Translate فتح الباري وتفسير بن كثير كيكي520.

الجمعة، 10 يونيو 2022

نهر الفرات والسدود المقامة عليه

الفرااااااات{}الفرات والسدود
محتويات 1 المدن الواقعة على النهر
2 البيئة الجيولوجية
3 تاريخه
4 انظر أيضًا
5 المراجع
المدن الواقعة على النهر
========
نظام نهري دجلة والفرات من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
نظام نهري دجلة والفرات هو نظام نهري كبير في غرب آسيا يصب في الخليج العربي. نهراه الرئيسيان هما دجلة والفرات مع روافد أصغر.
ينحدر النهران من منابعها ومجاميعها العليا في جبال شرق تركيا عبر الوديان والممرات إلى مرتفعات سوريا وشمال العراق ثم إلى السهل الرسوبي في وسط العراق. تنضم روافد أخرى إلى نهر دجلة من ينابيع في جبال زاغروس إلى الشرق. يتدفق النهران في اتجاه جنوبي شرقي عبر السهل الأوسط وتتحد عند القرنة لتشكل شط العرب وتصب في الخليج العربي. يشكل النهران وروافدهما مساحة 879.790 كيلومتر مربع، بما في ذلك أجزاء من تركياوسورياوالعراق وإيران والكويت.
تتمتع المنطقة بأهمية تاريخية كجزء من منطقة الهلال الخصيب، حيث يُعتقد أن حضارة بلاد ما بين النهرين قد ظهرت فيها لأول مرة.
محتويات 1 جغرافية
2 علم البيئة 2.1 أهوار بلاد ما بين النهرين
3 التهديدات البيئية
4 نزاع على المياه
5 في وسائل الإعلام
6 انظر أيضًا
7 مراجع
8 روابط خارجية
جغرافيةحوض دجلة والفرات مشترك بين تركيا وسوريا والعراق وإيران والكويت. ينشأ العديد من روافد دجلة في إيران ويشكل التقاء دجلة والفرات جزءًا من الحدود العراقية الكويتية.
منذ الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي بدأت تركيا مشروع جنوب شرق الاناضول بشكل جدي، وهو ما أدى إلى نزاعات حول المياه بانتظام بالإضافة إلى تآثير السد على البيئة. بالإضافة إلى ذلك، ساهم بناء السدود السورية والإيرانية أيضًا في توتر سياسي داخل الحوض، لا سيما خلال مواسم الجفاف.
تتميز المنطقة البيئية بنهرين كبيرين، دجلة والفرات. تتلقى الجبال العالية في مستجمعات المياه العليا من الأمطار والثلوج أكثر من مستجمعات المياه السفلية، التي تتميز بمناخ شبه استوائي حار وجاف. يؤدي الذوبان السنوي للثلوج من الجبال إلى حدوث فيضانات الربيع، ويحافظ على المستنقعات الدائمة والموسمية في الأراضي المنخفضة.
يُعرف السهل بين النهرين باسم بلاد ما بين النهرين. وكجزء من الهلال الخصيب الأكبر، شهدت المنطقة أول ظهور للحضارة الحضرية المتعلمة في فترة أوروك، ولهذا السبب غالبًا ما توصف بأنها "مهد الحضارة".
يوجد سهل فيضي كبير في الحوض السفلي حيث تلتقي أنهار الفرات ودجلة وكارون لتكوين أهوار بلاد ما بين النهرين، والتي تضم بحيرات دائمة ومستنقعات وغابات على ضفاف النهر. تعتبر الهيدرولوجيا في هذه المستنقعات الشاسعة مهمة للغاية بالنسبة لبيئة الخليج العربي العلوي بأكمله.
علم البيئةأكثر الأسماك وفرة هي أنواع من الأسماك اللاذعة (البنية)، والتي يمكن أن يصل طول بعضها إلى مترين. كانت بعض الأنواع مصادر غذائية مهمة للسكان منذ آلاف السنين. تنتقل العديد من الأنواع بشكل موسمي بين النهر والمستنقعات من أجل التبويض والتغذية والشتاء. تعتبر سمك الايليش من الأسماك الغذائية المهمة التي تعيش في المياه الساحلية وتتكاثر في الروافد السفلية للحوض. تقوم أنواع المحيطات الأخرى أحيانًا بزيارة الروافد الدنيا للأنهار؛ ومن هذه كانت أسماك قرش الثور (Carcharhinus leucas) تصعد في نهر دجلة حتى بغداد.
أهوار بلاد ما بين النهرين
عرب الأهوار يركبون المشحوف في أهوار جنوب العراق
كانت أهوار بلاد ما بين النهرين في جنوب العراق تاريخياً أكبر نظام بيئي للأراضي الرطبة في غرب أوراسيا. يشمل الغطاء النباتي المائي القصب، والوردي، والبردي، التي تدعم العديد من الأنواع. المناطق المحيطة بنهر دجلة والفرات خصبة للغاية. المستنقعات هي موطن للطيور المائية، بعضها يتوقف هنا أثناء الهجرة، والبعض يقضي الشتاء في هذه المستنقعات ويعيش على السحالي والثعابين والضفادع والأسماك. الحيوانات الأخرى الموجودة في هذه المستنقعات هي جاموس الماء، نوعان متوطنان من القوارض، الظباء والغزال والحيوانات الصغيرة مثل الجربوع والعديد من الثدييات الأخرى. من طيور الأراضي الرطبة طيور هازجة قصب البصرة (Acrocephalus griseldis) وثرثارة خوزية (Turdoides altirostris) التي تستوطن في أهوار بلاد ما بين النهرين. طائر القصب في البصرة مهدد بالانقراض. من المحتمل أن تكون أنواع أخرى متوطنة في الأراضي الرطبة مثل جرذ بون قصير الذيل (نيسوكيا بوني)، قد انقرضت.
بدأ تجفيف الاهوار في الخمسينيات من القرن الماضي، لاستصلاح الأراضي للزراعة والتنقيب عن النفط. وسع صدام حسين هذا العمل في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، كجزء من الحرب البيئية ضد عرب الأهوار، وهم مجموعة متمردة من الناس في العراق البعثي. ومع ذلك، مع اختراق المجتمعات المحلية للسدود بعد غزو العراق عام 2003، وانتهاء أربع سنوات من الجفاف في نفس العام، انعكست العملية وشهدت الأهوار معدل انتعاش كبير. تغطي الأراضي الرطبة الدائمة الآن أكثر من 50٪ من مستويات ما قبل السبعينيات، مع إعادة نمو ملحوظة لأهوار الحمّار والحويزة وبعض الانتعاش في الأهوار الوسطى.
التهديدات البيئية
0:40
يوضح هذا التصور الاختلافات في إجمالي تخزين المياه من المعتاد، بالمليمترات، في أحواض نهري دجلة والفرات، من يناير 2003 حتى ديسمبر 2009. يمثل اللون الأحمر ظروفًا أكثر جفافاً، بينما يمثل اللون الأزرق ظروفًا أكثر رطوبة. تتجلى آثار الفصول، كما هو الحال في الجفاف الكبير الذي ضرب المنطقة في عام 2007. وكان معظم المفقود من المياه بسبب الانخفاض في المياه الجوفية بسبب الأنشطة البشرية.
يعاني العراق من التصحر وملوحة التربة بسبب آلاف السنين من النشاط الزراعي. الحياة المائية والنباتية متناثرة. استنزفت مشاريع حكومة صدام حسين للتحكم في المياه مناطق الأهوار المأهولة شرق الناصرية عن طريق تجفيف أو تحويل مجاري المياه والأنهار. تم تهجير المسلمين الشيعة في ظل النظام البعثي. يشكل تدمير الموائل الطبيعية تهديدات خطيرة لسكان الحياة البرية في المنطقة. كما أن هناك إمدادات غير كافية من المياه الصالحة للشرب.
كانت الأهوار نظامًا بيئيًا طبيعيًا واسع النطاق للأراضي الرطبة تطورت على مدى آلاف السنين في حوض نهري دجلة والفرات وكانت تغطي ما بين 15 و 20 ألف كيلومتر مربع. في الثمانينيات ، تعرضت هذه المنطقة البيئية لخطر جسيم خلال الحرب العراقية الإيرانية. تم تجفيف أهوار بلاد ما بين النهرين، التي كان يسكنها عرب الأهوار، بالكامل تقريبًا. على الرغم من أنها بدأت في التعافي بعد سقوط العراق البعثي في عام 2003، إلا أن الجفاف وبناء السدود المكثف وخطط الري في المنبع تسببت في جفافها مرة أخرى.
وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومؤسسة AMAR الخيرية، تم تدمير ما بين 84٪ و 90٪ من الأهوار منذ السبعينيات. في عام 1994، دمر نظام صدام 60٪ من الأراضي الرطبة - وتم تجفيفها للسماح بالوصول العسكري والسيطرة السياسية الأكبر على عرب الأهوار الأصليين. تم بناء القنوات والسدود والسدود لتوجيه مياه نهري دجلة والفرات حول الأهوار، بدلاً من السماح للمياه بالتحرك ببطء عبر المستنقعات. بعد جفاف جزء من نهر الفرات بسبب إعادة توجيه مياهه إلى البحر، تم بناء سد حتى لا تتمكن المياه من العودة من نهر دجلة والحفاظ على المستنقعات السابقة. تم حرق بعض الأهوار وساعدت الأنابيب المدفونة تحت الأرض في نقل المياه لتجفيفها بشكل أسرع.
نزاع على المياهأصبحت قضية حقوق المياه نقطة خلاف بالنسبة للعراق وتركيا وسوريا ابتداء من الستينيات عندما نفذت تركيا مشروع الأشغال العامة (مشروع جنوب شرق الاناضول) الذي يهدف إلى حصاد المياه من نهري دجلة والفرات من خلال بناء 22 سدا. لأغراض الريوالطاقة الكهرومائية. على الرغم من أن النزاع على المياه بين تركيا وسوريا كان أكثر إشكالية، إلا أن مشروع جنوب شرق الاناضول كان يُنظر إليه أيضًا على أنه تهديد من قبل العراق. وزاد التوتر بين تركيا والعراق بشأن هذه القضية بتأثير مشاركة سوريا وتركيا في الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق في أعقاب حرب الخليج. ومع ذلك، فإن القضية لم تصبح أبدًا بنفس أهمية النزاع على المياه بين تركيا وسوريا.أثار الجفاف في العراق عام 2008 مفاوضات جديدة بين العراق وتركيا حول تدفقات الأنهار عبر الحدود. على الرغم من أن الجفاف أثر على تركيا وسوريا وإيران أيضًا ، إلا أن العراق اشتكى بانتظام من انخفاض تدفق المياه. واشتكى العراق بشكل خاص من نهر الفرات بسبب كثرة السدود على النهر. ووافقت تركيا على زيادة التدفق عدة مرات، بما يتجاوز إمكانياتها لتزويد العراق بمياه إضافية. شهد العراق انخفاضات كبيرة في تخزين المياه وغلات المحاصيل بسبب الجفاف. ومما زاد الطين بلة، أن البنية التحتية للمياه في العراق عانت من سنوات من الصراع والإهمال.في عام 2008، وافقت تركيا والعراق وسوريا على إعادة تشغيل اللجنة الثلاثية المشتركة بشأن المياه للدول الثلاث من أجل إدارة أفضل للموارد المائية. وقعت تركيا والعراق وسوريا مذكرة تفاهم في 3 سبتمبر 2009، من أجل تعزيز التواصل داخل حوض دجلة والفرات وتطوير محطات مشتركة لمراقبة تدفق المياه. في 19 سبتمبر 2009، وافقت تركيا رسميًا على زيادة تدفق نهر الفرات إلى 450 إلى 500 متر مكعب / ثانية ، ولكن فقط حتى 20 أكتوبر 2009. في المقابل، وافق العراق على تجارة النفط مع تركيا والمساعدة في كبح نشاط المسلحين الأكراد في منطقتهم الحدودية. يعارض العراق بشدة أحد آخر السدود التركية الكبيرة في مشروع الاناضول على نهر دجلة - سد إليسو - وهو مصدر الصراع السياسي.
في وسائل الإعلام
فجر العالم ، فيلم ، 2008.
زمان ، الرجل من القصب ، فيلم ،
================
شط العرب من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
إحداثيات: 30°24
26N 48°0906E
شط العرب
نهر شط العرب الفاصل بين العراق وإيران.
المنطقة
البلد العراق
الخصائص
الطول 200
المجرى
المنبع الرئيسي دجلة–الفرات يلتقي في القرنة (العراق)
المصب الخليج العربي
مساحة الحوض 884000 كيلومتر مربع
الجغرافيا
الروافد الفرات، ودجلة، ونهر كارون
دول الحوض العراق، إيران
شط العرب وسمي «دجلة العوراء» قبل القرن 5 هـ، هو نهر يتكوّن من التقاء نهري دجلة والفرات، حيث يلتقي نهر دجلة مع المجرى الأعلى للفرات بمدينة القرنة على بعد 375 كم جنوب بغداد ويلتقي دجلة والفرات الأسفل في كرمة علي.
ويبلغ طوله حوالي 190 كم، ويصب في الخليج العربي عند طرف مدينة الفاو، والتي تعتبر أقصى نقطة في جنوب العراق ويصل عرض شط العرب في بعض مناطقه إلى كيلو مترين أما بالنسبة لضفافهِ فكانت كلها مزروعة بأشجار النخيل قبل الحرب ولكنها تعرضت للقطع والإهمال خلال الفترة الأخيرة، وهناك مدينة تقع على ضفاف شط العرب تسمى التنومة حيث تكثر فيها بساتين النخيل. وعندما أُرِيدَ بناءُ جامعة البصرة، اختيرت هذه المدينة لما تتمتع به من مناظر خلابة وطبيعة ساحرة. ويستمر النهر في المسير حتى يمر بقضاء أبي الخصيب وهي منطقة ريفية عامرة بأشجار النخيل.
كانت كل مياه شط العرب حتى عام 1975 جزءا من العراق، إلا أنه وبموجب اتفاقية الجزائر تنازل العراق على الشاطئ الشرقي المطل على الحدود مع إيران لها. وأصبحت الملاحة مشتركة.
مساء شط العرب
وكانت النية لدى الحكومة المحلية في مدينة البصرة بأن تجعل جزيرة أم الرصاص المطلة على الشط منطقة سياحية، ولكنها لم تباشر فعليا بإنجاز المشروع. وعلى صعيد متصل اتسعت رقعة الحديث مؤخرا حول تفاقم ظاهرة تلوّث مياه شط العرب، وهناك من يتحدث من ذوي الخبرة في مجال حماية البيئة عن وجود بقع زيت في بعض المساحات المائية من النهر. ويعتبر شط العرب من أعمق المسطحات المائية في العراق حيث تستطيع السفن الكبيرة السير من خلاله إلى داخل العراق.
ويتفرع من نهر شط العرب الكثير من الأهوار التي تشق المدن والأحياء البصرية فتشكل إحدى أجمل المناظر في البصرة. ولقد طوّرت الحكومة المحلية في البصرة كورنيش السياب، الذي سمي على اسم شاعر البصرة بدر شاكر السياب، وكورنيش القصر على ضفاف شط العرب حيث يشهد حضور العديد من السياح في المناسبات.
كورنيش شط العرب
محتويات 1 المدن الواقعة على النهر
2 البيئة الجيولوجية
3 تاريخه
4 انظر أيضًا
5 المراجع
المدن الواقعة على النهر
سفن قديمة راسية في شط العرب
العراق: القرنة، الدير، الهارثة، البصرة، أبو الخصيب، الفاو، قضاء شط العرب.
إيران: المحمرة، عبادان.
البيئة الجيولوجية
تصنف العلوم الجيولوجية المنطقة الجنوبية من العراق، وخصوصًا منطقة شط العرب على أنها منطقة غير مكتملة التكوين الجيولوجي، وقد تكوّنت مياه شط العرب من التقاء نهري دجلة والفرات.
ويرى بعض الباحثين أن الترسبات التي كوّنها نهر كارون والأودية الآتية من الجهة الغربية، سببت في نشوء سد في الخليج العربي يعوق مياه الرافدين من الوصول إليهِ بسهولة، مما جعل مياهه تسري إلى المنخفضات المجاورة لتتجمع ثانية، وتنزل تدريجيًا نحو الخليج مكونة نهر شط العرب.
يبلغ طول شط العرب 204 كم، أما عرضه فمتغير حسب المنطقة، فهو عند المصب يبلغ أكثر من كيلو مترين، في حين يبلغ عند البصرة حوالي كيلومتر واحد. وفي الآونة الأخيرة بدأ الشط يتوسع من جهة إيران نظرًا لقيام إيران بالحفر والتوسع من جهتها فيما بدأت تقوم بأعمال جيولوجية لاكتشاف النفط من جانبها المتسع بينما بقي الجانب العراقي من الشط مغمورًا بأنقاض الحروب.
تاريخه
شط العرب 2014
رغم خضوع منطقة الخليج العربي إلى الاحتلال الأوروبي لمدة أربعة قرون سواء على يد البرتغاليين والهولنديين والفرنسيين والإنجليز، فإن منطقة شط العرب بقيت منطقة عربية خالصة، وحافظت على عروبتها حتى في ظل الصراع الذي دار بين الفرس والترك تارة، وبين الترك والإنجليز تارة أخرى.
ويتخذ بعض الباحثين المؤرخين في نظرتهم لشط العرب ما جاء في معاهدة قصر شيرين بين الترك والفرس عام 1639، والتي يعتبرونها أول معاهدة لترسيم الحدود -بحسب موسوعة إنكارتا وموسوعة السياسة- والتي خلت من أي ذكر لشط العرب على أنه عربي التاريخ.
تدخلت بريطانيا في قضية الحدود بين الدولتين العثمانية والفارسية، وذلك حينما تعاظم نفوذها إبان القرن الثامن عشر وكان هدفها هو البحث في سبل تأمين مواصلاتها البحرية عبر الطرق المائية ومن بينها شط العرب.
ولتنفيذ هذه الاستراتيجية البريطانية، أسندت بريطانيا إلى الرحالة والدبلوماسي البريطاني السير أوستن هنري لايارد مهمة وضع مشروع حدود تكون منطقة شط العرب فيه تابعة للدولة العثمانية، على أن يعطى نهر السیحان أو السلیج إلى إيران. وهذا النهر عبارة عن فرع من نهر الكارون يصب في الخليج وليس في شط العرب. ونشر لايارد مشروعه ذاك في مجلة الجمعية الجغرافية الملكية في لندن عام 1848.
وتتابعت بعد ذلك الاتفاقات والمعاهدات الخاصة بالحدود بين الدولة العثمانية وفارس منذ 1843 حتى بروتوكول الأستانة عام 1913.
ومع أوائل القرن العشرين اكتشف النفط في العراق وإيران وظهر أيضا في منطقة الأحواز العربية التي احتلتها إيران وأخضعتها للدولة الإيرانية، وكانت تطلق عليها إيران «عربستان» أي بلاد العرب. فزادت أهمية منطقة شط العرب لبريطانيا في عمليات نقل النفط إلى الخليج العربي ومنه إلى أوروبا.
وتقول موسوعة السياسة إن بريطانيا ضغطت على الحكومة العراقية سواء في الحرب العالمية الأولى أو إبان العهد الملكي لتقديم تنازلات في شط العرب، وحملتها على توقيع معاهدة عام 1937 التي أعطت بموجبها لإيران 16 كيلومترا من مياه شط العرب أمام منطقة عبادان وذلك لتأمين تحرك ناقلات النفط الإيراني من مصافي عبادان.
ولكن لم يقتنع الشاه محمد رضا بهلوي بهذه الكيلو مترات، فأعلن عام 1970 إلغاء معاهدة 1937 من طرف واحد، وذلك بعد أن وضعت الولايات المتحدة يدها على أكثر من 80% من النفط الإيراني إبان حكمه وظهرت حاجتها أيضا لشط العرب.
انظر أيضًا
نهر دجلة
نهر الفرات
نهر كارون
الكرخة
نهر تيري
============
الفرات
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
هذه المقالة عن النهر في جنوب غرب آسيا. لتصفح عناوين مشابهة، انظر الفرات (توضيح). المنطقة
البلد تركيا
سوريا
العراق
الخصائص
الطول 2،800 كم (1،740 ميل)
التصريف 356 م³/ث
المجرى
المنبع الرئيسي جبال طوروس في تركيا
» الإحداثيات 2°16
55S, 29°1952E
المنبع الثانوي
» الإحداثيات 12°2
8N, 37°1553E
المصب شط العرب الخليج العربي
» الارتفاع 0 متر (0 قدم)
مساحة الحوض 673000 كيلومتر مربع
الجغرافيا
الروافد الساجور، البليخ
دول الحوض تركيا
سوريا
العراق
تعديل مصدري - تعديل
الفرات هو أحد الأنهار الكبيرة في جنوب غرب آسيا وأكبر نهر في الصفيحة العربية، وينبع النهر من جبال طوروس في تركيا ويتكون من نهرين في آسيا الصغرى هما مراد صو (أي ماء المراد) شرقاً، ومنبعه بين بحيرة وان وجبل أرارات في أرمينيا، وقره صو (أي الماء الأسود) غرباً ومنبعهُ في شمال شرقي الأناضول. والنهران يجريان في اتجاه الغرب ثم يجتمعان فتجري مياههما جنوبا مخترقة سلسلة جبال طوروس الجنوبية. ثم يجري النهر إلى الجنوب الشرقي وتنضم إليه فروع عديدة قبل مروره في الأراضي السورية ليجري في الاراضي العراقية ويلتقي بنهر دجلة في منطقة كرمة علي ليكون شط العرب الذي يصب في الخليج العربي. ومن خصائصه أنه هو ونهر النيل يعدان أغزر نهرين في الوطن العربي. ويدخل نهر الفرات في الأراضي السورية عند مدينة جرابلس، وفي سوريا ينضم إليه نهر البليخ ثم نهر الخابور وثم يمر في محافظة الرقة ويتجه بعدها إلى محافظة دير الزور، ويخرج منها عند مدينة البوكمال. ويدخل أراضي العراق عند مدينة القائم في محافظة الأنبار ليدخل بعدها محافظة بابل ويتفرع منه شط الحلة ثم يدخل نهر الفرات إلى محافظة كربلاء ثم إلى محافظة النجف ومحافظة الديوانية ثم محافظة المثنى ثم محافظة ذي قار ليتوسع ليشكل الأهوار، ويتحد معه في العراق نهر دجلة فيشكلان شط العرب الذي تجري مياهه مسافة 90 ميلا (120 كم ) لتصب في الخليج العربي. ويبلغ طول نهر الفرات من منبعه في تركيا حتى مصبه في شط العرب في العراق حوالي 2940 كم منها 1176 كم في تركيا و610 كم في سوريا
و1160 كم في العراق، ويتراوح عرضه بين 200 إلى أكثر من 2000 متر عند المصب. ويطلق على العراق بلاد الرافدين لوجود نهري دجلة والفرات بها.
محتويات 1 التسمية
2 نهر الفرات في التاريخ
3 خصائص النهر
4 مسار النهر في الأراضي العربية 4.1 مسار نهر الفرات في سوريا
4.2 مسار نهر الفرات في العراق
5 الأنشطة البشرية
6 تقاسم المياه بين الدول المتشاطئة
7 أزمة جفاف النهر سنة 2021 7.1 رد الفعل الرسمي السوري
8 الجزر النهرية في الفرات
9 المدن الواقعة على النهر
10 نهر الفرات في الأديان 10.1 المندائية
10.2 المسيحية
10.3 الإسلام
11 انظر أيضاً
12 وصلات خارجية
13 المراجع
التسمية
الفرات في اللغة هو كل ماء عذب، ويقال ماء فرت، ومياه فرات، والتسمية وردت في القرآن الكريم:
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا سورة الفرقان [الآية:53]. وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ سورة فاطر [الآية:12]. وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا سورة المرسلات [الآية:27].ويرجع البعض التسمية إلى كلمة أرامية قديمة ( فرت) وتعني الخصب والنمو.
اللغة أسماء الفرات
بالعربية الفرات
بالأكادية Pu-rat-tu
بالأرامية
ܦܪܬ Prāṯ, Froṯ
بالأرمنية
Եփրատ Yerat
باليونانية
Ευφράτης Euphrátēs
بالعبرية
פְּרָת Pĕrāṯ
بالكردية فره ات Firat, Ferat
بالفارسية فرات Forat
بالسامرية Buranun
بالتركية Fırat
كان يسمى من قبل شعوب المنطقة بالنهر الكبير أو النهر، كما كان الحد الفاصل بين الشرق والغرب بين بلاد آشور وبابل وبلاد شمال أفريقيا، وكانت كل من هاتين القوتين تسعيان لامتلاك الأراضي الواقعة بين وادي النيل والفرات. أيضا كان الفرات الحد الفاصل بين الشرق عن الغرب في عهد الفرس. كما كان أحد حدود المملكة السلوقية وكان يعد الحد الشرقي للإمبراطورية الرومانية. وكانت بابل أعظم مدينة على شواطئه وكركميش المدينة الحثيّة شمال الجزيرة السورية (الفراتية). وقد شهدت ضفاف هذا النهر معارك عديدة أشهرها المعركة التي انتصر فيها نبوخذ نصر الكلداني على فرعون نخاو الثاني المصري 605 ق.م. ذكر الفرات مرات عديدة في الكتب المقدسة لما له من دور حيوي في حياة سكان بلاد ما بين النهرين قديما وحديثا.
خصائص النهريستقبل نهر الفرات معظم مياهه من خلال هطول الأمطار، وذوبان الثلوج.
ترتفع مياه نهر الفرات بشكل خاص وكبير خلال الأشهر الممتدة من أبريل وحتى مايو.
ينخفض تدفق مياه نهر الفرات خلال الصيف والخريف.
المنبع الرئيسي لنهر الفرات في تركيا الشرقية، ثمّ تتدفق إلى الخليج العربي، وهي في طريقها تمر عبر تركيا وسوريا والعراق.
ازدهرت العديد من الحضارات على ضفاف نهر الفرات خلال العصور القديمة، وكان من أهم حضاراتها إمبراطورية بلاد ما بين النهرين التي كانت جزءًا من ما يسمى بالهلال الخصيب.
في كثير من الأحيان استخدم الفرات كحدود بين الممالك المختلفة، كما كان مسرحاً للمعارك في العصور القديمة.
كان نهر الفرات جزءاً من "طريق الحرير"، وهو طريق تجاري يمر عبر آسيا الوسطى وبلاد الرافدين، وكانت مدينة حلب السورية محطة رئيسية على طول الطريق التجاري الشهير.
بنيت مدينة بابل التي تعتبر أهم المدن في العالم القديم على طول نهر الفرات. بنيت العديد من السدود الكبيرة على طول نهر الفرات، وكان أهمها سد الفرات الذي بلغ ارتفاعه 200 قدم.
على الرغم من أنّ نهر الفرات لازال من أهم الأنهار حول العالم، إلا أنّه واجه العديد من المشكلات التي أثرت عليه بشكل سلبي، فتحولت التربة الخصبة إلى أرض قاحلة، وجافة.
نهر الفرات في الأديان السماوية ذكر نهر الفرات في الديانتين المسيحية والإسلامية، أما في المسيحية فقذ ذكرت الآية من سفر التكوين أنّ الفرات نهر من أنهار الجنة، ثمّ ذكر بعد ذلك في الديانة الإسلامية فجاء في صحيح مسلم أنّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: (سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة). وأخيراً، على الرغم من الأهمية الكبيرة التي يحتلها نهر الفرات في الشرق الأوسط، إلا أنّه يواجه اليوم العديد من المشكلات الناتجة عن الإهمال كالتلوث الناجم عن تحويل مياه الصرف الصحي إليه.
مسار النهر في الأراضي العربية
مسار نهر الفرات في سوريا
بمجرّد دخول نهر الفرات في الأراضي السورية فإنّه يمر من خلال جرابلس، ثمّ يمضي ليخترق محافظة الرقة، وفي الطريق ما بين جرابلس والرقة يتّحد معه كلٌّ من نهري البليخ والخابور. بعد أن يمرّ من الرقة يمر من خلال دير الزور، ويخرج من البوكمال.
مسار نهر الفرات في العراق
يدخل نهر الفرات دولة العراق من جهة محافظة الأنبار من مدينة القائم تحديداً، لينتقل بعدها إلى بابل، ثمّ إلى كربلاء، إلّا أنّه قبل أن يدخل في كربلاء يتفرّع منه شط الحلة، وبعد كربلاء يسير إلى أن يصل كلّاً من النجف والديوانية، فالسماوة، فالناصرية، إلى أن يتّحد من النهر العظيم الآخر دجلة حتّى يشكّلا معاً شط العرب، والّذي يصبّ في النهاية في الخليج العربي.
الأنشطة البشرية
منذ فجر التاريخ، كانت ضفاف نهر الفرات (بالإضافة لضفاف نهر دجلة، وما بينهما) المهد الأساسي لابتكار الزراعة المروية قبل حوالي 12 ألف عام. كما مارست الشعوب المقيمة على ضفافه صيد الأسماك والنقل النهري والتجارة البينية، وتتابعت الأنشطة البشرية الاقتصادية وبنيت آلاف المدن والقرى عبر آلاف السنين على ضفافه، بعضها لايزال حيّاً إلى اليوم. مؤخراً، تزايدت وتيرة استثمار مع بناء عشرات السدود وتأسيس المزارع الجماعية الواسعة على ضفافه. في تركيا، يوجد 22 سد و19 محطة كهرمائية ضمن مشروع جنوب شرق الأناضول لاستصلاح مساحة كبيرة تعادل بلجيكا. أكبر السدود التركية هو سد أتاتورك الواقع على مسافة قريبة من الحدود السورية، ويحجز خلفه بحيرة صناعية كبيرة جداً تصل مساحتها إلى 817 كم². ويلي سد أتاتورك من حيث الحجم سد كيبان حيث يحجز خلفه بحيرة صناعية بمساحة 675 كم².
في سورية، توجد 5 سدود على الفرات، أقيمت 3 منها (الكبيرة) في منتصف ستينيات القرن العشرين ضمن مشروع سد الفرات أو سد الثورة الذي شكل خلفه بحيرة اصطناعية كبيرة اسمها بحيرة الأسد تقع في محافظة الرقة قرب مدينة الثورة يحجز كمية من المياه تصل إلى 11.6 مليار متر مكعب قبل مدينة الرقة. واسم السد الآخر هو سد البعث ويقع في محافظة الرقة في مدينة المنصورة وأنشئ السدان الأخيران في أواخر الثمانينات للري السطحي. تنوي الحكومة السورية حالياً إنشاء سد كبير آخر في منطقة التبني شمال دير الزور[1].
