Translate فتح الباري وتفسير بن كثير كيكي520.

الجمعة، 13 مايو 2022

مجلد 2. الأم -لمحمد بن إدريس الشافعي أبو عبد الله سنة الولادة 150/ سنة الوفاة 204 .

2.

مجلد 2. الأم -لمحمد بن إدريس الشافعي أبو عبد الله سنة الولادة 150/ سنة الوفاة 204 .

………..
 لِلرَّجُلِ على امْرَأَتِهِ الرَّجْعَةُ حتى تَطْهُرَ من الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَخَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ فقال إذَا طَعَنَتْ في الدَّمِ من الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ انْقَطَعَتْ رَجْعَتُهُ عنها مع أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ أَكْثَرُ مِمَّا وَصَفْت فَدَلَّ ذلك على أَنَّ قَائِلَ السَّلَفِ يقول بِرَأْيِهِ وَيُخَالِفُهُ غَيْرُهُ وَيَقُولُ بِرَأْيِهِ وَلَا يُرْوَى عن غَيْرِهِ فِيمَا قال بِهِ شَيْءٌ فَلَا يُنْسَبُ الذي لم يُرْوَ عنه شَيْءٌ إلَى خِلَافِهِ وَلَا مُوَافَقَتِهِ لِأَنَّهُ إذَا لم يَقُلْ لم يُعْلَمْ قَوْلُهُ وَلَوْ جَازَ أَنْ يُنْسَبَ إلَى مُوَافَقَتِهِ جَازَ أَنْ يُنْسَبَ إلَى خِلَافِهِ وَلَكِنَّ كُلًّا كَذِبٌ إذَا لم يُعْرَفْ قَوْلُهُ وَلَا الصِّدْقُ فيه إلَّا أَنْ يُقَالَ ما يُعْرَفُ إذَا لم يَقُلْ قَوْلًا وفي هذا دَلِيلٌ على أَنَّ بَعْضَهُمْ لَا يَرَى قَوْلَ بَعْضٍ حُجَّةً تَلْزَمُهُ إذَا رَأَى خِلَافَهَا وَأَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ اللَّازِمَ إلَّا الْكِتَابَ أو السُّنَّةَ وَأَنَّهُمْ لم يَذْهَبُوا قَطُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَى أَنْ يَكُونَ خَاصُّ الْأَحْكَامِ كُلِّهَا إجْمَاعًا كَإِجْمَاعِهِمْ على الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَجُمَلِ الْفَرَائِضِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا وَجَدُوا كِتَابًا أو سُنَّةً اتَّبَعُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وإذا تَأَوَّلُوا ما يَحْتَمِلُ فَقَدْ يَخْتَلِفُونَ وَلِذَلِكَ إذَا قالوا فِيمَا لم يَعْلَمُوا فيه سُنَّةً اخْتَلَفُوا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَتَى كانت عَامَّةٌ من أَهْلِ الْعِلْمِ في دَهْرٍ بِالْبُلْدَانِ على شَيْءٍ أو عَامَّةٌ قَبْلَهُمْ قِيلَ يُحْفَظُ عن فُلَانٍ وَفُلَانٍ كَذَا ولم نَعْلَمْ لهم مُخَالِفًا وَنَأْخُذُ بِهِ وَلَا نَزْعُمُ أَنَّهُ قَوْلُ الناس كُلِّهِمْ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ من قَالَهُ من الناس إلَّا من سَمِعْنَاهُ منه أو عنه قال وما وَصَفْت من هذا قَوْلُ من حَفِظْت عنه من أَهْلِ الْعِلْمِ نَصًّا وَاسْتِدْلَالًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْعِلْمُ من وَجْهَيْنِ اتِّبَاعٌ أو اسْتِنْبَاطٌ وَالِاتِّبَاعُ اتِّبَاعُ كِتَابٍ فَإِنْ لم يَكُنْ فَسُنَّةٍ فَإِنْ لم تَكُنْ فَقَوْلِ عَامَّةٍ من سَلَفِنَا لَا نَعْلَمُ له مُخَالِفًا فَإِنْ لم يَكُنْ فَقِيَاسٍ على كِتَابِ اللَّهِ جل وعز فَإِنْ لم يَكُنْ فَقِيَاسٍ على سُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَإِنْ لم يَكُنْ فَقِيَاسٍ على قوله ( ( ( قول ) ) ) عَامَّةٍ من سَلَفٍ لَا مُخَالِفَ له وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ إلَّا بِالْقِيَاسِ وإذا قَاسَ من له الْقِيَاسُ فَاخْتَلَفُوا وَسِعَ كُلًّا أَنْ يَقُولَ بِمَبْلَغِ اجْتِهَادِهِ ولم يَسَعْهُ اتِّبَاعُ غَيْرِهِ فِيمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ بِخِلَافِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - * صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ محمد بن إدْرِيسَ الْمُطَّلِبِيُّ قال ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ الْأَذَانَ بِالصَّلَاةِ فقال عز وجل { وإذا نَادَيْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا } وقال { إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ من يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ } فَأَوْجَبَ اللَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إتْيَانَ الْجُمُعَةِ وَسَنَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْأَذَانَ لِلصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَوْجَبَ إتْيَانَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ في غَيْرِ الْجُمُعَةِ كما أَمَرَ بِإِتْيَانِ الْجُمُعَةِ وَتَرْكِ الْبَيْعِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أُذِنَّ بها لِتُصَلَّى لِوَقْتِهَا وقد جَمَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مُسَافِرًا وَمُقِيمًا خَائِفًا وَغَيْرَ خَائِفٍ وقال اللَّهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم { وإذا كُنْت فِيهِمْ فَأَقَمْت لهم الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ منهم مَعَك } الْآيَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَمَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من أتى الصَّلَاةَ أَنْ يَأْتِيَهَا وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَرَخَّصَ في تَرْكِ إتْيَانِ الْجَمَاعَةِ في الْعُذْرِ بِمَا ساذكره إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى في مَوْضِعِهِ وَأَشْبَهُ ما وُصِفَتْ من الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنْ لَا يَحِلَّ تَرْكُ أَنْ يصلى كُلَّ مَكْتُوبَةٍ في جَمَاعَةٍ حتى لَا يَخْلُوَا جَمَاعَةٌ مُقِيمُونَ وَلَا مُسَافِرُونَ من أَنْ يُصَلَّى فِيهِمْ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ أخبرنا مَالِكٌ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ رضي اللَّهُ عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال وَاَلَّذِي نَفْسِي بيده لقد هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لها ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ الناس ثُمَّ أُخَالِفَ إلَى رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ فَأُحَرِّقَ عليهم
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهِيَ حُجَّةٌ على أَنَّ دَعْوَى الِاجْتِمَاعِ في كل الْأَحْكَامِ ليس كما ادَّعَى من ادَّعَى ما وَصَفْت من هذا وَنَظَائِرَ له أَكْثَرُ منه وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ لم يَدَّعِ الْإِجْمَاعَ فِيمَا سِوَى جُمَلِ الْفَرَائِضِ التي كُلِّفَتْهَا الْعَامَّةُ أَحَدٌ من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا التَّابِعِينَ وَلَا الْقَرْنِ الَّذِينَ من بَعْدِهِمْ وَلَا الْقَرْنِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ وَلَا عَالِمٍ عَلِمْته على ظَهْرِ الْأَرْضِ وَلَا أَحَدٍ نَسَبَتْهُ الْعَامَّةُ إلَى عِلْمٍ إلَّا حَدِيثًا من الزَّمَانِ فإن قَائِلًا قال فيه بِمَعْنًى لم أَعْلَمْ أَحَدًا من أَهْلِ الْعِلْمِ عَرَفَهُ وقد حَفِظْت عن عَدَدٍ منهم إبْطَالَهُ

(1/153)


بُيُوتَهُمْ فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بيده لو يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا أو مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ
أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عبد الرحمن بن حَرْمَلَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ شُهُودُ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ لَا يَسْتَطِيعُونَهُمَا أو نَحْوُ هذا ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَيُشْبِهُ ما قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من هَمِّهِ أَنْ يُحَرِّقَ على قَوْمٍ بُيُوتَهُمْ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ في قَوْمٍ تَخَلَّفُوا عن صَلَاةِ الْعِشَاءِ لِنِفَاقٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَلَا أُرَخِّصُ لِمَنْ قَدَرَ على صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ في تَرْكِ إتْيَانِهَا إلَّا من عُذْرٍ وَإِنْ تَخَلَّفَ أَحَدٌ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا لم يَكُنْ عليه إعَادَتُهَا صَلَّاهَا قبل صَلَاةِ الْإِمَامِ أو بَعْدَهَا إلَّا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ فإن على من صَلَّاهَا ظُهْرًا قبل صَلَاةِ الْإِمَامِ إعَادَتُهَا لِأَنَّ إتْيَانَهَا فَرْضُ عَيْنٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَكُلُّ جَمَاعَةٍ صلى فيها رَجُلٌ في بَيْتِهِ أو في مَسْجِدٍ صَغِيرٍ أو كَبِيرٍ قَلِيلِ الْجَمَاعَةِ أو كَثِيرِهَا أَجْزَأَتْ عنه وَالْمَسْجِدُ الْأَعْظَمُ وَحَيْثُ كَثُرَتْ الْجَمَاعَةُ أَحَبُّ إلى وَإِنْ كان لِرَجُلٍ مَسْجِدٌ يَجْمَعُ فيه فَفَاتَتْهُ فيه الصَّلَاةُ فَإِنْ أتى مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ غَيْرَهُ كان أَحَبَّ إلَيَّ وَإِنْ لم يَأْتِهِ وَصَلَّى في مَسْجِدٍ مُنْفَرِدًا فَحَسَنٌ وإذا كان لِلْمَسْجِدِ إمَامٌ رَاتِبٌ فَفَاتَتْ رَجُلًا أو رِجَالًا فيه الصَّلَاةُ صَلُّوا فُرَادَى وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُصَلُّوا فيه جَمَاعَةً فَإِنْ فَعَلُوا أَجْزَأَتْهُمْ الْجَمَاعَةُ فيه وَإِنَّمَا كَرِهْت ذلك لهم لِأَنَّهُ ليس مِمَّا فَعَلَ السَّلَفُ قَبْلَنَا بَلْ قد عَابَهُ بَعْضُهُمْ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَحْسَبُ كَرَاهِيَةَ من كَرِهَ ذلك منهم إنَّمَا كان لِتَفَرُّقِ الْكَلِمَةِ وَأَنْ يَرْغَبَ رَجُلٌ عن الصَّلَاةِ خَلْفَ إمَامِ جَمَاعَةٍ فَيَتَخَلَّفُ هو وَمَنْ أَرَادَ عن الْمَسْجِدِ في وَقْتِ الصَّلَاةِ فإذا قُضِيَتْ دَخَلُوا فَجَمَعُوا فَيَكُونُ في هذا اخْتِلَافٌ وَتَفَرُّقُ كَلِمَةٍ وَفِيهِمَا الْمَكْرُوهُ وَإِنَّمَا أَكْرَهُ هذا في كل مَسْجِدٍ له إمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ فَأَمَّا مَسْجِدٌ بُنِيَ علي ظَهْرِ الطَّرِيقِ أو نَاحِيَةٍ لَا يُؤَذِّنُ فيه مُؤَذِّنٌ رَاتِبٌ وَلَا يَكُونُ له إمَامٌ مَعْلُومٌ ويصلى فيه الْمَارَّةُ وَيَسْتَظِلُّونَ فَلَا أَكْرَهُ ذلك فيه لِأَنَّهُ ليس فيه الْمَعْنَى الذي وَصَفْت من تَفَرُّقِ الْكَلِمَةِ وَأَنْ يَرْغَبَ رِجَالٌ عن إمَامَةِ رَجُلٍ فَيَتَّخِذُونَ إمَامًا غَيْرَهُ وَإِنْ صلى جَمَاعَةٌ في مَسْجِدٍ له إمَامٌ ثُمَّ صلى فيه آخَرُونَ في جَمَاعَةٍ بَعْدَهُمْ كَرِهْت ذلك لهم لِمَا وَصَفْت وَأَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ - * فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَالصَّلَاةِ مَعَهُمْ - * ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ من صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسَة

(1/154)


وَعِشْرِينَ جُزْءًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا حَضَرَ الرَّجُلَ إمَامًا كان أو غير إمَامٍ وُضُوءٌ بَدَأَ بِالْوُضُوءِ ولم أُحِبَّ له أَنْ يصلى وهو يَجِدُ من الْوُضُوءِ لِأَمْرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَبْدَأَ بِالْوُضُوءِ وما أُمِرَ بِهِ من الْخُشُوعِ في الصَّلَاةِ وَإِكْمَالِهَا وَإِنَّ من شُغِلَ بِحَاجَتِهِ إلَى وُضُوءٍ أَشْبَهُ أَنْ لَا يَبْلُغَ من الْإِكْمَالِ لِلصَّلَاةِ وَالْخُشُوعِ فيها ما يَبْلُغُ من لَا شُغْلَ له وإذا حَضَرَ عَشَاءُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالثَّلَاثَةُ فَصَاعِدًا إذَا أَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ جَمَاعَةٌ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الِاثْنَانِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ جَمَاعَةً وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ تَرْكَ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ صَلَّاهَا بِنِسَائِهِ أو رَقِيقِهِ أو أُمِّهِ أو بَعْضِ وَلَدِهِ في بَيْتِهِ وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أَقُولَ صَلَاةُ الرَّجُلِ لَا تَجُوزُ وَحْدَهُ وهو يَقْدِرُ على جَمَاعَةٍ بِحَالِ تَفْضِيلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ على صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ ولم يَقُلْ لَا تُجْزِئُ الْمُنْفَرِدَ صَلَاتُهُ وَإِنَّا قد حَفِظْنَا أَنْ قد فَاتَتْ رِجَالًا معه الصَّلَاةُ فَصَلُّوا بِعِلْمِهِ مُنْفَرِدِينَ وقد كَانُوا قَادِرِينَ على أَنْ يَجْمَعُوا وَأَنْ قد فَاتَتْ الصَّلَاةُ في الْجَمَاعَةِ قَوْمًا فجاؤوا ( ( ( فجاءوا ) ) ) الْمَسْجِدَ فَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ منهم مُتَفَرِّدًا وقد كَانُوا قَادِرِينَ على أَنْ يَجْمَعُوا في الْمَسْجِدِ فَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ منهم مُنْفَرِدًا وَإِنَّمَا كَرِهُوا لِئَلَّا يَجْمَعُوا في مَسْجِدٍ مَرَّتَيْنِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجُوا إلَى مَوْضِعٍ فَيَجْمَعُوا فيه وَإِنَّمَا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِأَنْ يَأْتَمَّ الْمُصَلُّونَ بِرَجُلٍ فإذا أئتم وَاحِدٌ بِرَجُلٍ فَهِيَ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ وَكُلَّمَا كَثُرَتْ الْجَمَاعَةُ مع الْإِمَامِ كان أَحَبَّ إلى وَأَقْرَبَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى من الْفَضْلِ - * الْعُذْرُ في تَرْكِ الْجَمَاعَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ أُذِنَّ في لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ فقال أَلَا صَلُّوا في الرِّحَالِ ثُمَّ قال إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إذَا كانت لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ ذَاتُ مَطَرٍ يقول أَلَا صَلُّوا في الرِّحَالِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن أَيُّوبَ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَأْمُرُ مُنَادِيَهُ في اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَاللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ ذَاتِ رِيحٍ أَلَا صَلُّوا في رِحَالِكُمْ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عبد اللَّهِ بن الْأَرْقَمِ أَنَّهُ كان يَؤُمُّ أَصْحَابَهُ يَوْمًا فَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ فقال سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول إذَا وَجَدَ أحدكم الْغَائِطَ فَلْيَبْدَأْ بِهِ قبل الصَّلَاةِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الثِّقَةُ عن هِشَامٍ عن أبيه عن عبد اللَّهِ بن الْأَرْقَمِ أَنَّهُ خَرَجَ إلَى مَكَّةَ فَصَحِبَهُ قَوْمٌ فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَقَدَّمَ رَجُلًا وقال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَوَجَدَ أحدكم الْغَائِطَ فَلْيَبْدَأْ بِالْغَائِطِ

(1/155)


الصَّائِمِ أو الْمُفْطِرِ أو طَعَامُهُ وَبِهِ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَرْخَصْت له في تَرْكِ إتْيَانِ الْجَمَاعَةِ وَأَنْ يَبْدَأَ بِطَعَامِهِ إذَا كانت نَفْسُهُ شَدِيدَةَ التَّوَقَانِ إلَيْهِ وَإِنْ لم تَكُنْ نَفْسُهُ شَدِيدَةَ التَّوَقَانِ إلَيْهِ تَرَكَ الْعَشَاءَ وَإِتْيَانُ الصَّلَاةِ أَحَبُّ إلى وَأُرَخِّصُ له في تَرْكِ الْجَمَاعَةِ بِالْمَرَضِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مَرِضَ فَتَرَكَ أَنْ يصلى بِالنَّاسِ أَيَّامًا كَثِيرَةً وَبِالْخَوْفِ وَبِالسَّفَرِ وَبِمَرَضٍ وَبِمَوْتِ من يَقُومُ بِأَمْرِهِ وَبِإِصْلَاحِ ما يَخَافُ فَوْتَ إصْلَاحِهِ من مَالِهِ وَمَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِ وَلَا أُرَخِّصُ له في تَرْكِ الْجَمَاعَةِ إلَّا من عُذْرٍ وَالْعُذْرُ ما وَصَفْت من هذا وما أشبهه ( ( ( أشبه ) ) ) أو غَلَبَةِ نَوْمٍ أو حُضُورِ مَالٍ إنْ غَابَ عنه خَافَ ضَيْعَتَهُ أو ذَهَابٍ في طَلَبِ ضَالَّةٍ يَطْمَعُ في إدْرَاكِهَا وَيَخَافُ فَوْتَهَا في غَيْبَتِهِ - * الصَّلَاةُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَالِي - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن أبي حَازِمٍ عن سَهْلِ بن سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ذَهَبَ إلَى بَنِي عَمْرِو بن عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ وَحَانَتْ الصَّلَاةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إلَى أبي بَكْرٍ فقال أتصلى بِالنَّاسِ فَأُقِيمَ الصَّلَاةَ قال نعم فَصَلَّى أبو بَكْرٍ فَجَاءَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالنَّاسُ في الصَّلَاةِ فَتَخَلَّصَ حتى وَقَفَ في الصَّفِّ فَصَفَّقَ الناس وكان أبو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ في صَلَاتِهِ فلما أَكْثَرَ الناس التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَشَارَ إلَيْهِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ أمكث مَكَانَك فَرَفَعَ أبو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ على ما أَمَرَهُ بِهِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من ذلك ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أبو بَكْرٍ وَتَقَدَّمَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَصَلَّى بِالنَّاسِ فلما انْصَرَفَ قال يا أَبَا بَكْرٍ ما مَنَعَك أَنْ تَثْبُتَ إذْ أَمَرْتُك فقال أبو بَكْرٍ ما كان لِابْنِ أبي قُحَافَةَ أَنْ يصلى بين يَدَيْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ما لي أَرَاكُمْ أَكْثَرْتُمْ التَّصْفِيقَ من نَابَهُ شَيْءٌ في صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ فإنه إذَا سَبَّحَ اُلْتُفِتَ إلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ في هذا كُلِّهِ إنْ كان الْإِمَامُ قَرِيبًا أَنْ يَسْتَأْمِرَ وَأُحِبُّ للامام أَنْ يُوَكِّلَ من يصلى بِالنَّاسِ إذَا أَبْطَأَ هو عن الصَّلَاةِ وَسَوَاءٌ في هذا كُلِّهِ أَنْ يَكُونَ الزَّمَانُ زَمَانَ فِتْنَةٍ أو غير زَمَانِ فِتْنَةٍ إلَّا أَنَّهُمْ إذَا خَافُوا في هذا شيئا من السُّلْطَانِ أَحْبَبْت أَنْ لَا يُعَجِّلُوا أَمْرَ السُّلْطَانِ حتى يَخَافُوا ذَهَابَ الْوَقْتِ فإذا خَافُوا ذَهَابَهُ لم يَسَعْهُمْ إلَّا الصَّلَاةُ جَمَاعَةً أو فُرَادَى وَسَوَاءٌ في هذا الْجُمُعَةُ وَالْأَعْيَادُ وَغَيْرُهَا قد صلى على بِالنَّاسِ الْعِيدَ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ رَحْمَةُ اللَّهِ تعالى عَلَيْهِمَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُجْزِئُ رَجُلًا أَنْ يُقَدِّمَ رَجُلًا أو يَتَقَدَّمَ فيصلى بِقَوْمٍ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَالِي الذي يلى الصَّلَاةَ أَيَّ صَلَاةٍ حَضَرَتْ من جُمُعَةٍ أو مَكْتُوبَةٍ أو نَافِلَةٍ إنْ لم يَكُنْ في أَهْلِ الْبَلَدِ وَالٍ وَكَذَلِكَ إنْ كان لِلْوَالِي شُغْلٌ أو مَرَضٌ أو نَامَ أو أَبْطَأَ عن الصَّلَاةِ فَقَدْ ذَهَبَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِيُصْلِحَ بين بَنِي عَمْرِو بن عَوْفٍ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إلَى أبي بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ لِلصَّلَاةِ وَذَهَبَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في غَزْوَةِ تَبُوكَ لِحَاجَتِهِ فَتَقَدَّمَ عبد الرحمن بن عَوْفٍ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً من الصُّبْحِ وَجَاءَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَدْرَكَ معه الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَصَلَّاهَا خَلْفَ عبد الرحمن بن عَوْفٍ ثُمَّ قَضَى ما فَاتَهُ فَفَزِعَ الناس لِذَلِكَ فقال لهم رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قد أَحْسَنْتُمْ يَغْبِطُهُمْ أَنْ صَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا قال يَعْنِي أَوَّلَ وَقْتِهَا إلَى هُنَا

(1/156)


- * إذَا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ وَفِيهِمْ الْوَالِي - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وروى أَنَّ نَفَرًا من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَانُوا في بَيْتِ رَجُلٍ منهم فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَقَدَّمَ صَاحِبُ الْبَيْتِ رَجُلًا منهم فقال تَقَدَّمْ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ في مَنْزِلِك فَتَقَدَّمَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ أَحَدٌ غَيْرُ ذِي سُلْطَانٍ أَحَدًا في مَنْزِلِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ له الرَّجُلُ فَإِنْ أَذِنَ له فَإِنَّمَا أَمَّ بِأَمْرِهِ فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنَّمَا أَكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّهُ في مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَأَمَّا بِأَمْرِهِ فَذَلِكَ تَرْكٌ منه لِحَقِّهِ في الْإِمَامَةِ وَلَا يَجُوزُ لِذِي سُلْطَانٍ وَلَا صَاحِبِ مَنْزِلٍ أَنْ يَؤُمَّ حتى يَكُونَ يُحْسِنُ يَقْرَأُ ما تَجْزِيهِ بِهِ الصَّلَاةُ فَإِنْ لم يَكُنْ يَقْرَأُ ما تَجْزِيه بِهِ الصَّلَاةُ لم يَكُنْ له أَنْ يَؤُمَّ وَإِنْ أَمَّ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَصَلَاةُ من خَلْفَهُ مِمَّنْ يُحْسِنُ هذا فَاسِدَةٌ وَهَكَذَا إذَا كان السُّلْطَانُ أو صَاحِبُ الْمَنْزِلِ مِمَّنْ ليس يُحْسِنُ يَقْرَأُ لم تُجْزِئْ من ائْتَمَّ بِهِ الصَّلَاةُ وإذا تَقَدَّمَ أَحَدٌ ذَا سُلْطَانٍ وَذَا بَيْتٍ في بَيْتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَرِهْته له ولم يَكُنْ عليه وَلَا على من صلى خَلْفَهُ إعَادَةٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ في التَّقَدُّمِ إذَا كان خَطَأً فَالصَّلَاةُ نَفْسُهَا مُؤَدَّاةٌ كما تُجْزِئُ وَسَوَاءٌ إمَامَةُ الرَّجُلِ في بَيْتِهِ الْعَبْدَ وَالْحُرَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَيِّدُهُ حَاضِرًا فَالْبَيْتُ بَيْتُ السَّيِّدِ وَيَكُونُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ وإذا كان السُّلْطَانُ في بَيْتِ رَجُلٍ كان السُّلْطَانُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ لِأَنَّ بَيْتَهُ من سُلْطَانِهِ وإذا كان مِصْرٌ جَامِعٌ له مَسْجِدٌ جَامِعٌ لَا سُلْطَانَ بِهِ فَأَيُّهُمْ أَمَّهُمْ من أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْقُرْآنِ لم أَكْرَهْهُ
أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن نَافِعٍ أَنَّ صَاحِبَ الْمَقْصُورَةِ جاء إلَى بن عُمَرَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا دخل الْوَالِي الْبَلَدَ يَلِيه فَاجْتَمَعَ وَغَيْرَهُ في وِلَايَتِهِ فَالْوَالِي أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ وَلَا يَتَقَدَّمُ أَحَدٌ ذَا سُلْطَانٍ في سُلْطَانِهِ في مكتوبه وَلَا نَافِلَةٍ وَلَا عِيدٍ وَيُرْوَى أَنَّ ذَا السُّلْطَانِ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ في سُلْطَانِهِ فَإِنْ قَدَّمَ الْوَالِي رَجُلًا فَلَا بَأْسَ وَإِنَّمَا يَؤُمُّ حِينَئِذٍ بِأَمْرِ الْوَالِي وَالْوَالِي الْمُطْلَقُ الْوِلَايَةِ في كل من مَرَّ بِهِ وسلطان ( ( ( ذو ) ) ) حَيْثُ مَرَّ وَإِنْ دخل الْخَلِيفَةُ بَلَدًا لَا يَلِيهِ وَبِالْبَلَدِ وَالٍ غَيْرُهُ فَالْخَلِيفَةُ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ لِأَنَّ وَالِيَهُ إنَّمَا ولى بِسَبَبِهِ وَكَذَلِكَ إنْ دخل بَلَدًا تَغَلَّبَ عليه رَجُلٌ فَالْخَلِيفَةُ أَوْلَى فَإِنْ لم يَكُنْ خَلِيفَةٌ فَالْوَالِي بِالْبَلَدِ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ فيه فَإِنْ جَاوَزَ إلَى بَلَدِ غَيْرِهِ لَا وِلَايَةَ له بِهِ فَهُوَ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ - * إمَامَةُ الْقَوْمِ لَا سُلْطَانَ فِيهِمْ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال أخبرني مَعْنُ بن عبد الرحمن بن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ عن الْقَاسِمِ بن عبد الرحمن عن بن مَسْعُودٍ قال من السُّنَّةِ أَنْ لَا يَؤُمَّهُمْ إلَّا صَاحِبُ الْبَيْتِ

(1/157)


- * اجْتِمَاعُ الْقَوْمِ في مَنْزِلِهِمْ سَوَاءٌ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا الثَّقَفِيُّ عن أَيُّوبَ عن أبي قِلَابَةَ قال حدثنا أبو الْيَمَانِ مَالِكُ بن الْحُوَيْرِثِ قال قال لنا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم صَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أصلى فإذا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أحدكم وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَصَاحِبُ الْمَسْجِدِ كَصَاحِبِ الْمَنْزِلِ فَأَكْرَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ أَحَدٌ إلَّا السُّلْطَانُ وَمَنْ أَمَّ من الرِّجَالِ مِمَّنْ كَرِهْت إمَامَتَهُ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْ إمَامَتُهُ وَالِاخْتِيَارُ ما وَصَفْت من تَقْدِيمِ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْقُرْآنِ وَالسِّنِّ وَالنَّسَبِ وَإِنْ أَمَّ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا أو بدوى قَرَوِيًّا فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا أَنِّي أُحِبُّ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَهْلُ الْفَضْلِ في كل حَالٍ في الْإِمَامَةِ وَمَنْ صلى صَلَاةً من بَالِغٍ مُسْلِمٍ يُقِيمُ الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْهُ وَمَنْ خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ كان غير مَحْمُودِ الْحَالِ في دِينِهِ أَيْ غَايَةً بَلَغَ يُخَالِفُ الْحَمْدَ في الدِّينِ وقد صلى أَصْحَابُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم خَلْفَ من لَا يَحْمَدُونَ فِعَالَهُ من السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مُسْلِمٌ عن بن جُرَيْجٍ عن نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بن عُمَرَ اعْتَزَلَ بِمِنًى في قِتَالِ بن الزُّبَيْرِ وَالْحَجَّاجِ بِمِنًى فَصَلَّى مع الْحَجَّاجِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا حَاتِمٌ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ رضي اللَّهُ تَعَالَى
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) هَؤُلَاءِ قَوْمٌ قَدِمُوا مَعًا فَأَشْبَهُوا أَنْ تَكُونَ قِرَاءَتُهُمْ وَتَفَقُّهُهُمْ سَوَاءً فَأُمِرُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ وَبِذَلِكَ آمُرُهُمْ وَبِهَذَا نَأْخُذُ فَنَأْمُرُ الْقَوْمَ إذَا اجْتَمَعُوا في الْمَوْضِعِ ليس فِيهِمْ وَالٍ وَلَيْسُوا في مَنْزِلِ أَحَدٍ أَنْ يُقَدِّمُوا أَقْرَأَهُمْ وَأَفْقَهَهُمْ وَأَسَنَّهُمْ فَإِنْ لم يَجْتَمِعْ ذلك في وَاحِدٍ فَإِنْ قَدَّمُوا أَفْقَهَهُمْ إذَا كان يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقَرَأَ منه ما يكتفى بِهِ في صَلَاتِهِ فَحَسَنٌ وَإِنْ قَدَّمُوا أَقْرَأَهُمْ إذَا كان يَعْلَمُ من الْفِقْهِ ما يَلْزَمُهُ في الصَّلَاةِ فَحَسَنٌ وَيُقَدِّمُوا هَذَيْنِ مَعًا على من هو أَسَنُّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا قِيلَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ أَنَّ من مَضَى من الْأَئِمَّةِ كَانُوا يُسْلِمُونَ كِبَارًا فَيَتَفَقَّهُونَ قبل أَنْ يَقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ كَانُوا يقرؤون ( ( ( يقرءون ) ) ) الْقُرْآنَ صِغَارًا قبل أَنْ يَتَفَقَّهُوا فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ من كان فَقِيهًا إذَا قَرَأَ من الْقُرْآنِ شيئا أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ لِأَنَّهُ قد يَنُوبُهُ في الصَّلَاةِ ما يَعْقِلُ كَيْفَ يَفْعَلُ فيه بِالْفِقْهِ وَلَا يَعْلَمُهُ من لَا فِقْهَ له وإذا اسْتَوَوْا في الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ أَمَّهُمْ أَسَنُّهُمْ وَأَمْرُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَسَنُّهُمْ فِيمَا أَرَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّهُمْ كَانُوا مُشْتَبَهِي الْحَالِ في الْقِرَاءَةِ وَالْعِلْمِ فَأَمَرَ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا وَلَوْ كان فِيهِمْ ذُو نَسَبٍ فَقَدَّمُوا غير ذِي النَّسَبِ أَجْزَأَهُمْ وَإِنْ قَدَّمُوا ذَا النَّسَبِ اشْتَبَهَتْ حَالُهُمْ في الْقِرَاءَةِ وَالْفِقْهِ كان حَسَنًا لِأَنَّ الْإِمَامَةَ مَنْزِلَةُ فَضْلٍ وقد قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا فَأُحِبُّ أَنْ يُقَدَّمَ من حَضَرَ منهم اتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا كان فيه لِذَلِكَ مَوْضِعٌ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا عبدالمجيد بن عبد الْعَزِيزِ عن بن جُرَيْجٍ عن عَطَاءٍ قال كان يُقَالُ يَؤُمُّهُمْ أَفْقَهُهُمْ فَإِنْ كَانُوا في الْفِقْهِ سَوَاءً فاقرؤهم فَإِنْ كَانُوا في الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَسَنُّهُمْ ثُمَّ عَاوَدْته بَعْدَ ذلك في الْعَبْدِ يَؤُمُّ فَقُلْت يَؤُمُّهُمْ الْعَبْدُ إذَا كان أَفْقَهَهُمْ قال نعم
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا عبدالمجيد بن عبد الْعَزِيزِ عن بن جُرَيْجٍ قال أخبرني نَافِعٌ قال أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ في مَسْجِدٍ بِطَائِفَةٍ من الْمَدِينَةِ وَلِابْنِ عُمَرَ قَرِيبًا من ذلك الْمَسْجِدِ أَرْضٌ يَعْمَلُهَا وَإِمَامُ ذلك الْمَسْجِدِ مَوْلًى له وَمَسْكَنُ ذلك الْمَوْلَى وَأَصْحَابِهِ ثُمَّ فلما سَمِعَهُمْ عبد اللَّهِ بن عُمَرَ جاء لِيَشْهَدَ مَعَهُمْ الصَّلَاةَ فقال له الْمَوْلَى صَاحِبُ الْمَسْجِدِ تَقَدَّمْ فَصَلِّ فقال له عبد اللَّهِ أنت أَحَقُّ أَنْ تصلى في مَسْجِدِك مِنِّي فَصَلَّى الْمَوْلَى صَاحِبُ الْمَسْجِدِ

