Translate فتح الباري وتفسير بن كثير كيكي520.

الجمعة، 13 مايو 2022

كتاب الأم مجلد 12. محمد بن إدريس الشافعي

 

12.

كتاب الأم مجلد 12. محمد بن إدريس الشافعي أبو عبد الله سنة الولادة 150/ سنة الوفاة 204 .

فَيَحْرُمُ بِهِ الْوَطْءُ بِالْمِلْكِ وَفَرَّقَ بين إحْلَالِهِمَا وَتَحْرِيمِهِمَا فلم يَجُزْ أَنْ يُوطَأَ الْفَرْجُ إلَّا بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فلما مَلَكَ امْرَأَتَهُ فَحَالَتْ عن النِّكَاحِ إلَى الْمِلْكِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ ( قال الرَّبِيعُ ) يُرِيدُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ امْرَأَتَهُ وهو يَمْلِكُهَا أو بَعْضَهَا حتى يَكُونَ مِلْكٌ وَحْدَهُ بِكَمَالِهِ أو التَّزْوِيجُ وَحْدَهُ بِكَمَالِهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ أَمَّا الرَّجُلُ يَزْنِي بِامْرَأَةِ أبيه أو امْرَأَةِ ابْنِهِ فَلَا تَحْرُمُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا على زَوْجِهَا بِمَعْصِيَةِ الْآخَرِ فيها وَمَنْ حَرَّمَهَا على زَوْجِهَا بهذا أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ خَالَفَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَلَ التَّحْرِيمَ بِالطَّلَاقِ إلَى الْأَزْوَاجِ فَجَعَلَ هذا إلَى غَيْرِ الزَّوْجِ أَنْ يُحَرِّمَ عليه امْرَأَتَهُ أو إلَى الْمَرْأَةِ نَفْسِهَا أَنْ تُحَرِّمَ نَفْسَهَا على زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ يَزْنِي بِأُمِّ امْرَأَتِهِ أو بِنْتِهَا لَا تَحْرُمُ عليه امْرَأَتُهُ وَمَنْ حَرَّمَ عليه أَشْبَهَ أَنْ يَدْخُلَ عليه أَنْ يُخَالِفَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى في أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا على زَوْجِهَا بِطَلَاقِهِ إيَّاهَا فَزَنَى زَوْجُهَا بِأُمِّهَا فلم يَكُنْ الزنى طَلَاقًا لها وَلَا فِعْلًا يَكُونُ في حُكْمِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَلَا في سُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم تَحْرِيمًا لها وكان فِعْلًا كما وَصَفْت وَقَعَ على غَيْرِهَا فَحَرُمَتْ بِهِ فقال قَوْلًا مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ مُحَالًا بِأَنْ يَكُونَ فِعْلُ الزَّوْجِ وَقَعَ على غَيْرِهَا فَحَرُمَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ عليه وَذَكَرَ اللَّهُ عز وجل ما مَنَّ بِهِ على الْعِبَادِ فقال { فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا } فَحَرَّمَ بِالنَّسَبِ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ وَمَنْ سَمَّى وَحَرَّمَ بِالصِّهْرِ ما نَكَحَ الْآبَاءُ وَأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَبَنَاتِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ مِنْهُنَّ فَكَانَ تَحْرِيمُهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَلِكَ إذَا مَلَكَ منها شِقْصًا وَإِنْ قَلَّ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ من أَنْ تَكُونَ زَوْجَتَهُ لو قَذَفَهَا ولم تَحِلَّ له بِالْمِلْكِ حتى يَسْتَكْمِلَ مِلْكَهَا وَهَكَذَا الْمَرْأَةُ تَمْلِكُ زَوْجَهَا وَلَا يَخْتَلِفُ الْمِلْكُ بين الزَّوْجَيْنِ بِأَيِّ وَجْهٍ ما كان الْمِلْكُ مِيرَاثًا أو هِبَةً أو صَدَقَةً أو غير ذلك وَهَكَذَا الْبَيْعُ إذَا تَمَّ كُلُّهُ وَتَمَامُ الْمِيرَاثِ أَنْ يَمُوتَ الْمَوْرُوثُ قَبَضَهُ الْوَارِثُ أو لم يَقْبِضْهُ قَبِلَهُ أو لم يَقْبَلْهُ لِأَنَّهُ ليس له رَدُّهُ وَتَمَامُ الْهِبَةِ أو الصَّدَقَةِ أَنْ يَقْبَلَهَا الْمَوْهُوبُ له وَالْمُصَدَّقُ عليه وَيَقْبِضَهَا وَتَمَامُ الْوَصِيَّةُ أَنْ يَقْبَلَهَا الْمُوصَى له وَإِنْ لم يَقْبِضْهَا وَتَمَامُ الْبَيْعِ أَنْ لَا يَكُونَ فيه شَرْطٌ حتى يَتَفَرَّقَا عن مَقَامِهِمَا الذي تَبَايَعَا فيه وما لم يَتِمَّ الْبَيْعُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وُهِبَتْ له امْرَأَتُهُ أو اشْتَرَاهَا أو تُصُدِّقَ بها عليه فلم يَقْبِضْ الْمَوْهُوبُ له وَلَا الْمُصَدَّقُ عليه ولم يُفَارِقْ الْبَيِّعَانِ مَقَامَهُمَا الذي تَبَايَعَا فيه ولم يُخَيِّرْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَيَخْتَارُ الْبَيْعَ لم يَكُنْ له أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ بِالنِّكَاحِ لِأَنَّ له فيها شُبَهًا بِمِلْكٍ حتى يَرُدَّ الْمِلْكَ فَتَكُونَ زَوْجَتَهُ بِحَالِهَا أو يُتِمَّ الْمِلْكَ فَيَنْفَسِخَ النِّكَاحُ وَيَكُونَ له الْوَطْءُ بِالْمِلْكِ وإذا طَلَّقَهَا في حَالِ الْوَقْفِ أو تَظَاهَرَ أو آلَى منها وُقِفَ ذلك فَإِنْ رَدَّ الْمِلْكَ وَقَعَ عليها الطَّلَاقُ وَالْإِيلَاءُ وما يَقَعُ بين الزَّوْجَيْنِ ( 1 ) وَإِنْ لم يَتِمَّ مِلْكُهُ فيها بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ من الصَّدَقَةِ أو الْهِبَةِ أو الْبَيْعِ سَقَطَ ذلك كُلُّهُ عنه لِأَنَّا عَلِمْنَا حين تَمَّ الْبَيْعُ أنها غَيْرُ زَوْجَةٍ حين أَوْقَعَ ذلك عليها فإذا عَتَقَتْ الْأَمَةُ عِنْدَ الْعَبْدِ فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ أَوْقَعَ عليها الطَّلَاقَ بَعْدَ الْعِتْقِ قبل الْخِيَارِ فَالطَّلَاقُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ ثَبَتَتْ عِنْدَهُ وَقَعَ وَإِنْ فَسَخَتْ النِّكَاحَ سَقَطَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ مُشْرِكَيْنِ وَثَنِيَّيْنِ فَيُسْلِمُ الزَّوْجُ أو الزَّوْجَةُ فَيَكُونُ النِّكَاحُ مَوْقُوفًا على الْعِدَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفُ عن الْإِسْلَامِ مِنْهُمَا كان النِّكَاحُ ثَابِتًا وَإِنْ لم يُسْلِمْ حتى تَمْضِيَ الْعِدَّةُ كان النِّكَاحُ مَفْسُوخًا وما أَوْقَعَ الزَّوْجُ في هذه الْحَالِ على امْرَأَتِهِ من طَلَاقٍ أو ما يَقَعُ بين الزَّوْجَيْنِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِإِسْلَامِ الْمُتَخَلِّفِ مِنْهُمَا وَقَعَ وَإِنْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بِأَنْ لم يُسْلِمْ الْمُتَخَلِّفُ عن الْإِسْلَامِ مِنْهُمَا سَقَطَ وَكُلُّ نِكَاحٍ أَبَدًا يَفْسُدُ من حَادِثٍ من وَاحِدٍ من الزَّوْجَيْنِ أو حَادِثٍ في وَاحِدٍ مِنْهُمَا ليس بِطَلَاقٍ من الزَّوْجِ فَهُوَ فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ - * الْخِلَافُ فِيمَا يَحْرُمُ بالزنى - *

(5/252)


بِأَنَّهُ جَعَلَهُ لِلْمُحَرَّمَاتِ على من حَرَّمَ عليه حَقًّا ليس لِغَيْرِهِنَّ عَلَيْهِنَّ وكان ذلك مَنَّا منه بِمَا رضي من حَلَالِهِ وكان من حُرِّمْنَ عليه لَهُنَّ مَحْرَمًا يَخْلُو بِهِنَّ وَيُسَافِرُ وَيَرَى مِنْهُنَّ ما لَا يَرَى غَيْرُ الْمَحْرَمِ وَإِنَّمَا كان التَّحْرِيمُ لَهُنَّ رَحْمَةً لَهُنَّ وَلِمَنْ حَرُمْنَ عليه وَمَنًّا عَلَيْهِنَّ وَعَلَيْهِمْ لَا عُقُوبَةً لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا تَكُونُ الْعُقُوبَةُ فِيمَا رضي وَمَنْ حَرَّمَ بالزنى الذي وَعَدَ اللَّهُ عليه النَّارَ وَحَدَّ عليه فَاعِلَهُ وَقَرَنَهُ مع الشِّرْكِ بِهِ وَقَتْلِ النَّفْسِ التي حَرَّمَ اللَّهُ أَحَالَ الْعُقُوبَةَ إلَى أَنْ جَعَلَهَا مَوْضِعَ رَحْمَةٍ فَمَنْ دخل عليه خِلَافُ الْكِتَابِ فِيمَا وَصَفْت وفي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حين حَكَمَ الْأَحْكَامَ بين الزَّوْجَيْنِ من اللِّعَانِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْمِيرَاثِ كان عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ على النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فإذا زَعَمْنَا أَنَّ الذي أَرَادَ اللَّهُ عز وجل بِأَحْكَامِهِ في النِّكَاحِ ما صَحَّ وَحَلَّ فَكَيْفَ جَازَ له أَنْ يُحَرِّمَ بالزنى وهو حَرَامٌ غَيْرُ نِكَاحٍ وَلَا شُبْهَةٍ - * من لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ من الْأَزْوَاجِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ شَرِبَ خَمْرًا أو نَبِيذًا فَأَسْكَرَهُ فَطَلَّقَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَالْحُدُودُ كُلُّهَا وَالْفَرَائِضُ وَلَا تَسْقُطُ الْمَعْصِيَةُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْمَعْصِيَةُ بِالسُّكْرِ من النَّبِيذِ عنه فَرْضًا وَلَا طَلَاقًا فَإِنْ قال قَائِلٌ فَهَذَا مَغْلُوبٌ على عَقْلِهِ وَالْمَرِيضُ وَالْمَجْنُونُ مَغْلُوبٌ على عَقْلِهِ قِيلَ الْمَرِيضُ مَأْجُورٌ وَمُكَفَّرٌ عنه بِالْمَرَضِ مَرْفُوعٌ عنه الْقَلَمُ إذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ وَهَذَا آثِمٌ مَضْرُوبٌ على السُّكْرِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ عنه الْقَلَمُ فَكَيْفَ يُقَاسُ من عليه الْعِقَابُ بِمَنْ له الثَّوَابُ وَالصَّلَاةُ مَرْفُوعَةٌ عَمَّنْ غُلِبَ على عَقْلِهِ وَلَا تُرْفَعُ عن السَّكْرَانِ وَكَذَلِكَ الْفَرَائِضُ من حَجٍّ أو صِيَامٍ إو غَيْرِ ذلك
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقَعُ طَلَاقُ من لَزِمَهُ فَرْضُ الصَّلَاةِ وَالْحُدُودِ وَذَلِكَ كُلُّ بَالِغٍ من الرِّجَالِ غَيْرُ مَغْلُوبٍ على عَقْلِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا خُوطِبَ بِالْفَرَائِضِ من بَلَغَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وإذا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا } ولقول ( ( ( ويقول ) ) ) اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حتى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ منهم رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَجَازَ بن عُمَرَ في الْقِتَالِ بن خَمْسَ عَشْرَةَ وَرَدَّهُ بن اربع عَشْرَةَ وَمَنْ غُلِبَ على عَقْلِهِ بِفِطْرَةِ خِلْقَةٍ أو حَادِثِ عِلَّةٍ لم يَكُنْ سَبَبًا لِاجْتِلَابِهَا على نَفْسِهِ بِمَعْصِيَةٍ لم يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ وَلَا الصَّلَاةُ وَلَا الْحُدُودُ وَذَلِكَ مِثْلُ الْمَعْتُوهِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُوَسْوَسِ وَالْمُبَرْسَمِ وَكُلِّ ذِي مَرَضٍ يَغْلِبُ على عَقْلِهِ ما كان مَغْلُوبًا على عَقْلِهِ فإذا ثَابَ إلَيْهِ عَقْلُهُ فَطَلَّقَ في حَالِهِ تِلْكَ أو أتى حَدًّا أُقِيمَ عليه وَلَزِمَتْهُ الْفَرَائِضُ وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فإذا طَلَّقَ في حَالِ جُنُونِهِ لم يَلْزَمْهُ وإذا طَلَّقَ في حَالِ إفَاقَتِهِ لَزِمَهُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ على رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فقال طَلَّقْت في حَالِ جُنُونِي أو مَرَضٍ غَالِبٍ على عَقْلِي فَإِنْ قَامَتْ له بَيِّنَةٌ على مَرَضٍ غَلَبَ على عَقْلِهِ في الْوَقْتِ الذي طَلَّقَ فيه سَقَطَ طَلَاقُهُ وَأُحْلِفَ ما طَلَّقَ وهو يَعْقِلُ وَإِنْ قالت امْرَأَتُهُ قد كان في يَوْمِ كَذَا في أَوَّلِ النَّهَارِ مَغْلُوبًا على عَقْلِهِ وَشَهِدَ الشَّاهِدَانِ على الطَّلَاقِ فَأَثْبَتَا أَنَّهُ كان يَعْقِلُ حين طَلَّقَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ قد يَغْلِبُ على عَقْلِهِ في الْيَوْمِ وَيُفِيقُ وفي السَّاعَةِ وَيُفِيقُ وَإِنْ لم يُثْبِتْ شَاهِدَا الطَّلَاقِ أَنَّهُ كان يَعْقِلُ حين طَلَّقَ أو شَهِدَ الشَّاهِدَانِ على الطَّلَاقِ وَعَرَفَ أنه قد كان في ذلك الْيَوْمِ مَغْلُوبًا على عَقْلِهِ أُحْلِفَ ما طَلَّقَ وهو يَعْقِلُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَا عليه بِالطَّلَاقِ ولم يُثْبِتَا أَيَعْقِلُ أَمْ لَا وقال هو كُنْت مَغْلُوبًا على عَقْلِي فَهُوَ على أَنَّهُ يَعْقِلُ حتى يُعْلَمَ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ أَنَّهُ قد كان في مِثْلِ ذلك الْوَقْتِ يُصِيبُهُ ما يُذْهِبُ عَقْلَهُ أو يَكْثُرُ أَنْ يَعْتَرِيَهُ ما يُذْهِبُ عَقْلَهُ في الْيَوْمِ وَالْأَيَّامِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ له سَبَبًا يَدُلُّ على صِدْقِهِ - * طَلَاقُ السَّكْرَانِ - *

(5/253)


وَمَنْ شَرِبَ بَنْجًا أو حِرِّيفًا أو مُرَقِّدًا لِيَتَعَالَجَ بِهِ من مَرَضٍ فَأَذْهَبَ عَقْلَهُ فَطَلَّقَ لم يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ من قِبَلِ أَنْ ليس في شَيْءٍ من هذا أَنْ نَضْرِبَهُمْ على شُرْبِهِ في كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا إجْمَاعٍ فإذا كان هَكَذَا كان جَائِزًا أَنْ يُؤْخَذَ الشَّيْءُ منه لِلْمَنْفَعَةِ لَا لِقَتْلِ النَّفْسِ وَلَا إذْهَابِ الْعَقْلِ فَإِنْ جاء منه قَتْلُ نَفْسٍ أو إذْهَابُ عَقْلٍ كان كَالْمَرِيضِ يَمْرَضُ من طَعَامٍ وَغَيْرِهِ وَأَجْدَرُ أَنْ لَا يَأْثَمَ صَاحِبُهُ بِأَنَّهُ لم يُرِدْ وَاحِدًا مِنْهُمَا كما يَكُونُ جَائِزًا له بَطُّ الْجُرْحِ وَفَتْحُ الْعِرْقِ وَالْحِجَامَةُ وَقَطْعُ الْعُضْوِ رَجَاءَ الْمَنْفَعَةِ وقد يَكُونُ من بَعْضِ ذلك سَبَبُ التَّلَفِ وَلَكِنَّ الْأَغْلَبَ السَّلَامَةُ وَأَنْ ليس يُرَادُ ذلك لِذَهَابِ الْعَقْلِ وَلَا لِلتَّلَذُّذِ بِالْمَعْصِيَةِ - * طَلَاقُ الْمَرِيضِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ غير أَنِّي أَيَّمَا قُلْت فَإِنِّي أَقُولُ لَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا إذَا طَلَّقَهَا مَرِيضًا طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَنَكَحَتْ لِأَنَّ حَدِيثَ بن الزُّبَيْرِ مُتَّصِلٌ وهو يقول وَرَّثَهَا عُثْمَانُ في الْعِدَّةِ وَحَدِيثُ بن شِهَابٍ مُنْقَطِعٌ وَأَيَّهمَا قُلْت فَإِنْ صَحَّ بَعْدَ الطَّلَاقِ سَاعَةً ثُمَّ مَاتَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَلَّكَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَزْوَاجَ الطَّلَاقَ فَمَنْ طَلَّقَ من الْأَزْوَاجِ وهو بَالِغٌ غَيْرُ مَغْلُوبٍ على عَقْلِهِ جَازَ طَلَاقُهُ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ لِامْرَأَتِهِ بَعْدَ أَنْ كانت حَلَالًا له فَسَوَاءٌ كان صَحِيحًا حين يُطَلِّقُ أو مَرِيضًا فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ فَإِنْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا أو تَطْلِيقَةً لم يَبْقَ له عليها من الطَّلَاقِ غَيْرُهَا أو لَاعَنَهَا وهو مَرِيضٌ فَحُكْمُهُ في وُقُوعِ ذلك على الزَّوْجَةِ وَتَحْرِيمِهَا عليه حُكْمُ الصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ إنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً ولم يَدْخُلْ بها وَكَذَلِكَ كُلُّ فُرْقَةٍ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا ليس لِلزَّوْجِ عليها فيها رَجْعَةٌ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَإِنْ لم يَصِحَّ الزَّوْجُ حتى مَاتَ فَقَدْ اخْتَلَفَ في ذلك أَصْحَابُنَا فمنهم ( ( ( منهم ) ) ) من قال لَا تَرِثُهُ وَذَهَبَ إلَى أَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ إذَا كان في الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ سَوَاءٌ فإن الطَّلَاقَ يَقَعُ على الزَّوْجَةِ وَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَرِثُ الْمَرْأَةَ لو مَاتَتْ فَكَذَلِكَ لَا تَرِثُهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إنَّمَا وَرَّثَ الزَّوْجَةَ من الزَّوْجِ وَالزَّوْجَ من الزَّوْجَةِ ما كَانَا زَوْجَيْنِ وَهَذَانِ لَيْسَا بِزَوْجَيْنِ وَلَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فَتَكُونُ في مَعَانِي الْأَزْوَاجِ فَتَرِثُ وَتُورَثُ وَذَهَبَ إلَى أَنَّ على الزَّوْجَةِ أَنْ تَعْتَدَّ من الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَهَذِهِ لَا تَعْتَدُّ من الْوَفَاةِ وَإِلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا كانت وَارِثَةً إنْ مَاتَ زَوْجُهَا كانت مَوْرُوثَةً إنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ وَهَذِهِ لَا يَرِثُهَا الزَّوْجُ وَذَهَبَ إلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ تُغَسِّلُ الزَّوْجَ وَيُغَسِّلُهَا وَهَذِهِ لَا تُغَسِّلُهُ وَلَا يُغَسِّلُهَا وَإِلَى أنه يَنْكِحَ أُخْتَهَا وَأَرْبَعًا سِوَاهَا وَكُلُّ هذا يُبَيِّنُ أَنْ لَيْسَتْ زَوْجَةً وَمَنْ قال هذا فَلَيْسَتْ عليه مَسْأَلَةٌ صَحَّ الزَّوْجُ بَعْدَ الطَّلَاقِ أو لم يَصِحَّ أو نَكَحَتْ الزَّوْجَةُ أو لم تَنْكِحْ ولم يُوَرِّثْهَا منه إذَا لم يَكُنْ له عليها رَجْعَةٌ وَلَا هو منها وَلَوْ طَلَّقَهَا سَاعَةَ يَمُوتُ أو قال أَنْتِ طَالِقٌ قبل مَوْتِي بِطَرْفَةِ عَيْنٍ أو بِيَوْمٍ ثَلَاثًا لم تَرِثْ في هذا الْقَوْلِ بِحَالٍ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن أبي رَوَّادٍ وَمُسْلِمُ بن خَالِدٍ عن بن جُرَيْجٍ قال أخبرني بن أبي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَأَلَ بن الزُّبَيْرِ عن الرَّجُلِ يُطَلِّقُ الْمَرْأَةَ فَيَبُتُّهَا ثُمَّ يَمُوتُ وَهِيَ في عِدَّتِهَا فقال عبد اللَّهِ بن الزُّبَيْرِ طَلَّقَ عبد الرحمن بن عَوْفٍ تُمَاضِرَ بِنْتَ الْأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ فَبَتَّهَا ثُمَّ مَاتَ عنها وَهِيَ في عِدَّتِهَا فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ قال بن الزُّبَيْرِ وَأَمَّا أنا فَلَا أَرَى أَنْ تَرِثَ مَبْتُوتَةٌ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن طَلْحَةَ بن عبد اللَّهِ بن عَوْفٍ قال وكان أَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ وَعَنْ أبي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن أَنَّ عَبْدَ الرحمن بن عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ البتة وهو مَرِيضٌ فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ منه بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ فَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنْ يُوَرِّثَ الْمَرْأَةَ وَإِنْ لم يَكُنْ لِلزَّوْجِ عليها رَجْعَةٌ إذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ وهو مَرِيضٌ وإذا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قبل مَوْتِهِ وقال بَعْضُهُمْ وَإِنْ نَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ وقال غَيْرُهُمْ تَرِثُهُ ما امْتَنَعَتْ من الْأَزْوَاجِ وقال بَعْضُهُمْ تَرِثُهُ ما كانت في الْعِدَّةِ فإذا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ لم تَرِثْهُ وَهَذَا مِمَّا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ عز وجل فيه ( قال الرَّبِيعُ ) وقد اسْتَخَارَ اللَّهَ تَعَالَى فيه فقال لَا تَرِثُ الْمَبْتُوتَةُ

(5/254)


لم تَرِثْهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا قبل أَنْ يَمَسَّهَا فَأَيَّهمَا قُلْت فَلَهَا نِصْفُ ما سَمَّى لها إنْ كان سَمَّى لها شيئا وَلَهَا الْمُتْعَةُ إنْ لم يَكُنْ سَمَّى لها شيئا وَلَا عِدَّةَ عليها من طَلَاقٍ وَلَا وَفَاةٍ وَلَا تَرِثُهُ لِأَنَّهَا لَا عِدَّةَ عليها وَأَيَّهمَا قُلْت فَلَوْ طَلَّقَهَا وقد أَصَابَهَا وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ أو كَافِرَةٌ وهو مُسْلِمٌ طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ هذه وَعَتَقَتْ هذه ثُمَّ مَاتَ مَكَانَهُ لم تَرِثَاهُ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَلَا مَعْنَى لِفِرَارِهِ من مِيرَاثِهَا وَلَوْ مَاتَ في حَالِهِ تِلْكَ لم تَرِثَاهُ وَلَوْ كان طَلَاقُهُ يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ ثُمَّ عَتَقَتْ هذه وَأَسْلَمَتْ هذه ثُمَّ مَاتَ وَهُمَا في الْعِدَّةِ وَرِثَتَاهُ وَإِنْ مَضَتْ الْعِدَّةُ لم تَرِثَاهُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ كان وَهُمَا غَيْرُ وَارِثَيْنِ لو مَاتَ وَهُمَا في حَالِهِمَا تِلْكَ وَإِنْ كَانَتَا من الْأَزْوَاجِ وإذا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وهو مَرِيضٌ طَلَاقًا يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لم تَرِثْ في قَوْلِ من ذَهَبَ إلَى قَوْلِ بن الزُّبَيْرِ لِأَنَّ من ذَهَبَ إلَيْهِ نَظَرَ إلَيْهِ حين يَمُوتُ فَإِنْ كانت من الْأَزْوَاجِ أو في مَعَانِي الْأَزْوَاجِ من الْمُطَلَّقَاتِ اللَّاتِي عَلَيْهِنَّ الرَّجْعَةُ وَهُنَّ في عِدَّتِهِنَّ وَرِثَهَا وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَتْ وَرِثَهَا الزَّوْجُ وَإِنْ لم يَكُنْ عليها عِدَّةٌ لم يُوَرِّثْهَا لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ من الْأَزْوَاجِ وَمَعَانِيهِنَّ وفي قَوْلِ من ذَهَبَ إلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ تَرِثُهُ ما لم تَنْقَضِ عِدَّتُهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا صَحِيحًا لَا يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ ثُمَّ صَحَّ ثُمَّ مَرِضَ فَمَاتَ لم تَرِثْهُ وَإِنْ كانت في الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ قد صَحَّ فَلَوْ ابْتَدَأَ طَلَاقَهَا في ذلك الْوَقْتِ لم تَرِثْهُ وَإِنْ كان يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَمَاتَ في الْعِدَّةِ وَرِثَتْهُ * وَالْمَرَضُ الذي يُمْنَعُ صَاحِبُهُ فيه من الْهِبَةِ وَإِتْلَافِ مَالِهِ إلَّا في الثُّلُثِ إنْ مَاتَ وَيُوَرَّثُ منه من يُوَرَّثُ إذَا طَلَّقَ مَرِيضًا كُلَّ مَرَضٍ مَخُوفٍ مِثْلِ الْحُمَّى الصَّالِبِ وَالْبَطْنِ وَذَاتِ الْجَنْبِ وَالْخَاصِرَةِ وما أَشْبَهَهُ مِمَّا يُضْمِنُهُ على الْفِرَاشِ وَلَا يَتَطَاوَلُ فَأَمَّا ما أَضْمَنَهُ مِثْلُهُ وَتَطَاوَلَ مِثْلُ السُّلِّ وَالْفَالِجِ إذَا لم يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ غَيْرُهُمَا أو يَكُونُ بِالْمَفْلُوجِ منه سَوْرَةُ ابْتِدَائِهِ في الْحَالِ التي يَكُونُ مَخُوفًا فيها فإذا تَطَاوَلَ فإنه لَا يَكَادُ يَكُونُ مَخُوفًا فَأَمَّا إذَا كانت حُمَّى الرِّبْعِ بِرَجُلٍ فَالْأَغْلَبُ منها أنها غَيْرُ مَخُوفَةٍ وَأَنَّهَا إلَى السَّلَامَةِ فإذا لم تَضْمَنْهُ حتى يَلْزَمَ الْفِرَاشَ من ضَمِنَ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ وإذا أَضْمَنَتْهُ كان كَالْمَرِيضِ وإذا آلَى رَجُلٌ من امْرَأَتِهِ وهو صَحِيحٌ فَمَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ وهو مَرِيضٌ فَمَاتَ قبل أَنْ يُوقَفَ فَهِيَ زَوْجَتُهُ وَإِنْ وُقِفَ فَفَاءَ بِلِسَانِهِ وهو لَا يَقْدِرُ على الْجِمَاعِ فَهِيَ زَوْجَتُهُ وَإِنْ طَلَّقَ وَالطَّلَاقُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَإِنْ مَاتَ وَهِيَ في الْعِدَّةِ وَرِثَتْهُ وَإِنْ مَاتَتْ وَرِثَهَا وَإِنْ مَاتَ وقد انْقَضَتْ الْعِدَّةُ لم يَرِثْهَا وَلَا تَرِثُهُ وَلَوْ قَذَفَهَا وهو مَرِيضٌ أو صَحِيحٌ فلم يُلَاعِنْهَا حتى مَرِضَ ثُمَّ مَاتَ كانت زَوْجَتَهُ وَكَذَلِكَ لو الْتَعَنَ فلم يُكْمِلْ اللِّعَانَ حتى مَاتَ كانت زَوْجَتَهُ تَرِثُهُ وَلَوْ أَكْمَلَ اللِّعَانَ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ ولم تَرِثْهُ وَإِنْ كان مَرِيضًا حين وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ في وَاحِدٍ من الْقَوْلَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ اللِّعَانَ حُكْمٌ حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ يَحُدُّهُ السُّلْطَانُ إنْ لم يَلْتَعِنْ وَإِنَّ الْفُرْقَةَ لَزِمَتْهُ بِالسُّنَّةِ أَحَبَّ أو كَرِهَ وَأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ بِحَالٍ أَبَدًا فَحَالُهُمَا إذَا وَقَعَ اللِّعَانُ غَيْرُ حَالِ الْأَزْوَاجِ فَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا إذَا الْتَعَنَ هو وَلَوْ تظهر ( ( ( تظاهر ) ) ) منها صَحِيحًا أو مَرِيضًا فَسَوَاءٌ هِيَ زَوْجَتُهُ ليس الظِّهَارُ بِطَلَاقٍ إنَّمَا هِيَ كَالْيَمِينِ يُكَفِّرُهَا فَإِنْ لم يُكَفِّرْهَا حتى مَاتَ أو مَاتَتْ تَوَارَثَا وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وهو مَرِيضٌ إنْ دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ أو خَرَجْت من مَنْزِلِي أو فَعَلْت كَذَا لِأَمْرٍ نَهَاهَا عنه أَنْ تَفْعَلَهُ وَلَا تَأْثَمُ بِتَرْكِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أو طَالِقٌ ولم يَبْقَ له عليها من الطَّلَاقِ إلَّا وَاحِدَةٌ فَفَعَلَتْ ذلك طَلُقَتْ ثُمَّ مَاتَ لم تَرِثْهُ في الْعِدَّةِ بِحَالٍ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَإِنْ كان من كَلَامِهِ كان فَبِفِعْلِهَا وَقَعَ وكذلك لو قال لها اختاري نفسك أو إليك طلاقك ثلاثا فطلقت نفسها ثلاثا وكذلك لو اختلعت منه وَكَذَلِكَ لو قال لها إنْ شِئْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَشَاءَتْ وَكُلُّ ما كان من هذا كان يَتِمُّ بها وَهِيَ تَجِدُ منه بُدًّا فَطَلُقَتْ منه طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ لم تَرِثْهُ ولم يَرِثْهَا عِنْدِي في قِيَاسِ جَمِيعِ الْأَقَاوِيلِ وَكَذَلِكَ لو سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لم تَرِثْهُ وَلَوْ سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَرِثَتْهُ في الْعِدَّةِ في قَوْلِ من يُوَرِّثُ امْرَأَةَ الْمَرِيضِ إذَا طَلَّقَهَا وَلَكِنَّهُ لو قال لها وهو مَرِيضٌ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ صَلَّيْت الْمَكْتُوبَةَ أو تَطَهَّرْت لِلصَّلَاةِ أو صُمْت
____________________

(5/255)


شَهْرَ رَمَضَانَ أو كَلَّمْت أَبَاك أو أُمَّك أو قُدْت أو قُمْت وَمِثْلُ هذا مِمَّا تَكُونُ عَاصِيَةً بِتَرْكِهِ أو يَكُونُ لَا بُدَّ لها من فِعْلِهِ فَفَعَلَتْهُ وهو مَرِيضٌ ثُمَّ مَاتَ وَرِثَتْهُ في الْعِدَّةِ في قَوْلِ من ذَهَبَ إلَى تَوْرِيثِهَا إذَا طَلَّقَهَا مَرِيضًا وَهَكَذَا لو حَلَفَ صَحِيحًا على شَيْءٍ لَا يَفْعَلُهُ هو فَفَعَلَهُ مَرِيضًا وَرِثَتْ في هذا الْقَوْلِ فَأَمَّا قَوْلُ بن الزُّبَيْرِ فَيَقْطَعُ هذا كُلُّهُ وَأَصْلُهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى حَالِهَا يوم يَمُوتُ فَإِنْ كانت زَوْجَةً أو في مَعْنَاهَا من طَلَاقٍ يَمْلِكُ فيه الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ وَكَانَتْ لو مَاتَتْ في تِلْكَ الْحَالِ وَرِثَهَا وَرَّثَهَا منه ( 1 ) وَإِنْ لم يَكُنْ يَرِثُهَا لو مَاتَتْ في تِلْكَ الْحَالِ لم تَكُنْ زَوْجَةً وَلَا في طَلَاقٍ يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ ولم نُوَرِّثْهَا في أَيِّ حَالَةٍ كان الْقَوْلُ وَالطَّلَاقُ مَرِيضًا كان أو صَحِيحًا وَلَوْ قال لها وهو مَرِيضٌ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ صُمْت الْيَوْمَ تَطَوُّعًا أو خَرَجْت إلَى مَنْزِلِ أَبِيك فَصَامَتْ تَطَوُّعًا أو خَرَجَتْ إلَى مَنْزِلِ أَبِيهَا لم تَرِثْهُ من قِبَلِ أَنَّهُ قد كان لها من هذا بُدٌّ وَكَانَتْ غير آثِمَةٍ بِتَرْكِهَا مَنْزِلَ أَبِيهَا ذلك الْيَوْمَ وَكُلُّ ما قِيلَ مِمَّا وَصَفْت أنها تَرِثُهُ في الْعِدَّةِ في قَوْلِ من يُوَرِّثُهَا إذَا كان الْقَوْلُ في الْمَرَضِ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ في الْمَرَضِ فَقَالَهُ في الْمَرَضِ ثُمَّ صَحَّ ثُمَّ وَقَعَ لم تَرِثْهُ إذَا كان الطَّلَاقُ لَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَكُلُّ ما قال في الصِّحَّةِ مِمَّا يَقَعُ في الْمَرَضِ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِ في الْمَرَضِ وكان طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ لم تَرِثْهُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أو إذَا جاء هِلَالُ كَذَا أو إذَا جَاءَتْ سَنَةُ كَذَا أو إذَا قَدِمَ فُلَانٌ وما أَشْبَهَ هذا فَوَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ وهو مَرِيضٌ لم تَرِثْ لِأَنَّ الْقَوْلَ كان في الصِّحَّةِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ قال لها وَهِيَ أَمَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا غَدًا وهو مَرِيضٌ وقال
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ قال لها إذَا مَرِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَمَرِضَ فَمَاتَ قبل أَنْ يَصِحَّ وَرِثَتْ في قَوْلِ من يُوَرِّثُهَا إذَا كان الطَّلَاقُ في الْمَرَضِ لِأَنَّهُ عَمَدَ أَنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ في الْمَرَضِ وإذا مَرِضَ الرَّجُلُ فَأَقَرَّ أَنَّهُ قد كان طَلَّقَ امْرَأَتَهُ في الصِّحَّةِ ثَلَاثًا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِإِقْرَارِهِ سَاعَةَ تَكَلَّمَ وَاسْتَقْبَلَتْ الْعِدَّةَ من ذلك الْيَوْمِ وَلَا تَرِثُهُ عِنْدِي بِحَالٍ وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وهو مَرِيضٌ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إذَا صَحَحْت فَصَحَّ ثُمَّ مَرِضَ فَمَاتَ لم تَرِثْهُ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ في وَقْتٍ لو ابْتَدَأَهُ فيه لم تَرِثْهُ وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ صَحِيحًا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قبل أَنْ أُقْتَلَ بِشَهْرٍ أو قبل أَنْ أَمُوتَ بِشَهْرٍ أو قبل أَنْ أَمُوتَ من الْحُمَّى أو سَمَّى مَرَضًا من الْأَمْرَاضِ فَمَاتَ من غَيْرِ ذلك الْمَرَضِ لم يَقَعْ الطَّلَاقُ وَوَرِثَتْهُ وَكَذَلِكَ لو مَاتَ من ذلك الْمَرَضِ قبل الشَّهْرِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لم يَقَعْ وَلَا يَقَعُ إلَّا بِأَنْ يَمُوتَ من ذلك الْمَرَضِ وَيَكُونَ قبل مَوْتِهِ بِشَهْرٍ فَيَجْتَمِعَ الْأَمْرَانِ وَلَهَا الْمِيرَاثُ في الْأَقَاوِيلِ وَإِنْ مَضَى شَهْرٌ من يَوْمِ قال تِلْكَ الْمَقَالَةَ ثُمَّ مَاتَ من ذلك الْمَرَضِ بِعَيْنِهِ لم يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حتى يَعِيشَ بَعْدَ الْقَوْلِ أَكْثَرَ من شَهْرٍ بِوَقْتٍ من الْأَوْقَاتِ يَقَعُ فيه الطَّلَاقُ فَيَكُونُ لِقَوْلِهِ مَوْضِعٌ فَأَمَّا إذَا كان مَوْتُهُ مع الشَّهْرِ سَوَاءً فَلَا مَوْضِعَ لِقَوْلِهِ وَتَرِثُ ولم يَقَعْ عليها طَلَاقٌ وإذا قال أَنْتِ طَالِقٌ قبل موتى بِشَهْرَيْنِ أو ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أو أَكْثَرَ ثُمَّ عَاشَ أَقَلَّ مِمَّا سَمَّى ثُمَّ مَاتَ فإن الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ عليها وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَإِنْ عَاشَ من حِينِ تَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ إلَى أَنْ مَاتَ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى بِطَرْفَةِ عَيْنٍ أو أَكْثَرَ وَقَعَ الطَّلَاقُ عليها في ذلك الْوَقْتِ وَذَلِكَ قبل مَوْتِهِ بِمَا سَمَّى وَلَا تَرِثُ إذَا كان ذلك الْقَوْلُ وهو صَحِيحٌ وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وهو مَرِيضٌ ثُمَّ ارْتَدَّتْ عن الْإِسْلَامِ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ ولم يَصِحَّ لم تَرِثْهُ لِأَنَّهَا أَخْرَجَتْ نَفْسَهَا من الْمِيرَاثِ وَلَوْ كان هو الْمُرْتَدَّ ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فَمَاتَ من مَرَضِهِ لم تَرِثْهُ عِنْدِي وَتَرِثُهُ في قَوْلِ غَيْرِي لِأَنَّهُ فَارٌّ من الْمِيرَاثِ وَلَوْ كانت زَوْجَتُهُ أَمَةً فقال لها وهو صَحِيحٌ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إذَا عَتَقْت فَعَتَقَتْ وهو مَرِيضٌ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ في الْعِدَّةِ لم تَرِثْهُ وَإِنْ كان قَالَهُ لها وهو مَرِيضٌ لم تَرِثْ في قَوْلِ بن الزُّبَيْرِ وَتَرِثُ في الْقَوْلِ الْآخَرِ

(5/256)


لها سَيِّدُهَا أَنْتِ حُرَّةٌ الْيَوْمَ بَعْدَ قَوْلِهِ لم تَرِثْهُ لِأَنَّهُ قَالَهُ وَهِيَ غَيْرُ وَارِثٍ وَكَذَلِكَ إنْ كانت مُشْرِكَةً وهو مُسْلِمٌ وَلَوْ قال لها سَيِّدُهَا وَالزَّوْجُ مَرِيضٌ أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا وقال الزَّوْجُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ غَدٍ ولم يَعْلَمْ عِتْقَ السَّيِّدِ لم تَرِثْهُ وَإِنْ مَاتَ من مَرَضِهِ وَإِنْ كان يَعْلَمُ عِتْقَ السَّيِّدِ لم تَرِثْهُ في قَوْلِ بن الزُّبَيْرِ وَتَرِثُهُ في قَوْلِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ فَارٌّ من الْمِيرَاثِ ( قال ) وَإِنْ كانت تَحْتَ الْمُسْلِمِ مَمْلُوكَةٌ وَكَافِرَةٌ فَمَاتَ وَالْمَمْلُوكَةُ حُرَّةٌ وَالْكَافِرَةُ مُسْلِمَةٌ فقالت هذه عَتَقْت قبل أَنْ يَمُوتَ وقال ذلك الذي أَعْتَقَهَا وَقَالَتْ هذه أَسْلَمْت قبل أَنْ يَمُوتَ وقال الْوَرَثَةُ مَاتَ وَأَنْتِ مَمْلُوكَةٌ وَلِلْأُخْرَى مَاتَ وَأَنْتِ كَافِرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ ( قال أبو مُحَمَّدٍ ) فيه قَوْلٌ آخَرُ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ التي قالت لم أَكُنْ مَمْلُوكَةً لِأَنَّ أَصْلَ الناس الْحُرِّيَّةَ وَعَلَى التي قالت لم أَكُنْ نَصْرَانِيَّةً الْبَيِّنَةُ وإذا قال الْوَرَثَةُ لِامْرَأَةِ الرَّجُلِ كُنْت كَافِرَةً حين مَاتَ ثُمَّ أَسْلَمْت أو مَمْلُوكَةً حين مَاتَ ثُمَّ عَتَقْت ولم يُعْلَمْ أنها كَافِرَةٌ وَلَا مَمْلُوكَةٌ وَقَالَتْ لم أَكُنْ كَافِرَةً وَلَا مَمْلُوكَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَى الْوَرَثَةِ الْبَيِّنَةُ - * طَلَاقُ الْمُوَلَّى عليه وَالْعَبْدِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ أُمَّ وَلَدِهِ وَإِنَّمَا هِيَ له مُبَاحَةٌ إبَاحَةَ فَرْجٍ قِيلَ ما له فيها أَكْثَرُ من الْفَرْجِ ( قال الرَّبِيعُ ) يُرِيدُ أَنَّ له فيها أَكْثَرَ من الْفَرْجِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يقول إذَا قُتِلَتْ آخُذُ قِيمَتَهَا وإذا جنى عليها آخُذُ الْأَرْشَ فَيَأْخُذُ قِيمَتَهَا ويجني عليها فَيَأْخُذُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عليها وَتَكْسِبُ الْمَالَ فَيَكُونُ له وَيُوهَبُ لها وَتَجِدُ الْكَنْزَ فَيَكُونُ له وَيَكُونُ له خِدْمَتُهَا وَالْمَنَافِعُ فيها كُلُّهَا وَأَكْثَرُ ما يُمْنَعُ منها بَيْعُهَا فَأَمَّا سِوَى ذلك فَهِيَ له أَمَةٌ يُزَوِّجُهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ وَيَخْتَدِمُهَا * قال وَيَجُوزُ طَلَاقُ السَّكْرَانِ من الشَّرَابِ الْمُسْكِرِ وَعِتْقُهُ وَيَلْزَمُهُ ما صَنَعَ وَلَا يَجُوزُ طَلَاقُ الْمَغْلُوبِ على عَقْلِهِ من غَيْرِ السُّكْرِ وَيَجُوزُ طَلَاقُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَالْحُجَّةُ فيه كَالْحُجَّةِ في الْمَحْجُورِ وَأَكْثَرُ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَهَلْ خَالَفَكُمْ في هذا أَحَدٌ من أَهْلِ الْحِجَازِ قِيلَ نعم قد قال بَعْضُ من مَضَى منهم لَا يَجُوزُ طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ مَغْلُوبٌ على عَقْلِهِ وقال بَعْضُ من مَضَى إنَّهُ ليس لِلْعَبْدِ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ بِيَدِ السَّيِّدِ فَإِنْ قال فَهَلْ من حُجَّةٍ على من قال لَا يَجُوزُ طَلَاقُ الْعَبْدِ قِيلَ ما وَصَفْنَا من أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قال في الْمُطَلَّقَاتِ ثَلَاثًا { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ له من بَعْدُ حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } وقال في الْمُطَلَّقَاتِ وَاحِدَةً { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ في ذلك إنْ أَرَادُوا إصْلَاحًا } فَكَانَ الْعَبْدُ مِمَّنْ عليه حَرَامٌ وَلَهُ حَلَالٌ فَحَرَامُهُ بِالطَّلَاقِ ولم يَكُنْ السَّيِّدُ مِمَّنْ حَلَّتْ له امْرَأَةٌ فَيَكُونَ له تَحْرِيمُهَا فَإِنْ قال قَائِلٌ فَهَلْ غَيْرُ هذا قِيلَ هذا هو الذي عليه اعْتَمَدْنَا وهو قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِمَّنْ لَقِينَا فَإِنْ قال فَتَرْفَعُهُ إلَى أَحَدٍ من السَّلَفِ قِيلَ نعم
أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ قال إذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ اثْنَتَيْنِ فَقَدْ حَرُمَتْ عليه حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ حُرَّةً كانت أو أَمَةً وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَعِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ قال مَالِكٌ حدثني نَافِعٌ عن بن عُمَرَ كان يقول من أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَنْكِحَ فَالطَّلَاقُ بِيَدِ الْعَبْدِ ليس بِيَدِ غَيْرِهِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيَجُوزُ طَلَاقُ الْمُوَلَّى عليه الْبَالِغِ وَلَا يَجُوزُ عِتْقُهُ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَلَا غَيْرِهَا فَإِنْ قال قَائِلٌ فَكَيْفَ يَجُوزُ طَلَاقُهُ قِيلَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالْحُدُودَ عليه وَاجِبَةٌ فإذا كان مِمَّنْ يَقَعُ عليه التَّحْرِيمُ حُدَّ على إتْيَانِ الْمُحَرَّمِ من الزنى وَالْقَذْفِ وَالْقَتْلِ وكان كَغَيْرِ الْمُوَلَّى عليه في أَنَّ عليه فَرْضًا وَحَرَامًا وَحَلَالًا فَالطَّلَاقُ تَحْرِيمٌ يَلْزَمُهُ كما يَلْزَمُ غَيْرَهُ فان قِيلَ فَقَدْ يُتْلِفُ بِهِ مَالًا قِيلَ ليس له من مَالِ امْرَأَتِهِ شَيْءٌ فَيُتْلِفُهُ بِطَلَاقِهَا إنَّمَا هو أَنْ يَحْرُمَ عليه منها شَيْءٌ كان مُبَاحًا له فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ يَرِثُهَا قِيلَ لَا يَرِثُهَا حتى تَمُوتَ ولم تَمُتْ حين طَلَّقَهَا فَإِنْ قِيلَ فَيَحْتَاجُ إلَى نِكَاحِ غَيْرِهَا قِيلَ فَذَلِكَ ليس بِإِتْلَافِ شَيْءٍ فيها إنَّمَا هو شَيْءٌ يَلْزَمُهُ لِغَيْرِهَا إنْ أَرَادَ النِّكَاحَ

(5/257)


من طَلَاقِهِ شَيْءٌ
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ أخبرنا مَالِكٌ قال حدثني عبد رَبِّهِ بن سَعِيدٍ عن مُحَمَّدِ بن إبْرَاهِيمَ بن الحرث أَنَّ نُفَيْعًا مُكَاتَبًا لِأُمِّ سَلَمَةَ اسْتَفْتَى زَيْدَ بن ثَابِتٍ فقال إنِّي طَلَّقْت امْرَأَةً لي حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ فقال زَيْدٌ حَرُمَتْ عَلَيْك
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ قال حدثني أبو الزِّنَادِ عن سُلَيْمَانَ بن يَسَارٍ أَنَّ نُفَيْعًا مُكَاتَبًا لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أو عَبْدًا كانت تَحْتَهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ فَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَأَمَرَهُ أَزْوَاجُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَأْتِيَ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ فَيَسْأَلَهُ عن ذلك فَذَهَبَ إلَيْهِ فَلَقِيَهُ عِنْدَ الدَّرَجِ آخِذًا بِيَدِ زَيْدِ بن ثَابِتٍ فَسَأَلَهُمَا فَابْتَدَرَاهُ جميعا فَقَالَا حَرُمَتْ عَلَيْك حَرُمَتْ عَلَيْك
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ أخبرنا مَالِكٌ قال وَحَدَّثَنِي بن شِهَابٍ عن بن الْمُسَيِّبِ أَنَّ نُفَيْعًا مُكَاتَبًا لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ فَاسْتَفْتَى عُثْمَانَ بن عَفَّانَ فقال له عُثْمَانُ بن عَفَّانَ حَرُمَتْ عَلَيْك فَإِنْ قال قَائِلٌ فَهَلْ لَكُمْ حُجَّةٌ على من قال لَا يَجُوزُ طَلَاقُ السَّكْرَانِ قِيلَ نعم ما وَصَفْنَا من أَنَّ عليه الْفَرَائِض وَعَلَيْهِ حَرَامٌ فَإِنْ قال ليس عليه حَرَامٌ في حَالِهِ تِلْكَ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا قَوَدٌ في قَتْلٍ وَلَا جِرَاحٍ وَلَا غَيْرِهِ كما يَكُونُ الْمَغْلُوبُ على عَقْلِهِ بِغَيْرِ السُّكْرِ وَلَا يَجُوزُ إذَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْكَلَامِ أَنْ لَا يَكُونَ دَاخِلًا في حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَحْرُمُ عليه وَلَا يَخْرُجُ من حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا بِدَلَالَةِ كِتَابٍ أو سُنَّةٍ أو إجْمَاعٍ وَلَيْسَ فيه وَاحِدٌ من هذا وَأَكْثَرُ من لَقِيت من الْمُفْتِينَ على أَنَّ طَلَاقَهُ يَجُوزُ وقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم رُفِعَ الْقَلَمُ عن الصَّبِيِّ حتى يَبْلُغَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حتى يُفِيقَ وَعَنْ النَّائِمِ حتى يَسْتَيْقِظَ وَالسَّكْرَانُ ليس وَاحِدًا من هَؤُلَاءِ وَلَا في مَعْنَاهُ وَالْمَرْضَى الذَّاهِبُو الْعُقُولِ في مَعْنَى الْمَجْنُونِ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ آثِمِينَ بِالْمَرَضِ وَالسَّكْرَانُ آثِمٌ بِالسُّكْرِ - * من يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ من الْأَزْوَاجِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ قال اللَّهُ تَعَالَى { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أو تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } وقال { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ في أَرْحَامِهِنَّ } الْآيَةَ كُلَّهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَانَ بَيِّنًا في كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ حُسِبَ على مُطَلَّقَةٍ فيه عَدَدُ طَلَاقٍ إلَّا الثَّلَاثَ فَصَاحِبُهُ يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ وكان ذلك بَيِّنًا في حديث رُكَانَةَ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَإِلَّا الطَّلَاقَ الذي يُؤْخَذُ عليه الْمَالُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذِنَ بِهِ وَسَمَّاهُ فِدْيَةً فقال { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } فَكَانَ بَيِّنًا في كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى إذْ أَحَلَّ له أَخْذُ الْمَالِ أَنَّهُ إذَا مَلَكَ مَالًا عِوَضًا من شَيْءٍ لم يَجُزْ أَنْ يَكُونَ له على ما مَلَكَ بِهِ الْمَالَ سَبِيلٌ وَالْمَالُ هو عِوَضٌ من بُضْعِ الْمَرْأَةِ فَلَوْ كان له عليها فيه رَجْعَةٌ كان مَلَكَ مَالَهَا ولم تَمْلِكْ نَفْسَهَا دُونَهُ ( قال ) وَاسْمُ الْفِدْيَةِ أَنْ تَفْدِيَ نَفْسَهَا بِأَنْ تَقْطَعَ مِلْكَهُ الذي له بِهِ الرَّجْعَةُ عليها وَلَوْ مَلَكَ الرَّجْعَةَ لم تَكُنْ مَالِكَةً لِنَفْسِهَا وَلَا وَاقِعًا عليها اسْمُ فِدْيَةٍ بَلْ كان مَالُهَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَكُلُّ امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجٌ بَالِغٌ صَبِيَّةً أو مَعْتُوهَةً أو حُرَّةً بالغ ( ( ( بالغا ) ) ) أو أَمَةً أو مُشْرِكَةً لَزِمَهُنَّ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَحْرِيمٌ من الْأَزْوَاجِ على أَنْفُسِهِنَّ فإذا عَتَقَتْ الْأَمَةُ وقد زُوِّجَتْ عَبْدًا وَهِيَ صَبِيَّةٌ فَاخْتَارَتْ وَهِيَ صَبِيَّةٌ الْفِرَاقَ أو مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ صَبِيَّةٌ نَفْسَهَا أو خَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْ الْفِرَاقَ فَلَيْسَ ذلك لها لِأَنَّهُ لَا أَمْرَ لها في نَفْسِهَا وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهَةُ فإذا أَفَاقَتْ الْمَعْتُوهَةُ أو بَلَغَتْ الصَّبِيَّةُ فَلَهَا الْخِيَارُ في الْمَقَامِ معه أو فِرَاقِهِ ( قال ) وَإِنْ عَتَقَتْ قبل أَنْ تَبْلُغَ أو بعد ما بَلَغَتْ فلم تَخْتَرْ فَلَا خِيَارَ لها وإذا اخْتَارَتْ الْمَرْأَةُ فِرَاقَ زَوْجِهَا فَهُوَ فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْعِنِّينِ وَامْرَأَةُ الْأَجْذَمِ وَالْأَبْرَصِ تَخْتَارُ فِرَاقَهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُمْلَكُ فيه الرَّجْعَةُ - * الطَّلَاقُ الذي تُمْلَكُ فيه الرَّجْعَةُ - *

(5/258)