في العراق يوجد 7 سدود عاملة على الفرات منذ سبعينيات القرن العشرين. وفي أوائل الثمانينيات، من أهمها سد حديثة. تم وصل الفرات مع دجلة بقناة قرب سامراء.
تقاسم المياه بين الدول المتشاطئة
نهر الفرات في الحلة في العراق
لا يوجد اتفاق نهائي لتقاسم مياه الفرات بين الدول المتشاطئة وهي كل من تركيا وسوريا والعراق إلا أن الاتفاقية السورية التركية المؤقتة لعام 1987 تنظم الحصص بين سوريا وتركيا والتي تحصل بموجبها سوريا على معدل تدفق لا يقل عن 500 متر مكعب بالثانية من مياه نهر الفرات في حين اتفقت سوريا مع العراق عام 1989 على إطلاق 58% من مياه نهر الفرات الواردة إليها من تركيا فيما تكون الحصة الباقية لسوريا وهي 42%.
أزمة جفاف النهر سنة 2021
في ربيع سنة 2021 تداول نشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي صوراً مأساوية لحال نهر الفرات القسم المار في سوريا، بعد أن تراجع منسوب تدفق المياه فيه إلى أقل من النصف.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن منسوب نهر الفرات انخفض بمعدل خمسة أمتار لأول مرة في التاريخ بسبب حجب الجانب التركي لمياه النهر بحيث بات لا يتجاوز 200 متر مكعب في الثانية، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للاتفاقية الموقعة بين سوريا وتركيا عام 1987؛ حيث التزمت تركيا بإطلاق 500 متر مكعب في الثانية على الأقل يتقاسمها العراق وسوريا.
وحذر المرصد السوري من كارثة وشيكة تهدد حياة وسبل معيشة أكثر من ثلاثة ملايين سوري يعتمدون على النهر في تأمين مياه الشرب والكهرباء والري.
رد الفعل الرسمي السوريوزير الموارد المائية في سوريا، تمام رعد، طالب الجانب التركي بإطلاق المياه في نهر الفرات وفق الحصة العادلة لسوريا والعراق، داعيا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية للتدخل في هذا الشأن، وأكد أن «سبب الانخفاض هو انقطاع المياه من الجانب التركي».
========
==============
نَهْرُ الْفُرَاتِ
مجرى نهر الفرات.
تدعى الجزر النهرية في الفرات غالباً باسم الحوائج (جمع" حويجة). تكثر في الفرات الحوائج متفاوتة المساحة والتي تتشكل من التربة التي ينقلها النهر أثناء فيضانات النهر ونمت فيها اشجار ونباتات طبيعة وتتميز هذه النباتات بكثافتها وأوراقها الطويلة والرفيعة كالحور الفراتي والصفصاف والطرفاء وعرق السوس والغَرَبْ والحلفاء والزل والرز والكينا والزيزفون لأنها نباتات لا تنمو إلا في الأماكن التي تتوفر فيها المياه بشكل دائم. ولكون هذه الحوائج محاطة بالمياه من كل الجهات ويد الإنسان بعيدة عنها، بالإضافة لكثافة النباتات فيها، لذلك كانت الحيوانات التي تعيش فيها هي حيوانات مفترسة (الضبع والذئب وابن آوى) إضافة إلى حيوان النمر الفراتي وهو قط بري متوحش، وجميع هذه الحيوانات إما انقرضت أو هي في طريقها للانقراض في تلك المنطقة. كذلك تُعدّ الحوائج مستعمرات لأنواع من الطيور المستوطنة والمهاجرة، وتكثر فيها أعشاش الطيور، ولكنها بالرغم من ذلك لم تتحول إلى محميات طبيعية إلى الآن.
المدن الواقعة على النهرتركيا: أرزينجان، كيبان، سامسات، البيرة (أورفة)
سوريا: جرابلس، الثورة، دير الزور، الرقة، الميادين، البوكمال
العراق: القائم، حديثة، هيت، الرمادي، الفلوجة، بابل، الهندية، كربلاء، الديوانية، الشامية، الكفل، الكوفة، السماوة، الناصرية، البصرة، قضاء المدينة، راوة، عانة
نهر الفرات في الأديان
ضفة نهر الفرات في العراق حيث تكثر أشجار النخيل على ضفاف النهر
نهر الفرات في مدينة الكوفة
المندائية
المندائية هي أشد الأديان تقديساً لنهر الفرات حيثُ يتم التعميد في ماءه لدخول المندائية وأنه إحدى أنهار الجنة وقد جاء في نص من كنزا ربا: ((صغيراً أنا بين الملائكة الأثريين طفلاً أنا بين النورانيين ولكني أصبحت عظيماً لأني شربت من ثغر الفرات
المسيحية
في المسيحية، وكما جاء في الكتاب المقدس (سفر التكوين 2: 14) فإن الفرات يعد أحد أنهر جنة عدن (غالب الظن أنها في جنوب العراق).
الإسلامفي الإسلام، أخبر النبي محمد بن عبد الله ﷺ بأن الفرات والنيل هما من أنهار الجنة وقد جاء في كتاب بدء الخلق في صحيح البخاري في باب ذكر الملائكة: «رفعت إلى سدرة المنتهى منتهاها في السماء السابعة نبقها مثل قلال هجر وورقها مثل آذان الفيلة فإذا أربعة أنهار نهران ظاهران، ونهران باطنان. فأما الظاهران: فالنيل والفرات ...». وجاء في صحيح مسلم أن النبي محمد ﷺ قال: «سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة ». يعتقد المسلمون أن نهر الفرات سينحسر عن جبل من ذهب في آخر الزمان كما أخبر النبي محمد بن عبد الله ﷺ «يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب. فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا» وفي حديث آخر «...فيقتل، من كل مائة، تسعة وتسعون"».
انظر أيضاًنهر دجلة
نهر الدجيل
وصلات خارجيةجولة مملف: 30 عاما على إنشاء سد الفرات=====
========
دجلة من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة نَهْر دِجْلَة
==============
المنطقة
البلد العراق
سوريا
تركيا
الخصائص
الطول (1,718 ميل)
التصريف 1500 م³/ث
المجرى
المنبع الرئيسي جبال طوروس في تركيا.
المصب شط العرب الخليج العربي
» الارتفاع 0 متر (0 قدم)
مساحة الحوض 375000 كم²
الجغرافيا
الروافد الزاب الصغير، ونهر الزاب الكبير، ونهر بوتان، وخابور، ونهر العظيم، ونهر بطمان، ونهر ديالى، والكرخة، ونهر خاصة
، والخوصر
دول الحوض تركيا سوريا العراق
بحيرات على النهر بحيرة هزار
نهر دِجْلَة نهر ينبع من جبال طوروس، جنوب شرق الأناضول في تركيا ويعبر الحدود السورية التركية، ويسير داخل أراضي سوريا بطول 50 كلم تقريباً، ليدخل بعد ذلك أراضي العراق عند قرية فيشخابور. يتفرع دجلة إلى فرعين عند مدينة الكوت هما نهر الغراف والدجيل. كان نهر دجلة يلتقي بنهر الفرات عند القرنة في جنوب العراق بعد رحلته عبر أراضي العراق ليكوّنا شط العرب الذي يصب في الخليج العربي، ولكن تغير مجرى الفرات في الوقت الحاضر وأصبح يلتقي بنهر دجلة عند منطقة الكرمة القريبة من البصرة، ويبلغ طول مجرى النهر حوالي 1,718 كيلومتر. ينبع من تركيا ومعظم مجراه داخل الأراضي العراقية بطول يبلغ حوالي 1400 كيلو متر، وتصب خمسة روافد فيه بعد دخوله الأراضي العراقية وهي: الخابور والزاب الكبير والزاب الصغير والعظيم وديالى. وهذه الروافد تجلب إلى النهر ثلثي مياهه. أما الثلث الآخر فيأتي من تركيا ويصب آخر رافد في دجلة، وهو نهر ديالى جنوب بغداد بمسافة قصيرة. ثم يتعرج ويتهادى بالتدريج حتى يصل إلى أرض منخفضة ومنبسطة حتى يلتقي بنهر الفرات توجد أكثر أراضي العراق خصوبة في المنطقة القريبة والواقعة بين نهري دجلة والفرات، ويوفر النهران المياه اللازمة للري. يعيش معظم سكان العراق في هذه المنطقة، وتقع بغداد، أكبر مدن العراق وعاصمتها، على نهر دجلة. يتم تخزين المياه المستخدمة في توليد الطاقة الكهربائية بالقوة المائية في السدود المقامة عل طول النهر في العراق وأهمها سد الموصل. تبحر القوارب الصغيرة في نهر دجلة، إلا أن الجزء الأكبر من النهر ضحل مما لا يتحمل إبحار السفن الكبرى. كانت منطقة دجلة والفرات موقع إحدى حضارات العالم الأولى، التي نشأت في سومر عام 3500 ق.م. تقريبًا. وازدهرت الحضارة الآشورية وغيرها من الحضارات القديمة في تلك المنطقة. وتوجد آثار العاصمة الآشورية على نهر دجلة.
محتويات 1 التسمية
2 المدن الواقعة على النهر
3 جزر نهر دجلة
4 مشاريع على مجرى النهر
5 معرض صور
6 أنظر ايضاً
7 مراجع وهوامش
التسمية
المدن الواقعة على النهر
تركيا: بيسميل، حصن كيفا، جزيرة ابن عمر
سوريا: المالكية
العراق: الموصل، بيجي، تكريت، سامراء، بغداد، الكوت، المدائن، العمارة، القرنة.
جزر نهر دجلة
مشاريع على مجرى النهر
تقوم تركيا بإنشاء سلسلة من السدود على أعالي نهري دجلة والفرات فيما يسمى مشروع جنوب شرق الأناضول.
في العراق هناك عدد من السدود قيد الإنشاء أبرزها سد مكحول و سد بادوش .
معرض صور
نهر دجلة وتدريب للزوارق النهرية في بغداد
منظر عام من بغداد ويبدو في المشهد شارع حيفا ونهر دجلة
مدينة الموصل وكما يبدو واضحا نهر دجلة
ضفاف نهر دجلة في بغداد عام 1923
أنظر ايضاًنهر الفرات
نهر الدجيل
دَجَل الشيءَ غَطَّاه، ودِجْلة اسم نهر، من التغطية لأَنها غَطَّت الأَرض بمائها حين فاضت، ويقال دِجْلة ودَجلة بفتح الدال وكسرها؛ ودُجَيل: نهرٌ صغير متشعب من دِجْلة.
الاسم السومري لدجلة هو «ادجنا».
الاسم السامي «ادجلان».
الاسم التوراتي «حداقل».
=====
تاريخ العالم
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
جزء من سلسلة
التاريخ البشري
وما قبل التاريخ
قبل هومينيا (بليوسين)
عصر ما قبل التاريخ
(نظام العصور الثلاث)
عصر حجري عصر حجري قديم سفلي
هومو (جنس)
إنسان منتصبعصر حجري قديم وسيطإنسان بدائيعصر حجري قديم علويحداثة سلوكيةعصر حجري حديثمهد الحضارةعصر برونزيالصين، أوروبا، الهند، الشرق الأدنى القديمعصر حديديانهيار العصر البرونزي، الصين، أوروبا، الهند، كوريا، الشرق الأدنى القديم، حضارة النوق
تاريخ
تاريخ قديمتاريخ الكتابةعصر ما بعد الكلاسيكيعصور حديثة
أوائل العصر الحديث
عصور حديثة
معاصرة
انظر أيضاً
حداثة
علم المستقبل
المستقبل (العصر الهولوسيني)
ع
ن
ت
تاريخ العالم اصطلاحا هو تاريخ الإنسان منذ بداية ظهوره كإنسان عاقل في أفريقيا منذ حوالي 200,000 سنة، مروراً بالكرومانيون وانقراض نياندرتال وبدايات رسوم الكهوف ومروراً بالحضارة الكبارية وتدجين الماعز، إلى بدايات ظهور أريحا أقدم المدن المأهولة، وبداية الثقافة في الصين وباكستان، إلى صهر النحاس، وبدايات حضارات بلاد ما بين النهرين، وخصوصاً الحضارة السومرية واختراع الكتابة وبداية التاريخ منذ حوالي 5500 سنة.
خريطة أوائل الهجرات البشرية، وفقا ل الميتوكوندريا السكان علم الوراثة. الأرقام هي السنين قبل (الدقة المتنازع عليها في الوقت الحاضر).
مع العصر البرونزي وبداية الكتابة في الحضارة السومرية كانت حضارات أخرى قد بدأت بالنشوء مثل، الحضارة الكيكلادية ونورتي شيكو ومن ثم عيلام في إيران وقيام الأسرة الأولى في مصر وبناء ستونهنج في نسخته الأولى، وقد شهد هذا العصر أول استخدام معروف لورق البردي من قبل المصريين، ونشوء حضارة وادي السند والمملكة المصرية القديمة وحضارة المايا وبدايات النصوص الأدبية السومرية، ومن ثم اكمال الملك خوفو للهرم الاكبر، والفترة نفسها شهت انقراض الماموث، وشهد التاريخ بعد ذلك قيام أول إمبراطورية قوية في بلاد الرافدين وشمال سوريا وهي الإمبراطورية الأكدية وتبع ذلك تدجين الحصان، وظهور قوانين حمورابي، وظهور يونان الموكيانية وبداية هيمنة الحيثيون على منطقة شرق المتوسط.
ومع بداية انتشار استخدام الحديد، كانت مملكة إسرائيل الموحدة قد ظهرت وكتبت الإلياذة والأوديسة، وظهرت الألعاب الأوليمبية، وتأسست روما، وصعدت الإمبراطورية الميدية، وبني سد مأرب وظهرت الإمبراطورية الفارسية وتدمر الهيكل لأول مرة، وشهدت الفترة ولادة بوذا وماهافيرا وتبع ذلك سقوط الإمبراطورية البابلية وامتدت الإمبراطورية الفارسية في عصر دارا الأول من تراقيا إلى ليبيا، وشهدت الفترة تأسيس الجمهورية الرومانية وإرساء الديمقراطية في أثينا وهزيمة الفرس في معركتي ماراثون وسالاميس ونهاية الحروب الفارسية اليونانية وعصر سقراط وأفلاطون وأرسطو وصعود الإمبراطورية الفرثية.
مع ولادة يسوع في الناصرة وبداية التاريخ الميلادي، مني الرومان بهزيمة في معركة غابة تويتوبورغ، ودمرت القدس من قبل جيوش تيتوس ودمر بركان فيزوف بومبي، وسقطت الإمبراطورية الفرثية وصعدت مكانها الإمبراطورية الساسانية، ونقل الرومان عاصمتهم من روما إلى ميلانو ونظم قسطنطين العظيم مجمع نيقية، وانتهى وجود الإمبراطورية الرومانية الغربية عام 476 لتبدأ العصور الوسطى، والتي أعقبها بروز نجم القبائل الجرمانية بشكل واضح ابتداءً من توحيد كلوفيس الأول جميع قبائل الفرنجة تحت حكمه إلى إنشاء مملكة القوط الشرقيون.
شهد عام 571 ولادة محمد نبي الإسلام وبدأت حضارة جديدة وانتهت حروب الروم والفرس وقد تركت كلا الطرفين منهكين ولم يتمكنا من التعاون لوقف المد الإسلامي الجديد القادم من جزيرة العرب، وهاجر محمد إلى المدينة، وفي عام 627 حدثت معركة نينوى حيث تمكن البيزنطيين من هزيمة جيش فارس، وتوسع المد الإسلامي مع فتح القدس وباقي بلاد فارس عقب معركة نهاوند وفتحت الإسكندرية وإسبانيا ومعركة بلاط الشهداء.
عام 750 بدأت الخلافة العباسية ومن حوالي سنة 780 وما بعدها، شهدت أوروبا غزوات وأدت النهضة الكارولنجية لإحياء العلم والفلسفة لأوروبا وأنشئت الجامعات الأولى في بولونيا وباريس وأكسفورد ومودينا. وقد استقر الفايكنج في الجزر البريطانية وفرنسا وأماكن أخرى، في حين تطورت الممالك المسيحية الإسكندنافية في أوطانهم الاسكندنافية. وتوقف توسع المجريين وتم الاعتراف بمملكة مسيحية في هنغاريا، ولعبت السلالات المقدونية التي كانت امتدداً للإمبراطورية البيزنطية دوراً في بعث صربيا وبلغاريا.
في القرن الحادي عشر وصلت الكنيسة الكاثوليكية إلى ذروة قوتها السياسية في هذا الوقت، ودعت الجيوش من مختلف أنحاء أوروبا إلى سلسلة من الحروب الصليبية ضد الأتراك الذين سيطروا على الأرض المقدسة، وبالتالي تأسيس الدول الصليبية في بلاد الشام.
أنتجت العصور الوسطى العديد من الأشكال المختلفة من الأعمال الفكرية والروحية والفنية، وشهد هذا العصر صعود النزعة العرقية، والتي تطورت لاحقاً إلى القومية المدنية الحديثة في معظم أوروبا، والصعود الإيطالي وصعود وهبوط الحضارة الإسلامية في الأندلس وإعادة اكتشاف أعمال أرسطو، وبلغ ذروة الفن البيزنطي في القرن الثاني عشر في الهندسة المعمارية، والعديد من الكاتدرائيات القوطية.
في القرن الثالث عشر توقف الازدهار والنمو في أوروبا بسبب سلسلة من المجاعات والأوبئة، مثل المجاعة الكبرى والموت الأسود وانخفض عدد السكان إلى نحو النصف، ومع هجرة السكان والاضطرابات الاجتماعية والحروب، شهدت فرنسا وإنجلترا انتفاضات الفلاحين وشهدت أوروبا حرب المائة عام، وعلى الرغم من هذه الأزمات شهد القرن الرابع عشر تقدما كبيراً في مجال الفنون والعلوم بعد تجدد الاهتمام في النصوص اليونانية والرومانية القديمة التي تجذرت في العصور الوسطى، وبدأ عصر النهضة الإيطالية وأدى الاتصال مع العرب أثناء الحروب الصليبية لازدهار ذلك، ومع اختراع الطابعة التي سهلت نشر الكلمة المطبوعة وديمقراطية التعلم أديا لاحقاً إلى الإصلاح البروتستانتي في نهاية هذه الفترة.
يعتبر القرن الخامس عشر جسراً بين العصور الوسطى المتأخرة وعصر النهضة المبكرة، ويمكن في وقت لاحق النظر إلى العديد من التطورات التكنولوجية والاجتماعية والثقافية على ما عرف بالمعجزة الأوروبية، وقد كان لانقسام الكنيسة الكاثوليكية دوراً في الإصلاح البروتستانتي في القرن التالي، وفي القرن نفسه شهد تطورات عسكرية فقد سقطت القسطنطينية، عاصمة الإمبراطورية البيزنطية بيد العثمانيين مما اضطر الأوروبيين الغربيين للعثور على الطريق التجاري الجديد وفي نفس الوقت، بدأ عصر الإبحار والاستكشافات الإسبانية والبرتغالية، وأول وصول للأمريكتين والمرور برأس الرجاء الصالح، وشهد العقد الأخير من القرن سقوط نهائي لمملكة غرناطة، أما في آسيا فقد حكم الإمبراطور يونغلي الصين وبنى المدينة المحرمة وأمر باستكشاف العالم، وفي أفريقيا أدى انتشار الإسلام إلى تدمير الممالك المسيحية في النوبة، وفي الأمريكتين وصلت إمبراطورية الإنكا وآزتك إلى ذروة نفوذها.
يعتبر المؤرخون القرن السادس عشر عصر صعود الغرب فقد بدأت إسبانيا والبرتغال استكشاف البحار في العالم، وفتح طرق التجارة في المحيطات وأصبحت أجزاء كبيرة من العالم الجديد مستعمرات إسبانية وبرتغالية، وفي أوروبا، أعطى الإصلاح البروتستانتي ضربة كبيرة للسلطة البابوية والكنيسة الرومانية الكاثوليكية حيث أصبحت السياسة الأوروبية تهيمن عليها النزاعات الدينية، وفي الشرق الأوسط، واصلت الدولة العثمانية التوسع وأخذ السلطان لقب الخليفة، وأجلت الصين المناطق الساحلية، بسبب القرصنة اليابانية. وعانت اليابان من حرب أهلية، وتوسعت سلطنة مغول الهند لتشمل معظم شبه القارة في جنوب آسيا وطرح كوبرنيكوس نظرية مركزية الشمس وكون الأرض جرماً يدور في فلكها.
شهد القرن السابع عشر فترة العصر الذهبي الهولندي وعصر الباروك والثورة العلمية، كما شهد في أوروبا حرب الثلاثين عاما والحرب التركية الكبرى، ونهاية الثورة الهولندية، وتفكك الكومنولث البولندي والحرب الأهلية الإنجليزية وشهدت القرن بداية الاستعمار الأوروبي للأمريكتين بشكل جدي، وفي خضم ذلك كان هناك انتصار للدولة العثمانية، وبدأ عهد قوة السيخ في البنجاب، وانهار عهد أسرة مينغ، وبحلول نهاية القرن، كان الأوروبيون قد طوروا علم اللوغاريتمات والكهرباء والتلسكوب والمجهر، وحساب التفاضل والتكامل والجاذبية الكونية وقوانين نيوتن للحركة وضغط الهواء.
خلال القرن الثامن عشر ومع سطوع التنوير عقب الثورتين الفرنسية والأمريكية وأصبحت الفلسفة والعلم في الصدارة، وقد شهد تراجع الدولة العثمانية بعد أن فشلت في مواكبة التقدم التكنولوجي في أوروبا، وشهد القرن 18 أيضًا نهاية الكومنولث البولندي وهزيمة الجيوش العثمانية العظيمة، وأصبحت بريطانيا العظمى هي القوة الرئيسية في جميع أنحاء العالم مع هزيمة فرنسا في الأمريكتين وبدأت الثورة الصناعية في بريطانيا مع إنتاج المحرك البخاري.
شهد القرن التاسع عشر انهيار الإمبراطوريات الإسبانية والفرنسية والصينية والرومانية المقدسة وهذا فتح المجال لتنامي نفوذ الإمبراطورية البريطانية والروسية والألمانية والولايات المتحدة واليابان، وقد توسعت الإمبراطورية الروسية في الشرق بينما توسعت البريطانية في الغرب، وشهد القرن اكتشافات علمية واختراعات وتطور في مختلف العلوم، وبدأت الثورة الصناعية، وتضاعف عدد سكان أوروبا من حوالي 200 مليون إلى أكثر من 400 مليون نسمة، وكانت السكك الحديدية أكبر تقدم عبر العصور، وأصبحت لندن أكبر مدينة في العالم، وأصبحت الليبرالية حركة الإصلاح البارزة في أوروبا، وانخفضت العبودية بعد نجاح ثورة العبيد في هايتي وبدأ إلغاء الرق، وتأسست مدن جديدة كشيكاغو في الولايات المتحدة وملبورن في أستراليا، كما شهد القرن تطوير في العديد من الألعاب الرياضية، ومع ضعف الحكم العثماني في البلقان تم إنشاء صربيا، بلغاريا، الجبل الأسود ورومانيا نتيجة الحرب الروسية العثمانية الثانية، وشهد القرن العشرين اندلاع الحرب العالمية الأولى والثانية وإنهاء الاستعمار وتأسيس الأمم المتحدة، وظهر تطور واضح في المواصلات والاتصالات وزيادة النمو السكاني، وولادة الثورة الرقمية.
محتويات 1 ما قبل التاريخ 1.1 البشر في وقت مبكر
1.2 ظهور الحضارة
2 العصور القديمة 2.1 التاريخ القديم (3000 قبل الميلاد إلى 500 ميلادي) 2.1.1 الإمبراطوريات الإقليمية
2.2 الجدول الزمني
2.3 مهد الحضارة
2.4 العصر المحوري
3 المراكز الحضارية القديمة
4 وادي الرافدين (دجلة والفرات)
5 وادي النيل
6 التاريخ الحديث (1500 حتى الوقت الحالي)
7 التطورات الإقليمية 7.1 الشرق الأوسط الكبير
7.2 أوروبا
7.3 أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى
8 انظر أيضًا
9 مراجع
ما قبل التاريخ
المقالات الرئيسة: عصور ما قبل التاريخ وتطور الإنسان
البشر في وقت مبكر
اللوحة كهف، اسكو، فرنسا
القياسات الجينية تشير إلى أن نسب القرد الذي من شأنه أن يؤدي إلى الإنسان العاقل تباينت من سلالته التي من شأنها أن تؤدي إلى الشمبانزي (أقرب قريب حي من البشر المعاصرين) منذ حوالي خمسة ملايين سنة. ويعتقد أن جنس أسترالوبيثسين والتي كانت على الأرجح أول القردة التي سارت أو مشت منتصبة، في نهاية المطاف أعقبها ظهور جنس هومو.نشأ الإنسان الحديث تشريحيا في أفريقيا منذ حوالي 200,000 سنة، والذي تم التوصل إليه قبل التحديث السلوكي حوالي 50,000 سنة.انتشار الإنسان الحديث بسرعة من أفريقيا في المناطق الخالية من الصقيع من أوروبا وآسيا منذ حوالي 60,000 سنة.
التوسع السريع للبشرية إلى أمريكا الشمالية وأوقيانوسيا وقعت في ذروة أحدث العصر الجليدي، عندما كانت المناطق المعتدلة من اليوم غير مضياف للغاية. حتى الآن، قد استعمرت البشر ما يقرب من جميع الأجزاء الخالية من الجليد من العالم بحلول نهاية العصر الجليدي، حوالي 12,000 سنة مضت. الفصائل شبيه الإنسان الأخرى مثل الإنسان المنتصب قد تم استخدام معدات خشبية بسيطة وأدوات حجرية بعد عدة ملايين من السنين، ولكن مع تقدم الوقت، أصبحت الأدوات أكثر دقة وتعقيدا. عند وقت مناسب بدأ البشر باستخدام النار لحرارة والطبخ. أنها وضعت أيضا لغة في العصر الحجري القديم فترة وذخيرة المفاهيمية التي شملت دفن منهجي من القتلى والزينة للكائن الحي. التعبير الفني في وقت مبكر يمكن العثور عليها في شكل لوحة الكهف والنحت، وهي مصنوعة من الخشب والعظام. خلال هذه الفترة، عاش كل البشر حياة بدائية.
ظهور الحضارة
النصوص المسمارية أقرب نظام للكتابة المعروفة
في ثورة العصر الحجري الحديث، التي بدأت حوالي 8,000 قبل الميلاد، نشأت عملية الزراعة، والتي غيرت بشكل جذري أسلوب حياة الإنسان. الزراعة سمحت بجعل السكان أكثر كثافة بكثير، وفي نفس الوقت أمكن تنظيم دول ذات سيادة متحدة. أنشات الزراعة أيضا فوائض الغذاء التي يمكن أن تدعم الناس التي لا تشارك مباشرة في إنتاج الأغذية. أسهمت تنمية الزراعة في إنشاء أول المدن. وكانت هذه أولى مراكز التصنيع التجاري، ونشأت السلطة السياسية بدون أي إنتاج زراعي خاص بهم. أنشئت المدن وأمكنها التعايش مع محيطهم الريفي، وتم استيعاب المنتجات الزراعية وتوفير السلع المصنعة في المقابل، وبدرجات متفاوتة من السيطرة والحماية العسكرية .كان تطوير المدن مرادفا لبزوغ الحضارة نشأت الحضارات الأولى في وقت مبكر في بلاد ما بين النهرين (3500 قبل الميلاد)، تليها الحضارة المصرية على طول نهر النيل (3000 قبل الميلاد) والحضارة الهاربان في وادي السند (في الوقت الحاضر باكستان؛ 2500 قبل الميلاد) .
وضعت هذه المجتمعات توحيد عدد من الخصائص، بما في ذلك الحكومة المركزية والاقتصاد المعقد والبنية الاجتماعية، ونظم اللغة والكتابة المتطورة، والثقافات المتميزة والأديان. والكتابة وثمة تطور آخر محوريا في تاريخ البشرية، حيث حققت إدارة المدن والتعبير عن الأفكار الذي أضحى أسهل كثيرا.
كما نشأت الحضارات المعقدة، وكذلك ظهرت أديان معقدة، هي الأولى من نوعها قد نشأت على ما يبدو خلال هذه الفترة. كيانات جامدة مثل الشمس، والقمر، الأرض، السماء، والبحر في كثير من الأحيان أكثر تحديا. الأضرحة التي تطورت إلى معابد وهي مؤسسات، مع استكمال تسلسل هرمي معقد من الكهنة والكاهنات وغيرهم من الموظفين. كان نموذجيا من العصر الحجري الحديث تميل إلى عبادة مجسم الآلهة. بين أقرب الباقين على قيد الحياة الكتب الدينية المكتوبة هي المصرية نصوص الأهرام، وهي أقدم من ذلك التاريخ إلى ما بين 2400 و2300 قبل الميلاد. بعض علماء الآثار تشير، استنادا إلى الحفريات المستمرة من مجمع المعبد في جوبيكلى تيبي («بوت بيللى هيل») في جنوب تركيا، التي يعود تاريخها إلى ج. قبل 11,500 سنة، سبقت أن دين الثورة الزراعية بدلا من اتباع في أعقابه، كما كان يفترض عموما.
العصور القديمة
المقالة الرئيسة: التاريخ القديم
التاريخ القديم (3000 قبل الميلاد إلى 500 ميلادي)
المقالة الرئيسة: التسلسل الزمني للتاريخ القديم
