبُ عليه الصَّدَقَةُ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَمَّا مَالُ الْمُكَاتَبِ من مَاشِيَةٍ وَغَيْرِهَا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَا زَكَاةَ فيه لِأَنَّهُ خَارِجٌ من مِلْكِ مَوْلَاهُ ما كان مُكَاتَبًا لِمَا يَمْلِكُهُ مَوْلَاهُ إلَّا أَنْ يُعْجِزَهُ وَإِنَّ مِلْكَ الْمُكَاتَبِ غَيْرُ تَامٍّ عليه أَلَا تَرَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ فيه هِبَتُهُ وَلَا أَجْبَرَهُ على النَّفَقَةِ على من أَجْبَرَ الْحُرَّ على النَّفَقَةِ عليه من الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وإذا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ فَمَالُهُ كَمَالٍ اسْتَفَادَهُ من سَاعَتِهِ إذَا حَالَ عليه الْحَوْلُ من يَوْمِ عِتْقِ صَدْقِهِ وَكَذَلِكَ إذَا عَجَزَ فَمَالُهُ كَمَالٍ اسْتَفَادَهُ سَيِّدُهُ من مَتَاعِهِ إذَا حَالَ عليه حَوْلُ صَدْقِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَمَّ مِلْكُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان لِرَجُلٍ مَالٌ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ فَارْتَدَّ عن الْإِسْلَامِ وَهَرَبَ أو جُنَّ أو عَتِهَ أو حُبِسَ لِيُسْتَتَابَ أو يُقْتَلَ فَحَالَ الْحَوْلُ على مَالِهِ من يَوْمِ مِلْكِهِ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ فيها الزَّكَاةَ لِأَنَّ مَالَهُ لَا يَعْدُو أَنْ يَمُوتَ على رِدَّتِهِ فَيَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ وما كان لهم فَفِيهِ الزَّكَاةُ أو يَرْجِعُ إلَى الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ له فَلَا تُسْقِطُ الرِّدَّةُ عنه شيئا وَجَبَ عليه وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنْ لَا يُؤْخَذَ منها زَكَاةٌ حتى يُنْظَرَ فَإِنْ أَسْلَمَ تَمَلَّكَ مَالَهُ وَأُخِذَتْ زَكَاتَهُ لِأَنَّهُ لم يَكُنْ سَقَطَ عنه الْفَرْضُ وَإِنْ لم يُؤْجَرْ عليها وَإِنْ قُتِلَ على رِدَّتِهِ لم يَكُنْ في الْمَالِ زَكَاةٌ لِأَنَّهُ مَالُ مُشْرِكٍ مَغْنُومٌ فإذا صَارَ لِإِنْسَانٍ منه شَيْءٌ فَهُوَ كَالْفَائِدَةِ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا ثُمَّ يُزَكِّيه وَلَوْ أَقَامَ في رِدَّتِهِ زَمَانًا كان كما وَصَفْت إنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ أُخِذَتْ منه صَدَقَةُ مَالِهِ وَلَيْسَ كَالذِّمِّيِّ الْمَمْنُوعِ الْمَالِ بِالْحُرِّيَّةِ وَلَا الْمُحَارِبِ وَلَا الْمُشْرِكِ غَيْرِ الذِّمِّيِّ الذي لم تَجِبْ في مَالِهِ زَكَاةٌ قَطُّ أَلَا تَرَى أَنَّا نَأْمُرُهُ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ امْتَنَعَ قَتَلْنَاهُ وَأَنَّا نَحْكُمُ عليه في حُقُوقِ الناس بِأَنْ نُلْزِمَهُ فَإِنْ قال فَهُوَ لَا يُؤْجَرُ على الزَّكَاةِ قِيلَ وَلَا يُؤْجَرُ عليها وَلَا غَيْرِهَا من حُقُوقِ الناس التي تَلْزَمُهُ وَيُحْبَطُ أَجْرُ عَمَلِهِ فِيمَا أَدَّى منها قبل أَنْ يَرْتَدَّ وَكَذَلِكَ لَا يُؤْجَرُ على أَنْ يُؤْخَذَ الدَّيْنُ منه فَهُوَ يُؤْخَذُ - * بَابُ الزَّكَاةِ في أَمْوَالِ اليتامي - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال الناس عَبِيدُ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ فَمَلَّكَهُمْ ما شَاءَ أَنْ يُمَلِّكَهُمْ وَفَرَضَ عليهم فِيمَا مَلَّكَهُمْ ما شَاءَ لَا يسئل ( ( ( يسأل ) ) ) عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يسئلون ( ( ( يسألون ) ) ) فَكَانَ فِيمَا آتَاهُمْ أَكْثَرُ مِمَّا جَعَلَ عليهم فيه وَكُلٌّ أَنْعَمَ فيه عليهم جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَكَانَ فِيمَا فَرَضَ عليهم فِيمَا مَلَّكَهُمْ زَكَاةً أَبَانَ أَنَّ في أَمْوَالِهِمْ حَقًّا لِغَيْرِهِمْ في وَقْتٍ على لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَتَجِبُ الصَّدَقَةُ على كل مَالِكٍ تَامِّ الْمِلْكِ من الْأَحْرَارِ وَإِنْ كان صَبِيًّا أو مَعْتُوهًا أو امْرَأَةً لَا افْتِرَاقَ في ذلك بَيْنَهُمْ كما يَجِبُ في مَالِ كل وَاحِدٍ ما لَزِمَ مَالَهُ بِوَجْهٍ من الْوُجُوهِ جِنَايَةٌ أو مِيرَاثٌ منه أو نَفَقَةٌ على وَالِدِيهِ أو وَلَدٍ زَمِنٍ مُحْتَاجٍ وَسَوَاءٌ كان في الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ وَالنَّاضِّ وَالتِّجَارَةِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ لَا يَخْتَلِفُ ( قال ) وإذا كانت لِعَبْدٍ مَاشِيَةٌ وَجَبَتْ فيها الصَّدَقَةُ لِأَنَّهَا مِلْكٌ لِمَوْلَاهُ وَضُمَّتْ إلَى مِلْكِ مَوْلَاهُ حَيْثُ كان مِلْكُ مَوْلَاهُ وَهَكَذَا غَنَمُ الْمُدَبَّرِ وَأُمُّ الْوَلَدِ لِأَنَّ مَالَ كل وَاحِدٍ منهم مِلْكٌ لِمَوْلَاهُ وَسَوَاءٌ كان الْعَبْدُ كَافِرًا أو مُسْلِمًا لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِلسَّيِّدِ

(2/27)


فَكَانَ حَلَالًا لهم مِلْكُ الْمَالِ وَحَرَامًا عليهم حَبْسُ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا غَيْرَهُمْ في وَقْتٍ كما مَلَّكَهُمْ أَمْوَالَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ فَكَانَ بَيِّنًا فِيمَا وَصَفْت وفي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { خُذْ من أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ } أَنَّ كُلَّ مَالِكٍ تَامَّ الْمِلْكِ من حُرٍّ له مَالٌ فيه زَكَاةٌ سَوَاءٌ في أَنَّ عليه فَرْضَ الزَّكَاةِ بَالِغًا كان أو صَحِيحًا أو مَعْتُوهًا أو صَبِيًّا لِأَنَّ كُلًّا مَالِكٌ ما يَمْلِكُ صَاحِبُهُ وَكَذَلِكَ يَجِبُ في مِلْكِهِ ما يَجِبُ في مِلْكِ صَاحِبِهِ وكان مُسْتَغْنِيًا بِمَا وَصَفْت من أَنَّ على الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ الزَّكَاةَ عن الْأَحَادِيثِ كما يَلْزَمُ الصَّبِيَّ وَالْمَعْتُوهَ نَفَقَةُ من تَلْزَمُ الصَّحِيحَ الْبَالِغَ نَفَقَتُهُ وَيَكُونُ في أَمْوَالِهِمَا جِنَايَتُهُمَا على أَمْوَالِ الناس كما يَكُونُ في مَالِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ وَكُلُّ هذا حَقٌّ لِغَيْرِهِمْ في أَمْوَالِهِمْ فَكَذَلِكَ الزَّكَاةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَسَوَاءٌ كُلُّ مَالِ الْيَتِيمِ من نَاضٍّ وَمَاشِيَةٍ وَزَرْعٍ وَغَيْرِهِ فما وَجَبَ على الْكَبِيرِ الْبَالِغِ فيه الزَّكَاةُ وَجَبَ على الصَّغِيرِ فيه الزَّكَاةُ وَالْمَعْتُوهُ وَكُلُّ حُرٍّ مُسْلِمٍ وَسَوَاءٌ في ذلك الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ عن يُوسُفَ بن مَاهَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال ابْتَغَوْا في مَالِ الْيَتِيمِ أو في أَمْوَالِ اليتامي حتى لَا تُذْهِبَهَا أو لَا تَسْتَهْلِكَهَا الصَّدَقَةُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبدالمجيد بن عبد الْعَزِيزِ عن مَعْمَرٍ عن أَيُّوبَ بن أبي تَمِيمَةَ عن مُحَمَّدِ بن سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ قال لِرَجُلٍ إنَّ عِنْدنَا مَالَ يَتِيمٍ قد أَسْرَعْت فيه الزَّكَاةَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عبد الرحمن بن الْقَاسِمِ عن أبيه قال كانت عَائِشَةُ زَوْجُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم تَلِينِي أنا وَأَخَوَيْنِ لي يَتِيمَيْنِ في حِجْرِهَا فَكَانَتْ تُخْرِجُ من أَمْوَالِنَا الزَّكَاةَ - * بَابُ زَكَاةِ مَالِ الْيَتِيمِ الثَّانِي - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ لِبَعْضِ من يقول هذا الْقَوْلَ إنْ كان ما احْتَجَجْت على ما احْتَجَجْت فَأَنْتَ تَارِكٌ مَوَاضِعَ الْحُجَّةِ قال وَأَيْنَ قُلْت زَعَمْت أَنَّ الْمَاشِيَةَ وَالزَّرْعَ إذَا كَانَا لِيَتِيمٍ كانت فِيهِمَا الزَّكَاةُ فَإِنْ زَعَمْت أَنْ لَا زَكَاةَ في ماله فَقَدْ أَخَذْتهَا في بَعْضِ مَالِهِ وَلَعَلَّهُ الْأَكْثَرُ من مَالِهِ وَظَلَمْته فَأَخَذَتْ ما ليس عليه في مَالِهِ وَإِنْ كان دَاخِلًا في الْإِرْثِ لِأَنَّ في مَالِهِ الزَّكَاةَ فَقَدْ تَرَكْت زَكَاةَ ذَهَبِهِ وَوَرِقِهِ أَرَأَيْت لو جَازَ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَرِّقَ بين هذا فقال آخُذُ الزَّكَاةَ من ذَهَبِهِ وَوَرِقِهِ وَلَا آخُذُهَا من مَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ هل كانت الْحُجَّةُ عليه إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا في مَعْنَى الْآيَةِ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ فَتَكُونُ الزَّكَاةُ في جَمِيعِ مَالِهِ أو يَكُونُ خَارِجًا منها بِأَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ فَلَا يَكُونُ في شَيْءٍ من مَالِهِ الزَّكَاةُ أو رَأَيْت إذْ زَعَمْت أَنَّ علي وَلِيِّهِ أَنْ يُخْرِجَ عنه زَكَاةَ الْفِطْرِ فَكَيْفَ أَخْرَجْته مَرَّةً من زَكَاةٍ وَأَدْخَلْته في أُخْرَى أو رَأَيْت إذْ زَعَمْت أَنَّهُ لَا فَرْضَ لِلصَّلَاةِ عليه فَذَهَبْت إلَى أَنَّ الْفَرَائِضَ تَثْبُتُ مَعًا وَتَزُولُ مَعًا وَأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِالْفَرَائِضِ هُمْ الْبَالِغُونَ وَأَنَّ الْفَرَائِض كُلَّهَا من وَجْهٍ وَاحِدٍ يَثْبُتُ بَعْضُهَا بِثُبُوتِ بَعْضٍ وَيَزُولُ بَعْضُهَا بِزَوَالِ بَعْضٍ حتى فَرَضَ اللَّهُ عز ذِكْرُهُ على الْمُعْتَدَّةِ من الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ثُمَّ زَعَمْت أَنَّ الصَّغِيرَةَ دَاخِلَةٌ في مَعْنَى فَرْضِ الْعِدَّةِ وَهِيَ رَضِيعٌ غَيْرُ مَدْخُولٍ بها أو رَأَيْت إذْ فَرَضَ اللَّهُ عز وجل على الْقَاتِلِ الدِّيَةَ فَسَنّهَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على الْعَاقِلَةِ بِجِنَايَةِ الْقَاتِلِ خَطَأً كَيْفَ زَعَمْت أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا كانت فيه دِيَةٌ وَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّ الصَّبِيَّ في كل ما جَنَى على عَبْدٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) الزَّكَاةُ في مَالِ الْيَتِيمِ كما في مَالِ الْبَالِغِ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يقول { خُذْ من أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بها } فلم يَخُصَّ مَالًا دُونَ مَالٍ وقال بَعْضُ الناس إذَا كانت لِيَتِيمٍ ذَهَبٌ أو وَرِقٌ فَلَا زَكَاةَ فيها وَاحْتَجَّ بِأَنَّ اللَّهَ يقول { وأقيموا ( ( ( أقيموا ) ) ) الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ } وَذَهَبَ إلَى أَنَّ فَرْضَ الزَّكَاةِ إنَّمَا هو على من وَجَبَتْ عليه الصَّلَاةُ وقال كَيْف يَكُونُ على يَتِيمٍ صَغِيرٍ فَرْضُ الزَّكَاةِ وَالصَّلَاةُ عنه سَاقِطَةٌ وَكَذَلِكَ أَكْثَرُ الْفَرَائِضِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَزْنِي وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ فَلَا يُحَدُّ وَيَكْفُرُ فَلَا يُقْتَلُ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال رُفِعَ الْقَلَمُ عن ثَلَاثَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ وَالصَّبِيُّ حتى يَبْلُغَ

(2/28)


وَحُرٍّ من جِنَايَةٍ لها أَرْشٌ أو أَفْسَدَ له من مَتَاعٍ أو اسْتَهْلَكَ له من مَالٍ فَهُوَ مَضْمُونٌ عليه في مَالِهِ كما يَكُونُ مَضْمُونًا على الْكَبِيرِ وَجِنَايَتُهُ على عَاقِلَتِهِ أَلَيْسَ قد زَعَمْت أَنَّهُ دَاخِلٌ في مَعْنَى فَرَائِضَ خَارِجٌ من فَرَائِضِ غَيْرِهَا أو رَأَيْت إذْ زَعَمْت أَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ إذَا كَانَتَا مَفْرُوضَتَيْنِ فَإِنَّمَا تَثْبُتُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى أَفَرَأَيْت إنْ كان لَا مَالَ له أَلَيْسَ بِخَارِجٍ من فَرْضِ الزَّكَاةِ فإذا خَرَجَ من فَرْضِ الزَّكَاةِ أَيَكُونُ خَارِجًا من فَرْضِ الصَّلَاةِ أو رَأَيْت إنْ كان ذَا مَالٍ فَيُسَافِرُ أَفَلَيْسَ له أَنْ يُنْقِصَ من عَدَدِ الْحَضَرِ أَفَيَكُونُ له أَنْ يُنْقِصَ من عَدَدِ الزَّكَاةِ بِقَدْرِ ما نَقَصَ من الصَّلَاةِ أَرَأَيْت لو أغمى عليه سَنَةً أَلَيْسَ تَكُونُ الصَّلَاةُ عنه مَرْفُوعَةً أَفَتَكُونُ الزَّكَاةُ عنه مَرْفُوعَةً من تِلْكَ السَّنَةِ أو رَأَيْت لو كانت امْرَأَةٌ تَحِيضُ عَشَرًا وَتَطْهُرُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَتَحِيضُ عَشَرًا أَلَيْسَ تَكُونُ الصَّلَاةُ عنها مَرْفُوعَةً في أَيَّامِ حَيْضِهَا وَأَمَّا الزَّكَاةُ عليها في الْحَوْلِ أَفَيُرْفَعُ عنها في الْأَيَّامِ التي حَاضَتْهَا أَنْ تَحْسِبَ عليها في عَدَدِ أَيَّامِ السَّنَةِ فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّ هذا ليس هَكَذَا فَقَدْ زَعَمْت أَنَّ الصَّلَاةَ تَثْبُتُ حَيْثُ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ وَأَنْ يَكُونَ قِيَاسًا على غَيْرِهِ أو رَأَيْت الْمُكَاتَبَ أَلَيْسَ الصَّلَاةُ عليه ثَابِتَةً وَالزَّكَاةُ عليه عِنْدَك زَائِلَةً فَقَدْ زَعَمْت أَنَّ من الْبَالِغِينَ الْأَحْرَارِ وَغَيْرِ الْأَحْرَارِ وَالصِّغَارِ من يَثْبُتُ عليه بَعْضُ الْفَرْضِ دُونَ بَعْضٍ قال فَإِنَّا رَوَيْنَا عن النَّخَعِيِّ وَسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ وَسَمَّى نَفَرًا من التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ قالوا ليس في مَالِ الْيَتِيمِ زَكَاةٌ فَقِيلَ له لو لم تَكُنْ لنا حُجَّةٌ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا وَلَا بِغَيْرِهِ مِمَّا لَعَلَّنَا سَنَذْكُرُهُ إلَّا ما رَوَيْت كُنْت مَحْجُوجًا بِهِ قال وَأَيْنَ قُلْت زَعَمْت أَنَّ التَّابِعِينَ لو قالوا كان لَك خِلَافُهُمْ بِرَأْيِك فَكَيْفَ جَعَلَتْهُمْ حُجَّةً لَا تَعْدُو أَنْ يَكُونَ ما قُلْت من ذلك كما قُلْت فتخطيء ( ( ( فتخطئ ) ) ) بِاحْتِجَاجِك بِمَنْ لَا حُجَّةَ لَك في قَوْلِهِ أو يَكُونُ في قَوْلِهِمْ حُجَّةٌ فتخطيء ( ( ( فتخطئ ) ) ) بِقَوْلِك لَا حُجَّةَ فيه وَخِلَافُهُمْ إيَّاكَ كَثِيرٌ في غَيْرِ هذا الْمَوْضِعِ فإذا قِيلَ لَك لِمَ خَالَفْتهمْ قُلْت إنَّمَا الْحُجَّةُ في كِتَابٍ أو سُنَّةٍ أو أَثَرٍ عن بَعْضِ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أو قَوْلِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ لم يَخْتَلِفُوا فيه أو قِيَاسٍ دَاخِلٍ في مَعْنَى بَعْضِ هذا ثُمَّ أنت تُخَالِفُ بَعْضَ ما رَوَيْت عن هَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ فِيمَا رَوَيْت ليس في مَالِ الْيَتِيمِ زَكَاةٌ وَأَنْتَ تَجْعَلُ في الْأَكْثَرِ من مَالِ الْيَتِيمِ زَكَاةً قال فَقَدْ رَوَيْنَا عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ قال أَخُصُّ مَالَ الْيَتِيمِ فإذا بَلَغَ فَأُعْلِمُهُ بِمَا مَرَّ عليه من السِّنِينَ قُلْنَا وَهَذِهِ حُجَّةٌ عَلَيْك لو لم يَكُنْ لنا حُجَّةٌ غَيْرُ هذا هذا لو كان ثَابِتًا عن بن مَسْعُودٍ كان بن مَسْعُودٍ أَمَرَ وَالِيَ الْيَتِيمِ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ عنه زَكَاةً حتى يَكُونَ هو ينوى أَدَاءَهَا عن نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يَأْمُرُ بِإِحْصَاءِ ما مَرَّ عليه من السِّنِينَ وَعَدَدِ مَالِهِ إلَّا لِيُؤَدِّيَ عن نَفْسِهِ ما وَجَبَ عليه من الزَّكَاةِ مع أَنَّك تَزْعُمُ أَنَّ هذا ليس بِثَابِتٍ عن بن مَسْعُودٍ من وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَأَنَّ الذي رَوَاهُ ليس بِحَافِظٍ وَلَوْ لم يَكُنْ لنا حُجَّةٌ بِمَا أَوْجَدْنَاك إلَّا أَنَّ أَصْلَ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِك من أَنَّا لَا نُخَالِفُ الْوَاحِدَ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَّا أَنْ يُخَالِفَهُ غَيْرُهُ منهم كانت لنا بهذا حُجَّةٌ عَلَيْك وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عن عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ وَلِيَ بنى أبي رَافِعٍ أَيْتَامًا فَكَانَ يُؤَدِّي الزَّكَاةَ عن أَمْوَالِهِمْ وَنَحْنُ نَرْوِيه عنه وَعَنْ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ وَعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَعَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ مع أَنَّ أَكْثَرَ الناس قَبْلَنَا يَقُولُونَ بِهِ وقد رَوَيْنَاهُ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من وَجْهٍ مُنْقَطِعٍ
أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ عن يُوسُفَ بن مَاهَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال ابْتَغَوْا في مَالِ الْيَتِيمِ لَا تَسْتَهْلِكُهُ الصَّدَقَةُ أو لَا تُذْهِبُهُ الصَّدَقَةُ أو قال في أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا أو لَا تُذْهِبُهَا الزَّكَاةُ أو الصَّدَقَةُ شَكَّ الشَّافِعِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عليه بها جميعا
أخبرنا مَالِكٌ عن عبد الرحمن بن الْقَاسِمِ عن أبيه قال كانت عَائِشَةُ تَلِينِي وَأَخًا لي يَتِيمَيْنِ في حِجْرِهَا فَكَانَتْ تُخْرِجُ من أَمْوَالِنَا الزَّكَاةَ
أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه قال إبتغوا في أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَسْتَهْلِكُهَا الزَّكَاةُ
أخبرنا سُفْيَانُ عن أَيُّوبَ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كان يزكى مَالَ الْيَتِيمِ
أخبرنا سُفْيَانُ
____________________

(2/29)


عن أَيُّوبَ بن مُوسَى وَيَحْيَى بن سَعِيدٍ وعبدالكريم بن أبي الْمُخَارِقِ كلهم يُخْبِرُ عن الْقَاسِمِ بن مُحَمَّدٍ قال كانت عَائِشَةُ رضى اللَّهُ عنها تزكى أَمْوَالَنَا وَإِنَّهُ لِيَتَّجِر بها في الْبَحْرَيْنِ
أخبرنا سُفْيَانُ عن بن أبي لَيْلَى عن الْحَكَمِ بن عُتَيْبَةَ أَنَّ عَلِيًّا رضي اللَّهُ عنه كانت عِنْدَهُ أَمْوَالُ بَنِي أبي رَافِعٍ فَكَانَ يُزَكِّيهَا كُلَّ عَامٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَلَيْسَ يُرْوَى من وَجْهٍ يَثْبُتُ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَّا عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فإذا كان قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ وَإِنَّمَا هو خَبَرٌ وَاحِدٌ فَقَدْ وَجَبَ عليهم قَبُولُ خَبَرٍ وَاحِدٍ بمثله ( ( ( يمثله ) ) ) حَيْثُ كان + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَلَيْسَ في التَّمْرِ زَكَاةٌ حتى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فإذا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا بِصَاعِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَذَلِكَ ثلاثمائة صَاعٍ بِصَاعِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِأَبِي هو وَأُمِّي + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْخَلِيطَانِ في النَّخْلِ اللَّذَانِ لم يُقَسَّمَا كَالشَّرِيكَيْنِ في الْمَاشِيَةِ يَصْدُقَانِ صَدَقَةَ الْوَاحِدِ فما وَجَبَتْ فيه على الْوَاحِدِ صَدَقَةٌ وَجَبَتْ على الْجَمَاعَةِ إذَا كَانُوا شُرَكَاءَ في أَصْلِ النَّخْلِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانُوا شُرَكَاءَ في أَصْلِ الزَّرْعِ + ( قال الشافعى ) وَكَذَلِكَ إذَا كانت أَرْضُ صَدَقَةٍ موقوفه على جَمَاعَةٍ فَبَلَغَتْ ثَمَرَتُهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَتْ منها الصَّدَقَةُ وإذا وَرِثَ الْقَوْمُ النَّخْلَ أو مَلَكُوهَا أَيَّ مِلْكٍ كان ولم يَقْتَسِمُوهَا حتى أَثْمَرَتْ فَبَلَغَتْ ثَمَرَتُهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَتْ منها الصَّدَقَةُ فَإِنْ اقْتَسَمُوهَا بعد ما حَلَّ بَيْعُ ثَمَرَتِهَا في وَقْتِ الْخَرْصِ قَسْمًا صَحِيحًا فلم يَصِرْ في نَصِيبِ وَاحِدٍ منهم خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وفي جَمَاعَتِهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَعَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ لِأَنَّ أَوَّلَ وُجُوبِ الصَّدَقَةِ كان وَهُمْ شُرَكَاءَ فَلَا تَسْقُطُ الصَّدَقَةُ بِفَرْقِهَا بَعْدَ أَوَّلِ وُجُوبِهَا وإذا اقْتَسَمُوهَا قبل أَنْ يَحِلَّ بَيْعُ الثَّمَرَةِ فَلَا زَكَاةَ على وَاحِدٍ منهم حتى تَبْلُغَ حِصَّتُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ تَجَاذَبُوهَا بِغَيْرِ قَطْعٍ وَبِغَيْرِ قَسْمٍ لِأَصْلِ النَّخْلِ بِتَرَاضٍ منهم مَعًا فَهُمْ شُرَكَاءُ بَعْدُ فَيُصْدِقُونَ صَدَقَةَ الْوَاحِدِ لِأَنَّ هذه قِسْمَةٌ لَا تَجُوزُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت صَدَقَةً مَوْقُوفَةً فَاقْتَسَمُوهَا فَالْقَسْمُ فيها بَاطِلٌ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ رَقَبَتَهَا وَتُصْدَقُ الثَّمَرَةُ صَدَقَةَ الْمَالِكِ الْوَاحِدِ فإذا بَلَغَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَجَبَتْ فيها الصَّدَقَةُ وإذا كانت لِرَجُلٍ نَخْلٌ بِأَرْضٍ وَأُخْرَى بِغَيْرِهَا بَعُدَتْ أو قَرُبَتْ فَأَثْمَرَتَا في سَنَةٍ وَاحِدَةٍ ضُمَّتْ إحْدَى الثَّمَرَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى فإذا بَلَغَتَا مَعًا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَتْ منها الصَّدَقَةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ نَخْلٌ فَجَاءَتْ بإربعة أَوْسُقٍ وَكَانَتْ له نَخْلٌ أُخْرَى جَاءَتْ بِثَلَاثَةِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ نَأْخُذُ وَبِالِاسْتِدْلَالِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال ليس فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ فَدَلَّ قَوْلُهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم على أَنَّ خَمْسَ ذَوْدٍ وَخَمْسَ أَوَاقٍ وَخَمْسَةَ أَوْسُقٍ إذَا كان وَاحِدٌ منها لِحُرٍّ مُسْلِمٍ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ في الْمَالِ نَفْسِهِ لَا في الْمَالِكِ لِأَنَّ الْمَالِكَ لو أَعْوَزَ منها لم يَكُنْ عليه صَدَقَةٌ - * بَابُ الْعَدَدِ الذي اذا بَلَغَهُ التَّمْرُ وَجَبَتْ فيه الصَّدَقَةُ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن مُحَمَّدِ بن عبد اللَّهِ بن عبد الرحمن بن أبي صَعْصَعَةَ الْمَازِنِيِّ عن أبيه عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال ليس فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ من التَّمْرِ صَدَقَةٌ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عَمْرِو بن يحيى الْمَازِنِيِّ عن أبيه قال سَمِعْت أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يقول قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ليس فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ قال سَمِعَتْ عَمْرَو بن يحيى الْمَازِنِيَّ يقول أخبرني أبي عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال ليس فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ

(2/30)


أَوْسُقٍ أَدَّى الصَّدَقَةَ عن نَخْلِيه مَعًا لِأَنَّ له خَمْسَةَ أَوْسُقٍ ولم يُؤَدِّ شَرِيكُهُ الصَّدَقَةَ عن نَخْلِهِ لِأَنَّهُ ليس له وَلِشَرِيكِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ في شَيْءٍ مِمَّا هُمَا فيه شَرِيكَانِ وَهَكَذَا هذا في الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا زَرَعَ رَجُلٌ في سَنَةٍ زَرْعًا فلم يَخْرُجْ منه خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَلَهُ زَرْعٌ آخَرُ وَهُمَا إذَا ضُمَّا مَعًا كانت فِيهِمَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَإِنْ كان زَرْعُهُمَا وَحَصَادُهُمَا مَعًا في سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُمَا كَالزَّرْعِ الْوَاحِدِ وَالثَّمَرَةِ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ كان بَذْرُ أَحَدِهِمَا يَتَقَدَّمُ عن السَّنَةِ أو حَصَادُ الآخر يَسْتَأْخِرُ عن السَّنَةِ فَهُمَا زَرْعَانِ مُخْتَلِفَانِ لَا يُضَمُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا إذَا كان لِرَجُلٍ نَخْلٌ مُخْتَلِفٌ أو وَاحِدٌ يَحْمِلُ في وَقْتٍ وَاحِدٍ حِمْلَيْنِ أو سَنَةً حِمْلَيْنِ فَهُمَا مُخْتَلِفَانِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان النَّخْلُ مُخْتَلِفَ الثَّمَرَةِ ضُمَّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ سَوَاءٌ في ذلك دَقْلُهُ وَبَرْدَيْهِ وَالْوَسَطُ منه وَتُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ من الْوَسَطِ منه
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه قال لَا يُخْرِجُ في الصَّدَقَةِ الجعرور وَلَا مِعًى الْفَأْرَةِ وَلَا عِذْقَ بن حُبَيْقٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن زِيَادِ بن سَعْدٍ عن الزُّهْرِيِّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا تَمْرٌ رَدِيءٌ جِدًّا وَيُتْرَكُ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ جَيِّدُ التَّمْرِ من الْبَرْدِيِّ الْكَبِيسِ وَغَيْرِهِ وَيُؤْخَذُ من وَسَطِ التَّمْرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا مِثْلُ الْغَنَمِ إذَا اخْتَلَفَتْ يُتْرَكُ منها ما فَوْقَ الثَّنِيَّةِ وَالْجَذَعَةِ لِرَبِّ الْمَالِ وَيُتْرَكُ عليه ما دُونَهَا وَتُؤْخَذُ الْجَذَعَةُ وَالثَّنِيَّةُ لِأَنَّهُمَا وَسَطٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَغْلَبَ من الْغَنَمِ أنها تَكُونُ أَسْنَانًا كما الْأَغْلَبُ من التَّمْرِ أَنْ يَكُونَ أَلْوَانًا فَإِنْ كان لِرَجُلٍ تَمْرٌ وَاحِدٌ بردى كُلُّهُ أُخِذَ من الْبَرْدِيِّ وَإِنْ كان جعرورا كُلَّهُ أُخِذَ من الجعرور وَكَذَلِكَ إنْ كانت له غَنَمٌ صِغَارٌ كُلُّهَا أَخَذَهَا منها + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان له نَخْلٌ بردى صِنْفَيْنِ صِنْفٌ بَرْدِيٌّ وَصِنْفٌ لَوْنٌ أَخَذَ من كل وَاحِدٍ من الصِّنْفَيْنِ بِقَدْرِ ما فيه وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ الْوَسَطُ إذَا اخْتَلَفَ التَّمْرُ وَكَثُرَ اخْتِلَافُهُ وهو يُخَالِفُ الْمَاشِيَةَ في هذا الْمَوْضِعِ وَكَذَلِكَ إنْ كان أَصْنَافًا أَحْصَى كُلَّ صِنْفٍ منها حتى لَا يَشُكَّ فيه وَعَرَضَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يعطى كُلَّ صِنْفٍ ما يَلْزَمُهُ أَخَذَ منه - * بَابُ كَيْفَ تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبد اللَّهِ بن نَافِعٍ عن بن صَالِحٍ التَّمَّارِ عن بن شِهَابٍ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ عن عَتَّابِ بن أُسَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال في زَكَاةِ الْكَرْمِ يُخْرَصُ كما تُخْرَصُ النَّخْلُ ثُمَّ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ زَبِيبًا كما تؤدي زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبد اللَّهِ بن نَافِعٍ عن مُحَمَّدِ بن صَالِحٍ التَّمَّارِ عن بن شِهَابٍ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ عن عَتَّابِ بن أُسَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَثَمَرَةُ السَّنَةِ تَخْتَلِفُ فَتُثْمِرُ النَّخْلُ وَتَجِدُّ بِتِهَامَةَ وَهِيَ بِنَجْدٍ بُسْرٌ وَبَلَحٌ فَيُضَمُّ بَعْضُ ذلك إلَى بَعْضٍ لِأَنَّهُ ثَمَرَةٌ وَاحِدَةٌ فإذا أَثْمَرَتْ النَّخْلُ في سَنَةٍ ثُمَّ أَثْمَرَتْ في قَابِلٍ لم يُضَمَّ إحْدَى الثَّمَرَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى وَهَكَذَا الْقَوْلُ في الزَّرْعِ كُلِّهِ مُسْتَأْخِرِهِ وَمُتَقَدِّمِهِ فإنه يَتَقَدَّمُ بِبِلَادِ الْحَرِّ وَيَسْتَأْخِرُ بِبِلَادِ الْبَرْدِ وإذا كان لِرَجُلٍ زَرْعٌ بِالْبَلَدَيْنِ مَعًا ضُمَّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ فإذا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَجَبَتْ فيه الصَّدَقَةُ

(2/31)


كان يَبْعَثُ على الناس من يَخْرُصُ كُرُومَهُمْ وَثِمَارَهُمْ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَحْسَبُ أَمْرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِخَرْصِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ لِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ليس لِأَهْلِهِ مَنْعَ الصَّدَقَةِ منه وَأَنَّهُمْ مَالِكُونَ تِسْعَةَ أَعْشَارِهِ وَعُشْرُهُ لِأَهْلِ السُّهْمَانِ ( قال ) وَكَثِيرٌ من مَنْفَعَةِ أَهْلِهِ بِهِ إنَّمَا يَكُونُ اذا كان رُطَبًا وَعِنَبًا لِأَنَّهُ أَغْلَى ثَمَنًا منه تَمْرًا أو زَبِيبًا وَلَوْ مَنَعُوهُ رُطَبًا أو عِنَبًا لِيُؤْخَذَ عُشْرُهُ أَضَرَّ بِهِمْ وَلَوْ تَرَكَ خَرْصَهُ ضَيَّعَ حَقَّ أَهْلِ السُّهْمَانِ منه فإنه يُؤْخَذُ وَلَا يُحْصَى فَخَرَصَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَخَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لِلرِّفْقِ بِهِمْ وَالِاحْتِيَاطِ لِأَهْلِ السُّهْمَانِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْخَرْصُ إذَا حَلَّ الْبَيْعُ وَذَلِكَ حين يَرَى في الْحَائِطِ الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ وَكَذَلِكَ حين يَتَمَوَّهُ الْعِنَبُ وَيُوجَدُ فيه ما يُؤْكَلُ منه ويأتى الْخَارِصُ النَّخْلَةَ فَيَطُوفُ بها حتى يَرَى كُلَّ ما فيها ثُمَّ يقول خَرْصُهَا رُطَبًا كَذَا وَيَنْقُصُ إذَا صَارَ تَمْرًا كَذَا يَقِيسُهَا على كَيْلِهَا تَمْرًا وَيَصْنَعُ ذلك بِجَمِيعِ الْحَائِطِ ثُمَّ يَحْمِلُ مَكِيلَتَهُ تَمْرًا وَهَكَذَا يَصْنَعُ بِالْعِنَبِ ثُمَّ يخلى بين أَهْلِهِ وَبَيْنَهُ فإذا صَارَ زَبِيبًا وَتَمْرًا أَخَذَ الْعُشْرَ على ما خَرَصَهُ تَمْرًا وَزَبِيبًا من التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ ذَكَرَ أَهْلُهُ أَنَّهُ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ أَذْهَبَتْ منه شيئا أو أَذْهَبَتْهُ كُلَّهُ صُدِّقُوا فِيمَا ذَكَرُوا منه وَإِنْ اُتُّهِمُوا حَلَفُوا وَإِنْ قالوا قد أَخَذْنَا منه شيئا وَذَهَبَ شَيْءٌ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ قِيلَ ادَّعُوا فِيمَا ذَهَبَ ما شِئْتُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تَدَّعُوا إلَّا ما أَحَطْتُمْ بِهِ عِلْمًا وَاحْلِفُوا ثُمَّ يَأْخُذُ الْعُشْرَ منهم مِمَّا بقى إنْ كان فيه عُشْرٌ وَإِنْ لم يَكُنْ فِيمَا بقى في أَيْدِيهِمْ وَاسْتَهْلَكُوا عُشْرَهُ لم يُؤْخَذْ منهم منه شَيْءٌ وَإِنْ قال هَلَكَ منه شَيْءٌ لَا أَعْرِفُهُ قِيلَ له إنْ ادَّعَيْت شيئا وَحَلَفْت عليه طَرَحْنَا عَنْك من عُشْرِهِ بِقَدْرِهِ وَإِنْ لم تَدَّعِ شيئا تَعْرِفُهُ أَخَذْنَا مِنْك الْعُشْرَ على ما خَرَصْنَا عَلَيْك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قد أَحْصَيْت مَكِيلَةَ ما أَخَذْت فَكَانَتْ مَكِيلَةُ ما أَخَذْت كَذَا وما بقى كَذَا وَهَذَا خَطَأٌ في الْخَرْصِ صُدِّقَ على ما قال وَأُخِذَ منه لِأَنَّهَا زَكَاةٌ وهو فيها أَمِينٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قد سُرِقَ مِنِّي شَيْءٌ لَا أَعْرِفُهُ لم يَضْمَنْ ما سُرِقَ وَأُخِذَتْ الصَّدَقَةُ منه مِمَّا أَخَذَ وبقى إذَا عَرَفَ ما أُخِذَ وما بَقِيَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ قال قد سُرِقَ بَعْد ما صَيَّرَتْهُ إلَى الْجَرِينِ فَإِنْ سُرِقَ بعد ما يَبِسَ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الْوَالِي أو إلَى أَهْلِ السُّهْمَانِ فَقَدْ فَرَّطَ وهو له ضَامِنٌ وَإِنْ سُرِقَ بعد ما صَارَ تَمْرًا يَابِسًا ولم يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ إلَى الْوَالِي أو يُقَسِّمُهُ وقد أَمْكَنَهُ دَفْعُهُ إلَى أَهْلِ السُّهْمَانِ فَهُوَ له ضَامِنٌ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ فَإِنْ جَفَّ التَّمْرُ ولم يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ إلَى أَهْلِ السُّهْمَانِ وَلَا إلَى الْوَالِي لم يَضْمَنْ منه شيئا وَأُخِذَتْ منه الصَّدَقَةُ مِمَّا اسْتَهْلَكَ هو وبقى في يَدِهِ إنْ كانت فيه صَدَقَةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وَجَدَ بَعْضَ أَهْلِ السُّهْمَانِ ولم يَجِدْ بَعْضًا فلم يَدْفَعْهُ إلَيْهِمْ وَلَا إلَى الْوَالِي ضَمِنَ بِقَدْرِ ما اسْتَحَقَّ من وَجَدَ من أَهْلِ السُّهْمَانِ منه ولم يَضْمَنْ حَقَّ من لم يَجِدْ من أَهْلِ السُّهْمَانِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ كُلُّهُ رُطَبًا أو بُسْرًا بَعْدَ الْخَرْصِ ضَمِنَ مَكِيلَةَ خَرْصِهِ تَمْرًا مِثْلَ وَسَطِ تَمْرِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ هو وَالْوَالِي فقال وَسَطُ تَمْرِي كَذَا فَإِنْ جاء الْوَالِي بِبَيِّنَةٍ أَخَذَ منه على ما شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ لم يَكُنْ عليه بَيِّنَةٌ أَخَذَ منه على ما قال رَبُّ الْمَالِ مع يَمِينِهِ وَأَقَلُّ ما يَجُوزُ عليه في هذا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أو رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَيْسَ لِلْوَالِي أَنْ يَحْلِفَ مع شَاهِدِهِ وَلَا لِأَحَدٍ من أَهْلِ السُّهْمَانِ أَنْ يَحْلِفَ لِأَنَّهُ ليس بِمَالِكٍ شيئا مِمَّا يَحْلِفُ عنه دُونَ غَيْرِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أَصَابَ حَائِطَهُ عَطَشٌ فَعَلِمَ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ الثَّمَرَةَ فيه أَضَرَّتْ بِالنَّخْلِ وَإِنْ قَطَعَهَا بعد ما يَخْرُصُ بَطَلَ عليه كَثِيرٌ من ثَمَنِهَا كان له قَطْعُهَا وَيُؤْخَذُ عُشْرُهَا مَقْطُوعَةً فَيُقَسَّمُ على أَهْلِ السُّهْمَانِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَبِهَذَا نَأْخُذُ في كل ثَمَرَةٍ يَكُونُ لها زَبِيبٌ وَثِمَارُ الْحِجَازِ فِيمَا عَلِمْت كُلُّهَا تَكُونُ تَمْرًا أو زَبِيبًا إلَّا أَنْ يَكُونَ شيئا لَا أَعْرِفُهُ

(2/32)


فَإِنْ لم يَدْفَعْ عُشْرَهَا إلَى الْوَالِي وَلَا إلَى السُّهْمَانِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَقْطُوعًا إنْ لم يَكُنْ له مِثْلٌ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ صَيَّرَ التَّمْرَ في الْجَرِينِ لِمُسْتَحِقِّهِ فَرَشَّ عليه مَاءً أو أَحْدَثَ فيه شيئا فَتَلِفَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ أو نَقَصَ فَهُوَ ضَامِنٌ له لِأَنَّهُ الْجَانِي عليه وَإِنْ لم يَحْدُثْ منه إلَّا ما يَعْلَمُ بِهِ صَلَاحَهُ فَهَلَكَ لم يَضْمَنْهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وَضَعَ التَّمْرَ حَيْثُ كان يَضَعُهُ في جَرِينِهِ أو بَيْتِهِ أو دَارِهِ فَسُرِقَ قبل أَنْ يَجِفَّ لم يَضْمَنْ وَإِنْ وَضَعَهُ في طَرِيقٍ أو مَوْضِعٍ ليس بِحِرْزٍ لِمِثْلِهِ فَهَلَكَ ضَمِنَ عُشْرَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما أَكَلَ من التَّمْرِ بَعْدَ أَنْ يَصِيرَ في الْجَرِينِ ضَمِنَ عُشْرَهُ وَكَذَلِكَ ما أَطْعَمَ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان النَّخْلُ يَكُونُ تَمْرًا فَبَاعَهُ مَالِكُهُ رُطَبًا كُلَّهُ أو أَطْعَمَهُ كُلَّهُ أو أَكَلَهُ كَرِهْتُ ذلك له وَضَمِنَ عُشْرَهُ تَمْرًا مِثْلَ وَسَطِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان لَا يَكُونُ تَمْرًا بِحَالٍ أَحْبَبْتُ أَنْ يَعْلَمَ ذلك الْوَالِي وَأَنْ يَأْمُرَ الْوَالِي من يَبِيعُ معه عُشْرَهُ رُطَبًا فَإِنْ لم يَفْعَلْ خَرَصَهُ عليه ثُمَّ صَدَّقَ ربه ( ( ( ربما ) ) ) بِمَا بَلَغَ رُطَبَهُ وَأَخَذَ عُشْرَ رُطَبِ نَخْلِهِ ثَمَنًا فَإِنْ أَكَلَهُ كُلَّهُ أو اسْتَهْلَكَهُ كُلَّهُ أَخَذَ منه قِيمَةَ عُشْرِ رُطَبِهِ ذَهَبًا أو وَرِقًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ اسْتَهْلَكَ من رُطَبِهِ شيئا وبقى منه شَيْءٌ فقال خُذْ الْعُشْرَ مِمَّا بقى فَإِنْ كان ثَمَنُ ما اسْتَهْلَكَ أَكْثَرَ من ثَمَنِ ما بقى أَخَذَ عُشْرَ ثَمَنِ ما اسْتَهْلَكَ وَعُشْرَ ما بقى وَكَذَلِكَ لو كان أَقَلَّ ثَمَنًا أو مثله فلم يُعْطِهِ رَبُّ الْمَالِ إلَّا الثَّمَنَ كان عليه أَخْذُ ثَمَنِ الْعُشْرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان النَّظَرُ لِلْمَسَاكِينِ أَخَذَ الْعُشْرَ مِمَّا بقى من الرُّطَبِ وَفَعَلَ ذلك رَبُّ الْمَالِ أَخَذَهُ الْمُصَدِّقُ كما يَأْخُذُ لهم كُلَّ فَضْلٍ تَطَوَّعَ بِهِ رَبُّ الْمَالِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان لِرَجُلٍ نَخْلَانِ نَخْلٌ يُكَوِّنُ تَمْرًا وَنَخْلٌ لَا يُكَوِّنُ تَمْرًا أَخَذَ صَدَقَةَ الذي يُكَوِّنُ تَمْرًا تَمْرًا وَصَدَقَةَ الذي لَا يُكَوِّنُ تَمْرًا كما وَصَفْت + ( )
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ عَرَضَ رَبُّ الْمَالِ ثَمَنَ التَّمْرِ على الْمُصَدِّقِ لم يَكُنْ له أَنْ يَأْخُذَهُ بِحَالٍ كان نَظَرًا لِأَهْلِ السُّهْمَانِ أو غير نَظَرٍ وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ الصَّدَقَةِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ وَأَعْوَزَهُ أَنْ يَجِدَ تَمْرًا بِحَالٍ جَازَ ان يَأْخُذَ قِيمَتَهُ منه لِأَهْلِ السُّهْمَانِ وَهَذَا كَرَجُلٍ كان في يَدِهِ لِرَجُلٍ طَعَامٌ فَاسْتَهْلَكَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ فَإِنْ لم يُوجَدْ فَقِيمَتُهُ بِالْجِنَايَةِ بالإستهلاك لِأَنَّ هذا ليس بَيْعًا من الْبُيُوعِ لَا يَجُوزُ حتى يَقْبِضَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان يُخْرِجُ نَخْلُ رَجُلٍ بَلَحًا فَقَطَعَهُ قبل أَنْ تُرَى فيه الْحُمْرَةُ أو قَطَعَهُ طَلْعًا خَوْفَ الْعَطَشِ كَرِهْتُ ذلك له وَلَا عُشْرَ عليه فيه وَلَا يَكُونُ عليه الْعُشْرُ حتى يَقْطَعَهُ بعد ما يَحِلُّ بَيْعُهُ
( قال ) وَكُلُّ ما قُلْت في النَّخْلِ فَكَانَ في الْعِنَبِ فَهُوَ مِثْلُ النَّخْلِ لَا يَخْتَلِفَانِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت لِرَجُلٍ نَخْلٌ فيها خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَعِنَبٌ ليس فيه خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أُخِذَتْ الصَّدَقَةُ من النَّخْلِ ولم تُؤْخَذْ من الْعِنَبِ وَلَا يُضَمُّ صِنْفٌ ألى غَيْرِهِ وَالْعِنَبُ غَيْرُ النَّخْلِ وَالنَّخْلُ كُلُّهُ وَاحِدٌ فَيُضَمُّ رَدِيئُهُ إلَى جَيِّدِهِ وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ كُلُّهُ وَاحِدٌ يُضَمُّ رَدِيئُهُ إلَى جَيِّدِهِ - * بَابُ صَدَقَةِ الْغِرَاسِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِيَهُودِ خَيْبَرَ حين افْتَتَحَ خَيْبَرَ أُقِرُّكُمْ على ما أَقَرَّكُمْ اللَّهُ تَعَالَى على أَنَّ التَّمْرَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ قال فَكَانَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بن رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ عليهم ثُمَّ يقول إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي فَكَانُوا يَأْخُذُونَهُ أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن سُلَيْمَانَ بن يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بن رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُودِ خَيْبَرَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَعَبْدُ اللَّهِ بن رَوَاحَةَ كان يَخْرُصُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما قَطَعَ من ثَمَرِ نَخْلِهِ قبل أَنْ يَحِلَّ بَيْعُهُ لم يَكُنْ عليه فيه عُشْرٌ وَأَكْرَهُ ذلك له إلَّا أَنْ يَكُونَ قَطَعَ شيئا يَأْكُلُهُ أو يَطْعَمُهُ فَلَا بَأْسَ وَكَذَلِكَ أَكْرَهُ له من قَطْعِ الطَّلْعِ إلَّا ما أَكَلَ أو أَطْعَمَ أو قَطَعَهُ تَخْفِيفًا عن النَّخْلِ لِيَحْسُنَ حَمْلُهَا فَأَمَّا ما قَطَعَ من طَلْعِ الْفُحُولِ التي لَا تَكُونُ تَمْرًا فَلَا أَكْرَهُهُ

(2/33)


نَخْلًا مِلْكُهَا لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلِلنَّاسِ وَلَا شَكَّ ان قد رَضُوا بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ يُخَيِّرُهُمْ بعد ما يُعَلِّمُهُمْ الْخَرْصَ بين أَنْ يَضْمَنُوا له نِصْفَ ما خَرَصَ تَمْرًا وَيُسَلِّمُ لهم النَّخْلَ بِمَا فيه أو يَضْمَنُ لهم مِثْلَ ذلك التَّمْرِ وَيُسَلِّمُوا له النَّخْلَ بِمَا فيه وَالْعَامِلُونَ يَشْتَهُونَ أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَجُوزُ أَمْرُهُمْ على أَنْفُسِهِمْ وَالْمَدْعُوُّونَ إلَى هذا الْمَالِكُونَ يَجُوزُ أَمْرُهُمْ على انفسهم فإذا خَرَصَ الْوَاحِدُ على الْعَامِلِ وَخُيِّرَ جَازَ له الْخَرْصُ
قال وَمَنْ تُؤْخَذُ منه صَدَقَةُ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ خَلَطَ فَمِنْهُمْ الْبَالِغُ الْجَائِزُ الْأَمْرِ وَغَيْرُ الْجَائِزِ الْأَمْرِ من الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْغَائِبِ وَمَنْ يُؤْخَذُ له الْخَرْصُ من أَهْلِ السُّهْمَانِ وَأَكْثَرُ من اهل الْأَمْوَالِ فَإِنْ بُعِثَ عليهم خَارِصٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كان بَالِغًا جائر ( ( ( جائز ) ) ) الْأَمْرِ في مَالِهِ فَخَيَّرَهُ الْخَارِصُ بَعْدَ الْخَرْصِ فَاخْتَارَ مَالَهُ جَازَ عليه كما كان بن رَوَاحَةَ يَصْنَعُ وَكَذَلِكَ إنْ لم يُخَيِّرْهُمْ فُرِضُوا فَأَمَّا الْغَائِبُ لَا وَكِيلَ له وَالسَّفِيهُ فَلَيْسَ يُخَيَّرُ وَلَا يَرْضَى فَأُحِبُّ أَنْ لَا يُبْعَثَ على الْعُشْرِ خَارِصٌ وَاحِدٌ بِحَالٍ وَيُبْعَثُ اثْنَانِ فَيَكُونَانِ كَالْمُقَوِّمَيْنِ في غَيْرِ الْخَرْصِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وبعثه عبد اللَّهِ بن رَوَاحَةَ وَحْدَهُ حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ وقد يُرْوَى أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعَثَ مع عبد اللَّهِ غَيْرَهُ وقد يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعَثَ مع عبد اللَّهِ غَيْرَهُ وَإِنْ لم يذكر وَذَكَرَ عَبْدَ اللَّهِ بن رَوَاحَةَ بِأَنْ يَكُونَ الْمُقَدَّمَ وفي كُلٍّ أُحِبُّ ان يَكُونَ خَارِصَانِ او أَكْثَرُ في الْمُعَامَلَةِ وَالْعُشْرِ وقد قِيلَ يَجُوزُ خَارِصٌ وَاحِدٌ كما يَجُوزُ حَاكِمٌ وَاحِدٌ فإذا غَابَ عَنَّا قَدْرُ ما بَلَغَ التَّمْرُ جَازَ أَخْذُ الْعُشْرِ الْخَرْصِ وَإِنَّمَا يَغِيبُ ما أَخَذَ منه بِمَا يُؤْكَلُ منه رُطَبًا وَيُسْتَهْلَكُ يَابِسًا بِغَيْرِ احصاء
( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا ذَكَرَ أَهْلُهُ أَنَّهُمْ أَحْصَوْا جَمِيعَ ما فيه وكان في الْخَرْصِ عليهم أَكْثَرُ قَبِلَ منهم مع أَيْمَانِهِمْ فَإِنْ قالوا كان في الْخَرْصِ نَقْصٌ عَمَّا عليهم أَخَذَ منهم ما أَقَرُّوا بِهِ من الزِّيَادَةِ في تَمْرِهِمْ وهو يُخَالِفُ الْقِيمَةَ في هذا الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُ لَا سُوقَ له يُعْرَفُ بها يوم الْخَرْصِ كما يَكُونُ لِلسِّلْعَةِ سُوقٌ يوم التَّقْوِيمِ وقد يَتْلَفُ فَيَبْطُلُ عَنْهُمْ فِيمَا تَلِفَ الصَّدَقَةُ إذَا كان التَّلَفُ بِغَيْرِ إتْلَافِهِمْ وَيَتْلَفُ بِالسَّرَقِ من حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَضَيْعَةِ النَّخْلِ بِالْعَطَشِ وَغَيْرِهِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُؤْخَذُ من شَيْءٍ من الشَّجَرِ غَيْرُ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ فإن رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنْهُمَا فَكَانَا قُوتًا وَكَذَلِكَ لَا يُؤْخَذُ من الْكُرْسُفِ وَلَا أَعْلَمُهَا تَجِبُ في الزَّيْتُونِ لِأَنَّهُ أُدُمٌ لَا مَأْكُولَ بِنَفْسِهِ وَسَوَاءٌ الْجَوْزُ فيها وَاللَّوْزُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يَكُونُ أُدُمًا أو يُيَبَّسُ وَيُدَّخَرُ لِأَنَّ كُلَّ هذا فَاكِهَةٌ لَا انه كان بِالْحِجَازِ قُوتًا لِأَحَدٍ عَلِمْنَاهُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُخْرَصُ زَرْعٌ لِأَنَّهُ لَا يَبِينُ لِلْخَارِصِ وَقْتُهُ وَالْحَائِلُ دُونَهُ وانه لم يُخْتَبَرْ فيه من الصَّوَابِ ما اُخْتُبِرَ في النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وان الْخَبَرَ فيها ( ( ( فيهما ) ) ) خَاصٌّ وَلَيْسَ غَيْرُهُمَا في مَعْنَاهُمَا لِمَا وَصَفْت - * بَابُ صَدَقَةِ الزَّرْعِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ ما جَمَعَ أَنْ يَزْرَعَهُ الْآدَمِيُّونَ وَيُيَبَّسُ وَيُدَّخَرُ وَيُقْتَاتُ مَأْكُولًا خُبْزًا أو سَوِيقًا أو طَبِيخًا فَفِيهِ الصَّدَقَةُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) ويروي عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ أَخَذَ الصَّدَقَةَ من الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا كا ( ( ( كل ) ) ) ما وَصَفْت يَزْرَعُهُ الْآدَمِيُّونَ وَيَقْتَاتُونَهُ فَيُؤْخَذُ من الْعَلَسِ وهو حِنْطَةٌ وَالدُّخْنِ وَالسُّلْتِ وَالْقُطْنِيَّةِ كُلِّهَا حِمَّصِهَا وَعَدَسِهَا وَفُولِهَا وَدُخْنِهَا لِأَنَّ كُلَّ هذا يُؤْكَلُ خُبْزًا وَسَوِيقًا وَطَبِيخًا وَيَزْرَعُهُ الْآدَمِيُّونَ وَلَا يَتَبَيَّنُ لي أَنْ يُؤْخَذَ من الْفَثِّ وَإِنْ كان قُوتًا لِأَنَّهُ ليس مِمَّا يُنْبِتُ الْآدَمِيُّونَ وَلَا من حَبِّ الْحَنْظَلِ وَإِنْ اُقْتِيتَ لِأَنَّهُ في أبعد من هذا الْمَعْنَى من الْفَثِّ وَكَذَلِكَ لَا يُؤْخَذُ من حَبِّ شَجَرَةٍ بَرِّيَّةٍ كما لَا يُؤْخَذُ من بَقَرِ الْوَحْشِ وَلَا من الظِّبَاءِ صَدَقَةٌ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُؤْخَذُ في شَيْءٍ من الثُّفَّاءِ وَلَا الْأَسْبِيُوشِ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ من هذا أَنَّهُ يَنْبُتُ لِلدَّوَاءِ وَلَا مِمَّا في
____________________

(2/34)


مَعْنَاهُ من حُبُوبِ الْأَدْوِيَةِ وَلَا من حُبُوبِ الْبَقْلِ لِأَنَّهَا كَالْفَاكِهَةِ وَكَذَلِكَ الْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَحَبُّهُ لَا زَكَاةَ فيه لِأَنَّهُ كَالْفَاكِهَةِ وَلَا يُؤْخَذُ من حَبِّ الْعُصْفُرِ وَلَا بَزْرِ الْفُجْلِ وَلَا بَزْرِ بَقْلٍ وَلَا سِمْسِمٍ - * بَابُ تَفْرِيعِ زَكَاةِ الْحِنْطَةِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وإذا بَلَغَ صِنْفٌ من الْحُبُوبِ التي فيها الصَّدَقَةُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ وَالْقَوْلُ في كل صِنْفٍ منه جَمْعٌ جَيِّدًا وَرَدِيئًا ان يُعَدَّ بِالْجَيِّدِ مع الرَّدِيءِ كما يُعَدُّ بِذَلِكَ في التَّمْرِ غير ان اخْتِلَافَهُ لَا يُشْبِهُ اخْتِلَافَ التَّمْرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ صِنْفَيْنِ أو ثلاثه فَيُؤْخَذُ من كل صِنْفٍ منه بِقَدْرِهِ وَالتَّمْرُ يَكُونُ خَمْسِينَ جِنْسًا أو نَحْوَهَا أو اكثر وَالْحِنْطَةُ صِنْفَانِ صِنْفٌ حِنْطَةٌ تُدَاسُ حتى يَبْقَى حَبُّهَا مَكْشُوفًا لَا حَائِلَ دُونَهُ من كِمَامٍ وَلَا قِمَعٍ فَتِلْكَ إنْ بَلَغَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَفِيهَا الصَّدَقَةُ وَصِنْفٌ عَلْسٌ إذَا دِيسَتْ بَقِيَتْ حَبَّتَانِ في كِمَامٍ وَاحِدٍ لَا يُطْرَحُ عنها الْكِمَامُ إلَّا إذَا أَرَادَ أَهْلُهَا اسْتِعْمَالَهَا وَيَذْكُرُ أَهْلُهَا ان طَرْحَ الْكِمَامِ عنها يَضُرُّ بها فَإِنَّهَا لَا تَبْقَى بَقَاءَ الصِّنْفِ الْآخَرِ من الْحِنْطَةِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا طَرَحَ عنها الْكِمَامَ بِهَرْسٍ أو طَرْحٍ في رَحًى خَفِيفَةٍ ظَهَرَتْ فَكَانَتْ حَبًّا كَالْحِنْطَةِ الْأُخْرَى وَلَا يُظْهِرُهَا الدِّرَاسُ كما يُظْهِرُ الْأُخْرَى وَذَكَرَ من جَرَّبَهَا أنها إذَا كان عليها الْكِمَامُ الْبَاقِي بَعْدَ الدَّرْسِ ثُمَّ أَلْقَى ذلك الْكِمَامَ عنها صَارَتْ على النِّصْفِ مِمَّا كِيلَتْ اولا فَيُخَيَّرُ مَالِكُهَا بين أَنْ يلقى الْكِمَامَ وَتُكَالَ عليه فإذا بَلَغَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَتْ منها الصَّدَقَةُ وَبَيْنَ أَنْ تُكَالَ بِكِمَامِهَا فإذا بَلَغَتْ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَتْ منها صَدَقَتُهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ خَمْسَةٌ فَأَيُّهُمَا اخْتَارَ لم يُحْمَلْ على غَيْرِهِ فَيَضُرُّ ذلك بِهِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ سَأَلَ ان تُؤْخَذَ منه في سُنْبُلِهَا لم يَكُنْ له ذلك وَإِنْ سَأَلَ أَهْلُ الْحِنْطَةِ غير الْعَلْسِ أَنْ يُؤْخَذَ منهم في سُنْبُلِهِ لم يَكُنْ ذلك لهم كما نُجِيزُ بَيْعَ الْجَوْزِ في قِشْرِهِ وَاَلَّذِي يَبْقَى عليه حِرْزٌ له لِأَنَّهُ لو نُزِعَ منه عَجَّلَ فَسَادَهُ إذَا ألقى عنه وَلَا نُجِيزُهُ فَوْقَ الْقِشْرِ الأعلى الذي فَوْقَ الْقِشْرِ الذي دُونَهُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كانت لِرَجُلٍ حِنْطَةٌ غَيْرُ عَلْسٍ وَحِنْطَةٌ عَلْسٌ ضَمَّ احداهما إلَى الْأُخْرَى على ما وُصِفَتْ الْحِنْطَةُ بِكَيْلَتِهَا وَالْعَلْسُ في أَكْمَامِهَا بِنِصْفِ كَيْلَةٍ فَإِنْ كانت الْحِنْطَةُ التي هِيَ غَيْرُ عَلْسٍ ثَلَاثَةَ اوسق وَالْعَلْسُ وَسَقَانِ فَلَا صَدَقَةَ فيها لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ أَرْبَعَةُ أَوْسُقٍ وَنِصْفٌ وَإِنْ كانت أَرْبَعَةً فَفِيهَا صَدَقَةٌ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ خَمْسَةُ اوسق الْحِنْطَةُ ثَلَاثٌ وَالْعَلْسُ الذي هو أَرْبَعَةٌ في أَكْمَامِهِ اثْنَانِ - * بَابُ صَدَقَةِ الْحُبُوبِ غَيْرِ الْحِنْطَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ) وَلَا يُؤْخَذُ من زَرْعٍ فيه زَكَاةٌ غَيْرُ الْعَلْسِ صَدَقَةٌ حتى يُطْرَحَ عنه كِمَامُهُ وَيُكَالَ ثُمَّ تُؤْخَذُ منه الصَّدَقَةُ إذَا بَلَغَ خَمْسَةَ اوسق فَتُؤْخَذُ من الشَّعِيرِ وَلَا يُضَمُّ شَعِيرٌ إلَى حِنْطَةٍ وَلَا سَلْتٌ إلَى حِنْطَةٍ وَلَا شَعِيرٌ وَلَا أُرْزٌ إلَى دُخْنٍ وَلَا ذُرَةٍ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالذُّرَةُ ذرتان ذُرَةٌ بِطَيْسٍ لَا كِمَامَ عليه وَلَا قِمَعَ بَيْضَاءَ وَذُرَةٌ عليها شَيْءٌ أَحْمَرُ كَالْحَلْقَةِ أو الثفروق إلَّا أَنَّهُ أَرَقُّ وَكَقِشْرَةِ الْحِنْطَةِ دَقِيقٌ لَا يُنْقِصُ لها كَيْلًا وَلَا يَخْرُجُ إلَّا مَطْحُونًا وَقَلَّمَا يَخْرُجُ بِالْهَرْسِ فَكِلَاهُمَا يُكَالُ وَلَا يُطْرَحُ لِكَيْلِهِ شَيْءٌ كما يُطْرَحُ لِأَطْرَافِ الشَّعِيرِ الْحَدِيدَةُ وَلَا قِمَعَ التَّمْرَةِ وَإِنْ كان مُبَايِنًا لِلتَّمْرَةِ وَهَذَا لَا يُبَايِنُ الْحَبَّةَ لِأَنَّهُ موتصل ( ( ( متصل ) ) ) بِنَفْسِ الْخِلْقَةِ وكمالا يُطْرَحُ لِنُخَالَةِ الشَّعِيرِ وَلَا الْحِنْطَةِ شَيْءٌ
____________________

(2/35)



( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُضَمُّ الدُّخْنُ إلَى الْجُلْبَانِ وَلَا الْحِمَّصُ إلَى الْعَدَسِ وَلَا الْفُولُ إلَى غَيْرِهِ وَلَا حَبَّةٌ عُرِفَتْ بِاسْمٍ مُنْفَرِدٍ دُونَ صَاحِبِهَا وَخِلَافُهَا بَائِنٌ فى الْخِلْقَةِ وَالطَّعْمِ وَالثَّمَرِ إلَى غَيْرِهَا وَيُضَمُّ كُلُّ صِنْفٍ من هذا أَكْبَرُ إلَى ما هو أَصْغَرُ منه وَكُلُّ صِنْفٍ اسْتَطَالَ إلَى ما تَدَحْرَجَ منه
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَعْلَمُ في التُّرْمُسِ صَدَقَةً وَلَا أَعْلَمُهُ يُؤْكَلُ إلَّا دَوَاءً أو تَفَكُّهًا لَا قُوتًا وَلَا صَدَقَةَ فى بَصَلٍ وَلَا ثُومٍ لِأَنَّ هذا لَا يُؤْكَلُ إلَّا أَبْزَارًا أو أُدُمًا
( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قِيلَ فَاسْمُ الْقُطْنِيَّةِ يَجْمَعُ الْحِمَّصَ وَالْعَدَسَ قِيلَ نعم قد يُفَرَّقُ لها أَسْمَاءٌ يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ منها بِاسْمٍ دُونَ صَاحِبِهِ وقد يَجْمَعُ اسْمُ الْحُبُوبِ مَعَهَا الْحِنْطَةَ وَالذُّرَةَ فَلَا يُضَمُّ بِجِمَاعِ اسْمِ الْحُبُوبِ وَلَا يُجْمَعُ إلَيْهَا وَيَجْتَمِعُ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ في الْحَلَاوَةِ وَأَنْ يَخْرُصَا ثُمَّ لَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا على الْآخَرِ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ أَخَذَ عُمَرُ الْعُشْرَ من النَّبَطِ فى الْقُطْنِيَّةِ قِيلَ وقد أَخَذَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وما أَنْبَتَتْ الْأَرْضُ مِمَّا فيه زَكَاةُ الْعُشْرِ وكان اجْتِمَاعُهُ فى أَنَّ فيه الْعُشْرَ غير دَالٍ على جَمْعِ بَعْضِهِ إلَى بَعْضٍ وقد أَخَذَ عُمَرُ من النَّبَطِ من الزَّبِيبِ وَالْقُطْنِيَّةِ الْعُشْرَ فَيُضَمُّ الزَّبِيبُ إلَى الْقُطْنِيَّةِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُؤْخَذُ زَكَاةُ شَيْءٍ مِمَّا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ مِمَّا يُيَبَّسُ حتى يُيَبَّسَ وَيُدْرَسَ كما وَصَفْت وَيُيَبَّسُ تَمْرُهُ وَزَبِيبُهُ وينتهى يُبْسُهُ فَإِنْ أَخَذَ الزَّكَاةَ منه رُطَبًا كَرِهْته له وكان عليه رَدُّهُ أو رَدُّ قِيمَتِهِ إنْ لم يُوجَدْ مِثْلُهُ وَأَخَذَهُ يَابِسًا لَا أُجِيزُ بَيْعَ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ رُطَبًا لِاخْتِلَافِ نُقْصَانِهِ وَأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَجْهُولٌ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْعُشْرُ مُقَاسَمَةً كَالْبَيْعِ فَإِنْ أَخَذَهُ رُطَبًا فَيَبِسَ فى يَدِهِ كَمَالٍ يَبْقَى في يدى صَاحِبِهِ فَإِنْ كان اسْتَوْفَى فَذَلِكَ له وَإِنْ كان ما فى يَدِهِ أَزْيَدَ من الْعُشْرِ رَدَّ الزِّيَادَةَ وَإِنْ كان أَنْقَصَ أَخَذَ النُّقْصَانَ وَإِنْ جَهِلَ صَاحِبُهُ ما فى يَدِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِهِ وَيَرُدُّ هذا ما فى يَدِهِ إنْ كان رُطَبًا حتى يُيَبَّسَ
( قال ) وَهَكَذَا إنْ أَخَذَ الْحِنْطَةَ في أَكْمَامِهَا ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أَخَذَهُ رُطَبًا فَفَسَدَ فى يدى الْمُصَدِّقِ فَالْمُصَدِّقُ ضَامِنٌ لِمِثْلِهِ لِصَاحِبِهِ أو قِيمَتِهِ إنْ لم يُوجَدْ له مِثْلٌ وَيَرْجِعُ عليه بِأَنْ يَأْخُذَ عشرة منه يَابِسًا ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَخَذَهُ رُطَبًا من عِنَبٍ لَا يَصِيرُ زَبِيبًا أو رُطَبًا لَا يَصِيرُ تَمْرًا كَرِهْته وَأَمَرْته بِرَدِّهِ لِمَا وَصَفْتُ من أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ رُطَبًا فَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ ضَمِنَ مثله أو قِيمَتَهُ وَتَرَادَّا الْفَضْلَ منه وكان شَرِيكًا فى الْعِنَبِ بِبَيْعِهِ ويعطى أَهْلَ السُّهْمَانِ ثَمَنَهُ وَإِنْ كان لَا يَتَزَبَّبُ فَلَوْ قَسَمَهُ عِنَبًا مُوَازَنَةً وَأَخَذَ عشرة وَأَعْطَى أَهْلَ السُّهْمَانِ كَرِهْته ولم يَكُنْ عليه غُرْمٌ - * بَابُ الْوَقْتِ الذى تُؤْخَذُ فيه الصَّدَقَةُ مِمَّا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا بَلَغَ ما أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ ما يَكُونُ فيه الزَّكَاةُ اخذت صَدَقَتُهُ ولم يُنْتَظَرْ بها حَوْلٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل وَآتَوْا حَقَّهُ يوم حَصَادِهِ ولم يَجْعَلْ له وَقْتًا إلَّا الْحَصَادَ وَاحْتَمَلَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل يوم حَصَادِهِ إذَا صَلَحَ بَعْدَ الْحَصَادِ وَاحْتَمَلَ يوم يُحْصَدُ وَإِنْ لم يَصْلُحْ فَدَلَّتْ سُنَّةُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على أَنْ
____________________

(2/36)