مَأْخُوذًا وَهِيَ بِحَالِهَا قبل أَخْذِهِ وَالْأَحْكَامُ فِيمَا أُخِذَ عليه الْمَالُ بِأَنْ يَمْلِكَهُ من أَعْطَى الْمَالَ ( قال ) وَبِهَذَا قُلْنَا طَلَاقُ الْإِيلَاءِ وَطَلَاقُ الْخِيَارِ وَالتَّمْلِيكِ كُلُّهَا إلَى الزَّوْجِ فيه الرَّجْعَةُ ما لم يَأْتِ على جَمِيعِ الطَّلَاقِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمِثْلُ الرَّجُلِ يُغَرُّ بِالْمَرْأَةِ فَيَكُونُ له الْخِيَارُ فَيَخْتَارُ فِرَاقَهَا فَذَلِكَ فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ وَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا لَزِمَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْمَرْأَةِ نِصْفَ الْمَهْرِ الذي فَرَضَ لها إذَا لم يَمَسَّهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يقول { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ من قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وقد فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ } - * ما يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ من الْكَلَامِ وما لَا يَقَعُ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الطَّلَاقَ في كِتَابِهِ بِثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ الطَّلَاقُ وَالْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ فقال عز وجل { إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } وقال جَلَّ ثَنَاؤُهُ { فإذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أو فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } وقال تَبَارَكَ اسْمُهُ لِنَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في أَزْوَاجِهِ { إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ } الْآيَةَ + قال الشَّافِعِيُّ ) فَمَنْ خَاطَبَ امْرَأَتَهُ فَأَفْرَدَ لها اسْمًا من هذه الْأَسْمَاءِ فقال أَنْتِ طَالِقٌ أو قد طَلَّقْتُك أو فَارَقْتُك أو قد سَرَّحْتُك لَزِمَهُ الطَّلَاقُ ولم يَنْوِ في الْحُكْمِ وَنَوَيْنَاهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَسَعُهُ إنْ لم يُرِدْ بِشَيْءٍ منه طَلَاقًا أَنْ يُمْسِكَهَا وَلَا يَسَعُهَا أَنْ تُقِيمَ معه لِأَنَّهَا لَا تَعْرِفُ من صِدْقِهِ ما يَعْرِفُ من صِدْقِ نَفْسِهِ وَسَوَاءٌ فِيمَا يَلْزَمُ من الطَّلَاقِ وَلَا يَلْزَمُ تَكَلَّمَ بِهِ الزَّوْجُ عِنْدَ غَضَبٍ أو مَسْأَلَةِ طَلَاقٍ أو رِضًا وَغَيْرِ مَسْأَلَةِ طَلَاقٍ وَلَا تَصْنَعُ الْأَسْبَابُ شيئا إنَّمَا تَصْنَعُهُ الْأَلْفَاظُ لِأَنَّ السَّبَبَ قد يَكُونُ وَيَحْدُثُ الْكَلَامُ على غَيْرِ السَّبَبِ وَلَا يَكُونُ مُبْتَدَأَ الْكَلَامِ الذي له حُكْمٌ فَيَقَعُ فإذا لم يَصْنَعْ السَّبَبَ بِنَفْسِهِ شيئا لم يَصْنَعْهُ بِمَا بَعْدَهُ ولم يَمْنَعْ ما بَعْدَهُ أَنْ يَصْنَعَ ما له حُكْمٌ إذَا قِيلَ وَلَوْ وَصَلَ كَلَامَهُ فقال قد فَارَقْتُك إلَى الْمَسْجِدِ أو إلَى السُّوقِ أو إلَى حَاجَةٍ أو قد سَرَّحْتُك إلَى أَهْلِك أو إلَى الْمَسْجِدِ أو قد طَلَّقْتُك من عِقَالِك أو ما أَشْبَهَ هذا لم يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَلَوْ مَاتَ لم يَكُنْ طَلَاقًا وَكَذَلِكَ لو خَرِسَ أو ذَهَبَ عَقْلُهُ لم يَكُنْ طَلَاقًا وَلَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا بِأَنْ يَقُولَ أَرَدْت طَلَاقًا وَإِنْ سَأَلَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ يُسْأَلَ سُئِلَ وَإِنْ سَأَلَتْ أَنْ يُحَلَّفَ أُحْلِفَ فَإِنْ حَلَفَ ما أَرَادَ طَلَاقًا لم يَكُنْ طَلَاقًا وَإِنْ نَكَلَ قِيلَ إنْ حَلَفْتَ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ قال وما تَكَلَّمَ بِهِ مِمَّا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ سِوَى هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ حتى يَقُولَ كان مَخْرَجُ كَلَامِي بِهِ على أَنِّي نَوَيْت بِهِ طَلَاقًا وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ خَلِيَّةٌ أو خَلَوْتِ مِنِّي أو خَلَوْت مِنْك أو أَنْتِ بَرِيئَةٌ أو بَرِئْت مِنِّي أو بَرِئْت مِنْك أو أَنْتِ بَائِنٌ أو بِنْت مِنِّي أو بِنْت مِنْك أو اذْهَبِي أو اُعْزُبِي أو تَقَنَّعِي أو اُخْرُجِي أو لَا حَاجَةَ لي فِيك أو شَأْنُك بِمَنْزِلِ أَهْلِك أو الْزَمِي الطَّرِيقَ خَارِجَةً أو قد وَدَّعْتُك أو قد ودعتني ( ( ( ودعتيني ) ) ) أو اعتدى أو ما أَشْبَهَ هذا مِمَّا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ فَهُوَ فيه كُلِّهِ غَيْرُ مُطَلِّقٍ حتى يَقُولَ أَرَدْت بِمَخْرَجِ الْكَلَامِ مِنِّي
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَبِهَذَا قُلْنَا إنَّ كُلَّ عَقْدٍ فَسَخْنَاهُ شَاءَ الزَّوْجُ فَسْخَهُ أو أَبَى لم يَكُنْ طَلَاقًا وكان فَسْخًا بِلَا طَلَاقٍ وَذَلِكَ أَنَّا لو جَعَلْنَاهُ طَلَاقًا جَعَلْنَا الزَّوْجَ يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ وإنما ذَكَرَ اللَّهُ عز وجل الطَّلَاقَ من قِبَلِ الرِّجَالِ فقال { وإذا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } وقال { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ } قال وكان مَعْقُولًا عن اللَّهِ عز وجل في كل هذا أَنَّهُ الطَّلَاقُ الذي من قِبَلِ الزَّوْجِ فَأَمَّا الْفَسْخُ فَلَيْسَ من قِبَلِ الزَّوْجِ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ نِكَاحًا فَاسِدًا فَلَا يَكُونُ زَوْجًا فَيُطَلِّقُ وَمِثْلُ إسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أو رِدَّةِ أَحَدِهِمَا فَلَا يَحِلُّ لمسلم ( ( ( لكم ) ) ) أَنْ يَكُونَ تَحْتَهُ وَثَنِيَّةٌ وَلَا لِمُسْلِمَةٍ أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا كَافِرًا وَمِثْلُ الْأَمَةِ تُعْتَقُ فَيَكُونُ الْخِيَارُ إلَيْهَا بِلَا مَشِيئَةِ زَوْجِهَا وَمِثْلُ الْخِيَارِ إلَى الْمَرْأَةِ إذَا كان زَوْجُهَا عِنِّينًا أو خَصِيًّا مَجْبُوبًا وما خَيَّرْنَاهَا فيه مِمَّا يَلْزَمُهُ فيه الْفُرْقَةُ وَإِنْ كَرِهَ فَإِنَّمَا ذلك كُلُّهُ فَسْخٌ لِلْعُقْدَةِ لَا إيقَاعُ طَلَاقٍ بَعْدَهَا وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ تَمْلِكُ زَوْجَهَا أو يَمْلِكُهَا فَيَفْسَخُ النِّكَاحَ

(5/259)


الطَّلَاقَ فَيَكُونُ طَلَاقًا بِإِرَادَةِ الطَّلَاقِ مع الْكَلَامِ الذي يُشْبِهُ الطَّلَاقَ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ قال لها أَنْتِ خَلِيَّةٌ أو بَعْضَ هذا وقال قُلْته وَلَا أَنْوِي طَلَاقًا ثُمَّ أنا الْآنَ أَنْوِي طَلَاقًا لم يَكُنْ طَلَاقًا حتى يَبْتَدِئَهُ وَنِيَّتُهُ الطَّلَاقُ فَيَقَعَ حِينَئِذٍ بِهِ الطَّلَاقُ ( قال ) وَلَوْ قال لها أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً كانت وَاحِدَةً تَمْلِكُ الرَّجْعَةَ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل حَكَمَ في الْوَاحِدَةِ والثنتين ( ( ( والاثنتين ) ) ) بِأَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ بَعْدَهُمَا في الْعِدَّةِ وَلَوْ تَكَلَّمَ بِاسْمٍ من أَسْمَاءِ الطَّلَاقِ وَقَرَنَ بِهِ اسْمًا من هذه الْأَسْمَاءِ التي تُشْبِهُ الطَّلَاقَ أو شَدَّدَ الطَّلَاقَ بِشَيْءٍ معه وَقَعَ الطَّلَاقُ بِإِظْهَارِ أَحَدِ أَسْمَائِهِ وَوَقَفَ في الزِّيَادَةِ معه على نِيَّتِهِ فَإِنْ اراد بها زِيَادَةً في عَدَدِ الطَّلَاقِ كانت الزِّيَادَةُ على ما أَرَادَ وَإِنْ لم يُرِدْ بها زِيَادَةً في عَدَدِ الطَّلَاقِ كانت الزِّيَادَةُ كما لم تَكُنْ على الِابْتِدَاءِ إذَا لم يُرِدْ بها طَلَاقًا وَإِنْ أَرَادَ بها حِينَئِذٍ تَشْدِيدَ طَلَاقٍ لم يَكُنْ تَشْدِيدًا وكان كَالطَّلَاقِ وَحْدَهُ بِلَا تَشْدِيدٍ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ البتة أو أَنْتِ طَالِقٌ وَبَتَّةٌ أو أَنْتِ طَالِقٌ وَخَلِيَّةٌ أو أَنْتِ طَالِقٌ وَبَائِنٌ أو أَنْتِ طَالِقٌ وَاعْتَدِّي أو أَنْتِ طَالِقٌ وَلَا حَاجَةَ لي فِيك أو أَنْتِ طَالِقٌ وَالْزَمِي أَهْلَك أو أَنْتِ طَالِقٌ وَتَقَنَّعِي فَيُسْأَلُ عن نِيَّتِهِ في الزِّيَادَةِ فَإِنْ أَرَادَ بها زِيَادَةً في عَدَدِ طَلَاقٍ فَهِيَ زِيَادَةٌ وَهِيَ ما أَرَادَ من الزِّيَادَةِ في عَدَدِ الطَّلَاقِ وَإِنْ لم يُرِدْ بها زِيَادَةً لم تَكُنْ زِيَادَةً وَإِنْ قال لم أُرِدْ بِالطَّلَاقِ وَلَا بِالزِّيَادَةِ معه طَلَاقًا لم يدين ( ( ( يدن ) ) ) في الطَّلَاقِ في الْحُكْمِ وَدِينَ في الزِّيَادَةِ معه وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً شَدِيدَةً أو وَاحِدَةً غَلِيظَةً أو وَاحِدَةً ثَقِيلَةً أو وَاحِدَةً طَوِيلَةً أو ما أَشْبَهَ هذا كانت وَاحِدَةً يَمْلِكُ فيها الرَّجْعَةَ وَلَا يَكُونُ طَلَاقٌ بَائِنٌ إلَّا ما أَخَذَ عليه الْمَالَ لِأَنَّ الْمَالَ ثَمَنٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ الْمَالَ وَيَمْلِكَ الْبُضْعَ الذي أَخَذَ عليه الْمَالَ - * الْحُجَّةُ في الْبَتَّةِ وما أَشْبَهَهَا - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا عَمِّي محمد بن عَلِيِّ بن شَافِعٍ عن عبد اللَّهِ بن عَلِيِّ بن السَّائِبِ عن نَافِعِ بن عُجَيْرِ بن عبد يَزِيدَ أَنَّ رُكَانَةَ بن عبد يَزِيدَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ سُهَيْمَةَ البتة ثُمَّ أتى رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي طَلَّقْت امْرَأَتِي سُهَيْمَةَ البتة وَوَاللَّهِ ما أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِرُكَانَةَ وَاَللَّهِ ما أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فقال رُكَانَةُ وَاَللَّهِ ما أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَرَدَّهَا إلَيْهِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَطَلَّقَهَا الثَّانِيَةَ في زَمَانِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه وَالثَّالِثَةَ في زَمَانِ عُثْمَانَ رضي اللَّهُ عنه
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ عن مُحَمَّدِ بن عَبَّادِ بن جَعْفَرٍ عن الْمُطَّلِبِ بن حَنْطَبٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ البتة ثُمَّ أتى عُمَرُ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه فذكر ذلك له فقال له عُمَرُ ما حَمَلَك على ذلك فقال قد قُلْته فَتَلَا عُمَرُ { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لهم وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا } ما حَمَلَك على ذلك قال قد قُلْته فقال عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه أَمْسِكْ عَلَيْك امْرَأَتَك فإن الْوَاحِدَةَ تَبِتُّ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن عَمْرِو عن ( ( ( بن ) ) ) عبد اللَّهِ بن أبي سَلَمَةَ عن سُلَيْمَانَ بن يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ قال للتومة ( ( ( للتوأمة ) ) ) مِثْلَ الذي قال لِلْمُطَّلِبِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سَعِيدُ بن سَالِمٍ عن بن جُرَيْجٍ أَنَّهُ قال لِعَطَاءٍ البتة فقال يُدَيَّنُ فَإِنْ كان أَرَادَ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ كان أَرَادَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سَعِيدُ بن سَالِمٍ عن بن جُرَيْجٍ عن عَطَاءٍ أَنَّ شُرَيْحًا دَعَاهُ بَعْضُ أُمَرَائِهِمْ فَسَأَلَهُ عن رَجُلٍ قال لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ البتة فَاسْتَعْفَاهُ شُرَيْحٌ فَأَبَى أَنْ يُعْفِيَهُ فقال أَمَّا الطَّلَاقُ فَسُنَّةٌ وَأَمَّا الْبَتَّةُ فَبِدْعَةٌ فَأَمَّا السُّنَّةُ وَالطَّلَاقُ فَأَمْضُوهُ وَأَمَّا الْبِدْعَةُ وَالْبَتَّةُ فَقَلِّدُوهُ إيَّاهُ وَدَيِّنُوهُ فيها
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سَعِيدُ بن سَالِمٍ عن بن جُرَيْجٍ أَنَّهُ قال لِعَطَاءٍ الرَّجُلُ يقول لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ خَلِيَّةٌ أو خَلَوْت مِنِّي أو أَنْتِ بَرِيَّةٌ أو بَرِئْت مِنِّي أو يقول أَنْتِ بَائِنَةٌ أو قد بِنْت مِنِّ

(5/260)


قال سَوَاءٌ قال عَطَاءٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ فَسُنَّةٌ لَا يُدَيَّنُ في ذلك هو الطَّلَاقُ قال بن جُرَيْجٍ قال عَطَاءٌ أَمَّا قَوْلُهُ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أو بَائِنَةٌ فَذَلِكَ ما أَحْدَثُوا سُئِلَ فَإِنْ كان أَرَادَ الطَّلَاقَ فَهُوَ الطَّلَاقُ وَإِلَّا فَلَا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سَعِيدُ بن سَالِمٍ عن بن جُرَيْجٍ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ أَنَّهُ قال في قَوْلِهِ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أو أَنْتِ بَائِنَةٌ أو أَنْتِ خَلِيَّةٌ أو بَرِئْت مِنِّي أو بِنْت مِنِّي قال يُدَيَّنُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سَعِيدٌ عن بن جُرَيْجٍ عن بن طَاوُسٍ عن أبيه أَنَّهُ قال إنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَهُوَ الطَّلَاقُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سَعِيدُ بن سَالِمٍ عن سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عن حَمَّادٍ قال سَأَلْت إبْرَاهِيمَ عن الرَّجُلِ يقول لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ قال إنْ نَوَى طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقٌ وَإِلَّا فَهُوَ يَمِينٌ
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْبَتَّةُ تَشْدِيدُ الطَّلَاقِ وَمُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ تَكُونَ زِيَادَةً في عَدَدِ الطَّلَاقِ وقد جَعَلَهَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذْ لم يُرِدْ رُكَانَةُ إلَّا وَاحِدَةً وَاحِدَةً يَمْلِكُ فيها الرَّجْعَةَ فَفِيهِ دَلَائِلُ منها أَنَّ تَشْدِيدَ الطَّلَاقِ لَا يَجْعَلُهُ بَائِنًا وَأَنَّ ما احْتَمَلَ الزِّيَادَةَ في عَدَدِ الطَّلَاقِ مِمَّا سِوَى اسْمِ الطَّلَاقِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا بِإِرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ وَأَنَّهُ إذَا أَرَادَ الطَّلَاقَ كان طَلَاقًا وَلَوْ كان إذَا أَرَادَ بِهِ زِيَادَةً في عَدَدِ الطَّلَاقِ ولم يَكُنْ طَلَاقًا لم يُحَلِّفْهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ما أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً وإذا كان نَوَى زِيَادَةً في عَدَدِ الطَّلَاقِ بِمَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِإِرَادَتِهِ فَإِنْ أَرَادَ فِيمَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً وَإِنْ اراد اثْنَتَيْنِ فَاثْنَتَيْنِ وَإِنْ أَرَادَ ثَلَاثًا فَثَلَاثًا فإذا وَقَعَتْ ثَلَاثٌ بِإِرَادَتِهِ الطَّلَاقَ مع ما يُشْبِهُ الطَّلَاقَ وَاثْنَتَانِ وَوَاحِدَةٌ كان إذَا تَكَلَّمَ بِاسْمِ الطَّلَاقِ الذي يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ بِنِيَّةِ طَلَاقٍ أو غَيْرِ نِيَّةٍ أَوْلَى أَنْ يَقَعَ فَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ يَنْوِي اثْنَتَيْنِ أو ثَلَاثًا فَهُوَ ما نَوَى مع الْوَاحِدَةِ من الزِّيَادَةِ وَلَا أَعْلَمُ شيئا مِمَّا سِوَى ما سَمَّى اللَّهُ عز وجل بِهِ الطَّلَاقَ أَشْبَهَ في الظَّاهِرِ بِأَنْ يَكُونَ طَلَاقًا ثَلَاثًا من الْبَتَّةِ فإذا كان إذَا تَكَلَّمَ بها مع الطَّلَاقِ لم يَكُنْ طَلَاقًا إلَّا بِإِرَادَتِهِ كان ما هو أَضْعَفُ منها في الظَّاهِرِ من الْكَلَامِ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ طَلَاقًا إلَّا بِإِرَادَتِهِ الطَّلَاقَ وَلَوْ قال رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ اخْتَارِي أو أَمْرُك بِيَدِك أو قال مَلَّكْتُك أَمْرَك أو أَمْرُك إلَيْك فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فقال ما أَرَدْت بِشَيْءٍ من هذا طَلَاقًا لم يَكُنْ طَلَاقًا وَسَوَاءٌ قال ذلك في الْمَجْلِسِ أو بَعْدَهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا بِأَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ أَرَادَ بِتَمْلِيكِهَا وَتَخْيِيرِهَا طَلَاقًا قال وَهَكَذَا لو قالت له خالعني فقال قد خَالَعْتُكِ أو خَلَعْتُك أو قد فَعَلْت لم يَكُنْ طَلَاقًا إلَّا بِإِرَادَتِهِ الطَّلَاقَ ولم يَأْخُذْ مِمَّا أَعْطَتْهُ شيئا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ طَلَاقًا وَذَلِكَ أَنَّ طَلَاقَ الْبَتَّةِ يَحْتَمِلُ الإبتات ( ( ( الإثبات ) ) ) الذي ليس بَعْدَهُ شَيْءٌ وَيَحْتَمِلُ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ يَقَعُ عليها أنها مُنْبَتَّةٌ حتى يَرْتَجِعَهَا وَالْخَلِيَّةُ وَالْبَرِيَّةُ وَالْبَائِنُ منه يُحْتَمَلُ خَلِيَّةٌ مِمَّا يَعْنِينِي وَبَرِيَّةٌ مِمَّا يَعْنِينِي وَبَائِنٌ من النِّسَاءِ وَمِنِّي بِالْمَوَدَّةِ وَاخْتَارِي اختاري شيئا غير الطَّلَاقِ من مَالٍ أو ضَرْبٍ أو مَقَامٍ على حَسَنٍ أو قَبِيحٍ وَأَمْرُك بِيَدِك أَنَّك تَمْلِكِينَ أَمْرَك في مَالِكٍ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ أَمْرُك إلَيْك وَكَذَلِكَ مَلَّكْتُك أَمْرَك وَلَوْ قال لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً شَدِيدَةً أو غَلِيظَةً أو ما أَشْبَهَ هذا من تَشْدِيدِ الطَّلَاقِ أو تَطْلِيقَةً بائن ( ( ( بائنا ) ) ) كان كُلُّ هذا تَطْلِيقَةً تَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وإذا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ في نَفْسِهِ ولم يُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَهُ لم يَكُنْ طَلَاقًا وَكُلُّ ما لم يُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَهُ فَهُوَ من حديث النَّفْسِ الْمَوْضُوعِ عن بَنِي آدَمَ وَهَكَذَا إنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا بِلِسَانِهِ وَاسْتَثْنَى في نَفْسِهِ لَزِمَهُ طَلَاقُ ثَلَاثٍ ولم يَكُنْ له اسْتِثْنَاءٌ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ حَدِيثُ نَفْسٍ لَا حُكْمَ له في الدُّنْيَا وَإِنْ كَلَّمَ امْرَأَتَهُ بِمَا لَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ وقال أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ لم يَكُنْ طَلَاقًا وَإِنَّمَا تَعْمَلُ النِّيَّةُ مع ما يُشْبِهُ ما نَوَيْته بِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لها بَارَكَ اللَّهُ فِيك أو اسْقِينِي أو أَطْعِمِينِي أو زَوِّدِينِي أو ما أَشْبَهَ هذا وَلَكِنَّهُ لو قال لها افْلَحِي أو اذْهَبِي أو اعزبي ( ( ( اغربي ) ) ) أو اشربي يُرِيدُ بِهِ طَلَاقًا كان طَلَاقًا وَكُلُّ هذا يُقَالُ لِلْخَارِجِ وَالْمُفَارِقِ يُقَالُ له افْلَحْ كما يُقَالُ له اذْهَبْ وَيُقَالُ له اعزب ( ( ( اغرب ) ) ) اذْهَبْ بُعْدًا وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يُكَلِّمُ ما يَكْرَهُ أو يَضْرِبُ اشْرَبْ وَكَذَلِكَ ذُقْ أو اطْعَمْ قال اللَّهُ عز وجل
____________________

(5/261)


وهو يَذْكُرُ بَعْضَ من عَذَّبَ { ذُقْ إنَّك أنت الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ } وَلَوْ قال لها اذْهَبِي وَتَزَوَّجِي او تَزَوَّجِي من شِئْت لم يَكُنْ طَلَاقًا حتى يَقُولَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ وَهَكَذَا إنْ قال اذْهَبِي فَاعْتَدِّي وَلَوْ قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ لم يَقَعْ بِهِ طَلَاقٌ حتى يُرِيدَ الطَّلَاقَ فإذا أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ وهو ما أَرَادَ من عَدَدِ الطَّلَاقِ وَإِنْ أَرَادَ طَلَاقًا ولم يُرِدْ عَدَدًا من الطَّلَاقِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَإِنْ قال أَرَدْت تَحْرِيمَهَا بِلَا طَلَاقٍ لم تَكُنْ حَرَامًا وَكَانَتْ عليه كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَيُصِيبُهَا إنْ شَاءَ قبل أَنْ يُكَفِّرَ وَإِنَّمَا قُلْنَا عليه كَفَّارَةُ يَمِينٍ إذَا أَرَادَ تَحْرِيمَهَا ولم يُرِدْ طَلَاقَهَا أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم حَرَّمَ جَارِيَتَهُ فَأُمِرَ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قال اللَّهُ تَعَالَى { يا أَيُّهَا النبي لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَك تَبْتَغِي مرضات ( ( ( مرضاة ) ) ) أَزْوَاجِك وَاَللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قد فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } الْآيَةَ فلما لم يُرِدْ الزَّوْجُ بِتَحْرِيمِ امْرَأَتِهِ طَلَاقًا كان أَوْقَعَ التَّحْرِيمَ على فَرْجٍ مُبَاحٍ له لم يَحْرُمْ بِتَحْرِيمِهِ فَلَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ فيه كما لَزِمَ من حَرَّمَ امته كَفَّارَةٌ فيها ولم تَحْرُمْ عليه بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُمَا مَعًا تَحْرِيمٌ لِفَرْجَيْنِ لم يَقَعْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا طَلَاقٌ وَلَوْ قال كُلُّ ما أَمْلِكُ عَلَيَّ حَرَامٌ يَعْنِي امْرَأَتَهُ وَجَوَارِيَهُ وَمَالَهُ كَفَّرَ عن الْمَرْأَةِ وَالْجَوَارِي كَفَّارَةً كَفَّارَةً إذَا لم يُرِدْ طَلَاقَ الْمَرْأَةِ وَلَوْ قال مَالِي عَلَيَّ حَرَامٌ لَا يُرِيدُ امْرَأَتَهُ وَلَا جَوَارِيَهُ لم يَكُنْ عليه كَفَّارَةٌ ولم يَحْرُمْ عليه مَالُهُ - * بَابُ الشَّكِّ وَالْيَقِينِ في الطَّلَاقِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ هذا كان على يَقِينِ الْوُضُوءِ وَشَكَّ في انْتِقَاضِهِ فَأَمَرَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَثْبُتَ على يَقِينِ الْوُضُوءِ وَلَا يَنْصَرِفَ من الصَّلَاةِ بِالشَّكِّ حتى يَسْتَيْقِنَ بِانْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِأَنْ يَسْمَعَ من نَفْسِهِ صَوْتًا أو يَجِدَ رِيحًا وهو في مَعْنَى الذي يَكُونُ على يَقِينِ النِّكَاحِ وَيَشُكُّ في تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ وَلَا يُخَالِفُهُ وَإِنْ سَأَلَتْ يَمِينَهُ أُحْلِفَ ما طَلَّقَهَا فان حَلَفَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ طَلُقَتْ عليه وَإِنْ نَكَلَتْ فَهِيَ امْرَأَتُهُ بِحَالِهَا وَإِنْ مَاتَتْ فَسَأَلَ ذلك وَرَثَتُهَا لِيَمْنَعُوهُ مِيرَاثَهَا فَذَلِكَ لهم وَيَقُومُونَ في ذلك مَقَامَهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان هو الْمَيِّتُ فَسَأَلَ وَرَثَتُهُ أَنْ تُمْنَعَ مِيرَاثَهَا منه بِقَوْلِهِ فَلَيْسَ لهم ذلك وَإِنْ سَأَلُوا يَمِينَهَا وَقَالُوا إنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وهو صَحِيحٌ أُحْلِفَتْ ما عَلِمَتْ ذلك فَإِنْ حَلَفَتْ وَرِثَتْ وَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفُوا لقد طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ولم تَرِثْ وَلَوْ اسْتَيْقَنَ بِطَلَاقٍ وَاحِدَةً وَشَكَّ في الزِّيَادَةِ لَزِمَتْهُ وَاحِدَةٌ بِالْيَقِينِ وكان فِيمَا شَكَّ فيه من الزِّيَادَةِ كَهُوَ فِيمَا شَكَّ أَوَّلًا من تَطْلِيقَةٍ أو ثَلَاثٍ ( قال ) وَلَوْ شَكَّ في طَلَاقٍ فَأَقَامَ مَعَهَا فَأَصَابَهَا وَمَاتَتْ وَأَخَذَ مِيرَاثَهَا ثُمَّ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ كان طَلَّقَهَا في الْوَقْتِ الذي نَسَبَ إلَى نَفْسِهِ فيه الشَّكَّ في طَلَاقِهَا أو قَامَتْ عليه بَيِّنَةٌ أُخِذَ منه مَهْرُ مِثْلِهَا بِالْإِصَابَةِ وَرَدَّ جَمِيعَ ما أَخَذَ من مِيرَاثِهَا وَلَوْ كان هو الشَّاكُّ في طَلَاقِهَا ثَلَاثًا وَمَاتَ وقد أَصَابَهَا بَعْدَ شَكِّهِ وَأَخَذَتْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا قال الرَّجُلُ أنا أَشُكُّ أَطَلَّقْت امْرَأَتِي أَمْ لَا قِيلَ له الْوَرَعُ أَنْ تُطَلِّقَهَا فَإِنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّك إنْ كُنْت قد طَلَّقْت لم تُجَاوِزْ وَاحِدَةً قُلْنَا قد طَلَّقْت وَاحِدَةً فَاعْتَدَّتْ مِنْك بِإِقْرَارِك بِالطَّلَاقِ وَإِنْ أَرَدْت رَجْعَتَهَا في الْعِدَّةِ فَأَنْتَ أَمْلَكُ بها وَهِيَ مَعَك بِاثْنَتَيْنِ وإذا طَلَّقْتهَا بِاثْنَتَيْنِ وقد أَوْقَعْت أَوَّلًا الثَّالِثَةَ حَرُمَتْ عَلَيْك حتى يُحِلَّهَا لَك زَوْجٌ فَتَكُونَ مَعَك هَكَذَا وَإِنْ كُنْت تَشُكُّ في الطَّلَاقِ فلم تَدْرِ أَثْلَاثًا طَلَّقْت أو وَاحِدَةً فَالْوَرَعُ أَنَّك تُقِرُّ بِأَنَّك طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا وَالِاحْتِيَاطُ لَك أَنْ تُوقِعَهَا فَإِنْ كانت وَقَعَتْ لم تَضُرَّك الثَّلَاثُ وَإِنْ لم تَكُنْ وَقَعَتْ أَوْقَعْتهَا بِثَلَاثٍ لِتَحِلَّ لَك بَعْدَ زَوْجٍ يُصِيبُهَا وَلَا يَلْزَمُك في الْحُكْمِ من هذا شَيْءٌ لِأَنَّهَا كانت حلال ( ( ( حلالا ) ) ) لَك فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْك إلَّا بِيَقِينِ تَحْرِيمٍ فَإِنْ تَشُكَّ في تَحْرِيمٍ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْك وقد قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَنْفُخُ بين أَلْيَتَيْهِ فَلَا يَنْصَرِفْ يَسْمَعَ صَوْتًا أو يَجِدَ رِيحًا

(5/262)


مِيرَاثَهُ ثُمَّ أَقَرَّتْ أنها قد عَلِمَتْ أَنَّهُ كان قد طَلَّقَهَا في تِلْكَ الْحَالِ ثَلَاثًا رَدَّتْ الْمِيرَاثَ ولم تُصَدِّقْ على أَنَّ لها مَهْرًا بِالْإِصَابَةِ وَلَوْ ادَّعَتْ الْجَهَالَةَ بِأَنَّ الْإِصَابَةَ كانت تَحْرُمُ عليها أو ادَّعَتْ غَصْبَهُ إيَّاهَا عليه أو لم تَدَّعِ من ذلك شيئا تُصَدَّقُ على ما عليها أَحَلَفْنَاهُ وَلَا تُصَدَّقُ على ما تَأْخُذُ من مَالِ غَيْرِهَا وَلَوْ أَقَرَّ لها الْوَرَثَةُ بِمَا ذَكَرَتْ كان لها مَهْرُ مِثْلِهَا وَتَرُدُّ ما أَخَذَتْ من مِيرَاثِهِ وَلَوْ شَكَّ في عِتْقِ رَقِيقِهِ كان هَكَذَا لَا يُعْتَقُونَ إلَّا بِيَقِينِهِ بِعِتْقِهِمْ وَإِنْ أَرَادُوا أَحَلَفْنَاهُ لهم فإنحلف فَهُمْ رَقِيقُهُ وَإِنْ نَكَلَ فَحَلَفُوا عَتَقُوا وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ وَنَكَلَ بَعْضٌ عَتَقَ من حَلَفَ منهم وَرُقَّ من لم يَحْلِفْ وَإِنْ كان فِيهِمْ صَغِيرٌ أو مَعْتُوهٌ كان رَقِيقًا بِحَالِهِ وَلَا نُحَلِّفُهُ إلَّا لِمَنْ أَرَادَ يَمِينَهُ منهم وَلَوْ اسْتُيْقِنَ أَنَّهُ حَنِثَ في صِحَّتِهِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ طَلَاقٍ أو عَتَاقٍ وَقَفْنَاهُ عن نِسَائِهِ وَرَقِيقِهِ حتى يُبَيِّنَ أَيَّهمْ أَرَادَ وَنُحَلِّفُهُ لِلَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ لم يُرِدْ بِالْيَمِينِ وَإِنْ مَاتَ قبل أَنْ يَحْلِفَ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَإِنْ وَقَعَتْ الْقُرْعَةُ على الرَّقِيقِ عَتَقُوا من رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ وَقَعَتْ على النِّسَاءِ لم نُطَلِّقْهُنَّ بِالْقُرْعَةِ ولم نُعْتِقْ الرَّقِيقَ وَوَرِثَهُ النِّسَاءُ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُنَّ أَزْوَاجٌ حتى يُسْتَيْقَنَ بِأَنَّهُ طَلَّقَهُنَّ ولم يُسْتَيْقَنْ وَالْوَرَعُ أَنْ يَدَعْنَ مِيرَاثَهُ وَإِنْ كان ذلك وهو مَرِيضٌ فَسَوَاءٌ كُلُّهُ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يُعْتَقُونَ من الثُّلُثِ ( قال ) وإذا قال لِامْرَأَتَيْنِ له إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلِنِسْوَةٍ له إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ أو اثْنَتَانِ مِنْكُنَّ طَالِقَانِ مُنِعَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ وَأُخِذَ بِنَفَقَتِهِنَّ حتى يَقُولَ التي أَرَدْت هذه وَاَللَّهِ ما أَرَدْت هَاتَيْنِ فَإِنْ أَرَادَ الْبَوَاقِي أَنْ يَحْلِفَ لَهُنَّ أُحْلِفَ بِدَعْوَاهُنَّ عليه وَإِنْ لم يُرِدْنَهُ لم أُحَلِّفْهُ لَهُنَّ لِأَنَّهُ قد أَبَانَ أَنَّ طَلَاقَهُ لم يَقَعْ عَلَيْهِنَّ وَأَنَّهُ وَقَعَ على غَيْرِهِنَّ وَلَوْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فقال لِإِحْدَاهُمَا لم أَعْنِ هذه بِالطَّلَاقِ كان ذلك إقْرَارًا منه بِأَنَّهُ طَلَّقَ الْأُخْرَى إذَا كان مقرى ( ( ( مقرا ) ) ) بِطَلَاقِ إحْدَاهُمَا فَإِنْ كان مُنْكِرًا لم يَلْزَمْهُ طَلَاقُ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا إلَّا بِإِقْرَارٍ يُحْدِثُهُ بِطَلَاقِهَا وَلَوْ قال لَيْسَتْ هذه التي أَوْقَعْت عليها الطَّلَاقَ التي أَرَدْت أَوْقَعْنَ الطَّلَاقَ عليها أو لم نُوقِعْهُ حتى قال أَخْطَأْت وَهَذِهِ التي زَعَمْت أَنِّي لم أُرِدْهَا بِالطَّلَاقِ التي أَرَدْتهَا بِهِ طَلُقَتَا مَعًا بِإِقْرَارِهِ بِهِ وَهَكَذَا إذَا كان في أَكْثَرَ من اثْنَتَيْنِ من النِّسَاءِ وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتَيْنِ له إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وقال وَاَللَّهِ ما أَدْرِي أَيَّتَهمَا عَنَيْت وُقِفَ عنهما وَاخْتِيرَ له أَنْ يُطَلِّقَهُمَا ولم نُجْبِرْهُ على ذلك حتى يُبَيِّنَ أَيَّتَهمَا أَرَادَ بِالطَّلَاقِ فَإِنْ قال قَائِلٌ أَوْلَى أَنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ على إحْدَاهُمَا قِيلَ له إنْ فَعَلْت أَلْزَمْنَاك ما أَوْقَعْت الْآنَ ولم نُخْرِجْك من الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ فَأَنَا على يَقِينٍ من أَنَّهُ أَوْقَعَ على إحْدَاهُمَا وَلَا نَخْرُجُك منه إلَّا بِأَنْ تَزْعُمَ أَنْ تُخْرِجَهُ على وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا دُونَ الْأُخْرَى وَإِنْ قُلْته فَأَرَدْت الْأُخْرَى أَحَلَفْنَاك لها فَإِنْ لم يَقُلْ أَرَدْت وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا ولم يَحْلِفْ حتى مَاتَتْ إحْدَاهُمَا وَقَفْنَا له مِيرَاثَهُ منها فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ التي طَلَّقَ الْحَيَّةُ وَرَّثْنَا من الْمَيِّتَةِ وَإِنْ أَرَادَ وَرَثَتُهَا أَحَلَفْنَاهُ لهم ما طَلَّقَهَا وَجَعَلْنَا له مِيرَاثَهُ منها إذَا كنا لَا نَعْرِفُ أَيَّتَهمَا طَلَّقَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَسَوَاءٌ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا وَبَقِيَتْ الْأُخْرَى أو مَاتَتَا مَعًا أو لم يَمُوتَا وَهَكَذَا لو مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قبل الْأُخْرَى أو مَاتَتَا جميعا مَعًا أو لم يَعْرِفْ أَيَّتَهمَا مَاتَتْ قَبْلُ وَقَفْنَا له من كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِيرَاثَ زَوْجٍ فإذا قال لِإِحْدَاهُمَا هِيَ التي طَلَّقْت ثَلَاثًا رَدَدْنَا على أَهْلِهَا ما وَقَفْنَا لِزَوْجِهَا وأحلفناه لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى إنْ شاؤوا فَجَعَلْنَا له مِيرَاثَهُ منها وَإِنْ كان في ورثتها ( ( ( وريثها ) ) ) صِغَارٌ ولم يُرِدْ الْكِبَارُ يَمِينَهُ لم نُعْطِهِ مِيرَاثَهَا إلَّا بِيَمِينٍ وَهَكَذَا إنْ كان فِيهِمْ غَائِبٌ وَلَوْ كان الطَّلَاقُ في هذا كُلِّهِ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَمَاتَتَا في الْعِدَّةِ وَرِثَهُمَا أو مَاتَ وَرِثَتَاهُ لِأَنَّهُمَا مَعًا في مَعَانِي الْأَزْوَاجِ في الْمِيرَاثِ وَأَكْبَرِ أَمْرِهِمَا وَلَوْ كانت الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وكان هو الْمَيِّتُ قَبْلَهُمَا وَالطَّلَاقُ ثَلَاثًا وَقَفْنَا لَهُمَا مِيرَاثَ امْرَأَةٍ حتى يَصْطَلِحَا لِأَنَّا لو قَسَمْنَاهُ بَيْنَهُمَا أَيْقَنَّا أَنَّا قد مَنَعْنَا الزَّوْجَةَ نِصْفَ حَقِّهَا وَأَعْطَيْنَا غير الزَّوْجَةِ نِصْفَ حَقِّ الزَّوْجَةِ وإذا وَقَفْنَاهُ فَإِنْ عَرَفْنَاهُ لِإِحْدَاهُمَا فلما لم يُبَيِّنْ لِأَيِّهِمَا هو وَقَفْنَاهُ حتى نَجِدَ على الزَّوْجِ بَيِّنَةً نَأْخُذَ بها أو تَصَادَقَا مِنْهُمَا فَيَلْزَمُهُمَا أَنْ يَصْطَلِحَا فَتَكُونَ إحْدَاهُمَا قد عَفَتْ بَعْضَ حَقِّهَا
____________________

(5/263)


أو تَرَكَتْ ما ليس لها فَلَا يَكُونُ لنا في صُلْحِهِمَا حُكْمٌ أَلْزَمْنَاهُمَا كَارِهِينَ وَلَا إحْدَاهُمَا وَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ ثُمَّ مَاتَ قبل أَنْ يُبَيِّنَ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُخْرَى بَعْدَهُ سُئِلَ الْوَرَثَةُ فَإِنْ قالوا إنَّ طَلَاقَهُ قد وَقَعَ على الْمَيِّتَةِ وَرِثَتْهُ الْحَيَّةُ بِلَا يَمِينٍ على وَاحِدٍ منهم لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ أَنَّ في مَالِهِ حَقًّا لِلْحَيَّةِ وَلَا حَقَّ له في مِيرَاثِ الْمَيِّتَةِ وَهَذَا إذَا كان الْوَرَثَةُ كِبَارًا رَشَدًا يَكُونُ أَمْرُهُمْ في أَمْوَالِهِمْ جَائِزًا وَإِنْ كان فِيهِمْ صَغِيرٌ جَازَ في حَقِّ الْكِبَارِ الرُّشْد إقْرَارُهُمْ وَوُقِفَ لِلزَّوْجِ الْمَيِّتِ حِصَّةُ الصِّغَارِ وَمَنْ كان كَبِيرًا غير رَشِيدٍ من مِيرَاثِ زَوْجٍ حتى يَبْلُغُوا الرُّشْدَ وَالْحُلُمَ وَالْمَحِيضَ وَوُقِفَ لِلزَّوْجَةِ الْحَيَّةِ بَعْدَ حِصَّتِهَا من مِيرَاثِ امْرَأَةٍ حتى يَبْلُغُوا وَلَوْ كان الْوَرَثَةُ كِبَارًا فَقَالُوا التي طَلَّقَ ثَلَاثًا هِيَ الْمَرْأَةُ الْحَيَّةُ بَعْدَهُ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ الْمَيِّتِ فَيَحْلِفُونَ على الْبَتِّ أَنَّ فُلَانَةَ الْحَيَّةَ بَعْدَهُ التي طَلَّقَ ثَلَاثًا وَلَا يَكُونُ لها مِيرَاثٌ منه وَيَأْخُذُونَ له مِيرَاثَهُ من الْمَيِّتَةِ قَبْلَهُ كما يَكُونُ له الْحَقُّ بِشَاهِدٍ فَيَحْلِفُونَ أَنَّ حَقَّهُ لِحَقٍّ وَيَقُومُونَ مَقَامَهُ في الْيَمِينِ وَالْيَمِينُ على الْبَتِّ لِأَنَّهُمْ قد يَعْلَمُونَ ذلك بِخَبَرِهِ وَخَبَرِ من يُصَدِّقُونَ غَيْرَهُ وَإِنْ كان فِيهِمْ صِغَارٌ وُقِفَ حَقُّ الصِّغَارِ من مِيرَاثِ الْأَبِ من الْمَيِّتَةِ قَبْلَهُ حتى يَحْلِفُوا فَيَأْخُذُوهُ أو يَنْكُلُوا فَيَبْطُلَ أو يَمُوتُوا فَيَقُومَ وَرَثَتُهُمْ مَكَانَهُمْ كما يَكُونُ فِيمَا وَصَفْنَا من يَمِينٍ وَشَاهِدٍ وَيُوقَفُ قَدْرُ حَقِّهِمْ من مِيرَاثِ أَبِيهِمْ لِلْمَرْأَةِ الْحَيَّةِ بَعْدَهُ لِيُقِرُّوا لها فَيَأْخُذُوهُ وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ من الْأُخْرَى وَيَحْلِفُوا فَيَأْخُذُوا حَقَّهُمْ من الْأُخْرَى وَيَبْطُلُ حَقُّهَا الذي وُقِفَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنْ يُوقَفَ له مِيرَاثُ زَوْجٍ من الْمَيِّتَةِ قَبْلَهُ وَلِلْمَيِّتَةِ بَعْدَهُ مِيرَاثُ امْرَأَةٍ منه حتى تَقُومَ بَيِّنَةٌ أو يَصْطَلِحَ وَرَثَتُهُ وَوَرَثَتُهَا (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ رَأَى امْرَأَةً من نِسَائِهِ مُطَّلِعَةً فقال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وقد أَثْبَتَ أنها من نِسَائِهِ وَلَا يدرى أَيَّتَهنَّ هِيَ فقالت كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أنا هِيَ أو جَحَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَنْ تَكُونَ هِيَ أو ادَّعَتْ ذلك وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ او اثْنَتَانِ وَجَحَدَ الْبَوَاقِي فَسَوَاءٌ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ على وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إلَّا أَنْ يَقُولَ هِيَ هذه فإذا قال لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ هِيَ هذه وَقَعَ عليها الطَّلَاقُ وَمَنْ سَأَلَ مِنْهُنَّ أَنْ يَحْلِفَ لها ما طَلَّقَهَا أُحْلِفَ وَمَنْ لم تَسْأَلْ لم يَحْلِفْ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ على وَاحِدَةٍ ولم نَعْلَمْهُ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ وَلَوْ أَقَرَّ لِوَاحِدَةٍ ثُمَّ قال أَخْطَأْت هِيَ هذه الْأُخْرَى لَزِمَهُ الطَّلَاقُ ( 1 ) لِلْأُولَى التي أَقَرَّ لها وَهَكَذَا لو صَنَعَ هذا فِيهِنَّ كُلِّهِنَّ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ وَلَوْ قال هِيَ هذه أو هذه أو هذه بَلْ هذه لَزِمَهُ طَلَاقُ التي قال بَلْ هذه وَطَلَاقُ إحْدَى الِاثْنَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قال هِيَ هذه أو هذه وَلَوْ قال هِيَ هذه بَلْ هذه طَلُقَتْ الْأُولَى وَوَقَعَ على الثَّانِيَةِ التي قال بَلْ هذه وَلَوْ قال إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ ثُمَّ قال في وَاحِدَةٍ هِيَ هذه ثُمَّ قال وَاَللَّهِ ما أَدْرِي أَهِيَ هِيَ أو غَيْرُهَا طَلُقَتْ الْأُولَى بِالْإِقْرَارِ وَوُقِفَ عن الْبَوَاقِي ولم يَكُنْ كَاَلَّذِي قال على الِابْتِدَاءِ ما أَدْرِي أَطَلَّقْت أو لَا هذا مُطَلِّقٌ بِيَقِينٍ ثُمَّ أَقَرَّ لِوَاحِدَةٍ فَأَلْزَمْنَا له الْإِقْرَارَ ثُمَّ أَخْبَرْنَا أَنَّهُ لَا يدرى أَصَدَقَ في إقْرَارِهِ فَحَلَّ له مِنْهُنَّ غَيْرُهَا أو لم يَصْدُقْ فَتَكُونُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ مُحَرَّمَةً عليه وَيَكُونُ في الْبَوَاقِي كَهُوَ في الِابْتِدَاءِ ما كان مُقِيمًا على الشَّكِّ فإذا قال قد اسْتَيْقَنْت أَنَّ الذي قُلْت أَوَّلًا هِيَ التي طَلَّقْت كما قُلْت فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَأَيَّتُهُنَّ أَرَادَتْ أَنْ أُحَلِّفَهُ لها أَحَلَفْتَهُ وَلَوْ قال هِيَ هذه ثُمَّ قال ما أَدْرِي أَهِيَ هِيَ أَمْ لَا ثُمَّ مَاتَ قبل أَنْ يَتَبَيَّنَ لم تَرِثْهُ التي قال هِيَ هذه إنْ كان لَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا وَوَرِثَهُ الثَّلَاثُ مَعًا وَلَا يَمْنَعْنَ مِيرَاثَهُ بِالشَّكِّ في طَلَاقِهِنَّ وَلَا طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَلَوْ قال على الِابْتِدَاءِ ما أَدْرِي أَطَلَّقْت نِسَائِي أَمْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ أَمْ لَا ثُمَّ مَاتَ وَرِثْنَهُ مَعًا وَلَا يَمْنَعْنَ مِيرَاثَهُ بِالشَّكِّ في طَلَاقِهِنّ

(5/264)


- * الايلاء وَاخْتِلَافُ الزَّوْجَيْنِ في الْإِصَابَةِ - *
( أخبرنا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ ) قال أخبرنا محمد بن إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قال قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ من نِسَائِهِمْ تَرَبَّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤوا ( ( ( فاءوا ) ) ) فإن اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فإن اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
قال الشَّافِعِيُّ أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن سُلَيْمَانَ بن يَسَارٍ قال أَدْرَكْت بِضْعَةَ عَشَرٍ من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كلهم يقول بِوَقْفِ الْمُولِي
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن أبي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عن الشَّعْبِيِّ عن عَمْرِو بن سَلَمَةَ قال شَهِدْت عَلِيًّا رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه أَوْقَفَ المولى
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ عن لَيْثِ بن أبي سُلَيْمٍ عن مُجَاهِدٍ عن مَرْوَانَ بن الْحَكَمِ أَنَّ عَلِيًّا رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه أَوْقَفَ المولى
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ عن مِسْعَرِ بن كِدَامٍ عن حَبِيبِ بن أبي ثَابِتٍ عن طَاوُسٍ أَنَّ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه كان يُوقِفُ المولى
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ أخبرنا سُفْيَانُ عن أبي الزِّنَادِ عن الْقَاسِمِ بن مُحَمَّدٍ قال كانت عَائِشَةُ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنها إذَا ذُكِرَ لها الرَّجُلُ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ فَيَدَعُهَا خمسة خَمْسَةَ أَشْهُرٍ لَا تَرَى ذلك شيئا حتى يُوقِفَ وَتَقُولُ كَيْفَ قال اللَّهُ عز وجل { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أو تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ }
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قال إذَا آلَى الرَّجُلُ من امْرَأَتِهِ لم يَقَعْ عليه طَلَاقٌ وَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ حتى يُوقِفَ فَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ وَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه أَنَّ عَلِيًّا رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه كان يُوقِفُ المولى - * الْيَمِينُ التي يَكُونُ بها الرَّجُلُ مُولِيًا - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَمَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عز وجل فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ وَمَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ بِحَانِثٍ وَلَا كَفَّارَةَ عليه إذَا حَنِثَ والمولى من حَلَفَ بِيَمِينٍ يَلْزَمُهُ بها كَفَّارَةٌ وَمَنْ أَوْجَبَ على نَفْسِهِ شيئا يَجِبُ عليه إذَا أَوْجَبَهُ فأوجبه على نَفْسِهِ إنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ في مَعْنَى المولى لِأَنَّهُ لَا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا من الْجِمَاعِ إلَّا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ بِهِ وما أَلْزَمَ نَفْسَهُ مِمَّا لم يَكُ يَلْزَمُهُ قبل إيجَابِهِ أو كَفَّارَةُ يَمِينٍ ( قال ) وَمَنْ أَوْجَبَ على نَفْسِهِ شيئا لَا يَجِبُ عليه ما أَوْجَبَ وَلَا بَدَلَ منه فَلَيْسَ بِمُولٍ وهو خَارِجٌ من الْإِيلَاءِ وَمَنْ حَلَفَ بِاسْمٍ من أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كما لو حَلَفَ بِاَللَّهِ عز وجل وَجَبَ عليه الْكَفَّارَةُ وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك يَعْنِي الْجِمَاعَ أو تَاللَّهِ أو بِاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَهُوَ مُولٍ في هذا كُلِّهِ وَإِنْ قال اللَّهُ لَا أَقْرَبُك فَإِنْ أَرَادَ الْيَمِينَ فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ لم يُرِدْ الْيَمِينَ فَلَيْسَ بِمُولٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِظَاهِرِ الْيَمِينِ وإذا قال هايم ( ( ( هائم ) ) ) اللَّهِ أو أَيْمُ اللَّهِ أو وَرَبِّ الْكَعْبَةِ أو وَرَبِّ الناس أو وَرَبِّي أو وَرَبِّ كل شَيْءٍ أو وَخَالِقِي أو خَالِقِ كل شَيْءٍ أو وَمَالِكِي أو وَمَالِكِ كل شَيْءٍ لَا أَقْرَبُك فَهُوَ في هذا كُلِّهِ مُولٍ وَكَذَا إنْ قال أُقْسِمُ بِاَللَّهِ أو أَحْلِفُ بِاَللَّهِ أو أُولِي بِاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ قال أَقْسَمْت بِاَللَّهِ أو آلَيْتَ بِاَللَّهِ أو حَلَفْت بِاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سُئِلَ فَإِنْ قال عَنَيْت بهذا إيقَاعَ الْيَمِينِ كان مُولِيًا وَإِنْ قال عَنَيْت أَنِّي آلَيْتَ منها مَرَّةً فَإِنْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْيَمِينُ التي فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى كَفَّارَتَهَا الْيَمِينُ بِاَللَّهِ عز وجل وَلَا يَحْلِفُ بِشَيْءٍ دُونَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِقَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كان حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أو لِيَصْمُتْ

(5/265)