الإمبراطوريات الإقليميةشهدت الألفية الممتدة من عام 500 قبل الميلاد إلى 500 ميلادي ظهور سلسلة إمبراطورياتٍ لم يسبق لها مثيل بمساحاتها. استنبطت الجيوش المحترفة المدربة تدريبًا جيدًا وذات الأيديولوجيات الموحدة والأجهزة البيروقراطية المتقدمة، الإمكانية اللازمة لسيطرة الأباطرة على نطاقات كبيرة يمكن لسكانها بلوغ أعداد تصل إلى عشرات الملايين من الرعايا. اعتمدت الإمبراطوريات العظمى على الضم العسكري للأراضي وعلى تشكيل مستوطنات محمية لتصبح مراكز زراعية. شجع السلام النسبي الذي جلبته الإمبراطوريات، التجارة الدولية، وعلى الأخص طرق التجارة الضخمة في البحر الأبيض المتوسط، وشبكة التجارة البحرية في المحيط الهندي، وطريق الحرير. في جنوب أوروبا، أسس الإغريق (وبعد ذلك الرومان)، في عصر يُعرف باسم «العصر القديم الكلاسيكي»، ثقافاتٍ تُعتبر ممارساتها وقوانينها وعاداتها أساس الثقافة الغربية المعاصرة.كان هناك عدد من الإمبراطوريات الإقليمية خلال هذه الفترة. ساهمت مملكة الميديين في تدمير الإمبراطورية الآشورية بالتعاون مع البدو السكيثيين والبابليين. نُهبت نينوى، العاصمة الآشورية، على يد الميديين عام 612 قبل الميلاد. أفسحت الإمبراطورية الميدية المجال للإمبراطوريات الإيرانية المتعاقبة، بما في ذلك الإمبراطورية الأخمينية (550 – 330 قبل الميلاد) والإمبراطورية البارثية (247 قبل الميلاد - 224 بعد الميلاد) والإمبراطورية الساسانية (224 – 651 ميلادي).استهلت عدة إمبراطوريات وجودها في اليونان الحديثة. كان أولها الحلف الديلي (من عام 477 قبل الميلاد) والإمبراطورية الأثينية اللاحقة (404 – 454 قبل الميلاد)، التي تمركزت في اليونان الحالية. لاحقًا، أسس الإسكندر الأكبر (356 – 323 قبل الميلاد)، ملك مقدونيا، إمبراطوريةً قائمة على الغزو، امتدت، في وقتنا الحاضر، من اليونان إلى الهند. قُسمت الإمبراطورية بعد وقت قصير من وفاته، ولكن تأثير خلفاءه الهلينيين شمل جميع أنحاء المنطقة في العصر الهلنستي (331 – 323 قبل الميلاد).في آسيا، وُجدت إمبراطورية موريا (322 – 185 قبل الميلاد) في الهند الحالية؛ في القرن الثالث قبل الميلاد، اتحد جنوب آسيا بمعظمه مع إمبراطورية موريا على يد تشاندراغبت موريا وازدهر في عهد أشوكا العظيم. من القرن الثالث الميلادي، سيطرت سلالة غوبتا على الفترة المعروفة باسم العصر الذهبي للهند القديمة. من القرن الرابع إلى القرن السادس، حُكم شمال الهند من قِبل إمبراطورية غوبتا. في جنوب الهند، ظهرت ثلاث ممالك درفيدية بارزة: مملكة تشيرا وتشولاس وباندياس. ساهم الاستقرار الذي أعقب ذلك في التبشير بالعصر الذهبي للثقافة الهندوسية في القرنين الرابع والخامس.في أوروبا، استهلت الإمبراطورية الرومانية وجودها في القرن السابع قبل الميلاد، وتمركزت في إيطاليا الحالية. في القرن الثالث قبل الميلاد، بدأت الجمهورية الرومانية بتوسيع أراضيها من خلال الغزو والتحالفات. بحلول عهد أغسطس (63 قبل الميلاد – 14 ميلادي)، أول إمبراطور روماني، كانت روما قد فرضت بالفعل سيطرتها على معظم البحر الأبيض المتوسط. استمرت الإمبراطورية في النمو، وسيطرت على جزء كبير من أراضي إنجلترا حتى بلاد الرافدين، لتصل إلى أقصى امتداد لها في عهد الإمبراطور تراجان (توفي عام 117 ميلادي). في القرن الثالث الميلادي، انقسمت الإمبراطورية إلى منطقتين، غربية وشرقية، مع أباطرة مستقلين (عادةً). سقطت الإمبراطورية الغربية، في عام 476 ميلادي، تحت التأثير الألماني على يد أودواكر. استمرت الإمبراطورية الشرقية، المعروفة اليوم باسم الإمبراطورية البيزنطية، وعاصمتها القسطنطينية، لألف عامٍ أخرى، حتى غزت الإمبراطورية العثمانية القسطنطينية عام 1453.في الصين، جاءت إمبراطورية الهان (206 قبل الميلاد – 220 ميلادي) بعد سلالة تشين (221 – 206 قبل الميلاد) التي كانت أول سلالة إمبراطورية في الصين، كانت سلالة الهان مماثلة في القوة والنفوذ للإمبراطورية الرومانية التي توضعت على الطرف الآخر من طريق الحرير. طورت الصين الهانية رسم الخرائط وبناء السفن والملاحة. اخترع الصينيون أفران الصهر وصنعوا أدوات نحاسية رفيعة الجودة. كما كان الحال مع الإمبراطوريات الأخرى خلال الفترة الكلاسيكية، تقدمت الصين الهانية بشكل ملحوظ في مجالات الحكم والتعليم والرياضيات وعلم الفلك والتكنولوجيا وغيرها الكثير.
الجدول الزمنيالتواريخ تقريبية، إرؤجع إلى كل مادة خاصة بعينها للحصول على التفاصيل
Regions not included in the timeline include: Southern أفريقيا جنوب الصحراء, the تاريخ الكاريبي، تاريخ آسيا الوسطى، Northern أوروبا في العصر البرونزي, تاريخ كوريا، تاريخ اليابان، تاريخ أوقيانوسيا، تاريخ سيبيريا، تاريخ جنوب شرق آسيا، and تاريخ جزيرة تايوان.
مهد الحضارة
قدماء المصريين الذين شيدوا أهرامات الجيزة العظيمة
المقالات الرئيسة: العصر البرونزي والعصر الحديدي
في العصر البرونزي هي جزء من ثلاثة من العصور (العصر الحجري، العصر البرونزي، العصر الحديدي) أنه بالنسبة لبعض أجزاء من العالم يصف بشكل فعال وقت مبكر من تاريخ الحضارة. خلال هذه الحقبة شهدت المناطق الأكثر خصوبة في العالم دولة المدن وأولى تطوير الحضارات. وتركزت هذه في وديان الأنهار الخصبة: في دجلة والفرات في بلاد ما بين النهرين، ونهر النيل في مصر، والسند في شبه القارة الهندية، ونهر اليانغتسى ونهر الأصفر في الصين.
الإنكا المومياء
سومر، وتقع في بلاد ما بين النهرين، هي أول حضارة معروفة شديدة التعقيد، وطورت أول دولة مدنية في الألفية الرابعة قبل الميلاد. وكان في هذه المدن أقرب شكل معروف للكتابة، بالنص المسماري، ظهرت حوالي 3000 قبل الميلاد. الكتابة المسمارية بدأت كنظام لل التصويرية. أصبحت هذه تمثيلات تصويرية مبسطة في نهاية المطاف وأكثر تجريدا. تم كتابة النصوص المسمارية على أقراص الطين، والتي ترسم رموزا مع أداة حادة القصب تستخدم القلم. الكتابة جعلت إدارة دولة كبيرة أسهل كثيرا.
وقد سهلت وسائل النقل بالطرق المائية من جانب الأنهار والبحار. على البحر الأبيض المتوسط، في هذه المرحلة من ثلاث قارات، عززت إسقاط القوة العسكرية وتبادل السلع والأفكار والاختراعات. شهدت هذه الحقبة أيضا تقنيات جديدة للأراضي، مثل سلاح الفرسان والمركبات القائمة على الحصان، التي سمحت الجيوش إلى التحرك على نحو أسرع. أدت هذه التطورات إلى صعود الامبراطوريات. جلبت هذه الحضارات الضخمة السلام والاستقرار على مناطق أوسع. الإمبراطورية الأولى، والتي سيطرت على مساحات كبيرة من الأراضي والعديد من المدن، نشأت في مصر مع توحيد مصر السفلى ومصر العليا في 3100 قبل الميلاد. على مدى آلاف السنين التي تلت، وديان الأنهار الأخرى أفرزت إمبراطوريات ملكية ارتفعت إلى السلطة. في القرن 24 قبل الميلاد، والإمبراطورية الأكادية التي نشأت في بلاد ما بين النهرين،
وج. 2200 قبل الميلاد في اسرة شيا نشأت في الصين.
" المصارع"، وهو الأولمك تمثال صغير عصر، 1200-800 قبل الميلاد.
على مدى آلاف السنين التالية، فإن الحضارات قد تطورت في جميع أنحاء العالم.و التجارة ستصبح بشكل متزايد مصدرا للطاقة والدول التي لديها إمكانية الوصول إلى الموارد الهامة أو أن السيطرة على الطرق التجارية الهامة ستدفع بها إلى الهيمنة. في 2500 قبل الميلاد، ومملكة كرمة وضعت في السودان، جنوب مصر. في تركيا الحديثة فإن الحثيين امتلكوا امبراطورية كبيرة وبحلول العام 1600 قبل الميلاد، الميسينية اليونانية بدأت في التطور.
في الهند كان هذا العصر الفترة الفيدية، الذي أرسى أسس الهندوسية والجوانب الثقافية الأخرى في وقت مبكر من المجتمع الهندي، وانتهت في القرن قبل الميلاد 6. من حوالي 550 قبل الميلاد، العديد من الممالك والجمهوريات المستقلة المعروفة باسم يشير الممالك الهندية القديمة وقد أنشئت في جميع أنحاء البلاد. كما نشأت الحضارات المعقدة في نصف الكرة الشرقي، أكثر المجتمعات الأصلية في الأمريكتين ظلت بسيطة نسبيا لبعض الوقت، مجزأة إلى ثقافات إقليمية متنوعة. خلال طور التكوين في أمريكا الوسطى، (حوالي 1500 قبل الميلاد إلى 500 م)، بدأت الحضارات أكثر تعقيدا ومركزية التطوير، ومعظمها في ما هو الآن يعرف بالمكسيك، وأمريكا الوسطى، وبيرو. وتشمل هذه الحضارات مثل الأولمك، مايا، الزابوتيك، موشي، ونازكا. وساعدت على إنشاء الزراعة كذلك، بزراعة الذرة ومحاصيل أخرى فريدة من نوعها إلى الأمريكتين، وخلق ثقافة متميزة والدين. ومن شأن هذه المجتمعات الأصلية القديمة أن تتأثر إلى حد كبير عن طريق الاتصال الأوروبي خلال الفترة الحديثة المبكرة.
العصر المحوري
المقالة الرئيسة: العصر المحوري
في بداية القرن الثامن قبل الميلاد، شهد ما يسمى ب «العصر المحوري» حيث تطورت مجموعة من الأفكار الدينية والفلسفية التحويلية، معظمها بشكل مستقل، في العديد من المواقع المختلفة. خلال القرن السادس قبل الميلاد، الصينية الكونفوشيوسية،
الهندي البوذية واليانية، واليهودية التوحيد كلها تطورت. (كارل جاسبر يتضمن نظرية السن المحورية أيضا فارس الزرادشتية في هذه القائمة، ولكن غيرهم من العلماء أثارو جدلا حول الجدول الزمني لجاسبر للزرادشتية.) في القرن 5 سقراط وأفلاطون حيث حققت تقدما كبيرا في تطوير الفلسفة اليونانية القديمة
في الشرق، وكانت ثلاث مدارس فكرية للسيطرة الصينية التفكير حتى العصر الحديث. وكانت هذه الطاوية، (فلسفة) بالقانون والكونفوشيوسية.
التقليد الكونفوشيوسية، التي من شأنها تحقيق الهيمنة، بحثت عن السياسية الأخلاق ليس إلى قوة القانون ولكن على سبيل المثال السلطة والتقاليد. والكونفوشية انتشرت لاحقا في شبه الجزيرة الكورية ونحو اليابان..
في الغرب، والتقاليد الفلسفية اليونانية متمثلة في سقراط، أفلاطون، وأرسطو، وتنتشر في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط في القرن الرابع قبل الميلاد من قبل فتوحات الاسكندر المقدوني الثالث، المعروف أكثر باسم الإسكندر الأكبر.
المراكز الحضارية القديمة
بحلول عام 3500 ق.م، بدأ التحضر أولاً في جنوب غربي آسيا، في بلاد الرافدين منطقة بابل حضارة سومر اقدم حضارة في العالم ثم في مناطق أخرى من إفريقيا وجنوب وشرق آسيا، وقد قامت كل تلك الحضارات على ضفاف الأنهار وفي أوديتها وحيثما توفر الماء والأرض الخصبة ومن ثمَّ سهولة زراعة أراضيها. ومن هذه الوديان: 1- وادي الرافدين، 2- وادي النيل، 3- بلاد الشام. 4- بلاد النوبة، 5- وادي السند، 6- وادي نهر هوانج هي. 7- الجزيرة العربية، 8- أكسوم.
أما باقي أنحاء العالم في آسيا وإفريقيا وأوروبا فقد كانت تعيش حياتها القديمة من 3500 ق.م. إلى 1200 ق.م وادي الرافدين (دجلة والفرات). يعد وادي الرافدين واحدًا من أخصب بقاع العالم لوفرة الماء والطمي الذي تأتي به مياه نهرية من منابعها في المناطق الجبلية. لذا قامت فيه واحدة من أعرق الحضارات الإنسانية. فقد مورست الزراعة التي أدَّت إلى الاستقرار في القرى في جنوبي الوادي في منطقة عرفت باسم سومر، حيث مارس أهلها الزراعة والصيد، وبرعوا في بناء السدود، وقنوات المياه لري أراضيهم الزراعية وحمايتها، وكان إنجازهم الأكبر في تاريخ العالم هو اختراعهم لنوع من الكتابة في حوالي عام 3500 ق.م. بدأت كتابتهم تصويرية ثم تطورت إلى شكل غير تصويري يعرف بالمسماري (الأسفيني) لأن مكونات الرموز تشبه المسامير (الأسافين)، والأخيرة ترجمة للاسم الذي أعطاها إياه الكلاسيكيون وهو كيونيفورم (الكتابة المسمارية). ومعظم ما كتبه السومريون ومن جاء بعدهم في وادي الرافدين كان على ألواح (رُقم) طينية تطبع عليها الرموز طبعًا. وقد أشارت الألواح التي وجدت إلى مستوى عال من الثقافة.
وقد استعمل السومريون الطوب المحروق لبناء القصور الفخمة والمعابد الكبيرة، وكانت لهم دياناتهم الخاصة كما أنهم عرفوا نظام الحساب. وهو العد في وحدات ستينية (كل 60 تمثل وحدة). كانت البلاد في العهد السومري مدنًا، غير متحدة، وتتصارع فيما بينها. وكان من أشهر هذه المدن أور، ونّفر، وأريدو، وأمَّا، ولاغش. وكان وادي الرافدين عرضة لغزوات وهجرات متكررة من جيرانه شرقًا وغربًا وشمالاً، ساميين وغير ساميين. وكانت أهم الهجرات هي هجرات الساميين من بلاد الشام وهم الذين عُرفوا فيما بعد بالأكَّاديين منذ نحو 3000 ق.م. كما حدثت هجرة سامية في فترة لاحقة أثمرت ظهور آشور وبابل، التي كان من أشهر ملوكها حمورابي.
وادي الرافدين (دجلة والفرات)
يعد وادي الرافدين واحدًا من أخصب بقاع العالم لوفرة الماء والطمي الذي تأتي به مياه نهرية من منابعها في المناطق الجبلية. لذا قامت فيه واحدة من أعرق الحضارات الإنسانية. فقد مورست الزراعة التي أدَّت إلى الاستقرار في القرى في جنوبي الوادي في منطقة عرفت باسم سومر، حيث مارس أهلها الزراعة والصيد، وبرعوا في بناء السدود، وقنوات المياه لري أراضيهم الزراعية وحمايتها، وكان إنجازهم الأكبر في تاريخ العالم هو اختراعهم لنوع من الكتابة في حوالي عام 3500 ق.م. بدأت كتابتهم تصويرية ثم تطورت إلى شكل غير تصويري يعرف بالمسماري (الأسفيني) لأن مكونات الرموز تشبه المسامير (الأسافين)، والأخيرة ترجمة للاسم الذي أعطاها إياه الكلاسيكيون وهو كيونيفورم (الكتابة المسمارية). ومعظم ما كتبه السومريون ومن جاء بعدهم في وادي الرافدين كان على ألواح (رُقم) طينية تطبع عليها الرموز طبعًا. وقد أشارت الألواح التي وجدت إلى مستوى عال من الثقافة.
وقد استعمل السومريون الطوب المحروق لبناء القصور الفخمة والمعابد الكبيرة، وكانت لهم دياناتهم الخاصة كما أنهم عرفوا نظام الحساب. وهو العد في وحدات ستينية (كل 60 تمثل وحدة). كانت البلاد في العهد السومري مدنًا، غير متحدة، وتتصارع فيما بينها. وكان من أشهر هذه المدن أور، ونّفر، وأريدو، وأمَّا، ولاغش. وكان وادي الرافدين عرضة لغزوات وهجرات متكررة من جيرانه شرقًا وغربًا وشمالاً، ساميين وغير ساميين. وكانت أهم الهجرات هي هجرات الساميين من بلاد الشام وهم الذين عُرفوا فيما بعد بالأكَّاديين منذ نحو 3000 ق.م. كما حدثت هجرة سامية في فترة لاحقة أثمرت ظهور آشور وبابل، التي كان من أشهر ملوكها حمورابي.
Dugout canoe.
وادي النيل
الحضارة المصرية القديمة في العصور التاريخية بدأت تنمو في وادي النيل نحو عام 3100 ق.م. وقد ازدهرت الزراعة في الوادي حيث تطرح فيضانات النيل تربة خصبة سنة بعد أخرى. ومنظر الحقل الزراعي الذي نشاهده هنا كان قد رسم على أحد القبور في القرن الخامس عشر قبل الميلاد. وادي النيل. بدأت الحضارة فيه منذ عام 3100 قبل الميلاد، وكانت البلاد منقسمة إلى إقليمين، شمالي وهو الوجه البحري، وجنوبي وهو الوجه القبلي. وتم توحيدهما في نحو عام 3100 ق.م على يد ملك من الوجه القبلي اسمه نعرمر (مينا). وظلت مصر متحدة سياسيًا طوال تاريخها القديم، فيما عدا فترات ضعف كانت تتوحد مرة أخرى بعدها. وحكمتها أُسَر بلغت إحدى وثلاثين أسرة. وعرف المصريون الكتابة التصويرية الهيروغليفية، وتفرّع عنها نوع من الخط غير التصويري للحياة اليومية اسمه الهيراطيقي الذي أدى إلى الديموطيقي. وكان الخطان التصويري وغير التصويري يستخدمان معًا، كلٌّ لغرضه. وهم أول من اخترع ورق البَردي للكتابة عليه بقلم من البوص. وكانوا متدينين جدًا، فبنوا معابدهم من الحجارة، ومساكنهم من الطين أو الطوب المحروق وغير المحروق. وتميّزت دياناتهم بالإيمان بحياة بعد الموت، لذا كان حرصهم على الحياة الآخرة، ببناء القبور وتزويدها بأمتعة وأثاث لاعتقادهم أن الميت قد يحتاجه في حياته الآخرة، ولذا حنّطوا موتاهم أملاً في ألا تفنى أجسادهم في الحياة الآخرة. كما بنوا الأهرامات لتكون مدافن لهم، أو لتعلو مدافن ملوكهم وملكاتهم وسادتهم. وقد ظلّت الأهرامات معجزة هندسية ومن عجائب العالم السبع. وكانت حضارتهم راقية، فعرفوا الآداب والطب والهندسة والحساب والفن والصناعات الراقية الدقيقة. وامتد حكمهم إلى ماوراء وادي النيل، فقد حكموا في القرن الخامس عشر قبل الميلاد منطقة سوريا الكبرى، وأجزاء من السودان الشمالي، كما أدّت هذه الحضارة دورًا مهمًا في حركة التجارة العالمية وذلك بسبب موقعها الاستراتيجي من آسيا وإفريقيا.
في الفترة بين القرنين الثالث عشر والثاني عشر قبل الميلاد بدأ التدهور يعتري حضارة المصريين القدماء، بسبب الغزوات التي تعرضت لها ممن عرفوا بشعوب البحر، وهم شعوب جاءت من وسط أوروبا وغزت العالم القديم برًا وبحرًا ومنه مصر التي تمكنت من صدها ثم تدهورت الأحوال ووقعت مصر تحت الحكم الأجنبي.
التاريخ الحديث (1500 حتى الوقت الحالي)في علم التاريخ، يُعتبر التاريخ الحديث الفترة الحديثة» و «العصر الحديث» و «الزمن الحديث») هو تاريخ الفترة التي تَبِعت تاريخ ما بعد الكلاسيكية (في أوروبا المعروفة باسم «العصور الوسطى»)، والتي تمتد من حوالي 1500 حتى الوقت الحالي. يشمل «التاريخ المعاصر» الأحداث من حوالي عام 1945 وحتى الوقت الحاضر. (لقد تغيرت تعريفات كلا المصطلحين، «التاريخ الحديث» و «التاريخ المعاصر» مع مرور الوقت والكثير من الأحداث وكذلك تواريخ انطلاقهما). يمكن تقسيم التاريخ الحديث إلى فترات أخرى:
بدأت الحقبة الحديثة المبكرة حوالي عام 1500 وانتهت حوالي عام 1815. ومن بين المعالم التاريخية البارزة استمرار عصر النهضة الأوروبية (الذي يعود تاريخ بدايته إلى ما بين 1200 و1401) وعصر الاستكشاف وإمبراطوريات البارود الإسلامية والإصلاح البروتستاني والثورة الأمريكية. مع الثورة العلمية، تم اكتشاف معلومات جديدة عن العالم من خلال المنهج التجريبي والمنهج العلمي، على عكس التركيز السابق على العقل والأصلانية. ترافق حدوث الثورة العلمية مع إدخال يوهانس غوتنبرغ الطباعة باستخدام الحرف المتحرك ومن اختراع المقراب والمجهر. تمت تغذية العولمة من خلال التجارة الدولية والاستعمار.
بدأت أواخر فترة التاريخ الحديث في وقت ما بين عامي 1750-1815، إذ شهدت أوروبا الثورة الصناعية والاضطراب العسكري السياسي للثورة الفرنسية والحروب النابليونية، التي تلت فترة باكس بريتانيكا. استمرت فترة التاريخ الحديث إما حتى نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945 أو حتى الوقت الحاضر. ومن المعالم التاريخية البارزة الأخرى التباعد الكبير والثورة الروسية.يشمل التاريخ المعاصر (الفترة التي تُرجمت باسم باكس أمريكانا في الجغرافية السياسية) على أحداث تاريخية تعود إلى ما يقرب من عام 1945 والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالوقت الحالي. تشمل التطورات الرئيسية الحرب الباردة والحروب المستمرة والحروب بالوكالة وعصر النفاث وثورة الحمض النووي والثورة الخضراء والأقمار الاصطناعية ونظام التموضع العالمي (جي بي إس) وتطوير الاتحاد الأوروبي فوق الوطني وعصر المعلومات والتنمية الاقتصادية السريعة في الهند والصين وزيادة الإرهاب ومجموعة هائلة من الأخطار الكارثية البيئية العالمية المتمثلة بالتهديد الوشيك من الانحباس الحراري العالمي المستمر.
تطورت السمات المميزة في العصر الحديث بشكل رئيسي في أوروبا، وهكذا فإن مختلف المخاطر تطبق في بعض الأحيان على أجزاء أخرى من العالم. لكن عندما تستخدم الفترات الأوروبية عالميًا، غالبًا ما يكون ذلك في سياق الاتصال مع الثقافة الأوروبية في عصر الاستكشاف.
في العلوم الإنسانية والاجتماعية، تعرف القواعد والمواقف والممارسات الناشئة خلال الفترة الحديثة باسم الحداثة. وتُعرف المصطلحات المقابلة لثقافة ما بعد الحرب العالمية الثانية باسم ما بعد الحداثة أو الحداثة المتأخرة.
التطورات الإقليمية
الشرق الأوسط الكبيربعد فتح القسطنطينية في عام 1453، أصبحت الإمبراطورية العثمانية أقوى دولة في الشرق الأوسط. وقعت إيران تحت حكم السلالة الصفوية عام 1501، خلفتها السلالة الأفشارية عام 1736، ثم الدولة الزندية في عام 1751، والقاجاريون في عام 1794. في شمال أفريقيا، ظلت الدولة الوطاسية وبنو زيان والحفصيون كدول أمازيغية مستقلة حتى القرن السادس عشر. احتلّ الأوزبك والبشتون المناطق إلى الشمال والشرق في آسيا الوسطى. مع بداية القرن التاسع عشر، بدأت الإمبراطورية الروسية غزوها للقوقاز.
أوروبافي روسيا، تم تتويج إيفان الرهيب عام 1547 كأول قيصر لروسيا بلقب تسار، وبضم الخانات التركية في الشرق تحولت روسيا إلى قوة إقليمية. بينما توسعت بلدان أوروبا الغربية بشكل هائل من خلال التقدم التكنولوجي والغزو الاستعماري، فقد تنافست فيما بينها اقتصاديًا وعسكريًا في حالة حرب شبه دائمة. وكثيرًا ما كان للحروب بُعد ديني، إما كاثوليكي في مقابل بروتستانتي أو مسيحي (في أوروبا الشرقية في المقام الأول) في مقابل مسلم. تشمل الحروب الخاصة حرب الثلاثين عامًا وحرب الخلافة الإسبانية وحرب السنوات السبع وحروب الثورة الفرنسية. ومع انقلاب 18 برومير، وصل نابليون إلى السلطة في فرنسا عام 1799، وهو حدث تنبأ بالحروب النابليونية في أوائل القرن التاسع عشر.
أفريقيا جنوب الصحراء الكبرىفي أفريقيا، شهدت هذه الفترة تراجعًا واضحًا في العديد من الحضارات وتقدمًا في حضارات أخرى. تراجع الساحل السواحلي بعد أن أصبح تحت حكم الإمبراطورية البرتغالية وفي وقت لاحق الإمبراطورية العمانية. في غرب أفريقيا، سقطت إمبراطورية سونغاي على يد المغاربة في عام 1591 عندما غزوها مدعمين بالبنادق. أيضًا دولة بونو التي أنجبت العديد من الأكانيون بحثًا عن الذهب مثل أكوامو وأكيم وفانتي وأدانسي، وما إلى ذلك. أفسحت مملكة جنوب أفريقيا من زيمبابوي المجال لممالك أصغر مثل مملكة موتابا وبوتوا وروزفي. عانت إثيوبيا من الغزو عام 1531 من قِبَل سلطنة عدل الإسلامية المجاورة، ثم دخلت في عام 1769 زمن الأمراء (عصر الأمراء) إذ أصبح الإمبراطور لقبًا فخريًا وحكمت البلاد من قِبَل أمراء الحرب، على الرغم من أن الخط الملكي في وقت لاحق استعاد عافيته في عهد الإمبراطور تيودروس الثاني. بدأت سلطنة أجوران، في القرن الأفريقي، في الانحدار مع بداية القرن السابع عشر، والتي خلفتها سلطنة غلدي. تقدمت حضارات أخرى في أفريقيا خلال هذه الفترة. عرفت إمبراطورية الأويو عصرها الذهبي، وكذلك إمبراطورية بنين. وصلت إمبراطورية آشانتي إلى السلطة في ما يُعرف بالعصر الحديث باسم غانا في عام 1670. ازدهرت مملكة الكونغو خلال هذه الفترة أيضًا.
=====
سدة الهندية
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تحتاج هذه المقالة كاملةً أو أجزاءً منها لإعادة الكتابة حسبَ أسلوب ويكيبيديا. فضلًا، ساهم بإعادة كتابتها لتتوافق معه. (مايو 2021)
تحتاج هذه المقالة للتقسيم إلى أقسام حسب الموضوع لتسهيل قراءتها. فضلاً ساهم في تطوير هذه المقالة من خلال إعادة هيكلتها إلى أقسام فرعية.
سدة الهندية
دولة العراق
موقع الفرات، العراق
تعديل مصدري - تعديل
سدة الهندية هي سدة تقع على نهر الفرات جنوب مدينة المسيب ضمن محافظة بابل، العراق.
محتويات 1 البناء والتصميم
2 التطور التاريخي
3 المراحل التاريخية للسدة 3.1 بناء سدة الهندية الأولى (سدة شونديرفر)
3.2 بناء سدة الهندية الثانية (السدة القديمة)
3.3 بناء سدة الهندية الثالثة (السدة الجديدة)
4 أهميتها
5 معرض صور
6 انظر أيضًا
7 المصادر
البناء والتصميموقد اضطرت الحكومة إلى استدعاء المهندس المشار إليه للقيام بهذا العمل الخطير على أثر انهيار السد الذي أقامه في عرض النهر المذكور المهندس الافرنسي المسيو شندرفر عام 1885، عندما بدأ الفرات يتحول عن مجراه الطبيعي فيتدفق بغزارة في شط الهندية من دون أن يأخذ جدول الحلة منه قسطه الوافر. والذي يطلع على خارطة العراق وأنهاره، ويلم بمواقع فدنه ومزارعه يدرك - بلا ريب - حاجة المزارع الواقعة على نهر الحلة إلى مياه غزيرة دائمة حتى لا يعوزه القحط فيستحوذ على سكانه كما استحوذ عليهم عام 1878. فلهذا السبب مست الحاجة إلى وضع (ناظم) لماء الفرات وأصبح ذلك الشغل الشاغل لا لأهالي الفرات فحسب بل لساسة العراق وحكومة الأستانة من ورائهم. استدعت الحكومة العثمانية في عام 1909 المهندس الإنكليزي المعروف بالسير ويليام ويلكوكس لإقامة سد محكم عل الفرات بالقرب من قصبة المسيب ليمنع المياه الوفيرة من الانحدار نحو الجنوب من دون أن تستفيد منها مزارع الفرات الأوسط فائدة تذكر. ويكون (الناظم) هو الحكم في توزيع المياه على المزارع والمدن القائمة على عدوتيه توزيعا عادلا يدر على المزارع والفلاح أفضل الخيرات والبركاتصممها ونفذها المهندس البريطاني ويليام ويلكوكس
لرفع منسوب نهر الحلة من المياه. بدأ البناء بالسد عام 1911 وأنتهى عام 1913.
وقد بني سد جديد بين عامي 1984 و1989 على بعد بضعة كيلومترات شمال السدة القديمة، بمناسبة إطلاق مشروع أعادة تشغيل سدة الهندية القديمة.
سدة الهندية
سدة الهندية
جغرافيا
البلد العراق
ولاية/مقاطعة/محافظة بابل
المجرى المائي نهر الفرات
الهدف الري
المالك وزارة الموارد المائية
بداية الخدمة سنة 1913
طول الحاجز (م) 250 م
تعديل مصدري - تعديل
التطور التاريخيفي عام 1793 (في فترة حكم الدولة العثمانية) زار النجف المهراجا (آصف الدولة محمد يحيى ميرزا) وزير ملك الهند (محمد شاه الهندي) جالباً معه أموال خيرية وكان من طائفة البهرة فرأى شحة مياه الشرب، حيث كان أهالي النجف يحفرون الآبار فيجدون مائها أجاجاً عسراً غير صالح للشرب، فخطرت فكرة لآصف الدولة في أن يحفر قناة مائية من نهر الفرات وإيصالها إلى النجف فقام بتمويل هذا المشروع وبدأ به من جنوب مدينة المسيب لكنه لم يستطع إيصاله إلى النجف بسبب إرتفاع المدينة فأوصله إلى الكوفة وبدأ الماء يسري في هذه القناة الجديدة بشكل منتظم ابتداء من سنة 1800 وأصبح الناس يسمونها "شط الهندية" نسبة للمنحة الهندية.