(1/158)


عنهما كَانَا يُصَلِّيَانِ خَلْفَ مَرْوَانَ قال فقال أَمَا كَانَا يُصَلِّيَانِ إذَا رَجَعَا إلَى مَنَازِلِهِمَا فقال لَا وَاَللَّهِ ما كَانَا يَزِيدَانِ على صَلَاةِ الْأَئِمَّةِ - * صَلَاةُ الرَّجُلِ بِصَلَاةِ الرَّجُلِ لم يَؤُمَّهُ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا افْتَتَحَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ لِنَفْسِهِ لَا يَنْوِي أَنْ يَؤُمَّ أَحَدًا فَجَاءَتْ جَمَاعَةٌ أو وَاحِدٌ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ فَصَلَاتُهُ مجزئه عَنْهُمْ وهو لهم إمَامٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّجُلِ يَنْوِي أَنْ يصلى لهم وَلَوْ لم يَجُزْ هذا لِرَجُلٍ لم يَجُزْ أَنْ ينوى إمَامَةَ رَجُلٍ أو نَفَرٍ قَلِيلٍ بِأَعْيَانِهِمْ لَا يَنْوِي إمَامَةَ غَيْرِهِمْ ويأتى قَوْمٌ كَثِيرُونَ فَيُصَلُّونَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّ كُلَّ هذا جَائِزٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى التَّوْفِيقَ - * كَرَاهِيَةُ الْإِمَامَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تعالي رَوَى صَفْوَانُ بن سُلَيْمٍ عن بن الْمُسَيِّبِ عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال يأتى قَوْمٌ فَيُصَلُّونَ لَكُمْ فَإِنْ أَتَمُّوا كان لهم وَلَكُمْ وَإِنْ نَقَصُوا كان عليهم وَلَكُمْ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ عن الْأَعْمَشِ عن أبي صَالِحٍ عن أبي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ اللَّهُمَّ فَأَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَيُشْبِهُ قَوْلُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إنْ أَتَمُّوا فَصَلُّوا في أَوَّلِ الْوَقْتِ وَجَاءُوا بِكَمَالِ الصَّلَاةِ في إطَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَالْخُشُوعِ وَالتَّسْبِيحِ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِكْمَالِ التَّشَهُّدِ وَالذِّكْرِ فيها لِأَنَّ هذه غَايَةُ التَّمَامِ وَإِنْ أَجْزَأَ أَقَلَّ منه فَلَهُمْ وَلَكُمْ وإلا فَعَلَيْهِمْ تَرْكُ الِاخْتِيَارِ بِعَمْدِ تَرْكِهِ وَلَكُمْ ما نَوَيْتُمْ منه فَتَرَكْتُمُوهُ لِاتِّبَاعِهِ بِمَا أُمِرْتُمْ بِاتِّبَاعِهِمْ في الصَّلَاةِ فِيمَا يُجْزِئُكُمْ وَإِنْ كان غَيْرُهُ أَفْضَلَ منه فَعَلَيْهِمْ التَّقْصِيرُ في تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عن أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْإِتْيَانِ بِأَقَلَّ ما يَكْفِيهِمْ من قِرَاءَةٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ دُونَ أَكْمَلِ ما يَكُونُ منها وَإِنَّمَا عَلَيْكُمْ إتباعهم فِيمَا أَجْزَأَ عَنْكُمْ وَعَلَيْهِمْ التَّقْصِيرُ من غَايَةِ الْإِتْمَامِ وَالْكَمَالِ وَيُحْتَمَلُ ضُمَنَاءُ لِمَا غَابُوا عليه من الْمُخَافَتَةِ بِالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ فَأَمَّا أَنْ يَتْرُكُوا ظَاهِرًا أَكْثَرَ الصَّلَاةِ حتى يَذْهَبَ الْوَقْتُ أو لم يَأْتُوا في الصَّلَاةِ بِمَا تَكُونُ منه الصَّلَاةُ مُجْزِئَةً فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ اتِّبَاعُهُمْ وَلَا تَرْكُ الصَّلَاةِ حتى يمضى وَقْتُهَا وَلَا صَلَاتُهَا بِمَا لَا يُجْزِئُ فيها وَعَلَى الناس أَنْ يُصَلُّوا لِأَنْفُسِهِمْ أو جَمَاعَةً مع غَيْرِ من يَصْنَعُ هذا مِمَّنْ يصلى لهم فَإِنْ قال قَائِلٌ ما دَلِيلُ ما وَصَفْت قِيلَ قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرَدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } وَيُقَالُ نَزَلَتْ في أُمَرَاءِ السَّرَايَا وَأُمِرُوا إذَا تَنَازَعُوا في شَيْءٍ وَذَلِكَ اخْتِلَافُهُمْ فيه أَنْ يَرُدُّوهُ إلَى حُكْمِ اللَّهِ عز وجل ثُمَّ حُكْمِ الرَّسُولِ فَحُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ رَسُولِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يُؤْتَى بِالصَّلَاةِ في الْوَقْتِ وَبِمَا تُجْزِئُ بِهِ وقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من أَمَرَكُمْ من الْوِلَايَةِ بِغَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ فَلَا تُطِيعُوهُ فإذا أَخَّرُوا الصَّلَاةَ حتى يَخْرُجَ وَقْتُهَا أو لم يَأْتُوا فيها بِمَا تَكُونُ بِهِ مُجْزِئَةً عن المصلى فَهَذَا من عَظِيمِ مَعَاصِي اللَّهِ الذي أَمَرَ اللَّهُ عز وجل أَنْ تُرَدَّ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَأَمَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ لَا يُطَاعَ وَالٍ فيها وَأُحِبُّ الْأَذَانَ لِقَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم اغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ وَأَكْرَهُ الْإِمَامَةَ لِلضَّمَانِ وما على الامام فيها وإذا أَمَّ رَجُلٌ انْبَغَى له أَنْ يتقى اللَّهَ عز ذِكْرُهُ وَيُؤَدِّيَ ما عليه في الْإِمَامَةِ فإذا فَعَلَ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ خَيْرًا حَالًا من غَيْرِه

(1/159)


- * ما على الْإِمَامِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُقَالُ لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ من أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ له كَارِهُونَ وَلَا صَلَاةُ امْرَأَةٍ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ عنها وَلَا عَبْدٌ آبِقٌ حتى يَرْجِعَ ولم أَحْفَظْ من وَجْهٍ يُثْبِتُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مثله وَإِنَّمَا عنى بِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ الرَّجُلُ غَيْرُ الوالى يَؤُمُّ جَمَاعَةً يَكْرَهُونَهُ فَأَكْرَهُ ذلك لِلْإِمَامِ وَلَا بَأْسَ بِهِ على الْمَأْمُومِ يعنى في هذا الْحَالِ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لم يُحْدِثْ شيئا كُرِهَ له وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ في هذه الْحَالِ مُجْزِئَةٌ وَلَا أَعْلَمُ على الْإِمَامِ إعَادَةً لِأَنَّ إسَاءَتَهُ في التَّقَدُّمِ لَا تَمْنَعُهُ من أَدَاءِ الصَّلَاةِ وَإِنْ خِفْت عليه في التَّقَدُّمِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ يَغِيبُ عنها زَوْجُهَا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ يَأْبِقُ أَخَافُ عليهم في أَفْعَالِهِمْ وَلَيْسَتْ على وَاحِدٍ منهم إعَادَةُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا في تِلْكَ الْحَالِ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَخْرُجُ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَخْرُجُ في الْمَعْصِيَةِ أَخَافُ عليه في عَمَلِهِ وإذا صلى صَلَاةً فَفَعَلَهَا في وَقْتِهَا لم أُوجِبْ عليه أَنْ يُعِيدَهَا وَلَوْ تَطَوَّعَ بِإِعَادَتِهَا إذَا تَرَكَ ما كان فيه ما كَرِهْت ذلك له وَأَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَلَّى قَوْمًا وَهُمْ له كَارِهُونَ وَإِنْ وَلِيَهُمْ وَالْأَكْثَرُ منهم لَا يَكْرَهُونَهُ وَالْأَقَلُّ منهم يَكْرَهُونَهُ لم أَكْرَهْ ذلك له إلَّا من وَجْهِ كَرَاهِيَةِ الْوِلَايَةِ جُمْلَةً وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو أَحَدٌ ولى قَلِيلًا أو كَثِيرًا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ من يَكْرَهُهُ وَإِنَّمَا النَّظَرُ في هذا إلَى الْعَامِّ الْأَكْثَرِ لَا إلَى الْخَاصِّ الْأَقَلِّ وَجُمْلَةُ هذا أنى أَكْرَهُ الْوِلَايَةَ بِكُلِّ حَالٍ فَإِنْ ولى رَجُلٌ قَوْمًا فَلَيْسَ له أَنْ يَقْبَلَ وِلَايَتَهُمْ حتى يَكُونَ مُحْتَمِلًا لِنَفْسِهِ لِلْوِلَايَةِ بِكُلِّ حَالٍ آمِنًا عِنْدَهُ على من وَلِيَهُ أَنْ يُحَابِيَهُ وَعَدُوِّهِ أَنْ يَحْمِلَ غير الْحَقِّ عليه مُتَيَقِّظًا لَا يَخْدَعُ عَفِيفًا عَمَّا صَارَ إلَيْهِ من أَمْوَالِهِمْ وَأَحْكَامِهِمْ مُؤَدِّيًا لِلْحَقِّ عليه فَإِنْ نَقَصَ وَاحِدَةٌ من هذا لم يَحِلَّ له أَنْ يلى وَلَا لِأَحَدٍ عَرَفَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ وَأُحِبُّ مع هذا أَنْ يَكُونَ حَلِيمًا على الناس وَإِنْ لم يَكُنْ فَكَانَ لَا يَبْلُغُ بِهِ غَيْظُهُ أَنْ يُجَاوِزَ حَقًّا وَلَا يَتَنَاوَلَ بَاطِلًا لم يَضُرُّهُ لِأَنَّ هذا طِبَاعٌ لَا يَمْلِكُهُ من نَفْسِهِ وَمَتَى وَلِيَ وهو كما أُحِبُّ له فَتَغَيَّرَ وَجَبَ على الْوَالِي عَزْلُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَلِيَ له وَلَوْ تولي رَجُلٌ أَمْرَ قَوْمٍ أَكْثَرُهُمْ له كَارِهُونَ لم يَكُنْ عليه في ذلك مَأْثَمٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الْوِلَايَةِ خَيْرًا له أَحَبُّوهُ أو كَرِهُوهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وروى من وَجْهٍ عن أبي أُمَامَةَ قال سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول لَا يصلى الْإِمَامُ بِقَوْمٍ فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ وَيُرْوَى عن عَطَاءِ بن أبي رَبَاحٍ مِثْلُهُ وَكَذَلِكَ أُحِبُّ للامام فَإِنْ لم يَفْعَلْ وَأَدَّى الصَّلَاةَ في الْوَقْتِ أجزأة وَأَجْزَأَهُمْ وَعَلَيْهِ نَقْصٌ في أَنْ خَصَّ نَفْسَهُ دُونَهُمْ أو يَدَعَ الْمُحَافَظَةَ على الصَّلَاةِ في أَوَّلِ الْوَقْتِ بِكَمَالِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ - * من أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ له كَارِهُونَ - *

(1/160)


- * ما على الْإِمَامِ من التَّخْفِيفِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا كان أحدكم يصلى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فإن فِيهِمْ السَّقِيمَ وَالضَّعِيفَ فإذا كان يصلى لِنَفْسِهِ فَلْيُطِلْ ما شَاءَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ للامام أَنْ يُخَفِّفَ الصَّلَاةَ وَيُكْمِلَهَا كما وَصَفَ أَنَسٌ وَمَنْ حَدَّثَ معه وَتَخْفِيفُهَا وَإِكْمَالُهَا مَكْتُوبٌ في كِتَابِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ في غَيْرِ هذا الْمَوْضِعِ وَإِنْ عَجَّلَ الْإِمَامُ عَمَّا أَحْبَبْت من تَمَامِ الْإِكْمَالِ من التَّثْقِيلِ كَرِهْت ذلك له وَلَا إعَادَةَ عليه وَلَا على من خَلْفَهُ إذَا جاء بِأَقَلِّ ما عليه في الصَّلَاةِ - * بَابُ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَلَيْسَ في التَّرَاجِمِ - * وَفِيهِ ما يَتَعَلَّقُ بِتَقْدِيمِ قُرَيْشٍ وَفَضْلُ الْأَنْصَارِ وَالْإِشَارَةُ إلَى الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا محمد بن إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قال حدثني بن أبي فُدَيْكٍ عن بن أبي ذِئْبٍ عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا وَتَعَلَّمُوا منها وَلَا تُعَالِمُوهَا أو تُعَلِّمُوهَا الشَّكُّ من بن أبي فُدَيْكٍ
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا بن أبي فُدَيْكٍ عن بن أبي ذِئْبٍ عن حَكِيمِ بن أبي حَكِيمٍ أَنَّهُ سمع عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ وبن شِهَابٍ يَقُولَانِ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من أَهَانَ قُرَيْشًا أَهَانَهُ اللَّهُ
أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بن أبي فُدَيْكٍ عن بن أبي ذِئْبٍ عن الحرث بن عبد الرحمن أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَوْلَا أَنْ تَبْطَرَ قُرَيْشٌ لَأَخْبَرْتهَا بِاَلَّذِي لها عِنْدَ اللَّهِ عز وجل ( ( ( جل ) ) )
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن أبي فُدَيْكٍ عن بن أبي ذِئْبٍ عن
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وروى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال كان أَخَفَّ الناس صَلَاةً على الناس وَأَطْوَلَ الناس صَلَاةً لِنَفْسِهِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَوَى شَرِيكُ بن عبد اللَّهِ بن أبي نَمِرٍ وَعَمْرُو بن أبي عَمْرٍو عن الْعَلَاءِ بن عبد الرحمن عن أَنَسِ بن مَالِكٍ قال ما صَلَّيْت خَلْفَ أَحَدٍ قَطُّ أَخَفَّ وَلَا أَتَمَّ صَلَاةً من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم

(1/161)


شَرِيكِ بن عبد اللَّهِ بن أبي نَمِرٍ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِقُرَيْشٍ أَنْتُمْ أَوْلَى الناس بهذا الْأَمْرِ ما كُنْتُمْ مع الْحَقِّ إلَّا أَنْ تَعْدِلُوا فَتَلْحُونَ كما تُلْحَى هذه الْجَرِيدَةُ يُشِيرُ إلَى جَرِيدَةٍ في يَدِهِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا يحيى بن سُلَيْمِ بن عبد اللَّهِ بن عُثْمَانَ بن خَيْثَمٍ عن إسْمَاعِيلَ بن عُبَيْدِ بن رِفَاعَةَ الْأَنْصَارِيِّ عن أبيه عن جَدِّهِ رِفَاعَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نَادَى أَيُّهَا الناس إنَّ قُرَيْشًا أَهْلُ إمَامَةٍ من بَغَاهَا الْعَوَاثِيرَ أَكَبَّهُ اللَّهُ لِمَنْخَرَيْهِ يَقُولُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
حدثنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرني عبد الْعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عن يَزِيدَ بن عبد اللَّهِ بن أُسَامَةَ بن الْهَادِ عن مُحَمَّدِ بن إبْرَاهِيمَ بن الحرث التَّيْمِيِّ أَنَّ قَتَادَةَ بن النُّعْمَانِ وَقَعَ بِقُرَيْشٍ فَكَأَنَّهُ نَالَ منهم فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مَهْلًا يا قَتَادَةُ لَا تَشْتُمْ قُرَيْشًا فَإِنَّك لَعَلَّك تَرَى منها رِجَالًا أو يأتى منها رِجَالٌ تَحْتَقِرُ عَمَلَك مع أَعْمَالِهِمْ وَفِعْلَك مع أَفْعَالِهِمْ وَتَغْبِطُهُمْ إذَا رَأَيْتهمْ لَوْلَا أَنْ تَطْغَى قُرَيْشٌ لَأَخْبَرْتهَا بِاَلَّذِي لها عِنْدَ اللَّهِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرني مُسْلِمُ بن خَالِدٍ عن بن أبي ذِئْبٍ بِإِسْنَادٍ لَا أَحْفَظُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال في قُرَيْشٍ شيئا من الْخَيْرِ لَا أَحْفَظُهُ وقال شِرَارُ قُرَيْشٍ خِيَارُ شِرَارِ الناس
أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم تَجِدُونَ الناس مَعَادِنَ فَخِيَارُهُمْ في الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الْإِسْلَامِ إذَا فَقِهُوا
أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ قال أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَلْيَنُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ
حدثنا الشَّافِعِيُّ قال حدثني عَمِّي محمد بن الْعَبَّاسِ عن الْحَسَنِ بن الْقَاسِمِ الْأَزْرَقِيِّ قال وَقَفَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على ثَنِيَّةِ تَبُوكَ فقال ما هَا هُنَا شَامٌ وَأَشَارَ بيده إلَى جِهَةِ الشَّامِ وما هَا هُنَا يَمَنٌ وَأَشَارَ بيده إلَى جِهَةِ الْمَدِينَةِ
حدثنا الشَّافِعِيُّ قال حدثنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ قال جاء الطُّفَيْلُ بن عَمْرٍو الدوسي ( ( ( والدوسي ) ) ) إلَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ دَوْسًا قد عَصَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عليها فَاسْتَقْبَلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فقال الناس هَلَكَتْ دَوْسٌ فقال اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وات بِهِمْ
حدثنا الشَّافِعِيُّ قال حدثنا عبد الْعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عن مُحَمَّدِ بن عَمْرِو بن عَلْقَمَةَ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْت أمرءا من الْأَنْصَارِ وَلَوْ أَنَّ الناس سَلَكُوا وَادِيًا أو شِعْبًا لَسَلَكْت وَادِيَ الأنصارى ( ( ( الأنصار ) ) ) أو شِعْبَهُمْ
حدثنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبد الْكَرِيمِ بن مُحَمَّدٍ الْجُرْجَانِيِّ قال حدثني بن الْغَسِيلِ عن رَجُلٍ سَمَّاهُ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَرَجَ في مَرَضِهِ فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه ثُمَّ قال إنَّ الْأَنْصَارَ قد قَضَوْا الذي عليهم وبقى الذي عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا من مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عن مُسِيئِهِمْ وقال غَيْرُهُ عن الْحَسَنِ ما لم يَكُنْ فيه حَدٌّ وقال الْجُرْجَانِيِّ في حَدِيثِهِ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَلِأَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ وَلِأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ وقال في حَدِيثِهِ إنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم حين خَرَجَ بَهَشَ إلَيْهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ من الْأَنْصَارِ فَرَقَّ لهم ثُمَّ خَطَبَ وقال هذه الْمَقَالَةَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قال ما وَجَدْت أنا لِهَذَا الْحَيِّ من الْأَنْصَارِ مَثَلًا إلَّا ما قال الطُّفَيْلُ الْغَنَوِيُّ
____________________

(1/162)


% أَبَوْا أَنْ يَمَلُّونَا وَلَوْ أَنَّ أُمَّنَا % تلاقى الذي يَلْقُونَ مِنَّا لَمَلَّتْ % % هُمْ خَلَطُونَا بِالنُّفُوسِ وَأَلْجَئُوا % إلَى حُجُرَاتٍ أَدْفَأَتْ وَأَظَلَّتْ % % جَزَى اللَّهُ عَنَّا جَعْفَرًا حين أُزْلِقَتْ % بِنَا بَعْلُنَا في الْوَاطِئِينَ وَزَلَّتْ % قال الرَّبِيعُ هذا الْبَيْتُ الْأَخِيرُ ليس في الحديث
حدثنا الشَّافِعِيُّ قال حدثنا عبد الْكَرِيمِ بن مُحَمَّدٍ الْجُرْجَانِيِّ عن الْمَسْعُودِيِّ عن الْقَاسِمِ بن عبد الرحمن أَنَّهُ قال ما من الْمُهَاجِرِينَ أَحَدٌ إلَّا وَلِلْأَنْصَارِ عليه مِنَّةٌ أَلَمْ يُوَسِّعُوا في الدِّيَارِ وَيُشَاطِرُوا في الثِّمَارِ وَآثَرُوا على أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كان بِهِمْ خَصَاصَةٌ
أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال حدثنا عبد الْعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ عن مُحَمَّدِ بن عَمْرِو بن عَلْقَمَةَ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال بَيْنَا أنا أَنْزِعُ على بِئْرٍ أستقى (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) قَوْلُهُ وفي نَزْعِهِ ضَعْفٌ يعنى قِصَرَ مُدَّتِهِ وَعَجَلَةَ مَوْتِهِ وَشَغْلَهُ بِالْحَرْبِ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ عن الِافْتِتَاحِ وَالتَّزَيُّدِ الذي بَلَغَهُ عُمَرُ في طُولِ مُدَّتِهِ وَقَوْلُهُ في عُمَرَ فَاسْتَحَالَتْ في يَدِهِ غَرْبًا وَالْغَرْبُ الدَّلْوُ الْعَظِيمُ الذي إنَّمَا تَنْزِعُهُ الدَّابَّةُ أو الزُّرْنُوقُ وَلَا يَنْزِعُهُ الرَّجُلُ بيده لِطُولِ مُدَّتِهِ وَتَزَيُّدِهِ في الْإِسْلَامِ لم يَزَلْ يُعَظِّمُ أَمْرَهُ وَمُنَاصَحَتُهُ لِلْمُسْلِمِينَ كما يُمْتَحُ الدَّلْوُ الْعَظِيمُ
أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن أبيه عن مُحَمَّدِ بن جُبَيْرٍ بن مُطْعِمٍ عن أبيه أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَسَأَلَتْهُ عن شَيْءٍ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ فقالت يا رَسُولَ اللَّهِ إنْ رَجَعْت لم أَجِدْك كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ قال فأتى أَبَا بَكْرٍ أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال حدثنا يحيى بن سُلَيْمٍ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عن عبد اللَّهِ بن جَعْفَرِ بن أبي طَالِبٍ قال وَلِيَنَا أبو بَكْرٍ خَيْرُ خَلِيفَةِ اللَّهِ أَرْحَمُهُ وَأَحْنَاهُ عليه - * صَلَاةُ الْمُسَافِرِ يَؤُمُّ الْمُقِيمِينَ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الثِّقَةُ عن مَعْمَرٍ عن الزُّهْرِيِّ عن سَالِمٍ عن أبيه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وأبو بَكْرٍ وَعُمَرُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن أبيه عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ مثله + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا أُحِبُّ للامام أَنْ يصلى مُسَافِرًا أو مُقِيمًا وَلَا يُوَكِّلَ غَيْرَهُ وَيَأْمُرَ من وَرَاءَهُ من الْمُقِيمِينَ أَنْ يُتِمُّوا إلَّا أَنْ يَكُونُوا قد فَقِهُوا فيكتفى بِفِقْهِهِمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وإذا اجْتَمَعَ مُسَافِرُونَ وَمُقِيمُونَ فَإِنْ كان الْوَالِي من أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ صلى بِهِمْ مُسَافِرًا كان أو مُقِيمًا وَإِنْ كان مُقِيمًا فَأَقَامَ غَيْرَهُ فَصَلَّى بِهِمْ فَأَحَبُّ إلي أَنْ يَأْمُرَ مُقِيمًا وَلَا يولى الْإِمَامَةَ إلَّا من ليس له أَنْ يَقْصُرَ فَإِنْ أَمَرَ مُسَافِرًا كَرِهْت ذلك له إذَا كان يصلى خَلْفَهُ مُقِيمٌ ويبنى الْمُقِيمُ على صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَلَا إعَادَةَ عليه فَإِنْ لم يَكُنْ فِيهِمْ وَالٍ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَؤُمَّهُمْ الْمُقِيمُ لِتَكُونَ صَلَاتُهُمْ كُلُّهَا بِإِمَامٍ وَيُؤَخَّرَ الْمُسَافِرُونَ عن الْجَمَاعَةِ وَإِكْمَالِ عَدَدِ الصَّلَاةِ فَإِنْ قَدَّمُوا مُسَافِرًا فَأَمَّهُمْ أَجْزَأَ عَنْهُمْ وَبَنَى الْمُقِيمُونَ على صَلَاةِ الْمُسَافِرِ إذَا قَصَرَ وَإِنْ أَتَمَّ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ أَمَّ الْمُسَافِرُ الْمُقِيمِينَ فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْهُ وَأَجْزَأَتْ من خَلْفَهُ من الْمُقِيمِينَ وَالْمُسَافِرِينَ صَلَاتُهُمْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) يَعْنِي في النَّوْمِ وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَجَاءَ بن أبي قُحَافَةَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أو ذَنُوبَيْنِ وَفِيهِمَا ضَعْفٌ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ له ثُمَّ جاء عُمَرُ بن الْخَطَّابِ فَنَزَعَ حتى اسْتَحَالَتْ في يَدِهِ غَرْبًا فَضَرَبَ الناس بِعَطَنٍ فلم أَرَ عَبْقَرِيًّا يفرى فَرِيَّهُ وزاد مُسْلِمُ بن خَالِدٍ فَأَرْوَى الظِّمْأَةُ وَضَرَبَ الناس بِعَطَنٍ

(1/163)


- * صَلَاةُ الرَّجُلِ بِالْقَوْمِ لَا يَعْرِفُونَهُ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ ذُكُورٍ فَصَلَاةُ النِّسَاءِ مُجْزِئَةٌ وَصَلَاةُ الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ الذُّكُورِ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَلَ الرِّجَالَ قَوَّامِينَ على النِّسَاءِ وَقَصَرَهُنَّ عن أَنْ يَكُنَّ أَوْلِيَاءَ وَغَيْرَ ذلك وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ إمَامَ رَجُلٍ في صَلَاةٍ بِحَالٍ أَبَدًا وَهَكَذَا لو كان مِمَّنْ صلى مع الْمَرْأَةِ خُنْثَى مُشْكِلٌ لم تَجْزِهِ صَلَاتُهُ مَعَهَا وَلَوْ صلى مَعَهَا خُنْثَى مُشْكِلٌ ولم يَقْضِ صَلَاتَهُ حتى بَانَ أَنَّهُ امْرَأَةٌ أَحْبَبْت له أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ وَحَسِبْت أَنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لم يَكُنْ حين صلى مَعَهَا مِمَّنْ يَجُوزُ له أَنْ يَأْتَمَّ بها - * إمَامَةُ الْمَرْأَةِ وَمَوْقِفُهَا في الْإِمَامَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا سُفْيَانُ عن عَمَّارٍ الدهنى عن امْرَأَةٍ من قَوْمِهِ يُقَالُ لها حُجَيْرَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَمَّتْهُنَّ فَقَامَتْ وَسَطًا
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَوَى اللَّيْثُ عن عَطَاءٍ عن عَائِشَةَ أنها صَلَّتْ بِنِسْوَةٍ الْعَصْرَ فَقَامَتْ في وَسَطِهِنَّ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن صَفْوَانَ قال إنَّ من السُّنَّةِ أَنْ تصلى الْمَرْأَةُ بِالنِّسَاءِ تَقُومُ في وَسَطِهِنَّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وكان على بن الْحُسَيْنِ يَأْمُرُ جَارِيَةً له تَقُومُ بِأَهْلِهِ في شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانَتْ عَمْرَةُ تَأْمُرُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَقُومَ لِلنِّسَاءِ في شَهْرِ رَمَضَانَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَتَؤُمُّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ في الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِهَا وَآمُرُهَا أَنْ تَقُومَ في وَسَطِ الصَّفِّ وَإِنْ كان مَعَهَا نِسَاءٌ كَثِيرٌ أَمَرْت أَنْ يَقُومَ الصَّفُّ الثَّانِي خَلْفَ صَفِّهَا وَكَذَلِكَ الصُّفُوفُ وَتَصُفُّهُنَّ صُفُوفَ الرِّجَالِ إذَا كَثُرْنَ لَا يُخَالِفْنَ الرِّجَالَ في شَيْءٍ من صُفُوفِهِنَّ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْمَرْأَةُ وَسَطًا وَتَخْفِضَ صَوْتَهَا بِالتَّكْبِيرِ وَالذِّكْرِ الذي يُجْهَرُ بِهِ في الصَّلَاةِ من الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ قَامَتْ الْمَرْأَةُ أَمَامَ النِّسَاءِ فَصَلَاتُهَا وَصَلَاةُ من خَلْفَهَا مُجْزِئَةٌ عَنْهُنَّ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَؤُمَّ النِّسَاءَ مِنْهُنَّ إلَّا حُرَّةٌ لِأَنَّهَا تصلى مُتَقَنِّعَةً فَإِنْ أَمَّتْ أَمَةٌ مُتَقَنِّعَةٌ أو مَكْشُوفَةُ الرَّأْسِ حَرَائِرَ فَصَلَاتُهَا وَصَلَاتُهُنَّ مُجْزِئَةٌ لِأَنَّ هذا فَرْضُهَا وَهَذَا فَرْضُهُنَّ وَإِمَامَةُ الْقَاعِدِ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامٌ أَكْثَرُ من إمَامَةِ أَمَةٍ مَكْشُوفَةِ الرَّأْسِ وَحَرَائِرَ مُتَقَنِّعَاتٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا في سَفَرٍ أو حَضَرٍ أو غَيْرِهِ ائْتَمُّوا بِرَجُلٍ لَا يَعْرِفُونَهُ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْ عَنْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ شَكُّوا أَمُسْلِمٌ هو أو غَيْرُ مُسْلِمٍ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وهو إذَا أَقَامَ الصَّلَاةَ إمَامٌ مُسْلِمٌ في الظَّاهِرِ حتى يَعْلَمُوا أَنَّهُ ليس بِمُسْلِمٍ وَلَوْ عَرَفُوهُ بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ وَكَانُوا مِمَّنْ يَعْرِفُونَهُ الْمَعْرِفَةَ الذي الْأَغْلَبُ عليهم أَنَّ إسْلَامَهُ لَا يَخْفَى عليهم وَلَوْ أَسْلَمَ فَصَلَّى فَصَلُّوا وَرَاءَهُ في مَسْجِدٍ جَمَاعَةً أو صَحْرَاءَ لم تُجْزِئْهُمْ صَلَاتُهُمْ معه إلَّا أَنْ يَسْأَلُوهُ فَيَقُولَ أَسْلَمْت قبل الصَّلَاةِ أو يُعْلِمَهُمْ من يُصَدِّقُونَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ قبل الصَّلَاةِ وإذا أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ أَسْلَمَ قبل الصَّلَاةِ فَصَلَاتُهُمْ مجزئه عَنْهُمْ وَلَوْ صَلُّوا معه على عِلْمِهِمْ بشركة ولم يَعْلَمُوا إسْلَامَهُ قبل الصَّلَاةِ ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَهَا لم تَجْزِهِمْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُمْ لم يَكُنْ لهم الإئتمام بِهِ على مَعْرِفَتِهِمْ بِكُفْرِهِ وَإِنْ لم يَعْلَمُوا إسْلَامَهُ قبل ائْتِمَامِهِمْ بِهِ وإذا صَلُّوا مع رَجُلٍ صَلَاةً كَثِيرَةً ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ أو عَلِمُوا من غَيْرِهِ أَعَادُوا كُلَّ صَلَاةٍ صَلُّوهَا خَلْفَهُ وَكَذَلِكَ لو أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ عن الْإِسْلَامِ وَصَلُّوا معه في رِدَّتِهِ قبل أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْإِسْلَامِ أَعَادُوا كُلَّ صَلَاةٍ صَلُّوهَا معه - * إمَامَةُ الْمَرْأَةِ لِلرِّجَالِ - *