عَرَّفَ ذلك باعتراف ( ( ( اعتراف ) ) ) منها أو بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عليه أَنَّهُ حَلَفَ مَرَّةً فَهُوَ كما قال وَلَيْسَ بِمُولٍ وهو خَارِجٌ من حُكْمِ ذلك الْإِيلَاءِ وَإِنْ لم تَقُمْ بَيِّنَةٌ ولم تَعْرِفْ الْمَرْأَةُ فَهُوَ مُولٍ في الْحُكْمِ وَلَيْسَ بِمُولٍ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل وَكَذَلِكَ إنْ قال أَرَدْت الْكَذِبَ وَإِنْ قال أنا مُولٍ مِنْك أو على يَمِينٌ إنْ قَرِبْتُك أو على كَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ قَرِبْتُك فَهُوَ مُولٍ في الْحُكْمِ فَإِنْ قال أَرَدْت بِقَوْلِي أَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَنِّي سَأَحْلِفُ بِهِ فَلَيْسَ بِمُولٍ وإذا قال لِامْرَأَتِهِ مَالِي في سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أو عَلَيَّ مَشْيٌ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أو عَلَيَّ صَوْمُ كَذَا أو نَحْرُ كَذَا من الْإِبِلِ إنْ قَرِبْتُك فَهُوَ مُولٍ لِأَنَّ هذا إمَّا لَزِمَهُ وَإِمَّا لَزِمَتْهُ بِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ قال وَالْكَعْبَةِ أو عَرَفَةَ أو وَالْمَشَاعِرِ أو وَزَمْزَمَ أو وَالْحَرَمِ أو وَالْمَوَاقِفِ أو الْخُنَّسِ أو وَالْفَجْرِ أو وَاللَّيْلِ أو وَالنَّهَارِ أو وَشَيْءٍ مِمَّا يُشْبِهُ هذا لَا أَقْرَبُك لم يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّ كُلَّ هذا خَارِجٌ من الْيَمِينِ وَلَيْسَ بِتَبَرُّرٍ ولاحق لِآدَمِيٍّ يَلْزَمُ حتى يُلْزِمَهُ الْقَائِلُ له نَفْسُهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ إنْ قال إنْ قَرِبْتُك فأناا ( ( ( فأنا ) ) ) أَنْحَرُ ابْنَتِي أو ابْنِي أو بَعِيرَ فُلَانٍ أو أَمْشِي إلَى مَسْجِدِ مِصْرَ أو مَسْجِدِ غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أو مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أو مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لم يَلْزَمْهُ بهذا إيلَاءٌ لِأَنَّهُ ليس بِيَمِينٍ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ بِتَرْكِهِ وَإِنْ قال إنْ قَرِبْتُك فَأَنَا أَمْشِي إلَى مَسْجِدِ مَكَّةَ كان مُولِيًا لِأَنَّ الْمَشْيَ إلَيْهِ أَمْرٌ يَلْزَمُهُ أو يَلْزَمُهُ بِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ حتى يُصَرِّحَ بِأَحَدِ أَسْمَاءِ الْجِمَاعِ التي هِيَ صَرِيحَةٌ وَذَلِكَ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك أو وَاَللَّهِ لَا أُغَيِّبُ ذَكَرِي في فَرْجِك أو لَا أُدْخِلُهُ في فَرْجِك أو لَا أُجَامِعُك أو يقول إنْ كانت عَذْرَاءَ وَاَللَّهِ لَا أَفْتَضُّك أو ما في هذا الْمَعْنَى فَإِنْ قال هذا فَهُوَ مُولٍ في الْحُكْمِ وَإِنْ قال لم أُرِدْ الْجِمَاعَ نَفْسَهُ كان مَدِينًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل ولم يدين ( ( ( يدن ) ) ) في الْحُكْمِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا أُبَاشِرُك أو وَاَللَّهِ لَا أُبَاضِعُكِ أو وَاَللَّهِ لَا أُلَامِسُك أو لَا أَلْمِسُك أو لَا أرشفك أو ما أَشْبَهَ هذا فَإِنْ أَرَادَ الْجِمَاعَ نَفْسَهُ فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ لم يُرِدْهُ فَهُوَ مَدِينٌ في الْحُكْمِ وَالْقَوْلُ فيه قَوْلُهُ وَمَتَى قُلْت الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَطَلَبَتْ يَمِينَهُ أَحَلَفْتَهُ لها فيه ( قال ) وَلَوْ قال وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ فَإِنْ قال عَنَيْت لَا أُجَامِعُك إلَّا في دُبُرِك فَهُوَ مُولٍ وَالْجِمَاعُ نَفْسُهُ في الْفَرْجِ لَا الدُّبُرِ وَلَوْ قال عَنَيْت لَا أُجَامِعُك إلَّا بِأَنْ لَا أُغَيِّبَ فِيك الْحَشَفَةَ فَهُوَ مُولٍ لِأَنَّ الْجِمَاعَ الذي له الْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ بتغييب ( ( ( بتغيب ) ) ) الْحَشَفَةِ وَإِنْ قال عَنَيْت لَا أُجَامِعُك إلَّا جِمَاعًا قَلِيلًا أو ضَعِيفًا أو مُتَقَطِّعًا أو ما أَشْبَهَ هذا فَلَيْسَ بِمُولٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك في دُبُرِك فَهُوَ مُحْسِنٌ غَيْرُ مُولٍ لِأَنَّ الْجِمَاعَ في الدُّبُرِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إنْ قال وَاَللَّهِ أُجَامِعُك في كَذَا من جَسَدِك غير الْفَرْجِ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِالْحَلِفِ على الْفَرْجِ أو الْحَلِفِ مُبْهَمًا فَيَكُونُ ظَاهِرُهُ الْجِمَاعَ على الْفَرْجِ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا أَجْمَعُ رَأْسِي وَرَأْسَك بِشَيْءٍ أو وَاَللَّهِ لَأَسُوأَنَّكِ أو لَأَغِيظَنَّكِ أو لَا أَدْخُلُ عَلَيْك أو لَا تَدْخُلِينَ عَلَيَّ أو لَتَطُولَنَّ غَيْبَتِي عَنْك أو ما أَشْبَهَ هذا فَكُلُّهُ سَوَاءٌ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِأَنْ يُرِيدَ الْجِمَاعَ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَيَطُولَنَّ عَهْدِي بِجِمَاعِك أو لَيَطُولَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِك فَإِنْ عني أَكْثَرَ من أربعة ( ( ( أربع ) ) ) أَشْهُرٍ مُسْتَقْبَلَةٍ من يَوْمِ حَلَفَ فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ عَنَى أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أو أَقَلَّ لم يَكُنْ مُولِيًا وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ مِنْك وَلَا أَجْنَبُ مِنْك وقال أَرَدْت أَنْ أُصِيبَهَا وَلَا أُنْزِلُ وَلَسْت أَرَى الْغُسْلَ إلَّا على من أَنْزَلَ وَلَا الْجَنَابَةَ دِينَ في الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ قال أَرَدْت أَنْ أُصِيبَهَا وَلَا أَغْتَسِلُ منها حتى أُصِيبَ غَيْرَهَا فَأَغْتَسِلَ منه دِينَ أَيْضًا وَإِنْ قال أَرَدْت أَنْ أُصِيبَهَا وَلَا أَغْتَسِلَ وَإِنْ وَجَبَ الْغُسْلُ لم يدين ( ( ( يدن ) ) ) في الْقَضَاءِ وَدِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وإذا قال إنْ قَرِبْتُك فَغُلَامِي فُلَانٌ حُرٌّ أو امْرَأَتِي فُلَانَةُ طَالِقٌ فَهُوَ مُولٍ وَالْفَرْقُ بين الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وما وَصَفْت أَنَّ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ حَقَّانِ لِآدَمِيَّيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا يَقَعَانِ بِإِيقَاعِ صَاحِبِهِمَا وَيُلْزِمَانِ تَبَرُّرًا أو غير تَبَرُّرٍ وما سِوَى هذا إنَّمَا يَلْزَمُ بِالتَّبَرُّرِ

(5/266)


وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثُمَّ قال في ذلك الْمَجْلِسِ أو بَعْدَهُ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَفُلَانَةَ لِامْرَأَةٍ له أُخْرَى طَالِقٌ أو قال في مَجْلِسٍ آخَرَ فُلَانٌ غُلَامُهُ حُرٌّ إنْ قَرِبْتُك فَهُوَ مُولٍ يُوقَفُ وَقْفًا وَاحِدًا وإذا أَصَابَ حَنِثَ بِجَمِيعِ ما حَلَفَ ( قال ) وَكَذَلِكَ لو قال لها وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ قال في يَمِينٍ أُخْرَى لَا أَقْرَبُك سِتَّةَ أَشْهُرٍ وُقِفَ وَقْفًا وَاحِدًا وَحَنِثَ إذَا أَصَابَ بِجَمِيعِ الْأَيْمَانِ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أو أَقَلَّ ثُمَّ قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ كان مُولِيًا بِيَمِينِهِ لَا يَقْرَبُهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَغَيْرَ مُولٍ بِالْيَمِينِ التي دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ كان آلَى منها سَنَةً فَتَرَكَتْهُ حتى مَضَتْ سَقَطَ الْإِيلَاءُ وَلَوْ لم تَدَعْهُ فَوُقِفَ لها ثُمَّ طَلَّقَ ثُمَّ رَاجَعَ كان كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فإذا مَضَتْ له أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعْدَ الرَّجْعَةِ وُقِفَ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ السَّنَةُ قبل ذلك وَلَوْ قال رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يُرِيدُ تَحْرِيمَهَا بِلَا طَلَاقٍ أو الْيَمِينَ بِتَحْرِيمِهَا فَلَيْسَ بِمُولٍ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ شَيْءٌ حُكِمَ فيه بِالْكَفَّارَةِ إذَا لم يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ كما لَا يَكُونُ الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ طَلَاقًا وَإِنْ أُرِيدَ بِهِمَا الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ حُكِمَ فِيهِمَا بِكَفَّارَةٍ ( قال الرَّبِيعُ ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ إذَا قال لِامْرَأَتِهِ إنْ قَرِبْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَلَا يُرِيدُ طلقا ( ( ( طلاقا ) ) ) وَلَا إيلَاءً فَهُوَ مُولٍ يَعْنِي قَوْلَهُ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ قال لِامْرَأَتِهِ إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ عن ظِهَارِي
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت يَمِينُهُ على أَكْثَرَ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَتَرَكَتْ وَقْفَهُ عِنْدَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ كان لها وَقْفُهُ ما بَقِيَ عليه من الْإِيلَاءِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ من الْجِمَاعِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِيَمِينٍ ( قال ) وَلَوْ قال لها وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ قال غُلَامِي حُرٌّ إنْ قَرِبْتُك إذَا مَضَتْ الْخَمْسَةُ الْأَشْهُرُ فَتَرَكَتْهُ حتى مَضَتْ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ أو أَصَابَهَا فيها خَرَجَ من حُكْمِ الْإِيلَاءِ فيها فَإِنْ طَلَبَتْ الْوَقْفَ لم يُوقَفْ لها حتى تَمْضِيَ الْخَمْسَةُ الْأَشْهُرُ من الْإِيلَاءِ الذي أَوْقَعَ آخِرًا ثُمَّ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعْدَهُ ثُمَّ يُوقَفُ وَكَذَلِكَ لو قال على الِابْتِدَاءِ إذَا مَضَتْ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ أو سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك لم يَكُنْ مُولِيًا حتى يَمْضِيَ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ أو سِتَّةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ يُوقَفَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ من يَوْمِ أَوْقَعَ الْإِيلَاءَ لِأَنَّهُ إنَّمَا ابْتَدَأَهُ من يَوْمِ أَوْقَعَهُ وَلَوْ قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ قال إذَا مَضَتْ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً فَوُقِفَ في الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ فَطَلَّقَ ثُمَّ رَاجَعَ فإذا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعْدَ رَجْعَتِهِ وَبَعْدَ الْخَمْسَةِ الْأَشْهُرِ وُقِفَ فَإِنْ كانت رَجْعَتُهُ في وَقْتٍ لم يَبْقَ عليه فيه من السَّنَةِ إلَّا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أو أَقَلَّ لم يُوقَفْ لِأَنِّي أَجْعَلُ له أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ من يَوْمِ يَحِلُّ له الْفَرْجُ وَيَجِبُ عليه الْإِيلَاءُ فإذا جَعَلْته هَكَذَا فَلَا وَقْفَ عليه ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك إنْ شِئْت فَلَيْسَ بِمُولٍ إلَّا أَنْ تَشَاءَ فَإِنْ شَاءَتْ فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك كُلَّمَا شِئْت فَإِنْ أَرَادَ بها كُلَّمَا شَاءَتْ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا لم يَقْرَبْهَا فَشَاءَتْ أَنْ لَا يقربه ( ( ( يقربها ) ) ) اكان مُولِيًا وَلَا يَكُونُ مُولِيًا حتى تَشَاءَ وَإِنْ قال أَرَدْت أَنِّي لَا أَقْرَبُك في كل حِينٍ شِئْت فيه أَنْ أَقْرَبَك لَا أَنِّي حَلَفْت لَا أَقْرَبُك بِمِثْلِ الْمَعْنَى قبل هذا وَلَكِنِّي أَقْرَبُك كُلَّمَا أَشَاءُ لَا كُلَّمَا تَشَائِينَ فَلَيْسَ بِمُولٍ وَإِنْ قال إنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ يَمِينٌ أو كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَهُوَ مُولٍ في الْحُكْمِ وَإِنْ قال لم أُرِدْ إيلَاءً دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل وَإِنْ قال عَلَيَّ حَجَّةٌ إنْ قَرِبْتُك فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ قال إنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ حَجَّةٌ بعد ما أَقْرَبُك فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ قال إن قَرِبْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ هذا الشَّهْرِ كُلِّهِ لم يَكُنْ مُولِيًا كما لَا يَكُونُ مُولِيًا لو قال إنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ أَمْسِ لو نَذَرَهُ بِالتَّبَرُّرِ فإذا لم يَلْزَمْهُ بِالتَّبَرُّرِ لم يَلْزَمْهُ بِالْإِيلَاءِ وَلَكِنَّهُ لو اصابها وقد بَقِيَ عليه من الشَّهْرِ شَيْءٌ كانت عليه كَفَّارَةُ يَمِينٍ أو صَوْمُ ما بَقِيَ منه وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ إنْ قَرِبْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وُقِفَ فَإِنْ فَاءَ فإذا غَابَتْ الْحَشَفَةُ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فَإِنْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ أَدْخَلَهُ بَعْدُ فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا فَإِنْ أَبَى أَنْ يَفِيءَ طَلَّقَ عليه وَاحِدَةً فَإِنْ رَاجَعَ كانت له أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وإذا مَضَتْ وُقِفَ ثُمَّ هَكَذَا حتى تَنْقَضِيَ طَلَاقُ هذا الْمِلْكِ وَتَحْرُمَ عليه حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ثُمَّ إنْ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا إيلَاءَ وَلَا طَلَاقَ وَإِنْ أَصَابَهَا كَفَّرَ

(5/267)


فَإِنْ كان متظهرا فَهُوَ مُولٍ مالم يَمُتْ الْعَبْدُ أو يَبِعْهُ أو يُخْرِجْهُ من مِلْكِهِ وَإِنْ كان غير متظهر فَهُوَ مُولٍ في الْحُكْمِ لِأَنَّ ذلك إقْرَارٌ منه بِأَنَّهُ متظهر وَإِنْ وَصَلَ الْكَلَامَ فقال إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ عن ظِهَارِي إنْ تظهرت لم يَكُنْ مُولِيًا حتى يتظهر فإذا تَظَهَّرَ وَالْعَبْدُ في مِلْكِهِ كان مُولِيًا لِأَنَّهُ حَالِفٌ حِينَئِذٍ بِعِتْقِهِ ولم يَكُنْ أَوَّلًا حَالِفًا فَإِنْ قال إنْ قَرِبْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ فلان ( ( ( فلانا ) ) ) عن ظِهَارِي وهو متظهر كان مُولِيًا وَلَيْسَ عليه أَنْ يُعْتِقَ فُلَانًا عن ظِهَارِهِ وَعَلَيْهِ فيه كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِأَنَّهُ يَجِبُ لِلَّهِ عليه عِتْقُ رَقَبَةٍ فَأَيُّ رَقَبَةٍ أَعْتَقَهَا غَيْرَهُ أَجْزَأَتْ عنه وَلَوْ كان عليه صَوْمُ يَوْمٍ فقال لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يوم الْخَمِيسِ عن الْيَوْمِ الذي عَلَيَّ لم يَكُنْ عليه صَوْمُهُ لِأَنَّهُ لم يَنْذُرْ فيه بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ وَأَنَّ صَوْمَ يَوْمٍ لَازِمٌ له فَأَيُّ يَوْمٍ صَامَهُ أَجْزَأَ عنه وَلَوْ صَامَهُ بِعَيْنِهِ أَجْزَأَ عنه من الصَّوْمِ الْوَاجِبِ لَا من النَّذْرِ وَهَكَذَا لو أَعْتَقَ فُلَانًا عن ظِهَارِهِ أَجْزَأَ عنه وَسَقَطَتْ عنه الْكَفَّارَةُ ( قال ) وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ إنْ قَرِبْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَقْرَبَك لم يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ لو كان قال لها ابْتِدَاءً لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَقْرَبَك لم يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَا حَالِفَ وَلَا عليه نَذْرٌ في مَعَانِي الْأَيْمَانِ يَلْزَمُهُ بِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهَذَا نَذْرٌ في مَعْصِيَةٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْإِيلَاءُ في الْغَضَبِ وَالرِّضَا سَوَاءٌ كما يَكُونُ الْيَمِينُ في الْغَضَبِ وَالرِّضَاءِ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا عليهالإيلاء بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ عز وجل من الْيَمِينِ وقد أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِيلَاءَ مُطْلَقًا لم يذكر فيه غَضَبًا وَلَا رِضًا أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لو تَرَكَ امْرَأَتَهُ عُمْرَهُ لَا يُصِيبُهَا ضِرَارًا لم يَكُنْ مُولِيًا وَلَوْ كان الْإِيلَاءُ إنَّمَا يَجِبُ بِالضِّرَارِ وَجَبَ على هذا وَلَكِنَّهُ يَجِبُ بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عز وجل وقد أَوْجَبَهُ مُطْلَقًا - * الْمَخْرَجُ من الْإِيلَاءِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمِنْ أَصْلِ مَعْرِفَةِ الْإِيلَاءِ أَنْ يَنْظُرَ كُلَّ يَمِينٍ مَنَعَتْ الْجِمَاعَ بِكُلِّ حَالٍ أَكْثَرَ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا بِأَنْ يَحْنَثَ الْحَالِفُ فَهُوَ مُولٍ وَكُلُّ يَمِينٍ كان يَجِدُ السَّبِيلَ إلَى الْجِمَاعِ بِحَالٍ لَا يَحْنَثُ فيها وَإِنْ حَنِثَ في غَيْرِهَا فَلَيْسَ بِمُولٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَكُلُّ حَالِفٍ مُولٍ وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِي ليس بِمُولٍ ليس يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ من فَيْئَةٍ أو طَلَاقٍ وَهَكَذَا ما أُوجِبَ مِمَّا وَصَفْته في مِثْلِ مَعْنَى الْيَمِينِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سَعِيدُ بن سَالِمٍ عن إسْمَاعِيلَ بن إبْرَاهِيمَ بن الْمُهَاجِرِ عن أبيه عن مُجَاهِدٍ قال تَزَوَّجَ بن الزُّبَيْرِ أو الزُّبَيْرُ ( شَكَّ الرَّبِيعُ ) امْرَأَةً فَاسْتَزَادَهُ أَهْلُهَا في الْمَهْرِ فَأَبَى فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ شَرٌّ فَحَلَفَ أَنْ لَا يُدْخِلَهَا عليه حتى يَكُونَ أَهْلُهَا الَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ ذلك فَلَبِثُوا سِنِينَ ثُمَّ طَلَبُوا ذلك إلَيْهِ فَقَالُوا اقبض إلَيْك أَهْلَك ولم يُعَدَّ ذلك إيلَاءٌ وَأَدْخَلَهَا عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) لِأَنَّ أَهْلَهَا الَّذِينَ طَلَبُوا إدْخَالَهَا عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَسْقُطُ الْإِيلَاءُ من وَجْهٍ بِأَنْ يَأْتِيَهَا وَلَا يُدْخِلَهَا عليه وَلَعَلَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ أَرَادَ هذا الْمَعْنَى بِيَمِينِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا إيلَاءَ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَلَيْسَ بِإِيلَاءٍ حتى يَشَاءَ فُلَانٌ فَإِنْ شَاءَ فُلَانٌ فَهُوَ مُولٍ وإذا قال وَاَللَّهِ أَقْرَبُك حتى يَشَاءَ فُلَانٌ فَلَيْسَ بِمُولٍ لِأَنَّ فُلَانًا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وإذا آلَى الرَّجُلُ من امْرَأَتِهِ ثُمَّ قال لِأُخْرَى من نِسَائِهِ قد أَشْرَكْتُك مَعَهَا في الْإِيلَاءِ لم تُشْرِكْهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ لَزِمَتْهُ لِلْأُولَى وَالْيَمِينُ لَا يُشْتَرَكُ فيها ( قال ) وإذا حَلَفَ لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ وَامْرَأَةً لَيْسَتْ له لم يَكُنْ مُولِيًا حتى يَقْرَبَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ فَإِنْ قَرِبَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ كان مُولِيًا حِينَئِذٍ وَإِنْ قَرِبَ امْرَأَتَهُ حَنِثَ بِالْيَمِينِ ( قال ) وَإِنْ قال إنْ قَرِبْتُك فَأَنْتِ زَانِيَةٌ فَلَيْسَ بِمُولٍ إذَا قَرِبَهَا وإذا قَرِبَهَا فَلَيْسَ بِقَاذِفٍ يُحَدُّ حتى يُحْدِثَ لها قَذْفًا صَرِيحًا يُحَدُّ بِهِ أو يُلَاعِنَ وَهَكَذَا إنْ قال إنْ قَرِبْتُك فَفُلَانَةُ لِامْرَأَةٍ له أُخْرَى زَانِيَةٌ - * الْإِيلَاءُ في الْغَضَبِ - *

(5/268)


قد يَشَاءُ فَإِنْ خَرِسَ فُلَانٌ أو غُلِبَ على عَقْلِهِ فَلَيْسَ بِمُولٍ لِأَنَّهُ قد يُفِيقُ فَيَشَاءُ فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ الذي جَعَلَ إلَيْهِ الْمَشِيئَةَ فَهُوَ مُولٍ لِأَنَّهُ لَا يَشَاءُ إذَا مَاتَ وَكَذَلِكَ إنْ قال لَا أَقْرَبُك حتى يَشَاءَ أَبُوك أو أُمُّك أو أَحَدٌ من أَهْلِك وَكَذَلِكَ إنْ قال حتى تَشَائِي أو حتى أَشَاءَ أو حتى يَبْدُوَ لي أو حتى أَرَى رَأْيِي (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا قال الرَّجُلُ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ له وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُنَّ فَهُوَ مُولٍ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ يُوقَفُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فإذا أَصَابَ وَاحِدَةً أو اثْنَتَيْنِ أو ثَلَاثًا خَرَجَ من حُكْمِ الْإِيلَاءِ فِيهِنَّ وَعَلَيْهِ لِلْبَاقِيَةِ أَنْ يُوقَفَ حتى يَفِيءَ أو يُطَلِّقَ وَلَا حِنْثَ عليه حتى يُصِيبَ الْأَرْبَعَ اللَّاتِي حَلَفَ عَلَيْهِنَّ كُلِّهِنَّ فإذا فَعَلَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَيَطَأُ مِنْهُنَّ ثَلَاثًا وَلَا يَحْنَثُ فِيهِنَّ وَلَا إيلَاءَ عليه فِيهِنَّ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ في الرَّابِعَةِ مُولِيًا لِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِوَطْئِهَا وَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ سَقَطَ عنه الْإِيلَاءُ لِأَنَّهُ يُجَامِعُ الْبَوَاقِيَ وَلَا يَحْنَثُ وَلَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ أو اثْنَتَيْنِ أو ثَلَاثًا كان مُولِيًا بِحَالِهِ في الْبَوَاقِي لِأَنَّهُ لو جَامَعَهُنَّ وَاَلَّتِي طَلَّقَ حَنِثَ ( قال ) وَلَوْ آلَى رَجُلٌ من امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ جَامَعَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ حَنِثَ وَكَذَلِكَ لو آلَى من أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ جَامَعَهَا حَنِثَ بِالْيَمِينِ مع الْمَأْثَمِ بالزنى وَإِنْ نَكَحَهَا بَعْدُ خَرَجَ من حُكْمِ الْإِيلَاءِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ قال لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ له وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ وهو يُرِيدُهُنَّ كُلَّهُنَّ فَأَصَابَ وَاحِدَةً حَنِثَ وَسَقَطَ عنه حُكْمُ الْإِيلَاءِ في الْبَوَاقِي وَلَوْ لم يَقْرَبْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ كان مُولِيًا مِنْهُنَّ يُوقَفُ لَهُنَّ فَأَيُّ وَاحِدَةٍ أَصَابَ مِنْهُنَّ خَرَجَ من حُكْمِ الْإِيلَاءِ في الْبَوَاقِي لِأَنَّهُ قد حَنِثَ بِإِصَابَةِ وَاحِدَةٍ فإذا حَنِثَ مَرَّةً لم يُعِدْ الْحِنْثَ عليه وَلَوْ قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ يَعْنِي وَاحِدَةً دُونَ غَيْرِهَا فَهُوَ مُولٍ من التي حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا وَغَيْرُ مُولٍ من غَيْرِهَا - * التَّوْقِيفُ في الْإِيلَاءِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا آلَى الرَّجُلُ من امْرَأَتِهِ لَا يَقْرَبُهَا فَذَلِكَ على الْأَبَدِ وإذا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَطَلَبَتْ أَنْ يُوقَفَ لها وُقِفَ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ وَإِنْ لم تَطْلُبْ لم أَعْرِضْ لَا لها وَلَا له وَإِنْ قالت قد تَرَكْت
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ إنْ قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك بِمَكَّةَ أو بِالْمَدِينَةِ أو حتى أَخْرُجَ من مَكَّةَ أو الْمَدِينَةِ أو لَا أَقْرَبُك إلَّا بِبَلَدِ كَذَا أو لَا أَقْرَبُك إلَّا في الْبَحْرِ أو لَا أَقْرَبُك على فِرَاشِي أو لَا أَقْرَبُك على سَرِيرٍ أو ما أَشْبَهَ هذا لِأَنَّهُ يَقْدِرُ على أَنْ يَقْرَبَهَا على غَيْرِ ما وَصَفْت بِبَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الذي حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا فيه وَيُخْرِجَهَا من الْبَلَدِ الذي حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا فيه وَيَقْرَبُهَا في حَالٍ غَيْرِ الْحَالِ التي حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا فيها وَلَا يُقَالُ له أَخْرِجْهَا من هذا الْبَلَدِ الذي حَلَفْت لَا تَقْرَبُهَا فيه قبل أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إذَا جَعَلْته ليس بِمُولٍ لم أَحْكُمْ عليه حُكْمَ الْإِيلَاءِ وَكَذَلِكَ لو قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حتى أُرِيدَ أو حتى أَشْتَهِيَ لم يَكُنْ مُولِيًا أَقُولُ له أُرِدْ أو اشته وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حتى تَفْطِمِي وَلَدَك لم يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهَا قد تَفْطِمُهُ قبل أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ لَا أَقْرَبُك أَكْثَرَ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبَك حتى أَفْعَلَ أو تَفْعَلِي أَمْرًا لَا يَقْدِرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا على فِعْلِهِ بِحَالٍ كان مُولِيًا وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حتى أَحْمِلَ الْجَبَلَ كما هو أو الإسطوانة كما هِيَ أو تَحْمِلِيهِ أَنْتِ أو تَطِيرِي أو أَطِيرَ أو مالا يَقْدِرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا على فِعْلِهِ بِحَالٍ أو تَحْبَلِي وَتَلِدِي في يَوْمِي هذا وَلَوْ قال لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك إلَّا بِبَلَدِ كَذَا وَكَذَا لَا يَقْدِرُ على أَنْ يَقْرَبَهَا بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ بِحَالٍ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كان مُولِيًا يُوقَفُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَلَوْ قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حتى تَحْبَلِي وَهِيَ مِمَّنْ يحبل ( ( ( يحل ) ) ) مِثْلُهَا بِحَالٍ لم يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهَا قد تَحْبَلُ وَلَوْ قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك إلَّا في سَفِينَةٍ في الْبَحْرِ لم يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ يَقْدِرُ على أَنْ يَقْرَبَهَا في سَفِينَةٍ في الْبَحْرِ - * الْإِيلَاءُ من نِسْوَةٍ وَمِنْ وَاحِدَةٍ بِالْأَيْمَانِ - *

(5/269)


الطَّلَبَ ثُمَّ طَلَبَتْ أو عَفَوْت ذلك أو لَا أَقُولُ فيه شيئا ثُمَّ طَلَبَتْ كان لها ذلك لِأَنَّهَا تَرَكَتْ مالم يَجِبْ لها في حَالٍ دُونَ حَالٍ فَلَهَا أَنْ تَطْلُبَهُ بَعْدَ التَّرْكِ وَإِنْ طَلَبَتْهُ قبل أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لم يَكُنْ لها وَإِنْ كانت مَغْلُوبَةً على عَقْلِهَا أو أَمَةً فَطَلَبَهُ وَلِيُّ الْمَغْلُوبَةِ على عَقْلِهَا أو سَيِّدُ الْأَمَةِ فَلَيْسَ ذلك لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يَكُونُ الطَّلَبُ إلَّا لِلْمَرْأَةِ نَفْسِهَا وَلَوْ عَفَاهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ فَطَلَبَتْهُ كان ذلك لها دُونَهُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ رَقِيقِهِ أَنْ لَا يَقْرَبَ امْرَأَتَهُ على الْأَبَدِ فَمَاتَ رَقِيقُهُ أو أَعْتَقَهُمْ خَرَجَ من حُكْمِ الْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ لم يَبْقَ عليه شَيْءٌ يَحْنَثُ بِهِ وَلَوْ بَاعَهُمْ خَرَجَ من حُكْمِ الْإِيلَاءِ ما كَانُوا خَارِجِينَ من مِلْكِهِ فإذا عَادُوا إلَى مِلْكِهِ فَهُوَ مُولٍ لِأَنَّهُ يَحْنَثُ لو جَامَعَهَا ( قال الرَّبِيعُ ) وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ لو بَاعَ رَقِيقَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُمْ كان هذا مِلْكًا حَادِثًا وَلَا يَحْنَثُ فِيهِمْ وهو أَحَبُّ إلَيَّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا يَقْرَبَ امْرَأَةً له أُخْرَى فَمَاتَتْ التي حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أو طَلَّقَهَا ثَلَاثًا خَرَجَ من حُكْمِ الْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِطَلَاقِهَا في هذه الْيَمِينِ أَبَدًا وَلَوْ طَلَّقَهَا كان خَارِجًا من حُكْمِ الْإِيلَاءِ مالم تَكُنْ زَوْجَتَهُ وَلَا عليها رَجْعَةٌ وإذا كانت أَقَلَّ من الثَّلَاثِ وَلَهُ عليها الرَّجْعَةُ أو نَكَحَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ من وَاحِدَةٍ أو اثْنَتَيْنِ بِالْخُرُوجِ من الْعِدَّةِ أو الْخُلْعِ فَهُوَ مُولٍ ( قال الرَّبِيعُ ) وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ في مِثْلِ هذا أنها إذَا خَرَجَتْ من الْعِدَّةِ من طَلَاقٍ بِوَاحِدَةٍ أو اثْنَتَيْنِ أو خَالَعَهَا فَمَلَكَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيَةً كان هذا النِّكَاحُ غير النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَا حِنْثَ وَلَا إيلَاءَ عليه ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَ امْرَأَتَهُ أَكْثَرَ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَتَرَكَتْهُ امْرَأَتُهُ فلم تَطْلُبْهُ حتى مَضَى الْوَقْتُ الذي حَلَفَ عليه فَقَدْ خَرَجَ من حُكْمِ الْإِيلَاءِ لِأَنَّ الْيَمِينَ سَاقِطَةٌ عنه 0 قال ) وَلَوْ قال لِامْرَأَةٍ إذَا تَزَوَّجْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك لم يَكُنْ مُولِيًا فإذا قَرِبَهَا كَفَّرَ وَلَوْ قال لِامْرَأَتِهِ إذَا كان غَدٌ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أو إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَهُوَ مُولٍ من غَدٍ وَمِنْ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ وَإِنْ قال إنْ أَصَبْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أُصِيبُك لم يَكُنْ مُولِيًا حين حَلَفَ لِأَنَّ له أَنْ يُصِيبَهَا مَرَّةً بِلَا حِنْثٍ فإذا أَصَابَهَا مَرَّةً كان ( ( ( وكان ) ) ) مُولِيًا وإذا قال وَاَللَّهِ لَا أُصِيبُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً لم يَكُنْ مُولِيًا من قِبَلِ أَنَّ له أَنْ يُصِيبَهَا مَرَّةً بِلَا حِنْثٍ فإذا أَصَابَهَا مَرَّةً كان مُولِيًا ( قال الرَّبِيعُ ) إنْ كان بَقِيَ من يَوْمِ أَصَابَهَا من مُدَّةِ يَمِينِهِ أَكْثَرُ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ لم يَكُنْ بَقِيَ عليه أَكْثَرُ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ سَقَطَ الْإِيلَاءُ عنه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا قال وَاَللَّهِ لَا أُصِيبُك إلَّا إصَابَةَ سُوءٍ وَإِصَابَةً رَدِيَّةً فَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يُغَيِّبَ الْحَشَفَةَ في ذلك منها فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ أَرَادَ قَلِيلَةً أو ضَعِيفَةً لم يَكُنْ مُولِيًا وَإِنْ أَرَادَ أَنْ لَا يُصِيبَهَا إلَّا في دُبُرِهَا فَهُوَ مُولٍ لِأَنَّ الْإِصَابَةَ الْحَلَالَ لِلطَّاهِرِ في الْفَرْجِ وَلَا يَجُوزُ في الدُّبُرِ وَلَوْ قال وَاَللَّهِ لَا أُصِيبُك في دُبُرِك أَبَدًا لم يَكُنْ مُولِيًا وكان مُطِيعًا بتكره ( ( ( بتركه ) ) ) إصَابَتَهَا في دُبُرِهَا وَلَوْ قال وَاَللَّهِ لَا أُصِيبُك إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أو لَا أُصِيبُك حتى يَخْرُجَ الدَّجَّالُ أو حتى يَنْزِلَ عِيسَى بن مَرْيَمَ فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قبل أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا حَلَفَ عليه وُقِفَ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ ( قال الرَّبِيعُ ) وإذا قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حتى أَمُوتَ أو تَمُوتِي كان مُولِيًا من سَاعَتِهِ وكان كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَبَدًا لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ قبل أَنْ يَقْرَبَهَا أو مَاتَتْ لم يَقْدِرْ أَنْ يَقْرَبَهَا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سَعِيدُ بن سَالِمٍ عن بن جُرَيْجٍ عن عَطَاءٍ قال الْإِيلَاءُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ على الْجِمَاعِ نَفْسِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَمَسُّهَا فَأَمَّا أَنْ يَقُولَ لَا أَمَسُّك وَلَا يَحْلِفَ أو يَقُولَ قَوْلًا غَلِيظًا ثُمَّ يَهْجُرَهَا فَلَيْسَ ذلك بِإِيلَاءٍ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سَعِيدُ بن سَالِمٍ عن بن جُرَيْجٍ عن بن طَاوُسٍ عن أبيه في الْإِيلَاءِ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَمَسَّهَا أَبَدًا أو سِتَّةَ أَشْهُرٍ أو أَقَلَّ أو أَكْثَرَ وَنَحْوَ ذلك مِمَّا زَادَ على الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلُّ من حَلَفَ مُولٍ على يَوْمِ حَلَفَ أو أَقَلَّ أو أَكْثَرَ وَلَا نَحْكُمُ بِالْوَقْفِ في الْإِيلَاءِ إلَّا على من حَلَفَ على يَمِينٍ يُجَاوِزُ فيها أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَمَّا من حَلَفَ على أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أو أَقَلَّ فَلَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ لِأَنَّ وَقْتَ الْوَقْفِ يَأْتِي هو ( ( ( وهو ) ) ) خَارِجٌ من الْيَمِينِ وَإِنَّمَا قَوْلُنَا ليس بِمُولٍ في الْمَوْضِعِ الذي لَزِمَتْهُ فيه الْيَمِينُ ليس عليه حُكْمُ الْإِيلَاءِ

(5/270)


- * من يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ من الْأَزْوَاجِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَفَّارَةُ الْعَبْدِ في الْحِنْثِ الصَّوْمُ وَلَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ وإذا كان الزَّوْجُ مِمَّنْ لَا فَرْضَ عليه وَذَلِكَ الصَّبِيُّ غَيْرُ الْبَالِغِ وَالْمَغْلُوبُ على عَقْلِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كانت الْغَلَبَةُ إلَّا السَّكْرَانَ فَلَا إيلَاءَ عليه وَلَا حِنْثَ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ عنه سَاقِطَةٌ وإذا آلَى السَّكْرَانُ من الْخَمْرِ وَالشَّرَابِ الْمُسْكِرِ لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ له لَازِمَةٌ لَا تَزُولُ عنه بِالسُّكْرِ وَإِنْ كان الْمَغْلُوبُ على عَقْلِهِ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَآلَى في حَالِ إفَاقَتِهِ لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ وَإِنْ آلَى في حَالِ جُنُونِهِ لم يَلْزَمْهُ وَإِنْ قالت الْمَرْأَةُ آلَيْتَ مِنِّي صَحِيحًا وقال الزَّوْجُ ما آلَيْت مِنْك وَإِنْ كُنْت فَعَلْت فَإِنَّمَا آلَيْت مَغْلُوبًا على عَقْلِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ وإذا كان لَا يُعْرَفُ له جُنُونٌ فقالت آلَيْتَ مِنِّي فقال آلَيْت مِنْك وأنا مَجْنُونٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ إذَا لم يُعْلَمْ ذَهَابُ عَقْلِهِ في وَقْتٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُولِيًا فيه في وَقْتِ دَعْوَاهَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فقالت قد آلَيْتَ مِنِّي وقال لم أُولِ أو قالت قد آلَيْتَ وَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وقال قد آلَيْت وما مَضَى إلَّا يَوْمٌ أو أَقَلُّ أو أَكْثَرُ كان الْقَوْلُ في ذلك قَوْلَهُ مع يَمِينِهِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ وإذا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ فَهُوَ مُولٍ من يَوْمِ وَقَّتَتْ بَيِّنَتَهَا وَلَوْ قَامَتْ له بَيِّنَةٌ بِإِيلَاءٍ وَقَّتُوا فيه غير وَقْتِهَا كان مُولِيًا بِبَيِّنَتِهَا وَبَيِّنَتِهِ وَلَيْسَ هذا اخْتِلَافًا إنَّمَا هذا مُولٍ إيلَاءَيْنِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَلْزَمُ الْإِيلَاءُ إلَّا زَوْجًا صَحِيحَ النكح ( ( ( النكاح ) ) ) فَأَمَّا فَاسِدُ النِّكَاحِ فَلَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ وَلَا يَلْزَمُ الْإِيلَاءُ إلَّا زَوْجَةً ثَابِتَةَ النِّكَاحِ أو مُطَلَّقَةً له وَعَلَيْهَا رَجْعَةٌ في الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا في حُكْمِ الإزواج فَأَمَّا مُطَلَّقَةٌ لَا رَجْعَةَ له عليها في الْعِدَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ منها وَإِنْ آلَى في الْعِدَّةِ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ من مُطَلَّقَةٍ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا إذَا كان إيلَاؤُهُ منها بَعْدَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ في مَعَانِي الْأَزْوَاجِ إذَا مَضَتْ عِدَّتُهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْإِيلَاءُ من كل زَوْجَةٍ مُسْلِمَةٍ أو ذِمِّيَّةٍ أو أَمَةٍ سَوَاءٌ لَا يَخْتَلِفُ في شَيْءٍ - * الْوَقْفُ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا آلَى الرَّجُلُ من امْرَأَتِهِ فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وُقِفَ وَقِيلَ له إنْ فِئْت وَإِلَّا فَطَلِّقْ وَالْفَيْئَةُ الْجِمَاعُ إلَّا من عُذْرٍ وَلَوْ جَامَعَ في الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ خَرَجَ من حُكْمِ الْإِيلَاءِ وَكَفَّرَ عن يَمِينِهِ فَإِنْ قال أَجِّلْنِي في الْجِمَاعِ لم أُؤَجِّلْهُ أَكْثَرَ من يَوْمٍ فَإِنْ جَامَعَ فَقَدْ خَرَجَ من حُكْمِ الْإِيلَاءِ وَعَلَيْهِ الْحِنْثُ في يَمِينِهِ فَإِنْ كان لها كَفَّارَةٌ كَفَّرَ وَإِنْ قال أنا أَفِيءُ فَأَجِّلْنِي أَكْثَرَ من يَوْمٍ لم أُؤَجِّلْهُ وَلَا يَتَبَيَّنُ لي أَنْ أُؤَجِّلَهُ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَهُ قَائِلٌ كان مَذْهَبًا فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا قُلْت له طَلِّقْ فَإِنْ طَلَّقَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَإِنْ لم يُطَلِّقْ طَلَّقَ عليه السُّلْطَانُ وَاحِدَةً وَكَذَلِكَ إنْ قال أنا أَقْدِرُ على الْجِمَاعِ وَلَا أَفِيءُ طَلَّقَ عليه السُّلْطَانُ وَاحِدَةً فَإِنْ طَلَّقَ عليه أَكْثَرَ من وَاحِدَةٍ كان ما زَادَ عليها بَاطِلًا وَإِنَّمَا جَعَلْت له أَنْ يُطَلِّقَ عليه وَاحِدَةً لِأَنَّهُ كان على المولي أَنْ يَفِيءَ أو يُطَلِّقَ فإذا كان الْحَاكِمُ لَا يَقْدِرْ على الْفَيْئَةِ إلَّا بِهِ فإذا امْتَنَعَ قَدَرَ على الطَّلَاقِ عليه وَلَزِمَهُ حُكْمُ الطَّلَاقِ كما نَأْخُذُ منه كُلَّ شَيْءٍ وَجَبَ عليه أَنْ يُعْطِيَهُ من حَدٍّ وَقِصَاصٍ وَمَالٍ وَبَيْعٍ وَغَيْرِهِ إذَا امْتَنَعَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَلْزَمُ الْإِيلَاءُ كُلَّ من إذَا طَلَّقَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ تَجِبُ عليه الْفَرَائِضُ وَذَلِكَ كُلُّ زَوْجٍ بَالِغٍ غَيْرِ مَغْلُوبٍ على عَقْلِهِ وَسَوَاءٌ في ذلك الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَمَنْ لم تَكْمُلْ فيه الْحُرِّيَّةُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمُشْرِكُ غَيْرُ الذِّمِّيِّ رَضِيَا بِحُكْمِنَا وَإِنَّمَا سَوَّيْت بين الْعَبْدِ وَالْحُرِّ فيه أَنَّ الْإِيلَاءَ يَمِينٌ جَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لها وَقْتًا دَلَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ على أَنَّ على الزَّوْجِ إذَا مَضَى الْوَقْتُ أَنْ يَفِيءَ أو يُطَلِّقَ فَكَانَ الْعَبْدُ وَالْحُرُّ في الْيَمِينِ سَوَاءً وَكَذَلِكَ يَكُونَانِ في وَقْتِ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا جَعَلْتهَا على الذِّمِّيِّ وَالْمُشْرِكِ إذَا تَحَاكَمَا إلَيْنَا أَنْ ليس لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ بِغَيْرِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّ الْإِيلَاءَ يَمِينٌ يَقَعُ بها طَلَاقٌ أو فَيْئَةٌ في وَقْتٍ فألزمناهموها

(5/271)


من أَنْ يُعْطِيَهُ وَكَمَا يَشْهَدُ على طَلَاقِهِ فَيُطَلِّقُ عليه وهو مُمْتَنِعٌ من الطَّلَاقِ جَاحِدٌ له ( قال ) وَإِنْ قال أنا أَصَبْتهَا ثُمَّ جُبَّ قبل أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَهَا الْخِيَارُ مَكَانَهَا في الْمَقَامِ معه أو فِرَاقِهِ وَإِنْ قال أنا أَصَبْتهَا فَعَرَضَ له مَكَانَهُ مَرَضٌ يَمْنَعُ الْإِصَابَةَ قُلْنَا فِئْ بِلِسَانِك وَمَتَى أَمْكَنَك أَنْ تُصِيبَهَا وَقَفْنَاك فَإِنْ أَصَبْتَهَا وَإِلَّا فَرَّقْنَا بَيْنَك وَبَيْنَهَا وَلَوْ كان الْمَرَضُ عَارِضًا لها حتى لَا يَقْدِرَ على أَنْ يُجَامِعَ مِثْلَهَا لم يَكُنْ عليه سَبِيلٌ ما كانت مَرِيضَةً فإذا قَدَرَ على جِمَاعِ مثله ( ( ( مثلها ) ) ) اوقفناه ( ( ( وقفناه ) ) ) حتى يَفِيءَ أو يُطَلِّقَ ( قال ) وَلَوْ وَقَفْنَاهُ فَحَاضَتْ لم يَكُنْ عليه شَيْءٌ حتى تَطْهُرَ فإذا طَهُرَتْ قِيلَ له أَصِبْ أو طَلِّقْ ( قال ) وَلَوْ أنها سَأَلَتْ الْوَقْفَ فَوُقِفَ فَهَرَبَتْ منه أو أَقَرَّتْ بِالِامْتِنَاعِ منه لم يَكُنْ عليه الْإِيلَاءُ حتى تَحْضُرَ وَتَخْلِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهَا فإذا فَعَلَتْ فإن ( ( ( فإذا ) ) ) فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ أو طُلِّقَ عليه وَلَوْ أنها طَلَبَتْ الْوَقْفَ فَوُقِفَ لها فَأَحْرَمَتْ مَكَانَهَا بِإِذْنِهِ أو بِغَيْرِ إذْنِهِ فلم يَأْمُرْهَا بِإِحْلَالٍ لم يَكُنْ عليه طَلَاقٌ حتى تَحِلَّ ثُمَّ يُوقَفَ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ وَهَكَذَا لو ارْتَدَّتْ عن الْإِسْلَامِ لم يَكُنْ عليه طَلَاقٌ حتى تَرْجِعَ إلَى الْإِسْلَامِ في الْعِدَّةِ فإذا رَجَعَتْ قِيلَ له فِئْ أو طَلِّقْ وَإِنْ لم تَرْجِعْ حتى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ بَانَتْ منه بِالرِّدَّةِ ومضى الْعِدَّةِ ( قال ) وإذا كان مُنِعَ الْجِمَاعَ من قُبُلِهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ قبل الْوَقْفِ أو معه لم يَكُنْ لها على الزَّوْجِ سَبِيلٌ حتى يَذْهَبَ مَنْعُ الْجِمَاعِ من قُبُلِهَا ثُمَّ يُوقَفَ مَكَانَهُ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرَ قد مَضَتْ وإذا كان مُنِعَ الْجِمَاعَ من قُبُلِهَا في الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ بِشَيْءٍ تُحْدِثُهُ غير الْحَيْضِ الذي خَلَقَهُ اللَّهُ عز وجل فيها ثُمَّ أُبِيحَ الْجِمَاعُ من قُبُلِهَا أَجَّلَ من يَوْمِ أُبِيحَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ كما جَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى له أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مُتَتَابِعَةٍ فإذا لم تَكْمُلْ له حتى يَمْضِيَ حُكْمُهَا اُسْتُؤْنِفَتْ له مُتَتَابِعَةً كما جُعِلَتْ له أَوَّلًا ( قال ) وَلَوْ كان آلَى منها ثُمَّ ارْتَدَّ عن الْإِسْلَامِ في الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ أو ارْتَدَّتْ أو طَلَّقَهَا أو خَالَعَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا أو رَجَعَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلَامِ في الْعِدَّةِ اسْتَأْنَفَ في هذه الْحَالَاتِ كُلِّهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ من يَوْمِ حَلَّ له الْفَرْجُ بِالْمُرَاجَعَةِ أو النِّكَاحِ أو رُجُوعِ الْمُرْتَدِّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُشْبِهُ هذا الْبَابَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهَا في هذا الْبَابِ صَارَتْ مُحَرَّمَةً كَالْأَجْنَبِيَّةِ الشَّعْرُ وَالنَّظَرُ وَالْجَسُّ وَالْجِمَاعُ وفي تِلْكَ الْأَحْوَالِ لم تَكُنْ مُحَرَّمَةً بِشَيْءٍ غير الْجِمَاعِ وَحْدَهُ فَأَمَّا الشَّعْرُ وَالنَّظَرُ وَالْجَسُّ فلم يَحْرُمْ منها وَهَكَذَا لو ارْتَدَّا مَعًا (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ آلَى من امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ في الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ ولم يَدْرِ أَيَّتَهنَّ طَلَّقَ فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَطَلَبَتْ أَنْ يُوقَفَ فقال هِيَ التي طَلَّقْت حَلَفَ لِلْبَوَاقِي وَكَانَتْ التي طَلَّقَ وَمَتَى رَاجَعَهَا فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَقَفَتْهُ أَبَدًا حتى يَمْضِيَ طَلَاقُ الْمِلْكِ كما وَصَفْت وَلَوْ مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ ثُمَّ طَلَبَتْ أَنْ يُوقَفَ فقال لَا أَدْرِي أَهِيَ التي طَلَّقْت أَمْ غَيْرُهَا قِيلَ له إنْ قُلْت هِيَ التي طَلَّقْت فَهِيَ طَالِقٌ وَإِنْ قُلْت لَيْسَتْ هِيَ حَلَفْت لها إنْ ادَّعَتْ الطَّلَاقَ ثُمَّ فِئْت أو طَلَّقْت وَإِنْ قُلْت لَا أَدْرِي فَأَنْتَ أَدْخَلْت مَنْعَ الْجِمَاعِ على نَفْسِك فَإِنْ طَلَّقْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَإِنْ لم تُطَلِّقْهَا وَحَلَفْت أنها لَيْسَتْ التي طَلَّقْت أو صَدَّقَتْك هِيَ فَفِئْ أو طَلِّقْ وَإِنْ أَبَيْت ذلك كُلَّهُ طُلِّقَ عَلَيْك بِالْإِيلَاءِ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ مُولًى منها عَلَيْك أَنْ تَفِيءَ إلَيْهَا أو تُطَلِّقَهَا فَإِنْ قُلْت لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا حَرُمَتْ عَلَيْك فلم تَحْرُمْ بِذَلِكَ عَلَيْك تَحْرِيمًا يُبِينُهَا عَلَيْك وَأَنْتَ مَانِعٌ الْفَيْئَةَ وَالطَّلَاقَ فَتَطْلُقُ عَلَيْك فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أنها التي طَلُقَتْ عَلَيْك قبل طَلَاقِ الْإِيلَاءِ سَقَطَ طَلَاقُ الْإِيلَاءِ وَإِنْ لم تُقِمْ بَيِّنَةً لَزِمَك طَلَاقُ الْإِيلَاءِ وَطَلَاقُ الْإِقْرَارِ مَعًا ثُمَّ هَكَذَا الْبَوَاقِي ( قال ) وإذا آلَى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ أَكْثَرُ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَطَلَبَتْ ذلك امْرَأَتُهُ أو وَكِيلٌ لها أُمِرَ بِالْفَيْءِ بِلِسَانِهِ وَالْمَسِيرِ إلَيْهَا كما يُمْكِنُهُ وَقِيلَ فَإِنْ فَعَلْت وَإِلَّا فَطَلِّقْ ( قال ) وَأَقَلُّ ما يَصِيرُ بِهِ غائبا ( ( ( فائيا ) ) ) أَنْ يُجَامِعَهَا حتى تَغِيبَ الْحَشَفَةُ وَإِنْ جَامَعَهَا مُحْرِمَةً أو حَائِضًا أو هو مُحْرِمٌ أو صَائِمٌ خَرَجَ من الْإِيلَاءِ وَأَثِمَ بِالْجِمَاعِ في هذه الْأَحْوَالِ وَلَوْ آلَى منها ثُمَّ جُنَّ فاصابها في حَالِ جُنُونِهِ أو جُنَّتْ فَأَصَابَهَا في حَالِ جُنُونِهَا خَرَجَ من الْإِيلَاءِ وَكَفَّرَ إذَا أَصَابَهَا وهو صَحِيحٌ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ ولم يُكَفِّرْ إذَا أَصَابَهَا وهو مَجْنُونٌ لِأَنَّ الْقَلَمَ عنه مَرْفُوعٌ في تِلْكَ الْحَالِ وَلَوْ أَصَابَهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ أو مُغْمًى عليها خَرَجَ من الْإِيلَاءِ وَكَفَّر

(5/272)