بمرور الوقت توسع مجرى شط الهندية وأصبح هو المجرى الرئيس لنهر الفرات بعد أن كان شط الحلة هو مجرى الفرات حيث كان شط الحلة في السابق يصل في عرضه إلى درج سوق الدهديوة الموجود لحد الآن.
في عام 1830 أصبح من الضروري توجيه قسم من ماء الفرات إلى شط الحلة الذي بدأ ماؤه يقل فحاول (علي رضا باشا ونجيب باشا) من إنشاء سدة له وتمكن (عبدي باشا) من سد الفرات وبناء ناظم قوي له من الآجر وقد تهدم ذلك الناظم سنة 1854.
ثم بنى (عمر باشا) سداً كبيراً من التراب والحطب فلم يبقى منه إلا قليلا.
وما حلت سنة 1880 حتى أصبح شط الهندية هو مجرى الفرات الأصلي.
المراحل التاريخية للسدة
بناء سدة الهندية الأولى (سدة شونديرفر)
والي بغداد جمال باشا، يتوسط جمعاً من شيوخ عشائر العراقيين في حفل إقامة مشروع سدة الهندية. في عام 1885 جف شط الحلة تمامًا وأهتمت أسطنبول بالأمر «حيث لازال العراق ولاية تابعة للعثمانيين» فأستدعت من فرنسا مهندسا معروفا أسمه (مسيو شونديرفر) وهو يهودي متعصب ووصل هذا إلى بغداد في خريف 1889 وأخذ يتجول دارساً مجرى الفرات وقام أخيرا ببناء سدة عرضها ياردتان على شكل جناحين مائلين مع فتحة في الوسط طولها سبعة عشر قدماً وقد حشد لبناء هذه السدة الكثير من أبناء العشائر وسكان المنطقة. وقد قام هذا المهندس اليهودي بفعل جريمة بحق تأريخ وآثار العراق وهي إن الطابوق الذي بنيت به السدة الأولى أستخرج كله من (آثار مدينة بابل) وأستخدم (الديناميت) من أجل ذلك حيث كان يوضع في جدران قصور (نبوخذنصر) لنسفها وأستخلاص الطابوق منها. وتخليداً لذكرى بناء السدة شيدت (منارة السدة) قريبة من جناحها الأيسر كتب عليها تأريخ الأنتهاء من البناء مع تمجيد (للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني) ولاتزال المنارة قائمة حتى الآن في المنطقة المعروفة محلياً بمنطقة القوالب تقع أمام مدرسة السدة الإبتدائية للبنين. كما ورد على رخام هذا الشاخص التاريخي ما يلي: (بسم الله الرحمن الرحيم.. لما تحول نهر الفرات عن مجراه وعدل إلى غير جهته كما نراه بإنشاء هذا السد السديد المحكم وشق هذا الخليج على الوجه الأتم من كان أمره مطاع جاز على وجه الأرض جريان الماء في الفرات عديم الخيرات سيد السادات سلاطين مولانا أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين فخر سلاطين آل عثمان الغازي عبد الحميد خان بن سلطان الغازي عبد الحميد خان كان الله متكفلاً بنصره وقرن التوفيق بمطاع أمره لإحياء الأرض بعد موتها وهي أرض الحلة الفيحاء وما يليها من الأنحاء وقد وافق الفراغ من ذلك في السنة الثامنة بعد الثلاثمائة وألف وصلوات الله وسلامه على محمد وآله وصحبه والطيبين وأولى الشرف 1380هـ.
وفي عام 1890 جرى أحتفال بأفتتاح السدة وحضره الوالي (سري باشا) ومعه (عبد الرحمن الگيلاني) و(رفعت أفندي الجادرچي) وغيرهما من أعيان بغداد وكربلاء والحلة. وقد تصدعت السدة الأولى في عام 1903.
بناء سدة الهندية الثانية (السدة القديمة)أن السدة التي بناها المهندس الفرنسي (شونديرفر) عام 1890 على نهر الفرات أخذت تتهدم بمرور الأيام حتى إذ حل عام 1905 أصبحت الحالة في شط الحلة أشد مما كانت عليه قبل أنشاء السدة وأنقطعت المياه في موسم صيهود (موسم إنخفاض المياه في نهري دجلة والفرات في موسم الصيف لإرتفاع درجات الحرارة) عن أراضي الحلة والديوانية والدغارة. وقام على أثر ذلك أهالي مدينة الحلة وفي مقدمتهم (العلامة السيد محمد القزويني) بمطالبة الوالي العثماني في بغداد لإحياء الشط ببيت من الشعر جاء فيه:-
قل لوالي الأمر قد مات الفرات وغدت عنه أهاليه شتات
أفترضى أن يموتوا عطشاً وبكفيك جرى ماء الحياة
ولذلك حدثت في هذه الفترة هجرة العشائر العربية من تلك المناطق المنكوبة إلى منطقة سدة الهندية وطويريج كونهم فلاحين وحياتهم تعتمد على الماء والزراعة. وفي عام 1908 وصل المهندس البريطاني السير (ويليام ويلكوكس) إلى بغداد حيث عينته الحكومة العثمانية مستشاراً للري في العراق. وبعد دراسة الوضع إقترح بناء سدة محكمة من الكونكريت المسلح على بعد 800 متر من شمال سدة شونديرفر. وعهدت ببناء السدة إلى (شركة جاكسون) البريطانية وباشرت الشركة العمل
في عام 1911. حيث بنيت السدة على اليابسة في الجهة الشرقية من مجرى النهر وأُستخدم فيها زهاء 3500 عامل عراقي، إستغرق العمل فيها نحو سنتين وتسعة أشهر ويبلغ طولها 250 متراً وعرضها 4 أمتار، وتحتوي على 36 بوابة حديدية كان يتدفق منها الماء على هيئة شلالات، وجرى العمل فيها بدقة عجيبة ويعود الفضل بذلك للشركة والمهندس في بنائها بتلك الضخامة في وضع أداري متفسخ. بلغت تكاليف السدة ربع مليون ليرة عثمانية (مايعادل 925000 ألف دولار بذلك الوقت) وهذا مبلغ زهيد ويمكن أن نعزو ذلك إلى رخص أجور اليد العاملة من جهة وإلى نزاهة المشرفين على العمل من جهة أخرى.
وفي عام 1913 جرى الإحتفال بأفتتاح السدة وحضر الأفتتاح القناصل وكبار الموظفين والأعيان كما حضره الوالي بالوكالة (محمد فاضل باشا الداغستاني) وكان حفلاً مهيباً. ثم سار الجميع إلى سد التراب الذي أقيم لمنع الماء من الجريان فتلي دعاء وذبحت الذبائح، ثم أمسك الداغستاني مسحاة أزال بها شيئا من التراب وأندفع من بعده عشرون عاملا فأزالوا سد التراب كله في خمس دقائق وتدفقت المياه نحو السدة. وأستمرت هذه السدة بالعمل بكل كفاءة حتى عام 1989 حيث أنها أُهملت بعد إنشاء السدة الجديدة الثالثة (السدة الصينية).
بناء سدة الهندية الثالثة (السدة الجديدة)بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى وإحتلال العراق من قبل القوات البريطانية عام 1917 فأن حالة سدة الهندية كانت يرثى لها لذا تم البدء بأعمال الصيانة والإصلاح عام 1918 وقد أنيط أمر إصلاحها إلى مديرية الري العامة التي كانت قد أنشأت حديثا وقد تم إنجاز أعمال الإصلاح بشكل كامل عام 1925 وإستمرت أعمال الصيانة حتى سنة 1943 حيث أصبحت السدة ومنشآتها بحالة جيدة خصوصا بعد إلغاء مرور القطار على جسم السدة إلا إن نتيجة الفيضانات المتكررة في نهر الفرات خلال سنين القرن العشرين وخاصة فيضانات 1954 ثم سنوات 1967، 1968، 1969 ورغم الصيانة المستمرة فقد حدثت فيها أضرار كبيرة في هويس الملاحة والطريق فوق جسم السدة كما حدثت تشققات في بعض الجدران وإنهيار جدار مقدم ناظم شط الحلة ولمرور أكثر من 75 سنة على عمرها فقد إستنفذت أغراضها وكان لابد من إنشاء سدة جديدة بدلاً عنها وخصوصاً بعد أن أوضحت الدراسات التي قامت بها شركة سولخوز الروسية بأن السدة لايمكن أن تمرر فيضان إذا حدث وبالفعل فقد تم المباشرة بتاريخ 7 / 12 / 1984 بإنشاء سدة الهندية الجديدة شمال السدة القديمة بحوالي 1,400 كم حيث تم إحالة العمل بعهدة الشركة الصينية العامة للهندسة الإنشائية وبتصميم من قبل شركة سوغريا الفرنسية وبأشراف وزارة الري (في حينها) ممثلة بالهيئة العامة للسدود والخزانات وقد تم الإنتهاء منها وافتتاحها في الربع الأول من عام 1989 وقد بلغت الكلفة الكلية للمشروع سبعة وسبعون مليون دينار في حينها وتتألف سدة الهندية الجديدة من المنشآت التالية:
1-السدة الرئيسية على نهر الفرات.
2-المحطة الكهرومائية.
3-ممر الملاحة على نهر الفرات.
4-ناظم صدر شط الحلة.
5-ناظم صدر جدول الكفل.
6-ممر الملاحة لشط الحلة.
7-ناظم صدر جدول الحسينية.
8-ناظم صدر جدول بني حسن.
9-منشأ حماية الأسماك على ناظم الكفل وجدولي الحسينية وبني حسن.
10-جسر سكة القطار.
11-جسر فوق جسم السدة.
12-جسر يتقاطع مع شط الحلة والكفل.
13-جسر يتقاطع مع جدول الكفل.
14-جسر يتقاطع مع قناة التوصيل لجدولي الحسينية وبني حسن.
15-جسر يقع على القناة الملاحية على امتداد السدة القديمة.
16-انشأ سبع عمارات سكنية ودار استراحة ودائرة ومخزن.
وهي تعمل الآن بصورة جيدة حيث إن أعمال الصيانة لمنشآت المشروع مستمرة سنوياً.
أهميتهاتزويد شط الحلة ونهر الهندية بالمياه في فصل الصيف عند موسم الصيهود.
توجد جداول تاخذ المياه من مقدم السدة هي شط الحلة ونهر الكفل وجدول المسيب الكبير من الجهة اليسرى وترعة الحسينية وبني حسن من الجانب الأيمن.
معرض صور
======
قائمة سدود العراق
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
يفتقر محتوى هذه المقالة إلى الاستشهاد بمصادر. فضلاً، ساهم في تطوير هذه المقالة من خلال إضافة مصادر موثوقة. أي معلومات غير موثقة يمكن التشكيك بها وإزالتها. (ديسمبر 2018)
سد العظيم
سد بادوش
سد بخمة
سد دربندخان
سد الدبس
سد ديالى
ناظم الذبان
سد دهوك
سد دوكان
سدة الفلوجة
سد حديثة
سد حمرين
سدة الهندية
سدة الكوت
سد الموصل
سدة الرمادي
ناظم الورار
سد سامراء
خريطة سدود العراق
قائمة باسماء السدود في العراق:
محتويات 1 السدود على حوض الفرات
2 السدود على حوض دجلة
3 سدود قيد الإنشاء والتي يخطط لبنائها
4 المصادر
السدود على حوض الفرات
السدود على نهر الفرات:
اسم السد نوع السد حجم الخزن الأرتفاع (بالمتر) الطول (بالمتر) تاريخ الافتتاح المحافظة
سد حديثة إملائي ركامي 8,2 مليار م3 57 9064 1987 محافظة الأنبار
سدة الفلوجة
1985 محافظة الأنبار
سدة الرمادي
209 1955 محافظة الأنبار
سدة الكوفة
1988 محافظة بابل
سدة الهندية
250 1913 محافظة بابل
سدة الشامية
1988 محافظة الديوانية
سد الثرثار
80 مليار م³
1985 محافظة الانبار
السدود على حوض دجلة
سد الموصل على نهر دجلة
سد دوكان على نهر الزاب الاسفل
السدود على نهر دجلة وروافده:
اسم السد نوع السد حجم الخزن الأرتفاع (بالمتر) الطول (بالمتر) تاريخ الافتتاح المحافظة
سد دوكان خرساني مقوّس 6,8 مليار م3 116.5 360 1959 محافظة السليمانية
سد دربندخان إملائي ركامي 3,8 مليار م3 128 445 1961 محافظة السليمانية
سد حمرين ركامي ذو لبّ طيني وقشرة حصوية 3,5 مليار م3 53 3360 1981 محافظة ديالى
سد الموصل ركامي إملائي 11,11 مليار م3 113 3400 1986 محافظة نينوى
سد دهوك ترابي املائي 52 مليون م3 60 600 1988 محافظة دهوك
سد العظيم ترابي إملائي 1,5 مليار م3 76.5 3500 2000 محافظة ديالى
سد الوند ترابي إملائي 38 مليون م3 24 1342 2013 محافظة ديالى
سدة الكوت
10.5 516 1940 محافظة واسط
سد سامراء
65
1956 محافظة صلاح الدين
سد الدبس
23.75 376 1965 محافظة كركوك
سد ديالى
1969 محافظة ديالى
سد بلكانة
مليون م3
2009 محافظة كركوك
سدود قيد الإنشاء والتي يخطط لبنائهاسد بادوش على نهر دجلة (قيد الإنشاء)
سد مكحول على نهر دجلة يبلغ طوله بحدود 3.6 كم وطاقته التخزينية 12 مليون م3 (بدأ العمل فيه سنة 2000 لكنه توقف عام 2003)
سد بخمة على نهر الزاب الكبير (قيد الإنشاء)
سد منداوه على نهر الزاب الكبير
سد باكرمان على نهر الخازر
سد خليكان على نهر الخازر
سد طق طق على نهر الزاب الأسفل
سد باسرة على أحد فروع نهر العظيم
سد البغدادي في الرمادي
سد تولساق في ديالى
=====
الفتح الإسلامي لفارس
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الفتحُ الإسلاميُّ لِفارِس
جزء من الفُتوحات الإسلاميَّة
خريطة تُظهرُ مسار حملات المُسلمين لِفتح بلاد الإمبراطوريَّة الفارسيَّة الساسانيَّة
معلومات عامة
التاريخ 12هـ \ 633م - 33هـ \ 654م
الموقع العراق، والقفقاس، وفارس، وخُراسان
النتيجة نصرٌ إسلاميٌّ ساحق
انهيار الإمبراطوريَّة الفارسيَّة الساسانيَّة ودُخولها في حظيرة دولة الإسلام
ظُهور عدَّة سُلالات فارسيَّة حاكمة في طبرستان
المتحاربون
الإمبراطوريَّة الساسانيَّة
إمارة أرَّان (633–636)
إمارة المناذرة (633–637م)
مرزبانات الکُنارَنگ (633–651م)
بنو إسپابودان (633–651م)
دولة الهون البيض (651–654م)
بنو مهران (633–651م)
بنو كارن (633–654م)
الدولة الدابویگانيَّة (642–651م) دولة الخِلافةُ الرَّاشدة
مرزبانات الکُنارَنگ (بعد سنة 651م)
القادة
انظر
انظر
تعديل مصدري - تعديل
ع
ن
ت
الفتح الإسلامي لفارس
ع
ن
ت
الفُتوحات الإسلاميَّة
الفَتْحُ الإسْلَامِيُّ لِفَارِسَ أو الغَزْوُ الإسْلَامِيُّ لِفَارِسَ (بالفارسيَّة: فَتْحِ اِيرانْ تَوَسُّطِ مُسَلْمانانْ)، وفي بعض المصادر ذات الصبغة القوميَّة خُصُوصًا يُعرفُ هذا الحدث باسم الفَتْحُ العَرَبِيُّ لِفَارِسْ (بالفارسيَّة: فَتْحِ اِيرانْ تَوَسُّطِ اَعْرابْ)، هي سلسلةٌ من الحملات العسكريَّة شنَّها المُسلمون على الإمبراطوريَّة الفارسيَّة الساسانيَّة المُتاخمة لِحُدود دولة الخِلافة الرَّاشدة، وقد أفضت هذه الفُتوح إلى انهيار الإمبراطوريَّة سالِفة الذِكر وانحسار الديانة المجوسيَّة في بِلاد إيران وإقبال الفُرس على اعتناق الإسلام. بدأت تلك الفُتوحات زمن أبي بكرٍ الصدّيق بِغزو المُسلمين للعِراق، المركز السياسي والاقتصادي للإمبراطوريَّة،
سنة 11هـ المُوافقة لِسنة 633م بِقيادة خالد بن الوليد، فبقي حتى استكمل فتح العراق بالكامل، ثُمَّ نُقل خالد بعد ذلك إلى الجبهة الروميَّة بالشَّام لاستكمال الفُتوحات، فتعرَّض المُسلمون في العراق لِهُجومٍ مُضادٍ من قِبل الفُرس مما أفقدهم ما فتحوه مع خالد بن الوليد. فبدأت الموجة الثانية من الفُتوحات تحت قيادة سعد بن أبي وقَّاص سنة 14هـ المُوافقة لِسنة 636م، فكان النصر الحاسم في معركة القادسيَّة التي أنهت سيطرة الساسانيين على الجبهة الغربيَّة لِفارس. فانتقلت الحُدود الطبيعيَّة ما بين الدولة الإسلاميَّة الفتية والفُرس من العراق إلى جِبال زاگرُس. ولكن وبسبب الغارات المُستمرَّة للفُرس على العِراق، فقد أمر الخليفة عُمر بن الخطَّاب بتجريد الجُيوش لِفتح سائر بِلاد فارس سنة 21هـ المُوافقة لِسنة 642م، ولم تمضي سنة 23هـ المُوافقة لِسنة 644م حتى استُكمل القضاء على تلك الإمبراطوريَّة وفتح فارس برُمَّتها.
هذا الفتح السريع لِبلاد فارس من خلال سلسلةٍ من الهجمات المُنسقة تنسيقًا جيدًا، والتي أدارها عُمر بن الخطَّاب من المدينة المُنوَّرة على بُعد آلاف الأميال من ميادين المعارك في فارس، كانت له أعظم انتصار، وأكسبته سمعة كأحد أعظم العباقرة الإستراتيجيين والسياسيين في التاريخ. مُعظم المُؤرخين المُسلمين قد قالوا بأنَّ المُجتمع المدني في بلاد فارس عند بداية الفُتوحات الإسلاميَّة كان في حالة تدهورٍ وانحطاط، وبالتالي فإنهم احتضنوا تلك الجُيوش العربيَّة الغازية بأذرعٍ مفتوحة. كما أن مُنجزات الحضارة الفارسيَّة لم تُهمل، فقد تم استيعابها في النظام الإسلامي الجديد. بالمُقابل، يسعى عددٌ من المؤرخين الإيرانيين القوميين إلى إبراز وإظهار جانب المُقاومة القوميَّة للفُرس ضدَّ الفاتحين الجُدد، والتي استمرَّت سنواتٍ طويلة قبل أن يخضع الفُرس للمُسلمين. استبدل الفُرس أبجديَّتهم بالأبجديَّة العربيَّة بعد أن استقرَّ الحُكم الإسلامي في بِلادهم، وأقدموا على اعتناق الإسلام تدريجيًا، لكنَّهم لم يتعرَّبوا عكس أهل العراق والشَّام ومصر، وفضَّلوا الاحتفاظ بهويَّتهم القوميَّة الخاصَّة، وفي وقتٍ لاحق، امتزجت الثقافة الفارسيَّة بالثقافة الإسلاميَّة ونتج عنها ثقافةً جديدة مُميَّزة انعكست بشكلٍ واضح على أغلب أنحاء المشرق.
محتويات 1 نُبوءة فتح فارس في المُعتقد الإسلامي
2 العلاقات العربيَّة الفارسيَّة قبل الفُتوح
3 أوضاع الإمبراطوريَّة الساسانيَّة عشيَّة الفُتوح الإسلاميَّة 3.1 الوضع السياسي
3.2 الوضع الاجتماعي
3.3 الوضع الديني
3.4 الوضع العسكري
3.5 العلاقة مع الروم البيزنطيين
4 صُعود الخِلافة الإسلاميَّة
5 فُتوحات العراق في عهد أبو بكر 5.1 معركة ذات السلاسل
5.2 معركة المذار
5.3 معركة الولجة
5.4 معركة أُلَّيس
5.5 فتح الحيرة
5.6 فتح الأنبار
5.7 معركة عين التمر
5.8 فتح دومة الجندل
5.9 معركة الحُصيد
5.10 آواخر المعارك
6 فُتوحات العراق في عهد عُمر 6.1 الوضع الداخليّ في فارس
6.2 معارك النمارق والسقاطيَّة وباقسياثا
6.3 معركة الجسر
6.4 معركة البُويب
6.5 تولية يزدجرد الثالث السُلطة
6.6 معركة القادسيَّة
6.7 فتح المدائن
6.8 فتح جلولاء وحلوان
6.9 فتح تكريت والموصل
6.10 فتح قرقيساء وهيت وماسبذان
6.11 فتح الأبلة والبصرة
7 فُتوح فارس 7.1 فتح الأحواز
7.2 معركة نهاوند «فتحُ الفُتوح»
7.3 فتح همذان وأصبهان
7.4 فتح الرّيّ وقومس وجرجان
7.5 فتح طبرستان وأذربيجان
7.6 فتح إقليم فارس
7.7 فتح كرمان وسجستان ومكران
7.8 فتح خُراسان
8 ثورات الفُرس ونهاية السُلالة الساسانيَّة
9 فارس تحت الحُكم الإسلامي
10 انظر أيضًا
11 المراجع 11.1 هوامش
11.2 باللُغة العربيَّة
11.3 بِلُغاتٍ أجنبيَّة
12 كتب
13 وصلات خارجيَّة
نُبوءة فتح فارس في المُعتقد الإسلامييؤمن المُسلمون بأنَّ الرسول مُحمَّد تنبأ بفتح فارس على يد المُسلمين قبل سنواتٍ عديدةٍ من وُقوع هذا الأمر، كما أشار أنَّ أهلها سيُسلمون وسيحسُن إسلامهم بعد ذلك، ووردت في ذلك عدَّة أحاديث، ومن ذلك حديثٌ رواه الإمام مُسلم بن الحجَّاج في صحيحه عن جابر بن سمُرة عن نافع بن عُتبة عن الرسول أنَّهُ قال: «تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللهُ». وفي حديثٍ آخر ورد في صحيح مُسلم، نقلًا عن جابر بن سمُرة أيضًا، أنَّ الرسول مُحمَّد قال: «لَتَفْتَحَنَّ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَنْزَ آلِ كِسْرَى الَّذِي فِي الْأَبْيَضِ»، وعن عُدي بن حاتم الطائيّ قال: « بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ، فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إِلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ: " يَا عَدِيُّ ، هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ ؟ " قُلْتُ : لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ: " فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ ، فَلَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لا تَخَافُ أَحَدًا إِلا اللَّهُ "، قُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي: فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلادَ ، "وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ ، لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزَ كِسْرَى"، قُلْتُ: كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ ؟ قَالَ: " كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ، فَلا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ...."». وأشار عُدي إلى أنَّه رأى الظعينة ترتحل من الحيرة حَتَّى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكان فيمن افتتحوا كُنوز كسرى بن هُرمز بالفعل. وورد في سُنن النسائي رواية مفادها أنَّ الرسول مُحمَّد عندما كان وأصحابه يحفرون الخندق حول المدينة للحيلولة بينها وبين مُشركي قُريش، ظهرت لهم صخرة حالت بينهم وبين الحفر، فقام النبيّ محمد وأخذ المِعول ووضع ردائه ناحية الخندق وقال: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾، وضرب الحجر فكسر ثُلثه، وينقُلُ سلمان الفارسيّ أنَّ البرق لمع مع تلك الضربة، وكرَّر ذلك ثلاثًا حتَّى كسر الصخرة كُلَّها، ثُمَّ خرج وجلس، فسألهُ سلمان: «يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُكَ حِينَ ضَرَبْتَ مَا تَضْرِبُ ضَرْبَةً إِلَّا كَانَتْ مَعَهَا بَرْقَةٌ»، فقال لهُ النبيّ: «يَا سَلْمَانُ رَأَيْتَ ذَلِكَ؟»، فردَّ عليه: «إِي وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ»، قال: «فَإِنِّي حِينَ ضَرَبْتُ الضَّرْبَةَ الْأُولَى رُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ كِسْرَى وَمَا حَوْلَهَا وَمَدَائِنُ كَثِيرَةٌ، حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ»، فسأله سلمان: «ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَفْتَحَهَا عَلَيْنَا وَيُغَنِّمَنَا دِيَارَهُمْ، وَيُخَرِّبَ بِأَيْدِينَا بِلَادَهُمْ»، فدعا النبيُّ بذلك.
العلاقات العربيَّة الفارسيَّة قبل الفُتوح
طالع أيضًا: يوم ذي قار
الدَّولة الأشكانيَّة في أقصى اتساعها، وتظهرُ حدودها شاملةً عراق العرب والبحرين
الإمبراطوريَّة الساسانيَّة في أقصى اتساعها وتظهرُ حدودها شاملةً عراق العرب والشَّام والبحرين وعُمان واليمن، وجميعُها من بلاد العرب أو من البلاد ذات الوُجود العربي الملحوظ
المناذرة يُشيدون قصر الخورنق بإيعازٍ من الشاهنشاه يزدجرد الأثيم.
تجاور الفُرسُ والعربُ في شمال شبه الجزيرة العربيَّة طيلة مئات السنين، كما سيطر الفُرس على شرق شبه الجزيرة وكان لهم نُفوذٌ باليمن، فكانت العلاقة بين الطرفين تتخذُ شكل التبعيَّة السياسيَّة غالبًا. أضحت المنطقة المُجاورة للفُرات الجنوبي هدفًا لِهجرة قبائل عربيَّة في عصر مُلوك طوائف الإسكندر(1)، وينسب الإخباريّون هذه الهجرة إلى قبائل تنّوخ. والتنّوخيّون هم بحسب الطبري تكتّلٌ قديمٌ بين جماعة عربيَّة يمنيَّة قديمة، وبعض القبائل الشماليَّة، من بني معد بن عدنان، كقيس عيلان والأزد وقضاعة، وكهلان، ولخم، مُتآزرة مُتناصرة مُجتمعة في البحرين، مُتوسِّعة بانضمام قبيلة نمارة إليها. وعند العلَّامة الأب لويس شيخو اليسوعي هم تكتلٌ من ثلاث قبائل من نصارى العرب هي: بهراء وتنّوخ وتغلب، اجتمعوا في البحرين. وأخذت هذه القبائل تتطلَّع إلى النُزوح إلى مشارف العراق بهدف الاستقرار، وسنحت لها الفُرصة عندما نشب في بلاد فارس الصِّراع على السُلطة في أواخر عهد الدولة الأشكانيَّة، فهاجرت إلى الحيرة والأنبار. أقام التنّوخيّون في الحيرة في ظل النُفوذ الفارسيّ، يُدينون بالولاء للفُرس إلى أن قدم إليها تبَّع أسعد أبو كرب بن مليكيكرب الحِميري، فخلَّف فيها جماعةً من جُنده ممن لم يقووا على المضيِّ معه، وأمَّ البدو المدينة لابتياع حاجاتهم، ولم يلبثوا أن أقاموا فيها، فأضحى سُكَّان المدينة أخلاطًا من قبائل العرب. وفي عهد الملك جُذيمة الوضَّاح بن مالك بن فهم الأبرش، توسَّع عرب الحيرة على حساب الفُرس الإشكانيين الذين كانت دولتهم قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، فشنّوا الغارات على قبائل الأعراب، وسيطر جُذيمة الأبرش على الأنبار وبقّة وهيت وعين التمر وأطراف البر إلى الغمير والقطقطانة وما وراء ذلك، وامتدَّت سيطرته إلى الضفَّة الشرقيَّة لِنهر الفُرات، وغزا طسمًا وجُديسًا بعد سُقوط الدولة الأشكانيَّة.حالف جُذيمة الأبرش الإمبراطوريَّة الساسانيَّة بعد قيامها، فأمَّن لِنفسه صداقتها، وتجنَّب مصير الممالك العربيَّة التي آلت إليه، كالحضر. خلف اللخميّون التنوخيّون في مملكة الحيرة، وعمد أوَّل ملوكهم، وهو عمرو بن عُدي بن نصر اللخميّ إلى التحالف مع الفُرس الساسانيين مُتبعًا خُطى سلفه، وقد استغلَّ الفُرس هذا الحلف لِتحقيق أطماعهم في السيطرة على شمالي بلاد الرافدين، التي فتحها عمرو بن عُدي بعد سُقوط مملكة الحضر. ولمَّا تولّى امرؤ القيس بن عمرو العرش، عيَّنه الشاه شاپور الأوَّل بن أردشير على فرج العرب من ربيعة ومضر وسائر من ببادية العراق والحجاز والجزيرة الفُراتيَّة تقديرًا لِفُتوحاته العظيمة باسم الإمبراطوريَّة الساسانيَّة والتي بلغت أسوار نجران، كما يُستدلُّ من الكتابة المنقوشة على قبره بالخط النبطيّ واللسان العربي الشماليّ، في خرائب النمارة بحوران الشَّام. وفي زمن النُعمان السائح بن امرئ القيس، عهد الشاهنشاه يزدجرد الأثيم بابنه الوليد بهرام گور إلى الملك سالِف الذِكر وأمره ببناء منزلٌ على ظهر الحيرة بريءٌ من الأدواء والأسقام كي يشبَّ ابنه صحيحًا فصيحًا، بعد أن ابتُلي بوفاة جميع أبناءه الرُضَّع، فابتنى له النُعمان قصر الخورنق، فكافأه الشاهنشاه بأن ملَّكهُ على العرب، ومنحهُ مرتبتين سُنيتين وكِسوة على قدر منزلته، واعتنى النُعمان بتربية الأمير حتّى شبَّ ومات والده. وعمل المُنذر بن النُعمان على دعم ومُساعدة بهرام گور حتَّى يصل إلى عرش فارس، بعد أن حاول بعض أهل مملكته إقصاءه عن سُدَّة الحُكم لِنُشوئه في بلاد العرب وتخلُّقه بأخلاقهم وعاداتهم وتقاليدهم، بما في ذلك التقاليد المسيحيَّة التوحيديَّة التي دخلت واستقرَّت في نُفوس عرب الحيرة، ولأنَّهُ من وِلد يزدجرد الأثيم الذي اشتهر بِسوء السيرة، فقدَّم المُنذر قوَّةً عسكريَّةً إلى بهرام گور مكَّنتهُ من استرجاع عرشه، وبذلك زادت مكانته في البلاط السَّاسانيّ.
ذو نوَّاس يُوسُف أسأر الحِميري،
حليف الفُرس وصاحب المحرقة المسيحيَّة في نجران.
مُنمنمة على منسوجة صوفيَّة مصريَّة، منسوخة عن مُنمنة فارسيَّة ساسانيَّة، منسوخة بدورها عن لوحةٍ جصيَّة تُظهرُ الشاه كسرى الثاني يُقاتلُ الجيش الأكسومي الحبشيّ في اليمن.