(1/164)


- * إمَامَةُ الْأَعْمَى - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن مَحْمُودِ بن الرَّبِيعِ أَنَّ عِتْبَانَ بن مَالِكٍ كان يَؤُمُّ قَوْمَهُ وهو أَعْمَى وَأَنَّهُ قال لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ وَالْمَطَرُ وَالسَّيْلُ وأنا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ فَصَلِّ يا رَسُولَ اللَّهِ في بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلَّى قال فَجَاءَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ نصلى فَأَشَارَ له إلَى مَكَان من الْبَيْتِ فَصَلَّى فيه رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدِ بن إبْرَاهِيمَ عن بن شِهَابٍ عن مَحْمُودِ بن الرَّبِيعِ أَنَّ عِتْبَانَ بن مَالِكٍ كان يَؤُمُّ قَوْمَهُ وهو أَعْمَى (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ إمَامَةَ الْأَعْمَى وَالْأَعْمَى إذَا سَدَّدَ إلي الْقِبْلَةِ إلى كان أَحْرَى أَنْ لَا يَلْهُوَ بِشَيْءٍ تَرَاهُ عَيْنَاهُ وَمَنْ أَمَّ صَحِيحًا كان أو أَعْمَى فَأَقَامَ الصَّلَوَاتِ أَجْزَأَتْ صَلَاتُهُ وَلَا أَخْتَارُ إمَامَةَ الْأَعْمَى على الصَّحِيحِ لِأَنَّ أَكْثَرَ من جَعَلَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إمَامًا بَصِيرًا وَلَا إمَامَةَ الصَّحِيحِ على الْأَعْمَى لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَجِدُ عَدَدًا من الْأَصِحَّاءِ يَأْمُرُهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَكْثَرَ من عَدَدِ من أَمَرَ بها من الْعُمْيِ - * إمَامَةُ الْعَبْدِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ قال أخبرني عبد اللَّهِ بن عُبَيْدِ اللَّهِ بن أبي مُلَيْكَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْتُونَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِأَعْلَى الْوَادِي هو وَعُبَيْدُ بن عُمَيْرٍ وَالْمِسْوَرُ بن مَخْرَمَةَ وَنَاسٌ كَثِيرٌ فَيَؤُمُّهُمْ أبو عَمْرٍو مولى عَائِشَةَ وأبو عَمْرٍو غُلَامُهَا حِينَئِذٍ لم يَعْتِقْ قال وكان إمَامَ بَنِي مُحَمَّدِ بن أبي بَكْرٍ وَعُرْوَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالِاخْتِيَارُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَمِعْت عَدَدًا من أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْكُرُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَسْتَخْلِفُ بن أُمِّ مَكْتُومٍ وهو أَعْمَى فيصلى بِالنَّاسِ في عَدَدِ غَزَوَاتٍ له

(1/165)


أَنْ يُقَدَّمَ أَهْلُ الْفَضْلِ في الْإِمَامَةِ على ما وَصَفْت وَأَنْ يُقَدَّمَ الْأَحْرَارُ على الْمَمَالِيكِ وَلَيْسَ بِضِيقٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمَمْلُوكُ الْأَحْرَارَ إمَامًا في مَسْجِدٍ جَمَاعَةً وَلَا في طَرِيقٍ وَلَا في مَنْزِلٍ وَلَا في جُمُعَةٍ وَلَا عِيدٍ وَلَا غَيْرِهِ من الصَّلَوَاتِ فَإِنْ قال قَائِلٌ كَيْفَ يَؤُمُّ في الْجُمُعَةِ وَلَيْسَتْ عليه قِيلَ لَيْسَتْ عليه على مَعْنَى ما ذَهَبْت إلَيْهِ إنَّمَا لَيْسَتْ عليه بِضِيقٍ عليه أَنْ يَتَخَلَّفَ عنها كما ليس بِضِيقٍ على خَائِفٍ وَلَا مُسَافِرٍ وَأَيُّ هَؤُلَاءِ صلى الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْ عنه وَبَيَّنَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من هَؤُلَاءِ إذَا كان إذَا حَضَرَ أَجْزَأَتْ عنه وَهِيَ رَكْعَتَا الظُّهْرِ التي هِيَ أَرْبَعٌ فَصَلَّاهَا بِأَهْلِهَا أَجْزَأَتْ عنه وَعَنْهُمْ - * إمَامَةُ الْأَعْجَمِيِّ - *
أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ قال أخبرنا عَطَاءٌ قال سَمِعْت عُبَيْدَ بن عُمَيْرٍ يقول اجْتَمَعَتْ جَمَاعَةٌ فِيمَا حَوْلَ مَكَّةَ قال حَسِبْت أَنَّهُ قال في أَعْلَى الْوَادِي هَا هُنَا وفي الْحَجِّ قال فَحَانَتْ الصَّلَاةُ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ من آلِ أبي السَّائِبِ أَعْجَمِيُّ اللِّسَانِ قال فَأَخَّرَهُ الْمِسْوَرُ بن مَخْرَمَةَ وَقَدَّمَ غَيْرَهُ فَبَلَغَ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ فلم يَعْرِفْهُ بِشَيْءٍ حتى جاء الْمَدِينَةَ فلما جاء الْمَدِينَةَ عَرَّفَهُ بِذَلِكَ فقال الْمِسْوَرُ أَنْظِرْنِي يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أن الرَّجُلَ كان أَعْجَمِيَّ اللِّسَانِ وكان في الْحَجِّ فَخَشِيت أَنْ يَسْمَعَ بَعْضُ الْحَاجِّ قِرَاءَتَهُ فَيَأْخُذَ بِعُجْمَتِهِ فقال هُنَالِكَ ذَهَبْت بها فَقُلْت نعم فقال قد أَصَبْت (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَكْرَهُ أَنْ يُنَصَّبَ من لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ إمَامًا لِأَنَّ الْإِمَامَةَ مَوْضِعُ فَضْلٍ وَتَجْزِي من صلى خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ وَتَجْزِيهِ إنْ فَعَلَ وَكَذَلِكَ أَكْرَهُ إمَامَةَ الْفَاسِقِ وَالْمُظْهِرِ الْبِدَعَ وَمَنْ صلى خَلْفَ وَاحِدٍ منهم أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ ولم تَكُنْ عليه إعَادَةٌ إذَا أَقَامَ الصَّلَاةَ - * إمَامَةُ الصَّبِيِّ لم يَبْلُغْ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَمَّ الْغُلَامُ الذي لم يَبْلُغْ الذي يَعْقِلُ الصَّلَاةَ وَيَقْرَأُ الرِّجَالَ الْبَالِغِينَ فإذا أَقَامَ الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْهُمْ إمَامَتُهُ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يَؤُمَّ إلَّا بَالِغٌ وَأَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ الْبَالِغُ عَالِمًا بِمَا لَعَلَّهُ يَعْرِضُ له في الصَّلَاةِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ ما صَنَعَ الْمِسْوَرُ وَأَقَرَّ له عُمَرُ من تَأْخِيرِ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَؤُمَّ وَلَيْسَ بِوَالٍ وَتَقْدِيمِ غَيْرِهِ إذَا كان الْإِمَامُ أَعْجَمِيًّا وَكَذَلِكَ إذَا كان غير رَضِيٍّ في دِينِهِ وَلَا عَالِمٍ بِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ وَأُحِبُّ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ أَحَدٌ حتى يَكُونَ حَافِظًا لِمَا يَقْرَأُ فَصِيحًا بِهِ وَأَكْرَهُ إمَامَةَ من يَلْحَنُ لِأَنَّهُ قد يُحِيلُ بِاللَّحْنِ الْمَعْنَى فَإِنْ أَمَّ أَعْجَمِيٌّ أو لَحَّانٌ فَأَفْصَحَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أو لَحَنَ فيها لَحْنًا لَا يُحِيلُ مَعْنَى شَيْءٍ منها أَجْزَأَتْهُ وَأَجْزَأَتْهُمْ وَإِنْ لَحَنَ فيها لَحْنًا يُحِيلُ مَعْنَى شَيْءٍ منها لم تَجْزِ من خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ وَأَجْزَأَتْهُ إذَا لم يُحْسِنْ غَيْرَهُ كما يَجْزِيه أَنْ يصلى بِلَا قِرَاءَةٍ إذَا لم يُحْسِنْ الْقِرَاءَةَ وَمِثْلُ هذا إنْ لَفَظَ منها بِشَيْءٍ بِالْأَعْجَمِيَّةِ وهو لَا يُحْسِنُ غَيْرَهُ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ ولم تُجْزِ من خَلْفَهُ قرؤوا ( ( ( قرءوا ) ) ) معه أو لم يَقْرَءُوا وإذا ائْتَمُّوا بِهِ فَإِنْ أَقَامَا مَعًا أُمَّ الْقُرْآنِ أو لَحَنَا أو نَطَقَ أَحَدُهُمَا بِالْأَعْجَمِيَّةِ أو لِسَانٍ أَعْجَمِيٍّ في شَيْءٍ من الْقُرْآنِ غَيْرِهَا أَجْزَأَتْهُ وَمَنْ خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ إذَا كان أَرَادَ الْقِرَاءَةَ لِمَا نَطَقَ بِهِ من عُجْمَةٍ وَلَحْنٍ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ كَلَامًا غير الْقِرَاءَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فَإِنْ ائْتَمُّوا بِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ خَرَجُوا من صَلَاتِهِ حين فَسَدَتْ فَقَدَّمُوا غَيْرَهُ أو صَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ فُرَادَى أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ - * إمَامَةُ وَلَدِ الزنى - *
أخبرنا مَالِكٌ عن يحيى بن سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا كان يَؤُمُّ نَاسًا بِالْعَقِيقِ فَنَهَاهُ عُمَرُ بن عبد الْعَزِيزِ وَإِنَّمَا نَهَاهُ لِأَنَّهُ كان لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ

(1/166)


- * إمَامَةُ من لَا يُحْسِنُ يَقْرَأُ وَيَزِيدُ في الْقُرْآنِ - * ( قال ) وإذا أَمَّ الْأُمِّيُّ أو من لَا يُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَإِنْ أَحْسَنَ غَيْرَهَا من الْقُرْآنِ ولم يُحْسِنْ أُمَّ الْقُرْآنِ لم يَجْزِ الذي يُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ صَلَاتُهُ معه وَإِنْ أَمَّ من لَا يُحْسِنُ أَنْ يَقْرَأَ أَجْزَأَتْ من لَا يُحْسِنُ يَقْرَأُ صَلَاتُهُ معه وَإِنْ كان الْإِمَامُ لَا يُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَيُحْسِنُ سَبْعَ آيَاتٍ أو ثَمَانِ آيَاتٍ وَمَنْ خَلْفَهُ لَا يُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَيُحْسِنُ من الْقُرْآنِ شيئا أَكْثَرَ مِمَّا يُحْسِنُ الْإِمَامُ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ معه لِأَنَّ كُلًّا لَا يُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَالْإِمَامُ يُحْسِنُ ما يَجْزِيهِ في صَلَاتِهِ إذَا لم يُحْسِنْ أُمَّ الْقُرْآنِ وَإِنْ أَمَّ رَجُلٌ قَوْمًا يقرؤون ( ( ( يقرءون ) ) ) فَلَا يَدْرُونَ أَيُحْسِنُ يَقْرَأُ أَمْ لَا فإذا هو لَا يُحْسِنُ يَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَيَتَكَلَّمُ بِسَجَاعَةٍ في الْقُرْآنِ لم تُجْزِئْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَابْتَدَءُوا الصَّلَاةَ وَعَلَيْهِمْ إذَا سَجَعَ ما ليس من الْقُرْآنِ أَنْ يَخْرُجُوا من الصَّلَاةِ خَلْفَهُ وَإِنَّمَا جَعَلْت ذلك عليهم وَأَنْ يَبْتَدِئُوا صَلَاتَهُمْ أَنَّهُ ليس يُحْسِنُ الْقُرْآنَ وَإِنَّ سَجَاعَتَهُ كَالدَّلِيلِ الظَّاهِرِ على انه لَا يُحْسِنُ يَقْرَأُ فلم يَكُنْ لهم أَنْ يَكُونُوا في شَيْءٍ من الصَّلَاةِ معه وَلَوْ عَلِمُوا أَنَّهُ يُحْسِنُ يَقْرَأُ فَابْتَدَءُوا الصَّلَاةَ معه ثُمَّ سَجَعَ أَحْبَبْت لهم أَنْ يَخْرُجُوا من إمَامَتِهِ وَيَبْتَدِئُوا الصَّلَاةَ فَإِنْ لم يَفْعَلُوا أو خَرَجُوا حين سَجَعَ من صَلَاتِهِ فَصَلُّوا لِأَنْفُسِهِمْ أو قَدَّمُوا غَيْرَهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُمْ كما تُجْزِئُ عَنْهُمْ لو صَلُّوا خَلْفَ من يُحْسِنُ يَقْرَأُ فَأَفْسَدَ صَلَاتَهُ بِكَلَامٍ عَمْدٍ أو عَمَلٍ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ بِإِفْسَادِ صَلَاتِهِ إذَا كان لهم على الِابْتِدَاءِ أَنْ يُصَلُّوا معه وإذا صلى لهم من لَا يَدْرُونَ يُحْسِنُ يَقْرَأُ أَمْ لَا صَلَاةً لَا يَجْهَرُ فيها أَحْبَبْت لهم أَنْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا وَلَا يَجِبُ ذلك عليهم عِنْدِي لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ أَحَدًا من الْمُسْلِمِينَ لَا يَتَقَدَّمُ قَوْمًا في صَلَاةٍ إلَّا مُحْسِنًا لِمَا تجزيه ( ( ( تجزئه ) ) ) بِهِ الصَّلَاةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وإذا أَمَّهُمْ في صَلَاةٍ يُجْهَرُ فيها فلم يَقْرَأْ أَعَادُوا الصَّلَاةَ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ قال قد قَرَأْت في نَفْسِي فَإِنْ كَانُوا لَا يَعْلَمُونَهُ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ أَحْبَبْت لهم أَنْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ لِأَنَّهُمْ لم يَعْلَمُوا أَنَّهُ يُحْسِنُ يَقْرَأُ ولم يَقْرَأْ قِرَاءَةً يَسْمَعُونَهَا - * إمَامَةُ الْجُنُبِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن إسْمَاعِيلَ بن أبي حَكِيمٍ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَبَّرَ في صَلَاةٍ من الصَّلَوَاتِ ثُمَّ أَشَارَ أَنْ اُمْكُثُوا ثُمَّ رَجَعَ وَعَلَى جِلْدِهِ أَثَرُ الْمَاءِ
أخبرنا الثِّقَةُ عن أُسَامَةَ بن زَيْدٍ عن عبد اللَّهِ بن يَزِيدَ مولى الْأَسْوَدِ بن سُفْيَانَ عن مُحَمَّدِ بن عبد الرحمن بن ثَوْبَانَ عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَ مَعْنَاهُ
أخبرنا الثِّقَةُ عن بن عَوْنٍ عن مُحَمَّدِ بن سِيرِينَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نَحْوُهُ وقال إنِّي كُنْت جُنُبًا فَنَسِيت
أخبرنا الثِّقَةُ عن حَمَّادِ بن سَلَمَةَ عن زِيَادٍ الْأَعْلَمِ عن الْحَسَنِ عن أبي بَكْرَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نَحْوُهُ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَهَذَا يُشْبِهُ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الناس إنَّمَا كُلِّفُوا في غَيْرِهِمْ الْأَغْلَبَ فِيمَا يَظْهَرُ لهم وَأَنَّ مُسْلِمًا لَا يصلى إلَّا على طَهَارَةٍ فَمَنْ صلى خَلْفَ رَجُلٍ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ كان جُنُبًا أو على غَيْرِ وُضُوءٍ وَإِنْ كانت امْرَأَةٌ أَمَّتْ نِسَاءً ثُمَّ عَلِمْنَ أنها كانت حَائِضًا أَجْزَأَتْ الْمَأْمُومِينَ من الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ صَلَاتُهُمْ وَأَعَادَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ وَلَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُونَ من قَبْلِ أَنْ يَدْخُلُوا في صَلَاتِهِ أَنَّهُ على غَيْرِ وُضُوءٍ ثُمَّ صَلَّوْا معه لم تَجْزِهِمْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُمْ صَلَّوْا بِصَلَاةِ من لَا تَجُوزُ له الصَّلَاةُ عَالِمِينَ وَلَوْ دَخَلُوا معه في الصَّلَاةِ غير عَالِمِينَ أَنَّهُ على غَيْرِ طَهَارَةٍ وَعَلِمُوا قبل أَنْ يُكْمِلُوا الصَّلَاةَ أَنَّهُ على غَيْرِ طَهَارَةٍ كان عليهم أَنْ يُتِمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ وَيَنْوُونَ الْخُرُوجَ من إمَامَتِهِ مع عِلْمِهِمْ فَتَجُوزُ صَلَاتُهُمْ فَإِنْ لم يَفْعَلُوا فَأَقَامُوا مُؤْتَمِّينَ بِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ أو غير نَاوِينَ الْخُرُوجَ من إمَامَتِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ وكان عليهم اسْتِئْنَافُهَا لِأَنَّهُم

(1/167)


قد ائْتَمُّوا بِصَلَاةِ من لَا تَجُوزُ لهم الصَّلَاةُ خَلْفَهُ عَالِمِينَ وإذا اخْتَلَفَ عِلْمُهُمْ فَعَلِمَتْ طَائِفَةٌ وَطَائِفَةٌ لم تَعْلَمْ فَصَلَاةُ الَّذِينَ لم يَعْلَمُوا أَنَّهُ على غَيْرِ طَهَارَةٍ جَائِزَةٌ وَصَلَاةُ الَّذِينَ عَلِمُوا أَنَّهُ على غَيْرِ طَهَارَةٍ فَأَقَامُوا مُؤْتَمِّينَ بِهِ غَيْرُ جائزة ( ( ( جائرة ) ) ) وَلَوْ افْتَتَحَ الْإِمَامُ طَاهِرًا ثُمَّ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ فَمَضَى على صَلَاتِهِ عَامِدًا أو نَاسِيًا كان هَكَذَا وَعَمْدُ الْإِمَامِ وَنِسْيَانُهُ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّهُ يَأْثَمُ بِالْعَمْدِ وَلَا يَأْثَمُ بِالنِّسْيَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - * إمَامَةُ الْكَافِرِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا أَمَّ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الْمَجْنُونُ الْقَوْمَ فَإِنْ كان يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَأَمَّهُمْ في إفَاقَتِهِ فَصَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ مُجْزِئَةٌ وَإِنْ أَمَّهُمْ وهو مَغْلُوبٌ على عَقْلِهِ لم يُجْزِهِمْ وَلَا إيَّاهُ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ أَمَّهُمْ وهو يَعْقِلُ وَعَرَضَ له أَمْرٌ أَذْهَبَ عَقْلَهُ فَخَرَجُوا من إمَامَتِهِ مَكَانَهُمْ صَلُّوا لِأَنْفُسِهِمْ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ بَنَوْا على الِائْتِمَامِ شيئا قَلَّ أو كَثُرَ معه بَعْدَ ما عَلِمُوا أَنَّهُ قد ذَهَبَ عَقْلُهُ لم تَجْزِهِمْ صَلَاتُهُمْ خَلْفَهُ وَإِنْ أَمَّ سَكْرَانُ لَا يَعْقِلُ فَمِثْلُ الْمَجْنُونِ وَإِنْ أَمَّ شَارِبٌ يَعْقِلُ أَجْزَأَتْهُ الصَّلَاةُ وَأَجْزَأَتْ من صلى خَلْفَهُ فَإِنْ أَمَّهُمْ وهو يَعْقِلُ ثُمَّ غُلِبَ بِسُكْرٍ فَمِثْلُ ما وَصَفْت من الْمَجْنُونِ لَا يُخَالِفُهُ - * مَوْقِفُ الْإِمَامِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن إِسْحَاقَ بن عبد اللَّهِ بن أبي طَلْحَةَ عن أَنَسٍ قال صَلَّيْت أنا وَيَتِيمٌ لنا خَلْفَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في بَيْتِنَا وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَافِرًا أَمَّ قَوْمًا مُسْلِمِينَ ولم يَعْلَمُوا كُفْرَهُ أو يَعْلَمُوا لم تَجْزِهِمْ صَلَاتُهُمْ ولم تَكُنْ صَلَاتُهُ إسْلَامًا له إذَا لم يَكُنْ تَكَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ قبل الصَّلَاةِ وَيُعَزَّرُ الْكَافِرُ وقد أَسَاءَ من صلى وَرَاءَهُ وهو يَعْلَمُ أَنَّهُ كَافِرٌ وَلَوْ صلى رَجُلٌ غَرِيبٌ بِقَوْمٍ ثُمَّ شَكُّوا في صَلَاتِهِمْ فلم يَدْرُوا أَكَانَ كَافِرًا أو مُسْلِمًا لم تَكُنْ عليهم إعَادَةٌ حتى يَعْلَمُوا أَنَّهُ كَافِرٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ صَلَاتَهُ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ لَا تَكُونُ إلَّا من مُسْلِمٍ وَلَيْسَ من أَمَّ فَعَلِمَ كُفْرَهُ مِثْلُ مُسْلِمٍ لم يَعْلَمْ أَنَّهُ غَيْرُ طَاهِرٍ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَكُونُ إمَامًا في حَالٍ وَالْمُؤْمِنُ يَكُونُ إمَامًا في الْأَحْوَالِ كُلِّهَا إلَّا أَنَّهُ ليس له أَنْ يصلى إلَّا طَاهِرًا وَهَكَذَا لو كان رَجُلٌ مُسْلِمٌ فَارْتَدَّ ثُمَّ أَمَّ وهو مُرْتَدٌّ لم تَجْزِ من خَلْفَهُ صَلَاتُهُ حتى يُظْهِرَ التَّوْبَةَ بِالْكَلَامِ قبل إمَامَتِهِمْ فإذا أَظْهَرَ التَّوْبَةَ بِالْكَلَامِ قبل إمَامَتِهِمْ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ معه وَلَوْ كانت له حَالَانِ حَالٌ كان فيها مُرْتَدًّا وَحَالٌ كان فيها مُسْلِمًا فَأَمَّهُمْ فلم يَدْرُوا في أَيِّ الْحَالَيْنِ أَمَّهُمْ أَحْبَبْت أَنْ يُعِيدُوا وَلَا يَجِبُ ذلك عليهم حتى يَعْلَمُوا أَنَّهُ أَمَّهُمْ مُرْتَدًّا وَلَوْ أَنَّ كَافِرًا أَسْلَمَ ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا ثُمَّ جَحَدَ أَنْ يَكُونَ أَسْلَمَ فَمَنْ ائْتَمَّ بِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَقَبْلَ جَحْدِهِ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَمَنْ ائْتَمَّ بَعْدَ جَحْدِهِ أَنْ يَكُونَ أَسْلَمَ لم تَجْزِهِ صَلَاتُهُ حتى يُجَدِّدَ إسْلَامَهُ ثُمَّ يَؤُمَّهُمْ بَعْدَهُ - * إمَامَةُ من لَا يَعْقِلُ الصَّلَاةَ - *

(1/168)


عن أبي حَازِمِ بن دِينَارٍ قال سَأَلُوا سَهْلَ بن سَعْدٍ من أَيِّ شَيْءٍ مِنْبَرُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال إما بقى من الناس أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي من أَثْلِ الْغَابَةِ عَمِلَهُ له فُلَانٌ مولى فلانه وَلَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حين صَعِدَ عليه اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ نَزَلَ القهقري فَسَجَدَ ثُمَّ صَعِدَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ نَزَلَ القهقري ثُمَّ سَجَدَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن مَخْرَمَةَ بن سُلَيْمَانَ عن كُرَيْبٍ مولى بن عَبَّاسٍ عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ أخبره أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَهِيَ خَالَتُهُ قال فَاضْطَجَعْت في عَرْضِ الْوِسَادَةِ وَاضْطَجَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَهْلُهُ في طُولِهَا فَنَامَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حتى إذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ أو قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أو بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ اسْتَيْقَظَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَجَلَسَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بيده ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِمَ من سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قام إلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ منها فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ قام يصلى قال بن عَبَّاسٍ فَقُمْت فَصَنَعْت مِثْلَ ما صَنَعَ ثُمَّ ذَهَبْت فَقُمْت إلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَدَهُ الْيُمْنَى على رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى فَفَتَلَهَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَوْتَرَ ثُمَّ اضْطَجَعَ حتى جاء الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فما حَكَيْت من هذه الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ على أَنَّ الْإِمَامَةَ في النَّافِلَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا جَائِزَةٌ وَأَنَّهَا كَالْإِمَامَةِ في الْمَكْتُوبَةِ لَا يَخْتَلِفَانِ وَيَدُلُّ على أَنَّ مَوْقِفَ الْإِمَامِ أَمَامَ الْمَأْمُومِينَ مُنْفَرِدًا وَالْمَأْمُومَانِ فَأَكْثَرُ خَلْفَهُ وإذا أَمَّ رَجُلٌ بِرَجُلَيْنِ فَقَامَ مُنْفَرِدًا أَمَامَهُمَا وَقَامَا صَفًّا خَلْفَهُ وَإِنْ كان مَوْضِعَ الْمَأْمُومِينَ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ وَخَنَاثَى مُشْكِلُونَ وَقَفَ الرِّجَالُ يَلُونَ الْإِمَامَ وَالْخَنَاثَى خَلْفَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ خَلْفَ الْخَنَاثَى وَكَذَلِكَ لو لم يَكُنْ معه إلَّا خُنْثَى مُشْكِلٌ وَاحِدٌ وإذا أَمَّ رَجُلٌ رَجُلًا وَاحِدًا أَقَامَ الْإِمَامُ الْمَأْمُومَ عن يَمِينِهِ وإذا أَمَّ خُنْثَى مُشْكِلًا أو امْرَأَةً قام كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَلْفَهُ لَا بِحِذَائِهِ وإذا أم رجل رجلا واحدا أقام الإمام المأموم عن يمينه وإذا أم خنثى مشكلا أو امرأة قام كل واحد منهما خلفه لا بحذائه وإذا أَمَّ رَجُلٌ رَجُلًا فَوَقَفَ الْمَأْمُومُ عن يَسَارِ الْإِمَامِ أو خَلْفَهُ كَرِهْت ذلك لَهُمَا وَلَا إعَادَةَ على وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَجْزَأَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ أن أَمَّ اثْنَيْنِ فَوَقَفَا عن يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ أو عن يَسَارِهِ مَعًا أو عن يَمِينِهِ أو وَقَفَ أَحَدُهُمَا عن جَنْبِهِ وَالْآخَرُ خَلْفَهُ أو وَقَفَا مَعًا خَلْفَهُ مُنْفَرِدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَلْفَ الْآخَرِ كَرِهْت ذلك لَهُمَا وَلَا إعَادَةَ على وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ وَإِنَّمَا أَجَزْت هذا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَّ بن عَبَّاسٍ فَوَقَفَ إلَى جَنْبِهِ فإذا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ الْوَاحِدُ إلَى جَنْبِ الْإِمَامِ لم يَفْسُدْ أَنْ يَكُونَ إلَى جَنْبِهِ اثْنَانِ وَلَا جَمَاعَةٌ وَلَا يَفْسُدُ أَنْ يَكُونُوا عن يَسَارِهِ لِأَنَّ كُلَّ ذلك إلَى جَنْبِهِ وَإِنَّمَا أجزت ( ( ( أجزأت ) ) ) صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ وَحْدَهُ خَلْفَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْعَجُوزَ صَلَّتْ مُنْفَرِدَةً خَلْفَ أَنَسٍ وَآخَرُ معه وَهُمَا خَلْفَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَامَهُمَا قال أبو مُحَمَّدٍ رَأَيْت النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَأَنَّهُ وَاقِفٌ على مَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ فَوَقَفْت خَلْفَهُ وهو يصلى قَائِمًا فَوَقَفْت خَلْفَهُ لأصلى معه فَأَخَذَنِي بيده فَأَوْقَفَنِي عن يَمِينِهِ فَنَظَرْت خَلْفَ ظَهْرِهِ الْخَاتَمُ بين كَتِفَيْهِ يُشْبِهُ الْحَاجِبَ الْمُقَوَّسَ وَنُقَطٌ سَوَادٌ في طَرَفِ الْخَاتَمِ وَنُقَطٌ سَوَادٌ في طَرَفِهِ الْآخَرِ فَقُمْت إلَيْهِ فَقَبَّلْت الْخَاتَمَ وَلَوْ وَقَفَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ أَمَامَ الْإِمَامِ يَأْتَمُّ بِهِ أَجْزَأَتْ الْإِمَامَ وَمَنْ صلى إلَى جَنْبِهِ أو خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ ولم يُجْزِ ذلك من وَقَفَ أَمَامَ الْإِمَامِ صَلَاتُهُ لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَمَامَ المأموم ( ( ( لمأموم ) ) ) أو حِذَاءَهُ لَا خَلْفَهُ وَسَوَاءٌ قَرُبَ ذلك أو بَعُدَ من الْإِمَامِ إذَا كان الْمَأْمُومُ أَمَامَ الْإِمَامِ وَكَذَلِكَ لو صلى خَلْفَ الْإِمَامِ صَفٌّ في غَيْرِ مَكَّةَ فَتَعَوَّجَ الصَّفُّ حتى صَارَ بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ إلَى حَدِّ الْقِبْلَةِ أو السُّتْرَةِ ما كانت السُّتْرَةُ من الْإِمَامِ لم تَجْزِ الذي هو أَقْرَبُ إلَى الْقِبْلَةِ منه صَلَاتُهُ وَإِنْ كان يَرَى صَلَاةَ الْإِمَامِ وَلَوْ شَكَّ الْمَأْمُومُ أَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْقِبْلَةِ أو الْإِمَامُ أَحْبَبْت له أَنْ يُعِيدَ وَلَا يَتَبَيَّنُ لي أَنْ يُعِيدَ حت

(1/169)