( قال ) وَكَذَلِكَ إذَا أَصَابَهَا أَحَلَّهَا لِزَوْجِهَا وَأَحْصَنَهَا وَإِنَّمَا كان فِعْلُهُ فِعْلًا بها لِأَنَّهُ يُوجِبُ لها الْمَهْرَ بِالْإِصَابَةِ وَإِنْ كانت هِيَ لَا تَعْقِلُ الْإِصَابَةَ فَلَزِمَهَا بهذا الْحُكْمِ وَأَنَّهُ حَقٌّ لها أَدَّاهُ إلَيْهَا في الْإِيلَاءِ كما يَكُونُ لو أَدَّى إلَيْهَا حَقًّا في مَالٍ أو غَيْرِهِ بريء منه - * طَلَاقُ المولى قبل الْوَقْفِ وَبَعْدَهُ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا مَعْنَى الْقُرْآنِ لَا يُخَالِفُهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ له إذَا امْتَنَعَ من الْجِمَاعِ بِيَمِينٍ أَجَلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فلما طَلَّقَ الْأُولَى وَرَاجَعَ كانت الْيَمِينُ قَائِمَةً كما كانت أَوَّلًا فلم يَجُزْ أَنْ نجعل ( ( ( يجعل ) ) ) له أَجَلًا إلَّا ما جَعَلَ اللَّهُ عز وجل له ثُمَّ هَكَذَا في الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَهَكَذَا لو آلَى منها ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أو اثْنَتَيْنِ ثُمَّ رَاجَعَهَا في الْعِدَّةِ ما كانت لم تَصِرْ أَوْلَى بِنَفْسِهَا منه ( قال ) وإذا طَلَّقَهَا فَكَانَتْ أَمْلَكَ بِنَفْسِهَا منه بِأَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا أو يُخَالِعَهَا أو يُولِيَ منها قبل أَنْ يَدْخُلَ بها ثُمَّ يُطَلِّقَهَا فإذا فَعَلَ هذا ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا بَعْدَ الْعِدَّةِ أو قَبْلَهَا سَقَطَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ عنه وَإِنَّمَا سَقَطَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ عنه بِأَنَّهَا قدصارت لو طَلَّقَهَا لم يَقَعْ عليها طَلَاقُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عليه حُكْمُ الْإِيلَاءِ وهو لو أَوْقَعَ الطَّلَاقَ لم يَقَعْ وَكَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدُ لو طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَلَوْ جَازَ أَنْ تَبِينَ امْرَأَةُ المولى منه حتى تَصِيرَ أَمْلَكَ بِنَفْسِهَا منه ثُمَّ يَنْكِحَهَا فَيَعُودَ عليه حُكْمُ الْإِيلَاءِ إذَا نَكَحَهَا جَازَ هذا بَعْدَ طَلَاقِ الثَّلَاثِ وَزَوْجٍ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا يُكَفِّرُ إذَا أَصَابَهَا وَكَانَتْ قَائِمَةً قبل الزَّوْجِ وَهَكَذَا الظِّهَارُ مِثْلُ الْإِيلَاءِ لَا يَخْتَلِفَانِ ( قال الرَّبِيعُ ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يَعُودُ عليه الْإِيلَاءُ ما بَقِيَ من طَلَاقِ الثَّلَاثِ شَيْءٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا بَانَتْ امْرَأَةُ المتظهر منه ولم يَحْبِسْهَا بَعْدَ الظِّهَارِ سَاعَةً ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا لم يَعُدْ عليه التظهر لِأَنَّهُ لم يَلْزَمْهُ في الْمِلْكِ الذي تَظَهَّرَ منها كَفَّارَةٌ وَلَوْ حَبَسَهَا بَعْدَ التظهر سَاعَةً ثُمَّ بَانَتْ منه لَزِمَهُ التظهر لِأَنَّهُ قد عَادَ لِمَا قال وَكَذَلِكَ لو مَاتَتْ في الْوَجْهَيْنِ مَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا جُعِلَتْ عليه الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهَا يَمِينٌ لَزِمَتْهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لو حَلَفَ لَا يُصِيبُ غير امْرَأَتِهِ فَأَصَابَهَا كانت عليه كَفَّارَةٌ مع الْمَأْثَمِ بالزنى - * إيلَاءُ الْحُرِّ من الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ من امْرَأَتِهِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُشْرِكِينَ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِيلَاءُ الْحُرِّ من امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ سَوَاءٌ فَإِنْ آلَى من امْرَأَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا سَقَطَ الْإِيلَاءُ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ فَإِنْ خَرَجَتْ من مِلْكِهِ ثُمَّ نَكَحَهَا أَمَةً أو حُرَّةً لم يَعُدْ الْإِيلَاءُ لِأَنَّ مِلْكَهُ هذا غَيْرُ الْمِلْكِ الذي آلَى فيه وَهَكَذَا الْعَبْدُ يُولِي من امْرَأَتِهِ حُرَّةً أو أَمَةً فَتَمْلِكُهُ سَقَطَ الإيلاء بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ فَإِنْ عَتَقَ فَنَكَحَهَا أو خَرَجَ من مِلْكِهَا فَنَكَحَهَا لم يَعُدْ الْإِيلَاءُ وَلَوْ أَنَّ الْحُرَّ الْمُشْتَرِيَ لِامْرَأَتِهِ الْأَمَةِ بَعْدَ الْإِيلَاءِ منها أَصَابَهَا بِالْمِلْكِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وإذا أُوقِفَ المولى فَطَلَّقَ وَاحِدَةً أو امْتَنَعَ من الْفَيْءِ بِلَا عُذْرٍ فَطَلَّقَ عليه الْحَاكِمُ وَاحِدَةً فَالتَّطْلِيقَةُ تَطْلِيقَةٌ يَمْلِكُ فيها الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ في الْعِدَّةِ وَإِنْ رَاجَعَهَا في الْعِدَّةِ فَالرَّجْعَةُ ثَابِتَةٌ عليه وَالْإِيلَاءُ قَائِمٌ بحاله ( ( ( بحال ) ) ) وَيُؤَجِّلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ من يَوْمِ رَاجَعَهَا وَذَلِكَ يَوْمٌ يَحِلُّ له فَرْجُهَا بَعْدَ تَحْرِيمِهِ فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وُقِفَ لها فَإِنْ طَلَّقَهَا أو امْتَنَعَ من الْفَيْئَةِ من غَيْرِ عُذْرٍ فَطُلِّقَ عليه فَالطَّلَاقُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَإِنْ رَاجَعَهَا وَهِيَ في الْعِدَّةِ فَالرَّجْعَةُ ثَابِتَةٌ عليه فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ من يَوْمِ راجعه ( ( ( راجعها ) ) ) وُقِفَ فَإِنْ طَلَّقَ أو لم يَفِئْ فَطُلِّقَ عليه فَقَدْ مَضَى الطَّلَاقُ ثَلَاثًا وَسَقَطَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ فَإِنْ نَكَحَتْ زَوْجًا آخَرَ وَعَادَتْ إلَيْهِ بِنِكَاحٍ بَعْدَ زَوْجٍ لم يَكُنْ عليه حُكْمُ الْإِيلَاءِ وَمَتَى أَصَابَهَا كَفَّرَ

(5/273)


كَفَّرَ إذَا كانت يَمِينُهُ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَإِنْ لم يُصِبْهَا لم يَكُنْ عليه وَقْفٌ إذَا كانت إصَابَتُهُ بِالْمِلْكِ كما لو آلَى من أَمَتِهِ لم يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ الْإِيلَاءَ من الْأَزْوَاجِ فَإِنْ خَرَجَتْ من مِلْكِهِ ثُمَّ نَكَحَهَا لم يَعُدْ الْإِيلَاءُ لِأَنَّهُ قد حَنِثَ بِهِ مَرَّةً وَلَوْ كان قد قال لها وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَأَنْتِ زَوْجَةٌ لي ثُمَّ مَلَكَهَا فَأَصَابَهَا بِالْمِلْكِ لم يَحْنَثْ وَمَتَى نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا غير النِّكَاحِ الذي آلَى فيه لم يَعُدْ عليه الْإِيلَاءُ وَهَكَذَا الْعَبْدُ يُولِي من امْرَأَتِهِ ثُمَّ تَمْلِكُهُ ثُمَّ يَنْكِحُهَا وَهَكَذَا لو كانت امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا أَمَةً فَارْتَدَّتْ فَانْفَسَخَ النِّكَاحُ ثُمَّ نَكَحَتْهُ بَعْدُ لَا يَعُودُ الْإِيلَاءُ إذَا حَرُمَ عليه نِكَاحُهَا لِأَنَّ هذا غَيْرُ النِّكَاحِ الذي آلَى منه ( قال ) وإذا حَلَفَ الْعَبْدُ بِاَللَّهِ أو بِمَا لَزِمَهُ فيه يَمِينٌ من تَبَرُّرٍ كان مُولِيًا وَإِنْ حَلَفَ بِكُلِّ شَيْءٍ له في سَبِيلِ اللَّهِ أو بِعِتْقِ مَمَالِيكِهِ أو صَدَقَةِ شَيْءٍ من مَالِهِ لم يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شيئا وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَلَوْ حَلَفَ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ بِصَدَقَةِ شَيْءٍ من مَالِهِ لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ لِأَنَّ له ما كَسَبَ في يَوْمِهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) إذَا كان لِسَانُ الرَّجُلِ غير لِسَانِ الْعَرَبِ فَآلَى بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُولٍ وإذا تَكَلَّمَ بِلِسَانِهِ بِكَلِمَةٍ تَحْتَمِلُ الْإِيلَاءَ وَغَيْرَهُ كان كَالْعَرَبِيِّ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ وَتَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ ليس ظَاهِرُهُمَا الْإِيلَاءَ فَيُسْأَلُ فَإِنْ قال أَرَدْت الْإِيلَاءَ فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ قال لم أُرِدْ الْإِيلَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ إنْ طَلَبَتْهُ امْرَأَتُهُ وَإِنْ كان عَرَبِيًّا يَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ الْعَجَمِ أو بَعْضِهَا فَآلَى فَأَيُّ لِسَانٍ منها آلَى بِهِ فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ قال لم أُرِدْ الْإِيلَاءَ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَدِينُ في الْحُكْمِ وَإِنْ كان عَرَبِيًّا لَا يَتَكَلَّمُ بِأَعْجَمِيَّةٍ فَتَكَلَّمَ بِإِيلَاءٍ بِبَعْضِ أَلْسِنَةِ الْعَجَمِ فقال ما عَرَفْت ما قُلْت وما أَرَدْت إيلَاءً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ وَلَيْسَ حَالُهُ كَحَالِ الرَّجُلِ يُعْرَفُ بِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ من أَلْسِنَةِ الْعَجَمِ وَيَعْقِلُهُ وَهَكَذَا الْأَعْجَمِيُّ يُولِي بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا كان يَعْرِفُ الْإِيلَاءَ بِالْعَرَبِيَّةِ لم يُصَدَّقْ في الْحُكْمِ على أَنْ يَقُولَ لم أرد الإيلاء وإن كان لا يعرف العربية صدق في الحكم وإذا آلى الرجل من امرأته ثم قال لم أُرِدْ إيلَاءً وَلَكِنْ سَبَقَنِي لِسَانِي لم يدين ( ( ( يدن ) ) ) في الْحُكْمِ وَدِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى - * إيلَاءُ الْخَصِيِّ غَيْرِ الْمَجْبُوبِ وَالْمَجْبُوبِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وإذا آلَى الْخَصِيُّ غَيْرُ الْمَجْبُوبِ من ( ( ( مع ) ) ) امْرَأَتِهِ فَهُوَ كَغَيْرِ الْخَصِيِّ وَهَكَذَا لو كان مَجْبُوبًا قد بَقِيَ له ما يَبْلُغُ بِهِ من الْمَرْأَةِ ما يَبْلُغُ الرَّجُلُ حتى تَغِيبَ حَشَفَتُهُ كان كَغَيْرِ الْخَصِيِّ في جَمِيعِ أَحْكَامِهِ وإذى ( ( ( وإذا ) ) ) آلَى الْخَصِيُّ الْمَجْبُوبُ من امْرَأَتِهِ قِيلَ له فِئْ بِلِسَانِك لَا شَيْءَ عليه غَيْرُهُ لِأَنَّهُ مِمَّنْ لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَإِنَّمَا الْفَيْءُ الْجِمَاعُ وهو مِمَّنْ لَا جِمَاعَ عليه ( قال ) وَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً ثُمَّ آلَى منها ثُمَّ خُصِيَ ولم يُجَبَّ كان كَالْفَحْلِ وَلَوْ جُبَّ كان لها الْخِيَارُ مَكَانَهَا في الْمَقَامِ معه أو فِرَاقِهِ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمَقَامَ معه قِيلَ له إذَا طَلَبَتْ الْوَقْفَ ففئ ( ( ( ففء ) ) ) بِلِسَانِك لِأَنَّهُ مِمَّنْ لَا يُجَامِعُ ( قال الرَّبِيعُ ) إنْ اخْتَارَتْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ فِيمَا يَلْزَمُهُ من الْإِيلَاءِ إذَا حَاكَمَ إلَيْنَا لِأَنَّ الْإِيلَاءَ يَمِينٌ يَلْزَمُهُ وَطَلَاقَهُ كَطَلَاقِ الْمُسْلِمِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ من الْيَمِينِ ما يَلْزَمُ الْمُسْلِمِينَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لو أَعْتَقَ عَبْدَهُ أو أَصَابَ امْرَأَتَهُ أَلْزَمْنَاهُ الْإِيلَاءَ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ لِغَيْرِهِ وَإِنْ لم يُؤْجَرْ فيه وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ تَبَرُّرًا أَلْزَمْنَاهُ وَإِنْ لم يُؤْجَرْ فيه في حَالِهِ تِلْكَ فَكَذَلِكَ ما سِوَاهُ وَفَرْضُ اللَّهِ عز وجل على الْعِبَادِ وَاحِدٌ فَإِنْ قِيلَ هو إنْ تَصَدَّقَ على الْمَسَاكِينِ لم يُكَفَّرْ عنه قِيلَ وَهَكَذَا إنْ حُدَّ في زِنًا لم يُكَفَّرْ بِالْحَدِّ عنه وَالْحُدُودُ لِلْمُسْلِمِينَ كَفَّارَةٌ لِلذُّنُوبِ وَنَحْنُ نَحُدُّهُ إذَا زَنَى وَأَتَانَا رَاضِيًا بِحُكْمِنَا وَحُكْمُ اللَّهِ عز وجل على الْعِبَادِ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا حَدَدْنَاهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ - * الْإِيلَاءُ بِالْأَلْسِنَةِ - *

(5/274)


فِرَاقَهُ فَاَلَّذِي أَعْرِفُ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ اخْتَارَتْ الْمَقَامَ معه فَاَلَّذِي أَعْرِفُ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّ امْرَأَةَ الْعِنِّينِ إذَا اخْتَارَتْ الْمَقَامَ معه بَعْدَ الْأَجَلِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لها خِيَارٌ ثَانِيَةً وَالْمَجْبُوبُ عِنْدِي مِثْلُهُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا آلَى الرَّجُلُ من امْرَأَتِهِ فلما مَضَى شَهْرَانِ أو أَكْثَرُ أو أَقَلُّ آلَى منها مَرَّةً أُخْرَى وُقِفَ عِنْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ الْأُولَى فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ فَإِنْ فَاءَ حَنِثَ في الْيَمِينِ الْأُولَى وَالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ ولم يَعُدْ عليه الْإِيلَاءُ لِأَنَّهُ قد حَنِثَ في الْيَمِينَيْنِ مَعًا وَإِنْ أَرَادَ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ الْأُولَى فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ يَمِينًا عليه غَيْرَهَا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لو يُكَفِّرَ كَفَّارَتَيْنِ وقد قِيلَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ في شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهَكَذَا لو آلَى منها فلما مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ آلَى ثَانِيَةً قبل يُوقَفَ أو يُطَلِّقَ وَلَكِنَّهُ لو آلَى فَوُقِفَ فَطَلَّقَ طَلَاقًا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ ثُمَّ آلَى في الْعِدَّةِ ثُمَّ ارْتَجَعَ أو فَاءَ ثُمَّ آلَى إيلَاءً آخَرَ كان عليه إيلَاءٌ مُسْتَقْبَلٌ ( قال ) وإذا آلَى الرَّجُلُ من امْرَأَتِهِ فَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِأَمْرٍ ليس من قِبَلِهِ قبل يُكْمِلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ قَدَرَ عليها اُسْتُؤْنِفَ له أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ كما جَعَلَ اللَّهُ عز وجل له أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مُتَتَابِعَةً فإذا لم تكمل ( ( ( يتكمل ) ) ) له حتى يَمْضِيَ حُكْمُهَا اُسْتُؤْنِفَتْ له مُتَتَابِعَةً كما جُعِلَتْ له أَوَّلًا وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ تُحْبَسَ فَلَا يَقْدِرُ عليها وَمِثْلُ أَنْ يَكُونَ آلَى منها صَبِيَّةً لَا يَقْدِرُ على جِمَاعِهَا بِحَالٍ أو مُضْنَاةً من مَرَضٍ لَا يَقْدِرُ على جِمَاعِهَا بِحَالٍ وإذا صَارَتَا في حَدِّ من يُجَامَعُ مِثْلُهُ وُقِفَ لَهُمَا بَعْدُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ من يَوْمِ يَقْدِرُ على جِمَاعِهِمَا فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ وَإِنْ أَبَى طُلِّقَ عليه ( قال ) وَإِنْ كانت مَرِيضَةً يَقْدِرُ على جِمَاعِهَا بِحَالٍ أو صَبِيَّةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ الْبَالِغِ وسوءا ( ( ( وسواء ) ) ) آلَى من بِكْرٍ أو ثَيِّبٍ وَلَا فَيْئَةَ في الْبِكْرِ إلَّا بِذَهَابِ الْعَذِرَةِ وَلَا في الثَّيِّبِ إلَّا بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ وإذا كان الْحَبْسُ عن الْجِمَاعِ في الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ لَا بِسَبَبِ الْمَرْأَةِ وَلَا منها وَلَا أنها حَرُمَتْ عليه كما تَحْرُمُ الإجنبية إلَّا بِحَالٍ يُحْدِثُهَا فَالْإِيلَاءُ له لَازِمٌ وَلَا يُزَادُ على أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ شيئا فإذا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ وُقِفَ حتى يُطَلِّقَ أو يَفِيءَ فَيْءَ جِمَاعٍ أو فَيْءَ مَعْذُورٍ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يُؤْلِيَ فَيَمْرَضَ هو أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فإذا مَضَتْ وُقِفَ فَإِنْ كان يَقْدِرُ على الْجِمَاعِ بِحَالٍ فَلَا فَيْءَ له إلَّا فَيْءَ الْجِمَاعِ وَإِنْ كان لَا يَقْدِرُ عليه فَاءَ بِلِسَانِهِ وَمِثْلُ أَنْ يُؤْلِيَ فَيُحْبَسَ أو يُؤْلِيَ وهو مَحْبُوسٌ فإذا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وهو يَقْدِرُ على الْجِمَاعِ بِحَالٍ فَاءَ أو طَلَّقَ وَإِنْ لم يَقْدِرْ على الْجِمَاعِ بِحَالٍ لِلْحَبْسِ فَاءَ بِلِسَانِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ قُلْت له فِئْ بِلِسَانِك فإذا قَدَرَ على الْجِمَاعِ بِحَالٍ وَقَفْته مَكَانَهُ فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ أو طُلِّقَ عليه وَلَا أُؤَجِّلُهُ إلَى أَجَلِ الصَّحِيحِ إذَا وَقَفْته بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ( قال ) وإذا آلَى فَغُلِبَ على عَقْلِهِ فاذا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لم يُوقَفْ حتى يَرْجِعَ إلَيْهِ عَقْلُهُ فَإِنْ عَقَلَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وُقِفَ مَكَانَهُ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ وإذا آلَى الرَّجُلُ من امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَحْرَمَ قِيلَ له إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَإِنْ فِئْت فَسَدَ إحْرَامُك وَخَرَجْت من حُكْمِ الْإِيلَاءِ وان لم تَفِئْ طُلِّقَ عَلَيْك لِأَنَّك أَحْدَثْت مَنْعَ الْجِمَاعِ وَإِنْ آلَى ثُمَّ تَظَاهَرَ وهو يَجِدُ الْكَفَّارَةَ فإذا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وُقِفَ فَقِيلَ له أنت أَدْخَلْت مَنْعَ الْجِمَاعِ على نَفْسِك فَإِنْ فِئْت فَأَنْتَ عَاصٍ بِالْإِصَابَةِ وَأَنْتَ مُتَظَاهِرٌ وَلَيْسَ لَك أَنْ تَطَأَ قبل الْكَفَّارَةِ وَإِنْ لم تَفِئْ فَطَلِّقْ أو يُطَلَّقُ عَلَيْك وَهَكَذَا لو تَظَاهَرَ ثُمَّ آلَى لِأَنَّ ذلك كُلَّهُ جاء منه لَا منها ولم تَحْرُمْ عليه بِالظِّهَارِ حُرْمَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وإذا آلَى الْعِنِّينُ من امْرَأَتِهِ أَجَلَ سَنَةٍ ثُمَّ خُيِّرَتْ إلَّا أَنْ يُطَلِّقَهَا عِنْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا في الْعِدَّةِ عَادَ الْإِيلَاءُ عليه وَخُيِّرَتْ عِنْدَ السَّنَةِ في الْمَقَامِ معه أو فِرَاقِهِ - * إيلَاءُ الرَّجُلِ مِرَارًا - *

(5/275)


- * اخْتِلَافُ الزَّوْجَيْنِ في الْإِصَابَةِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ وُقِفَ بأنها ( ( ( لأنها ) ) ) سَأَلَتْ وَقْفَهُ فَادَّعَى إصَابَتَهَا في الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ فيها كَالْقَوْلِ إذَا وَقَّفْنَاهُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يُصَدَّقُ إنْ كانت ثَيِّبًا وَتُصَدَّقُ هِيَ إنْ كانت بِكْرًا - * من يَجِبُ عليه الظِّهَارُ وَمَنْ لَا يَجِبُ عليه - * ( أخبرنا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ ) قال + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ من نِسَائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إنْ أُمَّهَاتُهُمْ إلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا من الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكُلُّ زَوْجٍ جَازَ طَلَاقُهُ وَجَرَى عليه الْحُكْمُ من بَالِغٍ غَيْرِ مَغْلُوبٍ على عَقْلِهِ وَقَعَ عليه الظِّهَارُ سَوَاءٌ كان حُرًّا أو عَبْدًا أو من لم تَكْمُلْ فيه الْحُرِّيَّةُ أو ذِمِّيًّا من قِبَلِ أَنَّ أَصْلَ الظِّهَارِ كان طَلَاقَ الْجَاهِلِيَّةِ فَحَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى فيه بِالْكَفَّارَةِ فَحَرُمَ الْجِمَاعُ على الْمُتَظَاهِرِ بِتَحْرِيمِهِ لِلظِّهَارِ حتى يُكَفِّرَ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَيَحْرُمُ عليه الْجِمَاعُ بِتَحْرِيمِهِ إذَا كَانُوا بَالِغِينَ غير مَغْلُوبِينَ على عُقُولِهِمْ ( قال ) وَظِهَارُ كل وَاحِدٍ من هَؤُلَاءِ يَقَعُ على زَوْجَتِهِ دخل بها أو لم يَدْخُلْ بها صَغِيرَةً كانت أو كَبِيرَةً يَحِلُّ جِمَاعُهَا وَيَقْدِرُ عليه أو لَا يَحِلُّ وَلَا يَقْدِرُ عليه بِأَنْ تَكُونَ حَائِضًا أو مُحْرِمَةً أو رَتْقَاءَ أو صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا أو خَارِجَةً من هذا كُلِّهِ ( قال ) وَلَوْ تَظَاهَرَ من امْرَأَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَسَدَ النِّكَاحُ وَالظِّهَارُ بِحَالِهِ لَا يَقْرَبُهَا حتى يُكَفِّرَ من قِبَلِ أَنَّ الظِّهَارَ لَزِمَهُ وَهِيَ زَوْجَةٌ وإذا تَظَاهَرَ السَّكْرَانُ لَزِمَهُ الظِّهَارُ فَأَمَّا الْمَغْلُوبُ على عَقْلِهِ بِغَيْرِ سُكْرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ وإذا تَظَاهَرَ الْأَخْرَسُ وهو يَعْقِلُ الْإِشَارَةَ او الْكِتَابَةَ لَزِمَهُ الظِّهَارُ وإذا تَظَاهَرَ من امْرَأَتِهِ ثُمَّ قال لِامْرَأَةٍ له أُخْرَى قد أَشْرَكْتُك مَعَهَا أو قال أَنْتِ مِثْلُهَا أو ما أَشْبَهَ هذا يُرِيدُ بِهِ الظِّهَارَ فإن عليه فيها مِثْلَ ما عليه في التي تَظَاهَرَ منها وهو ظِهَارٌ فَإِنْ لم يُرِدْ بِهِ ظِهَارًا وَلَا تَحْرِيمًا فَلَيْسَ بِظِهَارٍ وَلَا شَيْءَ عليه وإذا قال لِامْرَأَةٍ له أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَيْسَ بِظِهَارٍ وَلَوْ قال إنْ شَاءَ اللَّهُ فُلَانٌ فَلَيْسَ بِظِهَارٍ حتى يَعْلَمَ أَنَّ فُلَانًا قد شَاءَ وإذا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ من امْرَأَتِهِ ثُمَّ تَرَكَهَا أَكْثَرَ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُتَظَاهِرٌ وَلَا إيلَاءَ عليه يُوقَفُ له لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قد حَكَمَ في الظِّهَارِ غير حُكْمِهِ في الْإِيلَاءِ فَلَا يَكُونُ الْمُتَظَاهِرُ مُولِيًا وَلَا الْمُولِي مُتَظَاهِرًا بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَكُونُ عليه بِأَحَدِهِمَا إلَّا أَيَّهمَا جُعِلَ على نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُطِيعٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِتَرْكِ الْجِمَاعِ في الظِّهَارِ عَاصٍ لو جَامَعَ قبل أَنْ يُكَفِّرَ وَعَاصٍ بِالْإِيلَاءِ وَسَوَاءٌ كان مُضَارًّا بِالظِّهَارِ أو غير مُضَارٍّ إلَّا أَنَّهُ يَأْثَمُ بِالضِّرَارِ كما يَأْثَمُ لو آلَى اقل من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يُرِيدُ ضِرَارًا وَلَا يُحْكَمُ عليهحكم الْإِيلَاءِ بِالضِّرَارِ وَيَأْثَمُ لو تَرَكَهَا الدَّهْرَ بِلَا يَمِين يُرِيدُ ضِرَارًا وَلَا يُحْكَمُ عليه حُكْمَ الْإِيلَاءِ وَلَا يُحَالُ حُكْمٌ عَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فيه
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وإذا وَقَفْنَا المولى فقال قد أَصَبْتهَا وَقَالَتْ لم يُصِبْنِي فَإِنْ كانت ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ لِأَنَّهَا تَدَّعِي ما تَكُونُ بِهِ الْفُرْقَةُ التي هِيَ إلَيْهِ وَإِنْ كانت بِكْرًا أُرِيهَا النِّسَاءَ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مع يَمِينِهَا وإذا قالت قد أَصَابَنِي وَإِنَّمَا أَدْخَلَهُ بيده حتى غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فَذَلِكَ فَيْءٌ إنْ صَدَّقَهَا ( قال الرَّبِيعُ ) وَإِنْ غَلَبَتْهُ على نَفْسِهِ حتى أَدْخَلَتْهُ بِيَدِهَا فَقَدْ فَاءَ وَسَقَطَ عنه الْإِيلَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عليه لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ

(5/276)


- * الظِّهَارُ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) سَمِعْت من أَرْضَى من أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ يَذْكُرُ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُطَلِّقُونَ بِثَلَاثَةٍ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالطَّلَاقِ فَأَقَرَّ اللَّهُ تَعَالَى الطَّلَاقَ طَلَاقًا وَحَكَمَ في الْإِيلَاءِ بِأَنْ أَمْهَلَ المولى ( ( ( الموالي ) ) ) أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ جَعَلَ عليه أَنْ يَفِيءَ أو يُطَلِّقَ وَحَكَمَ في الظِّهَارِ بِالْكَفَّارَةِ فإذا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ من امْرَأَتِهِ يُرِيدُ طَلَاقَهَا أو يُرِيدُ تَحْرِيمَهَا بِلَا طَلَاقٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ بِحَالٍ وهو مُتَظَاهِرٌ وَكَذَلِكَ إنْ تَكَلَّمَ بِالظِّهَارِ وَلَا يَنْوِي شيئا فَهُوَ مُتَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِالظِّهَارِ وَيَلْزَمُ الظِّهَارُ من لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَيَسْقُطُ عَمَّنْ سَقَطَ عنه وإذا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ من امْرَأَتِهِ قبل أَنْ يَدْخُلَ بها أو بَعْدَ ما دخل بها فَهُوَ مُتَظَاهِرٌ وإذا طَلَّقَهَا فَكَانَ لَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا في الْعِدَّةِ ثُمَّ تَظَاهَرَ منها لم يَلْزَمْهُ الظِّهَارُ وإذا طَلَّقَ امْرَأَتَيْهِ فَكَانَ يَمْلِكُ رَجْعَةَ إحْدَاهُمَا وَلَا يَمْلِكُ رَجْعَةَ الْأُخْرَى فَتَظَاهَرَ مِنْهُمَا في كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَزِمَهُ الظِّهَارُ من التي يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا وَيَسْقُطُ عنه من التي لَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا تَظَاهَرَ من أَمَتِهِ أُمَّ وَلَدٍ كانت أو غير أُمِّ وَلَدٍ لم يَلْزَمْهُ الظِّهَارُ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يقول { وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ من نِسَائِهِمْ } وَلَيْسَتْ من نِسَائِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ وَلَا الطَّلَاقُ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَكَذَلِكَ قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ من نِسَائِهِمْ تَرَبَّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ } فَلَوْ آلَى من أَمَتِهِ لم يَلْزَمْهُ الْإِيلَاءُ وَكَذَلِكَ قال { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } وَلَيْسَتْ من الْأَزْوَاجِ فَلَوْ رَمَاهَا لم يَلْتَعِنْ لِأَنَّا عَقَلْنَا عن اللَّهِ عز وجل أنها لَيْسَتْ من نِسَائِنَا وَإِنَّمَا نِسَاؤُنَا أَزْوَاجُنَا وَلَوْ جَازَ أَنْ يَلْزَمَ وَاحِدًا من هذه الْأَحْكَامِ لَزِمَهَا كُلَّهَا لِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ عز وجل لها وَاحِدٌ - * ما يَكُونُ ظِهَارًا وما لَا يَكُونُ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَالظِّهَارُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فإذا قال لها أَنْتِ مِنِّي كَظَهْرِ أُمِّي أو أَنْتِ مَعِي أو ما أَشْبَهَ هذا كَظَهْرِ أُمِّي فَهُوَ ظِهَارٌ وَكَذَلِكَ لو قال لها فَرْجُك أو رَأْسُك أو بَدَنُك أو ظَهْرُك أو جِلْدُك أو يَدُك أو رِجْلُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كان هذا ظِهَارًا وَكَذَلِكَ لو قال أَنْتِ أو بَدَنُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أو كَبَدَنِ أُمِّي أو كَرَأْسِ أُمِّي أو كَيَدِهَا أو كَرِجْلِهَا كان هذا ظِهَارًا لِأَنَّ التَّلَذُّذَ بِكُلِّ أُمِّهِ مُحَرَّمٌ عليه كَتَحْرِيمِ التَّلَذُّذِ بِظَهْرِهَا ( قال ) وإذا قال لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي أو كَظَهْرِ امْرَأَةٍ مُحَرَّمَةٍ عليه من نَسَبٍ أو رَضَاعٍ قَامَتْ في ذلك مَقَامَ الْأُمِّ أَمَّا الرَّحِمُ فإن ما يَحْرُمُ عليه من أُمِّهِ يَحْرُمُ عليه منها وَأَمَّا الرَّضَاعُ فإن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال يَحْرُمُ من الرَّضَاعِ من يَحْرُمُ من النَّسَبِ فَأَقَامَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الرَّضَاعَ مَقَامَ النَّسَبِ فلم يَجُزْ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ( قال الرَّبِيعُ ) مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إنَّ اللَّهَ عز وجل نَسَبَ الظِّهَارَ إلَى الْأُمِّ فقال عز من قَائِلٍ { الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ من نِسَائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ } فَكُلُّ ما كان مُحَرَّمًا على المء ( ( ( المرء ) ) ) كما تَحْرُمُ الْأُمُّ فَظَاهَرَ من امْرَأَتِهِ فَنَسَبُهُ إلَى من تَحْرُمُ عليه كَحُرْمَةِ الْأُمِّ لَزِمَهُ الظِّهَارُ وَلَك مَثَلٌ ان يَقُولَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي ولم تَزَلْ أُخْتُهُ مُحَرَّمَةً عليه لم تَحِلَّ له قَطُّ فَكَانَ بِذَلِكَ مُتَظَاهِرًا ( قال الرَّبِيعُ ) فَإِنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ لم يَكُنْ مُظَاهِرًا من قِبَلِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ وَإِنْ كانت في هذا الْوَقْتِ مُحَرَّمَةً فَهِيَ تَحِلُّ له لو تَزَوَّجَهَا وَالْأُمُّ لم تَكُنْ حَلَالًا قَطُّ له وَلَا تَكُونُ حَلَالًا أَبَدًا فَإِنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي من الرَّضَاعَةِ فَإِنْ كانت قد وُلِدَتْ قبل قبل أَنْ تُرْضِعَهُ أُمُّهَا فَقَدْ كانت قبل أَنْ يَكُونَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى قال اللَّهُ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ من نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قالوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ من قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاَللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لم يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ من قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا }

(5/277)


الرَّضَاعُ حَلَالًا له وَلَا يَكُونُ مُظَاهِرًا بها وَلَيْسَتْ مِثْلَ الْأُخْتِ من النَّسَبِ التي لم تَكُنْ حَلَالًا قَطُّ له وَهَذِهِ قد كانت حَلَالًا له قبل أَنْ تُرْضِعَهُ أُمُّهَا فَإِنْ كانت أُمُّهَا قد أَرْضَعَتْهُ قبل أَنْ تَلِدَهَا فَهَذِهِ لم تَكُنْ قَطُّ حَلَالًا له في حِينٍ لِأَنَّهَا وَلَدَتْهَا بَعْدَ أَنْ صَارَ ابْنَهَا من الرَّضَاعَةِ ( قال الرَّبِيعُ ) وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ أبيه فإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ امْرَأَةِ أبي فَإِنْ كان أَبُوهُ قد تَزَوَّجَهَا قبل أَنْ يُولَدَ فَهُوَ مُظَاهِرٌ من قِبَلِ أنها لم تَكُنْ له حَلَالًا قَطُّ ولم يُولَدْ إلَّا وَهِيَ حَرَامٌ عليه وَإِنْ كان قد وُلِدَ قبل أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَبُوهُ فَقَدْ كانت في حِينٍ حَلَالًا له فَلَا يَكُونُ بها مُتَظَاهِرًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَلْزَمُ الظِّهَارُ من الْأَزْوَاجِ من لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَيَلْزَمُ بِمَا يَلْزَمُ بِهِ الطَّلَاقُ من الْحِنْثِ لِأَنَّ فيه تَحْرِيمًا لِلْمَرْأَةِ حتى يُكَفِّرَ فإذا قال لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَدَخَلَتْ الدَّارَ كان مُتَظَاهِرًا حين دَخَلَتْ وَكَذَلِكَ إنْ قال إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أو نُكِحَتْ فُلَانَةُ وَلَوْ قال لِامْرَأَةٍ لم يَنْكِحْهَا إذَا نَكَحْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَنَكَحَهَا لم يَكُنْ مُتَظَاهِرًا لِأَنَّهُ لو قال في تِلْكَ الْحَالِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لم يَكُنْ مُتَظَاهِرًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ التَّحْرِيمُ من النِّسَاءِ على من حَلَّ ( 2 ) ثُمَّ حَرُمَ فَأَمَّا من لم يَحِلَّ فَلَا يَقَعُ عليه تَحْرِيمٌ وَلَا حُكْمُ تَحْرِيمٍ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ فَلَا مَعْنَى لِلتَّحْرِيمِ في التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ في الْحَالَيْنِ قبل التَّحْرِيمِ وَبَعْدَهُ مُحَرَّمٌ بِتَحْرِيمٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُرْوَى مِثْلُ مَعْنَى ما قُلْت عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ عن عَلِيٍّ وبن عَبَّاسٍ رض ( ( ( رضي ) ) ) اللَّهُ تَعَالَى عنهما وَغَيْرِهِمْ وهو الْقِيَاسُ وإذا قال أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يُرِيدُ طلاق ( ( ( طلاقا ) ) ) وَاحِدًا أو ثَلَاثًا أو طَلَاقًا بِلَا نِيَّةِ عَدَدٍ لم يَكُنْ طَلَاقًا لِمَا وَصَفْت من حُكْمِ اللَّهِ عز وجل في الظِّهَارِ وَأَنْ بَيَّنَّا في حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ ليس الظِّهَارُ اسْمَ الطَّلَاقِ وَلَا ما يُشْبِهُ الطَّلَاقَ مِمَّا ليس لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فيه نَصُّ حُكْمٍ وَلَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وما كان خَارِجًا من هذا مِمَّا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ فَإِنَّمَا يَكُونُ قِيَاسًا على الطَّلَاقِ وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي يُرِيدُ الظِّهَارَ فَهِيَ طَالِقٌ وَلَا ظِهَارَ عليه لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالطَّلَاقِ ولم يَكُنْ لِكَظَهْرِ أُمِّي مَعْنًى إلَّا أَنَّك حَرَامٌ بِالطَّلَاقِ وَكَظَهْرِ أُمِّي مُحَالٌ لَا مَعْنَى له فَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَسَقَطَ الظِّهَارُ وَهَكَذَا إنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي يُرِيدُ الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ وَإِنْ لم يُرِدْ الطَّلَاقَ فَهُوَ مُتَظَاهِرٌ وَإِنْ قال لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ قال لِأُخْرَى من نِسَائِهِ قد أَشْرَكْتُك مَعَهَا أو أنت مثلها أو أَنْتِ كَهِيَ أن أَنْتِ شَرِيكَتُهَا أو ما أَشْبَهَ هذا لَا يُرِيدُ بِهِ ظِهَارًا لم يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ لِأَنَّهَا تَكُونُ شَرِيكَتَهَا وَمَعَهَا وَمِثْلَهَا في أنها زَوْجَةٌ له كَهِيَ وَعَاصِيَةٌ له كَهِيَ وَمُطِيعَةٌ له كَهِيَ وما أَشْبَهَ هذا مِمَّا ليس بِظِهَارٍ ( قال ) وإذا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ من أَرْبَعِ نِسْوَةٍ له بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أو بِكَلَامٍ مُتَفَرِّقٍ فَسَوَاءٌ وَعَلَيْهِ في كل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ التَّظَاهُرَ تَحْرِيمٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَا تَحِلُّ له بَعْدُ حتى يُكَفِّرَ كما يُطَلِّقُهُنَّ مَعًا في كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أو كَلَامٍ مُتَفَرِّقٍ فَتَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَالِقًا وإذا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ من امْرَأَتِهِ مَرَّتَيْنِ أو ثَلَاثًا أو أَكْثَرَ يُرِيدُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ظِهَارًا غير صَاحِبِهِ قبل يُكَفِّرَ فَعَلَيْهِ في كل تَظَاهُرٍ كَفَّارَةٌ كما يَكُونُ عليه في كل تَطْلِيقَةٍ تَطْلِيقَةٌ لِأَنَّ التَّظَاهُرَ طَلَاقٌ جُعِلَ الْمَخْرَجُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى وَإِنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ ( 1 ) امْرَأَةِ أبي أو أمرأة ابْنِي أو امْرَأَةِ رَجُلٍ سَمَّاهُ أو امْرَأَةٍ لَاعَنَهَا او امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لم يَكُنْ ظِهَارًا من قِبَلِ أَنَّ هَؤُلَاءِ قد كُنَّ وَهُنَّ يَحْلِلْنَ له وَإِنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أبي أو ابْنِي لم يَكُنْ ظِهَارًا من قِبَلِ أَنَّ ما يَقَعُ على النِّسَاءِ من تَحْرِيمٍ وَتَحْلِيلٍ لَا يَقَعُ على الرِّجَالِ ( قال ) وَإِنْ قالت امْرَأَةُ رَجُلٍ له أنت عَلَيَّ كَظَهْرِ أبي أو أُمِّي لم يَكُنْ ظِهَارًا وَلَا عليها كَفَّارَةٌ من قِبَلِ أَنَّهُ ليس لها أَنْ تُوقِعَ التَّحْرِيمَ على رَجُلٍ إنَّمَا لِلرَّجُلِ أَنْ يُوقِعَهُ عليها

(5/278)


منه كَفَّارَةً وَلَوْ قَالَهَا مُتَتَابِعَةً فقال أَرَدْت ظِهَارًا وَاحِدًا كان وَاحِدًا كما يَكُونُ لو أَرَادَ طَلَاقًا وَاحِدًا وَإِبَانَةً بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وإذا تَظَاهَرَ من امْرَأَتِهِ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ تَظَاهَرَ منها مَرَّةً أُخْرَى كَفَّرَ مَرَّةً أُخْرَى وَلَوْ قال لِامْرَأَتِهِ إذَا تَظَاهَرْت من فُلَانَةَ امْرَأَةٍ له أُخْرَى فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَظَاهَرَ منها كان من امْرَأَتِهِ التي قال لها ذلك مُتَظَاهِرًا وَلَوْ قال لِامْرَأَتِهِ إذَا تَظَاهَرْت من فُلَانَةَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَظَاهَرَ من الْأَجْنَبِيَّةِ لم يَكُنْ عليه ظِهَارٌ لِأَنَّ ذلك ليس بِظِهَارٍ وَكَذَلِكَ لو قال لها إذَا طَلَّقْتهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَلَّقَهَا لم تَكُنْ امْرَأَتُهُ طَالِقًا لِأَنَّهُ طَلَّقَ غير زَوْجَتِهِ ( قال ) وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ أو عِنْدِي كَأُمِّي أو أَنْتِ مِثْلُ أُمِّي أو أَنْتِ عَدْلُ أُمِّي وَأَرَادَ في الْكَرَامَةِ فَلَا ظِهَارَ وَإِنْ أَرَادَ ظِهَارًا فَهُوَ ظِهَارٌ وَإِنْ قال لَا نِيَّةَ لي فَلَيْسَ بِظِهَارٍ - * مَتَى نُوجِبُ على الْمُظَاهِرِ الْكَفَّارَةَ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) الذي عَلَّقْت مِمَّا سَمِعْت في { يَعُودُونَ لِمَا قالوا } أَنَّ الْمُتَظَاهِرَ حَرُمَ مَسُّ امْرَأَتِهِ بِالظِّهَارِ فإذا أَتَتْ عليه مُدَّةٌ بَعْدَ الْقَوْلِ بِالظِّهَارِ لم يَحْرُمْهَا بِالطَّلَاقِ الذي يَحْرُمُ بِهِ وَلَا شَيْءَ لكون ( ( ( يكون ) ) ) له مَخْرَجٌ من أَنْ تَحْرُمَ عليه بِهِ فَقَدْ وَجَبَ عليه كَفَّارَةُ الظِّهَارِ كَأَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّهُ إذَا أَمْسَكَ ما حَرَّمَ على نَفْسِهِ أَنَّهُ حَلَالٌ فَقَدْ عَادَ لِمَا قال فَخَالَفَهُ فَأَحَلَّ ما حَرَّمَ وَلَا أَعْلَمُ له مَعْنًى أَوْلَى بِهِ من هذا ولم أَعْلَمْ مُخَالِفًا في أَنَّ عليه كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَإِنْ لم يَعُدْ بِتَظَاهُرٍ آخَرَ فلم يَجُزْ أَنْ يُقَالَ لِمَا لم أَعْلَمْ مُخَالِفًا في أَنَّهُ ليس بِمَعْنَى الْآيَةِ وإذا حَبَسَ الْمُتَظَاهِرُ امْرَأَتَهُ بَعْدَ الظِّهَارِ قَدْرَ ما يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ولم يُطَلِّقْهَا فَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ له لَازِمَةٌ وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذلك أو لَاعَنَهَا فَحَرُمَتْ عليه على الْأَبَدِ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَكَذَلِكَ لو مَاتَتْ أو ارْتَدَّتْ فَقُتِلَتْ على الرِّدَّةِ وَمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { من قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا } وَقْتٌ لَأَنْ يُؤَدِّيَ ما أُوجِبَ عليه من الْكَفَّارَةِ فيها قبل الْمُمَاسَّةِ فإذا كانت الْمُمَاسَّةُ قبل الْكَفَّارَةِ فَذَهَبَ الْوَقْتُ لم تَبْطُلْ الْكَفَّارَةُ ولم يَزِدْ عليه فيها كما يُقَالُ له أَدِّ الصَّلَاةَ في وَقْتِ كَذَا وَقَبْلَ وَقْتِ كَذَا فَيَذْهَبُ الْوَقْتُ فَيُؤَدِّيهَا لِأَنَّهَا فَرْضٌ عليه فإذا لم يُؤَدِّهَا في الْوَقْتِ أَدَّاهَا قَضَاءً بَعْدَهُ وَلَا يُقَالُ له زِدْ فيها لِذَهَابِ الْوَقْتِ قبل أَنْ تُؤَدِّيَهَا ( قال ) وَهَكَذَا لو كانت امْرَأَتُهُ معه فَأَصَابَهَا قبل أَنْ يُكَفِّرَ وَاحِدَةً من الْكَفَّارَاتِ أو كَفَّرَ بِالصَّوْمِ فَأَصَابَ في لَيْلِ الصَّوْمِ لم يَنْتَقِضْ صَوْمُهُ وَمَضَى على الْكَفَّارَةِ وَلَوْ تَظَاهَرَ منها ثُمَّ مَاتَ مَكَانَهُ أو مَاتَتْ مَكَانَهَا قبل أَنْ يُمْكِنَهُ أَنْ يُطَلِّقَ لم يَكُنْ عليه ظِهَارٌ وَلَوْ تَظَاهَرَ منها فَأَتْبَعَ التَّظَاهُرَ طَلَاقًا تَحِلُّ له بَعْدَهُ قبل زَوْجٍ له عليها فيه الرَّجْعَةُ أو لَا رَجْعَةَ له لم يَكُنْ عليه بَعْدَ الطَّلَاقِ كَفَّارَةٌ لِأَنَّهُ أَتْبَعَهَا الطَّلَاقَ مَكَانَهُ فَإِنْ رَاجَعَهَا في الْعِدَّةِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ في التي يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا سَاعَةَ نَكَحَهَا لِأَنَّ مُرَاجَعَتَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ أَكْثَرُ من حَبْسِهَا بَعْدَ الظِّهَارِ وهو يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَلَوْ تَظَاهَرَ منها ثُمَّ أَتْبَعَهَا طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ ثُمَّ نَكَحَهَا لم تَكُنْ عليه كَفَّارَةٌ لِأَنَّ هذا مِلْكٌ غيرالملك الْأَوَّلِ الذي كان فيه الظِّهَارُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لو تَظَاهَرَ منها بَعْدَ طَلَاقٍ لَا يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ لم يَكُنْ فيه مُتَظَاهِرًا وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أو طَلَاقًا لَا تَحِلُّ له حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ سَقَطَ عنه الظِّهَارُ وَلَوْ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لم يَكُنْ مُتَظَاهِرًا لِمَا وَصَفْت وَبِأَنَّ طَلَاقَ ذلك الْمِلْكِ قد مَضَى وَحَرُمَتْ ثُمَّ نَكَحَهَا فَكَانَتْ مُسْتَأْنِفَةً حُكْمُهَا حُكْمُ من لم تُنْكَحْ قَطُّ إذَا سَقَطَ الطَّلَاقُ سَقَطَ ما كان في حُكْمِهِ وَأَقَلُّ من ظِهَارٍ وَإِيلَاءٍ وَلَوْ تَظَاهَرَ منها ثُمَّ لَاعَنَهَا مَكَانَهُ بِلَا فَصْلٍ كانت فِرْقَةٌ لها يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَسَقَطَ الظِّهَارُ وَلَوْ حَبَسَهَا بَعْدَ الظِّهَارِ قَدْرَ ما يُمْكِنُهُ اللِّعَانُ فلم يُلَاعِنْ كانت عليه كَفَّارَةُ الظِّهَارِ لَاعَنَ أو لم يُلَاعِنُ وإذا تَظَاهَرَ الْمُسْلِمُ من امْرَأَتِهِ ثُمَّ ارْتَدَّ او ارْتَدَّتْ مع الظِّهَارِ فَإِنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلَامِ في الْعِدَّةِ فَحَبَسَهَا قَدْرَ ما يُمْكِنُهُ الطَّلَاقُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ من نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قالوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } الْآيَةَ

(5/279)


لَزِمَهُ الطهار ( ( ( الظهار ) ) ) وَإِنْ طَلَّقَهَا مع عَوْدَةِ الْمُرْتَدِّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلَامِ أو لم يَعُدْ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلَامِ فَلَا ظِهَارَ عليه إلَّا أَنْ يَتَنَاكَحَا قبل أَنْ تَبِينَ منه بِثَلَاثٍ فَيَعُودُ عليه الظِّهَارُ وإذا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ من امْرَأَتِهِ وَهِيَ امة ثُمَّ عَتَقَتْ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ بالظهار ( ( ( فالظهار ) ) ) لَازِمٌ له لِأَنَّهُ حَبَسَهَا بَعْدَ الظِّهَارِ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فيها الطَّلَاقُ وَلَوْ تَظَاهَرَ منها وَهِيَ أَمَةٌ فلم يُكَفِّرْ حتى اشْتَرَاهَا لم يَكُنْ له أَنْ يَقْرَبَهَا حتى يُكَفِّرَ لِأَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ لَزِمَتْهُ وَهِيَ أَمَةٌ زَوْجَةٌ وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شَاءَ اللَّهُ لم يَكُنْ ظِهَارًا وَإِنْ قال إنْ شَاءَ فُلَانٌ لم يَكُنْ ظِهَارًا حتى يَشَاءَ فُلَانٌ وَكَذَلِكَ إنْ شِئْت فلم تَشَأْ فَلَيْسَ بِظِهَارٍ وَإِنْ شَاءَتْ فَظِهَارٌ وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أو قال وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَهُوَ مُولٍ مُتَظَاهِرٌ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُكَفِّرَ لِلظِّهَارِ من سَاعَتِهِ وَيُقَالُ له إنْ قَدَّمْت الْفَيْئَةَ قبل الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَهُوَ خَيْرٌ لَك وَإِنْ فِئْت كُنْت خَارِجًا بها من حُكْمِ الْإِيلَاءِ وَعَاصِيًا إنْ قَدَّمْتهَا قبل كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَإِنْ أَخَّرْتهَا إلَى أَنْ تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَسَأَلَتْ امْرَأَتُك أَنْ تُوقِفَ للايلاء وُقِفْت فَإِنْ فِئْت خَرَجْت من الْإِيلَاءِ وَإِنْ لم تَفِئْ قِيلَ لَك طَلِّقْ وَإِلَّا طَلَّقْنَا عَلَيْك ثُمَّ هَكَذَا كُلَّمَا رَاجَعْت في الْعِدَّةِ فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ تُوقَفُ كما يُوقَفُ من لَا ظِهَارَ عليه من قِبَلِ أَنَّ الْحَبْسَ عن الْجِمَاعِ جاء من قِبَلِك بِأَمْرٍ أَدْخَلْته على نَفْسِك قَدَّمْت الْإِيلَاءَ قبل الظِّهَارِ أو الظِّهَارَ قبل الإيلاء وإذا قال عند الوقوف أنا أكفر قيل أعتق مكانك أو أطعم إن كنت ممن له أن يطعم وفئ ولا نمهلك أَكْثَرَ مِمَّا يُمْكِنُك ذلك فَإِنْ كُنْت مَرِيضًا فَفَيْأَتُكَ بِاللِّسَانِ وَإِنْ قُلْت أَصُومُ قُلْنَا ذلك شَهْرَانِ وَإِنَّمَا أُمِرْتَ بَعْدَ الْأَشْهُرِ بِأَنْ تَفِيءَ أو تُطَلِّقَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ نَجْعَلَ لَك سَنَةً فَإِنْ قال أَمْهِلْنِي بِالْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ قِيلَ ما أُمْهِلُك بِهِ إلَّا ما أُمْهِلُك إذَا لم يَكُنْ عَلَيْك ظِهَارٌ وَالْفَيْئَةُ في الْيَوْمِ وما أَشْبَهَهُ - * بَابُ عِتْقِ الْمُؤْمِنَةِ في الظِّهَارِ - * قال اللَّهُ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ من نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قالوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ من قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا } (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اسْمُ الرَّجُلِ مُعَاوِيَةُ بن الْحَكَمِ كَذَلِكَ رَوَى الزُّهْرِيُّ وَيَحْيَى بن أبي كَثِيرٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَعْتَقَ صَبِيَّةً أَحَدُ أَبَوَيْهَا مُؤْمِنٌ أَجْزَأَتْ عنه إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّا نُصَلِّي عليها وَنُوَرِّثُهَا وَنَحْكُمُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فإذا وَجَبَتْ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ على الرَّجُلِ وهو وَاجِدٌ لِرَقَبَةٍ أو ثَمَنِهَا لم يُجْزِهِ فيها إلَّا تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ وَلَا تُجْزِئُهُ رَقَبَةٌ على غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يقول في الْقَتْلِ { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ } وكان شَرْطُ اللَّهِ تَعَالَى في رَقَبَةِ الْقَتْلِ إذَا كانت كَفَّارَةً كَالدَّلِيلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ على أَنْ لَا يُجْزِئَ رَقَبَةٌ في الْكَفَّارَةِ إلَّا مُؤْمِنَةً كما شَرَطَ اللَّهُ عز وجل الْعَدْلَ في الشَّهَادَةِ في مَوْضِعَيْنِ وَأَطْلَقَ الشُّهُودَ في ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فلما كانت شَهَادَةً كُلَّهَا اكْتَفَيْنَا بِشَرْطِ اللَّهِ عز وجل فِيمَا شَرَطَ فيه وَاسْتَدْلَلْنَا على أَنَّ ما أَطْلَقَ من الشَّهَادَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى على مِثْلِ مَعْنَى ما شَرَطَ وَإِنَّمَا رَدَّ اللَّهُ عز ذِكْرُهُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ على الْمُسْلِمِينَ لَا على الْمُشْرِكِينَ فَمَنْ أَعْتَقَ في ظهر ( ( ( ظهار ) ) ) غير مُؤْمِنَةٍ فَلَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ فَيُعْتِقَ مُؤْمِنَةً قال وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُعْتِقَ إلَّا بَالِغَةً مُؤْمِنَةً فَإِنْ كانت أَعْجَمِيَّةً فَوَصَفَتْ الْإِسْلَامَ أَجْزَأَتْهُ
أخبرنا مَالِكٌ عن هِلَالِ بن أُسَامَةَ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ عن عُمَرَ بن الْحَكَمِ أَنَّهُ قال أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقُلْت يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ جَارِيَةً لي كانت تَرْعَى غَنَمًا لي فَجِئْتهَا وَفَقَدَتْ شَاةً من الْغَنَمِ فَسَأَلْتهَا عنها فقالت أَكَلَهَا الذِّئْبُ فاسفت عليها وَكُنْت من بَنِي آدَمَ فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ أَفَأَعْتِقُهَا فقال لها رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَيْنَ اللَّهُ فقالت في السَّمَاءِ فقال من أنا فقالت أنت رسول اللَّهِ قال فَأَعْتِقْهَا قال ( ( ( فقال ) ) ) عُمَرُ بن الْحَكَمِ أَشْيَاءُ يا رَسُولَ اللَّهِ كنا نَصْنَعُهَا في الْجَاهِلِيَّةِ كنا نَأْتِي الْكُهَّانَ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ فقال عُمَرُ وَكُنَّا نَتَطَيَّرُ فقال إنَّمَا ذلك شَيْءٌ يَجِدُهُ أحدكم في نَفْسِهِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ

(5/280)