عمل الفُرس أيضًا على التحالف مع عرب الجنوب، كما عرب الشمال، وذلك بهدف مُقاومة النُفوذ الرومي في جنوب شبه الجزيرة العربيَّة، الذي انتشر عبر حليفة الروم، أي مملكة أكسوم الحبشيَّة، بواسطة التجارة والتبشير بالمسيحيَّة بين اليمنيين. ففي الوقت الذي كانت فيه الحبشة تتلقى تشجيعًا من الإمبراطور البيزنطي فلاڤيوس يوليوس قسطنس الذي كان يهدف إلى نشر الدين المسيحيّ في بلاد العرب، كان بعضُ النُبلاء ومُلوك اليمن يتذمرون من تنامي النُفوذ الحبشي والرومي، فقاموا بُمحاربة المسيحيَّة السياسيَّة عبر فكرٍ دينيٍّ سياسيٍّ آخر، فجلب الملك أبو كرب أسعد الديانة اليهوديَّة من يثرب ودعا اليمنيين إلى اعتناقها ففعلوا، وهدموا العديد من الهياكل والمعابد المُكرَّسة للآلهة الوثنيَّة. بناءً على هذا، وجد الفُرس أنَّ اليمن قد أصبحت أرضًا خصبةً لامتداد نُفوذهم إليها، فتطلَّعوا إلى التحالف مع اليهود والمذاهب النصرانيَّة المُناهضة للبيزنطيين مثل النُسطوريَّة، فدعموا اليهود حتَّى تحكّموا باليمن طيلة القرن الخامس الميلاديّ، فقبضوا على أجهزة المملكة الحِميريَّة وبخاصَّةً الماليَّة، وسيطروا على المراكز المُهمَّة حتَّى الملكيَّة نفسها، فكان جميع مُلوك حِمير مُنذُ عهد أبو كرب أسعد (400م) حتَّى عهد مرثد إلن (495م) مُتهودين باستثناء عبد كلال بن مُثوّب، لكنَّ الحال لم يستمر هكذا، فتراجع النُفوذ الفارسيّ أمام الروميّ، وانتشرت المسيحيَّة في طول البلاد وعرضها، واستحال النصارى هم سادة اليمن الحقيقيين. ولم يرضى بعضُ المُلوك برؤية تنامي النُفوذ البيزنطي مُجددًا في بلادهم، ومن هؤلاء ذو نوَّاس يُوسُف أسأر الحِميري، الذي اعتنق اليهوديَّة كي يُحارب بها المسيحيَّة السياسيَّة، ويبدو أنَّهُ رأى أنَّ استقرار حُكمه يتوقَّف على القضاء على الذين يُصدّرون المسيحيَّة إلى اليمن وبقاء اليمن مُوالية لِفارس، فاضطهد النصارى اضطهادًا شديدًا، حيثُ جمع أهل نجران وخيَّرهم بين العودة إلى الوثنيَّة أو الموت حرقًا، ففضَّل مُعظهم الموت في سبيل الإيمان، فحفر ذو نوَّاس أخاديد في الأرض وألقى المسيحيين فيها مع أناجيلهم وأضرم فيهم النار أحياء،
ووردت تلك القصَّة في القُرآن بِسورة البُروج: قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ . عند ذلك ثارت حفيظة بيزنطية وعقدت العزم على عزل ذي نوَّاس عن حُلفائه الفُرس، فتمَّ إبرام صُلح بين الروم والفُرس تخلَّت فارس بموجبه عن مصالحها في اليمن.
استمرَّ عربُ الشمال في العراق مُوالين للفُرس طيلة السنوات اللاحقة على تراجع نُفوذ فارس في اليمن، فعاونوهم في مُواجهة البيزنطيين وحُلفائهم الغساسنة، فقدَّم ملك الحيرة المُنذر بن امرئ القيس بن ماء السماء عونًا كبيرًا للفُرس في حربهم مع الروم، وكان رأس الحربة التي شغلت بيزنطية وجُيوشها عُقودًا طويلة، وأكمل ابنه عمرو بن المُنذر هذا النهج فأغار على الغساسنة وأجبرهم على دفع الأتاوة، ووسَّع نُفوذه حتَّى شمل العراق كُلَّه والأردن حتَّى اليمامة، وغزا بني تغلب وطيء وتميم. وفي عهد أبو قابوس النُعمان بن المُنذر، تدهورت علاقات عرب الحيرة مع الفُرس، فألقى كسرى القبض على النُعمان وحبسه حتَّى مات. وانتهى بوفاة النُعمان حُكم اللخميين أو المناذرة في الحيرة، لأنَّ كسرى عيَّن مكانه رجلًا من طيء اسمه إياس بن قُبيصة، وقد أدّى زوال أُسرة المناذرة إلى تحطيم الحاجز الذي أقامه الفُرس أمام العرب، فانكشفت الإمبراطوريَّة الساسانيَّة، ووقفت القبائل العربيَّة وجهًا لوجه أمامها، إذ لم تصُدُّهم قُوَّة، فأخذوا يشُنون الغارات على أطراف الإمبراطوريَّة في العراق وساعدهم على ذلك الاضطراب الداخليّ بفعل الصِراع على السُلطة وانهماك كسرى بالحرب مع البيزنطيين، وتوغَّل بعضهم داخل العراق، وما لبث أن اشتبك العرب والفُرس في مُواجهةٍ كبيرة عُرفت باسم «معركة ذي قار» أو «يوم ذي قار» عندما أراد كسرى استرجاع مال وسلاح النُعمان بن المُنذر وكان الأخير قد أودعه لدى هانئ بن مسعود الشيباني، ورفض هذا تسليمه، فأراد كسرى استرجاعه بالقوَّة، لكنَّ جيشه انهزم أمام العرب وولّى الأدبار. عزل الفُرس على أثر خسارتهم في ذي قار، إياس بن قُبيصة الطائيّ عن حُكم الحيرة، وعيَّنوا عليها حاكمًا فارسيًا هو آزاذبه بن ماهان الهمذاني، إلَّا أنَّ هذا لم يتمكّن من إن يُعيد الثقة التي كانت بين المناذرة والأكاسرة وأن يُحسِّن العلاقة التي ساءت بين العرب والفُرس، فاستقلَّت القبائل العربيَّة التي ارتبطت بالإمبراطوريَّة الساسانيَّة في البحرين وأواسط شبه الجزيرة العربيَّة، ما اضطرَّ الفُرس إلى أعادة أحد أبناء النُعمان، وهو المُنذر المغرور، إلى حُكم الحيرة، وفي روايةٍ أُخرى أنَّ عرب الحيرة استغلّوا الاضطراب الدَّاخليّ في فارس بفعل الصراع على السُلطة، فعزلوا آزاذبه وأقاموا المُنذر مكانه، ولم يكن أمام الأكاسرة سوى الاعتراف بالأمر الواقع. وفي تلك الفترة، كان الرسول مُحمَّد قد وطَّد دعائم الدولة الإسلاميَّة في المدينة المُنوَّرة، وأرسل العديد من الرسائل إلى الحُكَّام المُجاورين، ومنهم نجاشي الحبشة أصحمة بن أبجر، وهرقل قيصر الروم، والمُقوقس قيرس السَّكندري عامل الروم على مصر، وكسرى الثاني شاه فارس، يدعوهم فيها إلى الإسلام، وقد قام عبدُ الله بن حُذافة السهميّ بنقل رسالة الرسول إلى كسرى، وكان نص الرسالة كالتالي: «، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَآمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَشَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ وَأَدْعُوكَ بِدُعَاءِ اللَّهِ، فَإِنِّي أَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً؛ لأُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ. فَإِنْ تُسْلِمْ تَسْلَمْ، وَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ إِثْمَ الْمَجُوسِ عَلَيْكَ». وقد أثارت تلك الرسالة غضب كسرى، فأمسكها ومزَّقها وقال: «عَبْدٌ مِنْ رَعِيَّتِي يَكْتُبُ اسْمُهُ قَبْلِي»، وسبَّ النبيّ، فلمَّا بلغته هذه الكلمات دعا على شاه فارس وقال: «مَزَّقَ اللَّهُ مُلْكَهُ».
أوضاع الإمبراطوريَّة الساسانيَّة عشيَّة الفُتوح الإسلاميَّة
الوضع السياسي
مُنمنمة فارسيَّة تُظهر اغتيال كسرى الثاني، وبداية دور الضعف والانحلال في الإمبراطوريَّة الساسانيَّة.
أخذ الضعف يدُبُّ في فارس بعد اغتيال كسرى الثاني سنة 628م عقب هزيمته على يد الروم في الشَّام ومصر، فتسلَّط على الحُكم أحد القادة ويُدعى «شهريار»، فثار عليه الأُمراء وقتلوه ونصبوا مكانه طفلًا اسمه «جوانشير»، وهو ابن كسرى الثاني من زوجه شيرين، ثُمَّ قُتل فخلفته أخته «بوران» (أو بوراندخت). دام حُكمُ بوران سنة وأربعة أشهر قبل أن تخلفها أختها «آرزميدخت». وظهر في عهدها القائد رُستم فرّخزاد كأحد القادة الأقوياء، ويبدو أنَّه استاء من تولّي امرأة عرش الأكاسرة الساسانيين، كما حنق عليها لِقتلها والده «فرخ‌هرمز» في مُناسبةٍ سابقة، فزحف نحو العاصمة واستولى عليها وعزل الملكة وسمل عينيها. وتتابع على الحُكم حُكَّامٌ ضعاف مثل هُرمز الخامس وكسرى الرَّابع، لكن لم يكن مُعترفًا بهما إلَّا في بعض أجزاء البلاد. ثُمَّ تولّى عرش الإمبراطوريَّة الساسانيَّة أحد عشر ملكًا على مدى أربع سنوات كان آخرهم يزدجرد الثالث ابن الأمير شهريار الذي استولى على الحُكم بمُساعدة القائد رُستم سالِف الذِكر. وفي واقع الأمر لم يكن الشاه الأخير سوى دُمية صوريَّة بيد رُستم، الذي أضحى الحاكم الفعليّ للإمبراطوريَّة المُتداعية، وفق عُرفٍ كان قد شاع مُنذ السنوات التي تلت موت كسرى الثاني، إذ مال التطوّر شيئًا فشيئًا نحو التسلُّط العسكريّ، واستقلَّ كُل قائد ووالي بولايته أو إقطاعه، وكأنَّهُ وراثي، وبخاصَّةٍ عندما هوت الأُسرة المالكة إلى تدهورها النهائيّ. وقد كثُرت مُحاولات اغتصاب السُلطة من قِبل القادة. ويُعدُّ تسلُّط هؤلاء آخر مرحلة من مراحل التطوّر السياسي أيَّام الساسانيين. ولكنَّ نظام الإقطاع الذي برز في هذه المرحلة لم يكن لديه مُتسعٌ من الوقت ليتَّحد قبل الفتح الإسلامي. ومُنذُ عهد فيروز الثاني الذي تولّى الحُكم بعد آرزميدخت، كانت جميع الأقاليم الواقعة شرقيّ مدينة مرو الروذ في خُراسان خارجة عن سُلطة الدولة، ولم تكن هراة نفسها تابعة للساسانيين. وخضعت الولايات الواقعة على شواطئ بحر قزوين للديالمة، واستقرَّت الولايات الشماليَّة والشرقيَّة في أيدي مُلوك وأُمراء مُستقلين. وقد حاول رُستم جاهدًا أن يعمل على إعادة اللُحمة والقوَّة إلى الدولة، لكنَّهُ وجد نفسهُ عاجزًا عن وقف زحف المُسلمين الجارف. ومن الجدير بالذِكر أنَّ البعض قد اعتبر أنَّ ضم مملكة الحيرة إلى الفُرس أحد أهم عوامل سُقوط الإمبراطوريَّة الساسانيَّة أمام جحافل الجيوش الإسلاميَّة وسهَّل فتح فارس أمامهم، حيث وافق المناذرة بأن يكونوا جواسيس للمُسلمين بعد هزيمتهم في معركة الحيرة أمام خالد بن الوليد.
الوضع الاجتماعي
لوحة من القرن السَّابع الميلادي تُصوَّر موسيقيي العصر الساساني يعزفون أمام أحد النُبلاء.
كان المُجتمع الفارسي الساساني قائمًا على نظام مُلزم للطبقات وفق هيكلٍ أنشأه مؤسس هذه السُلالة الشاه أردشير بن بابك، وقد بقي هذا الهيكل الاجتماعيّ والإداريّ من الأُمور المُقدَّسة التي لا تحتمل التغيير حتَّى أواخر عهد الإمبراطوريَّة. ونصَّت الأبستاق، أي الكتاب المُقدَّس للمجوس، على ثلاث طبقات اجتماعيَّة باستثناء طبقة الحُكَّام، هي: رجالُ الدين، ورجالُ الحرب والحرَّاثين، وأصحاب المهن والحِرف. غير أنَّ تطوّر الحياة العامَّة في الإمبراطوريَّة، أفرز نظامًا سُباعيًا على أساس سبع طبقات، وقُسِّمت كُل طبقة بدورها إلى عدَّة أقسام. كانت الطبقة الأولى تتكوَّن من المُلوك والأُمراء وحُكَّام الولايات، وعلى رأسهم شاه فارس الذي يحكم وفقًا لِنظريَّة الحق الإلهي المُقدَّس للمُلوك، ويحمل لقب «شاهَنشاه» أي «ملك المُلوك»، ويُدعى حاكم الولاية «مرزبان» ويحمل لقب «شاه» أي «ملك». والإمارة وراثيَّة شرط الالتزام بما يفرضه الشاهَنشاه من تدابير يتمثَّل بعضها بالتزام الأمير المُقطع وضع قوَّاته العسكريَّة تحت تصرُّفه وتأدية جزية مُعيَّنة. وكانت الطبقة الثانية هي طبقة الأشراف، ويُشكِّلُ هؤلاء الطبقة القويَّة المُكوَّنة من رؤساء الأُسر السبع المُمتازة، ولِكُلِّ أسرةٍ من هذه الأُسر منطقة نُفوذ تُقيمُ فيها إلى جانب انخراط أفرادها في البلاط، ويحتكرون بعض الوظائف العامَّة مثل تتويج الملك والتعبئة العسكريَّة وإدارة شؤون الحرب وجباية الضرائب. وتكوَّنت الطبقة الثالثة من رجال الدين، وهم عدَّة أقسام، يرأسهم قاضي القضاة أو «موبذان موبذ»، ثُمَّ المؤابذة والزُهَّاد والسدنة، والهرابذة خُدَّام النار المُقدَّسة. وتألَّفت الطبقة الرَّابعة من رجال الحرب، يترأسهم «إيران سپهبد»، وتشمل صلاحيَّاته وزارة الحرب وقيادة الجيش العُليا، يليه الضُبَّاط على اختلاف رُتبهم ويُطلق عليهم لقب «الأساورة». أمَّا الطبقة الخامسة فكانت تتألَّف من موظفي الدواوين أو الكُتَّاب، وهي تضم كُتَّاب الرسائل والحسابات والشُعراء والأطباء والمُنجمون. وكانت الطبقة السَّادسة تتكوَّن من «الدَّهاقون»، وهم رؤساء القُرى ومُلَّاك الأراضي الذين يستمدون قوَّتهم من الملكيَّة الوراثيَّة للإدارة المحليَّة، ووظيفتهم الأساسيَّة هي استلام الضرائب وتمويل الدولة. أمَّا الطبقة السَّابعة، فهي طبقة الشعب، وهم الفلَّاحون والصُنَّاع والرُعاة والتُجَّار وأهل الحِرف.تفاوتت الطبقات الاجتماعيَّة الفارسيَّة سالِفة الذِكر في النسب والمنزلة، وظهر التمييز بينها واضحًا في المركب والملبس والمسكن وعدد الزوجات والجاريات والخدم، فلِكُلِّ فردٍ منزلته ومرتبته ومكانه المُحدد في الجماعة. وحُظر الانتقال من طبقةٍ إلى طبقة أعلى منها بوجهٍ عام إلَّا في حُدودٍ ضيِّقةٍ، على أنَّ هذا الاستثناء لا يطالُ الارتقاء إلى طبقة رجال الدين. فالموبذ يجب أن يكون ابن موبذ، لاعتقاد أفراد هذه الطبقة أنَّهم أُسرة واحدة لا يجوز لأجنبيّ أن ينتسب إليها. ضاق أبناء الشعب الفارسيّ بهذا النظام، فالفرد منهم كان يشقى ويتعب لِتربية أولاده ورعايتهم، حتَّى إذا شبُّوا وبدأوا يُساعدونه على تحمّل أعباء الحياة؛ جمعهم الأشراف ليُقدموهم إلى الشاهَنشاه الذي يقذف بهم في أُتون الحروب. ولقد استهان الشاهَنشاهات بِرؤساء الطبقات الرفيعة، فلم يُراعوا حق الدين والوطن، ورُبَّما أجلس بعضهم عدوَّ البلاد على العرش. كما أنَّ رجال الدين خلعوا لِباس التقوى، وألهاهم جمع المال، وفُتنوا بالمظاهر، وناصبوا الأشراف العداء السافر، وأخذ بعضهم يكيدُ لِبعض، وكانت كُلُّ طائفةٍ تسعى لِمصلحتها دون النظر إلى مصلحة المجموع. أفقدت هذه الأوضاع الشَّاذة ثقة الفارسيّ بِمُجتمعه ووطنه، وتزعزع إيمانه بهذا النظام، ولم تقضِ إصلاحات كسرى الأوَّل أنوشروان على ما في نُفوس الناس من الشُعور بالظلم، والتطلُّع إلى من يتحدَّث عن المُساواة وتكافؤ الفُرص بين النَّاس، حتَّى وجدوا ذلك في الدين الإسلامي.
نقش لإله الخير عند المجوس أهورامزدا والشاهنشاه أردشير الأوَّل.
الوضع الدينياتَّخذ الفُرس الساسانيّون، مُنذُ بداية عهدهم، المجوسيَّة (الزرادشتيَّة) دينًا رسميًا. ومن خصائص هذا الدين تقديس عناصر الطبيعة. وللشمس عند الساسانيين حُرمة عظيمة، غير أنَّ النار أعظم شأنًا، لذلك دخلت كعاملٍ رئيسٍ في عباداتهم. وبُيوتُ النَّار عندهم هي مراكز العبادة والتقديس. يعتقد المجوس بوجود إلهٍ للخير والنور، خالقٍ يُسمّونه «أهورامزدا»، وإلهٌ للشر والظُلمة يُسمّونه «آهرمان» ولكنَّهُ ليس بمُستوى أهورامزدا. فالمجوسيَّة بهذا تقومُ على الثنويَّة والنزاع الدائم بين إله الخير وإله الشر، لكنَّ النصر في النهاية سيكون للإله الأوَّل بما يبذله الإنسان من أعمالٍ حسنةٍ للتغلُّب على روح الشَّر. وابتُلي الساسانيّون بِنزاعاتٍ دينيَّةٍ بعد ظُهور الديانتين المانويَّة والمزدكيَّة بفعل اختلاف فلسفاتها وتعاليمها. وكان تشجيع الأكاسرة لإحدى هذه الديانات يدفع مُعتنقيها إلى اضطهاد مُخالفيهم، وقد أضاع هذا التناحر البلاد حين وضعها في جوٍ مشحونٍ بالنزاعات.
الوضع العسكري
خوذة عسكريَّة ساسانيَّة.
نحت الإمبراطوريَّة الساسانيَّة، مُنذُ بداية حياتها السياسيَّة، منحىً توسُعيًا، بهدف إحياء الإمبراطوريَّة الأخمينيَّة التي قضى عليها الإسكندر الأكبر، وقد تطلَّب ذلك إنشاء جيشٍ مُنظمٍ وقويٍّ، لذلك أدخل الشاهنشاه أردشير الأوَّل طوائف الجُند التي كانت تتبع صاحب الإقطاع في الجيش النظاميّ. والمعروف أنَّ الفُرسان الدَّارعين يُشكِّلون القوَّة الضاربة في الجيش الفارسيّ، وأنَّ النصر يتوقَّف على مدى اندفاعهم وشجاعتهم في القتال، وبِخاصَّةً الفرقة المعروفة بالخالدين، وهي مؤلَّفة من عشرة آلاف فارس يُختارون من بين المُجلِّين. وتتخذُ الفيلةُ مكانها خلف الفُرسان، وكأنَّها حُصون، وتُشكِّلُ عامل رُعبٍ لِخيل العدوّ، وعامل ثقة لأفراد الجيش الفارسيّ، كما يُحملُ عليها أبراجٌ من الخشب مشحونةٌ بالمُقاتلين والسِّلاح ورُماة النِبال وحاملي الرَّايات، ويُقدِّمونها أحيانًا أمامهم، ويجعلون منها نُواةً لِفِرقهم، تلتفُّ حول كُلِّ فيلٍ فرقةٍ من الجيش. وإذا ذُعر فيلٌ أثناء المعركة وارتدَّ على جُنود الفُرس، يُبادرُ الفيَّال إلى قتله.
فارسٌ ساسانيٌّ مُدرَّع.
شكَّل المُشاةُ مؤخَّرة الجيش، وهُم من أهل القُرىـ يُستدعون إلى الحرب دون أجرٍ أو حافز، ويلبسون دروعًا من الخيزران المُتشابك المُغطّى بِجلدٍ غير مدبوغٍ، وهُم جنودٌ غير مهرة عادةً، يُولّون الأدبار قبل أن يبدأ العدوُّ بالحرب.
واعتمد الجيشُ الفارسيّ على المُرتزقة أيضًا، وهُم من الشُعوب القاطنة في أطراف الإمبراطوريَّة من الذين اشتهروا بالشِّدَّة في القتال، مثل: السجستانيّون، والسَّاجيّون، والقفقاسيّون، والدَّيالمة، وغيرهم. يقودُ الشاهنشاه، عادةً، الجيش في المعارك، ويُنصبُ العرش الملكيّ وسط الجيش، ويُحيطُ به خدمه وحاشيته وفِرقة من الجُند المُكلَّفة بِحراسته.
اقتبس الفُرس بعضُ الفُنون العسكريَّة من الرومان ومن خُلفائهم المشرقيين، أي الروم البيزنطيين، مثل عمليَّات حِصار القِلاع واستعمال المجانيق والأبراج المُتحرِّكة وآلات الحِصار الأُخرى التي كانت تُستعملُ قديمًا، كما نفَّذوا أُسلوب حرق المحاصيل الزِّراعيَّة حتَّى لا يستفيد العدُوُّ منها، وفتح السُدود في الأراضي التي يُخصِّبها الرَّي، حتَّى يغرق الوادي ويُوقف تقدُّم العدوّ. هذا ويُشترط بالقائد أن تتوفَّر فيه الصِّفات العسكريَّة الضروريَّة لإدارة الحرب والقُدرة على وضع وتنفيذ الخِطط العسكريَّة. لم يكن الفُرس شديدي البأس في الحرب، ولم يعتادوا القِتال ببسالة إلَّا أن يكونوا على مسافةً بعيدةً من عدوِّهم، وإذا شعروا بأنَّ فِرقهم تتراجع يتقهقرون مُطلقين خلفهم سِهامهم حتَّى يُخففوا من مُطاردة عدوِّهم لهم. تعتمدُ الخِطط العسكريَّة التي طبَّقها السَّاسانيّون في القِتال، على الصَّدمة بأفواجٍ مُنظمةٍ من الفُرسان الدَّارعين في صُفوفٍ كثيفةٍ، كما طبَّقوا نِظام التعبئة القائم على المُقدِّمة من الفُرسان، والقلب الذي يرتاد أفرادُه مكانًا مُشرفًا، والجناحين والمُؤخَّرة من الرُماة والمُشاة، وهو نِظامُ الزَّحف من خِلال تقسيم الجيش إلى كراديس.
والواقع أنَّ هذا النظام العسكريّ، لم يثبت أمام التعبئة الإسلاميَّة القائمة على الكر والفر، والمعروف أيضًا أنَّ المُسلمين استعملوا أيضًا أُسلوب الكراديس في القِتال.
العلاقة مع الروم البيزنطيين
طالع أيضًا: الحرب الساسانية البيزنطية 602-628
ورث الساسانيون العلاقات العدائية مع الرومان من أسلافهم الپارثيين. وفي القرن الثالث الميلادي، شن الساسانيون عدد من الهجمات على الأراضي الرومانية، واستطاع الرومان استيعاب تلك الهجمات دون أن يفقدوا أيًا من أراضيهم. لكن مع مرور الوقت نجح الساسانيون في تحقيق بعض المكاسب، وسرعان ما انعكس الوضع في منتصف القرن الرابع الميلادي. ومع انقسام الإمبراطورية الرومانية، ورث البيزنطيون الصراع مع الساسانيون في تلك البقعة، وأُضيف إلى البعد السياسي للحروب بينهما بعدًا دينيًا بعد دخول البيزنطيون في المسيحية. كانت الحروب بين الطرفين سجال، فلم يستطع أيّ منهم تحقيق نصر عسكري حاسم. في العقود التي سبقت الفتح الإسلامي، استطاع البيزنطيون الانتصار على الساسانيين في الحرب التي دارت بينهما بين سنتي 572 و591 م التي تحالفوا فيها مع الأمير الساساني المنفي كسرى الثاني، ومكّنوه من استعادة عرشه من يد بهرام جوبين، واستولوا على مناطق من شمال شرق بلاد الرافدين ومعظم أرمينية الفارسية ومناطق من القفقاس.
أيقونة إسپانيَّة من القرن الخامس عشر الميلاديّ تُظهرُ هرقل يُعيد الصليب الحقيقي إلى بيت المقدس، وتظهر إلى جانبه القديسة هيلانة.
أنهكت تلك الحرب الخزانة الروميَّة. دفع ذلك الإمبراطور البيزنطي موريس لفرض تدابير مالية صارمة وخفض أجور الجيش، مما أدى إلى أربعة تمردات. نتج عنها في النهاية إعلان الجيش للقائد فوقاس إمبراطورًا لبيزنطة، وبعد فترة قُتل موريس على يد جنود فوقاس أعلن نارسيس أحد قواد موريس وحاكم ولاية بلاد الرافدين الرومانية العصيان على فوقاس، وتحصّن في الرها، فبعث له فوقاس بقائده جرمانوس لحصار الرها. لجأ نارسيس حينها لطلب العون من كسرى الثاني ملك الفرس، فاتخذها كسرى الثاني حُجة لقتال البيزنطيين، ولاستعادة ما فقده الساسانيون في أرمينية وبلاد الرافدين. هزم الساسانيون البيزنطيون في معركة دارا سنة 605م، مما أدى إلى اندلاع التذمر ضد فوقاس، وفي سنة 608 م، أعلن هرقل الكبير حاكم إفريقية الروماني نفسه إمبراطورًا. وامتدت الاضطرابات في الولايات الرومانية لتشمل فلسطين وسوريا سنة 610م. ثم استطاعت حملة بحرية وجهها هرقل الأكبر بقيادة ابنه هرقل من الاستيلاء على القسطنطينية، وأسر فوقاس، وإعدامه. وبعد وقت قصير، توفي هرقل الأكبر وخلفه ابنه هرقل. استغل الفرس تلك الاضطرابات، وتوغلوا في الأناضول، كما هاجموا المدن الحدودية في أرمينية وبلاد الرافدين. حاول هرقل طلب الصلح مع الساسانيين، إلا أنهم رفضوا طلبه كونهم منتصرين عسكريًا. هاجم القائد الفارسي شهربراز ولاية سوريا الرومانية ونجح في الاستيلاء على أنطاكية وطرطوس، لتنقطع الصلة بين القسطنطينية وولاياتها الجنوبية في فلسطين ومصر وإفريقية. ثم ضموا دمشق وأفامية وحمص سنة 613م، حاول القائد البيزنطي نسطاس مقاومة الفرس إلا أنه هُزم في أذرعات. وفي سنة 614م، استولوا على القدس بعد حصار وحرقوا عدد من الكنائس بينها كنيسة القيامة، واستولوا على مقدسات مسيحية كالصليب الحقيقي والحربة المقدسة والاسفنجة المقدسة. ثم غزا القائد الفارسي شهربراز مصر سنة 618م، واقتحموا الإسكندرية بعد عام من الحصار.
شاه فارس كسرى الثاني يخضعُ لإمبراطور الروم، القيصر هرقل، مقطع من صحيفة معدنيَّة منقوشة على صليبٍ إفرنجيّ من القرن الثاني عشر الميلاديّ.
في سنة 622م، شنّ هرقل هجومًا مضادًا على الفرس بدأه بمهاجمة قبادوقية، فانسحبت قوات الفرس بقيادة شهربراز من أمامه من الأناضول. بعدها عرض هرقل مرة أخرى الصلح مع الفرس سنة 624 م، غير أن كسرى رفض مجددًا. في العام نفسه، شنّ هرقل هجومًا على أراضي الساسانيين مخترقًا أرمينية وأذربيجان ليفاجيء الفرس في معقلهم. أمضى هرقل عامين في حملته تلك، حقق فيها بعض الانتصارات غير الحاسمة. وفي سنة 626م، أعد كسرى جيشًا كبيرًا بقيادة قائده شاهين لمنع هرقل من غزو فارس، وأرسل آخر صغير بقيادة شهربراز لمهاجمة القسطنطينية، كما نسّق مع الآڤار أعداء البيزنطيين لمحاصرة القسطنطينية من جهتيها الآسيوية والأوروبية، إلا أن المدينة صمدت وفشل الحصار، مما أغضب كسرى وأمر بقتل شهربراز، الذي علم بالأمر وانسحب بجيشه إلى سوريا، مما أضعف من قوة الفرس.رد هرقل على ذلك بأن تحالف مع الخزر الذين شنوا هجومهم على الفرس في القفقاس. ثم فاجأ هرقل الفرس بمهاجمتهم في شتاء 627م، وألحق بالفرس هزيمة قاسية في نينوى. تسببت الهزائم المتلاحقة التي ألحقها هرقل بالفرس في حملته إلى ثورة الجيش على كسرى الثاني وخلعه وتنصيب ابنه قباذ الثاني الذي بادر بطلب الصلح مع هرقل. وقد تم هذا الصلح لينجح بذلك هرقل في استعادة كافة الأراضي البيزنطية التي استولى عليها الفرس من قبل، إضافة إلى استعادة أسرى البيزنطيين ومقدساتهم الدينية المسلوبة من القدس سنة 614م.
صُعود الخِلافة الإسلاميَّة
طالع أيضًا: حُرُوبُ الرِّدَّة
توفي الرسول مُحمَّد ضُحى يوم الإثنين 12 ربيع الأوَّل 11هـ، المُوافق فيه 7 حُزيران (يونيو) 632م، وبعد وفاته بُويع أبو بكر الصدِّيق بالخِلافة ليتولّى شؤون المُجتمع الإسلامي الجديد الذي كوَّنهُ الرسول خِلال حياته، فكانت خِلافته قصيرة لم تزد عن سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيَّام. لكن رُغم ذلك، وقع خلال تلك الفترة حدثان بارزان يُعدَّان من أبرز أحداث التاريخ الإسلامي على الإطلاق، هُما الرِّدَّة وانطلاق الفُتوح الإسلاميَّة خارج نِطاق شبه الجزيرة العربيَّة، وكان لكُلٍّ منهما تأثيره الخاص على مُستقبل الدعوة الإسلاميَّة والعرب. أمَّا الرِّدَّة فهي الاسم الذي يُطلق على انتفاضة القبائل على أطراف شبه الجزيرة العربيَّة على الحُكم الجديد الذي قام في المدينة المُنوَّرة، فنبذ قسمٌ منهم الإسلام والتفَّ حول عددٍ من مُدعي النُبوَّة الذين جعلوا أنفسهم أندادًا للنبيّ مُحمَّد، تُحرِّكُهم دوافع اقتصاديَّة أو سياسيَّة، وبعضهم الآخر أعلن رغبته بالحِفاظ على الإسلام لكنَّهم منعوا الزكاة كونهم اعتبروها نوعًا من الذُلِّ والتبعيَّة، يدفعونها بصفتهم الطرف المغلوب، ولم يُدركوا أنَّها إحدى أركان الدين.وفي جميع الأحوال فإنَّ أبا بكر قاتل القبائل المُرتدَّة جميعها، فأرسل إليها نُخبة القادة المُسلمين مثل خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعِكرمة بن أبي جهل وغيرهم، فهزموهم وقضوا على حركاتهم، فعادوا للدخول في الإسلام. وترتب على حُرُوبُ الرِّدَّة عدَّة نتائج مُهمَّة منها إعطاء المُسلمين الثقة بالنفس وبِالنظام الذي اختاروه وبِالقُدرة على الانتصار، وهي ثِقةٌ هامَّةٌ وضروريَّةٌ في مُواجهة قِوى كُبرى تتمتَّع بِقُدراتٍ ماديَّةٍ وكثرةٍ عدديَّةٍ، هذا إلى جانب الإيمان بالهدف. كما شكَّلت فُرصةً للمُسلمين كي يتدربون تدريبًا عسكريًا عمليًا على مُستوى الجُيوش الكبيرة، ابتداءً من الحشد والتعبئة العامَّة إلى التحرُّكات والسير والالتحام، إلى أعمال الدوريَّات والحِصار والجاسوسيَّة والتدابير اللوجستيَّة. ويُمكنُ وصف هذه الحُروب بِمثابة جسر عبر المُسلمون العرب عليه إلى خارج شبه الجزيرة العربيَّة بِهدف الفتح.
فُتوحات العراق في عهد أبو بكر