يَسْتَيْقِنَ أَنَّهُ كان أَقْرَبَ إلَى الْقِبْلَةِ من الْإِمَامِ وَلَوْ أَمَّ إمَامٌ بِمَكَّةَ وَهُمْ يُصَلُّونَ بها صُفُوفًا مُسْتَدِيرَةً يَسْتَقْبِلُ كلهم إلَى الْكَعْبَةِ من جِهَتِهِ كان عليهم وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ عِنْدِي أَنْ يَصْنَعُوا كما يَصْنَعُونَ في الْإِمَامِ وَأَنْ يَجْتَهِدُوا حتى يَتَأَخَّرُوا من كل جِهَةٍ عن الْبَيْتِ تَأَخُّرًا يَكُونُ فيه الْإِمَامُ أَقْرَبَ إلَى الْبَيْتِ منهم وَلَيْسَ يَبِينُ لِمَنْ زَالَ عن حَدِّ الامام وَقُرْبِهِ من الْبَيْتِ عن الْإِمَامِ إذَا لم يَتَبَايَنْ ذلك تَبَايُنَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ صَفًّا وَاحِدًا مُسْتَقْبِلِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَتَحَرَّوْنَ ذلك كما وَصَفْت وَلَا يَكُونُ على وَاحِدٍ منهم أعادة صَلَاةٍ حتى يَعْلَمَ الَّذِينَ يَسْتَقْبِلُونَ وَجْهَ الْقِبْلَةِ مع الْإِمَامِ أَنْ قد تَقَدَّمُوا الْإِمَامَ وَكَانُوا أَقْرَبَ إلَى الْبَيْتِ منه فإذا عَلِمُوا أَعَادُوا فَأَمَّا الَّذِينَ يَسْتَقْبِلُونَ الْكَعْبَةَ كُلَّهَا من غَيْرِ جِهَتِهَا فَيَجْتَهِدُونَ كما يُصَلُّونَ أَنْ يَكُونُوا أَنْأَى عن الْبَيْتِ من الْإِمَامِ فَإِنْ لم يَفْعَلُوا وَعَلِمُوا أو بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْبَيْتِ من الْإِمَامِ فَلَا إعَادَةَ عليه من قِبَلِ أَنَّهُ وَالْإِمَامَ وَإِنْ اجْتَمَعَا أَنْ يَكُونَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا يَسْتَقْبِلُ الْبَيْتَ بِجِهَتِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا في غَيْرِ جِهَةِ صَاحِبِهِ فإذا عَقَلَ الْمَأْمُومُ صَلَاةَ الْإِمَامِ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ ( قال ) ولم يَزَلْ الناس يُصَلُّونَ مُسْتَدْبِرِي الْكَعْبَةِ وَالْإِمَامُ في وَجْهِهَا ولم أَعْلَمْهُمْ يَتَحَفَّظُونَ وَلَا أُمِرُوا بِالتَّحَفُّظِ من أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ منهم جِهَتُهُ من الْكَعْبَةِ غير جِهَةِ الْإِمَامِ أو يَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الْبَيْتِ منه وَقَلَّمَا يُضْبَطُ هذا حَوْلَ الْبَيْتِ إلَّا بِالشَّيْءِ الْمُتَبَايِنِ جِدًّا وَهَكَذَا لو صلى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ فَوَقَفَ في ظَهْرِ الْكَعْبَةِ أو أَحَدِ جِهَتِهَا غَيْرِ وَجْهِهَا لم يَجُزْ لِلَّذِينَ يُصَلُّونَ من جِهَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونُوا خَلْفَهُ فَإِنْ لم يَعْلَمُوا أَعَادُوا وَأَجْزَأَ من صلى من غَيْرِ جِهَتِهِ وَإِنْ صلى وهو أَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ منه وَالِاخْتِيَارُ لهم أَنْ يَتَحَرَّوْا أَنْ يَكُونُوا خَلْفَهُ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمَّ رِجَالًا وَنِسَاءً فَقَامَ النِّسَاءُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالرِّجَالُ خَلْفَهُنَّ أو قام النِّسَاءُ حِذَاءَ الْإِمَامِ فَائْتَمَمْنَ بِهِ وَالرِّجَالُ إلَى جَنْبِهِنَّ كَرِهْت ذلك لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَالْإِمَامِ ولم تَفْسُدْ على وَاحِدٍ منهم صَلَاتُهُ وَإِنَّمَا قُلْت هذا لِأَنَّ
بن عُيَيْنَةَ أخبرنا عن الزُّهْرِيِّ عن عُرْوَةَ عن عَائِشَةَ قالت كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يصلى صَلَاتَهُ من اللَّيْلِ وأنا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ كَاعْتِرَاضِ الْجِنَازَةِ ( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا
____________________

(1/170)


بن عُيَيْنَةَ عن مَالِكِ بن مِغْوَلٍ عن عَوْنِ بن جُحَيْفَةَ عن أبيه قال رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالْأَبْطَحِ وَخَرَجَ بِلَالٌ بِالْعَنَزَةِ فَرَكَزَهَا فَصَلَّى إلَيْهَا وَالْكَلْبُ وَالْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ يَمُرُّونَ بين يَدَيْهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَمْرُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في حديث أَنَسٍ وَمَنْ حَدَّثَ معه في صَلَاةِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ صلى بِهِمْ جَالِسًا وَمَنْ خَلْفَهُ جُلُوسًا مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى بِهِمْ في مَرَضِهِ الذي مَاتَ فيه جَالِسًا وَصَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا فَهَذَا مع أَنَّهُ سُنَّةٌ نَاسِخَةٌ معقول ( ( ( معقولا ) ) ) أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِمَامَ إذَا لم يُطِقْ الْقِيَامَ صلى جَالِسًا وكان ذلك فَرْضَهُ وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ غَيْرِهِ قِيَامًا إذَا أَطَاقُوهُ وَعَلَى كل وَاحِدٍ منهم فَرْضُهُ فَكَانَ الْإِمَامُ يصلى فَرْضَهُ قَائِمًا إذَا أَطَاقَ وَجَالِسًا إذَا لم يُطِقْ وَكَذَلِكَ يصلى مُضْطَجِعًا وَمُومِيًا إنْ لم يُطِقْ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ ويصلى الْمَأْمُومُونَ كما يُطِيقُونَ فيصلى كُلٌّ فَرْضَهُ فتجزى كُلًّا صَلَاتُهُ وَلَوْ صلى إمَامٌ مَكْتُوبَةً بِقَوْمٍ جَالِسًا وهو يُطِيقُ الْقِيَامَ وَمَنْ خَلْفَهُ قِيَامًا كان الْإِمَامُ مُسِيئًا وَلَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ وَأَجْزَأَتْ من خَلْفَهُ لِأَنَّهُمْ لم يُكَلَّفُوا أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ يُطِيقُ الْقِيَامَ وَكَذَلِكَ لو كان يَرَى صِحَّةً بَادِيَةً وَجَلَدًا ظَاهِرًا لِأَنَّ الرَّجُلَ قد يَجِدُ ما يَخْفَى على الناس وَلَوْ عَلِمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يصلى جَالِسًا من غَيْرِ عِلَّةٍ فصلي وَرَاءَهُ قَائِمًا أَعَادَ لِأَنَّهُ صلى خَلْفَ من يَعْلَمُ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تُجْزِي عنه وَلَوْ صلى أَحَدٌ يُطِيقُ الْقِيَامَ خَلْفَ إمَامٍ قَاعِدٍ فَقَعَدَ معه لم تَجُزْ صَلَاتُهُ وَكَانَتْ عليه الْإِعَادَةُ وَلَوْ صلى الْإِمَامُ بَعْضَ الصَّلَاةِ قَاعِدًا ثُمَّ أَطَاقَ الْقِيَامَ كان عليه حين أَطَاقَ الْقِيَامَ أَنْ يَقُومَ في مَوْضِعِ الْقِيَامِ وَلَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذلك وَإِنْ لم يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَصَلَاةُ من خَلْفَهُ تَامَّةٌ وَلَوْ افْتَتَحَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ قَائِمًا ثُمَّ مَرِضَ حتى لَا يُطِيقَ الْقِيَامَ كان له أَنْ يَجْلِسَ لِيُتِمَّ ما بقى من صَلَاتِهِ جَالِسًا وَالْمَرْأَةُ تَؤُمُّ النِّسَاءَ وَالرَّجُلُ يَؤُمُّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ في هذا سَوَاءٌ وَإِنْ أَمَّتْ أَمَةٌ نِسَاءً فَصَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ أَجْزَأَتْهَا وَإِيَّاهُنَّ صَلَاتُهُنَّ فَإِنْ عَتَقَتْ فَعَلَيْهَا أَنْ تُقَنِّعَ فِيمَا بقى من صَلَاتِهَا وَلَوْ لم يفعل ( ( ( تفعل ) ) ) وَهِيَ عَالِمَةٌ أَنْ قد عَتَقَتْ وَغَيْرُ عَالِمَةٍ أَعَادَتْ صَلَاتَهَا تِلْكَ وَكُلَّ صَلَاةٍ صَلَّتْهَا مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا لم تُفْسِدْ الْمَرْأَةُ على الرَّجُلِ المصلى أَنْ تَكُونَ بين يَدَيْهِ فَهِيَ إذَا كانت عن يَمِينِهِ أو عن يَسَارِهِ أَحْرَى أَنْ لَا تُفْسِدَ عليه والخصى الْمَجْبُوبُ أو غَيْرُ الْمَجْبُوبِ رَجُلٌ يَقِفُ مَوْقِفَ الرِّجَالِ في الصَّلَاةِ وَيَؤُمُّ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَيَرِثُ وَيُورَثُ وَيَثْبُتُ له سَهْمٌ في الْقِتَالِ وَعَطَاءٌ في الْفَيْءِ وإذا كان الْخُنْثَى مُشْكِلًا فصلي مع إمَامٍ وَحْدَهُ وَقَفَ خَلْفَهُ وَإِنْ صلى مع جَمَاعَةٍ وَقَفَ خَلْفَ صُفُوفِ الرِّجَالِ وَحْدَهُ وَأَمَامَ صُفُوفِ النِّسَاءِ - * صَلَاةُ الْإِمَامِ قَاعِدًا - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عنه فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَصَلَّى صَلَاةً من الصَّلَوَاتِ وهو قَاعِدٌ وَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا فلما انْصَرَفَ قال إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فإذا صلى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وإذا رَكَعَ فَارْكَعُوا وإذا رَفَعَ فَارْفَعُوا وإذا قال سمع اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ وإذا صلى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا يحيى بن حَسَّانَ عن مُحَمَّدِ بن مَطَرٍ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ

(1/171)


- * مَقَامُ الْإِمَامِ مرتفعا ( ( ( ارتفعا ) ) ) وَالْمَأْمُومُ مُرْتَفِعٌ وَمَقَامُ الْإِمَامِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الناس مَقْصُورَةٌ وَغَيْرُهَا - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن أبي حَازِمٍ قال سَأَلُوا سَهْلَ بن سَعْدٍ عن مِنْبَرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من أَيِّ شَيْءٍ هو وَذَكَرَ الحديث
أخبرنا بن عُيَيْنَةَ قال أخبرنا الْأَعْمَشُ عن إبْرَاهِيمَ عن هَمَّامٍ قال صلى بِنَا حُذَيْفَةُ على دُكَّانٍ مُرْتَفِعٍ فَسَجَدَ عليه فَجَبَذَهُ أبو مَسْعُودٍ فَتَابَعَهُ حُذَيْفَةُ فلما قَضَى الصَّلَاةَ قال أبو مَسْعُودٍ أَلَيْسَ قد نهى عن هذا قال حُذَيْفَةُ أَلَمْ تَرَنِي قد تَابَعْتُك (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَوْقِفُ الْمَرْأَةِ إذَا أَمَّتْ النِّسَاءَ تَقُومُ وَسَطَهُنَّ فَإِنْ قَامَتْ مُتَقَدِّمَةً النِّسَاءَ لم تَفْسُدْ صَلَاتُهَا وَلَا صَلَاتُهُنَّ جميعا وَهِيَ فِيمَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُنَّ وَلَا يُفْسِدُهَا وَيَجُوزُ لَهُنَّ من الْمَوَاقِفِ وَلَا يَجُوزُ كَالرِّجَالِ لَا يَخْتَلِفْنَ هُنَّ وَلَا هُمْ - * اخْتِلَافُ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا سُفْيَانُ أَنَّهُ سمع عَمْرَو بن دِينَارٍ يقول سَمِعْت جَابِرَ بن عبد اللَّهِ يقول كان مُعَاذُ بن جَبَلٍ يصلى مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْعِشَاءَ أو الْعَتَمَةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّيهَا بِقَوْمِهِ في بنى سَلِمَةَ قال فَأَخَّرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ قال فَصَلَّى معه مُعَاذٌ قال فَرَجَعَ فَأَمَّ قَوْمَهُ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَتَنَحَّى رَجُلٌ من خَلْفِهِ فَصَلَّى وَحْدَهُ فَقَالُوا له أَنَافَقْتَ قال لَا ولكنى آتى رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَتَاهُ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّك أَخَّرْت الْعِشَاءَ وَإِنَّ مُعَاذًا صلى مَعَك ثُمَّ رَجَعَ فَأَمَّنَا فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فلما رَأَيْت ذلك تَأَخَّرْت وَصَلَّيْت وَإِنَّمَا نَحْنُ أَصْحَابَ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا فَأَقْبَلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم على مُعَاذٍ فقال أَفَتَّانٌ أنت يا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أنت يا مُعَاذُ اقْرَأْ بِسُورَةِ كَذَا وَسُورَةِ كَذَا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ قال حدثنا أبو الزُّبَيْرِ عن جَابِرٍ مثله وزاد فيه أَنَّ النبي
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَخْتَارُ للامام الذي يَعْلَمُ من خَلْفَهُ أَنْ يصلى على الشَّيْءِ الْمُرْتَفِعِ لِيَرَاهُ من وَرَاءَهُ فَيَقْتَدُونَ بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ فإذا كان ما يصلى عليه منه مُتَضَايِقًا عنه إذَا سَجَدَ أو مُتَعَادِيًا عليه كَتَضَايُقِ الْمِنْبَرِ وَتَعَادِيهِ بِارْتِفَاعِ بَعْضِ دَرَجِهِ على بَعْضٍ أَنْ يَرْجِعَ القهقري حتى يَصِيرَ إلَى الِاسْتِوَاءِ ثُمَّ يَسْجُدَ ثُمَّ يَعُودَ إلَى مَقَامِهِ وَإِنْ كان مُتَضَايِقًا أو مُتَعَادِيًا أو كان يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْجِعَ القهقري أو يَتَقَدَّمَ فَلْيَتَقَدَّمْ أَحَبُّ إلى لِأَنَّ التَّقَدُّمَ من شَأْنِ الْمُصَلِّينَ فَإِنْ اسْتَأْخَرَ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كان مَوْضِعُهُ الذي يصلى عليه لَا يَتَضَايَقُ إذَا سَجَدَ وَلَا يَتَعَادَى سَجَدَ عليه وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَلَا يَتَأَخَّرَ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّمَا رَجَعَ لِلسُّجُودِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ لِتَضَايُقِ الْمِنْبَرِ وَتَعَادِيهِ وَإِنْ رَجَعَ القهقري أو تَقَدَّمَ أو مَشَى مَشْيًا غير مُنْحَرِفٍ إلَى الْقِبْلَةِ مُتَبَايِنًا أو مَشَى يَسِيرًا من غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى ذلك كَرِهْته له وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَا تُوجِبُ عليه سُجُودَ سَهْوٍ إذَا لم يَكُنْ ذلك كَثِيرًا مُتَبَاعِدًا فَإِنْ كان كَثِيرًا مُتَبَاعِدًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كان الْإِمَامُ قد عَلَّمَ الناس مَرَّةً أَحْبَبْت أَنْ يصلى مُسْتَوِيًا مع الْمَأْمُومِينَ لِأَنَّهُ لم يُرْوَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ صلى على الْمِنْبَرِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وكان مَقَامُهُ فيما ( ( ( فيها ) ) ) سِوَاهَا بِالْأَرْضِ مع الْمَأْمُومِينَ فَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِلنَّاسِ وَلَوْ كان أَرْفَعَ منهم أو أَخْفَضَ لم تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَا صَلَاتُهُمْ وَلَا بَأْسَ أَنْ يصلى الْمَأْمُومُ من فَوْقِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ في الْمَسْجِدِ إذَا كان يَسْمَعُ صَوْتَهُ أو يَرَى بَعْضَ من خَلْفَهُ فَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ الْمُؤَذِّنِينَ يصلى على ظَهْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فما عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا من أَهْلِ الْعِلْمِ عَابَ عليه ذلك وَإِنْ كُنْت قد عَلِمْت أَنَّ بَعْضَهُمْ أَحَبَّ ذلك لهم لو أَنَّهُمْ هَبَطُوا إلَى الْمَسْجِدِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرنا صَالِحٌ مولى التَّوْأَمَةِ أَنَّهُ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ يصلى فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ في الْمَسْجِدِ

(1/172)


صلى اللَّهُ عليه وسلم قال اقْرَأْ بسبح اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَنَحْوَهَا قال سُفْيَانُ فَقُلْت لِعَمْرٍو إنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ يقول قال له اقْرَأْ بسبح اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ فقال عَمْرٌو هو هذا أو نَحْوُهُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبدالمجيد قال أخبرني بن جُرَيْجٍ عن عَمْرٍو عن جَابِرٍ قال كان مُعَاذٌ يصلى مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْعِشَاءَ ثُمَّ يَنْطَلِقُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّيهَا لهم هِيَ له تَطَوُّعٌ وَهِيَ لهم مَكْتُوبَةٌ
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن بن عَجْلَانَ عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن مِقْسَمٍ عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ أَنَّ مُعَاذَ بن جَبَلٍ كان يصلى مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْعِشَاءَ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فيصلى لهم الْعِشَاءَ وَهِيَ له نَافِلَةٌ
أخبرنا الثِّقَةُ بن عُلَيَّةَ أو غَيْرُهُ عن يُونُسَ عن الْحَسَنِ عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يصلى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الظُّهْرِ في الْخَوْفِ بِبَطْنِ نَخْلٍ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ جَاءَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى فَصَلَّى لهم رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلُّ هذا جَائِزٌ بِالسُّنَّةِ وما ذَكَرْنَا ثُمَّ الْقِيَاسِ وَنِيَّةُ كل مُصَلٍّ نِيَّةُ نَفْسِهِ لَا يُفْسِدُهَا عليه أَنْ يُخَالِفَهَا نِيَّةُ غَيْرِهِ وَإِنْ أَمَّهُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِمَامَ يَكُونُ مُسَافِرًا يَنْوِي رَكْعَتَيْنِ فَيَجُوزُ أَنْ يصلى وَرَاءَهُ مُقِيمٌ بِنِيَّتِهِ وَفَرْضُهُ أَرْبَعٌ أولا تَرَى أَنَّ الْإِمَامَ يَسْبِقُ الرَّجُلَ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَيَكُونُ في الْآخِرَةِ فَيُجْزِي الرَّجُلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا معه وَهِيَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ أو لَا تَرَى أَنَّ الْإِمَامَ يَنْوِي الْمَكْتُوبَةَ فإذا نَوَى من خَلْفَهُ أَنْ يصلى نَافِلَةً أو نَذْرًا عليه ولم يَنْوِ الْمَكْتُوبَةَ يجزى عنه أو لَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ بِفَلَاةٍ يصلى فَيُصَلَّى بِصَلَاتِهِ فَتُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ وَلَا يَدْرِي لَعَلَّ الْمُصَلِّيَ صلى نَافِلَةً أو لَا تَرَى أَنَّا نُفْسِدُ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَنُتِمُّ صَلَاةَ من خَلْفَهُ وَنُفْسِدُ صَلَاةَ من خَلْفَهُ وَنُتِمُّ صَلَاتَهُ وإذا لم تَفْسُدْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ كانت نِيَّةُ الْإِمَامِ إذَا خَالَفَتْ نِيَّةَ الْمَأْمُومِ أَوْلَى أَنْ لَا تَفْسُدَ عليه وَإِنَّ فِيمَا وَصَفْت من ثُبُوتِ سُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْكِفَايَةَ من كل ما ذَكَرْت وإذا صلى الْإِمَامُ نَافِلَةً فَائْتَمَّ بِهِ رَجُلٌ في وَقْتٍ يَجُوزُ له فيه أَنْ يصلى على الِانْفِرَادِ فَرِيضَةً وَنَوَى الْفَرِيضَةَ فَهِيَ له فَرِيضَةٌ كما إذَا صلى الْإِمَامُ فَرِيضَةً وَنَوَى الْمَأْمُومُ نَافِلَةً كانت لِلْمَأْمُومِ نَافِلَةً لَا يَخْتَلِفُ ذلك
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْآخِرَةُ من هَاتَيْنِ لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم نَافِلَةٌ وَلِلْآخَرِينَ فَرِيضَةٌ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ عن عَطَاءٍ قال وَإِنْ أَدْرَكْت الْعَصْرَ بَعْدَ ذلك ولم تُصَلِّ الظُّهْرَ فَاجْعَلْ التي أَدْرَكْت مع الْإِمَامِ الظُّهْرَ وَصَلِّ الْعَصْرَ بَعْدَ ذلك قال بن جُرَيْجٍ قال عَطَاءٌ بَعْدَ ذلك وهو يُخْبِرُ ذلك وقد كان يُقَالُ ذلك إذَا أَدْرَكْت الْعَصْرَ ولم تُصَلِّ الظُّهْرَ فَاجْعَلْ الذي أَدْرَكْت مع الْإِمَامِ الظُّهْرَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مُسْلِمُ بن خَالِدٍ عن بن جُرَيْجٍ أَنَّ عَطَاءً كانت تَفُوتُهُ الْعَتَمَةُ فيأتى وَالنَّاسُ في الْقِيَامِ فيصلى مَعَهُمْ رَكْعَتَيْنِ ويبنى عليها رَكْعَتَيْنِ وَأَنَّهُ رَآهُ يَفْعَلُ ذلك وَيَعْتَدُّ بِهِ من الْعَتَمَةِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ قال قال عَطَاءٌ من نسى الْعَصْرَ فذكر أَنَّهُ لم يُصَلِّهَا وهو في الْمَغْرِبِ فَلْيَجْعَلْهَا الْعَصْرَ فَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ أَنْ صلى الْمَغْرِبَ فَلْيُصَلِّ الْعَصْرَ وروى عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ من الْأَنْصَارِ مِثْلُ هذا الْمَعْنَى وَيُرْوَى عن أبي الدَّرْدَاءِ وبن عَبَّاسٍ قَرِيبًا منه وكان وَهْبُ بن مُنَبِّهٍ وَالْحَسَنُ وأبو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ يَقُولُونَ جاء قَوْمٌ إلَى أبي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ يُرِيدُونَ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ فَوَجَدُوهُ صلى فَقَالُوا ما جِئْنَا إلَّا لنصلى مَعَك فقال لَا أُخَيِّبُكُمْ ثُمَّ قام فَصَلَّى بِهِمْ ذَكَرَ ذلك أبو قَطَنٍ عن أبي خَلْدَةَ عن أبي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ قال قال إنْسَانٌ لِطَاوُسٍ وَجَدْت الناس في الْقِيَامِ فَجَعَلْتهَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ قال أَصَبْت

(1/173)


وَهَكَذَا إنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ في الْعَصْرِ وقد فَاتَتْهُ الظُّهْرُ فَنَوَى بِصَلَاتِهِ الظُّهْرَ كانت له ظهر ( ( ( ظهرا ) ) ) او ( ( ( ويصلي ) ) ) يصلى بَعْدَهَا الْعَصْرَ وَأَحَبُّ إلَيَّ من هذا كُلِّهِ أَنْ لَا يَأْتَمَّ رَجُلٌ إلَّا في صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ يَبْتَدِئَانِهَا مَعًا وَتَكُونُ نِيَّتُهُمَا في صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ - * خُرُوجُ الرَّجُلِ من صَلَاةِ الْإِمَامِ - * (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا ائْتَمَّ الرَّجُلُ بِإِمَامٍ فَصَلَّى معه رَكْعَةً أو افْتَتَحَ معه ولم يُكْمِلْ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ أو صلى أَكْثَرَ من رَكْعَةٍ فلم يُكْمِلْ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ حتى فَسَدَتْ عليه اسْتَأْنَفَ صَلَاتَهُ وَإِنْ كان مُسَافِرًا وَالْإِمَامُ مُقِيمًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ صَلَاةَ مُقِيمٍ لِأَنَّ عَدَدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ لَزِمَهُ وَإِنْ صلى بِهِ الْإِمَامُ شيئا من الصَّلَاةِ ثُمَّ خَرَجَ الْمَأْمُومُ من صَلَاةِ الْإِمَامِ بِغَيْرِ قَطْعٍ من الْإِمَامِ لِلصَّلَاةِ وَلَا عُذْرٍ لِلْمَأْمُومِ كَرِهْت ذلك له وَأَحْبَبْت أَنْ يَسْتَأْنِفَ احْتِيَاطًا فَإِنْ بَنَى على صَلَاةٍ لِنَفْسِهِ مُنْفَرِدًا لم يَبِنْ لي أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ من قِبَلِ أَنَّ الرَّجُلَ خَرَجَ من صَلَاتِهِ مع مُعَاذٍ بَعْدَ ما افْتَتَحَ الصَّلَاةَ معه صلى لِنَفْسِهِ فلم نَعْلَمْ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ - * الصَّلَاةُ بِإِمَامَيْنِ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا مَالِكٌ عن أبي حَازِمٍ عن سَهْلِ بن سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ذَهَبَ إلَى بَنِي عَمْرِو بن عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ وَحَانَتْ الصَّلَاةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إلَى أبي بَكْرٍ فقال أتصلى لِلنَّاسِ فقال نعم فَصَلَّى أبو بَكْرٍ وَجَاءَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالنَّاسُ في الصَّلَاةِ فَتَخَلَّصَ حتى وَقَفَ في الصَّفِّ فَصَفَّقَ الناس وكان أبو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ في صَلَاتِهِ فلما أَكْثَرَ الناس التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَشَارَ إلَيْهِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ اُمْكُثْ مَكَانَك فَرَفَعَ أبو بَكْرٍ يَدَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ على ما أَمَرَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من ذلك ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أبو بَكْرٍ وَتَقَدَّمَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَصَلَّى بِالنَّاسِ فلما انْصَرَفَ قال يا أَبَا بَكْرٍ ما مَنَعَك أَنْ تَثْبُتَ إذْ أَمَرْتُك فقال أبو بَكْرٍ ما كان لِابْنِ أبي قُحَافَةَ أَنْ يصلى بين يَدَيْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ قال رسول اللَّه

(1/174)


صلى اللَّهُ عليه وسلم مالي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ التَّصْفِيقَ من نَابَهُ شَيْءٌ في صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ فإنه إذَا سَبَّحَ اُلْتُفِتَ إلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن إسْمَاعِيلَ بن أبي حَكِيمٍ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ أن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كَبَّرَ في صَلَاةٍ من الصَّلَوَاتِ ثُمَّ أَشَارَ بيده أَنْ اُمْكُثُوا ثُمَّ رَجَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَعَلَى جِلْدِهِ أَثَرُ الْمَاءِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الثِّقَةُ عن أُسَامَةَ بن زَيْدٍ عن عبد اللَّهِ بن يَزِيدَ مولى الْأَسْوَدِ بن سُفْيَانَ عن مُحَمَّدِ بن عبد الرحمن بن ثَوْبَانَ عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِمِثْلِ مَعْنَاهُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فذكر أَنَّهُ على غَيْرِ طُهْرٍ أو انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ فَانْصَرَفَ فَقَدَّمَ آخَرَ أو لم يُقَدِّمْهُ فَقَدَّمَهُ بَعْضُ الْمُصَلِّينَ خَلْفَهُ أو تَقَدَّمَ هو مُتَطَوِّعًا بَنَى على صَلَاةِ الْإِمَامِ وَإِنْ اخْتَلَفَ من خَلْفَ الْإِمَامِ فَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ رَجُلًا وَقَدَّمَ آخَرُونَ غَيْرَهُ فَأَيُّهُمَا تَقَدَّمَ أَجْزَأَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا خَلْفَهُ وَكَذَلِكَ إنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُمَا وَلَوْ أَنَّ إمَامًا صلى رَكْعَةً ثُمَّ أَحْدَثَ فَقَدَّمَ رَجُلًا قد فَاتَتْهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ مع الْإِمَامِ أو أَكْثَرُ فَإِنْ كان الْمُتَقَدِّمُ كَبَّرَ مع الْإِمَامِ قبل
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالِاخْتِيَارُ إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ حَدَثًا لَا يَجُوزُ له معه الصَّلَاةُ من رُعَافٍ أو انْتِقَاضِ وُضُوءٍ أو غَيْرِهِ فَإِنْ كان مَضَى من صَلَاةِ الْإِمَامِ شَيْءٌ رَكْعَةٌ أو أَكْثَرُ أَنْ يصلى الْقَوْمُ فُرَادَى لَا يُقَدِّمُونَ أَحَدًا وَإِنْ قَدَّمُوا أو قَدَّمَ إمَامٌ رَجُلًا فَأَتَمَّ لهم ما بقى من الصَّلَاةِ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَكَذَلِكَ لو أَحْدَثَ الْإِمَامُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَكَذَلِكَ لو قَدَّمَ الْإِمَامُ الثَّانِي أو الثَّالِثُ بَعْضَ من في الصَّلَاةِ أو تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ ولم يُقَدِّمْهُ الْإِمَامُ فَسَوَاءٌ وَتَجْزِيهِمْ صَلَاتُهُمْ في ذلك كُلِّهِ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قد افْتَتَحَ لِلنَّاسِ الصَّلَاةَ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ فَتَقَدَّمَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَصَارَ أبو بَكْرٍ مَأْمُومًا بَعْدَ أَنْ كان إمَامًا وَصَارَ الناس يُصَلُّونَ مع أبي بَكْرٍ بِصَلَاةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وقد افْتَتَحُوا بِصَلَاةِ أبي بَكْرٍ وَهَكَذَا لو اسْتَأْخَرَ الْإِمَامُ من غَيْرِ حَدَثٍ وَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ أَجْزَأَتْ من خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ واختار أَنْ لَا يَفْعَلَ هذا الْإِمَامُ وَلَيْسَ أَحَدٌ في هذا كَرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَإِنْ فَعَلَهُ وَصَلَّى من خَلْفَهُ بِصَلَاتِهِ فَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ مُجْزِيَةٌ عَنْهُمْ وَأُحِبُّ إذَا جاء الْإِمَامُ وقد افْتَتَحَ الصَّلَاةَ غَيْرُهُ أَنْ يصلى خَلْفَ الْمُتَقَدِّمِ إنْ تَقَدَّمَ بِأَمْرِهِ أو لم يَتَقَدَّمْ قد صلى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَلْفَ عبد الرحمن بن عَوْفٍ في سَفَرِهِ إلَى تَبُوكَ فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يُخَالِفُ هذا اسْتِئْخَارَ أبي بَكْرٍ وَتَقَدُّمَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قِيلَ هذا مُبَاحٌ وللامام أَنْ يَفْعَلَ أَيَّ هذا شَاءَ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَأْتَمَّ الْإِمَامُ بِاَلَّذِي يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ وَلَوْ أَنَّ إمَامًا كَبَّرَ وَقَرَأَ أو لم يَقْرَأْ إلَّا أَنَّهُ لم يَرْكَعْ حتى ذَكَرَ أَنَّهُ على غَيْرِ طَهَارَةٍ كان مَخْرَجُهُ أو وضوؤه أو غُسْلُهُ قَرِيبًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقِفَ الناس في صَلَاتِهِمْ حتى يَتَوَضَّأَ وَيَرْجِعَ وَيَسْتَأْنِفَ وَيُتِمُّونَ هُمْ لِأَنْفُسِهِمْ كما فَعَلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حين ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَانْتَظَرَهُ الْقَوْمُ فَاسْتَأْنَفَ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتَكْبِيرِهِ وهو جُنُبٌ وَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمْ لو خَرَجُوا من صَلَاتِهِ صَلُّوا لِأَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ التَّكْبِيرِ فَإِنْ كان خُرُوجُهُ مُتَبَاعِدًا وَطَهَارَتُهُ تَثْقُلُ صَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ التَّكْبِيرِ لو أَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ يَنْتَظِرُوهُ وَكَلَّمَهُمْ بِذَلِكَ كَلَامًا فَخَالَفُوهُ وَصَلُّوا لِأَنْفُسِهِمْ أو قَدَّمُوا غَيْرَهُ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَالِاخْتِيَارُ عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ لِلْمَأْمُومِينَ إذَا فَسَدَتْ على الْإِمَامِ صَلَاتُهُ أَنْ يُتِمُّوا فُرَادَى وَلَوْ أَنَّ إمَامًا صلى رَكْعَةً ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَخَرَجَ فَاغْتَسَلَ وَانْتَظَرَهُ الْقَوْمُ فَرَجَعَ فَبَنَى على الرَّكْعَةِ فَسَدَتْ عليهم صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُمْ يَأْتَمُّونَ بِهِ وَهُمْ عَالِمُونَ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ ليس له أَنْ يبنى على صَلَاةٍ صَلَّاهَا جُنُبًا وَلَوْ عَلِمَ ذلك بَعْضُهُمْ ولم يَعْلَمْهُ بَعْضٌ فَسَدَتْ صَلَاةُ من عَلِمَ ولم تَفْسُدْ صَلَاةُ من لم يَعْلَمْ