لها حُكْمَ الْإِيمَانِ وَإِنْ أَعْتَقَ مُرْتَدَّةً عن الْإِسْلَامِ لم تُجْزِئْ وَلَوْ رَجَعَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ إيَّاهَا إلَى الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهَا وَهِيَ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ وُلِدَتْ خَرْسَاءَ على الْإِيمَانِ وَكَانَتْ تُشِيرُ بِهِ وَتُصَلِّي أَجْزَأَتْ عنه إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ جَاءَتْنَا من بِلَادِ الشِّرْكِ مَمْلُوكَةً خَرْسَاءَ فَأَشَارَتْ بِالْإِيمَانِ وَصَلَّتْ وَكَانَتْ إشَارَتُهَا تُعْقَلُ فأعتقتها ( ( ( فأعتقها ) ) ) أَجْزَأَتْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُعْتِقَهَا إلَّا أَنْ لَا تَتَكَلَّمَ بِالْإِيمَانِ وَإِنْ سُبِيَتْ صَبِيَّةً مع أَبَوَيْهَا كَافِرَيْنِ فَعَقَلَتْ وَوَصَفَتْ الْإِسْلَامَ إلَّا أنها لم تَبْلُغْ فَأَعْتَقَهَا عن ظِهَارِهِ لم تُجْزِئْ حتى تَصِفَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فإذا فَعَلَتْ فَأَعْتَقَهَا أَجْزَأَتْ عنه وإذا وَصَفَتْ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَأَعْتَقَهَا مَكَانَهُ أَجْزَأَتْ عنه وَوَصْفُهَا الْإِسْلَامَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا غله ( ( ( إله ) ) ) إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ وَتَبْرَأَ مِمَّا خَالَفَ الْإِسْلَامَ من دِينٍ فإذا فَعَلَتْ فَهَذَا كَمَالُ وَصْفِ الْإِسْلَامِ وَأَحَبُّ إلَيَّ لو امْتَحَنَهَا بِالْإِقْرَارِ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وما أَشْبَهَهُ - * من يُجْزِئُ من الرِّقَابِ إذَا أُعْتِقَ وَمَنْ لَا يُجْزِئُ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً عن ظِهَارِهِ وَلَا وَاجِبٍ عليه إلَّا بِنِيَّةٍ يُقَدِّمُهَا قبل الْعِتْقِ أو معه عن الْوَاجِبِ عليه وَجِمَاعُ ذلك أَنْ يَقْصِدَ بِالْعِتْقِ قَصْدَ وَاجِبٍ لَا أَنْ يُرْسِلَ بِلَا نِيَّةٍ إرَادَةَ وَاجِبٍ وَلَا تَطَوُّعٍ وَلَوْ كان على رَجُلٍ ظِهَارٌ فَأَعْتَقَ عنه ( ( ( عند ) ) ) رَجُلٍ عَبْدًا لِلْمُعْتَقِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لم يُجْزِئْهُ وكان وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الذي أَعْتَقَهُ وَلَوْ كان الذي عليه الظِّهَارُ أَعْطَاهُ شيئا على أَنْ يُعْتِقَ عنه عَبْدًا له بِعَيْنِهِ أو لم يُعْطِهِ فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْتِقَ عنه عَبْدًا له فَأَعْتَقَهُ أَجْزَأَهُ وَالْوَلَاءُ لِلَّذِي عليه الظِّهَارُ الذي أُعْتِقَ عنه وَهَذَا منه كَشِرَاءِ مَقْبُوضٍ أو هِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ وَكَمَا اشْتَرَى رَجُلٌ من رَجُلٍ عَبْدًا فلم يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي حتى يُعْتِقَهُ جَازَ عِتْقُهُ وكان ضمانه منه وَالْعِتْقُ أكثر من القبض قال وإذا وجب على الرجل ظهاران أو كفارتان فأعتق عبدا عنهما معا جعله عن أيهما شاء وأعتق غَيْرُهُ عن الْآخَرِ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ قَصْدَ وَاجِبٍ وَلَوْ أَعْتَقَ آخَرُ عنهما أَجْزَأَ بهذا الْمَعْنَى لِأَنَّهُ قد اسْتَكْمَلَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُجْزِئُ في ظِهَارٍ وَلَا رَقَبَةٍ وَاجِبَةٍ رَقَبَةٌ تُشْتَرَى بِشَرْطِ أَنْ تُعْتَقَ لِأَنَّ ذلك يَضَعُ من ثَمَنِهَا وَلَا يُجْزِئُ فيها مُكَاتَبٌ أَدَّى من نُجُومِهِ شيئا أو لم يُؤَدِّ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ من بَيْعِهِ فإذا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ أو اخْتَارَ الْعَجْزَ فَأُعْتِقَ بَعْدَ عَجْزِهِ أو اخْتِيَارِهِ الْعَجْزَ أَجْزَأَهُ وَلَا تُجْزِئُ أُمُّ الْوَلَدِ في قَوْلِ من لَا يَبِيعُهَا وَتُجْزِئُ في قَوْلِ من يَرَى لِلسَّيِّدِ بَيْعَهَا وَيُجْزِئُ الْمُدَبَّرُ لِأَنَّهُ يُبَاعُ وَكَذَلِكَ يُجْزِئُ الْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا له مَرْهُونًا أو جَانِيًا جِنَايَةً فَأَدَّى الرَّهْنَ أو الْجِنَايَةَ أَجْزَأَ عنه وَإِنْ أَعْتَقَ ما في بَطْنِ أَمَتِهِ عن ظِهَارِهِ أو رَقَبَةً لَزِمَتْهُ ثُمَّ وَلَدَتْهُ تَامًّا لم يُجْزِهِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَلَا يَدْرِي أَيَكُونُ أو لَا يَكُونُ وَلَا يُجْزِئُ من الْعِتْقِ إلَّا عِتْقُ من صَارَ إلَى الدُّنْيَا وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا له غَائِبًا فَأَثْبَتَ أَنَّهُ كان حَيًّا يوم وَقَعَ الْعِتْقُ أَجْزَأَ عنه وَإِنْ لم يَثْبُتْ ذلك لم يُجْزِئْ عنه لِأَنَّهُ على غَيْرِ يَقِينٍ من أَنَّهُ أُعْتِقَ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَكُونُ إلَّا لِحَيٍّ وَإِنْ وَجَبَتْ عليه رَقَبَةٌ فَاشْتَرَى من يُعْتَقُ عليه عَتَقَ عليه إذَا مَلَكَهُ وكان عِتْقُهُ وَصَمْتُهُ سَوَاءً سَاعَةَ يَمْلِكُهُ يُعْتَقُ عليه وَلَا يُجْزِئُهُ عِتْقُهُ وَبِأَيِّ وَجْهٍ مَلَكَ عَبْدًا له يَثْبُتُ له عليه الرِّقُّ فَأَعْتَقَهُ بَعْدَ الْمِلْكِ أَجْزَأَ عنه وَلَوْ كان عَبْدٌ بين رَجُلَيْنِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وهو مُوسِرٌ يَنْوِي أَنْ يَكُونَ حُرًّا عن ظِهَارِهِ أَجْزَأَهُ من قِبَلِ أَنَّهُ لم يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُعْتِقَ ولا يرد عتقه ولو كان معسرا فأعتقه عن ظهاره فعتق نصفه ثم ملك نصفه بعد ما أعتقه عن ظهاره أجزأه لأنه أعتق رَقَبَةً تَامَّةً عن ظِهَارِهِ وَلَوْ كان قال لِعَبِيدٍ له أو لكم يَدْخُلُ هذه الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ أَمَرَ أَحَدَهُمْ أَنْ يَدْخُلَ الدَّارَ وَنَوَى أَنْ يُعْتِقَ بِالْحِنْثِ عن ظِهَارِهِ لم يُجْزِهِ إذَا دخل الدَّارَ فَعَتَقَ عليه لِأَنَّهُ يُعْتَقُ بِالْحِنْثِ بِكُلِّ حَالٍ وَيُمْنَعُ من بَقِيَ من رَقِيقِهِ أَنْ يُعْتَقَ بِحِنْثٍ وَلَوْ قال له رَجُلٌ لَك عَلَيَّ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ على أَنْ تُعْتِقَ عَبْدَك فَأَعْتَقَهُ عن ظِهَارِهِ وَأَخَذَ الْعَشَرَةَ لم يُجْزِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَ عليه جُعْلًا وَلَوْ أَخَذَ الْجُعْلَ وَأَعْتَقَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لم يُجْزِهِ وَلَوْ أَبَى الْجُعْلَ أَوَّلًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ عن ظِهَارِهِ أَجْزَأَهُ

(5/281)


عِتْقَ عَبْدَيْنِ عن ظِهَارَيْنِ نِصْفًا بَعْدَ نِصْفٍ قال وإذا أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ عن ظِهَارَيْنِ أو ظِهَارٍ وَقَتْلٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عن الْكَفَّارَتَيْنِ مَعًا جُعِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عن أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ لم يَجْعَلْهُ أَجْزَأَتَا مَعًا لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِمَا قَصْدَ كَفَّارَتَيْنِ وَأَجَزْنَاهُ بِمَا وَصَفْت أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من الْكَفَّارَتَيْنِ قد أَعْتَقَ فيها عَبْدًا تَامًّا نِصْفًا عن وَاحِدَةٍ وَنِصْفًا عن وَاحِدَةٍ ثُمَّ أُخْرَى نِصْفًا عن وَاحِدَةٍ وَنِصْفًا عن وَاحِدَةٍ فَكَمَلَ فيها الْعِتْقُ وَعِتْقُهُ عن نَفْسِهِ لِلظِّهَارِ لَزِمَهُ لاعن امْرَأَتِهِ فإذا قَصَدَ قَصْدَ الْكَفَّارَةِ عن الظِّهَارِ أَجْزَأَتْهُ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ عن ظِهَارٍ وَاحِدٍ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدَهُمَا عن ظِهَارِهِ الذي أَعْتَقَ عنه وَالْآخَرَ عن ظِهَارٍ عليه غَيْرِهِ لم يَكُنْ له ذلك لِأَنَّ عِتْقَهُمَا قد مَضَى لَا يَنْوِي بِهِ إلَّا أَحَدَ الظِّهَارَيْنِ فَيُجْزِئُهُ ما نَوَى وَلَا يُجْزِئُهُ مالم يَنْوِ قال وَلَوْ وَجَبَتْ عليه رَقَبَةٌ فَشَكَّ أَنْ تَكُونَ عن ظِهَارٍ أو قَتْلٍ أو نَذْرٍ فَأَعْتَقَ رَقَبَةً عن أَيُّهَا كان عليه أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ قَصَدَ بها قَصْدَ الْوَاجِبِ ولم يَخْرُجْ ما وَجَبَ عليه من نِيَّتِهِ بِالْعِتْقِ وَإِنْ أَعْتَقَهَا لَا يَنْوِي وَاحِدًا من الذي عليه لم يُجْزِئْهُ وَإِنْ أَعْتَقَهَا عن قَتْلٍ ثُمَّ عَلِمَ أَنْ لم يَكُنْ عليه قَتْلٌ أو ظِهَارٌ ثُمَّ عَلِمَ أَنْ لم يَكُنْ عليه ظِهَارٌ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا عن الذي عليه لم تُجْزِئْ عنه لِأَنَّهُ أَعْتَقَهَا على نِيَّةِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لم يَجِبْ عليه وَأَخْرَجَ الْوَاجِبَ عليه فَأَعْتَقَ عنه وَلَا يُجْزِئُ عنه أَنْ يَصْرِفَ النِّيَّةَ إلَى غَيْرِهِ مِمَّا قد أَخْرَجَهُ من نِيَّتِهِ في الْعِتْقِ وَلَوْ أَعْتَقَ جَارِيَةً عن ظِهَارِهِ وَاسْتَثْنَى ما في بَطْنِهَا أَجْزَأَتْ عنه وما في بَطْنِهَا حُرٌّ وَلَوْ أَعْتَقَهَا عن ظِهَارٍ على أَنْ تُعْطِيَهُ شيئا لم يُجْزِهِ وَلَوْ أَبْطَلَ الشَّيْءَ عنها بَعْدَ الْعِتْقِ لم يُجْزِهِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهَا على جُعْلٍ وَإِنْ تَرَكَهُ وَلَوْ كان قال لها أُعْتِقُك على كَذَا فقالت نعم ثُمَّ أَبْطَلَ ذلك فَأَعْتَقَهَا على غَيْرِ جُعْلٍ يَنْوِي بها أَنْ تُعْتَقَ عن ظِهَارِهِ أَجْزَأَتْهُ - * ما يُجْزِئُ من الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ وما لَا يُجْزِئُ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ كُلَّ رَقَبَةٍ مُجْزِئَةٌ عَمْيَاءَ وَقَطْعَاءَ وَمَعِيبَةً ما كان الْعَيْبُ إذَا كانت فيه الْحَيَاةُ لِأَنَّهَا رَقَبَةٌ وَكَانَتْ الْآيَةُ مُحْتَمِلَةً أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بها بَعْضُ الرِّقَابِ دُونَ بَعْضٍ قال ولم أَرَ أَحَدًا مِمَّنْ مَضَى من أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا حكى لي عنه وَلَا بَقِيَ خَالَفَ في أَنَّ من ذَوَاتِ النَّقْصِ من الرِّقَابِ مالا يُجْزِئُ فَدَلَّ ذلك على أَنَّ الْمُرَادَ من الرِّقَابِ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ قال ولم أَعْلَمْ مُخَالِفًا مِمَّنْ مَضَى في أَنَّ من ذَوَاتِ النَّقْصِ ما يُجْزِئُ فَدَلَّ ذلك على أَنَّ من ذَوَاتِ الْعَيْبِ ما يُجْزِئُ قال ولم أَرَ شيئا أَعْدَلَ في مَعْنَى ما ذَهَبُوا إلَيْهِ إلَّا ما أَقُولُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وجماعه أَنَّ الْأَغْلَبَ فِيمَا يُتَّخَذُ له الرَّقِيقُ الْعَمَلُ وَلَا يَكُونُ الْعَمَلُ تَامًّا حتى تَكُونَ يَدَا الْمَمْلُوكِ بَاطِشَتَيْنِ وَرِجْلَاهُ مَاشِيَتَيْنِ وَيَكُونُ له بَصَرٌ وَإِنْ كان عَيْنًا وَاحِدَةً وَيَكُونُ يَعْقِلُ فإذا كان هَكَذَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ كان أَبْكَمَ أو أَصَمَّ أو أَحْمَقَ أو يُجَنُّ وَيُفِيقُ أو ضَعِيفَ الْبَطْشِ أو الْمَشْيِ أو أَعْوَرَ أو مَعِيبًا عَيْبًا لَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا وَأَنْظُرُ كُلَّ نَقْصٍ كان في الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَإِنْ كان يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا لم يُجْزِ عنه وَإِنْ كان لَا يَضُرُّ بِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا أَجْزَأَهُ وَاَلَّذِي يَضُرُّ بِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا قَطْعُ أو شَلَلُ الْيَدِ كُلِّهَا أو شَلَلُ الْإِبْهَامِ أو قَطْعُهَا وَذَلِكَ في الْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى مَعًا وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا على الِانْفِرَادِ بَيِّنَةُ الضَّرَرِ بِالْعَمَلِ وَاَلَّذِي لَا يَضُرُّ ضَرَرًا بَيِّنًا شَلَلُ الْخِنْصَرِ أو قَطْعُهَا فَإِنْ قُطِعَتْ التي إلَى جَنْبِهَا من يَدِهَا أَضَرَّ ذلك بِالْعَمَلِ فلم يُجْزِ وَإِنْ قُطِعَتْ إحْدَاهُمَا من يَدٍ وَالْأُخْرَى من يَدٍ أُخْرَى لم يَضُرَّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا ثُمَّ اُعْتُبِرَ هذا في الرِّجْلَيْنِ على هذا الْمَعْنَى وَاعْتُبِرَهُ في الْبَصَرِ فَإِنْ كان ذَاهِبَ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ ضَعِيفَ الْأُخْرَى ضَعْفًا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا لم يَجُزْ وَإِنْ لم يَكُنْ يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا أَجْزَأَهُ وَسَوَاءٌ هذا في الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَتُجْزِئُ الْأُنْثَى الرَّتْقَاءُ وَالذَّكَرُ الْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ وَلَيْسَ هذا من الْعَمَلِ بِسَبِيلٍ وَتُجْزِئُ الرِّقَابُ مع كل عَيْبٍ لَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا وَاَلَّذِي يُفِيقُ وَيُجَنُّ يُجْزِئُ وإذا كان الْجُنُونُ مُطْبِقًا لم يُجْزِ وَيُجْزِئُ الْمَرِيضُ لِأَنَّهُ قد يُرْجَى أَنْ يَصِحَّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ }

(5/282)


وَالصَّغِيرُ لِأَنَّهُ قد يَكْبُرُ وَإِنْ لم يَكْبُرْ ولم يَصِحَّ وَسَوَاءٌ أَيُّ مَرِيضٍ ما كان مالم يَكُنْ مَعْضُوبًا عَضَبًا لَا يَعْمَلُ معه عَمَلًا تَامًّا أو قَرِيبًا من التَّمَامِ كما وَصَفْت - * من له الْكَفَّارَةُ بِالصِّيَامِ في الظِّهَارِ - *
قال اللَّهُ عز وجل { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ من قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاَللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لم يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ من قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا } (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وحكم ( ( ( وحكمه ) ) ) وَقْتَ مَرَضِهِ في الْكَفَّارَةِ حين يُكَفِّرُ كما حُكْمِهِ في الصَّلَاةِ حين يُصَلِّي بِوُضُوءٍ أو تَيَمُّمٍ أو مَرِيضٍ أو صَحِيحٍ ( قال الرَّبِيعُ ) وقد قال مَرَّةً حُكْمُهُ يوم يَحْنَثُ في الْكَفَّارَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان عِنْدَ الْكَفَّارَةِ غير وَاجِدٍ فَعَرَضَ عليه رَجُلٌ أَنْ يَهَبَ له عَبْدًا أو أَوْصَى له أو تَصَدَّقَ عليه بِهِ أو مَلَّكَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ ما كان الْمِلْكُ لم يَكُنْ عليه قَبُولُهُ وكان له رَدُّهُ وَالِاخْتِيَارُ له قَبُولُهُ وَعِتْقُهُ غير الْمِيرَاثِ فإذا وَرِثَهُ لَزِمَهُ وكان عليه عِتْقُهُ أو عِتْقُ غَيْرِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ اشْتَرَاهُ على نِيَّةِ أَنْ يُعْتِقَهُ كان له أَنْ يَسْتَرِقَّهُ وَيُعْتِقَ غَيْرَهُ وَلَا يَجِبُ عليه عِتْقُ عَبْدٍ اشْتَرَاهُ أَبَدًا حتى يُعْتِقَهُ أو يُوجِبَ عِتْقَهُ تَبَرُّرًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كان له الصِّيَامُ فلم يَدْخُلْ في الصِّيَامِ حتى أَيْسَرَ فَعَلَيْهِ الْعِتْقُ وَإِنْ دخل فيه قبل أَنْ يُوسِرَ ثُمَّ ايسر كان له أَنْ يَمْضِيَ في الصِّيَامِ وَالِاخْتِيَارُ له أَنْ يَدَعَ الصَّوْمَ وعتق ( ( ( ويعتق ) ) ) كما يَتَيَمَّمُ فَتَحِلُّ له الصَّلَاةُ فَإِنْ لم يَدْخُلْ فيها حتى يَجِدَ الْمَاءَ لم يَكُنْ له أَنْ يُصَلِّيَ حتى يَتَوَضَّأَ وَإِنْ دخل فيها ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ كان له أَنْ يَمْضِيَ في صَلَاتِهِ وَإِنْ قال لِعَبْدٍ له أنت حُرٌّ السَّاعَةَ عن الظِّهَارِ أن تَظَهَّرَ بِهِ كان حُرًّا السَّاعَةَ ولم يُجْزِهِ عن ظِهَارٍ أَنْ يتظهره لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ ولم يَجِبْ عليه الظِّهَارُ ولم يَكُنْ لِسَبَبٍ منه وَكَذَلِكَ لو أَطْعَمَ مَسَاكِينَ فقال هذا عن يَمِينٍ إنْ حَنِثْت بها ولم يَحْلِفْ لم يُجْزِهِ لِأَنَّهُ لم يَكُنْ بِسَبَبٍ من الْيَمِينِ وَالسَّبَبُ أَنْ يَحْلِفَ ثُمَّ يُكَفِّرَ قبل أَنْ يَحْنَثَ فيحزئه ( ( ( فيجزئه ) ) ) ذلك كما يَكُونُ له الْمَالُ فَيُؤَدِّي زَكَاتَهُ قبل يَحُولَ الْحَوْلُ فَيُجْزِئُهُ لِأَنَّ بيده سَبَبَ ما تَكُونُ بِهِ الزَّكَاةُ وَلَوْ لم يَكُنْ بيده مَالٌ فيه زَكَاةٌ فَتَصَدَّقَ بِدَرَاهِمَ لم يُجْزِهِ لِأَنَّهُ لم يَكُنْ بِسَبَبٍ من زَكَاةٍ أو قال عن مَالٍ إنْ أَفَدْته فَوَجَبَتْ عَلَيَّ فيه الزَّكَاةُ ثُمَّ أَفَادَ مَالًا فيه زَكَاةٌ لم يُجْزِهِ لِأَنَّهُ لم يَكُنْ بِسَبَبٍ من زَكَاةٍ - * الْكَفَّارَةُ بِالصِّيَامِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ وَجَبَ عليه أَنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ في الظِّهَارِ لم يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَا مُتَتَابِعَيْنِ كما قال اللَّهُ عز ذِكْرُهُ وَمَتَى أَفْطَرَ من عُذْرٍ أو غَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ وَلَا يَعْتَدَّ بِمَا مَضَى من صَوْمِهِ وَكَذَلِكَ إنْ صَامَ في الشَّهْرَيْنِ يَوْمًا من الْأَيَّامِ التي نهى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عنها وَهِيَ خَمْسٌ يَوْمُ الْفِطْرِ وَيَوْمُ الْأَضْحَى وَأَيَّامُ مِنًى الثَّلَاثُ بَعْدَ النَّحْرِ اسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ بَعْدَ مُضِيِّهِنَّ ولم يَعْتَدَّ بِهِنَّ وَلَا بِمَا كان قَبْلَهُنَّ وَاعْتَدَّ بِمَا بَعْدَهُنَّ وَمَتَى دخل عليه شَيْءٌ يُفْطِرُهُ في يَوْمٍ من صَوْمِهِ اسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ حتى يَأْتِيَ بِالشَّهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ليس فِيهِمَا فِطْرٌ وإذا صَامَ بِالْأَهِلَّةِ صَامَ هِلَالَيْنِ وَإِنْ كَانَا تِسْعَةً أو ثَمَانِيَةً وَخَمْسِينَ أو سِتِّينَ يَوْمًا وإذا صَامَ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمٍ من الْهِلَالِ أو أَكْثَرَ صَامَ بِالْعَدَدِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا لم يَجِدْ الْمُتَظَاهِرُ رَقَبَةً يُعْتِقُهَا وكان يُطِيقُ الصَّوْمَ فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ وَمَنْ كان له مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ وَلَيْسَ له مَمْلُوكٌ غَيْرُهُ وَلَا ما يَشْتَرِي بِهِ مَمْلُوكًا غَيْرَهُ كان له الصَّوْمُ وَمَنْ كان له مَمْلُوكٌ غَيْرُ خَادِمِهِ وَمَسْكَنٌ كان عليه أَنْ يُعْتِقَ وَكَذَلِكَ لو كان له ثَمَنُ مَمْلُوكٍ كان عليه أَنْ يَشْتَرِيَ مَمْلُوكًا فَيُعْتِقَهُ ( قال ) فَإِنْ تَرَكَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ وهو وَاجِدٌ فَأُعْسِرَ كان له أَنْ يَصُومَ وَلَوْ وَجَبَتْ عليه كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وهو مُعْسِرٌ أو أُعْسِرَ بَعْدَهَا قبل أَنْ يُكَفِّرَ ثُمَّ أَيْسَرَ قبل أَنْ يَدْخُلَ في الصَّوْمِ كان عليه أَنْ يُعْتِقَ ولم يَكُنْ له أَنْ يَصُومَ في حَالٍ هو فيها مُوسِرٌ

(5/283)


الشَّهْرَ الْأَوَّلَ وَبِالْهِلَالِ الشَّهْرَ الثَّانِيَ ثُمَّ أَكْمَلَ على الْعَدَدِ الْأَوَّلِ بِتَمَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ( قال ) وَلَوْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ بِلَا نِيَّةٍ لِلظِّهَارِ لم يُجْزِهِ حتى يُقَدِّمَ النِّيَّةَ قبل الدُّخُولِ في الصَّوْمِ وَلَوْ نَوَى أَنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَصَامَ أَيَّامًا ثُمَّ نَوَى أَنْ يُحِيلَ الصَّوْمَ بَعْدَ الْأَيَّامِ تَطَوُّعًا فَصَامَ أَيَّامًا أو يَوْمًا يَنْوِي بِهِ التَّطَوُّعَ ثُمَّ وَصَلَ صَوْمَهُ يَنْوِي بِهِ صَوْمَ الشَّهْرَيْنِ بِالشَّهْرَيْنِ الْوَاجِبَيْنِ عليه لم يَعْتَدَّ بِمَا مَضَى من صَوْمِهِ قبل الْأَيَّامِ التي تَطَوَّعَ بها وَلَا بِصَوْمِ الْأَيَّامِ التي تَطَوَّعَ فيها وَاعْتَدَّ بِصَوْمِهِ من يَوْمِ نَوَى فلم يَفْصِلْ بَيْنَهُ بِتَطَوُّعٍ وَلَا فِطْرٍ وَلَوْ نَوَى صَوْمَ يَوْمٍ فَأُغْمِيَ عليه فيه ثُمَّ أَفَاقَ قبل اللَّيْلِ أو بَعْدَهُ ولم يُطْعِمْ أَجْزَأَهُ إذَا دخل فيه قبل الفجر ولا فطر ولو نوى صوم يوم فأغمي عليه فيه ثم أفاق قبل الليل أو بعده ولم يطعم أجزأه إذا دخل فيه قبل الْفَجْرِ وهو يَعْقِلُهُ وَلَوْ أُغْمِيَ عليه قبل الْفَجْرِ لم يُجْزِهِ لِأَنَّهُ لم يَدْخُلْ في الصَّوْمِ وهو يَعْقِلُهُ وَلَوْ أُغْمِيَ عليه فيه وفي يَوْمٍ بَعْدَهُ أو في أَكْثَرَ ولم يُطْعِمْ اسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ لِأَنَّ حُكْمَهُ في الْيَوْمِ الذي أُغْمِيَ عليه قبل أَنْ يُفِيقَ أَنَّهُ غَيْرُ صَائِمٍ عن ظِهَارٍ لِأَنَّهُ لَا يَعْقِلُهُ ( قال ) وَلَوْ صَامَ مُسَافِرًا أو مُقِيمًا أو مَرِيضًا عن ظِهَارٍ شَهْرَيْنِ أَحَدُهُمَا شَهْرُ رَمَضَانَ لم يُجْزِهِ وَاسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ لَا يُجْزِئُ رَمَضَانُ من غَيْرِهِ لِأَنَّهُ إذَا رُخِّصَ له في فِطْرِهِ بِالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ فَإِنَّمَا يُخَفَّفُ عنه فإذا لم يُخَفِّفْهُ عن نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ تَطَوُّعًا وَلَا صَوْمًا عن غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ شَهْرَيْنِ وَيَقْضِيَ شَهْرَ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ صَامَهُ بِغَيْرِ نِيَّةِ شَهْرِ رَمَضَانَ ( قال ) وَلَا يُجْزِئُهُ في صَوْمٍ وَاجِبٍ عليه إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ بِنِيَّتِهِ قبل الْفَجْرِ فَإِنْ لم يَتَقَدَّمْ بِنِيَّتِهِ قبل الْفَجْرِ لم يُجْزِهِ ذلك الْيَوْمُ وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كُلَّ يَوْمٍ منه على حِدَتِهِ قبل الْفَجْرِ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ منه غَيْرُ صَاحِبِهِ وَإِنْ دخل في يَوْمٍ منه بِنِيَّةٍ تُجْزِئُهُ ثُمَّ عَزَبَتْ عنه النِّيَّةُ في آخِرِ يَوْمِهِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ بِالدُّخُولِ لَا في كل طَرْفَةِ عَيْنٍ منه فإذا أَحَالَ النِّيَّةَ فيه إلَى أَنْ يَجْعَلَهُ تَطَوُّعًا أو وَاجِبًا غير الذي دخل بِهِ فيه لم يُجْزِهِ وَاسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ بَعْدَهُ وَلَوْ كان عليه ظِهَارَانِ فَصَامَ شَهْرَيْنِ عن أَحَدِهِمَا وَلَا يَنْوِي عن أَيِّهِمَا هو كان له أَنْ يَجْعَلَهُ عن أَيِّهِمَا شَاءَ وَيُجْزِئُهُ وَكَذَلِكَ لو صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عنهما وَهَكَذَا لو كانت عليه ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ فَأَعْتَقَ مَمْلُوكًا له ليس له غَيْرُهُ وَصَامَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ مَرِضَ فَأَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا يَنْوِي بِجَمِيعِ هذه الْكَفَّارَاتِ الظِّهَارَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لم يَنْوِ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا كان مُجْزِئًا عنه لِأَنَّ نِيَّتَهُ على كل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَدَاؤُهَا عن كَفَّارَةِ يَمِينٍ لَزِمَتْهُ وَسَوَاءٌ كَفَّرَ أَيَّ كَفَّارَاتِ الظِّهَارِ شَاءَ مِمَّا يَجُوزُ كانت امْرَأَتُهُ عِنْدَهُ أو مَيِّتَةً أو عِنْدَ زَوْجٍ غَيْرِهِ أو مُرْتَدَّةً أو بِأَيِّ حَالٍ كانت (1) قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ فَمَنْ تَظَاهَرَ ولم يَجِدْ رَقَبَةً ولم يَسْتَطِعْ حين يُرِيدُ الْكَفَّارَةَ عن الظِّهَارِ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ بِمَرَضٍ أو عِلَّةٍ ما كانت أَجْزَأَهُ أَنْ يُطْعِمَ قال وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُطْعِمَ أَقَلَّ من سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا من طَعَامِ بَلَدِهِ الذي يَقْتَاتُهُ حِنْطَةً أو شَعِيرًا أو أُرْزًا أو تَمْرًا أو سُلْتًا أو زَبِيبًا أو أَقِطًا وَلَوْ أَطْعَمَ ثَلَاثِينَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ بَعْدَ ما وَجَبَ عليه الظِّهَارُ فَأَعْتَقَ عَبْدًا عن ظِهَارِهِ في رِدَّتِهِ وُقِفَ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ أَجْزَأَ عنه لِأَنَّهُ قد أَدَّى ما عليه كما لو كان عليه دَيْنٌ فَأَدَّاهُ بريء منه وَهَكَذَا لو كان مِمَّنْ عليه إطْعَامُ مَسَاكِينَ فَأَطْعَمَهُمْ في رِدَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ لم يَكُنْ عليه أَنْ يَعُودَ وَهَكَذَا لو كان قِصَاصًا أو حَدًّا فَأُخِذَ منه في رِدَّتِهِ لم يَعُدْ عليه لِأَنَّ هذا إخْرَاجُ شَيْءٍ من مَالِهِ أو عُقُوبَةٌ على بَدَنِهِ لِمَنْ وَجَبَتْ له فَإِنْ قِيلَ فَهَذَا لَا يُكْتَبُ له أَجْرُهُ وَلَا يُكَفَّرُ بِهِ عنه قِيلَ وَالْحُدُودُ نَزَلَتْ كَفَّارَاتٌ لِلذُّنُوبِ وَحَدَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَهُودِيَّيْنِ بِالرَّجْمِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أنها لَيْسَتْ كَفَّارَةً لَهُمَا بِخِلَافِهِمَا في دِينِ الْإِسْلَامِ وَلَكِنَّهَا كانت عُقُوبَةً عَلَيْهِمَا فَأُخِذَتْ وَإِنْ لم تُكْتَبْ لَهُمَا وَلَوْ كان عليه صَوْمٌ فَصَامَهُ في رِدَّتِهِ لم يُجْزِهِ لِأَنَّ الصَّوْمَ عَمَلٌ على الْبَدَنِ وَالْعَمَلُ على الْبَدَنِ لَا يُجْزِئُ عنه وَلَا يُجْزِئُ إلَّا لِمَنْ يُكْتَبُ له - * الْكَفَّارَةُ بِالْإِطْعَامِ - * قال اللَّهُ تَعَالَى { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ من قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ به وَاَللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لم يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ من قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا }

(5/284)


مِسْكِينًا مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ في يَوْمٍ وَاحِدٍ أو أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ لم يُجْزِهِ إلَّا عن ثَلَاثِينَ وكان مُتَطَوِّعًا بِمَا زَادَ كُلَّ مِسْكِينٍ على مُدٍّ لِأَنَّ مَعْقُولًا عن اللَّهِ عز وجل إذَا أَوْجَبَ طَعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ منهم غَيْرُ الْآخَرِ كما كان ذلك مَعْقُولًا عنه في عَدَدِ الشُّهُودِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا أَوْجَبَ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ ثَمَنَ الطَّعَامِ أَضْعَافًا وَلَا يُعْطِيهِمْ إلَّا مَكِيلَةَ طَعَامٍ لِكُلٍّ وَاحِدٍ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُغَدِّيَهُمْ وَإِنْ أَطْعَمَهُمْ سِتِّينَ مُدًّا أو أَكْثَرَ لِأَنَّ أَخْذَهُمْ الطَّعَامَ يَخْتَلِفُ فَلَا أَدْرِي لَعَلَّ أَحَدَهُمْ يَأْخُذُ أَقَلَّ من مُدٍّ وَالْآخَرَ أَكْثَرَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّمَا سَنَّ مَكِيلَةَ الطَّعَامِ في كل ما أَمَرَ بِهِ من كَفَّارَةٍ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ دَقِيقًا وَلَا سَوِيقًا وَلَا خُبْزًا حتى يُعْطِيَهُمْ حَبًّا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكْسُوَهُمْ مَكَانَ الطَّعَامِ وَكُلُّ مِسْكِينٍ أَعْطَاهُ مُدًّا أَجْزَأَ عنه ما خَلَا أَنْ يَكُونَ مِسْكِينًا يُجْبَرُ على نَفَقَتِهِ فإنه لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَ مِسْكِينًا يُجْبَرُ على نَفَقَتِهِ وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا مِسْكِينٌ مُسْلِمٌ وَسَوَاءٌ الصَّغِيرُ منهم وَالْكَبِيرُ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُطْعِمَ عَبْدًا وَلَا مُكَاتَبًا وَلَا أَحَدًا على غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أَعْطَى رَجُلًا وهو يَرَاهُ مِسْكِينًا فَعَلِمَ بَعْدُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ وهو غَنِيٌّ أَعَادَ الْكَفَّارَةَ لِمِسْكِينٍ غَيْرِهِ وَلَوْ شَكَّ في غِنَاهُ بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَهُ على أَنَّهُ مِسْكِينٌ فَلَيْسَتْ عليه إعَادَةٌ وَمَنْ قال له إنِّي مِسْكِينٌ وَلَا يَعْلَمُ غِنَاهُ أَعْطَاهُ وَسَوَاءٌ السَّائِلُ من الْمَسَاكِينِ وَالْمُتَعَفِّفُ في أَنَّهُ يُجْزِئُ ( قال ) وَيُكَفِّرُ في الطَّعَامِ قبل الْمَسِيسِ لِأَنَّهَا في مَعْنَى الْكَفَّارَةِ قَبْلَهَا - * تَبْعِيضُ الْكَفَّارَةِ - * (1) قال الشَّافِعِيُّ وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَكُلُّ كَفَّارَةٍ وَجَبَتْ على أَحَدٍ بِمُدِّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَخْتَلِفُ الْكَفَّارَاتُ وَكَيْفَ تَخْتَلِفُ وَفَرْضُ اللَّهِ عز وجل تَنَزَّلَ على رَسُولِهِ وَسَنَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ما يَدُلُّ على أَنَّهُ بمده ( ( ( يمده ) ) ) وَكَيْف يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمُدِّ من لم يُولَدْ في عَهْدِهِ أو بِمُدٍّ أُحْدِثَ بَعْدَ مُدِّهِ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ + * كِتَابُ اللِّعَانِ + * ( أخبرنا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ ) قال ( أخبرنا الشَّافِعِيُّ ) قال قال اللَّهُ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لم يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } الْآيَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ثُمَّ لم أَعْلَمْ مُخَالِفًا في أَنَّ ذلك إذَا طَلَبَتْ ذلك الْمَقْذُوفَةُ الْحُرَّةُ ولم يَأْتِ الْقَاذِفُ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ يُخْرِجُونَهُ من الْحَدِّ وَهَكَذَا كُلُّ ما أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَحَدٍ وَجَبَ على الْإِمَامِ أَخْذُهُ له إنْ طَلَبَهُ أَخَذَهُ له بِكُلِّ حَالٍ فَإِنْ قال قَائِلٌ فما الْحُجَّةُ في ذلك قِيلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى اسْمُهُ { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ في الْقَتْلِ } فَبَيَّنَ أَنَّ السُّلْطَانَ لِلْوَلِيِّ ثُمَّ بَيَّنَ فقال في الْقِصَاصِ { فَمَنْ عُفِيَ له من أَخِيهِ شَيْءٌ } فَجَعَلَ الْعَفْوَ إلَى الْوَلِيِّ وقال { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ من قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وقد فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أو يَعْفُوَ الذي بيده عُقْدَةُ النِّكَاحِ } فَأَبَانَ فيه هذه الْآيَاتِ أَنَّ الْحُقُوقَ لِأَهْلِهَا وقال في الْقَتْلِ { النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } إلَى قَوْلِهِ { وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ } قال فَأَبَانَ اللَّهُ عز وجل أَنَّ ليس حَتْمًا أَنْ يَأْخُذَ هذا من وَجَبَ له وَلَا أَنَّ حَتْمًا أَنْ يَأْخُذَهُ الْحَاكِمُ لِمَنْ وَجَبَ له وَلَكِنْ حَتْمًا أَنْ يَأْخُذَهُ الْحَاكِمُ لِمَنْ وَجَبَ له إذَا طَلَبَهُ ( قال ) وإذا قَذَفَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ فلم تَطْلُبْ الْحَدَّ حتى فَارَقَهَا أو لم يُفَارِقْهَا ولم تُعْفِهِ ثُمَّ طَلَبَتْهُ الْتَعَنَ أو حُدَّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَكُونُ له أَنْ يُبَعِّضَ الْكَفَّارَةَ وَلَا يُكَفِّرُ إلَّا كَفَّارَةً كَامِلَةً من أَيِّ الْكَفَّارَاتِ كَفَّرَ لَا يَكُونُ له أَنْ يُعْتِقَ نِصْفَ رَقَبَةٍ ثُمَّ لَا يَجِدُ غَيْرَهَا فَيَصُومُ شَهْرًا وَلَا يَصُومُ شَهْرًا ثُمَّ يَمْرَضُ فَيُطْعِمُ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا وَلَا يُطْعِمُ مع نِصْفِ رَقَبَةٍ حتى يُكَفِّرَ أَيَّ الْكَفَّارَاتِ وَجَبَتْ عليه بِكَمَالِهَا ( قال ) وَإِنْ فَرَّقَ الطَّعَامَ في أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ أَجْزَأَهُ إذَا أتى على سِتِّينَ مِسْكِينًا

(5/285)


إنْ أَبَى أَنْ يَلْتَعِنَ وَكَذَلِكَ لو مَاتَتْ كان لِوَلِيِّهَا أَنْ يَقُومَ بِهِ فَيَلْتَعِنُ الزَّوْجُ أو يُحَدُّ وقال اللَّهُ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ولم يَكُنْ لهم شُهَدَاءُ إلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ } إلَى قَوْلِهِ { أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عليها إنْ كان من الصَّادِقِينَ } (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ عز وجل اللِّعَانَ على الْأَزْوَاجِ مُطْلَقًا كان اللِّعَانُ على كل زَوْجٍ جَازَ طَلَاقُهُ وَلَزِمَهُ الْفَرْضُ وَكَذَلِكَ على كل زَوْجَةٍ لَزِمَهَا الْفَرْضُ وَسَوَاءٌ كان الزَّوْجَانِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ أو كان أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ مَمْلُوكًا أو كَانَا مَمْلُوكَيْنِ مَعًا أو كان الزَّوْج مُسْلِمًا وَالزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً أو كَانَا ذِمِّيَّيْنِ تَحَاكَمَا إلَيْنَا لِأَنَّ كُلًّا زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ يَجِبُ عليه الْفَرْضُ في نَفْسِهِ دُونَ صَاحِبِهِ وفي نَفْسِهِ لِصَاحِبِهِ وَلِعَانُهُمْ كُلِّهِمْ سَوَاءٌ لَا يَخْتَلِفُ الْقَوْلُ فيه وَالْقَوْلُ في نَفْيِ الْوَلَدِ وَتَخْتَلِفُ الْحُدُودُ لِمَنْ وَقَعَتْ له وَعَلَيْهِ وَسَوَاءٌ في ذلك الزَّوْجَانِ الْمَحْدُودَانِ في قَذْفِ والأعميان وَكُلُّ زَوْجٍ يَجِبُ عليه فَرْضٌ وسوءا ( ( ( وسواء ) ) ) قال الزَّوْجُ رايتها تَزْنِي أو قال زَنَتْ أو قال يا زَانِيَةُ كما يَكُونُ ذلك سَوَاءً إذَا قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً وإذا قَذَفَ الزَّوْجُ الذي لَا حَدَّ عليه امْرَأَتَهُ وَهِيَ مِمَّنْ عليه الْحَدُّ أو مِمَّنْ لَا حَدَّ عليه فَسَوَاءٌ وَلَا حَدَّ عليه وَلَا لِعَانَ وَلَا فُرْقَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلَا يَنْفِي الْوَلَدَ إنْ نَفَاهُ عنه وَلَا طَلَاقَ له لو طَلَّقَهَا وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ وَكُلُّ مَغْلُوبٍ على عَقْلِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كانت الْغَلَبَةُ على الْعَقْلِ غير السُّكْرِ لِأَنَّ الْقَوْلَ وَالْفِعْلَ يَلْزَمُ السَّكْرَانَ وَلَا يَلْزَمُ الْفِعْلُ وَلَا الْقَوْلُ من غُلِبَ على عَقْلِهِ بِغَيْرِ سُكْرٍ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ لم يَسْتَكْمِلْ خَمْسَ عَشَرَةَ أو يَحْتَلِمْ قَبْلَهَا وَإِنْ كان عَاقِلًا فَلَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ وَلَا لِعَانٌ ( قال ) وَمَنْ عَزَبَ عَقْلُهُ من مَرَضٍ في حَالٍ فَأَفَاقَ في أُخْرَى فما صَنَعَ في حَالِ عُزُوبِ عَقْلِهِ سَقَطَ عنه وما صَنَعَ في الْحَالِ التي يَثُوبُ فيها عَقْلُهُ لَزِمَهُ طَلَاقٌ وَلِعَانٌ وَقَذْفٌ وَغَيْرُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فقالت الْمَرْأَةُ قَذَفْتَنِي في حَالِ إفَاقَتِك وقال ما قَذَفْتُك في حَالِ إفَاقَتِي وَلَئِنْ كُنْت قَذَفْتُك ما قَذَفْتُك إلَّا وأنا مَغْلُوبٌ على عَقْلِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ إذَا كانت الْمَرْأَةُ تُقِرُّ او كان يُعْلَمُ أَنَّهُ يَذْهَبُ عَقْلُهُ وَلَوْ قَذَفَهَا فقال قَذَفْتُك وَعَقْلِي ذَاهِبٌ من مَرَضٍ وَقَالَتْ ما كُنْت ذَاهِبَ الْعَقْلِ فَإِنْ لم يُعْلَمْ أَنَّهُ كان في الْوَقْتِ الذي قَذَفَهَا فيه وَقَبْلَهُ وَمَعَهُ في مَرَضٍ قد يَذْهَبُ عَقْلُهُ فيه فَلَا يُصَدِّقُ وهو قَاذِفٌ يَلْتَعِنُ أو يُحَدُّ وَإِنْ عُلِمَ ذلك صُدِّقَ وَحَلَفَ ( قال ) وإذا كان الزَّوْجُ أَخْرَسَ يَعْقِلُ الْإِشَارَةَ وَالْجَوَابَ أو يَكْتُبُ فَيَعْقِلُ فَقَذَفَ لَاعَنَ بِالْإِشَارَةِ أو حُدَّ فَإِنْ لم يَعْقِلْ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَإِنْ اسْتَطْلَقَ لِسَانَهُ فقال قد قَذَفْت ولم يَلْتَعِنْ حُدَّ إلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ وَإِنْ قال لم أَقْذِفْ ولم أَلْتَعِنْ لم يُحَدَّ وَلَا تُرَدُّ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ بِقَوْلِهِ لم أَلْتَعِنْ وقد أَلْزَمْنَاهُ الْفُرْقَةَ بِحَالٍ وَيَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُمْسِكَهَا وَكَذَلِكَ لو طَلَّقَ فَأَلْزَمْنَاهُ الطَّلَاقَ ثُمَّ أَفَاقَ فقال ما طَلَّقْت لم نَرُدَّهَا إلَيْهِ وَوَسِعَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى الْمَقَامُ عليها وَلَوْ أَصَابَهُ هذا من مَرَضٍ تَرَبَّصُوا بِهِ حتى يُفِيقَ او يَطُولَ ذلك بِهِ وَيُشِيرُ إشَارَةً تُعْقَلُ أو يَكْتُبُ كِتَابًا يُعْقَلُ فَيَصِيرُ كَالْأَخْرَسِ الذي وُلِدَ أَخْرَسَ ( قال ) وإذا كانت هِيَ الْخَرْسَاءُ لم نُكَلِّفْهَا لِعَانَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ تَعْقِلُ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لها في الْفُرْقَةِ وَلَا نَفْيِ الْوَلَدِ وَلِأَنَّهَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَانَ بَيِّنًا في كِتَابِ اللَّهِ عز وجل أَنَّ اللَّهَ أَخْرَجَ الزَّوْجَ من قَذْفِ الْمَرْأَةِ بِشَهَادَتِهِ { أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عليه إنْ كان من الْكَاذِبِينَ } كما أَخْرَجَ قَاذِفَ الْمُحْصَنَةِ غَيْرِ الزَّوْجَةِ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ يَشْهَدُونَ عليها بِمَا قَذَفَهَا بِهِ من الزنى وَكَانَتْ في ذلك دَلَالَةٌ أَنْ ليس على الزَّوْجِ أَنْ يلتعن ( ( ( يلعن ) ) ) حتى تَطْلُبَ الْمَرْأَةُ الْمَقْذُوفَةُ حَدَّهَا وَكَمَا ليس على قَاذِفِ الْأَجْنَبِيَّةِ حَدٌّ حتى تَطْلُبَ حَدَّهَا ( قال ) وَكَانَتْ في اللَّعَّانِ أَحْكَامٌ بِسُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم منها الْفُرْقَةُ بين الزَّوْجَيْنِ وَنَفْيُ الْوَلَدِ قد ذَكَرْنَاهَا في مَوَاضِعِهَا - * من يُلَاعِنُ من الْأَزْوَاجِ وَمَنْ لَا يُلَاعِنُ - *

(5/286)


غَيْرُ قَاذِفَةٍ لِأَحَدٍ يَسْأَلُ أَنْ نَأْخُذَ له حَقَّهُ فَإِنْ قِيلَ فَعَلَيْهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى قِيلَ لَا يَجِبُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أو اعْتِرَافٍ وَهِيَ لَا تَعْقِلُ الِاعْتِرَافَ وَإِنْ كانت تَعْقِلُ كما تَعْقِلُ الْإِشَارَةَ أو الْكِتَابَةَ الْتَعَنَتْ وَإِنْ لم تَلْتَعِنْ حُدَّتْ إنْ كانت لَا يُشَكُّ في عَقْلِهَا فَإِنْ شُكَّ في عَقْلِهَا لم تُحَدَّ إنْ أَبَتْ الِالْتِعَانَ وَلَوْ قالت له قَذَفْتنِي فَأَنْكَرَ وَأَتَتْ بِشَاهِدَيْنِ أَنَّهُ قَذَفَهَا لَاعَنَ وَإِنْ لم يُلَاعِنْ حُدَّ وَلَيْسَ إنْكَارُهُ إكْذَابًا لِنَفْسِهِ بِقَذْفِهَا إنَّمَا هو جَحْدُ أَنْ يَكُونَ قَذَفَهَا ( قال ) وَلَوْ قَذَفَهَا قبل بُلُوغِهِ بِسَاعَةٍ ثُمَّ بَلَغَ فَطَلَبَتْ الِالْتِعَانَ أو الْحَدَّ لم يَكُنْ لها إلَّا أَنْ يُحْدِثَ لها قَذْفًا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَذَلِكَ لو قَذَفَهَا مَغْلُوبًا على عَقْلِهِ ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ ذلك بِسَاعَةٍ ( قال ) وَلَا يَكُونُ على الزَّوْجِ لِعَانٌ حتى تَطْلُبَ ذلك الزَّوْجَةُ فَإِنْ قَذَفَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الْبَالِغَةَ فَتَرَكَتْ طَلَبَ ذلك لم يَكُنْ عليه لِعَانٌ وَإِنْ مَاتَتْ فَتَرَكَ ذلك وَرَثَتُهَا لم يَكُنْ عليه لِعَانٌ وَإِنْ اعْتَرَفَتْ بالزنى الذي قَذَفَهَا بِهِ لم يَكُنْ عليه لِعَانٌ وَإِنْ شَاءَ هو أَنْ يَلْتَعِنَ لِيُوجِبَ عليها الْحَدَّ وَتَقَعَ الْفُرْقَةُ وَيَنْفِيَ وَلَدًا إنْ كان كان ذلك له وَلَوْ كانت مَحْدُودَةً في زِنًا ثُمَّ قَذَفَهَا بِذَلِكَ الزنى أو زِنًا كان في غَيْرِ مِلْكِهِ عُزِّرَ إنْ طَلَبَتْ ذلك إنْ لم يَلْتَعِنْ وَإِنْ أَرَدْنَا حَدَّهُ لِامْرَأَتِهِ او تَعْزِيرَهُ لها قبل اللِّعَانِ أو بَعْدَ اللِّعَانِ فَأَكْذَبَ نَفْسَهُ وَأَلْحَقَ بِهِ وَلَدَهَا فَأَرَادَتْ امْرَأَتُهُ الْعَفْوَ عنه أو تَرَكَتْهُ فلم تَطْلُبْهُ لم نَحُدَّهُ وَلَا نَحُدُّهُ إلَّا بِأَنْ تَكُونَ طَالِبَةً بِحَدِّهَا غير عَافِيَةٍ عنه وَلَوْ كانت زَوْجَتُهُ ذِمِّيَّةً فَقَذَفَهَا أو مَمْلُوكَةً أو جَارِيَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا ولم تَبْلُغْ فَقَذَفَهَا بالزنى وَطَلَبَتْ أَنْ يُعَزَّرَ قِيلَ له إنْ الْتَعَنْت خَرَجْت من أَنْ تُعَزَّرَ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَك وَبَيْنَ زَوْجَتِك وَإِنْ لم تَلْتَعِنْ عُزِّرْت وَهِيَ زَوْجَتُك بِحَالِهَا وَإِنْ الْتَعَنْت وَأَبَتْ أَنْ تَلْتَعِنَ فَكَانَتْ كِتَابِيَّةً أو صَبِيَّةً لم تَبْلُغْ لم تَلْتَعِنْ ولم تُحَدَّ الْكِتَابِيَّةُ الْبَالِغُ إلَّا أَنْ تَأْتِيَنَا طَالِبَةً لِحُكْمِنَا وَإِنْ كانت مَمْلُوكَةً بَالِغَةً فَعَلَيْهَا خَمْسُونَ جَلْدَةً وَنَفْيُ نِصْفِ سَنَةٍ وَإِنْ قُلْنَ نَحْنُ نَلْتَعِنُ الْتَعَنَتْ الْمَمْلُوكَةُ لِيَسْقُطَ الْحَدُّ وَلَا الْتِعَانَ على صَبِيَّةٍ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ عليها وَلَا أُجْبِرُ النَّصْرَانِيَّةَ على الِالْتِعَانِ إلَّا أَنْ تَرْغَبَ في أَنْ نَحْكُمَ عليها فَتَلْتَعِنَ فَإِنْ لم تَفْعَلْ حَدَدْنَاهَا إنْ ثَبَتَتْ على الرِّضَا بِحُكْمِنَا وَإِنْ رَجَعَتْ عنه تَرَكْنَاهَا فَإِنْ كانت زَوْجَتُهُ خَرْسَاءَ أو مَغْلُوبَةً على عَقْلِهَا فَقَذَفَهَا قِيلَ له إنْ الْتَعَنْت فَرَّقْنَا بَيْنَك وَبَيْنَهَا وَإِنْ انْتَفَيْت من حَمْلٍ أو وَلَدِهَا فَلَاعَنْت نَفَيْنَاهُ عَنْك مع الْفُرْقَةِ وَإِنْ لم تَلْتَعِنْ فَهِيَ امْرَأَتُك وَلَا نُجْبِرُك على الِالْتِعَانِ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْك وَلَا تَعْزِيرَ إذَا لم تَطْلُبْهُ وَهِيَ لَا يُطْلَبُ مِثْلُهَا وَنَحْنُ لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا لو عَقَلَتْ اعْتَرَفَتْ فَسَقَطَ ذلك كُلُّهُ عَنْك ( قال ) وَإِنْ الْتَعَنَ فَلَا حَدَّ على الْخَرْسَاءِ وَلَا الْمَغْلُوبَةِ على الْعَقْلِ وَلَوْ طَلَب أَوْلِيَاؤُهَا أَنْ يَلْتَعِنَ الزَّوْجُ أو يُحَدَّ لم يَكُنْ ذلك لهم وَكَذَلِكَ لو قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ أَمَةٌ بَالِغَةٌ فلم تَطْلُبْهُ فَطَلَبَ سَيِّدُهَا أَنْ يَلْتَعِنَ أو يُعَزَّرَ أو قَذَفَ صَغِيرَةً فَطَلَب ذلك وَلِيُّهَا لم يَكُنْ ذلك لِوَاحِدٍ منهم وَإِنَّمَا الْحَقُّ في ذلك لها فَإِنْ لم تَطْلُبْهُ لم يَكُنْ لِأَحَدٍ يَطْلُبُهُ لها ما كانت حَيَّةً وَلَوْ لم تَطْلُبْهُ وَاحِدَةٌ من هَؤُلَاءِ وَلَا كَبِيرَةٌ قَذَفَهَا زَوْجُهَا ولم تُعْفِهِ الْكَبِيرَةُ ولم تَعْتَرِفْ حتى مَاتَتْ أو فُورِقَتْ فَطَلَبَهُ وَلِيُّهَا بَعْدَ مَوْتِهَا أو هِيَ بَعْدَ فِرَاقِهَا كان على الزَّوْجِ أَنْ يَلْتَعِنَ أو يُحَدَّ لِلْكَبِيرَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ وَيُعَزَّرَ لِغَيْرِهَا ( قال ) وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ ثُمَّ قَذَفَهَا في الْعِدَّةِ فَطَلَبَتْ الْقَذْفَ لَاعَنَ فَإِنْ لم يَفْعَلْ حُدَّ وَإِنْ الْتَعَنَ فَعَلَيْهَا الِالْتِعَانُ فَإِنْ لم تَلْتَعِنْ حُدَّتْ لِأَنَّهَا في مَعَانِي الْأَزْوَاجِ وَهَكَذَا لو مَضَتْ الْعِدَّةُ وقد قَذَفَهَا في الْعِدَّةِ ( قال ) وإذا كان الطَّلَاقُ لَا يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ فَقَذَفَهَا في الْعِدَّةِ أو كان يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ فَقَذَفَهَا بَعْد مُضِيِّ الْعِدَّةِ بِزِنًا نَسَبَهُ إلَى أَنَّهُ كان وَهِيَ زَوْجَتُهُ أو لم يَنْسُبْهُ إلَى ذلك فَطَلَبَتْ حَدَّهَا حُدَّ وَلَا لِعَانَ إنْ لم يَكُنْ يَنْفِي بِهِ وَلَدًا وَلَدَتْهُ أو حَمْلًا يَلْزَمُهُ ( قال ) وَإِنَّمَا حَدَدْته إذَا قَذَفَهَا وَهِيَ بَائِنٌ منه أنها زَوْجَةٍ وَلَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ بِسَبَبِ النِّكَاحِ وَلَدَ يَلْزَمُ نَسَبُهُ وَلَا حُكْمَ منحكم الْأَزْوَاجِ فَكَانَتْ مُحْصَنَةً مَقْذُوفَةً فَإِنْ قال قَائِلٌ افرايت إنْ ظَهَرَ بها حَمْلٌ أو حَدَثَ لها وَلَدٌ يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِهِ فَانْتَفَى منه بِأَنْ
____________________