صورة توضح مسار طريق خالد بن الوليد عند فتحه للعراق.
بعد انتهاء حروب الردة في البحرين، كان المثنى بن حارثة الشيباني يُغِير هو ورجال من قومه على تخوم العراق، فبلغ ذلك أبا بكر، فسأل عنه، فأثنى عليه قيس بن عاصم التميمي قائلاً: «هَذَا رَجُلٌ غَيْرَ خَامِلِ الذِّكْرِ، وَلَا مَجْهُوْلَ النَّسَبِ، وَلَا ذَلِيْلَ العِمَادِ». ولم يلبث المثنى أن قدم على المدينة المنورة، وقال لأبي بكر: «يَا خَليفَةَ رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمِلْنِي عَلَى مَن أَسْلَمَ مِن قَوْمِي أُقَاتِلُ بِهِمُ هَذِهِ الأَعَاجِمَ مِن أَهْلَ فَارِس»، فكتب له أبو بكر في ذلك عهدًا. ثم رأى أبو بكر أن يمُدّ المثنى بمدد، فأمر خالد بن الوليد بالمسير إلى العراق وأن يأتي الأُبلّة، كما أمر عياض بن غنم بأن يسير أيضًا إلى العراق وأن يسير في طريق دومة الجندل ويأتي العراق ويبدأه من المُصَيَّح شمالي العراق على أن تكون القيادة لمن يصل منهما أولاً إلى المثنى فتعثر عياض في فتح دومة الجندل، فسار خالد إلى العراق في المحرم من سنة 12 هـ، ووصل قبل عياض بعشرة آلاف جندي، انضم إليهم ثمانية آلاف كانوا مع المثنى، فكانت القيادة لخالد في العراق. أرسل خالد بن الوليد وعياض بن غنم إلى أبي بكر يستمدّانه، فأرسل القعقاع بن عمرو التميمي لخالد، وأرسل عبد بن غوث الحميري لعياض. استنكر البعض أن يكون المدد برجل واحد، فقال أبو بكر عن القعقاع : «لَا يُهْزَمَ جَيْشٌ فِيْهِ مِثْلَ هَذَا»، وكذا قال عن عبدٍ الحميري.
معركة ذات السلاسل
المقالة الرئيسة: معركة ذات السلاسل
أرسل خالد بن الوليد وهو في طريقه إلى العراق إلى هرمز حاكم العراق الفارسي يُخيّره بين الإسلام أو الجزية أو القتال، فآثر هرمز القتال، وأرسل إلى كسرى يطلب المدد، فأمدّه كسرى بإمدادات كبيرة تحرك بها هرمز إلى كاظمة حيث يعسكر جيش المسلمين. ناور خالد بجيشه فتحرك إلى الحفير، ليجد هرمز كاظمة خاوية. ثم لاحق هرمز إلى الحفير، وسبقهم إليها، ليعود خالد مجددًا إلى كاظمة. أراد خالد من ذلك استغلال نقطة ضعف الجيش الفارسي والتي هي ثقل تسليحه، مما يجعل أي تحرك للجيش مُجهد لأفراده. غضب هرمز لذلك، وتحرك بجيشه نحو كاظمة، وعسكر بالقرب من موارد الماء ليمنع الماء عن المسلمين. فأثار ذلك حماسة المسلمين، وخطب فيهم خالد قائلاً: «أَلا انْزِلُوا وَحُطُّوا أَثْقَالَكُمْ، ثُمَّ جَالَدُوهُمْ عَلَى الْمَاءِ، فَلَعَمْرِي لَيَصِيرَنَّ الْمَاءُ لأَصْبَرِ الْفَرِيقَيْنِ، وَأَكْرَمِ الْجُنْدَيْنِ
».
الجيش الإسلامي
الجيش الساساني
حركة الجيش الإسلامي والجيش الساساني قبل المعركة. كانت استراتيجية خالد لخدع الجيش الساساني.
أمر هرمز رجاله بربط أنفسهم بالسلاسل، حتى لا يفروا من أرض المعركة وليستميتوا في القتال. بدأت المعركة بالمبارزة حين طلب هرمز مبارزة خالد، واتفق هرمز مع بعض فرسانه أن يفتكوا بخالد إن خرج للمبارزة. وعند تنفيذ خطتهم، فطن القعقاع بن عمرو التميمي للأمر، وأدرك خالد، وقتل خالدُ والقعقاعُ هرمزَ وفرسانَه. بمقتل هرمز، اضطربت صفوف الفرس، فاستغل المسلمون الفرصة، وأوقعوا بالفرس هزيمة كبيرة. استطاع قباذ وأنوشجان قائدي جناحي الجيش الفارسي الفرار، فأمر خالد المثنى بمطاردة فلول الفرس، فطاردهم المثنى حتى انتهى إلى حصن أميرة ساسانية سماه العرب «حصن المرأة»، فترك أخاه المُعنّى ليحاصره ثم واصل هو المطاردة. ولما بلغت أنباء انتصار المثنى للأميرة، صالحته وتزوجت المعنى.
أما المثنى فقد واصل مطاردة فلول الفرس حتى بلغ الأُبلّة، فوجد جيشًا فارسيًا آخر بقيادة قارن بن قريانس يعسكر بالمدينة، فأرسل المثنى ليُعلم خالد بالأمر.
معركة المذار
المقالة الرئيسة: معركة المذار
حين بلغ خالد بن الوليد خبر تمركز جيش قارن بن قريانس في المذار، أسرع خالد بجيشه ليُدرك المثنى. كان هرمز قد كتب إلى كسرى يطلب المدد، فأمده بجيش بقيادة قارن بن قريانس، وما أن وصل هذا الجيش إلى المذار حتى بلغه خبر هزيمة هرمز في كاظمة. ثم ما لبث أن لحق بجيشه فلول جيش هرمز وفيهم قباذ وأنوشجان قادة جيش هرمز، فجعلهما قارن قائدين لجناحي جيشه. وفي صفر 12 هـ، بدأت المعركة التي سماها المسلمون بوقعة المذار أو الثني. بالمبارزة حيث طلب قارن من يبارزه، فخرج له معقل بن الأعشى فقتل معقلُ قارنَ، ثم بارز عاصمُ بن عمرو التميمي أنوشجانَ وبارز عديُّ بن حاتم الطائي قباذَ فقتل عاصم وعدي أنوشجان وقباذ، وانتصر المسلمون على الفرس، وقتلوا من الفرس يومئذ ثلاثين ألفًا وغرق منهم الكثير في النهر، كما غنموا من المعركة الكثير، وكان من بين السبي يومئذ حبيب أبو الحسن البصري. أمر خالد بسبي أبناء المقاتلين، فيما أقرّ المزارعين على ما في أيديهم على أن يؤدوا الجزية، عملاً بوصية الخليفة أبي بكر. بعد المعركة، بعث خالد بسويد بن مقرن المزني بجند إلى الحفير، وأقام خالد بالمذار، وأرسل من يتجسس أخبار الفرس.
معركة الولجة
المقالة الرئيسة: معركة الولجة
بعد الهزيمة في المذار، أرسل كسرى يحشد الجيوش لقتال المسلمين، فوافاه أول الجيوش بقيادة أندرزغر حاكم خراسان إلى عاصمته قسطيفون، فأرسله كسرى لقتال المسلمين، وبعث في أثره جيشًا آخر بقيادة بهمن جاذويه وسلك كل منهما طريقًا غير الآخر. بلغ خالد خبر مسير أندرزغر نحو الولجة، وانضمام موالي الفرس من العرب من بني بكر بن وائل إلى جيشه. فأمر خالد جيشه بالاستعداد للرحيل لقتال الجيش في الولجة، وخلف سويد بن مقرن المزني وأمره بأن يلزم الحفير. وفي ليلة المعركة، أمر خالد بن الوليد بُسر بن أبي رهم وسعيد بن مرة العجلي بأن يسيرا بقوتين من الفرسان، ويختبئا خلف التلال التي كانت في ظهر جيش الفرس، وأن ينتظرا منه إشارته بالهجوم. دارت معركة الولجة في صفر 12 هـ، وبدأت بالمبارزة فتقدم خالد بن الوليد فبارزه رجل من الفرس وصفه الطبري بأنه رجلٌ بألف رجل، فقتله خالد. ثم بدأ القتال بهجوم المسلمين الذي امتصه الفرس ثم بدأوا هجومهم المضاد، وبدأ المسلمون في التراجع ببطء، ثم أشار خالد لقوات بسر وسعيد بمهاجمة جناحي جيش الفرس ومؤخرته، وأطبق خالد وجيشه على جيش الفرس، مطبقًا تكتيك الكماشة لتنتهي المعركة بانتصار ساحق للمسلمين، وخسائر فادحة للفرس، وفرار قائد الفرس أندرزغر نحو الصحراء، وموته عطشًا.
المرحلة الأولى: المسلمون يشنون هجوم عام على الفرس.
المرحلة الثانية: الفرس يردون بهجوم مضاد، وخالد يأمر جيشه بالتراجع ببطء لاحتواء جيش الفرس.
فرسان كمين المسلمين يهاجمون جناحي جيش الفرس ومؤخرته.
فرسان المسلمين ومُشاتهم يطبقون على جيش الفرس من كل الجوانب.
معركة أُلَّيس
المقالة الرئيسة: معركة أُليس
جزء من سلسلة مقالات حول
تاريخ العراق
ما قبل التاريخ
العصر البرونزي
العصر الحديدي
العصور الوسطى
الحقبة الحديثة المبكرة
العراق الحديث
بوابة بلاد الرافدين
ع
ن
ت
كان من بين قتلى معركة الولجة عددًا من أشراف نصارى بني بكر بن وائل، فغضب لهم قومهم لمقتلهم، وراسلوا الفرس للانتقام من المسلمين. سار بنو بكر بقيادة عبد الأسود العجلي إلى أُلّيس حيث وافى جيشًا فارسيًا كان كسرى قد أرسله لقتال المسلمين بقيادة بهمن جاذويه، الذي عاد في الطريق بعد فترة قصيرة إلى المدائن وخلف محله جابان وأمره أن يبطئ في طريقه حتى يقضي أربه ويعود ليلحق بالجيش. وصل بهمن للمدائن فوجد كسرى في مرض موته، فتأخر بهمن عن اللحاق بجيشه، فسار جابان بالجيش حتى وصل أليس حيث وجد حشودًا من حلفائه العرب من بني عجل وتيم اللات وضُبيعة وعرب الضاحية من أهل الحيرة. بلغ خالد تجمُّع الفرس والعرب في أليس، فأمر بالتحرك لقتالهم. وعند بداية المعركة، بارز خالدُ مالكٓ بن قيس وقتله، ثم اشتبك الفريقان في معركة شديدة استمات فيها الفرس في القتال، وهم على أمل أن يدركهم بهمن جاذويه بالمدد من عند كسرى، ولمّا تأزم القتال، نذر خالد قائلاً: «اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ إِنْ مَنَحْتَنَا أَكْتَافَهُمْ أَلا أَسْتَبْقِي مِنْهُمْ أَحَدًا قَدَرْنَا عَلَيْهِ حَتَّى أُجْرِيَ نَهْرَهُمْ بِدِمَائِهِمْ!» انتصر المسلمون في المعركة، فأمر خالد جنوده أن يمتنعوا عن القتل، وأن يأسروا منهم من استطاعوا، فأمر بسد النهر وأوكل رجالاً لضرب أعناق الأسرى في النهر، فظلوا يومًا وليلة ولم يجر النهر دمًا. فأشار عليه القعقاع قائلاً: «لَوْ أَنَّكَ قَتَلْتَ أَهْلَ الأَرْضِ لَمْ تَجْرِ دِمَاؤُهُمْ، إِنَّ الدِّمَاءَ لا تَزِيدُ عَلَى أَنْ تَرَقْرَقَ مُنْذُ نَهَيْتَ عَنِ السَّيَلانِ، وَنُهِيَتِ الأَرْضُ عَنْ نَشْفِ الدِّمَاءِ، فَأَرْسِلْ عَلَيْهَا، الْمَاءَ تَبَرَّ يَمِينُكَ» ففعل خالد، فسميت تلك المعركة بنهر الدم. ثم سار خالد بجيشه إلى أمغيشيا إحدى المدن الكبرى في المنطقة يومئذ، فوجد أهلها قد جلوا عنها، مخلّفين ورائهم الكثير، فأمر خالد بهدمها، لدَوْرِ أهل المدينة في أليس حيث شارك الكثير من أهلها في صفوف جيش الفرس.
فتح الحيرة
المقالة الرئيسة: معركة الحيرة
بعد سقوط أمغيشيا، أعد آزاذبة مرزبان الحيرة لقتال خالد، وعسكر خارج الحيرة، وأمر ابنه بسدّ الفرات. ركب خالد وجيشُه في ربيع الأول 12 هـ السفن التي استولى عليها من معاركه السابقة ليقاتل آزاذبة، وفوجئ بعد ذلك بجنوح السفن وانحسار الماء، فأخبره الملاحون أن الفرس سدّوا النهر، فأسرع خالد بفرسان له فأدرك ابن آزاذبة عند محبس الماء في فم فرات بادقلي، فقاتله وهزمهم، وأجرى النهر مرة أخرى. تزامن خبر هزيمة ابن آزاذبة مع وصول الأخبار بموت كسرى، فأسرع آزاذبة بالعودة إلى عاصمة الفرس تاركًا الحيرة دون أن يقاتل المسلمين. أما جيش المسلمين فقد واصلوا مسيرتهم حتى نزلوا الخورنق، فوجدوا أهل الحيرة متحصنين. فأمر خالد ضرار بن الأزور بحصار القصر الأبيض الذي تحصن فيه إياس بن قبيصة الطائي، وضرار بن الخطاب بحصار قصر العدسيين وفيه عدي بن عدي، وضرار بن مقرن المزني بحصار ابن أكّال في قصر بني مازن، والمثنى بن حارثة الشيباني بحصار عمرو بن عبد المسيح في قصر ابن بقيلة. دعا المسلمون المتحصنين في الحيرة لإحدى الثلاث الإسلام أو الجزية أو القتال وأمهلوهم يومًا، ثم شدّ المسلمون الحصار على أهل الحيرة، فلم يصمدوا كثيرًا وأعلنوا قبولهم الجزية.
فتح الأنبار
المقالة الرئيسة: معركة الأنبار
رسم تخيُلي لِخالد بن الوليد أثناء حصار الأنبار.
بعد فتح الحيرة، توافد الدهَّاقين على خالد بن الوليد في مقره بالحيرة، ليدخلوا في طوع المسلمين، ويعاهدوه على أداء الجزية. بعدئذ، وزّع خالد حاميات على الأماكن التي ضمها، ثم استخلف القعقاع بن عمرو في الحيرة، وخرج بجنده وعلى مقدمة جيشه الأقرع بن حابس التميمي لضم المناطق التي بينه وبين دومة الجندل التي تعثر عياض بن غنم في فتحها، حتى لا يُؤتى بعدوٍ من خلفه. اتجه خالد صوب الأنبار فوجد أهلها تحصّنوا وخندقوا حولهم بقيادة شيرزاد حاكم ساباط، فطاف خالد بالخندق وأوصى رماته باستهداف عيون المدافعين عن الحصن، فأصيب منهم نحو ألف عين، فسماها المسلمون ذات العيون. عندئذ، طلب شيرزاد الصلح، اشترط خالد أمورًا امتنع شيرزاد عن قبولها، فعمد خالد إلى أضيق مكان في الخندق، ونحر ضعاف الإبل وألقاها فيه، فاقتحم جنده الخندق ففر المدافعون إلى داخل الحصن، وأرسل شيرزاد مجددًا في طلب الصلح على أن يرحل بمفرزة من جنده دون أمتعة، فقبل خالد ولحق شيرزاد ببهمن جاذويه في المدائن، ثم صالح خالد أهل تلك المنطقة على أداء الجزية.
معركة عين التمر
المقالة الرئيسة: معركة عين التمر
لما فرغ خالد من الأنبار، استخلف عليها الزبرقان بن بدر الفزاري، وتوجّه إلى عين التمر التي تجمع فيها جيشان أحدهما فارسي بقيادة مِهران بن بهرام جوبين، والآخر عربي من بني النمر وتغلب وإياد بقيادة عَقَّة بن أبي عقة. ولما جاءَتهم أنباء مسير خالد إليهم، طلب عقة من مهران أن يترك له أمر قتالهم قائلاً : «إِنَّ الْعَرَبَ أَعْلَمُ بِقِتَالِ الْعَرَبِ، فَدَعْنَا وَخَالِد»، فوافق مهران. وسار عقة بجيشه للقاء جيش خالد، فيما بقي الفرس بعين التمر. والتقى جيش خالد بجيش عقة، فهزمه خالد، ووقع عقة في الأسر. وحين بلغ الخبر مهران، هرب هو وجنوده، بينما اعتصم فلول جيش عقة بحصن عين التمر، فحاصرهم خالد حتى افتضّ الحصن، فوجد فيه أربعين غلامًا يتعلمون الإنجيل، وعليهم باب مغلق، فقسّمهم بين من أبلوا حسنًا في القتال. كان من بين هؤلاء الغلمان نصير أبو موسى بن نصير وسيرين أبو محمد بن سيرين ويسار جد محمد بن إسحاق صاحب السيرة
فتح دومة الجندل
المقالة الرئيسة: معركة دومة الجندل
أشار الوليد بن عقبة على عياض بن غنم أن يراسل خالد بن الوليد يستمده لفتح دومة الجندل، ففعل عياض، فأجابه خالد بمسيره إليه بنفسه، فخلف عويم بن كاهل الأسلمي على عين التمر، وخرج يريد دومة الجندل. ولما فشى خبر مسير خالد إلى دومة الجندل، اجتمعت فرق من بني بهراء وكلب وغسان وتنوخ والضجاعم، لمساندة أهل دومة الجندل. أما أهل دومة الجندل، فكانوا تحت قيادة أكيدر بن عبد الملك والجودي بن ربيعة، ولما بلغهم دنو خالد، اختلفا فرأى أكيدر مسالمة خالد، وأبى الجودي ذلك، فترك أكيدر المدينة. بلغ خالد ذلك، فأرسل عاصم بن عمرو التميمي في طلب أكيدر، فأسره وأتى به إلى خالد الذي أمر بضرب عنقه لردته عن الإسلام ونقضه عهد النبي محمد. فلما بلغ خالد حصن دومة الجندل، وجد الأحزاب التي اجتمعت لقتاله محيطة بالحصن الذي لم يسعهم. فحاصر خالد الحصن من جهة، وعياض من جهة، فانقسم أهل دومة الجندل قسمين كل منهما يقاتل من يليه من المسلمين، فكان النصر للمسلمين، وأسروا الجودي، فضرب خالد عنقه، وقتل المسلمون المقاتلين من أهل الحصن، ثم أقام خالد بدومة الجندل لفترة، ورد الأقرع إلى الأنبار.
معركة الحُصيدانتهز الفرس وعرب الجزيرة فرصة خروج خالد لدومة الجندل، وبدأوا يستجمعون قواهم، وخرج جيش فارسي بقيادة زرمهر وروزبه يريدان الأنبار، فكتب الزبرقان للقعقاع في الحيرة بالأمر، فبعث القعقاع أعبد بن فدكي السعدي إلى الحصيد، وعروة بن الجعد البارقي إلى الخنافس لقطع الطريق على الفرس. فرأى روزبه وزرمهر أن ينتظرا حلفائهم من العرب حتى يوافوهم. ثم عاد خالد إلى الحيرة وبلغه الخبر فقرر مواجهتهم، فأرسل خالد القعقاع وأبو ليلى بن فدكي لقتال الفرس، فسبقا الفرس إلى عين التمر. ثم أتى كتاب من امرؤ القيس الكلبي إلى خالد بتجمُّع العرب في المصيخ والثني ثأرًا لمقتل عقة بن أبي عقة، فخرج خالد من الحيرة واستخلف عليها عياض بن غنم، وسار وعلى مقدمة جيشه الأقرع بن حابس قاصدًا عين التمر. رأى القعقاع أن زرمهر وروزبه لا يتحركان فسار نحو الحصيد، فتجمّع الفرس لقتاله، فقاتلهم القعقاع وهزمهم، وقُتل روزبه وزرمهر، وفرّت فلول الفرس إلى الخنافس، فسار أبو ليلى بن فدكي يريد قتالهم ففر الفرس إلى المصيخ حيث يعسكر عرب الجزيرة.
آواخر المعارك
طالع أيضًا: معركة الفراض
لجأت فُلولُ الفُرس الناجية من معركة الحُصيد إلى الخنافس، وهي أرضٌ للعرب في طرف العراق قُرب الأنبار من ناحية البردان، فأدّى ذلك إلى ألقاء الرُعب في قُلوب سُكَّانها، ووهنت نُفوسُهم وفرَّ بعضُهم إلى المصيَّخ للاحتماء بها، ممَّا سهَّل مُهمَّة أبي ليلى، فدخلها دون قِتالٍ يوم 11 شعبان 12هـ المُوافق فيه 21 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 633م. أُتيح لِخالد بعد هذه الانتصارات، أن يُهاجم المصيَّخ في مُحاولةٍ لِمنع الحُلفاء من الفُرس والعرب من إعادة تنظيم صُفوفهم، فاستدعى قادته، وهاجموا البلدة من ثلاثة محاور، وفاجأوا خُصومهم وهُم نائمون، وذلك في 19 شعبان 12هـ المُوافق فيه 29 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 633م. بعد المصيِّخ، وضع المُسلمون موضعا الثنيّ والزُّميل، الواقعان بالجزيرة شرق الرِّصافة، نصب أعيُنهم، فاقتحموهما من ثلاثة محاور ونجحوا في دخولهما، كما وقعت الرضاب (موضع الرِّصافة قبل بنائها) في أيديهم، وذلك في 23 شعبان 12هـ المُوافق فيه 2 تشرين الثاني (نوڤمبر) 633م. بعد ذلك تحرَّك خالد بن الوليد ناحية الفراض على الحُدود المُشتركة بين الإمبراطوريتين البيزنطيَّة والساسانيَّة وعرب الجزيرة. فبعد أن بسط سُلطانُ المُسلمين على سواد العراق، أراد أن يؤمِّن حماية مؤخرة جيشه، حتَّى إذا اجتاز السّواد إلى فارس، كان مُطمئنًا لِما يُخلِّفُ وراءه. وكان الاندفاع الإسلامي حتَّى الفراض توغلًا في أرضٍ يحكُمها البيزنطيّون، ممَّا أثار هؤلاء، كما حقد الفُرس والعرب المُوالون لهم على المُسلمين قتنادوا للثأر ممَّا حلَّ بهم، وبِخاصَّةٍ تغلب وإياد والنمر، وزحفوا نحو الفراض. وجرى بين الجانبين قتالٌ دمويٌّ رهيب في 15 ذي القعدة 12هـ المُوافق فيه 21 كانون الثاني (يناير) 634م، انتهى بهزيمة الحُلفاء. كانت معركة الفراض آخر أعمال خالد بن الوليد الكبيرة في العراق، إذ تلقّى أمرًا من الخليفة بالتوجُّه إلى الشَّام لِنجدة الجُيوش الإسلاميَّة المُرابطة هُناك، فترك الحيرة بعد أن استخلف عليها عمرو بن حزم الأنصاري مع المُثنّى بن حارثة الشيباني.
فُتوحات العراق في عهد عُمر
الجدول الزمنيّ لِلفتح الإسلاميّ لِفارس
أبرز الأحداث التي وقعت خِلال الفتح الإسلامي لِفارس
633م آذار (مارس)؛ الغزوات الأولى في العراق بقيادة خالد بن الوليد
633م نيسان (أبريل)؛ وقعة ذات السلاسل
633م نيسان (أبريل)؛ وقعة المذار (الثنيّ)
633م نيسان (أبريل) أو أيَّار (مايو)؛ معركة الولجة
633م أيَّار (مايو)؛ معركة أُليس
633م أيَّار (مايو)؛ فتحُ الحيرة
633م؛ حُزيران (يونيو)؛ معركة الأنبار
633م تمّوز (يوليو)؛ فتح الأنبار
633م تمّوز (يوليو)؛ وقعة عين التمر
633م تشرين الثاني (نوڤمبر)؛ معركة المضيح
633م تشرين الثاني (نوڤمبر)؛ معركة الثني
633م تشرين الثاني (نوڤمبر)؛ معركة الزُميل
634م كانون الثاني (يناير)؛ وقعة الفُراض
634م شتاءً؛ انتهاء القسم الأوَّل من فتوحات بلاد الرَّافدين
634م آب (أغسطس)؛ وفاة أبي بكرٍ الصدِّيق. مُبايعة عُمر بن الخطَّاب بالخِلافة
634م تشرين الثاني (نوڤمبر)؛ موقعة الجسر
634م تشرين الثاني (نوڤمبر)؛ معركة البُويب
636م اتخاذ البصرة قاعدةً لانطلاق الفُتوحات
636م تشرين الثاني (نوڤمبر)؛ موقعة القادسيَّة
636م تشرين الثاني (نوڤمبر) وكانون الأوَّل (ديسمبر)؛ إعادة فتح ما بين النهرين وغربيّ الفُرات
637م اتخاذ الكوفة قاعدةً لانطلاق الفُتوحات
637م كانون الثاني (يناير) حتَّى آذار (مارس)؛ حصار وفتح المدائن
637م نيسان (أبريل) حتَّى تشرين الثاني (نوڤمبر)؛ وقعة جلولاء
637م استكمال فتح العراق عبر فتح خانقين، وتكريت والموصل
638م كانون الثاني (يناير)؛ فتح حُلوان (قُرب کرمانشاه)
640م-638؛ الحرب والصُلح مع الهُرمزان حاکم الأحواز
640م؛ انهزام وفشل الهُرمُزان في موقعة الوادي
641م؛ فتح الأحواز والسوس وجُنديشابور
641م كانون الأوَّل (ديسمبر)؛ وقعة نهاوند (فتح الفُتوح)
642م فتح فارس الوسطى: همدان، والري، وأصفهان وقُم
642م فتح جنوبي فارس: شيراز، واصطخر، وفسا وداراب
643م-642 فتح طبرستان وقومس (سمنان)
643م فتح سيستان و زارانج
643م فتح کرمان ومكران
643م فتح زنجان، وأردبيل، والدربند وأذربيجان
644م-643 فتح خُراسان الكُبرى بما فيها نيسابور، وهراة ومرّو وبلخ
644م-643 فتح أرمينية الشرقيَّة وجنوب القفقاس واتخاذ تفليس مركزًا
644م (أوائل السنة)؛ بلُوغ حُدود السند
644م (أواسط السنة)؛ معركة نهر جيحون واستكمال فتح البلاد الإيرانيَّة (عدا مازندران)
644م اغتيال عُمر بن الخطَّاب. مُبايعة عُثمان بن عفَّان بالخِلافة
651م–649 فشل الانتفاضات المحليَّة في أرمينية وأذربيجان وفارس وسيستان ومكران وطبرستان وخراسان
651 مصرع يزدجرد الثالث وانقراض السُلالة الساسانيَّة
656م مقتل عُثمان ومُبايعة عليّ
تخيط لاسم عُمر بن الخطَّاب ملحوق بدُعاء الرضا عنه.
وقع أبو بكرٍ الصدّيق بالحُمَّى يوم 7 جمادى الآخرة سنة 13هـ المُوافق فيه 7 آب (أغسطس) سنة 634م، واشتدَّ عليه المرض حتَّى أحسَّ بدُنوِّ أجله، فعهد بالخِلافة إلى عُمر بن الخطَّاب بعد أن استشار كِبار الصَّحابة من أهل الحل والعقد لِيقف عند توجُّهاتهم وآرائهم. وتوفي أبو بكر بعد خمسة عشر يومًا، وبالتحديد يوم الإثنين في 22 جمادى الآخرة 13هـ المُوافق فيه 22 آب (أغسطس) 634م. حتَّى وفاة أبي بكر جرت في سواد العراق غارات ومُناوشات عديدة بين المُسلمين وبين الفُرس ومن ساندهم من العرب المُتنصِّرة القاطنين هُناك، لكنَّ هؤلاء عجزوا عن وقف هجمات المُسلمين، واستمرَّت الفرق الإسلاميَّة تجوب أراضي السّواد مُغيرةً على هذه القرية أو تلك، لكن في المُدَّة بين رحيل خالد بن الوليد إلى الشَّام ووفاة أبي بكر، لم تحدث إلَّا اصطدامات محدودة، بفعل أنَّ جيش العراق ضعف بغياب خالد وبخاصَّةً أنَّهُ فصل معه أكثر من نصف القُوَّات. وانهمك الفُرس في المُقابل في الصِّراعات الدَّاخليَّة والتَّنافس على الحُكم، ممَّا أدَّى إلى رُكود الجبهة العراقيَّة. واضطرَّ المُثنَّى، على الرُغم من براعته القتاليَّة وانتصاره على جيشٍ فارسيّ بقيادة هُرمز جاذويه في أواخر شهر ربيع الأوَّل سنة 13هـ المُوافق لِأواخر شهر أيَّار (مايو) سنة 634م، اضطَّر أن ينكفئ إلى الحيرة ويتحصَّن بها، إلَّا أنَّهُ احتفظ بكُلِّ ما غنمهُ المُسلمون من سواد العراق. وكان لا بُدَّ للمُسلمين إن رغبوا بالتقدُّم أكثر أن يُعززوا قُوَّاتهم العسكريَّة المُرابطة في العراق، فغادر المُثنّى مُتجهًا إلى المدينة ليبحث مع أبي بكر في الوضع الميداني على الجبهة العراقيَّة ويُقدِّم له مشروعًا جديدًا للتعبئة العامَّة من واقع تجنيد من ظهرت توبتهُ من أهل الرِّدَّة، وعندما وصل إليها وجد أبا بكر مريضًا، ولمَّا أفضى إليه ما جاء من أجله، استدعى عُمر وأوصاهُ بندب النَّاس مع المُثنّى إذا توفي.وما كاد عُمر يفرغ من دفن أبي بكر بعد وفاته حتَّى دعا النَّاس إلى التطوُّع لِحرب الفُرس مع المُثنّى، وركَّز على تعبئة المُسلمين على الجبهة العراقيَّة. وأدَّى المُثنّى دورًا بارزًا في ذلك حين اجتمع به وشرح لهُ الوضع المُتدهور للفُرس، وشجَّعه على إرسال المُسلمين لِتكثيف حملاتهم على أراضي السَّواد، إذ لا بقاء لهم في العراق، إذا لم تُعزَّز قُوَّاتهم هُناك بمددٍ قويٍّ. أحجم مُعظم المُسلمين عن الاستجابة لِنداء عُمر، إذ كانت العرب تهابُ الفُرس وتخافُ الخُروج لِقتالِهم، فكانت حُدود فارس تبدو صعبة في نظر العرب، وخطرة ورهيبة، كما كانت تُثيرُ الكثير من الاحترام في نُفوسهم، ويتجنَّبون تجاوزها خشيةً من مُلوك الفُرس لاعتقادهم بأنَّهم على قدرٍ من القُوَّة يكفل لهم إدخال شُعوب سائر الدُول تحت سُلطانهم. وقد أدرك عُمر، من واقع الوضع الميداني، عِظم المُهمَّة، ورأى في المُقابل ضآلة حجم الاستجابة، فكان لا بُدَّ بنظره من إشراك كافَّة المُسلمين ودفعهم لِمُواجهة الفُرس، فقام برفع الحاجز بين القبائل التي استمرَّت على إسلامها بعد وفاة النبيّ وبين القبائل التي ارتدَّت، فدعا من ارتدَّ وحسُن إسلامه للاشتراك في الفُتوح. كان صدى دعوة عُمر عند قبائل الرِّدَّة من نوعٍ آخر تمامًا قياسًا بِقبائل المدينة، فقد استجابت هذه القبائل لِدعوة الخليفة وكأنَّها كانت تنتظرها، وسارعت بإرسال جُموعها إليه لِتلبية النداء. وهكذا رُفع الحاجز بين المدينة وبين قبائل الرِّدَّة، وأخذت هذه تتدفَّق على المدينة بتسارُعٍ مُذهلٍ طالبةً الاشتراك في الفُتوح. واختار عُمر أبا عُبيد بن مسعود الثقفي قائدًا للجيش لأنَّه أوَّل من لبّى النداء، مُتجاوزًا المُثنّى الذي أرسلهُ إلى العراق على عجلٍ لِتهيئة الأجواء واستنفار من حسُن إسلامه من أهل الرِّدَّة.
الوضع الداخليّ في فارسساد البلاط الفارسيّ آنذاك جوٌّ من الاضطراب بسبب الصراع على العرش، وتهاوى عدَّة مُلوك في تسارُعٍ مُستمرٍّ وفي مُدَّةٍ زمنيَّةٍ قياسيَّة، ففقد الفُرس بذلك فُرصة استغلال الموقف الناجم عن مُغادرة خالد العراق ورحيل المُثنّى إلى المدينة لاستعادة الأراضي التي خسروها أمام المُسلمين وطرد هؤلاء من العراق. وفي جميع الأحوال فإنَّ الصراع على مُلك فارس كان قد استقرَّ على تمليك بوراندخت بنت كسرى، فاعتلت العرش بمُساعدة القائد رُستم فرُّخزاد اصبهبذ خُراسان؛ ثُمَّ رأت في شخصه القائد الذي يُنقذ فارس من كبوتها، من التردي الداخليّ والتقهقر العسكريّ أمام المُسلمين، فملَّكتهُ وعيَّنتهُ على حرب فارس، وأطلقت يدُه في السُلطة مُدَّة عشر سنوات يكونُ المُلك بعدها لآل كِسرى، وأمرت وُلاة الإمبراطوريَّة وأعيانها بِطاعته، فاستجابوا لها. وبذلك أنهى الفُرس صراعاتهم واتَّحدوا لٍمُواجهة الزحف الإسلامي، واستردَّت الإمبراطوريَّة قُوَّتها السَّابقة.أقدم رُستم على خُطوةٍ أولى وهي خلق وعي قومي فارسي في المُدن والقُرى التي فتحها المُسلمون وإثارة سُكَّانها ضدَّ حُكَّامهم الجُدد. فأرسل العُمَّال والنُقباء إلى جميع مُدن العراق لِيُثيروا الحمية الدينيَّة والقوميَّة. فاندلعت نتيجة ذلك، الثورة ضدَّ المُسلمين في جميع مُدن الفُرات، وفقد هؤلاء المناطق التي كانت بحوزتهم. وجهَّزت بوران جيشًا كبيرًا بِقيادة نرسي ابن خالة كسرى وجابان وهو أحد أثرياء العراق المعروف بعدائه الشديد للمُسلمين. وسلك هذان القائدان طريقين مُختلفين تحسُبًا من أن ينقض عليهما المُسلمون. فوصل نرسي إلى كسكر بين الفُرات ودِجلة وعسكر فيها بناءً لأوامر رُستم. وتخطّى جابان الحيرة ونزل في موقع مُتقدِّم في النمارق بين الحيرة والقادسيَّة، وطلب القائدان مزيدًا من القُوَّات من المدائن تعزيزًا لِصُفوفهما. ووصل المُثنّى في هذا الوقت، إلى الحيرة، ولمَّا علِم بالاستعدادات الفارسيَّة الضخمة، أدرك أنَّهُ لا قِبل له بِلقاء من عبَّأهم الفُرس، فآثر الحذر وانسحب من الحيرة إلى موضع خفَّان قُرب الكُوفة، وأدركهُ أبو عُبيد فيها.