(1/175)


أَنْ يُحْدِثَ الامام مُؤْتَمًّا بِالْإِمَامِ فَصَلَّى الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ على الْإِمَامِ وَجَلَسَ في مَثْنَى الْإِمَامِ ثُمَّ صلى الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ على الْإِمَامِ وَتَشَهَّدَ فإذا أَرَادَ السَّلَامَ قَدَّمَ رَجُلًا لم يَفُتْهُ شَيْءٌ من صَلَاةِ الْإِمَامِ فَسَلَّمَ بِهِمْ وَإِنْ لم يَفْعَلْ سَلَّمُوا هُمْ لِأَنْفُسِهِمْ آخِرًا وَقَامَ هو فَقَضَى الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ عليه وَلَوْ سَلَّمَ هو بِهِمْ سَاهِيًا وَسَلَّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَبَنَى هو لِنَفْسِهِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَإِنْ سَلَّمَ عَامِدًا ذَاكِرًا لِأَنَّهُ لم يُكْمِلْ الصَّلَاةَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَقَدَّمُوا هُمْ رَجُلًا فَسَلَّمَ بِهِمْ أو سَلَّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَيَّ ذلك فَعَلُوا أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ قام بِهِمْ فَقَامُوا وَرَاءَهُ سَاهِينَ ثُمَّ ذَكَرُوا قبل أَنْ يَرْكَعُوا كان عليهم أَنْ يَرْجِعُوا فَيَتَشَهَّدُوا ثُمَّ يُسَلِّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ أو يُسَلِّمَ بِهِمْ غَيْرُهُ وَلَوْ اتَّبَعُوهُ فَذَكَرُوا رَجَعُوا جُلُوسًا ولم يَسْجُدُوا وَكَذَلِكَ لو سَجَدُوا إحْدَى السَّجْدَتَيْنِ ولم يَسْجُدُوا الْأُخْرَى أو ذَكَرُوا وَهُمْ سُجُودٌ قَطَعُوا السُّجُودَ على أَيِّ حَالٍ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ زَائِدُونَ على الصَّلَاةِ وَهُمْ فيها فَارَقُوا تِلْكَ الْحَالَ إلَى التَّشَهُّدِ ثُمَّ سَجَدُوا لِلسَّهْوِ وَسَلَّمُوا وَلَوْ فَعَلَ هذا بَعْضُهُمْ وهو ذَاكِرٌ لِصَلَاتِهِ عَالِمٌ بِأَنَّهُ لم يُكْمِلْ عَدَدَهَا فَسَدَتْ عليه صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ عَمَدَ الْخُرُوجَ من فَرِيضَةٍ إلَى صَلَاةِ نَافِلَةٍ قبل التَّسْلِيمِ من الْفَرِيضَةِ وَلَا خُرُوجَ من صَلَاةٍ إلَّا بِسَلَامٍ قال أبو يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيُّ وَمَنْ أَحْرَمَ جُنُبًا بِقَوْمٍ ثُمَّ ذَكَرَ فَخَرَجَ فَتَوَضَّأَ وَرَجَعَ لم يَجُزْ له أَنْ يَؤُمَّهُمْ لِأَنَّ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ إنَّمَا يُكَبِّرُ لِلِافْتِتَاحِ وقد تَقَدَّمَ ذلك إحْرَامُ الْقَوْمِ وَكُلُّ مَأْمُومٍ أَحْرَمَ قبل إمَامِهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ لِقَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فإذا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَلَيْسَ كَالْمَأْمُومِ يُكَبِّرُ خَلْفَ الْإِمَامِ في آخِرِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وقد كَبَّرَ قَوْمٌ خَلْفَ الْإِمَامِ في أَوَّلِ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيُحْدِثُ الْإِمَامُ فَيُقَدِّمُ الذي أَحْرَمَ معه في آخِرِ صَلَاتِهِ وقد تَقَدَّمَ إحْرَامُهُ إحْرَامَ من أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ من هذا بِسَبِيلٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ وَقَفَا لِيَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إمَامًا لِمَنْ خَلْفَهُ وَلَا يَأْتَمُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ كان أَحَدُهُمَا إمَامَ الْآخَرِ أو بِحِذَائِهِ قَرِيبًا أو بَعِيدًا منه فَصَلَّى خَلْفَهُمَا نَاسٌ يَأْتَمُّونَ بِهِمَا مَعًا لَا بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كانت صَلَاةُ من صلى خَلْفَهُمَا مَعًا فَاسِدَةً لِأَنَّهُمْ لم يُفْرِدُوا النِّيَّةَ في الِائْتِمَامِ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لو رَكَعَ قبل الْآخَرِ فَرَكَعُوا بِرُكُوعِهِ كَانُوا خَارِجِينَ بِالْفِعْلِ دُونَ النِّيَّةِ من إمَامَةِ الْآخَرِ إلَى غَيْرِ صَلَاةِ أَنْفُسِهِمْ وَلَا إمَامٍ أَحْدَثُوهُ لم يَكُنْ لهم إمَامًا قبل إحْدَاثِهِمْ وَلَوْ أَنَّ الذي أَخَّرَ الرُّكُوعَ الْأَوَّلَ قَدَّمَ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ فَائْتَمُّوا بِهِ كَانُوا قد خَرَجُوا بِالْفِعْلِ دُونَ النِّيَّةِ من إمَامَتِهِ أَوَّلًا وَمِنْ إمَامَةِ الذي قَدَّمَ الرُّكُوعَ الْأَوَّلَ بَعْدَهُ وَلَوْ ائْتَمُّوا بِهِمَا مَعًا ثُمَّ لم يَنْوُوا الْخُرُوجَ من إمَامَتِهِمَا مَعًا وَالصَّلَاةِ لِأَنْفُسِهِمْ لم تَجْزِهِمْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُمْ افْتَتَحُوا الصَّلَاةَ بِإِمَامَيْنِ في وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ ذلك لهم فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ ائْتَمَّ أبو بَكْرٍ بِالنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالنَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ قِيلَ الْإِمَامُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وأبو بَكْرٍ مَأْمُومٌ عَلِمَ بِصَلَاةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان جَالِسًا ضَعِيفَ الصَّوْتِ وكان أبو بَكْرٍ قَائِمًا يَرَى وَيَسْمَعُ وَلَوْ ائْتَمَّ رَجُلٌ بِرَجُلٍ وَائْتَمَّ الناس بِالْمَأْمُومِ لم تَجْزِهِمْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا مَأْمُومًا إنَّمَا الْإِمَامُ الذي يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ بِرُكُوعِ نَفْسِهِ وَسُجُودِهِ لَا بِرُكُوعِ غَيْرِهِ وَسُجُودِهِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا رَأَى رَجُلَيْنِ مَعًا وَاقِفَيْنِ مَعًا فَنَوَى أَنْ يَأْتَمَّ بِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ فَصَلَّيَا صَلَاةً وَاحِدَةً لم تَجْزِهِ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لم يَنْوِ ائْتِمَامًا بِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَكَذَلِكَ لو صَلَّيَا مُنْفَرِدَيْنِ فَائْتَمَّ بِأَحَدِهِمَا لم تَجْزِهِ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لم يَنْوِ الِائْتِمَامَ بِاَلَّذِي صلى بِصَلَاتِهِ بِعَيْنِهِ ولا ( ( ( ولم ) ) ) تُجْزِئُهُ صَلَاةٌ خَلْفَ إمَامٍ حتى يُفْرِدَ النِّيَّةَ في إمَامٍ وَاحِدٍ فإذا أَفْرَدَهَا في إمَامٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَتْهُ وَإِنْ لم يَعْرِفْهُ بِعَيْنِهِ ولم يَرَهُ إذَا لم تَكُنْ نِيَّتُهُ مُشْتَرَكَةً بين امامين أو مَشْكُوكًا فيها في أَحَدِ الْإِمَامَيْنِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) من أَحْرَمَ قبل الْإِمَامِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ - * الِائْتِمَامُ بِإِمَامَيْنِ مَعًا - *

(1/176)


- * ائْتِمَامُ الرَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَشَكُّهُمَا - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَكَبَّرَ ولم يَرْكَعْ حتى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ سَجَدَ مع الْإِمَامِ ولم يُعْتَدَّ بِذَلِكَ السُّجُودِ لِأَنَّهُ لم يُدْرِكْ رُكُوعَهُ وَلَوْ رَكَعَ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ لم يُعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ لِأَنَّهُ لم يُدْرِكْهَا مع الْإِمَامِ ولم يَقْرَأْ لها فَيَكُونُ صلى لِنَفْسِهِ بِقِرَاءَةٍ وَلَا صلى مع الْإِمَامِ فِيمَا أَدْرَكَ مع الْإِمَامِ وَمِنْهَا في مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ في بَابِ الرَّجُلِ يَسْبِقُهُ الْإِمَامُ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِشَيْءٍ من الصَّلَاةِ لم يَقُمْ لِقَضَاءِ ما عليه إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ من التَّسْلِيمَتَيْنِ هذا نَصُّهُ في الْبُوَيْطِيِّ وفي جَمْعِ الْجَوَامِعِ في بَابِ من سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِشَيْءٍ حكى هذا الْكَلَامُ أَوَّلًا ولم يَنْسُبْهُ لِلْبُوَيْطِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عن الشَّافِعِيِّ رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ قال وَأُحِبُّ لو مَكَثَ قَلِيلًا قَدْرَ ما يَعْلَمُ أَنَّهُ لو كان عليه سَهْوٌ سَجَدَ فَسَجَدَ معه وَمَنْ دخل الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ جَالِسًا في الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ فَلْيُحْرِمْ قَائِمًا وَلْيَجْلِسْ معه فإذا سَلَّمَ قام بِلَا تَكْبِيرٍ فَقَضَى صَلَاتَهُ وإذا أَدْرَكَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ صَلَّيَا مَعًا فَائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ كانت صَلَاتُهُمَا مُجْزِئَةً وَلَوْ صَلَّيَا مَعًا وَعَلِمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا ائْتَمَّ بِالْآخَرِ وَشَكَّا مَعًا فلم يَدْرِيَا أَيَّهمَا كان إمَامَ صَاحِبِهِ كان عَلَيْهِمَا مَعًا أَنْ يُعِيدَا الصَّلَاةَ لِأَنَّ على الْمَأْمُومِ غير ما على الْإِمَامِ في الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ على الْإِمَامِ غَيْرُ ما على الْمَأْمُومِ وَلَوْ شَكَّ أَحَدُهُمَا ولم يَشُكَّ الْآخَرُ أَعَادَ الذي شَكَّ وَأَجْزَأَ الذي لم يَشُكَّ صَلَاتُهُ وَلَوْ صَدَّقَ الذي شَكَّ الذي لم يَشُكَّ كانت عليه الْإِعَادَةُ وَكُلُّ ما كُلِّفَ علمه ( ( ( عمله ) ) ) في نَفْسِهِ من عَدَدِ الصَّلَاةِ لم يَجْزِهِ فيه إلَّا عِلْمُ نَفْسِهِ لَا عِلْمُ غَيْرِهِ وَلَوْ شَكَّ فَذَكَّرَهُ رَجُلٌ فذكر ذلك على نَفْسِهِ لم تَكُنْ عليه إعَادَةٌ لِأَنَّهُ يَدَّعِ الْإِعَادَةَ الْآنَ بِعِلْمِ نَفْسِهِ لَا بِعِلْمِ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً أو أَكْثَرَ فَعَلِمُوا أَنْ قد صَلُّوا بِصَلَاةِ أَحَدِهِمْ وَشَكَّ كُلُّ وَاحِدٍ منهم أَكَانَ الْإِمَامَ أو الْمَأْمُومَ أَعَادُوا مَعًا وَلَوْ شَكَّ بَعْضُهُمْ ولم يَشُكَّ بَعْضُهُمْ أَعَادَ الَّذِينَ شَكُّوا ولم يُعِدْ الَّذِينَ لم يَشُكُّوا وَكَانَتْ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَكَذَلِكَ لو كَثُرَ عَدَدُهُمْ - * بَابُ الْمَسْبُوقِ - * وَلَيْسَ في التَّرَاجِمِ وَفِيهِ نُصُوصٌ فَمِنْهَا في بَابِ الْقَوْلِ في الرُّكُوعِ الذي سَبَقَ في تَرَاجِمِ الصَّلَاةِ وهو قَوْلُهُ رضي اللَّهُ عنه وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَرَكَعَ قبل أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ ظَهْرَهُ من الرُّكُوعِ اُعْتُدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَلَوْ لم يَرْكَعْ حتى رَفَعَ الْإِمَامُ ظَهْرَهُ من الرُّكُوعِ لم يُعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَلَا يُعْتَدُّ بها حتى يَصِيرَ رَاكِعًا وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ بِحَالِهِ وَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ فَاطْمَأَنَّ رَاكِعًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ من الرُّكُوعِ فَاسْتَوَى قَائِمًا أو لم يَسْتَوِ إلَّا أَنَّهُ قد زَايَلَ الرُّكُوعَ إلَى حَالٍ لَا يَكُونُ فيها تَامَّ الرُّكُوعِ ثُمَّ عَادَ فَرَكَعَ لِيُسَبِّحَ فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ في هذه الْحَالِ رَاكِعًا فَرَكَعَ معه لم يُعْتَدَّ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ لِأَنَّ الْإِمَامَ قد أَكْمَلَ الرُّكُوعَ أَوَّلًا وَهَذَا رُكُوعٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ من الصَّلَاةِ ( قال الرَّبِيعُ ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ إذَا رَكَعَ ولم يُسَبِّحْ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ عَادَ فَرَكَعَ لِيُسَبِّحَ فَقَدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ رُكُوعَهُ الْأَوَّلَ كان تَامًّا وَإِنْ لم يُسَبِّحْ فلما عَادَ فَرَكَعَ رَكْعَةً أُخْرَى لِيُسَبِّحَ فيها كان قد زَادَ في الصَّلَاةِ رَكْعَةً عَامِدًا فَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ بهذا الْمَعْنَى وَمِنْ النُّصُوصِ في الْمَسْبُوقِ ما ذَكَرَهُ في بَابِ الصَّلَاةِ من اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ وإذا أَدْرَكَ الْإِمَامَ وهو رَاكِعٌ فَكَبَّرَ معه ثُمَّ لم يَرْكَعْ حتى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ من الرُّكُوعِ فإن أَبَا حَنِيفَةَ كان يقول يَسْجُدُ معه وَلَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ أخبرنا بِذَلِكَ عن الْحَسَنِ عن الْحَكَمِ عن إبْرَاهِيمَ وَبِهِ يَأْخُذُ يَعْنِي أَبَا يُوسُفَ وكان بن أبي لَيْلَى يقول يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَيُحْتَسَبُ بِذَلِكَ من صَلَاتِهِ

(1/177)


الْإِمَامَ في الرَّكْعَةِ فَلْيَقُمْ إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ من صَلَاتِهِ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ فَإِنْ أَدْرَكَهُ في الثِّنْتَيْنِ فَلْيَجْلِسْ معه فإذا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ من الرَّكْعَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ لِقَضَاءِ ما عليه فَلْيَقُمْ بِتَكْبِيرٍ وَمَنْ كان خَلْفَ الْإِمَامِ قد سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ فَسَمِعَ نَغْمَةً فَظَنَّ أَنَّ الْإِمَامَ قد سَلَّمَ فَقَضَى الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ عليه وَجَلَسَ فَسَمِعَ سَلَامَ الْإِمَامِ فَهَذَا سَهْوٌ تَحَمَّلَهُ الْإِمَامُ عنه وَلَا يُعْتَدُّ بها ويقضى الرَّكْعَةَ التي عليه وَلَا يُشْبِهُ هذا الذي خَرَجَ من صَلَاةٍ فَعَادَ فَقَضَى لِنَفْسِهِ فَإِنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ وهو رَاكِعٌ أو سَاجِدٌ أَلْغَى جَمِيعَ ما عَمِلَ قبل سَلَامِ الْإِمَامِ وَابْتَدَأَ رَكْعَةً ثَانِيَةً بِقِرَاءَتِهَا وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ قاله ( ( ( قال ) ) ) في رِوَايَةِ الْبُوَيْطِيِّ وبن أبي الْجَارُودِ وَأُحِبُّ لِمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ أَنْ لَا يَسْبِقَهُ بِرُكُوعٍ وَلَا سُجُودٍ وَلَا عَمَلٍ فَإِنْ كان فَعَلَ فَرَكَعَ الْإِمَامُ وهو رَاكِعٌ أو سَاجِدٌ فَذَلِكَ مُجْزِئٌ عنه وَإِنْ سَبَقَهُ فَرَكَعَ أو سَجَدَ ثُمَّ رَفَعَ قَبْلَهُ فقال بَعْضُ الناس يَعُودُ فَيَرْكَعُ بَعْدَ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ حتى يَكُونَ إمَّا رَاكِعًا وَإِمَّا سَاجِدًا معه وَإِمَّا مُتَّبِعًا لَا يُجْزِئُهُ إذَا ائْتَمَّ بِهِ في عَمَلِ الصَّلَاةِ إلَّا ذلك وقال في كِتَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قبل الْإِمَامِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَعُودَ فَإِنْ لم يَفْعَلْ كَرِهْتُهُ وَاعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وقال في الْإِمْلَاءِ وإذا تَرَكَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ مع الْإِمَامِ فَإِنْ كان وَرَاءَهُ يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ إذَا ائْتَمَّ بِهِ وَإِنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِذَلِكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَضَعَ رَأْسَهُ سَاجِدًا وَيُقِيمَ رَاكِعًا بَعْدَ ما سَبَقَهُ الامام إذَا كان في وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مع الامام وَإِنْ قام قَبْلَهُ عَادَ حتى يَقْعُدَ بِقَدْرِ ما سَبَقَهُ الامام بِالْقِيَامِ فَإِنْ لم يَفْعَلْ وقد جَلَسَ وكان في بَعْضِ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ معه فَهُوَ كَمَنْ رَكَعَ وَسَجَدَ ثُمَّ رَفَعَ قَبْلَهُ فَذَلِكَ يُجْزِئُ عنه وقد أَسَاءَ في ذلك كُلِّهِ وإذا دخل مع الامام وقد سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ فَصَلَّى الْإِمَامُ خَمْسًا سَاهِيًا وَاتَّبَعَهُ هو وَلَا يدرى أَنَّهُ سَهَا أَجْزَأَتْ الْمَأْمُومَ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ قد صلى أَرْبَعًا وَإِنْ سَبَقَهُ وهو يَعْلَمُ أَنَّهُ قد سَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وما أَدْرَكَ مع الْإِمَامِ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ عِنْدِي خِلَافُ ذلك وَإِنْ فَاتَتْهُ مع الامام رَكْعَتَانِ من الظُّهْرِ وَأَدْرَكَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ صَلَّاهُمَا مع الْإِمَامِ فَقَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ إنْ أَمْكَنَهُ ذلك وَإِنْ لم يُمْكِنْهُ قَرَأَ ما أَمْكَنَهُ وإذا قام قَضَى رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ في كل وَاحِدَةٍ منها بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَإِنْ اقْتَصَرَ على أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ من الْمَغْرِبِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَضَى رَكْعَةً بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ ولم يَجْهَرْ وَإِنْ أَدْرَكَ منها رَكْعَةً قام فَجَهَرَ في الثَّانِيَةِ وَهِيَ الْأُولَى من قَضَائِهِ ولم يَجْهَرْ في الثَّالِثَةِ وَقَرَأَ فيها بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ هذا آخِرُ ما نَقَلَهُ في جَمْعِ الْجَوَامِعِ من النُّصُوصِ وَظَاهِرُ هذا النَّصِّ أَنَّ من أَدْرَكَ مع الْإِمَامِ رَكْعَةً من الْجُمُعَةِ أتى بِالثَّانِيَةِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ جَهْرًا كما في الصُّبْحِ وَهَكَذَا في الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَخُسُوفِ الْقَمَرِ وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ في الْجَوَابِ في الْجُمُعَةِ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَسُوغُ لِلْمُنْفَرِدِ وَهَذَا قد صَارَ مُنْفَرِدًا بِخِلَافِ الصُّبْحِ وَنَحْوِهَا ولم تُشْرَعْ لِلْمُنْفَرِدِ وَهَذَا التَّوَقُّفُ ليس بِمُعْتَبَرٍ من أَنَّ حُكْمَ الْجُمُعَةِ ثَابِتٌ له وَانْفِرَادُهُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُصَيِّرُهَا ظُهْرًا وقد نَصَّ في الْأُمِّ في صَلَاةِ الْخَوْفِ في تَرْجَمَةِ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ في صَلَاةِ الْخَوْفِ على شَيْءٍ يَدُلُّ على أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَجْهَرُ في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فقال في أَوَاخِرِ التَّرْجَمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ كان خَوْفٌ يوم الْجُمُعَةِ وكان مَحْرُوسًا إذَا خَطَبَ بِطَائِفَةٍ وَحَضَرَتْ معه طَائِفَةٌ الْخُطْبَةَ ثُمَّ صلى بِالطَّائِفَةِ التي حَضَرَتْ الْخُطْبَةَ رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ بِقِرَاءَةٍ يَجْهَرُونَ فيها ثُمَّ وَقَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ التي لم تُصَلِّ فَصَلَّتْ معه الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ عليه من الْجُمُعَةِ وَثَبَتَ جَالِسًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ فَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى تُتِمُّ لِأَنْفُسِهَا الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ بِقِرَاءَةٍ يَجْهَرُونَ فيها وقد صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي أبو الطَّيِّبِ في تَعْلِيقِهِ فقال يُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً يَجْهَرُونَ فيها بِالْقِرَاءَةِ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُنْفَرِدِ في الصَّلَاةِ التي يُجْهَرُ فيها بِالْقِرَاءَةِ كَحُكْمِ الْإِمَامِ في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ولم يَتَعَرَّضْ الشَّافِعِيُّ لِجَهْرِ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا في حُكْمِ الْقُدْوَةِ وَمَنْ كان مقتديا ( ( ( مفتديا ) ) ) فإنه يُسْرٌ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْقَاضِي أبو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا جَهَرَتْ الْفِرْقَةُ الْأُولَى من الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْجُمُعَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِمَامِ بِخِلَافِ
____________________

(1/178)


الْمَسْبُوقِ قُلْنَا هذا تَخَيُّلٌ له وَجْهٌ وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِأَنَّهُمْ مُنْفَرِدُونَ في هذه الْحَالَةِ كَالْمَسْبُوقِ وقد نَقَلَ هذا النَّصَّ عن الْأُمِّ الشَّيْخُ أبو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ ولم يَتَعَرَّضُوا لِلْجَهْرِ الذي ذَكَرْنَاهُ وَتَعَرَّضَ له بن الصَّبَّاغِ في الشَّامِلِ بَعْدَ نَقْلِ النَّصِّ الْمَذْكُورِ وفي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ في أَوَّلِ بَابِ الصَّلَاةِ وإذا أتى الرَّجُلُ إلَى الْإِمَامِ في أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وقد سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ عِنْدَ فَرَاغِهِ فإن أَبَا حَنِيفَةَ كان يقول يَقُومُ الرَّجُلُ فَيَقْضِي وَلَا يُكَبِّرُ معه لِأَنَّ التَّكْبِيرَ ليس من الصَّلَاةِ إنَّمَا هو بَعْدَهَا وَبِهِ يَأْخُذُ ( يَعْنِي أَبَا يُوسُفَ ) وكان بن أبي لَيْلَى يقول يُكَبِّرُ ثُمَّ يَقُومُ فيقضى (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ عز وجل { وإذا ضَرَبْتُمْ في الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا من الصَّلَاةِ إنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا } الْآيَةُ قال فَكَانَ بَيِّنًا في كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ في الضَّرْبِ في الْأَرْضِ وَالْخَوْفِ تَخْفِيفٌ من اللَّهِ عز وجل عن خَلْقِهِ لَا أَنَّ فَرْضًا عليهم أَنْ يَقْصُرُوا كما كان قَوْلُهُ { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ ما لم تَمَسُّوهُنَّ أو تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً } رُخْصَةً لَا أَنَّ حَتْمًا عليهم أَنْ يُطَلِّقُوهُنَّ في هذه الْحَالِ وَكَمَا كان قَوْلُهُ { ليس عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا من رَبِّكُمْ } يُرِيدُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ تَتَّجِرُوا في الْحَجِّ لَا أَنَّ حَتْمًا عليهم أَنْ يَتَّجِرُوا وَكَمَا كان قَوْلُهُ { فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ } وَكَمَا كان قَوْلُهُ ليس عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ { أَنْ تَأْكُلُوا من بُيُوتِكُمْ } الْآيَةُ لَا إن حَتْمًا عليهم أَنْ يَأْكُلُوا من بُيُوتِهِمْ وَلَا بُيُوتِ غَيْرِهِمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْقَصْرُ في الْخَوْفِ وَالسَّفَرِ بِالْكِتَابِ ثُمَّ بِالسُّنَّةِ وَالْقَصْرُ في السَّفَرِ بِلَا خَوْفٍ سُنَّةٌ وَالْكِتَابُ يَدُلُّ على أَنَّ الْقَصْرَ في السَّفَرِ بِلَا خَوْفٍ رُخْصَةٌ من اللَّهِ عز وجل لَا أَنَّ حَتْمًا عليهم أَنْ يَقْصُرُوا كما كان ذلك في الْخَوْفِ وَالسَّفَرِ
أخبرنا مُسْلِمُ بن خَالِدٍ وعبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ قال أخبرني عبد الرحمن بن عبد اللَّهِ بن أبي عَمَّارٍ عن عبد اللَّهِ بن بَابَاهُ عن يعلي بن أُمَيَّةَ قال قُلْت لِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ إنَّمَا قال اللَّهُ عز وجل { أَنْ تَقْصُرُوا من الصَّلَاةِ إنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا } فَقَدْ أَمِنَ الناس فقال عُمَرُ عَجِبْت مِمَّا عَجِبْت منه فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بها عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن طَلْحَةَ بن عَمْرٍو عن عَطَاءٍ عن عَائِشَةَ قالت كُلُّ ذلك قد فَعَلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قَصَرَ الصَّلَاةَ في السَّفَرِ وَأَتَمَّ
أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن بن حَرْمَلَةَ عن بن الْمُسَيِّبِ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خِيَارُكُمْ الَّذِينَ إذَا سَافَرُوا قَصُرُوا الصَّلَاةَ وَأَفْطَرُوا أو قال لم يَصُومُوا ( قال ) فَالِاخْتِيَارُ وَاَلَّذِي أَفْعَلُ مُسَافِرًا وَأُحِبُّ أَنْ يُفْعَلَ قَصْرُ الصَّلَاةِ في الْخَوْفِ وَالسَّفَرِ وفي السَّفَرِ بِلَا خَوْفٍ وَمَنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ فِيهِمَا لم تَفْسُدْ عليه صَلَاتُهُ جَلَسَ في مَثْنًى قَدْرَ التَّشَهُّدِ أو لم يَجْلِسْ وَأَكْرَهُ تَرْكَ الْقَصْرِ وَأَنْهَى عنه إذَا كان رَغْبَةً عن السُّنَّةِ فيه وَأَكْرَهُ تَرْكَ الْمَسْحِ على الْخُفَّيْنِ رَغْبَةً عن السُّنَّةِ فيه وَمَنْ تَرَكَ الْمَسْحَ على الْخُفَّيْنِ غير رَغْبَةٍ عن السُّنَّةِ لم أَكْرَهْ له ذلك ( قال ) وَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ الْقَصْرَ إنَّمَا هو في ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَذَلِكَ أَنَّهُنَّ أَرْبَعٌ فَيُصَلِّيهِنَّ ركعتين رَكْعَتَيْنِ وَلَا قَصْرَ في الْمَغْرِبِ وَلَا الصُّبْحِ وَمِنْ سَعَةِ لِسَانِ الْعَرَبِ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِالْقَصْرِ بَعْضُ الصَّلَاةِ دُونَ بَعْضٍ وَإِنْ كان مَخْرَجُ الْكَلَامِ فيها عَامًّا فَإِنْ قال قَائِلٌ قد
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا سُبِقَ الرَّجُلُ بِشَيْءٍ من الصَّلَاةِ في أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ فَكَبَّرَ لم يُكَبِّرْ الْمَسْبُوقُ بِشَيْءٍ من الصَّلَاةِ وَقَضَى الذي عليه فإذا سَلَّمَ كَبَّرَ وَذَلِكَ أَنَّ التَّكْبِيرَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ ليس من الصَّلَاةِ إنَّمَا هو ذِكْرٌ بَعْدَهَا وَإِنَّمَا يَتَّبِعُ الْإِمَامَ فِيمَا كان من الصَّلَاةِ وَهَذَا ليس من الصَّلَاةِ - * بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ - *

(1/179)