(5/287)


قَذَفَهَا وَالْقَذْفُ كان وَهِيَ غَيْرُ زَوْجَةٍ كَيْفَ لَاعَنْت بَيْنَهُمَا قِيلَ له إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كما أَلْحَقْت الْوَلَدَ بِهِ وَإِنْ كانت بَائِنًا منه بِأَنَّهَا كانت زَوْجَتَهُ فَجَعَلْت حُكْمَ وَلَدِهَا منه غي ( ( ( غير ) ) ) رحكمها ( ( ( حكمها ) ) ) مُنْفَرِدَةً دُونَ الْوَلَدِ بِأَنَّهَا كانت زَوْجَةً فَكَذَلِكَ لَاعَنْت بَيْنَهُمَا بِالْوَلَدِ لِأَنَّهَا كانت زَوْجَةً أَلَا تَرَى أنها في لُحُوقِ الْوَلَدِ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا منه كَهِيَ لو كانت معه وَكَذَلِكَ يَلْتَعِنُ وَيَنْفِيهِ وإذانفى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْوَلَدَ وَهِيَ زَوْجَةٌ فَأَزَالَ الْفِرَاشَ كان الْوَلَدُ بعد ما تَبِينُ أَوْلَى أَنْ يُنْفَى أوفي مِثْلِ حَالِهِ قبل أَنْ تَبِينَ وَلَوْ قال رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ قد وَلَدْت هذا الْوَلَدَ وَلَيْسَ بِابْنِي قِيلَ له ما أَرَدْت فَإِنْ قال زَنَتْ بِهِ لَاعَنَ أو حُدَّ إذَا طَلَبَتْ ذلك وإذا لَاعَنَ نُفِيَ عنه وَإِنْ سَكَتَ لم يُنْفَ عنه ولم يُلَاعِنْ فَإِنْ طَلَبَتْ الْحَدَّ حَلَفَ ما أَرَادَ قَذْفَهَا فَإِنْ حَلَفَ بريء وَإِنْ نَكَلَ حُدَّ أو لَاعَنَ وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ قد تُسْتَدْخَلُ الْمَرْأَةُ مَاءَ الرَّجُلِ فَتَحْبَلُ فَلِذَلِكَ لم أَجْعَلْهُ قَذْفًا وَلَا أُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا حتى يَقْذِفَهَا بالزنى فَيُحَدَّ أو يَلْتَعِنَ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الذي جَعَلَ اللَّهُ عز وجل فيه اللِّعَانَ لَا غَيْرُ وَلَوْ قال قد حَبَسَك رَجُلٌ أو فَتَّشَك أو نَالَ مِنْك ما دُونَ الْجِمَاعِ لم يُلَاعِنْهَا لِأَنَّ هذا ليس بِقَذْفٍ في زِنًا وَعُزِّرَ لها إنْ طَلَبَتْ ذلك قال وَلَوْ قال لها أَصَابَك رَجُلٌ في دُبُرِك فَطَلَبَتْ ذلك حدا ( ( ( حد ) ) ) ولاعن لِأَنَّ هذا جِمَاعٌ يَجِبُ عليها بِهِ الْحَدُّ وَلَا يُحَدُّ لها إلَّا في الْقَذْفِ بِجِمَاعٍ يَجِبُ عليها فيه حَدٌّ لو فَعَلَتْهُ وَحُدَّ على مُجَامَعَتِهَا إذَا كان حَرَامًا وَلَوْ قال لها عَبِثَتْ بِك امْرَأَةٌ فَأَفْحَشُ لم يُحَدَّ ولم يُلَاعِنْ وَيُعَزَّرُ إنْ طَلَبَتْ ذلك وَلَوْ قال لها رَكِبْت أَنْتِ رَجُلًا حتى غَابَ ذلك منه في ذلك مِنْك كان قَذْفًا يُلَاعِنُ بِهِ أو يُحَدُّ لِأَنَّ عَلَيْهِمَا مَعًا الْحَدَّ وَلَوْ قال لها وَهِيَ زَوْجَةٌ زَنَيْت قبل أَنْ أَنْكِحَك فَلَا لِعَانَ وَيُحَدُّ إنْ طَلَبَتْ ذلك وَلَوْ قال لها بعد ما تَبِينُ منه زَنَيْت وَأَنْتِ امْرَأَتِي وَلَا وَلَدَ وَلَا حَبَلَ يَنْفِيهِ حُدَّ ولم يُلَاعِنْ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ غير زَوْجَتِهِ وَلَوْ قال لِامْرَأَتِهِ يا زَانِيَةُ بِنْتُ الزَّانِيَةِ وَأُمُّهَا حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ غَيْرُ حَاضِرَةٍ فَطَلَبَتْ امْرَأَتُهُ حَدَّ أُمِّهَا لم يَكُنْ لها وإذا طَلَبَتْهُ أُمُّهَا أو وَكِيلُهَا حُدَّ لها إنْ لم يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ على ما قال قال وَمَتَى طَلَبَتْ امْرَأَتُهُ حَدَّهَا كان عليه أَنْ يَلْتَعِنَ أو يُحَدَّ وَلَوْ طلبتاه ( ( ( طلبناه ) ) ) جميعا حُدَّ لِلْأُمِّ مَكَانَهُ وَقِيلَ له الْتَعِنْ لِامْرَأَتِك فَإِنْ لم يَلْتَعِنْ حُبِسَ حتى يَبْرَأَ جِلْدُهُ فإذا بَرَأَ حُدَّ إلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ وَمَتَى أَبَى اللِّعَانَ فَجَلَدْتُهُ ثُمَّ رَجَعَ فقال أنا أَلْتَعِنُ قَبِلْت رُجُوعَهُ وَإِنْ لم يَبْقَ إلَّا سَوْطٌ وَاحِدٌ وَلَا شَيْءَ له فِيمَا مَضَى من الضَّرْبِ - * أَيْنَ يَكُونُ اللِّعَانُ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ بِمَكَّةَ أو الْمَدِينَةِ أو غَيْرِهِمَا فَلَاعَنَ بين الزَّوْجَيْنِ في غَيْرِ الْمَسْجِدِ لم يُعِدْ اللِّعَانَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ قد مضى ( ( ( قضي ) ) ) اللِّعَانُ عَلَيْهِمَا وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ قد مَضَى بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ إنْ لَاعَنَ ولم يَحْضُرْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ قال وإذا كان الزَّوْجَانِ مُشْرِكَيْنِ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا مَعًا في الْكَنِيسَةِ وَحَيْثُ يُعَظِّمَانِ وإذا كَانَا مُشْرِكَيْنِ لَا دِينَ لَهُمَا تَحَاكَمَا إلَيْنَا لَاعَنَ بَيْنَهُمَا في مَجْلِسِ الْحُكْمِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى ( ( ( روي ) ) ) وي أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَاعَنَ بين الزَّوْجَيْنِ على الْمِنْبَرِ فإذا لَاعَنَ الْحَاكِمُ بين الزَّوْجَيْنِ بِمَكَّةَ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا بين الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ فإذا لَاعَنَ بَيْنَهُمَا بِالْمَدِينَةِ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا على الْمِنْبَرِ وإذا لَاعَنَ بَيْنَهُمَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا في مَسْجِدِهِ وَكَذَلِكَ يُلَاعِنُ بين كل زَوْجَيْنِ في مَسْجِدِ كل بَلَدٍ قال وَيَبْدَأُ فَيُقِيمُ الرَّجُلَ قَائِمًا وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةٌ فَيَلْتَعِنُ ثُمَّ يُقِيمُ الْمَرْأَةَ قَائِمَةً فَتَلْتَعِنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَحَدِهِمَا عِلَّةٌ لَا يَقْدِرُ على الْقِيَامِ مَعَهَا فَيَلْتَعِنُ جَالِسًا أو مُضْطَجِعًا إذَا لم يَقْدِرْ على الْجُلُوسِ وَإِنْ كانت الْمَرْأَةُ حَائِضًا الْتَعَنَ الزَّوْجُ في الْمَسْجِدِ وَالْمَرْأَةُ على بَابِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كان الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَالزَّوْجَةُ مُشْرِكَةً الْتَعَنَ الزَّوْجُ في الْمَسْجِدِ وَالزَّوْجَةُ في الْكَنِيسَةِ وَحَيْثُ تُعَظِّمُ وَإِنْ شَاءَتْ الزَّوْجَةُ الْمُشْرِكَةُ أَنْ تُحْضِرَ الزَّوْجَ في الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا حَضَرَتْهُ إلَّا أنها لَا تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هذا }

(5/288)


- * أَيُّ الزَّوْجَيْنِ يَبْدَأُ بِاللِّعَانِ - * (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى وَيَبْدَأُ الرَّجُلُ بِاللَّعَّانِ حتى يُكْمِلَهُ فإذا أَكْمَلَهُ خَمْسًا الْتَعَنَتْ الْمَرْأَةُ وَإِنْ أَخْطَأَ الْحَاكِمُ فَبَدَأَ بِالْمَرْأَةِ قبل الزَّوْجِ فَالْتَعَنَتْ أو بَدَأَ بِالرَّجُلِ فلم يُكْمِلْ اللِّعَانَ حتى أَمَرَ الْمَرْأَةَ تَلْتَعِنَ فَالْتَعَنَتْ فإذا أَكْمَلَ الرَّجُلُ اللِّعَانَ عَادَتْ الْمَرْأَةُ فَالْتَعَنَتْ وَلَوْ لم يَبْقَ من لِعَانِ الرَّجُلِ إلَّا حَرْفٍ وَاحِدٍ من قِبَلِ ان اللَّهَ عزوجل بَدَأَ بِالرَّجُلِ في اللِّعَانِ فَلَا يَجِبُ على الْمَرْأَةِ لِعَانٌ حتى يُكْمِلَ الرَّجُلُ اللِّعَانَ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لها في اللِّعَانِ إلَّا رَفْعَ الْحَدِّ عن نَفْسِهَا وَالْحَدُّ لَا يَجِبُ حتى يَلْتَعِنَ الرَّجُلُ ثُمَّ يَجِبُ لِأَنَّهَا تَدْفَعُ الْحَدَّ عن نَفْسِهَا بِالِالْتِعَانِ وَإِلَّا حُدَّتْ وإذا بَدَأَ الرَّجُلُ فَالْتَعَنَ قبل أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمُ أو بعد ما أَتَاهُ قبل أَنْ يَأْمُرَهُ بِالِالْتِعَانِ أو الْمَرْأَةُ أو هُمَا أَعَادَ أَيُّهُمَا بَدَأَ قبل أَمْرِ الحاك ( ( ( الحاكم ) ) ) إيَّاهُ بِالِالْتِعَانِ لِأَنَّ رُكَانَةَ أتى رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ البتة وَحَلَفَ له فَأَعَادَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْيَمِينَ على رُكَانَةَ ثُمَّ رَدَّ إلَيْهِ امْرَأَتَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ بِأَمْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ولم يَرُدَّ امْرَأَتَهُ إلَيْهِ قبل حَلِفِهِ بِأَمْرِهِ
( أخبرنا الرَّبِيعُ ) قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ قال حدثني بن شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بن سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أخبره أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ جاء إلَى عَاصِمِ بن عَدِيٍّ فقال له أَرَأَيْت يا عَاصِمُ لو أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مع امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ سَلْ لي يا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن ذلك فلما رَجَعَ عَاصِمٌ إلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ فقال يا عَاصِمُ مَاذَا قال لَك رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ لم تَأْتِنِي بِخَيْرٍ قد كَرِهَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمَسْأَلَةَ التي سَأَلْته عنها فقال عُوَيْمِرٌ وَاَللَّهِ لَا أَنْتَهِي حتى أَسْأَلَهُ فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حتى أتى رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَسْطَ الناس فقال يا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت رَجُلًا وَجَدَ مع امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قد أُنْزِلَ فِيك وفي صَاحِبَتِك فَاذْهَبْ فَأْتِ بها فقال سَهْلُ بن سَعْدٍ فَتَلَاعَنَا وأنا مع الناس عِنْدَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فلما فَرَغَا قال عُوَيْمِرٌ لقد كَذَبْت عليها يا رَسُولَ اللَّهِ إنْ أَمْسَكْتهَا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قبل أَنْ يَأْمُرَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال بن شِهَابٍ فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةً في الْمُتَلَاعِنَيْنِ
أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن بن شِهَابٍ عن سَهْلٍ بن سعد أخبره قال جاء عويمر العجلاني إلى عاصم بن عدي فقال يا عاصم سل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رَجُلٍ وَجَدَ مع امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ أَيُقْتَلُ بِهِ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ فَسَأَلَ عَاصِمٌ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَعَابَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمَسَائِلَ فَلَقِيَهُ عُوَيْمِرٌ فقال ما صَنَعْت فقال إنَّك لم تَأْتِنِي بِخَيْرٍ سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَعَابَ الْمَسَائِلَ فقال عُوَيْمِرٌ وَاَللَّهِ لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَلَأَسْأَلَنَّهُ فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ قد أُنْزِلَ عليه فِيهِمَا فَدَعَا بِهِمَا فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا فقال عُوَيْمِرٌ لَئِنْ انْطَلَقْت بها لقد كَذَبْت عليها فَفَارَقَهَا قبل أَنْ يَأْمُرَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم اُنْظُرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ به بِهِ اسحم أَدْعَجَ عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ فَلَا أَرَاهُ إلَّا قد صَدَقَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أَرَاهُ إلَّا كَاذِبًا فَجَاءَتْ بِهِ على النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ قال بن شِهَابٍ فَصَارَتْ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ
أخبرنا عبد اللَّهِ بن نَافِعٍ عن بن أبي ذِئْبٍ عن بن شِهَابٍ عن سَهْلِ بن سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ عُوَيْمِرًا جاء إلَى عَاصِمٍ فقال أَرَأَيْت رَجُلًا وَجَدَ مع امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ أَتَقْتُلُونَهُ سَلْ لي يا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَسَأَلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَكَرِهَ الْمَسَائِلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَعَابَهَا فَرَجَعَ عَاصِمٌ إلَى عُوَيْمِرٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَرِهَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا فقال عُوَيْمِرٌ وَاَللَّهِ لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَجَاءَهُ وقد نَزَلَ الْقُرْآنُ خِلَافَ عَاصِمٍ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال قد أَنْزَلَ اللَّهُ عز وج

(5/289)


فِيكُمَا الْقُرْآنَ فَتَقَدَّمَا فَتَلَاعَنَا ثُمَّ قال كَذَبْت عليها يا رَسُولَ اللَّهِ إنْ أَمْسَكْتُهَا فَفَارَقَهَا وما أَمَرَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَمَضَتْ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم انظرها ( ( ( انظروها ) ) ) فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أَحْسَبُهُ إلَّا قد كَذَبَ عليها وَإِنْ جَاءَتْ به أَسْحَمَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ فَلَا أَحْسَبُهُ إلَّا قد صَدَقَ عليها فَجَاءَتْ بِهِ على النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ
( أخبرنا الشَّافِعِيُّ ) قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن أبيه عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ وعبيدالله بن عبد اللَّهِ بن عُتْبَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إنْ جَاءَتْ بِهِ أشيقر سَبِطًا فَهُوَ لِزَوْجِهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُدَيْعِجَ فَهُوَ لِلَّذِي يَتَّهِمُهُ قال فَجَاءَتْ بِهِ أُدَيْعِجَ
أخبرنا سَعِيدُ بن سَالِمٍ عن بن جُرَيْجٍ عن بن شِهَابٍ عن سَهْلِ بن سَعْدٍ أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ أَنَّ رَجُلًا من الْأَنْصَارِ جاء النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال يا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت رَجُلًا وَجَدَ مع امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل في شَأْنِهِ ما ذُكِرَ في الْقُرْآنِ من أَمْرِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قد قضى فِيك وفي امْرَأَتِك قال فَتَلَاعَنَا وأنا شَاهِدٌ ثُمَّ فَارَقَهَا عِنْدَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَكَانَتْ السُّنَّةُ بَعْدَهُمَا أَنْ يُفَرَّقَ بين الْمُتَلَاعِنَيْنِ قال وَكَانَتْ حَامِلًا فَأَنْكَرَهُ فَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إلَى أُمِّهِ
أخبرنا سُفْيَانُ عن أبي الزِّنَادِ عن الْقَاسِمِ بن مُحَمَّدٍ قال شَهِدْت بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنهما يحدث بِحَدِيثِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فقال له بن شَدَّادٍ أَهِيَ التي قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لو كُنْت رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتهَا فقال بن عَبَّاسٍ لَا تِلْكَ امْرَأَةٌ كانت قد أَعْلَنَتْ
أخبرنا عبد الْعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ بن يَزِيدَ بن الهاد ( ( ( الهادي ) ) ) عن عبد اللَّهِ بن يُونُسَ أَنَّهُ سمع الْمَقْبُرِيَّ يحدث الْقُرَظِيَّ قال الْمَقْبُرِيُّ حدثني أبو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سمع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْمُلَاعَنَةِ قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ على قَوْمٍ من ليس منهم فَلَيْسَتْ من اللَّهِ في شَيْءٍ وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ تَعَالَى جَنَّتَهُ وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وهو يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ تَعَالَى منه وَفَضَحَهُ بِهِ على رؤوس الْخَلَائِقِ من الْأَوَّلِينَ والاخرين سَمِعْت سُفْيَانَ بن عُيَيْنَةَ يقول أخبرنا عَمْرُو بن دِينَارٍ عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ عن بن عُمَرَ ان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ حِسَابُكُمَا على اللَّهِ عز وجل أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ لَا سَبِيلَ لَك عليها فقال يا رَسُولَ اللَّهِ مالي فقال لَا مَالَ لَك إنْ كُنْت صَدَقْت عليها فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْت من فَرْجِهَا وَإِنْ كُنْت كَذَبْت عليها فَذَلِكَ أَبْعَدُ لَك منها أو منه
أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن أَيُّوبَ بن أبي تَمِيمَةَ عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ قال سَمِعْت بن عُمَرَ يقول فَرَّقَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بين أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ وقال هَكَذَا بِإِصْبَعَيْهِ الْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى فَقَرَنَهَا وَاَلَّتِي تَلِيهَا يَعْنِي الْمُسَبِّحَةَ وقال اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ
أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ في زَمَانِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَانْتَفَى من وَلَدِهَا فَفَرَّقَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ - * كَيْفَ اللِّعَانُ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قَذَفَهَا بِأَحَدٍ يُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ وَاحِدٍ أو اثْنَيْنِ أو أَكْثَرَ قال مع كل شَهَادَةٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إني لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ من الزنى بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ اللِّعَانُ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ لِلزَّوْجِ قُلْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ زَوْجَتِي فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ وَيُشِيرُ إلَيْهَا إنْ كانت حَاضِرَةً من الزنى ثُمَّ يَعُودُ فَيَقُولُهَا حتى يُكْمِلَ ذلك أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فإذا أَكْمَلَ أَرْبَعًا وَقَفَهُ الْإِمَامُ وَذَكَّرَهُ اللَّهَ وقال إنِّي أَخَافُ إنْ لم تَكُنْ صَدَقْت أَنْ تَبُوءَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ فَإِنْ رَآهُ يُرِيدُ أَنْ يَمْضِيَ أَمَرَ من يَضَعُ يَدَهُ على فيه وَيَقُولُ إنَّ قَوْلَك وَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كُنْت من الْكَاذِبِينَ مُوجِبَةٌ إنْ كُنْت كَاذِبًا فَإِنْ أَبَى تَرَكَهُ وقال قُلْ عَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كُنْت من الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ فُلَانَةَ من الزنى

(5/290)


وقال عِنْدَ الِالْتِعَانِ وَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كُنْت من الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ من الزنى بِفُلَانٍ أو فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَإِنْ كان معه ( ( ( معها ) ) ) وَلَدٌ فَنَفَاهُ أو بها حَبَلٌ فَانْتَفَى منه قال مع كل شَهَادَةٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ من الزنى وإن هذا الْوَلَدَ وَلَدُ زِنًا ما هو مِنِّي وَإِنْ كان حَمْلًا قال وإن هذا الْحَمْلَ إنْ كان بها حَمْلٌ لَحَمْلٌ من الزنى ما هو مِنِّي وقال في الِالْتِعَانِ وَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كُنْت من الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ من الزنى وَأَنَّ هذا الْوَلَدَ وَلَدُ زِنًا ما هو مِنِّي فإذا قال هذا فَقَدْ فَرَغَ من الِالْتِعَانِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ في أَيْمَانِهَا وَالْتِعَانِهَا لَاعَنَهَا بِنَفْيِ وَلَدٍ أو حَمْلٍ أو بِلَا وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لها في الْوَلَدِ وَالْوَلَدُ وَلَدُهَا بِكُلِّ حَالٍ وَإِنَّمَا يُنْفَى عنه هو أو يُثْبَتُ قال وَسَوَاءٌ كُلُّ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ بَالِغَيْنِ لَيْسَا بِمَغْلُوبَيْنِ على عُقُولِهِمَا في الْمَوْضِعِ الذي يَلْتَعِنَانِ فيه وَالْقَوْلُ الذي يَلْتَعِنَانِ بِهِ حُرَّيْنِ او مَمْلُوكِينَ أو حُرٍّ وَمَمْلُوكٍ وَسَوَاءٌ الْكَافِرَانِ أو أَحَدُهُمَا كَافِرٌ في الْقَوْلِ الذي يَلْتَعِنَانِ بِهِ وَيَخْتَلِفَانِ في الْمَوْضِعِ الذي يَلْتَعِنَانِ فيه قال وَإِنْ لم يُلَاعِنْ بَيْنَهُمَا الْإِمَامُ قَائِمَيْنِ وَلَا على الْمِنْبَرِ أو لم يَحْضُرْهُمَا أَرْبَعٌ أو لم يَحْضُرْ أَحَدُهُمَا وَحَضَرَ الْآخَرُ لم يُرَدَّ عَلَيْهِمَا اللِّعَانُ - * ما يَكُونُ بَعْدَ الْتِعَانِ الزَّوْجِ من الْفُرْقَةِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَحَدِّ الْمَرْأَةِ - * ( أخبرنا الرَّبِيعُ ) قال + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا أَكْمَلَ الزَّوْجُ الشَّهَادَةَ وَالِالْتِعَانَ فَقَدْ زَالَ فِرَاشُ امْرَأَتِهِ وَلَا تَحِلُّ له أَبَدًا بِحَالٍ وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لم تَعُدْ إلَيْهِ الْتَعَنَتْ أو لم تَلْتَعِنْ حُدَّتْ أو لم تُحَدَّ قال وَإِنَّمَا قُلْت هذا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَكَانَتْ فِرَاشًا فلم يَجُزْ أَنْ يُنْفَى الْوَلَدُ عن الْفِرَاشِ إلَّا بِأَنْ يَزُولَ الْفِرَاشُ فَلَا يَكُونُ فِرَاشٌ أَبَدًا وقد
أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَرَّقَ بين الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وكان مَعْقُولًا في حُكْمِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا أَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ أَنَّهُ نَفَاهُ عن أبيه وَأَنَّ نَفْيَهُ عن أبيه بِيَمِينِهِ وَالْتِعَانِهِ لَا بِيَمِينِ أُمِّهِ على كَذِبِهِ بِنَفْيِهِ وَمَعْقُولٌ في إجْمَاعِ الناس أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ أُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَجُلِدَ الْحَدَّ لِأَنَّ لَا مَعْنَى للمراة في نَفْيِهِ وَأَنَّ الْمَعْنَى لِلزَّوْجِ بِمَا وَصَفْت من نَفْيِهِ وَكَيْفَ يَكُونُ لها مَعْنًى في يَمِينِ الزَّوْجِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَإِلْحَاقِهِ وَالْوَلَدُ بِكُلِّ حَالٍ وَلَدُهَا لَا ينفي عنها إنَّمَا عنه يُنْفَى وَإِلَيْهَا يُنْسَبُ إذَا نُسِبَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا أَكْمَلَ الزَّوْجُ اللِّعَانَ فَقَدْ بَانَتْ منه امْرَأَتُهُ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ النَّسَبُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَخْطَأَ الْإِمَامُ ولم يذكر نَفْيَ الْوَلَدِ أو الْحَمْلِ في الِالْتِعَانِ قال لِلزَّوْجِ إنْ أَرَدْت نَفْيَهُ أَعَدْت عَلَيْك اللِّعَانَ وَلَا تُعِيدُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ إعَادَةِ الزَّوْجِ اللِّعَانَ إنْ كانت فَرَغَتْ منه بَعْدَ الْتِعَانِ الزَّوْجِ الذي أَغْفَلَ الْإِمَامُ فيه نَفْيَ الْوَلَدِ وَالْحَمْلِ وَإِنْ أَخْطَأَ وقد قَذَفَهَا بِرَجُلٍ ولم يَلْتَعِنْ بِقَذْفِهِ فَأَرَادَ الرَّجُلُ حَدَّهُ أَعَادَ عليه اللِّعَانَ وَإِلَّا حُدَّ له إنْ لم يَلْتَعِنْ وَأَيُّ الزَّوْجَيْنِ كان أَعْجَمِيًّا اُلْتُعِنَ له بِلِسَانِهِ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَأَحَبُّ إلَيَّ لو كَانُوا أَرْبَعَةً وَيُجْزِئُ عَدْلَانِ يَعْرِفَانِ بِلِسَانِهِ فَإِنْ كان أَخْرَسَ تُفْهَمُ إشَارَتُهُ الْتَعَنَ بِالْإِشَارَةِ فَإِنْ انظلق ( ( ( انطلق ) ) ) لِسَانُهُ بَعْدَ الْخَرَسِ لم يُعِدْ قال ثُمَّ تُقَامُ المراة فَتَقُولُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إن زَوْجِي فُلَانًا وَتُشِيرُ إلَيْهِ إنْ كان حَاضِرًا لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ من الزنى ثُمَّ تَعُودُ حتى تَقُولَ ذلك أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فإذا فَرَغَتْ من الراعبة ( ( ( الرابعة ) ) ) وَقَفَهَا الْإِمَامُ وَذَكَّرَهَا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وقال لها احْذَرِي أَنْ تَبُوئِي بِغَضَبٍ من اللَّهِ عز وجل إنْ لم تَكُونِي صَادِقَةً في أَيْمَانِك فَإِنْ رَآهَا تَمْضِي وَحَضَرَتْهَا امْرَأَةٌ أَمْرَهَا أَنْ تَضَعَ يَدَهَا على فيها وَإِنْ لم تَحْضُرْهَا فَرَآهَا تَمْضِي قال لها قُولِي وَعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ إنْ كان من الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ من الزنى فإذا قالت ذلك فَقَدْ فَرَغَتْ من اللِّعَانِ وَإِنَّمَا أَمَرْت بِوَقْفِهِمَا وَتَذْكِيرِهِمَا أَنَّ سُفْيَانَ
أخبرنا عن عَاصِمِ بن كُلَيْبٍ عن أبيه عن بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ رَجُلًا حين لَاعَنَ بين الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ على فيه عِنْدَ الْخَامِسَةِ وقال إنَّهَا مُوجِبَةٌ

(5/291)


إلَّا بِزَوَالِ الْفِرَاشِ وَلَوْ مَاتَ أو مَاتَتْ امْرَأَتُهُ بَعْدَ كَمَالِ الْتِعَانِهِ لم يَتَوَارَثَا لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بِاَلَّذِي وَقَعَ بِهِ نَفْيُ الْوَلَدِ قال وَلَوْ قالت لَا أَلْتَعِنُ ( 1 ) أو أَقْذِفُ بالزنى أو خَرِسَتْ أو مَاتَتْ فَسَوَاءٌ الْوَلَدُ مَنْفِيٌّ وَالْفُرْقَةُ وَاقِعَةٌ قال وَلَوْ حَلَفَ الْأَيْمَانَ كُلَّهَا وَبَقِيَ الِالْتِعَانُ أو حَلَفَ ثَلَاثَةَ أَيْمَانٍ وَالْتَعَنَ او نَقَصَ من الْأَيْمَانِ أو الِالْتِعَانِ شيئا كان ( ( ( كانا ) ) ) بِحَالِهِمَا أَيُّهُمَا مَاتَ وَرِثَهُ صَاحِبُهُ وَالْوَلَدُ غَيْرُ مَنْفِيٍّ حتى يَكْمُلَ الِالْتِعَانُ قال وَسَوَاءٌ إذَا لم يُتِمَّ اللِّعَانَ كُلَّهُ في ان لَا فُرْقَةَ وَلَا نَفْيَ وَلَدٍ لو جُنَّ أو عَتِهَ أو غَابَ أو أَكْذَبَ نَفْسَهُ قال وَإِنْ حَلَفَ اثْنَتَيْنِ أو ثَلَاثًا ثُمَّ هَرَبَ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ حتى يَقْدِرَ عليه فَيَلْتَعِنَ وَكَذَلِكَ لو عَتَه أو خَرِسَ أو بُرْسِمَ أو أَصَابَهُ مالا يَقْدِرُ معه على الْكَلَامِ أو ما يُذْهِبُ عَقْلَهُ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ فَمَتَى قَدَرَ عليه أو ثَابَ إلَيْهِ عَقْلُهُ الْتَعَنَ فَإِنْ قال هو لَا أَلْتَعِنُ وَطَلَبَتْ أَنْ يُحَدَّ لها حُدَّ وهو زَوْجُهَا وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ وَإِنْ لم تَطْلُبْ أَنْ يُحَدَّ لها فَطَلَب ذلك رَجُلٌ قَذَفَهَا بِزِنَاهُ بها كان ذلك له وَحُدَّ له وَإِنْ مَاتَتْ وَطَلَبَ ذلك وَرَثَتُهَا ولم تَكُنْ عَفَتْ حَدَّهَا كان ذلك لهم وَكَذَلِكَ لو مَاتَ الْمَقْذُوفُ بها وَطَلَبَ ذلك وَرَثَتُهُ كان ذلك لهم فَإِنْ طَلَبَتْهُ أو وَرَثَتُهَا فَحُدَّ لها ثُمَّ طَلَبَهُ الذي قَذَفَهَا بِهِ لم يُحَدَّ له لِأَنَّهُ قَذْفٌ وَاحِدٌ وَلَوْ قالت الْمَرْأَةُ قبل أَنْ يُتِمَّ الزَّوْجُ اللِّعَانَ أنا أَلْتَعِنُ لم يَكُنْ ذلك عليها وَلَوْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فَأَمَرَهَا فَالْتَعَنَتْ لم يَكُنْ ذلك شَيْءٌ يُدْرَأُ بِهِ عن نَفْسِهَا حَدٌّ وَلَا يَجِبُ بِهِ حُكْمٌ وَمَتَى الْتَعَنَ الزَّوْجُ فَعَلَيْهَا أَنْ تَلْتَعِنَ فَإِنْ أَبَتْ حُدَّتْ وَإِنْ كانت حين الْتَعَنَ الزَّوْجُ حَائِضًا فَسَأَلَ الزَّوْجُ أَنْ تُؤَخِّرَ حتى تَدْخُلَ الْمَسْجِدَ لم يَكُنْ ذلك عليها وَأُحْلِفَتْ بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَإِنْ كانت مَرِيضَةً لَا تَقْدِرُ على الْخُرُوجِ أُحْلِفَتْ في بَيْتِهَا قال وَإِنْ امْتَنَعَتْ من الْيَمِينِ وَهِيَ مَرِيضَةٌ فَكَانَتْ ثَيِّبًا رُجِمَتْ وَكَذَلِكَ إنْ كان في يَوْمٍ بَارِدٍ أو سَاعَةٍ صَائِفَةٍ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَأْتِي عليها وَإِنْ كانت بِكْرًا لم تُحَدَّ حتى تَصِحَّ وَيَنْقُصَ الْبَرْدُ وَالْحَرُّ ثُمَّ تُحَدَّ وَإِنَّمَا قُلْت تُحَدُّ إذَا الْتَعَنَ الزَّوْجُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَيَدْرَأُ عنها الْعَذَابَ } الْآيَةَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَالْأَصْلُ أَنَّ وَلَدَ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ بِغَيْرِ اعْتِرَافٍ مَاتَ الزَّوْجُ أو عَاشَ مالم يَنْفِهِ ( 2 ) أو يُلَاعِنْ وَلَازِمٌ لِلْمَعْتُوهِ وَلَا احْتِيَاجَ إلَى دَعْوَةِ وَلَدِ الزَّوْجَةِ قال وَلَا ينفي الْوَلَدُ عن الزَّوْجِ إلَّا في مِثْلِ الْحَالِ التي نَفَى فيها رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَذَلِكَ أَنَّ الْعَجْلَانِيَّ قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَأَنْكَرَ حَمْلَهَا فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا وَنَفَى الْوَلَدَ عنه قال وَأَظْهَرَ الْعَجْلَانِيُّ قَذْفَهَا عِنْدَ اسْتِبَانَةِ حَمْلِهَا وإذا عَلِمَ الزَّوْجُ بِالْوَلَدِ وَأَمْكَنَهُ الْحَاكِمُ فَأَتَى الْحَاكِمَ فَنَفَاهُ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ عَلِمَ وَأَمْكَنَهُ الْحَاكِمُ فَتَرَكَ ذلك وقد أَمْكَنَهُ إمْكَانًا بَيِّنًا ثُمَّ نَفَاهُ لم يَكُنْ ذلك له كما يَكُونُ أَصْلُ بَيْعِ الشِّقْصِ صَحِيحًا فَيَكُونُ لِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ إذَا أَمْكَنَهُ فَإِنْ تَرَكَ ذلك في تِلْكَ الْمُدَّةِ لم تَكُنْ له شُفْعَةٌ وَهَكَذَا كُلُّ من له شَيْءٌ في مُدَّةٍ دُونَ غَيْرِهَا فَمَضَتْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْعَذَابُ الْحَدُّ فَكَانَ عليها أَنْ تُحَدَّ إذَا الْتَعَنَ الزَّوْجُ ولم تَدْرَأْ عن نَفْسِهَا بِالِالْتِعَانِ قال وَلَوْ غَابَتْ أو عَتِهَتْ أو غُلِبَتْ على عَقْلِهَا فإذا حَضَرَتْ وَثَابَ إلَيْهَا عَقْلُهَا الْتَعَنَتْ فَإِنْ لم تَفْعَلْ حُدَّتْ وَإِنْ لم يَثِبْ إلَيْهَا عَقْلُهَا فَلَا حَدَّ وَلَا الْتِعَانَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ عليها الْحُدُودُ وَلَوْ قال الزَّوْجُ لَا أَلْتَعِنُ وَأَمَرَ بِأَنْ يُقَامَ عليه الْحَدُّ فَضُرِبَ بِالسِّيَاطِ فلم يُتِمَّهُ حتى قال أنا أَلْتَعِنُ قَبِلْنَا ذلك منه وَلَا شَيْءَ له فِيمَا نَالَهُ من الْحَدِّ وَلَوْ أتى على نَفْسِهِ كما يَقْذِفُ الْمَرْأَةَ فَيُقَالُ ائْتِ بِبَيِّنَةٍ فيقول لَا آتِي بها فَيُضْرَبُ بَعْضَ الْحَدِّ ثُمَّ يقول أنا آتِي بِهِمْ فَيَكُونُ ذلك له وَلَوْ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ الْتَعِنِي فَأَبَتْ فَأُمِرَ بها يُقَامُ عليها الْحَدُّ فَأَصَابَهَا بَعْضُهُ ثُمَّ قالت أنا أَلْتَعِنُ تُرِكَتْ حتى تَلْتَعِنَ بهذا الْمَعْنَى وَلَوْ قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَنَفَى وَلَدَهَا ثُمَّ خَرِسَ أو ذَهَبَ عَقْلُهُ فَمَاتَ الْوَلَدُ قبل أَنْ يُفِيقَ فَأُخِذَ له مِيرَاثُهُ منه ثُمَّ أَفَاقَ الزَّوْجُ فَالْتَعَنَ ونفي الْوَلَدَ عنه رُدَّ الْمِيرَاثُ وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِوَلَدٍ فَصَدَّقَتْهُ لم يَكُنْ عليه حَدٌّ وَلَا لِعَانَ لها وَلَا يُنْفَى الْوَلَدُ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ حتى يَلْتَعِنَ الزَّوْجُ فَيُنْفَى عنه بِالْتِعَانِهِ

(5/292)


لم يَكُنْ له وَلَوْ جَحَدَ بِأَنْ يَكُونَ يَعْلَمُ بِالْوَلَدِ فَيَكُونُ له نَفْيُهُ حتى يقربه جَازَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ شَيْخًا وهو يَخْتَلِفُ معه اخْتِلَافَ وَلَدِهِ قال وَإِمْكَانُ الانتفاء ( ( ( الانتقاء ) ) ) من الْوَلَدِ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَلْقَى الْحَاكِمَ وَيَكُونَ قَادِرًا على لِقَائِهِ أو له من يَلْقَاهُ له فإذا كان هذا هَكَذَا فلم يَنْفِهِ لم يَكُنْ له نَفْيُهُ وَلَا وَقْتَ في هذا إلَّا ما وَصَفْت وَلَوْ قال قَائِلٌ فإذا كان حَاضِرًا فَكَانَ هذا فَالْمُدَّةُ التي يَنْقَطِعُ فيها أَنْ يَكُونَ له نَفْيُهُ فيها ثَلَاثَةُ ايام كان مَذْهَبًا مُحْتَمَلًا فَإِنْ لم يَصِلْ إلَى الْحَاكِمِ أو مَرِضَ أو شُغِلَ أو حُبِسَ فَأَشْهَدَ فيها على نَفْيِهِ ثُمَّ طَلَبَ بَعْدَهَا كان مَذْهَبًا لِمَا وَصَفْنَا في غَيْرِ هذا الْمَوْضِعِ من ان اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ من قَضَى بِعَذَابِهِ ثَلَاثًا وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَذِنَ لِلْمُهَاجِرِ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ بِمَقَامِهِ ثَلَاثًا بِمَكَّةَ قال وَأَيُّ مُدَّةٍ قُلْت له نَفْيُهُ فَأَشْهَدَ على نَفْيِهِ وهو مَشْغُولٌ بِأَمْرٍ يَخَافُ فَوْتَهُ أو بِمَرَضٍ لم يَنْقَطِعْ فيه ( ( ( نفيه ) ) ) وَإِنْ كان غَائِبًا فَبَلَغَهُ فَأَقَامَ وهو يُمْكِنُهُ الْمَسِيرُ لم يَكُنْ له نَفْيُهُ إلَّا بِأَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ على نَفْيِهِ ثُمَّ يَقْدَمَ قال وَإِنْ قال قد سَمِعْت بِأَنَّهَا وَلَدَتْ ولم أُصَدِّقْ فَأَقَمْت فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أو قال لم أَعْلَمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ كان حَاضِرًا بِبَلَدِهَا فقال لم أَعْلَمْ أنها وَلَدَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ قال وَإِنْ كان مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ على الْخُرُوجِ أو مَحْبُوسًا أو خَائِفًا فَكُلُّ هذا عُذْرٌ فَأَيُّ هذه الْحَالِ كان فَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ حتى تَأْتِيَ الْمُدَّةُ التي لَا يَكُونُ له بَعْدَهَا نَفْيُهُ وَهَكَذَا إنْ كان غَائِبًا وَلَوْ نَفَى رَجُلٌ وَلَدَ امْرَأَتِهِ قبل مَوْتِهَا ثُمَّ مَاتَ قبل أَنْ يُلَاعِنَهَا أو مَاتَتْ قبل أَنْ يَنْتَفِيَ من وَلَدِهَا ثُمَّ انْتَفَى منه الْتَعَنَ وَنَفَاهُ وَسَوَاءٌ كانت مَيِّتَةً أو حَيَّةً وإذا قَذَفَهَا ثُمَّ مَاتَتْ أو قَذَفَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَانْتَفَى من وَلَدِهَا فلم يَلْتَعِنْ فَلِوَرَثَتِهَا أَنْ يَحُدُّوهُ - * الْوَقْتُ في نَفْيِ الْوَلَدِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى وَلَا لِعَانَ حتى يَقْذِفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بالزنى صَرِيحًا لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } قال فإذا فَعَلَ فَعَلَيْهِ اللِّعَانُ إنْ طَلَبَتْهُ وَلَهُ نَفْيُ وَلَدِهِ وَحَمْلِهِ إذَا قال هو من الزنى الذي رَمَيْتهَا بِهِ وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا فقال ليس بِابْنِي أو رَأَى حَمْلًا فقال ليس مِنِّي ثُمَّ طَلَبَتْ الْحَدَّ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ حتى يَقِفَهُ في الْوَلَدِ فَيَقُولَ لِمَ قُلْت هذا فَإِنْ قال لم أَقْذِفْهَا وَلَكِنَّهَا لم تَلِدْهُ أو وَلَدَتْهُ من زَوْجٍ غَيْرِي قَبْلِي وقد عُرِفَ نِكَاحُهَا فَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ أنه ( ( ( أنها ) ) ) وَلَدَتْهُ وَهِيَ زَوْجَتُهُ في وَقْتٍ يُعْلَمُ أنها كانت فيه زَوْجَتُهُ يُمْكِنُ أَنْ تَلِدَ منه عِنْدَ نِكَاحِهَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وإذا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِحَبَلِ امْرَأَتِهِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا في ذلك الْحَبَلِ أو أَكْثَرَ ثُمَّ نَفَى الْوَلَدَ أو الْوَلَدَيْنِ من الْحَمْلِ لم يَكُنْ مَنْفِيًّا عنه بِلِعَانٍ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ قَذَفَهَا مع نَفْيِهِ فَطَلَبَتْ الْحَدَّ حُدَّ لها وَإِنْ لم تَطْلُبْهُ لم يُحَدَّ لها وَإِنْ لم يَقْذِفْهَا وقال لم تَلِدِي هذا الْوَلَدَ الذي أَقْرَرْت بِهِ وَلَا من الْحَمْلِ الذي أَقْرَرْت بِهِ فَالْوَلَدُ لَاحِقٌ وَلَا حَدَّ لها وَلَا لِعَانَ فَإِنْ قال أَقْرَرْت أَنَّ الْحَمْلَ مِنِّي وأنا كَاذِبٌ وَلَا أَقْذِفُك أُحْلِفَ ما أَرَادَ قَذْفَهَا إذَا طَلَبَتْ ذلك فَإِنْ حَلَفَ لم يُحَدَّ وَإِنْ لم يَحْلِفْ فَحَلَفَتْ لقد أَرَادَ قَذْفَهَا حُدَّ قال وَالْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ دُونَ الصَّمْتِ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا رَأَى امْرَأَتَهُ حُبْلَى فلم يَقُلْ في حَبَلِهَا شيئا ثُمَّ وَلَدَتْ فَنَفَاهُ فَيُسْأَلُ هل أَقْرَرْت بِحَبَلِهَا فَإِنْ قال لَا أو قال كُنْت لَا أَدْرِي لَعَلَّهُ ليس بِحَمْلٍ لَاعَنَ وَنَفَاهُ إنْ شَاءَ وَإِنْ قال بَلَى أَقْرَرْت بِحَمْلِهَا وَقُلْت لَعَلَّهُ يَمُوتُ فَأَسْتُرُ عليها وَعَلَى نَفْسِي لَزِمَهُ ولم يَكُنْ له نَفْيُهُ وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا وهو غَائِبٌ فَقَدِمَ فَنَفَاهُ حين عَلِمَ بِهِ وقال لم أَعْلَمْ بِهِ في غَيْبَتِي كان له نَفْيُهُ بِلِعَانٍ وَلَوْ قالت قد عَلِمَ بِهِ وَأَقَرَّ فقال قِيلَ لي ولم أُصَدِّقْ وما أَقْرَرْت بِهِ حَلَفَ ما أَقَرَّ بِهِ وكان له نَفْيُهُ وَلَوْ كان حَاضِرًا أو غَائِبًا فَهُنِّئَ بِهِ فَرَدَّ على الذي هَنَّأَهُ بِهِ خَيْرًا ولم يُقْرِرْ بِهِ لم يَكُنْ هذا إقْرَارًا لِأَنَّهُ يُكَافِئُ الدُّعَاءَ بِالدُّعَاءِ وَلَا يَكُونُ إقْرَارًا كما لو قال له رَجُلٌ بَارَكَ اللَّهُ تَعَالَى لَك في تَزْوِيجِك أو في مَوْلُودِك فَدَعَا له ولم يَتَزَوَّجْ ولم يُولَدْ له لم يَكُنْ هذا إقْرَارًا بِتَزْوِيجٍ وَلَا وَلَدٍ - * ما يَكُونُ قَذْفًا وما لَا يَكُونُ - *

(5/293)


في أَقَلَّ ما يَكُونُ من الْحَمْلِ أو أَكْثَرِهِ فَإِنْ لم يَكُنْ لها أَرْبَعُ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ فَسَأَلَتْ يَمِينَهُ وَهِيَ زَوْجَتُهُ أو ما وَلَدَتْهُ في الْوَقْتِ الذي إذَا وَلَدَتْهُ فيه لَحِقَهُ نَسَبُهُ أَحَلَفْنَاهُ فَإِنْ حَلَفَ بريء وَإِنْ نَكَلَ أَحَلَفْنَاهَا فَإِنْ حَلَفَتْ لَزِمَهُ وَإِنْ لم تَحْلِفْ لم يَلْزَمْهُ ( قال الرَّبِيعُ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أنها وَإِنْ لم تَحْلِفْ لَزِمَهُ الْوَلَدُ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا في نَفْسِهِ وَتَرْكُهَا الْيَمِينَ لَا يُبْطِلُ حَقَّهُ في نَفْسِهِ فلما لم تَحْلِفْ فَتَبْرَأْ لَزِمَهُ الْوَلَدُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وإذا لَاعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِوَلَدٍ فنفيناه ( ( ( فنفاه ) ) ) عنه ثُمَّ جَاءَتْ بعده ( ( ( بولد ) ) ) لولد لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أو أَكْثَرَ ( 3 ) وما يَلْزَمُ بِهِ نَسَبُ وَلَدِ الْمَبْتُوتَةِ فَهُوَ وَلَدُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ فَإِنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ فَذَلِكَ له وإذا وَلَدَتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ وَلَدَيْنِ في بَطْنٍ فَأَقَرَّ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الاخر أو أَقَرَّ بِالْآخَرِ وَنَفَى الْأَوَّلَ فَهُوَ سَوَاءٌ وَهُمَا ابْنَاهُ وَلَا يَكُونُ حَمْلٌ وَاحِدٌ بِوَلَدَيْنِ إلَّا من وَاحِدٍ فإذا أَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا لم يَكُنْ له نَفْيُ الْآخَرِ الذي وُلِدَ معه في بَطْنٍ كما لَا يَكُونُ له نَفْيُ الْوَلَدِ الذي أَقَرَّ بِهِ وَإِنْ كان نفى أَيِّهِمَا نُفِيَ بِقَذْفٍ لِأُمِّهِ فَطَلَبَتْ حَدَّهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وإذا وَلَدَتْ وَلَدًا فَنَفَاهُ فَمَاتَ الْوَلَدُ قَبْلُ يَلْتَعِنَ الْأَبُ فَإِنْ الْتَعَنَ الْأَبُ نُفِيَ عنه الْمَوْلُودُ وَلَوْ كان رَجُلٌ جَنَى على الْمَوْلُودِ فَقَتَلَهُ فَأَخَذَ الْأَبُ دِيَتَهُ أو جَنَى عليه جَنِينًا فَأَخَذَ الْأَبُ دِيَتَهُ رَدَّهَا الْأَبُ إذَا نَفَى عنه فَهُوَ غَيْرُ أبيه وَهَكَذَا لو وُلِدَ له وَلَدَانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ نَفَاهُمَا فَالْتَعَنَ نُفِيَ عنه الْمَيِّتُ وَالْحَيُّ وَلَوْ وَلَدَتْ له وَلَدًا فَنَفَاهُ بِلِعَانٍ ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ فَأَقَرَّ بِهِ لَزِمَاهُ جميعا لِأَنَّهُ حَبَلٌ وَاحِدٌ وَحُدَّ لها إنْ كان قَذَفَهَا وَطَلَبَتْ ذلك ( قال ) وَلَوْ لم يَنْفِهِ ولم يُقِرَّ بِهِ وُقِفَ فَإِنْ نَفَاهُ وقال اللِّعَانُ الْأَوَّلُ يَكْفِينِي لِأَنَّهُ حَبَلٌ وَاحِدٌ لم يَكُنْ ذلك له حتى يَلْتَعِنَ من الْآخَرِ وَلَوْ وُلِدَا مَعًا لم يَلْتَعِنْ إلَّا بِنَفْيِهِمَا مَعًا وَكَذَلِكَ لو الْتَعَنَ من الْأَوَّلِ ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ نَفَى الثَّالِثَ الْتَعَنَ بِهِ أَيْضًا لَا ينفي وَلَدٌ حَادِثٌ إلَّا بِلِعَانٍ بِهِ بِعَيْنِهِ وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ وَبِهَا حَمْلٌ أو مَعَهَا وَلَدٌ وَأَقَرَّ بِالْحَمْلِ وَالْوَلَدِ أو لم يَنْفِهِ كان لَازِمًا له لِأَنَّهَا قد تَزْنِي وَهِيَ حُبْلَى منه ووالد ( ( ( والولد ) ) ) منه وَيَلْتَعِنُ لِلْقَذْفِ أو يُحَدُّ إنْ طَلَبَتْ ذلك وَلَوْ قال رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أو قال لِامْرَأَتِهِ وقد كانت نَصْرَانِيَّةً أو أَمَةً زَنَيْت وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ أو أَمَةٌ أو قال لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت مُسْتَكْرَهَةً أو أَصَابَك رَجُلٌ نَائِمَةً أو زَنَى بِك صَبِيٌّ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهُ لم يَكُنْ عليه حَدٌّ في شَيْءٍ من هذا وَإِنْ كان أَوْقَعَ هذا عليها قبل نِكَاحِهَا لم يَكُنْ عليه لِعَانٌ وَعُزِّرَ لِلْأَذَى وَإِنْ كان أَوْقَعَ هذا عليها وَهِيَ امْرَأَتُهُ ولم يَنْسُبْهُ إلَى حِينٍ لم تَكُنْ له فيه امْرَأَةٌ فَلَا حَدَّ عليه وَإِنْ الْتَعَنَ فَلَا يُعَزَّرُ وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ وَإِنْ لم يَلْتَعِنْ عُزِّرَ لِلْأَذَى وَلَوْ قال لِامْرَأَةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ زَانِيَةٌ أو إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ زَانِيَةٌ أو قال لِامْرَأَتِهِ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْتِ زَانِيَةٌ أو خَيَّرَهَا فقال إنْ اخْتَرْت نَفْسَك فَأَنْتِ زَانِيَةٌ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَيُؤَدَّبُ إنْ طَلَبَتْ ذلك على إظْهَارِ الْفَاحِشَةِ قبل يَنْكِحَهَا وَقَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ وَبَعْدَ النِّكَاحِ وَالِاخْتِيَارِ وَلَوْ قال رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ يا زَانِيَةُ فقالت زَنَيْت بِك وَطَلَبَا مَعًا مَالَهُمَا سَأَلْنَاهَا فَإِنْ قال ( ( ( قالت ) ) ) عَنَيْت أَنَّهُ أَصَابَنِي وهو زَوْجِي حَلَفَتْ وَلَا شَيْءَ عليها لِأَنَّ إصَابَتَهُ إيَّاهَا لَيْسَتْ بِزِنًا وَعَلَيْهِ أَنْ يَلْتَعِنَ أو يُحَدَّ وَإِنْ قالت زَنَيْت بِهِ قبل أَنْ يَنْكِحَنِي فَهِيَ قَاذِفَةٌ له وَعَلَيْهَا الْحَدُّ وَلَا حَدَّ عليه لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بالزنى وَلَا لِعَانَ وَلَوْ قال لها يا زَانِيَةُ فقالت أنت أَزْنَى مِنِّي فَعَلَيْهِ الْحَدُّ أو اللِّعَانُ وَلَا شَيْءَ عليها في قَوْلِهَا أنت أَزْنَى مِنِّي لِأَنَّهُ ليس بِقَذْفٍ بالزنى إذَا لم تُرِدْ بِهِ الْقَذْفَ وَلَوْ قال لها أَنْتِ أَزْنَى من فُلَانَةَ لم يَكُنْ هذا قَذْفًا وَلَا لِعَانَ وَلَا حَدَّ وَيُؤَدَّبُ في الْأَذَى فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْقَذْفَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ جَاءَتْ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ أنها وَلَدَتْهُ وَهِيَ زَوْجَتُهُ أو في وَقْتٍ من الْأَوْقَاتِ يَدُلُّ على أنها وَلَدَتْهُ بَعْدَ تَزْوِيجِهِ إيَّاهَا بِمَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ منه وَيُحَدِّدْنَ حَدًّا عَلِمْنَا أَنَّ ذلك بعد ما تَزَوَّجَهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ أَلْحَقْت الْوَلَدَ بِهِ قال وَإِنَّمَا قُلْت إذَا نَفَى الرَّجُلُ حَمْلَ امْرَأَتِهِ ولم يَقْذِفْهَا بِزِنًا لم أُلَاعِنْ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ قد يَكُونُ صَادِقًا فَلَا يَكُونُ هذا حَمْلًا وَإِنْ نَفَى وَلَدًا وَلَدَتْهُ ولم يَقْذِفْهَا وقال لَا أُلَاعِنُهَا وَلَا أَقْذِفُهَا لم يُلَاعِنْهَا وَلَزِمَهُ الْوَلَدُ وَإِنْ قَذَفَهَا لَاعَنَهَا لِأَنَّهُ إذَا لَاعَنَهَا بِغَيْرِ قَذْفٍ فَإِنَّمَا يَدَّعِي أنها لم تَلِدْهُ وقد حَكَمْت أنها قد وَلَدَتْهُ وَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عز وجل اللِّعَانَ بِالْقَذْفِ وَلَا يَجِبُ بِغَيْرِهِ