تُؤْخَذَ بعد ما يَجِفُّ لَا يوم يُحْصَدُ النَّخْلُ وَالْعِنَبُ وَالْأَخْذُ مِنْهُمَا زَبِيبًا وَتَمْرًا فَكَانَ كَذَلِكَ كُلُّ ما يَصْلُحُ بِجُفُوفٍ وَدَرْسٍ مِمَّا فيه الزَّكَاةُ مِمَّا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ وَهَكَذَا زَكَاةُ ما أُخْرِجَ من الْأَرْضِ من مَعْدِنٍ لَا يُؤْخَذُ حتى يَصْلُحَ فَيَصِيرُ ذَهَبًا أو فِضَّةً وَيُؤْخَذُ يوم يَصْلُحُ
( قال الشافعى ) وَزَكَاةُ الرِّكَازِ يوم يُؤْخَذُ لِأَنَّهُ صَالِحٌ بِحَالِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إصْلَاحٍ وَكُلُّهُ مِمَّا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ - * بَابُ الزَّرْعِ فى أَوْقَاتٍ - * الذُّرَةُ تُزْرَعُ مَرَّةً فَتُخْرَجُ فَتُحْصَدُ ثُمَّ تُسْتَخْلَفُ فى كَثِيرِ من الْمَوَاضِعِ فَتُحْصَدُ أُخْرَى فَهَذَا كُلُّهُ كَحَصْدَةٍ وَاحِدَةٍ يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ لِأَنَّهُ زَرْعٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اسْتَأْخَرَتْ حَصْدَتُهُ الْآخِرَةُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا إذَا بُذِرَتْ وَوَقْتُ الْبِذَارِ بَذْرٌ الْيَوْمَ وَبَذْرٌ بَعْدَ شَهْرٍ لِأَنَّ هذا كُلَّهُ وَقْتٌ وَاحِدٌ لِلزَّرْعِ وَتَلَاحُقُ الزَّرْعِ فيه مُتَقَارِبٌ
( قال ) وإذا بَذَرَ ذُرَةً بَطِيسًا وَحَمْرَاءَ وَمَجْنُونَةً وَهُمْ فى أَوْقَاتٍ فَأَدْرَكَ بَعْضَهَا قبل بَعْضٍ ضَمَّ الْأَوَّلَ الْمُدْرَكَ إلَى الذى يَلِيه والذى يَلِيه إلَى الْمَبْذُورِ بَعْدَ هذه فإذا بَلَغَ كُلُّهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَجَبَتْ فيه الصَّدَقَةُ
( قال الشافعى ) وإذا كان حَائِطًا فيه عِنَبٌ أو رُطَبٌ فَبَلَغَ بَعْضُهُ قبل بَعْضٍ فى عَامٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كان بين ما يَجِفُّ وَيُقْطَفُ منه أَوَّلًا وَآخِرَ الشَّهْرِ وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ ضُمَّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ وَهَذِهِ ثَمَرَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ ما تُخْرِجُ الْأَرْضُ كُلَّهُ يُدْرِكُ هذا وَيَبْذُرُ هذا
( قال ) وإذا كانت لِرَجُلٍ نَخَلَاتٌ يُطْلِعْنَ فَيَكُونُ فِيهِنَّ الرُّطَبُ وَالْبُسْرُ وَالْبَلَحُ وَالطَّلْعُ فى وَقْتٍ وَاحِدٍ فَيَجِدُّ الرُّطَبَ ثُمَّ يُدْرِكُ الْبُسْرَ فَيَجِدُّ ثُمَّ يُدْرِكُ الْبَلَحَ فَيَجِدُّ ثُمَّ يُدْرِكُ الطَّلْعَ فَيَجِدُّ ضَمَّ هذا كُلَّهُ وَحَسَبَ على صَاحِبِهِ كما يَحْسِبُ إطْلَاعَةً وَاحِدَةً فى جُدَّةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ ثَمَرُ نَخْلِهِ فى وَقْتٍ وَاحِدٍ
( قال الشافعى ) وإذا كان لِرَجُلٍ حَائِطٌ بِنَجْدٍ وَآخَرُ بِالشَّعْفِ وَآخَرُ بِتِهَامَةَ فَجَدَّ التهامى ثُمَّ الشعفى ثُمَّ النجدى فَهَذِهِ ثَمَرَةُ عَامٍ وَاحِدٍ يَضُمُّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ
( قال الشافعى ) وَبَعْضُ أَهْلِ اليمن ( ( ( اليم ) ) ) يَزْرَعُونَ فى السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ فى الْخَرِيفِ وَوَقْتٍ يُقَالُ له الشُّبَاطُ فَإِنْ كان قَوْمٌ يَزْرَعُونَ هذا الزَّرْعَ أو يَزْرَعُونَ فى السَّنَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فى أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ من خَرِيفٍ وَرَبِيعٍ وَحَمِيمٍ أو صَيْفٍ فَزَرَعُوا فى هذا حِنْطَةً أو أُرْزًا أو حَبًّا فَإِنْ كان من صِنْفٍ وَاحِدٍ فَفِيهِ أَقَاوِيلُ منها أَنَّ الزَّرْعَ إذَا كان فى سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَأُدْرِكَ بَعْضُهُ فيها وَبَعْضُهُ فى غَيْرِهَا ضَمَّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ وَمِنْهَا أَنَّهُ يُضَمُّ منه ما أُدْرِكَ منه فى سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وما أُدْرِكَ فى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ضُمَّ إلَى ما أُدْرِكَ من سَنَتِهِ التى أُدْرِكَ فيها وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا زُرِعَ فى أَزْمَانٍ مُخْتَلِفَةٍ كما وَصَفْت لم يُضَمَّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ
( قال الشافعى ) وَأَمَّا ما زُرِعَ فى خَرِيفٍ أو بُكِّرَ شَيْءٌ منه وَتَأَخَّرَ شَيْءٌ منه فَالْخَرِيفُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَيُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ وَكَذَلِكَ ما زُرِعَ فى الرَّبِيعِ فى أَوَّلِ شُهُورِهِ وَآخِرِهَا وَكَذَلِكَ الصَّيْفُ إنْ زُرِعَ فيه
( قال ) وَلَا يُضَمُّ زَرْعُ سَنَةٍ إلَى زَرْعِ سَنَةٍ غَيْرِهَا وَلَا ثَمَرَةُ سَنَةٍ إلَى ثَمَرَةِ سَنَةٍ غَيْرِهَا وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُصَدِّقُ وَرَبُّ الزَّرْعِ وفى يَدِهِ زَرْعٌ فقال هذا زَرْعُ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وقال رَبُّ الزَّرْعِ بَلْ سَنَتَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الزَّرْعِ مع يَمِينِهِ وَإِنْ اُتُّهِمَ وَعَلَى الْمُصَدِّقِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ ضَمَّ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ وَهَذَا هَكَذَا فى كل ما فيه صَدَقَةٌ - * بَابُ قَدْرِ الصَّدَقَةِ فِيمَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ - *
( قال الشافعى ) رَحِمَهُ اللَّهُ بلغنى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال قَوْلًا مَعْنَاهُ ما سقى بِنَضْحٍ أو غَرْبٍ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ وما سقى بِغَيْرِهِ من عَيْنٍ أو سَمَاءٍ فَفِيهِ الْعُشْرُ
( قال الشافعى ) وبلغنى أَنَّ هذا الحديث يُوصَلُ من حديث بن أبى ذُبَابٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ولم أَعْلَمْ مُخَالِفًا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشافعى قال أخبرنا أَنَسُ بن عِيَاضٍ عن مُوسَى بن عُقْبَةَ عن نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بن عُمَرَ كان يقول صَدَقَةُ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ ما كان نَخْلًا أو كَرْمًا أو زَرْعًا أو شَعِيرًا أو سَلْتًا فما كان منه بَعْلًا أو يُسْقَى بِنَهْرٍ أو يُسْقَى بِالْعَيْنِ أو عَثَرِيًّا بِالْمَطَرِ فَفِيهِ الْعُشْرُ فى كل عَشْرَةٍ وَاحِدٌ
____________________

(2/37)


وما كان منه يُسْقَى بِالنَّضْحِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ فى كل عِشْرِينَ وَاحِدٌ
( قال الشافعى ) فَبِهَذَا نَأْخُذُ فَكُلُّ ما سَقَتْهُ الْأَنْهَارُ أو السُّيُولُ أو الْبِحَارُ أو السَّمَاءُ أو زُرِعَ عَثَرِيًّا مِمَّا فيه الصَّدَقَةُ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَكُلُّ ما يُزْرَعُ بِرِشَاءٍ من تَحْتِ الْأَرْضِ الْمَسْقِيَّةِ يُصَبُّ فَوْقَهَا فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَذَلِكَ أَنْ يُسْقَى من بِئْرٍ أو نَهْرٍ أو نَجْلٍ بِدَلْوٍ يُنْزَعُ أو بِغَرْبٍ بِبَعِيرٍ أو بَقَرَةٍ أو غَيْرِهَا أو بِزُرْنُوقٍ أو مَحَالَةٍ أو دُولَابٍ
( قال ) فَكُلُّ ما سقى هَكَذَا فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ
( قال ) فَإِنْ سقى شَيْءٌ من هذا بِنَهْرٍ أو سَيْلٍ أو ما يَكُونُ فيه الْعُشْرُ فلم يَكْتَفِ حتى سقى بِالْغَرْبِ فَالْقِيَاسُ فيه أَنْ نَنْظُرَ إلَى ما عَاشَ بِالسَّقِيَّتَيْنِ فَإِنْ كان عَاشَ بِهِمَا نِصْفَيْنِ كان فيه ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَإِنْ كان عَاشَ بِالسَّيْلِ أَكْثَرَ زِيدَ فيه بِقَدْرِ ذلك وَإِنْ كان عَاشَ بِالْغَرْبِ أَكْثَرَ نقص ( ( ( نقض ) ) ) بِقَدْرِ ذلك
( قال ) وقد قِيلَ يَنْظُرُ أَيُّهُمَا عَاشَ بِهِ أَكْثَرَ فَتَكُونُ صَدَقَتُهُ بِهِ فَإِنْ عَاشَ بِالسَّيْلِ أَكْثَرَ فَتَكُونُ صَدَقَتُهُ الْعُشْرَ أو عَاشَ بِالْغَرْبِ أَكْثَرَ فَتَكُونُ صَدَقَتُهُ نِصْفَ الْعُشْرِ
( قال الشافعى ) وَإِنْ كان فيه خَبَرٌ فَالْخَبَرُ أَوْلَى بِهِ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ ما وَصَفْت وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الزَّرْعِ مع يَمِينِهِ وَعَلَى الْمُصَدِّقِ الْبَيِّنَةُ إنْ خَالَفَ رَبَّهُ
( قال الشافعى ) وَأَخْذُ الْعُشْرِ أَنْ يُكَالَ لِرَبِّ الْمَالِ تِسْعَةٌ وَيَأْخُذَ الْمُصَدِّقُ الْعَاشِرَ وَهَكَذَا أَخْذُ نِصْفِ الْعُشْرِ يُكَالُ لِرَبِّ الْمَالِ تِسْعَةَ عَشَرَ وَيَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ تَمَامَ الْعِشْرِينَ
( قال ) فما زَادَ على عَشَرَةٍ مِمَّا لَا يَبْلُغُهَا أُخِذَ منه بِحِسَابٍ وَسَوَاءٌ ما زَادَ مِمَّا قَلَّ أو كَثُرَ إذَا وَجَبَتْ فيه الصَّدَقَةُ ففى الزِّيَادَةِ على الْعَشَرَةِ صَدَقَتُهَا
( قال ) وَيُكَالُ لِرَبِّ الْمَالِ ووالى الصَّدَقَةِ كَيْلًا وَاحِدًا لَا يَلْتَفُّ منه شَيْءٌ على الْمِكْيَالِ وَلَا يُدَقُّ وَلَا يُزَلْزَلُ الْمِكْيَالُ وَيُوضَعُ على الْمِكْيَالِ فما أَمْسَكَ رَأْسَهُ أَفْرَغَ بِهِ وَإِنْ بَلَغَ ما يُؤْخَذُ نِصْفَ عشرة خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَتْ منه الصَّدَقَةُ كما تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ فِيمَا يُؤْخَذُ عُشْرُهُ
( قال ) وَإِنْ حَثَى التَّمْرَ فى قِرَبٍ أو جِلَالٍ أو جِرَارٍ أو قَوَارِيرَ فَدَعَا رَبُّ التَّمْرِ والى الصَّدَقَةِ إلَى أَنْ يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ منه عَدَدًا أو وَزْنًا لم يَكُنْ ذلك له وكان عليه أَنْ يَأْخُذَ مَكِيلَهُ على الْخَرْصِ
( قال ) وَكَذَلِكَ لو أَغْفَلَ الْخَرْصَ فَوَجَدَ فى يَدَيْهِ تَمْرًا أَخَذَهُ كَيْلًا وَصَدَّقَ رَبُّ الْمَالِ على ما بَلَغَ كَيْلَهُ وما مَضَى منه رُطَبًا أَخَذَهُ على التَّصْدِيقِ له أو خَرَصَهُ فَأَخَذَهُ على الْخَرْصِ
( قال الشافعى ) وَهَكَذَا لو دَعَاهُ إلَى أَنْ يَأْخُذَ منه حِنْطَةً أو شيئا من الْحُبُوبِ جُزَافًا أو مُعَادَةً فى غَرَائِرَ أو أَوْعِيَةٍ أو وَزْنًا لم يَكُنْ ذلك له وكان عليه أَنْ يستوفى ذلك منه
( قال الشافعى ) وإذا أَغْفَلَ الوالى الْخَرْصَ قبل قَوْلِ صَاحِبِ التَّمْرِ مع يَمِينِهِ - * بَابُ الصَّدَقَةِ فى الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ - *
( قال الشافعى ) ليس فى الزَّعْفَرَانِ وَلَا الْوَرْسِ صَدَقَةٌ لِأَنَّ كَثِيرًا من الْأَمْوَالِ لَا صَدَقَةَ فيها وَإِنَّمَا أَخَذْنَا الصَّدَقَةَ خَبَرًا أو بِمَا في مَعْنَى الْخَبَرِ وَالزَّعْفَرَانُ وَالْوَرْسُ طِيبٌ لَا قُوتٌ وَلَا زَكَاةَ فى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كما لَا يَكُونُ فى عَنْبَرٍ وَلَا مِسْكٍ وَلَا غَيْرِهِ من الطِّيبِ زَكَاةٌ
( قال ) وَكَذَلِكَ لَا خُمْسَ فى لؤلؤ ( ( ( لؤلؤة ) ) ) وَلَا زَكَاةَ فى شَيْءٍ يُلْقِيه الْبَحْرُ من حِلْيَتِهِ وَلَا يُؤْخَذُ من صَيْدِهِ - * بَابُ أَنْ لَا زَكَاةَ فى الْعَسَلِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشافعى قال أخبرنا أَنَسُ بن عِيَاضٍ عن الحرث بن عبد الرحمن بن أبى ذُبَابٍ عن أبيه عن سَعْدِ بن أبي ذُبَابٍ قال قَدِمْت على رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَسْلَمْتُ ثُمَّ قُلْت يا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لقومى ما أَسْلَمُوا عليه من أَمْوَالِهِمْ قال فَفَعَلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَاسْتَعْلَمَنِي عليهم ثُمَّ استعملنى ( ( ( استعلمني ) ) ) أبو بَكْرٍ
____________________

(2/38)


ثُمَّ عُمَرُ قال وكان سَعْدٌ من أَهْلِ السَّرَاةِ قال فَكَلَّمْت قَوْمِي في الْعَسَلِ فَقُلْت لهم زَكُّوهُ فإنه لَا خَيْرَ في ثَمَرَةٍ لَا تُزَكَّى فَقَالُوا كَمْ تَرَى قال فَقُلْت الْعُشْرُ فَأَخَذَتْ منهم الْعُشْرَ فَأَتَيْت عُمَرَ بن الْخَطَّابِ فَأَخْبَرْته بِمَا كان قال فَقَبَضَهُ عُمَرُ فَبَاعَهُ ثُمَّ جَعَلَ ثَمَنَهُ في صَدَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن أبي بَكْرٍ قال جاء كِتَابٌ من عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ إلَى أبي وهو ب منى أَنْ لَا يَأْخُذَ من الْخَيْلِ وَلَا من الْعَسَلِ صَدَقَةً (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) لَا صَدَقَةَ في الْعَسَلِ وَلَا في الْخَيْلِ فَإِنْ تَطَوَّعَ أَهْلُهُمَا بِشَيْءٍ قُبِلَ منهم وَجُعِلَ في صَدَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ وقد قَبِلَ عُمَرُ بن الْخَطَّابِ من أَهْلِ الشَّامِ أَنْ تَطَوَّعُوا بِالصَّدَقَةِ عن الْخَيْلِ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ عن كل شَيْءٍ تُقْبَلُ مِمَّنْ تَطَوَّعَ بها - * بَابُ صَدَقَةِ الْوَرِقِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عَمْرِو بن يحيى الْمَازِنِيِّ عن أبيه قال سَمِعْت أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يقول قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ليس فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ قال حدثنا عَمْرُو بن يحيى الْمَازِنِيُّ قال أخبرني أبي أَنَّهُ سمع أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يقول قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ( 1 ) وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ من الْوَرِقِ صَدَقَةٌ أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشافعى قال أخبرنا مَالِكٌ قال أخبرنا محمد بن عبد اللَّهِ بن عبد الرحمن بن أبي صَعْصَعَةَ عن أبيه عن أبي سَعِيدٍ الخدرى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ من الْوَرِقِ صَدَقَةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا نَأْخُذُ فإذا بَلَغَ الْوَرِقُ خَمْسَ أواقي ( ( ( أواق ) ) ) وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ بِدَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ وَكُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ من دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ من ذَهَبٍ بِمِثْقَالِ الْإِسْلَامِ فَفِي الْوَرِقِ الصَّدَقَةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ كان الْوَرِقُ دَرَاهِمَ جِيَادًا مُصَفَّاةً غَايَةُ سِعْرِهَا عَشَرَةٌ بِدِينَارٍ أو وَرِقًا تِبْرًا ثَمَنُ عِشْرِينَ منه دِينَارٌ وَلَا أَنْظُرُ إلَى قِيمَتِهِ من غَيْرِهِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ فيه نَفْسِهِ كما لَا أَنْظُرُ إلَى ذلك في الْمَاشِيَةِ وَلَا الزَّرْعِ وَأَضُمُّ كُلَّ جَيِّدٍ من صِنْفٍ إلَى رَدِيءٍ من صِنْفِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت لِرَجُلٍ مِائَتَا دِرْهَمٍ تَنْقُصُ حَبَّةً أو أَقَلَّ وَتَجُوزُ جَوَازُ الْوَازِنَةِ أولها فَضْلٌ على الْوَازِنَةِ غَيْرَهَا فَلَا زَكَاةَ فيها كما لو كانت له أَرْبَعٌ من الْإِبِلِ تَسْوَى أَلْفَ دِينَارٍ لم يَكُنْ فيها شَاةٌ وفي خَمْسٍ من الْإِبِلِ لَا تَسْوَى عَشَرَةَ دَنَانِيرَ شَاةٌ وَكَمَا لو كانت له أَرْبَعَةُ أَوْسُقٍ بَرْدِيٍّ خَيْرُ قِيمَتِهِ من مِائَةِ وَسْقٍ لَوْنٍ لم يَكُنْ فيها زَكَاةٌ ( قال ) وَمَنْ قال بِغَيْرِ هذا فَقَدْ خَالَفَ سُنَّةَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَوْجَبَ الزَّكَاةَ في أَقَلِّ من خَمْسِ أواقي ( ( ( أواق ) ) ) وقد طَرَحَهَا النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في أَقَلِّ من خَمْسِ أواقي ( ( ( أواق ) ) ) + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كانت لِرَجُلٍ وَرِقٌ رَدِيئَةٌ وَوَرِقٌ جَيِّدَةٌ أَخَذَ من كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ الزَّكَاةِ التي وَجَبَتْ عليه من الْجَيِّدِ بِقَدْرِهِ وَمِنْ الرَّدِيءِ بِقَدْرِهِ ( قال ) وَإِنْ كانت له وَرِقٌ مَحْمُولٌ عليها نُحَاسٌ أو غِشٌّ أَمَرْت بِتَصْفِيَتِهَا وَأَخَذْت زَكَاتَهَا إذَا صَفَتْ إذَا بَلَغَتْ ما تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ وإذا تَطَوَّعَ فَأَدَّى عنها وَرِقًا غير مَحْمُولٍ عليه الْغِشُّ دُونَهَا قُبِلَ منه وَأَكْرَهُ له الْوَرِقَ الْمَغْشُوشَ لِئَلَّا يَغُرَّ بِهِ أَحَدًا أو يَمُوتَ فَيَغُرُّ بِهِ وَارِثُهُ أَحَدًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَضُمُّ الْوَرِقُ التِّبْرَ إلَى الدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ ( قال ) وإذا كانت لِرَجُلٍ فِضَّةٌ قد خَلَطَهَا بِذَهَبٍ كان عليه أَنْ يُدْخِلَهَا النَّارَ حتى يُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا فَيُخْرِجُ الصَّدَقَةَ من كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ أَخْرَجَ الصَّدَقَةَ من كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا على قَدْرِ ما أَحَاطَ بِهِ فَلَا بَأْسَ وَكَذَلِكَ إنْ لم يُحِطْ عِلْمُهُ فَاحْتَاطَ حتى يَسْتَيْقِنَ أَنْ قد أَخْرَجَ من كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا ما فيه أو أَكْثَرَ فَلَا بَأْسَ ( قال ) وَإِنْ وَلَّى أَخَذَ ذلك منه الْوَالِي
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَسَعْدُ بن أبي ذُبَابٍ يحكى ما يَدُلُّ على أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يَأْمُرْهُ بِأَخْذِ الصَّدَقَةِ من الْعَسَلِ وَأَنَّهُ شَيْءٌ رَآهُ فَتَطَوَّعَ له بِهِ أَهْلُهُ

(2/39)


لم يَكُنْ له قَبُولُ هذا منه إلَّا أَنْ يَحْلِفَ على شَيْءٍ يُحِيطُ بِهِ فَيَقْبَلُهُ منه فَأَمَّا ما غَابَ عِلْمُهُ عنه فَلَا يَقْبَلُ ذلك منه فيه حتى يَقُولَ له أَهْلُ الْعِلْمِ لَا يَكُونُ فيه أَكْثَرُ مِمَّا قال وَإِنْ لم يَقُولُوا له لم يَحْلِفْ على إحَاطَةِ أَدَائِهِ عليه فَأَخَذَ من كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا الصَّدَقَةَ بِقَدْرِ ما فيه (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت لِرَجُلٍ أَقَلُّ من خَمْسِ أَوَاقِي فِضَّةٍ حَاضِرَةٍ وما يُتِمُّ خَمْسَ أَوَاقِي فِضَّةٍ دَيْنًا أو غَائِبَةً في تِجَارَةٍ أَحْصَى الْحَاضِرَةَ وَانْتَظَرَ الدَّيْنَ فإذا اقْتَضَاهُ وَقَوَّمَ الْعَرْضَ الذي في تِجَارَةٍ فَبَلَغَ ذلك كُلُّهُ ما يؤدي فيه الزَّكَاةُ أَدَّاهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَزَكَاةُ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ رُبْعُ عُشْرِهِ لَا يُزَادُ عليه وَلَا يَنْقُصُ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا بَلَغَ الْوَرِقُ وَالذَّهَبُ ما تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ أَخَذَ رُبْعَ عُشْرِهِ وما زَادَ على أَقَلِّ ما تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ أَخَذَ رُبْعَ عُشْرِهِ وَلَوْ كانت الزِّيَادَةُ قِيرَاطًا أَخَذَ رُبْعَ عُشْرِهِ - * بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ - * ( أخبرنا ) الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وَلَا أَعْلَمُ اخْتِلَافًا في أَنَّ ليس في الذَّهَبِ صَدَقَةٌ حتى يَبْلُغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا فإذا بَلَغَتْ عِشْرِينَ مِثْقَالًا فَفِيهَا الزَّكَاةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْقَوْلُ في أنها إنَّمَا تُؤْخَذُ منها الزَّكَاةُ بِوَزْنٍ كان الذَّهَبُ جَيِّدًا أو رَدِيئًا أو دَنَانِيرَ أو إنَاءً أو تِبْرًا كَهُوَ في الْوَرِقِ وَأَنَّ الدَّنَانِيرَ إذَا نَقَصَتْ عن عِشْرِينَ مِثْقَالًا حَبَّةً أو أَقَلَّ من حَبَّةٍ وَإِنْ كانت تَجُوزُ كما تَجُوزُ الْوَازِنَةُ أو كان لها فَضْلٌ على الْوَازِنَةِ لم يُؤْخَذْ منها زَكَاةٌ لِأَنَّ الزَّكَاةَ بِوَزْنٍ وَفِيمَا خُلِطَ بِهِ الذَّهَبُ وَغَابَ منها وَحَضَرَ كَالْقَوْلِ في الْوَرِقِ لَا يَخْتَلِفُ في شَيْءٍ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كانت لِرَجُلٍ عِشْرُونَ مِثْقَالًا من ذَهَبٍ إلَّا قِيرَاطًا أو خَمْسَ أَوَاقِي فِضَّةٍ إلَّا قِيرَاطًا لم يَكُنْ في وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَكَاةٌ وَلَا يُجْمَعُ الذَّهَبُ إلَى الْوَرِقِ وَلَا الْوَرِقُ إلَى الذَّهَبِ وَلَا صِنْفٌ مِمَّا فيه الصَّدَقَةُ إلَى صِنْفٍ ( قال ) وإذا لم يُجْمَعْ التَّمْرُ إلَى الزَّبِيبِ وَهُمَا يُخْرَصَانِ وَيُعَشَّرَانِ وَهُمَا حُلْوَانِ مَعًا وَأَشَدُّ تَقَارُبًا في الثَّمَرِ وَالْخِلْقَةِ من الذَّهَبِ إلَى الْوَرِقِ فَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُغْلِظَ بِأَنْ يَجْمَعَ الذَّهَبَ إلَى الْفِضَّةِ وَلَا يَشْتَبِهَانِ في لَوْنٍ وَلَا ثَمَنٍ وَيُجِلُّ الْفَضْلَ في أَحَدِهِمَا على الْآخَرِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَا من جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ خَالَفَ سُنَّةَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في أَنَّهُ قال ليس فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ من الْوَرِقِ صَدَقَةٌ فَأَخَذَ هذا في أَقَلِّ من خَمْسِ أَوَاقٍ فَإِنْ قال قد ضَمَمْت إلَيْهَا غَيْرَهَا قِيلَ فَضُمَّ إلَيْهَا ثَلَاثِينَ شَاةً أو أَقَلَّ من ثَلَاثِينَ بَقَرَةً فَإِنْ قال لَا أَضُمُّهَا وَإِنْ كانت مِمَّا فيه الصَّدَقَةُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ من جِنْسِهَا فَكَذَلِكَ الذَّهَبُ ليس من جِنْسِ الْفِضَّةِ وَلَا يَكُونُ على رَجُلٍ زَكَاةٌ في ذَهَبٍ حتى يَكُونَ عِشْرِينَ دِينَارًا في أَوَّلِ الْحَوْلِ وَآخِرِهِ فَإِنْ نَقَصَتْ من عِشْرِينَ قبل الْحَوْلِ بِيَوْمٍ ثُمَّ تَمَّتْ عِشْرِينَ لم يَكُنْ فيها زَكَاةٌ حتى يُسْتَقْبَلَ بها حَوْلٌ من يَوْمِ تَتِمُّ ( قال ) وإذا اتَّجَرَ رَجُلٌ في الذَّهَبِ فَأَصَابَ ذَهَبًا فَضْلًا لم يَضُمَّ الذَّهَبَ الْفَضْلَ إلَى الذَّهَبِ قَبْلَهُ وَالذَّهَبُ قَبْلَهُ على حَوْلِهِ وَيَسْتَقْبِلُ بِالْفَضْلِ حَوْلًا من يَوْمِ أَفَادَ كَالْفَائِدَةِ غَيْرَهُ من غَيْرِ رِبْحِ الذَّهَبِ وَهَكَذَا هذا في الْوَرِقِ لَا يَخْتَلِفُ - * بَابُ زَكَاةِ الْحُلِيِّ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عبد الرحمن بن الْقَاسِمِ عن أبيه عن عَائِشَةَ أنها كانت تلى بَنَاتَ أَخِيهَا يَتَامَى في حِجْرِهَا لَهُنَّ الْحُلِيُّ وَلَا تُخْرِجُ منه الزَّكَاةَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبد اللَّهِ بن الْمُؤَمَّلِ عن بن أبي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها كانت تُحَلِّي بَنَاتَ أَخِيهَا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا تُخْرِجُ زَكَاتَهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت له فِضَّةٌ مَلْطُوخَةٌ على لِجَامٍ أو مُمَوَّهٌ بها سَقْفُهُ فَكَانَتْ تُمَيَّزُ فَتَكُونُ شيئا إنْ جُمِعَتْ بِالنَّارِ فَعَلَيْهِ إخْرَاجُ الصَّدَقَةِ عنها وَإِنْ لم تَكُنْ تُمَيَّزُ وَلَا تَكُونُ شيئا فَهِيَ مُسْتَهْلَكَةٌ فَلَا شَيْءَ عليه فيها

(2/40)



أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كان يحلى بَنَاتَه وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ ثُمَّ لَا يُخْرِجُ منه الزَّكَاةَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ قال سَمِعْت رَجُلًا يَسْأَلُ جَابِرَ بن عبد اللَّهِ عن الْحُلِيِّ أَفِيه زَكَاةٌ فقال جَابِرٌ لَا فقال وَإِنْ كان يَبْلُغُ أَلْفَ دِينَارٍ فقال جَابِرٌ كَثِيرٌ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) الْمَالُ الذي تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ بِنَفْسِهِ ثَلَاثُ عَيْنٍ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَبَعْضُ نَبَاتِ الْأَرْضِ وما أُصِيبَ في أَرْضٍ من مَعْدِنٍ وَرِكَازٍ وَمَاشِيَةٍ ( قال ) وإذا كان لِرَجُلٍ ذَهَبٌ أو وَرِقٌ في مِثْلِهَا زَكَاةٌ فَالزَّكَاةُ فيها عَيْنًا يوم يَحُولُ عليها الْحَوْلُ كَإِنْ كانت له مِائَتَا دِرْهَمٍ تَسْوَى عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ثُمَّ غَلَتْ فَصَارَتْ تَسْوَى عِشْرِينَ دِينَارًا وَرَخُصَتْ فَصَارَتْ تَسْوَى دِينَارًا فَالزَّكَاةُ فيها نَفْسِهَا وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ فَإِنْ اتَّجَرَ في الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ ثلاثمائة دِرْهَمٍ قبل الْحَوْلِ ثُمَّ حَالَ عليها الْحَوْلُ زَكَّى الْمِائَتَيْنِ لِحَوْلِهَا وَالْمِائَةَ التي زَادَتْهَا لِحَوْلِهَا وَلَا يَضُمُّ ما رَبِحَ فيها إلَيْهَا لِأَنَّهُ شَيْءٌ ليس منها + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا يُخَالِفُ أَنْ يَمْلِكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَشْتَرِي بها عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ فَيَحُولُ الْحَوْلُ وَالْعَرْضُ في يَدِهِ فَيَقُومُ الْعَرَضُ بِزِيَادَتِهِ أو نَقْصِهِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ حِينَئِذٍ تَحَوَّلَتْ في الْعَرْضِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ وَصَارَ الْعَرَضُ كَالدَّرَاهِمِ يُحْسَبُ عليه حَوْلُ الدَّرَاهِمِ فيه فإذا نَضَّ ثَمَنُ الْعَرْضِ بَعْدَ الْحَوْلِ أُخِذَتْ الزَّكَاةُ من ثَمَنِهِ بَالِغًا ما بَلَغَ لِأَنَّ الْحَوْلَ قد حَالَ عليه وَعَلَى الْأَصْلِ الذي كانت فيه الزَّكَاةُ فَاشْتَرَى بِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَكِنْ لو نَضَّ ثَمَنُ الْعَرْضِ قبل الْحَوْلِ فَصَارَ دَرَاهِمَ لم يَكُنْ في زِيَادَتِهِ زَكَاةٌ حتى يَحُولَ عليه الْحَوْلُ وَصَارَ الْحُكْمُ إلَى الدَّرَاهِمِ لِأَنَّهَا كانت في أَوَّلِ السَّنَةِ وَآخِرِهَا دَرَاهِمَ وَحَالَتْ عن الْعَرْضِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا يُخَالِفُ نَمَاءَ الْمَاشِيَةِ قبل الْحَوْلِ وَيُوَافِقُ نَمَاءَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وقد كَتَبْت نَمَاءَ الْمَاشِيَةِ في الْمَاشِيَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْخُلَطَاءُ في الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَالْخُلَطَاءِ في الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ لَا يَخْتَلِفُونَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد قِيلَ في الحلى صَدَقَةٌ وَهَذَا ما أَسْتَخِيرُ اللَّهَ عز وجل فيه ( قال الرَّبِيعُ ) قد اسْتَخَارَ اللَّهَ عز وجل فيه أخبرنا الشَّافِعِيُّ وَلَيْسَ في الْحُلِيِّ زَكَاةٌ وَمَنْ قال في الْحُلِيِّ صَدَقَةٌ قال هو وَزْنٌ من فِضَّةٍ قد جَعَلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في مِثْلِ وَزْنِهِ صَدَقَةً وَوَزْنٌ من ذَهَبٍ قد جَعَلَ الْمُسْلِمُونَ فيه صَدَقَةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ قال فيه زَكَاةٌ فَكَانَ مُنْقَطِعًا مَنْظُومًا بِغَيْرِهِ مَيَّزَهُ وَوَزَنَهُ وَأَخْرَجَ الزَّكَاةَ منه بِقَدْرِ وَزْنِهِ أو احْتَاطَ فيه حتى يَعْلَمَ أَنَّهُ قد أَدَّى جَمِيعَ ما فيه أو أَدَّاهُ وزاد وقال فِيمَا وَصَفْت فِيمَا مُوِّهَ بِالْفِضَّةِ وَزَكَاةِ حِلْيَةِ السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ وَالْخَاتَمِ وَكُلِّ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ كان يَمْلِكُهُ بِوَجْهٍ من الْوُجُوهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ قال لَا زَكَاةَ في الْحُلِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَا زَكَاةَ فِيمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ حُلِيًّا وَلَا زَكَاةَ في خَاتَمِ رَجُلٍ من فِضَّةٍ وَلَا حِلْيَةِ سَيْفِهِ وَلَا مُصْحَفِهِ وَلَا مِنْطَقَتِهِ إذَا كان من فِضَّةٍ فَإِنْ اتَّخَذَهُ من ذَهَبٍ أو اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ حلى الْمَرْأَةِ أو قِلَادَةً أو دُمْلُجَيْنِ أو غَيْرَهُ من حُلِيِّ النِّسَاءِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ ليس له أَنْ يَتَخَتَّمَ ذَهَبًا وَلَا يَلْبَسَهُ في مِنْطَقَةٍ وَلَا يَتَقَلَّدَهُ في سَيْفٍ وَلَا مُصْحَفٍ وَكَذَلِكَ لَا يَلْبَسُهُ في دِرْعٍ وَلَا قَبَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ بِوَجْهٍ وَكَذَلِكَ ليس له أَنْ يَتَحَلَّى مَسْكَتَيْنِ وَلَا خَلْخَالَيْنِ وَلَا قِلَادَةً من فِضَّةٍ وَلَا غَيْرَهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَحَلَّى ذَهَبًا وَوَرِقًا وَلَا يَجْعَلُ في حُلِيِّهَا زَكَاةً من لم يَرَ في الْحُلِيِّ زَكَاةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا اتَّخَذَ الرَّجُلُ أو الْمَرْأَةُ إنَاءً من ذَهَبٍ أو وَرِقٍ زَكَّيَاهُ في الْقَوْلَيْنِ مَعًا فَإِنْ كان إنَاءٌ فيه أَلْفُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُرْوَى عن بن عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بن مَالِكٍ وَلَا أَدْرِي أَثَبَتَ عنهما مَعْنَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ ليس في الْحُلِيِّ زَكَاةٌ ويروي عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرِو بن الْعَاصِ أَنَّ في الْحُلِيِّ زَكَاةً

(2/41)


دِرْهَمٍ قِيمَتُهُ مَصُوغًا أَلْفَانِ فَإِنَّمَا زَكَاتُهُ على وَزْنِهِ لَا على قِيمَتِهِ ( قال ) وإذا انْكَسَرَ حُلِيُّهَا فَأَرَادَتْ إخْلَافَهُ أو لم تُرِدْهُ فَلَا زَكَاةَ فيه في قَوْلِ من لم يَرَ في الْحُلِيِّ زَكَاةً إلَّا أَنْ تُرِيدَ إذَا انْكَسَرَ أَنْ تَجْعَلَهُ مَالًا تَكْتَنِزُهُ فَتُزَكِّيه ( قال ) وإذا اتَّخَذَ الرَّجُلُ أو الْمَرْأَةُ آنِيَةَ ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ فَفِيهَا الزَّكَاةُ في الْقَوْلَيْنِ مَعًا وَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ في وَاحِدٍ من الْقَوْلَيْنِ إلَّا فِيمَا كان حُلِيًّا يُلْبَسُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ وَرِثَ رَجُلٌ حُلِيًّا أو اشْتَرَاهُ فَأَعْطَاهُ امْرَأَةً من أَهْلِهِ أو خَدَمَهُ هِبَةً أو عَارِيَّةً أو أَرْصَدَهُ لِذَلِكَ لم يَكُنْ عليه زَكَاةٌ في قَوْلِ من قال لَا زَكَاةَ في الْحُلِيِّ إذَا أَرْصَدَهُ لِمَنْ يَصْلُحُ له فَإِنْ لم يُرِدْ هذا أو أَرَادَهُ لِيَلْبَسَهُ فَعَلَيْهِ فيه الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ ليس له لُبْسُهُ وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَهُ لِيُكَسِّرَهُ - * بَابُ ما لَا زَكَاةَ فيه من الْحُلِيِّ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وما يُحَلَّى النِّسَاءُ بِهِ أو ادَّخَرْنَهُ أو ادَّخَرَهُ الرِّجَالُ من لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ وَمَرْجَانَ وَحِلْيَةِ بَحْرٍ وَغَيْرِهِ فَلَا زَكَاةَ فيه وَلَا زَكَاةَ إلَّا في ذَهَبٍ أو وَرِقٍ وَلَا زَكَاةَ في صُفْرٍ وَلَا حَدِيدٍ وَلَا رَصَاصٍ وَلَا حِجَارَةٍ وَلَا كِبْرِيتٍ وَلَا مِمَّا أُخْرِجَ من الْأَرْضِ وَلَا زَكَاةَ في عَنْبَرٍ وَلَا لُؤْلُؤٍ أُخِذَ من الْبَحْرِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ عن أُذَيْنَةَ عن بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنهما أَنَّهُ قال ليس في الْعَنْبَرِ زَكَاةٌ إنَّمَا هو شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن بن طَاوُسٍ عن أبيه عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عن الْعَنْبَرِ فقال إنْ كان فيه شَيْءٌ فَفِيهِ الْخُمْسُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا شَيْءَ فيه وَلَا في مِسْكٍ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا خَالَفَ الرِّكَازَ وَالْحَرْثَ وَالْمَاشِيَةَ وَالذَّهَبَ وَالْوَرِقَ - * بَابُ زَكَاةِ الْمَعَادِنِ - * ( أخبرنا ) الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وإذا عُمِلَ في الْمَعَادِنِ فَلَا زَكَاةَ في شَيْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ منها إلَّا ذَهَبٌ أو وَرِقٌ فَأَمَّا الْكُحْلُ وَالرَّصَاصُ وَالنُّحَاسُ وَالْحَدِيدُ وَالْكِبْرِيتُ وَالْمُومْيَا وَغَيْرُهُ فَلَا زَكَاةَ فيه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا خَرَجَ منها ذَهَبٌ أو وَرِقٌ فَكَانَ غير مُتَمَيِّزٍ حتى يُعَالَجَ بِالنَّارِ أو الطَّحْنِ أو التَّحْصِيلِ فَلَا زَكَاةَ فيه حتى يَصِيرَ ذَهَبًا أو وَرِقًا وَيُمَيَّزَ ما اخْتَلَطَ بِهِ من غَيْرِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ سَأَلَ رَبُّ الْمَعْدِنِ الْمُصَدِّقَ أَنْ يَأْخُذَ زَكَاتَهُ مُكَايَلَةً أو مُوَازَنَةً أو مُجَازَفَةً لم يَكُنْ له ذلك وَإِنْ فَعَلَ فَذَلِكَ مَرْدُودٌ وَعَلَى صَاحِبِ الْمَعْدِنِ إصْلَاحُهُ حتى يَصِيرَ ذَهَبًا أو وَرِقًا ثُمَّ تُؤْخَذُ منه الزَّكَاةُ ( قال ) وما أَخَذَ منه الْمُصَدِّقُ قبل أَنْ يُحَصِّلَ ذَهَبَا أو وَرِقًا فَالْمُصَدِّقُ ضَامِنٌ له وَالْقَوْلُ فِيمَا كان فيه من ذَهَبٍ أو وَرِقٍ قَوْلُ الْمُصَدِّقِ مع يَمِينِهِ إنْ اسْتَهْلَكَهُ وَإِنْ كان في يَدِهِ فقال هذا الذي أَخَذَتْ مِنْك فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ تُرَابِ الْمَعَادِنِ بِحَالٍ لِأَنَّهُ فِضَّةٌ أو ذَهَبٌ مُخْتَلِطٌ بِغَيْرِهِ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ الْمَعَادِنَ ليس بِرِكَازٍ وَأَنَّ فيها الزَّكَاةَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان حُلِيًّا يُلْبَسُ أو يُدَّخَرُ أو يُعَارُ أو يُكْرَى فَلَا زَكَاةَ فيه وَسَوَاءٌ في هذا كَثُرَ الْحُلِيُّ لِامْرَأَةٍ أو ضُوعِفَ أو قَلَّ وَسَوَاءٌ فيه الْفُتُوخُ وَالْخَوَاتِمُ وَالتَّاجُ وحلى الْعَرَائِسِ وَغَيْرُ هذا من الْحُلِيِّ

(2/42)



أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن رَبِيعَةَ بن أبي عبد الرحمن عن غَيْرِ وَاحِدٍ من عُلَمَائِهِمْ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَقْطَعَ بِلَالَ بن الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ وَهِيَ من نَاحِيَةِ الْفَرْعِ فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ منها الزَّكَاةُ إلَى الْيَوْمِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما قِيلَ منه فيه الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ فيه حتى يَبْلُغَ الذَّهَبُ منه عِشْرِينَ مِثْقَالًا وَالْوَرِقُ منه خَمْسَ أَوَاقٍ ( قال ) وَيُحْصَى منه ما أَصَابَ في الْيَوْمِ وَالْأَيَّامِ الْمُتَتَابِعَةِ وَيُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ إذَا كان عَمَلُهُ في الْمَعْدِنِ مُتَتَابِعًا وإذا بَلَغَ ما تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ زكاة + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان الْمَعْدِنُ غير حَاقِدٍ فَقَطَعَ الْعَامِلُ الْعَمَلَ فيه ثُمَّ اسْتَأْنَفَهُ لم يَضُمَّ ما أَصَابَ بِالْعَمَلِ الْآخَرِ إلَى ما أَصَابَ بِالْعَمَلِ الْأَوَّلِ قَلَّ قَطْعُهُ أو كَثُرَ وَالْقَطْعُ تَرْكُ الْعَمَلِ بِغَيْرِ عُذْرِ أَدَاةٍ أو عِلَّةِ مَرَضٍ فإذا كان الْعُذْرُ أَدَاةً أو عِلَّةً من مَرَضٍ مَتَى أَمْكَنَهُ عَمَلٌ فيه فَلَيْسَ هذا قَاطِعًا لِأَنَّ الْعَمَلَ كُلَّهُ يَكُونُ هَكَذَا وَهَكَذَا لو تَعَذَّرَ عليه أُجَرَاؤُهُ أو هَرَبَ عَبِيدُهُ فَكَانَ على الْعَمَلِ فيه كان هذا غير قَطْعٍ وَلَا وَقْتَ فيه إلَّا ما وَصَفْت قَلَّ أو كَثُرَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ تَابَعَ الْعَمَلَ في الْمَعْدِنِ فَحَقَدَ ولم يَقْطَعْ الْعَمَلَ فيه ضَمَّ ما أَصَابَ منه بِالْعَمَلِ الْآخَرِ إلَى الْعَمَلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كُلُّهُ وَلَيْسَ في كل يَوْمٍ سَبِيلٌ لِلْمَعْدِنِ وَلَوْ قَطَعَ الْعَمَلَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَهُ لم يَضُمَّ ما أَصَابَ منه بِالْعَمَلِ الْآخَرِ إلَى ما أَصَابَ بِالْعَمَلِ الْأَوَّلِ وَلَا وَقْتَ في قَلِيلِ قَطْعِهِ وَلَا كَثِيرِهِ إلَّا ما وَصَفْت مع الْقَطْعِ وَغَيْرِ الْقَطْعِ - * بَابُ زَكَاةِ الرِّكَازِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن الزُّهْرِيِّ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال وفي الرِّكَازِ الْخُمْسُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال في الرِّكَازِ الْخُمْسُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال في الرِّكَازِ الْخُمْسُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن دَاوُد بن شابور وَيَعْقُوبَ بن عَطَاءٍ عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال في كَنْزٍ وَجَدَهُ رَجُلٌ في خَرِبَةٍ جَاهِلِيَّةٍ إنْ وَجَدْته في قَرْيَةٍ مَسْكُونَةٍ أو سَبِيلٍ مِيتَاءٍ فَعَرِّفْهُ وَإِنْ وَجَدْته في خَرِبَةٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) ليس هذا مِمَّا يُثْبِتُهُ أَهْلُ الحديث رِوَايَةً وَلَوْ أَثْبَتُوهُ لم يَكُنْ فيه رِوَايَةٌ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَّا إقْطَاعُهُ فَأَمَّا الزَّكَاةُ في الْمَعَادِنِ دُونَ الْخُمْسِ فَلَيْسَتْ مَرْوِيَّةً عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فيه وقد ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا إلَى أَنَّ في الْمَعَادِنِ الزَّكَاةَ ( قال ) وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ إلَى أَنَّ الْمَعَادِنَ رِكَازٌ فيها الْخُمْسُ ( قال ) فَمَنْ قال في الْمَعَادِنِ الزَّكَاةُ قال ذلك فِيمَا خَرَجَ من الْمَعَادِنِ فِيمَا تَكَلَّفَتْ فيه الْمُؤْنَةُ فِيمَا يُحَصَّلُ وَيُطْحَنُ وَيَدْخُلُ النَّارَ ( قال ) وَلَوْ قَالَهُ فِيمَا يُوجَدُ ذَهَبًا مُجْتَمِعًا في الْمَعَادِنِ وفي الْبَطْحَاءِ في أَثَرِ السَّيْلِ مِمَّا يُخْلَقُ في الْأَرْضِ كان مَذْهَبًا وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُ فقال كُلُّ هذا رِكَازٌ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَصَابَ الْبُدْرَةَ الْمُجْتَمِعَةَ في الْمَعَادِنِ قِيلَ قد أَرْكَزَ وَقَالَهُ فِيمَا يُوجَدُ في الْبَطْحَاءِ في أَثَرِ الْمَطَرِ وَجَعَلَهُ رِكَازًا دُونَ ما وَصَفْت مِمَّا لَا يُوصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِتَحْصِيلٍ وَطَحْنٍ كان مَذْهَبًا

(2/43)


جَاهِلِيَّةٍ أو في قَرْيَةٍ غَيْرِ مَسْكُونَةٍ فَفِيهِ وفي الرِّكَازُ الْخُمْسُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَاَلَّذِي أنا وَاقِفٌ فيه الرِّكَازُ في الْمَعْدِنِ وفي التِّبْرِ الْمَخْلُوقِ في الْأَرْضِ ( قال ) وَالرِّكَازُ الذي فيه الْخُمْسُ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ ما وُجِدَ في غَيْرِ مِلْكٍ لِأَحَدٍ في الْأَرْضِ التي من أَحْيَاهَا كانت له من بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَمِنْ أَرْضِ الْمَوَاتِ وَكَذَلِكَ هذا في الْأَرْضِ من بِلَادِ الْحَرْبِ وَمِنْ بِلَادِ الصُّلْحِ إلَّا أَنْ يَكُونُوا صَالَحُوا على مِلْكِ مَوَاتِهَا فَمَنْ وَجَدَ دَفْنًا من دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ في مَوَاتٍ فَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ له وَالْخُمْسُ لِأَهْلِ سُهْمَانِ الصَّدَقَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ وَجَدَ رِكَازًا في أَرْضٍ مَيْتَةٍ يوم وَجَدَهُ وقد كانت حَيَّةً لِقَوْمٍ من أَهْلِ الْإِسْلَامِ أو الْعَهْدِ كان لِأَهْلِ الْأَرْضِ لِأَنَّهَا كانت غير مَوَاتٍ كما لو وَجَدَهُ في دَارٍ خَرِبَةٍ لِرَجُلٍ كان لِلرَّجُلِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وَجَدَهُ في أَرْضِ الْحَرْبِ في أَرْضٍ عَامِرَةٍ لِرَجُلٍ أو خَرَابٍ قد كانت عَامِرَةً لِرَجُلٍ فَهُوَ غَنِيمَةٌ وَلَيْسَ بِأَحَقَّ بِهِ من الْجَيْشِ وهو كما أُخِذَ من مَنَازِلِهِمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَقْطَعَ الرَّجُلُ قَطِيعَةً في بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَوَجَدَ رَجُلٌ فيها رِكَازًا فَهُوَ لِصَاحِبِ الْقَطِيعَةِ وَإِنْ لم يَعْمُرْهَا لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وَجَدَ الرَّجُلُ في أَرْضِ الرَّجُلِ أو دَارِهِ رِكَازًا فَادَّعَى صَاحِبُ الدَّارِ أَنَّهُ له فَهُوَ له بِلَا يَمِينٍ عليه وَإِنْ قال صَاحِبُ الدَّارِ ليس لي وكان وَرِثَ الدَّارَ قِيلَ إنْ ادَّعَيْته لِلَّذِي وَرِثْت الدَّارَ منه فَهُوَ بَيْنَك وَبَيْنَ وَرَثَتِهِ وَإِنْ وَقَفْت عن دَعْوَاك فيه أو قُلْت ليس لِمَنْ وَرِثْت عنه الدَّارَ كان لِمَنْ بقى من وَرَثَةِ مَالِك الدَّارِ أَنْ يَدَّعُوا مِيرَاثَهُمْ وَيَأْخُذُوا منه بِقَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ ادَّعَى وَرَثَةُ الرَّجُلِ أَنَّ هذا الرِّكَازَ لهم كان الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ أَنْ يَكُونَ لِأَبِيهِمْ كان لِلَّذِي مَلَكَ الدَّارَ قبل أَبِيهِمْ وَوَرَثَتِهِ إنْ كان مَيِّتًا فَإِنْ أَنْكَرَ إنْ كان حَيًّا أو وَرَثَتُهُ إنْ كان مَيِّتًا أَنْ يَكُونَ له كان لِلَّذِي مَلَكَ الدَّارَ قَبْلَهُ أَبَدًا هَكَذَا ولم يَكُنْ لِلَّذِي وَجَدَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ وَجَدَ الرَّجُلُ الرِّكَازَ في دَارِ رَجُلٍ وَفِيهَا سَاكِنٌ غَيْرُ رَبِّهَا وَادَّعَى رَبُّ الدَّارِ الرِّكَازَ له فَالرِّكَازُ لِلسَّاكِنِ كما يَكُونُ لِلسَّاكِنِ الْمَتَاعُ الذي في الدَّارِ الذي بِبِنَاءٍ وَلَا مُتَّصِلٍ بِبِنَاءٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَدَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ ما عُرِفَ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَّخِذُونَهُ من ضَرْبِ الْأَعَاجِمِ وَحِلْيَتِهِمْ وَحِلْيَةِ غَيْرِهِمْ من أَهْلِ الشِّرْكِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ ما وُجِدَ ذلك في قَبْرٍ وَغَيْرِهِ إذَا كان في مَوْضِعٍ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالشِّرْكِ عَمَلٌ أو ضَرْبٌ قد عَمِلَهُ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَضَرَبُوهُ أو وُجِدَ شَيْءٌ من ضَرْبِ الْإِسْلَامِ أو عَمَلِهِمْ لم يَضْرِبْهُ ولم يَعْمَلْهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ لُقَطَةٌ وَإِنْ كان مَدْفُونًا أو وُجِدَ في غَيْرِ مِلْكِ أَحَدٍ عُرِّفَ وَصُنِعَ فيه ما يُصْنَعُ في اللُّقَطَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وُجِدَ في مِلْكِ رَجُلٍ فَهُوَ له وَالِاحْتِيَاطُ لِمَنْ وَجَدَ ما يَعْمَلُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ أَنْ يُعَرِّفَهُ فَإِنْ لم يَفْعَلْ أَنْ يُخْرِجَ خُمْسَهُ وَلَا أُجْبِرُهُ على تَعْرِيفِهِ فَإِنْ كان رِكَازًا أَدَّى ما عليه فيه وَإِنْ لم يَكُنْ رِكَازًا فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِإِخْرَاجِ الْخُمْسِ وَسَوَاءٌ ما وَجَدَ من الرِّكَازِ في قَبْرٍ أو دَارٍ أو خَرِبَةٍ أو مَدْفُونًا أو في بِنَائِهَا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ قال حدثنا إسْمَاعِيلُ بن أبي خَالِدٍ عن الشَّعْبِيِّ قال جاء رَجُلٌ إلَى عَلِيٍّ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه فقال إنِّي وَجَدْت أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ في خَرِبَةٍ بِالسَّوَادِ فقال عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَمَّا لِأَقْضِيَن فيها قَضَاءً بَيِّنًا إنْ كُنْتَ وَجَدْتهَا في خَرِبَةٍ يؤدى خَرَاجَهَا قَرْيَةٌ أُخْرَى فَهِيَ لِأَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَإِنْ كُنْت وَجَدْتهَا في قَرْيَةٍ ليس يُؤَدِّي خَرَاجَهَا قَرْيَةٌ أُخْرَى فَلَكَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَلَنَا الْخُمْسُ ثُمَّ الْخُمْسُ لَك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ وَجَدَ رِكَازًا في أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ فَأَخَذَ الْوَالِي خُمْسَهُ وسلم له أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ ثُمَّ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عليه أَنَّهُ له أُخِذَ من الْوَالِي
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الذي لَا أَشُكُّ فيه أَنَّ الرِّكَازَ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ

(2/44)


وَأُخِذَ من وَاجِدِ الرِّكَازِ جَمِيعُ ما أخذ ( ( ( أخذا ) ) ) وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا مَعًا ضَمِنَ صَاحِبُ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ في مَالِهِ وَإِنْ كان الْوَالِي دَفَعَهُ إلَى أَهْلِ السُّهْمَانِ أَخَذَ من حَقِّ أَهْلِ السُّهْمَانِ فَدَفَعَهُ إلَى الذي اسْتَحَقَّهُ وَذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ ما يُقَسَّمُ على أَهْلِ الْبَلَدِ الذي يُقَسَّمُ فِيهِمْ خُمْسُ الرِّكَازِ من رِكَازِ غَيْرِهِ أو صَدَقَاتِ مُسْلِمٍ أَيِّ صَدَقَةٍ كانت فَيُؤَدِّيهَا إلَى صَاحِبِ الرِّكَازِ وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ لِنَفْسِهِ ضَمِنَهُ في مَالِهِ وَكَذَلِكَ إنْ أَعْطَاهُ غير أَهْلِ السُّهْمَانِ ضَمِنَهُ وَرَجَعَ بِهِ على من أَعْطَاهُ إيَّاهُ إنْ شَاءَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما قُلْت هو رِكَازٌ فَهُوَ هَكَذَا وما قُلْت هو لِأَهْلِ الدَّارِ وهو لُقَطَةٌ فَلَا تُخَمَّسُ اللُّقَطَةُ وَهِيَ لِلَّذِي وَجَدَهَا إذَا لم يَعْتَرِفْ وَكَذَلِكَ إذَا اعْتَرَفَ لم تُخَمَّسْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وَجَدَ رَجُلٌ رِكَازًا في بِلَادِ الْحَرْبِ في أَرْضٍ مَوَاتٍ ليس بِمِلْكٍ مَوَاتٌ كَمَوَاتِ أَرْضِ الْعَرَبِ فَهُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ وَعَلَيْهِ فيه الْخُمْسُ وَإِنْ وَجَدَهُ في أَرْضٍ عَامِرَةٍ يَمْلِكُهَا رَجُلٌ من الْعَدُوِّ فَهُوَ كَالْغَنِيمَةِ وما أَخَذَ من بُيُوتِهِمْ - * بَابُ ما وُجِدَ من الرِّكَازِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا أَشُكُّ إذَا وَجَدَ الرَّجُلُ الرِّكَازَ ذَهَبًا أو وَرِقًا وَبَلَغَ ما يَجِدُ منه ما تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ أَنَّ زَكَاتَهُ الْخُمْسُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان ما وَجَدَ منه أَقَلَّ مِمَّا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ أو كان ما وَجَدَ منه من غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَقَدْ قِيلَ فيه الْخُمْسُ وَلَوْ كان فيه فَخَّارٌ أو قِيمَةُ دِرْهَمٍ أو أَقَلُّ منه وَلَا يَتَبَيَّنُ لي أَنْ أُوجِبَهُ على رَجُلٍ وَلَا أُجْبِرُهُ عليه وَلَوْ كُنْت الْوَاجِدَ له لَخَمَّسْتُهُ من أَيِّ شَيْءٍ كان وَبَالِغًا ثَمَنُهُ ما بَلَغَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وَجَدَ الرِّكَازَ فَوَجَبَ فيه الْخُمْسُ فَإِنَّمَا يَجِبُ حين يَجِدَهُ كما تَجِبُ زَكَاةُ الْمَعَادِنِ حين يَجِدَهَا لِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ من الْأَرْضِ وهو مُخَالِفٌ لِمَا اُسْتُفِيدَ من غَيْرِ ما يُوجَدُ في الْأَرْضِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ قال ليس في الرِّكَازِ شَيْءٌ حتى يَكُونَ ما تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ فَكَانَ حَوْلُ زَكَاةِ مَالِهِ في الْمُحَرَّمِ فَأَخْرَجَ زَكَاةَ مَالِهِ ثُمَّ وَجَدَ الرِّكَازَ في صَفَرٍ وَلَهُ مَالٌ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ زكي الرِّكَازَ بِالْخُمْسِ وَإِنْ كان الرِّكَازُ دِينَارًا لِأَنَّ هذا وَقْتُ زَكَاةِ الرِّكَازِ وَبِيَدِهِ مَالٌ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ أو مَالٌ إذَا ضَمَّ إلَيْهِ الرِّكَازَ وَجَبَتْ فيه الزَّكَاةُ وَهَذَا هَكَذَا إذَا كان الْمَالُ بيده وَإِنْ كان مَالًا دَيْنًا أو غَائِبًا في تِجَارَةٍ عَرَفَ الْوَقْتَ الذي أَصَابَ فيه الرِّكَازَ ثُمَّ سَأَلَ فإذا عَلِمَ أَنَّ الْمَالَ الْغَائِبَ في تِجَارَةٍ كان في يَدِ من وَكَّلَهُ بِالتِّجَارَةِ فيه فَهُوَ كَكَيْنُونَةِ الْمَالِ في يَدِهِ وَأَخْرَجَ زَكَاةَ الرِّكَازِ حين يَعْلَمُ ذلك وَلَوْ ذَهَبَ الْمَالُ الذي كان غَائِبًا عنه وَهَكَذَا إذَا كان له وَدِيعَةٌ في يَدِ رَجُلٍ أو مَدْفُونٌ في مَوْضِعٍ فَعَلِمَ أَنَّهُ في الْوَقْتِ الذي أَصَابَ فيه الرِّكَازَ في مَوْضِعِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا لو أَفَادَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَكَانَ حَوْلُهَا في صَفَرٍ وَحَوْلُ زَكَاتِهِ في الْمُحَرَّمِ كان كما وَصَفْتُ في الرِّكَازِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وَجَدَ الرِّكَازَ في صَفَرٍ وَلَهُ دَيْنٌ على الناس تَجِبُ فيه إذَا قَبَضَهُ الزَّكَاةُ بِنَفْسِهِ وإذا ضَمَّ إلَى الرِّكَازِ فَلَيْسَ عليه أَنْ يُزَكِّيَهُ حتى يَقْبِضَهُ وَعَلَيْهِ طَلَبُهُ إذَا حَلَّ وإذا قَبَضَهُ أو قَبَضَ منه ما يَفِي بِالرِّكَازِ ما تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ زَكَّاهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) من قال هذا الْقَوْلَ قال لو أَفَادَ الْيَوْمَ رِكَازًا لَا تَجِبُ فيه زَكَاةٌ وَغَدًا مِثْلُهُ وَلَوْ جُمِعَا مَعًا وَجَبَتْ فِيهِمَا الزَّكَاةُ لم يَكُنْ في وَاحِدٍ مِنْهُمَا خُمْسٌ ولم يُجْمَعَا وَكَانَا كَالْمَالِ يُفِيدُهُ في وَقْتٍ تَمُرُّ عليه سَنَةٌ ثُمَّ يُفِيدُ آخَرَ في وَقْتٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ هَلَكَ الْخُمْسُ في يَدِهِ بِلَا جِنَايَةٍ منه وَإِنَّمَا قَبَضَهُ لِأَهْلِ السُّهْمَانِ فَيَغْرَمُهُ لِصَاحِبِهِ من حَقِّ أَهْلِ السُّهْمَانِ ( قال ) وَإِنْ عَزَلَ الذي قبضة كان على الذي وُلِّيَ من بَعْدِهِ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى صَاحِبِهِ من حَقِّ أَهْلِ السُّهْمَانِ

(2/45)


فَتَمُرُّ عليه سَنَةٌ ليس فيه الزَّكَاةُ فإذا أَقَامَ هذا من الرِّكَازِ في يَدِهِ هَكَذَا وهو مِمَّا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ فَحَالَ عليه حَوْلٌ وهو كَذَلِكَ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ رُبْعَ الْعُشْرِ بِالْحَوْلِ لَا خُمْسًا - * باب زكاة التجارة - *
( أخبرنا ) الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ قال حدثنا يحيي بن سَعِيدٍ عن عبد اللَّهِ بن أبي سَلَمَةَ عن أبي عَمْرِو بن حَمَاسٍ أَنَّ أَبَاهُ قال مَرَرْت بِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه وَعَلَى عُنُقِي آدِمَةٌ أَحْمِلُهَا فقال عُمَرُ أَلَا تُؤَدِّي زَكَاتَك يا حَمَاسُ فَقُلْت يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مالي غَيْرُ هذه التي على ظَهْرِي وَآهِبَةٌ في الْقَرَظِ فقال ذَاكَ مَالٌ فَضَعْ قال فَوَضَعْتُهَا بين يَدَيْهِ فَحَسَبَهَا فَوَجَدَهَا قد وَجَبَتْ فيها الزَّكَاةُ فَأَخَذَ منها الزَّكَاةَ
( أخبرنا ) الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ قال حدثنا بن عَجْلَانَ عن أبي الزِّنَادِ عن أبي عَمْرِو بن حَمَاسٍ عن أبيه مثله
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الثِّقَةُ عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قال ليس في الْعَرَضِ زَكَاةٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ التِّجَارَةُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مَالِكٌ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن رُزَيْقِ بن حَكِيمٍ أَنَّ عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ اُنْظُرْ من مَرَّ بِك من الْمُسْلِمِينَ فَخُذْ مِمَّا ظَهَرَ من أَمْوَالِهِمْ من التِّجَارَاتِ من كل أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا فما نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذلك حتى تَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا وَلَا تَأْخُذْ منها شيئا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَنُوَافِقُهُ في قَوْلِهِ فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا وَنُخَالِفُهُ في أنها إذَا نَقَصَتْ عن عِشْرِينَ دِينَارًا أَقَلَّ من حَبَّةٍ لم نَأْخُذْ منها شيئا لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إذَا كانت مَحْدُودَةً بِأَنْ لَا يُؤْخَذَ إلَّا من عِشْرِينَ دِينَارًا فَالْعِلْمُ يُحِيطُ أنها لَا تُؤْخَذُ من أَقَلَّ من عِشْرِينَ دِينَارًا بِشَيْءٍ ما كان الشَّيْءُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ وهو قَوْلُ أَكْثَرِ من حَفِظْت عنه وَذَكَرَ لي عنه من أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْبُلْدَانِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْعُرُوضُ التي لم تُشْتَرَ لِلتِّجَارَةِ من الْأَمْوَالِ ليس فيها زَكَاةٌ بِأَنْفُسِهَا فَمَنْ كانت له دُورٌ أو حَمَّامَاتٌ لِغَلَّةٍ أو غَيْرِهَا أو ثِيَابٌ كَثُرَتْ أو قَلَّتْ أو رَقِيقٌ كَثُرَ أو قَلَّ فَلَا زَكَاةَ فيها وَكَذَلِكَ لَا زَكَاةَ في غَلَّاتِهَا حتى يَحُولَ عليها الْحَوْلُ في يَدَيْ مَالِكِهَا وَكَذَلِكَ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ وَغَيْرِهِ لَا زَكَاةَ فيها إلَّا بِالْحَوْلِ له وَكَذَلِكَ كُلُّ مَالٍ ما كان ليس بِمَاشِيَةٍ وَلَا حَرْثٍ وَلَا ذَهَبٍ وَلَا فضه يَحْتَاجُ إلَيْهِ أو يستغنى عنه أو يَسْتَغِلُّ مَالَهُ غَلَّةً منه أو يَدَّخِرُهُ وَلَا يُرِيدُ بِشَيْءٍ منه التِّجَارَةَ فَلَا زَكَاةَ عليه في شَيْءٍ منه بِقِيمَةٍ وَلَا في غَلَّتِهِ وَلَا في ثَمَنِهِ لو بَاعَهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ أو يَسْتَغِلَّهُ ذَهَبًا أو وَرِقًا فإذا حَالَ على ما نَضَّ بيده من ثَمَنِهِ حَوْلٌ زَكَّاهُ وَكَذَلِكَ غَلَّتُهُ إذَا كانت مِمَّا يزكي من سَائِمَةِ إبِلٍ أو بَقَرٍ أو غَنَمٍ أو ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ فَإِنْ أَكْرَى شيئا منه بِحِنْطَةٍ أو زَرْعٍ مِمَّا فيه زَكَاةٌ فَلَا زَكَاةَ عليه فيه حَالَ عليه الْحَوْلُ أو لم يَحُلْ لِأَنَّهُ لم يَزْرَعْهُ فَتَجِبُ عليه فيه الزَّكَاةُ وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ عز وجل أَنْ يُؤْتَى حَقُّهُ يوم حَصَادِهِ وَهَذَا دَلَالَةٌ على أَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ الزَّكَاةَ على الزَّرْعِ ( قال الرَّبِيعُ ) قال أبو يَعْقُوبَ وَزَكَاةُ الزَّرْعِ على بَائِعِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ في قَوْلِ من يُجِيزُ بَيْعَ الزَّرْعِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَبْيَضَّ ( قال أبو مُحَمَّدٍ الرَّبِيعُ ) وَجَوَابُ الشَّافِعِيِّ فيه على قَوْلِ من يُجِيزُ بَيْعَهُ فَأَمَّا هو فَكَانَ لَا يَرَى بَيْعَهُ في سُنْبُلِهِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ فيه خَبَرٌ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَيُتَّبَعُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا اخْتِلَافَ بين أَحَدٍ عَلِمْته أَنَّ من أَدَّى عُشْرَ أَرْضِهِ ثُمَّ حَبَسَ طَعَامَهَا أَحْوَالًا لم يَكُنْ عليه فيه زَكَاةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ مَلَكَ شيئا من هذه الْعُرُوضِ بِمِيرَاثٍ أو هِبَةٍ أو وَصِيَّةٍ أو أَيِّ وُجُوهِ الْمِلْكِ مَلَكَهَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُعَدُّ له حتى يَحُولَ عليه الْحَوْلُ فَيَأْخُذُ وَلَا يَأْخُذُ منهم حتى يَعْلَمُوا أَنَّ الْحَوْلَ قد حَالَ على ما يَأْخُذُ منه

(2/46)


بِهِ إلَّا الشِّرَاءَ أو كان مُتَرَبِّصًا يُرِيدُ بِهِ الْبَيْعَ فَحَالَتْ عليه أَحْوَالٌ فَلَا زَكَاةَ عليه فيه لِأَنَّهُ ليس بِمُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا إنْ بَاعَ عَرَضًا منه بِعَرَضٍ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ قَوَّمَ الْعَرَضَ الثَّانِيَ بِحَوْلِهِ يوم مَلَكَ الْعَرَضَ الْأَوَّلَ لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ من قِيمَتِهِ وَسَوَاءٌ غُبِنَ فِيمَا اشْتَرَاهُ منه أو غُبِنَ عَامَّةً إلَّا أَنْ يُغْبَنَ بِالْمُحَابَاةِ وَجَاهِلًا بِهِ لِأَنَّهُ بِعَيْنِهِ لَا اخْتِلَافَ فِيمَا تَجِبُ عليه الزَّكَاةُ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا اشْتَرَى الْعَرَضَ بِنَقْدٍ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ أو عَرَضٍ تَجِبُ في قِيمَتِهِ الزَّكَاةُ حَسَبَ ما أَقَامَ الْمَالَ في يَدِهِ وَيَوْمَ اشْتَرَى الْعَرَضَ كَأَنَّ الْمَالَ أو الْعَرَضَ الذي اشْتَرَى بِهِ الْعَرَضَ لِلتِّجَارَةِ أَقَامَ في يَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ فَأَقَامَ في يَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَقَدْ حَالَ الْحَوْلُ على الْمَالَيْنِ مَعًا الذي كان أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ وَكَانَتْ الزَّكَاةُ وَاجِبَةً فِيهِمَا مَعًا فَيُقَوِّمُ الْعَرَضَ الذي في يَدِهِ فَيُخْرِجُ منه زَكَاتَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان في يَدِهِ عَرَضٌ لم يَشْتَرِهِ أو عَرَضٌ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ لم يَحْسُبْ ما أَقَامَ الْعَرَضَ الذي اشْتَرَى بِهِ الْعَرَضَ الْآخَرَ وَحَسَبَ من يَوْمِ اشْتَرَى الْعَرَضَ الْآخَرَ فإذا حَالَ الْحَوْلُ من يَوْمِ اشْتَرَاهُ زَكَّاهُ لِأَنَّ الْعَرَضَ الْأَوَّلَ ليس مِمَّا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ بِحَالٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ اشْتَرَى عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ بِدَنَانِيرَ أو بِدَرَاهِمَ أو شَيْءٍ تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ من الْمَاشِيَةِ وكان أَفَادَ ما اشْتَرَى بِهِ ذلك الْعَرَضَ من يَوْمِهِ لم يُقَوِّمْ الْعَرَضَ حتى يَحُولَ الْحَوْلُ يوم أَفَادَ ثَمَنَ الْعَرَضِ ثُمَّ يُزَكِّيهِ بَعْدَ الْحَوْلِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَقَامَ هذا الْعَرَضُ في يَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ أو دَنَانِيرَ أَقَامَتْ في يَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ زَكَّاهُ وَكَانَتْ كَدَنَانِيرَ أو دَرَاهِمَ أَقَامَتْ في يَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ في الْعَرَضِ زَكَاةٌ إلَّا بِشِرَائِهِ على نِيَّةِ التِّجَارَةِ فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ التي حَالَ عليها الْحَوْلُ في يَدِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت في يَدِهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اشْتَرَى بها عَرَضًا فَأَقَامَ في يَدِهِ حتى يَحُولَ عليه حَوْلٌ من يَوْمِ مَلَكَ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ التي حَوَّلَهَا فيه لِتِجَارَةٍ عَرَضًا أو بَاعَهُ بِعَرَضٍ لِتِجَارَةٍ فَحَالَ عليه الْحَوْلُ من يَوْمِ مَلَكَ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ أو من يَوْمِ زَكَّى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ قَوَّمَهُ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ زَكَّاهُ وَلَا يُقَوِّمُهُ بِدَنَانِيرَ إذَا اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ وَإِنْ كانت الدَّنَانِيرُ الْأَغْلَبُ من نَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنَّمَا يُقَوِّمُهُ بِالْأَغْلَبِ إذَا اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ لِلتِّجَارَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ بَاعَهُ بِدَنَانِيرَ قبل أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ عليه من يَوْمِ مَلَكَ الدَّرَاهِمَ التي صَرَفَهَا فيه أو من يَوْمِ زَكَّاهُ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ من يَوْمِ مَلَكَ الدَّرَاهِمَ التي اشْتَرَاهُ بها إذَا كانت مِمَّا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجُوزُ في الْعَرَضِ بِعَيْنِهِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ بِيعَ الْعَرَضُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَقَوَّمَ الدَّنَانِيرَ التي بَاعَهُ بها دَرَاهِمَ ثُمَّ أَخَذَ زَكَاةَ الدَّرَاهِمِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُبَاعُ بِعَرَضٍ فَيُقَوَّمُ فَتُؤْخَذُ منه الزَّكَاةُ وَيَبْقَى عَرَضًا فَيُقَوَّمُ فَتُؤْخَذُ منه الزَّكَاةُ فإذا بِيعَ بِدَنَانِيرَ زُكِّيَتْ الدَّنَانِيرُ بِقِيمَةِ الدَّرَاهِمِ ( قال الرَّبِيعُ ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِدَرَاهِمَ فَبَاعَهَا بِدَنَانِيرَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَا يُقَوِّمُهَا بِدَرَاهِمَ وَلَا يُخْرِجُ لها زَكَاةً من قِبَلِ أَنَّ في الدَّنَانِيرِ بِأَعْيَانِهَا زَكَاةً فَقَدْ تَحَوَّلَتْ الدَّرَاهِمُ دَنَانِيرَ فَلَا زَكَاةَ فيها وَأَصْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لو بَاعَ بِدَرَاهِمَ قد حَالَ عليها الْحَوْلُ إلَّا يوم ( ( ( يوما ) ) ) بِدَنَانِيرَ لم يَكُنْ عليه في الدَّنَانِيرِ زَكَاةٌ حتى يَبْتَدِئَ لها حَوْلًا كَامِلًا كما لو بَاعَ بَقَرًا أو غَنَمًا بِإِبِلٍ قد حَالَ الْحَوْلُ على ما بَاعَ إلَّا يوم ( ( ( يوما ) ) ) اسْتَقْبَلَ حَوْلًا بِمَا اشْتَرَى إذَا كانت سَائِمَةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ اشْتَرَى عَرَضًا لَا يَنْوِي بِشِرَائِهِ التِّجَارَةَ فَحَالَ عليه الْحَوْلُ أو لم يَحُلْ ثُمَّ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ لم يَكُنْ عليه فيه زَكَاةٌ بِحَالٍ حتى يَبِيعَهُ وَيَحُولَ على ثَمَنِهِ الْحَوْلُ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ لَا يُرِيدُ بِهِ التِّجَارَةَ كان كما مَلَكَ بِغَيْرِ شِرَاءٍ لَا زَكَاةَ فيه
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ اشْتَرَى من الْعُرُوضِ شيئا مِمَّا وَصَفْت أو غَيْرَهُ مِمَّا لَا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ بِعَيْنِهِ بذهب ( ( ( ذهب ) ) ) أو وَرِقٍ أو عَرَضٍ أو بأى وُجُوهِ الشِّرَاءِ الصَّحِيحِ كان أَحْصَى يوم مَلَكَهُ مِلْكًا صَحِيحًا فإذا حَالَ عليه الْحَوْلُ من يَوْمِ مَلَكَهُ وهو عَرَضٌ في يَدِهِ لِلتِّجَارَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُقَوِّمَهُ بِالْأَغْلَبِ من نَقْدِ بَلَدِهِ دَنَانِيرَ كانت أو دَرَاهِمَ ثُمَّ يُخْرِجُ زَكَاتَهُ من الْمَالِ الذي قَوَّمَهُ بِهِ

(2/47)