كَرِهَ بَعْضُ الناس أَنْ أَتَمَّ بَعْضُ أُمَرَائِهِمْ بِمِنًى قِيلَ الْكَرَاهِيَةُ وَجْهَانِ فَإِنْ كَانُوا كَرِهُوا ذلك اخْتِيَارًا لِلْقَصْرِ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ فَكَذَلِكَ نَقُولُ وَنَخْتَارُ السُّنَّةَ في الْقَصْرِ وَإِنْ كَرِهُوا ذلك أَنَّ قَاصِرًا قَصَرَ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْقَصْرَ إلَّا في خَوْفٍ وقد قَصَرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في غَيْرِ خَوْفٍ فَهَكَذَا قُلْنَا نَكْرَهُ تَرْكَ شَيْءٍ من السُّنَنِ رَغْبَةً عنها وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَرِهَ ذلك إلَّا على أَنْ يَتْرُكَ رَغْبَةً عنه فَإِنْ قِيلَ فما دَلَّ على ذلك قِيلَ صَلَاتُهُمْ مع من أَتَمَّ أَرْبَعًا وإذا صَلُّوا وُحْدَانًا صَلُّوا رَكْعَتَيْنِ وَأَنَّ بن مَسْعُودٍ ذَكَرَ إتْمَامَ الصَّلَاةِ بِمِنًى في مَنْزِلِهِ وَعَابَهُ ثُمَّ قام فَصَلَّى أَرْبَعًا فَقِيلَ له في ذلك فقال الْخِلَافُ شَرٌّ وَلَوْ كان فَرْضُ الصَّلَاةِ في السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ لم يُتِمَّهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى منهم أَحَدٌ ولم يُتِمَّهَا بن مَسْعُودٍ في مَنْزِلِهِ وَلَكِنَّهُ كما وَصَفْت ولم يَجُزْ أَنْ يُتِمَّهَا مُسَافِرٌ مع مُقِيمٍ فَإِنْ قال فَقَدْ قالت عَائِشَةُ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنها فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ قِيلَ له قد أَتَمَّتْ عَائِشَةُ في السَّفَرِ بَعْدَ ما كانت تَقْصُرُ فَإِنْ قال قَائِلٌ فما وَجْهُ قَوْلِهَا قِيلَ له تَقُولُ فُرِضَتْ لِمَنْ أَرَادَ من الْمُسَافِرِينَ وقد ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ هذا الْكَلَامِ إلَى غَيْرِ هذا الْمَعْنَى فقال إذَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ في السَّفَرِ وَأَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقَصْرِ في الْخَوْفِ فَصَلَاةُ الْخَوْفِ رَكْعَةٌ فَإِنْ قال فما الْحُجَّةُ عليهم وَعَلَى أَحَدٍ إنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهَا على غير ما قُلْت قُلْنَا ما لَا حُجَّةَ في شَيْءٍ معه بِمَا ذَكَرْنَا من الْكِتَابِ ثُمَّ السُّنَّةِ ثُمَّ إجْمَاعِ الْعَامَّةِ على أَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ أَرْبَعٌ مع الْإِمَامِ الْمُقِيمِ وَلَوْ كان فَرْضُ صَلَاتِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ما جَازَ لهم أَنْ يُصَلُّوهَا أَرْبَعًا مع مُقِيمٍ وَلَا غَيْرِهِ - * جِمَاعُ تَفْرِيعِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال (1)
____________________
1- قال الشَّافِعِيُّ لَا تَخْتَلِفُ صَلَاةُ الْمَكْتُوبَةِ في الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ إلَّا في الْأَذَانِ وَالْوَقْتِ وَالْقَصْرِ فَأَمَّا ما سِوَى ذلك فَهُمَا سَوَاءٌ ما يُجْهَرُ أو يُخَافَتُ في السَّفَرِ فِيمَا يُجْهَرُ فيه وَيُخَافَتُ في الْحَضَرِ وَيُكْمَلُ في السَّفَرِ كما يُكْمَلُ في الْحَضَرِ فَأَمَّا التَّخْفِيفُ فإذا جاء بِأَقَلِّ ما عليه في السَّفَرِ وَالْحَضَرِ أَجْزَأَهُ لَا أَرَى أَنْ يُخَفِّفَ في السَّفَرِ عن صَلَاةِ الْحَضَرِ إلَّا من عُذْرٍ ويأتى بِمَا يَجْزِيهِ وَالْإِمَامَةُ في السَّفَرِ وَالْحَضَرِ سَوَاءٌ وَلَا أُحِبُّ تَرْكَ الْأَذَانِ في السَّفَرِ وَتَرْكُهُ فيه أَخَفُّ من تَرْكِهِ في الْحَضَرِ وَأَخْتَارُ الِاجْتِمَاعَ لِلصَّلَاةِ في السَّفَرِ وَإِنْ صَلَّتْ كُلُّ رُفْقَةٍ على حِدَتِهَا أَجْزَأَهَا ذلك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ اجْتَمَعَ مُسَافِرُونَ وَمُقِيمُونَ فَإِمَامَةُ الْمُقِيمِينَ أَحَبُّ إلَيَّ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الْمُسَافِرُونَ الْمُقِيمِينَ وَلَا يَقْصُرُ الذي يُرِيدُ السَّفَرَ حتى يَخْرُجَ من بُيُوتِ الْقَرْيَةِ التي سَافَرَ منها كُلِّهَا فإذا دخل أَدْنَى بُيُوتِ الْقَرْيَةِ التي يُرِيدُ الْمُقَامَ بها أَتَمَّ أخبرنا سُفْيَانُ عن إبْرَاهِيمَ بن مَيْسَرَةَ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ قال صَلَّيْت مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا وَصَلَّيْت معه الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ
أخبرنا سُفْيَانُ عن مُحَمَّدِ بن الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ سمع أَنَسَ بن مَالِكٍ يقول مِثْلَ ذلك إلَّا أَنَّهُ قال بِذِي الْحُلَيْفَةِ أخبرنا سُفْيَانُ عن أَيُّوبَ عن أبي قِلَابَةَ عن أَنَسٍ مِثْلَ ذلك ( قال ) وفي هذا دَلِيلٌ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَقْصُرُ بِنِيَّةِ السَّفَرِ دُونَ الْعَمَلِ في السَّفَرِ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَوَى أَنْ يُسَافِرَ فلم يَثْبُتْ بِهِ سَفَرُهُ لم يَكُنْ له أَنْ يَقْصُرَ ( قال ) وَلَوْ أَثْبَتَ بِهِ سَفَرَهُ ثُمَّ نَوَى أَنْ يُقِيمَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَنِيَّةُ الْمُقَامِ مُقَامٌ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ وَتَجْتَمِعُ فيه النِّيَّةُ وَأَنَّهُ مُقِيمٌ وَلَا تَكُونُ نِيَّةُ السَّفَرِ سَفَرًا لِأَنَّ النِّيَّةَ تَكُونُ مُنْفَرِدَةً وَلَا سَفَرَ مَعَهَا إذَا كان مُقِيمًا وَالنِّيَّةُ لَا يَكُونُ لها حُكْمٌ إلَّا بِشَيْءٍ مَعَهَا فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا خَرَجَ مُسَافِرًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ افْتَتَحَ الظُّهْرَ يَنْوِي أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ ثُمَّ نَوَى الْمُقَامَ في الظُّهْرِ قبل أَنْ يَنْصَرِفَ من رَكْعَتَيْنِ كان عليه أَنْ يبنى حتى يُتِمَّ أَرْبَعًا ولم يَكُنْ عليه أَنْ يَسْتَأْنِفَ لِأَنَّهُ في فَرْضِ الظُّهْرِ لَا في غَيْرِهَا لِأَنَّهُ كان له أَنْ يَقْصُرَ إنْ شَاءَ ولم يُحْدِثْ نِيَّةً في الْمُقَامِ وَكَذَلِكَ إذَا فَرَغَ من الرَّكْعَتَيْنِ ما لم يُسَلِّمْ فإذا سَلَّمَ ثُمَّ نَوَى أَنْ يُقِيمَ أَتَمَّ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ ولم يَكُنْ عليه أَنْ يُعِيدَ ما مَضَى وَلَوْ كان نَوَى في صَلَاةِ الظُّهْر

(1/180)


الْمُقَامَ ثُمَّ سَلَّمَ من الرَّكْعَتَيْنِ اسْتَأْنَفَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَلَوْ لم يَنْوِ الْمُقَامَ فَافْتَتَحَ ينوى أَنْ يَقْصُرَ ثُمَّ بَدَا له أَنْ يُتِمَّ قبل أَنْ يَمْضِيَ من صَلَاتِهِ شَيْءٌ أو بَعْدُ كان ذلك له ولم تَفْسُدُ عليه صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لم يَزِدْ في صَلَاتِهِ شيئا ليس منها إنَّمَا تَرَكَ الْقَصْرَ الذي كان مُبَاحًا له وكان التَّمَامُ غير مَحْظُورٍ عليه وَلَوْ صلى مُسَافِرٌ بِمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ وَنَوَى أَنْ يصلى رَكْعَتَيْنِ فلم يُكْمِلْ الصَّلَاةَ حتى نَوَى أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ مُقَامٍ أو تَرَكَ الرُّخْصَةَ في الْقَصْرِ كان على الْمُسَافِرِينَ وَالْمُقِيمِينَ التَّمَامُ ولم تَفْسُدْ على وَاحِدٍ من الْفَرِيقَيْنِ صَلَاتُهُ وَكَانُوا كَمَنْ صلى خَلْفَ مُقِيمٍ وَلَوْ فَسَدَتْ على مُسَافِرٍ منهم صَلَاتُهُ وقد دخل معه كان عليه أَنْ يصلى أَرْبَعًا وكان كَمُسَافِرٍ دخل في صَلَاةِ مُقِيمٍ فَفَسَدَتْ عليه صَلَاتُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يصلى أَرْبَعًا لِأَنَّهُ وَجَبَ عليه عَدَدُ صَلَاةِ مُقِيمٍ في الصَّلَاةِ التي دخل معه فيها ( قال ) وَلَوْ صلى مُسَافِرٌ خَلْفَ مُسَافِرٍ فَفَسَدَتْ عليه صَلَاتُهُ فَانْصَرَفَ لِيَتَوَضَّأَ فَعَلِمَ أَنَّ الْمُسَافِرَ صلى رَكْعَتَيْنِ لم يَكُنْ عليه إلَّا رَكْعَتَانِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمُسَافِرَ صلى أَرْبَعًا أو لم يَعْلَمْ صلى أَرْبَعًا أو ثنتين ( ( ( اثنتين ) ) ) صلى أَرْبَعًا لَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذلك وَلَوْ صلى مُسَافِرٌ خَلْفَ رَجُلٍ لَا يَعْلَمُ مُسَافِرٌ هو أو مُقِيمٌ رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفَ الْإِمَامُ من صَلَاتِهِ أو فَسَدَتْ على الْمُسَافِرِ صَلَاتُهُ أو انْتَقَضَ وضوؤه كان عليه أَنْ يصلى أَرْبَعًا لَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذلك وَلَوْ أَنَّ مُسَافِرًا صلى بِمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ فَرَعَفَ فَقَدَّمَ مُقِيمًا كان على الْمُسَافِرِينَ وَالْمُقِيمِينَ وَالْإِمَامِ الرَّاعِفِ أَنْ يُصَلُّوا أَرْبَعًا لِأَنَّهُ لم يُكْمِلْ لِوَاحِدٍ من الْقَوْمِ الصَّلَاةَ حتى كان فيها في صَلَاةِ مُقِيمٍ وَلَوْ صلى مُسَافِرٌ بِمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ رَكْعَتَيْنِ أَتَمَّ الْمُقِيمُونَ وَقَصَرَ الْمُسَافِرُونَ إنْ شاؤوا فَإِنْ نَوَوْا أو وَاحِدٌ منهم أَنْ يُصَلُّوا أَرْبَعًا كَانُوا كَالْمُقِيمِينَ يُتِمُّونَ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُمْ التَّمَامُ بِالنِّيَّةِ إذَا نَوَوْا مع الدُّخُولِ في الصَّلَاةِ أو بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْخُرُوجِ منها الْإِتْمَامَ فَأَمَّا من قام من الْمُسَافِرِينَ إلَى الصَّلَاةِ ينوى أَرْبَعًا فلم يُكَبِّرْ حتى نَوَى اثْنَتَيْنِ أو نَوَى أَرْبَعًا بَعْدَ تَسْلِيمِهِ من اثْنَتَيْنِ فَلَيْسَ عليه أَنْ يصلى أَرْبَعًا وَلَوْ أَنَّ مُسَافِرًا أَمَّ مُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ فَكَانَتْ نِيَّتُهُ اثْنَتَيْنِ فَصَلَّى أَرْبَعًا سَاهِيًا فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ كان معه مُقِيمُونَ صَلُّوا بِصَلَاتِهِ وَهُمْ يَنْوُونَ بها فَرِيضَتَهُمْ فَهِيَ عَنْهُمْ مُجْزِئَةٌ لِأَنَّهُ قد كان له أَنْ يُتِمَّ وَتَكُونُ صَلَاتُهُمْ خَلْفَهُ تَامَّةً وَإِنْ كان من خَلْفَهُ من الْمُسَافِرِينَ نَوَوْا إتْمَامَ الصَّلَاةِ لِأَنْفُسِهِمْ فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ وَإِنْ كَانُوا لم يَنْوُوا إتْمَامَ الصَّلَاةِ لِأَنْفُسِهِمْ إلَّا بِأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّهُ أَتَمَّ لِنَفْسِهِ لَا سَهْوًا فَصَلَاتُهُمْ مُجْزِئَةٌ لِأَنَّهُ قد كان لَزِمَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا أَرْبَعًا خَلْفَ من صلى أَرْبَعًا وَإِنْ كَانُوا صَلُّوا الرَّكْعَتَيْنِ معه على غَيْرِ شَيْءٍ من هذه النِّيَّةِ وَعَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُمْ سَاهٍ فَاتَّبَعُوهُ ولم يُرِيدُوا الاتمام لِأَنْفُسِهِمْ فَعَلَيْهِمْ إعَادَةُ الصَّلَاةِ وَلَا أَحْسِبُهُمْ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَعْلَمُوا سَهْوَهُ لِأَنَّ له أَنْ يَقْصُرَ وَيُتِمَّ فإذا أَتَمَّ فَعَلَى من خَلْفَهُ اتِّبَاعُهُ مُسَافِرِينَ كَانُوا أو مُقِيمِينَ فَأَيُّ مُسَافِرٍ صلى مع مُسَافِرٍ أو مُقِيمٍ وهو لَا يَعْرِفُ أَمُسَافِرٌ إمَامُهُ أَمْ مُقِيمٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يصلى أَرْبَعًا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمُسَافِرَ لم يُصَلِّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ فَيَكُونُ له أَنْ يصلى رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ خفى ذلك عليه كان عليه أَنْ يصلى أَرْبَعًا لَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذلك لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الْمُسَافِرَ كان مِمَّنْ يُتِمُّ صَلَاتَهُ تِلْكَ أولا وإذا افْتَتَحَ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ ثُمَّ ذَهَبَ عليه أَنَوَى عِنْدَ افْتِتَاحِهَا الاتمام أو الْقَصْرَ فَعَلَيْهِ الْإِتْمَامُ فإذا ذَكَرَ أَنَّهُ افْتَتَحَهَا ينوى الْقَصْرَ بَعْدَ نِسْيَانِهِ فَعَلَيْهِ الاتمام لِأَنَّهُ كان فيها في حَالٍ عليه أَنْ يُتِمَّ وَلَا يَكُونُ له أَنْ يَقْصُرَ عنها بِحَالٍ وَلَوْ أَفْسَدَهَا صَلَّاهَا تَمَامًا لَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذلك وَلَوْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ يَنْوِيهَا لَا يَنْوِي بها قَصْرًا وَلَا إتْمَامًا كان عليه الاتمام وَلَا يَكُونُ له الْقَصْرُ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ مع الدُّخُولِ في الصَّلَاةِ لَا تَقْدُمُ النية ( ( ( نية ) ) ) الدُّخُولُ وَلَا الدُّخُولُ نِيَّةَ الْقَصْرِ فإذا كان هذا فَلَهُ أَنْ يَقْصُرَ وإذا لم يَكُنْ هَكَذَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ وَلَوْ افْتَتَحَهَا وَنِيَّتُهُ القصر ( ( ( لقصر ) ) ) ثُمَّ نَوَى أَنْ يُتِمَّ أو شَكَّ في نِيَّتِهِ في الْقَصْرِ أَتَمَّ في كل حَالٍ وَلَوْ جَهِلَ أَنْ
____________________

(1/181)


يَكُونَ له الْقَصْرُ في السَّفَرِ فَأَتَمَّ كانت صَلَاتُهُ تَامَّةً وَلَوْ جَهِلَ رَجُلٌ يَقْصُرُ وهو يَرَى أَنْ ليس له أَنْ يَقْصُرَ أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ قَصَرَهَا ولم يُعِدْ شيئا مِمَّا لم يَقْصُرْ من الصَّلَاةِ وَلَوْ كان رَجُلٌ في سَفَرٍ تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ فَأَتَمَّ بَعْضَ الصَّلَوَاتِ وَقَصَرَ بَعْضَهَا كان ذلك له كما لو وَجَبَ عليه الْوُضُوءُ فَمَسَحَ على الْخُفَّيْنِ صَلَاةً وَنَزَعَ وَتَوَضَّأَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ صَلَاةً كان ذلك له وَكَمَا لو صَامَ يَوْمًا من شَهْرِ رَمَضَانَ مُسَافِرًا وَأَفْطَرَ آخَرَ كان له ذلك وإذا رَقَدَ رَجُلٌ عن صَلَاةٍ في سَفَرٍ أو نَسِيَهَا فَذَكَرَهَا في الْحَضَرِ صَلَّاهَا صَلَاةَ حَضَرٍ وَلَا تَجْزِيهِ عِنْدِي إلَّا هِيَ لِأَنَّهُ إنَّمَا كان له الْقَصْرُ في حَالٍ فَزَالَتْ تِلْكَ الْحَالُ فَصَارَ يَبْتَدِئُ صَلَاتَهَا في حَالٍ ليس له فيها الْقَصْرُ وَلَوْ نسى صَلَاةَ ظُهْرٍ لَا يَدْرِي أَصَلَاةَ حَضَرٍ أو سَفَرٍ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا صَلَاةَ حَضَرٍ إنْ صَلَّاهَا مُسَافِرًا أو مُقِيمًا وَلَوْ نسى ظُهْرًا في حَضَرٍ فَذَكَرَهَا بَعْدَ فَوْتِهَا في السَّفَرِ صَلَّاهَا صَلَاةَ حَضَرٍ لَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذلك وَلَوْ ذَكَرَهَا وقد بقى عليه من وَقْتِ الظُّهْرِ شَيْءٌ كان له أَنْ يُصَلِّيَهَا صَلَاةَ سَفَرٍ - * السَّفَرُ الذي تُقْصَرُ في مِثْلِهِ الصَّلَاةُ بِلَا خَوْفٍ - * (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَصَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في سَفَرِهِ إلَى مَكَّةَ وَهِيَ تِسْعٌ أو عَشْرٌ فَدَلَّ قَصْرُهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم على أَنْ يُقْصَرَ في مِثْلِ ما قَصَرَ فيه وَأَكْثَرَ منه ولم يَجُزْ الْقِيَاسُ على قَصْرِهِ إلَّا بِوَاحِدَةٍ من اثْنَتَيْنِ أَنْ لَا يُقْصَرَ إلَّا في مِثْلِ ما قَصَرَ فيه وَفَوْقَهُ فلما لم أَعْلَمْ مُخَالِفًا في أَنْ يُقْصَرَ في أَقَلَّ من سَفَرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الذي قَصَرَ فيه لم يَجُزْ أَنْ نَقِيسَ على هذا الْوَجْهِ كان الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ إذَا قَصَرَ في سَفَرٍ ولم يُحْفَظْ عنه أَنْ لَا يُقْصَرَ فِيمَا دُونَهُ أَنْ يُقْصَرَ فِيمَا يَقَعُ عليه اسْمُ سَفَرٍ كما يَتَيَمَّمُ ويصلى النَّافِلَةَ على الدَّابَّةِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ فِيمَا وَقَعَ عليه اسْمُ سَفَرٍ ولم يَبْلُغْنَا أَنْ يُقْصَرَ فِيمَا دُونَ يَوْمَيْنِ إلَّا أَنَّ عَامَّةَ من حَفِظْنَا عنه لَا يَخْتَلِفُ في أَنْ لَا يُقْصَرَ فِيمَا دُونَهُمَا فَلِلْمَرْءِ عِنْدِي أَنْ يَقْصُرَ فِيمَا كان مَسِيرَةَ لَيْلَتَيْنِ قَاصِدَتَيْنِ وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ مَيْلًا بِالْهَاشِمِيِّ وَلَا يَقْصُرُ فِيمَا دُونَهَا وَأَمَّا أنا فَأُحِبُّ أَنْ لَا أَقْصُرَ في أَقَلَّ من ثَلَاثٍ احْتِيَاطً

(1/182)


على نَفْسِي وَإِنَّ تَرْكَ الْقَصْرِ مُبَاحٌ لي فَإِنْ قال قَائِلٌ فَهَلْ في أَنْ يَقْصُرَ في يَوْمَيْنِ حُجَّةٌ بِخَبَرٍ مُتَقَدِّمٍ قِيلَ نعم عن بن عَبَّاسٍ وَعَنْ بن عُمَرَ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنهما
أخبرنا سُفْيَانُ عن عَمْرٍو عن عَطَاءٍ عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ أَنَقْصُرُ إلَى عَرَفَةَ فقال لَا وَلَكِنْ إلَى عُسْفَانَ وَإِلَى جُدَّةَ وَإِلَى الطَّائِفِ قال وَأَقْرَبُ هذا من مَكَّةَ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ مَيْلًا بِالْأَمْيَالِ الْهَاشِمِيَّةِ وَهِيَ مَسِيرَةُ لَيْلَتَيْنِ قَاصِدَتَيْنِ دَبِيبَ الْأَقْدَامِ وَسَيْرَ الثِّقَلِ
أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ أَنَّهُ كان يُسَافِرُ مع بن عُمَرَ الْبَرِيدَ فَلَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ
أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن سَالِمٍ أَنَّ بن عُمَرَ رَكِبَ إلَى ذَاتِ النُّصْبِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ في مسيره ذلك قال مَالِكٌ وَبَيْنَ ذَاتِ النُّصْبِ وَالْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ
أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن سَالِمٍ عن أبيه أَنَّهُ رَكِبَ إلَى ريم ( ( ( رئم ) ) ) فَقَصَرَ الصَّلَاةَ في مسيره ذلك قال مَالِكٌ وَذَلِكَ نَحْوٌ من أَرْبَعَةِ بُرُدٍ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَرَادَ الرَّجُلُ أَقَلَّ سَفَرٍ تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ لم يَقْصُرْ حتى يَخْرُجَ من مَنْزِلِهِ الذي يُسَافِرُ منه وَسَوَاءٌ كان الْمَنْزِلُ قَرْيَةً أو صَحْرَاءَ فَإِنْ كانت قَرْيَةً لم يَكُنْ له أَنْ يَقْصُرَ حتى يُجَاوِزَ بُيُوتَهَا وَلَا يَكُونُ بين يَدَيْهِ منها بَيْتٌ مُنْفَرِدًا وَلَا مُتَّصِلًا وَإِنْ كان في صَحْرَاءَ لم يَقْصُرْ حتى يُجَاوِزَ الْبُقْعَةَ التي فيها مَنْزِلُهُ فَإِنْ كان في عَرْضِ وَادٍ فَحَتَّى يَقْطَعَ عَرْضَهُ وَإِنْ كان في طُولِ وَادٍ فَحَتَّى يَبِينَ عن مَوْضِعِ مَنْزِلِهِ وَإِنْ كان في حَاضِرٍ مُجْتَمِعٍ فَحَتَّى يُجَاوِزَ مِطَالَ الْحَاضِرِ وَلَوْ كان في حَاضِرٍ مُفْتَرِقٍ فَحَتَّى يُجَاوِزَ ما قَارَبَ مَنْزِلَهُ من الْحَاضِرِ وَإِنْ قَصَرَ فلم يُجَاوِزْ ما وَصَفْت أَعَادَ الصَّلَاةَ التي قَصَرَهَا في مَوْضِعِهِ ذلك فَإِنْ خَرَجَ فَقَصَدَ سَفَرًا تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ لِيُقِيمَ فيه أَرْبَعًا ثُمَّ يُسَافِرَ إلَى غَيْرِهِ قَصَرَ الصَّلَاةَ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْمَوْضِعَ الذي نَوَى الْمُقَامَ فيه فَإِنْ بَلَغَهُ وَأَحْدَثَ نِيَّةً في أَنْ يَجْعَلَهُ مَوْضِعَ اجْتِيَازٍ لَا مُقَامٍ أَتَمَّ فيه فإذا خَرَجَ منه مُسَافِرًا قَصَرَ وَيُتِمُّ بِنِيَّةِ الْمُقَامِ لِأَنَّ الْمُقَامَ يَكُونُ بِنِيَّةٍ وَلَا يَقْصُرُ بِنِيَّةِ السَّفَرِ حتى يَثْبُتَ بِهِ السَّيْرُ وَلَوْ خَرَجَ يُرِيدُ بَلَدًا يُقِيمُ فيها أَرْبَعًا ثُمَّ بَلَدًا بَعْدَهُ فَإِنْ لم يَكُنْ الْبَلَدُ الذي نَوَى أَنْ يَأْتِيَهُ أَوَّلًا مِمَّا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لم يَقْصُرْهَا إلَيْهِ وإذا خَرَجَ منه فَإِنْ كان الذي يُرِيدُ مِمَّا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ من مَوْضِعِ مَخْرَجِهِ من الْبَلَدِ الذي نَوَى أَنْ يُقِيمَ بِهِ أَرْبَعًا قَصَرَ وَإِلَّا لم يَقْصُرْ فَإِنْ رَجَعَ من الْبَلَدِ الثَّانِي يُرِيدُ بَلَدَهُ قَاصِدًا وهو مِمَّا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ وَلَوْ كانت الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَكَانَتْ نِيَّتُهُ أَنْ يَجْعَلَ طَرِيقَهُ على بَلَدٍ لَا يُعَرِّجُهُ عن الطَّرِيقِ وَلَا يُرِيدُ بِهِ مُقَامًا كان له أَنْ يَقْصُرَ إذَا كانت غَايَةُ سَفَرِهِ إلَى بَلَدٍ تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ لم يَنْوِ بِالْبَلَدِ دُونَهُ مُقَامًا وَلَا حَاجَةَ وَإِنَّمَا هو طَرِيقٌ وَإِنَّمَا لَا يَقْصُرُ إذَا قَصَدَ في حَاجَةٍ فيه وهو مِمَّا لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ وإذا أَرَادَ بَلَدًا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ فَأَثْبَتَ بِهِ سَفَرَهُ ثُمَّ بَدَا ل

(1/183)


قبل أَنْ يَبْلُغَ الْبَلَدَ أو مَوْضِعًا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ الرُّجُوعُ إلَى بَلَدِهِ أَتَمَّ وإذا أَتَمَّ فَإِنْ بَدَا له أَنْ يمضى بِوَجْهِهِ أَتَمَّ بِحَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَايَةُ من سَفَرِهِ مِمَّا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ من مَوْضِعِهِ الذي أَتَمَّ إلَيْهِ وإذا أَرَادَ رَجُلٌ بَلَدًا له طَرِيقَانِ الْقَاصِدُ مِنْهُمَا إذَا سَلَكَ لم يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ما تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالْآخَرُ إذَا سَلَكَ كان بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ما تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ فَأَيَّ الطَّرِيقَيْنِ سَلَكَ فَلَيْسَ له عِنْدِي قَصْرُ الصَّلَاةِ إنَّمَا يَكُونُ له قَصْرُ الصَّلَاةِ إذَا لم يَكُنْ إلَيْهَا طَرِيقٌ إلَّا مَسَافَةَ قَدْرِ ما تُقْصَرُ إلَيْهَا الصَّلَاةُ إلَّا من عَدُوٍّ يَتَخَوَّفُ في الطَّرِيقِ الْقَاصِدِ أو حُزُونَةٍ أو مِرْفَقٍ له في الطَّرِيقِ الْأَبْعَدِ فإذا كان هَكَذَا كان له أَنْ يَقْصُرَ إذَا كانت مَسَافَةُ طَرِيقِهِ ما يُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ في الْقَصْرِ الْمَرِيضُ وَالصَّحِيحُ وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ وَالْأُنْثَى وَالذَّكَرُ إذَا سَافَرُوا مَعًا في غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَمَّا من سَافَرَ بَاغِيًا على مُسْلِمٍ أو مُعَاهَدٍ أو يَقْطَعُ طَرِيقًا أو يُفْسِدُ في الْأَرْضِ أو الْعَبْدُ يَخْرُجُ آبِقًا من سَيِّدِهِ أو الرَّجُلُ هَارِبًا لِيَمْنَعَ حَقًّا لَزِمَهُ أو ما ف

(1/184)


مِثْلِ هذا الْمَعْنَى أو غَيْرِهِ من الْمَعْصِيَةِ فَلَيْسَ له أَنْ يَقْصُرَ فَإِنْ قَصَرَ أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا لِأَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ وَإِنَّمَا جُعِلَتْ الرُّخْصَةُ لِمَنْ لم يَكُنْ عَاصِيًا آلا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى { فَمَنْ اُضْطُرَّ غير بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إثْمَ عليه } وَهَكَذَا لَا يَمْسَحُ على الْخُفَّيْنِ وَلَا يَجْمَعُ الصَّلَاةَ مُسَافِرٌ في مَعْصِيَةٍ وَهَكَذَا لَا يصلى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ نَافِلَةً وَلَا يُخَفِّفُ عَمَّنْ كان سَفَرُهُ في مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ كان من أَهْلِ مَكَّةَ فَحَجَّ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَكَذَلِكَ أَهْلُ عَرَفَةَ وَمِنًى وَمَنْ قَارَبَ مَكَّةَ مِمَّنْ لَا يَكُونُ سَفَرُهُ إلَى عَرَفَةَ مِمَّا تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ وَسَوَاءٌ فِيمَا تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ السَّفَرُ الْمُتْعِبُ وَالْمُتَرَاخِي وَالْخَوْفُ في السَّفَرِ بِطَلَبٍ أو هَرَبٍ وَالْأَمْنُ لِأَنَّ الْقَصْرَ إنَّمَا هو في غَايَةٍ لَا في تَعَبٍ وَلَا في رَفَاهِيَةٍ وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ بِالتَّعَبِ لم يَقْصُرْ في السَّفَرِ الْبَعِيدِ في الْمَحَامِلِ وَقَصْدِ السَّيْرِ وَقَصَرَ في السَّفَرِ الْقَاصِدِ على الْقَدَمَيْنِ وَالدَّابَّةِ في التَّعَبِ وَالْخَوْفِ فإذا حَجَّ الْقَرِيبُ الذي بَلَدُهُ من مَكَّةَ بِحَيْثُ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فَأَزْمَعَ بِمَكَّةَ مُقَامَ أَرْبَعٍ أَتَمَّ وإذا خَرَجَ إلَى عَرَفَةَ وهو يُرِيدُ قَضَاءَ نُسُكِهِ لَا يُرِيدُ مُقَامَ أَرْبَعٍ
____________________

(1/185)


إذَا رَجَعَ إلَى مَكَّةَ قَصَرَ لِأَنَّهُ يَقْصُرُ مُقَامُهُ بِسَفَرٍ ويصلى بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِهِ وَإِنْ كان يُرِيدُ إذَا قَضَى نُسُكَهُ مُقَامَ أَرْبَعٍ بِمَكَّةَ أَتَمَّ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَمَكَّةَ حتى يَخْرُجَ من مَكَّةَ مُسَافِرًا فَيَقْصُرُ وإذا وَلَّى مُسَافِرٌ مَكَّةَ بِالْحَجِّ قَصَرَ حتى يَنْتَهِيَ إلَى مَكَّةَ ثُمَّ أَتَمَّ بها وَبِعَرَفَةَ وَبِمِنًى لِأَنَّهُ انْتَهَى إلَى الْبَلَدِ الذي بها مُقَامُهُ ما لم يَعْزِلْ وَكَذَلِكَ مَكَّةَ وَسَوَاءٌ في ذلك أَمِيرُ الْحَاجِّ وَالسُّوقَةُ لَا يَخْتَلِفُونَ وَهَكَذَا لو عُزِلَ أَمِيرُ مَكَّةَ فَأَرَادَ السَّفَرَ أَتَمَّ حتى يَخْرُجَ من مَكَّةَ وكان كَرَجُلٍ أَرَادَ سَفَرًا ولم يُسَافِرْ - * تَطَوُّعُ الْمُسَافِرِ - * ( قال ) وَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يَتَطَوَّعَ لَيْلًا وَنَهَارًا قَصَرَ أو لم يَقْصُرْ وَثَابِتٌ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ كان يَتَنَفَّلُ لَيْلًا وهو يَقْصُرُ وروى عنه أَنَّهُ كان يصلى قبل الظُّهْرِ مُسَافِرًا رَكْعَتَيْنِ وَقَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا وَثَابِتٌ عنه أَنَّهُ تَنَفَّلَ عَامَ الْفَتْحِ بِثَمَانِ رَكَعَاتٍ ضُحًى وقد قَصَرَ عَامَ الْفَتْحِ - * بَابُ الْمُقَامِ الذي يَتِمُّ بمثله الصَّلَاةُ - *
أخبرنا سُفْيَانُ عن عبد الرحمن بن حُمَيْدٍ قال سَأَلَ عُمَرُ بن عبد الْعَزِيزِ جُلَسَاءَهُ ما سَمِعْتُمْ في مُقَامِ المهاجر ( ( ( المهاجرين ) ) ) بِمَكَّةَ قال السَّائِبُ بن يَزِيدَ حدثني الْعَلَاءُ بن الْحَضْرَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال يَمْكُثُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا فَبِهَذَا قُلْنَا إذَا أَزْمَعَ الْمُسَافِرُ أَنْ يُقِيمَ بِمَوْضِعٍ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ ليس فِيهِنَّ يَوْمٌ كان فيه مُسَافِرًا فَدَخَلَ في بَعْضِهِ وَلَا يَوْمٌ يَخْرُجُ في بَعْضِهِ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَاسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا وَإِنَّمَا يقضى نُسُكَهُ في الْيَوْمِ الذي يَدْخُلُ فيه وَالْمُسَافِرُ لَا يَكُونُ دَهْرُهُ سَائِرًا وَلَا يَكُونُ مُقِيمًا وَلَكِنَّهُ يَكُونُ مُقِيمًا مُقَامَ سَفَرٍ وَسَائِرًا ( قال ) فَأَشْبَهَ ما قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من مُقَامِ الْمُهَاجِرِ ثَلَاثًا حَدُّ مُقَامِ السَّفَرِ وما جَاوَزَهُ كان مُقَامَ الْإِقَامَةِ وَلَيْسَ يُحْسَبُ الْيَوْمُ الذي كان فيه سَائِرًا ثُمَّ قَدِمَ وَلَا الْيَوْمُ الذي كان فيه مُقِيمًا ثُمَّ سَارَ وَأَجْلَى عُمَرُ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه أَهْلَ الذِّمَّةِ من الْحِجَازِ وَضَرَبَ لِمَنْ يَقْدُمُ منهم تَاجِرًا مُقَامَ ثَلَاثٍ فَأَشْبَهَ ما وَصَفْت من السُّنَّةِ وَأَقَامَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِمِنًى ثَلَاثًا يَقْصُرُ وَقَدِمَ في حَجَّتِهِ فَأَقَامَ ثَلَاثًا قبل مَسِيرِهِ إلَى عَرَفَةَ يَقْصُرُ ولم يَحْسِبْ الْيَوْمَ الذي قَدِمَ فيه مَكَّةَ لِأَنَّهُ كان فيه سَائِرًا وَلَا يوم التَّرْوِيَةِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ فيه فلما لم يَكُنْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مُقِيمًا في سَفَرٍ قَصَرَ فيه الصَّلَاةَ أَكْثَرَ من ثَلَاثٍ لم يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مُقِيمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إلَّا مُقَامَ مُسَافِرٍ لِأَنَّ الْمَعْقُولَ أَنَّ الْمُسَافِرَ الذي لَا يُقِيمُ فَكَانَ غَايَةُ مُقَامِ الْمُسَافِرِ ما وَصَفْت اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَمُقَامِهِ فَإِنْ قَصَرَ الْمُجْمِعُ مَقَامَ أَرْبَعٍ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ كل صَلَاةٍ صَلَّاهَا مَقْصُورَةً وإذا قَدِمَ بَلَدًا لَا يُجْمَعُ الْمُقَامُ بِهِ أَرْبَعًا فَأَقَامَ بِبَلَدٍ لِحَاجَةٍ أو عِلَّةٍ من مَرَضٍ وهو عَازِمٌ على الْخُرُوجِ إذَا أَفَاقَ أو فَرَغَ وَلَا غَايَةَ لِفَرَاغِهِ يَعْرِفُهَا قد يَرَى فَرَاغَهُ في سَاعَةٍ وَلَا يدرى لَعَلَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ أَيَّامًا فَكُلُّ ما كان في هذا غير مُقَامِ حَرْبٍ وَلَا خَوْفِ حَرْبٍ قَصَرَ فإذا جَاوَزَ مُقَامَ أَرْبَعٍ أَحْبَبْت أَنْ يُتِمَّ وَإِنْ لم يُتِمَّ أَعَادَ ما صلى بِالْقَصْرِ بَعْدَ أَرْبَعٍ وَلَوْ قِيلَ الْحَرْبُ وَغَيْرُ الْحَرْبِ في هذا سَوَاءٌ كان مَذْهَبًا وَمَنْ قَصَرَ كما يَقْصُرُ في خَوْفِ الْحَرْبِ لم يَبِنْ لى أَنَّ عليه الْإِعَادَةَ وَإِنْ اخْتَرْت ما وَصَفْت وَإِنْ كان مُقَامُهُ لِحَرْبٍ أو خَوْفِ حَرْبٍ فإن رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَقَامَ عَامَ الْفَتْحِ لِحَرْبِ هَوَازِنَ سَبْعَ عَشْرَةَ أو ثَمَانِ عَشْرَةَ يَقْصُرُ ولم يَجُزْ في الْمُقَامِ لِلْخَوْفِ إلَّا وَاحِدٌ من قَوْلَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ ما جَاوَزَ مُقَامَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من هذا الْعَدَدِ أَتَمَّ فيه الْمُقِيمُ الصَّلَاةَ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ
____________________