(5/294)


أو اللِّعَانُ وَلَوْ قال لها أَنْتِ أَزْنَى الناس لم يَكُنْ قَاذِفًا إلَّا بِأَنْ يُرِيدَ الْقَذْفَ وَيُعَزَّرَ وَهَذَا لِأَنَّ هذا أَكْبَرُ من قَوْلِهِ أَنْتِ أَزْنَى من فُلَانَةَ وَلَوْ قال لِامْرَأَتِهِ يا زَانِ كان عليه الْحَدُّ أو اللِّعَانُ وَهَذَا تَرْخِيمٌ كما يقول الرَّجُلُ لِمَالِكٍ يا مَالِ وَلِحَارِثٍ يا حَارِ وَلَوْ قال لها زَنَأْت في الْجَبَلِ أَحَلَفْنَاهُ بِاَللَّهِ ما أَرَادَ قَذْفَهَا بالزنى وَلَا لِعَانَ وَلَا حَدَّ لِأَنَّ زَنَأْت في الْجَبَلِ رُقِيت في الْجَبَلِ وَلَوْ قالت له هِيَ يا زَانِيَةُ فَعَلَيْهَا الْحَدُّ لِأَنَّهَا قد أَكْمَلَتْ الْقَذْفَ وَزَادَتْهُ حَرْفًا أو اثْنَيْنِ وإذا قال الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت قبل أَنْ أَتَزَوَّجَك حُدَّ وَلَا لِعَانَ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الْقَذْفَ وَهِيَ غَيْرُ زَوْجَةٍ وَلَوْ جَعَلَتْهُ يُلَاعِنُ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ بِالْقَذْفِ الْآنَ جَعَلْته يُلَاعِنُ أو يُحَدُّ إذَا قال الرَّجُلُ لامراة له بَالِغٍ زَنَيْت وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ وَلَكِنِّي أَنْظُرُ إلَى يَوْمِ تَكَلَّمَ بِهِ لِأَنَّ الْقَذْفَ يوم يُوقِعُهُ وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَةً بالزنى قبل أَنْ يَنْكِحَهَا فَطَلَبَتْهُ بِالْحَدِّ حُدَّ وَلَا لِعَانَ لِأَنَّ الْقَذْفَ كان وَهِيَ غَيْرُ زَوْجَةٍ وَلَوْ قَذَفَهَا بالزنى ولم تَطْلُبْهُ بِالْحَدِّ حتى نَكَحَهَا ثُمَّ قذفه ( ( ( قذفها ) ) ) وَلَاعَنَهَا وَطَلَبَتْهُ بِحَدِّ الْقَذْفِ قبل النِّكَاحِ حُدَّ لها وَلَوْ لم يُلَاعِنْهَا حتى حَدَّهُ لها الْإِمَامُ في الْقَذْفِ الْأَوَّلِ ثُمَّ طَلَبَتْهُ بِالْقَذْفِ بَعْدَ النِّكَاحِ لَاعَنَ أو حُدَّ وَلَوْ طَلَبَتْهُ بِهِمَا مَعًا حَدَّهُ بِالْقَذْفِ الْأَوَّلِ وَعَرَضَ عليه اللِّعَانَ بِالْقَذْفِ الْآخَرِ فَإِنْ أَبَى حَدَّهُ أَيْضًا لِأَنَّ حُكْمَهُ قَاذِفًا غير زَوْجَةٍ الْحَدُّ وَحُكْمَهُ قَاذِفًا زَوْجَةً حَدٌّ أو لِعَانٌ فإذا الْتَعَنَ فَالْفُرْقَةُ وَاقِعَةٌ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لم أَحُدَّهُ وَأُلَاعِنْ بَيْنَهُمَا لم يَكُنْ حَدُّهُ في الْقَذْفِ بِأَوْجَبَ على من حَمْلِهِ على اللِّعَانِ أو الْحَدِّ في الْقَذْفِ الْآخَرِ وكان لِغَيْرِي أَنْ لَا يَحُدَّهُ وَلَا يُلَاعِنَ وإذا جَازَ طَرْحُ اللِّعَانِ بِقَذْفِ زَوْجَةٍ وَحَدٍّ أو طَرْحِ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ جَازَ طَرْحُهُمَا مَعًا وَكَذَلِكَ لو قَذَفَهَا وَامْرَأَةً مَعَهَا أَجْنَبِيَّةً في كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ حُدَّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ وَلَاعَنَ امْرَأَتَهُ أو حُدَّ لها وَلَوْ قَذَفَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ له بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أو كَلِمَاتٍ فَقُمْنَ مَعًا أو مُتَفَرِّقَاتٍ لَاعَنَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أو حُدَّ لها وَأَيَّتُهُنَّ لَاعَنَ سَقَطَ حَدُّهَا وَأَيَّتُهُنَّ نَكَلَ عن أَنْ يَلْتَعِنَ حُدَّ لها إذَا طَلَبَتْ حَدَّهَا وَيَلْتَعِنُ لَهُنَّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وإذا تَشَاحَحْنَ أَيَّتُهُنَّ تَبْدَأُ أُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ فَأَيَّتُهُنَّ بَدَأَ الْإِمَامُ بها بِغَيْرِ قُرْعَةٍ رَجَوْت للامام أَنْ لَا يَأْثَمَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْخُذَ ذلك إلَّا وَاحِدًا وَاحِدًا إذَا طَلَبَتْهُ وَاحِدَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ بزنايين ( ( ( بزنين ) ) ) في مِلْكِهِ الْتَعَنَ مَرَّةً أو حُدَّ مَرَّةً لِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ لو قَذَفَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً مَرَّتَيْنِ كان حَدًّا وَاحِدًا وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ نَفَرًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أو كَلِمَاتٍ كان لِكُلِّ وَاحِدٍ منهم حَدُّهُ وَلَوْ قال رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أو طَالِقٌ وَاحِدَةً لم يَبْقَ له عليها من الطَّلَاقِ إلَّا هِيَ أو طَالِقٌ ولم يَدْخُلْ بها أو أَيُّ طَلَاقٍ ما كان لَا رَجْعَةَ له عليها بَعْدَهُ وَأَتْبَعَ الطَّلَاقَ مَكَانَهُ يا زَانِيَةُ حُدَّ وَلَا لِعَانَ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَنْفِي بِهِ وَلَدًا أو حَمْلًا فَيُلَاعِنَ لِلْوَلَدِ وَيُوقَفَ الْحَمْلُ فإذا وَلَدَتْ الْتَعَنَ فَإِنْ لم تَلِدْ حُدَّ وَلَوْ بَدَأَ فقال يا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا الْتَعَنَ لِأَنَّ الْقَذْفَ وَقَعَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ وَلَوْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يا زَانِيَةُ حُدَّ وَلَا لِعَانَ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ وَلَدًا فَيُلَاعِنَ بِهِ وَيَسْقُطَ الْحَدُّ وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَصَدَّقَتْهُ ثُمَّ رَجَعَتْ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ وَلَدًا فَلَا يَنْفِي إلَّا بِلِعَانٍ وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ثُمَّ زَنَتْ بَعْدَ الْقَذْفِ أو وُطِئَتْ وطأ ( ( ( وطئا ) ) ) حَرَامًا فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ وَلَدًا أو يُرِيدَ أَنْ يَلْتَعِنَ فَيَثْبُتَ عليها الْحَدُّ إنْ لم تَلْتَعِنْ وإذا قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَارْتَدَّتْ عن الْإِسْلَامِ وَطَلَبَتْ حَدَّهَا لَاعَنَ أو حُدَّ لِأَنَّ الْقَذْفَ كان وَهِيَ زَوْجَةٌ مُسْلِمَةٌ وَلَوْ كان هو الْمُرْتَدُّ كان هَكَذَا وَلَا يُشْبِهُ هذا أَنْ يَقْذِفَهَا ثُمَّ تَزْنِيَ لِأَنَّ زِنَاهَا دَلِيلٌ على صِدْقِهِ بِزَنْيَتِهَا وَرِدَّتُهَا لَا تَدُلُّ على أنها زَانِيَةٌ وإذا كانت تَحْتَ الْمُسْلِمِ ذِمِّيَّةٌ فَقَذَفَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَطَلَبَتْ حَدَّهَا لَاعَنَ أو عُزِّرَ وَلَا حَدَّ لِأَنَّ الْقَذْفَ كان وَهِيَ كَافِرَةٌ وَكَذَلِكَ لو كانت مَمْلُوكَةً فَعَتَقَتْ أو صَبِيَّةً فَبَلَغَتْ وإذا مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا فَإِنْ كان الطَّلَاقُ يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ لَاعَنَ أو حُدَّ وَإِنْ كان لَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ حُدَّ وَلَا يُلَاعِنُ فَإِنْ قَذَفَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثلاثا لَاعَنَ لِأَنَّ الْقَذْفَ كان وَهِيَ زَوْجَةٌ وإذا طَلَّقَ الْمُلَاعِنُ امْرَأَتَهُ لم يَقَعْ عليها الطَّلَاقُ وَلِلْمُلَاعَنَةِ السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لها وإذا لَاعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَنَفَى عنه وَلَدَهَا ثُمَّ أقربه وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ حُدَّ إنْ طَلَبَتْ
____________________

(5/295)


الْحَدَّ وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَهَكَذَا لو أقربه الْأَبُ وهو مَرِيضٌ فَطَلَبَتْ حَدَّهَا فلم يُحَدَّ حتى مَاتَ فَهُوَ ابْنُهُ يَرِثُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ منه وَإِنْ لم يُحَدَّ لِأُمِّهِ وَلَوْ كانت الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وكان الِابْنُ هو الْمَيِّتُ وَالْأَبُ هو الْحَيُّ فَادَّعَاهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلِلِابْنِ مَالٌ أو لَا مَالَ له أو له وَلَدٌ أو لَا وَلَدَ له ثَبَتَ نَسَبُهُ منه وَوَرِثَهُ الْأَبُ وَلَوْ كان قُتِلَ فَانْتَسَبَ إلَيْهِ أَخَذَ حِصَّتَهُ من دِيَتِهِ وَلَوْ كان الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ عن أبيه مُنِعَ مِيرَاثَهُ من قِبَلِ أبيه في حَيَاتِهِ لِأَنَّهُ كان مَنْفِيًّا عن مِيرَاثِهِ الذي مُنِعَهُ لِأَنَّ أَصْلَ أَمْرِهِ أَنَّ نَسَبَهُ ثَابِتٌ فإنه إنَّمَا هو مَنْفِيٌّ ما كان أَبُوهُ مُلَاعِنًا مُقِيمًا على نَفْيِهِ بِاللِّعَانِ وإذا الْتَعَنَ الزَّوْجَانِ بِوَلَدٍ أو غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ قَذَفَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ التي لَاعَنَ فَلَا حَدَّ عليه كما لو حُدَّ لها بِقَذْفٍ فَقَذَفَهَا لم يُحَدَّ ثَانِيَةً ونهى عن قَذْفِهَا فَإِنْ انْتَهَى وَإِلَّا عُزِّرَ وإذا قَذَفَهَا غَيْرُ الزَّوْجِ الذي لَاعَنَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وإذا قال رَجُلٌ لِابْنِ مُلَاعَنَةٍ لَسْت بن فُلَانٍ أُحْلِفَ ما أَرَادَ قَذْفَ أُمِّهِ وَلَا حَدَّ عليه لِأَنَّا قد حَكَمْنَا أَنَّهُ ليس ابْنَهُ وَلَوْ أَرَادَ قَذْفَ أُمِّهِ حَدَدْنَاهُ وَلَوْ قال بعد ما يُقِرُّ الذي نَفَاهُ أَنَّهُ ابْنُهُ أو يُكَذِّبُ نَفْسَهُ لَسْت بن فُلَانٍ كان قَاذِفًا لِأُمِّهِ فَإِنْ طَلَبَتْ الْحَدَّ حُدَّ لها إنْ كانت حُرَّةً مُسْلِمَةً وَإِنْ كانت كَافِرَةً أو أَمَةً عُزِّرَ وإذا قَذَفَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فقال انت أَمَةٌ أو كَافِرَةٌ فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ أنها حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ إنْ لم تَكُنْ بَيِّنَةٌ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ منه الْحَدُّ وَلَوْ ادَّعَى الْأَبُ الْوَلَدَ فَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ حَدَّهَا حُدَّ لها وَلَزِمَهُ الولد وَإِنْ لم تَطْلُبْهُ لَزِمَهُ الْوَلَدُ وَلَا يُحَدُّ وَمَتَى طَلَبَتْهُ حُدَّ لها وَلَوْ قَذَفَهَا قيل ( ( ( قبل ) ) ) الْحَدِّ ثُمَّ طَلَبَتْ منه الْحَدَّ حُدَّ لها حَدًّا وَاحِدًا لِأَنَّ اللِّعَانَ بَطَلَ وَصَارَ مُفْتَرِيًا عليها مَرَّتَيْنِ فَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَيُحَدُّ لها قبل اعْتِرَافِ الْأَبِ بِالْوَلَدِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ على الْأَبِ أَنَّهُ أَكْذَبَ نَفْسَهُ في اللِّعَانِ أو أَقَرَّ بِالْوَلَدِ لَزِمَهُ وَإِنْ جَحَدَ وَحُدَّ إنْ طَلَبَتْ الْحَدَّ وَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَذَفَهَا وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ حُدَّ ولم يَلْتَعِنْ إذَا طَلَبَتْ وَإِنْ جَحَدَ ذلك كُلَّهُ وَلَوْ قال رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ يا زَانِيَةُ ثُمَّ قال عَنَيْت زَنَأْت في الْجَبَلِ حُدَّ أو لَاعَنَ لِأَنَّ هذا ظَاهِرُ التَّزْنِيَةِ وَلَوْ وَصَلَ الْكَلَامَ فقال يا زَانِيَةُ في الْجَبَلِ أُحْلِفَ ما أَرَادَ إلَّا الرُّقِيَّ في الْجَبَلِ وَلَا حَدَّ فَإِنْ لم يَحْلِفْ حُدَّ لها إذَا حَلَفَتْ لقد أَرَادَ الْقَذْفَ وَلَوْ قال لها يا فَاجِرَةُ أو يا خَبِيثَةُ أو يا جَرِيَّةُ أو يا غَلِمَةُ أو يا رَدِيَّةُ أو يا فَاسِقَةُ وقال لم أُرِدْ الزنى أُحَلِّفُهُ ما أَرَادَ تَزْنِيَتَهَا وَعُزِّرَ في أَذَاهَا وَلَوْ قال لها يا غَلِمَةُ أو يا شَبِقَةُ أو ما أَشْبَهَ هذا لم يَكُنْ في شَيْءٍ من هذا قَذْفٌ وَكَذَلِكَ لو قال لها أَنْتِ تُحِبِّينَ الْجِمَاعَ أو تُحِبِّينَ الظُّلْمَةَ أو تُحِبِّينَ الْخَلَوَاتِ فَعَلَيْهِ في هذا كُلِّهِ إنْ طَلَبَتْ الْيَمِينَ يَمِينُهُ - * الشَّهَادَةُ في اللِّعَانِ - * (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا جاز ( ( ( جاء ) ) ) الزَّوْجُ وَثَلَاثَةٌ يَشْهَدُونَ على امْرَأَتِهِ مَعًا بالزنى لَاعَنَ الرَّجُلُ فَإِنْ لم يَلْتَعِنْ حُدَّ لِأَنَّ حُكْمَ الزَّوْجِ غَيْرُ حُكْمِ الشُّهُودِ وَالشُّهُودُ لَا يُلَاعِنُونَ بِحَالٍ وَيَكُونُونَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُفْتِينَ قَذَفَةً يُحَدُّونَ إذَا لم يُتِمُّوا أَرْبَعَةً وَالزَّوْجُ مُنْفَرِدًا يُلَاعِنُ وَلَا يُحَدُّ قال وإذا زَعَمَ الزَّوْجُ أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي فَبَيَّنَ أنها قد وَتَرَتْهُ في نَفْسِهِ بِأَعْظَمَ من أَنْ تَأْخُذَ أَكْثَرَ مَالِهِ أو تَشْتُمَ عِرْضَهُ أو تَنَالَهُ بِشَدِيدِ ضَرْبٍ من أَجْلِ ما يَبْقَى عليه من الْعَارِ في نَفْسِهِ بِزِنَاهَا عِنْدَهُ على وَلَدِهِ فَلَا عَدَاوَةَ تَصِيرُ إلَيْهِمَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَكْثَرُ من هذا تَكَادُ تَبْلُغُ هذا وَنَحْنُ لَا نُجِيزُ شَهَادَةَ عَدُوٍّ على عَدُوِّهِ وَالْأَجْنَبِيُّ يَشْهَدُ عليها ليس مِمَّا وَصَفْت بِسَبِيلٍ وَسَوَاءٌ قَذَفَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ أو جاء شَاهِدًا عليها بالزنى هو بِكُلِّ حَالٍ قَاذِفٌ فَإِنْ جاء بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ على الْمَرْأَةِ بالزنى حُدَّتْ ولم يُلَاعِنْ إلَّا أَنْ ينفى وَلَدًا لها بِذَلِكَ الزنى فَيُحَدَّ أو يَلْتَعِنَ فَيَنْفِيَ الْوَلَدَ وَإِنْ قَذَفَهَا وَانْتَفَى من حَمْلِهَا وَجَاءَ بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ عليها بالزنى لم يُلَاعِنْ حتى تَلِدَ فَيَلْتَعِنَ إنْ أَرَادَ نَفْيَ الْوَلَدِ فَإِنْ لم يَلْتَعِنْ لم ننفه ( ( ( تنفه ) ) ) عنه ولم تُحَدَّ حتى تَلِدَ ثم ( ( ( وتحد ) ) ) تحد بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلَوْ جاء بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ على إقْرَارِهَا بالزنى وَهِيَ تَجْحَدُ فَلَا حَدَّ عليها وَلَا عليه وَلَا لِعَانَ وَلَوْ كان الشَّاهِدَانِ ابْنَيْهِ منها أو من غَيْرِهَا لم تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَلَوْ كان الشَّاهِدَانِ ابْنَيْهَا من غَيْرِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عليها لِأَنَّهُمَا يُبْطِلَانِ عنه حَدَّهَا وَلَا يَثْبُت

(5/296)


عليها بِالِاعْتِرَافِ شَيْءٌ من الْحَدِّ إلَّا أَنْ تَشَاءَ هِيَ أَنْ يَثْبُتَ عليها فَتُحَدَّ وإذا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ جاء بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ مُتَفَرِّقِينَ يَشْهَدُونَ عليها بالزنى سَقَطَ عنه الْحَدُّ وَحُدَّتْ وَإِنْ كان نَفَى مع ذلك وَلَدًا لم يُنْفَ عنه حتى يَلْتَعِنَ هو وَلَوْ شَهِدَ ابْنَا الْمَرْأَةِ على أَبِيهِمَا أَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُمَا وَالْأَبُ يَجْحَدُ وَالْأُمُّ تَدَّعِي فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِأُمِّهِمَا وَكَذَلِكَ لو شَهِدَ أَبُوهَا وَابْنُهَا أو شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ في غَيْرِ الْأَمْوَالِ وما لَا يَرَاهُ الرِّجَالُ وَلَوْ شَهِدَ لِامْرَأَةٍ ابْنَانِ لها على زَوْجٍ لها غَيْرِ ابيهما أَنَّهُ قَذَفَهَا أو على أَجْنَبِيٍّ أَنَّهُ قَذَفَهَا لم تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا لِأُمِّهِمَا وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ على رَجُلٍ أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بالزنى يوم الْخَمِيسِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ الزَّوْجَ أَقَرَّ أَنَّهُ قَذَفَهَا بالزنى يوم الْخَمِيسِ وهو يَجْحَدُ لم يَكُنْ عليه حَدٌّ وَلَا لِعَانٌ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْقَذْفِ غَيْرُ قَوْلِ الْقَذْفِ وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهُ قَذَفَهَا بالزنى يوم الْخَمِيسِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَذَفَهَا بالزنى يوم الْجُمُعَةِ لم تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بالزنى وَالْآخَرُ أَنَّهُ قال لِابْنِهَا منه يا وَلَدَ الزنى لم تَجُزْ الشَّهَادَةُ فإذا لم تَجُزْ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَإِنْ طَلَبَتْ أَنْ يَحْلِفَ لها أُحْلِفَ بِاَللَّهِ ما قذفه ( ( ( قذفها ) ) ) فَإِنْ حَلَفَ بريء وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ لقد قَذَفَهَا ثُمَّ قِيلَ له إنْ الْتَعَنْت وَإِلَّا حُدِدْت وَكَذَلِكَ لو ادَّعَتْ عليه الْقَذْفَ ولم تُقِمْ عليه شَاهِدًا حَلَفَ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ وَآخَرُ أَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ في مَقَامٍ وَاحِدٍ أو مَقَامَيْنِ فَسَوَاءٌ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من هذا كَلَامٌ غَيْرُ الْكَلَامِ الْآخَرِ وَلَوْ شَهِدَ عليه شَاهِدٌ أَنَّهُ قال لها زَنَى بِك فُلَانٌ وَآخَرُ أَنَّهُ قال لها زَنَى بِك فُلَانٌ رَجُلٌ آخَرُ لم تَجُزْ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ هَذَيْنِ قَذْفَانِ مُفْتَرِقَانِ بِتَسْمِيَةِ رَجُلَيْنِ مُفْتَرِقَيْنِ وَلَوْ قَذَفَهَا بِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَجَاءَتْ تَطْلُبُ الْحَدَّ وَجَاءَ الرَّجُلُ يَطْلُبُ الْحَدَّ قِيلَ له إنْ الْتَعَنْت فَلَا حَدَّ لِلرَّجُلِ وَإِنْ لم تَلْتَعِنْ حُدِدْت لَهُمَا حَدًّا وَاحِدًا لِأَنَّهُ قَذْفٌ وَاحِدٌ وَإِنْ جاء الرَّجُلُ يَطْلُبُ الْحَدَّ قبل الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ مَيِّتَةٌ أو حَيَّةٌ الْتَعَنَ وَبَطَلَ عنه الْحَدُّ فَإِنْ لم يَلْتَعِنْ حُدَّ وَكَذَلِكَ إنْ كانت الْمَرْأَةُ حَيَّةً ولم تَطْلُبْ الْحَدَّ أو مَيِّتَةً ولم يَطْلُبْ ذلك وَرَثَتُهَا قِيلَ له إنْ شِئْت الْتَعَنْت فَدَرَأْت حَدَّ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ وَإِنْ شِئْت لم تَلْتَعِنْ فَحُدِدْت لِأَيِّهِمَا طَلَبَ فَإِنْ جاء الْآخَرُ فَطَلَبَ حَدَّهُ لم يَكُنْ له لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَاحِدِ إذَا كان لِعَانٌ وَاحِدٌ وإذا شَهِدَ عليه شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُمَا وَامْرَأَتَهُ في كَلِمَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِغَيْرِ أُمِّهِمَا وَبَطَلَتْ لِأُمِّهِمَا وَسَوَاءٌ كانت الْمَقْذُوفَةُ مع أُمِّهِمَا امْرَأَةَ الْقَاذِفِ وَأُمُّهُمَا امْرَأَتَهُ أو لم يَكُونَا أو كانت إحْدَاهُمَا ولم تَكُنْ الْأُخْرَى وإذا شَهِدَ شَاهِدَانِ على زَوْجٍ بِقَذْفٍ حُبِسَ حتى يَعْدِلَا فَيُحَدَّ أو يَلْتَعِنَ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ فَشَاءَتْ أَنْ يَحْلِفَ أُحْلِفَ وَإِنْ لم تَشَأْ لم يُحْبَسْ شاهد ( ( ( بشاهد ) ) ) وَاحِدٍ وَلَا يُقْبَلُ في رَجُلٍ في حَدٍّ وَلَا لِعَانٍ وإذا شَهِدَ ابْنَا الرَّجُلِ على أَبِيهِمَا وَأُمُّهُمَا امْرَأَةُ أَبِيهِمَا أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَةً له غير أُمِّهِمَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا شَاهِدَانِ عليه بِحَدٍّ وَلِلْأَبِ أَنْ يَلْتَعِنَ وَلَيْسَ ذلك عليه فَالْتِعَانُهُ إحْدَاثُ طَلَاقٍ ولم يَشْهَدَا عليه بِطَلَاقٍ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَةً له غير أُمِّهِمَا فَقَدْ قِيلَ تُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ أُمَّهُمَا تَنْفَرِدُ بِأَبِيهِمَا وما هذا عِنْدِي يبين ( ( ( ببين ) ) ) لِأَنَّ لِأَبِيهِمَا أَنْ يَنْكِحَ غَيْرَهَا وَلَا أَعْلَمُ في هذا جَرَّ مَنْفَعَةٍ إلَى أُمِّهِمَا بِشَهَادَتِهِمَا وَكُلُّ من قُلْت تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَلَا تَجُوزُ حتى يَكُونَ عَدْلًا وَلَوْ أَنَّ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا على رَجُلٍ بِقَذْفِ امْرَأَتِهِ أو غَيْرِهَا ثُمَّ مَاتَا مَضَى عليه الْحَدُّ أو اللِّعَانُ وَكَذَلِكَ لو عَمِيَا وَلَوْ تَغَيَّرَتْ حَالَاهُمَا حتى يَصِيرَا مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا بِفِسْقٍ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ حتى يَكُونَا يوم يَكُونُ الْحُكْمُ بِالْحَدِّ وَاللِّعَانِ غير مَجْرُوحَيْنِ في أَنْفُسِهِمَا ( قال ) وَتُقْبَلُ الْوَكَالَةُ في تَثْبِيتِ الْبَيِّنَةِ على الْحُدُودِ فإذا أَرَادَ الْقَاضِي يُقِيمَ الْحَدَّ أو يَأْخُذَ اللِّعَانَ أَحْضَرَ الْمَأْخُوذَ لها الْحَدُّ وَاللِّعَانُ إنْ كانت حَيَّةً حَاضِرَةً وإذا شَهِدَ شَاهِدَانِ على قَذْفٍ وَهُمَا صَغِيرَانِ أو عَبْدَانِ أو كَافِرَانِ فَأَبْطَلْنَا شَهَادَتَهُمَا ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرَانِ وَعَتَقَ الْعَبْدَانِ وَأَسْلَمَ الْكَافِرَانِ فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ
____________________

(5/297)


الْبَيِّنَةَ بِالْقَذْفِ أَجَزْنَا شَهَادَتَهُمْ لِأَنَّا ليس إنَّمَا رَدَدْنَاهَا بِأَنْ لم يَكُونُوا شُهُودًا عُدُولًا في تِلْكَ الْحَالِ وَسَوَاءٌ كَانُوا عُدُولًا أو لم يَكُونُوا عُدُولًا وَلَوْ كان شَهِدَ على ذلك حُرَّانِ مُسْلِمَانِ مَجْرُوحَانِ في أَنْفُسِهِمَا فَأُبْطِلَتْ شَهَادَتُهُمَا ثُمَّ عَدَلَا وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ حَدَّهَا لم يَكُنْ لها من قِبَلِ أَنَّا حَكَمْنَا على هَذَيْنِ بِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا بَاطِلَةٌ وَمِثْلُهُمَا في تِلْكَ الْحَالِ قد يَكُونُ شَاهِدًا لو كان عَدْلًا غير عَدُوٍّ وَلَوْ شَهِدَ هَؤُلَاءِ على رُؤْيَةٍ أو سَمَاعٍ يُثْبِتُ حَقًّا لِأَحَدٍ أو عليه في تِلْكَ الْحَالِ التي لَا يَجُوزُ فيها شَهَادَتُهُمْ وَأَقَامُوا الشَّهَادَةَ عليه في الْحَالِ التي يَجُوزُ فيها شَهَادَتُهُمْ أَجَزْتهَا وَكَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَدُوَّانِ لِرَجُلٍ أو فَاسِقَانِ سَمِعَا رَجُلًا يَقْذِفُ امْرَأَةً فلم تَطْلُبْ ذلك الْمَرْأَةُ أو طَلَبَتْهُ فلم يَشْهَدَا حتى ذَهَبَتْ عَدَاوَتُهُمَا لِلرَّجُلِ أو عَدَلَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُ لم يُحْكَمْ بِرَدِّ شَهَادَتِهِمَا حتى يَشْهَدَا وَكَذَلِكَ الْعَبِيدُ يَسْمَعُونَ وَالصِّبْيَانُ وَالْكُفَّارُ ثُمَّ لَا يُقِيمُونَ الشَّهَادَةَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ الصِّبْيَانُ أو يُعْتَقَ الْعَبِيدُ وَيُسْلِمَ الْكُفَّارُ فإذا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَأَقَرَّ أو أَقَامَتْ عليه بَيِّنَةً فَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ على إقْرَارِهَا بالزنى فَلَا حَدَّ عليه وَلَا لِعَانَ وَلَا عليها وَلَا يُقَامُ عليها حَدٌّ بِأَحَدٍ شهد ( ( ( يشهد ) ) ) عليها بِإِقْرَارٍ وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً حتى تُقِرَّ هِيَ وَتَثْبُتَ على الْإِقْرَارِ حتى يُقَامَ عليها الْحَدُّ وَلَوْ جاء بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ يَشْهَدُونَ على إقْرَارِهَا بالزنى فَلَا حَدَّ عليها وَلَا يَدْرَأُ عنه الْحَدَّ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ لَا تَجُوزُ في هذا وَيُحَدُّ أو يُلَاعِنُ وَكَذَلِكَ لو شَهِدَ عليها ابْنَاهَا منه بِالْإِقْرَارِ بالزنى كانت شَهَادَتُهُمَا لِأَبِيهِمَا بَاطِلًا وَحُدَّ أو لَاعَنَ وَلَوْ عَفَتْ امْرَأَتُهُ عن الْقَذْفِ أو أَجْنَبِيَّةٌ ثُمَّ أَرَادَتْ الْقِيَامَ بِهِ عليه بَعْدَ الْعَفْوِ لم يَكُنْ لها وَلَوْ أَقَرَّتْ بالزنى فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ على الزَّوْجِ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ على رَجُلٍ قد ادَّعَيَا عليه أَنَّهُ قَذَفَهُمَا ثُمَّ شَهِدَا أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ أو قَذَفَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَذَفَهُمَا لم أُجِزْ شَهَادَتَهُمَا لِلْمَرْأَةِ لِأَنَّ دَعْوَاهُمَا عليه الْقَذْفَ عَدَاوَةٌ وَخُصُومَةٌ وَلَوْ عَفَوَا الْقَذْفَ لم أُجِزْ شَهَادَتَهُمَا عليه لِامْرَأَتِهِ إلَّا أَنْ لَا يَشْهَدَا عليه إلَّا بَعْدَ عَفْوِهِمَا عنه وَبَعْدَ ان يُرَى ما بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا حَسَنٌ لَا يُشْبِهُ الْعَدَاوَةَ فَأُجِيزُ شَهَادَتَهُمَا لِامْرَأَتِهِ لِأَنِّي قد اخْتَبَرْت صُلْحَهُ وَصُلْحَهُمَا بَعْدَ الْكَلَامِ الذي كان عَدَاوَةً وَلَيْسَا له بِخَصْمَيْنِ وَلَا يُجْرَحَانِ بِعَدَاوَةٍ وَلَا خُصُومَةٍ وإذا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بالزنى مَرَّةً فَلَا حَدَّ على من قَذْفِهَا وإذا شَهِدَ شَاهِدَانِ على رَجُلٍ أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَأَقَامَ الزَّوْجُ شَاهِدَيْنِ أنها كانت أَمَةً أو ذِمِّيَّةً يوم وَقَعَ الْقَذْفُ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَيُعَزَّرُ إلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ وَلَوْ كان شَاهِدَا الْمَرْأَةِ شَهِدَا أنها كانت يوم قَذَفَهَا حُرَّةً مُسْلِمَةً لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ من الْبَيِّنَتَيْنِ تُكَذِّبُ الْأُخْرَى في أَنَّ لها الْحَدَّ فَلَا يُحَدُّ وَيُعَزَّرُ إلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ وَلَوْ لم يُقِمْ بَيِّنَةً وَشَهِدَ شَاهِدَاهَا على الْقَذْفِ ولم يَقُولَا كانت حُرَّةً يوم قُذِفَتْ وَلَا مُسْلِمَةً وَهِيَ حين طَلَبَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً فقال الزَّوْجُ كانت يوم قَذَفْتهَا أَمَةً أو كَافِرَةً كان الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَدَرَأَتْ الْحَدَّ عنه حتى تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أنها كانت حُرَّةً مُسْلِمَةً فَإِنْ كانت حُرَّةَ الْأَصْلِ او مُسْلِمَةَ الْأَصْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَيْهِ الْحَدُّ أو اللِّعَانُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ على أنها كانت مُرْتَدَّةً يوم قَذَفَهَا (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وإذ ( ( ( وإذا ) ) ) قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَادَّعَى بَيِّنَةً على أنها زَانِيَةٌ أو مُقِرَّةٌ بالزنى وَسَأَلَ الْأَجَلَ لم يُؤَجَّلْ في ذلك أَكْثَرَ من يَوْمٍ أو يَوْمَيْنِ فَإِنْ لم يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ حُدَّ أو لَاعَنَ وإذا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَرَافَعَتْهُ وَهِيَ بَالِغَةٌ فقال قَذَفْتُك وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَذَفَهَا كَبِيرَةً وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَذَفَهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَأَقَامَتْ هِيَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَذَفَهَا كَبِيرَةً لم يَكُنْ هذا اخْتِلَافًا في الْبَيِّنَةِ وكان هَذَانِ قَذْفَيْنِ قذف ( ( ( قذفا ) ) ) في الصِّغَرِ وقذف ( ( ( وقذفا ) ) ) في الْكِبَرِ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ إلَّا أَنْ يُلَاعِنَ وَلَوْ اتَّفَقَ الشُّهُودُ على يَوْمٍ وَاحِدٍ فقال شُهُودُ الْمَرْأَةِ كانت حُرَّةً مُسْلِمَةً بَالِغَةً وَشُهُودُ الرَّجُلِ كانت صَبِيَّةً أو غير مُسْلِمَةٍ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ من الْبَيِّنَتَيْنِ تُكَذِّبُ الْأُخْرَى وَلَوْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّ الزَّوْجَ أَقَرَّ بِوَلَدِهَا لم يَكُنْ له أَنْ يَنْفِيَهُ فَإِنْ فَعَلَ وَقَذَفَهَا فَمَتَى أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ زَوْجَهَا قَذَفَهَا بَعْدُ أو أَقَرَّ أُخِذَ لها بِحَدِّهَا إلَّا أَنْ يُلَاعِنَ فَارَقَهَا أو لم يُفَارِقْهَا وَلَوْ فَارَقَهَا وَكَانَتْ عِنْدَ زَوْجٍ غَيْرِهِ فَطَلَبَتْ حَدَّهَا حُدَّ لها إلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قا

(5/298)


الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سَعِيدُ بن سَالِمٍ عن بن جُرَيْجٍ أَنَّهُ قال لِعَطَاءٍ الرَّجُلُ يقول لِامْرَأَتِهِ يا زَانِيَةُ وهو يقول لم أَرَ ذلك عليها او عن غَيْرِ حَمْلٍ قال يُلَاعِنُهَا (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) من حَلَفَ بِاَللَّهِ أو بِاسْمٍ من أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ وَمَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ غير اللَّهِ فَلَيْسَ بِحَالِفٍ وَلَا كَفَّارَةَ عليه إذَا حَنِثَ وَالْمُولِي من حَلَفَ بِاَلَّذِي يَلْزَمُهُ بِهِ كَفَّارَةٌ وَمَنْ أَوْجَبَ على نَفْسِهِ شيئا يَجِبُ عليه إذَا أَوْجَبَهُ فَأَوْجَبَهُ على نَفْسِهِ إنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ في مَعْنَى الْمُولِي لِأَنَّهُ لم يَعُدْ إنْ كان مَمْنُوعًا من الْجِمَاعِ إلَّا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ ما أَلْزَمَ نَفْسَهُ مِمَّا لم يَكُنْ يَلْزَمُهُ قبل إيجَابِهِ أو كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَمَنْ أَوْجَبَ على نَفْسِهِ شيئا لَا يَجِبُ عليه ما أَوْجَبَ وَلَا بَدَلٌ منه فَلَيْسَ بِمُولٍ وهو خَارِجٌ من الْإِيلَاء

(5/299)


3 بسم الله الرحمن الرحيم (1) * - * أَصْلُ تَحْرِيمِ الْقَتْلِ من الْقُرْآنِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال + ( قال الشَّافِعِيُّ ) قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ التي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ } الْآيَةَ وقال اللَّهُ عز وجل { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ التي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا } الْآيَةَ وقال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مع اللَّهِ إلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ } وقال { أَنَّهُ من قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ في الْأَرْضِ } الْآيَةَ وقال اللَّهُ عز وجل { وَاتْلُ عليهم نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ من أَحَدِهِمَا ولم يُتَقَبَّلْ من الْآخَرِ } إلَى { فَأَصْبَحَ من النَّادِمِينَ } وقال عز وجل { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فيها } الْآيَةَ - * قَتْلُ الْوِلْدَانِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ قال اللَّهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شيئا وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ من إمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ } الْآيَةَ وقال جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وإذا الموؤودة ( ( ( الموءودة ) ) ) سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } وقال { وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرِ من الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) كان بَعْضُ الْعَرَبِ تَقْتُلُ الْإِنَاثَ من وَلَدِهَا صِغَارًا خَوْفَ الْعَيْلَةِ عليهم وَالْعَارِ بِهِمْ فلما نهى اللَّهُ عز ذِكْرُهُ عن ذلك من أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ دَلَّ على تَثْبِيتِ النَّهْيِ عن قَتْلِ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ في دَارِ الْحَرْبِ وَكَذَلِكَ دَلَّتْ عليه السُّنَّةُ مع ما دَلَّ عليه الْكِتَابُ من تَحْرِيمِ الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ قال اللَّهُ عز وجل { قد خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } الْآيَةَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن أبي مُعَاوِيَةَ عَمْرٍو النَّخَعِيِّ قال سمعت أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يقول سمعت بن مَسْعُودٍ يقول سَأَلْتُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَيُّ الْكَبَائِرِ أَكْبَرُ فقال أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وهو خَلَقَك قلت ثُمَّ أَيُّ قال أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك من أَجْلِ أَنْ يَأْكُلَ مَعَك - * تَحْرِيمُ الْقَتْلِ من السُّنَّةِ - *
أخبرنا الثِّقَةُ عن حَمَّادٍ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن ابي أُمَامَةَ بن سَهْلِ بن حُنَيْفٍ عن عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا يَحِلُّ قَتْلُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٌ بَعْدَ إيمَانٍ أو زِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ أو قَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَاَلَّذِي يَحِلُّ أَنْ يَعْمِدَ مُسْلِمٌ بِالْقَتْلِ ثَلَاثٌ كفرت ( ( ( كفر ) ) ) ثَبَتَ عليه بَعْدَ إيمَانِهِ أو زِنًا بَعْدَ إحْصَانِهِ أو قَتْلُ نَفْسٍ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَهَذَا مَوْضُوعٌ في مَوَاضِعِهِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا عبد الْعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ
____________________
1- * كِتَابُ جِرَاحِ الْعَمْدِ

(6/3)


عن مُحَمَّدِ بن عَمْرٍو عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ الناس حتى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فإذا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ على اللَّهِ أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا يحيى بن حَسَّانَ عن اللَّيْثِ بن سَعْدٍ عن بن شِهَابٍ عن عَطَاءِ بن يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عن عبد اللَّهِ بن عَدِيِّ بن الْخِيَارِ عن الْمِقْدَادِ أَنَّهُ أخبره أَنَّهُ قال يا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إنْ لَقِيتُ رَجُلًا من الْكُفَّارِ فَقَاتَلَنِي فَضَرَبَ إحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ فقال أَسْلَمْتُ لِلَّهِ أَفَأَقْتُلُهُ يا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَقْتُلْهُ فقلت يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ قَطَعَ يَدِيَ ثُمَّ قال ذلك بَعْدَ أَنْ قَطَعَهَا أَفَأَقْتُلُهُ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَقْتُلْهُ فَإِنْ قَتَلْته فإنه بِمَنْزِلَتِكَ قبل أَنْ تَقْتُلَهُ وَإِنَّك بِمَنْزِلَتِهِ قبل أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ التي قال ( قال الرَّبِيعُ ) مَعْنَى قَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَإِنَّكَ إنْ قَتَلْته فإنه بِمَنْزِلَتِكَ يُرِيدُ أَنَّهُ حَرَامُ الدَّمِ قبل أَنْ تَقْتُلَهُ وَإِنَّك بِمَنْزِلَتِهِ مُبَاحُ الدَّمِ يُرِيدُ بِقَتْلِهِ قبل أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ التي قال إذْ كان مُبَاحَ الدَّمِ قبل أَنْ يَقُولَهَا لَا أَنْ يَكُونَ كَافِرًا مثله
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن أَيُّوبَ عن أبي قِلَابَةَ عن ثَابِتِ بن الضَّحَّاكِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال من قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ من الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يوم الْقِيَامَةِ
أخبرنا مُسْلِمُ بن خَالِدٍ بِإِسْنَادٍ لَا يَحْضُرُنِي ذِكْرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مَرَّ بِقَتِيلٍ فقال من بِهِ فلم يُذْكَرُ له أَحَدٌ فَغَضِبَ ثُمَّ قال وَاَلَّذِي نَفْسِي بيده لو اشْتَرَكَ فيه أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ ( 1 ) لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ في النَّارِ
وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ لَا أَحْفَظُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال قَتْلُ الْمُؤْمِنِ يَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ زَوَالَ الدُّنْيَا
أخبرنا الثِّقَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال من أَعَانَ على قَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ مَكْتُوبًا بين عَيْنَيْهِ آيِسٌ من رَحْمَةِ اللَّهِ مع التَّشْدِيدِ في الْقَتْلِ - * جِمَاعُ إيجَابِ الْقِصَاصِ في الْعَمْدِ - * ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ { وَمَنْ قَتَلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ في الْقَتْلِ } (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) في قَوْلِ اللَّهِ عز وجل { فَلَا يُسْرِفْ في الْقَتْلِ } لَا يَقْتُلُ غير قَاتِلِهِ وَهَذَا يُشْبِهُ ما قِيلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قال اللَّهُ عز وجل { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ في الْقَتْلَى } فَالْقِصَاصُ إنَّمَا يَكُونُ مِمَّنْ فَعَلَ ما فيه الْقِصَاصُ لَا مِمَّنْ لم يَفْعَلْهُ فَأَحْكَمَ اللَّهُ عز ذِكْرُهُ فَرْضَ الْقِصَاصِ في كِتَابِهِ وَأَبَانَتْ السُّنَّةُ لِمَنْ هو وَعَلَى من هو
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عن جَدِّهِ قال وُجِدَ في قَائِمِ سَيْفِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كِتَابٌ إنَّ أَعْدَى الناس على اللَّهِ الْقَاتِلُ غير قَاتِلِهِ وَالضَّارِبُ غير ضَارِبِهِ وَمَنْ تَوَلَّى غير مَوَالِيهِ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ على مُحَمَّدٍ صلى اللَّهُ عليه وسلم
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن مُحَمَّدِ بن إِسْحَاقَ قال قلت لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه ما كان في الصَّحِيفَةِ التي كانت في قِرَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال كان فيها لَعَنَ اللَّهُ الْقَاتِلَ غير قَاتِلِهِ وَالضَّارِبَ غير ضَارِبِهِ وَمَنْ تَوَلَّى غير وَلِيِّ نِعْمَتِهِ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ على مُحَمَّدٍ صلى اللَّهُ عليه وسلم
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن بن أبي لَيْلَى عن الْحَكَمِ أو عن عِيسَى بن أبي لَيْلَى قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا بِقَتْلٍ فَهُوَ قَوَدٌ بِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى وَلِيُّ الْمَقْتُولِ فَمَنْ حَالَ دُونَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ لَا يُقْبَلُ منه صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ
أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن عبد الْمَلِكِ بن سَعِيدِ بن أَبْجَر

(6/4)


عن أياد بن لَقِيطٍ عن أبي رِمْثَةَ قال دَخَلْتُ مع أبي على رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَرَأَى أبي الذي بِظَهْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال دَعْنِي أُعَالِجُ هذا الذي بِظَهْرِك فَإِنِّي طَبِيبٌ فقال أنت رَفِيقٌ وقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من هذا مَعَكَ فقال ابْنِي أَشْهَدُ بِهِ فقال أَمَا إنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عليه - * من عليه الْقِصَاصُ في الْقَتْلِ وما دُونَهُ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَقَرَّ الرَّجُلُ الْبَالِغُ وهو غَيْرُ مَحْجُورٍ عليه بَالِغٌ يَجُوزُ إقْرَارُهُ أَنَّهُ جَنَى جِنَايَةً عَمْدًا وَوَصَفَ الْجِنَايَةَ فَأَثْبَتَهَا ثُمَّ جُنَّ أو غُلِبَ على عَقْلِهِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ في الْعَمْدِ منها وَأَرْشُ الْخَطَأِ في مَالِهِ وَلَا يَحُولُ ذَهَابُ عَقْلِهِ دُونَ أَخْذِ الْحَقِّ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَقَرَّ بِحَقٍّ لِلَّهِ من زِنًا أو ارْتَدَّ ثُمَّ ذَهَبَ عَقْلُهُ لم أُقِمْ عليه حَدَّ الزنى ولم أَقْتُلْهُ بِالرِّدَّةِ لِأَنِّي أَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِهِ على الْإِقْرَارِ بالزنى وهو يَعْقِلُ وَكَذَلِكَ أَحْتَاجُ إلَى أَنْ أَقُولَ له وهو يَعْقِلُ إنْ لم تَرْجِعْ إلَى الْإِسْلَامِ قَتَلْتُكَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَقَرَّ وهو بَالِغٌ أَنَّهُ جَنَى على رَجُلٍ جِنَايَةً عَمْدًا وقال كُنْت يوم جَنَيْت عليه صَغِيرًا كان الْقَوْلُ قَوْلُهُ في أَنْ لَا قَوَدَ عليه وَعَلَيْهِ أَرْشُهَا في مَالِهِ خَطَأً فَإِنْ أَقَرَّ بها خَطَأً لم يَضْمَنْ الْعَاقِلَةُ ما أَقَرَّ بِهِ وَضَمِنَهُ هو في مَالِهِ وَلَوْ قال كنت يوم جَنَيْتهَا عليه ذَاهِبَ الْعَقْلِ بَالِغًا فَإِنْ كان يَعْلَمُ أَنَّهُ ذَهَبَ عَقْلُهُ قُبِلَ منه وَإِنْ لم يَعْلَمْ أُقِيدَ الْمَجْنِيُّ عليه منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَحَيْثُ قُبِلَتْ منه فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إنْ طَلَبَهَا الْمُدَّعِي + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ على رَجُلٍ أَنَّهُ جَنَى على رَجُلٍ جِنَايَةً عَمْدًا سَأَلْتُهُمْ أَكَانَ بَالِغًا أو صَغِيرًا فَإِنْ لم يُثْبِتُوهُ بَالِغًا وَالْمَشْهُودُ عليه يُنْكِرُ الْجِنَايَةَ أو يقول كانت وأنا صَغِيرٌ جَعَلْتُهَا جِنَايَةَ صَغِيرٍ وَجَعَلْتُ أَرْشَهَا في مَالِهِ ولم أَقُدْ منه ( قال ) وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا يُجَنُّ وَيُفِيقُ جَنَى على رَجُلٍ فقال جَنَيْتُ عليه في حَالِ جُنُونِهِ كان الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عليه بِالْجِنَايَةِ ولم يُثْبِتُوا كان ذلك في حَالِ جُنُونِهِ أو إفَاقَتِهِ كان هَكَذَا وَإِنْ أَثْبَتُوا أَنَّهُ كان في حَالِ إفَاقَتِهِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَهَكَذَا من غُلِبَ على عَقْلِهِ بِمَرَضٍ أَيَّ مَرَضٍ كان أو وَجْهٍ من الْوُجُوهِ ما كان غير السُّكْرِ وَلَوْ أَثْبَتُوا أَنَّ مَجْنُونًا جَنَى وهو سَكْرَانُ وَقَالُوا لَا نَدْرِي ذَهَابَ عَقْلِهِ من السُّكْرِ أو من الْعَارِضِ الذي بِهِ جَعَلْتُ الْقَوْلَ قَوْلَهُ وَلَوْ أَثْبَتُوا أَنَّهُ كان مُفِيقًا من الْجُنُونِ وَأَنَّ السُّكْرَ كان أَذْهَبَ عَقْلَهُ جَعَلْت عليه الْقَوَدَ وَلَوْ شَهِدَ شُهُودٌ على أَنَّهُ جَنَى مَغْلُوبًا على عَقْلِهِ وَآخَرُونَ انه جَنَى هذه الْجِنَايَةَ غير مَغْلُوبٍ على عَقْلِهِ أَلْغَيْتُ الْبَيِّنَتَيْنِ لِتَكَافُئِهِمَا وَجَعَلْت الْقَوْلَ قَوْلَهُ مع يَمِينِهِ وَلَوْ كان يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَشَهِدَ له شُهُودٌ بِأَنَّهُ جَنَى مَغْلُوبًا على عَقْلِهِ وقال هو بَلْ جَنَيْتُ وأنا أَعْقِلُ قَبِلْتُ قَوْلَهُ وَجَعَلْت عليه الْقَوَدَ - * بَابُ الْعَمْدِ الذي يَكُونُ فيه الْقِصَاصُ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال جِمَاعُ الْقَتْلِ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ عَمْدٌ فيه قِصَاصٌ فلولى الْمَجْنِيِّ عليه عَمْدُ الْقِصَاصِ إنْ شَاءَ وَعَمْدٌ بِمَا ليس فيه قِصَاصٌ وَخَطَأٌ فَلَيْسَ في وَاحِدٍ من هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ قِصَاصٌ ( قال ) فَالْعَمْدُ في النَّفْسِ بِمَا فيه الْقِصَاصُ أَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَيُصِيبَهُ بِالسِّلَاحِ الذي يُتَّخَذُ لِيَنْهَرَ الدَّمَ وَيَذْهَبَ في اللَّحْمِ وَذَلِكَ الذي يَعْقِلُ كُلُّ أَحَدٍ أَنَّهُ السِّلَاحُ الْمُتَّخَذُ لِلْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ وهو الْحَدِيدُ الْمُحَدَّدُ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَالْخِنْجَرِ وَسِنَانِ الرُّمْحِ وَالْمِخْيَطِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) لَا قِصَاصَ على من لم تَجِبْ عليه الْحُدُودُ وَذَلِكَ من لم يَحْتَلِمْ من الرِّجَالِ أو تَحِضْ من النِّسَاءِ أو يَسْتَكْمِلْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكُلُّ مَغْلُوبٍ على عَقْلِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ ما كانت الْغَلَبَةُ إلَّا بِالسُّكْرِ فإن الْقِصَاصَ وَالْحُدُودَ على السَّكْرَانِ كَهِيَ على الصَّحِيحِ وَكُلُّ من قُلْنَا عليه الْقِصَاصُ فَهُوَ بَالِغٌ غَيْرُ مَغْلُوبٍ على عَقْلِهِ وَالْمَغْلُوبُ على عَقْلِهِ من السُّكْرِ دُونَ غَيْرِهِ

(6/5)