(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان لَا يَمْلِكُ إلَّا أَقَلَّ من مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أو عِشْرِينَ مِثْقَالًا فَاشْتَرَى بها عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ فَبَاعَ الْعَرَضَ بعد ما حَالَ عليه الْحَوْلُ أو عِنْدَهُ أو قَبْلَهُ بِمَا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ زَكَّى الْعَرَضَ من يَوْمِ مَلَكَ الْعَرَضَ لَا يَوْمِ مَلَكَ الدَّرَاهِمَ لِأَنَّهُ لم يَكُنْ في الدَّرَاهِمِ زَكَاةٌ لو حَالَ عليها الْحَوْلُ وَهِيَ بِحَالِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت الدَّنَانِيرُ أو الدَّرَاهِمُ التي لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا التي اشْتَرَى بها الْعَرَضَ أَقَامَتْ في يَدِهِ أَشْهُرًا لم يَحْسُبْ مَقَامَهَا في يَدِهِ لِأَنَّهَا كانت في يَدِهِ لَا تَجِبُ فيها الزَّكَاةُ وَحُسِبَ لِلْعَرَضِ حَوْلٌ من يَوْمِ مَلَكَهُ وَإِنَّمَا صَدَّقْنَا الْعَرَضَ من يَوْمِ مَلَكَهُ أَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ فيه بِنَفْسِهِ بِنِيَّةِ شِرَائِهِ لِلتِّجَارَةِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ من يَوْمِ مَلَكَهُ وهو مِمَّا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ لِأَنِّي كما وَصَفْت من أَنَّ الزَّكَاةَ صَارَتْ فيه نَفْسِهِ وَلَا أَنْظُرُ فيه إلَى قِيمَتِهِ في أَوَّلِ السَّنَةِ وَلَا في وَسَطِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ إذَا كانت قِيمَتُهُ يوم تَحِلُّ الزَّكَاةُ مِمَّا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ وهو في هذا يُخَالِفُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لو اشْتَرَى عَرَضًا بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَكَانَتْ قِيمَتُهُ يوم يَحُولُ الْحَوْلُ أَقَلَّ من عِشْرِينَ سَقَطَتْ فيه الزَّكَاةُ لِأَنَّ هذا بَيَّنَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَحَوَّلَتْ فيه وفي ثَمَنِهِ إذَا بِيعَ لَا فِيمَا اشْتَرَى بِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ فِيمَا اشْتَرَاهُ لِتِجَارَةٍ كُلُّ ما عَدَا الْأَعْيَانَ التي فيها الزَّكَاةُ بِأَنْفُسِهَا من رَقِيقٍ وَغَيْرِهِمْ فَلَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا لِتِجَارَةٍ فَجَاءَ عليهم الْفِطْرُ وَهُمْ عِنْدَهُ زَكَّى عَنْهُمْ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ وَزَكَاةَ التِّجَارَةِ بِحَوْلِهِمْ وَإِنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ زَكَّى عَنْهُمْ التِّجَارَةَ وَلَيْسَتْ عليه فِيهِمْ زَكَاةُ الْفِطْرِ ( قال ) وَلَيْسَ في شَيْءٍ اشترى لِتِجَارَةٍ زَكَاةُ الْفِطْرِ غير الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَزَكَاتُهُ غَيْرُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ على عَدَدِ الْأَحْرَارِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِمَالٍ وَإِنَّمَا هِيَ طَهُورٌ لِمَنْ لَزِمَهُ اسْمُ الْإِيمَانِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ اشْتَرَى دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ أو بِعَرَضٍ أو دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ أو بِعَرَضٍ يُرِيدُ بها التِّجَارَةَ فَلَا زَكَاةَ فِيمَا اشْتَرَى منها إلَّا بعد ما يَحُولُ عليه الْحَوْلُ من يَوْمِ مَلَكَهُ كَأَنَّهُ مَلَكَ مِائَةَ دِينَارٍ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ اشْتَرَى بها مِائَةَ دِينَارٍ أو أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَا زَكَاةَ في الدَّنَانِيرِ الْآخِرَةِ وَلَا الدَّرَاهِمِ حتى يَحُولَ عليها الْحَوْلُ من يَوْمِ مَلَكَهَا لِأَنَّ الزَّكَاةَ فيها بِأَنْفُسِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا إذَا اشْتَرَى سَائِمَةً من إبِلٍ أو بَقَرٍ أو غَنَمٍ بِدَنَانِيرَ أو دَرَاهِمَ أو غَنَمٍ أو إبِلٍ أو بَقَرٍ فَلَا زَكَاةَ فِيمَا اشْتَرَى منها حتى يَحُولَ عليها الْحَوْلُ في يَدِهِ من يَوْمِ مَلَكَهُ اشْتَرَاهُ بمثله أو غَيْرِهِ مِمَّا فيه الزَّكَاةُ وَلَا زَكَاةَ فِيمَا أَقَامَ في يَدِهِ ما اشْتَرَاهُ ما شَاءَ أَنْ يُقِيمَ لِأَنَّ الزَّكَاةَ فيه بِنَفْسِهِ لَا بِنِيَّةٍ لِلتِّجَارَةِ وَلَا غَيْرِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا اشْتَرَى السَّائِمَةَ لِتِجَارَةٍ زَكَّاهَا زَكَاةَ السَّائِمَةِ لَا زَكَاةَ التِّجَارَةِ وإذا مَلَكَ السَّائِمَةَ بِمِيرَاثٍ أو هِبَةٍ أو غَيْرِهِ زَكَّاهَا بِحَوْلِهَا زَكَاةَ السَّائِمَةِ وَهَذَا خِلَافُ التِّجَارَاتِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا اشْتَرَى نَخْلًا وَأَرْضًا لِلتِّجَارَةِ زَكَّاهَا زَكَاةَ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ وإذا اشْتَرَى أَرْضًا فيها غِرَاسٌ غَيْرُ نَخْلٍ أو كَرْمٍ أو زَرْعٌ غَيْرُ حِنْطَةٍ ( قال أبو يَعْقُوبَ وَالرَّبِيعُ ) وَغَيْرُ ما فيها الرِّكَازُ لِتِجَارَةٍ زَكَّاهَا زَكَاةَ التِّجَارَةِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ اشْتَرَى عَرَضًا يُرِيدُ بِهِ التِّجَارَةَ فلم يَحُلْ عليه حَوْلٌ من يَوْمِ اشْتَرَاهُ حتى نَوَى بِهِ أَنْ يَقْتَنِيَهُ وَلَا يَتَّخِذَهُ لِتِجَارَةٍ لم يَكُنْ عليه فيه زَكَاةٌ كان أَحَبَّ إلى لو زَكَّاهُ وَإِنَّمَا يُبَيِّنُ أَنَّ عليه زَكَاتَهُ إذَا اشْتَرَاهُ يُرِيدُ بِهِ التِّجَارَةَ ولم تَنْصَرِفْ نِيَّتُهُ عن إرَادَةِ التِّجَارَةِ بِهِ فَأَمَّا إذَا انْصَرَفَتْ نِيَّتُهُ عن إرَادَةِ التِّجَارَةِ فَلَا أَعْلَمُهُ أَنَّ عليه فيه زَكَاةً وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَاشِيَةٍ سَائِمَةٍ أَرَادَ عَلْفَهَا فَلَا يَنْصَرِفُ عن السَّائِمَةِ حتى يَعْلِفَهَا فَأَمَّا نِيَّةُ الْقِنْيَةِ وَالتِّجَارَةِ فَسَوَاءٌ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا بِنِيَّةِ الْمَالِكِ

(2/48)


لِأَنَّ هذا مِمَّا ليس فيه بِنَفْسِهِ زَكَاةٌ وَإِنَّمَا يُزَكَّى زَكَاةَ التِّجَارَةِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قِرَاضًا فَاشْتَرَى بها سِلْعَةً تَسْوَى أَلْفَيْنِ وَحَالَ عليها الْحَوْلُ قبل أَنْ يَبِيعَهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ السِّلْعَةَ تُزَكَّى كُلُّهَا لِأَنَّهَا من مِلْكِ مَالِكِهَا لَا شَيْءَ فيها لِلْمُقَارِضِ حتى يُسَلِّمَ رَأْسَ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَيُقَاسِمَهُ الرِّبْحَ على ما تَشَارَطَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ لو بَاعَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ أو قبل الْحَوْلِ فلم يَقْتَسِمَا الْمَالَ حتى حَالَ الْحَوْلُ ( قال ) وَإِنْ بَاعَهَا قبل الْحَوْلِ وسلم إلَى رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَاقْتَسَمَا الرِّبْحَ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ فَفِي رَأْسِ مَالِ رَبِّ الْمَالِ وَرِبْحِهِ الزَّكَاةُ وَلَا زَكَاةَ في حِصَّةِ الْمُقَارِضِ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ مَالًا لم يَحُلْ عليه الْحَوْلُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ لو دَفَعَ رَأْسَ مَالِ رَبِّ الْمَالِ إلَيْهِ ولم يَقْتَسِمَا الرِّبْحَ حتى حَالَ الْحَوْلُ صَدَّقَ رَأْسَ مَالِ رَبِّ الْمَالِ وَحِصَّتَهُ من الرِّبْحِ ولم يَصَّدَّقْ مَالَ الْمُقَارِضِ وَإِنْ كان شَرِيكًا بِهِ لِأَنَّ مِلْكَهُ حَادِثٌ فيه ولم يَحُلْ عليه حَوْلٌ من يَوْمِ مَلَكَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ اسْتَأْخَرَ الْمَالُ سِنِينَ لَا يُبَاعُ زَكَّى كُلَّ سَنَةٍ على رَبِّ الْمَالِ أَبَدًا حتى يُسَلِّمَ إلَى رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ فَأَمَّا ما لم يُسَلِّمْ إلَى رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ فَهُوَ من مِلْكِ رَبِّ الْمَالِ في هذا الْقَوْلِ لَا يَخْتَلِفُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان رَبُّ الْمَالِ حُرًّا مُسْلِمًا أو عَبْدًا مَأْذُونًا له في التِّجَارَةِ وَالْعَامِلُ نَصْرَانِيًّا أو مُكَاتَبًا فَهَكَذَا يزكى ما لم يَأْخُذْ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وإذا أَخَذَ رَأْسَ مَالِهِ زَكَّى جَمِيعَ مَالِهِ ولم يُزَكِّ مَالَ النَّصْرَانِيِّ وَلَا الْمُكَاتَبِ منه وهو أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قِرَاضًا فَاشْتَرَى بها سِلْعَةً تَسْوَى أَلْفًا فَحَالَ الْحَوْلُ على السِّلْعَةِ في يَدَيْ الْمُقَارِضِ قبل بَيْعِهَا قُوِّمَتْ فإذا بَلَغَتْ أَلْفَيْنِ أُدِّيَتْ الزَّكَاةُ على أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ لِأَنَّهَا حِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ وَوُقِفَتْ زَكَاةُ خَمْسِمِائَةٍ فَإِنْ حَالَ عليها حَوْلٌ ثَانٍ فَإِنْ بَلَغَتْ الْأَلْفَيْنِ زُكِّيَتْ الْأَلْفَانِ لِأَنَّهُ قد حَالَ على الْخَمْسِمِائَةِ الْحَوْلُ من يَوْمِ صَارَتْ لِلْمُقَارِضِ فَإِنْ نَقَصَتْ السِّلْعَةُ فَلَا شَيْءَ على رَبِّ الْمَالِ وَلَا الْمُقَارِضِ يَتَرَاجَعَانِ بِهِ من الزَّكَاةِ وَإِنْ زَادَتْ حتى تَبْلُغَ في عَامٍ مُقْبِلٍ ثَمَنَ ثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ زُكِّيَتْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ كما وَصَفْت وَلَوْ لم يَكُنْ الْفَضْلُ فيها إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ لِلْمُقَارِضِ نِصْفُهَا وَحَالَ عليها حَوْلٌ من يَوْمِ صَارَ لِلْمُقَارِضِ فيها فَضْلٌ زُكِّيَتْ لِأَنَّ الْمُقَارِضَ خَلِيطٌ بها فَإِنْ نَقَصَتْ السِّلْعَةُ حتى تَصِيرَ إلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ زُكِّيَتْ ألفا ( ( ( ألف ) ) ) وَلَا تَعْدُو الزَّكَاةُ الْأُولَى أَنْ تَكُونَ عنهما مَعًا فَهُمَا لو كَانَا خَلِيطَيْنِ في مَالٍ أَخَذْنَا الزَّكَاةَ مِنْهُمَا مَعًا أو عن رَبِّ الْمَالِ وَهَذَا إذَا كان الْمُقَارِضُ حُرًّا مُسْلِمًا أو عَبْدًا أَذِنَ له سَيِّدُهُ في الْقِرَاضِ فَكَانَ مَالُهُ مَالَ سَيِّدِهِ فَإِنْ كان الْمُقَارِضُ مِمَّنْ لَا زَكَاةَ عليه كَأَنْ كان نَصْرَانِيًّا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا زُكِّيَتْ حِصَّةُ الْمُقَارِضِ الْمُسْلِمِ ولم تُزَكَّ حِصَّةُ الْمُقَارِضِ النَّصْرَانِيِّ بِحَالٍ لِأَنَّ نَمَاءَهَا لو سَلِمَ كان له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا لو كان الْمُقَارِضُ مُكَاتَبًا في الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إذَا كان رَأْسُ الْمَالِ لِمُسْلِمٍ وَلَا تُزَكَّى حِصَّةُ الْعَامِلِ النَّصْرَانِيِّ وَالْمُكَاتَبِ في الْقَوْلِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمَا في أَمْوَالِهِمَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَرَبُّ الْمَالِ نَصْرَانِيٌّ وَالْعَامِلُ في الْمَالِ مُسْلِمٌ فَاشْتَرَى سِلْعَةً بِأَلْفٍ فَحَالَ عليها حَوْلٌ وَهِيَ ثَمَنُ أَلْفَيْنِ فَلَا زَكَاةَ فيها وَإِنْ حَالَ عليها أَحْوَالٌ لِأَنَّهَا مَالُ نَصْرَانِيٍّ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْعَامِلُ إلَى النَّصْرَانِيِّ رَأْسَ مَالِهِ فَيَكُونُ ما فَضَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّصْرَانِيِّ فيزكى نَصِيبَ الْعَامِلِ الْمُسْلِمِ منه إذَا حَالَ عليها حَوْلٌ وَلَا يزكى نَصِيبَ النَّصْرَانِيِّ في الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي فإنه يحصى ذلك وَلَا يَكُونُ عليه فيه زَكَاةٌ فإذا حَالَ حَوْلٌ فَإِنْ سَلِمَ له فَضْلُهَا أَدَّى زَكَاتَهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ قال لَا زَكَاةَ في الْحُلِيِّ وَلَا في الْمَاشِيَةِ غَيْرِ السَّائِمَةِ فإذا اشْتَرَى وَاحِدًا من هَذَيْنِ لِلتِّجَارَةِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ كما يَكُونُ في الْعُرُوضِ التي تشتري لِلتِّجَارَةِ - * باب زكاة مال القراض - *

(2/49)


كما يُؤَدِّي زَكَاةَ ما مَرَّ عليه من السِّنِينَ مُنْذُ كان له في الْمَالِ فَضْلٌ ( قال ) وإذا كان الشِّرْكُ في الْمَالِ بين الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ صَدَّقَ الْمُسْلِمُ مَالَهُ صَدَقَةَ الْمُنْفَرِدِ لَا صَدَقَةَ الشَّرِيكِ وَلَا الْخَلِيطِ في الْمَاشِيَةِ وَالنَّاضِّ وَغَيْرِ ذلك لِأَنَّهُ إنَّمَا يُجْمَعُ في الصَّدَقَةِ ما فيه كُلِّهِ صَدَقَةٌ فَأَمَّا أَنْ يُجْمَعَ في الصَّدَقَةِ مالا زَكَاةَ فيه فَلَا يَجُوزُ له - * باب الدين مع الصدقة - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن السَّائِبِ بن يَزِيدَ أَنَّ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ كان يقول هذا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ فَمَنْ كان عليه دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ حتى تَحْصُلَ أَمْوَالُكُمْ فَتُؤَدُّونَ منها الزَّكَاةَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كانت لِرَجُلٍ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَقَضَى من الْمِائَتَيْنِ شيئا قبل حُلُولِ الْمِائَتَيْنِ أو اسْتَعْدَى عليه السُّلْطَانُ قبل مَحَلِّ حَوْلِ الْمِائَتَيْنِ فَقَضَاهَا فَلَا زَكَاةَ عليه لِأَنَّ الْحَوْلَ حَالَ وَلَيْسَتْ مِائَتَيْنِ ( قال ) وَإِنْ لم يَقْضِ عليه بِالْمِائَتَيْنِ إلَّا بَعْدَ حَوْلِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ منها خَمْسَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ يقضى عليه السُّلْطَانُ بِمَا بقى منها + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا لو اسْتَعْدَى عليه السُّلْطَانُ قبل الْحَوْلِ فَوَقَفَ مَالَهُ ولم يَقْضِ عليه بِالدَّيْنِ حتى يَحُولَ عليه الْحَوْلُ كان عليه أَنْ يُخْرِجَ زَكَاتَهَا ثُمَّ يَدْفَعَ إلَى غُرَمَائِهِ ما بقى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ قَضَى عليه السُّلْطَانُ بِالدَّيْنِ قبل الْحَوْلِ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ قبل أَنْ يَقْبِضَهُ الْغُرَمَاءُ لم يَكُنْ عليه فيه زَكَاةٌ لِأَنَّ الْمَالَ صَارَ لِلْغُرَمَاءِ دُونَهُ قبل الْحَوْلِ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ أَنَّ عليه فيه الزَّكَاةَ من قِبَلِ أَنَّهُ لو تَلِفَ كان منه وَمِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لو طَرَأَ له مَالٌ غَيْرُ هذا كان له أَنْ يَحْبِسَ هذا الْمَالَ وَأَنْ يقضى الْغُرَمَاءَ من غَيْرِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَوْجَبَ اللَّهُ عز وجل عليه الزَّكَاةَ في ماله فَقَدْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ من مَالِهِ إلَى من جَعَلَهَا له فَلَا يَجُوزُ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَالٍ كان في يَدِهِ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهُ فيعطى الذي اسْتَحَقَّهُ ويقضى دَيْنَهُ من شَيْءٍ إنْ بقى له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا هذا في الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ وَالْمَاشِيَةِ كُلِّهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالِفَ بَيْنَهَا بِحَالٍ لِأَنَّ كُلًّا مِمَّا قد جاء عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّ في كُلِّهِ إذَا بَلَغَ ما وُصِفَ صلى اللَّهُ عليه وسلم الصَّدَقَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا هذا في صَدَقَةِ الْإِبِلِ التي صَدَقَتُهَا منها وَاَلَّتِي فيها الْغَنَمُ وَغَيْرُهَا كَالْمُرْتَهِنِ بِالشَّيْءِ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الرَّهْنِ ما فيه وَلِغُرَمَاءِ صَاحِبِ الْمَالِ ما فَضَلَ عنه وفي أَكْثَرَ من حَالِ الْمُرْتَهِنِ وما وَجَبَ في مَالٍ فيه الصَّدَقَةُ من إجَارَةِ أَجِيرٍ وَغَيْرِهَا أعطى قبل الْحَوْلِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الرَّجُلَ على أَنْ يَرْعَى غَنَمَهُ بِشَاةٍ منها بِعَيْنِهَا فَهِيَ مِلْكٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ قَبَضَهَا قبل الْحَوْلِ فَهِيَ له وَلَا زَكَاةَ على الرَّجُلِ في مَاشِيَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ما تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ بَعْدَ شَاةِ الْأَجِيرِ وَإِنْ لم يَقْبِضْ الْأَجِيرُ الشَّاةَ حتى حَالَ الْحَوْلُ فَفِي غَنَمِهِ الصَّدَقَةُ على الشَّاةِ حِصَّتُهَا من الصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ خَلِيطٌ بِالشَّاةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا هذا في الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ بِتَمْرِ نَخْلَةٍ بِعَيْنِهَا أو نَخَلَاتٍ لَا يَخْتَلِفُ إذَا لم يَقْبِضْ الْإِجَارَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ بِشَيْءٍ من الزَّرْعِ قَائِمٍ بِعَيْنِهِ لم تَجُزْ الْإِجَارَةُ بِهِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ كما لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَضَى خَبَرٌ لَازِمٌ بِجَوَازِ بَيْعِهِ فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عليه وَيَكُونُ كَالشَّاةِ بِعَيْنِهَا وَتَمْرِ النَّخْلَةِ وَالنَّخَلَاتِ بِأَعْيَانِهِنَّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان اسْتَأْجَرَهُ بِشَاةٍ بِصِفَةٍ أو تَمْرٍ بِصِفَةٍ أو بَاعَ غَنَمًا فَعَلَيْهِ الصَّدَقَةُ في غَنَمِهِ وَتَمْرِهِ وَزَرْعِهِ وَيُؤْخَذُ بِأَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الْأَجِيرِ وَالْمُشْتَرِي منه الصِّفَةَ التي وَجَبَتْ له من مَالِهِ الذي أُخِذَتْ منه الزَّكَاةُ أو غَيْرِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ كانت له عُرُوضٌ كَثِيرَةٌ تَحْمِلُ دَيْنَهُ أو لم يَكُنْ له شَيْءٌ غَيْرُ الْمَالِ الذي وَجَبَتْ فيه الزَّكَاةُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَحَدِيثُ عُثْمَانَ يُشْبِهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمَرَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ قبل حُلُولِ الصَّدَقَةِ في الْمَالِ في قَوْلِهِ هذا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ هذا الشَّهْرُ الذي إذَا مَضَى حَلَّتْ زَكَاتُكُمْ كما يُقَالُ شَهْرُ ذِي الْحِجَّةِ وَإِنَّمَا الْحِجَّةُ بَعْدَ مضى أَيَّامٍ منه

(2/50)


(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت له أَكْثَرُ من مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فقال قد حَالَتْ عليها أَحْوَالٌ ولم أُخْرِجْ منها الزَّكَاةَ وَكَذَّبَهُ غرماه ( ( ( غرماؤه ) ) ) كان الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَيُخْرِجُ منها ( ( ( منه ) ) ) زَكَاةَ الْأَحْوَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ غُرَمَاؤُهُ ما بقى منها بَعْدَ الزَّكَاةِ أَبَدًا أَوْلَى بها من مَالِ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهَا أَوْلَى بها من مِلْكِ مَالِكِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ رَهَنَ رَجُلٌ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أو أَلْفَيْ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَسَوَاءٌ وإذا حَالَ الْحَوْلُ على الدَّرَاهِمِ الْمَرْهُونَةِ قبل أَنْ يَحِلَّ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ أو بَعْدَهُ فَسَوَاءٌ وَيُخْرِجُ منها الزَّكَاةَ قبل دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا كُلُّ مَالٍ رُهِنَ وَجَبَتْ فيه ( ( ( فيها ) ) ) الزَّكَاةُ - * باب زكاة الدين - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا كان الدَّيْنُ لِرَجُلٍ غائبا ( ( ( غائب ) ) ) عنه فَهُوَ كما تَكُونُ التِّجَارَةُ له غَائِبَةً عنه والوديعة ( ( ( الوديعة ) ) ) وفي كُلٍّ زَكَاةٌ ( قال ) وإذا سَنَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الزَّكَاةَ في الْحَوْلِ لم يَجُزْ أَنْ يَجْعَلَ زَكَاةَ مَالِهِ إلَّا في حَوْلٍ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ فيه زَكَاةٌ وَلَا يَكُونُ إلَّا كما سَنَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أو لَا يَكُونُ فيه زَكَاةٌ فَيَكُونُ كَالْمَالِ الْمُسْتَفَادِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان لِرَجُلٍ على رَجُلٍ دَيْنٌ فَحَالَ عليه حَوْلٌ وَرَبُّ الْمَالِ يَقْدِرُ على أَخْذِهِ منه بِحُضُورِ رَبِّ الدَّيْنِ وَمِلَائِهِ وَأَنَّهُ لَا يَجْحَدُهُ وَلَا يَضْطَرُّهُ إلَى عَدْوَى فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ منه أو زَكَاتَهُ كما يَكُونُ ذلك عليه في الْوَدِيعَةِ هَكَذَا وَإِنْ كان رَبُّ الْمَالِ غَائِبًا أو حَاضِرًا لَا يَقْدِرُ على أَخْذِهِ منه إلَّا بِخَوْفٍ أو بِفَلَسٍ له إنْ اسْتَعْدَى عليه وكان الذي عليه الدَّيْنُ غَائِبًا حَسَبَ ما احْتَبَسَ عِنْدَهُ حتى يُمْكِنَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ فإذا قَبَضَهُ أَدَّى زَكَاتَهُ لِمَا مَرَّ عليه من السِّنِينَ لَا يَسَعُهُ غَيْرُ ذلك وَهَكَذَا الْمَاشِيَةُ تَكُونُ لِلرَّجُلِ غَائِبَةً لَا يَقْدِرُ عليها بِنَفْسِهِ وَلَا يُقْدَرُ له عليها وَهَكَذَا الْوَدِيعَةُ وَالْمَالُ يَدْفِنُهُ فَيَنْسَى مَوْضِعَهُ لَا يَخْتَلِفُ في شَيْءٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان الْمَالُ الْغَائِبُ عنه في تِجَارَةٍ يَقْدِرُ وَكِيلٌ له على قَبْضِهِ حَيْثُ هو قُوِّمَ حَيْثُ هو وَأُدِّيَتْ زَكَاتُهُ وَلَا يَسَعُهُ إلَّا ذلك وَهَكَذَا الْمَالُ الْمَدْفُونُ وَالدَّيْنُ وَكُلَّمَا قُلْت لَا يَسَعُهُ إلَّا تَأْدِيَةُ زَكَاتِهِ بِحَوْلِهِ وَإِمْكَانِهِ له فَإِنْ هَلَكَ قبل أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ وَبَعْدَ الْحَوْلِ وقد أَمْكَنَهُ فَزَكَاتُهُ عليه دَيْنٌ وَهَكَذَا كُلُّ مَالٍ له يَعْرِفُ مَوْضِعَهُ وَلَا يَدْفَعُ عنه فَكُلَّمَا قُلْت له يُزَكِّيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ قبل قَبْضِهِ حتى يَقْبِضَهُ فَهَلَكَ الْمَالُ قبل أَنْ يُمْكِنَهُ قَبْضُهُ فَلَا ضَمَانَ عليه فِيمَا مَضَى من زَكَاتِهِ لِأَنَّ الْعَيْنَ التي فيها الزَّكَاةُ هَلَكَتْ قبل أَنْ يُمْكِنَهُ أَنْ يُؤَدِّيَهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ غَصَبَ مَالًا فَأَقَامَ في يَدَيْ الْغَاصِبِ زَمَانًا لَا يَقْدِرُ عليه ثُمَّ أَخَذَهُ أو غَرِقَ له مَالٌ فَأَقَامَ في الْبَحْرِ زَمَانًا ثُمَّ قَدَرَ عليه أو دُفِنَ مَالٌ فَضَلَّ مَوْضِعَهُ فلم يَدْرِ أَيْنَ هو ثُمَّ قَدَرَ عليه فَلَا يَجُوزُ فيه إلَّا وَاحِدٌ من قَوْلَيْنِ أَنْ لَا يَكُونَ عليه فيه زَكَاةٌ لِمَا مَضَى وَلَا إذَا قَبَضَهُ حتى يَحُولَ عليه حَوْلٌ من يَوْمِ قَبَضَهُ لِأَنَّهُ كان مَغْلُوبًا عليه بِلَا طَاعَةٍ منه كَطَاعَتِهِ في السَّلَفِ وَالتِّجَارَةِ وَالدَّيْنِ أو يَكُونَ فيه الزَّكَاةُ إنْ سَلِمَ لِأَنَّ مِلْكَهُ لم يَزُلْ عنه لِمَا مَضَى عليه من السِّنِينَ ( قال الرَّبِيعُ ) الْقَوْلُ الْآخَرُ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي لِأَنَّ من غُصِبَ مَالُهُ أو غَرِقَ لم يَزُلْ مِلْكُهُ عنه وهو قَوْلُ الشَّافِعِيُّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا لو كان له على رَجُلٍ مَالٌ اصله مَضْمُونٌ أو أَمَانَةٌ فَجَحَدَهُ إيَّاهُ وَلَا بَيِّنَةَ له عليه أو له بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ لم يَقْدِرْ على أَخْذِهِ منه بِأَيِّ وَجْهٍ ما كان الْأَخْذُ ( قال الرَّبِيعُ ) فإذا أَخَذَهُ زَكَّاهُ لِمَا مَضَى عليه من السِّنِينَ وهو مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ هَلَكَ منه مَالٌ فَالْتَقَطَهُ منه رَجُلٌ أو لم يَدْرِ اُلْتُقِطَ أو لم يُلْتَقَطْ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ هذا وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ عليه فيه زَكَاةٌ بِحَالٍ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَمْلِكُهُ بَعْدَ سَنَةٍ على أَنْ يُؤَدِّيَهُ إلَيْهِ إنْ جَاءَهُ وَيُخَالِفُ الْبَابَ قَبْلَهُ بهذا الْمَعْنَى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلُّ ما أَقْبَضَ من الدَّيْنِ الذي قُلْت عليه فيه زَكَاةٌ زَكَّاهُ إذَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت لِرَجُلٍ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَقَامَ عليه غُرَمَاؤُهُ فقال قد حَالَ عليها الْحَوْلُ وقال الْغُرَمَاءُ لم يَحُلْ عليها الْحَوْلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيُخْرِجُ منها الزَّكَاةَ وَيَدْفَعُ ما بقى منها إلَى غُرَمَائِهِ إذَا كان لهم عليه مِثْلُ ما بقى منها أو أَكْثَرُ

(2/51)


كان في مِثْلِهِ زَكَاةٌ لِمَا مَضَى ثُمَّ كُلَّمَا قَبَضَ منه شيئا فَكَذَلِكَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْقَوْلُ في أَنْ لَا زَكَاةَ على صَاحِبِهَا الذي اعْتَرَفَهَا أو أَنَّ عليه الزَّكَاةَ في مَقَامِهَا في يَدَيْ غَيْرِهِ كما وَصَفْت أَنْ تَسْقُطَ الزَّكَاةُ في مَقَامِهَا في يَدَيْ الْمُلْتَقِطِ بَعْدَ السَّنَةِ لِأَنَّهُ أُبِيحَ له أَكْلُهَا بِلَا رِضًا من الْمُلْتَقِطِ أو يَكُونُ عليه فيها الزَّكَاةُ لِأَنَّهَا مَالُهُ وَكُلُّ ما قَبَضَ من الدَّيْنِ الذي قُلْت عليه فيه زَكَاةٌ زَكَّاهُ إذَا كان في مِثْلِهِ زَكَاةٌ لِمَا مَضَى فَكُلَّمَا قَبَضَ منه شيئا فَكَذَلِكَ وَإِنْ قَبَضَ منه مالا زَكَاةَ في مِثْلِهِ فَكَانَ له مَالٌ أَضَافَهُ إلَيْهِ وَإِلَّا حَسَبَهُ فإذا قَبَضَ ما تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ معه أَدَّى زَكَاتَهُ لِمَا مَضَى عليه من السِّنِينَ - * بَابُ الذي يَدْفَعُ زَكَاتَهُ فَتَهْلِكُ قبل أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى أَهْلِهَا - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا أَخْرَجَ رَجُلٌ زَكَاةَ مَالِهِ قبل أَنْ تَحِلَّ فَهَلَكَتْ قبل أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى أَهْلِهَا لم تُجْزِ عنه وَإِنْ حَلَّتْ زَكَاةُ مَالِهِ زَكَّى ما في يَدَيْهِ من مَالِهِ ولم يَحْسُبْ عليه ما هَلَكَ منه من الْمَالِ في هذا كُلِّهِ وَسَوَاءٌ في هذا زَرْعُهُ وثمرة إنْ كانت له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أَخْرَجَهَا بعد ما حَلَّتْ فَهَلَكَتْ قبل أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى أَهْلِهَا فَإِنْ كان لم يُفَرِّطْ وَالتَّفْرِيطُ أَنْ يُمْكِنَهُ بَعْدَ حَوْلِهَا دَفْعُهَا إلَى أَهْلِهَا أو الْوَالِي فَتَأَخَّرَ لم يَحْسُبْ عليه ما هَلَكَ ولم تُجْزِ عنه من الصَّدَقَةِ لِأَنَّ من لَزِمَهُ شَيْءٌ لم يَبْرَأْ منه إلَّا بِدَفْعِهِ إلَى من يَسْتَوْجِبُهُ عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَرَجَعَ إلَى ما بقى من مَالِهِ فَإِنْ كان فِيمَا بقى منه زَكَاةٌ زَكَّاهُ وَإِنْ لم يَكُنْ فِيمَا بقى منه زَكَاةٌ لم يُزَكِّهِ كَأَنْ حَلَّ عليه نِصْفُ دِينَارٍ في عِشْرِينَ دِينَارًا فَأَخْرَجَ النِّصْفَ فَهَلَكَ قبل أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى أَهْلِهِ فَبَقِيَتْ تِسْعَةَ عَشَرَ وَنِصْفٌ فَلَا زَكَاةَ عليه فيها وَإِنْ كانت له إحْدَى وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَنِصْفٌ فَهَلَكَ قبل أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى أَهْلِهِ فَبَقِيَتْ تِسْعَةَ عَشَرَ وَنِصْفٌ فَلَا زَكَاةَ عليه فيها وَإِنْ كانت له إحْدَى وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَنِصْفٌ فَأَرَادَ أَنْ يُزَكِّيَهَا فَيُخْرِجُ عن الْعِشْرِينَ نِصْفًا وَعَنْ الْبَاقِي عن الْعِشْرِينَ رُبُعَ عُشْرِ الْبَاقِي لِأَنَّ ما زَادَ من الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالطَّعَامِ كُلِّهِ على ما يَكُونُ فيه الصَّدَقَةُ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ بِحِسَابِهِ فَإِنْ هَلَكَتْ الزَّكَاةُ وقد بقى عِشْرُونَ دِينَارًا وَأَكْثَرُ فَيُزَكِّي ما بقى بِرُبُعِ عُشْرِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا هَكَذَا مِمَّا أَنْبَتَتْ الْأَرْضُ وَالتِّجَارَةُ وَغَيْرُ ذلك من الصَّدَقَةِ وَالْمَاشِيَةِ إلَّا أَنَّ الْمَاشِيَةَ تُخَالِفُ هذا في أنها بِعَدَدٍ وَأَنَّهَا مَعْفُوٌّ عما ( ( ( عنها ) ) ) بين الْعَدَدَيْنِ فَإِنْ حَالَ عليه حَوْلٌ وهو في سَفَرٍ فلم يَجِدْ من يَسْتَحِقُّ السُّهْمَانَ أو هو في مِصْرَ فَطَلَبَ فلم يَحْضُرْهُ في سَاعَتِهِ تِلْكَ من يَسْتَحِقُّ السُّهْمَانَ أو سُجِنَ أو حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ فَكُلُّ هذا عُذْرٌ لَا يَكُونُ بِهِ مُفَرِّطًا وما هَلَكَ من مَالِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ لم يُحْسَبْ عليه في الزَّكَاةِ كما لَا يُحْسَبُ ما هَلَكَ قبل الْحَوْلِ وَإِنْ كان يُمْكِنُهُ إذَا حُبِسَ من يَثِقُ بِهِ فلم يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ أو وَجَدَ أَهْلَ السُّهْمَانِ فَأَخَّرَ ذلك قَلِيلًا أو كَثِيرًا وهو يُمْكِنُهُ فلم يُعْطِهِمْ بِوُجُودِ الْمَالِ وَأَهْلِ السُّهْمَانِ فَهُوَ مُفَرِّطٌ وما هَلَكَ من مَالِهِ فَالزَّكَاةُ لَازِمَةٌ له فِيمَا بقى في يَدَيْهِ منه كإن كانت له عِشْرُونَ دِينَارًا فَأَمْكَنَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاتَهَا فَأَخَّرَهَا فَهَلَكَتْ الْعِشْرُونَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ دِينَارٍ يُؤَدِّيهِ مَتَى وَجَدَهُ ولو كان له مَالٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاتَهُ فلم يَفْعَلْ فَوَجَبَتْ عليه الزَّكَاةُ سِنِينَ ثُمَّ هَلَكَ أَدَّى زَكَاتَهُ لِمَا فَرَّطَ فيه وَإِنْ كانت له مِائَةُ شَاةٍ فَأَقَامَتْ في يَدِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ وَأَمْكَنَهُ في مضى السَّنَةِ الثَّالِثَةِ أَدَاءُ زَكَاتِهَا فلم يُؤَدِّهَا أَدَّى زَكَاتَهَا لِثَلَاثِ سِنِينَ وَإِنْ لم يُمْكِنْهُ في السَّنَةِ الثَّالِثَةِ أَدَاءُ زَكَاتِهَا حتى هَلَكَتْ فَلَا زَكَاةَ عليه في السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ في السَّنَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فَرَّطَ في أَدَاءِ الزَّكَاةِ فِيهِمَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا عَرَّفَ الرَّجُلُ اللُّقَطَةَ سَنَةً ثُمَّ مَلَكَهَا فَحَالَ عليها أَحْوَالٌ ولم يُزَكِّهَا ثُمَّ جاء صَاحِبُهَا فَلَا زَكَاةَ على الذي وَجَدَهَا وَلَيْسَ هذا كَصَدَاقِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ هذا لم يَكُنْ لها مَالِكًا قَطُّ حتى جاء صَاحِبُهَا وَإِنْ أَدَّى عنها زَكَاةً منها ضَمِنَهَا لِصَاحِبِهَا

(2/52)


- * باب المال يحول عليه أحوال في يدي صاحبه - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وإذا كانت لِرَجُلٍ خَمْسٌ من الْإِبِلِ فَحَالَ عليها أَحْوَالٌ وَهِيَ في يَدِهِ لم يُؤَدِّ زَكَاتَهَا فَعَلَيْهِ فيها زَكَاةُ عَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الزَّكَاةَ في أَعْيَانِهَا وَإِنْ خَرَجَتْ منها شَاةٌ في السَّنَةِ فلم يَبْقَ له خَمْسٌ تَجِبُ فِيهِنَّ الزَّكَاةُ ( قال الرَّبِيعُ ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ عليه في كل خَمْسٍ من الْإِبِلِ أَقَامَتْ عِنْدَهُ أَحْوَالًا أَدَاءَ زَكَاتِهَا في كل عَامٍ أَقَامَتْ عِنْدَهُ شَاةٌ في كل عَامٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُخْرِجُ الزَّكَاةَ من غَيْرِهَا عنها (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو كانت إبِلُهُ سِتًّا فَحَالَ عليها ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ وَبَعِيرٌ منها يَسْوَى شَاتَيْنِ فَأَكْثَرَ أَدَّى زَكَاتَهَا لِثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ لِأَنَّ بَعِيرًا منها إذَا ذَهَبَ بِشَاتَيْنِ أو أَكْثَرَ كانت عِنْدَهُ خَمْسٌ من الْإِبِلِ فيها زَكَاةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو كانت عِنْدَهُ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ شَاةً أو وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا فَحَالَتْ عليه ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أُخِذَتْ من الْغَنَمِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ لِأَنَّ شَاتَيْنِ يَذْهَبَانِ وَيَبْقَى أَرْبَعُونَ فيها شَاةٌ وَأُخِذَتْ منه زَكَاةُ الدَّنَانِيرِ دينارا ( ( ( دينار ) ) ) ونصفا ( ( ( ونصف ) ) ) وَحِصَّةُ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَذْهَبُ وَيَبْقَى في يَدِهِ ما فيه زَكَاةٌ وَهَكَذَا لو كانت له أَرْبَعُونَ شَاةً أَوَّلَ سَنَةٍ ثُمَّ زَادَتْ شَاةٌ فَحَالَتْ عليها سَنَةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ إحْدَى وَأَرْبَعُونَ ثُمَّ زَادَتْ شَاةٌ في السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَحَالَتْ عليها سَنَةٌ وَهِيَ اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ شَاةً كانت فيها ثَلَاثُ شِيَاهٍ لِأَنَّ السَّنَةَ لم تَحُلْ إلَّا وَرَبُّهَا يَمْلِكُ فيها أَرْبَعِينَ شَاةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَعَلَى هذا هذا الْبَابُ كُلُّهُ فيه الزَّكَاةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو كانت له أَرْبَعُونَ شَاةً فَحَالَ عليها أَحْوَالٌ ولم تَزِدْ فَأَحَبُّ إلى أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاتَهَا لِمَا مَضَى عليها من السِّنِينَ وَلَا يَبِينُ لي أَنْ نُجْبِرَهُ إذَا لم يَكُنْ له إلَّا الْأَرْبَعُونَ شَاةً فَحَالَتْ عليها ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَنْ يُؤَدِّيَ ثَلَاثَ شِيَاهٍ ( قال الرَّبِيعُ ) وفي الْإِبِلِ إذَا كانت عِنْدَهُ خَمْسٌ من الْإِبِلِ فَحَالَ عليها أَحْوَالٌ كانت عليه في كل حَوْلٍ شَاةٌ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَيْسَتْ من عَيْنِهَا إنَّمَا تَخْرُجُ من غَيْرِهَا وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِلْغَنَمِ التي في عَيْنِهَا الزكاة - * باب البيع في المال الذي فيه الزَّكَاةُ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال ولو بَاعَ رَجُلٌ رَجُلًا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ بَيْعًا فَاسِدًا فَأَقَامَتْ في يَدِ الْمُشْتَرِي شَهْرًا ثُمَّ حَالَ عليها الْحَوْلُ من يَوْمِ مَلَكَهَا الْبَائِعُ فَفِيهَا الزَّكَاةُ من مَالِ الْبَائِعِ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ عليه لِأَنَّهَا لم تَخْرُجْ من مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَهَكَذَا كُلُّ مَالٍ وَجَبَتْ فيه الزَّكَاةُ فَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا من مَاشِيَةٍ أو غَيْرِهَا زُكِّيَ على أَصْلِ مِلْكِ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لم يَخْرُجْ من مِلْكِهِ ولو كان الْبَائِعُ بَاعَهَا بَيْعًا صَحِيحًا على أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي أو لم يَقْبِضْهَا فَحَالَ عليها حَوْلٌ من يَوْمِ مَلَكَهَا الْبَائِعُ وَجَبَتْ فيها الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ لم يَتِمَّ خُرُوجُهَا من مِلْكِ الْبَائِعِ حتى حَالَ عليها الْحَوْلُ وَلِمُشْتَرِيهَا رَدُّهَا لِلنَّقْصِ الذي دخل عليها بِالزَّكَاةِ وَكَذَلِكَ لو كان الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) لو كان الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ فَاخْتَارَ إنْفَاذَ الْبَيْعِ بعد ما حَالَ عليها الْحَوْلُ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ على الْبَائِعِ الزَّكَاةَ لِأَنَّ الْبَيْعَ لم يَتِمَّ إلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ ولم يَتِمَّ خُرُوجُهَا من مِلْكِهِ بِحَالٍ ( قال ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الزَّكَاةَ على الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْحَوْلَ حَالَ وَهِيَ مِلْكٌ له وَإِنَّمَا له خِيَارُ الرَّدِّ إنْ شَاءَ دُونَ الْبَائِعِ ( قال الرَّبِيعُ ) وَكَذَلِكَ لو كانت له أَمَةٌ كان لِلْمُشْتَرِي وَطْؤُهَا في أَيَّامِ الْخِيَارِ دُونَ الْبَائِعِ فلما كان أَكْثَرُ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي كانت الزَّكَاةُ عليه إذَا حَالَ عليها الْحَوْلُ من يَوْمِ اشْتَرَاهَا وَقُبِضَتْ وَسَقَطَتْ الزَّكَاةُ عن الْبَائِعِ لِأَنَّهَا قد خَرَجَتْ من مِلْكِهِ بِبَيْعٍ صَحِيحٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو بَاعَ الرَّجُلُ صِنْفًا من مَالٍ وَجَبَتْ فيه الزَّكَاةُ قبل حَوْلِهِ بِيَوْمٍ على أَنَّ الْبَائِعَ فيه بِالْخِيَارِ يَوْمًا فَاخْتَارَ إنْفَاذَ الْبَيْعِ بَعْدَ يَوْمٍ وَذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ كانت في الْمَالِ الزَّكَاةُ لِأَنَّ الْبَيْعَ لم يَتِمَّ حتى حَالَ عليه الْحَوْلُ قبل أَنْ يَخْرُجَ من مِلْكِهِ وكان لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِنَقْصِ الزَّكَاةِ منه
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ ان كانت له أَرْبَعُونَ شَاةً أو ثَلَاثُونَ من الْبَقَرِ أو عِشْرُونَ دِينَارًا أو مِائَتَا دِرْهَمٍ أَخْرَجَ زَكَاتَهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ زَكَاتَهَا خَارِجَةٌ من مِلْكِهِ مَضْمُونَةٌ في يَدِهِ لِأَهْلِهَا ضَمَانَ ما غَصْبَ

(2/53)


ولو اخْتَارَ إنْفَاذَ الْبَيْعِ قبل أَنْ يمضى الْحَوْلُ لم يَكُنْ فيه زَكَاةٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ قد تَمَّ قبل حَوْلِهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا بَاعَ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ أو دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ أو بَقَرًا بِغَنَمٍ أو بَقَرًا بِبَقَرٍ أو غَنَمًا بِغَنَمٍ أو إبِلًا بِإِبِلٍ أو غَنَمٍ فَكُلُّ ذلك سَوَاءٌ فَأَيُّ هذا بَاعَ قبل حَوْلِهِ فَلَا زَكَاةَ على الْبَائِعِ فيه لِأَنَّهُ لم يَحُلْ عليه الْحَوْلُ في يَدِهِ وَلَا على الْمُشْتَرِي حتى يَحُولَ عليه حَوْلٌ من يَوْمِ مَلَكَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ إذَا زَالَتْ عَيْنُ الْمَالِ من الْإِبِلِ أو الذَّهَبِ بِإِبِلٍ أو ذَهَبٍ أو بِغَيْرِهَا لَا اخْتِلَافَ في ذلك فإذا بَاعَ رَجُلٌ رَجُلًا نَخْلًا فيها تَمْرٌ أو تَمْرًا دُونَ النَّخْلِ فَسَوَاءٌ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا هِيَ في التَّمْرِ دُونَ النَّخْلِ فإذا مَلَكَ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَةَ بِأَنْ اشْتَرَاهَا بِالنَّخْلِ أو بِأَنْ اشْتَرَاهَا مُنْفَرِدَةً شِرَاءً يَصِحُّ أو وُهِبَتْ له وَقَبَضَهَا أو أُقِرَّ له بها أو تُصُدِّقَ بها عليه أو أوصى له بها أو أَيِّ وَجْهٍ من وُجُوهِ الْمِلْكِ صَحَّ له مِلْكُهَا بِهِ فإذا صَحَّ له مِلْكُهَا قبل أَنْ تُرَى فيها الْحُمْرَةُ أو الصُّفْرَةُ وَذَلِكَ الْوَقْتُ الذي يَحِلُّ فيه بَيْعُهَا على أَنْ يُتْرَكَ حتى يَبْلُغَ فَالزَّكَاةُ على مَالِكِهَا الْآخَرِ لِأَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ زَكَاتِهَا أَنْ تُرَى فيها حُمْرَةٌ أو صُفْرَةٌ فَيَخْرُصُ ثُمَّ يُؤْخَذُ ذلك تَمْرًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ مَلَكَهَا بعد ( ( ( بعدما ) ) ) ما ( ( ( رئيت ) ) ) رؤيت فيها حُمْرَةٌ أو صُفْرَةٌ فَالزَّكَاةُ في التَّمْرِ من مَالِ مَالِكِهَا الْأَوَّلِ ولو لم يَمْلِكْ الزَّكَاةَ الْمَالِكُ الْآخَرُ خُرِصَتْ الثَّمَرَةُ قبل يملكها ( ( ( تملكها ) ) ) أو لم تُخْرَصْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ في هذا في أَيِّ وَجْهٍ مَلَكَ بِهِ الثَّمَرَةَ بِحَالٍ في الزَّكَاةِ وَلَا في غَيْرِهَا إلَّا في وَجْهٍ وَاحِدٍ وهو أَنْ يشترى الثَّمَرَةَ بعد ما يَبْدُو صَلَاحُهَا فَيَكُونُ الْعُشْرُ في الثَّمَرَةِ لَا يَزُولُ وَيَكُونُ الْبَيْعُ في الثَّمَرَةِ مَفْسُوخًا كما يَكُونُ لو بَاعَهُ عَبْدَيْنِ أَحَدُهُمَا له وَالْآخَرُ ليس له مَفْسُوخًا وَلَكِنَّهُ يَصِحُّ لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ إذَا بَاعَهُ على تَرْكِ الثَّمَرَةِ أَنْ يَبِيعَهُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الثَّمَرَةِ إنْ كانت تُسْقَى بِعَيْنٍ أو كانت بَعْلًا وَتِسْعَةُ أَعْشَارِهَا وَنِصْفُ عُشْرِهَا إنْ كانت تُسْقَى بِغَرْبٍ وَيَبِيعُهُ جَمِيعَ ما دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ إذَا لم يَكُنْ لِلْبَائِعِ غَيْرُهُ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ لو تَعَدَّى الْمُصَدِّقُ فَأَخَذَ مِمَّا لَيْسَتْ فيه الصَّدَقَةُ وزاد فِيمَا فيه الصَّدَقَةُ فَأَخَذَ أَكْثَرَ منها لم يَرْجِعْ فيه الْمُشْتَرِي على الْبَائِعِ وَكَانَتْ مَظْلِمَةً دَخَلَتْ على الْمُشْتَرِي + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو كان لِوَاحِدٍ حَائِطٌ فيه خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَبَاعَ ثَمَرَهُ من وَاحِدٍ أو اثْنَيْنِ بعد ما يَبْدُو صَلَاحُهَا فَفِيهِ الزَّكَاةُ كما وَصَفْت في مَالِ الْبَائِعِ نَفْسِهِ ولو بَاعَهُ قبل أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ ولم يَشْتَرِطْ أَنْ يَقْطَعَ من وَاحِدٍ أو اثْنَيْنِ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ وَالْبَيْعُ فيه فَاسِدٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وان اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَةَ كُلَّهَا أَخَذَ رَبُّ الْحَائِطِ بِالصَّدَقَةِ وإ ن أَفْلَسَ أَخَذَ من الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا بِمَا اشْتَرَى من ثَمَنِهَا الْعُشْرَ وَرَدَّ ما بقى على رَبِّ الْحَائِطِ وَإِنْ لم يُفْلِسْ الْبَائِعُ أَخَذَ بِعُشْرِهَا لِأَنَّهُ كان سَبَبَ هَلَاكِهَا وَإِنْ كان لِلْمُشْتَرِي غُرَمَاءُ فَكَانَ ثَمَنُ ما اسْتَهْلَكَ من الْعُشْرِ عَشَرَةً وَلَا يُوجَدُ مِثْلُهُ وَثَمَنُ عُشْرِ مِثْلِهِ عِشْرُونَ يوم تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ اشْتَرَى بِعَشَرَةٍ نِصْفَ الْعُشْرِ لِأَنَّهُ ثَمَنُ الْعُشْرِ الذي اسْتَهْلَكَهُ وهو له دُونَ الْغُرَمَاءِ وكان لِوَلِيِّ الصَّدَقَةِ أَنْ يَكُونَ غَرِيمًا يَقُومُ مَقَامَ أَهْلِ السُّهْمَانِ في الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ على رَبِّ الْحَائِطِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ بَاعَ رَبُّ الْحَائِطِ ثَمَرَتَهُ وَهِيَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ من رَجُلَيْنِ قبل أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا على أَنْ يَقْطَعَاهَا كان الْبَيْعُ جَائِزًا فَإِنْ قَطَعَاهَا قبل أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَلَا لزكاة ( ( ( زكاة ) ) ) فيها وَإِنْ تَرَكَاهَا حتى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَفِيهَا الزَّكَاةُ فَإِنْ أَخَذَهُمَا رَبُّ الْحَائِطِ بقعطها ( ( ( بقطعها ) ) ) فَسَخْنَا الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا كُلُّ صِنْفٍ من الْمَالِ بَاعَهُ قبل أَنْ تَحِلَّ الصَّدَقَةُ فيه وَبَعْدَهُ من دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ وَمَاشِيَةٍ لَا اخْتِلَافَ فيها وَلَا عليه بِفَرْقٍ بَيْنَهَا

(2/54)


الزَّكَاةَ وَجَبَتْ فيها فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ فَيَمْنَعَ الزَّكَاةَ وَهِيَ حَقٌّ لِأَهْلِهَا وَلَا أَنْ تُؤْخَذَ بِحَالِهَا تِلْكَ وَلَيْسَتْ الْحَالَ التي أَخَذَهَا فيها رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي على الْبَائِعِ ثَمَرَةٌ في نخله وقد شَرَطَ قَطْعَهَا وَلَا يَكُونُ في هذا الْبَيْعِ إلَّا فَسْخُهُ ولو رضى الْبَائِعُ بِتَرْكِهَا حتى تُجَدَّ في نخله ورضى الْمُشْتَرِيَانِ لم يَرْجِعَا على الْبَائِعِ بِالْعُشْرِ لِأَنَّهُ قد أَقْبَضَهُمَا جَمِيعَ ما بَاعَهُمَا من الثَّمَرَةِ وَلَا عُشْرَ فيه وَعَلَيْهِمَا أَنْ يُزَكِّيَا بِمَا وَجَبَ من الْعُشْرِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو رضى أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ إقْرَارَهَا وَالْبَائِعُ ولم يَرْضَهُ الْآخَرُ جُبِرَا في الْقَوْلِ الْأَوَّلِ على إقْرَارِهَا وفي الْقَوْلِ الْآخَرِ يُفْسَخُ نَصِيبُ الذي لم يَرْضَ وَيُقَرُّ نَصِيبُ الذي رضى وكان كَرَجُلٍ اشْتَرَى نِصْفَ الثَّمَرَةِ وإذا رضى إقْرَارَهَا ثُمَّ أَرَادَ قَطْعَهَا قبل الْجِدَادِ لم يَكُنْ له قَطْعُهَا كُلِّهَا وَلَا فَسْخَ لِلْبَيْعِ إذَا تَرَكَ رَدَّهُ مَرَّةً لم يَكُنْ له رَدُّهُ بَعْدَهَا وَكُلُّ هذا إذَا بَاعَ الثَّمَرَةَ مُشَاعًا قبل أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان لِرَجُلٍ حَائِطٌ في ثَمَرِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَبَاعَ رَجُلًا منه نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهِنَّ وَآخَرُ نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهِنَّ بعد ما يَبْدُو صَلَاحُهُ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ إلَّا أَنْ يَبِيعَ من كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا تِسْعَةَ أَعْشَارِهِ وَإِنْ كان هذا الْبَيْعُ قبل أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُ الثَّمَرَةِ على أَنْ يَقْطَعَاهَا فَقَطَعَا منها شيئا وَتَرَكَا شيئا حتى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ فَإِنْ كان فِيمَا يَبْقَى خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ وَالْبَيْعُ فيه كما وَصَفْت في الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ فَإِنْ لم يَكُنْ فِيمَا بقى من الثَّمَرَةِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ لَا يُفْسَخُ وَيُؤْخَذُ بِأَنْ يَقْطَعَهَا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِتَرْكِهَا لَهُمَا وَإِنْ قَطَعَا الثَّمَرَةَ بعد ما يَبْدُو صَلَاحُهَا فَقَالَا لم يَكُنْ فيها خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا مع أَيْمَانِهِمَا وَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ في هذا الْحَالِ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ على شَيْءٍ أُخِذَ بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ لم تَقُمْ بَيِّنَةٌ قُبِلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فِيمَا طَرَحَ عن نَفْسِهِ بِهِ الصَّدَقَةَ أو بَعْضَهَا إذَا لم تَقُمْ عليه بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ ما قال + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَمْرٍ يَطْرَحُ عنه الصَّدَقَةَ أو بَعْضَهَا وَأَقَرَّ بِمَا يُثْبِتُ عليه الصَّدَقَةَ أو يَزِيدُهَا أَخَذْت بِقَوْلِهِ لِأَنِّي إنَّمَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ إذَا كانت كما ادَّعَى فِيمَا يَدْفَعُ بِهِ عن نَفْسِهِ فإذا أَكْذَبَهَا قَبِلْت قَوْلَهُ في الزِّيَادَةِ على نَفْسِهِ وكان أَثْبَتَ عليه من بَيِّنَتِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان لِلرَّجُلِ الْحَائِطُ لم يُمْنَعْ قَطْعُ ثَمَرِهِ من حِينِ تَطْلُعُ إلَى أَنْ تُرَى فيه الْحُمْرَةُ فإذا رؤيت ( ( ( رئيت ) ) ) فيه الْحُمْرَةُ مُنِعَ قَطْعُهُ حتى يُخْرَصَ فَإِنْ قَطَعَهُ قَبْلُ يُخْرَصَ بعد ما يُرَى فيه الْحُمْرَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا قَطَعَ منه وَإِنْ أتى عليه كُلِّهِ مع يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ غَيْرُ قَوْلِهِ بِبَيِّنَةِ أَهْلِ مِصْرِهِ فَيُؤْخَذُ ذلك منه بِالْبَيِّنَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَخَذْت بِبَيِّنَتِهِ أو قَوْلِهِ أُخِذَ بِتَمْرٍ وَسَطٍ سِوَى ثَمَرِ حَائِطِهِ حتى يُسْتَوْفَى منه عُشْرُهُ وَلَا يُؤْخَذُ منه ثَمَنُهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَهَذَا إنْ خُرِصَ عليه ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ أُخِذَ بِتَمْرٍ مِثْلِ وَسَطِ تَمْرِهِ - * بَابُ مِيرَاثِ الْقَوْمِ الْمَالَ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وإذا وَرِثَ الْقَوْمُ الْحَائِطَ فلم يَقْتَسِمُوا وَكَانَتْ في ثَمَرِهِ كُلِّهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَعَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ لِأَنَّهُمْ خُلَطَاءُ يَصَّدَّقُونَ صَدَقَةَ الْوَاحِدِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ اقْتَسَمُوا الْحَائِطَ مُثْمِرًا قَسْمًا يَصِحُّ فَكَانَ الْقَسْمُ قبل أَنْ يُرَى في الثَّمَرَةِ صُفْرَةٌ أو حُمْرَةٌ فَلَا صَدَقَةَ على من لم يَكُنْ في نَصِيبِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَعَلَى من كان في نَصِيبِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ اقْتَسَمُوا بعد ما يُرَى فيه صُفْرَةٌ أو حُمْرَةٌ صُدِّقَ كُلُّهُ صَدَقَةَ الْوَاحِدِ إذَا كانت في جَمِيعِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أُخِذَتْ منه الصَّدَقَةُ لِأَنَّ أَوَّلَ مَحَلِّ الصَّدَقَةِ أَنْ يُرَى الْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ في الْحَائِطِ خُرِصَ الْحَائِطُ أو لم يُخْرَصْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ كَيْفَ جَعَلْت صَدَقَةَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ اللَّذَيْنِ يُخْرَصَانِ أَوَّلًا وَآخِرًا دُونَ الْمَاشِيَةِ وَالْوَرِقِ وَالذَّهَبِ وَإِنَّمَا أَوَّلُ ما تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ عِنْدَك وَآخِرُهُ الْحَوْلُ دُونَ الْمُصَدَّقِ قِيلَ له إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا خُرِصَتْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو كانت الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَتَرَكَهَا الْمُشْتَرِيَانِ حتى بَدَا صَلَاحُهَا فرضى الْبَائِعُ بِتَرْكِهَا ولم يَرْضَهُ الْمُشْتَرِيَانِ كان فيها قَوْلَانِ ( أَحَدُهُمَا ) أَنْ يُجْبَرَا على تَرْكِهَا وَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ بِمَا وَجَبَ فيها من الصَّدَقَةِ ( وَالثَّانِي ) أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُمَا شَرَطَا الْقَطْعَ ثُمَّ صَارَتْ لَا يَجُوزُ قَطْعُهَا بِمَا اُسْتُحِقَّ من الصَّدَقَةِ فيها

(2/55)


الثِّمَارُ من الْأَعْنَابِ وَالنَّخْلِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حين طَابَتْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يَخْرُصُهَا وَلَا زَكَاةَ له فيها وَلَمَّا قَبَضَهَا تَمْرًا وَزَبِيبًا عَلِمْنَا أَنَّ آخِرَ ما تَجِبُ فيه الصَّدَقَةُ منها أَنْ تَصِيرَ تَمْرًا أو زَبِيبًا على الْأَمْرِ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنْ قال ما يُشْبِهُ هذا قِيلَ الْحَجُّ له أَوَّلٌ وَآخَرَانِ فَأَوَّلُ آخريه رمى الْجَمَرَاتِ وَالْحَلْقُ وَآخِرُ آخريه زِيَارَةُ الْبَيْتِ بَعْدَ الْجَمْرَةِ وَالْحَلْقِ وَلَيْسَ هَكَذَا الْعُمْرَةُ وَلَا الصَّوْمُ وَلَا الصَّلَاةُ كُلُّهَا لها أَوَّلٌ وَآخِرٌ وَاحِدٌ وَكُلٌّ كما سَنَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْقَوْلُ قَوْلُ أَرْبَابِ الْمَالِ في أَنَّهُمْ اقْتَسَمُوا قبل أَنْ يُرَى فيه صُفْرَةٌ أو حُمْرَةٌ إلَّا أَنْ تَقُومَ فيه بَيِّنَةٌ بِغَيْرِ ذلك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان الْحَائِطُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَاقْتَسَمَهُ اثْنَانِ فقال أَحَدُهُمَا اقْتَسَمْنَاهُ قبل أَنْ تُرَى فيه حُمْرَةٌ أو صُفْرَةٌ وقال الْآخَرُ بعد ( ( ( بعدما ) ) ) ما ( ( ( رئيت ) ) ) رؤيت فيه أُخِذَتْ الصَّدَقَةُ من نَصِيبِ الذي أَقَرَّ أَنَّهُمَا اقْتَسَمَاهُ بعد ما حَلَّتْ فيه الصَّدَقَةُ بِقَدْرِ ما يَلْزَمُهُ ولم تُؤْخَذْ من نَصِيبِ الذي لم يُقِرَّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو اقْتَسَمَا الثَّمَرَةَ دُونَ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ قبل أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا كان الْقَسْمُ فَاسِدًا وَكَانُوا فيه على الْمِلْكِ الْأَوَّلِ ( قال ) ولو اقْتَسَمَاهُ بعد ما يَبْدُو صَلَاحُهُ كانت فيه الزَّكَاةُ كما يَكُونُ على الْوَاحِدِ في الْحَالَيْنِ مَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وَرِثَ الرَّجُلُ حَائِطًا فَأَثْمَرَ أو أَثْمَرَ حَائِطُهُ ولم يَكُنْ بِالْمِيرَاثِ أُخِذَتْ الصَّدَقَةُ من ثَمَرِ الْحَائِطِ وَكَذَلِكَ لو وَرِثَ مَاشِيَةً أو ذَهَبًا أو وَرِقًا فلم يَعْلَمْ أو عَلِمَ فَحَالَ عليه الْحَوْلُ أُخِذَتْ صَدَقَتُهَا لِأَنَّهَا في مِلْكِهِ وقد حَالَ عليها حَوْلٌ وَكَذَلِكَ ما مَلَكَ بِلَا عِلْمِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان لِرَجُلٍ مَالٌ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ فَارْتَدَّ عن الْإِسْلَامِ وَهَرَبَ أو جُنَّ أو عَتِهَ أو حُبِسَ لِيُسْتَتَابَ أو يُقْتَلَ فَحَالَ الْحَوْلُ على مَالِهِ من يَوْمِ مَلَكَهُ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ فيها الزَّكَاةَ لِأَنَّ مَالَهُ لَا يَعْدُو أَنْ يَمُوتَ على رِدَّتِهِ فَيَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ وما كان لهم فَفِيهِ الزَّكَاةُ أو يَرْجِعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَيَكُونَ له فَلَا تُسْقِطُ الرِّدَّةُ عنه شيئا وَجَبَ عليه وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنْ لَا يُؤْخَذَ منها زَكَاةٌ حتى يُنْظَرَ فَإِنْ أَسْلَمَ تَمَلَّكَ مَالَهُ وَأُخِذَتْ زَكَاتُهُ لِأَنَّهُ لم يَكُنْ سَقَطَ عنه الْفَرْضُ وَإِنْ لم يُؤْجَرْ عليها وَإِنْ قُتِلَ على رِدَّتِهِ لم يَكُنْ في الْمَالِ زَكَاةٌ لِأَنَّهُ مَالٌ مُشْتَرَكٌ مَغْنُومٌ فإذا صَارَ لِإِنْسَانٍ منه شَيْءٌ فَهُوَ كَالْفَائِدَةِ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا ثُمَّ يُزَكِّيهِ ولو أَقَامَ في رِدَّتِهِ زَمَانًا كان كما وَصَفْت إنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ أُخِذَتْ منه صَدَقَةُ مَالِهِ وَلَيْسَ كَالذِّمِّيِّ الْمَمْنُوعِ الْمَالِ بِالْجِزْيَةِ وَلَا الْمُجَابِ وَلَا الْمُشْرِكِ غَيْرِ الذِّمِّيِّ الذي لم تَجِبْ في مَالِهِ زَكَاةٌ قَطُّ أَلَا تَرَى أَنَّا نَأْمُرُهُ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ امْتَنَعَ قَتَلْنَاهُ وَأَنَّا نَحْكُمُ عليه في حُقُوقِ الناس بِأَنْ نُلْزِمَهُ فَإِنْ قال فَهُوَ لَا يُؤْجَرُ على الزَّكَاةِ قِيلَ وَلَا يُؤْجَرُ عليها وَلَا غَيْرِهَا من حُقُوقِ الناس التي تَلْزَمُهُ وَيَحْبِطُ أَجْرُ عَمَلِهِ فِيمَا أَدَّى منها قبل أَنْ يَرْتَدَّ وَكَذَلِكَ لَا يُؤْجَرُ على أَنْ يُؤْخَذَ الدَّيْنُ منه فَهُوَ يُؤْخَذُ - * بَابُ تَرْكِ التَّعَدِّي على الناس في الصَّدَقَةِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن مُحَمَّدِ بن يحيى بن حِبَّانَ عن الْقَاسِمِ بن مُحَمَّدٍ عن عَائِشَةَ زَوْجِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قالت مُرَّ علي عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه بِغَنَمٍ من الصَّدَقَةِ فَرَأَى فيها شَاةً حَافِلًا ذَاتَ ضَرْعٍ فقال عُمَرُ ما هذه الشَّاةُ فَقَالُوا شَاةٌ من الصَّدَقَةِ فقال عُمَرُ ما أَعْطَى هذه أَهْلُهَا وَهُمْ طَائِعُونَ لَا تَفْتِنُوا الناس لَا تَأْخُذُوا حَزَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ نَكِّبُوا عن الطَّعَامِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَوَهَّمَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو اقْتَسَمُوا ولم تُرَ فيه صُفْرَةٌ وَلَا حُمْرَةٌ ثُمَّ لم يَقْتَرِعُوا عليه حتى يُعْلَمَ حَقُّ كل وَاحِدٍ منهم ( ( ( منه ) ) ) أو لم يَتَرَاضَوْا حتى يَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ منهم حَقَّهُ حتى يُرَى فيه صُفْرَةٌ أو حُمْرَةٌ كانت فيه صَدَقَةُ الْوَاحِدِ لِأَنَّ الْقَسْمَ لم يَتِمَّ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِ الصَّدَقَةِ فيه

(2/56)


عُمَرُ أَنَّ أَهْلَهَا لم يَتَطَوَّعُوا بها ولم يَرَ عليهم في الصَّدَقَاتِ ذَاتَ دَرٍّ فقال هذا ولو عَلِمَ أَنَّ الْمُصَدِّقَ جَبَرَ أَهْلَهَا على أَخْذِهَا لَرَدَّهَا عليهم إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وكان شَبِيهًا أَنْ يُعَاقِبَ الْمُصَدِّقَ ولم أَرَ بَأْسًا أَنْ تُؤْخَذَ بِطِيبِ أَنْفُسِ أَهْلِهَا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ أَخَذَهَا الْمُصَدِّقُ وَلَيْسَ فيها تَعَدٍّ أو قَادَهَا إلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ وَهِيَ وَافِيَةٌ وَإِنْ قال الْمُصَدِّقُ لِرَبِّ الْمَالِ أَخْرِجْ زَكَاةَ مَالِك فَأَخْرَجَ أَكْثَرَ مِمَّا عليه فَإِنْ طَابَ بِهِ نَفْسًا بَعْدَ عِلْمِهِ أَخَذَهُ منه وَإِلَّا أَخَذَ منه ما عليه وَلَا يَسَعُهُ أَخْذُهُ إلَّا حتى يُعْلِمَهُ أَنَّ ما أَعْطَاهُ أَكْثَرُ مِمَّا عليه - * بَابُ غُلُولِ الصَّدَقَةِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال فَرَضَ اللَّهُ عز وجل الصَّدَقَاتِ وكان حَبْسُهَا حَرَامًا ثُمَّ أَكَّدَ تَحْرِيمَ حَبْسِهَا فقال عز وَعَلَا { وَلَا يحسبن ( ( ( تحسبن ) ) ) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ من فَضْلِهِ هو خَيْرًا لهم بَلْ هو شَرٌّ لهم } الْآيَةَ وقال تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ } إلَى قَوْلِهِ { ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَبِيلُ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ما فَرَضَ من الصَّدَقَةِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ قال أخبرنا جَامِعُ بن أبي رَاشِدٍ وعبدالملك بن أَعْيَنَ سَمِعَا أَبَا وَائِلٍ يُخْبِرُ عن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ يقول سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول ما من رَجُلٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ إلَّا جُعِلَ له يوم الْقِيَامَةِ شُجَاعٌ أَقْرَعُ يَفِرُّ منه وهو يَتْبَعُهُ حتى يُطَوِّقَهُ في عُنُقِهِ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا { سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يوم الْقِيَامَةِ }
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن دِينَارٍ قال سَمِعْت عَبْدَ اللَّهَ بن عُمَرَ هو يَسْأَلُ عن الْكَنْزِ فقال هو الْمَالُ الذي لَا تُؤَدَّى منه الزَّكَاةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا كما قال ( ( ( قاله ) ) ) بن عُمَرَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُمْ إنَّمَا عُذِّبُوا على مَنْعِ الْحَقِّ فَأَمَّا على دَفْنِ أَمْوَالِهِمْ وَحَبْسِهَا فَذَلِكَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ عليهم وَكَذَلِكَ إحْرَازُهَا وَالدَّفْنُ ضَرْبٌ من الْإِحْرَازِ لَوْلَا إبَاحَةُ حَبْسِهَا ما وَجَبَتْ فيها الزَّكَاةُ في حَوْلٍ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ حتى تُحْبَسَ حَوْلًا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن دِينَارٍ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كان يقول من كان له مَالٌ لم يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ له يوم الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ له زَبِيبَتَانِ يَطْلُبُهُ حتى يُمْكِنَهُ يقول أنا كَنْزُك
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن بن طَاوُسٍ عن أبيه قال اسْتَعْمَلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ على صَدَقَةٍ فقال اتَّقِ اللَّهَ يا أَبَا الْوَلِيدِ لَا تَأْتِي يوم الْقِيَامَةِ بِبَعِيرٍ تَحْمِلُهُ على رَقَبَتِك له رُغَاءٌ أو بَقَرَةٍ لها خُوَارٌ أو شَاةٍ لها ثُؤَاجٌ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ ذَا لِكَذَا فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إي وَاَلَّذِي نَفْسِي بيده إلَّا من رَحِمَ اللَّهُ تَعَالَى فقال وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا أَعْمَلُ على اثْنَيْنِ أَبَدًا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِمُعَاذٍ حين بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ مُصَدِّقًا إياك ( ( ( إياكم ) ) ) وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وفي كل هذا دَلَالَةٌ على أَنْ لَا يُؤْخَذَ خِيَارُ الْمَالِ في الصَّدَقَةِ وَإِنْ أُخِذَ فَحَقٌّ على الْوَالِي رَدُّهُ وَأَنْ يَجْعَلَهُ من ضَمَانِ الْمُصَدِّقِ لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِأَخْذِهِ حتى يَرُدَّهُ على أَهْلِهِ وَإِنْ فَاتَ ضَمِنَهُ الْمُصَدِّقُ وَأَخَذَ من أَهْلِهِ ما عليهم إلَّا أَنْ يَرْضَوْا بِأَنْ يَرُدَّ عليهم فَضْلَ ما بين الْقِيمَتَيْنِ فَيَرُدَّهَا الْمُصَدِّقُ وَيَنْفُذَ ما أَخَذَ هو مِمَّا هو فَوْقَ ذلك لِمَنْ قُسِمَ له من أَهْلِ السُّهْمَانِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن مُحَمَّدِ بن يحيى بن حِبَّانَ أَنَّهُ قال أخبرني رَجُلَانِ من أَشْجَعَ أَنَّ مُحَمَّدَ بن مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّ كان يَأْتِيهِمْ مُصَدِّقًا فيقول لِرَبِّ الْمَالِ أَخْرِجْ إلى صَدَقَةَ مَالِك فَلَا يَقُودُ إلَيْهِ شَاةً فيها وَفَاءٌ من حَقِّهِ إلَّا قَبِلَهَا

(2/57)