معارك النمارق والسقاطيَّة وباقسياثا
المقالة الرئيسة: معركة النمارق
عبَّأ أبو عُبيد جيش المُسلمين البالغ عشرة آلاف مُقاتل وزحف من خفَّان نحو النمارق، وعسكر بمُواجهة جابان. وفي المعركة التي دارت بين الطرفين يوم 8 شعبان 13هـ المُوافق فيه 8 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 634م، هُزم الفُرس ووقع جابان في الأسر، ولم يكن يعرفهُ المُسلمون، فتمكَّن بدهائه من خديعة آسره، ففدى نفسهُ وهرب، كما أُسر القائدان جوشن شاه ومُردان، وقُتل الثاني على يد آسره. توجَّه من نجا من الفُرس إلى كسكر لِينضم إلى جيش نرسي، فطاردهم المُثنّى حتَّى دُرنا، وهي إحدى أبواب فارس. ووصلت في ذلك الوقت أنباء هزيمة جابان إلى المدائن، فجهَّز رُستم جيشًا آخر بقيادة الجاليونس ودفعهُ إلى أرض المعركة مددًا لِنرسي. وتمنَّى هذا الأخير أن يُدركه قبل الاشتباك مع المُسلمين، فراح يُناورُ ويتمهَّلُ في خوض المعركة، غير أنَّ أبا عُبيد لم يُمهلهُ كثيرًا واصطدم بِقُوَّاته في السقاطيَّة الواقعة جنوبي كسكر قُرب واسط، وذلك في 12 شعبان 13هـ المُوافق فيه 12 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 634م، وانتصر عليه، وفرَّ نرسي في جو الهزيمة القاتم. رفعت هذه الانتصارات الروح المعنويَّة للمُسلمين، وحفَّزتهم على تكثيف حملاتهم في السَّواد. فأرسل أبو عُبيد مجموعاتٍ صغيرةٍ من الجيش لِمُطاردة فُلول الفُرس والإغارة على قُرى السَّواد. شعر أهلُ القُرى في السَّواد بعجزهم عن مُواجهة غارات المُسلمين، والحدِّ منها وبخاصَّةً أنَّ القُوَّات الفارسيَّة قد انسحبت من المنطقة، فاضطرّوا إلى مُهادنتهم على أن يؤدوا لهم الجزية ويدخُلوا في ذِمَّتهم. عسكر الجالينوس في باقسياثا وتقوّى بمن انضمَّ إليه من فُلول جابان، فاصطدم به أبو عُبيد في 17 شعبان 13هـ المُوافق فيه 16 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 634م وهزمه. وفرَّ القائد الفارسيّ من أرض المعركة وعاد إلى المدائن. وانتشر المُسلمون في قُرى السَّواد وغلبوا على تلك البلاد.
معركة الجسر
المقالة الرئيسة: معركة الجسر
رسم تخيُّلي لِلمُسلمين وهم يُقاتلون الفيلة الحربيَّة الفارسيَّة.
تملَّك رُستم الغيظ من هزيمة الفُرس، وثارت حفيظة هؤلاء عندما بدأوا يستوعبون مقدار الخطر الحقيقي الذي يُهدِّدهم، فجهَّزوا جيشًا كبيرًا قوامه اثنا عشر ألف مُقاتل وفيلة بجلاجل وأرسلوه إلى الحيرة، بقيادة ذي الحاجب بهمن جاذويه، وهو أشدُّ العجم على المُسلمين، ورافقه الجالينوس. ويبدو أنَّ رُستم أراد أن يكسب معركةً أمام المُسلمين تُعيد إلى دولته مُوازنة الموقف، ولِحُكومته هيبتها، ولِجيُوشه روحها المعنويَّة وثقتها بنفسها. رأى أبو عُبيد، عندما علم بالاستعدادات الفارسيَّة الضخمة؛ أن يتمهَّل ويتحصَّن في مكانٍ أكثر أمنًا، ويُراقب تحرُّكات الجيش الفارسيّ، فارتحل عائدًا إلى الحيرة. وعندما تناهى إلى أسماعه أنَّ وجهة الفُرس هي الحيرة، قرَّر أن يصطدم بهم خارجها، فخرج منها وتوجَّه إلى «قُس الناطف»، على شاطئ الفُرات الشرقي قُرب الكُوفة، ومعهُ تسعة آلاف رجل. ولمَّا وصل بهمن جاذويه إلى قس الناطف عسكر على الضِفَّة المُقابلة، وفصل نهرُ الفُرات بين الجيشين. وتحدَّى أبا عُبيد الفُرس بالعُبور إلى المُسلمين أو يعبر المُسلمون إليهم. ولمَّا قرَّر أن يعبُر بالمُسلمين نهاهُ المُثنّى بن حارثة، فاعتبر ذلك جُبنًا، وتحكَّمت به عواطفهُ فقال: «لا يَكُونُونَ أَجْرَأَ عَلَى الْمَوْتِ مِنَّا، بَلْ نَعْبُرُ إِلَيْهِمْ!». عبر المُسلمون نهر الفُرات فوق جسرٍ قديمٍ ردمهُ أبو عُبيد، وكان بهمن قد ترك لهم مكانًا ضيِّقًا أجبرهم على النُزول فيه خاليًا من مجال الكرِّ والفر، ممَّا أققدهم حُريَّة الحركة والانتشار، وميزة المُناورة، ففرض عليهم بذلك المعركة وأُسلوب القِتال. ودارت بين الطرفين رحى معركة ضارية أدَّت الفيلةُ فيها دورًا كبيرًا، بل إنَّها حدَّدت نتائجها مُبكرًا حيثُ كانت تُجفلُ خيل المُسلمين، وإذ حُشر هؤلاء في مكانٍ ضيِّقٍ، فقد أمطرهُم الفُرس بالسِّهام، ومزَّقوا صُفوفهم. وأمر أبو عُبيد بقتل الفيلة، وعندما أوشكوا على قتلها جميعًا، خبط أحدُ الفيلة، وكان فيلًا أبهتُ لونًا من بقيَّة الفيلة عُرف بالفيل الأبيض، خبط أبا عُبيد ثُمَّ وطئه فمات. عندئذٍ أدرك المُثنّى حرج الموقف وأنَّ المعركة خاسرة، فأعلن الإنسحاب، لكنَّ عبد الله بن مرثد الثقفي قطع الجسر على المُسلمين ليُرغمهم على الصُمود، وقيل قطعهُ الفُرس أو انكسر لِقِدمه وعدم قُدرته على تحمّل وزن من عبر عليه، فوقع المُسلمون في مصيدة القتل والغرق. وأعاد المُثنَّى عقد الجسر فتراجع عليه حوالي ثلاثة آلاف رجل نحو أُليس بعد أن قُتل وغرق في الفُرات أربعة آلاف وأُصيب المُثنّى بجراحٍ بليغة.
لم يتعقَّب بهمن جاذويه المُسلمين لأنَّ أخبارًا وصلته عن نُشوب ثورةٍ ضدَّ رُستم في المدائن، فآثر العودة إليها حتَّى يكون قريبًا من مجرى الأحداث.
معركة البُويب
المقالة الرئيسة: معركة البُويب
تلقَّى عُمر بن الخطَّاب نبأ هزيمة المُسلمين بِهُدوءٍ لافت، ولم يؤنِّب الفارّين من ساحة القتال، بل نعى من قضى نحبه وراح يواسي النَّاس. وأدرك عُمر أنَّ المُثنّى بحاجةٍ إلى مدد يُرسل إليه على وجه السُرعة كي يُواجه هذا الموقف الدقيق، فقام بتكثيف حملاته التعبويَّة بين قبائل الرِّدَّة، وأرسل رُسُله إليها يدعوها للسير نحو فارس لِغزوها، فاستجابت لِندائه، وتوافدت على المدينة الحُشود العظيمة من مُختلف أنحاء شبه الجزيرة العربيَّة، فدفع بها إلى أرض العراق مددًا للمُثنّى، وكان على رأسها جُرير بن عبدُ الله البجلي وعِصمة بن عبدُ الله الضبّي، وانضمّوا إلى المُثنّى في البُويب على غرب الفُرات. ومن ناحيةٍ أُخرى أرسل المُثنّى النُقباء إلى جميع المناطق الحُدوديَّة يستفزُّ العرب، وكان من ضمنهم جُموعٌ من المسيحيين من بني النمر، على رأسهم أنس بن هلال النمريّ، وقد آثر هؤلاء الانضمام إلى المُسلمين والقِتال تحت رايةٍ واحدة ضدَّ العجم، بعد أن جمعتهم الرَّابطة اللُغويَّة والقوميَّة.تناهت إلى أسماع الفُرس أنباء الإمدادات الإسلاميَّة التي كانت تُرسل تِباعًا إلى العراق، فهالهم أمرها، وأدركوا أنَّ انتصارهم في معركة الجسر لم يكن حاسمًا، وأنَّهُ لا بُدَّ من التغاضي عن الخِلافات الداخليَّة وتوحيد الجُهود لدفع الخطر الإسلامي عن البلاد. وهكذا أنهى رُستم خِلافه مع فيروز، الطَّامع باعتلاء العرش الفارسيّ، وتمَّ إعداد جيش قوامه اثنا عشر ألف مُقاتل بِقيادة مهران بن باذان الهمذانيّ، ودُفع إلى ساحة القتال. وعندما علِم المُثنّى بأنباء خُروج الفُرس للقِتال، سار بعساكره إلى البُويب وأرسل إلى جُرير بن عبدُ الله البجلي أن يُوافيه هُناك ففعل، وعسكر المُسلمون على شاطئ الفُرات الشرقي، وعسكر الفُرس مُقابلهم لا يفصلُ بينهما سوى النهر. اشتبك الجمعان في رحى معركةٍ طاحنة أدارها المُثنّى بِحكمةٍ بالغة ممَّا كفل لهُ النصر. وقُتل مهران في المعركة وتشتَّت جيشهُ وفرَّ أفراده في فوضى واضطراب، فطاردهم المُسلمون طيلة يومين وقتلوا منهم وأسروا الكثير، وسُمي هذا اليوم «يوم الأعشار» لأنَّهم أحصوا مائة رجلٍ قتل كُلٌّ منهم عشرة في المعركة.
تولية يزدجرد الثالث السُلطةجعلت هزيمة البُويب أشراف الفُرس يجتمعون حول تولية ملك عليهم من سُلالة كسرى، فأدركوا خُطورة الموقف، وأنَّ ما بعد سُقوط الحيرة وتكريت وساباط سوى سُقوط المدائن. وتشاور أركانُ الحُكم ونصبوا يزدجرد ابن شهريار بن كسرى، وهو يزدجرد الثالث، وكان عُمره إحدى وعشرين سنة وقيل خمس عشرة سنة، وعزلوا بوراندخت. وعيَّن يزدجرد رُستم فرُّخزاد قائدًا للجيش وكلَّفهُ بأمر المُسلمين في الجنوب، وجدَّد المسالح والثُغور وعيَّن عليها حامياتٍ عسكريَّة، فسمَّى جُند الحيرة والأنبار والمسالح وجُند الأبلة.
معركة القادسيَّة
المقالة الرئيسة: معركة القادسيَّة
خريطة لِموقع معركة القادسيَّة، ويظهرُ الجيشُ الإسلاميّ باللون الأحمر، والجيشُ الفارسيّ باللون الأزرق.
مُنمنمة فارسيَّة لِمعركة القادسيَّة من كتاب شاهنامه لِأبي القاسم الفردوسيّ.
سار الجيشُ الفارسيّ بِقيادة رُستم، فاحتلَّ الجزيرة وحصَّن المُدن إلى الحيرة، فتراجع المُثنّى إلى الطق قُرب الكُوفة، فنقض أهلُ الذمَّة في العراق العُهود والذِمم والمواثيق التي كانوا أعطوها خالد بن الوليد باستثناء البعض منهم، فأخذ المُثنّى يطلُب الإمدادات من عُمر بن الخطَّاب الذي قال: «وَاللهِ لَأَضرِبَنَّ مُلُوُكَ الْعَجمِ بِمُلُوكَ الْعَرَبِ»، وخرج بنفسه في أوَّل مُحرَّم سنة 14هـ المُوافقة لِسنة 635م لِيُعسكر في صرار على بُعد ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق، يُريد قيادة الجيش الإسلامي بنفسه والذَّهاب للحرب. لكنَّ الصحابة أشاروا عليه أن يبقى في المدينة لأنَّ ذهابه يتعارض مع المصلحة العامَّة، وعرضوا عليه أن يُعيِّن قائدًا للجيش يذهب بدلًا منه، وتقرَّر بعد التشاور تعيين سعد بن أبي وقَّاص قائدًا عامًا للحملة. خرج سعد بن أبي وقَّاص في أربعة آلاف من المدينة المُنوَّرة، وقيل في ستَّة آلاف، ثُمَّ لحق به بعد خُروجه أربعة آلاف أُخرى، وانضمَّ إليه ثلاثة آلاف من بني أسد فيهم طُليحة الأسدي الذي تنبَّأ أيَّام الرِّدَّة ثُمَّ أسلم، كما لحق به الأشعث بن قيس في ألفٍ وسبعُمائةٍ من أهل اليمن. وقبل وُصوله بِقليل، توفي المُثنَّى بن حارثة من الجُرح الذي أصابهُ يوم الجسر. نزل سعد بن أبي وقَّاص في «شراف» حيثُ انضمَّت إليه القُوَّات الموجودة في العراق، ثُمَّ سار بالقُوَّات مُجتمعةً فنزل بها بين العذيب والقادسيَّة، والإمدادات تتوالى حسب أوامر عُمر بن الخطَّاب، فانضمَّ إليه المُغيرة بن شُعبة وهاشم بن عُتبة بن أبي وقَّاص والقعقاع بن عمرو التميميّ وقيس بن مكشوح، وكان هؤلاء أخبر من غيرهم في حرب الفُرس نظرًا لأنَّهم كانوا مع خالد بن الوليد أيَّام الفُتوحات الأولى للعراق. كما انضمَّت القبائل العربيَّة المسيحيَّة إلى صُفوف المُسلمين، وأعلنت أنَّ نقضها العهد الذي قطعته لِخالد بن الوليد عند مجيء رُستم كان بضغطٍ من الفُرس الذين أخذوا منها الخِراج، ودخل الكثير من أبنائها في الإسلام.نزل الفُرس بِقيادة رُستم، بين الحيرة والسياخين، في جيشٍ عرمرميّ قيل بأنَّهُ ضمَّ مائة وعشرين ألف مُقاتل نصفهم من الفُرسان الدَّارعين، وثلاثة وثلاثين فيلًا، أي أكثر من ثلاثة أضعاف قُوَّة المُسلمين. وزحف رُستم نحو القادسيَّة، وعسكر على بُعد ميلٍ واحدٍ فقط من المُسلمين، ولم يشتبك معهم في مُحاولةٍ منه لإدخال الضجر والملل إلى قُلوبهم لِينسحب منهم أكبر قدرٍ مُمكن. كتب سعد بن أبي وقَّاص إلى عُمر يشرح لهُ الموقف الميدانيّ، فأجابهُ عُمر بأن يبعث إلى شاه فارس من يُناظرونه ويدعونه إلى الإسلام قبل الإقدام على القِتال، فامتثل سعدٌ لِأوامر الخليفة، وبعث النُعمان بن مُقرن وعاصم بن عمرو في طائفةٍ من أصحابه إلى يزدجرد، فسخر منهم ومن العرب أجمعين مُهددًا بِجيش رُستم الذي قال أنَّهُ سيدفن المُسلمين في خندق القادسيَّة. كما جرت اتصالاتٌ مُكثَّفةٌ بين رُستم وسعد قبل القِتال، وتبادلا السُفراء، إذ كان رُستم قد تردَّد في خوض معركةٍ سافرة مع المُسلمين، وراسل سعدًا يطلب الصُلح، فأرسل لهُ ربيع بن عامر الذي عرض عليه أن يختار بين الإسلام أو الجزية أو الحرب، فيما عرض رُستم الكثير من العطايا والمِنح والوُفود على المُسلمين مُقابل عودتهم إلى بلادهم، فرُفض طلبه جُملةً وتفصيلًا، فاستشاط غضبًا وأقسم بالشمس أن يقتل كُل المُسلمين بحُلول الصباح، فتبدَّدت كُل آمال الصُلح والمُهادنة. دامت المُفاوضات بين الفُرس والمُسلمين ثلاثة أيَّام، وفي اليوم الرَّابع وقعت المعركة، فالتقى الجمعان في الميدان، وكان سعدًا قد أُصيب بِعرق النسا وبِقُروحٍ مُتعدِّدة، وأصبح عاجزًا عن الحركة والمشي، فتمركز في قصرٍ ملكيٍّ قديمٍ يُشرفُ على ميدان القتال، وعيَّن خالد بن عرفطة قائدًا عامًا يُشرفُ على المعركة بدلًا منه. والتحم المُسلمون والفُرس في رُحى معركةٍ طاحنة استمرَّت ثلاثة أيَّام وليلة: يوم أرمات، ويوم غواث، ويوم عماس، وليلة الهرير. تحارب الطرفان طيلة الليل وحتَّى غُروب شمس يوميّ أرمات وغواث، وكانت الفيلةُ تُنفرُ الخُيول، فحملوا عليها في يوم عماس بأن هاجموا الفيل الأبيض والفيل الأجرب وهُما أكبرُ الفيلة بأن طعناها في المشافر والعُيون، فخرَّ الأبيضُ صريعًا وفرَّ الأجربُ في النهر فلحقتهُ سائرُ الفيلة، وهُنا وجد المُسلمون الفُرصة سانحة، فقاتلوا الفُرس طيلة الليل، وفي صباح اليوم الرَّابع «يومُ القادسيَّة»، بدأت الهزيمة تحلُّ بالفُرس، فقُتل رُستم على يد هلال بن علقمة التميميّ، وقُتل الجاليونس أثناء مُحاولته الفرار، ولاذ الجيشُ الفارسيّ بالفِرار عبر النهر.
وبهذا تحطَّمت القُوَّة الميدانيَّة للجيش الفارسيّ وازداد اليأس والاضطراب في البلاد بعد مقتل رُستم، وفُتحت أبواب فارس على مصراعيها أمام المُسلمين للتوغُل في بلاد الأعداء.
فتح المدائن
المقالة الرئيسة: فتح المدائن
جزء من سلسلة حول
تاريخ إيران
التاريخ الإسطوري
العصور القديمة
العهود الشاهنشاهية
فارس في العصور الوسطى
الفترة الحديثة المبكرة
الحقبة الحديثة
المقالات المرتبطة
التسلسل الزمني
بوابة إيران
ع
ن
ت
أطلال إيوان كسرى في العراق. اتخذه المُسلمون مُصلّى عند فتح المدينة.
أرسل سعد زهرة بن الحوية التميمي في كتيبة لحصار بهرسير أو نهرشير وهي المدائن الغربية، فتلقّاه شيرزاد في ساباط بالصلح وأداء الجزية، ثم سار سعد بالجنود إلى مكان يقال له مُظلم ساباط، فوجد جندًا من الفرس تسمى جند بوران ومعهم أسد كبير يسمى المُقرّط، فتقدّم له هاشم بن عتبة فقتل الأسد، وهاجم المسلمون الفرس فهزموهم، ثم نزلوا نهرشير في ذي الحجة 15 هـ. بعث سعد السرايا في كل جهة يطلبون جند الفرس، فلم يجدوا أحدًا سوى الفلاحين، فجمع سعد منهم مائة ألف وكتب إلى عمر يستفته في أمرهم، فكتب إليه عمر: «إِنَّ مَنْ كَانَ مِنَ الْفَلَّاحِينَ لَمْ يُعِنْ عَلَيْكُمْ وَهُوَ مُقِيمٌ بِبَلَدِهِ فَهُوَ أَمَانُهُ، وَمَنْ هَرَبَ فَأَدْرَكْتُمُوهُ فَشَأْنُكُمْ بِهِ.» فأطلقهم سعد ودعاهم للإسلام، فاختاروا الجزية. أقام سعد على حصار نهرشير، وشدد الحصار شهرين حتى أرسل له الفرس يسألونه الصلح على أن يكون دجلة فاصلاً حدوديًا بين أرض المسلمين وأرض الفرس،
فرفض المسلمون وركب الفرس السفن بأموالهم في الليل إلى الضفة الأخرى من النهر إلى المدائن وتركوا نهرشير خاوية، فدخلها المسلمون.
ولما فتح سعد نهرشير في صفر 16 هـ، بلغه نية يزدجرد الفرار بأمتعته وأمواله من المدائن إلى حلوان. فعزم على المسير إلى المدائن رغم فيضان دجلة وعدم وجود سفن تحمل المسلمين عبر النهر. انتدب عاصم بن عمرو التميمي وستمائة فارس معه للعبور إلى الضفة الأخرى من النهر، وحمايتها حتى يتسنى لجيش المسلمين العبور دون أن يهاجمهم الفرس، فعبر عاصم ومن معه النهر على ظهور الخيل. حاول الفرس منع كتيبة عاصم من عبور النهر، لكن دون جدوى حيث عبر عاصم النهر بكتيبته ودفع الفرس عن ضفة النهر حتى استطاع جيش المسلمين العبور. طارد جيش المسلمين الفرس حتى دخل المدائن فوجدها خاوية حيث فرّ يزدجرد بأهله ومعه ما قدر على حمله، ولم يجد المسلمون مقاومة إلا في القصر الأبيض الذي تحصّن فيه بعض المقاتلين، فأمهلهم ثلاثة أيام للتسليم، فقبلوا بالتسليم في اليوم الثالث. ودخل سعد إيوان كسرى، وجعله مُصلّى وقرر الإقامة في المدائن، وأرسل إلى عائلات الجند ليُسكنهم دور المدائن. ثم أرسل سعد سرايا لمطاردة يزدجرد، فأدركت بعض جند يزدجرد وقتلوهم واستردوا جزءً من حُليّ كسرى وتاجه. غنم المسلمون من المدائن الكثير من الأموال ومن كنوز كسرى، فأرسل سعد الخمس إلى عمر في المدينة، وتولى سلمان الفارسي قسمة البقية بين جند المسلمين. وحين بلغ الخمس المدينة، ألقى عمر بسواري كسرى إلى سراقة بن مالك المدلجي تحقيقًا لوعد النبي محمد له عندما اعترض سراقة النبي محمد في هجرته إلى المدينة.
فتح جلولاء وحلوان
المقالة الرئيسة: معركة جلولاء
بعد فتح المدائن، أتى المسلمون خبر فرار يزدجرد إلى حلوان وإرساله مهران رازي بجيش فارسي إلى جلولاء وخندقته عليه، وكذا بتجمُّع أهل نينوى في تكريت. فكتب سعد بذلك إلى عمر، فأمره بإرسال هاشم بن عتبة إلى جلولاء باثني عشر ألف، وأن يجعل على مقدمته القعقاع بن عمرو، وعلى ميمنته سعر بن مالك، وعلى ميسرته عمرو بن مالك بن عتبة، وعلى ساقته عمرو بن مرة الجهني. فخرج هاشم من المدائن في صفر 16 هـ بجيشه فضرب حصارًا على جلولاء وأخذ القتال يتجدد بينهم كل يوم وكل منهم لا يستطيع أن يهزم الآخر، حتى جاء يوم عاصف شدّ فيه القعقاع مع بعض الفرسان على فرسان الفرس، فسقط الفرس في الخندق فاضطروا لردم جزء يصعدوا منه فانتهزها القعقاع فرصة وشد عليهم حتى وصل إلى باب حصنهم، فتحمّس المسلمون واستطاعوا هزيمة الفرس الذين كثر القتل فيهم يومها حتى جلّلت(2) الأرض بالقتلى فسُمّيت من يومئذ بجلولاء، وغنم المسلمون من المال والسلاح قُرابة ما غنموا يوم المدائن، وكان من سبي جلولاء أم الفقيه الشعبي وقد تم فتح جلولاء في ذي القعدة 16 هـ. ثم أمر هاشم القعقاع بمطاردة فلولهم، فأدرك مهران في خانقين فقتله، وواصل القعقاع إلى حلوان. فوجد يزدجرد قد فرَّ حين بلغه خبر جلولاء من حلوان إلى الجبال، وترك بحلوان فرسانًا بقيادة خسرو شنوم، فهزمهم القعقاع ودخل حلوان، ثم عاد إلى سعد وخلف قباذ على حلوان.
فتح تكريت والموصلحين بلغ سعد تجمع أهل الموصل في تكريت على رجل يدعى الأنطاق، أرسل إليهم جيشًا بقيادة عبد الله بن المُعتَمّ في خمسة آلاف وعلى مقدمته ربعي بن الأفكل العنزي وعلى ميمنته الحارث بن حسان الذهلي وعلى ميسرته فرات بن حيان العجلي وعلى ساقته هانئ بن قيس وعلى الفرسان عرفجة بن هرثمة، فوجد الأنطاق قد اجتمعت إليه جماعة من الروم ومن مسيحيي العرب من إياد وتغلب والنمر قد خندقوا حولهم، فحاصرهم 40 يومًا حتى يأس العرب وراسلوا ابن المعتم يسألوه السلم، فقبل شريطة أن يعاونوه على عدوه عبر حيلة اتفق معهم عليها. وفي صباح اليوم التالي، شد المسلمون على عدوهم وكبّروا، فكبّر عرب ربيعة، فظن الروم أن المسلمين قد أحاطوهم من الخلف، فاضطربت صفوفهم وتمّ النصر للمسلمين. ثم أرسل ابن المعتم ربعي بن الأفكل في سرية كبيرة إلى الحصنين وهما نينوى والموصل قبل أن تصلها أخبار هزيمة الأنطاق، ففوجئوا بهم وخضعوا له على أن يؤدوا الجزية.
فتح قرقيساء وهيت وماسبذانبعد عودة هاشم بن عتبة من جلولاء إلى المدائن، بلغ سعد أن الفرس جمعوا جيشًا بقيادة آذين بن الهرمزان، فكتب إلى عمر بالأمر، فأمره بأن يبعث لهم جيشًا بقيادة ضرار بن الخطاب، فالتقى ضرار الفرس في بهندف، واقتتلوا فانتصر المسلمون، وقُتل آذين صبرًا، ثم سار إلى ماسبذان فافتتحها. كما بلغ سعد أن أهل الجزيرة الفراتية قد بعثوا جيشًا لأهل هيت، فكتب إلى عمر، فأمره بإرسال عمر بن مالك بن عتبة بن نوفل بن عبد مناف لقتالهم، فسار إليهم عمر بن مالك فوجد أهل هيت خندقوا حولهم، فحاصرهم وطال الحصار. فاستخلف الحارث بن يزيد العامري على حصارهم، وسار بنصف جيشه يريد قرقيسياء، ففاجئهم وقبلوا بأداء الجزية. ثم كتب ابن مالك للحارث، أن يعرض لى أهل هيت الجزية، فإن قبلوا تركهم وإن لم يفعلوا أن يخندق حول خندقهم، ولا يجعل له مخرجًا إلا فيما يليه، فقبل أهل هيت بالجزية.
فتح الأبلة والبصرةشكَّل قطاع الأبلة والبصرة والأحواز جبهة قتاليَّة مُساندة تزامنت أحداثها مع فتح المدائن وما تفرَّع عنه. لقد أراد عُمر بن الخطَّاب أن يفتح جبهةً ثانيةً ضدَّ يزدجرد الذي كان يُقاتلُ انطلاقًا من المدائن لِتخفيف الضغط عن هذه الجبهة، فأرسل عُتبة بن غزوان المازنيّ إلى البصرة في أواخر ذي القعدة سنة 15هـ المُوافق لأواخر كانون الأوَّل (ديسمبر) سنة 636م، وحدَّد له هدفين: حجز القُوَّات الفارسيَّة في هذه المنطقة ومنعها من التحرُّك شمالًا لِمُساعدة جبهة المدائن، وفتح الأبلة، لأنَّ سُقوطها سوف يُربك الفُرس ويزيد الوضع الفارسيّ سوءًا. وأمرهُ أن يدعوا القوم إلى الإسلام، فمن أجابهُ قبِل منه، ومن أبى فعليه الجزية، وإلَّا فالسيف في غير هوادة.وصل عُتبة إلى موضع الخُريبة بالبصرة في شهر ربيع الآخر سنة 16هـ المُوافق فيه شهر نيسان (أبريل) سنة 637م، على رأس ثمانمائة مُقاتل، وعسكر في أقصى البر من أرض العرب وأدنى أرض الريف من أرض العجم على مقربة من موقع البصرة المُعاصر، وأقام عدَّة أشهر لا يغزو ولا يُقاتل ولا يخرج إليه أحد من حامية الخُريبة، إذ لم يكن الفُرس يملُكون القوَّة الكافية للتصدّي للمُسلمين، فقبعوا في أماكنهم بانتظار تطوُّرات القتال في الشِّمال. فأرسل عُتبة من أبلغ قائد الحامية أنَّ المُسلمين يُريدونه.وهكذا اضطرَّت الحامية إلى الخُروج من أماكن تمركُزها واصطدمت بالقُوَّة الإسلاميَّة. ولم يمضِ الكثير من الوقت إلَّا وانتصر المُسلمون وولّى الفُرس مُنهزمين إلى داخل المدينة واحتموا وراء أسوارها، وعاد عُتبة إلى مُعسكره. وسُرعان ما انسحبت تلك الحامية شمالًا نحو الفُرات وعبرته دون قتال نظرًا لانقطاع الاتصالات مع الشمال، ولِتفوّق المُسلمين الواضح. ودخل عُتبة الأبلة وكتب إلى عُمر يُخبرهُ بالفتح. أثار سُقوطُ الأبلة بيد المُسلمين قادة النواحي، ومنهم مرزبان كورة دست ميسان، فحشد قُوَّةً صغيرةً واصطدم بهم، إلَّا أنهُ هُزم وولّى الأدبار. واستغلَّ عُتبة الوضع السيِّء للحاميات الفارسيَّة القليلة العدد بأسفل دِجلة والفُرات، لِمُهاجمتها، وطردها من المنطقة. فتقدَّم نحو ميسان واشتبك مع الفُرس في نواحي المذار وأبرقباذ، وهزمهم، وعاد إلى البصرة.
فُتوح فارسلم يكن عُمر بن الخطَّاب قد خطَّط في هذا الوقت لِفتح بلاد فارس المعروفة بإيران اليوم. وكان هدف الاصطدامات التي حدثت حتَّى تلك المرحلة داخل الأراضي الفارسيَّة هو الحِفاظ على إنجازات المُسلمين والمُحافظة على الأراضي الإسلاميَّة، إلَّا أنَّ العراق الذي ضُمَّ إلى رقعة الدولة الإسلاميَّة، كان يُعتبرُ أساسًا جُزءًا من بلاد العرب، لأنَّ العرب سكنوا في أنحائه قبل الإسلام، وكان عُمر يقول: «وَدِدّتُ لَو أنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ فَارِسَ جَبَلًا مِن نَارٍ لَا يَصِلُونَ إلَيْنَا مِنْهُ وَلَا نَصِلُ إلَيْهِم». ولكنَّ الفُرس لم يركنوا إلى الهُدوء، فكانوا يُجهزون الجُيوش استعدادًا لِمُواصلة الحرب، كما كانوا يقومون بأعمال التمرُّد في البلاد المفتوحة، ولمَّا سأل عُمر كِبار الصَّحابة عن سبب ذلك أجابوه بأنَّ تلك الفتن لا يُمكن أن تُخمد ما لم يخرج يزدجرد من حُدود البلاد الإيرانيَّة، وأنَّ آمال الفُرس لا يُمكنُ أن تنقطع طالما تُراودهم فكرة بقاء وريث عرش «كنعان» على قيد الحياة. وممَّا زاد في تشجيع الفُرس على التمادي في الخُروج على حُكم المُسلمين والاستعداد لِحرب الاسترداد، إخفاق هؤلاء في فتح مدينة اصطخر، حاضرة فارس قبل المدائن، والمعروف أنَّ العلاء بن الحضرميّ عامل عُمر على البحرين عبر الخليج إلى البر الفارسيّ دون الحُصول على إذنٍ من الخليفة، فقصد اصطخر، وتغلَّب على حامية السَّواحل، وتابع زحفه باتجاه المدينة، إلَّا أنَّهُ لم يُؤمِّن على مؤخرته، حيثُ تقضي السِّياسة العسكريَّة السليمة بِتمركز قُوَّة عسكريَّة في النقاط المُهمَّة على الطريق إلى اصطخر، فقطع الفُرس عليه خطَّ الرجعة بِقيادة الهربذ، ولم يُنقذه سوى قرار الخليفة بِإرسال مدد من حاميات البصرة والكوفة، وعزلهُ عُمر بعد ذلك جرَّاء مُغامرته غير المدروسة ووضعهُ بتصرُّف سعد.
فتح الأحواز
جزء من سلسلة مقالات حول
الإسلام
العقيدة
أركان الإسلام
مصادر التشريع
شخصيات محورية
طوائف إسلامية