وما أَشْبَهَهُ مِمَّا يُشَقُّ بِحَدِّهِ إذَا ضُرِبَ أو رُمِيَ بِهِ الْجِلْدُ وَاللَّحْمُ دُونَ ثِقْلِهِ فَيَجْرَحُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ ضَرَبَهُ بِعَرْضِ سَيْفٍ أو عَرْضِ خِنْجَرٍ أو مِخْيَطٍ فلم يَجْرَحْهُ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ فيه حتى يَكُونَ الْحَدِيدُ جَارِحًا أو شَادِخًا مِثْلَ الْحَجَرِ الثَّقِيلِ يَفْضَخُ بِهِ رَأْسَهُ وَعَمُودِ الْحَدِيدِ وما أَشْبَهَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ لو ضَرَبَهُ بِعَمُودِ حَدِيدٍ خَفِيفٍ لَا يَشْدَخُ مِثْلُهُ أو بِشَيْءٍ من الْحَدِيدِ لَا يَشْدَخُ وما كان لَا يَجْرَحُ أو كان خَفِيفًا لَا يَشْدَخُ وَكَذَلِكَ لو ضَرَبَهُ بِحَدِّ السَّيْفِ أو غَيْرِهِ فلم يَجْرَحْهُ وَمَاتَ فَفِيهِ الْعَقْلُ وَلَا قَوَدَ فيه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما كان من شَيْءٍ من الْحَدِيدِ أو غَيْرِهِ على عَصًا خَفِيفَةٍ شَبِيهَةٍ ( 1 ) بِالنَّصِيبِ فَضُرِبَ بِهِ الضَّرْبَةَ الْوَاحِدَةَ فَمِيتَ منه فَلَا قَوَدَ عليه لِأَنَّ هذا لَا يُتَّخَذُ لِيَنْهَرَ دَمًا وَلَا يُتَّخَذُ يُمَاتُ بِهِ وَإِنْ قُتِلَ قُتِلَ بِالثِّقْلِ لَا بِالْحَدِّ ( قال ) وَكَذَلِكَ الْمِعْرَاضُ يرمى بِهِ فَلَا يَجْرَحُ وَيُصِيبُ بِعَرْضِهِ فَيَمُوتُ أو يُصِيبُ بِنَصْلِهِ فَلَا يَجْرَحُ فَيَمُوتُ ( قال ) وَهَكَذَا لو ضَرَبَهُ بِحَجَرٍ لَا حَدَّ له خَفِيفٍ فَرَضَخَهُ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ وَلَوْ شَجَّهُ وَكَذَلِكَ لو ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ فَبُضِعَ فيه أو ضَرَبَهُ أَسْوَاطًا يَرَى أَنَّ مثله لَا يَمُوتُ من مِثْلِهَا فمات فَلَا قَوَدَ وَلَوْ كان نِضْوًا فَضَرَبَهُ عَشْرَةَ أَسْوَاطٍ وَمِثْلُهُ يَمُوتُ فِيمَا يَرَى من مِثْلِهَا فَمَاتَ فَفِيهِ الْقَوَدُ وَلَوْ كان مُحْتَمِلًا فَضَرَبَهُ مِائَةً وَالْأَغْلَبُ أَنَّ مثله لَا يَمُوتُ من مِثْلِهَا فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ وَكُلُّ حَدِيدٍ له حَدٌّ يَجْرَحُ فَجَرَحَ بِهِ جَرْحًا صَغِيرًا أو كَبِيرًا فَمَاتَ منه فَفِيهِ الْقَوَدُ لِأَنَّهُ يَجْرَحُ بِحَدِّهِ وَالْحَجَرُ يَجْرَحُ بِثِقَلِهِ وَلَوْ كان من الْمَرْوِ أو من الْحِجَارَةِ شَيْءٌ يُحَدَّدُ حتى يَمُورَ مَوْرَ الْحَدِيدِ فَجُرِحَ بِهِ فَفِيهِ الْقَوَدُ إنْ مَاتَ الْمَجْرُوحُ وَإِنْ ما جَاوَزَ هذا فَكَانَ الْأَغْلَبُ منه أَنَّ من ضُرِبَ بِهِ أو ألقى فيه أو ألقى عليه لم يَعِشْ فَضَرَبَ بِهِ رَجُلٌ رَجُلًا أو أَلْقَاهُ فيه وكان لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ منه أو أَلْقَاهُ عليه فَمَاتَ الرَّجُلُ فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَضْرِبَ الرَّجُلَ بِالْخَشَبَةِ الْعَظِيمَةِ التي تَشْدَخُ رَأْسَهُ أو صَدْرَهُ فَيَشْدَخُهُ أو خَاصِرَتَهُ فَيَقْتُلُهُ مَكَانَهُ أو ما أَشْبَهَ هذا مِمَّا الْأَغْلَبُ انه لَا يُعَاشُ من مِثْلِهِ أو بِالْعَصَا الْخَفِيفَةِ فَيُتَابِعُ عليه الضَّرْبَ حتى يَبْلُغَ من عَدَدِ الضَّرْبِ ما يَكُونُ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يُعَاشُ من مِثْلِهِ وَكَذَلِكَ السِّيَاطُ وما في هذا الْمَعْنَى وَذَلِكَ أَنْ يَضْرِبَهُ على خَاصِرَتِهِ أو في بَطْنِهِ أو على ثَدْيَيْهِ ضَرْبًا مُتَتَابِعًا أو على ظَهْرِهِ الْمِائَتَيْنِ أو الثَّلَثَمِائَةِ أو على أَلْيَتَيْهِ فإذا فَعَلَ هذا فلم يُقْلِعْ عنه إلَّا مَيِّتًا أو مُغْمًى عليه ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الْقَوَدُ وفي أَنْ يُسَعِّرَ الْحُفْرَةَ حتى إذَا انجحمت أَلْقَاهُ فيها أو يُسَعِّرَ النَّارَ على وَجْهِ الْأَرْضِ ثُمَّ يُلْقِيَهُ فيها مَرْبُوطًا أو يَرْبِطَهُ لِيُغْرِقَهُ في الْمَاءِ فَإِنْ فَعَلَ هذا فَمَاتَ في مَكَانِهِ أو مَاتَ بَعْدُ من أَلَمِ ما أَصَابَهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا سَعَّرَ النَّارَ على وَجْهِ الْأَرْضِ فَأَلْقَاهُ فيها وهو زَمِنٌ أو صَغِيرٌ فَكَذَلِكَ وَإِنْ أَلْقَاهُ فيها صَحِيحًا فَكَانَ يُحِيطُ الْعِلْمُ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَخَلَّصَ منها فَتَرَكَ التَّخَلُّصَ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ وَإِنْ عَالَجَ التَّخَلُّصَ فَغَلَبَهُ كَثْرَتُهَا أو الْتِهَابُهَا فَفِيهِ الْقَوَدُ وَكَذَلِكَ إنْ أُلْقِيَ فيها فلم يَزَلْ يَتَحَرَّكُ يُعَالِجُ الْخُرُوجَ فلم يَخْرُجْ حتى مَاتَ أو أُخْرِجَ وَبِهِ منها حَرْقٌ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يُعَاشُ منه فَمَاتَ منه فَفِيهِ الْقَوَدُ وَإِنْ كان بَعْضَ هذا وهو يَقْدِرُ على التَّخَلُّصِ بِأَنْ يَكُونَ إلَى جَنْبِ أَرْضٍ لَا نَارَ عليها فَإِنَّمَا يَكْفِيهِ أَنْ يَنْقَلِبَ فَيَصِيرَ عليها أو يَقُولَ أُقِمْتُ وأنا على التَّخَلُّصِ قَادِرٌ أو ما أَشْبَهَ هذا مِمَّا عليه الدَّلَالَةُ بِأَنَّهُ يَقْدِرُ على التَّخَلُّصِ لم يَكُنْ فيه عَقْلٌ وَلَا قَوَدٌ وقد قِيلَ يَكُونُ فيه الْعَقْلُ وَإِنْ أَلْقَاهُ في مَاءٍ قَرِيبٍ من سَاحِلٍ وهو يُحْسِنُ الْعَوْمَ ولم تَغْلِبْهُ جَرْيَةُ الْمَاءِ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ ( 2 ) وَإِنْ كان
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وهو السِّلَاحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الذي أَمَرَ اللَّهُ عز ذِكْرُهُ أَنْ يُؤْخَذَ في صَلَاةِ الْخَوْفِ وَكَذَلِكَ كُلُّ ما كان في مَعْنَاهُ من شَيْءٍ له صَلَابَةٌ فَحُدِّدَ حتى صَارَ إذَا وُجِئَ بِهِ أو رمى بِهِ يَخْرِقُ حَدُّهُ قبل ثِقْلِهِ مِثْلُ الْعُودِ يُحَدَّدُ وَالنُّحَاسِ وَالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَغَيْرِهِ فَكُلُّ من أَصَابَ أَحَدًا بِشَيْءٍ من هذا جَرَحَهُ فَمَاتَ من الْجُرْحِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ

(6/6)


لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ وَأَلْقَاهُ قَرِيبًا من نَجْوَةِ أَرْضٍ أو جَبَلٍ أو سَفِينَةٍ مُقِيمَةٍ وهو يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَتَرَكَ التَّخَلُّصَ فَلَا قَوَدَ وَإِنْ أَلْقَاهُ في مَاءٍ لَا يُتَخَلَّصُ في الْأَغْلَبِ منه فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَلَوْ كان الْأَغْلَبُ أَنَّهُ يَتَخَلَّص منه فَأَخَذَهُ حُوتٌ فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ الْعَقْلُ ( قال أبو مُحَمَّدٍ ) وقد قِيلَ يَتَخَلَّصُ أو لَا يَتَخَلَّصُ سَوَاءٌ أَنْ لَا قَوَدَ عليه وَعَلَيْهِ الْعَقْلُ ( قال الرَّبِيعُ ) وَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ أَنْ لَا عَقْلَ في النَّفْسِ وَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُ هو الذي قَتَلَ نَفْسَهُ إذَا كان يَقْدِرُ أَنْ يَتَخَلَّصَ فَيَسْلَمَ من الْمَوْتِ فَتَرَكَ التَّخَلُّصَ وَعَلَى الطَّارِحِ أَرْشُ ما أَحْرَقَتْ النَّارُ منه أَوَّلَ ما طُرِحَ قبل أَنْ يُمْكِنَهُ التَّخَلُّصُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَجِمَاعُ هذا أَنْ يُنْظَرَ إلَى من قُتِلَ بِشَيْءٍ مِمَّا وَصَفْتُ غَيْرِ السِّلَاحِ الْمُحَدَّدِ فَإِنْ كان الْأَغْلَبُ أَنَّ من نِيلَ منه يَقْتُلُهُ وَيُقْتَلُ مِثْلُهُ في مِثْلِ سِنِّهِ وَصِحَّتِهِ وَقُوَّتِهِ أو حَالِهِ إنْ كانت مُخَالِفَةً لِذَلِكَ قَتْلًا وَحَيًّا كَقَتْلِ السِّلَاحِ أو أو حي ( ( ( أوحى ) ) ) فَفِيهِ الْقَوَدُ وَإِنْ كان الْأَغْلَبُ أَنَّ من نِيلَ منه بِمِثْلِ ما نِيلَ منه يَسْلَمُ وَلَا يَأْتِي ذلك على نَفْسِهِ فَلَا قَوَدَ فيه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَضَرْبُ الْقَلِيلِ على الْخَاصِرَةِ يَقْتُلُ في الْأَغْلَبِ وَلَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ لو كان في ظَهْرٍ أو أَلْيَتَيْنِ أو فَخِذَيْنِ أو رِجْلَيْنِ وَالضَّرْبُ الْقَلِيلُ يَقْتُلُ النِّضْوَ الْخَلَق الضَّعِيفَةِ في الْأَغْلَبِ وَالْأَغْلَبُ أَنْ لَا يَقْتُلَ قَوِيَّهُ وَيَقْتُلُ في الْأَغْلَبِ في الْبَرْدِ الشَّدِيدِ وَالْحَرِّ الشَّدِيدِ وَلَا يَقْتُلُ في الْأَغْلَبِ في غَيْرِهِمَا ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَمَنْ نَالَ من امْرِئٍ شيئا فَأَنْظُرُ إلَيْهِ في الْوَقْتِ الذي نَالَهُ فيه فَإِنْ كان الْأَغْلَبُ أَنَّ ما نَالَهُ بِهِ يَقْتُلُهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ وَإِنْ كان الْأَغْلَبُ أَنَّ ما نَالَهُ بِهِ لَا يَقْتُلُهُ فَلَا قَوَدَ فيه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ طَيَّنَ رَجُلٌ على رَجُلٍ بَيْتًا ولم يَدَعْهُ يَصِلُ إلَيْهِ طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ أَيَّامًا حتى مَاتَ أو حَبَسَهُ في مَوْضِعٍ وَإِنْ لم يُطَيِّنْ عليه وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ أو الشَّرَابَ مُدَّةً الْأَغْلَبُ من مِثْلِهَا أَنَّهُ يَقْتُلُهُ فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ وَإِنْ مَاتَ في مُدَّةٍ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ يَعِيشُ من مِثْلِهَا فَفِيهَا الْعَقْلُ وَلَا قَوَدَ فيه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ حَبَسَهُ فَجَاءَهُ بِطَعَامٍ أو شَرَابٍ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ فلم يُشَرِّبْهُ حتى مَاتَ ولم تَأْتِ عليه مُدَّةٌ يَمُوتُ أَحَدٌ مُنِعَ الطَّعَامَ في مِثْلِهَا فَلَا عَقْلَ وَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُ تَرَكَ أَنْ يَشْرَبَ فَأَعَانَ على نَفْسِهِ ولم يَمْنَعْهُ الطَّعَامَ مُدَّةً الْأَغْلَبُ أَنَّهُ يَمُوتُ أَحَدٌ مُنِعَهَا الطَّعَامَ وَلَوْ كانت الْمُدَّةُ التي مَنَعَهُ فيها الطَّعَامَ مُدَّةً الْأَغْلَبُ أَنَّهُ يَمُوتُ أَحَدٌ من مِثْلِهَا قُتِلَ بِهِ وَإِنْ كان الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يُمَاتُ من مِثْلِهَا ضَمِنَ الْعَقْلَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَقَدْته بِمَا صَنَعَ بِهِ حُبِسَ وَمُنِعَ كما حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ فَإِنْ مَاتَ في تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِلَّا قُتِلَ بِالسَّيْفِ - * بَابُ الْعَمْدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وما دُونَ النَّفْسِ مُخَالِفٌ لِلنَّفْسِ في بَعْضِ أَمْرِهِ في الْعَمْدِ فَلَوْ عَمَدَ رَجُلٌ عَيْنَ رَجُلٍ بِأُصْبُعِهِ فَفَقَأَهَا كان فيها الْقِصَاصُ لِأَنَّ الْأُصْبُعَ تَأْتِي فيها على ما يَأْتِي عليه السِّلَاحُ في النَّفْسِ وَرُبَّمَا جَاءَتْ على أَكْثَرَ وَهَكَذَا لو أَدْخَلَ الرَّجُلُ أُصْبُعَهُ في عَيْنِهِ فَاعْتَلَّتْ فلم تَبْرَأَ حتى ذَهَبَ بَصَرُهَا أو اُنْتُجِفَتْ كان فيها الْقِصَاصُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ لَطَمَهُ لَطْمَةً في رَأْسِهِ فَوَرِمَتْ ( 2 ) ثُمَّ اتَّسَعَتْ حتى أُوضِحَتْ لم يَكُنْ فيها قِصَاصٌ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ من اللَّطْمَةِ انها قَلَّمَا يَكُونُ منها هَكَذَا فَتَكُونُ في حُكْمِ الْخَطَأِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ ضَرَبَ رَأْسَهُ بِحَجَرٍ مُحَدَّدٍ أو حَجَرٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ خَنَقَهُ فَتَابَعَ عليه الْخَنْقَ حتى يَقْتُلَهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ وَكَذَلِكَ إنْ غَمَّهُ بِثَوْبٍ أو غَيْرِهِ فَتَابَعَ عليه الْغَمَّ حتى يَمُوتَ فَفِيهِ الْقَوَدُ وَإِنْ تَرَكَهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ بَعْدُ فَلَا قَوَدَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَنْقُ أو الْغَمُّ قد أَوْرَثَهُ ما لَا يَجْرِي معه نَفَسُهُ فَيَمُوتُ من ذلك فَفِيهِ الْقَوَدُ ( 1 ) ( قال الرَّبِيعُ ) وقد قِيلَ يَتَخَلَّصُ أو لَا يَتَخَلَّصُ أَنْ لَا قَوَدَ عليه وَعَلَيْهِ الْعَقْلُ لِأَنَّهُ لم يَمُتْ من الْيَدِ

(6/7)


له ثِقَلٌ غَيْرُ مُحَدَّدٍ فَأَوْضَحَهُ أو أَدْمَاهُ ثُمَّ صَارَتْ مُوضِحَةً كان فيها الْقَوَدُ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ مِمَّا وَصَفْتُ من الْحِجَارَةِ أنها تَصْنَعُ هذا وَلَوْ كانت حَصَاةٌ فَرَمَاهُ بها فَوَرِمَتْ ثُمَّ أُوضِحَتْ لم يَكُنْ فيها قِصَاصٌ وكان فيها عَقْلُهَا تَامًّا لِأَنَّ الْأَغْلَبَ أنها لَا تَصْنَعُ هذا فَعَلَى هذا ما دُونَ النَّفْسِ مِمَّا فيه الْقِصَاصُ كُلُّهُ يُنْظَرُ إذَا أَصَابَهُ بِالشَّيْءِ فَإِنْ كان الْأَغْلَبُ أَنَّهُ يَصْنَعُ بِهِ مِثْلَ ما يُصْنَعُ بِشَيْءٍ من الْحَدِيدِ في النَّفْسِ فَأَصَابَهُ به ( ( ( فيه ) ) ) فَفِيهِ الْقَوَدُ وَإِنْ كان الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يَصْنَعُ ذلك إلَّا قَلِيلًا إنْ كان فَلَا قَوَدَ فيه وَفِيهِ الْعَقْلُ وَهَذَا على مِثَالِ ما يُصْنَعُ في النَّفْسِ في إثْبَاتِ الْقِصَاصِ وَتَرْكِهِ وَأَخْذِ الْعَقْلِ فيه (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَالدِّيَةُ في هذا على الْعَاقِلَةِ من قِبَلِ أَنَّهُ خَطَأٌ في الْقَتْلِ وَإِنْ كان عَمْدًا في الْفِعْلِ يُسْتَطَاعُ فيه الْقِصَاصُ وَلَا يَكُونُ فيه الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ في مُضِيِّ ثَلَاثِ سِنِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا مَعْنَى ما وَصَفْتُ من الضَّرْبِ الذي الْأَغْلَبُ فيه أَنَّهُ يُعَاشُ من مِثْلِهِ ولم أَلْقَ أَحَدًا من أَهْلِ الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ يُخَالِفُ في أَنَّ هذا مَعْنَاهُ فَأَمَّا أَنْ يَشْدَخَ الرَّجُلُ رَأْسَ الرَّجُلِ بِالْحَجَرِ أو يُتَابِعَ عليه ضَرْبَ الْعَصَا أو السِّيَاطِ مُتَابَعَةً الْأَغْلَبُ ان مثله لَا يَعِيشُ من مِثْلِهَا فَهَذَا أَكْبَرُ من الْقَتْلِ بِالضَّرْبَةِ بِالسِّكِّينِ وَالْحَدِيدَةِ الْخَفِيفَةِ في الرَّأْسِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَأَعْجَلُ قَتْلًا وَأَحْرَى أَنْ لَا يَعِيشَ أَحَدٌ منه في الظَّاهِرِ - * الْحُكْمُ في قَتْلِ الْعَمْدِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ من الْعِلْمِ الْعَامِّ الذي لَا اخْتِلَافَ فيه بين أَحَدٍ لَقِيَتْهُ فَحَدَّثَنِيهِ وَبَلَغَنِي عنه من عُلَمَاءِ الْعَرَبِ أنها كانت قبل نُزُولِ الْوَحْيِ على رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم تَبَايُنٌ في الْفَضْلِ وَيَكُونُ بَيْنَهَا ما يَكُونُ بين الْجِيرَانِ من قَتْلِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَكَانَ بَعْضُهَا يَعْرِفُ لِبَعْضٍ الْفَضْلَ في الدِّيَاتِ حتى تَكُونَ دِيَةُ الرَّجُلِ الشَّرِيفِ أَضْعَافَ دِيَةِ الرَّجُلِ دُونَهُ فَأَخَذَ بِذَلِكَ بَعْضٌ من بَيْنِ أَظْهُرِهَا من غيرها بِأَقْصَدَ مِمَّا كانت تَأْخُذُ بِهِ فَكَانَتْ دِيَةُ النَّضِيرِي ضِعْفَ دِيَةِ الْقُرَظِيِّ وكان الشَّرِيفُ من الْعَرَبِ إذَا قُتِلَ يُجَاوَزُ قَاتِلُهُ إلَى من لم يَقْتُلْهُ من أَشْرَافِ الْقَبِيلَةِ التي قَتَلَهُ أَحَدُهَا وَرُبَّمَا لم يَرْضَوْا إلَّا بِعَدَدٍ يَقْتُلُونَهُمْ فَقَتَلَ بَعْضُ غَنِيٍّ شَأْسِ بن زُهَيْرٍ فَجَمَعَ عليهم أَبُوهُ زُهَيْرُ بن جَذِيمَةَ فَقَالُوا له أو بَعْضُ من نُدِبَ عَنْهُمْ سَلْ في قَتْلِ شَأْسٍ فقال إحْدَى ثَلَاثٍ لَا يُغْنِينِي غَيْرُهَا قالوا وما هِيَ قال تُحْيُونَ لي شَأْسًا أو تَمْلَئُونَ رِدَائِي من نُجُومِ السَّمَاءِ او تَدْفَعُونَ إلَيَّ غَنِيًّا بِأَسْرِهَا فَأَقْتُلَهَا ثُمَّ لَا أَرَى أَنِّي أَخَذْت منه عِوَضًا وَقُتِلَ كُلَيْبُ وَائِلٍ فَاقْتَتَلُوا دَهْرًا طَوِيلًا وَاعْتَزَلَهُمْ بَعْضُهُمْ فَأَصَابُوا ابْنًا له يُقَالُ له بُجَيْرٍ فَأَتَاهُمْ فقال قد عَرَفْتُمْ عُزْلَتِي فَبُجَيْرٌ بِكُلَيْبٍ وَكُفُّوا عن الْحَرْبِ فَقَالُوا بُجَيْرٍ بِشِسْعِ نَعْلِ كُلَيْبٍ فَقَاتَلَهُمْ وكان مُعْتَزِلًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقال إنَّهُ نَزَلَ في ذلك وَغَيْرِهِ مِمَّا كَانُوا يَحْكُمُونَ بِهِ في الْجَاهِلِيَّةِ هذا الْحُكْمَ الذي أَحْكِيهِ كُلَّهُ بَعْدَ هذا وَحَكَمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالْعَدْلِ فَسَوَّى في الْحُكْمِ بين عِبَادِهِ الشَّرِيفِ منهم وَالْوَضِيعِ { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ من اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } فقال إنَّ الْإِسْلَامَ نَزَلَ وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَطْلُبُ بَعْضًا بِدِمَاءٍ وَجِرَاحٍ فَنَزَلَ فِيهِمْ { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ في الْقَتْلَى } إلَى قَوْلِهِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَجِمَاعُ مَعْرِفَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ من الْخَطَأِ أَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ بِالْعَصَا الْخَفِيفَةِ أو قال عَصًا في أَلْيَتَيْهِ أو بِالسِّيَاطِ في ظَهْرِهِ الضَّرْبَ الذي الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يُمَاتُ من مِثْلِهِ أو ما دُونَ ذلك من اللَّطْمِ وَالْوَجْءِ وَالصَّكِّ وَالضَّرْبَةِ بِالشِّرَاكِ وما أَشْبَهَهَا وَكُلُّ هذا من الْعَمْدِ الْخَطَأِ الذي لَا قَوَدَ فيه وَفِيهِ الْعَقْلُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن عَلِيِّ بن زَيْدِ بن جُدْعَانَ عن الْقَاسِمِ بن رَبِيعَةَ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال أَلَا إنَّ في قَتِيلِ الْعَمْدِ الْخَطَأِ بِالسَّوْطِ أو الْعَصَا مِائَةً من الْإِبِلِ مُغَلَّظَةً منها أَرْبَعُونَ خَلِفَةً في بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا
أخبرنا عبد الْوَهَّابِ عن خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عن الْقَاسِمِ بن رَبِيعَةَ عن ( ( ( بن ) ) ) عُقْبَةَ بن أَوْسٍ عن رَجُلٍ من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم

(6/8)


{ ذلك تَخْفِيفٌ من رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } الْآيَةَ وَالْآيَةَ التي بَعْدَهَا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مُعَاذُ بن مُوسَى عن بُكَيْرِ بن مَعْرُوفٍ عن مُقَاتِلِ بن حَيَّانَ قال مُعَاذٌ قال مُقَاتِلٌ أَخَذْت هذا التَّفْسِيرَ عن نَفَرٍ حَفِظَ مُعَاذٌ منهم مُجَاهِدًا وَالْحَسَنَ وَالضَّحَّاكَ بن مُزَاحِمٍ قال في قَوْلِهِ { فَمَنْ عُفِيَ له من أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } الْآيَةَ ( قال ) كان كُتِبَ على أَهْلِ التَّوْرَاةِ أَنَّهُ من قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ حُقَّ له أَنْ يُقَادَ بها وَلَا يُعْفَى عنه وَلَا تُقْبَلُ منه الدِّيَةُ وَفُرِضَ على أَهْلِ الْإِنْجِيلِ أَنْ يُعْفَى عنه وَلَا يُقْتَلَ وَرُخِّصَ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنْ شَاءَ قَتَلَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ وَإِنْ شَاءَ عَفَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل { ذلك تَخْفِيفٌ من رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } يقول الدِّيَةُ تَخْفِيفٌ من اللَّهِ إذْ جَعَلَ الدِّيَةَ وَلَا يُقْتَلُ ثُمَّ قال { فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذلك فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } يقول من قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ وقال في قَوْلِهِ { وَلَكُمْ في الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } يقول لَكُمْ في الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَنْتَهِي بَعْضُكُمْ عن بَعْضٍ أَنْ يُصِيبَ مَخَافَةَ أَنْ يُقْتَلَ
أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ قال حدثنا عَمْرُو بن دِينَارٍ قال سمعت مُجَاهِدًا يقول سمعت بن عَبَّاسٍ يقول كان في بَنِي إسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ ولم تَكُنْ فِيهِمْ الدِّيَةُ فقال اللَّهُ عز وجل لِهَذِهِ الْأُمَّةِ { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ في الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ له من أَخِيهِ شَيْءٌ } قال الْعَفْوُ أَنْ تُقْبَلَ الدِّيَةُ في الْعَمْدِ { فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذلك تَخْفِيفٌ من رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } مِمَّا كُتِبَ على من كان قَبْلَكُمْ { فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذلك فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ في الْقَتْلِ } فَيُقَالُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ في قَوْلِهِ { فَلَا يُسْرِفْ في الْقَتْلِ } لَا يَقْتُلْ غير قَاتِلِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) في قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ في الْقَتْلَى } إنَّهَا خَاصَّةٌ في الْحَيَّيْنِ اللَّذَيْنِ وَصَفَ مُقَاتِلُ بن حَيَّانَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ حَكَيْتُ قَوْلَهُ في غَيْرِ هذا الْمَوْضِعِ ثُمَّ أَدَبُهَا أَنْ يُقْتَلَ الْحُرُّ بِالْحُرِّ إذَا قَتَلَهُ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى إذَا قتلتها ( ( ( قتلها ) ) ) وَلَا يُقْتَلَ غَيْرُ قَاتِلِهَا إبْطَالًا لَأَنْ يُجَاوِزَ الْقَاتِلَ إلَى غَيْرِهِ إذَا كان الْمَقْتُولُ أَفْضَلَ من الْقَاتِلِ كما وَصَفْت ليس أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ ذَكَرٌ بِالْأُنْثَى إذَا كَانَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَا أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ من هذه الْجِهَةِ إنَّمَا يُتْرَكُ قَتْلُهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما قال بن عَبَّاسٍ في هذا كما قال وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَكَذَلِكَ ما قال مُقَاتِلٌ ( 1 ) لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل إذْ ذَكَرَ الْقِصَاصَ ثُمَّ قال { فَمَنْ عُفِيَ له من أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } لم يَجُزْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يُقَالَ إنْ عُفِيَ بِأَنْ صُولِحَ على أَخْذِ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْعَفْوَ تَرْكُ حَقٍّ بِلَا عِوَضٍ فلم يَجُزْ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنْ عُفِيَ عن الْقَتْلِ فإذا عَفَا لم يَكُنْ إلَيْهِ سَبِيلٌ وَصَارَ لِلْعَافِي الْقَتْلِ مَالٌ في مَالِ الْقَاتِلِ وهو دِيَةُ قَتِيلِهِ فَيَتَّبِعُهُ بِمَعْرُوفٍ وَيُؤَدِّي إلَيْهِ الْقَاتِلُ بِإِحْسَانٍ فَلَوْ كان إذَا عَفَا عن الْقَاتِلِ لم يَكُنْ له شَيْءٌ لم يَكُنْ لِلْعَافِي يَتَّبِعُهُ وَلَا على الْقَاتِلِ شَيْءٌ يُؤَدِّيهِ بِإِحْسَانٍ ( وقال ) وقد جَاءَتْ السُّنَّةُ مع بَيَانِ الْقُرْآنِ في مِثْلِ مَعْنَى الْقُرْآنِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بن أبي فُدَيْكٍ عن بن أبي ذِئْبٍ عن سَعِيدِ بن أبي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عن أبي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إنَّ اللَّهَ عز وجل حَرَّمَ مَكَّةَ ولم يُحَرِّمْهَا الناس فَلَا يَحِلُّ لِمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بها دَمًا وَلَا يَعْضِدَ بها شَجَرًا فَإِنْ ارْتَخَصَ أَحَدٌ فقال أُحِلَّتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فإن اللَّهَ أَحَلَّهَا لي ولم يُحِلَّهَا لِلنَّاسِ وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لي سَاعَةً من النَّهَارِ ثُمَّ هِيَ حَرَامٌ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ ثُمَّ إنَّكُمْ يا خُزَاعَةُ قد قَتَلْتُمْ هذا الْقَتِيلَ من هُذَيْلٍ وأنا وَاَللَّهِ عَاقِلُهُ فَمَنْ قَتَلَ بَعْدَهُ قَتِيلًا فَأَهْلُهُ بين خِيرَتَيْنِ إنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الْعَقْلَ

(6/9)


من جِهَةٍ غَيْرُهَا وإذا كانت هَكَذَا أَشْبَهَ أَنْ تَكُونَ لَا تَدُلُّ على أَنْ لَا يَكُونَ يُقْتَلُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إذَا كَانَا قَاتِلَيْنِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَيُّمَا رَجُلٍ قَتَلَ قَتِيلًا فَوَلِيُّ الْمَقْتُولِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَتَلَ الْقَاتِلَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ منه الدِّيَةَ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عنه بِلَا دِيَةٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَخْذُ الْمَالِ وَتَرْكُ الْقِصَاصِ كَرِهَ ذلك الْقَاتِلُ أو أَحَبَّهُ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل إنَّمَا جَعَلَ السُّلْطَانَ لِلْوَلِيِّ وَالسُّلْطَانُ على الْقَاتِلِ فَكُلُّ وَارِثٍ من زَوْجَةٍ أو غَيْرِهَا سَوَاءٌ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ من الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَقْتُلَ حتى يَجْتَمِعَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ على الْقَتْلِ وَيُنْتَظَرَ غَائِبُهُمْ حتى يَحْضُرَ أو يُوَكِّلَ وَصَغِيرُهُمْ حتى يَبْلُغَ وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ إلَى اجْتِمَاعِ غَائِبِهِمْ وَبُلُوغِ صَغِيرِهِمْ فَإِنْ مَاتَ غَائِبُهُمْ أو صَغِيرُهُمْ أو بَالِغُهُمْ قبل اجْتِمَاعِهِمْ على الْقَتْلِ فَلِوَارِثِ الْمَيِّتِ منهم في الدَّمِ وَالْمَالِ مِثْلُ ما كان لِلْمَيِّتِ من أَنْ يَعْفُوَ أو يَقْتُلَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا أَخَذَ حَقَّهُ من الدِّيَةِ فَذَلِكَ له وَلَا سَبِيلَ له إلَى الدَّمِ إذَا أَخَذَ الدِّيَةَ أو عَفَا بِلَا دِيَةٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان على الْمَقْتُولِ دَيْنٌ وَكَانَتْ له وَصَايَا لم يَكُنْ لِأَهْلِ الدَّيْنِ وَلَا الْوَصَايَا الْعِوَضُ في الْقَتْلِ إنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ فَإِنْ عَفَا الْوَرَثَةُ وَأَخَذُوا الدِّيَةَ أو عَفَا أَحَدُهُمْ كانت الدِّيَةُ حِينَئِذٍ مَالًا من مَالِهِ يَكُونُ أَهْلُ الدَّيْنِ أَحَقَّ بها وَلِأَهْلِ الْوَصَايَا حَقُّهُمْ منها + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ لم تَخْتَرْ الْوَرَثَةُ الْقَتْلَ وَلَا الْمَالَ حتى مَاتَ الْقَاتِلُ كانت لهم الدِّيَةُ في مَالِهِ يُحَاصُّونَ بها غُرَمَاءَهُ كَدَيْنٍ من دَيْنِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ اخْتَارُوا الْقَتْلَ فَمَاتَ الْقَاتِلُ قبل يُقْتَلَ كانت لهم الدِّيَةُ في مَالِهِ لِأَنَّ الْمَالَ إنَّمَا يَبْطُلُ عَنْهُمْ بِأَنْ يَخْتَارُوا الْقَتْلَ وَيَقْتُلُونَ فَيَكُونُونَ مُسْتَوْفِينَ لِحَقِّهِمْ من أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَكَذَلِكَ لو قَضَى لهم بِالْقِصَاصِ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ فَمَاتَ الْمَقْضِيُّ عليه بِالْقِصَاصِ قبل يُقْتَلَ كانت لهم الدِّيَةُ في مَالِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ لم يَمُتْ الْقَاتِلُ وَلَكِنْ رَجُلٌ قَتَلَهُ خَطَأً فَأُخِذَتْ له دِيَةٌ كانت الدِّيَةُ مَالًا من مَالِهِ لَا يَكُونُ أَهْلُ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ أَحَقَّ بها من غُرَمَائِهِ كما لَا يَكُونُونَ أَحَقَّ بِمَا سِوَاهَا من مَالِهِ وَلَهُمْ الدِّيَةُ في مَالِهِ يَكُونُونَ بها أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ جَرَحَهُ رَجُلٌ عَمْدًا ثُمَّ عَفَا الْمَجْرُوحُ عن الْجُرْحِ وما حَدَثَ منه ثُمَّ مَاتَ من ذلك الْجُرْحِ لم يَكُنْ إلَى قَتْلِ الْجَارِحِ سَبِيلٌ بِأَنَّ الْمَجْرُوحَ قد عَفَا الْقَتْلَ فَإِنْ كان عَفَا عنه لِيَأْخُذَ عَقْلَ الْجُرْحِ أُخِذَتْ منه الدِّيَةُ تَامَّةً لِأَنَّ الْجُرْحَ قد صَارَ نَفْسًا وَإِنْ كان عَفَا عن الْعَقْلِ وَالْقِصَاصِ في الْجُرْحِ ثُمَّ مَاتَ من الْجُرْحِ فَمَنْ لم يُجِزْ الْوَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ أَبْطَلَ الْعَفْوَ وَجَعَلَ الدِّيَةَ تَامَّةً لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّ هذه وَصِيَّةٌ لقاتل ( ( ( للقاتل ) ) ) وَمَنْ أَجَازَ الْوَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ جَعَلَ عَفَوْهُ عن الْجُرْحِ وَصِيَّةً يُضْرَبُ بها الْقَاتِلُ في الثُّلُثِ مع أَهْلِ الْوَصَايَا وقال فِيمَا زَادَ من الدِّيَةِ على عَقْلِ الْجُرْحِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا له مِثْلُ عَقْلِ الْجُرْحِ لِأَنَّهُ مَالٌ من مَالِهِ مُلِكَ عنه وَالْآخَرُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ عنه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ قَتَلَ نَفَرٌ رَجُلًا عَمْدًا كان لِوَلِيِّ الْقَتْلِ أَنْ يَقْتُلَ في قَوْلِ من قَتَلَ أَكْثَرَ من وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ أَيَّهُمْ أَرَادَ وَيَأْخُذَ مِمَّنْ أَرَادَ منهم الدِّيَةَ بِقَدْرِ ما يَلْزَمُهُ منها كَأَنَّهُمْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَعَفَا عن وَاحِدٍ فَيَأْخُذَ من الِاثْنَيْنِ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ أو يَقْتُلَهُمَا إنْ شَاءَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كَانُوا نَفَرًا فَضَرَبُوهُ مَعًا فَمَاتَ من ضَرْبِهِمْ وَأَحَدُهُمْ ضَارِبٌ بِحَدِيدَةٍ وَالْآخَرُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ وَالْآخَرُ بِحَجَرٍ أو سَوْطٍ فَمَاتَ من ذلك كُلِّهِ وَكُلُّهُمْ عَامِدٌ لِلضَّرْبِ فَلَا قِصَاصَ فيه من قِبَلِ أَنِّي لَا أَعْلَمُ بِأَيِّ الضَّرْبِ كان الْمَوْتُ وفي بَعْضِ الضَّرْبِ ما لَا قَوَدَ فيه بِحَالٍ وَعَلَى الْعَامِدِ بِالْحَدِيدِ حِصَّتُهُ من الدِّيَةِ في مَالِهِ وَعَلَى الْآخَرِينَ حِصَّتُهُمَا على عَاقِلَتِهِمَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ لو كان فِيهِمْ وَاحِدٌ رَمَى شيئا فَأَخْطَأَ بِهِ فَأَصَابَهُ مَعَهُمْ كانت على جَمِيعِ الْعَامِدِينَ بِالْحَدِيدِ الدِّيَةُ في حِصَصِهِمْ في أَمْوَالِهِمْ حَالَّةً وَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ بِالْحَدِيدَةِ حِصَّتُهُ من الدِّيَةِ كما تَكُونُ دِيَةُ الْخَطَأِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ عَفَا الْمَقْتُولُ عن هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ كان الْقَوْلُ فِيمَنْ لَا يُجِيزُ لِلْقَاتِلِ وَصِيَّةً أو من يُجِيزُهَا كما وَصَفْتُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهِيَ عَامَّةٌ في أَنَّ اللَّهَ عز ذِكْرُهُ أَوْجَبَ بها الْقِصَاصَ إذَا تَكَافَأَ دَمَانِ وَإِنَّمَا يتكافئان ( ( ( يتكافآن ) ) ) بِالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَعَلَى كل ما وَصَفْتُ من عُمُومِ الْآيَةِ وَخُصُوصِهَا دَلَالَةٌ من كِتَابٍ أو سُنَّةٍ أو إجْمَاعٍ

(6/10)


وقال في الذي يُشْرِكُهُمْ بِخَطَأٍ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْعَاقِلَةِ لَا لِلْقَاتِلِ فَجَمِيعُ ما أَصَابَ الْعَاقِلَةُ من حِصَّةِ صَاحِبِهِمْ من الدِّيَةِ وَصِيَّةٌ لهم جَائِزَةٌ من الثُّلُثِ وَالْآخَرُ أَنْ لَا تَجُوزَ له وَصِيَّةٌ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ عن الْعَاقِلَةِ إلَّا بِسُقُوطِهَا عنه فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِلْقَاتِلِ ( قال الرَّبِيعُ ) الْقَوْلُ الثَّانِي أَصَحُّ عِنْدِي (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما أَصَابَهُ من جُرْحٍ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فيه فَعَقْلُهُ في مَالِ الْجَارِحِ حَالٌّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ جَنَى رَجُلٌ على رَجُلٍ جِنَايَاتٍ كان له أَنْ يَسْتَقِيدَ مِمَّا أَرَادَ وَيَأْخُذَ الْعَقْلَ مِمَّا أَرَادَ منها وَكَذَلِكَ لو جَنَى عليه نَفَرٌ كان له أَنْ يَسْتَقِيدَ من بَعْضِهِمْ وَيَأْخُذَ من بَعْضٍ الْعَقْلَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان الْقَاتِلُ أو الْجَارِحُ عَبْدًا أو ذِمِّيًّا أو حُرًّا مُسْلِمًا كان لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَلِلْمَجْرُوحِ في نَفْسِهِ على الْجَانِي ( 1 ) أو اخْتِيَارُ الْعَقْلِ من الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ فَإِنْ اخْتَارُوهُ أو اخْتَارَهُ فَاقْتَصُّوا أو اقْتَصَّ فَلَا شَيْءَ لهم غَيْرُ الْقِصَاصِ فَإِنْ اخْتَارُوا أو اخْتَارَ الْعَقْلَ فَذَلِكَ في مَالِ الذِّمِّيِّ حَالَ يَكُونُونَ في مَالِهِ غُرَمَاءَ له وفي عِتْقِ الْعَبْدِ كَامِلًا يُبَاعُ فيه فَإِنْ بَلَغَ الْعَقْلَ كَامِلًا فَذَلِكَ لِوَلِيِّ الدَّمِ أو الْمَجْرُوحِ وَإِنْ لم يَبْلُغْ لم يَلْزَمْ سَيِّدَهُ منه شَيْءٌ وَإِنْ زَادَ ثَمَنُ الْعَبْدِ على الْعَقْلِ رُدَّ إلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ وَإِنْ شَاءَ سَيِّدُ الْعَبْدِ قبل هذا كُلِّهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ النَّفْسِ أو الْجُرْحَ مُتَطَوِّعًا غير مَجْبُورٍ عليه لم يُبَعْ عليه عَبْدُهُ وقد أَدَّى جَمِيعَ ما في عُنُقِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان الْجَانِي عَبْدًا على عَبْدٍ كان لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْخِيَارُ في الْقِصَاصِ أو الْعَقْلِ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ في ذلك خِيَارٌ إنْ كانت الْجِنَايَةُ جُرْحًا بريء منه وَسَوَاءٌ كان الْعَبْدُ مَرْهُونًا أو غير مَرْهُونٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ له عَقْلًا وهو مَرْهُونٌ خُيِّرَ بين أَنْ يَدْفَعَ ما أَخَذَ له من الْعَقْلِ رَهْنًا إلَى الْمُرْتَهِنِ أو يَجْعَلَهُ قِصَاصًا من دَيْنِهِ وَلَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ إنَّمَا جَعَلْتُ عليه إذَا أَخَذَ الْعَقْلَ أَنْ يَجْعَلَهُ رَهْنًا أو قِصَاصًا لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ بَدَنِ الْعَبْدِ إنْ مَاتَ أو نَقَصَ بَدَنُهُ لِنَقْصِ الْجِرَاحِ له وَإِنْ لم يَمُتْ وَسَوَاءٌ هذا في الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لِمَالِكَ الْمَمْلُوكِ في هذا كُلِّهِ فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَذَلِكَ إلَيْهِ دُونَ سَيِّدِهِ يَقْتَصُّ إنْ شَاءَ أو يَأْخُذُ الدِّيَةَ فَإِنْ أَخَذَ الدِّيَةَ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كما يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ ( قال أبو مُحَمَّدٍ الرَّبِيعُ ) وفي الْمُكَاتَبِ يُجْنَى عليه جِنَايَةٌ فيها قِصَاصٌ أَنَّهُ ليس له أَنْ يَقْتَصَّ من قِبَلِ أَنَّهُ قد يَعْجِزُ فَيَصِيرُ رَقِيقًا فَيَكُونُ قد أَتْلَفَ على سَيِّدِهِ الْمَالَ الذي هو بَدَلٌ من الْقِصَاصِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْعَقْلَ وَيَكُونَ أَوْلَى بِهِ من السَّيِّدِ يَسْتَعِينُ بِهِ في كِتَابَتِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا اخْتَارَ الْعَقْلَ في قَتْلِ الْعَمْدِ الذي فيه الْقِصَاصُ فَهُوَ حَالٌّ في النَّفْسِ وما دُونَهَا وَكُلُّ عَمْدٍ وَإِنْ كان دِيَاتٍ في مَالِ الْجَانِي مُوسِرًا كان أو مُعْسِرًا لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ من قَتْلِ الْعَمْدِ شيئا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أَحَبَّ الْوُلَاةُ أو الْمَجْرُوحُ الْعَفْوَ في الْقَتْلِ بِلَا مَالٍ وَلَا قَوَدٍ فَذَلِكَ لهم فَإِنْ قال قَائِلٌ فَمِنْ أَيْنَ أَخَذْتَ الْعَفْوَ في الْقَتْلِ بِلَا مَالٍ وَلَا قَوَدٍ قِيلَ من قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ له } وَمِنْ الرِّوَايَةِ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في أَنَّ في الْعَفْوِ عن الْقِصَاصِ كَفَّارَةً أو قال شيئا يَرْغَبُ بِهِ في الْعَفْوِ عنه فَإِنْ قال قَائِلٌ فَإِنَّمَا قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من قُتِلَ له قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بين خِيرَتَيْنِ إنْ أَحَبُّوا فَالْقَوَدُ وَإِنْ أَحَبُّوا فَالْعَقْلُ قِيلَ له نعم هو فِيمَا يَأْخُذُونَ من الْقَاتِلِ من الْقَتْلِ وَالْعَفْوُ بِالدِّيَةِ وَالْعَفْوُ بِلَا وَاحِدٍ مِنْهُمَا ليس بِأَخْذٍ من الْقَاتِلِ إنَّمَا هو تَرْكٌ له كما قال وَمَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مُعْدَمٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ليس أَنْ ليس له تَرْكُهُ وَلَا تَرْكُ شَيْءٍ يُوجِبُ له إنَّمَا يُقَالُ هو له وَكُلُّ ما قِيلَ له أَخْذُهُ فَلَهُ تَرْكُهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا قَتَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَمْدًا ثُمَّ مَاتَ الْقَاتِلُ فَالدِّيَةُ في مَالِ الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ يَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَأْخُذُوا أَيَّهُمَا شاؤوا إلَّا أَنَّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْقَوْلُ في الرَّجُلِ يَجْرَحُ الرَّجُلَ جُرْحًا يَكُونُ في مِثْلِهِ قِصَاصٌ فَيَبْرَأُ الْمَجْرُوحُ منه أَنَّ لِلْمَجْرُوحِ في جُرْحِهِ مِثْلَ ما كان لِأَوْلِيَائِهِ في قَتْلِهِ من الْخِيَارِ فَإِنْ شَاءَ اسْتَقَادَ من جُرْحِهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ عَقْلَ الْجُرْحِ من مَالِ الْجَارِحِ حَالًّا يَكُونُ غَرِيمًا من الْغُرَمَاءِ يُحَاصُّ أَهْلَ الدَّيْنِ

(6/11)


حَقَّهُمْ في وَاحِدٍ دُونَ وَاحِدٍ فإذا فَاتَ وَاحِدٌ فَحَقُّهُمْ ثَابِتٌ في الذي كان حَقَّهُمْ فيه إنْ شاؤوا وهو حَيٌّ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) كَأَنَّهُ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَأَوْضَحَهُ فَإِنْ شَاءَ قَطَعَ له يَدًا وَرِجْلًا وَأَخَذَ عَقْلَ يَدٍ وَرِجْلٍ وَإِنْ شَاءَ أَوْضَحَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ أَرْشَ الْمُوضِحَةِ إذَا كان له الْخِيَارُ في كُلٍّ كان له الْخِيَارُ في بَعْضٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ وَالْمَجْرُوحِ بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ أَحَبُّوا اقْتَصُّوا لِلْمَيِّتِ من النَّفْسِ او الْجُرْحِ إنْ لم يَكُنْ نفس ( ( ( نفسه ) ) ) وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الْعَقْلَ وَإِنْ أَحَبُّوا إذَا كانت جِرَاحٌ ولم يَكُنْ نَفْسٌ أَنْ يَأْخُذُوا أَرْشَ بَعْضِ الْجِرَاحِ وَيَقْتَصُّوا من بَعْضٍ كان لهم + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ قَتَلَ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ أو أَكْثَرُ بِوَاحِدٍ فَقَتَلَ عَشَرَةٌ رَجُلًا عَمْدًا فَلِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَقْتُلُوا من شاؤوا منهم وَأَنْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ مِمَّنْ شاؤوا فإذا أَخَذُوا الدِّيَةَ لم يَكُنْ لهم أَنْ يَأْخُذُوا من وَاحِدٍ إلَّا عُشْرَ الدِّيَةِ وإذا كانت الدِّيَةُ فَإِنَّمَا يَغْرَمُهَا الرَّجُلُ على قَدْرِ من شَرِكَهُ فيها وَهِيَ خِلَافُ الْقِصَاصِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَيْ رَجُلٍ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ الْمَقْطُوعَةُ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ من تِلْكَ الْجِرَاحِ فَأَرَادَ وَرَثَتُهُ الْقِصَاصَ كان لهم أَنْ يَصْنَعُوا ما صَنَعَ بِصَاحِبِهِ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَقْتُلُوهُ وَيَأْخُذُوا أَرْشًا فِيمَا صَنَعَ بِهِ لم يَكُنْ لهم وإذا كانت النَّفْسَ فَلَا أَرْشَ لِلْجِرَاحِ لِدُخُولِ الْجِرَاحِ في النَّفْسِ وَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا دِيَةَ النَّفْسِ كُلَّهَا وَيَدَعُوا الْقِصَاصَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَرَادُوا أَنْ يَقْطَعُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ أو يَدَيْهِ دُونَ رِجْلَيْهِ أو بَعْضَ أَطْرَافِهِ التي قَطَعَ منه وَيَدَعُوا قَتْلَهُ كان ذلك لهم إذَا قَضَيْت لهم بِأَنْ يَفْعَلُوا ذلك وَيَقْتُلُوهُ قَضَيْت لهم بِأَنْ يَفْعَلُوا ذلك بِهِ وَيَدَعُوا قَتْلَهُ فَإِنْ قالوا نَقْطَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ نَأْخُذُ منه دِيَةً أو بَعْضَهَا لم يَكُنْ ذلك لهم وَقِيلَ إذَا قَطَعْتُمْ يَدَيْهِ فَقَدْ أَخَذْتُمْ منه ما فيه الدِّيَةُ فَلَا يَكُونُ لَكُمْ عليه زِيَادَةٌ إلَّا الْقَطْعُ أو الْقَتْلُ فَأَمَّا مَالٌ فَلَا وَلَوْ قَطَعُوا له يَدًا أو رِجْلًا ثُمَّ قالوا نَأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ كان لهم ذلك لِأَنَّهُ لو قَطَعَ يَدَيْهِ فَأَرَادُوا أَخْذَ الْقَوَدِ من يَدٍ وَالْأَرْشِ من أُخْرَى كان لهم ذلك وَلَا يَكُونُ لهم ذلك حتى يَبْرَأَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَجَرَحَهُ جَائِفَةً مع قَطْعِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ فقال وَرَثَتُهُ نَجْرَحُهُ جَائِفَةً وَنَقْتُلُهُ لم يُمْنَعُوا ذلك وَإِنْ أَرَادُوا تَرْكَهُ بَعْدَهَا تَرَكُوهُ وَلَوْ قالوا على الِابْتِدَاءِ نَجْرَحُهُ جَائِفَةً وَلَا نَقْتُلُهُ لم يُتْرَكُوا وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إنَّمَا يُتْرَكُونَ إذَا قالوا نَقْتُلُهُ بِمَا يُقَادُ منه في الْجِنَايَةِ وَأَمَّا ما لَا يُقَادُ منه فَلَا يُتْرَكُونَ وَإِيَّاهُ - * وُلَاةُ الْقِصَاصِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ قال اللَّهُ تَعَالَى { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ في الْقَتْلِ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ خُوطِبَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ من جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى له مِيرَاثًا منه وقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من قُتِلَ له قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بين خِيرَتَيْنِ إنْ أَحَبُّوا فَالْقَوَدُ وَإِنْ أَحَبُّوا فَالْعَقْلُ ولم يَخْتَلِفْ الْمُسْلِمُونَ فِيمَا عَلِمْتُهُ في أَنَّ الْعَقْلَ مَوْرُوثٌ كما يُورَثُ الْمَالُ وإذا كان هَكَذَا فَكُلُّ وَارِثٍ وَلِيُّ الدَّمِ كما كان لِكُلِّ وَارِثٍ ما جَعَلَ اللَّهُ له من مِيرَاثِ الْمَيِّتِ زَوْجَةً كانت له أو ابْنَةً أو أُمًّا أو وَلَدًا أو وَالِدًا لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ منهم من وِلَايَةِ الدَّمِ ( 1 ) إذَا كان لهم أَنْ يَكُونُوا بِالدَّمِ مَالًا كما لَا يُخْرِجُونَ من سِوَاهُ من مَالِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا فَلَا سَبِيلَ إلَى الْقِصَاصِ إلَّا بِأَنْ يُجْمِعَ جَمِيعُ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ من كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا على الْقِصَاصِ فإذا فَعَلُوا فَلَهُمْ الْقِصَاصُ وإذا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ لِلرَّجُلِ إذَا جَرَحَهُ الرَّجُلُ الْخِيَارُ في الْقِصَاصِ في الْجُرْحِ فَإِنْ مَاتَ الْجَارِحُ فَلَهُ عَقْلُ الْجُرْحِ إنْ شَاءَ حَالًّا كما وَصَفْتُ في مَالِ الْجَارِحِ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ أَيُّ مِيتَةٍ مَاتَ الْقَاتِلُ وَالْجَارِحُ بِقَتْلٍ أو غَيْرِهِ فَدِيَةُ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ وَجُرْحُهُ في مَالِهِ فَإِنْ جُرِحَ رَجُلٌ جِرَاحَاتٍ في كُلِّهَا قِصَاصٌ فَلِلْمَجْرُوحِ الْخِيَارُ في كل جُرْحٍ منها كما يَكُونُ في جُرْحٍ وَاحِدٍ لو جَرَحَهُ إيَّاهُ وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ من بَعْضِهَا وَأَخَذَ الدِّيَةَ من بَعْضِهَا وَإِنْ شَاءَ ذلك في كُلِّهَا فَهُوَ له

(6/12)