- * بَابُ ما يَحِلُّ لِلنَّاسِ أَنْ يَعْطُو من أَمْوَالِهِمْ - * (1) ( قال الشافعى ) يعنى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ تَأْخُذُونَهُ لِأَنْفُسِكُمْ مِمَّنْ لَكُمْ عليه حَقٌّ فَلَا تُنْفِقُوا مالا تَأْخُذُونَ لِأَنْفُسِكُمْ يَعْنِي لَا تُعْطُوا مِمَّا خَبُثَ عَلَيْكُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعِنْدَكُمْ طَيِّبٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَحَرَامٌ على من عليه صَدَقَةٌ أَنْ يُعْطِيَ الصَّدَقَةَ من شَرِّهَا وَحَرَامٌ على من له تَمْرٌ أَنْ يعطى الْعُشْرَ من شَرِّهِ وَمَنْ له الْحِنْطَةُ أَنْ يعطى الْعُشْرَ من شَرِّهَا وَمَنْ له ذَهَبٌ أَنْ يعطى زَكَاتَهَا من شَرِّهَا وَمَنْ له إبِلٌ أَنْ يعطى الزَّكَاةَ من شَرِّهَا إذَا ولى إعْطَاءَهَا أَهْلَهَا وَعَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَ ذلك منه وَحَرَامٌ عليه إنْ غَابَتْ أَعْيَانُهَا عن السُّلْطَانِ فَقَبِلَ قَوْلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ من شَرِّهَا وَيَقُولَ مَالُهُ كُلُّهُ هَكَذَا
قال الرَّبِيعُ أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن دَاوُد بن أبي هِنْدَ عن الشَّعْبِيِّ عن جَرِيرِ بن عبد اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا أَتَاكُمْ الْمُصَدِّقُ فَلَا يُفَارِقُكُمْ إلَّا عن رِضًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) يعنى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يُوفُوهُ طَائِعِينَ وَلَا يَلْوُوهُ لَا أَنْ يُعْطُوهُ من أَمْوَالِهِمْ ما ليس عليهم فَبِهَذَا نَأْمُرُهُمْ وَنَأْمُرُ الْمُصَدِّقَ - * بَابُ الْهَدِيَّةِ لِلْوَالِي بِسَبَبِ الْوِلَايَةِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن الزُّهْرِيِّ عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قال اسْتَعْمَلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَجُلًا من الْأَزْدِ يُقَالُ له بن اللُّتْبِيَّةِ على الصَّدَقَةِ فلما قَدِمَ قال هذا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ إلَيَّ فَقَامَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم على الْمِنْبَرِ فقال ( ما بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ على بَعْضِ أَعْمَالِنَا فيقول هذا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ إلَيَّ فَهَلَّا جَلَسَ في بَيْتِ أبيه أو بَيْتِ أُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى له أَمْ لَا فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بيده لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ منها شيئا إلَّا جاء بِهِ يوم الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ على رَقَبَتِهِ إنْ كان بَعِيرًا له رُغَاءٌ أو بَقَرَةً لها خُوَارٌ أو شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حتى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إبْطَيْهِ ثُمَّ قال اللَّهُمَّ هل بَلَّغْت اللَّهُمَّ هل بَلَّغْت
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قال بَصُرَ عَيْنِي وَسَمِعَ أُذُنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَسَلُوا زَيْدَ بن ثَابِتٍ يَعْنِي مثله + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَيَحْتَمِلُ قَوْلُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في بن اللُّتْبِيَّةِ تَحْرِيمَ الْهَدِيَّةِ إذَا لم تَكُنْ الْهَدِيَّةُ له إلَّا بِسَبَبِ السُّلْطَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْهَدِيَّةَ لِأَهْلِ الصَّدَقَاتِ إذَا كانت بِسَبَبِ الْوِلَايَةِ لِأَهْلِ الصَّدَقَاتِ كما يَكُونُ ما تَطَوَّعَ بِهِ أَهْلُ الْأَمْوَالِ مِمَّا ليس عليهم لِأَهْلِ الصَّدَقَاتِ لَا لِوَالِي الصَّدَقَاتِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَهْدَى وَاحِدٌ من الْقَوْمِ لِلْوَالِي هَدِيَّةً فَإِنْ كانت لِشَيْءٍ يَنَالُ بِهِ منه حَقًّا أو بَاطِلًا أو لِشَيْءٍ يُنَالُ منه حَقٌّ أو بَاطِلٌ فَحَرَامٌ على الْوَالِي أَنْ يَأْخُذَهَا لِأَنَّ حَرَامًا عليه أَنْ يَسْتَعْجِلَ على أَخْذِهِ الْحَقَّ لِمَنْ ولى أَمْرَهُ وقد أَلْزَمَهُ اللَّهُ عز وجل أَخْذَ الْحَقِّ لهم وَحَرَامٌ عليه أَنْ يَأْخُذَ لهم بَاطِلًا وَالْجُعْلُ عليه أَحْرَمُ وَكَذَلِكَ إنْ كان أَخَذَ منه لِيَدْفَعَ بِهِ عنه ما كَرِهَ أَمَّا أَنْ يَدْفَعَ عنه بِالْهَدِيَّةِ حَقًّا لَزِمَهُ فَحَرَامٌ عليه دَفْعُ الْحَقِّ إذَا لَزِمَهُ وَأَمَّا أَنْ يَدْفَعَ عنه بَاطِلًا فَحَرَامٌ عليه إلَّا أَنْ يَدْفَعَ عنه بِكُلِّ حَالٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أَهْدَى له من غَيْرِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَحَدٌ من أَهْلِ وِلَايَتِهِ فَكَانَتْ تَفَضُّلًا عليه أو شُكْرَ الْحُسْنِ في الْمُعَامَلَةِ فَلَا يَقْبَلُهَا وَإِنْ قَبِلَهَا كانت في الصَّدَقَاتِ لَا يَسَعُهُ عِنْدِي غَيْرُهُ إلَّا أَنْ يُكَافِئَهُ عليه
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ منه تُنْفِقُونَ } الْآيَةَ

(2/58)


بِقَدْرِهَا فَيَسَعُهُ أَنْ يَتَمَوَّلَهَا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ خِيَانَةَ الصَّدَقَةِ تُتْلِفُ الْمَالَ الْمَخْلُوطَ بِالْخِيَانَةِ من الصَّدَقَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما أَهْدَى له ذُو رَحِمٍ أو ذُو مَوَدَّةٍ كان يُهَادِيهِ قبل الْوِلَايَةِ لَا يَبْعَثُهُ لِلْوِلَايَةِ فَيَكُونُ إعْطَاؤُهُ على مَعْنًى من الْخَوْفِ فَالتَّنَزُّهُ أَحَبُّ إلى وَأَبْعَدُ لِقَالَةِ السَّوْءِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْبَلَ وَيَتَمَوَّلَ إذَا كان على هذا الْمَعْنَى ما أهدى أو وُهِبَ له - * بَابُ ابْتِيَاعِ الصَّدَقَةِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال حدثني شَيْخٌ من أَهْلِ مَكَّةَ قال سَمِعْت طاوسا ( ( ( طاووسا ) ) ) وأنا وَاقِفٌ على رَأْسِهِ يسال عن بَيْعِ الصَّدَقَةِ قبل أَنْ تُقْبَضَ فقال طاوس ( ( ( طاووس ) ) ) وَرَبِّ هذا الْبَيْتِ ما يَحِلُّ بَيْعُهَا قبل أَنْ تُقْبَضَ وَلَا بَعْدَ أَنْ تُقْبَضَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ أَنْ تُؤْخَذَ من أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدَّ على فُقَرَائِهِمْ فُقَرَاءِ أَهْلِ السُّهْمَانِ فَتُرَدُّ بِعَيْنِهَا وَلَا يُرَدُّ ثَمَنُهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ بَاعَ منها الْمُصَدِّقُ شيئا لِغَيْرِ أَنْ يَقَعَ لِرَجُلٍ نِصْفُ شَاةٍ أو ما يُشْبِهُ هذا فَعَلَيْهِ أَنْ يأتى بِمِثْلِهَا أو يَقْسِمَهَا على أَهْلِهَا لَا يُجْزِيهِ إلَّا ذلك ( قال ) وَأَفْسَخُ بَيْعَ الْمُصَدِّقِ فيها على كل حَالٍ إذَا قَدَرْت عليه وَأَكْرَهُ لِمَنْ خَرَجْت منه أَنْ يَشْتَرِيَهَا من يَدِ أَهْلِهَا الذي قُسِمَتْ عليهم وَلَا أَفْسَخُ الْبَيْعَ إنْ اشْتَرَوْهَا منهم وَإِنَّمَا كَرِهْت ذلك منهم لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ رَجُلًا حَمَلَ على فَرَسٍ في سَبِيلِ اللَّهِ فَرَآهُ يُبَاعُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ وَأَنَّهُ يُرْوَى عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْعَائِدُ في هِبَتِهِ أو صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ في قَيْئِهِ ولم يَبِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حَرَّمَ شِرَاءَ ما وَصَفْت على الذي خَرَجَ من يَدَيْهِ فَأَفْسَخُ فيه الْبَيْعِ وقد تَصَدَّقَ رَجُلٌ من الْأَنْصَارِ بِصَدَقَةٍ على أَبَوَيْهِ ثُمَّ مَاتَا فَأَمَرَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِأَخْذِ ذلك بِالْمِيرَاثِ فَبِذَلِكَ أَجَزْت أَنْ يَمْلِكَ ما خَرَجَ من يَدَيْهِ بِمَا يَحِلُّ بِهِ الْمِلْكُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَكْرَهُ لِمَنْ اشْتَرَى من يَدِ أَهْلِ السُّهْمَانِ حُقُوقَهُمْ منها إذَا كان ما اشْتَرَى منها مِمَّا لم يُؤْخَذْ منه في صَدَقَتِهِ ولم يَتَصَدَّقْ بِهِ مُتَطَوِّعًا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الثِّقَةُ عن عَمْرِو بن مُسْلِمٍ أو بن طاوس ( ( ( طاووس ) ) ) أَنَّ طاوسا ( ( ( طاووسا ) ) ) وَلِيَ صَدَقَاتِ الرَّكْبِ لِمُحَمَّدِ بن يُوسُفَ فَكَانَ يأتى الْقَوْمَ فيقول زَكُّوا يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ مِمَّا أَعْطَاكُمْ اللَّهُ فما أَعْطَوْهُ قَبِلَهُ ثُمَّ يَسْأَلُهُمْ أَيْنَ مَسَاكِينُهُمْ فَيَأْخُذُهَا من هذا وَيَدْفَعُهَا إلَى هذا وَأَنَّهُ لم يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ في عَمَلِهِ ولم يَبِعْ ولم يَدْفَعْ إلَى الْوَالِي منها شيئا وَأَنَّ الرَّجُلَ من الرَّكْبِ كان إذَا وَلَّى عنه لم يَقُلْ له هَلُمَّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا يَسَعُ من وَلِيِّهِمْ عِنْدِي وَأَحَبُّ إلى أَنْ يَحْتَاطَ لِأَهْلِ السُّهْمَانِ فَيَسْأَلُ وَيُحَلِّفُ من اُتُّهِمَ لِأَنَّهُ قد كَثُرَ الْغُلُولُ فِيهِمْ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَاطَ وَلَا يُحَلِّفَ وَلَا يَلِيَ حتى يَكُونَ يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا فَأَمَّا من لم يَكُنْ يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا فَلَيْسَ له ذلك
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان من رَجُلٍ لَا سُلْطَانَ له عليه وَلَيْسَ بِالْبَلَدِ الذي له بِهِ سُلْطَانٌ شُكْرًا على حُسْنِ ما كان منه فَأَحَبُّ إلى أَنْ يَجْعَلَهَا لِأَهْلِ الْوِلَايَةِ إنْ قَبِلَهَا أو يَدَعَ قَبُولَهَا فَلَا يَأْخُذَ على الْحُسْنِ مُكَافَأَةً وَإِنْ قَبِلَهَا فَتَمَوَّلَهَا لم تَحْرُمْ عليه عِنْدِي
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وقد أخبرنا مُطَرِّفُ بن مَازِنٍ عن شَيْخٍ ثِقَةٍ سَمَّاهُ لَا يَحْضُرُنِي ذِكْرُ اسْمِهِ أَنَّ رَجُلًا وَلِيَ عَدَنَ فَأَحْسَنَ فيها فَبَعَثَ إلَيْهِ بَعْضُ الْأَعَاجِمِ بِهَدِيَّةٍ حَمْدًا له على إحْسَانِهِ فَكَتَبَ فيها إلَى عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ فَأَحْسَبُهُ قال قَوْلًا مَعْنَاهُ تُجْعَلُ في بَيْتِ الْمَالِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا محمد بن عُثْمَانَ بن صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا تُخَالِطُ الصَّدَقَةُ مَالًا إلَّا أَهْلَكَتْهُ

(2/59)


- * بَابُ ما يقول الْمُصَدِّقُ إذَا أَخَذَ الصَّدَقَةَ لِمَنْ يَأْخُذُهَا منه - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم { خُذْ من أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ } الْآيَةَ ( قال ) وَالصَّلَاةُ عليهم الدُّعَاءُ لهم عِنْدَ أَخْذِ الصَّدَقَةِ منهم (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا أُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَ الْمُصَدِّقُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن أبيه أَنَّهُ قال لِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه إنَّ في الظَّهْرِ نَاقَةً عَمْيَاءَ فقال أَمِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ أَمْ من نَعَمِ الصَّدَقَةِ فقال أَسْلَمُ بَلْ من نَعَمِ الْجِزْيَةِ وقال إنْ عليها مِيسَمَ الْجِزْيَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ عُمَرَ رضى اللَّهُ تَعَالَى عنه كان يَسِمُ وَسْمَيْنِ وَسْمَ جِزْيَةٍ وَوَسْمَ صَدَقَةٍ وَبِهَذَا نَقُولُ - * بَابُ الْفَضْلِ في الصَّدَقَةِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشافعى قال أخبرنا سُفْيَانُ عن بن عَجْلَانَ عن سَعِيدِ بن يَسَارٍ عن أبي هُرَيْرَةَ قال سَمِعْت أَبَا الْقَاسِمِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول وَاَلَّذِي نَفْسِي بيده ما من عَبْدٍ يَتَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ من كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا طَيِّبًا وَلَا يَصْعَدُ إلَى السَّمَاءِ إلَّا طَيِّبٌ إلَّا كان كَأَنَّمَا يَضَعُهَا في يَدِ الرحمن فَيُرَبِّيهَا له كما يربى أحدكم فُلُوَّهُ حتى إنَّ اللُّقْمَةَ لتاتي يوم الْقِيَامَةِ وَإِنَّهَا لَمِثْلُ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ ثُمَّ قَرَأَ { أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هو يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عن عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ }
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مَثَلُ الْمُنْفِقِ وَالْبَخِيلِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ أو جُنَّتَانِ من لَدُنْ ثُدِيِّهِمَا إلَى تَرَاقِيهِمَا فإذا أَرَادَ الْمُنْفِقُ أَنْ يُنْفِقَ سَبَغَتْ عليه الدِّرْعُ أو مَرَّتْ حتى تخفى بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ وإذا أَرَادَ الْبَخِيلُ أَنْ يُنْفِقَ تَقَلَّصَتْ وَلَزِمَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَوْضِعَهَا حتى تَأْخُذَ بِعُنُقِهِ أو تَرْقُوَتِهِ فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَّسِعُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال
____________________
1- ( قال ) فَحَقَّ على الْوَالِي إذَا أَخْذ صَدَقَةَ امريء ( ( ( امرئ ) ) ) أَنْ يَدْعُوَ له وَأَحَبُّ إلى أَنْ يَقُولَ آجَرَك اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْت وَجَعَلَهَا لَك طَهُورًا وَبَارَكَ لَك فِيمَا أَبْقَيْت وما دَعَا له بِهِ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ - * بَابُ كَيْفَ تُعَدُّ الصَّدَقَةُ وَكَيْفَ تُوسَمُ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال حَضَرْت عَمِّي مُحَمَّدَ بن الْعَبَّاسِ تُؤْخَذُ الصَّدَقَاتُ بِحَضْرَتِهِ يَأْمُرُ بِالْحِظَارِ فَيُحْظَرُ وَيَأْمُرُ قَوْمًا فَيَكْتُبُونَ أَهْلَ السُّهْمَانِ ثُمَّ يَقِفُ رِجَالٌ دُونَ الْحِظَارِ قَلِيلًا ثُمَّ تُسَرَّبُ الْغَنَمُ بين الرِّجَالِ وَالْحِظَارِ فَتَمُرُّ الْغَنَمُ سِرَاعًا وَاحِدَةٌ وَاثْنَتَانِ وفي يَدِ الذي يَعُدُّهَا عَصًا يُشِيرُ بها وَيَعُدُّ بين يَدَيْ مُحَمَّدِ بن الْعَبَّاسِ وَصَاحِبُ الْمَالِ معه فَإِنْ قال أَخْطَأَ أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ حتى يَجْتَمِعَا على عَدَدٍ ثُمَّ يَأْخُذُ ما وَجَبَ عليه بعد ما يَسْأَلُ رَبَّ الْمَالِ هل له من غَنَمٍ غَيْرِ ما أَحْضَرَهُ فَيَذْهَبُ بِمَا أَخَذَ إلَى الْمِيسَمِ فَيُوسَمُ بِمِيسَمِ الصَّدَقَةِ وهو كِتَابُ اللَّهِ عز وجل وَتُوسَمُ الْغَنَمُ في أُصُولِ آذَانِهَا وَالْإِبِلُ في أَفْخَاذِهَا ثُمَّ تَصِيرُ إلَى الْحَظِيرَةِ حتى يُحْصَى ما يُؤْخَذُ من الْمَجْمَعِ ثُمَّ يُفَرِّقُهَا بِقَدْرِ ما يَرَى

(2/60)


أخبرنا سُفْيَانُ عن بن جُرَيْجٍ عن الْحَسَنِ بن مُسْلِمٍ عن طَاوُسٍ عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مثله إلَّا أَنَّهُ قال فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَوَسَّعُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا بَأْسَ أَنْ يُتَصَدَّقَ على الْمُشْرِكِ من النَّافِلَةِ وَلَيْسَ له في الْفَرِيضَةِ من الصَّدَقَةِ حَقٌّ وقد حَمِدَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْمًا فقال { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ } الْآيَةَ - * بَابُ اخْتِلَافِ زَكَاةِ ما لَا يَمْلِكُ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وإذا سَلَّفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِائَةَ دِينَارٍ في طَعَامٍ مَوْصُوفٍ أو غَيْرِهِ سَلَفًا صَحِيحًا فَالْمِائَةُ مِلْكٌ لِلْمُسَلَّفِ وَيُزَكِّيهَا كان له مَالٌ غَيْرُهَا يُؤَدِّي دَيْنَهُ أو لم يَكُنْ يُزَكِّيهَا لِحَوْلِهَا يوم قَبَضَهَا لو أَفْلَسَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَالْمِائَةُ قَائِمَةٌ في يَدِهِ بِعَيْنِهَا زَكَّاهَا وكان لِلَّذِي له الْمِائَةُ أَخْذُ ما وَجَدَ منها وَاتِّبَاعُهُ بِمَا يَبْقَى عن الزَّكَاةِ وَعَمَّا تَلِفَ منها وَهَكَذَا لو أَصْدَقَ رَجُلٌ امْرَأَةً مِائَةَ دِينَارٍ فَقَبَضَتْهَا وَحَالَ عليها الْحَوْلُ في يَدَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا زَكَّتْ الْمِائَةَ وَرَجَعَ عليها بِخَمْسِينَ لِأَنَّهَا كانت مَالِكَةً لِلْكُلِّ وَإِنَّمَا انْتَقَضَ الْمِلْكُ في خَمْسِينَ بَعْدَ تَمَامِ مِلْكِهَا لها حَوْلًا وَهَكَذَا لو لم تَقْبِضْهَا وَحَالَ عليها حَوْلٌ في يَدِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَجَبَتْ عليها فيها الزَّكَاةُ إذَا قَبَضَتْ الْخَمْسِينَ منه أَدَّتْ زَكَاةَ الْمَالِ لِأَنَّهَا كانت في مِلْكِهَا وَكَانَتْ كَمَنْ له على رَجُلٍ مِائَةُ دِينَارٍ فَقَبَضَ خَمْسِينَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَأَبْرَأَهُ من خَمْسِينَ وهو قَادِرٌ على أَخْذِهَا منه يزكى منها مِائَةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ولو طَلَّقَهَا قبل الْحَوْلِ من يَوْمِ نَكَحَهَا لم يَكُنْ عليها إلَّا زَكَاةُ الْخَمْسِينَ إذَا حَالَ الْحَوْلُ لِأَنَّهَا لم تَقْبِضْهَا ولم يَحُلْ الْحَوْلُ حتى انْتَقَضَ مِلْكُهَا في الْخَمْسِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو أَكْرَى رَجُلٌ رَجُلًا دَارًا بِمِائَةِ دِينَارٍ أَرْبَعَ سِنِينَ فَالْكِرَاءُ حَالٌّ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ إلَى أَجَلٍ فإذا حَالَ عليه الْحَوْلُ من يَوْمِ أَكْرَى الدَّارَ أَحْصَى الْحَوْلَ وَعَلَيْهِ أَنْ يزكى خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَالِاخْتِيَارُ له وَلَا يُجْبَرُ على ذلك أَنْ يزكى الْمِائَةَ فَإِنْ تَمَّ حَوْلٌ ثَانٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَ عن خَمْسِينَ دِينَارًا لِسَنَتَيْنِ يَحْتَسِبُ منها زَكَاةَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ التى أَدَّاهَا في أَوَّلِ سَنَةٍ ثُمَّ إذَا حَالَ حَوْلٌ ثَالِثٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يزكى خَمْسَةً وَسَبْعِينَ لِثَلَاثِ سِنِينَ يَحْتَسِبُ منها ما مَضَى من زَكَاتِهِ عن الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ وَالْخَمْسِينَ فإذا مَضَى حَوْلٌ رَابِعٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يزكى مِائَةً لِأَرْبَعِ سِنِينَ يَحْتَسِبُ منها كُلَّ ما أَخْرَجَ من زَكَاتِهِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا ( قال الرَّبِيعُ وأبو يَعْقُوبَ ) عليه زَكَاةُ الْمِائَةِ ( قال الرَّبِيعُ ) سَمِعْت الْكِتَابَ كُلَّهُ إلَّا أَنِّي لم أُعَارِضْ بِهِ من هَا هُنَا إلَى آخِرِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو أَكْرَى بِمِائَةٍ فَقَبَضَ الْمِائَةَ ثُمَّ انْهَدَمَتْ الدَّارُ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ من يَوْمِ تَنْهَدِمُ ولم يَكُنْ عليه زَكَاةٌ إلَّا فِيمَا سَلِمَ له من الْكِرَاءِ قبل الْهَدْمِ وَلِهَذَا قُلْت ليس عليه أَنْ يزكى الْمِائَةَ حتى يَسْلَمَ الْكِرَاءُ فيها وَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَ ما سَلِمَ من الْكِرَاءِ منه وَهَكَذَا إجَارَةُ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَغَيْرِ ذلك مِمَّا أَكْرَاهُ الْمَالِكُ من غَيْرِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا فَرَّقْت بين إجاره الْأَرْضِينَ وَالْمَنَازِلِ وَالصَّدَاقِ لِأَنَّ الصَّدَاقَ شَيْءٌ تَمَلَّكَتْهُ على الْكَمَالِ فَإِنْ مَاتَتْ أو مَاتَ الزَّوْجُ أو دخل بها كان لها بِالْكَمَالِ وَإِنْ طَلَّقَهَا رَجَعَ إلَيْهَا بِنِصْفِهِ وَالْإِجَارَاتُ لَا يُمْلَكُ منها شَيْءٌ بِكَمَالِهِ إلَّا بِسَلَامَةِ مَنْفَعَةِ ما يَسْتَأْجِرُهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) حَمِدَ اللَّهُ عز وجل الصَّدَقَةَ في غَيْرِ مَوْضِعٍ من كِتَابِهِ فَمَنْ قَدَرَ على أَنْ يُكْثِرَ منها فَلْيَفْعَلْ - * بَابُ صَدَقَةِ النَّافِلَةِ على الْمُشْرِكِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتَ أبي بَكْرٍ قالت أَتَتْنِي أُمِّي رَاغِبَةً في عَهْدِ قُرَيْشٍ فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَأَصِلُهَا قال نعم

(2/61)


مُدَّةً فَيَكُونُ لها حِصَّةٌ من الْإِجَارَةِ فلم نُجِزْ إلَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بِمَا وَصَفْت (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا كُلُّ ما مَلَكَ مِمَّا في أَصْلِهِ صَدَقَةٌ تِبْرٌ أو فِضَّةٌ أو غَنَمٌ أو بَقَرٌ أو إبِلٌ فَأَمَّا ما مَلَكَ من طَعَامٍ أو تَمْرٍ أو غَيْرِهِ فَلَا زَكَاةَ فيه إنَّمَا الزَّكَاةُ فِيمَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ بِأَنْ تَكُونَ أَخْرَجَتْهُ وهو يَمْلِكُ ما أَخْرَجَتْ فَيَكُونُ فيه حَقٌّ يوم حَصَادِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ فَأُدِّيَتْ زَكَاتُهُ ثُمَّ حَبَسَهُ صَاحِبُهُ سِنِينَ فَلَا زَكَاةَ عليه فيه لِأَنَّ زَكَاتَهُ إنَّمَا تَكُونُ بِأَنْ تُخْرِجَهُ الْأَرْضُ له يوم تُخْرِجُهُ فَأَمَّا ما سِوَى ذلك فَلَا زَكَاةَ فيه بِحَالٍ إلَّا أَنْ يشترى لِتِجَارَةٍ فَأَمَّا إنْ نَوَيْت بِهِ التِّجَارَةَ وهو مِلْكٌ لِصَاحِبِهِ بِغَيْرِ شِرَاءٍ فَلَا زَكَاةَ فيه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ على الْعَدُوِّ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَجُمِعَتْ غَنَائِمُهُمْ فَحَالَ عليها حَوْلٌ قبل أَنْ تُقْسَمَ فَقَدْ أَسَاءَ الْوَالِي إذَا لم يَكُنْ له عُذْرٌ وَلَا زَكَاةَ في فِضَّةٍ منها وَلَا ذَهَبٍ وَلَا مَاشِيَةٍ حتى تُقْسَمَ يَسْتَقْبِلُ بها بَعْدَ الْقَسْمِ حَوْلًا لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا تَكُونُ مِلْكًا لِوَاحِدٍ دُونَ صَاحِبِهِ فإنه ليس بِشَيْءٍ مَلَكُوهُ بِشِرَاءٍ وَلَا مِيرَاثٍ فَأَقَرُّوهُ رَاضِينَ فيه بِالشَّرِكَةِ وَإِنَّ للامام أَنْ يَمْنَعَهُ قَسْمَهُ إلَى أَنْ يُمْكِنَهُ وَلِأَنَّ فيها خُمُسًا من جَمِيعِهَا قد يَصِيرُ في الْقَسْمِ في بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ فَلَيْسَ منها مَمْلُوكٌ لِأَحَدٍ بِعَيْنِهِ بِحَالٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو قُسِمَتْ فَجُمِعَتْ سِهَامُ مِائَةٍ في شَيْءٍ بِرِضَاهُمْ وكان ذلك الشَّيْءُ مَاشِيَةً أو شيئا مِمَّا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ فلم يَقْتَسِمُوهُ بَعْدَ أَنْ صَارَ لهم حتى حَالَ عليه الْحَوْلُ زَكَّوْهُ لِأَنَّهُمْ قد مَلَكُوهُ دُونَ غَيْرِهِ من الْغَنِيمَةِ وَدُونَ غَيْرِهِمْ من أَهْلِ الْغَنِيمَةِ ولو قَسَمَ ذلك الْوَالِي بِلَا رِضَاهُمْ لم يَكُنْ له أَنْ يُلْزِمَهُمْ ذلك ولو قَسَمَهُ وَهُمْ غُيَّبٌ وَدَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ فَحَالَ عليه حَوْلٌ لم يَكُنْ عليهم فيه زَكَاةٌ لِأَنَّهُمْ لم يَمْلِكُوهُ وَلَيْسَ لِلْوَالِي جَبْرُهُمْ عليه فَإِنْ قَبِلُوهُ وَرَضُوا بِهِ مَلَكُوهُ مِلْكًا مُسْتَأْنَفًا وَاسْتَأْنَفُوا له حَوْلًا من يَوْمِ قَبِلُوهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو عَزَلَ الْوَالِي سَهْمَ أَهْلِ الْخُمُسِ ثُمَّ أَخْرَجَ لهم سَهْمَهُمْ على شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ كان مَاشِيَةً لم يَجِبْ عليهم فيه الصَّدَقَةُ لِأَنَّهُ لِقَوْمٍ مُتَفَرِّقِينَ لَا يَعْرِفُهُمْ فَهُوَ كَالْغَنِيمَةِ بين الْجَمَاعَةِ لَا يُحْصَوْنَ وإذا صَارَ إلَى أَحَدٍ منهم شَيْءٌ اسْتَأْنَفَ بِهِ حَوْلًا وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ وَالتِّبْرُ وَالدَّرَاهِمُ في جَمِيعِ هذا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا جَمَعَ الْوَالِي الْفَيْءَ ذَهَبًا أو وَرِقًا فَأَدْخَلَهُ بَيْتَ الْمَالِ فَحَالَ عليه حَوْلٌ أو كانت مَاشِيَةً فَرَعَاهَا في الْحِمَى فَحَالَ عليها حَوْلٌ فَلَا زَكَاةَ فيها لِأَنَّ مَالِكِيهَا لَا يُحْصَوْنَ وَلَا يُعْرَفُونَ كلهم بِأَعْيَانِهِمْ وإذا دَفَعَ منه شيئا إلَى رَجُلٍ اسْتَقْبَلَ بِهِ حَوْلًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو عَزَلَ منها الْخُمُسَ لِأَهْلِهِ كان هَكَذَا لِأَنَّ أَهْلَهُ لَا يُحْصَوْنَ وَكَذَلِكَ خُمُسُ الْخُمُسِ فَإِنْ عَزَلَ منها شيئا لِصِنْفٍ من الْأَصْنَافِ فَدَفَعَهُ إلَى أَهْلِهِ فَحَالَ عليه في أَيْدِيهِمْ حَوْلٌ قبل أَنْ يَقْتَسِمُوهُ صَدَّقُوهُ صَدَقَةَ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُمْ خُلَطَاءُ فيه وَإِنْ اقْتَسَمُوهُ قبل الْحَوْلِ فَلَا زَكَاةَ عليهم فيه - * بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ من رَمَضَانَ على الناس صَاعًا من تَمْرٍ أو صَاعًا من شَعِيرٍ على كل حُرٍّ وَعَبْدٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى من الْمُسْلِمِينَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ على الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِمَّنْ يُمَوَّنُونَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عِيَاضِ بن عبد اللَّهِ بن سَعْدِ بن أبي سَرْحٍ أَنَّهُ سمع أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يقول كنا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمِلْكُ الرَّجُلِ نِصْفَ الْمَهْرِ بِالطَّلَاقِ يُشْبِهُ مِلْكَهُ الشُّفْعَةَ تَكُونُ مِلْكًا لِلَّذِي هِيَ في يَدَيْهِ حتى تُؤْخَذَ من يَدَيْهِ ( قال ) وَكِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدُ يُخَارِجُ وَالْأَمَةُ فَلَا يُشْبِهُ هذا هذا لَا يَكُونُ عليه وَلَا على سَيِّدِهِ فيه زَكَاةٌ وَإِنْ ضَمِنَهُ مُكَاتَبُهُ أو عَبْدُهُ حتى يَقْبِضَهُ السَّيِّدُ وَيَحُولَ عليه الْحَوْلُ من يَوْمِ قَبَضَهُ لِأَنَّهُ ليس بِدَيْنٍ لَازِمٍ لِلْمُكَاتَبِ وَلَا الْعَبْدِ وَلَا الْأَمَةِ فَلَيْسَ يَتِمُّ مِلْكُهُ عليه بِحَالٍ حتى يَقْبِضَهُ وما كان في ذِمَّةِ حُرٍّ فَمِلْكُهُ قَائِمٌ عليه

(2/62)


صَاعًا من طَعَامٍ أو صَاعًا من شَعِيرٍ أو صَاعًا من تَمْرٍ أو صَاعًا من زَبِيبٍ أو صَاعًا من أَقِطٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي حديث نَافِعٍ دَلَالَةُ سُنَّةٍ بِحَدِيثِ جَعْفَرٍ إذْ فَرَضَهَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالْعَبْدُ لَا مَالَ له وَبَيَّنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّمَا فَرَضَهَا على سَيِّدِهِ وما لَا اخْتِلَافَ فيه أَنَّ على السَّيِّدِ في عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَهُمَا مِمَّنْ يُمَوِّنُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَعَلَى كل رَجُلٍ لَزِمَتْهُ مُؤْنَةُ أَحَدٍ حتى لَا يَكُونَ له تَرْكُهَا أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عنه وَذَلِكَ من جَبَرْنَاهُ على نَفَقَتِهِ من وَلَدِهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ الزَّمْنَى الْفُقَرَاءِ وَآبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ الزمني الْفُقَرَاءِ وَزَوْجَتِهِ وَخَادِمٍ لها فَإِنْ كان لها أَكْثَرُ من خَادِمٍ لم يَلْزَمْهُ أَنْ يزكى زَكَاةَ الْفِطْرِ عنه وَلَزِمَهَا تَأْدِيَةُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَمَّنْ بقى من رَقِيقِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ في رقيقة الْحُضُورِ وَالْغُيَّبِ رَجَا رَجْعَتَهُمْ أو لم يَرْجُ إذَا عَرَفَ حَيَاتَهُمْ لِأَنَّ كُلًّا في مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَالْمُعْتَقُونَ إلَى أَجَلٍ من رَقِيقِهِ وَمَنْ رَهَنَ من رَقِيقِهِ لِأَنَّ كُلَّ هَؤُلَاءِ في مِلْكِهِ وَإِنْ كان فِيمَنْ يُمَوِّنُ كَافِرٌ لم يَلْزَمْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عنه لِأَنَّهُ لَا يَطْهُرْ بِالزَّكَاةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَرَقِيقُ رَقِيقِهِ رَقِيقُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يزكى عَنْهُمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان وَلَدُهُ في وِلَايَتِهِ لهم أَمْوَالٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ من أَمْوَالِهِمْ عَنْهُمْ زَكَاةَ الْفِطْرِ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ فَيُخْرِجَهَا من مَالِهِ عَنْهُمْ فتجزى عَنْهُمْ فإذا تَطَوَّعَ حُرٌّ مِمَّنْ يُمَوِّنُ الرَّجُلُ فَأَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عن نَفْسِهِ أو امْرَأَتِهِ كانت أو بن له أو أَبٍ أو أُمٍّ أَجْزَأَ عَنْهُمْ ولم يَكُنْ عليه أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُمْ ثَانِيَةً فَإِنْ تَطَوَّعُوا بِبَعْضِ ما عليهم كان عليه أَنْ يُتِمَّ الْبَاقِيَ عَنْهُمْ من زَكَاةِ الْفِطْرِ ( قال ) وَمَنْ قُلْت يَجِبُ عليه أَنْ يزكى عنه زَكَاةَ الْفِطْرِ فإذا وُلِدَ له وَلَدٌ أو كان أَحَدٌ في مِلْكِهِ أو عِيَالِهِ في شَيْءٍ من نَهَارِ آخِرِ يَوْمٍ من شَهْرِ رَمَضَانَ فَغَابَتْ الشَّمْسُ لَيْلَةَ هِلَالِ شَوَّالٍ وَجَبَتْ عليه زَكَاةُ الْفِطْرِ عنه وَإِنْ مَاتَ من لَيْلَتِهِ وإذا غَابَتْ الشَّمْسُ من لَيْلَةِ الْفِطْرِ ثُمَّ وُلِدَ بَيْنَهُمْ أو صَارَ وَاحِدٌ منهم في عِيَالِهِ لم تَجِبْ عليه زَكَاةُ الْفِطْرِ في عَامِهِ ذلك عنه وكان في سُقُوطِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عنه كَالْمَالِ يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَإِنْ كان عَبْدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ فَعَلَى كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يزكى عنه من زَكَاةِ الْفِطْرِ بِقَدْرِ ما يَمْلِكُ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ بَاعَ عَبْدًا على أَنَّ له الْخِيَارَ فَأَهَلَّ هِلَالُ شَوَّالٍ ولم يَخْتَرْ إنْفَاذَ الْبَيْعِ ثُمَّ أَنْفَذَهُ فَزَكَاةُ الْفِطْرِ على الْبَائِعِ ( قال الرَّبِيعُ ) وَكَذَلِكَ لو بَاعَهُ على أَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ فَأَهَلَّ هِلَالُ شَوَّالٍ وَالْعَبْدُ في يَدِ الْمُشْتَرِي فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ إجَازَةَ الْبَيْعِ أو رَدَّهُ فَهُمَا سَوَاءٌ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ على الْبَائِعِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو بَاعَ رَجُلٌ رَجُلًا عَبْدًا على أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ فَأَهَلَّ هِلَالُ شَوَّالٍ قبل أَنْ يَخْتَارَ الرَّدَّ أو الْأَخْذَ كانت زَكَاةُ الْفِطْرِ على الْمُشْتَرِي وَإِنْ اخْتَارَ رَدَّ الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَخْتَارَهُ قبل الْهِلَالِ وَسَوَاءٌ كان الْعَبْدُ الْمَبِيعُ في يَدِ الْمُشْتَرِي أو الْبَائِعِ إنَّمَا أَنْظُرُ إلَى من يَمْلِكُهُ فَأَجْعَلُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عليه ( قال ) ولو غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدَ رَجُلٍ كانت زَكَاةُ الْفِطْرِ في الْعَبْدِ على مَالِكِهِ وَكَذَلِكَ لو اسْتَأْجَرَهُ وَشَرَطَ على الْمُسْتَأْجِرِ نَفَقَتَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ عن رَقِيقِهِ الذي اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ وَيُؤَدِّي عَنْهُمْ زَكَاةَ التِّجَارَةِ مَعًا وَعَنْ رَقِيقِهِ لِلْخِدْمَةِ وَغَيْرِهَا وَجَمِيعِ ما يَمْلِكُ من خَدَمٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ وَهَبَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ عَبْدًا في شَهْرِ رَمَضَانَ فلم يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ له حتى أَهَلَّ شَوَّالٌ وَقَفْنَا زَكَاةَ الْفِطْرِ فَإِنْ أَقْبَضَهُ إيَّاهُ فَزَكَاةُ الْفِطْرِ على الْمَوْهُوبِ له وَإِنْ لم يَقْبِضْهُ فَالزَّكَاةُ على الْوَاهِبِ ولو قَبَضَهُ قبل اللَّيْلِ ثُمَّ غَابَتْ الشَّمْسُ وهو في مِلْكِهِ مَقْبُوضًا له كانت عليه فيه زَكَاةُ الْفِطْرِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ وفي حديث نَافِعٍ دَلَالَةٌ على أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يَفْرِضْهَا إلَّا على الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ مُوَافَقَةٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل فإنه جَعَلَ الزَّكَاةَ لِلْمُسْلِمِينَ طَهُورًا وَالطَّهُورُ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْمُسْلِمِينَ وفي حديث جَعْفَرٍ دَلَالَةٌ على أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَرَضَهَا على الْمَرْءِ في نَفْسِهِ وَمَنْ يُمَوِّنُ

(2/63)


ولو رَدَّهُ من سَاعَتِهِ ( قال ) وَكَذَلِكَ كُلُّ ما مَلَكَ بِهِ رَجُلٌ رَجُلًا عَبْدًا أو أَمَةً (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ مَالًا قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهِ رَقِيقًا فَأَهَلَّ شَوَّالٌ قبل أَنْ يُبَاعُوا فَزَكَاتُهُمْ على رَبِّ الْمَالِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو مَاتَ رَجُلٌ له رَقِيقٌ فَوَرِثَهُ وَرَثَتُهُ قبل هِلَالِ شَوَّالٍ ثُمَّ أَهَلَّ هِلَالُ شَوَّالٍ ولم يَخْرُجْ الرَّقِيقُ من أَيْدِيهِمْ فَعَلَيْهِمْ فيه زَكَاةُ الْفِطْرِ بِقَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو أَرَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَدَعَ نَصِيبَهُ من مِيرَاثِهِ لَزِمَهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ فيه لِأَنَّهُ قد لَزِمَهُ مِلْكُهُ له بِكُلِّ حَالٍ ولو أَنَّهُ مَاتَ حين أَهَلَّ هِلَالُ شَوَّالٍ وَوَرِثَهُ وَرَثَتُهُ كانت زَكَاةُ الْفِطْرِ عنه وَعَمَّنْ يَمْلِكُ في مَالِهِ مُبْدَاةً على الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ من الْمِيرَاثِ وَالْوَصَايَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو مَاتَ رَجُلٌ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ أو بِعَبِيدٍ فَإِنْ كان مَوْتُهُ بَعْدَ هِلَالِ شَوَّالٍ فَزَكَاةُ الْفِطْرِ عن الرَّقِيقِ في مَالِهِ وَإِنْ كان مَوْتُهُ قبل شَوَّالٍ فلم يُرِدْ الرَّجُلُ الْوَصِيَّةَ ولم يَقْبَلْهَا أو عَلِمَهَا أو لم يَعْلَمْهَا حتى أَهَلَّ شَوَّالٌ فَصَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْهُمْ مَوْقُوفَةٌ فإذا أَجَازَ الْمُوصَى له قَبُولَ الْوَصِيَّةِ فَهِيَ عليه لِأَنَّهُمْ خَارِجُونَ من مِلْكِ الْمَيِّتِ وَإِنَّ وَرَثَتَهُ غَيْرُ مَالِكِينَ لهم فَإِنْ اخْتَارَ رَدَّ الْوَصِيَّةِ فَلَيْسَتْ عليه صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْهُمْ وَعَلَى الْوَرَثَةِ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ عَنْهُمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَوْقُوفِينَ على مِلْكِهِمْ أو مِلْكِ الْمُوصَى له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو مَاتَ الْمُوصَى له بِهِمْ قبل أَنْ يَخْتَارَ قَبُولَهُمْ أو رَدَّهُمْ قام وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ في اخْتِيَارِ قَبُولِهِمْ أو رَدِّهِمْ فَإِنْ قَبِلُوهُمْ فَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُمْ في مَالِ أَبِيهِمْ لِأَنَّهُمْ بِمِلْكِهِ مَلَكُوهُمْ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعُوا بها من أَمْوَالِهِمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا إذَا أُخْرِجُوا من الثُّلُثِ وَقَبِلَ الْمُوصَى له الْوَصِيَّةَ فَإِنْ لم يُخْرَجُوا من الثُّلُثِ فَهُمْ شُرَكَاءُ الْوَرَثَةِ فِيهِمْ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ بَيْنَهُمْ على قَدْرِ مِيرَاثِ الْوَرَثَةِ وَوَصِيَّةِ أَهْلِ الْوَصَايَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو أَوْصَى بِرَقَبَةِ عَبْدٍ لِرَجُلٍ وَخِدْمَتِهِ لِآخِرِ حَيَاتِهِ أو وَقْتًا فَقَبِلَا كانت صَدَقَةُ الْفِطْرِ على مَالِكِ الرَّقَبَةِ ولو لم يَقْبَلْ كانت صَدَقَةُ الْفِطْرِ على الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ رَقَبَتَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولو مَاتَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَرَكَ رَقِيقًا فإن زَكَاةَ الْفِطْرِ في مَالِهِ عَنْهُمْ فَإِنْ مَاتَ قبل شَوَّالٍ زَكَّى عَنْهُمْ الْوَرَثَةُ لِأَنَّهُمْ في مِلْكِهِمْ حتى يُخْرَجُوا بِأَنْ يُبَاعُوا بِالْمَوْتِ أو الدَّيْنِ وَهَؤُلَاءِ يُخَالِفُونَ الْعَبِيدَ يُوصَى بِهِمْ الْعَبِيدُ يُوصَى بِهِمْ خَارِجُونَ بِأَعْيَانِهِمْ من مَالِهِ إذَا قَبِلَ الْوَصِيَّةَ الْمُوصَى له وَهَؤُلَاءِ إنْ شَاءَ الْوَرَثَةُ لم يُخْرَجُوا من مَالِهِ بِحَالٍ إذَا أَدَّوْا الدَّيْنَ فَإِنْ كان لِرَجُلٍ مُكَاتَبٌ كَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَهُوَ مِثْلُ رَقِيقِهِ يُؤَدِّي عنه زَكَاةَ الْفِطْرِ وَإِنْ كانت كِتَابَتُهُ صَحِيحَةً فَلَيْسَتْ عليه زَكَاةُ الْفِطْرِ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ من مَالِهِ وَبَيْعِهِ وَلَا على الْمُكَاتَبِ زَكَاةُ الْفِطْرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ تَامِّ الْمِلْكِ على مَالِهِ وَإِنْ كانت لِرَجُلٍ أُمُّ وَلَدٍ أو مُدَبَّرَةٌ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِيهِمَا مَعًا لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُمَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُؤَدِّي وَلِيُّ الْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ عنهما زَكَاةَ الْفِطْرِ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُمَا مُؤْنَتُهُ كما يُؤَدِّي الصَّحِيحُ عن نَفْسِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَقِفُ الرَّجُلُ عن زَكَاةِ عَبْدِهِ الْغَائِبِ عنه وَإِنْ كان مُنْقَطِعَ الْخَبَرِ عنه حتى يَعْلَمَ مَوْتَهُ قبل هِلَالِ شَوَّالٍ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلِمَ أَنَّهُ مَاتَ قبل شَوَّالٍ لم يُؤَدِّ عنه زَكَاةَ الْفِطْرِ وَإِنْ لم يَسْتَيْقِنْ أَدَّى عنه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا غَابَ الرَّجُلُ عن بَلَدِ الرَّجُلِ لم يَعْرِفْ مَوْتَهُ وَلَا حَيَاتَهُ في سَاعَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ فَلْيُؤَدِّ عنه
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كان يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عن غِلْمَانِهِ الَّذِينَ بِوَادِي الْقُرَى وَخَيْبَرَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلُّ من دخل عليه شَوَّالٌ وَعِنْدَهُ قُوتُهُ وَقُوتُ من يَقُوتُهُ يَوْمَهُ وما يُؤَدِّي بِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عنه وَعَنْهُمْ أَدَّاهَا عَنْهُمْ وَعَنْهُ وَإِنْ لم يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا ما يؤدى عن بَعْضِهِمْ أَدَّاهَا عن بَعْضٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَعْتَقَ رَجُلٌ نِصْفَ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ ولم يَكُنْ مُوسِرًا فبقى نِصْفُهُ رَقِيقًا لِرَجُلٍ فَعَلَيْهِ في نِصْفِهِ نِصْفُ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَإِنْ كان لِلْعَبْدِ ما يَقُوتُ نَفْسَهُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَيَوْمَهُ وَيُؤَدِّي النِّصْفَ عن نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ زَكَاةِ النِّصْفِ عن نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ ما اكْتَسَبَ في يَوْمِهِ

(2/64)


وَإِنْ لم يَكُنْ عِنْدَهُ سِوَى مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَتِهِمْ يَوْمَهُ فَلَيْسَ عليه وَلَا على من يَقُوتُ عنه زَكَاةُ الْفِطْرِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَيَأْخُذَهَا إذَا كان مُحْتَاجًا وَغَيْرَهَا من الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ وَغَيْرِهَا وَكُلُّ مُسْلِمٍ في الزَّكَاةِ سَوَاءٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَيْسَ على من لَا عَرَضَ له وَلَا نَقْدَ وَلَا يَجِدُ قُوتَ يَوْمِهِ أَنْ يَسْتَسْلِفَ زَكَاةً - * بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ الثَّانِي - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ من شَهْرِ رَمَضَانَ على الناس صَاعًا من تَمْرٍ أو صَاعًا من شَعِيرٍ على كل حُرٍّ وَعَبْدٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى من الْمُسْلِمِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ لَا زَكَاةَ فِطْرٍ إلَّا على مُسْلِمٍ وَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يزكى عن كل أَحَدٍ لَزِمَهُ مُؤْنَتُهُ صِغَارًا أو كِبَارًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَلْزَمُهُ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ وَخَادِمٍ لها لَا أَكْثَرَ منها وَيَلْزَمُ امْرَأَتَهُ تَأْدِيَةُ الزَّكَاةِ عَمَّنْ بقى من رَقِيقِهَا وَيَلْزَمُ من كان له رَقِيقٌ حُضُورًا أو غُيَّبًا كَانُوا لِلتِّجَارَةِ أو لِخِدْمَةٍ رَجَا رُجُوعَهُمْ أو لم يَرْجُهُ إذَا عَرَفَ حَيَاتَهُمْ أَنْ يزكى عَنْهُمْ وَكَذَلِكَ يزكى عن رَقِيقِ رَقِيقِهِ ويزكى عن أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالْمُعْتَقِينَ إلَى أَجَلٍ وَلَا زَكَاةَ على أَحَدٍ في عَبْدٍ كَافِرٍ وَلَا أَمَةٍ كَافِرَةٍ وَمَنْ قُلْت تَجِبُ عليه زَكَاةُ الْفِطْرِ فإذا وُلِدَ أو كان في مِلْكِهِ أو عِيَالِهِ في شَيْءٍ من نَهَارِ آخِرِ يَوْمٍ من شَهْرِ رَمَضَانَ فَغَابَتْ الشَّمْسُ لَيْلَةَ هِلَالِ شَوَّالٍ وَجَبَتْ عليه زَكَاةُ الْفِطْرِ عنه وَإِنْ مَاتَ من لَيْلَتِهِ وإذا غَابَتْ الشَّمْسُ في آخِرِ يَوْمٍ من شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ وُلِدَ له أو صار ( ( ( ثار ) ) ) أَحَدٌ في عِيَالِهِ لم تَجِبْ عليه زَكَاةُ الْفِطْرِ وَذَلِكَ كَمَالٍ يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَإِنَّمَا تَجِبُ إذَا كان عِنْدَهُ قبل أَنْ يَحِلَّ ثُمَّ حَلَّ وهو عِنْدَهُ وإذا اشْتَرَى رَجُلٌ عَبْدًا على أَنَّ المشترى بِالْخِيَارِ فَأَهَلَّ شَوَّالٌ قبل أَنْ يَخْتَارَ الرَّدَّ أو الْأَخْذَ فَاخْتَارَ الرَّدَّ أو الْأَخْذَ فَالزَّكَاةُ على الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ بَيْعُهُ ولم يَكُنْ الْخِيَارُ إلَّا له فَالْبَيْعُ له وَإِنْ اخْتَارَ رَدَّهُ بِالشَّرْطِ فَهُوَ كَمُخْتَارٍ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ وَسَوَاءٌ كان الْعَبْدُ الْمَبِيعُ في يَدِ الْمُشْتَرِي أو الْبَائِعِ إنَّمَا أَنْظُرُ إلَى من يَمْلِكُهُ فَأَجْعَلُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عليه ولو غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدًا كانت زَكَاةُ الْفِطْرِ على مَالِكِهِ ولو اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ عَبْدًا وَشَرَطَ عليه نَفَقَتَهُ كانت زَكَاةُ الْفِطْرِ على سَيِّدِ الْعَبْدِ وَإِنْ وَهَبَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ عَبْدًا في شَهْرِ رَمَضَانَ فلم يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ له حتى أَهَلَّ شَوَّالٌ وَقَفْنَا زَكَاةَ الْفِطْرِ فَإِنْ أَقْبَضَهُ إيَّاهُ زَكَّاهُ الْمَوْهُوبُ له وَإِنْ لم يُقْبِضْهُ زَكَّاهُ الْوَاهِبُ وَإِنْ قَبَضَهُ قبل اللَّيْلِ ثُمَّ غَابَتْ الشَّمْسُ فَرَدَّهُ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ له زَكَاةُ الْفِطْرِ وَكَذَلِكَ كُلُّ ما مَلَّكَ بِهِ رَجُلٌ رَجُلًا عَبْدًا أو أَمَةً ولو مَاتَ رَجُلٌ وَلَهُ رَقِيقٌ فَوَرِثَهُ وَرَثَتُهُ قبل هِلَالِ شَوَّالٍ ثُمَّ أَهَلَّ شَوَّالٌ ولم يَخْرُجْ الرَّقِيقُ من أَيْدِيهِمْ فَعَلَيْهِمْ فِيهِمْ زَكَاةُ الْفِطْرِ بِقَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ ولو أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَدَعَ نَصِيبَهُ من مِيرَاثِهِ بعد ما أَهَلَّ شَوَّالٌ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَزِمَهُ بِكُلِّ حَالٍ وإذا كان الْعَبْدُ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ أَدَّى الذي له فيه الْمِلْكُ بِقَدْرِ ما يَمْلِكُ وَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُؤَدِّيَ ما بقى وَلِلْعَبْدِ ما كَسَبَ في يَوْمِهِ إنْ كان له ما يَقُوتُهُ يوم الْفِطْرِ وَلَيْلَتَهُ وَإِنْ لم يَكُنْ له فَضْلُ ما يَقُوتُ نَفْسَهُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَيَوْمَهُ فَلَا شَيْءَ عليه وإذا اشْتَرَى الْمُقَارِضُ رَقِيقًا فَأَهَلَّ شَوَّالٌ وَهُمْ عِنْدَهُ فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاتُهُمْ وإذا مَاتَ الرَّجُلُ حين أَهَلَّ شَوَّالٌ فَالزَّكَاةُ عليه في مَالِهِ مُبَدَّاةٌ على الدَّيْنِ وَالْوَصَايَا يُخْرِجُ عنه وَعَمَّنْ يَمْلِكُ وَيُمَوِّنُ من الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ عليهم ولو مَاتَ رَجُلٌ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ فَإِنْ كان مَوْتُهُ بَعْدَ هِلَالِ شَوَّالٍ وَخَرَجَ من الثُّلُثِ فَالزَّكَاةُ على السَّيِّدِ في مَالِهِ وَإِنْ مَاتَ قبل هِلَالِ شَوَّالٍ فَالزَّكَاةُ على الْمُوصَى له إنْ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ وَإِنْ لم يَقْبَلْهَا أو عَلِمَهَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان أَحَدٌ مِمَّنْ يَقُوتُ وَاجِدًا لِزَكَاةِ الْفِطْرِ لم أُرَخِّصْ له أَنْ يَدَعَ أَدَاءَهَا عن نَفْسِهِ وَلَا يَبِينُ لي أَنْ تَجِبَ عليه لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ على غَيْرِهِ فيه

(2/65)


أو لم يَعْلَمْهَا فَالزَّكَاةُ مَوْقُوفَةٌ فَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَهُ فَالزَّكَاةُ عليه وَإِنْ رَدَّهُ فَعَلَى الْوَرَثَةِ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ عن الْعَبْدِ وَإِنْ لم يُخْرَجْ من الثُّلُثِ فَهُوَ شَرِيكٌ لِلْوَرَثَةِ إنْ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ وَالزَّكَاةُ عليهم كَهِيَ على الشُّرَكَاءِ وَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى له قبل أَنْ يَخْتَارَ قَبُولَهُمْ أو رَدَّهُمْ فَوَرَثَتُهُ يَقُومُونَ مَقَامَهُ فَإِنْ اخْتَارُوا قَبُولَهُ فَعَلَيْهِمْ زَكَاةُ الْفِطْرِ في مَالِ أَبِيهِمْ ولو أَوْصَى لِرَجُلٍ بِرَقَبَةِ عَبْدٍ وَخِدْمَتِهِ لِآخِرِ حَيَاةِ الْمُوصَى له فَزَكَاةُ الْفِطْرِ على مَالِكِ الرَّقَبَةِ ولو لم يَقْبَلْ الْمُوصَى له بِالرَّقَبَةِ كانت زَكَاةُ الْفِطْرِ على الْوَرَثَةِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُؤَدِّي وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ عنهما وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُمَا مُؤْنَتُهُ كما يُؤَدِّي الصَّحِيحُ وَكُلُّ من دخل عليه هِلَالُ شَوَّالٍ وَعِنْدَهُ قُوتُهُ وَقُوتُ من يَقُوتُهُ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وما يؤدى بِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُمْ وَعَنْهُ أَدَّاهَا عنه وَعَنْهُمْ فَإِنْ لم يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا ما يُؤَدِّي بِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عنه أو عن بَعْضِهِمْ أَدَّاهَا فَإِنْ لم يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا قُوتُهُ وَقُوتُهُمْ فَلَا شَيْءَ عليه فَإِنْ كان فِيهِمْ وَاجِدٌ لِلْفَضْلِ عن قُوتِ يَوْمِهِ أَدَّى عن نَفْسِهِ إذَا لم يُؤَدِّ عنه وَلَا يَتَبَيَّنُ لي أَنْ تَجِبَ عليه لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ على غَيْرِهِ فيه وَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَدِّيَ الرَّجُلُ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَيَأْخُذَهَا وَغَيْرَهَا من الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ وَالتَّطَوُّعِ وَكُلُّ مُسْلِمٍ في الزَّكَاةِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ على أَحَدٍ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ أَنْ يَسْتَسْلِفَ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَإِنْ وَجَدَ من يُسَلِّفَهُ ولو أَيْسَرَ بَعْدَ هِلَالِ شَوَّالٍ لم يَجِبْ عليه أَنْ يُؤَدِّيَ لِأَنَّ وَقْتَهَا قد زَالَ وهو غَيْرُ وَاجِدٍ ولو أَخْرَجَهَا كان أَحَبَّ إلى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا بَاعَ الرَّجُلُ عَبْدًا بَيْعًا فَاسِدًا فَزَكَاةُ الْفِطْرِ على الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لم يَخْرُجْ من مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ لو رَهَنَهُ رَهْنًا فَاسِدًا أو صَحِيحًا فَزَكَاةُ الْفِطْرِ على مَالِكِهِ وإذا زَوَّجَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ عَبْدًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عنها زَكَاةَ الْفِطْرِ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ فَإِنْ زَوَّجَهَا حُرًّا فَعَلَى الْحُرِّ الزَّكَاةُ إذَا خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَإِنْ لم يُخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَعَلَى السَّيِّدِ الزَّكَاةُ فَإِنْ كان الزَّوْجُ الْحُرُّ مُعْسِرًا فَعَلَى سَيِّدِ الْأَمَةِ الزَّكَاةُ وإذا وَهَبَ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَمَةً أو عَبْدًا وَلَا مَالَ لِوَلَدِهِ غَيْرُهُ فَلَا يَتَبَيَّنُ أَنْ تَجِبَ الزَّكَاةُ على أبيه لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ لَيْسَتْ عليه إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرْضِعًا أو من لَا غِنَى بِالصَّغِيرِ عنه فَيَلْزَمُ أَبَاهُ نَفَقَتُهُمْ وَالزَّكَاةُ عَنْهُمْ وَإِنْ حَبَسَهُمْ أَبُوهُ لِخِدْمَةِ نَفْسِهِ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ عليه زَكَاةَ الْفِطْرِ فِيهِمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ عليهم فَإِنْ كان لِابْنِهِ مَالٌ أَدَّى منه عن رَقِيقِ ابْنِهِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِابْنِهِ مُرْضِعًا فَلَيْسَ على أبيه زَكَاةُ الْفِطْرِ عنها وَلَيْسَ لِغَيْرِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ أَنْ يُخْرِجَ عنه زَكَاةَ فِطْرٍ وَإِنْ أَخْرَجَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ حَاكِمٍ ضَمِنَ - * بَابُ مَكِيلَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ من رَمَضَانَ على الناس صَاعًا من تَمْرٍ أو صَاعًا من شَعِيرٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عِيَاضِ بن عبد اللَّهِ بن سَعْدِ بن أبي سَرْحٍ أَنَّهُ سمع أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يقول كنا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا من طَعَامٍ أو صَاعًا من شَعِيرٍ أو صَاعًا من تَمْرٍ أو صَاعًا من زَبِيبٍ أو صَاعًا من أَقِطٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا أَنَسُ بن عِيَاضٍ عن دَاوُد بن قَيْسٍ سمع عِيَاضَ بن عبد اللَّهِ بن سَعْدٍ يقول إنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يقول كنا نُخْرِجُ في زَمَانِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صَاعًا من طَعَامٍ أو صَاعًا من أَقِطٍ أو صَاعًا من زَبِيبٍ أو صَاعًا من تَمْرٍ أو صَاعًا من شَعِيرٍ فلم نَزَلْ نُخْرِجُ ذلك حتى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ حَاجًّا أو مُعْتَمِرًا فَخَطَبَ الناس
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ مَاتَ رَجُلٌ وَلَهُ رَقِيقٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بَعْدَ هِلَالِ شَوَّالٍ فَالزَّكَاةُ عليه في مَالِهِ عنه وَعَنْهُمْ وَإِنْ مَاتَ قبل الْهِلَالِ فَالزَّكَاةُ على الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُمْ في مِلْكِهِمْ حتى يُخْرَجُوا في الدَّيْنِ وَلَا يُؤَدِّي الرَّجُلُ عن مُكَاتَبِهِ إذَا كانت كِتَابَتُهُ صَحِيحَةً وَلَا على الْمُكَاتَبِ أَنْ يُؤَدِّيَ عن نَفْسِهِ فَإِنْ كانت كِتَابَتُهُ فَاسِدَةً فَهُوَ مِثْلُ رَقِيقِهِ فَيُؤَدِّي عنه زَكَاةَ الْفِطْرِ

(2/66)


فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ الناس بِهِ أَنْ قال إنِّي أَرَى مُدَّيْنِ من سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا من تَمْرٍ فَأَخَذَ الناس بِذَلِكَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالثَّابِتُ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ وَلَا أَرَى أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَزَا أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَرَضَهُ إنَّمَا عَزَا أَنَّهُمْ كَانُوا يُخْرِجُونَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي سُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِمَّا يَقْتَاتُ الرَّجُلُ وَمِمَّا فيه زَكَاةٌ ( قال ) وَأَيُّ قُوتٍ كان الْأَغْلَبَ على رَجُلٍ أَدَّى منه زَكَاةَ الْفِطْرِ وَإِنْ وَجَدَ من يُسَلِّفُهُ فإذا أَفْلَسَ ليس عليه زَكَاةُ الْفِطْرِ فَلَوْ أَيْسَرَ من يَوْمِهِ أو من بَعْدِهِ لم يَجِبْ عليه إخْرَاجُهَا من وَقْتِهَا لِأَنَّ وَقْتَهَا كان وَلَيْسَتْ عليه لو أَخْرَجَهَا كان أَحَبَّ إلى له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا بَاعَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ بَيْعًا فَاسِدًا فَزَكَاةُ الْفِطْرِ على الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لم يُخْرِجْهُ من مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ لو رَهَنَهُ رَجُلًا أو غَصَبَهُ إيَّاهُ رَجُلٌ فَزَكَاةُ الْفِطْرِ عليه لِأَنَّهُ في مِلْكِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا لو بَاعَ عَبْدًا بِالْخِيَارِ فَأَهَلَّ شَوَّالٌ قبل أَنْ يَخْتَارَ إنْفَاذَ الْبَيْعِ ثُمَّ أَنْفَذَهُ كانت زَكَاةُ الْفِطْرِ على الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كان الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وُقِفَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَإِنْ اخْتَارَهُ فَهُوَ على الْمُشْتَرِي وَإِنْ رَدَّهُ فَهُوَ على الْبَائِعِ ( قال أبو مُحَمَّدٍ ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ على الْبَائِعِ من قِبَلِ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ مِلْكُهُ عليه إلَّا بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أو مضى أَيَّامِ الْخِيَارِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا زَوَّجَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ الْعَبْدَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عنها زَكَاةَ الْفِطْرِ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ فَإِنْ زَوَّجَهَا حُرًّا فَعَلَى الْحُرِّ أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عنها وَإِنْ كان مُحْتَاجًا فَعَلَى سَيِّدِهَا زَكَاةُ الْفِطْرِ عنها ولو زَوَّجَهَا حُرًّا فلم يُدْخِلْهَا عليه أو مَنَعَهَا منه فَزَكَاةُ الْفِطْرِ على السَّيِّدِ وإذا وَهَبَ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ عَبْدًا أو أَمَةً وَلَا مَالَ لِلصَّغِيرِ فَلَا يَبِينُ أَنَّ على أبيه فِيهِمْ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَلَيْسُوا مِمَّنْ مُؤْنَتُهُ عليه إلَّا أَنْ تَكُونَ مُرْضِعًا أو مِمَّنْ لَا غِنَى لِلصَّغِيرِ عنه فَتَلْزَمُ أَبَاهُ نَفَقَتُهُمْ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُمْ ( قال ) فَإِنْ حَبَسَهُمْ أَبُوهُ لِخِدْمَةِ نَفْسِهِ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا يَبِينُ أَنَّ عليه فِيهِمْ صَدَقَةَ الْفِطْرِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ بِكُلِّ حَالٍ إنَّمَا تَلْزَمُهُ بِالْحَبْسِ لهم وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِابْنِهِ مُرْضِعًا فَلَيْسَ عليه فيها زَكَاةُ الْفِطْرِ وَلَا يَكُونُ لِمَنْ ليس بِوَلِيٍّ أَنْ يُخْرِجَ من مَالِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَإِنْ أَخْرَجَهَا أو زَكَاةً غَيْرَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ حَاكِمٍ ضَمِنَ وَيُرْفَعُ ذلك إلَى الْحَاكِمِ حتى يَأْمُرَ من يُخْرِجُهَا عنه إنْ كانت الْحِنْطَةُ أو الذُّرَةُ أو الْعَلْسُ أو الشَّعِيرُ أو التَّمْرُ أو الزَّبِيبُ وما أَدَّى من هذا أَدَّى صَاعًا بِصَاعِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ليس له عِنْدِي أَنْ يُنْقِصَ من ذلك شيئا وَلَا تُقَوَّمُ الزَّكَاةُ ولو قُوِّمَتْ كان لو أَدَّى صَاعَ زَبِيبِ ضُرُوعٍ أَدَّى ثَمَانَ آصُعَ حِنْطَةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يؤدى من الْحَبِّ غير الْحَبِّ نَفْسِهِ وَلَا يُؤَدِّي دَقِيقًا وَلَا سَوِيقًا وَلَا قِيمَتَهُ وَأُحِبُّ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ أَنْ لَا يُؤَدُّوا أَقِطًا لِأَنَّهُ إنْ كان لهم قُوتًا فَأَدَّوْا من قُوتٍ فَالْفَثُّ قُوتٌ وَكَذَلِكَ لو يَقْتَاتُونَ الْحَنْظَلَ وَاَلَّذِي لَا شَكَّ فيه أَنْ يَتَكَلَّفُوا أَدَاءَ قُوتِ أَقْرَبِ أَهْلِ الْبُلْدَانِ بِهِمْ لِأَنَّهُمْ يَقْتَاتُونَ من ثَمَرَةٍ لَا زَكَاةَ فيها فَيُؤَدُّونَ من ثَمَرَةٍ فيها زَكَاةٌ صَاعًا عن كل إنْسَانٍ وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ وَالْقَرْيَةِ في هذا سَوَاءٌ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يَخُصَّ أَحَدًا من الْمُسْلِمِينَ دُونَ أَحَدٍ ولو أَدَّوْا أَقِطًا لم يَبِنْ لي أَنْ أَرَى عليهم إعَادَةً وما أَدَّوْا أو غَيْرُهُمْ من قُوتٍ ليس في أَصْلِهِ زَكَاةٌ غير الْأَقِطِ فَعَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَعْلَمُ من يَقْتَاتُ الْقُطْنِيَّةَ وَإِنْ لم تَكُنْ تُقْتَاتُ فَلَا تُجْزِي زَكَاةً وَإِنْ كان قَوْمٌ يَقْتَاتُونَهَا أَجْزَأَتْ عَنْهُمْ زَكَاةً لِأَنَّ في أَصْلِهَا الزَّكَاةَ ( قال ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ الرَّجُلُ نِصْفَ صَاعِ حِنْطَةٍ وَنِصْفَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُخْرَجُ من الْحِنْطَةِ في صَدَقَةِ الْفِطْرِ إلَّا صَاعٌ

(2/67)


صَاعِ شَعِيرٍ وَإِنْ كان قُوتُهُ الشَّعِيرَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةً وَاحِدَةً إلَّا من صِنْفٍ وَاحِدٍ وَيَجُوزُ إذَا كان قُوتُهُ الشَّعِيرَ أَنْ يُخْرِجَ عن وَاحِدٍ وَأَكْثَرَ شَعِيرًا وَعَنْ وَاحِدٍ وَأَكْثَرَ حِنْطَةً لِأَنَّهَا أَفْضَلُ كما يَجُوزُ أَنْ يعطى في الصَّدَقَةِ السِّنَّ التي هِيَ أَعْلَى وَلَا يُقَالُ جاء بِعِدْلٍ من شَعِيرٍ إنَّمَا يُقَالُ لِهَذَا جُعِلَ له أَنْ يُؤَدِّيَ شَعِيرًا إذَا كان قُوتَهُ لَا بِأَنَّ الزَّكَاةَ في شَعِيرٍ دُونَ حِنْطَةٍ وَإِنْ كان قُوتُهُ حِنْطَةً فَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ شَعِيرًا لم يَكُنْ له لِأَنَّهُ أَدْنَى مِمَّا يَقْتَاتُ كما لَا يَكُونُ له أَنْ يُخْرِجَ تَمْرًا رَدِيئًا وَتَمْرًا طَيِّبًا وَلَا سِنًّا دُونَ سِنٍّ وَجَبَتْ عليه وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ نِصْفَ صَاعِ تَمْرٍ رَدِيءٍ إنْ كان قُوتَهُ وَإِنْ تَكَلَّفَ نِصْفَ صَاعٍ جَيِّدٍ فَأَخْرَجَهُ معه أَجْزَأَهُ لِأَنَّ هذا صِنْفٌ وَاحِدٌ وَالْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ صِنْفَانِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَضُمَّ صِنْفًا إلَى غَيْرِهِ في الزَّكَاةِ وإذا كانت له حِنْطَةٌ أَخْرَجَ من أَيُّهَا شَاءَ زَكَاةَ الْفِطْرِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عِيَاضِ بن عبد اللَّهِ بن سَعْدٍ أَنَّهُ سمع أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يقول كنا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا من طَعَامٍ أو صَاعًا من تَمْرٍ أو صَاعًا من شَعِيرٍ أو صَاعًا من زَبِيبٍ أو صَاعًا من أَقِطٍ
وَأَخْبَرَنَا أَنَسُ بن عِيَاضٍ عن دَاوُد بن قَيْسٍ أَنَّهُ سمع عِيَاضَ بن عبد اللَّهِ بن سَعْدٍ يقول إنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قال كنا نُخْرِجُ في زَمَانِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صَاعًا من طَعَامٍ أو صَاعًا من أَقِطٍ أو صَاعًا من زَبِيبٍ أو صَاعًا من تَمْرٍ أو صَاعًا من شَعِيرٍ فلم نَزَلْ نُخْرِجُهُ كَذَلِكَ حتى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ حَاجًّا أو مُعْتَمِرًا فَخَطَبَ الناس فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ الناس بِهِ أَنْ قال إنِّي أَرَى الْمُدَّيْنِ من سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا من تَمْرٍ فَأَخَذَ الناس بِذَلِكَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فِيمَا يُرْوَى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نَأْخُذُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ويؤدى الرَّجُلُ من أَيِّ قُوتٍ كان الْأَغْلَبَ عليه من الْحِنْطَةِ أو الذُّرَةِ أو الْعَلْسِ أو الشَّعِيرِ أو التَّمْرِ أو الزَّبِيبِ وما أَدَّى من هذا أَدَّى صَاعًا بِصَاعِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا يُؤَدِّي ما يُخْرِجُهُ من الْحَبِّ لَا يُؤَدِّي إلَّا الْحَبَّ نَفْسَهُ لَا يُؤَدِّي سَوِيقًا وَلَا دَقِيقًا وَلَا يُؤَدِّي قِيمَتَهُ وَلَا يُؤَدِّي أَهْلُ الْبَادِيَةِ من شَيْءٍ يَقْتَاتُونَهُ من الْفَثِّ وَالْحَنْظَلِ وَغَيْرِهِ أو ثمرة لَا تَجُوزُ في الزَّكَاةِ وَيُكَلَّفُونَ أَنْ يُؤَدُّوا من قُوتِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ مِمَّنْ يَقْتَاتُ الْحِنْطَةَ وَالذُّرَةَ وَالْعَلْسَ وَالشَّعِيرَ وَالتَّمْرَ وَالزَّبِيبَ لَا غَيْرَهُ وَإِنْ أَدَّوْا أَقِطًا أَجْزَأَ عَنْهُمْ وما أَدَّوْا أو غَيْرُهُمْ من شَيْءٍ ليس في أَصْلِهِ الزَّكَاةُ غير الْأَقِطِ أَعَادُوا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَقْتَاتُ الْقُطْنِيَّةَ فَإِنْ كان أَحَدٌ يَقْتَاتُهَا أَجْزَأَتْ عنه لِأَنَّ في أَصْلِهَا الزَّكَاةَ وَإِنْ لم يَقْتَتْهَا لم تُجْزِ عنه وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ رَجُلٌ نِصْفَ صَاعِ حِنْطَةٍ وَنِصْفَهَا شَعِيرًا وَإِنْ كان قُوتُهُ الشَّعِيرَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةً إلَّا من صِنْفٍ وَاحِدٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ عن نَفْسِهِ وَعَنْ بَعْضِ من يُمَوِّنُ حِنْطَةً وَيُخْرِجُ عن بَعْضِ من يُمَوِّنُ شَعِيرًا كما يَجُوزُ أَنْ يعطى في الصَّدَقَةِ السِّنَّ الْأَعْلَى وَإِنْ كان قُوتُهُ حِنْطَةً فَأَرَادَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَعِيرًا لم يَكُنْ له لِأَنَّهُ أَدْنَى مِمَّا يَقُوتُ وَلَا يَكُونُ له أَنْ يُخْرِجَ تَمْرًا طَيِّبًا وَتَمْرًا رَدِيئًا وَلَا شيئا دُونَ شَيْءٍ وَجَبَ عليه وَإِنْ أَخْرَجَ تَمْرًا رَدِيئًا وهو قُوتُهُ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كان له تَمْرٌ أَخْرَجَ من وَسَطِهِ الزَّكَاةَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ من تَمْرٍ أو حِنْطَةٍ وَلَا غَيْرِهِمَا إذَا كان مُسَوِّسًا وَلَا مَعِيبًا لَا يُخْرِجُهُ إلَّا سَالِمًا - * بَابُ ضَيْعَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ قبل قَسْمِهَا - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ وَمَنْ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عِنْدَ مَحِلِّهَا أو قَبْلَهُ أو بَعْدَهُ لِيَقْسِمَهَا فَضَاعَتْ منه وكان مِمَّنْ يَجِدُ زَكَاةَ الْفِطْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَهَا حتى يَقْسِمَهَا أو يَدْفَعَهَا إلَى الْوَالِي وَكَذَلِكَ كُلُّ حَقٍّ وَجَبَ عليه فَلَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان له تَمْرٌ أَخْرَجَ من وَسَطِهِ الذي تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ فَإِنْ أَخْرَجَ من أَعْلَاهُ كان أَحَبَّ إلى وَلَا يَكُونُ له أَنْ يُخْرِجَ من تَمْرٍ وَلَا حِنْطَةٍ وَلَا غَيْرِهَا إذَا كان مُسَوِّسًا أو مَعِيبًا لَا يُخْرِجُهُ إلَّا سَالِمًا وَيَجُوزُ له أَنْ يُخْرِجَهُ قَدِيمًا سَالِمًا ما لم يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ أو لَوْنُهُ فَيَكُونَ ذلك عَيْبًا فيه - * بَابُ مَكِيلَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ الثَّانِي - *