تاريخ إسلامي
أعياد ومناسبات
الإسلام حسب البلد
انظر أيضاً
بوابة الإسلام
ع
ن
ت
خريطة لإقليم الأحواز كما عرفهُ المُسلمون، من كتاب مسالك الممالك للإصطخريّ.
اعتقد الفُرس أنَّ الاندفاع الإسلاميّ سوف يتوقَّف بعد أن يصل المُسلمون إلى الثُغور، ولهذا اطمأنّوا على ديمومة إمبراطوريَّتهم. وكان عُمر في الأساس لا ينوي أن يتخطّى العراق، لكنَّ الأحداث المُتسارعة دفعتهُ إلى تغيير هذه السياسة تجاه الفُرس، وشجَّعتهُ الانتصارات الإسلاميَّة المُتتالية على التوغُّل في عمق الأراضي الفارسيَّة. وكانت الأوضاع السياسيَّة في فارس مُزعزعة، وأركانُ الحُكم مُتفرقين في النواحي. فقد رحل يزدجرد إلى الريِّ، إلَّا أنَّهُ تعرَّض لِمؤامرةٍ من قِبل حاكمها آبان جاذويه، فغادرها إلى خُراسان عن طريق أصفهان وكرمان، وأقام بِمرّو واتخذها قاعدةً جديدةً يحكُمُ منها ما تبقّى من إمبراطوريَّته. واستقرَّ الهُرمُزان في الأحواز، وتشتَّت جُنودُ فارس في مُختلف النواحي. وأخذ يزدجرد يعمل من قاعدته في مرّو على إثارة الفُرس لاسترداد ما فقدوه، خُصوصًا بعد أن علم بِقرار الخليفة بألَّا يتعدّى المُسلمون العراق، فتحرَّكت قُوَّة عسكريَّة ضخمة نحو تستر عاصمة الأحواز بِقيادة الهُرمُزان، وأخذت تُغيرُ على قٌرى تلك الولاية المُمتدَّة بين البصرة وفارس، فطلب عُتبة بن غزوان العون من سعد بن أبي وقَّاص لِمُحاربة الهُرمُزان، فأرسل إليه فرقةً عسكريَّةً من الكُوفة بِقيادة النُعمان بن مُقرن المزني، كما كتب عُمر إلى أبي موسى الأشعريّ عاملهُ على البصرة بأن يُرسل قوَّةً عسكريَّةً من جُند البصرة بِقيادة سهل بن عُدي. كان سُكَّانُ الأحواز قد أشعلوا الثورة ضدَّ الوُجود الإسلاميّ بِفعل قُرب بِلادهم من الأبلة والبصرة، وقد أثارهم التغيير السريع للوُلاة في البصرة، وقد أملوا أن تندلع الاضطرابات الداخليَّة بين المُسلمين، ممَّا يُساعدهم على طردهم من المنطقة. سلك النُعمان طريق السَّواد وعبر دِجلة عند ميسان وتابع زحفهُ إلى الأحواز، فاجتاز نهر تيري ومناذر وسوق الأحواز، ثُمَّ اصطدم بالقوَّة الفارسيَّة بِقيادة الهُرمُزان في ناحية أربك وتغلَّب عليها. وانسحب الهُرمُزان إلى تستر وأخلى رامهرمز، فدخلها النُعمان، ثُمَّ أتمَّ فتحُ الأحواز بعد أن انضمَّ إليه الجُند الذين قدموا من البصرة بِقيادة سهل بن عُديّ، كما انضمَّ أبو موسى الأشعريّ إلى الجيش الإسلاميّ بعد ذلك، وحاصر المُسلمون تستر وقد تحصَّن بها الهُرمُزان. دام الحِصار بضعة أشهر تخلَّلهُ مُناوشات بين الطرفين كانت سِجالًا قبل أن يقتحم المُسلمون المدينة بِمُساعدة أحد سُكَّانها. وأُسر الهُرمُزان وأُرسل إلى عُمر في المدينة، فأعلن إسلامُه أمامه. وكان المُسلمون قد أحاطوا بالسوس وعليها شهريار أخو الهُرمُزان، وجرت بين الطرفين عدَّة مُناوشات. وعلم المُسلمون أثناء الحِصار بأنَّ الفُرس يحشدون قُوَّاتٍ كثيفةٍ في نهاوند، فرأوا أن يُسيطروا على السوس قبل الزحف نحوها، فشنّوا هُجومًا مُركزًا على المدينة واخترقوا تحصيناتها، فاستسلم سُكَّانها وطلبوا الأمان.
معركة نهاوند «فتحُ الفُتوح»
المقالة الرئيسة: معركة نهاوند
تراجعت هيبة الإمبراطوريَّة الساسانيَّة بعد خسارة العراق وانسحاب الفُرس من الأحواز إلى عُمق الأراضي الفارسيَّة. وحرَّكت هذه الظاهرة الشعور القومي الفارسيّ، وأحدثت يقظة في طبرستان وجرجان ودنباوند والرَّي وأصفهان وهمدان، وأثارت الفُرس في خُراسان والسند، فكتب سُكَّانُ تلك المناطق إلى يزدجرد، وهو يومئذٍ في مرّو، وأثاروه لِتحرُّكٍ جديد. فدعا إلى التعبئة، وحشد مائة ألف مُقاتل، وقيل ستين ألفًا، وقيل مائة وخمسين ألفًا، عيَّن عليهم ذو الحاجب مردان شاه، وسيَّرهم جميعًا إلى نهاوند. رصد قباذ بن عبدُ الله، الوالي على ثغر حُلوان، هذه الحُشود فكتب إلى سعد بذلك، فأخبر سعد بدوره عُمر. ثُمَّ حدث أن عُزل سعد في هذه الظروف الحرجة بسبب وشايات أهل الكُوفة ضدَّه، وخلفهُ عبدُ الله بن عُتبان، وهو صحابيّ مُتقدِّم في العُمر. كانت سياسة عُمر تقضي، حتَّى ذلك الوقت، بعدم السماح للمُسلمين بالانسياح في الجبال، لكنَّ حُشود الفُرس في نهاوند اضطرَّتهُ إلى تغيير سياسته، فإذا لم يُبادرهم المُسلمون بالشِّدَّة ازدادوا جُرأةً ورُبَّما كرَّوا عليهم. وعقد مجلسًا للمشورة استمع فيه إلى آراء كِبار الصحابة الذين أجمعوا على ضرورة الإمساك بِزمام المُبادرة. اختار عُمر النُعمان بن مُقرن المزني لِقيادة الجيش الإسلامي إلى نهاوند، ورسم لهُ الخِطَّة التي يتوجَّب عليه تنفيذها، وأردفهُ بِقوَّاتٍ من المدينة بِقيادة عبدُ الله بن عُمر، وبِثُلث قُوَّات البصرة بِقيادة أبي موسى الأشعريّ، وثُلث قُوَّات الكُوفة بِقيادة حُذيفة بن اليمان. وقدَّر عُمر أنَّ القتال سيكونُ ضاريًا ورُبَّما أدَّى إلى مصرع القائد، فاقتدى بالرسول مُحمَّد في غزوة مؤتة، فعيَّن سبعة من الرجال خلفًا للنُعمان في حال قُتل.
حصنُ نهاوند، آخرُ المعاقل الفارسيَّة الرئيسيَّة في الداخل الإيراني. حاصرها المُسلمون وافتتحوها ولم تقم للفُرس قائمة بعد هذا الفتح.
خرج النُعمانُ من السوس على رأس جيش الكُوفة الذي يُقدَّرُ بِثلاثين ألف جُنديّ مُتوجهًا إلى نهاوند، في الوقت الذي فتحت فيه قُوَّة إسلاميَّة مدينة جُنديسابور بقيادة زرِّ بن عبدُ الله كُليب، وبثَّ العُيون أمامهُ لاستكشاف المنطقة حتَّى لا يؤخذ على غرَّة، وواصل زحفه إلى أسبيهذان التي تبعد تسعة أميال عن نهاوند، وعسكر فيها بالقُرب من المُعسكر الفارسيّ. وكان الفُرس قد أحاطوا نهاوند بالخنادق وتحصَّنوا بها. ويبدو أنَّ الفُرس تهيَّبوا الدُخول في معركة، فطلبوا من النُعمان أن يُرسل إليهم رسولًا للتباحث بشأن التوصّل إلى تفاهُمٍ سلميّ، فأرسل إليهم المغيرة بن شُعبة، لكنَّ المُباحثات انتهت إلى الفشل بسبب التصلُّب في المواقف. فقد عرض الفُرس على المُسلمين ذات العرض السَّابق، وهو الانسحاب من فارس لِقاء المال والأمان، وجاء الرَّد الإسلامي بالرفض المُطلق. وبدأ الطرفان يستعدَّان للحرب، ثُمَّ التحما في رحى معركةٍ ضارية، ابتدأت شديدةً واستمرَّت يومين. ولمَّا لاح النصرُ للمُسلمين، تراجع الفُرس إلى المدينة وتحصَّنوا بها، فأحاط المُسلمون بهم، ومرَّت أيَّام والجبهة على ذلك. وعقد النُعمانُ مجلسًا عسكريًا مع أركان حربه للتشاور، فتقرَّر تخصيص قوَّة عسكريَّة تعمل على دفع الفُرس إلى الخُروج من تحصيناتهم بالتحرُّش بهم وإغرائهم على الالتحام، بالكرِّ والفر، في حين يترصَّد سائر الجيش في أماكن خلفيَّة خفيَّة عن أعين العدو، فإذا حدث الالتحام تظاهرت القوَّة بالخسارة وتتراجع أمامهم إلى حيثُ يستطيع جيشُ المُسلمين أن يشترك في المعركة ويلتحم بهم بعيدًا عن تحصيناتهم. ونفَّذ القعقاع بن عمرو ومعهُ سريَّتهُ من الجُند هذه الخطَّة بنجاح، فطوَّق المُسلمون الفُرس وانقضّوا عليهم، ودار قتالٌ لم يشهد لهُ الفُرس ولا المُسلمين مثالٌ من قبل، فصمد المُسلمون وقاتل الفُرس قتالًا مُستميتًا من مُنتصف النهار حتَّى الليل، وسقط في أرض المعركة عددٌ من القادة والأسماء البارزة، منهم النُعمان نفسه، وطُليحة الأسدي، وعمرو بن معديكرب، وفي نهاية المطاف انهار التماسك الفارسيّ، وفرَّ قسمٌ كبيرٌ من الجيش ناجيًا بحياته، واستسلمت حامية نهاوند، وطلب سُكَّانُها الأمان وأقرّوا بِدفع الجزية، ودخل المُسلمون المدينة وأجابوا الفُرس إلى ما طلبوا، وأُرسلت المراسيل إلى عُمر بالمدينة تُبشِّرهُ وأهلها بالفتح،
الذي عرفهُ المُسلمون «بفتح الفُتوح» لأنَّهُ لم يقم للفُرس بعدها قائمة.
فتح همذان وأصبهانبعد معركة نهاوند، أمر حذيفة بن اليمان نُعيم بن مقرن المزني والقعقاع بن عمرو بمطاردة فلول نهاوند، حتى بلغا همذان، فصالحهم حاكمها خسروشنوم على الجزية، فرجعا عنها، ثم عاد ونقض العهد. فكتب عمر بن الخطاب إلى حذيفة بالعودة إلى الكوفة، وأن يُسيّر نعيم بن مقرن إلى همذان، ويجعل أخوه سويد بن مقرن على مقدمة جيشه وربعي بن عامر التميمي ومهلهل بن زيد الطائي على جناحيه، فحاصر نعيم في اثني عشر ألفًا همذان، ثم أرسل السرايا فاستولت على كل المناطق التابعة لها، حينئذ سأل أهل المدينة نعيم الصلح، فوافقهم على ذلك. كما بعث عمر عبد اللَّه بن عبد الله بن عتبان لفتح أصبهان، وأمدّه بأبي موسى الأشعري، فسار عبد الله بجنده ومن تبعه من جند النعمان نحو أصبهان، فقابل جندًا فارسيًا كثيفًا بقيادة الأسبيدان، وعلى مقدمته شهريار بن جاذويه خارج المدينة. بدأت المعركة بخروج شهريار للمبارزة، فخرج له عبد الله بن بديل بن ورقاء الرياحي فقتله، ثم دارت معركة كبيرة هُزم فيها أهل أصبهان. ثم سار ابن عتبان إلى أصبهان فحاصرها حتى صالحه حاكمها الفاذوسفان على الجزية. فكتب ابن عتبان لعمر بالنصر فأمره بأن يمُدد سهيل بن عدي بجيشه لقتال كرمان، فاستخلف ابن عتبان السائب بن الأقرع على أصبهان ولحق بسهيل. وسار أبو موسى الأشعري، فافتتح قُمّ وقاشان.
فتح الرّيّ وقومس وجرجانتراسل الديلم وأهل الرِّيّ وأهل أذربيجان على قتال المسلمين، ثم اجتمعوا في بواج روذ. بلغ نعيم خبر تجمّع الفرس، فسار إليهم ودارت بينهم معركة كبيرة انتصر فيها المسلمون. أرسل نعيم الخبر إلى عمر، فردّ عمر الرسول ليبلغ نعيم بأن يستخلف على همذان، ويسير إلى الرّيّ. استخلف نعيم على همذان، وسار للري، وفي الطريق قابله الفرخزاد أحد قادة الفرس مسالمًا لحسده على حاكم الري سياوخش بن مهران بن بهرام جوبين. تجمّع أهل دنباوند وطبرستان وقومس وجرجان لقتال المسلمين، والتقوا في سفح جبل الري، فاقتتلوا به. ولما طال القتال، أشار الفرخزاد على نعيم بأن يباغت أهل الري في الليل بكتيبة من الفرسان يدخل بهم الفرخزاد المدينة من موضع لا يتوقعه الفرس، فبعث معه نعيم خيلاً بقيادة ابن أخيه المنذر بن عمرو، تفاجأ بهم الفرس، ودار القتال في المدينة انتصر فيه فرسان المسلمين، ثم فوجئ المقاتلين من الفرس عند سفح الجبل بالتكبير من خلفهم، فاضطربت صفوفهم، وانتهى الأمر بهزيمة الفرس. ثم طالب الفرخزاد نعيم أن يأمره على أهل الري وللمسلمين منهم الجزية، فوافقه نعيم. وحين وفد المضارب العجلي بالأخماس إلى عمر، بعث معه عمر لنعيم بأن يرسل سويد بن مقرن المزني إلى قومس، فوصلها سويد دون أن يواجه مقاومة، فأخذها سلمًا. ثم سار إلى جرجان، فقابله صاحبها رزبان صول بالسلم، ودخل في عهد المسلمين على أن يؤدي أهلها الجزية للمسلمين.
حصنٌ ساسانيٌّ في باب الأبواب. سقط بيد المُسلمين سنة 643م.
فتح طبرستان وأذربيجانبعد أن افتتح سويد بن مقرن المزني قومس، أرسل إليه الفرخان إصبهبذ طبرستان يسأله الصلح، فأجابه سويد وأمّنه وأهل طبرستان، وأبقاه حاكمًا على المدينة على أن يؤدي الجزية، كما أرسل عمر بن الخطاب لنعيم بن مقرن المزني بأن يبعث بسماك بن خرشة الأنصاري مددًا لبكير بن عبد اللَّه بأذربيجان، كان بكير سار حين بعث إلى أذربيجان، قد التقى بفلول الفرس المنهزمين في واج روذ بقيادة إسفندياذ بن الفرخزاد فهزمهم وأسر إسفندياذ قبل مقدم سماك بن خرشة الذي افتتح المناطق التي مر بها في طريقه. وحين وصل سماك، أرسل بكير إلى عمر يستعفيه من القيادة، فأذن له على أن يسير مدينة الباب، وأن يستخلف على عمله. استخلف بكير عتبة بن فرقد السلمي. سار عتبة نحو أذربيجان فوجد الفرس قد تجمّعوا بقيادة بهرام بن الفرخزاد، فقاتلهم وهزمهم وفرّ بهرام. ولما بلغ الخبر أهل أذربيجان صالحوا عتبة.
فتح إقليم فارسلم تُشكِّل الأراضي التي سيطر عليها الفُرس والتي غزاها المُسلمون، دولة مُستقلَّة بالمفهوم العام للدولة، وإنَّما كانت داخلة ضمن إمبراطوريَّة تضُمُّ دُويلات أو ولايات تخضع للحُكم الفارسيّ، في حين تركَّزت الدولة التي أقامها الساسانيّون، في إقليم فارس، ثُمَّ ضمَّ هؤلاء إلى دولتهم ما جاورها من أقاليم. ووصل المُسلمون في سنة 23هـ المُوافق فيه سنة 644م إلى قلب الإمبراطوريَّة الفارسيَّة الساسانيَّة، إلى أرض الشعب الذي حكم الشُعوب المُجاورة؛ وبدأوا بِفتح مُدنها. أرسل عُمر ثلاثة ألوية لِفتح إقليم فارس، انطلقت جميعها من قاعدة البصرة، وهي على الشكل التالي: مجاشع بن مسعود السلمي إلى أردشير خرَّة وصبور، وعُثمان بن أبي العاص إلى اصطخر، وسارية بن زُنيم الديلي الكِناني إلى فسا وداراب. وبعد أن اجتازوا جميعًا أرجان دون مُقاومة، وكانت في طريقهم، تفرَّقوا كُلٌّ إلى وجهته المُحدَّدة، وفتحوا كامل الإقليم.
والمُلفت أنَّ كافَّة عمليَّات الفتح كانت عِبارة عن معارك صغيرة مُقارنةً بِمعارك البُويب والقادسيَّة وجلولاء ونهاوند، وذلك بفعل قضاء المُسلمين في تلك المعارك على القُوَّة الميدانيَّة للإمبراطوريَّة الساسانيَّة المُنهارة.
فتح كرمان وسجستان ومكران
المقالة الرئيسة: فتح مكران
في سنة 23 هـ، توجّه سهيل بن عدي إلى كرمان، ولحقه عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبان، وحشد لهم أهل كرمان، واقتتلوا فانتصر المسلمون ودخلوها، وأصابوا فيها الكثير من الغنائم. وقيل أن الذي فتحها عبد اللَّه بن بديل بن ورقاء الخزاعي. بينما توجّه عاصم بن عمرو التميمي سجستان، ولحقه عبد اللَّه بن عمير، فاقتتلا وأهل سجستان فهزموهم ثم طاردوهم حتى حصروهم بزرنج، حتى طلب أهل سجستان الصلح على أن يؤدوا الجزية، فوافق المسلمون. ثم قصد الحكم بن عمرو التغلبي مكران، ولحقه شهاب بن المخارق بن شهاب، ومن بعده سهيل بن عدي وعبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبان ومن معهما حتى انتهوا إلى موضع قرب نهر السند، فوجدوا أهل مكران قد عسكروا قرب شاطئ النهر حتى عبر إليهم ملكهم راجا راسل ملك السند. ثم دار القتال وانتصر فيه المسلمون، وطاردوا فلولهم حتى النهر، ثم رجعوا فأقاموا بمكران. وكتب الحكم إلى عمر بالنصر وبعث بالأخماس مع صحار العبدي، فسأله عمر عن مكران، فقال: «يَا أمِيرَ المُؤمِنِين، أرضُ سَهلِهَا جَبَلٌ، وَمَاؤهَا وَشَلٌ، وَتَمْرُهَا دَقَلٌ، وَعَدُوِهَا بَطَلٌ، وَخيرُهَا قَلِيلٌ، وَشَرُّهَا طَوِيلٌ، وَالكَثِيرُ بِهَا قَلِيلٌ، والقَلِيلُ بِهَا ضَائِعٌ، وَمَا وَرَاءُهَا شَرٌّ مِنهَا». فتوجّس عمر على المسلمين، وأمر الحكم بن عمرو وسهيل بن عدي بألا يجوزا نهر السند. ويذكر البلاذري أنَّ هذه الحادثة وقعت في خِلافة عُثمان بن عفَّان، وهو الذي أصدر أمر المنع.
فتح خُراسان
المقالة الرئيسة: الفتح الإسلامي لخراسان
موقع خُراسان وسائر أقاليم إيران والعراق التي سقطت بيد المُسلمين - لي سترانج.
في سنة 22 هـ، سار الأحنف بن قيس إلى خراسان، وقد كان يزدجرد قد فرّ إليها بعد سقوط الري، فنزل مرو. بدأ الأحنف بهراة فافتتحها قتالاً واستخلف عليها صحار العبدي، ثم سار الأحنف إلى مرو الشاهجان، وأرسل مطرف بن عبد الله بن الشخير إلى نيسابور، والحارث بن حسان إلى سرخس. ومع اقتراب الأحنف من مرو الشاهجان، خرج يزدجرد إلى مرو الروذ، فدخل الأحنف الأولى سلمًا. بعث يزدجرد إلى خاقان الترك وملك الصغد وملك الصين يستمدهم لقتال المسلمين، فخرج الأحنف من مرو الشاهجان بعد أن وصله خبر المدد من الكوفة، واستخلف عليها حارثة بن النعمان الباهلي، ثم سار إلى مرو الروذ. حين بلغ الخبر يزدجرد، فر مجددًا إلى بلخ، ودخل الأحنف مرو الروذ. سار مدد الكوفة نحو بلخ، فقاتلهم يزدجرد، وانهزم أمامهم ففتح أهل الكوفة بلخ قبل وصول الأحنف. ضم الأحنف بعدئذ الأراضي بين نيسابور وطخارستان التي استخلف عليها ربعي بن عامر، ثم عاد إلى مرو الروذ، وأرسل إلى عمر بالفتح، فأمره عمر بألا يجوز النهر.بعد أن انهزم يزدجرد في بلخ، عبر النهر وأمدّه خاقان الترك وأهل فرغانة والصغد، فعبر بجنده حتى نزل بلخ، منها سار إلى مرو الروذ حيث الأحنف. أخذ الأحنف برأي أصحابه، فسار بعشرين ألفًا من المسلمين إلى موضع كان الجبل من خلفهم والنهر يفصل بينهم وبين الترك، وأقبل الترك إلى المسلمين وتجدد القتال بينهم لأيام لم يحقق فيها الطرفان نصرًا، حتى يأس الترك ووجدوا أنهم لا طائل من قتال المسلمين، فانسحبوا إلى بلخ. أما يزجرد فقد كان فصل في بعض الجند إلى مرو الشاهجان، وحاصر حارثة بن النعمان لفترة قبل أن يختلف مع جنوده، ويتركهم ويعبر النهر مجددًا إلى الترك، حيث عاش هناك بقية حياته. بعدئذ، صالح أهل تلك المناطق الأحنف ودخلوا في عهد المسلمين، وأدّوا الجزية.
ثورات الفُرس ونهاية السُلالة الساسانيَّةاغتيل الخليفة عُمر بن الخطَّاب فجر يوم الأربعاء في 26 ذي الحجَّة سنة 23هـ المُوافق فيه 2 تشرين الثاني (نوڤمبر) سنة 644م، وهو يُصلّي صلاة الفجر في المسجد، وكان القاتل يُدعى أبو لؤلؤة فيروز النهاوندي، واختلف المُؤرخون في تحديد الدَّافع وراء الاغتيال، لكن ممَّا قيل أنَّها كانت مؤامرةً فارسيَّة، بدافع الانتقام من الرجل الذي كان وراء القضاء على الإمبراطوريَّة الساسانيَّة. بعد وفاة عُمر، بويع عُثمان بن عفَّان بالخِلافة، وخلال عهده وقعت عدَّة ثورات في فارس ضدَّ الحُكم الإسلامي بين الفينة والأُخرى، لكنَّها دائمًا ما خمدت، وأبرز الولايات الفارسيَّة التي وقعت فيها بعضُ الثورات: أرمينية وأذربيجان وفارس، وسيستان (649م)، وخُراسان (651م)، ومكران (650م).
وما لبثت هذه الثورات والانتفاضات أن هدأت وانطفأت بعد أن تقبَّل الفُرس الإسلام وأقبلوا على اعتناقه.
أمَّا يزدجرد، فبعد أن جرَّده المُسلمون من كُلِّ أرضه، اضطرَّ إلى الفرار حتَّى آخر حُدود إمبراطوريَّته، ولمَّا سقطت خُراسان لم يبقَ أمامه سوى الالتجاء لِجيرانه وطلب مُساعدتهم. وفعلًا، فقد كتب إلى ثلاثة مُلوك يستمدُّهم ويستنجد بهم، وهم: خاقان التُرك وملك الصغد وإمبراطور الصين. ولمَّا فتح المُسلمون آخر ما تبقى من أراضي الإمبراطوريَّة الساسانيَّة، فرَّ يزدجرد عبر نهر جيحون إلى خاقان التُرك الذي توافق مصالحهُ مع مصالح العاهل الفارسيّ، وقد خشي من الامتداد الإسلامي باتجاه بلاده، وتعاون الرجُلان في مُقاومةٍ فاشلة حيثُ جنَّدا جيشًا وهاجما المُسلمين في خُراسان. وانتهى الأمر بانسحاب خاقان التُرك إلى بلاده مُقتنعًا بما تناهى إلى أسماعه من أنَّ المُسلمين لن يعبروا النهر، بناءً على تعليمات عُمر. أمَّا يزدجرد فقد نزل ضيفًا على مرزبان مرّو، المدعو «ماهويه»، والذي لم يكن يتمنّى غير التخلُّص من ضيفه الذي رفض أن يُزوِّجه ابنته، وتحالف مع «نيزك طرخان» التابع لِمرزبان طخارستان. فأرسل نيزك جماعة لأسره، فاشتبكوا معه وهزموه، فمضى هاربًا حتَّى انتهى إلى بيت طحَّان على شاطئ نهر المرغاب، فمكث ليلتين وماهويه يبحث عنه. فلمَّا أصبح اليوم الثاني دخل الطحَّان إلى بيته فرأى يزدجرد بِهيئته الملكيَّة وهو لا يعرفه، فبهت، وطمع به، فقتلهُ بعد أن وشى به إلى ماهويه، وطرح جُثَّته في النهر، وذلك سنة 31هـ المُوافقة لِسنة 652م، ولمَّا يبلغ الثامنة والعشرين من عُمره. وقد خلَّف ابنين وثلاث بنات. وبمقتل يزدجرد تمَّ القضاء على الإمبراطوريَّة الساسانيَّة تمامًا، وانقضت سُلالة مُلوكها. ولمَّا بلغ كتاب النصر الخليفة عُمر بِالمدينة المُنوَّرة، وفيه تفاصيل ما جرى، جمع الناس فبشَّرهم بِهذا الفتح وخطبهم، وأمر بِفتح الكتاب فقُرئ على الناس، وقال في خِطبته: «أَلَا وَإِنَّ اللهَ قد أَهلَكَ مَلِكَ المَجُوسِيَّةِ، وَفَرَّقَ شَملَهُم فَلَيسُوا يَملِكُونَ مِن بِلَادِهِم شِبرًا يَضِيرُ بِمُسلِمٍ. أَلَا وَإِنَّ اللهَ قد أَورَثَكُم أَرضَهُم وَدِيَارَهُم وَأَموَالَهُم وَأَبنَاءَهُم لِيَنظُرَ كَيفَ تَعمَلُون، فَقُومُوا فِي أَمرِهِ عَلَى وَجَلٍ، يُوفِ لَكُم بِعَهدِهِ وَيُؤتِكُم وَعدَهُ وَلَا تُغَيِرُوا يَستَبدِلُ قَومًا غَيرَكُمُ، فَإني لَا أَخَافُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ أِن تُؤتَى إِلَّا مِن قِبَلِكُم».
فارس تحت الحُكم الإسلامي
يقولُ المؤرِّخ والمُستشرق برنارد لويس:
خريطة تُظهر أقصى الحُدود (التقريبيَّة) التي بلغتها دولة الخِلافة الرَّاشدة خِلال عهد ثالث الخُلفاء الراشدين عُثمان بن عفَّان، سنة 654م.
كانت النظرة الإيرانيَّة إلى الفُتوح العربيَّة الإسلاميَّة مُتفاوتة: فقد اعتبرها البعضُ نعمةً أنعم الله بها على البِلاد، إذا عرف النَّاسُ الدين الحق، فانقضى عهدُ الجهل وعبادة الأصنام؛ ونظر إليها آخرون على أنَّها هزيمةٌ قوميَّةٌ مُذلَّةٌ، فقد انهارت الإمبراطوريَّة على يد غُزاةٍ أجانب لا يمتّون لِفارس بِصلة. كِلا النظرتين صحيحة بطبيعة الحال، استنادًا إلى وجهة نظر القائلين بها… فالإيرانيّون اعتنقوا الإسلام فعلًا، لكنَّهم لم يتعرَّبوا. بقي الفُرسُ فُرسًا. وبعد حينٍ من الصمت،عادت إيران لِتبرز مرَّة أُخرى، بحُلَّةٍ مُختلِفةٍ ومُميَّزةٍ داخل العالم الإسلاميّ، لِتُضيف في نهاية المطاف عُنصرًا جديدًا إلى الإسلام ذاته. كانت المُساهمة الإيرانيَّة الثقافيَّة، والسياسيَّة، وحتَّى الدينيَّة، مُساهمةً فعَّالةً وبارزةً في الثقافة الإسلاميَّة خِلال السنوات اللاحقة. يُمكنُ مُلاحظة اللمسات الإيرانيَّة في كُلِّ انجازٍ ثقافيٍّ إسلاميّ، بما فيه الشعر العربي، إذ ساهم الشُعراء الفُرس الذين نظموا أشعارهم باللُغة العربيَّة مُساهمةً فعَّالةً في هذا المجال. يُمكنُ القول أنَّهُ بشكلٍ أو بآخر، كان الإسلامُ الإيرانيُّ يُشكِّلُ بعثةً ثانيةً للإسلام نفسه، وهو ما اصطلح البعضُ على تسميته بإسلام العجم. كان هذا النمطُ من الإسلام الفارسيّ، عوض الإسلام العربيّ الأصيل، هو ما وصل شُعوبًا عديدة ودخل بلادًا كثيرة: ومن هؤلاء التُرك، الذين أخذوهُ عن الفُرس في آسيا الوُسطى في بداية المطاف، ثُمَّ في الشرق الأوسط وتحديدًا بالمنطقةِ التي تُعرفُ حاليًا بتُركيَّا، وفي الهند أيضًا بطبيعة الحال. وقد ساهم العُثمانيّون في نشر هذا النمط من الإسلام عبر فُتوحاتهم التي بلغت أسوار ڤيينَّا.
مسار المُسلمين لِفتح ما وراء النهر بعد الانتهاء من فُتُوحات فارس.
من الناحية العُمرانيَّة، كان الخليفة عُمر بن الخطَّاب حريصًا على أن يكون العُنصر المُقاتل في الجيش هو العُنصر العربي، نظرًا لأنَّ العرب كانوا يُمثلون الأغلبيَّة السَّاحقة من المُسلمين، ولم يكن إسلام الشُعوب الخاضعة، بما فيها الفُرس قد طُرح جديًا بعد، ولم يكن العرب أيضًا قد استقرّوا في المُدن المفتوحة وخالطوا سُكَّانها الأصليين بكثافة بحيثُ يتعرَّف هؤلاء على الإسلام بشكلٍ أوضح، وكان عدم توطين العرب في المراكز الحضريَّة المُهمَّة خارج شبه الجزيرة العربيَّة هو إحدى الاستراتيجيَّات التي انتهجها عُمر بهدف الاحتفاظ بشدَّة الرُوح القتاليَّة لدى المُسلمين، فعمد إلى تجميعهم في قواعد عسكريَّة يتمُّ اختيارها عادةً على شواطئ الأنهار، وهي قريبة الشبه بِالقواعد العسكريَّة من حيثُ المُهمَّات المنوطة بها ودورها في خطط الفُتوح. بناءً على هذا، تمَّ بناء مدينة البصرة في جنوب العراق لِحماية البلاد من الهجمات الفارسيَّة الارتداديَّة. وكان المُسلمون قد استقرّوا في المدائن بعد فتحها، ويبدو أنَّ البُنية الجُغرافيَّة لهذا الإقليم لم تتناسب مع ما ألفه العرب من جوٍ صحراويٍّ مفتوح، فشحب لونُهم، فلمَّا وقف الخليفة على ذلك كتب إلى سعد بن أبي وقَّاص يأمُره بأن يتخذ للمُسلمين دار هجرة يُقيمون فيها، وأن يختار لهم مكانًا مُناسبًا بحيثُ لا يكونُ بينهم وبينه بحرٌ ولا جسر، وبناءً على هذا تمَّ تشييدُ الكُوفة. أمَّا من الناحية الدينيَّة، فقد أدَّى الفتحُ الإسلاميّ إلى دُخول مُعظم أهل العراق في الإسلام، ومردُّ ذلك هو امتدادُ القبائل العربيَّة فيه قبل الإسلام، أمَّا فارس فقد أبى أغلب أهلها الإسلام في بداية الأمر، وبقوا على المجوسيَّة، دينُ آبائهم وأجدادهم، فتحوَّلوا إلى أهل ذمَّة يُصالحون ويدفعون الجزية لِبيت المال، وحافظوا على قوميَّتهم الفارسيَّة، لكنَّهم ما لبثوا أن دخلوا الإسلام بِمرور الوقت، حتَّى تراجعت المجوسيَّة تراجُعًا حادًا، وأصبح الإسلامُ هو دينُ أغلبيَّة الفُرس.
كما اقتبس الفُرس الحروف العربيَّة واستحالت أبجديَّتهم عربيَّة الكتابة والحرف.
انظر أيضًاتاريخ إيران
تاريخ العراق
الفُتوحات الإسلاميَّة
نمو الإسلام 

====

الصور  من ويكبيديا





 
  يشهد حضور العديد من السياح في المناسبات.

كورنيش شط العرب


===========
نهر الفرات في التاريخ

نهر الفرات يمر من مدينة الرقة، في سوريا

مراد صو
تلوث نهر الفرات

مجرى نهر الفرات قرب دير الزور في سوريا

قارب محلي في نهر الفرات في العراق الجزر النهرية في الفرات

جزيرة في نهر الفرات (شط الهندية) قبالة قضاء الكفل جنوب غرب العراق


مجرى نهر دجلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أشعار النساء - ط عالم الكتب المؤلف المرزباني

  أشعار النساء للمرزباني ثالث ما ألف من الكتب في أشعار النساء، بعد (أشعار الجواري) للمفجع البصري المتوفى سنة 327هـ و(الإماء الشواعر)...