(1/186)


له الْقَصْرُ أَمَّا كانت هذه حالة أو يقضى الْحَرْبَ فلم أَعْلَمْ في مَذَاهِبِ الْعَامَّةِ الْمَذْهَبَ الْآخَرَ وإذا لم يَكُنْ مَذْهَبًا الْمَذْهَبُ الْآخَرُ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى الْمَذْهَبَيْنِ وإذا أَقَامَ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ أَثْنَاءَهُ ليس بِبَلَدِ مُقَامِهِ لِحَرْبٍ أو خَوْفٍ أو تَأَهُّبٍ لِحَرْبٍ قَصَرَ ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً فإذا جَاوَزَهَا أَتَمَّ الصَّلَاةَ حتى يُفَارِقَ الْبَلَدَ تَارِكًا لِلْمُقَامِ بِهِ آخِذًا في سَفَرِهِ وَهَكَذَا إنْ كان مُحَارِبًا أو خَائِفًا مُقِيمًا في مَوْضِعِ سَفَرٍ قَصَرَ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ فإذا جَاوَزَهَا أَتَمَّ وَإِنْ كان غير خَائِفٍ قَصَرَ أَرْبَعًا فإذا جَاوَزَهَا أَتَمَّ فإذا أَجْمَعَ في وَاحِدَةٍ من الْحَالَيْنِ مُقَامَ أَرْبَعٍ أَتَمَّ خَائِفًا كان أو غير خَائِفٍ وَلَوْ سَافَرَ رَجُلٌ فَمَرَّ بِبَلَدٍ في سَفَرِهِ فَأَقَامَ بِهِ يَوْمًا وقال إنْ لَقِيت فُلَانًا أَقَمْت أَرْبَعًا أو أَكْثَرَ من أَرْبَعٍ قَصَرَ حتى يَلْقَى فُلَانًا فإذا لقى فُلَانًا أَتَمَّ وَإِنْ لقى فُلَانًا فَبَدَا له أَنْ لَا يُقِيمَ أَرْبَعًا أَتَمَّ لِأَنَّهُ قد نَوَى الْمُقَامَ بِلِقَائِهِ وَلَقِيَهُ وَالْمُقَامُ يَكُونُ بِالنِّيَّةِ مع الْمُقَامِ لِاجْتِمَاعِ النِّيَّةِ وَالْمُقَامِ وَنِيَّةُ السَّفَرِ لَا يَكُونُ له بها الْقَصْرُ حتى يَكُونَ مَعَهَا سَفَرٌ فَتَجْتَمِعُ النِّيَّةُ وَالسَّفَرُ وَلَوْ قَدِمَ الْبَلَدَ فقال إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أَقَمْت فَانْتَظَرَهُ أَرْبَعًا أَتَمَّ بَعْدَهَا في الْقَوْلِ الذي اخْتَرْت وَإِنْ لم يَقْدُمْ فُلَانٌ فإذا خَرَجَ من مَنَازِلِ الْقَرْيَةِ قَصَرَ وَإِنْ سَافَرَ رَجُلٌ من مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ وَلَهُ فِيمَا بين مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مَالٌ أو أَمْوَالٌ أو مَاشِيَةٌ أو مَوَاشٍ فَنَزَلَ بِشَيْءٍ من مَالِهِ كان له أَنْ يَقْصُرَ ما لم يَجْمَعْ الْمُقَامَ في شَيْءٍ منها أَرْبَعًا وَكَذَلِكَ إنْ كان له بِشَيْءٍ منها ذُو قَرَابَةٍ أو أَصْهَارٌ أو زَوْجَةٌ ولم يَنْوِ الْمُقَامَ في شَيْءٍ من هذه أَرْبَعًا قَصَرَ إنْ شَاءَ قد قَصَرَ أَصْحَابُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم معه عَامَ الْفَتْحِ وفي حَجَّتِهِ وفي حَجَّةِ أبي بَكْرٍ وَلِعَدَدٍ منهم بِمَكَّةَ دَارٌ أو أَكْثَرُ وَقَرَابَاتٌ منهم أبو بَكْرٍ له بِمَكَّةَ دَارٌ وَقَرَابَةٌ وَعُمَرُ له بِمَكَّةَ دُورٌ كَثِيرَةٌ وَعُثْمَانُ له بِمَكَّةَ دَارٌ وَقَرَابَةٌ فلم أَعْلَمْ منهم أَحَدًا أَمَرَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالْإِتْمَامِ وَلَا أَتَمَّ وَلَا أَتَمُّوا بَعْدَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في قُدُومِهِمْ مَكَّةَ بَلْ حُفِظَ عَمَّنْ حَفِظَ عنه منهم الْقَصْرُ بها وَلَوْ خَرَجَ رَجُلٌ يُرِيدُ لِقَاءَ رَجُلٍ أو أَخْذَ عَبْدٍ له أو ضَالَّةٍ بِبَلَدٍ مسيره أَقَلِّ ما تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ أو أَكْثَرَ فقال إنْ لَقِيت الْحَاجَةَ دُونَ الْبَلَدِ رَجَعْت لم يَكُنْ له أَنْ يَقْصُرَ حتى تَكُونَ نِيَّتُهُ بُلُوغَ الْبَلَدِ الذي تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لَا نِيَّةَ له في الرُّجُوعِ دُونَهُ بِحَالٍ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ خَرَجَ يُرِيدُ بَلَدًا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ بِلَا نِيَّةٍ أَنْ يَبْلُغَهُ بِكُلِّ حَالٍ وقال لَعَلِيِّ أَبْلُغَهُ أو أَرْجِعَ عنه لم يَقْصُرْ حتى ينوى بِكُلِّ حَالَةٍ بُلُوغَهُ وَلَوْ خَرَجَ يَنْوِي بُلُوغَهُ لِحَاجَةٍ لَا يَنْوِي إنْ قَضَاهَا دُونَهُ الرُّجُوعَ كان له الْقَصْرُ فَمَتَى لقى الْحَاجَةَ دُونَهُ أو بَدَا له أَنْ يَرْجِعَ بِلَا قَضَاءِ الْحَاجَةِ وكان مَوْضِعُهُ الذي بَلَغَ مِمَّا لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ أَتَمَّ في رُجُوعِهِ وَإِنْ كان مَوْضِعُهُ الذي بَلَغَ مِمَّا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لو ابْتَدَأَ إلَيْهِ السَّفَرَ ثُمَّ بَدَا له الرُّجُوعُ منه قَصَرَ الصَّلَاةَ وَلَوْ بَدَا له الْمُقَامُ بِهِ أَتَمَّ حتى يُسَافِرَ منه ثُمَّ يَقْصُرَ إذَا سَافَرَ وَلَوْ خَرَجَ رَجُلٌ يُرِيدُ بَلَدًا ثُمَّ بَلَدًا بَعْدَهُ فَإِنْ كان الْبَلَدُ الْأَدْنَى مِمَّا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَهَا وَإِنْ كان مِمَّا لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لم يَقْصُرْهَا فإذا خَرَجَ منها فَإِنْ كان بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَلَدِ الذي يُرِيدُ ما تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ قَصَرَ وَإِنْ لم يَكُنْ لم يَقْصُرْ لِأَنِّي أَجْعَلُهُ حِينَئِذٍ مِثْلَ مُبْتَدِئِ سَفَرِهِ كَابْتِدَائِهِ من أَهْلِهِ وإذا رَجَعَ من الْبَلَدِ الْأَقْصَى فَإِنْ أَرَادَ بَلَدَهُ فَإِنْ كان بَيْنَهُمَا ما يُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ قَصَرَ وَإِنْ لم يَكُنْ يَقْصُرُ وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى الْبَلَدِ الذي بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِهِ ثُمَّ بَلَدِهِ لم يَقْصُرْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ إيَّاهَا طَرِيقًا فَيَقْصُرُ وإذا خَرَجَ رَجُلٌ من مَكَّةَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ قَصَرَ فَإِنْ خَافَ في طَرِيقِهِ وهو بِعُسْفَانَ فَأَرَادَ الْمُقَامَ بِهِ أو الْخُرُوجَ إلَى بَلَدٍ غَيْرِ الْمَدِينَةِ لِيُقِيمَ أو يَرْتَادَ الْخَيْرَ بِهِ جَعَلْته إذَا تَرَكَ النِّيَّةَ الْأُولَى من سَفَرِهِ إلَى الْمَدِينَةِ مُبْتَدِئًا السَّفَرَ من عُسْفَانَ فَإِنْ كان السَّفَرُ الذي يُرِيدُهُ من عُسْفَانَ على ما لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لم يَقْصُرْ وَإِنْ كان على ما تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ وَكَذَلِكَ إذَا رَجَعَ منه يُرِيدُ مَكَّةَ أو بَلَدًا سِوَاهُ جَعَلْته مُبْتَدِئًا سَفَرًا منه فَإِنْ كانت حَيْثُ يُرِيدُ ما تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ وَإِنْ كان مِمَّا لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لم يَقْصُرْ وَالْمُسَافِرُ في الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ يُعْتَبَرُ بِسَيْرِ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ كما لَا يُعْتَبَرُ بِسَيْرِ البرد ( ( ( البر ) ) ) وَلَا الْخَيْلِ وَلَا نُجُبِ الرِّكَابِ وَلَا زَحْفَ الْمُقْعَدِ وَلَا دَبِيبَ الزَّمِنِ وَلَا سَيْرَ الأجمال ( ( ( الأحمال ) ) ) الثِّقَال

(1/187)


وَلَكِنْ إذَا سَافَرَ في الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ مَسِيرَةً يُحِيطُ الْعِلْمُ أنها لو كانت في الْبَرِّ قُصِرَتْ فيها الصَّلَاةُ قَصَرَ وَإِنْ كان في شَكٍّ من ذلك لم يَقْصُرُ حتى يَسْتَيْقِنَ بِأَنَّهَا مَسِيرَةُ ما تُقْصَرُ فيها الصَّلَاةُ وَالْمُقَامُ في الْمَرَاسِي وَالْمَوَاضِعِ التي يُقَامُ فيها في الْأَنْهَارِ كَالْمُقَامِ في الْبِرِّ لَا يَخْتَلِفُ فإذا أَزْمَعَ مُقَامَ أَرْبَعٍ في مَوْضِعٍ أَتَمَّ وإذا لم يُزْمِعْ مُقَامَ أَرْبَعٍ قَصَرَ وإذا حَبَسَهُ الرِّيحُ في الْبَحْرِ ولم يُزْمِعْ مُقَامًا إلَّا لِيَجِدَ السَّبِيلَ إلَى الْخُرُوجِ بِالرِّيحِ قَصَرَ ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْبَعٍ فإذا مَضَتْ أَرْبَعٌ أَتَمَّ كما وَصَفْت في الِاخْتِيَارِ فإذا أَثْبَتَ بِهِ مَسِيرَةً قَصَرَ فَإِنْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ قَصَرَ حتى يَجْمَعَ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَيُتِمَّ حين يَجْمَعُ بِالنِّيَّةِ مُقَامَ أَرْبَعٍ أو يُقِيمُ أَرْبَعًا إنْ لم يُزْمِعْ مُقَامًا فَيُتِمُّ بِمُقَامِ أَرْبَعٍ في الِاخْتِيَارِ وإذا كان الرَّجُلُ مَالِكًا لِلسَّفِينَةِ وكان فيها مَنْزِلُهُ وكان معه فيها أَهْلُهُ أو لَا أَهْلَ له معه فيها فَأَحَبُّ إلى أَنْ يُتِمَّ وَلَهُ أَنْ يَقْصُرَ إذَا سَافَرَ وَعَلَيْهِ حَيْثُ أَرَادَ مُقَامًا غير مُقَامِ سَفَرٍ أَنْ يُتِمَّ وهو فيها كَالْغَرِيبِ يَتَكَارَاهَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِيمَا له غير أَنِّي أُحِبُّ له أَنْ يُتِمَّ وَهَكَذَا أُجَرَاؤُهُ وَرُكْبَانُ مَرْكَبِهِ وإذا كان الرَّجُلُ من أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَدَارُهُ حَيْثُ أَرَادَ الْمُقَامَ وَإِنْ كان مِمَّنْ لَا مَالَ له وَلَا دَارَ يَصِيرُ إلَيْهَا وكان سَيَّارَةً يَتَّبِعُ أَبَدًا مَوَاقِعَ الْقَطْرِ حَلَّ بِمَوْضِعٍ ثُمَّ شَامَ بَرْقًا فَانْتَجَعَهُ فَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ بِبَلَدٍ تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ وَإِنْ شَكَّ لم يَقْصُرْ وَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ بِبَلَدٍ تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ وَكَانَتْ نِيَّتُهُ إنْ مَرَّ بِمَوْضِعٍ مُخْصِبٍ أو مُوَافِقٍ له في الْمَنْزِلِ دُونَهُ أَنْ يَنْزِلَ لم يَقْصُرْ أَبَدًا ما كانت نِيَّتُهُ أَنْ يَنْزِلَ حَيْثُ حَمِدَ من الْأَرْضِ وَلَا يَجُوزُ له أَنْ يَقْصُرَ أَبَدًا حتى يَكُونَ على يَقِينٍ من أَنَّهُ يُرِيدُ سَفَرًا لَا عُرْجَةَ له عنه إلَّا عُرْجَةَ الْمَنْزِلِ وَيَبْلُغُ وَيَكُونُ السَّفَرُ مِمَّا تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ (1) أخبرنا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ قال أخبرنا محمد بن إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قال قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ من يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ } الْآيَةُ وقال اللَّهُ عز وجل { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ }
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني صَفْوَانُ بن سُلَيْمٍ عن نَافِعِ بن جُبَيْرٍ وَعَطَاءِ بن يَسَارٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال شَاهِدٌ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَمَشْهُودٌ يَوْمُ عَرَفَةَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني شَرِيكُ بن عبد اللَّهِ بن أبي نَمِرٍ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مثله
أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال وَحَدَّثَنِي عبد الرحمن بن حَرْمَلَةَ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مثله + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَدَلَّتْ السُّنَّةُ من فَرْضِ الْجُمُعَةِ على ما دَلَّ عليه كِتَابُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن بن طَاوُسٍ عن أبيه عن أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نَحْنُ الْآخَرُونَ وَنَحْنُ السَّابِقُونَ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ من قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ من بَعْدِهِمْ فَهَذَا الْيَوْمُ الذي اخْتَلَفُوا فيه فَهَدَانَا اللَّهُ له فَالنَّاسُ لنا فيه تَبَعٌ الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ مثله إلَّا أَنَّهُ قال بَائِدَ أَنَّهُمْ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ حدثني محمد بن عَمْرٍو عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال نَحْنُ الْآخَرُونَ السَّابِقُونَ يوم الْقِيَامَةِ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ خَرَجَ قَوْمٌ من بَلَدٍ يُرِيدُونَ بَلَدًا تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ وَنِيَّتُهُمْ إذَا مَرُّوا بِمَوْضِعٍ مُخْصِبٍ أَنْ يَرْتَعُوا فيه ما احْتَمَلَهُمْ لم يَكُنْ لهم أَنْ يَقْصُرُوا فَإِنْ كانت نِيَّتُهُمْ أَنْ يَرْتَعُوا فيه الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لَا يَبْلُغُوا أَنْ يَنْوُوا فيه مُقَامِ أَرْبَعٍ فَلَهُمْ أَنْ يَقْصُرُوا وإذا مَرُّوا بِمَوْضِعٍ فَأَرَادُوا فيه مُقَامَ أَرْبَعٍ أَتَمُّوا فَإِنْ لم يُرِيدُوا مُقَامَ أَرْبَعٍ وَأَقَامُوا أَرْبَعًا أَتَمُّوا بَعْدَ مُقَامِ الْأَرْبَعِ في الِاخْتِيَارِ - * إيجَابُ الْجُمُعَةِ - *

(1/188)


من قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ من بَعْدِهِمْ ثُمَّ هذا يَوْمُهُمْ الذي فُرِضَ عليهم ( يَعْنِي الْجُمُعَةَ ) فَاخْتَلَفُوا فيه فَهَدَانَا اللَّهُ له فَالنَّاسُ لنا فيه تَبَعٌ السَّبْتُ وَالْأَحَدُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ كان مُقِيمًا بِبَلَدٍ تَجِبُ فيه الْجُمُعَةُ من بَالِغٍ حُرٍّ لَا عُذْرَ له وَجَبَتْ عليه الْجُمُعَةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْعُذْرُ الْمَرَضُ الذي لَا يَقْدِرُ معه على شُهُودِ الْجُمُعَةِ إلَّا بِأَنْ يَزِيدَ في مَرَضِهِ أو يَبْلُغَ بِهِ مَشَقَّةً غير مُحْتَمَلَةٍ أو يَحْبِسَهُ السُّلْطَانُ أو من لَا يَقْدِرُ على الِامْتِنَاعِ منه بِالْغَلَبَةِ أو يَمُوتَ بَعْضُ من يَقُومُ بِأَمْرِهِ من قَرَابَةٍ أو ذِي آصِرَةٍ من صِهْرٍ أو مَوَدَّةٍ أو من يَحْتَسِبُ في وِلَايَةِ أَمْرِهِ الْأَجْرَ فَإِنْ كان هذا فَلَهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ مَرِضَ له وَلَدٌ أو وَالِدٌ فَرَآهُ مَنْزُولًا بِهِ وَخَافَ فَوْتَ نَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ عليه أَنْ يَدَعَ له الْجُمُعَةَ وَكَذَلِكَ إنْ لم يَكُنْ ذلك بِهِ وكان ضَائِعًا لَا قَيِّمَ له غَيْرُهُ أو له قَيِّمٌ غَيْرُهُ له شُغْلٌ في وَقْتِ الْجُمُعَةِ عنه فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ له الْجُمُعَةَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن بن أبي نَجِيحٍ عن إسْمَاعِيلَ بن عبد الرحمن عن بن أبي ذِئْبٍ أَنَّ بن عُمَرَ دعى وهو يَسْتَحِمُّ لِلْجُمَعَةِ لِسَعِيدِ بن زَيْدِ بن عَمْرِو بن نُفَيْلٍ وهو يَمُوتُ فَأَتَاهُ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أَصَابَهُ غَرَقٌ أو حَرْقٌ أو سُرِقَ وكان يَرْجُو في تَخَلُّفِهِ عن الْجُمُعَةِ دَفْعَ ذلك أو تَدَارُكَ شَيْءٍ فات ( ( ( فلت ) ) ) منه فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ له الْجُمُعَةَ وَكَذَلِكَ إنْ ضَلَّ له وَلَدٌ أو مَالٌ من رَقِيقٍ أو حَيَوَانٍ أو غَيْرِهِ فَرَجَا في تَخَلُّفِهِ تَدَارُكَهُ كان ذلك له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان خَائِفًا إذَا خَرَجَ إلَى الْجُمُعَةِ أَنْ يَحْبِسَهُ السُّلْطَانُ بِغَيْرِ حَقٍّ كان له التَّخَلُّفُ عن الْجُمُعَةِ فَإِنْ كان السُّلْطَانُ يَحْبِسُهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ في دَمٍ أو حَدٍّ لم يَسَعْهُ التَّخَلُّفُ عن الْجُمُعَةِ وَلَا الْهَرَبُ في غَيْرِ الْجُمُعَةِ من صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَرْجُو أَنْ يَدْفَعَ الْحَدَّ بِعَفْوٍ أو قِصَاصٍ بِصُلْحٍ فَأَرْجُو أَنْ يَسَعَهُ ذلك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان تَغَيُّبُهُ عن غَرِيمٍ لعسره وَسِعَهُ التَّخَلُّفُ عن الْجُمُعَةِ وَإِنْ كان مُوسِرًا بِقَضَاءِ دَيْنِهِ لم يَسَعْهُ التَّخَلُّفُ عن الْجُمُعَةِ خَوْفَ الْحَبْسِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان يُرِيدُ سَفَرًا لم أُحِبَّ له في الِاخْتِيَارِ أَنْ يُسَافِرَ يوم الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَيَجُوزُ له أَنْ يُسَافِرَ قبل الْفَجْرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان مُسَافِرًا قد أَجْمَعَ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَمِثْلُ الْمُقِيمِ وَإِنْ لم يَجْمَعْ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَلَا يُحْرَجُ عِنْدِي بِالتَّخَلُّفِ عن الْجُمُعَةِ وَلَهُ أَنْ يَسِيرَ وَلَا يَحْضُرَ الْجُمُعَةَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن الْأَسْوَدِ بن قَيْسٍ عن أبيه أَنَّ عُمَرَ أَبْصَرَ رَجُلًا عليه هَيْئَةُ السَّفَرِ وهو يقول لَوْلَا أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لَخَرَجْت فقال له عُمَرُ فَاخْرُجْ فإن الْجُمُعَةَ لَا تَحْبِسُ عن سَفَرٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَيْسَ على الْمُسَافِرِ أَنْ يَمُرَّ بِبَلَدٍ جمعة إلَّا أَنْ يَجْمَعَ فيه مُقَامَ أَرْبَعٍ فَتَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إنْ كانت في مُقَامِهِ وإذا لَزِمَتْهُ لم يَكُنْ له أَنْ يُسَافِرَ بَعْدَ الْفَجْرِ يوم الْجُمُعَةِ حتى يَجْمَعَ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَيْسَ على غَيْرِ الْبَالِغِينَ وَلَا على النِّسَاءِ وَلَا على الْعَبِيدِ جُمُعَةٌ وَأُحِبُّ لِلْعَبِيدِ إذَا أُذِنَ لهم أَنْ يَجْمَعُوا وَلِلْعَجَائِزِ إذَا أُذِنَ لهم وَلِلْغِلْمَانِ وَلَا أَعْلَمُ منهم أَحَدًا يُحْرَجُ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ بِحَالٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمَأْذُونُ له في التِّجَارَةِ وَسَائِرُ الْعَبِيدِ في هذا سَوَاءٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أُعْتِقَ بَعْضُ الْعَبْدِ فَكَانَتْ الْجُمُعَةُ في يَوْمِهِ الذي يُتْرَكُ فيه لِنَفْسِهِ لم أُرَخِّصْ له في تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ تَرَكَهَا لم أَقُلْ له أنه يُحْرَجُ كما يُحْرَجُ الْحُرُّ لو تَرَكَهَا لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لِلْحُرِّ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا من عُذْرٍ وَهَذَا قد يأتى عليه أَحْوَالٌ لَا تَلْزَمُهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالتَّنْزِيلُ ثُمَّ السُّنَّةُ يَدُلَّانِ على إيجَابِ الْجُمُعَةِ وَعُلِمَ أَنَّ يوم الْجُمُعَةِ الْيَوْمُ الذي بين الْخَمِيسِ وَالسَّبْتِ من الْعِلْمِ الذي يَعْلَمُهُ الْجَمَاعَةُ عن الْجَمَاعَةِ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَجَمَاعَةٍ من بَعْدِهِ من الْمُسْلِمِينَ كما نَقَلُوا الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَكَانَتْ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِ قبل الْإِسْلَامِ عُرُوبَةٌ قال الشَّاعِرُ % نَفْسِي الْفِدَاءُ لِأَقْوَامٍ هُمُو خَلَطُوا % يوم الْعُرُوبَةِ أَزْوَادًا بِأَزْوَادٍ %
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني سَلَمَةُ بن عبد اللَّهِ الْخِطْمِيُّ عن مُحَمَّدِ بن كَعْبٍ القرظى أَنَّهُ سمع رَجُلًا من بَنِي وَائِلٍ يقول قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم تَجِبُ الْجُمُعَةُ على كل مُسْلِمٍ إلَّا امْرَأَةً أو صَبِيًّا أو مَمْلُوكًا

(1/189)


فيها لِلرِّقِّ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا قِيلَ لَا جُمُعَةَ عليهم وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ لَا يُحْرَجُونَ بِتَرْكِهَا كما يَكُونُ الْمَرْءُ فَقِيرًا لَا يَجِدُ مَرْكَبًا وَزَادًا فَيَتَكَلَّفُ الْمَشْيَ وَالتَّوَصُّلَ بِالْعَمَلِ في الطَّرِيقِ وَالْمَسْأَلَةِ فَيَحُجُّ فيجزى عنه أو يَكُونُ كَبِيرًا لَا يَقْدِرُ على الرُّكُوبِ فَيَتَحَامَلُ على أَنْ يَرْبِطَ على دَابَّةٍ فَيَكُونُ له حَجٌّ وَيَكُونُ الرَّجُلُ مُسَافِرًا أو مَرِيضًا مَعْذُورًا بِتَرْكِ الصَّوْمِ فَيَصُومُ فَيَجْزِي عنه ليس أَنَّ وَاحِدًا من هَؤُلَاءِ لَا يُكْتَبُ له أَجْرُ ما عَمِلَ من هذا فَيَكُونُ من أَهْلِهِ وَإِنْ كان لَا يُحْرَجُ بِتَرْكِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أُحِبُّ لِوَاحِدٍ مِمَّنْ له تَرْكُ الْجُمُعَةِ من الْأَحْرَارِ لِلْعُذْرِ وَلَا من النِّسَاءِ وَغَيْرِ الْبَالِغِينَ وَالْعَبِيدِ أَنْ يصلى الظُّهْرَ حتى يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ أو يتأخى ( ( ( يتوخى ) ) ) انْصِرَافَهُ بِأَنْ يَحْتَاطَ حتى يَرَى أَنَّهُ قد انْصَرَفَ لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ يَقْدِرُ على إتْيَانِ الْجُمُعَةِ فَيَكُونُ إتْيَانُهَا خَيْرًا له وَلَا أَكْرَهُ إذَا انْصَرَفَ الْإِمَامُ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً حَيْثُ كَانُوا إذَا كان ذلك غير رَغْبَةٍ عن الصَّلَاةِ مع الْإِمَامِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ صَلُّوا جَمَاعَةً أو فُرَادَى بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ فَلَا إعَادَةَ عليهم لِأَنَّهُمْ مَعْذُورُونَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ قال الشَّافِعِيُّ وَإِنْ صَلُّوا جَمَاعَةً أو فُرَادَى فَأَدْرَكُوا الْجُمُعَةَ مع الْإِمَامِ صَلَّوْهَا وَهِيَ لهم نَافِلَةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَمَّا من عليه الْجُمُعَةُ مِمَّنْ لَا عُذْرَ له في التَّخَلُّفِ عنها فَلَيْسَ له أَنْ يصلى الْجُمُعَةَ إلَّا مع الْإِمَامِ فَإِنْ صَلَّاهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ لم تُجْزِ عنه وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا إذَا انْصَرَفَ الْإِمَامُ ظُهْرًا أَرْبَعًا من قِبَلِ أَنَّهُ لم يَكُنْ أَنْ يُصَلِّيَهَا وكان عليه إتْيَانُ الْجُمُعَةِ فلما فَاتَتْهُ صَلَّاهَا قَضَاءً وكان كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ حتى فَاتَهُ وَقْتُهَا وَيُصَلِّيَهَا قَضَاءً وَيَجْمَعَهَا وَلَا أَكْرَهُ جَمْعَهَا إلَّا أَنْ يَجْمَعَهَا اسْتِخْفَافًا بِالْجُمُعَةِ أو رَغْبَةً عن الصَّلَاةِ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَآمُرُ أَهْلَ السِّجْنِ وَأَهْلَ الصِّنَاعَاتِ عن الْعَبِيدِ بِأَنْ يَجْمَعُوا وَإِخْفَاؤُهُمْ الْجَمْعَ أَحَبُّ إلَيَّ من إعْلَانِهِ خَوْفًا أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ أَنَّهُمْ جَمَعُوا رَغْبَةً عن الصَّلَاةِ مع الْأَئِمَّةِ - * الْعَدَدُ الَّذِينَ إذَا كَانُوا في قَرْيَةٍ وَجَبَتْ عليهم الْجُمُعَةُ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا كانت الْجُمُعَةُ وَاجِبَةً وَاحْتَمَلَتْ أَنْ تَكُونَ تَجِبُ على كل مُصَلٍّ بِلَا وَقْتِ عَدَدِ مُصَلِّينَ وَأَيْنَ كان المصلى من مَنْزِلِ مُقَامٍ وَظَعْنٍ فلم نَعْلَمْ خِلَافًا في أَنْ لَا جُمُعَةَ عليه إلَّا في دَارِ مُقَامٍ ولم أَحْفَظْ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَجِبُ على أَقَلَّ من أَرْبَعِينَ رَجُلًا وقد قال غَيْرُنَا لَا تَجِبُ إلَّا على أَهْلِ مِصْرٍ جَامِعٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَمِعْت عَدَدًا من أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ تَجِبُ الْجُمُعَةُ على أَهْلِ دَارِ مُقَامٍ إذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَكَانُوا أَهْلَ قَرْيَةٍ فَقُلْنَا بِهِ وكان أَقَلُّ ما عَلِمْنَاهُ قِيلَ بِهِ ولم يَجُزْ عِنْدِي أَنْ أَدَّعِ الْقَوْلَ بِهِ وَلَيْسَ خَبَرٌ لَازِمٌ يُخَالِفُهُ وقد يُرْوَى من حَيْثُ لَا يُثْبِتُ أَهْلُ الحديث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم جَمَعَ حين قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِأَرْبَعِينَ رَجُلًا وروى أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَهْلِ قُرَى عُرَيْنَةَ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ وروى أَنَّهُ أَمَرَ عَمْرَو بن حَزْمٍ أَنْ يصلى الْعِيدَيْنِ بِأَهْلِ نَجْرَانَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرنا عبد الْعَزِيزِ بن عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ عن أبيه عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد اللَّهِ بن عُتْبَةَ قال كُلُّ قَرْيَةٍ فيها أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَعَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا الثِّقَةُ عن سُلَيْمَانَ بن مُوسَى أَنَّ عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْمِيَاهِ فِيمَا بين الشَّامِ إلَى مَكَّةَ جَمَعُوا إذَا بَلَغْتُمْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كان من أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا وَالْقَرْيَةُ الْبِنَاءُ وَالْحِجَارَةُ وَاللَّبِنُ وَالسُّقُفُ وَالْجَرَائِدُ وَالشَّجَرُ لِأَنَّ هذا بِنَاءٌ كُلُّهُ وَتَكُونُ بُيُوتُهَا مُجْتَمِعَةً وَيَكُونُ أَهْلُهَا لَا يَظْعَنُونَ عنها شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا ظَعْنَ حَاجَةٍ مِثْلَ ظَعْنِ أَهْلِ الْقُرَى وَتَكُونُ بُيُوتُهَا مُجْتَمِعَةً اجْتِمَاعَ بُيُوتِ الْقُرَى فَإِنْ لم تَكُنْ مُجْتَمِعَةً فَلَيْسُوا أَهْلَ قَرْيَةٍ وَلَا يَجْمَعُونَ وَيُتِمُّونَ إذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حُرًّا بَالِغًا فإذا كَانُوا هَكَذَا رَأَيْت وَاَللَّهُ تَعَالَى
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ قُلْت لَا جُمُعَةَ عليه من الْأَحْرَارِ لِلْعُذْرِ بِالْحَبْسِ أو غَيْرِهِ وَمِنْ النِّسَاءِ وَغَيْرِ الْبَالِغِينَ وَالْمَمَالِيكِ فإذا شَهِدَ الْجُمُعَةَ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ وإذا أَدْرَكَ منها رَكْعَةً أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَأَجْزَأَتْهُ عن الْجُمُعَةِ