(2/68)


يُبْرِئُهُ منه إلَّا أَدَاؤُهُ ما كان من أَهْلِ الْأَدَاءِ الَّذِينَ يَجِبُ عليهم (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) ويعطى الرَّجُلُ زَكَاةَ مَالِهِ ذَوِي رَحِمِهِ إذَا كَانُوا من أَهْلِهَا وَأَقْرَبُهُمْ بِهِ أَحَبُّهُمْ إلى أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهَا اذا كان مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِكُلِّ حَالٍ ولو أَنْفَقَ عليه مُتَطَوِّعًا أَعْطَاهُ منها لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ بِنَفَقَتِهِ لَا أنها لَازِمَةٌ له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَخْتَارُ قَسْمَ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِنَفْسِي على طَرْحِهَا عِنْدَ من تُجْمَعُ عِنْدَهُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبد اللَّهِ بن الْمُؤَمَّلِ قال سَمِعْت بن أبي مُلَيْكَةَ وَرَجُلٌ يقول له إنَّ عَطَاءً أَمَرَنِي أَنْ أَطْرَحَ زَكَاةَ الْفِطْرِ في الْمَسْجِدِ فقال بن أبي مُلَيْكَةَ أَفْتَاك الْعِلْجُ بِغَيْرِ رَأْيِهِ اقْسِمْهَا فَإِنَّمَا يُعْطِيهَا بن هِشَامٍ أَحْرَاسَهُ وَمَنْ شَاءَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا أَنَسُ بن عِيَاضٍ عن أُسَامَةَ بن زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ سَالِمَ بن عبد اللَّهِ عن الزَّكَاةِ فقال أَعْطِهَا أنت فَقُلْت أَلَمْ يَكُنْ بن عُمَرَ يقول ادْفَعْهَا إلَى السُّلْطَانِ قال بلي وَلَكِنِّي لَا أَرَى أَنْ تَدْفَعَهَا إلَى السُّلْطَانِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بن عُمَرَ كان يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ التي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قبل الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أو ثَلَاثَةٍ - * بَابُ ضَيْعَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ قبل قَسْمِهَا الثَّانِي - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَمَنْ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عِنْدَ مَحِلِّهَا أو قَبْلَهُ أو بَعْدَهُ لِيَقْسِمَهَا فَضَاعَتْ منه وكان مِمَّنْ يَجِدُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَهَا حتى يَقْسِمَهَا أو يَدْفَعَهَا إلَى الْوَالِي كَذَلِكَ كُلُّ حَقٍّ وَجَبَ عليه فَلَا يَبْرَأُ منه إلَّا بِأَدَائِهِ وَتُقْسَمُ زَكَاةُ الْفِطْرِ على من تُقْسَمُ عليه زَكَاةُ الْمَالِ لَا يُجْزِئُ فيها غَيْرُ ذلك وإذا تَوَلَّاهَا الرَّجُلُ فَقَسَمَهَا قَسَمَهَا على سِتَّةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّ سَهْمَ الْعَامِلِينَ وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ سَاقِطَانِ وَيَقْسِمُهَا على الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وفي الرِّقَابِ وَهُمْ الْمُكَاتَبُونَ وَالْغَارِمِينَ وفي سَبِيلِ اللَّهِ وبن السَّبِيلِ فَأَيُّ صِنْفٍ من هَؤُلَاءِ لم يُعْطِهِ وهو يَجِدُهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ حَقِّهِ منها وَلِلرَّجُلِ إذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ أَنْ يُعْطِيَهَا ذَوِي رَحِمِهِ إذَا كَانُوا من أَهْلِهَا وَأَقْرَبُهُمْ بِهِ أَحَقُّهُمْ أَنْ يُعْطِيَهُ إذَا كَانُوا مِمَّنْ لَا تلزمه ( ( ( تلزمهم ) ) ) نَفَقَتُهُمْ وَقَسْمُ الرَّجُلِ زَكَاةَ الْفِطْرِ حَسَنٌ وَطَرْحُهَا عِنْدَ من تُجْمَعُ عِنْدَهُ يُجْزِئُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ كان بن عُمَرَ وَعَطَاءُ بن أبي رَبَاحٍ يَدْفَعَانِهَا إلَى الذي تُجْمَعُ عِنْدَهُ ( قال الرَّبِيعُ ) سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عن زَكَاةِ الْفِطْرِ فقال تَلِيهَا أنت بِيَدَيْك أَحَبُّ إلى من أَنْ تَطْرَحَهَا من قِبَلِ أَنَّك على يَقِينٍ إذَا أَعْطَيْتهَا بِنَفْسِك وَأَنْتَ إذَا طَرَحْتهَا لم تَتَيَقَّنْ أنها وُضِعَتْ في حَقِّهَا - * بَابُ الرَّجُلِ يَخْتَلِفُ قُوتُهُ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وإذا كان الرَّجُلُ يَقْتَاتُ حُبُوبًا مُخْتَلِفَةً شَعِيرًا وَحِنْطَةً وَتَمْرًا وَزَبِيبًا فَالِاخْتِيَارُ له أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ من الْحِنْطَةِ وَمِنْ أَيُّهَا أَخْرَجَ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ( قال ) فَإِنْ كان يَقْتَاتُ حِنْطَةً فَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ زَبِيبًا أو تَمْرًا أو شَعِيرًا كَرِهْت له ذلك وَأَحْبَبْت لو أَخْرَجَهُ أَنْ يُعِيدَ فَيُخْرِجَهُ حِنْطَةً لِأَنَّ الْأَغْلَبَ من الْقُوتِ كان في زَمَنِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ التَّمْرَ وكان من يَقْتَاتُ الشَّعِيرَ قَلِيلًا وَلَعَلَّهُ لم يَكُنْ بها أَحَدٌ يَقْتَاتُ حِنْطَةً وَلَعَلَّ الْحِنْطَةَ كانت بها شَبِيهًا بِالطُّرْفَةِ فَفَرَضَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّ عليهم زَكَاةَ الْفِطْرِ من
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَتُقْسَمُ زَكَاةُ الْفِطْرِ على من تُقْسَمُ عليه زَكَاةُ الْمَالِ لَا يُجْزِئُ فيها غَيْرُ ذلك فَإِنْ تَوَلَّاهَا رَجُلٌ قَسَمَهَا على سِتَّةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّ سَهْمَ الْعَامِلِينَ وَسَهْمَ الْمُؤَلَّفَةِ سَاقِطَانِ ( قال ) وَيَسْقُطُ سَهْمُ الْعَامِلِينَ لِأَنَّهُ تَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ له أَنْ يَأْخُذَ عليه ( ( ( عليها ) ) ) أَجْرًا وَيَقْسِمُهَا على الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وفي الرِّقَابِ وَهُمْ الْمُكَاتَبُونَ وَالْغَارِمِينَ وفي سَبِيلِ اللَّهِ وبن السَّبِيلِ فَأَيُّ صِنْفٍ من هَؤُلَاءِ لم يَجِدْهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ حَقِّهِ منها

(2/69)


قُوتِهِمْ وَلَا أُحِبُّ إذَا اقْتَاتَ رَجُلٌ حِنْطَةً أَنْ يُخْرِجَ غَيْرَهَا وَأُحِبُّ لو اقْتَاتَ شَعِيرًا أَنْ يُخْرِجَ حِنْطَةً لِأَنَّهَا أَفْضَلُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بن عُمَرَ كان لَا يُخْرِجُ في زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَّا التَّمْرَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فإنه أَخْرَجَ شَعِيرًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ اقْتَاتَ قَوْمٌ ذُرَةً أو دُخْنًا أو سُلْتًا أو أُرْزًا أو أَيَّ حَبَّةٍ ما كانت مِمَّا فيه الزَّكَاةُ فَلَهُمْ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ منها لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذْ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ من الطَّعَامِ وَسَمَّى شَعِيرًا وَتَمْرًا فَقَدْ عَقَلْنَا عنه أَنَّهُ أَرَادَ من الْقُوتِ فَكَانَ ما سَمَّى من الْقُوتِ ما فيه للزكاة ( ( ( الزكاة ) ) ) فإذا اقْتَاتُوا طَعَامًا فيه الزَّكَاةُ فَأَخْرَجُوا منه أَجْزَأَ عَنْهُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَحَبُّ إلى في هذا أَنْ يُخْرِجُوا حِنْطَةً إلَّا أَنْ يَقْتَاتُوا تَمْرًا أو شَعِيرًا فَيُخْرِجُوا أَيَّهُمَا اقْتَاتُوا - * بَابُ الرَّجُلِ يَخْتَلِفُ قُوتُهُ الثَّانِي - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا كان الرَّجُلُ يَقْتَاتُ حُبُوبًا شَعِيرًا وَحِنْطَةً وَزَبِيبًا وَتَمْرًا فَأَحَبُّ إلى أَنْ يُؤَدِّيَ من الْحِنْطَةِ وَمِنْ أَيُّهَا أَخْرَجَ أَجْزَأَهُ فَإِنْ كان يَقْتَاتُ حِنْطَةً فَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ زَبِيبًا أو تَمْرًا أو شَعِيرًا كَرِهْته وَأَحْبَبْت أَنْ يُعِيدَ وَإِنْ اقْتَاتَ قَوْمٌ ذُرَةً أو دُخْنًا أو أُرْزًا أو سُلْتًا أو أَيَّ حَبَّةٍ ما كانت مِمَّا فيه الزَّكَاةُ فَلَهُمْ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ منها وَكَذَلِكَ إنْ اقْتَاتُوا الْقُطْنِيَّةَ - * بَابُ من أَعْسَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وَمَنْ أَهَلَّ عليه شَوَّالٌ وهو مُعْسِرٌ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ ثُمَّ أَيْسَرَ من يَوْمِ الْفِطْرِ أو بَعْدَهُ فَلَيْسَ عليه زَكَاةُ الْفِطْرِ وَأَحَبُّ إلى أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مَتَى أَيْسَرَ في شَهْرِهَا أو غَيْرِهِ ( قال ) وَإِنَّمَا قُلْت وَقْتُ زَكَاةِ الْفِطْرِ هِلَالُ شَوَّالٍ لِأَنَّهُ خُرُوجُ الصَّوْمِ وَدُخُولُ أَوَّلِ شُهُورِ الْفِطْرِ كما لو كان لِرَجُلٍ على رَجُلٍ حَقٌّ في انْسِلَاخِ شَهْرِ رَمَضَانَ حَلَّ إذَا رأي هِلَالَ شَوَّالٍ لَا إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ من لَيْلَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ ولو جَازَ هذا في كل يَوْمٍ من شَوَّالٍ بَعْدَ يَوْمٍ وَعُشْرٍ وَأَكْثَرَ ما لم يَنْسَلِخْ شَوَّالٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَيَأْخُذَهَا إذَا كان مُحْتَاجًا وَغَيْرَهَا من الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ وَغَيْرِهَا وَكُلُّ مُسْلِمٍ في الزَّكَاةِ سَوَاءٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَيْسَ على من لَا عَرَضَ له وَلَا نَقْدَ وَلَا يَجِدُ قُوتَ يَوْمِهِ أَنْ يَسْتَسْلِفَ زَكَاةً - * بَابُ جِمَاعِ فَرْضِ الزَّكَاةِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال فَرَضَ اللَّه عز وجل الزَّكَاةَ في غَيْرِ مَوْضِعٍ من كِتَابِهِ قد كَتَبْنَاهُ في آخِرِ الزَّكَاةِ فقال في غَيْرِ آيَةٍ من كِتَابِهِ { وأقيموا ( ( ( أقيموا ) ) ) الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } يَعْنِي أَعْطُوا الزَّكَاةَ وقال عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم { خُذْ من أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بها } الْآيَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَفَرَضَ اللَّهُ عز وجل على من له مَالٌ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ أَنْ يؤدى الزَّكَاةَ إلَى من جُعِلَتْ له وَفَرَضَ على من ولى الْأَمْرَ أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَى الْوَالِي إذَا لم يُؤَدِّهَا وَعَلَى الْوَالِي إذَا أَدَّاهَا أَنْ لَا يَأْخُذَهَا منه لِأَنَّهُ سَمَّاهَا زَكَاةً وَاحِدَةً لَا زَكَاتَيْنِ وَفَرْضُ الزَّكَاةِ مِمَّا أَحْكَمَ اللَّهُ عز وجل وَفَرَضَهُ في كِتَابِهِ ثُمَّ على لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَبَيَّنَ في أَيِّ الْمَالِ الزَّكَاةُ وفي أَيِّ الْمَالِ تَسْقُطُ وَكَمْ الْوَقْتُ الذي
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَحْسَبُ نَافِعًا كان مع عبد اللَّهِ بن عُمَرَ وهو يَقْتَاتُ الْحِنْطَةَ وَأَحَبُّ إلى ما وَصَفْت من إخْرَاجِ الْحِنْطَةِ

(2/70)


إذَا بَلَغَهُ الْمَالُ حَلَّتْ فيه الزَّكَاةُ وإذا لم يَبْلُغْهُ لم تَكُنْ فيه زَكَاةٌ وَمَوَاقِيتَ الزَّكَاةِ وما قَدْرُهَا فَمِنْهَا خُمُسٌ وَمِنْهَا عُشْرٌ وَمِنْهَا نِصْفُ عُشْرٍ وَمِنْهَا رُبُعُ عُشْرٍ وَمِنْهَا بِعَدَدٍ يَخْتَلِفُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عليها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وفي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وفي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ } فَأَحْكَمَ اللَّهُ عز وجل فَرْضَ الصَّدَقَاتِ في كِتَابِهِ ثُمَّ أَكَّدَهَا فقال { فَرِيضَةً من اللَّهِ } قال وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْسِمَهَا على غَيْرِ ما قَسَمَهَا اللَّهُ عز وجل عليه ذلك ما كانت الْأَصْنَافُ مَوْجُودَةً لِأَنَّهُ إنَّمَا يعطى من وَجَدَ كقوله { لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } وَكَقَوْلِهِ { وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ } وَكَقَوْلِهِ { وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ } وَمَعْقُولٌ عن اللَّهِ عز وجل أَنَّهُ فَرَضَ هذا لِمَنْ كان مَوْجُودًا يوم يَمُوتُ الْمَيِّتُ وكان مَعْقُولًا عنه أَنَّ هذه السُّهْمَانَ لِمَنْ كان مَوْجُودًا يوم تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ وَتُقْسَمُ ( قال ) وإذا أُخِذَتْ الصَّدَقَةُ من قَوْمٍ قُسِمَتْ على من مَعَهُمْ في دارهم ( ( ( دراهم ) ) ) من أَهْلِ هذه السُّهْمَانِ ولم تَخْرُجْ من جِيرَانِهِمْ إلَى أَحَدٍ حتى لَا يَبْقَى منهم أَحَدٌ يَسْتَحِقُّهَا
( أخبرنا ) مُطَرِّفٌ عن مَعْمَرٍ عن بن طَاوُسٍ عن أبيه عن مُعَاذِ بن جَبَلٍ أنه قَضَى أَيُّمَا رَجُلٍ انْتَقَلَ من مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ فَعُشْرُهُ وَصَدَقَتُهُ إلَى مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وهو ما وَصَفْت من أَنَّهُ جَعَلَ الْعُشْرَ وَالصَّدَقَةَ إلَى جِيرَانِ الْمَالِ ولم يَجْعَلْهَا على جِيرَانِ مَالِكِ الْمَالِ إذَا ما نَأَى عن مَوْضِعِ الْمَالِ
أخبرنا وَكِيعُ بن الْجَرَّاحِ أو ثِقَةٌ غَيْرُهُ أو هُمَا عن زَكَرِيَّا بن إِسْحَاقَ عن يحيى بن عبد اللَّهِ بن صَيْفِي عن أبي مَعْبَدٍ عن بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِمُعَاذِ بن جَبَلٍ حين بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ فَإِنْ أَجَابُوك فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عليهم الصَّدَقَةَ تُؤْخَذُ من أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ على فُقَرَائِهِمْ ( قال ) وَهَذَا مِمَّا وَصَفْت من أَنَّهُ جَعَلَ الْعُشْرَ وَالصَّدَقَةَ إلَى جِيرَانِ الْمَالِ ولم يَجْعَلْهَا إلَى جِيرَانِ مَالِكِ الْمَالِ إذَا نَأَى عن مَوْضِعِ الْمَالِ
أخبرنا الثِّقَةُ وهو يحيى بن حَسَّانَ عن اللَّيْثِ بن سَعْدٍ عن سَعِيدِ بن أبي سَعِيدٍ عن شَرِيكِ بن عبد اللَّهِ بن أبي نِمْرٍ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا قال يا رَسُولَ اللَّهِ نَاشَدْتُك اللَّهَ الله أَمَرَك أَنْ تَأْخُذَ الصَّدَقَةَ من أَغْنِيَائِنَا وَتَرُدَّهَا على فُقَرَائِنَا فقال اللَّهُمَّ نعم ( قال ) وَلَا تُنْقَلُ الصَّدَقَةُ من مَوْضِعٍ حتى لَا يَبْقَى فيه أَحَدٌ يَسْتَحِقُّ منها شيئا - * جِمَاعُ بَيَانِ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ الْفَقِيرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ من لَا مَالَ له وَلَا حِرْفَةَ تَقَعُ منه مَوْقِعًا زَمِنًا كان أو غير زَمِنٍ سَائِلًا كان أو مُتَعَفِّفًا وَالْمِسْكِينُ من له مَالٌ أو حِرْفَةٌ لَا تَقَعُ منه مَوْقِعًا وَلَا تُغْنِيهِ سَائِلًا كان أو غير سَائِلٍ ( قال ) وإذا كان فَقِيرًا أو مِسْكِينًا فَأَغْنَاهُ وَعِيَالَهُ كَسْبُهُ أو حِرْفَتُهُ فَلَا يُعْطَى في وَاحِدٍ من الْوَجْهَيْنِ شيئا لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِوَجْهٍ وَالْعَامِلُونَ عليها الْمُتَوَلُّونَ لِقَبْضِهَا من أَهْلِهَا من السُّعَاةِ وَمَنْ أَعَانَهُمْ من عَرِيفٍ لَا يُقْدَرُ على أَخْذِهَا إلَّا بِمَعْرِفَتِهِ فَأَمَّا الْخَلِيفَةُ وَوَالِي الْإِقْلِيمِ الْعَظِيمِ الذي تَوَلَّى أَخْذَهَا عَامِلٌ دُونَهُ فَلَيْسَ له فيها حَقٌّ وَكَذَلِكَ من أَعَانَ وَالِيًا على قَبْضِهَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا من بَيَانُ الْمَوْضِعِ الذي وَضَعَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم من الْإِبَانَةِ عنه ( قال ) وَكُلُّ ما وَجَبَ على مُسْلِمٍ في مَالِهِ بِلَا جِنَايَةٍ جَنَاهَا أو جَنَاهَا من يَكُونُ عليه الْعَقْلُ وَلَا تَطَوُّعٍ تَطَوَّعَ بِهِ وَلَا شَيْءٍ أَوْجَبَهُ هو في مَالِهِ فَهُوَ زَكَاةٌ وَالزَّكَاةُ صَدَقَةٌ كِلَاهُمَا لها اسْمٌ فإذا ولى الرَّجُلُ صَدَقَةَ مَالِهِ أو ولى ذلك الْوَالِي فَعَلَى كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَقْسِمَهَا حَيْثُ قَسَمَهَا اللَّهُ ليس له خِلَافُ ذلك وقد بَيَّنَّا ذلك في مَوَاضِعِهِ وَنَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ - * كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ - *

(2/71)


مِمَّنْ بِهِ الْغِنَى عن مَعُونَتِهِ فَلَيْسَ له في سَهْمِ الْعَامِلِينَ حَقٌّ وَسَوَاءٌ كان الْعَامِلُونَ عليها أَغْنِيَاءَ أو فُقَرَاءَ من أَهْلِهَا كَانُوا أو غُرَبَاءَ إذَا وُلُّوهَا فَهُمْ الْعَامِلُونَ وَيُعْطَى أَعْوَانُ إدَارَةِ والى الصَّدَقَةِ بِقَدْرِ مَعُونَاتِهِمْ عليها وَمَنْفَعَتِهِمْ فيها وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ من دخل في الْإِسْلَامِ وَلَا يُعْطَى من الصَّدَقَةِ مُشْرِكٌ يَتَأَلَّفُ على الْإِسْلَامِ فَإِنْ قال قَائِلٌ أَعْطَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عَامَ حُنَيْنٍ بَعْضَ الْمُشْرِكِينَ من الْمُؤَلَّفَةِ فتلك ( ( ( قلوبهم ) ) ) الْعَطَايَا من الْفَيْءِ وَمِنْ مَالِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم خَاصَّةً لَا من مَالِ الصَّدَقَةِ وَمُبَاحٌ له أَنْ يعطى من مَالِهِ وقد خَوَّلَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ أَمْوَالَ الْمُشْرِكِينَ لَا الْمُشْرِكِينَ أَمْوَالَهُمْ وَجَعَلَ صَدَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ مَرْدُودَةً فِيهِمْ كما سَمَّى لَا على من خَالَفَ دِينَهُمْ ( قال ) وَالرِّقَابُ الْمُكَاتَبُونَ من جِيرَانِ الصَّدَقَةِ فَإِنْ اتَّسَعَ لهم السَّهْمُ أُعْطُوا حتى يُعْتَقُوا وَإِنْ دَفَعَ ذلك الْوَالِي إلَى من يُعْتِقُهُمْ فَحَسَنٌ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِمْ أَجْزَأَهُ وَإِنْ ضَاقَتْ السُّهْمَانُ دَفَعَ ذلك إلَى الْمُكَاتَبِينَ فَاسْتَعَانُوا بها في كِتَابَتِهِمْ وَالْغَارِمُونَ صِنْفَانِ صِنْفٌ ادَّانُوا في مَصْلَحَتِهِمْ أو مَعْرُوفٍ وَغَيْرِ مَعْصِيَةٍ ثُمَّ عَجَزُوا عن أَدَاءِ ذلك في الْعَرَضِ وَالنَّقْدِ فَيُعْطَوْنَ في غُرْمِهِمْ لِعَجْزِهِمْ فَإِنْ كان لهم عُرُوضٌ أو نَقْدٌ يَقْضُونَ منه دُيُونَهُمْ فَهُمْ أَغْنِيَاءُ لَا يُعْطِيهِمْ منها شيئا وَيَقْضُونَ من عُرُوضِهِمْ أو من نقودهم ( ( ( نقدهم ) ) ) دُيُونَهُمْ وَإِنْ قَضَوْهَا فَكَانَ قَسْمُ الصَّدَقَةِ وَلَهُمْ ما يَكُونُونَ بِهِ أَغْنِيَاءَ لم يُعْطَوْا شيئا وَإِنْ كان وَهُمْ فُقَرَاءُ أو مَسَاكِينُ فَسَأَلُوا بِأَيِّ الْأَصْنَافِ كَانُوا أُعْطُوا لِأَنَّهُمْ من ذلك الصِّنْفِ ولم يُعْطَوْا من صَدَقَةِ غَيْرِهِ ( قال ) وإذا بقى في أَيْدِيهِمْ من أَمْوَالِهِمْ ما يَكُونُونَ بِهِ أَغْنِيَاءَ وَإِنْ كان عليهم فيه دَيْنٌ يُحِيطُ بِهِ لم يُعْطَوْا من السُّهْمَانِ شيئا لِأَنَّهُمْ من أَهْلِ الْغِنَى وَأَنَّهُمْ قد يَبْرَءُونَ من الدَّيْنِ فَلَا يُعْطَوْا حتى لَا يَبْقَى لهم ما يَكُونُونَ بِهِ أَغْنِيَاءَ ( قال ) وَصِنْفٌ ادَّانُوا في حَمَالَاتٍ وَإِصْلَاحِ ذَاتِ بَيْنٍ وَمَعْرُوفٍ وَلَهُمْ عُرُوضٌ تَحْمِلُ حَمَّالَاتهمْ أو عَامَّتَهَا إنْ بِيعَتْ أَضَرَّ ذلك بِهِمْ وَإِنْ لم يَفْتَقِرُوا فَيُعْطَى هَؤُلَاءِ ما يُوَفِّرُ عُرُوضَهُمْ كما يُعْطَى أَهْلُ الْحَاجَةِ من الْغَارِمِينَ حتى يَقْضُوا غُرْمَهُمْ
أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن هَارُونَ بن رياب ( ( ( رئاب ) ) ) عن كِنَانَةَ بن نُعَيْمٍ عن قَبِيصَةَ بن مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ قال تَحَمَّلْت بِحَمَالَةٍ فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَسَأَلْته فقال نُؤَدِّيهَا أو نُخْرِجُهَا عَنْك غَدًا إذَا قَدِمَ نَعَمُ الصَّدَقَةِ يا قَبِيصَةُ الْمَسْأَلَةُ حُرِّمَتْ إلَّا في ثَلَاثٍ رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ له الْمَسْأَلَةُ حتى يُؤَدِّيَهَا ثُمَّ يُمْسِكَ وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ أو حَاجَةٌ حتى شَهِدَ له أو تَكَلَّمَ ثَلَاثَةٌ من ذَوِي الْحِجَا من قَوْمِهِ أَنَّ بِهِ حَاجَةً أو فَاقَةً فَحَلَّتْ له الْمَسْأَلَةُ حتى يُصِيبَ سَدَادًا من عَيْشٍ أو قِوَامًا من عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكَ وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ حتى يُصِيبَ سَدَادًا من عَيْشٍ أو قِوَامًا من عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكَ وما سِوَى ذلك من الْمَسْأَلَةِ فَهُوَ سُحْتٌ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا نَأْخُذُ وهو مَعْنَى ما قُلْت في الْغَارِمِينَ وَقَوْلُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ في الْفَاقَةِ وَالْحَاجَةِ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ من سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَا الْغَارِمِينَ وَقَوْلُهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم حتى يُصِيبَ سَدَادًا من عَيْشٍ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَقَلَّ من اسْمِ الْغِنَى وَبِذَلِكَ نَقُولُ وَذَلِكَ حين يَخْرُجُ من الْفَقْرِ أو الْمَسْكَنَةِ وَيُعْطَى من سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ من غَزَا من جِيرَانِ الصَّدَقَةِ فَقِيرًا كان أو غَنِيًّا وَلَا يُعْطَى منه ( ( ( منهم ) ) ) غَيْرُهُمْ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَى الدَّفْعِ عَنْهُمْ فَيُعْطَاهُ من دَفَعَ عَنْهُمْ الْمُشْرِكِينَ وبن السَّبِيلِ من جِيرَانِ الصَّدَقَةِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ السَّفَرَ في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ فَيَعْجَزُونَ عن بُلُوغِ سَفَرِهِمْ إلَّا بِمَعُونَةٍ على سَفَرِهِمْ وَأَمَّا بن السَّبِيلِ يَقْدِرُ على بُلُوغِ سَفَرِهِ بِلَا مَعُونَةٍ فَلَا يعطي لِأَنَّهُ مِمَّنْ دخل في جُمْلَةِ من لَا تَحِلُّ له الصَّدَقَةُ وَلَيْسَ مِمَّنْ استثنى أنها تَحِلُّ له وَمُخَالِفٌ للغازى في دَفْعِ الْغَازِي بِالصَّدَقَةِ عن جَمَاعَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَمُخَالِفٌ لِلْغَارِمِ الذي ادَّانَ في مَنْفَعَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَالْعَامِلُ الغنى بِصَلَاحِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ وهو مُخَالِفٌ للغنى يهدى له الْمُسْلِمُونَ لِأَنَّ الْهَدِيَّةَ تَطَوُّعٌ من الْمُسْلِمِينَ لَا أَنَّ الغنى أَخَذَهَا بِسَبَبِ الصَّدَقَةِ وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ الصَّدَقَةَ وَالْعَطَايَا غير الْمَفْرُوضَةِ تَحِلُّ لِمَنْ لَا تَحِلُّ له الصَّدَقَةُ من آلِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَهُمْ أَهْلُ الْخُمُسِ وَمِنْ الْأَغْنِيَاءِ من الناس وَغَيْرِهِم

(2/72)


- * بَابُ من طَلَبَ من أَهْلِ السُّهْمَانِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَأَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم جَلَدًا ظَاهِرًا يُشْبِهُ الِاكْتِسَابَ الذي يُسْتَغْنَى بِهِ وَغَابَ عنه الْعِلْمُ في الْمَالِ وَعَلِمَ أَنْ قد يَكُونُ الْجَلَدُ فَلَا يغنى صَاحِبَهُ مَكْسَبُهُ بِهِ إمَّا لِكَثْرَةِ عِيَالٍ وَإِمَّا لِضَعْفِ حِرْفَةٍ فَأَعْلَمَهُمَا أَنَّهُمَا إنْ ذَكَرَا أَنَّهُمَا لَا غِنَى لَهُمَا بِمَالٍ وَلَا كَسْبٍ أَعْطَاهُمَا فَإِنْ قِيلَ أَيْنَ أَعْلَمَهُمَا قِيلَ حَيْثُ قال لَا حَظَّ فيها لغنى وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن أبيه عن رَيْحَانَ بن يَزِيدَ قال سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بن عَمْرِو بن الْعَاصِ يقول لَا تَصْلُحُ الصَّدَقَةُ لغنى وَلَا لِذِي مِرَّةٍ
أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ إلَّا لِغَازٍ في سَبِيلِ اللَّهِ أو لِعَامِلٍ عليها أو لِغَارِمٍ أو لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ أو لِرَجُلٍ له جَارٌ مِسْكِينٌ فَتَصَدَّقَ على الْمِسْكِينِ فَأَهْدَى الْمِسْكِينُ للغنى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا قُلْنَا يُعْطَى الْغَازِي وَالْعَامِلُ وَإِنْ كَانَا غَنِيَّيْنِ وَالْغَارِمُ في الْحَمَالَةِ على ما أَبَانَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا غارما ( ( ( غارم ) ) ) غَيْرُهُ إلَّا غَارِمًا لَا مَالَ له يقضى منه فَيُعْطَى في غُرْمِهِ وَمَنْ طَلَبَ سَهْمَ بن السَّبِيلِ وَذَكَرَ أَنَّهُ عَاجِزٌ عن الْبَلَدِ الذي يُرِيدُ إلَّا بِالْمَعُونَةِ أعطى على مِثْلِ مَعْنَى ما قُلْت من أَنَّهُ غَيْرُ قَوِيٍّ حتى تُعْلَمَ قُوَّتُهُ بِالْمَالِ وَمَنْ طَلَبَ بِأَنَّهُ يَغْزُو أعطى غَنِيًّا كان أو فَقِيرًا وَمَنْ طَلَبَ بِأَنَّهُ غَارِمٌ أو عَبْدٌ بِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ لم يُعْطَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ على ما ذُكِرَ لِأَنَّ أَصْلَ أَمْرِ الناس أَنَّهُمْ غَيْرُ غَارِمِينَ حتى يُعْلَمَ غُرْمُهُمْ وَالْعَبِيدُ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَاتَبِينَ حتى تُعْلَمَ كِتَابَتُهُمْ وَمَنْ طَلَبَ بِأَنَّهُ من الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ لم يُعْطَ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ ذلك وما وَصَفْته يُسْتَحَقُّ بِهِ أَنْ يُعْطَى من سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ - * بَابٌ عَلِمَ قَاسِمُ الصَّدَقَةِ بعد ما أَعْطَى غير ما عَلِمَ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَعْطَى الْوَالِي الْقَاسِمُ الصَّدَقَةَ من وَصَفْنَا أَنَّ عليه أَنْ يُعْطِيَهُ بِقَوْلِهِ أو بَيِّنَةٍ تَقُومُ له ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ إعْطَائِهِمْ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُسْتَحِقِّينَ لِمَا أَعْطَاهُمْ نَزَعَ ذلك منهم وَأَعْطَاهُ غَيْرَهُمْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّهُ ( قال ) وَإِنْ أَفْلَسُوا بِهِ أو فَاتُوهُ فلم يَقْدِرْ لهم على مَالٍ وَلَا عَيْنٍ فَلَا ضَمَانَ على الْوَالِي لِأَنَّهُ أَمِينٌ لِمَنْ يُعْطِيهِ وَيَأْخُذُ منه لَا لِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ وَإِنْ أَخْطَأَ وَإِنَّمَا كُلِّفَ فيه الظَّاهِرَ مِثْلُ الْحَكَمِ فَلَا يَضْمَنُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَمَتَى ما قَدَرَ على ما فَاتَ من ذلك أو قَدَرَ على غَيْرِهِ أغرمهموه وَأَعْطَاهُ الَّذِينَ اسْتَحَقُّوهُ يوم كان قَسَمَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كَانُوا مَاتُوا دَفَعَهُ إلَى وَرَثَتِهِ إنْ كَانُوا فُقَرَاءَ أو أَغْنِيَاءَ دَفَعَهُ إلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ اسْتَحَقُّوهُ في الْيَوْمِ الذي أَعْطَاهُ غَيْرَهُمْ وَهُمْ يَوْمئِذٍ من أَهْلِهِ وَإِنْ كان المتولى الْقَسْمَ رَبَّ الْمَالِ دُونَ الْوَالِي فَعَلِمَ أَنَّ بَعْضَ من أَعْطَاهُ ليس من أَهْلِ السُّهْمَانِ أماما أَعْطَاهُمْ على مَسْكَنَةٍ وَفَقْرٍ وَغُرْمٍ أو بن سَبِيلٍ فإذا هُمْ مَمَالِيكُ أو لَيْسُوا على الْحَالِ التي أَعْطَاهُمْ لها رَجَعَ عليهم فَأَخَذَهُ منهم فَقَسَمَهُ على أَهْلِهِ فَإِنْ مَاتُوا أو أَفْلَسُوا فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ عليه ضَمَانَهُ وَأَدَاءَهُ إلَى أَهْلِهِ وَمَنْ قال هذا قال على صَاحِبِ الزَّكَاةِ أَنْ يُوفِيَهَا أَهْلَهَا وَلَا يُبْرِئَهُ منها إلَّا أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى أَهْلِهَا كما لَا يُبْرِئُهُ ذلك من شَيْءٍ لَزِمَهُ فَأَمَّا الْوَالِي فَهُوَ أَمِينٌ في أَخْذِهَا وَإِعْطَائِهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُضَمِّنُ صَاحِبُ الصَّدَقَةِ الدَّافِعَ إلَى الْوَالِي وَأَنَّهُ يَبْرَأُ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ الصَّدَقَةَ لِأَنَّهُ أُمِرَ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَغْلَبُ من أُمُورِ الناس أَنَّهُمْ غَيْرُ أَغْنِيَاءَ حتى يُعْرَفَ غِنَاهُمْ وَمَنْ طَلَبَ من جِيرَانِ الصَّدَقَةِ بِاسْمِ فَقْرٍ أو مَسْكَنَةٍ أعطى ما لم يُعْلَمْ منه غَيْرُهُ
أخبرنا سُفْيَانُ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عبد اللَّهِ بن عَدِيِّ بن الْخِيَارِ قال حدثني رَجُلَانِ أَنَّهُمَا أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَسْأَلَانِهِ من الصَّدَقَةِ فَصَعَّدَ فِيهِمَا النَّظَرَ وَصَوَّبَ ثُمَّ قال إنْ شِئْتُمَا وَلَا حَظَّ فيها لغنى وَلَا لقوى مُكْتَسِبٍ

(2/73)


أَنَّهُ لَا ضَمَانَ على صَاحِبِ الصَّدَقَةِ إذَا قَسَمَهَا على الِاجْتِهَادِ كما لَا يَضْمَنُ الْوَالِي ( قال ) وَإِنْ أَعْطَاهَا رَجُلًا على أَنْ يَغْزُوَ أو رَجُلًا على أَنْ يَسِيرَ من بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَأَقَامَا نَزَعَ مِنْهُمَا الذي أَعْطَاهُمَا وَأَعْطَاهُ غَيْرَهُمَا مِمَّنْ يَخْرُجُ إلَى مِثْلِ مَخْرَجِهِمَا - * بَابُ جِمَاعِ تَفْرِيعِ السُّهْمَانِ - * (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَنْبَغِي لِوَالِي الصَّدَقَةِ أَنْ يَبْدَأَ فَيَأْمُرَ بِأَنْ يُكْتَبَ أَهْلُ السُّهْمَانِ وَيُوضَعُونَ مَوَاضِعَهُمْ وَيُحْصَى كُلُّ أَهْلِ صِنْفٍ منهم على حِدَتِهِمْ فَيُحْصَى أَسْمَاءُ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَيُعْرَفُ كَمْ يُخْرِجُهُمْ من الْفَقْرِ أو الْمَسْكَنَةِ إلَى أَدْنَى اسْمِ الغني وَأَسْمَاءُ الْغَارِمِينَ وَمَبْلَغُ غُرْمِ كل وَاحِدٍ منهم وبن السَّبِيلِ وَكَمْ يُبَلِّغُ كُلَّ وَاحِدٍ منهم الْبَلَدَ الذي يُرِيدُ وَالْمُكَاتَبِينَ وَكَمْ يُؤَدِّي كُلُّ وَاحِدٍ منهم حتى يَعْتِقُوا وَأَسْمَاءُ الْغُزَاةِ وَكَمْ يَكْفِيهِمْ على غَايَةِ مَغَازِيهِمْ وَيَعْرِفُ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَالْعَامِلِينَ عليها وما يَسْتَحِقُّونَ بِعَمَلِهِمْ حتى يَكُونُ قَبْضُهُ الصَّدَقَاتِ مع فَرَاغِهِ من مَعْرِفَةِ ما وَصَفْت من مَعْرِفَةِ أَهْلِ السُّهْمَانِ أو بَعْدَهَا ثُمَّ يُجَزِّئُ الصَّدَقَةَ ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ ثُمَّ يُفَرِّقُهَا كما أَصِفُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وقد مَثَّلْت لَك مِثَالًا كان الْمَالُ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ فَلِكُلِّ صِنْفٍ أَلْفٌ لَا يَخْرُجُ عن صِنْفٍ منهم من الْأَلْفِ شَيْءٌ وَفِيهِمْ أَحَدٌ يَسْتَحِقُّهُ فَأَحْصَيْنَا الْفُقَرَاءَ فَوَجَدْنَاهُمْ ثَلَاثَةً وَالْمَسَاكِينَ فَوَجَدْنَاهُمْ مِائَةً وَالْغَارِمِينَ فَوَجَدْنَاهُمْ عَشَرَةً ثُمَّ مَيَّزْنَا الْفُقَرَاءَ فَوَجَدْنَاهُمْ يَخْرُجُ وَاحِدٌ منهم من الْفَقْرِ بِمِائَةٍ وَآخَرُ من الْفَقْرِ بِثَلَثِمِائَةٍ وَآخَرُ من الْفَقْرِ بِسِتِّمِائَةٍ فَأَعْطَيْنَا كُلَّ وَاحِدٍ ما يُخْرِجُهُ من الْفَقْرِ إلَى الْغِنَى وَمَيَّزْنَا الْمَسَاكِينَ هَكَذَا فَوَجَدْنَا الْأَلْفَ يُخْرِجُ الْمِائَةَ من الْمَسْكَنَةِ إلَى الْغِنَى فَأعطَيْناهُمُوها على قَدْرِ مَسْكَنَتِهِمْ كما وَصَفْت في الْفُقَرَاءِ لَا على الْعَدَدِ وَلَا وَقْتَ فِيمَا يُعْطَى الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ إلَى ما يُصَيِّرُهُمْ إلَى أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَقَعُ عليهم اسْمُ أَغْنِيَاءَ لَا غِنَى سَنَةٍ وَلَا وَقْتٍ وَلَكِنْ ما يُعْقَلُ أَنَّهُمْ خَارِجُونَ بِهِ من الْفَقْرِ أو الْمَسْكَنَةِ دَاخِلُونَ في أَوَّلِ مَنَازِلِ الْغِنَى إنْ أَغْنَى أَحَدَهُمْ دِرْهَمٌ مع كَسْبِهِ أو مَالِهِ لم يُزَدْ عليه وَإِنْ لم يُغْنِهِ الْأَلْفُ أُعْطِيَهَا إذَا اتَّسَعَتْ الْأَسْهُمُ فإن رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا حَظَّ فيها لِغَنِيٍّ وَالْغَنِيُّ إذَا كان غَنِيًّا بِالْمَالِ وَلَا لقوى مُكْتَسِبٍ يعنى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَلَا فَقِيرٍ اسْتَغْنَى بِكَسْبِهِ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْغِنَاءَيْنِ وَلَكِنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَرَّقَ الْكَلَامَيْنِ لِافْتِرَاقِ سَبَبِ الْغِنَاءَيْنِ فالغني الْأَوَّلُ الغني بِالْمَالِ الذي لَا يَضُرُّ معه تَرْكُ الْكَسْبِ وَيَزِيدُ فيه الْكَسْبُ وهو الغني الْأَعْظَمُ والغني الثَّانِي الغني بِالْكَسْبِ فَإِنْ قِيلَ قد يَذْهَبُ الْكَسْبُ بِالْمَرَضِ قِيلَ وَيَذْهَبُ الْمَالُ بِالتَّلَفِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَيْهِ بِالْحَالِ التي يَكُونُ فيها الْقَسْمُ لَا في حَالٍ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا لِأَنَّ ما قَبْلَهَا مَاضٍ وما بَعْدَهَا لَا يُعْرَفُ ما هو كَائِنٌ فيه وَإِنَّمَا الْأَحْكَامُ على يَوْمِ يَكُونُ فيه الْقَسْمُ وَالْقَسْمُ يوم يَكُونُ الِاسْتِحْقَاقُ وَوَجَدْنَا الْغَارِمِينَ فَنَظَرْنَا في غُرْمِهِمْ فَوَجَدْنَا الْأَلْفَ تُخْرِجُهُمْ مَعًا من الْغُرْمِ على اخْتِلَافِ ما يُخْرِجُ كُلَّ وَاحِدٍ منهم فَأَعْطَيْنَاهُمْ الْأَلْفَ كُلَّهَا على مِثَالِ ما أَعْطَيْنَا الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ ثُمَّ فَعَلْنَا هذا في الْمُكَاتَبِينَ كما فَعَلْنَاهُ في الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْغَارِمِينَ ثُمَّ نَظَرْنَا في أَبْنَاءِ السَّبِيلِ فَمَيَّزْنَاهُمْ وَنَظَرْنَا الْبُلْدَانَ التي يُرِيدُونَ فَإِنْ كانت بَعِيدَةً أَعْطَيْنَاهُمْ الْحُمْلَانَ وَالنَّفَقَةَ وَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ الْبُدَاءَةَ فَالْبُدَاءَةُ وَحْدَهَا وَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ الْبُدَاءَةَ وَالرَّجْعَةَ فَالْبُدَاءَةُ وَالرَّجْعَةُ وَالنَّفَقَةُ مَبْلَغُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْكِرَاءِ وَإِنْ لم يَكُنْ لهم مَلْبَسٌ فَالْمَلْبَسُ بِأَقَلَّ ما يَكْفِي من كان من أَهْلِ صِنْفٍ من هذا وَأَقْصَدِهِ وَإِنْ كان الْمَكَانُ قَرِيبًا وبن السَّبِيلِ ضَعِيفًا فَهَكَذَا وَإِنْ كان قَرِيبًا وبن السَّبِيلِ قَوِيًّا فَالنَّفَقَةُ دُونَ الْحَمُولَةِ إذَا كان بِلَادًا يَمْشِي مِثْلَهَا مَأْهُولَةً مُتَّصِلَةَ الْمِيَاهِ مَأْمُونَةً فَإِنْ انْتَاطَتْ مِيَاهُهَا أو أَخَافَتْ أو أَوْحَشَتْ أُعْطُو

(2/74)


الْحَمُولَةَ ثُمَّ صُنِعَ بِهِمْ فيها كما وَصَفْت في أَهْلِ السُّهْمَانِ قَبْلَهُمْ يُعْطَوْنَ على الْمُؤْنَةِ لَا على الْعَدَدِ وَيُعْطَى الْغُزَاةُ الْحَمُولَةَ وَالرَّحْلَ وَالسِّلَاحَ وَالنَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ فَإِنْ اتَّسَعَ الْمَالُ زِيدُوا الْخَيْلَ وَإِنْ لم يَتَّسِعْ فَحَمُولَةُ الْأَبْدَانِ بِالْكِرَاءِ وَيُعْطَوْنَ الْحَمُولَةَ بَادِئِينَ وَرَاجِعِينَ وَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ الْمُقَامَ أُعْطُوا الْمُؤْنَةَ بَادِئِينَ وَقُوَّةً على الْمُقَامِ بِقَدْرِ ما يُرِيدُونَ منه على قَدْرَ مَغَازِيهِمْ وَمُؤْنَاتِهِمْ فيها لَا على الْعَدَدِ وما أُعْطُوا من هذا فَفَضْلٌ في أَيْدِيهِمْ لم يُضَيَّقْ عليهم أَنْ يتمولوه ولم يَكُنْ لِلْوَالِي أَخْذُهُ منهم بَعْدَ أَنْ يَغْزُوا وَكَذَلِكَ بن السَّبِيلِ ( قال ) وَلَا يُعْطَى أَحَدٌ من الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ على الْإِسْلَامِ وَلَا إنْ كان مُسْلِمًا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ لَا تَكُونُ الطَّاعَةُ لِلْوَالِي فيها قَائِمَةً وَلَا أَهْلُ الصَّدَقَةِ المولين ( ( ( المولون ) ) ) أَقْوِيَاءَ على اسْتِخْرَاجِهَا إلَّا بِالْمُؤَلَّفَةِ لها وَتَكُونُ بِلَادُ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ مُمْتَنِعَةً بِالْبُعْدِ أو كَثْرَةِ الْأَهْلِ أو مَنْعِهِمْ من الْأَدَاءِ أو يَكُونُ قَوْمٌ لَا يُوثَقُ بِثَبَاتِهِمْ فَيُعْطَوْنَ منها الشَّيْءَ على قَدْرِ ما يَرَى الْإِمَامُ على اجْتِهَادِ الْإِمَامِ لَا يَبْلُغُ اجْتِهَادُهُ في حَالٍ أَنْ يَزِيدَهُمْ على سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ وَيُنْقِصَهُمْ منه إنْ قَدَرَ حتى يَقْوَى بِهِمْ على أَخْذِ الصَّدَقَاتِ من أَهْلِهَا وقد روى أَنَّ عَدِيَّ بن حَاتِمٍ أتى أَبَا بَكْرٍ بِنَحْوِ ثلاثمائة بَعِيرٍ صَدَقَةِ قَوْمِهِ فَأَعْطَاهُ منها ثَلَاثِينَ بَعِيرًا وَأَمَرَهُ بِالْجِهَادِ مع خَالِدٍ فَجَاهَدَ معه بِنَحْوٍ من أَلْفِ رَجُلٍ وَلَعَلَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْطَاهُ من سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ إنْ كان هذا ثَابِتًا فَإِنِّي لَا أَعْرِفُهُ من وَجْهٍ يُثْبِتُهُ أَهْلُ الحديث وهو من حديث من يَنْسُبُ إلَى بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالرِّدَّةِ ( قال ) وَيُعْطَى الْعَامِلُونَ عليها بِقَدْرِ أُجُورِ مِثْلِهِمْ فِيمَا تَكَلَّفُوا من السَّفَرِ وَقَامُوا بِهِ من الْكِفَايَةِ لَا يُزَادُونَ عليه شيئا وَيَنْبَغِي لِلْوَالِي أَنْ يَسْتَأْجِرَهُمْ أُجْرَةً فَإِنْ أَغْفَلَ ذلك أَعْطَاهُمْ أَجْرَ أَمْثَالِهِمْ فَإِنْ تَرَكَ ذلك لم يَسَعْهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا إلَّا قَدْرَ أُجُورِ أَمْثَالِهِمْ وَسَوَاءٌ كان ذلك سَهْمًا من أَسْهُمِ الْعَامِلِينَ أو سَهْمَ الْعَامِلِينَ كُلَّهُ إنَّمَا لهم فيه أُجُورُ أَمْثَالِهِمْ فَإِنْ جَاوَزَ ذلك سَهْمَ الْعَامِلِينَ ولم يُوجَدْ أَحَدٌ من أَهْلِ الْأَمَانَةِ وَالْكِفَايَةِ يَلِي إلَّا بِمُجَاوَزَةِ الْعَامِلِينَ رَأَيْت أَنْ يُعْطِيَهُمْ الْوَالِي سَهْمَ الْعَامِلِينَ تَامًّا وَيَزِيدَهُمْ قَدْرَ أُجُورِ أَمْثَالِهِمْ من سَهْمِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ ولو أَعْطَاهُمْ من السُّهْمَانِ معه حتى يُوفِيَهُمْ أُجُورَ أَمْثَالِهِمْ ما رَأَيْت ذلك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ضَيِّقًا عليه وَلَا على الْعَامِلِ أَنْ يَأْخُذَهُ لِأَنَّهُ إنْ لم يَأْخُذْهُ ضَاعَتْ الصَّدَقَةُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ يَكُونُ بِالْمَوْضِعِ فَيُسْتَأْجَرُ عليه إذَا خِيفَ ضَيْعَتُهُ من يَحْفَظُهُ وَإِنْ أتى ذلك على كَثِيرٍ منه وَقَلَّمَا يَكُونُ أَنْ يَعْجَزَ سَهْمُ الْعَامِلِينَ عن مَبْلَغِ أجره الْعَامِلِ وقد يُوجَدُ من أَهْلِ الصَّدَقَةِ أَمِينٌ يَرْضَى بِسَهْمِ الْعَامِلِ وَأَقَلَّ منه فَيُوَلَّاهُ أَحَبُّ إلى - * بَابُ جِمَاعِ بَيَانِ قَسْمِ السُّهْمَانِ - * (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَجِمَاعُ ما قَسَمْنَا على السُّهْمَانِ على اسْتِحْقَاقِ كل من سمى لَا على الْعَدَدِ وَلَا على أَنْ يُعْطَى كُلُّ صِنْفٍ سَهْمًا وَإِنْ لم يَعْرِفُوهُ بِالْحَاجَةِ إلَيْهِ وَلَا يَمْنَعُهُمْ أَنْ يَسْتَوْفُوا سُهْمَانَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا من غَيْرِهَا إذَا فَضَلَ عن غَيْرِهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل أَعْطَى كُلَّ صِنْفٍ منهم سَهْمًا موقتا فَأَعْطَيْنَاهُ بِالْوَجْهَيْنِ مَعًا فَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ وَالْغَارِمِينَ إذَا أُعْطُوا حتى يَخْرُجُوا من الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ إلَى الْغِنَى وَالْغُرْمِ إلَى أَنْ لَا يَكُونُوا غَارِمِينَ لم يَكُنْ لهم في السُّهْمَانِ شَيْءٌ وَصَارُوا أَغْنِيَاءَ كما لم يَكُنْ لِلْأَغْنِيَاءِ على الِابْتِدَاءِ معهم ( ( ( معها ) ) ) شَيْءٌ وكان الذي يُخْرِجُهُمْ من اسْمِ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ وَالْغُرْمِ يُخْرِجُهُمْ من مَعْنَى أَسْمَائِهِمْ وَهَكَذَا الْمُكَاتَبُونَ وكان بن السَّبِيلِ وَالْغَازِي يُعْطَوْنَ مِمَّا وَصَفْت من كِفَايَتِهِمْ مُؤْنَةَ سَبِيلِهِمْ وَغَزْوِهِمْ وَأُجْرَةَ الْوَالِي الْعَامِلِ على الصَّدَقَةِ ولم يُخْرِجْهُمْ من اسْمِ أَنْ يَكُونُوا بنى سَبِيلٍ وَلَا غُزَاةً وَلَا عَامِلِينَ ما كَانُوا مُسَافِرِينَ وَغُزَاةً وَعُمَّالًا فلم يُعْطَوْا إلَّا بِالْمَعْنَى دُونَ جِمَاعِ الِاسْمِ وَهَكَذَا الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُم

(2/75)


لَا يَزُولُ هذا الِاسْمُ عَنْهُمْ ولو أعطى كُلُّ صِنْفٍ من هَؤُلَاءِ كُلَّ السُّهْمَانِ ( قال ) فَهُمْ يَجْتَمِعُونَ في الْمَعَانِي التي يُعْطَوْنَ بها وَإِنْ تَفَرَّقَتْ بِهِمْ الْأَسْمَاءُ - * بَابُ اتِّسَاعِ السُّهْمَانِ حتى تَفْضُلَ عن بَعْضِ أَهْلِهَا - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فإذا كانت السُّهْمَانُ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ فَكَانَ كُلُّ سَهْمٍ أَلْفًا فَأَحْصَيْنَا الْفُقَرَاءَ فَوَجَدْنَاهُمْ خَمْسَةً يُخْرِجُهُمْ من الْفَقْرِ خَمْسُمِائَةٍ وَوَجَدْنَا الْمَسَاكِينَ عَشَرَةً يُخْرِجُهُمْ من الْمَسْكَنَةِ خَمْسُمِائَةٍ وَوَجَدْنَا الْغَارِمِينَ عَشَرَةً يُخْرِجُهُمْ من الْغُرْمِ خَمْسَةُ آلَافٍ فَسَأَلَ الْغَارِمُونَ أَنْ يُبْدَأَ بِالْقَسْمِ بَيْنَهُمْ فَوْضَى على قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ بِالْحَاجَةِ فَلَيْسَ ذلك لهم وَيُعْطَى كُلُّ صِنْفٍ منهم سَهْمَهُ حتى يستغنى عنه فإذا اسْتَغْنَى عنه رُدَّ على أَهْلِ السُّهْمَانِ معه ولم يَكُنْ أَحَدٌ منهم بِأَحَقَّ بِهِ من جَمِيعِ أَهْلِ السُّهْمَانِ ثُمَّ هَكَذَا يُصْنَعُ في جَمِيعِ أَهْلِ السُّهْمَانِ وفي كل صِنْفٍ منهم سَهْمُهُ وَلَا يَدْخُلُ عليه غَيْرُهُ حتى يستغنى ثُمَّ لَا يَكُونُ أَحَدٌ أَحَقَّ بِالْفَضْلِ عنه من أَهْلِ السُّهْمَانِ من غَيْرِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَ غُرْمُ الْغَارِمِينَ فَكَانَ عِدَّتُهُمْ عَشَرَةً وَغُرْمُ أَحَدِهِمْ مِائَةٌ وَغُرْمُ الْآخَرِ أَلْفٌ وَغُرْمُ الْآخَرِ خَمْسُمِائَةٍ فَسَأَلُوا أَنْ يُعْطَوْا على الْعَدَدِ لم يَكُنْ ذلك لهم وَجُمِعَ غُرْمُ كل وَاحِدٍ منهم فَكَانَ غُرْمُهُمْ عَشَرَةَ الأف وَسَهْمُهُمْ أَلْفًا فَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ منهم عُشْرَ غُرْمِهِ بَالِغًا ما بَلَغَ فَيُعْطَى الذي غُرْمُهُ مِائَةٌ عَشَرَةً وَاَلَّذِي غُرْمُهُ أَلْفٌ مِائَةً وَاَلَّذِي غُرْمُهُ خَمْسُمِائَةٍ خَمْسِينَ فَيَكُونُونَ قد سوى بَيْنَهُمْ على قَدْرِ غُرْمِهِمْ لَا على عَدَدِهِمْ وَلَا يُزَادُ عليه فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ عن أَحَدٍ من أَهْلِ السُّهْمَانِ مَعَهُمْ عِيدَ بِهِ عليهم وَعَلَى غَيْرِهِمْ فأعطى كُلُّ وَاحِدٍ منهم ما يُصِيبُهُ لِعُشْرِ غُرْمِهِ فإذا لم تَكُنْ رِقَابٌ وَلَا مُؤَلَّفَةٌ وَلَا غَارِمُونَ ابْتَدَأَ الْقَسْمَ على خَمْسَةِ أَسْهُمٍ فَفُضَّتْ الثَّمَانِيَةُ أَسْهُمٍ عليهم أَخْمَاسًا وَهَكَذَا كُلُّ صِنْفٍ منهم لَا يُوجَدُ وَكُلُّ صِنْفٍ اسْتَغْنَى عِيدَ بِفَضْلِهِ على من معه من أَهْلِ السُّهْمَانِ وَلَا يُخْرَجُ من الصَّدَقَةِ شَيْءٌ عن بَلَدِهِ الذي أُخِذَتْ بِهِ قَلَّ وَلَا كَثُرَ حتى لَا يَبْقَى وَاحِدٌ من أَهْلِ السُّهْمَانِ إلَّا أعطى حَقَّهُ ولو فُقِدَ أَهْلُ السُّهْمَانِ كلهم إلَّا الْفُقَرَاءَ وَالْعَامِلِينَ قُسِمَتْ الثَّمَانِيَةُ عليهم حتى يُوَفَّى الْفُقَرَاءُ ما يُخْرِجُهُمْ من الْفَقْرِ وَيُعْطَى الْعَامِلُونَ بِقَدْرِ إجْزَائِهِمْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فإذا اتَّسَعَتْ السُّهْمَانُ فَقَدْ مَثَّلْت لها مِثَالًا كانت السُّهْمَانُ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ فَوَجَدْنَا الْفُقَرَاءَ ثَلَاثَةً يُخْرِجُهُمْ من الْفَقْرِ مِائَةٌ وَالْمَسَاكِينَ خَمْسَةً يُخْرِجُهُمْ من الْمَسْكَنَةِ مِائَتَانِ وَالْغَارِمِينَ أَرْبَعَةً يُخْرِجُهُمْ من الْغُرْمِ أَلْفٌ فَيَفْضُلُ عن الْفُقَرَاءِ تِسْعُمِائَةٍ وَعَنْ الْمَسَاكِينِ ثَمَانُمِائَةٍ وَاسْتَغْرَقَ الْغَارِمُونَ سَهْمَهُمْ فَوَقَفْنَا الْأَلْفَ وَسَبْعَمِائَةٍ التي فَضَلَتْ عن الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَضَمَمْنَاهَا إلَى السُّهْمَانِ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ سَهْمِ الْغَارِمِينَ وَسَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ وَسَهْمِ الرِّقَابِ وَسَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ وَسَهْمِ بن السَّبِيلِ ثُمَّ ابْتَدَأْنَا بِالْقَسْمِ بين هَؤُلَاءِ الْبَاقِينَ كَابْتِدَائِنَا لو كَانُوا هُمْ أَهْلُ السُّهْمَانِ ليس لِأَحَدٍ من غَيْرِ أَهْلِ السُّهْمَانِ مَعَهُمْ فَأَعْطَيْنَاهُمْ سُهْمَانَهُمْ وَالْفَضْلُ عَمَّنْ اسْتَغْنَى من أَهْلِ السُّهْمَانِ منهم فإذا اسْتَغْنَى صِنْفٌ منهم بِأَقَلَّ من سَهْمِهِ جُعِلَ في جُمْلَةِ الْأَصْلِ وهو الثُّمُنَ وما رُدَّ عليهم من الْفَضْلِ عن أَهْلِ السُّهْمَانِ وَأَرُدُّ الْفَضْلَ عنه على أَهْلِ السُّهْمَانِ مَعًا كما أَرُدُّ عليه وَعَلَى أَهْلِ السُّهْمَانِ معه الْفَضْلَ عن غَيْرِهِ - * بَابُ اتِّسَاعِ السُّهْمَانِ عن بَعْضٍ وَعَجْزِهَا عن بَعْضٍ - *

(2/76)


- * بَابُ ضِيقِ السُّهْمَانِ عن بَعْضِ أَهْلِهَا دُونَ بَعْضٍ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَيُّ مَالٍ أُخِذَتْ منه الصَّدَقَةُ قُسِمَ الْمَالُ على وَجْهِهِ ولم يُبَدَّلْ بِغَيْرِهِ ولم يُبَعْ فَإِنْ اجْتَمَعَ حَقُّ أَهْلِ السُّهْمَانِ في بَعِيرٍ أو بَقَرَةٍ أو شَاةٍ أو دِينَارٍ أو دِرْهَمٍ أو اجْتَمَعَ فيه اثْنَانِ من أَهْلِ السُّهْمَانِ وَأَكْثَرُ أُعْطَوْهُ واشرك بَيْنَهُمْ فيه كما يُعْطَى الذي وُهِبَ لهم وأوصى لهم بِهِ وَأُقِرَّ لهم بِهِ وَاشْتَرَوْهُ بِأَمْوَالِهِمْ وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَحَقَّ أَحَدُهُمْ عُشْرَهُ وَآخَرُ نِصْفَهُ وَآخَرُ ما بقى منه أُعْطُوهُ على قَدْرِ ما اسْتَحَقُّوا منه وَهَكَذَا يُصْنَعُ في جَمِيعِ أَصْنَافِ الصَّدَقَاتِ لَا يُخْتَلَفُ فيه في الْمَاشِيَةِ كُلِّهَا وَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ حتى يُشْرَكَ بين النَّفَرِ في الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ ولا يُبَاعُ عليهم بِغَيْرِهِ وَلَا تُبَاعُ الدَّنَانِيرُ بِدَرَاهِمَ وَلَا الدَّرَاهِمُ بِفُلُوسٍ وَلَا بِحِنْطَةٍ ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ وَأَمَّا التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وما أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ فإنه يُكَالُ لِكُلٍّ حَقُّهُ - * بَابُ جِمَاعِ قَسْمِ الْمَالِ من الْوَالِي وَرَبِّ الْمَالِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَجَمِيعُ ما أُخِذَ من مُسْلِمٍ من صَدَقَةِ فِطْرٍ وَخُمُسِ رِكَازٍ وَزَكَاةِ مَعْدِنٍ وَصَدَقَةِ مَاشِيَةٍ وَزَكَاةِ مَالٍ وَعُشْرِ زَرْعٍ وَأَيِّ أَصْنَافِ الصَّدَقَاتِ أُخِذَ من مُسْلِمٍ فَقَسْمُهُ وَاحِدٌ على الْآيَةِ التي في بَرَاءَةٌ { إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ } الْآيَةَ لَا يَخْتَلِفُ وَسَوَاءٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ على ما وَصَفْت فإذا قَسَمَهُ الْوَالِي فَفِيهِ سَهْمُ الْعَامِلِينَ منه سَاقِطٌ لِأَنَّهُ لَا عَامِلَ عليه يَأْخُذُهُ فَيَكُونُ له أَجْرُهُ فيه وَالْعَامِلُونَ فيه عَدَمٌ فَإِنْ قال رَبُّ الْمَالِ فَأَنَا إلى أَخْذُهُ من نَفْسِي وَجَمْعُهُ وَقَسْمُهُ فَآخُذُ أَجْرَ مِثْلِي قِيلَ إنَّهُ لَا يُقَالُ لَك عَامِلُ نَفْسِك وَلَا يَجُوزُ لَك إذَا كانت الزَّكَاةُ فَرْضًا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ولو كانت السُّهْمَانُ ثَمَانِيَةً وَأَهْلُ السُّهْمَانِ وَافِرُونَ فَجَمَعْنَا الْفُقَرَاءَ فَوَجَدْنَاهُمْ وَوَجَدْنَا الْمَسَاكِينَ مِائَةً يُخْرِجُهُمْ من الْمَسْكَنَةِ أَلْفٌ وَالْغَارِمِينَ فَوَجَدْنَاهُمْ ثَلَاثَةً يُخْرِجُهُمْ من الْغُرْمِ أَلْفٌ فَسَأَلَ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ أَنْ يُجْعَلَ الْمَالُ كُلُّهُ بَيْنَهُمْ فَوْضَى على قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ منه لم يَكُنْ ذلك لهم وأعطى كُلُّ صِنْفٍ منهم كَامِلًا وَقُسِمَ بين أَهْلِ كل صِنْفٍ على قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ فَإِنْ أَغْنَاهُمْ فَذَاكَ وَإِنْ لم يُغْنِهِمْ لم يُعْطَوْا شيئا إلَّا ما فَضَلَ عن غَيْرِهِمْ من أَهْلِ السُّهْمَانِ وَإِنْ لم يَفْضُلْ عن غَيْرِهِمْ شَيْءٌ لم يُزَادُوا على سَهْمِهِمْ ولو كانت الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَضَاقَتْ السُّهْمَانُ عَنْهُمْ كُلِّهِمْ فلم يَكُنْ منهم صِنْفٌ يستغنى بِسَهْمِهِ أو في كل صِنْفٍ منهم سَهْمُهُ لم يُزَدْ عليه لِأَنَّهُ ليس في الْمَالِ فَضْلٌ يُعَادُ بِهِ عليه ولو كان أَهْلُ صِنْفٍ منهم مُتَمَاسِكِينَ لو تُرِكُوا ولم يُعْطَوْا في عِلْمِهِمْ ذلك لَمَا شَكَوْا وَأَهْلُ كل صِنْفٍ منهم يُخَافَ هَلَاكُهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ وَشِدَّةِ حَاجَتِهِمْ وَضِيقِ سَهْمِهِمْ لم يَكُنْ لِلْوَالِي أَنْ يَزِيدَهُمْ على سَهْمِهِمْ من سَهْمِ غَيْرِهِمْ حتى يستغنى غَيْرُهُمْ ثُمَّ يَرُدَّ فَضْلًا إنْ كان عليهم مع غَيْرِهِمْ ولم يَجْعَلْهُمْ أَوْلَى بِالْفَضْلِ من غَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانُوا أَشَدَّ حَاجَةً كما لَا يَجْعَلُ ما قَسَمَ لِقَوْمٍ على قَوْمٍ بِمَعْنًى لِغَيْرِهِمْ لِشِدَّةِ حَاجَةٍ وَلَا عِلَّةٍ وَلَكِنْ يُوفَى كُلٌّ ما جُعِلَ له وَهَكَذَا يَصْنَعُ بِجَمِيعِ السُّهْمَانِ ولو أَجْدَبَ أَهْلُ بَلَدٍ وَهَلَكَتْ مَوَاشِيهِمْ حتى يُخَافَ تَلَفُهُمْ وَأَهْلُ بَلَدٍ آخَرَ مُخْصَبُونَ لَا يُخَافُ عليهم لم يَجُزْ نَقْلُ صَدَقَاتِهِمْ عن جِيرَتِهِمْ حتى يَسْتَغْنُوا فَلَا يُنْقَلُ شَيْءٌ جُعِلَ لِقَوْمٍ إلَى غَيْرِهِمْ أَحْوَجَ منهم لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تُحِقُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ غَيْرِهِ - * بَابُ قَسْمِ الْمَالِ على ما يُوجَدُ - *

(2/77)


عَلَيْك أَنْ يَعُودَ إلَيْك منها شَيْءٌ فَإِنْ أَدَّيْت ما كان عَلَيْك أَنْ تُؤَدِّيَهُ وَإِلَّا كُنْت عَاصِيًا لو مَنَعْته فَإِنْ قال فَإِنْ وَلَّيْتهَا غَيْرِي قِيلَ إذَا كُنْت لَا تَكُونُ عَامِلًا على غَيْرِك لم يَكُنْ غَيْرُك عَامِلًا إذَا اسْتَعْمَلْته أنت وَلَا يَكُونُ وَكِيلُك فيها إلَّا في مَعْنَاك أو أَقَلَّ لِأَنَّ عَلَيْك تَفْرِيقُهَا فإذا تَحَقَّقَ مِنْك فَلَيْسَ لَك الِانْتِقَاصُ منها لَمَّا تَحَقَّقْت بِقِيَامِهِ بها ( قال ) وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ من الناس يُوَلِّي زَكَاةَ مَالِهِ غَيْرَهُ لِأَنَّ الْمُحَاسِبَ بها الْمَسْئُولَ عنها هو فَهُوَ أَوْلَى بِالِاجْتِهَادِ في وَضْعِهَا مَوَاضِعَهَا من غَيْرِهِ وَأَنَّهُ على يَقِينٍ من فِعْلِ نَفْسِهِ في أَدَائِهَا وفي شَكٍّ من فِعْلِ غَيْرِهِ لَا يَدْرِي أَدَّاهَا عنه أو لم يُؤَدِّهَا فَإِنْ قال أَخَافُ حِبَائِي فَهُوَ يَخَافُ من غَيْرِهِ مِثْلَ ما يَخَافُ من نَفْسِهِ وَيَسْتَيْقِنُ فِعْلَ نَفْسِهِ في الْأَدَاءِ وَيَشُكُّ في فِعْلِ غَيْرِهِ - * بَابُ فَضْلِ السُّهْمَانِ عن جَمَاعَةِ أَهْلِهَا - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَنْبَغِي لِلْوَالِي أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّدَقَةَ عن مَحِلِّهَا عَامًا وَاحِدًا فَإِنْ أَخَّرَهَا لم يَنْبَغِ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُؤَخِّرَ فَإِنْ فَعَلَا مَعًا قَسَمَاهَا مَعًا في سَاعَةِ يُمْكِنُهُمَا قَسْمُهَا لَا يُؤَخِّرَانِهَا بِحَالٍ فَإِنْ كان قَوْمٌ في الْعَامِ الْمَاضِي من أَهْلِهَا وَهُمْ الْعَامَ من أَهْلِهَا وكان بِقَوْمٍ حَاجَةٌ في عَامِهِمْ هذا وَكَانُوا من أَهْلِهَا ولم يَكُونُوا في الْعَامِ الْمَاضِي أعطى الَّذِينَ كَانُوا في الْعَامِ الْمَاضِي من أَهْلِهَا صَدَقَةَ الْعَامِ الْمَاضِي فَإِنْ اسْتَغْنَوْا بِهِ لم يُعْطَوْا منه في هذا الْعَامِ شيئا وَكَذَلِكَ لو أُخِذَتْ الصَّدَقَةُ وَرَجُلٌ من أَهْلِهَا فلم تُقْسَمْ حتى أَيْسَرَ لم يُعْطَ منها شيئا وَلَا يُعْطَى منها حتى يَكُونَ من أَهْلِهَا يوم تُقْسَمُ وَإِنْ لم يَسْتَغْنُوا بِصَدَقَةِ الْعَامِ الْمَاضِي كَانُوا شُرَكَاءَ في صَدَقَةِ عَامِهِمْ هذا مع الَّذِينَ اسْتَحَقُّوا في عَامِهِمْ هذا بِأَنْ يَكُونُوا من أَهْلِهَا وَلَا يَدْفَعُهُمْ عن الصَّدَقَةِ الْعَامُ وَهُمْ من أَهْلِهَا بِأَنْ يَكُونُوا اسْتَوْجَبُوهَا في الْعَامِ الْمَاضِي قَبْلَهُ على قَوْمٍ لم يَكُونُوا من أَهْلِهَا وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهَا في الْعَامَيْنِ مَعًا الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ وَالْغَارِمُونَ وَالرِّقَابُ فَأَمَّا من سِوَاهُمْ من أَهْلِ السُّهْمَانِ فَلَا يُؤْتَى لِعَامِ أَوَّلٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَامِلِينَ إنَّمَا يُعْطَوْنَ على الْعَمَلِ فَهُمْ لم يَعْمَلُوا عَامَ أَوَّلٍ وَأَنَّ بن السَّبِيلِ وَالْغُزَاةَ إنَّمَا يُعْطَوْنَ على الشُّخُوصِ وَهُمْ لم يَشْخَصُوا عَامَ أَوَّلٍ أو شَخَصُوا فَاسْتَغْنَوْا عنها وَأَنَّ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ لَا يُعْطَوْنَ إلَّا بِالتَّأْلِيفِ في قَوْمِهِمْ لِلْعَوْنِ على أَخْذِهَا وَهِيَ في عَامِ أَوَّلٍ لم تُؤْخَذْ فَيُعِينُونَ عليها - * بَابُ جِيرَانِ الصَّدَقَةِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ كانت الْعَرَبُ أَهْلَ الصَّدَقَاتِ وَكَانَتْ تُجَاوِرُ بِالْقَرَابَةِ لِيَمْتَنِعَ بَعْضُهَا على بَعْضٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ ويعطى الْوُلَاةُ جَمِيعَ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ الثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ وَالْمَعَادِنِ وَالْمَاشِيَةِ فَإِنْ لم يَأْتِ الْوُلَاةُ بَعْدَ حُلُولِهَا لم يَسَعْ أَهْلَهَا إلَّا قَسْمُهَا فَإِنْ جاء الْوُلَاةُ بَعْدَ قَسْمِ أَهْلِهَا لم يَأْخُذُوهَا منهم ثَانِيَةً فَإِنْ ارْتَابُوا بِأَحَدٍ وَخَافُوا دَعْوَاهُ الْبَاطِلَ في قَسْمِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحَلِّفُوهُ بِاَللَّهِ لقد قَسَمَهَا كَامِلَةً في أَهْلِهَا وَإِنْ أَعْطَوْهُمْ زَكَاةَ التِّجَارَاتِ أَجْزَأَهُمْ ذلك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ قَسَمُوهَا دُونَهُمْ فَلَا بَأْسَ وَهَكَذَا زَكَاةُ الْفِطْرِ وَالرِّكَازِ - * بَابُ تَدَارُكِ الصَّدَقَتَيْنِ - *

(2/78)


لِمَنْ أَرَادَهَا فلما أَمَرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ تُؤْخَذَ الصَّدَقَةُ من أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدَّ على فُقَرَائِهِمْ كان بَيْنَا في أَمْرِهِ أنها تُرَدُّ على الْفُقَرَاءِ الْجِيرَانِ لِلْمَأْخُوذَةِ منه الصَّدَقَةُ وَكَانَتْ الْأَخْبَارُ بِذَلِكَ مُتَظَاهِرَةً على رُسُلِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى الصَّدَقَاتِ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَأْخُذُهَا من أَهْلِ هذا الْبَيْتِ وَيَدْفَعُهَا إلَى أَهْلِ هذا الْبَيْتِ بِجَنْبِهِمْ إذَا كَانُوا من أَهْلِهَا وَكَذَلِكَ قَضَى مُعَاذِ بن جَبَلٍ حين بَعَثَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ أَيُّمَا رَجُلٍ انْتَقَلَ عن مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ إلَى غَيْرِ مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ فَصَدَقَتُهُ وَعُشْرُهُ إلَى مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ يعنى إلَى جَارِ الْمَالِ الذي تُؤْخَذُ منه الصَّدَقَةُ دُونَ جَارِ رَبِّ الْمَالِ فَبِهَذَا نَقُولُ إذَا كان لِلرَّجُلِ مَالٌ بِبَلَدٍ وكان سَاكِنًا بِبَلَدٍ غَيْرِهِ قُسِّطَتْ صَدَقَتُهُ على أَهْلِ الْبَلَدِ الذي بِهِ مَالُهُ الذي فيه الصَّدَقَةُ كَانُوا أَهْلَ قَرَابَةٍ له أو غير قَرَابَةٍ وَأَمَّا أَهْلُ الزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ التي فيها الصَّدَقَةُ فَأَمْرُهُمْ بَيِّنٌ يُقْسَمُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرَةُ على جِيرَانِهَا فَإِنْ لم يَكُنْ لها جِيرَانٌ فَأَقْرَبَ الناس بها جِوَارًا لِأَنَّهُمْ أَوْلَى الناس بِاسْمِ جِوَارِهَا وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْمَوَاشِي الْخِصْبَةِ وَالْأَوَارِكِ وَالْإِبِلِ التي لَا يُنْتَجَعُ بها فَأَمَّا أَهْلُ النُّجَعِ الَّذِينَ يَتَتَبَّعُونَ مَوَاقِعَ الْقَطْرِ فَإِنْ كانت لهم دِيَارٌ بها مِيَاهُهُمْ وَأَكْثَرُ مُقَامِهِمْ لَا يُؤَثِّرُونَ عليها إذَا أَخْصَبَتْ شيئا فَأَهْلُ تِلْكَ الدَّارِ من الْمَسَاكِينِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُمْ أَنْ تَكُونَ الْأَغْلَبَ عليهم أَوْلَى كما كان جِيرَانُ أَهْلِ الْأَمْوَالِ الْمُقِيمِينَ أَوْلَى بها فَإِنْ كان فِيهِمْ من يَنْتَجِعُ بِنُجْعَتِهِمْ كان أَقْرَبَ جِوَارًا مِمَّنْ يُقِيمُ في دِيَارِهِمْ إلَى أَنْ يَقْدَمَ عليهم وَتُقْسَمُ الصَّدَقَةُ على النَّاجِعَةِ الْمُقِيمَةِ بِنُجْعَتِهِمْ وَمُقَامِهِمْ دُونَ من انْتَجَعَ مَعَهُمْ من غَيْرِ أَهْلِ دَارِهِمْ وَدُونَ من انْتَجَعُوا إلَيْهِ في دَارِهِ أو لَقِيَهُمْ في النُّجْعَةِ مِمَّنْ لَا يُجَاوِرُهُمْ وإذا تَخَلَّفَ عَنْهُمْ أَهْلُ دَارِهِمْ ولم يَكُنْ مَعَهُمْ مُنْتَجِعٌ من أَهْلِهَا يَسْتَحِقُّ السُّهْمَانَ جُعِلَتْ السُّهْمَانُ في أَهْلِ دَارِهِمْ دُونَ من انْتَجَعُوا إلَيْهِ وَلَقِيَهُمْ في النُّجْعَةِ من أَهْلِهَا ولو انْتَقَلُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَصَدَقَاتِهِمْ بِجِيرَانِ أَمْوَالِهِمْ التي فَرُّوا بها وَإِنْ بَعُدَتْ نُجْعَتُهُمْ حتى لَا يَعُودُوا إلَى بِلَادِهِمْ إلَّا فِيمَا تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ قُسِمَتْ الصَّدَقَةُ على جِيرَانِ أَمْوَالِهِمْ ولم تُحْمَلْ إلَى أَهْلِ دَارِهِمْ إذَا صَارُوا منهم سَفَرًا تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ - * بَابُ فَضْلِ السُّهْمَانِ على أَهْلِ الصَّدَقَةِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْبَغِي لِوَالِي الصَّدَقَةِ أَنْ يَسِمَ كُلَّ ما يَأْخُذُ منها من إبِلٍ أو بَقَرٍ أو غَنَمٍ يَسِمُ الْإِبِلَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وإذا لم يَبْقَ من أَهْلِ الصَّدَقَةِ إلَّا صِنْفٌ وَاحِدٌ قُسِمَتْ الصَّدَقَةُ كُلُّهَا في ذلك الصِّنْفِ حتى يَسْتَغْنُوا فإذا فَضَلَ فَضْلٌ عن إغْنَائِهِمْ نُقِلَتْ إلَى أَقْرَبِ الناس بِهِمْ دَارًا ( قال ) وإذا اسْتَوَى في الْقُرْبِ أَهْلُ نَسَبِهِمْ وَعِدًى قُسِمَتْ على أَهْلِ نَسَبِهِمْ دُونَ الْعِدَى وَإِنْ كان الْعِدَى أَقْرَبَ الناس بِهِمْ دَارًا وكان أَهْلُ نَسَبِهِمْ منهم على سَفَرٍ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فيه قُسِمَتْ الصَّدَقَةُ على الْعِدَى إذَا كان دُونَ ما تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِاسْمِ حَضْرَتِهِمْ وَمَنْ كان أَوْلَى بِاسْمِ حَضْرَتِهِمْ كان أَوْلَى بِجِوَارِهِمْ وَإِنْ كان أَهْلُ نَسَبِهِمْ دُونَ ما تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ وَالْعِدَى أَقْرَبَ منهم قُسِمَتْ على أَهْلِ نَسَبِهِمْ لِأَنَّهُمْ بِالْبَادِيَةِ غَيْرُ خَارِجِينَ من اسْمِ الْجِوَارِ وَلِذَلِكَ هُمْ في الْمُتْعَةِ حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ - * بَابُ مِيسَمِ الصَّدَقَةِ - *

(2/79)


وَالْبَقَرَ في أَفْخَاذِهَا وَالْغَنَمَ في أُصُولِ آذَانِهَا وَيَجْعَلُ مِيسَمَ الصَّدَقَةَ مَكْتُوبًا لِلَّهِ وَيَجْعَلُ مِيسَمَ الْغَنَمِ أَلْطَفَ من مِيسَمِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَإِنَّمَا قُلْت يَنْبَغِي له لِمَا بَلَغَنَا أَنَّ عُمَّالَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَانُوا يَسِمُونَ وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا أَنَّ عُمَّالَ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه كَانُوا يَسِمُونَ
أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن أبيه أَنَّهُ قال لِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ إنَّ في الظَّهْرِ نَاقَةً عَمْيَاءَ فقال عُمَرُ نَدْفَعُهَا إلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَنْتَفِعُونَ بها قال فَقُلْت وَهِيَ عَمْيَاءُ فقال يَقْطُرُونَهَا بِالْإِبِلِ قُلْت فَكَيْفَ تَأْكُلُ من الْأَرْضِ فقال عُمَرُ أَمِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ أَمْ من نَعَمِ الصَّدَقَةِ فَقُلْت لَا بَلْ من نَعَمِ الْجِزْيَةِ فقال عُمَرُ أَرَدْتُمْ وَاَللَّهِ أَكْلَهَا فَقُلْت إنَّ عليها وَسْمَ الْجِزْيَةِ قال فَأَمَرَ بها عُمَرُ فأتى بها فَنُحِرَتْ وَكَانَتْ عِنْدَهُ صِحَافٌ تِسْعٌ فَلَا تَكُونُ فاكهه وَلَا طُرْفَةٌ إلَّا جَعَلَ منها في تِلْكَ الصِّحَافِ فَبَعَثَ بها إلَى أَزْوَاجِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَيَكُونُ الذي يَبْعَثُ بِهِ إلَى حَفْصَةَ من آخِرِ ذلك فَإِنْ كان فيه نُقْصَانٌ كان في حَظِّ حَفْصَةَ قال فَجَعَلَ في تِلْكَ الصِّحَافِ من لَحْمِ تِلْكَ الْجَزُورِ فَبَعَثَ بها إلَى أَزْوَاجِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَمَرَ بِمَا بقى من اللَّحْمِ فَصُنِعَ فَدَعَا الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا تَوَلَّى الرَّجُلُ قَسْمَ الصَّدَقَةِ قَسَمَهَا على سِتَّةِ أَسْهُمٍ أَسْقَطَ منها سَهْمَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ إلَّا أَنْ يَجِدَهُمْ في الْحَالِ التي وَصَفْت يَشْخَصُونَ لِمَعُونَةٍ على أَخْذِ الصَّدَقَةِ فَيُعْطِيهِمْ وَلَا سَهْمَ لِلْعَامِلِينَ فيها وَأُحِبُّ له ما أَمَرْت بِهِ الْوَالِيَ من تَفْرِيقِهَا في أَهْلِ السُّهْمَانِ من أَهْلِ مِصْرِهِ كُلِّهِمْ ما كَانُوا مَوْجُودِينَ فَإِنْ لم يُوجَدْ من صِنْفٍ منهم إلَّا وَاحِدٌ أَعْطَاهُ سَهْمَ ذلك الصِّنْفِ كُلَّهُ إنْ اسْتَحَقَّهُ وَذَلِكَ أنى إنْ لم أُعْطِهِ إيَّاهُ فَإِنَّمَا أُخْرِجُهُ إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ له معه قَسْمٌ فلم أُجِزْ أَنْ أُخْرِجَ عن صِنْفٍ سَمَّوْا شيئا وَمِنْهُمْ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ ( قال ) وَإِنْ وُجِدَ من كل صِنْفٍ منهم جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ وَضَاقَتْ زَكَاتُهُ أَحْبَبْت أَنْ يُفَرِّقَهَا في عَامَّتِهِمْ بَالِغَةً ما بَلَغَتْ فَإِنْ لم يَفْعَلْ فَأَقَلُّ ما يَكْفِيهِ أَنْ يعطى منهم ثَلَاثَةً لِأَنَّ أَقَلَّ جِمَاعِ أَهْلِ سَهْمٍ ثَلَاثَةٌ إنَّمَا ذَكَرَهُمْ اللَّهُ عز وجل بِجِمَاعِ فُقَرَاءَ وَمَسَاكِينَ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ من مَعَهُمْ فَإِنْ قَسَمَهُ على اثْنَيْنِ وهو يَجِدُ ثَالِثًا ضَمِنَ ثُلُثَ السَّهْمِ وَإِنْ أَعْطَاهُ وَاحِدًا ضَمِنَ ثُلُثَيْ السَّهْمِ لِأَنَّهُ لو تَرَكَ أَهْلَ صِنْفٍ وَهُمْ مَوْجُودُونَ ضَمِنَ سَهْمَهُمْ وَهَكَذَا هذا من أَهْلِ كل صِنْفٍ فَإِنْ أَخْرَجَهُ من بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ غَيْرِهِ كَرِهْت ذلك له ولم يَبِنْ لي أَنْ أَجْعَلَ عليه الْإِعَادَةَ من قِبَلِ أَنَّهُ قد أَعْطَاهُ أَهْلَهُ بِالِاسْمِ وَإِنْ تَرَكَ مَوْضِعَ الْجِوَارِ وَإِنْ كانت له قَرَابَةٌ من أَهْلِ السُّهْمَانِ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ عليه أَعْطَاهُ منها وكان أَحَقَّ بها من الْبَعِيدِ منه وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ من قَرَابَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا يَعْلَمُ من غَيْرِهِمْ وَكَذَلِكَ خَاصَّتُهُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ من قَرَابَتِهِ ما عَدَا أَوْلَادَهُ وَوَالِدَيْهِ وَلَا يعطى وَلَدَ الْوَلَدِ صَغِيرًا وَلَا كَبِيرًا وَلَا زَمِنًا وَلَا أَبًا وَلَا أُمًّا وَلَا جَدًّا وَلَا جَدَّةً زَمْنَى ( قال الرَّبِيعُ ) لَا يعطى الرَّجُلُ من زَكَاةِ مَالِهِ لَا أَبًا وَلَا أُمًّا وَلَا ابْنًا وَلَا جَدًّا وَلَا جَدَّةً وَلَا أَعْلَى منهم إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ من قِبَلِ أَنَّ نَفَقَتَهُمْ تَلْزَمُهُ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ بِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا غير زَمْنَى لَا يُغْنِيهِمْ كَسْبُهُمْ فَهُمْ في حَدِّ الْفَقْرِ لَا يُعْطِيهِمْ من زَكَاتِهِ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ وَإِنْ كَانُوا غير زَمْنَى مُسْتَغْنِينَ بِحِرْفَتِهِمْ لم تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُمْ وَكَانُوا في حَدِّ الْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذُوا من زَكَاةِ الْمَالِ وَلَا يَجُوزُ له وَلَا لِغَيْرِهِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ من زَكَاةِ مَالِهِ شيئا وَهَذَا عِنْدِي أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يعطى زَوْجَتَهُ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا تَلْزَمُهُ وَإِنَّمَا قُلْت لَا يُعْطِي من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ لِأَنَّهُمْ أَغْنِيَاءُ بِهِ في نَفَقَاتِهِمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت امْرَأَتُهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فلم تَزَلْ السُّعَاةُ يَبْلُغُنِي عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَسِمُونَ كما وَصَفْت وَلَا أَعْلَمُ في الْمِيسَمِ عِلَّةً إلَّا أَنْ يَكُونَ ما أُخِذَ من الصَّدَقَةِ مَعْلُومًا فَلَا يَشْتَرِيهِ الذي أَعْطَاهُ لِأَنَّهُ شَيْءٌ خَرَجَ منه لِلَّهِ عز وجل كما أَمَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عُمَرَ بن الْخَطَّابِ في فَرَسٍ حُمِلَ عليه في سَبِيلِ اللَّهِ فَرَآهُ يُبَاعُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ وَكَمَا تَرَكَ الْمُهَاجِرُونَ نُزُولَ مَنَازِلِهِمْ بِمَكَّةَ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوهَا لِلَّهِ عز وجل - * بَابُ الْعَلَّةِ في الْقَسْمِ - *

(2/80)


أو بن له بَلَغَ فَادَّانَ ثُمَّ زَمِنَ وَاحْتَاجَ أو أَبٌ له دائن ( ( ( دائنا ) ) ) أَعْطَاهُمْ من سَهْمِ الْغَارِمِينَ وَكَذَلِكَ من سَهْمِ بن السَّبِيلِ وَيُعْطِيهِمْ بِمَا عَدَا الْفَقْرَ وَالْمَسْكَنَةَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ عَنْهُمْ وَلَا حَمْلُهُمْ إلَى بَلَدٍ أَرَادُوهُ فَلَا يَكُونُونَ أَغْنِيَاءَ عن هذا كما كَانُوا أَغْنِيَاءَ عن الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ بِإِنْفَاقِهِ عليهم ( قال ) ويعطى أَبَاهُ وَجَدَّهُ وَأُمَّهُ وَجَدَّتَهُ وَوَلَدَهُ بَالِغِينَ غير زَمْنَى من صَدَقَتِهِ إذَا أَرَادُوا سَفَرًا لِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ في حَالَاتِهِمْ تِلْكَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَتَصَدَّقَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ على بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ بِأَمْوَالِهِمَا وَذَلِكَ أَنَّ هذا تَطَوُّعٌ وَقَبِلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْهَدِيَّةَ من صَدَقَةٍ تُصُدِّقَ بها على بَرِيرَةَ وَذَلِكَ أنها من بَرِيرَةَ تَطَوُّعٌ لَا صَدَقَةٌ ( قال ) وإذا تَوَلَّى الْعَامِلُ قَسْمَ الصَّدَقَاتِ قَسَمَهَا على ما وَصَفْت وكان الْأَمْرُ فيها عليه وَاسِعًا لِأَنَّهُ يَجْمَعُ صَدَقَاتٍ عَامَّةً فَتَكْثُرُ فَلَا يَحِلُّ له أَنْ يُؤْثِرَ فيها أَحَدًا على أَحَدٍ عَلِمَ مَكَانَهُ فَإِنْ فَعَلَ على غَيْرِ الِاجْتِهَادِ خَشِيت عليه الْمَأْثَمَ ولم يَبِنْ لي أَنَّ أُضَمِّنَهُ إذَا أَعْطَاهَا أَهْلَهَا وَكَذَلِكَ لو نَقَلَهَا من بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فيه أَهْلُ الْأَصْنَافِ لم يَتَبَيَّنْ لي أَنْ أُضَمِّنَهُ في الْحَالَيْنِ ( قال ) وَلَوْ ضَمَّنَهُ رَجُلٌ كان مَذْهَبًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( قال ) فَأَمَّا لو تَرَكَ الْعَامِلُ أَهْلَ صِنْفٍ مَوْجُودِينَ حَيْثُ يَقْسِمُهَا وهو يَعْرِفُهُمْ وَأَعْطَى حَظَّهُمْ غَيْرَهُمْ ضَمِنَ لِأَنَّ سَهْمَ هَؤُلَاءِ بَيِّنٌ في كِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلَيْسَ أَنْ يَعُمَّهُمْ ببين ( ( ( بينا ) ) ) في النَّصِّ وَكَذَلِكَ إذَا قَسَمَهَا الْوَالِي لها فَتَرَكَ أَهْلَ سَهْمٍ مَوْجُودِينَ ضَمِنَ لِمَا وَصَفْت + ( قال الشَّافِعِيُّ ) الْفَقِيرُ الذي لَا حِرْفَةَ له وَلَا مَالَ وَالْمِسْكِينُ الذي له الشَّيْءُ وَلَا يَقُومُ بِهِ - * بَابُ الْعِلَّةِ في اجْتِمَاعِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا كانت الصَّدَقَةُ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ وَأَهْلُ السُّهْمَانِ مَوْجُودِينَ فَكَانَ فِيهِمْ فَقِيرٌ وَاحِدٌ يَسْتَغْرِقُ سَهْمَهُ وَمِسْكِينٌ وَاحِدٌ يَسْتَغْرِقُ سَهْمَهُ وَغَارِمُونَ مِائَةٌ يَعْجَزُ السَّهْمُ كُلُّهُ عن وَاحِدٍ منهم فَسَأَلَ الْغَارِمُونَ أَنْ يُعْطَى الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ ثُلُثَ سَهْمٍ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ وَأَقَلُّ ما يجزئ عليه أَنْ يُعْطَى إذَا وُجِدُوا ثَلَاثَةٌ قِيلَ ليس ذلك لَكُمْ لِأَنَّكُمْ لَا تَسْتَحِقُّونَ من سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ شيئا أَبَدًا ما كان منهم مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَالسَّهْمُ مَجْمُوعٌ مُقْتَصَرٌ بِهِ عليهم ما احْتَاجَ إلَيْهِ أَحَدٌ منهم فإذا فَضَلَ منه فَضْلٌ كُنْتُمْ وَغَيْرُكُمْ من أَهْلِ السُّهْمَانِ فيه سَوَاءٌ وَأَنْتُمْ لَا تَسْتَحِقُّونَ إلَّا بِمَا يَسْتَحِقُّ بِهِ وَاحِدٌ منهم وَكَذَلِكَ هذا في جَمِيعِ أَهْلِ السُّهْمَانِ وإذا كان فِيهِمْ غَارِمُونَ لَا أَمْوَالَ لهم عليهم دُيُونٌ فَأُعْطُوا مَبْلَغَ غُرْمِهِمْ أو أَقَلَّ منه فَقَالُوا نَحْنُ فُقَرَاءُ غَارِمُونَ فَقَدْ أُعْطِينَا بِالْغُرْمِ وَأَنْتُمْ تَرَوْنَا أَهْلَ فَقْرٍ قِيلَ لهم إنَّمَا نُعْطِيكُمْ بِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ ولو كان هذا على الأبتداء فقال أنا فَقِيرٌ غَارِمٌ قِيلَ له اخْتَرْ بِأَيِّ الْمَعْنَيَيْنِ شِئْت أَعْطَيْنَاك فَإِنْ شِئْت بِمَعْنَى الْفَقْرِ وَإِنْ شِئْت بِمَعْنَى الْغُرْمِ فَأَيَّهُمَا اخْتَارَ وهو أَكْثَرُ له أَعْطَيْنَاهُ وَإِنْ اخْتَارَ الذي هو أَقَلُّ لِعَطَائِهِ أَعْطَيْنَاهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ويعطى رِجَالَهُمْ أَغْنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ إذَا غَزَوْا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانُوا من غَيْرِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّهُ عليه وسلم ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَمَّا آلُ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ جُعِلَ لهم الْخُمُسُ عِوَضًا من الصَّدَقَةِ فَلَا يُعْطَوْنَ من الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ شيئا قَلَّ أو كَثُرَ لَا يَحِلُّ لهم أَنْ يَأْخُذُوهَا وَلَا يُجْزِئُ عَمَّنْ يُعْطِيهُمُوهَا إذَا عَرَفَهُمْ وَإِنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ وَغَارِمِينَ وَمِنْ أَهْلِ السُّهْمَانِ وَإِنْ حُبِسَ عَنْهُمْ الْخُمُسُ وَلَيْسَ مَنْعُهُمْ حَقَّهُمْ في الْخُمُسِ يُحِلُّ لهم ما حَرُمَ عليهم من الصَّدَقَةِ ( قال ) وَآلُ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ تَحْرُمُ عليهم الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ أَهْلُ الْخُمُسِ وَهُمْ أَهْلُ الشِّعْبِ وَهُمْ صُلْبِيَّةُ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَا يَحْرُمُ على آلِ مُحَمَّدٍ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ إنَّمَا يَحْرُمُ عليهم الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه أَنَّهُ كان يَشْرَبُ من سِقَايَاتِ الناس بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقُلْت له أَتَشْرَبُ من الصَّدَقَةِ وَهِيَ لَا تَحِلُّ لَك فقال إنَّمَا حَرُمَتْ عَلَيْنَا الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ

(2/81)


وَأَيُّهُمَا قال هو الْأَكْثَرُ أَعْطَيْنَاهُ بِهِ ولم نُعْطِهِ بِالْآخَرِ فإذا أَعْطَيْنَاهُ بِاسْمِ الْفَقْرِ فَلِغُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا مِمَّا في يَدِهِ حُقُوقَهُمْ كما لهم أَنْ يَأْخُذُوا مَالًا لو كان له وَكَذَلِكَ إنْ أَعْطَيْنَاهُ بِمَعْنَى الْغُرْمِ فإذا أَعْطَيْنَاهُ بِمَعْنَى الْغُرْمِ أَحْبَبْت أَنْ يَتَوَلَّى دَفْعَهُ عنه فَإِنْ لم يَفْعَلْ فَأَعْطَاهُ جَازَ كما يَجُوزُ في الْمُكَاتَبِ أَنْ يعطى من سَهْمِهِ فَإِنْ قال وَلِمَ لَا أُعْطَى بِمَعْنَيَيْنِ إذَا كُنْت من أَهْلِهِمَا مَعًا قِيلَ الْفَقِيرُ الْمِسْكِينُ وَالْمِسْكِينُ فَقِيرٌ بِحَالٍ يَجْمَعُهُمَا اسْمٌ وَيَفْتَرِقُ بِهِمَا اسْمٌ وقد فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى ذلك الْمِسْكِينُ فَيُعْطَى الْفَقِيرُ بِالْمَسْكَنَةِ مع الْفَقْرِ وَالْمِسْكِينُ بِالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى أَحَدُهُمَا إلَّا بِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى رَجُلٌ ذُو سَهْمٍ إلَّا بِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ ولو جَازَ هذا جَازَ أَنْ يُعْطَى رَجُلٌ بِفَقْرٍ وَغُرْمٍ وَبِأَنَّهُ بن سَبِيلٍ وَغَازٍ وَمُؤَلَّفٌ وَعَامِلٌ فَيُعْطَى بِهَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا فَإِنْ قال قَائِلٌ فَهَلْ من دَلَالَةٍ تَدُلُّ على أَنَّ اسْمَ الْفَقْرِ يَلْزَمُ الْمِسْكِينَ وَالْمَسْكَنَةُ تَلْزَمُ الْفَقِيرَ قِيلَ نعم مَعْنَى الْفَقْرِ مَعْنَى الْمَسْكَنَةِ وَمَعْنَى الْمَسْكَنَةِ مَعْنَى الْفَقْرِ فإذا جُمِعَا مَعًا لم يَجُزْ إلَّا بِأَنْ يُفَرَّقَ بين حَالَيْهِمَا بِأَنْ يَكُونَ الْفَقِيرُ الذي بديء ( ( ( بدئ ) ) ) بِهِ أَشَدَّهُمَا وَكَذَلِكَ هو في اللِّسَانِ وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ فَقِيرٌ مِسْكِينٌ وَمِسْكِينٌ فَقِيرٌ وَإِنَّمَا الْمَسْكَنَةُ وَالْفَقْرُ لَا يَكُونَانِ بِحِرْفَةٍ وَلَا مَالٍ - * قَسْمُ الصَّدَقَاتِ الثَّانِي - * أخبرنا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال فَرَضَ اللَّهُ عز وجل على أَهْلِ دِينِهِ الْمُسْلِمِينَ في أَمْوَالِهِمْ حَقًّا لِغَيْرِهِمْ من أَهْلِ دِينِهِ الْمُسْلِمِينَ الْمُحْتَاجِينَ إلَيْهِ لَا يَسَعُ أَهْلَ الْأَمْوَالِ حَبْسُهُ عَمَّنْ أُمِرُوا بِدَفْعِهِ إلَيْهِ من أَهْلِهِ أو وُلَاتِهِ وَلَا يَسَعُ الْوُلَاةَ تَرْكُهُ لِأَهْلِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّهُمْ أُمَنَاءُ على أَخْذِهِ لِأَهْلِهِ منهم قال اللَّهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم { خُذْ من أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بها وَصَلِّ عليهم إنَّ صَلَاتَك سَكَنٌ لهم } فَفِي هذه الْآيَةِ دَلَالَةٌ على ما وَصَفْت من أَنَّ ليس لِأَهْلِ الْأَمْوَالِ مَنْعُ ما جَعَلَ اللَّهُ عز وجل عليهم وَلَا لِمَنْ وَلِيَهُمْ تَرْكُ ذلك لهم وَلَا عليهم ( أخبرنا ) إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن بن شِهَابٍ قال لم يَبْلُغْنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَخَذَا الصَّدَقَةَ مُثَنَّاةً وَلَكِنْ كَانَا يَبْعَثَانِ عليها في الْخِصْبِ وَالْجَدْبِ وَالسِّمَنِ وَالْعَجَفِ وَلَا يُضَمِّنَانِهَا أَهْلَهَا وَلَا يُؤَخِّرَانِهَا عن كل عَامٍ لِأَنَّ أَخْذَهَا في كل عَامٍ سُنَّةٌ من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) هذا إنَّمَا هو فِيمَا أَخَذَ من الْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَالطَّهُورَ إنَّمَا هو لِلْمُسْلِمِينَ وَالدُّعَاءَ بِالْأَجْرِ وَالْبَرَكَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَخَذَ صَدَقَةَ مُسْلِمٍ دَعَا له بِالْأَجْرِ وَالْبَرَكَةِ كما قال اللَّهُ عز وجل { وَصَلِّ عليهم } أَيْ اُدْعُ لهم فما أُخِذَ من مُسْلِمٍ فَهُوَ زَكَاةٌ وَالزَّكَاةُ صَدَقَةٌ وَالصَّدَقَةُ زَكَاةٌ وَطَهُورٌ أَمْرُهُمَا وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَإِنْ سُمِّيَتْ مَرَّةً زَكَاةً وَمَرَّةً صَدَقَةً هُمَا اسْمَانِ لها بِمَعْنًى وَاحِدٍ وقد تسمى الْعَرَبُ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ بِالْأَسْمَاءِ الْكَثِيرَةِ وَهَذَا بَيِّنٌ في كِتَابِ اللَّهِ عز وجل وفي سُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وفي لِسَانِ الْعَرَبِ قال اللَّهُ عز وجل { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } قال أبو بَكْرٍ لو مَنَعُونِي عَنَاقًا مِمَّا أَعْطَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عليه لَا تُفَرِّقُوا بين ما جَمَعَ اللَّهُ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } وَاسْمُ ما أُخِذَ من الزَّكَاةِ صَدَقَةٌ وقد سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى في الْقَسْمِ صَدَقَةً فقال { إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ } الْآيَةُ تَقُولُ إذَا جاء الْمُصَدِّقُ يَعْنِي الذي يَأْخُذُ الْمَاشِيَةَ وَتَقُولُ إذَا جاء السَّاعِي وإذا جاء الْعَامِلُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) قال رسول
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ولم نَعْلَمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَخَّرَهَا عَامًا لَا يَأْخُذُهَا فيه وقال أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي اللَّهُ عنه لو مَنَعُونِي عَنَاقًا مِمَّا أَعْطَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عليها لَا تُفَرِّقُوا بين ما جَمَعَ اللَّهُ

(2/82)


اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ليس فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ من التَّمْرِ صَدَقَةٌ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أواقي ( ( ( أواق ) ) ) من الْوَرِقِ صَدَقَةٌ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقَسْمُ الْفَيْءِ خِلَافُ قَسْمِ هذا وَالْفَيْءُ ما أُخِذَ من مُشْرِكٍ تقوية أهل دِينِ اللَّهِ وهو مَوْضُوعٌ في غَيْرِ هذا الْمَوْضِعِ ( قال ) يُقْسَمُ ما أُخِذَ من حَقِّ مُسْلِمٍ وَجَبَ في مَالِهِ بِقَسْمِ اللَّهِ في الصَّدَقَاتِ سَوَاءٌ قَلِيلُ ما أُخِذَ منه وكثير ( ( ( وكثيره ) ) ) وَعُشْرُ ما كان أو خُمُسٌ أو رُبُعُ عُشْرٍ أو بِعَدَدٍ مُخْتَلِفٍ أَنْ يَسْتَوِيَ لِأَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَجْمَعُهُ كُلَّهُ قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ } الْآيَةَ فَبَيَّنَ اللَّهُ عز وجل لِمَنْ الصَّدَقَاتُ ثُمَّ وَكَّدَهَا وَشَدَّدَهَا فقال فَرِيضَةً من اللَّهِ وَاَللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ فَقَسْمُ كل ما أُخِذَ من مُسْلِمٍ على قَسْمِ اللَّهِ عز وجل وَهِيَ سُهْمَانٌ ثَمَانِيَةٌ لَا يُصْرَفُ منها سَهْمٌ وَلَا شَيْءٌ منه عن أَهْلِهِ ما كان من أَهْلِهِ أَحَدٌ يَسْتَحِقُّهُ وَلَا تُخْرَجُ صَدَقَةُ قَوْمٍ منهم عن بَلَدِهِمْ وفي بَلَدِهِمْ من يَسْتَحِقُّهَا
أخبرنا وَكِيعٌ عن زَكَرِيَّا بن إِسْحَاقَ عن يحيى بن عبد اللَّهِ بن صَيْفِيٍّ عن أبي مَعْبَدٍ عن بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِمُعَاذِ بن جَبَلٍ حين بَعَثَهُ فَإِنْ أَجَابُوك فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ من أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ على فُقَرَائِهِمْ
أخبرنا يحيى بن حَسَّانَ الثِّقَةُ من أَصْحَابِنَا عن اللَّيْثِ بن سَعْدٍ عن سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عن شَرِيكِ بن أبي نِمْرٍ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا قال لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نَشَدْتُك اللَّهَ آللَّهُ أَمَرَك أَنْ تَأْخُذَ الصَّدَقَةَ من أَغْنِيَائِنَا فَتَرُدَّهَا على فُقَرَائِنَا قال نعم + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْفُقَرَاءُ هَا هُنَا كُلُّ من لَزِمَهُ اسْمُ حَاجَةٍ مِمَّنْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى من الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّهُمْ إنَّمَا يُعْطَى بِمَوْضِعِ الْحَاجَةِ لا ( ( ( إلا ) ) ) بِالِاسْمِ فَلَوْ أَنَّ بن السَّبِيلِ كان غَنِيًّا لم يُعْطَ وَإِنَّمَا يُعْطَى بن السَّبِيلِ الْمُحْتَاجُ إلَى السِّلَاحِ في وَقْتِهِ الذي يُعْطَى فيه فَإِنْ لم يُوجَدْ من أَهْلِ الصَّدَقَاتِ الَّذِينَ يُوجَدُ منهم أَحَدٌ من أَهْلِ السُّهْمَانِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ عز وجل رُدَّتْ حِصَّةُ من لم يُوجَدْ على من وُجِدَ كَأَنْ وُجِدَ فِيهِمْ فُقَرَاءُ وَمَسَاكِينُ وَغَارِمُونَ ولم يُوجَدْ غَيْرُهُمْ فَقَسْمُ الثَّمَانِيَةِ الْأَسْهُمِ على ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَبَيَانُ هذا في أَسْفَلِ الْكِتَابِ فَأَهْلُ السُّهْمَانِ يَجْمَعُهُمْ أَنَّهُمْ أَهْلُ حَاجَةٍ إلَى مَالِهِمْ منها كلهم وَأَسْبَابُ حَاجَاتِهِمْ مُخْتَلِفَةٌ وَكَذَلِكَ أَسْبَابُ اسْتِحْقَاقِهِمْ بِمَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ يَجْمَعُهَا الْحَاجَةُ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهَا صِفَاتُهَا فإذا اجْتَمَعُوا فَالْفُقَرَاءُ الزمني الضُّعَفَاءُ الَّذِينَ لَا حِرْفَةَ لهم وَأَهْلُ الْحِرْفَةِ الضَّعِيفَةِ الَّذِينَ لَا تَقَعُ حِرْفَتُهُمْ مَوْقِعًا من حَاجَتِهِمْ وَلَا يَسْأَلُونَ الناس وَالْمَسَاكِينَ السُّؤَالَ وَمَنْ لَا يَسْأَلُ مِمَّنْ له حِرْفَةٌ تَقَعُ منه مَوْقِعًا وَلَا تُغْنِيهِ وَلَا عِيَالَهُ فَإِنْ طَلَبَ الصَّدَقَةَ بِالْمَسْكَنَةِ رَجُلٌ جَلْدٌ فَعَلِمَ الْوَالِي أَنَّهُ صَحِيحٌ مُكْتَسِبٌ يغنى عِيَالَهُ بِشَيْءٍ إنْ كان له وَبِكَسْبِهِ إذْ لَا عِيَالَ له فَعَلِمَ الْوَالِي أَنَّهُ يغنى نَفْسَهُ بِكَسْبِهِ غِنًى مَعْرُوفًا لم يُعْطِهِ شيئا فَإِنْ قال السَّائِلُ لها يعنى الصَّدَقَةَ الْجَلَدُ لَسْت مُكْتَسِبًا أو أنا مُكْتَسِبٌ لَا يُغْنِينِي كَسْبِي أو لَا يغنى عِيَالِي وَلِي عِيَالٌ وَلَيْسَ عِنْدَ الْوَالِي يَقِينٌ من أَنَّ ما قال على غَيْرِ ما قال فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيُعْطِيهِ الْوَالِي
أخبرنا سُفْيَانُ عن هِشَامٍ عن أبيه عن عبد اللَّهِ بن عَدِيِّ بن الْخِيَارِ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْأَغْلَبُ على أَفْوَاهِ الْعَامَّةِ أَنَّ في التَّمْرِ الْعُشْرَ وفي الْمَاشِيَةِ الصَّدَقَةَ وفي الْوَرِقِ الزَّكَاةَ وقد سَمَّى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم هذا كُلَّهُ صَدَقَةً وَالْعَرَبُ تَقُولُ له صَدَقَةٌ وَزَكَاةٌ وَمَعْنَاهُمَا عِنْدَهُمْ مَعْنًى وَاحِدٌ فما أُخِذَ من مُسْلِمٍ من صَدَقَةِ مَالِهِ ناضا ( ( ( ضأنا ) ) ) كان أو مَاشِيَةً أو زَرْعًا أو زَكَاةَ فِطْرٍ أو خُمُسَ رِكَازٍ أو صَدَقَةَ مَعْدِنٍ أو غَيْرَهُ مِمَّا وَجَبَ عليه في مَالِهِ في كِتَابٍ أو سُنَّةٍ أو أَمْرٍ أَجْمَعَ عليه عَوَامُّ الْمُسْلِمِينَ فَمَعْنَاهُ وَاحِدٌ أَنَّهُ زَكَاةٌ وَالزَّكَاةُ صَدَقَةٌ وَقَسْمُهُ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ كما قَسَمَهُ اللَّهُ الصَّدَقَاتُ ما فَرَضَ اللَّهُ عز وجل على الْمُسْلِمِينَ فَهِيَ طَهُورٌ

(2/83)


فَسَأَلَاهُ من الصَّدَقَةِ فَصَعَّدَ فِيهِمَا وَصَوَّبَ وقال إنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا وَلَا حَظَّ فيها لغنى وَلَا لِذِي قُوَّةٍ مُكْتَسِبٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَرُفِعَ هذا الْحَدِيثُ عن سَعْدٍ عن أبيه وَالْعَامِلُونَ عليها من وَلَّاهُ الْوَالِي قَبْضَهَا وَقَسْمَهَا من أَهْلِهَا كان أو غَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَعَانَ الْوَالِيَ على جَمْعِهَا وَقَبْضِهَا من الْعُرَفَاءِ وَمَنْ لَا غِنَى لِلْوَالِي عنه وَلَا يُصْلِحُهَا إلَّا مَكَانُهُ فَأَمَّا رَبُّ الْمَاشِيَةِ يَسُوقُهَا فَلَيْسَ من الْعَامِلِينَ عليها وَذَلِكَ يَلْزَمُ رَبَّ الْمَاشِيَةِ وَكَذَلِكَ من أَعَانَ الْوَالِيَ عليها مِمَّنْ بِالْوَالِي الْغِنَى عن مَعُونَتِهِ فَلَيْسَ من الْعَامِلِينَ عليها الَّذِينَ لهم فيها حَقٌّ وَالْخَلِيفَةُ وَوَالِي الْإِقْلِيمِ الْعَظِيمِ الذي يَلِي قَبْضَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَا من الْعَامِلِينَ عليها الْقَائِمِينَ بِالْأَمْرِ بِأَخْذِهَا فَلَيْسَا عِنْدَنَا مِمَّنْ له فيها حَقٌّ من قِبَلِ أَنَّهُمَا لَا يَلِيَانِ أَخْذَهَا
أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ شَرِبَ لَبَنًا فَأَعْجَبَهُ فقال لِلَّذِي سَقَاهُ من أَيْنَ لَك هذا اللَّبَنُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ وَرَدَ على مَاءٍ قد سَمَّاهُ فإذا بِنَعَمٍ من نَعَمِ الصَّدَقَةِ وَهُمْ يَسْتَقُونَ فَحَلَبُوا لي من لَبَنِهَا فَجَعَلْته في سِقَائِي فَهُوَ هذا فَأَدْخَلَ عُمَرُ إصْبَعَهُ فاستقاه ( ( ( فاستقاءه ) ) )
أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لغنى إلَّا لِخَمْسَةٍ غَازٍ في سَبِيلِ اللَّهِ وَالْعَامِلِ عليها أو الْغَارِمِ أو الرَّجُلِ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ أو الرَّجُلِ له جَارٌ مِسْكِينٌ فَتُصُدِّقَ على الْمِسْكِينِ فَأَهْدَى الْمِسْكِينُ للغنى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْعَامِلُ عليها يَأْخُذُ من الصَّدَقَةِ بِقَدْرِ غِنَائِهِ لَا يُزَادُ عليه وَإِنْ كان الْعَامِلُ مُوسِرًا إنَّمَا يَأْخُذُ على مَعْنَى الْإِجَارَةِ وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ في مُتَقَدِّمٍ من الْأَخْبَارِ فَضَرْبَانِ ضَرْبٌ مُسْلِمُونَ مُطَاعُونَ أَشْرَافٌ يُجَاهِدُونَ مع الْمُسْلِمِينَ فَيَقْوَى الْمُسْلِمُونَ بِهِمْ وَلَا يَرَوْنَ من نِيَّاتِهِمْ ما يَرَوْنَ من نِيَّاتِ غَيْرِهِمْ فإذا كَانُوا هَكَذَا فَجَاهَدُوا الْمُشْرِكِينَ فَأَرَى أَنْ يُعْطَوْا من سَهْمِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو خُمُسُ الْخُمُسِ ما يَتَأَلَّفُونَ بِهِ سِوَى سُهْمَانِهِمْ مع الْمُسْلِمِينَ إنْ كانت نَازِلَةٌ في الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَلَ هذا السَّهْمَ خَالِصًا لِنَبِيِّهِ فَرَدَّهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وقال صلى اللَّهُ عليه وسلم مَالِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ يعنى بِالْخُمُسِ حَقَّهُ من الْخُمُسِ وَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ يعنى في مَصْلَحَتِكُمْ
وَأَخْبَرَنِي من لَا أَتَّهِمُ عن مُوسَى بن مُحَمَّدِ بن إبْرَاهِيمَ بن الحرث عن أبيه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ يوم حُنَيْنٍ من الْخُمُسِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهُمْ مِثْلُ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ وَأَصْحَابِهِمَا ولم يُعْطِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عباس ( ( ( عباد ) ) ) بن مِرْدَاسٍ وكان شَرِيفًا عَظِيمَ الْغَنَاءِ حتى اسْتَعْتَبَ فَأَعْطَاهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) لَمَّا أَرَادَ ما أَرَادَ الْقَوْمُ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ دخل رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم منه شَيْءٌ حين رَغِبَ عَمَّا صَنَعَ بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَأَعْطَاهُ على مَعْنَى ما أَعْطَاهُمْ وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ رأي أَنْ يُعْطِيَهُ من مَالِهِ حَيْثُ رَأَى لِأَنَّهُ له خَالِصٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يعطى على التقوية ( ( ( النفل ) ) ) بالعطية ولا يرى أنه قد وضع من شرفه فإنه صلى الله عليه وسلم قد أعطى من خمس الخمس لنفل وَغَيْرِ النَّفْلِ لِأَنَّهُ له وقد أَعْطَى صَفْوَانَ بن أُمَيَّةَ قبل أَنْ يُسْلِمَ وَلَكِنَّهُ قد أَعَارَ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَدَاةً وَسِلَاحًا وقال فيه عِنْدَ الْهَزِيمَةِ أَحْسَنَ مِمَّا قال فيه بَعْضُ من أَسْلَمَ من أَهْلِ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَذَلِكَ أَنَّ الْهَزِيمَةَ كانت في أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يوم حُنَيْنٍ في أَوَّلِ النَّهَارِ فقال له رَجُلٌ غَلَبَتْ هَوَازِنُ وَقُتِلَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رأي النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم جَلَدًا وَصِحَّةً يُشْبِهُ الِاكْتِسَابَ وَأَعْلَمَهُمَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا مع الِاكْتِسَابِ الذي يَسْتَغْنِيَانِ بِهِ أَنْ يَأْخُذَا منها وَلَا يَعْلَمُ أَمُكْتَسِبَانِ أَمْ لَا فقال إنْ شِئْتُمَا بَعْدَ أَنْ أَعْلَمْتُكُمَا أَنْ لَا حَظَّ فيها لغنى وَلَا مُكْتَسِبٍ فَعَلْت وَذَلِكَ أَنَّهُمَا يَقُولَانِ أَعْطِنَا فَإِنَّا ذَوَا حَظٍّ لِأَنَّا لَسْنَا غَنِيَّيْنِ وَلَا مُكْتَسِبَيْنِ كَسْبًا يغنى
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن أبيه عن رَيْحَانَ بن يَزِيدَ قال سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بن عَمْرِو بن الْعَاصِ يقول لَا تَصْلُحُ الصَّدَقَةُ لغنى وَلَا لِذِي مِرَّةٍ قَوِيٍّ

(2/84)


مُحَمَّدٌ فقال صَفْوَانُ بِفِيك الْحَجَرُ فَوَاَللَّهِ لَرَبٌّ من قُرَيْشٍ أَحَبُّ إلى من رَبِّ هَوَازِنَ وَأَسْلَمَ قَوْمُهُ من قُرَيْشٍ وكان كَأَنَّهُ لَا يُشَكُّ في إسْلَامِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا مُثْبَتٌ في كِتَابِ قَسْمِ الْفَيْءِ فإذا كان مِثْلُ هذا رَأَيْت أَنْ يُعْطَى من سَهْمِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَهَذَا أَحَبُّ إلى لِلِاقْتِدَاءِ بِأَمْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ولو قال قَائِلٌ كان هذا السَّهْمُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَكَانَ له أَنْ يَضَعَ سَهْمَهُ حَيْثُ رَأَى فَقَدْ فَعَلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم هذا مَرَّةً وَأَعْطَى من سَهْمِهِ بِخَيْبَرَ رِجَالًا من الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لِأَنَّهُ مَالُهُ يَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ فَلَا يُعْطَى الْيَوْمَ أَحَدٌ على هذا من الْغَنِيمَةِ ولم يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا من خُلَفَائِهِ أَعْطَى أَحَدًا بَعْدَهُ وَلَيْسَ لِلْمُؤَلَّفَةِ في قَسْمِ الْغَنِيمَةِ سَهْمٌ مع أَهْلِ السُّهْمَانِ ولو قال هذا أَحَدٌ كان مَذْهَبًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ في سَهْمِ الصَّدَقَاتِ سَهْمٌ وَاَلَّذِي أَحْفَظُ فيه من مُتَقَدِّمِ الْخَبَرِ أَنَّ عَدِيَّ بن حَاتِمٍ جاء أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَحْسِبُهُ بِثَلَثِمِائَةٍ من الْإِبِلِ من صَدَقَاتِ قَوْمِهِ فَأَعْطَاهُ أبو بَكْرٍ منها ثَلَاثِينَ بَعِيرًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَلْحَقَ بِخَالِدِ بن الْوَلِيدِ بِمَنْ أَطَاعَهُ من قَوْمِهِ فَجَاءَهُ بِزُهَاءِ أَلْفِ رَجُلٍ وَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا وَلَيْسَ في الْخَبَرِ في إعْطَائِهِ إيَّاهَا من أَيْنَ أَعْطَاهُ إيَّاهَا غَيْرُ أَنَّ الذي يَكَادُ أَنْ يُعْرَفَ الْقَلْبُ بِالِاسْتِدْلَالِ بِالْأَخْبَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ إيَّاهَا من قِسْمِ الْمُؤَلَّفَةِ فَإِمَّا زَادَهُ لِيُرَغِّبَهُ فِيمَا يَصْنَعُ وَإِمَّا أَعْطَاهُ لِيَتَأَلَّفَ بِهِ غَيْرُهُ من قَوْمِهِ مِمَّنْ لَا يَثِقُ منه بِمِثْلِ ما يَثِقُ به من عَدِيِّ بن حَاتِمٍ فَأَرَى أَنْ يُعْطَى من سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ في مِثْلِ هذا الْمَعْنَى إنْ نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ ولن ( ( ( مما ) ) ) يَنْزِلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فيها الْعَدُوُّ بِمَوْضِعٍ شَاطٍّ لَا تَنَالُهُ الْجُيُوشُ إلَّا بِمُؤْنَةٍ وَيَكُونُ الْعَدُوُّ بِإِزَاءِ قَوْمٍ من أَهْلِ الصَّدَقَاتِ فَأَعَانَ عليهم أَهْلَ الصَّدَقَاتِ إمَّا بِنِيَّةٍ فَأَرَى أَنْ يُقَوَّى بِسَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ من الصَّدَقَاتِ وإما أَنْ يَكُونَ لَا يُقَاتِلُونَ إلَّا بِأَنْ يُعْطَوْا سَهْمَ الْمُؤَلَّفَةِ أو ما يَكْفِيهِمْ منه وَكَذَلِكَ إنْ كان الْعَرَبُ اشرافا مُمْتَنِعِينَ غير ذِي نِيَّةٍ إنْ أُعْطُوا من صَدَقَاتِهِمْ هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ أو أَحَدَهُمَا إذَا كَانُوا إنْ أُعْطُوا أَعَانُوا على الْمُشْرِكِينَ فِيمَا أَعَانُوا على الصَّدَقَةِ وَإِنْ لم يُعْطَوْا لم يُوثَقْ بِمَعُونَتِهِمْ رَأَيْت أَنْ يُعْطَوْا بهذا الْمَعْنَى إذَا انْتَاطَ الْعَدُوُّ وَكَانُوا أَقْوَى عليه من قَوْمٍ من أَهْلِ الْفَيْءِ يُوَجَّهُونَ إلَيْهِ تَبْعُدُ دَارُهُمْ وَتَثْقُلُ مُؤْنَتُهُمْ وَيَضْعُفُونَ عنه فَإِنْ لم يَكُنْ مِثْلُ ما وَصَفْت مِمَّا كان في زَمَانِ أبي بَكْرٍ مع امْتِنَاعِ أَكْثَرِ الْعَرَبِ بِالصَّدَقَةِ على الرِّدَّةِ وَغَيْرِهَا لم أَرَ أَنْ يُعْطَى أَحَدٌ منهم من سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَرَأَيْت أَنْ يُرَدَّ سَهْمُهُمْ على السُّهْمَانِ معه وَذَلِكَ أَنَّهُ لم يَبْلُغْنِي أَنَّ عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ وَلَا عَلِيًّا أَعْطَوْا أَحَدًا تَأَلُّفًا على الْإِسْلَامِ وقد أَعَزَّ اللَّهُ وَلَهُ الْحَمْدُ الْإِسْلَامَ عن أَنْ يَتَأَلَّفَ الرِّجَالُ عليه وَقَوْلُهُ وفي الرِّقَابِ يَعْنِي الْمُكَاتَبِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا يشتري عَبْدٌ فَيُعْتَقُ وَالْغَارِمُونَ كُلُّ من عليه دَيْنٌ كان له عَرَضٌ يَحْتَمِلُ دَيْنَهُ أو لَا يَحْتَمِلُهُ وَإِنَّمَا يُعْطَى الْغَارِمُونَ إذَا ادَّانُوا في حَمْلِ دِيَةٍ أو أَصَابَتْهُمْ جَائِحَةٌ أو كان دَيْنُهُمْ في غَيْرِ فِسْقٍ وَلَا سَرَفٍ وَلَا مَعْصِيَةٍ فَأَمَّا من ادَّانَ في مَعْصِيَةٍ فَلَا أَرَى أَنْ يُعْطَى من سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ كما وَصَفْت يُعْطَى منه من أَرَادَ الْغَزْوَ فَلَوْ امْتَنَعَ قَوْمٌ كما وَصَفْت من أَدَاءِ الصَّدَقَةِ فَأَعَانَ عليهم قَوْمٌ رَأَيْت أَنْ يُعْطَى من أَعَانَ عليهم فَإِنْ لم يَكُنْ مِمَّا وَصَفْت شَيْءٌ رُدَّ سَهْمُ سَبِيلِ اللَّهِ إلَى السُّهْمَانِ معه وبن السَّبِيلِ عِنْدِي بن السَّبِيلِ من أَهْلِ الصَّدَقَةِ الذي يُرِيدُ الْبَلَدَ غير بَلَدِهِ لَا من يلزمه ( ( ( لزمه ) ) )
____________________

(2/85)


- * كَيْفَ تَفْرِيقُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) قُلْته بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَمَّاهُ لهم مع غَيْرِهِمْ بِمَعْنًى من الْمَعَانِي وهو الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ وَالْغُرْمُ فإذا خَرَجُوا من الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ فَصَارُوا إلَى الْغِنَى وَمِنْ الْغُرْمِ فَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُمْ وَصَارُوا غير غَارِمِينَ فَلَا يَكُونُونَ من أَهْلِهِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِمَّنْ يَلْزَمُهُ اسْمُ من قَسَمَ اللَّهُ عز وجل له بهذا الِاسْمِ وَمَعْنَاهُ وَهُمْ خَارِجُونَ من تِلْكَ الْحَالِ مِمَّنْ قَسَمَ اللَّهُ له أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ الصَّدَقَةِ الْأَغْنِيَاءَ لو سَأَلُوا بِالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ في الِابْتِدَاءِ أَنْ يُعْطَوْا منها لم يُعْطَوْا وَقِيلَ لَسْتُمْ مِمَّنْ قَسَمَ اللَّهُ له وَكَذَلِكَ لو سَأَلُوا بِالْغُرْمِ وَلَيْسُوا غَارِمِينَ وقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا من اسْتَثْنَى فإذا أَعْطَيْتَ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ فَصَارُوا أَغْنِيَاءَ فَهُمْ مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لهم وإذا لم تَحِلَّ لهم كُنْت لو أَعْطَيْتهمْ أَعْطَيْتهمْ مالا يَحِلُّ لهم وَلَا لي أَنْ أُعْطِيَهُمْ وَإِنَّمَا شَرَطَ اللَّهُ عز وجل إعْطَاءَ أَهْلِ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ وَلَيْسُوا منهم ( قال ) وَيَأْخُذُ الْعَامِلُونَ عليها بِقَدْرِ أُجُورِهِمْ في مِثْلِ كِفَايَتِهِمْ وَقِيَامِهِمْ وَأَمَانَتِهِمْ وَالْمُؤْنَةِ عليهم فَيَأْخُذُ السَّاعِي نَفْسُهُ لِنَفْسِهِ بهذا الْمَعْنَى وَيُعْطَى الْعَرِيفُ وَمَنْ يُجْمِعُ الناس عليه بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ وَكُلْفَتِهِ وَذَلِكَ خَفِيفٌ لِأَنَّهُ في بِلَادِهِ وَيُعْطَى بن السَّبِيلِ منهم قَدْرَ ما يُبَلِّغُهُ الْبَلَدَ الذي يُرِيدُ في نَفَقَتِهِ وَحَمُولَتِهِ إنْ كان الْبَلَدُ بَعِيدًا وكان ضَعِيفًا وَإِنْ كان الْبَلَدُ قَرِيبًا وكان جَلْدًا الْأَغْلَبُ من مِثْلِهِ وكان غَنِيًّا بِالْمَشْيِ إلَيْهَا أعطى مُؤْنَتَهُ في نَفَقَتِهِ بِلَا حَمُولَةٍ فَإِنْ كان يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ ويأتى أعطى ما يَكْفِيهِ في ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ من النَّفَقَةِ فَإِنْ كان ذلك يأتى على السَّهْمِ كُلِّهِ أُعْطِيَهُ كُلَّهُ إنْ لم يَكُنْ معه بن سَبِيلٍ غَيْرَهُ وَإِنْ كان يأتى على سَهْمٍ من مِائَةِ سَهْمٍ من سَهْمِ بن السَّبِيلِ لم يُزَدْ عليه فَإِنْ قال قَائِلٌ لِمَ أَعْطَيْت الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ وَالْغَارِمِينَ حتى خَرَجُوا من اسْمِ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ وَالْغُرْمِ ولم تُعْطِ الْعَامِلِينَ وبن السَّبِيلِ حتى يَسْقُطَ عَنْهُمْ الِاسْمُ الذي له أَعْطَيْتهمْ وَيَزُولَ فَلَيْسَ لِلِاسْمِ أَعْطَيْتهمْ وَلَكِنْ لِلْمَعْنَى وكان الْمَعْنَى إذَا زَالَ زَالَ الِاسْمُ ونسمى الْعَامِلِينَ بِمَعْنَى الْكِفَايَةِ وَكَذَلِكَ بن السَّبِيلِ بِمَعْنَى الْبَلَاغِ ولو أَنِّي أَعْطَيْت الْعَامِلَ وبن السَّبِيلِ جَمِيعَ السُّهْمَانِ وَأَمْثَالَهَا لم يَسْقُطْ عن الْعَامِلِ اسْمُ الْعَامِلِ ما لم يُعْزَلْ ولم يَسْقُطْ عن بن السَّبِيلِ اسْمُ بن السَّبِيلِ ما دَامَ مُجْتَازًا أو كان يُرِيدُ الِاجْتِيَازَ فَأَعْطَيْتهمَا وَالْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ وَالْغَارِمِينَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ غَيْرِ مُخْتَلِفٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُ كما اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُمْ وَالْعَامِلُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَنْبَغِي لِلسَّاعِي على الصَّدَقَاتِ أَنْ يَأْمُرَ بِإِحْصَاءِ أَهْلِ السُّهْمَانِ في عَمَلِهِ فَيَكُونُ فَرَاغُهُ من قَبْضِ الصَّدَقَاتِ بَعْدَ تَنَاهِي أَسْمَائِهِمْ وَأَنْسَابِهِمْ وَحَالَاتِهِمْ وما يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ ويحصى ما صَارَ في يَدَيْهِ من الصَّدَقَاتِ فَيَعْزِلُ من سَهْمِ الْعَامِلِينَ بِقَدْرِ ما يَسْتَحِقُّ بِعَمَلِهِ ثُمَّ يقضى جَمِيعَ ما بقى من السُّهْمَانِ كُلِّهِ عِنْدَهُمْ كما أَصِفُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اذا كان الْفُقَرَاءُ عَشَرَةً وَالْمَسَاكِينُ عِشْرِينَ وَالْغَارِمُونَ خَمْسَةً وَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ من أَهْلِ الصَّدَقَةِ وكان سُهْمَانُهُمْ الثَّلَاثَةُ من جَمِيعِ الْمَالِ ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَإِنْ كان الْفُقَرَاءُ يَغْتَرِقُونَ سَهْمَهُمْ وهو أَلْفٌ وهو ثُلُثُ الْمَالِ فَيَكُونُ سَهْمُهُمْ كَفَافًا يَخْرُجُونَ بِهِ من حَدِّ الْفَقْرِ إلَى حَدِّ الْغِنَى أُعْطُوهُ كُلَّهُ وَإِنْ كان يُخْرِجُهُمْ من حَدِّ الْفَقْرِ إلَى حَدِّ الْغِنَى ثَلَاثَةٌ أو أَرْبَعَةٌ أو أَقَلُّ أو أَكْثَرُ أُعْطُوا منه ما يُخْرِجُهُمْ من اسْمِ الْفَقْرِ وَيَصِيرُونَ بِهِ إلَى اسْمِ الْغِنَى وَيَقِفُ الْوَالِي ما بقى منه ثُمَّ يَقْسِمُ على الْمَسَاكِينِ سَهْمَهُمْ وهو أَلْفٌ هَكَذَا وَعَلَى الْغَارِمِينَ سَهْمُهُمْ وهو أَلْفٌ هَكَذَا فَإِنْ قال قَائِلٌ كَيْفَ قُلْت لِكُلِّ أَهْلِ صِنْفٍ مَوْجُودٍ سَهْمُهُمْ ثُمَّ اسْتَغْنَوْا بِبَعْضِ السَّهْمِ فَلِمَ لَا يُسَلِّمُ إلَيْهِمْ بَقِيَّتَهُ

(2/86)


إنَّمَا هو مُدْخَلٌ عليهم صَارَ له حَقٌّ مَعَهُمْ بِمَعْنَى كِفَايَةٍ وَصَلَاحٍ لِلْمَأْخُوذِ منه وَالْمَأْخُوذِ له فأعطى أَجْرَ مِثْلِهِ وَبِهَذَا في الْعَامِلِ مَضَتْ الْآثَارُ وَعَلَيْهِ من أَدْرَكْت مِمَّنْ سَمِعْت منه بِبَلَدِنَا وَمَعْنَى بن السَّبِيلِ في أَنْ يُعْطَى ما يُبَلِّغُهُ إنْ كان عَاجِزًا عن سَفَرِهِ إلَّا بِالْمَعُونَةِ عليه بِمَعْنَى الْعَامِلِ في بَعْضِ أَمْرِهِ وَيُعْطَى الْمُكَاتَبُ ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَعْتِقَ قَلَّ ذلك أو كَثُرَ حتى يَغْتَرِقَ السَّهْمَ فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ فَالظَّاهِرُ عِنْدَنَا على أَنَّهُ حَرِيصٌ على أَنْ لَا يَعْجَزَ وَإِنْ دَفَعَ إلَى مَالِكِهِ كان أَحَبَّ إلَيَّ وَأَقْرَبَ من الِاحْتِيَاطِ - * رَدُّ الْفَضْلِ على أَهْلِ السُّهْمَانِ - * (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا لم تَكُنْ مُؤَلَّفَةٌ وَلَا قَوْمٌ من أَهْلِ الصَّدَقَةِ يُرِيدُونَ الْجِهَادَ فَلَيْسَ فِيهِمْ أَهْلُ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا سَهْمِ مُؤَلَّفَةٍ عَزَلْت سِهَامَهُمْ وَكَذَلِكَ إنْ لم يَكُنْ بن سَبِيلٍ ولم يَكُنْ غَارِمٌ وَكَذَلِكَ إنْ غَابُوا فَأُعْطُوا ما يُبَلِّغُهُمْ وَيَفْضُلُ عَنْهُمْ أو عن أَحَدٍ من أَهْلِ السُّهْمَانِ مَعَهُمْ شَيْءٌ من الْمَالِ عُزِلَ أَيْضًا ما يَفْضُلُ عن كُلِّهِمْ ثُمَّ أحصى ما بقى من أَهْلِ السُّهْمَانِ الَّذِينَ لم يُعْطَوْا أو أُعْطُوا فلم يَسْتَغْنُوا فابتديء ( ( ( فابتدئ ) ) ) قَسْمُ هذا الْمَالِ عليهم كما ابتديء ( ( ( ابتدئ ) ) ) قَسْمُ الصَّدَقَاتِ فجزيء ( ( ( فجزئ ) ) ) على من بقى من أَهْلِ السُّهْمَانِ سَوَاءٌ كان بقى فُقَرَاءُ وَمَسَاكِينُ لم يَسْتَغْنُوا وَغَارِمُونَ لم تُقْضَ كُلُّ دُيُونِهِمْ ولم يَبْقَ مَعَهُمْ من أَهْلِ السُّهْمَانِ الثَّمَانِيَةِ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَيُقْسَمُ جَمِيعُ ما بقى من الْمَالِ بَيْنَهُمْ على ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ فَإِنْ اسْتَغْنَى الْغَارِمُونَ بِسَهْمِهِمْ وهو ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ أُعِيدَ فَضْلُ سَهْمِهِمْ على الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَيُقْسَمُ على أَهْلِ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ حتى يَنْفَدَ فَإِنْ قُسِمَ بَيْنَهُمْ فَاسْتَغْنَى الْفُقَرَاءُ بِبَعْضِهِ رُدَّ ما بقى على الْمَسَاكِينِ حتى يَسْتَغْنُوا فَإِنْ قال كَيْفَ رَدَدْت ما يَفْضُلُ من السُّهْمَانِ عن حَاجَةِ أَهْلِ الْحَاجَةِ منهم وَمِنْهُمْ من لم يَكُنْ له سَهْمٌ من أَهْلِ السُّهْمَانِ مِثْلُ الْمُؤَلَّفَةِ وَغَيْرِهِمْ إذَا لم يَكُونُوا على أَهْلِ السُّهْمَانِ مَعَهُمْ وَأَنْتَ إذَا اجْتَمَعُوا جَعَلْت لِأَهْلِ كل صِنْفٍ منهم سَهْمًا ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا اجْتَمَعُوا كَانُوا شَرْعًا في الْحَاجَةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ منهم يَطْلُبُ ما جَعَلَ اللَّهُ له وَهُمْ ثَمَانِيَةٌ فَلَا يَكُونُ لي مَنْعُ وَاحِدٍ منهم ما جَعَلَ اللَّهُ له وَذِكْرُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لهم وَاحِدٌ لم يُخَصِّصْ أَحَدًا منهم دُونَ أَحَدٍ فَأَقْسِمُ بَيْنَهُمْ مَعًا كما ذَكَرَهُمْ اللَّهُ عز وجل مَعًا وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أُعْطِيَ كُلَّ صِنْفٍ منهم سَهْمَهُ تَامًّا وَإِنْ كان يُغْنِيهِ أَقَلُّ منه أَنْ بَيَّنَّا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّ في حُكْمِ اللَّهِ عز وجل أَنَّهُمْ إنَّمَا يُعْطَوْنَ بِمَعَانٍ سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى فإذا ذَهَبَتْ تِلْكَ الْمَعَانِي وَصَارَ الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ غَنِيًّا وَالْغَارِمُ غير غَارِمٍ فَلَيْسُوا مِمَّنْ قَسَمَ له ولو أَعْطَيْتهمْ كُنْت أَعْطَيْت من لم أومر بِهِ ولو جَازَ أَنْ يُعْطَوْا بَعْدَ أَنْ يَصِيرُوا إلَى حَدِّ الْغِنَى وَالْخُرُوجِ من الْغُرْمِ جَازَ أَنْ يُعْطَاهَا أَهْلُ دَارِهِمْ وَيُسْهَمَ لِلْأَغْنِيَاءِ فَأُحِيلَتْ عَمَّنْ جُعِلَتْ له إلَى من لم تُجْعَلْ له وَلَيْسَ لِأَحَدٍ إحَالَتُهَا عَمَّا جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى له وَلَا إعْطَاؤُهَا من لم يَجْعَلْهَا اللَّهُ له ( ( ( لها ) ) ) وَإِنَّمَا ردى ما فَضَلَ عن بَعْضِ أَهْلِ السُّهْمَانِ على من بقى مِمَّنْ لم يَسْتَغْنِ من أَهْلِ السُّهْمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَوْجَبَ على أَهْلِ الْغِنَى في أَمْوَالِهِمْ شيئا يُؤْخَذُ منهم لِقَوْمٍ بِمَعَانٍ فإذا ذَهَبَ بَعْضُ من سَمَّى اللَّهُ عز وجل له أو اسْتَغْنَى فَهَذَا مَالٌ لَا مَالِكَ له من الأدميين بِعَيْنِهِ يُرَدُّ إلَيْهِ كما يُرَدُّ عَطَايَا الْآدَمِيِّينَ وَوَصَايَاهُمْ لو أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ فَمَاتَ الْمُوصَى له قبل الْمُوصِي كانت الْوَصِيَّةُ رَاجِعَةً إلَى وَارِثِ الموصى فلما كان هذا الْمَالُ مُخَالِفًا لِلْمَالِ يُورَثُ هَا هُنَا لم يَكُنْ أَحَدٌ أَوْلَى عِنْدَنَا بِهِ في قَسْمِ اللَّهِ عز وجل وَأَقْرَبَ مِمَّنْ سَمَّى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى له هذا الْمَالَ وَهَؤُلَاءِ من جُمْلَةِ من سَمَّى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى له هذا الْمَالَ ولم يَبْقَ مُسْلِمٌ يَحْتَاجُ إلَّا وَلَهُ حَقٌّ سِوَاهُ أَمَّا أَهْلُ الْفَيْء

(2/87)


فَلَا يَدْخُلُونَ على أَهْلِ الصَّدَقَةِ وَأَمَّا أَهْلُ صَدَقَةٍ أُخْرَى فَهُوَ مَقْسُومٌ لهم صَدَقَتُهُمْ ولو كَثُرَتْ لم يَدْخُلْ عليهم غَيْرُهُمْ وَوَاحِدٌ منهم يَسْتَحِقُّهَا فَكَمَا كَانُوا لَا يُدْخِلُونَ عليهم غَيْرَهُمْ فَكَذَلِكَ لَا يَدْخُلُونَ على غَيْرِهِمْ ما كان من غَيْرِهِمْ من يَسْتَحِقُّ منها شيئا ولو اسْتَغْنَى أَهْلُ عَمَلٍ بِبَعْضِ ما قُسِمَ لهم فَفَضَلَ عَنْهُمْ فَضْلٌ لَرَأَيْت أَنْ يُنْقَلَ الْفَضْلُ عَنْهُمْ إلَى أَقْرَبِ الناس بِهِمْ نَسَبًا وَدَارًا - * ضِيقُ السُّهْمَانِ وما يَنْبَغِي فيه عِنْدَ الْقَسْمِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وإذا ضَاقَتْ السُّهْمَانِ فَكَانَ الْفُقَرَاءُ أَلْفًا وكان سَهْمُهُمْ أَلْفًا وَالْغَارِمُونَ ثَلَاثَةً وكان غُرْمُهُمْ أَلْفًا وَسَهْمُهُمْ أَلْفًا فقال الْفُقَرَاءُ إنَّمَا يُغْنِينَا مِائَةُ أَلْفٍ وقد يُخْرِجُ هَؤُلَاءِ من الْغُرْمِ أَلْفٌ فَاجْمَعْ سَهْمَنَا وَسَهْمَهُمْ ثُمَّ اضْرِبْ لنا بِمِائَةِ سَهْمٍ من أَلْفٍ وَلَهُمْ سَهْمٌ وَاحِدٌ كما يُقَسَّمُ هذا الْمَالُ لو كان بَيْنَنَا فَوْضَى بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَلَيْسَ ذلك لهم عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل ذَكَرَ لِلْغَارِمِينَ سَهْمًا كما ذَكَرَ لِلْفُقَرَاءِ سَهْمًا فَنَفُضُّ على الْغَارِمِينَ وَإِنْ اغْتَرَقُوا السَّهْمَ فَهُوَ لهم ولم يُعْطَوْا أَكْثَرَ مِمَّا أُعْطُوا وَإِنْ فَضَلَ عَنْهُمْ فَضْلٌ فَلَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهِ من غَيْرِكُمْ إنْ فَضَلَ مَعَكُمْ أَهْلُ سُهْمَانَ ذُكِرُوا مَعَكُمْ وَلَكِنَّ ما فَضَلَ منهم أو من غَيْرِهِمْ يُرَدُّ عَلَيْكُمْ وَعَلَى غَيْرِكُمْ مِمَّنْ لم يَسْتَغْنِ من أَهْلِ السُّهْمَانِ مَعَكُمْ كما يُبْتَدَأُ الْقَسْم بَيْنَكُمْ وَكَذَلِكَ لو كُنْتُمْ الْمُسْتَغْنِينَ وَالْغُرَمَاءُ غير مُسْتَغْنِينَ لم نُدْخِلْهُمْ عَلَيْكُمْ إلَّا بَعْدَ غِنَاكُمْ ولم نَجْعَلْهُمْ يُخَاصِمُونَكُمْ ما اغْتَرَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ سَهْمَهُ وَلَا قوت ( ( ( وقت ) ) ) فِيمَا يعطى الْفُقَرَاءَ إلَّا ما يُخْرِجُهُ من حَدِّ الْفَقْرِ إلَى الْغِنَى قَلَّ ذلك أو كَثُرَ مِمَّا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ أو لَا تَجِبُ لِأَنَّهُ يوم يعطى لَا زَكَاةَ عليه فيه وقد يَكُونُ الرَّجُلُ غَنِيًّا وَلَيْسَ له مَالٌ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ وقد يَكُونُ الرَّجُلُ فَقِيرًا بِكَثْرَةِ الْعِيَالِ وَلَهُ مَالٌ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ وَإِنَّمَا الْغِنَى وَالْفَقْرُ ما عَرَفَ الناس بِقَدْرِ حَالِ الرَّجُلِ وَالْعَرَبُ قَدِيمًا يَتَجَاوَرُونَ في بِوَادِيهِمْ وَقُرَاهُمْ بِالنَّسَبِ لِخَوْفِهِمْ من غَيْرِهِمْ كان في الْجَاهِلِيَّةِ يَتَجَاوَرُونَ لِيَمْنَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فإذا كَانُوا هَكَذَا يوم يَصْدُقُونَ قُسِّمَتْ صَدَقَاتُهُمْ على فُقَرَائِهِمْ بِالْقَرَابَةِ وَالْجِوَارِ مَعًا فَإِنْ كَانُوا أَهْلَ بَادِيَةٍ وكان الْعَامِلُ الْوَالِي يَعْمَلُ فِيهِمْ على قَبِيلَةٍ أو قَبِيلَتَيْنِ وكان بَعْضُ أَهْلِ الْقَبِيلَةِ يُخَالِطُ الْقَبِيلَةَ الْأُخْرَى التي ليس منها دُونَ التي منها وَجِوَارُهُمْ وَخُلْطَتُهُمْ أَنْ يَكُونُوا يَنْتَجِعُونَ مَعًا وَيُقِيمُونَ مَعًا فَضَاقَتْ السُّهْمَانُ قَسَمْنَاهَا على الْجُوَارِ دُونَ النَّسَبِ وَكَذَلِكَ إنْ خَالَطَهُمْ عَجَمٌ غَيْرُهُمْ وَهُمْ مَعَهُمْ في الْقَسْمِ على الْجُوَارِ فَإِنْ كَانُوا عِنْدَ النُّجْعَةِ يَفْتَرِقُونَ مَرَّةً وَيَخْتَلِطُونَ أُخْرَى فَأُحِبُّ أَنْ لو قَسَّمَهَا على النَّسَبِ إذَا اسْتَوَتْ الْحَالَاتُ وكان النَّسَبُ عِنْدِي أَوْلَى فإذا اخْتَلَفَتْ الْحَالَاتُ فَالْجِوَارُ أَوْلَى من النَّسَبِ وَإِنْ قال من تَصَدَّقَ لنا فُقَرَاءُ على غَيْرِ هذا الْمَاءِ وَهُمْ كما وَصَفْت يَخْتَلِطُونَ في النُّجْعَةِ أُحْصُوا مَعًا ثُمَّ فُضَّ ذلك على الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ وَإِنْ كَانُوا بِأَطْرَافٍ من بَادِيَتِهِمْ مُتَبَاعِدَةٍ فكان يَكُونَ بَعْضُهُمْ بِالطَّرَفِ وهو له أَلْزَمُ قُسِمَ ذلك بَيْنَهُمْ وكان الطَّرَفُ الذي هو له أَلْزَمَ كَالدَّارِ لهم وَهَذَا إذَا كَانُوا مَعًا أَهْلَ نُجْعَةٍ لَا دَارَ لهم يُقِرُّونَ بها فَأَمَّا إنْ كانت لهم دَارٌ يَكُونُونَ بها أَلْزَمَ فَإِنِّي أُقَسِّمُهَا على الْجِوَارِ أَبَدًا وَأَهْلُ الْإِرَاكِ وَالْحَمْضِ من أَهْلِ الْبَادِيَةِ يَلْزَمُونَ مَنَازِلَهُمْ فَأُقَسِّمُ بَيْنَهُمْ على الْجِوَارِ في الْمَنَازِلِ وَإِنْ جَاوَرَهُمْ في مَنَازِلِهِمْ من ليس منهم قُسِّمَ على جِيرَانِهِمْ الْقَسْمُ على الْجِوَارِ إذَا كان جِوَارٌ وَعَلَى النَّسَبِ وَالْجِوَارِ إذَا كَانَا مَعًا وَلَوْ كان لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ مَعْدِنٌ قُسِّمَ ما يَخْرُجُ من الْمَعْدِنِ على من يَلْزَمُ قَرْيَةَ الْمَعْدِنِ وَإِنْ كَانُوا غُرَبَاءَ دُونَ ذَوِي نَسَبِ أَهْلِ الْمَعْدِنِ إذَا كَانُوا منه بَعِيدًا وَكَذَلِكَ لو كان لهم زَرْعٌ قُسِّمَ زَرْعُهُمْ على جِيرَانِ أَهْلِ الزَّرْعِ دُونَ ذَوِي النَّسَبِ إذَا كَانُوا بَعِيدًا من مَوْضِعِ الزَّرْعِ وَزَكَاةُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ تُقَسَّمُ على أَهْلِ السُّهْمَانِ من أَهْلِ الْقَرْيَةِ دُونَ أَهْلِ النَّسَبِ إذَا لم يَكُنْ أَهْلُ النَّسَبِ بِالْقَرْيَةِ وَكَانُوا منها بَعِيدًا وَكَذَلِكَ نَخْلُهُمْ
____________________

(2/88)


وَزَكَاةُ أَمْوَالِهِمْ وَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ من الصَّدَقَاتِ من قَرْيَةٍ إلَى غَيْرِهَا وَفِيهَا من يَسْتَحِقُّهَا وَلَا من مَوْضِعٍ إلَى غَيْرِهِ وَفِيهِ من يَسْتَحِقُّهُ وَأَوْلَى الناس بِالْقَسْمِ أَقْرَبُهُمْ جِوَارًا مِمَّنْ أُخِذَ الْمَالُ منه وَإِنْ بَعُدَ نَسَبُهُ إذَا لم يَكُنْ معه ذُو قَرَابَةٍ وإذا ولى الرَّجُلُ إخْرَاجَ زَكَاةِ مَالِهِ فَكَانَ له أَهْلُ قَرَابَةٍ بِبَلَدِهِ الذي يَقْسِمُهُ بِهِ وَجِيرَانٌ قَسَمَهُ عليهم مَعًا فَإِنْ ضَاقَ فَآثَرَ قَرَابَتَهُ فَحَسَنٌ عِنْدِي إذَا كَانُوا من أَهْلِ السُّهْمَانِ مَعًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا مُؤَلَّفَةً فَيَجْعَلُ سَهْمَ الْمُؤَلَّفَةِ وَسَهْمَ سَبِيلِ اللَّهِ في الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ في ثَغْرِ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ يَرَاهُ الْوَالِي وقال بَعْضُهُمْ بن السَّبِيلِ من يُقَاسِمُ الصَّدَقَاتِ في الْبَلَدِ الذي بِهِ الصَّدَقَاتُ من أَهْلِ الصَّدَقَاتِ أو غَيْرِهِمْ وقال أَيْضًا إنَّمَا قَسْمُ الصَّدَقَاتِ دَلَالَاتٌ فَحَيْثُ كانت الْكَثْرَةُ أو الْحَاجَةُ فَهِيَ أَسْعَدُ بِهِ كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ السُّهْمَانَ لو كانت أَلْفًا وكان غَارِمٌ غُرْمُهُ أَلْفٌ وَمَسَاكِينُ يُغْنِيهِمْ عَشَرَةُ آلَافٍ وَفُقَرَاءُ مِثْلُهُمْ يُغْنِيهِمْ ما يُغْنِيهِمْ وبن السَّبِيلِ مِثْلُهُمْ يُغْنِيهِمْ ما يُغْنِيهِمْ جُعِلَ لِلْغَارِمِ سَهْمٌ وَاحِدٌ من هَؤُلَاءِ فَكَانَ أَكْثَرُ الْمَالِ في الَّذِينَ معه لِأَنَّهُمْ أَكْثَرُ منه عَدَدًا وَحَاجَةً كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ الْمَالَ فَوْضَى بَيْنَهُمْ فَيَقْتَسِمُونَهُ على الْعَدَدِ وَالْحَاجَةِ لَا لِكُلِّ صِنْفٍ منهم سَهْمٌ وَمِنْ أَصْحَابِنَا من قال إذَا أُخِذَتْ صَدَقَةُ قَوْمٍ بِبَلَدٍ وكان آخَرُونَ بِبَلَدٍ مُجْدِبِينَ فَكَانَ أَهْلُ السُّهْمَانِ من أَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِينَ أُخِذَتْ صَدَقَاتُهُمْ إنْ تُرِكُوا تَمَاسَكُوا ولم يَجْهَدُوا جَهْدَ الْمُجْدِبِينَ الَّذِينَ لَا صَدَقَةَ بِبِلَادِهِمْ أو لهم صَدَقَةٌ يَسِيرَةٌ لَا تَقَعُ منهم مَوْقِعًا نُقِلَتْ إلَى الْمُجْدِبِينَ إذَا كَانُوا يُخَافُ عليهم الْمَوْتُ هُزْلًا إنْ لم يُنْقَلْ إلَيْهِمْ كَأَنَّهُ يَذْهَبُ أَيْضًا إلَى أَنَّ هذا الْمَالَ مَالٌ من مَالِ اللَّهِ عز وجل قَسَمَهُ لِأَهْلِ السُّهْمَانِ لِمَعْنَى صَلَاحِ عِبَادِ اللَّهِ فَيَنْظُرُ إلَيْهِمْ الْوَالِي فَيَنْقُلُ هذه إلَى هذه السُّهْمَانِ حَيْثُ كَانُوا على الِاجْتِهَادِ قَرُبُوا أو بَعُدُوا وَأَحْسِبُهُ يقول وَتُنْقَلُ سُهْمَانُ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ إلَى أَهْلِ الْفَيْءِ إنْ جَهَدُوا وَضَاقَ الْفَيْءُ عليهم وَيُنْقَلُ الْفَيْءُ إلَى أَهْلِ الصَّدَقَاتِ إنْ جَهَدُوا وَضَاقَتْ الصَّدَقَاتُ على مَعْنَى إرَادَةِ صَلَاحِ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا قُلْت بِخِلَافِ هذا الْقَوْلِ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَلَ الْمَالَ قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا قِسْمُ الصَّدَقَاتِ التي هِيَ طَهُورٌ قَسَمَهَا لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ وَوَكَّدَهَا وَجَاءَتْ سُنَّةُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِأَنْ تُؤْخَذَ من أَغْنِيَاءِ قَوْمٍ وَتُرَدَّ على فُقَرَائِهِمْ لَا فُقَرَاءِ غَيْرِهِمْ وَلِغَيْرِهِمْ فُقَرَاءُ فلم يَجُزْ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ فيها غَيْرُ ما قُلْت من أَنْ لَا تُنْقَلَ عن قَوْمٍ إلَى قَوْمٍ وَفِيهِمْ من يَسْتَحِقُّهَا وَلَا يَخْرُجُ سَهْمُ ذِي سَهْمٍ منهم إلَى غَيْرِهِ وهو يَسْتَحِقُّهُ وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يسمى اللَّهُ عز وجل أَصْنَافًا فَيَكُونُوا مَوْجُودِينَ مَعًا فَيُعْطَى أَحَدُهُمْ سَهْمَهُ وَسَهْمَ غَيْرِهِ لو جَازَ هذا عِنْدِي جَازَ أَنْ تُجْعَلَ في سَهْمٍ وَاحِدٍ فَيَمْنَعُ سَبْعَةً فَرْضًا فُرِضَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَمَّا أَهْلُ الْفَيْءِ فَلَا يَدْخُلُونَ على أَهْلِ الصَّدَقَاتِ ما كَانُوا يَأْخُذُونَ من الْفَيْءِ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كان في الْعَطَاءِ فَضُرِبَ عليه الْبَعْثُ في الْغَزْوِ وهو بَقَرِيَّةٍ فيها صَدَقَاتٌ لم يَكُنْ له أَنْ يَأْخُذَ من الصَّدَقَاتِ شيء ( ( ( شيئا ) ) ) فَإِنْ سَقَطَ من الْعَطَاءِ بِأَنْ قال لَا أَغْزُو وَاحْتَاجَ أعطى في الصَّدَقَةِ وَمَنْ كان من أَهْلِ الصَّدَقَاتِ بِالْبَادِيَةِ وَالْقُرَى مِمَّنْ لَا يَغْزُو عَدُوًّا فَلَيْسَ من أَهْلِ الْفَيْءِ فَإِنْ هَاجَرَ وَأُفْرِضَ وَغَزَا صَارَ من أَهْلِ الْفَيْءِ وَأَخَذَ منه وَلَوْ احْتَاجَ وهو في الْفَيْءِ لم يَكُنْ له أَنْ يَأْخُذَ من الصَّدَقَاتِ فَإِنْ خَرَجَ من الْفَيْءِ وَعَادَ إلَى الصَّدَقَاتِ فَذَلِكَ له - * الِاخْتِلَافُ - *

(2/89)


لهم ويعطى واحد ( ( ( واحدا ) ) ) ما لم يُفْرَضْ له وَاَلَّذِي يقول هذا الْقَوْلَ لَا يُخَالِفُنَا في أَنَّ رَجُلًا لو ( ( ( ولو ) ) ) قال أوصي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وأوصي بِثُلُثِ مَالِهِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ كانت الْأَرْضُ أَثْلَاثًا بين فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَكَذَلِكَ الثُّلُثُ وَلَا مُخَالِفَ عَلِمْته في أَنَّ رَجُلًا لو قال ثُلُثُ مَالِي لِفُقَرَاءِ بَنِي فُلَانٍ وَغَارِمِ بَنِي فُلَانٍ رَجُلٍ آخَرَ وَبَنِي سَبِيلٍ بَنِي فُلَانٍ رَجُلٍ آخَرَ أَنَّ كُلَّ صِنْفٍ من هَؤُلَاءِ يُعْطَوْنَ من ثُلُثِهِ وَأَنْ ليس لوصي ( ( ( أوصى ) ) ) وَلَا لِوَالٍ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدَ هَؤُلَاءِ الثُّلُثَ دُونَ صَاحِبِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ جَمِيعُ الْمَالِ لِلْفُقَرَاءِ دُونَ الْغَارِمِينَ وَلَا لِلْغَارِمِينَ دُونَ بَنِي السَّبِيلِ وَلَا صِنْفٍ مِمَّنْ سَمَّى دُونَ صِنْفٍ منهم أَفْقَرَ وَأَحْوَجَ من صِنْفٍ ثُمَّ يُعْطِيهِمُوهُ دُونَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ سَمَّى الْمُوصِي لِأَنَّ الْمُوصِيَ أو الْمُتَصَدِّقَ قد سَمَّى أَصْنَافًا فَلَا يَصْرِفُ مَالَ صِنْفٍ إلَى غَيْرِهِ وَلَا يَتْرُكُ من سَمَّى له لِمَنْ لم يُسَمِّ له معه لِأَنَّ كُلًّا ذُو حَقٍّ لِمَا سَمَّى له فَلَا يَصْرِفُ حَقَّ وَاحِدٍ إلَى غَيْرِهِ وَلَا يَصْرِفُ حَقَّهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لم يُسَمِّ له فإذا كان هذا عِنْدَنَا وَعِنْدَ قَائِلِ هذا الْقَوْلِ فما أَعْطَى الْآدَمِيُّونَ لَا يَجُوزُ أَنْ يمضى إلَّا على ما أَعْطَوْا فَعَطَاءُ اللَّهِ عز وجل أَحَقُّ أَنْ يَجُوزَ وَأَنْ يمضى على ما أعطي وَلَوْ جَازَ في أَحَدِ العطائين ( ( ( العطاءين ) ) ) أَنْ يُصْرَفَ عَمَّنْ أُعْطِيَهُ إلَى من لم يُعْطَهُ أو يُصْرَفَ حَقُّ صِنْفٍ أعطى إلَى صِنْفٍ أُعْطِيَهُ منهم كان في عَطَاءِ الْآدَمِيِّينَ أَجْوَزَ وَلَكِنَّهُ لَا يَجُوزُ في وَاحِدٍ مِنْهُمَا وإذا قَسَمَ اللَّهُ عز وجل الْفَيْءَ فقال { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ من شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ } الْآيَةَ وَسَنَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ لِمَنْ أَوْجَفَ على الْغَنِيمَةِ لِلْفَارِسِ من ذلك ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ فلم نَعْلَمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَضَّلَ الْفَارِسَ ذَا الْغَنَاءِ الْعَظِيمِ على الْفَارِسِ الذي ليس مثله ولم نَعْلَمْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا سَوَّوْا بين الْفَارِسَيْنِ حتى قالوا لو كان فَارِسٌ أَعْظَمَ الناس غَنَاءً وَآخَرُ جَبَانٌ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ قالوا في الرَّجَّالَةِ أَفَرَأَيْت لو عَارَضَنَا وَإِيَّاهُمْ مُعَارِضٌ فقال إذَا جَعَلْت أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ لِمَنْ حَضَرَ وَإِنَّمَا مَعْنَى الْحُضُورِ لِلْغَنَاءِ عن الْمُسْلِمِينَ وَالنِّكَايَةِ في الْمُشْرِكِينَ فَلَا أُخْرِجُ الْأَرْبَعَةَ الأخماس ( ( ( أخماس ) ) ) لِمَنْ حَضَرَ وَلَكِنَّنِي أحصى أَهْلَ الْغَنَاءِ مِمَّنْ حَضَرَ فأعطى الرَّجُلَ سَهْمَ مِائَةِ رَجُلٍ أو أَقَلَّ إذَا كان يَغْنَى مِثْلَ غَنَائِهِمْ أو أَكْثَرَ وَأَتْرُكُ الْجَبَانَ وَغَيْرَ ذِي النِّيَّةِ الذي لم يُغْنَ فَلَا أُعْطِيهِ أو أُعْطِيهِ جُزْءًا من مِائَةِ جُزْءٍ من سَهْمِ رَجُلٍ ذِي غَنَاءٍ أو أَكْثَرَ قَلِيلًا أو أَقَلَّ قَلِيلًا بِقَدْرِ غَنَائِهِ هل الْحُجَّةُ عليه إلَّا أَنْ يُقَالَ له لَمَّا قَسَمَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا فَكَانَ مَخْرَجُ الْخَبَرِ منه عَامًّا ولم نَعْلَمْهُ خَصَّ أَهْلَ الْغَنَاءِ بَلْ أَعْطَى من حَضَرَ على الْحُضُورِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَقَطْ دُونَ الْغَنَاءِ وَمَنْ خَالَفَنَا في قَسْمِ الصَّدَقَاتِ لَا يُخَالِفُنَا في قَسْمِ ما أَوْجَفَ عليه من الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ فَكَيْفَ جَازَ له أَنْ يُخَالِفَنَا في الصَّدَقَاتِ وقد قَسَمَ اللَّهُ عز وجل لهم أَبَيْنَ الْقَسْمِ فيعطى بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ وإذا كان لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَهُ في الْمُوجِفِينَ لو أَوَجَفُوا وَهُمْ أَهْلٌ ضعف لَا غَنَاءَ لهم على أَهْلِ ضَعْفٍ من الْمُشْرِكِينَ لَا غَنَاءَ عِنْدَهُمْ وكان بِإِزَائِهِمْ أَهْلُ غَنَاءٍ يُقَاتِلُونَ عَدُوًّا أَهْلَ شَوْكَةٍ شَدِيدَةٍ أَنْ يُعْطُوا مِمَّا أَوْجَفَ عليه الضُّعَفَاءُ من الْمُسْلِمِينَ من الضُّعَفَاءِ من الْمُشْرِكِينَ وَلَا يُعْطَاهُ الْمُسْلِمُونَ ذَوُو الْغَنَاءِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ الْمُشْرِكِينَ ذَوِي الْعَدَدِ وَالشَّوْكَةِ نَظَرًا للاسلام وَأَهْلِهِ حتى يُعْطَى بِالنَّظَرِ ما أَوْجَفَ عليه الْمُسْلِمُونَ الضُّعَفَاءُ على الْمُشْرِكِينَ الضُّعَفَاءِ إلَى الْمُسْلِمِينَ الْأَقْوِيَاءِ الْمُقَاتِلِينَ لِلشِّرْكِ الْأَقْوِيَاءِ لِأَنَّ عليه مُؤْنَةً عَظِيمَةً في قِتَالِهِمْ وَهُمْ أَعْظَمُ غَنَاءً عن الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنِّي أُعْطِي كُلَّ مُوجِفٍ حَقَّهُ فَكَيْفَ جَازَ أَنْ تُنْقَلَ صَدَقَاتُ قَوْمٍ يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا إلَى غَيْرِهِمْ إنْ كَانُوا أَحْوَجَ منهم أو يُشْرِكَهُمْ مَعَهُمْ أو يَنْقُلَهَا من صِنْفٍ منهم إلَى صِنْفٍ وَالصِّنْفُ الَّذِينَ نَقَلَهَا
____________________

(2/90)


عَنْهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى حَقِّهِمْ أو رَأَيْت لو قال قَائِلٌ لِقَوْمٍ أَهْلِ يُسْرٍ كَثِيرٍ أَوَجَفُوا على عَدُوٍّ أَنْتُمْ أَغْنِيَاءُ فَآخُذُ ما أَوَجَفْتُمْ عليه فَأُقَسِّمُهُ على أَهْلِ الصَّدَقَاتِ الْمُحْتَاجِينَ إذَا كان عَامُ سَنَةٍ لِأَنَّ أَهْلَ الصَّدَقَاتِ مُسْلِمُونَ من عِيَالِ اللَّهِ تعالي وَهَذَا مَالٌ من مَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَخَافُ إنْ حَبَسْت هذا عَنْهُمْ وَلَيْسَ يَحْضُرُنِي مَالٌ غَيْرُهُ أَنْ يَضُرَّ بِهِمْ ضَرَرًا شَدِيدًا وَأَخْذُهُ مِنْكُمْ لَا يَضُرُّ بِكُمْ هل تَكُونُ الْحُجَّةُ عليه إلَّا أَنْ يُقَالَ له من قَسَمَ له أَحَقُّ بِمَا قَسَمَ مِمَّنْ لم يَقْسِمْ له وَإِنْ كان من لم يَقْسِمْ له أَحْوَجَ وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ في أَهْلِ الصَّدَقَاتِ إنَّهَا بِقِسْمَةٍ مَقْسُومَةٍ لهم بَيِّنَةُ الْقَسْمِ أو رَأَيْت لو قال قَائِلٌ في أَهْلِ الْمَوَارِيثِ الَّذِينَ قَسَمَ اللَّهُ تَعَالَى لهم أو الَّذِينَ جاء أَثَرٌ بِالْقَسْمِ لهم أو فِيهِمَا مَعًا إنَّمَا وَرِثُوا بِالْقَرَابَةِ وَالْمُصِيبَةِ بِالْمَيِّتِ فَإِنْ كان منهم أَحَدٌ خَيْرًا لِلْمَيِّتِ في حَيَاتِهِ وَلِتَرِكَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَأَفْقَرَ إلَى ما تَرَكَ أُوثِرَ بِمِيرَاثِهِ لِأَنَّ كُلًّا ذُو حَقٍّ في حَالٍ هل تَكُونُ الْحُجَّةُ عليه إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا نَعْدُو ما قَسَمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَهَكَذَا الْحُجَّةُ في قَسْمِ الصَّدَقَاتِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) صَالَحَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَهْلَ ذِمَّةِ الْيَمَنِ على دِينَارٍ على كل وَاحِدٍ كُلَّ سَنَةٍ فَكَانَ في سُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يُؤْخَذَ من الرَّجُلِ دِينَارٌ أو قِيمَتُهُ من الْمَعَافِرِ كان ذلك إذَا لم يُوجَدْ الدِّينَارُ فَلَعَلَّ مُعَاذًا لو أَعَسَرُوا بِالدِّينَارِ أَخَذَ منهم الشَّعِيرَ وَالْحِنْطَةَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ ما عِنْدَهُمْ وإذا جَازَ أَنْ يَتْرُكَ الدِّينَارَ لِغَرَضٍ فَلَعَلَّهُ جَازَ عِنْدَهُ أَنْ يَأْخُذَ منهم طَعَامًا وَغَيْرَهُ من الْعَرَضِ بِقِيمَةِ الدَّنَانِيرِ فَأَسْرَعُوا إلَى أَنْ يُعْطُوهُ من الطَّعَامِ لِكَثْرَتِهِ عِنْدَهُمْ يقول الثِّيَابُ خَيْرٌ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ وَأَهْوَنُ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةً كَثِيرَةً في الْمَحْمَلِ لِلثِّيَابِ إلَى الْمَدِينَةِ وَالثِّيَابُ بها أَغْلَى ثَمَنًا فَإِنْ قال قَائِلٌ هذا تَأْوِيلٌ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِدَلَالَةٍ عَمَّنْ رَوَى عنه فَإِنَّمَا قُلْنَاهُ بِالدَّلَائِلِ عن مُعَاذٍ وهو الذي رَوَاهُ عنه هذا
أخبرنا مُطَرِّفُ بن مَازِنٍ عن مَعْمَرٍ عن بن طَاوُسٍ عن أبيه أَنَّ مُعَاذًا قَضَى أَيُّمَا رَجُلٍ انْتَقَلَ من مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ إلَى غَيْرِ مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ فَعُشْرُهُ وَصَدَقَتُهُ إلَى مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَبَيَّنَ في قِصَّةِ مُعَاذٍ أَنَّ هذا في الْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً وَذَلِكَ أَنَّ الْعُشْرَ وَالصَّدَقَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِلْمُسْلِمِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا رَأَى مُعَاذٌ في الرَّجُلِ الْمَأْخُوذِ منه الصَّدَقَةَ يَنْتَقِلُ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ عن مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ أَنْ تَكُونَ صَدَقَتُهُ وَعُشْرُهُ إلَى مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ وَذَلِكَ يَنْتَقِلُ بِصَدَقَةِ مَالِهِ النَّاضِّ وَالْمَاشِيَةِ فَيَجْعَلُ مُعَاذٌ صَدَقَتَهُ وَعُشْرَهُ لِأَهْلِ مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ لَا لِمَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِقَرَابَتِهِ دُونَ أَهْلِ الْمِخْلَافِ الذي انْتَقَلَ عنه وَإِنْ كان الْأَكْثَرُ أَنَّ مِخْلَافَ عَشِيرَتِهِ لِعَشِيرَتِهِ وَإِنَّمَا خَلَطَهُمْ غَيْرُهُمْ وَكَانَتْ الْعَشِيرَةُ أَكْثَرَ وَالْآخَرُ أَنَّهُ رَأَى أَنَّ الصَّدَقَةَ إذَا ثَبَتَتْ لِأَهْلِ مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ لم تُحَوَّلْ عَنْهُمْ صَدَقَتُهُ وَعُشْرُهُ بِتَحَوُّلِهِ وَكَانَتْ لهم كما تَثْبُتُ بَدْءًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُشْرُهُ وَصَدَقَتُهُ التي هِيَ بين ظَهَرَانِي مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ لَا تَتَحَوَّلُ عَنْهُمْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) الْحُجَّةُ على من قال هذا الْقَوْلَ أَكْثَرُ من هذا وَفِيهِ كِفَايَةٌ وَلَيْسَتْ في قَوْلِ من قال هذا شُبْهَةٌ يَنْبَغِي عِنْدِي أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهَا ذَاهِبٌ لِأَنَّهَا عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إبْطَالُ حَقِّ من جَعَلَ اللَّهُ عز وجل له حَقًّا وَإِبَاحَةُ أَنْ يَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ الْوَالِي فَيَنْقُلُهَا إلَى ذِي قَرَابَةٍ له وَاحِدٍ أو صِدِّيقٍ بِبَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الذي بِهِ الصَّدَقَاتُ إذَا كان من أَهْلِ السُّهْمَانِ ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَاحْتَجَّ مُحْتَجٌّ في نَقْلِ الصَّدَقَاتِ بِأَنْ قال إنَّ بَعْضَ من يُقْتَدَى بِهِ قال إنْ جُعِلَتْ في صِنْفٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ وَاَلَّذِي قال هذا الْقَوْلَ لَا يَكُونُ قَوْلُهُ حُجَّةً تُلْزِمُ وهو لو قال هذا لم يَكُنْ قال إنْ جُعِلَتْ في صِنْفٍ وَأَصْنَافٍ مَوْجُودَةٍ وَنَحْنُ نَقُولُ كما قال إذَا لم يُوجَدْ من الْأَصْنَافِ إلَّا صِنْفٌ أَجْزَأَ أَنْ تُوضَعَ فيه وَاحْتَجَّ بِأَنْ قال إنَّ طَاوُسًا رَوَى أَنَّ مُعَاذَ بن جَبَلٍ قال لِبَعْضِ أَهْلِ الْيَمَنِ ائْتُونِي بِعُرْضِ ثِيَابٍ آخُذُهَا مِنْكُمْ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ فإنه أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ

(2/91)


دُونَ النَّاضِّ الذي يَتَحَوَّلُ وَمُعَاذٌ إذْ حَكَمَ بهذا كان من أَنْ يَنْقُلَ صَدَقَةَ الْمُسْلِمِينَ من أَهْلِ الْيَمَنِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الصَّدَقَةِ إلي أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ أَكْثَرُهُمْ أَهْلُ الْفَيْءِ أَبْعَدَ وَفِيمَا رَوَيْنَا من هذا عن مُعَاذٍ ما يَدُلُّ على قَوْلِنَا لَا تُنْقَلُ الصَّدَقَةُ من جِيرَانِ الْمَالِ الْمَأْخُوذِ منه الصَّدَقَةُ إلَى غَيْرِهِمْ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَبِالْمَدِينَةِ صَدَقَاتُ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَالنَّاضِّ وَالْمَاشِيَةِ وَلِلْمَدِينَةِ سَاكِنٌ من الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَحُلَفَائِهِمَا وَأَشْجَعَ وَجُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ بها وَبِأَطْرَافِهَا وَغَيْرِهِمْ من قَبَائِلِ الْعَرَبِ فَعِيَالُ سَاكِنِ الْمَدِينَةَ بِالْمَدِينَةِ وَعِيَالُ عَشَائِرِهِمْ وَجِيرَانِهِمْ وقد يَكُونُ عِيَالُ سَاكِنِ أَطْرَافِهَا بها وَعِيَالُ جِيرَانِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ فَيُؤْتَوْنَ بها وَيَكُونُونَ مَجْمَعًا لِأَهْلِ السُّهْمَانِ كما تَكُونُ الْمِيَاهُ وَالْقُرَى مَجْمَعًا لِأَهْلِ السُّهْمَانِ من الْعَرَبِ وَلَعَلَّهُمْ اسْتَغْنَوْا فَنَقَلَهَا إلَى أَقْرَبِ الناس بِهِمْ دَارًا وَنَسَبًا وكان أَقْرَبُ الناس بِالْمَدِينَةِ دَارًا وَنَسَبًا فَإِنْ قال قَائِلٌ فإن عُمَرَ كان يَحْمِلُ على إبِلٍ كَثِيرَةٍ إلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ قِيلَ له لَيْسَتْ من نَعَمِ الصَّدَقَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا هِيَ من نَعَمِ الْجِزْيَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْمِلُ على ما يَحْتَمِلُ من الْإِبِلِ وَأَكْثَرُ فَرَائِضِ الْإِبِلِ لَا تَحْمِلُ أَحَدًا
أَخْبَرْنَا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن اسلم أَنَّ عُمَرَ كان يُؤْتَى بِنَعَمٍ كَثِيرَةٍ من نَعَمِ الْجِزْيَةِ
أَخْبَرْنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عن مُحَمَّدِ بن عبد اللَّهِ بن مَالِكِ الدَّارِ عن يحيى بن عبد اللَّهِ بن مَالِكٍ عن أبيه أَنَّهُ سَأَلَهُ أَرَأَيْت الْإِبِلَ التي كان يَحْمِلُ عليها عُمَرُ الْغُزَاةَ وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ قال أخبرني أبي أنها إبِلُ الْجِزْيَةِ التي كان يَبْعَثُ بها مُعَاوِيَةُ وَعَمْرُو بن الْعَاصِ قُلْت وَمِمَّنْ كانت تُؤْخَذُ قال من أَهْلِ جِزْيَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ تُؤْخَذُ من بنى تَغْلِبَ على وَجْهِهَا فَبِيعَتْ فَيُبْتَاعُ بها إبِلٌ جِلَّةٌ فَيَبْعَثُ بها إلَى عُمَرَ فَيَحْمِلُ عليها
أَخْبَرْنَا الثِّقَةُ من أَصْحَابِنَا عن عبد اللَّهِ بن أبي يحيى عن سَعِيدِ بن أبي هِنْدٍ قال بَعَثَ عبد الْمَلِكِ بَعْضَ الْجَمَاعَةِ بِعَطَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَتَبَ إلَى وَالِي الْيَمَامَةِ أَنْ يَحْمِلَ من الْيَمَامَةِ إلَى الْمَدِينَةِ أَلْفَ أَلْفَ دِرْهَمٍ يُتِمُّ بها عَطَاءَهُمْ فلما قَدِمَ الْمَالُ إلَى الْمَدِينَةِ أَبَوْا ان يَأْخُذُوهُ وَقَالُوا أَيُطْعِمُنَا أَوْسَاخَ الناس وما لَا يَصْلُحُ لنا أَنْ نَأْخُذَهُ لَا نَأْخُذُهُ أَبَدًا فَبَلَغَ ذلك عَبْدَ الْمَلِكِ فَرَدَّهُ وقال لَا تَزَالُ في الْقَوْمِ بَقِيَّةٌ ما فَعَلُوا هَكَذَا قُلْت لِسَعِيدِ بن أبي هِنْدٍ وَمَنْ كان يَوْمَئِذٍ يَتَكَلَّمُ قال أَوَّلُهُمْ سَعِيدُ بن الْمُسَيِّبِ وأبو بَكْرِ بن عبد الرحمن وَخَارِجَةُ بن زَيْدٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بن عبد اللَّهِ في رِجَالٍ كَثِيرَةٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقَوْلُهُمْ لَا يَصْلُحُ لنا أَيْ لَا يَحِلُّ لنا أَنْ نَأْخُذَ الصَّدَقَةَ وَنَحْنُ أَهْلُ الْفَيْءِ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْفَيْءِ في الصَّدَقَةِ حَقٌّ وَمِنْ أَنْ يَنْقُلَ عن قَوْمٍ إلَى قَوْمٍ غَيْرِهِمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أُخِذَتْ الْمَاشِيَةُ في الصَّدَقَةِ وسمت ( ( ( ووسمت ) ) ) وَأُدْخِلَتْ الْحَظِيرَ وَوُسِمَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ في أَفْخَاذِهَا وَالْغَنَمُ في أُصُولِ آذَانِهَا وَمِيسَمُ الصَّدَقَةِ مَكْتُوبٌ لِلَّهِ عز وجل وَتُوسَمُ الْإِبِلُ التي تُؤْخَذُ في الْجِزْيَةِ مِيسَمًا مُخَالِفًا لِمِيسَمِ الصَّدَقَةِ فَإِنْ قال قَائِلٌ ما دَلَّ على أَنَّ مِيسَمَ الصَّدَقَةِ مُخَالِفٌ لِمِيسَمِ الْجِزْيَةِ قِيلَ فإن الصَّدَقَةَ أَدَّاهَا مَالِكُهَا لِلَّهِ وَكُتِبَتْ لِلَّهِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَطَاوُسٌ لو ثَبَتَ عن مُعَاذٍ شَيْءٌ لم يُخَالِفْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَطَاوُسٌ يَحْلِفُ ما يَحِلُّ بَيْعُ الصَّدَقَاتِ قبل أَنْ تُقْبَضَ وَلَا بَعْدَ أَنْ تُقْبَضَ وَلَوْ كان ما ذَهَبَ إلَيْهِ من احْتَجَّ عَلَيْنَا بِأَنَّ مُعَاذًا بَاعَ الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ الذي يُؤْخَذُ من الْمُسْلِمِينَ بِالثِّيَابِ كان بَيْعُ الصَّدَقَةِ قبل أَنْ تُقْبَضَ وَلَكِنَّهُ عِنْدَنَا إنَّمَا قال ائْتُونِي بِعُرْضٍ من الثِّيَابِ فَإِنْ قال قَائِلٌ كان عَدِيُّ بن حَاتِمٍ جاء أَبَا بَكْرٍ بِصَدَقَاتٍ وَالزِّبْرِقَانُ بن بَدْرٍ وَهُمَا وَإِنْ جَاءَا بِمَا فَضَلَ عن أَهْلِهِ ما فَقَدْ نَقَلَاهَا إلَى الْمَدِينَةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَدِينَةِ أَقْرَبُ الناس نَسَبًا وَدَارًا مِمَّنْ يَحْتَاجُ إلَى سَعَةٍ من مُضَرَ وطيء ( ( ( وطيئ ) ) ) من الْيَمَنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ من حَوْلَهُمْ ارْتَدَّ فلم يَكُنْ لهم حَقٌّ في الصَّدَقَةِ وَيَكُونُ بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ حَقٍّ هُمْ أَقْرَبُ من غَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُؤْتَى بها أبو بَكْرٍ ثُمَّ يَأْمُرُ بِرَدِّهَا إلَى غَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ في ذلك عن أبي بَكْرٍ خَبَرٌ نَصِيرُ إلَيْهِ فَإِنْ قال قَائِلٌ إنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ كان يُؤْتَى بِنَعَمٍ من نِعَمِ الصَّدَقَةُ

(2/92)


عز وجل على أَنَّ مَالِكَهَا أَخْرَجَهَا لِلَّهِ عز وجل وَإِبِلُ الْجِزْيَةِ أُدِّيَتْ صِغَارًا لَا أَجْرَ لِصَاحِبِهَا فيها
أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن أبيه أَنَّهُ قال لِعُمَرَ إنَّ في الظَّهْرِ نَاقَةٌ عَمْيَاءُ قال أَمِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ أَمْ من نَعَمِ الصَّدَقَةِ قال بَلْ من نَعَمِ الْجِزْيَةِ وقال له إنَّ عليها مِيسَمَ الْجِزْيَةِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْمَعَادِنُ من الرِّكَازِ وفي كل ما أُصِيبَ من دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ أو لَا تَجِبُ فَهُوَ رِكَازٌ وَلَوْ أَصَابَهُ غَنِيٌّ أو فَقِيرٌ كان رِكَازًا فيه الْخُمْسُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ثُمَّ عَادَ لِمَا شَدَّدَ فيه كُلَّهُ فَأَبْطَلَهُ فَزَعَمَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا وَجَدَ رِكَازًا فَوَاسِعٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل أَنْ يَكْتُمَهُ الْوَالِي وَلِلْوَالِي أَنْ يَرُدَّهُ عليه بَعْدَ ما يَأْخُذُهُ منه وَيَدَعُهُ له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) أو رَأَيْت إذْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم جَعَلَ في الرِّكَازِ الْخُمْسَ وَزَعَمَ أَنَّ كُلَّ ما أُخِذَ من مُسْلِمٍ قَسْمٌ على قَسْمِ الصَّدَقَاتِ فَقَدْ أَبْطَلَ الْحَقَّ بِالسُّنَّةِ في أَخْذِهِ وَحَقَّ اللَّهِ عز وجل في قَسْمِهِ وَالْخُمْسُ إنَّمَا يَجِبُ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ في مَالِهِ لِمَسَاكِينَ جَعَلَهُ اللَّهُ عز وجل لهم فَكَيْفَ جَازَ لِلْوَالِي أَنْ يَتْرُكَ حَقًّا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عز وجل في مَالِهِ وَذَلِكَ الْحَقُّ لِمَنْ قَسَمَهُ اللَّهُ عز وجل له أَرَأَيْت لو قال قَائِلٌ هذا في عُشْرِ الطَّعَامِ أو زَكَاةِ الذَّهَبِ أو زَكَاةِ التِّجَارَةِ أو غَيْرِ ذلك مِمَّا يُؤْخَذُ من الْمُسْلِمِينَ ما الْحُجَّةُ عليه أَلَيْسَ أَنْ يُقَالَ إنَّ الذي عَلَيْك في مَالِك إنَّمَا هو شَيْءٌ وَجَبَ لِغَيْرِك فَلَا يَحِلُّ لِلسُّلْطَانِ تَرْكُهُ لَك وَلَا لَك حَبْسُهُ إنْ تَرَكَهُ لَك السُّلْطَانُ عَمَّنْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَسْت أَعْلَمُ من قال هذا في الرِّكَازِ وَلَوْ جَازَ هذا في الرِّكَازِ جَازَ في جَمِيعِ من وَجَبَ عليه حَقٌّ في مَالِهِ أَنْ يَحْبِسَهُ وَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يَدَعَهُ له فَيَبْطُلُ حَقٌّ من قَسْمِ اللَّهِ عز وجل له من أَهْلِ السُّهْمَانِ الثَّمَانِيَةِ فقال إنَّا رَوَيْنَا عن الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ أو خَمْسَةَ آلَافٍ فقال عَلِيُّ بن أبي طَالِبٍ رضي اللَّهُ تعالى عنه لَأَقْضِيَنَّ فيها قَضَاءً بَيِّنًا أَمَّا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ فَلَكَ وَخُمْسٌ لِلْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قال وَالْخُمْسُ مَرْدُودٌ عَلَيْك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا الْحَدِيثُ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا إذْ زَعَمَ أَنَّ عَلِيًّا قال وَخُمْسٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَالِي يَرَى لِلْمُسْلِمِينَ في مَالِ رَجُلٍ شيئا ثُمَّ يَرُدُّهُ عليه أو يَدَعُهُ له وَالْوَاجِبُ على الْوَالِي أَنْ لو مَنَعَ رَجُلٌ من الْمُسْلِمِينَ شيئا لهم في مَالِهِ أَنْ يُجَاهِدَهُ عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا عن عَلِيٍّ مُسْتَنْكَرٌ وقد روى عن عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ مَوْصُولٍ أَنَّهُ قال أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ لَك وَاقْسِمْ الْخُمْسَ على فُقَرَاءِ أَهْلِك وَهَذَا الْحَدِيثُ أَشْبَهَ بِعَلِيٍّ لَعَلَّ عَلِيًّا عَلِمَهُ أَمِينًا وَعَلِمَ في أَهْلِهِ فُقَرَاءَ من أَهْلِ السُّهْمَانِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْسِمَهُ فِيهِمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهُمْ مُخَالِفُونَ ما روى عن الشَّعْبِيِّ من وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ من كانت له مِائَتَا دِرْهَمٍ فَلَيْسَ لِلْوَالِي أَنْ يُعْطِيَهُ وَلَا له أَنْ يَأْخُذَ شيئا من السُّهْمَانِ الْمَقْسُومَةِ بين من سَمَّى اللَّهُ عز وجل وَلَا من الصَّدَقَةِ تَطَوُّعًا وَاَلَّذِي زَعَمُوا أَنَّ عَلِيًّا تَرَكَ له خُمْسَ رِكَازِهِ وَهَذَا رَجُلٌ له أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ له مَالٌ سِوَاهَا وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْوَالِيَ إذَا أَخَذَ منه وَاجِبًا في مَالِهِ لم يَكُنْ لِلْوَالِي أَنْ يَعُودَ بِمَا أَخَذَ منه عليه وَلَا على أَحَدٍ يعوله وَيَزْعُمُونَ أَنْ لو وَلِيَهَا هو دُونَ الْوَالِي لم يَكُنْ له حَبْسُهَا وَلَا دَفْعُهَا إلَى أَحَدٍ يَعُولُهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَاَلَّذِي رُوِيَ عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ تعالى عنه إعَادَتُهَا عليه بَعْدَ أَنْ أَخَذَهَا منه أو تَرْكُهَا له قبل أَنْ يَأْخُذَهَا منه وَهَذَا إبْطَالُهَا بِكُلِّ وَجْهٍ وَخِلَافُ ما يَقُولُونَ وإذا صَارَ له أَنْ يَكْتُمَهَا وَلِلْوَالِي أَنْ يَرُدَّهَا عليه فَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عليه وَتَرْكُهَا لَا تُؤْخَذُ منه وَأَخْذُهَا سَوَاءٌ وقد أَبْطَلَ بهذا الْقَوْلِ السُّنَّةَ في أَنَّ في الرِّكَازِ الْخُمْسَ وَأَبْطَلَ بِهِ حَقَّ من قَسَمَ اللَّهُ عز وجل له من أَهْلِ السُّهْمَانِ الثَّمَانِيَةِ فَإِنْ قال لَا يَصْلُحُ هذا إلَّا في الرِّكَازِ قِيلَ فإذا قال قَائِلٌ فإذا صَلُحَ في الرِّكَازِ وهو من الصَّدَقَاتِ صَلُحَ في كُلِّهَا وَلَوْ جَازَ لَك أَنْ تَخُصَّ
____________________
1- وَهَذَا يَدُلُّ على فَرْقٍ بين الْمِيسَمَيْنِ أَيْضًا وقال بَعْضُ الناس مِثْلَ قَوْلِنَا أَنَّ كُلَّ ما أُخِذَ من مُسْلِمٍ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الصَّدَقَاتِ وَقَالُوا سَبِيلُ الرِّكَازِ سَبِيلُ الصَّدَقَاتِ وَرَوَوْا مِثْلَ ما رَوَيْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال في الرِّكَازِ الْخَمْسُ

(2/93)


بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ قُلْت يَصْلُحُ في الْعُشُورِ وَصَدَقَاتِ الْمَاشِيَةِ وقال غَيْرِي وَغَيْرُك يَصْلُحُ في صَدَقَةِ الرِّقَّةِ وَلَا يَصْلُحُ في هذا فَإِنْ قال فَإِنَّمَا هو خُمْسٌ وَكَذَلِكَ الْحَقُّ فيه كما الْحَقُّ في الزَّرْعِ الْعُشْرُ وفي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ وفي الْمَاشِيَةِ مُخْتَلِفَةٌ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ كُلَّ هذا وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ من كُلٍّ بِقَدْرِ ما جُعِلَ فيه وَيُقْسَمُ كُلٌّ حَيْثُ قَسْمُ الصَّدَقَاتِ (1) * كِتَابُ الصِّيَامِ الصَّغِيرِ + *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن دِينَارٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَا تَصُومُوا حتى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حتى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهَذَا نَقُولُ فَإِنْ لم تَرَ الْعَامَّةُ هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَرَآهُ رَجُلٌ عَدْلٌ رَأَيْت أَنْ أَقْبَلَهُ لِلْأَثَرِ وَالِاحْتِيَاطِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا الدَّرَاوَرْدِيُّ عن مُحَمَّدِ بن عبد اللَّهِ بن عَمْرِو بن عُثْمَانَ عن أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عِنْدَ عَلِيٍّ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه على رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَصَامَ وَأَحْسِبُهُ قال وَأَمَرَ الناس أَنْ يَصُومُوا وقال أَصُومُ يَوْمًا من شَعْبَانَ أَحَبُّ إلى من أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا من رَمَضَانَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) بَعْدُ لَا يَجُوزُ على هِلَالِ رَمَضَانَ إلَّا شَاهِدَانِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا أَقْبَلُ عليه إلَّا شَاهِدَيْنِ وَهَذَا الْقِيَاسُ على كل مَعِيبٍ اسْتَدَلَّ عليه بِبَيِّنَةٍ وقال بَعْضُهُمْ جَمَاعَةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَقْبَلُ على رُؤْيَةِ هِلَالِ الْفِطْرِ إلَّا شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ وَأَكْثَرَ فَإِنْ صَامَ الناس بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ أو اثْنَيْنِ أَكْمَلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ إلَّا أَنْ يَرَوْا الْهِلَالَ أو تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرُؤْيَتِهِ فَيُفْطِرُوا وَإِنْ غُمَّ الشَّهْرَانِ مَعًا فَصَامُوا ثَلَاثِينَ فَجَاءَتْهُمْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ شَعْبَانَ رُئِيَ قبل صَوْمِهِمْ بِيَوْمٍ قَضَوْا يَوْمًا لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا يَوْمًا من رَمَضَانَ وَإِنْ غُمَّا فَجَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُمْ صَامُوا يوم الْفِطْرِ أَفْطَرُوا أَيْ سَاعَةَ جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ قبل الزَّوَالِ صَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ وَإِنْ كان بَعْدَ الزَّوَالِ لم يُصَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ وَهَذَا قَوْلُ من أَحْفَظُ عنه من أَصْحَابِنَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَخَالَفَهُ في هذا بَعْضُ الناس فقال فيه قبل الزَّوَالِ قَوْلَنَا وقال بَعْدَ الزَّوَالِ يَخْرُجُ بِهِمْ الْإِمَامُ من الْغَدِ وَلَا يصلى بِهِمْ في يَوْمِهِمْ ذلك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقِيلَ لِبَعْضِ من يَحْتَجُّ بهذا الْقَوْلِ إذَا كانت صَلَاةُ العبد ( ( ( العيد ) ) ) عِنْدَنَا وَعِنْدَك سُنَّةً لَا تُقْضَى إنْ تُرِكَتْ وَغَمَّك وَقْتٌ فَكَيْفَ أَمَرْت بها أَنْ تُعْمَلَ في غَيْرِهِ وَأَنْتَ إذَا مَضَى الْوَقْتُ تَعْمَلُ في وَقْتٍ لم تُؤْمَرْ بِأَنْ تَعْمَلَ مِثْلُ الْمُزْدَلِفَةِ إذَا مَرَّتْ لَيْلَتُهَا لم تُؤْمَرْ بِالْمَبِيتِ فيها وَالْجِمَارُ إذَا مَضَتْ أَيَّامُهَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) ثُمَّ خَالَفَنَا بَعْضُ الناس فِيمَا يُعْطَى من الصَّدَقَاتِ فقال لَا يَأْخُذُ منها أَحَدٌ له مَالٌ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ وَلَا يُعْطَى منها أَحَدٌ مِائَتِي دِرْهَمٍ وَلَا شَيْءٌ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان الرَّجُلُ لَا يَكُونُ له مِائَتَا دِرْهَمٍ وَلَا شَيْءٌ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ فَلَا يَحِلُّ له أَنْ يَأْخُذَ منها شيئا إذَا لم يَكُنْ مُحْتَاجًا بِضَعْفِ حِرْفَةٍ أو كَثْرَةِ عِيَالٍ وكان الرَّجُلُ يَكُونُ له أَكْثَرُ منها فَيَكُونُ مُحْتَاجًا بِضَعْفِ الْحِرْفَةِ أو بِغَلَبَةِ الْعِيَالِ فَكَانَتْ الْحَاجَةُ إنَّمَا هِيَ ما عَرَفَ الناس على قَدْرِ حَالِ الطَّالِبِ لِلزَّكَاةِ وَمَالِهِ لَا على قَدْرِ الْمَالِ فَقَطْ فَكَيْفَ إذَا كان الرَّجُلُ له مِائَةٌ من الْعِيَالِ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ لَا يُعْطَى وَهَذَا الْمُحْتَاجُ الْبَيِّنُ الْحَاجَةِ وَآخَرُ إنْ لم يَكُنْ له مِائَتَا دِرْهَمٍ وَلَا عِيَالَ له وَلَيْسَ بالغني أعطى وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ أَنَّ هذا الذي أُمِرَ بِإِعْطَائِهِ أَقْرَبُ من الْغِنَى وَاَلَّذِي نهى عن إعْطَائِهِ أَبْعَدُ من الغني وَلِمَ إذَا كان الْغَارِمُ يُعْطَى ما يُخْرِجُهُ من الْغُرْمِ لَا يُعْطَى الْفَقِيرُ ما يُخْرِجُهُ من الْفَقْرِ وهو أَنْ يَقُولَ إنْ أَخْرَجَهُ من الْفَقْرِ إلَى الْغِنَى مِائَةُ دِرْهَمٍ أو أَقَلُّ لم يَزِدْ عليها فَلِمَ إذَا لم يُخْرِجْهُ من الْفَقْرِ إلَى الْغِنَى إلَّا مِائَتَا دِرْهَمٍ لَا يُعْطَاهَا وهو يوم يُعْطَاهَا لَا زَكَاةَ عليه فيها إنَّمَا الزَّكَاةُ عليه فيها إذَا حَالَ عليها حَوْلٌ من يَوْمِ مَلَكَهَا

(2/94)


لم تُؤْمَرْ بِرَمْيِهَا وَأُمِرْت بِالْفِدْيَةِ فِيمَا فيه فِدْيَةٌ من ذلك وَمِثْلُ الرَّمَلِ إذَا مَضَتْ الْأَطْوَافُ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَأْمُرَ بِهِ في الْأَرْبَعَةِ الْبَوَاقِي لِأَنَّهُ مَضَى وَقْتُهُ وَلَيْسَ منه بَدَلٌ بِكَفَّارَةٍ وإذا أَمَرْت بِالْعِيدِ في غَيْرِ وَقْتِهِ فَكَيْفَ لم تَأْمُرْ بِهِ بَعْدَ الظُّهْرِ من يَوْمِهِ وَالصَّلَاةُ تَحِلُّ في يَوْمِهِ وَأَمَرْت بها من الْغَدِ وَيَوْمُ الْفِطْرِ أَقْرَبُ من وَقْتِ الْفِطْرِ من غَدِهِ ( قال ) فَإِنَّهَا من غَدٍ تُصَلَّى في مِثْلِ وَقْتِهِ قِيلَ له أو ليس تَقُولُ في كل ما فَاتَ مِمَّا يقضي من الْمَكْتُوبَاتِ يقضي إذَا ذُكِرَ فَكَيْفَ خَالَفْت بين هذا وَبَيْنَ ذلك فَإِنْ كانت عِلَّتُك الْوَقْتَ فما تَقُولُ فيه إنْ تَرَكْته من غَدِهِ أَتُصَلِّيهِ بَعْدَ غَدِهِ في ذلك الْوَقْتِ قال لَا قِيلَ فَقَدْ تَرَكْت عِلَّتَك في أَنْ تُصَلِّيَ في مِثْلِ ذلك الْوَقْتِ فما حُجَّتُك فيه قال رَوَيْنَا فيه شيئا عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قُلْنَا قد سَمِعْنَاهُ وَلَكِنَّهُ ليس مِمَّا يَثْبُتُ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَنْتَ تُضَعِّفُ ما هو أَقْوَى منه وإذا زَعَمْت أَنَّهُ ثَابِتٌ فَكَيْفَ يقضى في غَدِهِ ولم تَنْهَهُ أَنْ يقضى بَعْدَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَقُولَ يقضى بَعْدَ أَيَّامٍ وَإِنْ طَالَتْ الْأَيَّامُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) بَعْدُ لَا يُصَلِّي إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ من يَوْمِ الْفِطْرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْهِلَالَ رُئِيَ في زَمَنِ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ بِعَشِيٍّ فلم يُفْطِرْ عُثْمَانُ حتى غَابَتْ الشَّمْسُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا نَقُولُ إذَا لم يُرَ الْهِلَالُ ولم يُشْهَدْ عليه أَنَّهُ رئى لَيْلًا لم يُفْطِرْ الناس بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ في النَّهَارِ كان ذلك قبل الزَّوَالِ أو بَعْدَهُ وهو وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هِلَالُ اللَّيْلَةِ التي تَسْتَقْبِلُ وقال بَعْضُ الناس فيه إذَا رُئِيَ بَعْدَ الزَّوَالِ قَوْلُنَا وإذا رُئِيَ قبل الزَّوَالِ أَفْطَرُوا وَقَالُوا إنَّمَا اتَّبَعْنَا فيه أَثَرًا رَوَيْنَاهُ وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ فَقُلْنَا الْأَثَرُ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ من الْقِيَاسِ فَإِنْ كان ثَابِتًا فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) اذا رَأَى الرَّجُلُ هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ يَصُومُ لَا يَسَعُهُ غَيْرُ ذلك وَإِنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ فَيُفْطِرُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ شَكٌّ أو يَخَافَ أَنْ يُتَّهَمَ على الِاسْتِخْفَافِ بِالصَّوْمِ - * بَابُ الدُّخُولِ في الصِّيَامِ وَالْخِلَافِ فيه - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ فقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يجزئ صَوْمُ رَمَضَانَ إلَّا بِنِيَّةٍ كما لَا تُجْزِي الصَّلَاةُ إلَّا بِنِيَّةٍ وَاحْتُجَّ فيه بِأَنَّ بن عُمَرَ قال لَا يَصُومُ إلَّا من أَجْمَعَ الصِّيَامَ قبل الْفَجْرِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَانَ هذا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على شَهْرِ رَمَضَانَ خَاصَّةً وَعَلَى ما أَوْجَبَ الْمَرْءُ على نَفْسِهِ من نَذْرٍ أو وَجَبَ عليه من صَوْمٍ فَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ قبل الزَّوَالِ ما لم يَأْكُلْ ولم يَشْرَبْ فَخَالَفَ في هذا الْقَوْلِ بَعْضُ الناس فقال مَعْنَى قَوْلِ بن عُمَرَ هذا على النَّافِلَةِ فَلَا يَجُوزُ في النَّافِلَةِ من الصَّوْمِ وَيَجُوزُ في شَهْرِ رَمَضَانَ وَخَالَفَ في هذا الْآثَارَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقِيلَ لِقَائِلِ هذا الْقَوْلِ لِمَ زَعَمْت أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ يجزئ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَلَا يجزئ صَوْمُ النَّذْرِ وَلَا صَوْمُ الْكَفَّارَاتِ إلَّا بِنِيَّةٍ وَكَذَلِكَ عِنْدَك لَا تُجْزِي الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَلَا نَذْرُ الصَّلَاةِ وَلَا التَّيَمُّمُ إلَّا بِنِيَّةٍ ( قال ) لِأَنَّ صَوْمَ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَاتِ بِغَيْرِ وَقْتٍ مَتَى عَمِلَهُ أَجْزَأَ عنه وَالصَّلَاةُ وَالنِّيَّةُ لِلتَّيَمُّمِ بِوَقْتٍ قِيلَ له ما تَقُولُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وأنا أُحِبُّ أَنْ أَذْكُرَ فيه شيئا وَإِنْ لم يَكُنْ ثَابِتًا وكان يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ تَطَوُّعًا أَنْ يَفْعَلَ من الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ إنْ لم يَفْعَلْ من الْغَدِ لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ وَأَنْ يَفْعَلَ الْمَرْءُ ما ليس عليه أَحَبُّ إلى من أَنْ يَدَعَ ما عليه وَإِنْ لم يَكُنْ الْحَدِيثُ ثَابِتًا فإذا كان يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ بِالتَّطَوُّعِ فَهَذَا خَيْرٌ إراده اللَّهُ بِهِ أَرْجُو أَنْ يَأْجُرَهُ اللَّهُ عليه بِالنِّيَّةِ في عَمَلِهِ

(2/95)


فِيمَنْ قال لِلَّهِ على أَنْ أَصُومَ شَهْرًا من هذه السَّنَةِ فَأَمْهَلَ حتى إذَا كان آخَرُ شَهْرٍ منها فَصَامَهُ لَا يَنْوِي بِهِ النَّذْرَ قال لَا يُجَزِّئُهُ قِيلَ قد وَقَّتَ السَّنَةَ ولم يَبْقَ منها إلَّا هذا الشَّهْرُ فَصَارَ إنْ لم يَصُمْهُ يَخْرُجْ من الْوَقْتِ وَقِيلَ له ما تَقُولُ إنْ تَرَكَ الظُّهْرَ حتى لَا يَبْقَى عليه من وَقْتِهَا إلَّا ما يُكْمِلُهَا فيه ثُمَّ صلى أَرْبَعًا كَفَرْضِ الصَّلَاةِ لَا ينوى الظُّهْرَ قال لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لم يَنْوِ الظُّهْرَ قال الشَّافِعِيُّ لَا أَعْلَمُ بين رَمَضَانَ وَبَيْنَ هذا فَرْقًا وقد اعْتَلَّ بِالْوَقْتِ فَأَوْجَدْنَا الْوَقْتَ في الْمَكْتُوبَةِ مَحْدُودًا وَمَحْصُورًا يَفُوتُ إنْ تَرَكَ الْعَمَلَ فيه فَأَوْجَدْنَاهُ ذلك في النَّذْرِ ثُمَّ أَوْجَدْنَاهُ في الْوَقْتَيْنِ الْمَحْصُورَيْنِ كِلَاهُمَا عَمَلًا كَعَمَلِ الْمَكْتُوبَةِ وَعَمَلِ النَّذْرِ وَلَيْسَ في الْوَقْتَيْنِ فَضْلٌ لِلْمَكْتُوبَةِ وَالنَّذْرِ لِأَنَّهُ لم يَبْقَ لِلْمَكْتُوبَةِ وَالنَّذْرِ مَوْضِعٌ إلَّا هذا الْوَقْتُ الذي عَمِلَهُمَا فيه لِأَنَّهُ عَمِلَهُمَا في آخِرِ الْوَقْتِ فَزَعَمَ أَنَّهُمَا لَا يُجْزِيَانِ إذَا لم يَنْوِ بِهِمَا الْمَكْتُوبَةَ وَالنَّذْرَ فَلَوْ كانت الْعِلَّةُ أَنَّ الْوَقْتَ مَحْصُورٌ انْبَغَى أَنْ يَزْعُمَ هَا هُنَا أَنَّ الْمَكْتُوبَةَ وَالنَّذْرَ يُجْزِيَانِ إذَا كان وَقْتُهُمَا مَحْصُورًا كما يجزئ رَمَضَانُ إذَا كان وَقْتُهُ مَحْصُورًا - * بَابُ صَوْمِ رَمَضَانَ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا قال ذلك فِيمَا عَلِمْت بِالرَّأْيِ وَكَذَلِكَ قال فيه أَصْحَابُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالرَّأْيِ فِيمَا عَلِمْت وَلَكِنْ مَعَهُمْ قِيَاسٌ فَصَحَّ فيه لِمَنْ خَالَفَهُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا فِيمَا أَرَى أَحْسَنُ وَأَوْلَى أَنْ يُقَالَ بِهِ إذَا كان قِيَاسًا - * بَابُ ما يُفَطِّرُ الصَّائِمَ وَالسُّحُورِ وَالْخِلَافُ فيه - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْوَقْتُ الذي يَحْرُمُ فيه الطَّعَامُ على الصَّائِمِ حين يَتَبَيَّنُ الْفَجْرَ الْآخِرَ مُعْتَرِضًا في الْأُفُقِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ وَكَذَلِكَ قال اللَّهُ عز وجل { ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ أَكَلَ فِيمَا بين هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ أو شَرِبَ عَامِدًا لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ذَاكِرًا لِلصَّوْمِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن أَخِيهِ خَالِدِ بن أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه أَفْطَرَ في رَمَضَانَ في يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ وَرَأَى أَنَّهُ قد أَمْسَى وَغَابَتْ الشَّمْسُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فقال يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قد طَلَعَتْ الشَّمْسُ فقال عُمَرُ الْخَطْبُ يَسِيرٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَضَاءَ يَوْمٍ مَكَانَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وأستحب التَّأَنِّي بِالسُّحُورِ ما لم يَكُنْ في وَقْتٍ مُقَارِبٍ يَخَافُ أَنْ يَكُونَ الْفَجْرُ طَلَعَ فَإِنِّي أُحِبُّ قَطْعَهُ في ذلك الْوَقْتِ فَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وفي فيه شَيْءٌ قد أَدْخَلَهُ وَمَضَغَهُ لَفَظَهُ لِأَنَّ إدْخَالَهُ فَاهُ لَا يَصْنَعُ شيئا إنَّمَا يَفْطُرُ بِإِدْخَالِهِ جَوْفَهُ فَإِنْ ازْدَرَدَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَضَى يَوْمًا مَكَانَهُ وَاَلَّذِي لَا يقضى فيه من ذلك الشَّيْءُ يَبْقَى بين أَسْنَانِهِ في بَعْضِ فيه مِمَّا يُدْخِلُهُ الرِّيقُ لَا يَمْتَنِعُ منه فإن ذلك عِنْدِي خَفِيفٌ فَلَا يَقْضِي فَأَمَّا كُلُّ ما عد ( ( ( عدا ) ) ) إدْخَالَهُ مِمَّا يَقْدِرُ على لَفْظِهِ فَيُفْطِرُهُ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( وقال بَعْدُ ) نُفَطِّرُهُ بِمَا بين أَسْنَانِهِ إذَا كان يَقْدِرُ على طَرْحِهِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ فَمَنْ قال لَا يجزئ رَمَضَانُ إلَّا بِنِيَّةٍ فَلَوْ اشْتَبَهَتْ عليه الشُّهُورُ وهو أَسِيرٌ فَصَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ يَنْوِي بِهِ التَّطَوُّعَ لم يُجْزِهِ وكان عليه أَنْ يأتى بِالْبَدَلِ منه وَمَنْ قال يجزئ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَقَدْ أَجْزَأَ عنه غير أَنَّ قَائِلَ هذا الْقَوْلِ قد أَخْطَأَ قَوْلَهُ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَزَعَمَ أَنَّ رَجُلًا لو أَصْبَحَ يَرَى أَنَّهُ يَوْمٌ من شَعْبَانَ فلم يَأْكُلْ ولم يَشْرَبْ ولم يَنْوِ الْإِفْطَارَ فَعَلِمَ أَنَّهُ من رَمَضَانَ قبل نِصْفِ النَّهَارِ فَأَمْسَكَ عن الطَّعَامِ أَجْزَأَ عنه من شَهْرِ رَمَضَانَ وَهَذَا يُشْبِهُ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ ثُمَّ قال وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ فَأَمْسَكَ وَنَوَى الصِّيَامَ لم يُجْزِهِ وكان عليه أَنْ يأتى بِيَوْمٍ مَكَانَهُ وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ

(2/96)


( قال الرَّبِيعُ ) إلَّا أَنْ يَغْلِبَهُ وَلَا يَقْدِرُ على دَفْعِهِ فَيَكُونُ مُكْرَهًا فَلَا شَيْءَ عليه وهو مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيُّ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) كَأَنَّهُمَا يَرَيَانِ تَأْخِيرَ ذلك وَاسِعًا لَا أَنَّهُمَا يَعْمِدَانِ الْفَضْلَ لِتَرْكِهِ بَعْدَ أَنْ أُبِيحَ لَهُمَا وَصَارَا مُفْطِرَيْنِ بِغَيْرِ أَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَصْلُحُ في اللَّيْلِ وَلَا يَكُونُ بِهِ صَاحِبُهُ صَائِمًا وَإِنْ نَوَاهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَجِمَ الصَّائِمُ وَلَا يُفْطِرُهُ ذلك
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كان يَحْتَجِمُ وهو صَائِمٌ ثُمَّ تَرَكَ ذلك
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه أَنَّهُ لم يَرَ أَبَاهُ قَطُّ احْتَجَمَ وهو صَائِمٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا فُتْيَا كَثِيرٍ مِمَّنْ لَقِيت من الْفُقَهَاءِ وقد رُوِيَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ وَرُوِيَ عنه أَنَّهُ احْتَجَمَ صَائِمًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَعْلَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا ثَابِتًا وَلَوْ ثَبَتَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قُلْت بِهِ فَكَانَتْ الْحُجَّةُ في قَوْلِهِ وَلَوْ تَرَكَ رَجُلٌ الْحِجَامَةَ صَائِمًا لِلتَّوَقِّي كان أَحَبَّ إلى وَلَوْ احْتَجَمَ لم أَرَهُ يُفْطِرُهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) من تَقَيَّأَ وهو صَائِمٌ وَجَبَ عليه الْقَضَاءُ وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عليه وَبِهَذَا أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ أَكَلَ أو شَرِبَ نَاسِيًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ وَلَا قَضَاءَ عليه وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عن أبي هُرَيْرَةَ وقد قِيلَ إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قد رَفَعَهُ من حديث رَجُلٍ ليس بِحَافِظٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا يقضى وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِقَوْلِهِ وقال بَعْضُ الناس بِمِثْلِ قَوْلِنَا لَا يَقْضِي وَالْحُجَّةُ عليهم في الْكَلَامِ في الصَّلَاةِ سَاهِيًا وَتَفْرِيقُهُ بين الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ في الصَّوْمِ حُجَّةٌ عليهم في الصَّلَاةِ بَلْ الْكَلَامُ في الصَّلَاةِ نَاسِيًا أَثْبَتُ وَأَوْلَى لِأَنَّهُ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَكَيْفَ فَرَّقَ بين الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ في الصَّوْمِ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لم يَرَ على من أَكَلَ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ قَضَاءً فَرَأْيُ أبي هُرَيْرَةَ حُجَّةٌ فَرَّقَ بها بين الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ وهو عِنْدَنَا حُجَّةٌ ثُمَّ تَرَكَ رِوَايَةَ أبي هُرَيْرَةَ وبن عُمَرَ وَعِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ وَطَلْحَةَ بن عُبَيْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حديث ذِي الْيَدَيْنِ وَفِيهِ ما دَلَّ على الْفَرْقِ بين الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ في الصَّلَاةِ فَهَذَا عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثَابِتٌ وما جاء عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَوْجَبُ مِمَّا جاء عن غَيْرِهِ فَتَرَكَ الْأَوْجَبَ وَالْأَثْبَتَ وَأَخَذَ بِاَلَّذِي هو أَضْعَفُ عِنْدَهُ وَعَابَ غَيْرَهُ إذْ زَعَمَ أَنَّ الْعَمْدَ في الصَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ سَوَاءٌ ثُمَّ قال بِمَا عَابَ في الصَّلَاةِ فَزَعَمَ أَنَّ الْعَمْدَ وَالنِّسْيَانَ سَوَاءٌ ثُمَّ لم يَقُمْ بِذَلِكَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) من احْتَلَمَ في رَمَضَانَ اغْتَسَلَ ولم يَقْضِ وَكَذَلِكَ من أَصَابَ أَهْلَهُ ثُمَّ طَلَعَ الْفَجْرُ قبل أَنْ يَغْتَسِلَ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَمَّ صَوْمَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وهو مَجَامِعُ فَأَخْرَجَهُ من سَاعَتِهِ أَتَمَّ صَوْمَهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ على الْخُرُوجِ من الْجِمَاعِ إلَّا بهذا وَإِنْ ثَبَّتَ شيئا آخَرَ أو حَرَّكَهُ لِغَيْرِ إخْرَاجٍ وقد بَانَ له الْفَجْرُ كَفَّرَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن عبد الرحمن بن مَعْمَرٍ عن أبي يُونُسَ مولى عَائِشَةَ عن عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها أَنَّ رَجُلًا قال لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَهِيَ تَسْمَعُ إنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وأنا أُرِيدُ الصِّيَامَ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وأنا أُصْبِحُ جُنُبًا وأنا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَأَغْتَسِلُ ثُمَّ أَصُومُ ذلك الْيَوْمَ فقال الرَّجُلُ إنَّك لَسْت مِثْلَنَا قد غَفَرَ اللَّهُ لَك ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِك وما تَأَخَّرَ فَغَضِبَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ تَعْجِيلَ الْفِطْرِ وَتَرْكِ تَأْخِيرِهِ وَإِنَّمَا أَكْرَهُ تَأْخِيرَهُ إذَا عَمَدَ ذلك كَأَنَّهُ يَرَى الْفَضْلَ فيه
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن أبي حَازِمِ بن دِينَارٍ عن سَهْلِ بن سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا يَزَالُ الناس بِخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الْفِطْرَ ولم يُؤَخِّرُوهُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن حُمَيْدِ بن عبد الرحمن بن عَوْفٍ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانَا يُصَلِّيَانِ الْمَغْرِبَ حين يَنْظُرَانِ اللَّيْلَ أسود ثُمَّ يُفْطِرَانِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ في رَمَضَانَ

(2/97)


رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وقال وَاَللَّهِ إنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أتقى (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا حُجَّةٌ لنا على من قال في الْمُطَلَّقَةِ لِزَوْجِهَا عليها الرَّجْعَةُ حتى تَغْتَسِلَ من الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وقد قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } وَالْقُرْءُ عِنْدَهُ الْحَيْضَةُ فما بَالُ الْغُسْلِ وَإِنْ وَجَبَ بِالْحَيْضِ فَهُوَ غَيْرُ الْحَيْضِ فَلَوْ كان حُكْمُهُ إذَا وَجَبَ بِهِ حُكْمَ الْحَيْضِ كان حُكْمُ الْغُسْلِ إذَا وَجَبَ بِالْجِمَاعِ حُكْمَ الْجِمَاعِ فَأَفْطَرَ وَكَفَّرَ من أَصْبَحَ جَنْبًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال فَقَدْ رُوِيَ فيه شَيْءٌ فَهَذَا أَثْبَتُ من تِلْكَ الرِّوَايَةِ لَعَلَّ تِلْكَ الرِّوَايَةَ كانت بِأَنْ سمع صَاحِبُهَا من أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ على مَعْنَى إذَا كان الْجِمَاعُ بَعْدَ الْفَجْرِ أو عَمِلَ فيه بَعْدَ الْفَجْرِ كما وَصَفْنَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ حَرَّكَتْ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ كَرِهْتهَا له وَإِنْ فَعَلَهَا لم يُنْقَضْ صَوْمُهُ وَمَنْ لم تُحَرِّكْ شَهْوَتَهُ فَلَا بَأْسَ له بِالْقُبْلَةِ وَمِلْكُ النَّفْسِ في الْحَالَيْنِ عنها أَفْضَلُ لِأَنَّهُ مَنْعُ شَهْوَةٍ يُرْجَى من اللَّهِ تَعَالَى ثَوَابُهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يُنْقَضُ صَوْمُهُ لِأَنَّ الْقُبْلَةَ لو كانت تَنْقُضُ صَوْمَهُ لم يُقَبِّلْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ولم يُرَخِّصْ بن عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ فيها كما لَا يُرَخِّصُونَ فِيمَا يُفْطِرُ وَلَا يَنْظُرُونَ في ذلك إلَى شَهْوَةٍ فَعَلَهَا الصَّائِمُ لها وَلَا غَيْرِ شَهْوَةٍ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ قالت إنْ كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وهو صَائِمٌ ثُمَّ تَضْحَكُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ أَنَّ عَائِشَةَ كانت إذَا ذَكَرَتْ ذلك قالت وَأَيُّكُمْ أَمْلَكُ لأربه من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه أَنَّهُ قال لم أَرَ الْقُبْلَةَ تَدْعُو إلَى خَيْرٍ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ أَنَّ بن عَبَّاسٍ سُئِلَ عن الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ فَأَرْخَصَ فيها لِلشَّيْخِ وَكَرِهَهَا لِلشَّابِّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على ما وَصَفْت ليس اخْتِلَافًا منهم وَلَكِنْ على الِاحْتِيَاطِ لِئَلَّا يَشْتَهِيَ فَيُجَامِعَ وَبِقَدْرِ ما يَرَى من السَّائِلِ أو يَظُنُّ بِهِ - * بَابُ الْجِمَاعِ في رَمَضَانَ وَالْخِلَافُ فيه - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن بن شِهَابٍ عن حُمَيْدِ بن عبد الرحمن عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ في شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَمَرَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أو صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعِينَ أو إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا قال إنِّي لَا أَجِدُ فَأَتَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعَرَقِ تَمْرٍ فقال خُذْ هذا فَتَصَدَّقْ بِهِ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ ما أَجِدُ أَحَدًا أَحْوَجَ مِنِّي فَضَحِكَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حتى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قال كُلْهُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن عَطَاءٍ الخرساني ( ( ( الخراساني ) ) ) عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ قال أتى أَعْرَابِيٌّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَنْتِفُ شَعْرَهُ وَيَضْرِبُ نَحْرَهُ وَيَقُولُ هَلَكَ الْأَبْعَدُ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وما ذَاكَ قال أَصَبْت أَهْلِي في رَمَضَانَ وأنا صَائِمٌ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم هل تستطيع ( ( ( تسطيع ) ) ) أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً قال لَا قال فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُهْدِيَ بَدَنَةً قال لَا قال فَاجْلِسْ فَأَتَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعَرَقِ تَمْرٍ فقال خُذْ هذا فَتَصَدَّقَ بِهِ فقال ما أَجِدُ أَحَدًا أَحْوَجَ مِنِّي قال فَكُلْهُ وَصُمْ يَوْمًا مَكَان ما أَصَبْت قال عَطَاءٌ فَسَأَلْت سَعِيدًا كَمْ في ذلك الْعَرَقِ قال ما بين خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا إلَى عِشْرِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي حَدِيثٍ غَيْرِ هذا فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ يُعْتِقُ فَإِنْ لم يَقْدِرْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لم يَقْدِرْ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقَوْلُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كُلْهُ واطعمه أَهْلَك يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ منها أَنَّهُ لَمَّا كان في الْوَقْتِ الذي أَصَابَ أَهْلَهُ فيه ليس مِمَّنْ يَقْدِرُ على وَاحِدَةٍ من الْكَفَّارَاتِ تَطَوَّعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عنه
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد جاء هذا من غَيْرِ هذا الْوَجْهِ وهو قَوْلُ الْعَامَّةِ عِنْدَنَا وفي أَكْثَرِ الْبُلْدَانِ فَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّهُ جُنُبٌ من جِمَاعٍ في رَمَضَانَ فإن الْجِمَاعَ كان وهو مُبَاحٌ وَالْجَنَابَةُ بَاقِيَةٌ بِمَعْنًى مُتَقَدِّمٍ وَالْغُسْلُ ليس من الصَّوْمِ بِسَبِيلٍ وَإِنْ وَجَبَ بِالْجِمَاعِ فَهُوَ غَيْرُ الْجِمَاعِ

(2/98)


بِأَنْ قال له في شَيْءٍ أتى بِهِ كَفِّرْ بِهِ فلما ذَكَرَ الْحَاجَةَ ولم يَكُنْ الرَّجُلُ قَبَضَهُ قال كُلْهُ وَأَطْعِمْهُ أَهْلَك وَجَعَلَ له التَّمْلِيكَ حِينَئِذٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَلَكَهُ فلما مَلَكَهُ وهو مُحْتَاجٌ كان إنَّمَا يَكُونُ عليه الْكَفَّارَةُ إذَا كان عِنْدَهُ فَضْلٌ فلم يَكُنْ عِنْدَهُ فَضْلٌ فَكَانَ له أَكْلُهُ هو وَأَهْلُهُ وَيَحْتَمِلُ في هذا أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ دَيْنًا عليه مَتَى أَطَاقَهَا أو شيئا منها وَإِنْ كان ذلك ليس في الْخَبَرِ وكان هذا أَحَبَّ إلَيْنَا وَأَقْرَبَ من الِاحْتِيَاطِ وَيَحْتَمِلُ أن كان لَا يَقْدِرُ على شَيْءٍ من الْكَفَّارَاتِ فَكَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُكَفِّرَ عنه وَأَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَضَعَهُ عليه وَعَلَى أَهْلِهِ إنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ وَيُجْزِي عَنْهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إذَا لم يَقْدِرْ في حَالِهِ تِلْكَ على الْكَفَّارَةِ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ سَاقِطَةً عنه إذَا كان مَغْلُوبًا كما تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عن الْمُغْمَى عليه إذَا كان مَغْلُوبًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيَحْتَمِلُ إذَا كَفَّرَ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ بَدَلًا من الصِّيَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الصِّيَامُ مع الْكَفَّارَةِ وَلِكُلٍّ وَجِهَةٌ ( قال ) وَأُحِبُّ أَنْ يُكَفِّرَ مَتَى قَدَرَ وَأَنْ يَصُومَ مع الْكَفَّارَةِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقال بَعْضُ الناس مُدَّيْنِ وَهَذَا خِلَافُ الحديث وَاَللَّهُ أَعْلَمُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ جَامَعَ يَوْمًا فَكَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ يَوْمًا فَكَفَّرَ وَكَذَلِكَ إنْ لم يُكَفِّرْ فَلِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ فَرْضَ كل يَوْمٍ غَيْرُ فَرْضِ الْمَاضِي ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقال بَعْضُ الناس إنْ كَفَّرَ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ كَفَّرَ وَإِنْ لم يُكَفِّرْ حتى يَعُودَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَرَمَضَانُ كُلُّهُ وَاحِدٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقِيلَ لِقَائِلِ هذا الْقَوْلِ ليس في هذا خَبَرٌ بِمَا قُلْت وَالْخَبَرُ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا جامع مَرَّةً بِكَفَّارَةٍ وفي ذلك ما دَلَّ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على أَنَّهُ لو جَامَعَ يَوْمًا آخَرَ أُمِرَ بِكَفَّارَةٍ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مَفْرُوضٌ عليه فَإِلَى أَيِّ شَيْءٍ ذَهَبْت قال أَلَا تَرَى أَنَّهُ لو جَامَعَ في الْحَجِّ مِرَارًا كانت عليه كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ قُلْنَا وَأَيُّ شَيْءٍ الْحَجُّ من الصَّوْمِ الْحَجُّ شَرِيعَةُ وَالصَّوْمُ أُخْرَى قد يُبَاحُ في الْحَجِّ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَيَحْرُمُ في الصَّوْمِ وَيُبَاحُ في الصَّوْمِ اللُّبْسُ وَالصَّيْدُ وَالطِّيبُ وَيَحْرُمُ في الْحَجِّ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْحَجُّ إحْرَامٌ وَاحِدٌ وَلَا يَخْرُجُ أَحَدٌ منه إلَّا بِكَمَالِهِ وَكُلُّ يَوْمٍ من شَهْرِ رَمَضَانَ كَمَالُهُ بِنَفْسِهِ وَنَقْصُهُ فيه أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصُومُ الْيَوْمَ من شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ يُفْطِرُ وقد كَمَّلَ الْيَوْمَ وَخَرَجَ من صَوْمِهِ ثُمَّ يَدْخُلُ في آخَرَ فَلَوْ أَفْسَدَهُ لم يُفْسِدْ الذي قَبْلَهُ وَالْحَجُّ مَتَى أُفْسِدَ عِنْدَهُمْ قبل الزَّوَالِ من يَوْمِ عَرَفَةَ فَسَدَ كُلُّهُ وَإِنْ كان قد مَضَى كَثِيرٌ من عَمَلِهِ مع أَنَّ هذا الْقَوْلَ خَطَأٌ من غَيْرِ وَجْهٍ الذي يَقِيسُهُ بِالْحَجِّ يَزْعُمُ أَنَّ الْمُجَامِعَ في الْحَجِّ تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهُ فَيَكُونُ عليه شَاةٌ قبل عَرَفَةَ وَيَفْسُدُ حَجُّهُ وَبَدَنَةٌ إذَا جَامَعَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَا يَفْسُدُ حَجُّهُ وَهَذَا عِنْدَهُ في الصَّوْمِ لَا يَخْتَلِفُ في أَوَّلِ النَّهَارِ وَآخِرِهِ إنَّمَا عليه رَقَبَةٌ فِيهِمَا وَيَفْسُدُ صَوْمُهُ فَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا في كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا في الْكَفَّارَتَيْنِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لو جَامَعَ يَوْمًا ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ يَوْمًا آخَرَ ثُمَّ كَفَّرَ وهو لو كَفَّرَ عِنْدَهُ في الْحَجِّ عن الْجِمَاعِ ثُمَّ عَادَ لِجِمَاعٍ آخَرَ لم يُعِدْ الْكَفَّارَةَ فإذا قِيلَ له لِمَ ذلك قال الْحَجُّ وَاحِدٌ وَأَيَّامُ رَمَضَانَ مُتَفَرِّقَةٌ قُلْت فَكَيْفَ تَقِيسُ أَحَدَهُمَا بالأخر وهو يُجَامِعُ في الْحَجِّ فَيُفْسِدُهُ ثُمَّ يَكُونُ عليه أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَ الْحَجِّ وهو فَاسِدٌ وَلَيْسَ هَكَذَا الصَّوْمُ وَلَا الصَّلَاةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ منهم فَأَقِيسُهُ بِالْكَفَّارَةِ قُلْنَا هو من الْكَفَّارَةِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي الحديث ما يُبَيِّنُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ مَدٌّ لَا مُدَّيْنِ

(2/99)


أَبْعَدُ الْحَانِثُ يَحْنَثُ غَيْرُ عَامِدٍ لِلْحِنْثِ فَيُكَفِّرُ وَيَحْنَثُ عَامِدًا فَلَا يُكَفِّرُ عِنْدَك وَأَنْتَ إذَا جَامَعَ عَامِدًا كَفَّرَ وإذا جَامَعَ غير عَامِدٍ لم يُكَفِّرْ فَكَيْفَ قِسْته بِالْكَفَّارَةِ وَالْمُكَفِّرُ لَا يُفْسِدُ عَمَلًا يَخْرُجُ منه وَلَا يَعْمَلُ بَعْدَ الْفَسَادِ شيئا يَقْضِيهِ إنَّمَا يَخْرُجُ بِهِ عِنْدَك من كِذْبَةٍ حَلَفَ عليها وَهَذَا يَخْرُجُ من صَوْمٍ وَيَعُودُ في مِثْلِ الذي خَرَجَ منه (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ فما بَالُ الْحَدِّ عليها في الْجِمَاعِ وَلَا تَكُونُ الْكَفَّارَةُ عليها قِيلَ الْحَدُّ لَا يُشْبِهُ الْكَفَّارَةَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَدَّ يَخْتَلِفُ في الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ وَلَا يَخْتَلِفُ الْجِمَاعُ عَامِدًا في رَمَضَانَ مع افْتِرَاقِهِمَا في غَيْرِ ذلك فإن مَذْهَبَنَا وما نَدَّعِي إذَا فَرَّقَتْ الْأَخْبَارُ بين الشَّيْءِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُ كما فَرَّقَتْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ جَامَعَ في قَضَاءِ رَمَضَانَ أو صَوْمِ كَفَّارَةٍ أو نَذْرٍ فَقَدْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ وَلَا كَفَّارَةَ عليه وَلَكِنْ يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَ يَوْمِهِ الذي جَامَعَ فيه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا قال بَعْضُ الناس وَهَذَا كان عِنْدَنَا أَوْلَى أَنْ يُكَفِّرَ لِأَنَّ الْبَدَلَ في رَمَضَانَ يَقُومُ مَقَامَهُ فإذا اقْتَصَرَ بِالْكَفَّارَةِ على رَمَضَانَ لِأَنَّهَا جَاءَتْ فيه في الْجِمَاعِ ولم يَقِسْ عليه الْبَدَلَ منه فَكَيْفَ قَاسَ عليه الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ ولم تَأْتِ فيه كَفَّارَةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ جَامَعَ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ لم يُكَفِّرْ وَإِنْ جَامَعَ على شُبْهَةٍ مِثْلَ أَنْ يَأْكُلَ نَاسِيًا فَيَحْسِبُ أَنَّهُ قد أَفْطَرَ فَيُجَامِعُ على هذه الشُّبْهَةِ فَلَا كَفَّارَةَ عليه في مِثْلِ هذا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا أَيْضًا من الْحُجَّةِ عليهم في السَّهْوِ في الصَّلَاةِ إذْ زَعَمُوا أَنَّ من جَامَعَ على شُبْهَةٍ سَقَطَتْ عنه الْكَفَّارَةُ فَمَنْ تَكَلَّمَ وهو يَرَى أَنَّ الْكَلَامَ في الصَّلَاةِ كان له مُبَاحًا أَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ عنه فَسَادُ صَلَاتِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ نَظَرَ فَأَنْزَلَ من غَيْرِ لَمْسٍ وَلَا تَلَذُّذٍ بها فَصَوْمُهُ تَامٌّ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ في رَمَضَانَ إلَّا بِمَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ أَنْ يَلْتَقِي الْخِتَانَانِ فَأَمَّا ما دُونَ ذلك فإنه لَا يَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ في فِطْرٍ في غَيْرِ جِمَاعٍ وَلَا طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ وَلَا غَيْرِهِ وقال بَعْضُ الناس تَجِبُ إنْ أَكَلَ أو شَرِبَ كما تَجِبُ بِالْجِمَاعِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقِيلَ لِمَنْ يقول هذا الْقَوْلَ السُّنَّةُ جَاءَتْ في الْمُجَامِعِ فَمَنْ قال لَكُمْ في الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ قال قُلْنَاهُ قِيَاسًا على الْجِمَاعِ فَقُلْنَا أو يُشْبِهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ الْجِمَاعَ فَتَقِيسُهُمَا عليه قال نعم في وَجْهٍ من أَنَّهُمَا مُحَرَّمَانِ يُفْطِرَانِ فَقِيلَ لهم فَكُلُّ ما وَجَدْتُمُوهُ مُحَرَّمًا في الصَّوْمِ يُفَطِّرُ قَضَيْتُمْ فيه بِالْكَفَّارَةِ قال نعم قِيلَ فما تَقُولُ فِيمَنْ أَكَلَ طَيِّبًا أو دَوَاءً قال لَا كَفَّارَةَ عليه قُلْنَا وَلِمَ قال هذا لَا يَغْذُو الْجَسَدَ قُلْنَا إنَّمَا قِسْت هذا بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ يُفَطِّرُ وَهَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَك مُحَرَّمٌ يُفَطِّرُ قال هذا لَا يَغْذُو الْجَسَدَ قُلْنَا وما أَدْرَاك أَنَّ هذا لَا يَغْذُو الْبَدَنَ وَأَنْتَ تَقُولُ إنْ ازْدَرَدَ من الْفَاكِهَةِ شيئا صَحِيحًا فَطَّرَهُ ولم يُكَفِّرْ وقد يَغْذُو هذا الْبَدَنَ فِيمَا نَرَى وَقُلْنَا قد صِرْت من الْفِقْهِ إلَى الطِّبِّ فَإِنْ كُنْت صِرْت إلَى قِيَاسِ ما يَغْذُو فَالْجِمَاعُ يَقُصُّ الْبَدَنَ وهو إخْرَاجُ شَيْءٍ يُنْقِصُ الْبَدَنَ وَلَيْسَ بِإِدْخَالِ شَيْءٍ فَكَيْفَ قِسْته بِمَا يَزِيدُ في الْبَدَنِ وَالْجِمَاعُ يُنْقِصُهُ وما يُشْبِعُهُ وَالْجِمَاعُ يُجِيعُ فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّ الْحُقْنَةَ وَالسَّعُوطَ يُفْطِرَانِ وَهُمَا لَا يَغْذُوَانِ وَإِنْ اعْتَلَكَ بِالْغِذَاءِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا عِنْدَك كان يَلْزَمُك أَنْ تَنْظُرَ كُلَّ ما حَكَمْت له بِحُكْمِ الْفِطْرِ أَنْ تَحْكُمَ فيه بِالْكَفَّارَةِ إنْ أَرَدْت الْقِيَاسَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) قال منهم قَائِلٌ إنَّ هذا لَيَلْزَمُنَا كُلُّهُ وَلَكِنْ لِمَ لم تَقِسْهُ بِالْجِمَاعِ فَقُلْت له
أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن نَافِعٍ بن عُمَرَ أَنَّهُ قال من ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عليه وَمَنْ اسْتِقَاءَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا نَقُولُ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فَقَدْ وَجَدْنَا رَجُلًا من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَرَى على رَجُلٍ إنْ أَفْطَرَ من أَمْرٍ عَمَدَهُ الْقَضَاءَ وَلَا يَرَى عليه الْكَفَّارَةَ فيه وَبِهَذَا قُلْت لَا كَفَّارَةَ إلَّا في جِمَاعٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ جَامَعَ صَبِيَّةً لم تَبْلُغْ أو أتى بَهِيمَةً فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ جَامَعَ بَالِغَةً كانت كَفَّارَةً لَا يُزَادُ عليها على الرَّجُلِ وإذا كَفَّرَ أَجْزَأَ عنه وَعَنْ امْرَأَتِهِ وَكَذَلِكَ في الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبِهَذَا مَضَتْ السُّنَّةُ أَلَا تَرَى أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يَقُلْ تُكَفِّرُ الْمَرْأَةُ وَأَنَّهُ لم يَقُلْ في الْخَبَرِ في الذي جَامَعَ في الْحَجِّ تُكَفِّرُ الْمَرْأَةُ

(2/100)


وَرَأَيْت الْجِمَاعَ لَا يُشْبِهُ شيئا سِوَاهُ رَأَيْت حَدَّهُ مُبَايِنًا لِحُدُودٍ سِوَاهُ وَرَأَيْت من رَأَيْت من الْفُقَهَاءِ مُجْتَمَعِينَ على أَنَّ الْمُحَرَّمَ إذَا أَصَابَ أَهْلَهُ أَفْسَدَ حَجَّهُ وَمَضَى فيه وَجَاءَ بِالْبَدَلِ منه وقد يَحْرُمُ عليه في الْحَجِّ الصَّيْدُ وَالطِّيبُ وَاللُّبْسُ فَأَيُّ ذلك فَعَلَهُ لم يُفْسِدْ حَجَّهُ غَيْرُ الْجِمَاعِ وَرَأَيْت من جَامَعَ وَجَبَ عليه الْغُسْلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ من صَنَعَ ما هو أَقْذَرُ منه فَبِهَذَا فَرَّقْنَا بين الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَخَالَفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ في اللُّوطِيِّ وَمَنْ أتى امْرَأَتَهُ في دُبْرِهَا فقال يَفْسُدُ وقال هذا جِمَاعٌ وَإِنْ كان غير وَجْهِ الْجِمَاعِ الْمُبَاحِ وَوَافَقَهُ في الآتى لِلْبَهِيمَةِ قال وَكُلُّ جِمَاعٍ غَيْرُ أَنَّ في هذا مَعْصِيَةً لِلَّهِ عز وجل من وَجْهَيْنِ فَلَوْ كان أَحَدُهُمَا يُزَادُ عليه زِيدَ على الْآتِي ما حَرَّمَ اللَّهُ من وَجْهَيْنِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُفْسِدُ الْكُحْلُ وَإِنْ تَنَخُّمَهُ فَالنُّخَامَةُ تَجِيءُ من الرَّأْسِ باستنزاله ( ( ( باستنزال ) ) ) وَالْعَيْنُ مُتَّصِلَةٌ بِالرَّأْسِ وَلَا يَصِلُ إلَى الرَّأْسِ وَالْجَوْفِ عِلْمِي وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَرِهَ الْكُحْلَ على أَنَّهُ يُفْطِرُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَكْرَهُ الدُّهْنَ وَإِنْ اسْتَنْقَعَ فيه أو في مَاءٍ فَلَا بَأْسَ وَأَكْرَهُ الْعَلْكَ أَنَّهُ يَجْلِبُ الرِّيقَ وَإِنْ مَضَغَهُ فَلَا يُفْطِرُهُ وَبِذَلِكَ إنْ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَلَا يَسْتَبْلِغُ في الِاسْتِنْشَاقِ لِئَلَّا يَذْهَبَ في رَأْسِهِ وَإِنْ ذَهَبَ في رَأْسِهِ لم يُفْطِرْهُ فَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ قد وَصَلَ إلَى الرَّأْسِ أو الْجَوْفِ من الْمَضْمَضَةِ وهو عَامِدٌ ذَاكِرٌ لِصَوْمِهِ فَطَّرَهُ ( قال الرَّبِيعُ ) وقد + ( قال الشَّافِعِيُّ ) مَرَّةً لَا شَيْءَ عليه ( قال الرَّبِيعُ ) وهو أَحَبُّ إلى وَذَلِكَ أَنَّهُ مَغْلُوبٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَكْرَهُ السِّوَاكَ بِالْعُودِ الرُّطَبِ وَالْيَابِسِ وَغَيْرِهِ بكره وَأَكْرَهُهُ بالعشى لِمَا أُحِبُّ من خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ وَإِنْ فَعَلَ لم يُفَطِّرْهُ وما دَاوَى بِهِ قرحه من رَطْبٍ أو يَابِسٍ فَخَلَصَ إلَى جَوْفِهِ فَطَّرَهُ إذَا دَاوَى وهو ذَاكِرٌ لِصَوْمِهِ عَامِدٌ لِإِدْخَالِهِ في جَوْفِهِ وقال بَعْضُ الناس يُفَطِّرُهُ الرَّطْبُ وَلَا يُفَطِّرُهُ الْيَابِسُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان أَنْزَلَ الدَّوَاءَ إذَا وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ بِمَنْزِلَةِ الْمَأْكُولِ أو الْمَشْرُوبِ فَالرَّطْبُ وَالْيَابِسُ من الْمَأْكُولِ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ وَإِنْ كان لَا يَنْزِلُهُ إذَا لم يَكُنْ من سَبِيلِ الْأَكْلِ وَلَا الشُّرْبِ بِمَنْزِلَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَا يُفَطِّرَانِ فَأَمَّا أَنْ يَقُولَ يُفَطِّرُ أَحَدُهُمَا وَلَا يُفَطِّرُ الْآخَرُ فَهَذَا خَطَأٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ له أَنْ يُنَزِّهَ صِيَامَهُ عن اللَّغَطِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَإِنْ شُوتِمَ أَنْ يَقُولَ أنا صَائِمٌ وَإِنْ شَاتَمَ لم يُفَطِّرْهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ قَدِمَ مُسَافِرٌ في بَعْضِ الْيَوْمِ وقد كان فيه مُفْطِرًا وَكَانَتْ امْرَأَتُهُ حَائِضًا فَطَهُرَتْ فَجَامَعَهَا لم أَرَ بَأْسًا وَكَذَلِكَ إنْ أَكَلَا أو شَرِبَا وَذَلِكَ أَنَّهُمَا غَيْرُ صَائِمَيْنِ وقال بَعْضُ الناس هُمَا غَيْرُ صَائِمَيْنِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا إنْ فَعَلَا وَأَكْرَهُ ذلك لِأَنَّ الناس في الْمِصْرِ صِيَامٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) إمَّا أَنْ يَكُونَا صَائِمَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَفْعَلَا أؤ يَكُونَا غير صَائِمَيْنِ فَإِنَّمَا يَحْرُمُ هذا على الصَّائِمِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ تَوَقَّى ذلك لِئَلَّا يَرَاهُ أَحَدٌ فَيَظُنُّ أَنَّهُ أَفْطَرَ في رَمَضَانَ من غَيْرِ عِلَّةٍ كان أَحَبَّ إلى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ اشْتَبَهَتْ الشُّهُورُ على أَسِيرٍ فَتَحَرَّى شَهْرَ رَمَضَانَ فَوَافَقَهُ أو ما بَعْدَهُ من الشُّهُورِ فَصَامَ شَهْرًا أو ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ وَلَوْ صَامَ ما قَبْلَهُ فَقَدْ قال قَائِلٌ لَا يَجْزِيهِ إلَّا أَنْ يُصِيبَهُ أو شَهْرًا بَعْدَهُ فَيَكُونُ كَالْقَضَاءِ له وَهَذَا مَذْهَبٌ وَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّهُ إذَا لم يَعْرِفْهُ بِعَيْنِهِ فَتَأَخَّاهُ أَجْزَأَهُ قَبْلُ كان أو بَعْدُ كان هذا مَذْهَبًا وَذَلِكَ أَنَّهُ قد يَتَأَخَّى الْقِبْلَةَ فإذا عَلِمَ بَعْدَ كَمَالِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ قد أَخْطَأَهَا أَجْزَأَتْ عنه وَيُجْزِي ذلك عنه في خَطَأِ عَرَفَةَ وَالْفِطْرِ وَإِنَّمَا كُلِّفَ الناس في الْمَغِيبِ الظَّاهِرُ وَالْأَسِيرُ إذَا اشْتَبَهَتْ عليه الشُّهُور فَهُوَ مِثْلُ الْمَغِيبِ عنه
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) إنْ تَلَذَّذَ بِامْرَأَتِهِ حتى يُنْزِلَ أَفْسَدَ صَوْمَهُ وكان عليه قَضَاؤُهُ وما تَلَذَّذَ بِهِ دُونَ ذلك كَرِهْته وَلَا يَفْسُدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنْ أتى امْرَأَتَهُ في دُبُرِهَا فغيبة أو بَهِيمَةً أو تَلَوَّطَ أَفْسَدَ وَكَفَّرَ مع الْإِثْمِ بِاَللَّهِ في الْمُحَرَّمِ الذي أتى مع إفْسَادِ الصَّوْمِ وقال بَعْضُ الناس في هذا كُلِّهِ لَا كَفَّارَةَ عليه وَلَا يُعِيدُ صَوْمًا إلَّا أَنْ يُنْزِلَ فيقضى وَلَا يُكَفِّرُ

(2/101)


وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( قال الرَّبِيعُ ) وَآخِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ إذَا صَامَهُ على الشَّكِّ حتى يُصِيبَهُ بِعَيْنِهِ أو شَهْرًا بَعْدَهُ وَآخِرُ قَوْلِهِ في الْقِبْلَةِ كَذَلِكَ لَا يُجْزِيهِ وَكَذَلِكَ لَا يُجْزِيهِ إذَا تَأَخَّى وَإِنْ أَصَابَ الْقِبْلَةَ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ إذَا كان تَأَخِّيهِ بِلَا دَلَالَةٍ وَأَمَّا عَرَفَةُ وَيَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى فَيُجْزِيهِ لِأَنَّ هذا أَمْرٌ إنَّمَا يَفْعَلُهُ بِاجْتِمَاعِ الْعَامَّةِ عليه وَالصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ شَيْءٌ يَفْعَلُهُ في ذَاتِ نَفْسِهِ خَاصَّةً (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَلِكَ لو أَصْبَحَ ينوى صَوْمَهُ تَطَوُّعًا لم يُجْزِهِ من رَمَضَانَ وَلَا أَرَى رَمَضَانَ يُجْزِيهِ إلَّا بِإِرَادَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَذْرِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذلك مِمَّا لَا يجزى إلَّا بِنِيَّةٍ فَرْقًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَنَّ مُقِيمًا نَوَى الصِّيَامَ قبل الْفَجْرِ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ الْفَجْرِ مُسَافِرًا لم يُفْطِرْ يَوْمَهُ ذلك لِأَنَّهُ قد دخل في الصَّوْمِ مُقِيمًا ( قال الرَّبِيعُ ) وفي كِتَابٍ غَيْرِ هذا من كُتُبِهِ إلَّا أَنْ يَصِحَّ حَدِيثٌ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم حين أَفْطَرَ بِالْكَدِيدِ أَنَّهُ نَوَى صِيَامَ ذلك الْيَوْمِ وهو مُقِيمٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ نَوَاهُ من اللَّيْلِ ثُمَّ خَرَجَ قبل الْفَجْرِ كان كَأَنْ لم يَدْخُلْ في الصَّوْمِ حتى سَافَرَ وكان له إنْ شَاءَ أَنْ يُتِمَّ فَيَصُومُ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُفْطِرَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا تَأَخَّى الرَّجُلُ الْقِبْلَةَ بِلَا دَلَائِلَ فلما أَصْبَحَ عَلِمَ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ كانت عليه الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ صلى حين صلى على الشَّكِّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد نهى عن صِيَامِ السَّفَرِ وَإِنَّمَا نهى عنه عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على الرِّفْقِ بِالنَّاسِ لَا على التَّحْرِيمِ وَلَا على أَنَّهُ لَا يجزئ وقد يَسْمَعُ بَعْضُ الناس النهى وَلَا يَسْمَعُ ما يَدُلُّ على مَعْنَى النَّهْيِ فيقول بالنهى جُمْلَةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالدَّلِيلُ على ما قُلْت لَك أَنَّهُ رُخْصَةٌ في السَّفَرِ أَنَّ
مَالِكًا أخبرنا عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ أَنَّ حَمْزَةَ بن عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قال يا رَسُولَ اللَّهِ أَصُومُ في السَّفَرِ وكان كَثِيرَ الصَّوْمِ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنْ شِئْت فَصُمْ وَإِنْ شِئْت فأفطر
أخبرنا مَالِكٌ عن حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ قال سَافَرْنَا مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في رَمَضَانَ فلم يَعِبْ الصَّائِمُ على الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ على الصَّائِمِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا دَلِيلٌ على ما وَصَفْت فَإِنْ قال إنْسَانٌ فإنه قد سَمَّى الَّذِينَ صَامُوا الْعُصَاةَ فَقَدْ نهى النبي عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عن الصِّيَامِ في السَّفَرِ لِلتَّقَوِّي لِلْعَدُوِّ وَذَلِكَ أَنَّهُ كان مُحَارَبًا عَامَ نهى عن الصِّيَامِ في السَّفَرِ فَأَبَى قَوْمٌ إلَّا الصِّيَامَ فَسَمَّى بَعْضَ من سمع النَّهْيَ الْعُصَاةَ إذْ تَرَكُوا الْفِطْرَ الذي أُمِرُوا بِهِ وقد يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قد قِيلَ لهم ذلك على أَنَّهُمْ تَرَكُوا قَبُولَ الرُّخْصَةِ وَرَغِبُوا عنها وَهَذَا مَكْرُوهٌ عِنْدَنَا إنَّمَا نَقُولُ يُفْطِرُ أو يَصُومُ وهو يَعْلَمُ أَنَّ ذلك وَاسِعٌ له فإذا جَازَ ذلك فَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيْنَا لِمَنْ قوى عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ روى ليس من الْبِرِّ الصِّيَامُ في السَّفَرِ قِيلَ ليس هذا بِخِلَافِ حديث هِشَامِ بن عُرْوَةَ وَلَكِنَّهُ كما وَصَفْت إذَا رَأَى الصِّيَامَ بِرًّا وَالْفِطْرَ مَأْثَمًا وَغَيَّرَ بر ( ( ( برغبة ) ) ) رغبة عن الرُّخْصَةِ في السَّفَرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ الْفَجْرَ قبل أَنْ يَصِلَ إلَى بَلَدِهِ أو الْبَلَدِ الذي ينوى الْمُقَامَ بِهِ وهو ينوى الصَّوْمَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ أَزْمَعَ الْفِطْرَ ثُمَّ أَزْمَعَ الصَّوْمَ بَعْدَ الْفَجْرِ لم يُجْزِهِ في حَضَرٍ كان أو في سَفَرٍ وَإِنْ سَافَرَ فلم يَصُمْ حتى مَاتَ فَلَيْسَ عليه قَضَاءُ ما أَفْطَرَ لِأَنَّهُ كان له أَنْ يُفْطِرَ وَإِنَّمَا عليه الْقَضَاءُ إذَا لَزِمَهُ أَنْ يَصُومَ وهو مُقِيمٌ فَتَرَكَ الصَّوْمَ فَهُوَ حِينَئِذٍ يُلْزَمُ بِالْقَضَاءِ وَيُكَفَّرُ عنه بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ لَا يَصِحُّ حتى يَمُوتَ فَلَا صَوْمَ عليه وَلَا كَفَّارَةَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَصْبَحَ يوم الشَّكِّ لَا ينوى الصَّوْمَ ولم يَأْكُلْ ولم يَشْرَبْ حتى عَلِمَ أَنَّهُ من شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَتَمَّ صَوْمَهُ رَأَيْت إعَادَةَ صَوْمِهِ وَسَوَاءٌ رَأَى ذلك قبل الزَّوَالِ أو بَعْدَهُ إذَا أَصْبَحَ لَا ينوى صِيَامَهُ من شَهْرِ رَمَضَانَ

(2/102)


- * بَابُ صِيَامِ التَّطَوُّعِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقِيلَ له ليس بِثَابِتٍ إنَّمَا حدثه الزُّهْرِيُّ عن رَجُلٍ لَا نَعْرِفُهُ وَلَوْ كان ثَابِتًا كان يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمَرَهُمَا على مَعْنَى إنْ شَاءَتَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كما أَمَرَ عُمَرَ أَنْ يقضى نَذْرًا نَذَرَهُ في الْجَاهِلِيَّةِ وهو على مَعْنَى إنْ شَاءَ قال فما دَلَّ على مَعْنَى ما قُلْت فإن الظَّاهِرَ من الْخَبَرِ ليس فيه ما قُلْت
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن طَلْحَةَ بن يحيى عن عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عن عَائِشَةَ قالت دخل على رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقُلْت إنَّا خَبَّأْنَا لَك حَيْسًا فقال أَمَا إنِّي كُنْت أُرِيدُ الصَّوْمَ وَلَكِنْ قَرِّبِيهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت له لو كان على الْمُتَطَوِّعِ الْقَضَاءُ إذَا خَرَجَ من الصَّوْمِ لم يَكُنْ له الْخُرُوجُ منه من غَيْرِ عُذْرٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْخُرُوجَ حِينَئِذٍ منه لَا يَجُوزُ وَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْرُجَ من عَمَلٍ عليه تَمَامُهُ من غَيْرِ عُذْرٍ إذَا كان عليه أَنْ يَعُودَ فيه لم يَكُنْ له أَنْ يَخْرُجَ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالِاعْتِكَافُ وَكُلُّ عَمَلٍ له قبل أَنْ يَدْخُلَ فيه أَنْ لَا يَدْخُلَ فيه فَلَهُ الْخُرُوجُ قبل إكْمَالِهِ وَأَحَبُّ إلى لو أَتَمَّهُ إلَّا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَقَطْ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَكَيْفَ أَمَرْته إذَا أَفْسَدَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ أَنْ يَعُودَ فِيهِمَا فَيَقْضِيَهُمَا مَرَّتَيْنِ دُونَ الْأَعْمَالِ قُلْنَا لَا يُشْبِهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ الصَّوْمَ وَلَا الصَّلَاةَ وَلَا ما سِوَاهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ أَحَدٌ في أَنَّهُ يمضى في الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ على الْفَسَادِ كما يمضى فِيهِمَا قبل الْفَسَادِ وَيُكَفِّرُ وَيَعُودُ فِيهِمَا وَلَا يَخْتَلِفُ أَحَدٌ في أَنَّهُ إذَا أَفْسَدَ الصَّلَاةَ لم يَمْضِ فيها ولم يَجُزْ له أَنْ يُصَلِّيَهَا فَاسِدَةً بِلَا وُضُوءٍ وَهَكَذَا الصَّوْمُ إذَا أُفْسِدَ لم يَمْضِ فيه أو لَا تَرَى أَنَّهُ يُكَفِّرُ في الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مُتَطَوِّعًا كان أو وَاجِبًا عليه كَفَّارَةً وَاحِدَةً وَلَا يُكَفِّرُ في الصَّلَاةِ على كل حَالٍ وَلَا في الِاعْتِكَافِ وَلَا في التَّطَوُّعِ في الصَّوْمِ وقد رَوَى الَّذِينَ يَقُولُونَ بِخِلَافِنَا في هذا عن بن عُمَرَ أَنَّهُ صلى رَكْعَةً وقال إنَّمَا هو تَطَوُّعٌ وَرَوَيْنَا عن بن عَبَّاسٍ شَبِيهًا بِهِ في الطَّوَافِ - * بَابُ أَحْكَامِ من أَفْطَرَ في رَمَضَانَ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى من أَفْطَرَ أَيَّامًا من رَمَضَانَ من عُذْرِ مَرَضٍ أو سَفَرٍ قَضَاهُنَّ في أَيِّ وَقْتٍ ما شَاءَ في ذِي الْحِجَّةِ أو غَيْرِهَا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يأتى عليه رَمَضَانُ آخَرُ مُتَفَرِّقَاتٍ أو مُجْتَمَعَاتٍ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يقول { فَعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ } ولم يَذْكُرْهُنَّ مُتَتَابِعَاتٍ وقد بَلَغَنَا عن بَعْضِ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال إذَا أَحْصَيْت الْعِدَّةَ فَصُمْهُنَّ كَيْفَ شِئْت ( قال ) وَصَوْمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مُتَتَابِعٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ مَرِضَ أو ( ( ( وسافر ) ) ) سافر الْمُفْطِرُ من رَمَضَانَ فلم يَصِحَّ ولم يَقْدِرْ حتى يأتى عليه رَمَضَانُ آخَرُ قَضَاهُنَّ وَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ فَرَّطَ وهو يُمْكِنُهُ أَنْ يَصُومَ حتى يأتى رَمَضَانُ آخَرُ صَامَ الرَّمَضَانَ الذي جاء عليه وَقَضَاهُنَّ وَكَفَّرَ عن كل يَوْمٍ بِمُدِّ حِنْطَةٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إذَا أَطَاقَتَا الصَّوْمَ ولم تَخَافَا على ولديهما لم تفطرا فإن خافتا على ولديهما أفطرتا وتصدقتا عن كل يوم بمد حنطة وصامتا إذا أمنتا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْمُتَطَوِّعُ بِالصَّوْمِ مُخَالِفٌ لِلَّذِي عليه الصَّوْمُ من شَهْرِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ الَّذِينَ يَجِبُ عليهم الصَّوْمُ لَا يُجْزِيهِمْ عِنْدِي إلَّا إجْمَاعُ الصَّوْمِ قبل الْفَجْرِ وَاَلَّذِي يَتَطَوَّعُ بِالصَّوْمِ ما لم يَأْكُلَ ولم يَشْرَبْ وَإِنْ أَصْبَحَ يُجْزِيهِ الصَّوْمُ وَإِنْ أَفْطَرَ الْمُتَطَوِّعُ من غَيْرِ عُذْرٍ كَرِهْته له وَلَا قَضَاءَ عليه وَخَالَفَنَا في هذا بَعْضُ الناس فقال عليه الْقَضَاءُ وإذا دخل في شَيْءٍ فَقَدْ أَوْجَبَهُ على نَفْسِهِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ أَنْ يَقْضِيَا يَوْمًا مَكَانَ يَوْمِهِمَا الذي أَفْطَرَتَا فيه

(2/103)


على وَلَدَيْهِمَا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْحَالُ التي يَتْرُكُ بها الْكَبِيرُ الصَّوْمَ أَنْ يَكُونَ يُجْهِدُهُ الْجَهْدَ غير الْمُحْتَمَلِ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ وَالْحَامِلُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ زَادَ مَرَضُ الْمَرِيضِ زِيَادَةً بَيِّنَةً أَفْطَرَ وَإِنْ كانت زِيَادَةً مُحْتَمَلَةً لم يُفْطِرْ وَالْحَامِلُ إذَا خَافَتْ على وَلَدِهَا أَفْطَرَتْ وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ إذَا أَضَرَّ بِلَبَنِهَا الْإِضْرَارَ الْبَيِّنَ فَأَمَّا ما كان من ذلك مُحْتَمَلًا فَلَا يُفْطِرُ صَاحِبُهُ وَالصَّوْمُ قد يُزِيدُ عَامَّةَ الْعِلَلِ وَلَكِنْ زِيَادَةً مُحْتَمَلَةً وَيُنْتَقَصُ بَعْضُ اللَّبَنِ وَلَكِنَّهُ نُقْصَانٌ مُحْتَمَلٌ فإذا تَفَاحَشَ أَفْطَرَتَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَأَنَّهُ يَتَأَوَّلُ إذَا لم يُطِقْ الصَّوْمَ الْفِدْيَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَكَيْفَ يَسْقُطُ عنه فَرْضُ الصَّلَاةِ إذَا لم يُطِقْهَا وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ الصَّوْمِ قِيلَ ليس يَسْقُطُ فَرْضُ الصَّلَاةِ في حَالٍ تُفْعَلُ فيها الصَّلَاةُ وَلَكِنَّهُ يصلى كما يُطِيقُ قَائِمًا أو قَاعِدًا أو مُضْطَجِعًا فَيَكُونُ بَعْضُ هذا بَدَلًا من بَعْضٍ وَلَيْسَ شَيْءٌ غَيْرُ الصَّلَاةِ بَدَلًا من الصَّلَاةِ وَلَا الصَّلَاةُ بَدَلًا من شَيْءٍ فَالصَّوْمُ لَا يجزئ فيه إلَّا إكْمَالُهُ وَلَا يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ حَالِ صَاحِبِهِ وَيُزَالُ عن وَقْتِهِ بِالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فيه كما يَكُونُ بَعْضُ الصَّلَاةِ قَصْرًا وَبَعْضُهَا قَاعِدًا وقد يَكُونُ بَدَلًا من الطَّعَامِ في الْكَفَّارَةِ وَيَكُونُ الطَّعَامُ بَدَلًا منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ مَرِضَ فلم يَصِحَّ حتى مَاتَ فَلَا قَضَاءَ عليه إنَّمَا الْقَضَاءُ إذَا صَحَّ ثُمَّ فَرَّطَ وَمَنْ مَاتَ وقد فَرَّطَ في الْقَضَاءِ أُطْعِمَ عنه مَكَانَ كل يَوْمٍ مِسْكِينٌ مُدًّا من طَعَامٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ سَنَةً صَامَهَا وَأَفْطَرَ الْأَيَّامَ التي نهى عن صَوْمِهَا وَهِيَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَأَيَّامُ مِنًى وَقَضَاهَا وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الذي يَقْدُمُ فيه فُلَانٌ صَامَهُ وَإِنْ قَدِمَ فُلَانٌ وقد مَضَى من النَّهَارِ شَيْءٌ أو كان يوم فِطْرٍ قَضَاهُ وَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا فَأَحَبُّ إلى أَنْ يَصُومَ الْغَدَ بِالنِّيَّةِ لِصَوْمِ يَوْمِ النَّذْرِ وَإِنْ لم يَفْعَلْ لم أَرَهُ وَاجِبًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يوم الْجُمُعَةِ فَوَافَقَ يوم فِطْرٍ أَفْطَرَ وَقَضَاهُ وَمَنْ نَوَى أَنْ يَصُومَ يوم الْفِطْرِ لم يَصُمْهُ ولم يَقْضِهِ لأنه ( ( ( لأن ) ) ) ليس له صَوْمُهُ وَكَذَلِكَ لو أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تَصُومَ أَيَّامَ حَيْضِهَا لم تَصُمْهُ ولم تَقْضِهِ لِأَنَّهُ ليس لها أَنْ تَصُومَهَا ( قال الرَّبِيعُ ) وقد قال الشَّافِعِيُّ مَرَّةً من نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدُمُ فُلَانٌ فَوَافَقَ يوم عِيدٍ لم يَكُنْ عليه شَيْءٌ وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدُمُ فيه فُلَانٌ فَقَدِمَ في بَعْضِ النَّهَارِ لم يَكُنْ عليه شَيْءٌ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كَانَتَا لَا تَقْدِرَانِ على الصَّوْمِ فَهَذَا مِثْلُ الْمَرَضِ أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا بِلَا كَفَّارَةَ إنَّمَا تكفران ( ( ( ككفران ) ) ) بِالْأَثَرِ وَبِأَنَّهُمَا لم تُفْطِرَا لِأَنْفُسِهِمَا إنَّمَا أَفْطَرَتَا لِغَيْرِهِمَا فَذَلِكَ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَرِيضِ لَا يُكَفِّرُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ الذي لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ وَيَقْدِرُ على الْكَفَّارَةِ يَتَصَدَّقُ عن كل يَوْمٍ بِمُدِّ حِنْطَةٍ خَبَرًا عن بَعْضِ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَقِيَاسًا على من لم يُطِقْ الْحَجَّ أَنْ يَحُجَّ عنه غَيْرُهُ وَلَيْسَ عَمَلُ غَيْرِهِ عنه عَمَلَهُ نَفْسِهِ كما ليس الْكَفَّارَةُ كَعَمَلِهِ

(2/104)


(1) * أَخْبَرْنَا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ قال + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالِاعْتِكَافُ سُنَّةٌ فَمَنْ أَوْجَبَ على نَفْسِهِ اعْتِكَافَ شَهْرٍ فإنه يَدْخُلُ في الِاعْتِكَافِ قبل غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيَخْرُجُ منه إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ آخِرَ الشَّهْرِ ( قال ) وَلَا بَأْسَ بِالِاشْتِرَاطِ في الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ إنْ عَرَضَ لي عَارِضٌ كان لي الْخُرُوجُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَعْتَكِفَ وَلَا يَنْوِي أَيَّامًا وَلَا وُجُوبَ اعْتِكَافٍ مَتَى شَاءَ انْصَرَفَ وَالِاعْتِكَافُ في الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ أَحَبُّ إلَيْنَا وَإِنْ اعْتَكَفَ في غَيْرِهِ فَمِنْ الْجُمُعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ وإذا أَوْجَبَ على نَفْسِهِ اعْتِكَافًا في مَسْجِدٍ فَانْهَدَمَ الْمَسْجِدُ اعْتَكَفَ في مَوْضِعٍ منه فَإِنْ لم يَقْدِرْ خَرَجَ من الِاعْتِكَافِ وإذا بنى الْمَسْجِدُ رَجَعَ فَبَنَى على اعْتِكَافِهِ وَيَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ لِحَاجَتِهِ إلَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ إلَى بَيْتِهِ إنْ شَاءَ أو غَيْرِهِ وَلَا يَمْكُثُ بَعْدَ فَرَاغِهِ من حَاجَتِهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْأَلَ عن الْمَرِيضِ إذَا دخل مَنْزِلَهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ وَيَخِيطَ وَيُجَالِسَ الْعُلَمَاءَ وَيَتَحَدَّثَ بِمَا أَحَبَّ ما لم يَكُنْ إثْمًا وَلَا يُفْسِدُ الِاعْتِكَافَ سِبَابٌ وَلَا جِدَالٌ ( قال ) وَلَا يَعُودُ الْمَرِيضَ وَلَا يَشْهَدُ الْجِنَازَةَ إذَا كان اعْتِكَافًا وَاجِبًا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْمُؤَذِّنُ وَيَصْعَدَ الْمَنَارَةَ كانت دَاخِلَةَ الْمَسْجِدِ أو خَارِجَةً منه وَأَكْرَهُ له الْأَذَانَ لِلْوَالِي بِالصَّلَاةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يقضى وَإِنْ كانت عِنْدَهُ شَهَادَةٌ فدعى إلَيْهَا فإنه يَلْزَمُهُ أَنْ يُجِيبَ فَإِنْ أَجَابَ يقضى الِاعْتِكَافَ وَإِنْ أَكَلَ الْمُعْتَكِفُ في بَيْتِهِ فَلَا شَيْءَ عليه وإذا مَرِضَ الذي أَوْجَبَ على نَفْسِهِ الِاعْتِكَافَ خَرَجَ فإذا بريء رَجَعَ فَبَنَى على ما مَضَى من اعْتِكَافِهِ فَإِنْ مَكَثَ بَعْدَ بُرْئِهِ شيئا من غَيْرِ عُذْرٍ اسْتَقْبَلَ الِاعْتِكَافَ وإذا خَرَجَ الْمُعْتَكِفُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ انْتَقَضَ اعْتِكَافُهُ وإذا أَفْطَرَ الْمُعْتَكِفُ أو وطيء اسْتَأْنَفَ اعْتِكَافَهُ إذَا كان اعْتِكَافًا وَاجِبًا بِصَوْمٍ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إذَا كانت مُعْتَكِفَةً ( قال ) وإذا جَعَلَ لِلَّهِ عليه شَهْرًا ولم يُسَمِّ شَهْرًا بِعَيْنِهِ ولم يَقُلْ مُتَتَابِعًا اعْتَكَفَ مَتَى شَاءَ وَأَحَبُّ إلى أَنْ يَكُونَ مُتَتَابِعًا وَلَا يُفْسِدُ الِاعْتِكَافَ من الْوَطْءِ إلَّا ما يُوجِبُ الْحَدَّ لَا تُفْسِدُهُ قُبْلَةٌ وَلَا مُبَاشَرَةٌ وَلَا نَظْرَةٌ أَنْزَلَ أو لم يَنْزِلْ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ كان هذا في الْمَسْجِدِ أو في غَيْرِهِ وإذا قال لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا بِالنَّهَارِ فَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ النَّهَارَ
____________________
1- * كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

(2/105)


دُونَ اللَّيْلِ وَكَذَلِكَ لو قال لِلَّهِ على أَنْ لَا أُكَلِّمَ فُلَانًا شَهْرًا بِالنَّهَارِ وإذا جَعَلَ لِلَّهِ عليه اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَذَهَبَ الشَّهْرُ وهو لَا يَعْلَمُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا سِوَاهُ وإذا جَعَلَ لِلَّهِ عليه اعْتِكَافَ شَهْرٍ فَاعْتَكَفَهُ إلَّا يَوْمًا فَعَلَيْهِ قَضَاءُ ذلك الْيَوْمِ وإذا اعْتَكَفَ الرَّجُلُ اعْتِكَافًا وَاجِبًا فَأَخْرَجَهُ السُّلْطَانُ أو غَيْرُهُ مُكْرَهًا فَلَا شَيْءَ عليه مَتَى خَلَا بَنَى على اعْتِكَافِهِ وَكَذَلِكَ إذَا أَخْرَجَهُ بِحَدٍّ أو دَيْنٍ فَحَبَسَهُ فإذا خَرَجَ رَجَعَ فَبَنَى وإذا سَكِرَ الْمُعْتَكِفُ لَيْلًا أو نَهَارًا أَفْسَدَ اعْتِكَافَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَبْتَدِئَ إذَا كان وَاجِبًا وإذا خَرَجَ الْمُعْتَكِفُ لِحَاجَةٍ فَلَقِيَهُ غَرِيمٌ له فَلَا بَأْسَ أَنْ يُوَكَّلَ بِهِ وإذا كان الْمُعْتَكِفُ الذي عليه الدَّيْنُ يَحْبِسُهُ الطَّالِبُ عن الِاعْتِكَافِ فإذا خَلَّاهُ رَجَعَ فَبَنَى وإذا خَافَ الْمُعْتَكِفُ من الْوَالِي خَرَجَ فإذا أَمِنَ بَنَى وَالِاعْتِكَافُ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ على أَنْ أَعْتَكِفَ كَذَا وَكَذَا وَالِاعْتِكَافُ الذي ليس بِوَاجِبٍ أَنْ يَعْتَكِفَ وَلَا يَنْوِي شيئا فَإِنْ نَوَى الْمُعْتَكِفُ يَوْمًا فَدَخَلَ نِصْفَ النَّهَارِ في الِاعْتِكَافِ اعْتَكَفَ إلَى مِثْلِهِ وإذا جَعَلَ لِلَّهِ عليه اعْتِكَافَ يَوْمٍ دخل قبل الْفَجْرِ
____________________

(2/106)


إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وإذا جَعَلَ لِلَّهِ عليه اعْتِكَافَ يَوْمَيْنِ دخل قبل الْفَجْرِ فَيَعْتَكِفُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَيَوْمًا إلَّا أَنْ يَكُونَ له نِيَّةُ النَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ وإذا جَعَلَ لِلَّهِ عليه اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِصَوْمٍ ثُمَّ مَاتَ قبل أَنْ يَقْضِيَهُ فإنه يُطْعَمُ عنه مَكَانَ كل يَوْمٍ مُدًّا فَإِنْ كان جَعَلَ على نَفْسِهِ وهو مَرِيضٌ فَمَاتَ قبل أَنْ يَصِحَّ فَلَا شَيْءَ عليه فَإِنْ كان صَحَّ أَقَلَّ من شَهْرٍ ثُمَّ مَاتَ أُطْعِمَ عنه بِعَدَدِ ما صَحَّ من الْأَيَّامِ كُلَّ يَوْمٍ مُدًّا ( قال الرَّبِيعُ ) إذَا مَاتَ وقد كان عليه أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَصُومَ أُطْعِمَ عنه وإذا لم يُمْكِنْهُ فَلَا شَيْءَ عليه وَلَا بَأْسَ أَنْ يَعْتَكِفَ الرَّجُلُ اللَّيْلَةَ وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ أَنْ يَعْتَكِفَ يوم الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَالِاعْتِكَافُ يَكُونُ بِغَيْرِ صَوْمٍ فإذا قال لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يوم يَقْدُمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ فُلَانٌ في أَوَّلِ النَّهَارِ أو آخِرِهِ اعْتَكَفَ ما بقى من النَّهَارِ وَإِنْ قَدِمَ وهو مَرِيضٌ أو مَحْبُوسٌ فإنه إذَا صَحَّ أو خَرَجَ من الْحَبْسِ قَضَاهُ وَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا فَلَا شَيْءَ عليه وإذا جَعَلَ لِلَّهِ عليه اعْتِكَافَ شَهْرٍ سَمَّاهُ فإذا الشَّهْرُ قد مَضَى فَلَا شَيْءَ عليه ( قال ) وإذا أَحْرَمَ الْمُعْتَكِفُ بِالْحَجِّ وهو مُعْتَكِفٌ أَتَمَّ اعْتِكَافَهُ فَإِنْ خَافَ فَوَاتَ الْحَجّ مَضَى لِحَجِّهِ فَإِنْ كان اعْتِكَافُهُ مُتَتَابِعًا فإذا قَدِمَ من الْحَجِّ اسْتَأْنَفَ وَإِنْ كان غير مُتَتَابِعٍ بَنَى وَالِاعْتِكَافُ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ من الِاعْتِكَافِ فِيمَا سِوَاهُ وَكَذَلِكَ مَسْجِدُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم
____________________

(2/107)


وَكُلُّ ما عَظُمَ من الْمَسَاجِدِ وَكَثُرَ أَهْلُهُ فَهُوَ أَفْضَلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَالْمُسَافِرُ يَعْتَكِفُونَ حَيْثُ شاؤوا لِأَنَّهُمْ لَا جُمُعَةَ عليهم وإذا جَعَلَتْ الْمَرْأَةُ على نَفْسِهَا اعْتِكَافًا فَلِزَوْجِهَا مَنْعُهَا منه وَكَذَلِكَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ مَنْعُهُمْ فإذا أَذِنَ لهم ثُمَّ أَرَادَ مَنْعَهُمْ قبل تَمَامِ ذلك فَذَلِكَ له وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ منعه ( ( ( منعهم ) ) ) من الِاعْتِكَافِ وإذا جَعَلَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ نِصْفُهُ عليه اعْتِكَافًا أَيَّامًا فَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا وَيَخْدُمَ يَوْمًا حتى يُتِمَّ اعْتِكَافَهُ وإذا جُنَّ الْمُعْتَكِفُ فَأَقَامَ سِنِينَ ثُمَّ أَفَاقَ بَنَى وَالْأَعْمَى وَالْمُقْعَدُ في الِاعْتِكَافِ كَالصَّحِيحِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَلْبَسَ الْمُعْتَكِفُ وَالْمُعْتَكِفَةُ ما بَدَا لَهُمَا من الثِّيَابِ وَيَأْكُلَا ما بَدَا لَهُمَا من الطَّعَامِ وَيَتَطَيَّبَا بِمَا بَدَا لَهُمَا من الطِّيبِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنَامَ في الْمَسْجِدِ وَلَا بَأْسَ بِوَضْعِ الْمَائِدَةِ في الْمَسْجِدِ وَغَسْلِ الْيَدَيْنِ في الْمَسْجِدِ في الطَّسْتِ وَلَوْ نسى الْمُعْتَكِفُ فَخَرَجَ ثُمَّ رَجَعَ لم يَفْسُدْ اعْتِكَافُهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُخْرِجَ الْمُعْتَكِفُ رَأْسَهُ من الْمَسْجِدِ إلَى بَعْضِ أَهْلِهِ فَيَغْسِلُهُ فَعَلَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا بَأْسَ أَنْ يُنْكِحَ الْمُعْتَكِفُ نَفْسَهُ وَيُنْكِحَ غَيْرَهُ وإذا مَاتَ عن الْمُعْتَكِفَةِ زَوْجُهَا خَرَجَتْ وإذا قَضَتْ عِدَّتَهَا رَجَعَتْ فَبَنَتْ وقد قِيلَ ليس لها أَنْ تَخْرُجَ فَإِنْ فَعَلَتْ ابْتَدَأَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________

(2/108)


(1) * - * بَابُ فَرْضِ الْحَجِّ على من وَجَبَ عليه الْحَجُّ - * أخبرنا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ بِمِصْرَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَتَيْنِ قال أخبرنا محمد بن إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله قال أَصْلُ إثْبَاتِ فَرْضِ الْحَجِّ خَاصَّةً في كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ في سُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وقد ذَكَرَ اللَّهُ عز وجل الْحَجَّ في غَيْرِ مَوْضِعٍ من كِتَابِهِ فَحَكَى أَنَّهُ قال لِإِبْرَاهِيمَ عليه السَّلَامُ { وَأَذِّنْ في الناس بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كل ضَامِرٍ يَأْتِينَ من كل فَجٍّ عَمِيقٍ } وقال تَبَارَكَ وَتَعَالَى { لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ } مع ما ذَكَرَ بِهِ الْحَجَّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْآيَةُ التي فيها بَيَانُ فَرْضِ الْحَجِّ على من فُرِضَ عليه قال اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ { وَلِلَّهِ على الناس حِجُّ الْبَيْتِ من اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا وَمِنْ كَفَرَ فإن اللَّهَ غَنِيٌّ عن الْعَالَمِينَ } وقال { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } وَهَذِهِ الْآيَةُ مَوْضُوعَةٌ بِتَفْسِيرِهَا في الْعُمْرَة
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن بن أبي نَجِيحٍ عن عِكْرِمَةَ قال لَمَّا نَزَلَتْ { وَمَنْ يَبْتَغِ غير الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ منه } الْآيَةُ قالت الْيَهُودُ فَنَحْنُ مُسْلِمُونَ فقال اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ فَحَجَّهُمْ فقال لهم النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم حُجُّوا فَقَالُوا لم يُكْتَبْ عَلَيْنَا وَأَبَوْا أَنْ يَحُجُّوا قال اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَمَنْ كَفَرَ فإن اللَّهَ غَنِيٌّ عن الْعَالَمِينَ } قال عِكْرِمَةُ من كَفَرَ من أَهْلِ الْمِلَلِ فإن اللَّهَ غنى عن الْعَالَمِينَ وما أَشْبَهَ ما قال عِكْرِمَةُ بِمَا قال وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ هذا كُفْرٌ بِفَرْضِ الْحَجِّ وقد أَنْزَلَهُ اللَّهُ وَالْكُفْرُ بِآيَةٍ من كِتَابِ اللَّهِ كُفْرٌ
( أخبرنا ) مُسْلِمُ بن خَالِدٍ وَسَعِيدُ بن سَالِمٍ عن أبن جُرَيْجٍ قال قال مُجَاهِدٌ في قَوْلِ اللَّهِ عز وجل { وَمَنْ كَفَرَ } قال هو ما إنْ حَجَّ لم يَرَهُ بِرًّا وَإِنْ جَلَسَ لم يَرَهُ إثْمًا كان سَعِيدُ بن سَالِمٍ يَذْهَبُ إلَى أَنَّهُ كُفْرٌ بِفَرْضِ الْحَجِّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ كَفَرَ بِآيَةٍ من كِتَابِ اللَّهِ كان كَافِرًا وَهَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ كما قال مُجَاهِدٌ وما قال عِكْرِمَةُ فيه أَوْضَحُ وَإِنْ كان هذا وَاضِحًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَعَمَّ فَرْضُ الْحَجِّ كُلَّ بَالِغٍ مُسْتَطِيعٍ إلَيْهِ سَبِيلًا فَإِنْ قال قَائِلٌ فَلِمَ لَا يَكُونُ غَيْرُ الْبَالِغِ إذَا وَجَدَ إلَيْهِ سَبِيلًا مِمَّنْ عليه فَرْضُ الْحَجِّ قِيلَ الِاسْتِدْلَال بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قال اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ { وإذا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كما اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ من قَبْلِهِمْ } يعنى الَّذِينَ أَمَرَهُمْ بِالِاسْتِئْذَانِ من الْبَالِغِينَ فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَثْبُتُ عليهم الْفَرْضُ في إيذَانِهِمْ في الِاسْتِئْذَانِ إذَا بَلَغُوا قال اللَّهُ تَعَالَى { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حتى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ منهم رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } فلم يَأْمُرْ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِمْ بِالرُّشْدِ حتى يَجْتَمِعَ الْبُلُوغُ معه وَفَرَضَ اللَّهُ الْجِهَادَ في كِتَابِهِ ثُمَّ أَكَّدَ الْيَقِينَ فأتى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ حَرِيصًا على أَنْ يُجَاهِدَ وَأَبُوهُ حَرِيصٌ على جِهَادِهِ وهو بن أَرْبَعَ عَشَرَةَ سَنَةً فَرَدَّهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عَامَ أُحُدٍ ثُمَّ أَجَازَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حين بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً عَامَ الْخَنْدَقِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمُبَيِّنُ عن اللَّهِ
____________________
1- * كِتَابُ الْحَجِّ

(2/109)


ما أَنْزَلَ جُمَلًا من إرَادَتِهِ جَلَّ شَأْنُهُ فَاسْتَدْلَلْنَا بِأَنَّ الْفَرَائِضَ وَالْحُدُودَ إنَّمَا تَجِبُ على الْبَالِغِينَ وَصَنَعَ ذلك رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عَامَ أُحُدٍ مع بن عُمَرَ بِبِضْعَةِ عَشْرَ رَجُلًا كلهم في مِثْلِ سِنِّهِ (1) ( قال الشَّافِعِيّ ) وَلَوْ حَجَّ غُلَامٌ قبل بُلُوغِ الْحُلُمِ وَاسْتِكْمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ عَاشَ بَعْدَهَا بَالِغًا لم يَحُجَّ لم تَقْضِ الْحَجَّةُ التي حَجَّ قبل الْبُلُوغِ عنه حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ أَنَّهُ حَجَّهَا قبل أَنْ تَجِبَ عليه وكان في مَعْنَى من صلى فَرِيضَةً قبل وَقْتِهَا الذي تَجِبُ عليه فيه في هذا الْمَوْضِعِ فَيَكُونُ بها مُتَطَوِّعًا كما يَكُونُ بِالصَّلَاةِ مُتَطَوِّعًا ولم يَخْتَلِفْ الْمُسْلِمُونَ عليه فِيمَا وَصَفْت في الَّذِينَ لم يَبْلُغُوا الْحُلُمَ وَالْمَمَالِيكِ لو حَجُّوا وَأَنْ لَيْسَتْ على وَاحِدٍ منهم فَرِيضَةُ الْحَجِّ وَلَوْ أُذِنَ لِلْمُلُوكِ بِالْحَجِّ أو أَحَجَّهُ سَيِّدُهُ كان حَجُّهُ تَطَوُّعًا لَا يجزئ عنه من حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إنْ عَتَقَ ثُمَّ عَاشَ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فيها أَنْ يَحُجَّ بعد ما ثَبَتَتْ عليه فَرِيضَةُ الْحَجِّ ( قال ) وَلَوْ حَجَّ كَافِرٌ بَالِغٌ ثُمَّ أَسْلَمَ لم تُجْزِ عنه حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ لَا يُكْتَبُ له عَمَلٌ يؤدي فَرْضًا في بَدَنِهِ حتى يَصِيرَ إلَى الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ فإذا أَسْلَمَ وَجَبَ عليه الْحَجُّ ( قال ) وكان في الْحَجِّ مُؤْنَةٌ في الْمَالِ وكان الْعَبْدُ لَا مَالَ له لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَيَّنَ بِقَوْلِهِ من بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ فَدَلَّ ذلك على أَنْ لَا مَالَ لِلْعَبْدِ وَإِنَّ ما مَلَكَ فَإِنَّمَا هو مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ وكان الْمُسْلِمُونَ لَا يُوَرِّثُونَ الْعَبْدَ من وَلَدِهِ وَلَا وَالِدِهِ وَلَا غَيْرِهِمْ شيئا فَكَانَ هذا عِنْدَنَا من أَقَاوِيلِهِمْ اسْتِدْلَالًا لِسُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا لِسَيِّدِهِ وكان سَيِّدُهُ غير الْوَارِثِ وكان الْمُسْلِمُونَ لَا يَجْعَلُونَ على سَيِّدِهِ الْإِذْنَ له إلَى الْحَجِّ فَكَانَ الْعَبْدُ مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ إلَيْهِ سَبِيلًا فَدَلَّ هذا على أَنَّ الْعَبِيدَ خَارِجُونَ من فَرْضِ الْحَجِّ بِخُرُوجِهِمْ من اسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ وَخَارِجٌ من الْفَرْضِ لو أَذِنَ له سَيِّدُهُ وَلَوْ أَذِنَ له سَيِّدُهُ وَحَجَّ لم تُجْزِ عنه فَإِنْ قال قَائِلٌ فَكَيْفَ لَا تُجْزِي عنه قُلْت لِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِي عَمَّنْ لم تَلْزَمْهُ قال وَمِثْلُ مَاذَا قُلْت مِثْلُ مصلى الْمَكْتُوبَةِ قبل وَقْتِهَا وَصَائِمِ شَهْرِ رَمَضَانَ قبل إهْلَالِهِ لَا يُجْزِئُ عن وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا في وَقْتِهِ لِأَنَّهُ عَمَلٌ على الْبَدَنِ وَالْعَمَلُ على الْبَدَنِ لَا يجزئ إلَّا في الْوَقْتِ وَالْكَبِيرُ الْفَانِي الْقَادِرُ يَلْزَمُهُ ذلك في نَفْسِهِ وفي غَيْرِهِ وَلَيْسَ هَكَذَا الْمَمْلُوكُ وَلَا غير ( ( ( غيره ) ) ) الْبَالِغُ من الْأَحْرَارِ فَلَوْ حَجَّا لم تُجْزِ عنهما حَجَّةُ الْإِسْلَامِ إذَا بَلَغَ هذا وَعَتَقَ هذا وَأَمْكَنَهُمَا الْحَجُّ - * بَابُ تَفْرِيعِ حَجِّ الصَّبِيِّ وَالْمَمْلُوكِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ليس على الصَّبِيِّ حَجٌّ حتى يَبْلُغَ الْغُلَامُ الْحُلُمَ وَالْجَارِيَةُ الْمَحِيضَ في أَيِّ سِنٍّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَالْحَجُّ وَاجِبٌ على الْبَالِغِ الْعَاقِلِ وَالْفَرَائِضُ كُلُّهَا وَإِنْ كان سَفِيهًا وَكَذَلِكَ الْحُدُودُ فإذا حَجَّ بَالِغًا عَاقِلًا أَجْزَأَ عنه ولم يَكُنْ عليه أَنْ يَعُودَ لِحَجَّةٍ أُخْرَى إذَا صَارَ رَشِيدًا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْبَالِغَةُ ( قال ) وَفَرْضُ الْحَجِّ زَائِلٌ عَمَّنْ بَلَغَ مَغْلُوبًا على عَقْلِهِ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ على من عَقَلَهَا وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل خَاطَبَ بِالْفَرَائِضِ من فَرَضَهَا عليه في غَيْرِ آيَةٍ من كِتَابِهِ وَلَا يُخَاطِبُ إلَّا من يَعْقِلُ الْمُخَاطَبَةَ وَكَذَلِكَ الْحُدُودُ وَدَلَّتْ سُنَّةُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من ذلك على ما دَلَّ عليه كِتَابُ اللَّهِ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم رُفِعَ الْقَلَمُ عن ثَلَاثَةٍ عن الصَّبِيِّ حتى يَحْتَلِمَ وَالْمَجْنُونِ حتى يُفِيقَ وَالنَّائِمِ حتى يَسْتَيْقِظَ فَإِنْ كان يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ فإذا حَجَّ مُفِيقًا أَجْزَأَ عنه وَإِنْ حَجَّ في حَالِ جُنُونِهِ لم يُجْزِ عنه الْحَجُّ وَعَلَى وَلِيِّ السَّفِيهِ الْبَالِغِ أَنْ يَتَكَارَى له وَيُمَوِّنَهُ في حَجِّهِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عليه وَلَا يُضَيِّعُ السَّفِيهُ من الْفَرَائِضِ شيئا وَكَذَلِكَ وَلِيُّ السَّفِيهَةِ الْبَالِغَةِ

(2/110)


ما بَلَغَاهَا أو اسْتَكْمَلَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فإذا بَلَغَا اسْتِكْمَالَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أو بَلَغَا الْمَحِيضَ أو الْحُلُمَ وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْحَجُّ ( قال ) وَحَسَنٌ أَنْ يَحُجَّا صَغِيرَيْنِ لَا يَعْقِلَانِ وَدُونَ الْبَالِغَيْنِ يَعْقِلَانِ يُجَرَّدَانِ للاحرام وَيَجْتَنِبَانِ ما يَجْتَنِبُ الْكَبِيرُ فإذا أَطَاقَا عَمَلَ شَيْءٍ أو كَانَا إذَا أُمِرَا بِهِ عَمِلَاهُ عن أَنْفُسِهِمَا ما كان فَإِنْ لم يَكُونَا يُطِيقَانِهِ عُمِلَ عنهما وَسَوَاءٌ في ذلك الصَّلَاةُ التي تَجِبُ بِالطَّوَافِ أو غَيْرُهَا من عَمَلِ الْحَجِّ فَإِنْ قال قَائِلٌ أفتصلى عنهما الْمَكْتُوبَةَ قِيلَ لَا فَإِنْ قال فما فَرْقٌ بين الْمَكْتُوبَةِ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ التي وَجَبَتْ بِالطَّوَافِ قِيلَ تِلْكَ عَمَلٌ من عَمَلِ الْحَجِّ وَجَبَتْ بِهِ كَوُجُوبِ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ بِهِ والرمى وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ على غَيْرِ حَاجٍّ فَتُؤَدَّى كما يُؤَدَّى غَيْرُهَا فَإِنْ قال قَائِلٌ فَهَلْ من فَرْقٍ غَيْرِ هذا قِيلَ نعم الْحَائِضُ تَحُجُّ وَتَعْتَمِرُ فتقضى ركعتى الطَّوَافِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا وَلَا تقضى الْمَكْتُوبَةَ التي مَرَّتْ في أَيَّامِ حَيْضِهَا ( قال ) وَالْحُجَّةُ في هذا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَذِنَ لِلْمَرْءِ أَنْ يَحُجَّ عن غَيْرِهِ وفي ذلك أَنَّ عَمَلَهُ عنه يُجْزِئُ كما أَجْزَأَ عَمَلُهُ عن نَفْسِهِ فَمَنْ عَلِمَ هذا عَلِمَ أَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى أَنْ يَقُولَ لَا يَبْقَى من عَمَلِ الْحَجِّ عنه شيئا ( ( ( شيء ) ) ) فَلَوْ جَازَ أَنْ يَبْقَى من عَمَلِ الْحَجِّ صَلَاةٌ جَازَ أَنْ يَبْقَى طَوَافٌ ورمى وَوُقُوفٌ وَلَكِنَّهُ يأتى بِالْكَمَالِ عَمَّنْ عَمِلَ عنه كما كان على الْمَعْمُولِ عنه أَنْ يأتى بِالْكَمَالِ عن نَفْسِهِ ( قال ) وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِمَّنْ سَمِعْت منه في هذا شيئا خَالَفَ فيه ما وَصَفْت وقد حكى لي عن قَائِلٍ أَنَّهُ قال يَعْمَلُ عنه غير الصَّلَاةِ وَأَصْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ هذا أَنَّهُ لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عن أَحَدٍ إلَّا في بَعْضِ الْأَحْوَالِ دُونَ بَعْضٍ فَكَيْفَ جَازَ أَنْ يَأْمُرَ بِالْحَجِّ في حَالٍ لم يَأْمُرْ بها النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فيه وَيَتْرُكَهَا حَيْثُ أَمَرَ بها النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَكَيْفَ إذَا تَرَكَ أَصْلَ قَوْلِهِ في حَالٍ يَحُجُّ الْمَرْءُ فيها عن غَيْرِهِ أو يَعْمَلُ فيها شيئا من عَمَلِ الْحَجِّ عن غَيْرِهِ لم يَجْعَلْ الصَّلَاةَ التي تَجِبُ بِالْحَجِّ مِمَّا أُمِرَ بِعَمَلِهِ في الْحَجِّ غير الصَّلَاةِ فَإِنْ قال قَائِلٌ فما الْحُجَّةُ أَنَّ لِلصَّبِيِّ حَجًّا ولم يُكْتَبْ عليه فَرْضُهُ قِيلَ إنَّ اللَّهَ بِفَضْلِ نِعْمَتِهِ أَنَابَ الناس على الْأَعْمَالِ أَضْعَافَهَا وَمَنَّ على الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَوَفَّرَ عليهم أَعْمَالَهُمْ فقال { أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وما أَلَتْنَاهُمْ من عَمَلِهِمْ من شَيْءٍ } فلما مَنَّ على الذَّرَارِيِّ بِإِدْخَالِهِمْ جَنَّتَهُ بِلَا عَمَلٍ كان أَنْ مَنَّ عليهم بِأَنْ يَكْتُبَ لهم عَمَلَ الْبِرِّ في الْحَجِّ وَإِنْ لم يَجِبْ عليهم من ذلك الْمَعْنَى فَإِنْ قال قَائِلٌ ما دَلَّ على ما وَصَفْت فَقَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ في أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَالْحُجَّةُ فيه عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن إبْرَاهِيمَ بن عُقْبَةَ عن كُرَيْبٍ مولى بن عَبَّاسٍ عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قَفَلَ فلما كان بِالرَّوْحَاءِ لقى رَكْبًا فَسَلَّمَ عليهم فقال من الْقَوْمُ فَقَالُوا مُسْلِمُونَ فَمَنْ الْقَوْمُ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَرَفَعَتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لها من مِحَفَّةٍ فقالت يا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ قال نعم وَلَك أَجْرٌ
أخبرنا مَالِكٌ عن إبْرَاهِيمَ بن عُقْبَةَ عن كُرَيْبٍ مولى بن عَبَّاسٍ عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ في مِحَفَّتِهَا فَقِيلَ لها هذا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ كان مَعَهَا فقالت أَلِهَذَا حَجٌّ قال نعم وَلَك أَجْرٌ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سَعِيدُ بن سَالِمٍ عن مَالِكِ بن مِغْوَلٍ عن أبي السَّفْرِ قال قال بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنهما أَيُّهَا الناس أَسْمِعُونِي ما تَقُولُونَ وَافْهَمُوا ما أَقُولُ لَكُمْ إيما مَمْلُوكٍ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ فَمَاتَ قبل أَنْ يَعْتِقَ فَقَدْ قَضَى حَجَّهُ وَإِنْ عَتَقَ قبل أَنْ يَمُوتَ فَلْيَحْجُجْ وَأَيُّمَا غُلَامٍ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ فَمَاتَ قبل أَنْ يُدْرِكَ فَقَدْ قضى عنه حَجُّهُ وَإِنْ بَلَغَ فَلْيَحْجُجْ
أخبرنا مُسْلِمُ بن خَالِدٍ وَسَعِيدُ بن سَالِمٍ عن بن جُرَيْجٍ عن عَطَاءٍ قال وَتُقْضَى حَجَّةُ الْعَبْدِ عنه حتى يَعْتِقَ فإذا عَتَقَ وَجَبَتْ عليه من غَيْرِ أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً عليه (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) هذا كما قال عَطَاءٌ في الْعَبْدِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَنْ لم يَبْلُغْ وقد بَيَّنَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَمَعْنَى قَوْلِ بن عَبَّاسٍ عِنْدَنَا هَكَذَا وَقَوْلُهُ فإذا عَتَقَ فَلْيَحْجُجْ يَدُلُّ على أنها لو أَجْزَأَتْ عنه حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لم يَأْمُرْهُ بِأَنْ يَحُجَّ إذَا عَتَقَ وَيَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يَرَاهَا وَاجِبَةً عليه في عُبُودِيَّتِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ وَغَيْرَهُ من أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا يَرَوْنَ فَرْضَ الْحَجِّ على أَحَدٍ إلَّا مَرَّة==

=

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أشعار النساء - ط عالم الكتب المؤلف المرزباني

  أشعار النساء للمرزباني ثالث ما ألف من الكتب في أشعار النساء، بعد (أشعار الجواري) للمفجع البصري المتوفى سنة 327هـ و(الإماء الشواعر)...