(1/190)


أَعْلَمُ إن عليهم الْجُمُعَةَ فإذا صَلُّوا الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْهُمْ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت قَرْيَةٌ فيها هذا الْعَدَدُ أو أَكْثَرُ منه ثُمَّ مَاتَ بَعْضُهُمْ أو غَابُوا أو انْتَقَلَ منهم حتى لَا يَبْقَى بها ( ( ( فيها ) ) ) أَرْبَعُونَ رَجُلًا لم يَكُنْ لهم أَنْ يَجْمَعُوا وَلَوْ كَثُرَ من يَمُرُّ بها من الْمُسْلِمِينَ مُسَافِرًا أو تَاجِرًا غير سَاكِنٍ لم يُجْمَعْ فيها إذَا لم يَكُنْ أَهْلُهَا أربعون ( ( ( أربعين ) ) ) + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت قَرْيَةً كما وَصَفْت فَتَهَدَّمَتْ مَنَازِلُهَا أو تَهَدَّمَ من مَنَازِلِهَا وبقى في الْبَاقِي منها أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَإِنْ كان أَهْلُهَا لَازِمِينَ لها لِيُصْلِحُوهَا جَمَعُوا كَانُوا في مَظَالَّ أو غَيْرِ مَظَالَّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان أَهْلُهَا أَرْبَعِينَ أو أَكْثَرَ فَمَرِضَ عَامَّتُهُمْ حتى لم يُوَافِ الْمَسْجِدَ منهم يوم الْجُمُعَةِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا حُرًّا بَالِغًا صَلُّوا الظُّهْرَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ من قَوْمٍ مَارِّينَ أو تُجَّارٍ لَا يَسْكُنُونَهَا لم يَكُنْ لهم أَنْ يَجْمَعُوا إذَا لم يَكُنْ مَعَهُمْ من أَهْلِ الْبَلَدِ الْمُقِيمِينَ بِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا حُرًّا بَالِغًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان أَهْلُهَا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حُرًّا بَالِغًا وَأَكْثَرَ وَمِنْهُمْ مَغْلُوبٌ على عَقْلِهِ وَلَيْسَ من بقى منهم أَرْبَعِينَ رَجُلًا صَحِيحًا بَالِغًا يَشْهَدُونَ الْجُمُعَةَ كلهم لم يَجْمَعُوا وإذا كان أَهْلُ الْقَرْيَةِ أَرْبَعِينَ فَصَاعِدًا فَخَطَبَهُمْ الْإِمَامُ يوم الْجُمُعَةِ فَانْفَضَّ عنه بَعْضُهُمْ قبل تَكْبِيرَةِ الصَّلَاةِ حتى لَا يبقي معه أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَإِنْ ثَابُوا قبل أَنْ يُكَبِّرَ حتى يَكُونُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا صلى بِهِمْ الْجُمُعَةَ وَإِنْ لم يَكُونُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حتى يُكَبِّرَ لم يُصَلِّ بِهِمْ الْجُمُعَةَ وَصَلُّوهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ انْفَضُّوا عنه فَانْتَظَرَهُمْ بَعْدَ الْخُطْبَةِ حتى يَعُودُوا أَحْبَبْت له أَنْ يُعِيدَ خُطْبَةً أُخْرَى إنْ كان في الْوَقْتِ مُهْلَةٌ ثُمَّ يُصَلِّيَهَا جُمُعَةً فَإِنْ لم يَفْعَلْ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بين الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ فَصْلٌ يَتَبَاعَدُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ خَطَبَ بِهِمْ وَهُمْ أَقَلُّ من أَرْبَعِينَ رَجُلًا ثُمَّ ثَابَ الْأَرْبَعُونَ قبل أَنْ يَدْخُلَ في الصَّلَاةِ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَلَا أَرَاهَا تُجْزِئُ عنه حتى يَخْطُبَ بِأَرْبَعِينَ فَيَفْتَتِحَ الصَّلَاةَ بِهِمْ إذَا كَبَّرَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أُحِبُّ في الْأَرْبَعِينَ إلَّا من وَصَفْت عليه فَرْضَ الْجُمُعَةِ من رَجُلٍ حُرٍّ بَالِغٍ غَيْرِ مَغْلُوبٍ على عَقْلِهِ مُقِيمٍ لَا مُسَافِرٍ ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ خَطَبَ بِأَرْبَعِينَ ثُمَّ كَبَّرَ بِهِمْ ثُمَّ انْفَضُّوا من حَوْلِهِ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا إنْ بقى معه اثْنَانِ حتى تَكُونَ صَلَاتُهُ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ تَامَّةٍ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْهُ لِأَنَّهُ دخل فيها وَهِيَ مُجْزِئَةٌ عَنْهُمْ وَلَوْ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا أَجْزَأَتْهُ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أنها لَا تُجْزِئُهُ بِحَالٍ حتى يَكُونَ معه أَرْبَعُونَ حين يَدْخُلُ وَيُكْمِلُ الصَّلَاةَ وَلَكِنْ لو لم يَبْقَ منهم إلَّا عَبْدَانِ أو عَبْدٌ وَحُرٌّ أو مُسَافِرَانِ أو مُسَافِرٌ وَمُقِيمٌ صَلَّاهَا ظُهْرًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ بقى معه منهم بَعْدَ تَكْبِيرِهِ اثْنَانِ أو أَكْثَرُ فَصَلَّاهَا جُمُعَةً ثُمَّ بَانَ له أَنَّ الِاثْنَيْنِ أو أَحَدَهُمَا مُسَافِرٌ أو عَبْدٌ أو امْرَأَةٌ أَعَادَهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولم يُجْزِئُهُ جُمُعَةٌ في وَاحِدٍ من الْقَوْلَيْنِ حتى يُكْمِلَ معه الصَّلَاةَ اثْنَانِ مِمَّنْ عليه جُمُعَةٌ فَإِنْ صلى وَلَيْسَ وَرَاءَهُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا مِمَّنْ عليه فَرْضُ الْجُمُعَةِ كانت عليهم ظُهْرًا أَرْبَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ قبل أَنْ يُكَبِّرَ فَقَدَّمَ رَجُلًا مِمَّنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ وَخَلْفَهُ أَقَلُّ من أَرْبَعِينَ رَجُلًا صَلُّوهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا لَا يُجْزِئُهُمْ وَلَا الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ إلَّا ذلك من قِبَلِ أَنَّ إمَامَتَهُ زَالَتْ وَابْتَدَلَتْ بِإِمَامَةِ رَجُلٍ لو كان الْإِمَامُ مُبْتَدِئًا في حَالِهِ تِلْكَ لم يُجْزِئْهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا إلَّا ظُهْرًا أَرْبَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا افْتَتَحَ الْإِمَامُ جُمُعَةً ثُمَّ أَمَرْته أَنْ يَجْعَلَهَا ظُهْرًا أَجْزَأَهُ ما صلى منها وهو يَنْوِي الْجُمُعَةَ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ هِيَ الظُّهْرُ يوم الْجُمُعَةِ إلَّا أَنَّهُ كان له قَصْرُهَا فلما حَدَثَ حَالٌ ليس له فيها قَصْرُهَا أَتَمَّهَا كما يَبْتَدِئُ الْمُسَافِرُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ ينوى الْمُقَامَ قبل أَنْ يُكْمِلَ الرَّكْعَتَيْنِ فَيُتِمَّ الصَّلَاةَ أَرْبَعًا وَلَا يَسْتَأْنِفَهَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا بَلَغُوا هذا الْعَدَدَ ولم يَحْضُرُوا الْجُمُعَةَ كلهم رَأَيْت أَنْ يُصَلُّوهَا ظُهْرًا وَإِنْ كَانُوا هذا الْعَدَدَ أو أَكْثَرَ منه في غَيْرِ قَرْيَةٍ كما وَصَفْت لم يَجْمَعُوا وَإِنْ كَانُوا في مَدِينَةٍ عَظِيمَةٍ فيها مُشْرِكُونَ من غَيْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أو من عَبِيدِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَنِسَائِهِمْ ولم يَبْلُغْ الْأَحْرَارُ الْمُسْلِمُونَ الْبَالِغُونَ فيها أَرْبَعِينَ رَجُلًا لم يَكُنْ عليهم أَنْ يَجْمَعُوا وَلَوْ كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ مَارِّينَ بها وَأَهْلُهَا لَا يَبْلُغُونَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا لم يَكُنْ عليهم أَنْ يَجْمَعُوا

(1/191)


- * من تَجِبُ عليه الْجُمُعَةُ بِمَسْكَنِهِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان قَوْمٌ بِبَلَدٍ يُجْمِعُ أَهْلُهَا وَجَبَتْ الْجُمُعَةُ على من يَسْمَعُ النِّدَاءَ من سَاكِنِي الْمِصْرِ أو قَرِيبًا منه بِدَلَالَةِ الْآيَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَتَجِبُ الْجُمُعَةُ عِنْدَنَا على جَمِيعِ أَهْلِ الْمِصْرِ وَإِنْ كَثُرَ أَهْلُهَا حتى لَا يَسْمَعَ أَكْثَرُهُمْ النِّدَاءَ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ تَجِبُ بِالْمِصْرِ وَالْعَدَدِ وَلَيْسَ أَحَدٌ منهم أَوْلَى بِأَنْ تَجِبَ عليه الْجُمُعَةُ من غَيْرِهِ إلَّا من عُذْرٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقولى سمع النِّدَاءَ إذَا كان الْمُنَادِي صَيِّتًا وكان هو مُسْتَمِعًا وَالْأَصْوَاتُ هَادِئَةٌ فَأَمَّا إذَا كان الْمُنَادِي غير صَيِّتٍ وَالرَّجُلُ غَافِلٌ وَالْأَصْوَاتُ ظَاهِرَةٌ فَقَلَّ من يَسْمَعُ النِّدَاءَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَسْت أَعْلَمُ في هذا أَقْوَى مِمَّا وَصَفْت وقد كان سَعِيدُ بن زَيْدٍ وأبو هُرَيْرَةَ يَكُونَانِ بِالشَّجَرَةِ على أَقَلَّ من سِتَّةِ أَمْيَالٍ فَيَشْهَدَانِ الْجُمُعَةَ وَيَدَعَانِهَا وقد كان يروي أَنَّ أَحَدَهُمَا كان يَكُونُ بِالْعَقِيقِ فَيَتْرُكُ الْجُمُعَةَ وَيَشْهَدُهَا ويروي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن عَمْرِو بن الْعَاصِ كان على مِيلَيْنِ من الطَّائِفِ فَيَشْهَدُ الْجُمُعَةَ وَيَدَعُهَا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني عبد اللَّهِ بن زَيْدٍ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قال تَجِبُ الْجُمُعَةُ على من يَسْمَعُ النِّدَاءَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كانت قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ وكان لها قُرًى حَوْلَهَا مُتَّصِلَةَ الْأَمْوَالِ بها وَكَانَتْ أَكْثَرُ سُوقِ تِلْكَ الْقُرَى في الْقَرْيَةِ الْجَامِعَةِ لم أُرَخِّصْ لِأَحَدٍ منهم في تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَكَذَلِكَ لَا أُرَخِّصُ لِمَنْ على الْمِيلِ وَالْمِيلَيْنِ وما أَشْبَهَ هذا وَلَا يَتَبَيَّنُ عِنْدِي أَنْ يُحْرَجَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ إلَّا من سمع النِّدَاءَ وَيُشْبِهُ أَنْ يُحْرَجَ أَهْلُ الْمِصْرِ وَإِنْ عَظُمَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ - * من يُصَلَّى خَلْفَهُ الْجُمُعَةَ - * وَالْجُمُعَةُ خَلْفَ كل إمَامٍ صَلَّاهَا من أَمِيرٍ وَمَأْمُورٍ وَمُتَغَلِّبٍ على بَلْدَةٍ وَغَيْرِ أَمِيرٍ مُجْزِئَةٌ كما تُجْزِئُ الصَّلَاةُ خَلْفَ كل من سَلَفَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن بن شِهَابٍ عن أبي عُبَيْدٍ مولى بن أَزْهَرَ قال شَهِدْنَا الْعِيدَ مع عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَتُجْزِئُ الْجُمُعَةُ خَلْفَ الْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ كما تُجْزِئُ الصَّلَاةُ غَيْرَهَا خَلْفَهُمَا فَإِنْ قِيلَ ليس فَرْضُ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِمَا قِيلَ ليس يَأْثَمَانِ بِتَرْكِهَا وَهُمَا يُؤْجَرَانِ على أَدَائِهَا وَتُجْزِئُ عنهما كما تُجْزِئُ عن الْمُقِيمِ وَكِلَاهُمَا عليه فَرْضُ الصَّلَاةِ بِكَمَالِهَا وَلَا أَرَى أَنَّ الْجُمُعَةَ تُجْزِئُ خَلْفَ غُلَامٍ لم يَحْتَلِمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَلَا تَجْمَعُ امْرَأَةٌ بِنِسَاءٍ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ إمَامَةُ جَمَاعَةٍ كَامِلَةٍ وَلَيْسَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لها أَنْ تَكُونَ إمَامَ جَمَاعَةٍ كَامِلَةٍ - * الصَّلَاةُ في مَسْجِدَيْنِ فَأَكْثَرَ - * ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يُجْمَعُ في مِصْرٍ وَإِنْ عَظُمَ أَهْلُهُ وَكَثُرَ عَامِلُهُ وَمَسَاجِدُهُ إلَّا في مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ وَإِنْ كانت له مَسَاجِدُ عِظَامٌ لم يُجْمَعْ فيها إلَّا في وَاحِدٍ وَأَيُّهَا جُمِعَ فيه أَوَّلًا بَعْدَ الزَّوَالِ فَهِيَ الْجُمُعَةُ وَإِنْ جُمِعَ في آخَرَ سِوَاهُ يَعُدُّهُ لم يَعْتَدَّ الَّذِينَ جَمَعُوا بَعْدَهُ بِالْجُمُعَةِ وكان عليهم أَنْ يُعِيدُوا ظُهْرًا أَرْبَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ الذي جَمَعَ أَوَّلًا الوالى أو مَأْمُورٌ أو رَجُلٌ أو تَطَوَّعَ أو تَغَلَّبَ أو عُزِلَ فَامْتَنَعَ من الْعَزْلِ بِمَنْ جَمَعَ معه أَجْزَأَتْ عنه الْجُمُعَةُ وَمَنْ جَمَعَ مع الذي بَعْدَهُ لم تُجْزِهِ الْجُمُعَةُ وَإِنْ كان وَالِيًا وَكَانَتْ عليه إعَادَةُ الظُّهْرِ ( قال ) وَهَكَذَا إنْ جَمَعَ من الْمِصْرِ في مَوَاضِعَ فَالْجُمُعَةُ الْأُولَى وما سِوَاهَا لَا تُجْزِئُ إلَّا ظُهْرًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أَشْكَلَ على الَّذِينَ جَمَعُوا أَيُّهُمْ جَمَعَ أَوَّلًا أَعَادُوا كلهم ظُهْرًا أَرْبَعًا ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَشْكَلَ ذلك عليهم فَعَادُوا فَجَمَعَتْ منهم طَائِفَةٌ ثَانِيَةٌ في وَقْتِ الْجُمُعَةِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ من يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ }

(1/192)


أَجْزَأَهُمْ ذلك لِأَنَّ جُمُعَتَهُمْ الْأُولَى لم تَجْزِ عَنْهُمْ وَهُمْ أَوَّلًا حين جَمَعُوا أَفْسَدُوا ثُمَّ عَادُوا فَجَمَعُوا في وَقْتِ الْجُمُعَةِ ( قال الرَّبِيعُ ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنْ يُصَلُّوا ظُهْرًا لِأَنَّ الْعِلْمَ يُحِيطُ أَنَّ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قد صَلَّتْ قبل الْأُخْرَى فَكَمَا جَازَتْ الصَّلَاةُ لِلَّذِينَ صَلُّوا أَوَّلًا وَإِنْ لم يَعْرِفُوهَا لم يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يصلى الْجُمُعَةَ بَعْدَ تَمَامِ جُمُعَةٍ قد تَمَّتْ - * الْأَرْضُ تَكُونُ بها الْمَسَاجِدُ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وإذا اتَّسَعَتْ الْبَلَدُ وَكَثُرَتْ عِمَارَتُهَا فَبُنِيَتْ فيها مَسَاجِدُ كَثِيرَةٌ عِظَامٌ وَصِغَارٌ لم يَجُزْ عِنْدِي أَنْ يصلى الْجُمُعَةَ فيها إلَّا في مَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ إذَا اتَّصَلَتْ بِالْبَلَدِ الْأَعْظَمِ منها قَرَيَات صِغَارٌ لم أُحِبَّ أَنْ يصلى إلَّا في الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ وَإِنْ صلى في مَسْجِدٍ منها غَيْرِهِ صُلِّيَتْ الظُّهْرُ أَرْبَعًا وَإِنْ صُلِّيَتْ الْجُمُعَةُ أَعَادَ من صَلَّاهَا فيها ( قال ) وتصلي الْجُمُعَةُ في الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَإِنْ صَلَّاهَا الْإِمَامُ في مَسْجِدٍ من مَسَاجِدِهَا أَصْغَرَ منه كَرِهْت ذلك له وَهِيَ مُجْزِئَةٌ عنه قال وَإِنْ صلى غَيْرُ إمَامٍ في مَسْجِدِهَا الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامُ في مَسْجِدٍ أَصْغَرَ فَجُمُعَةُ الْإِمَامِ وَمَنْ معه مُجْزِئَةٌ وَيُعِيدُ الْآخَرُونَ الْجُمُعَةَ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ وَكَّلَ الْإِمَامُ من يصلى فَصَلَّى وَكِيلُ الْإِمَامِ في الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ أو الْأَصْغَرِ قبل الْإِمَامِ وَصَلَّى الْإِمَامُ في مَسْجِدٍ غَيْرِهِ فَجُمُعَةُ الَّذِينَ صَلُّوا في الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ أو الْأَصْغَرِ قبل الْإِمَامِ مُجْزِئَةٌ وَيُعِيدُ الْآخَرُونَ ظُهْرًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا لو قَدَّمُوا في صَلَاةِ الْخُسُوفِ في مَسَاجِدِهِمْ لم أَكْرَهْ من هذا شيئا بَلْ أُحِبُّهُ وَلَا أَكْرَهُهُ في حَالٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ من تَخَلَّفَ عن الْجَمَاعَةِ الْعُظْمَى أَقْوِيَاءَ على حُضُورِهَا فَأَكْرَهُ ذلك لهم أَشَدَّ الْكَرَاهِيَةِ وَلَا إعَادَةَ عليهم فَأَمَّا أَهْلُ الْعُذْرِ بِالضَّعْفِ فَأُحِبُّ لهم ذلك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْجُمُعَةُ مُخَالِفَةٌ لِهَذَا كُلِّهِ ( قال ) وإذا صَلَّوْا جَمَاعَةً أو مُنْفَرِدِينَ صَلُّوا كما يصلى الْإِمَامُ لَا يُخَالِفُونَهُ في وَقْتٍ وَلَا صَلَاةٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ مُتَكَلِّمُهُمْ بِخُطْبَةٍ إذَا كان بِأَمْرِ الْوَالِي فَإِنْ لم يَكُنْ بِأَمْرِ الْوَالِي كَرِهْت له ذلك كَرَاهِيَةَ الْفُرْقَةِ في الْخُطْبَةِ وَلَا أَكْرَهُ ذلك في الصَّلَاةِ كما لَا أَكْرَهُهُ في الْمَكْتُوبَاتِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا إذَا وَكَّلَ الْإِمَامُ رَجُلَيْنِ يصلى أَيُّهُمَا أَدْرَكَ فَأَيُّهُمَا صلى الْجُمُعَةَ أَوَّلًا أَجْزَأَهُ وَإِنْ صلى الْآخَرُ بَعْدَهُ فَهِيَ ظُهْرٌ وَإِنْ كان وَالٍ يصلى في مَسْجِدٍ صَغِيرٍ وَجَاءَ وَالٍ غَيْرُهُ فَصَلَّى في مَسْجِدٍ عَظِيمٍ فَأَيُّهُمَا صلى أَوَّلًا فَهِيَ الْجُمُعَةُ وإذا قُلْت أَيُّهُمَا صلى أَوَّلًا فَهِيَ الْجُمُعَةُ فلم يُدْرَ أَيُّهُمَا صلى أَوَّلًا فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الْجُمُعَةَ في الْوَقْتِ أَجْزَأَتْ وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ أَعَادَا مَعًا فَصَلَّيَا مَعًا أَرْبَعًا أَرْبَعًا ( قال الرَّبِيعُ ) يُرِيدُ يُعِيدُ الظُّهْرَ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْأَعْيَادُ مُخَالِفَةٌ الْجُمُعَةَ الرَّجُلُ يصلى الْعِيدَ مُنْفَرِدًا وَمُسَافِرًا وَتُصَلِّيهِ الْجَمَاعَةُ لَا يَكُونُ عليها جُمُعَةٌ لِأَنَّهَا لَا تُحِيلُ فَرْضًا وَلَا أَرَى بَأْسًا إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ إلَى مُصَلَّاهُ في الْعِيدَيْنِ أو الِاسْتِسْقَاءِ أَنْ يَأْمُرَ من يصلى بضعفه الناس الْعِيدَ في مَوْضِعٍ من الْمِصْرِ أو مَوَاضِعَ ( قال ) وإذا كانت صَلَاةُ الرَّجُلِ مُنْفَرِدًا مُجْزِئَةً فَهِيَ أَقَلُّ من صَلَاةِ جَمَاعَةٍ بِأَمْرِ وَالٍ وَإِنْ لم يَأْمُرْ الْوَالِي فَقَدَّمُوا وَاحِدًا أَجْزَأَ عَنْهُمْ

(1/193)


- * وَقْتُ الْجُمُعَةِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ لم يُسَلِّمْ من الْجُمُعَةِ حتى يَخْرُجَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ لم تُجْزِهِ الْجُمُعَةُ وَهِيَ له ظُهْرٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا أَرْبَعًا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني خَالِدُ بن رَبَاحٍ عن الْمُطَّلِبِ بن حَنْطَبٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يُصَلِّي الْجُمُعَةَ إذَا فَاءَ الْفَيْءُ قَدْرَ ذِرَاعٍ أو نَحْوِهِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ عن يُوسُفَ بن مَاهَكَ قال قَدِمَ مُعَاذُ بن جَبَلٍ على أَهْلِ مَكَّةَ وَهُمْ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ وَالْفَيْءُ في الْحِجْرِ فقال لَا تُصَلُّوا حتى تَفِيءَ الْكَعْبَةُ من وَجْهِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَوَجْهُهَا الْبَابُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) يَعْنِي معاذ ( ( ( معاذا ) ) ) حتى تَزُولَ الشَّمْسُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا اخْتِلَافَ عِنْدَ أَحَدٍ لَقِيته أَنْ لَا تُصَلَّى الْجُمُعَةُ حتى تَزُولَ الشَّمْسُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ حتى يَتَبَيَّنَ زَوَالَ الشَّمْسِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ ابْتَدَأَ رَجُلٌ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ قبل أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ ثُمَّ زَالَتْ الشَّمْسُ فَأَعَادَ خُطْبَتَهُ أَجْزَأَتْ عنه الْجُمُعَةُ وَإِنْ لم يُعِدْ خُطْبَتَيْنِ بَعْدَ الزَّوَالِ لم تُجْزِ الْجُمُعَةُ عنه وكان عليه أَنْ يُصَلِّيَهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَإِنْ صلى الْجُمُعَةَ في حَالٍ لَا تجزئ ( ( ( تجزي ) ) ) عنه فيه ثُمَّ أَعَادَ الْخُطْبَةَ وَالصَّلَاةَ في الْوَقْتِ أَجْزَأَتْ عنه وَإِلَّا صَلَّاهَا ظُهْرًا وَالْوَقْتُ الذي تَجُوزُ فيه الْجُمُعَةُ ما بين أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ إلَى أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا تُجْزِئُ جُمُعَةٌ حتى يَخْطُبَ الْإِمَامُ خُطْبَتَيْنِ وَيُكْمِلَ السَّلَامَ منها قبل دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ دخل أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ قبل أَنْ يُسَلِّمَ منها فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ الْجُمُعَةَ ظُهْرًا أَرْبَعًا فَإِنْ لم يَفْعَلْ حتى خَرَجَ منها فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا قال الشَّافِعِيُّ وَلَوْ اغفل الْجُمُعَةَ ( 1 ) حتى يَعْلَمَ أَنَّهُ خَطَبَ أَقَلَّ من خُطْبَتَيْنِ وَصَلَّى أَخَفَّ من رَكْعَتَيْنِ لم يَخْرُجْ من الصَّلَاةِ حتى يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ كان عليه أَنْ يُصَلِّيَ ظُهْرًا أَرْبَعًا وَلَا يَخْطُبُ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يَخْطُبُ أَخَفَّ خُطْبَتَيْنِ ويصلى أَخَفَّ رَكْعَتَيْنِ إذَا كَانَتَا مُجْزِئَتَيْنِ عنه قبل دُخُولِ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ لم يَجُزْ له إلَّا أَنْ يَفْعَلَ فَإِنْ خَرَجَ من الصَّلَاةِ قبل دُخُولِ الْعَصْرِ فَهِيَ مُجْزِئَةٌ عنه وَإِنْ لم يَخْرُجْ منها حتى يَدْخُلَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ أَتَمَّهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا فَإِنْ لم يَفْعَلْ وسلم اسْتَأْنَفَ ظُهْرًا أَرْبَعًا لَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذلك فَإِنْ خَرَجَ من الصَّلَاةِ وهو يَشُكُّ وَمَنْ معه أَدَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ أَمْ لَا فَصَلَاتُهُمْ وَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ عَنْهُمْ لِأَنَّهُمْ على يَقِينٍ من الدُّخُولِ في الْوَقْتِ وفي شَكٍّ من أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُجْزِئُهُمْ فَهُمْ كَمَنْ اسْتَيْقَنَ بِوُضُوءٍ وَشَكَّ في انتقاضه ( ( ( انتفاضه ) ) ) + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ شَكُّوا أَكْمَلُوا الصَّلَاةَ قبل دُخُولِ الْوَقْتِ بِظُلْمَةٍ أو رِيحٍ أو غَيْرِهِمَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُشْبِهُ الْجُمُعَةَ فِيمَا وَصَفْت الرَّجُلَ يُدْرِكُ رَكْعَةً قبل غُرُوبِ الشَّمْسِ كان عليه أَنْ يصلى الْعَصْرَ بَعْدَ غُرُوبِهَا وَلَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يصلى الْجُمُعَةَ في غَيْرِ وَقْتِهَا لِأَنَّهُ قَصَرَ في وَقْتِهَا وَلَيْسَ له الْقَصْرُ إلَّا حَيْثُ جُعِلَ له - * وَقْتُ الْأَذَانِ لِلْجُمُعَةِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يُؤَذَّنُ لِلْجُمُعَةِ حتى تَزُولَ الشَّمْسُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أُذِّنَ لها قبل الزَّوَالِ أُعِيدَ الْأَذَانُ لها بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِنْ أَذَّنَ لها مُؤَذِّنٌ قبل الزَّوَالِ وَآخَرُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَجْزَأَ الْأَذَانُ الذي بَعْدَ الزَّوَالِ ولم يُعَدْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَوَقْتُ الْجُمُعَةِ ما بين أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ إلَى أَنْ يَكُونَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ قبل أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ من صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَمَنْ صَلَّاهَا بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى أَنْ يَكُونَ سَلَامُهُ منها قبل آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَقَدْ صَلَّاهَا في وَقْتِهَا وَهِيَ له جُمُعَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ في بَلَدٍ قد جُمِعَ فيه قَبْلَهُ

(1/194)


الْأَذَانُ الذي قبل الزَّوَالِ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْأَذَانُ يوم الْجُمُعَةِ حين يَدْخُلُ الْإِمَامُ الْمَسْجِدَ وَيَجْلِسُ على مَوْضِعِهِ الذي يَخْطُبُ عليه خَشَبٌ أو جَرِيدٌ أو مِنْبَرٌ أو شَيْءٌ مَرْفُوعٌ له أو الْأَرْضُ فإذا فَعَلَ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ في الْأَذَانِ فإذا فَرَغَ قام فَخَطَبَ لَا يَزِيدُ عليه (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد كان عَطَاءٌ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ أَحْدَثَهُ وَيَقُولُ أَحْدَثَهُ مُعَاوِيَةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى إعلم + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَيُّهُمَا كان فَالْأَمْرُ الذي على عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَحَبُّ إلى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ أَذَّنَ جَمَاعَةٌ من الْمُؤَذِّنِينَ وَالْإِمَامُ على الْمِنْبَرِ وَأُذِّنَ كما يُؤَذَّنُ الْيَوْمَ أَذَانٌ قبل أَذَانِ الْمُؤَذِّنِينَ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ على الْمِنْبَرِ كَرِهْت ذلك له وَلَا يُفْسِدُ شَيْءٌ منه صَلَاتَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَيْسَ في الْأَذَانِ شَيْءٌ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ لِأَنَّ الْأَذَانَ ليس من الصَّلَاةِ إنَّمَا هو دُعَاءٌ إلَيْهَا وَكَذَلِكَ لو صلى بِغَيْرِ أَذَانٍ كَرِهْت ذلك له وَلَا إعَادَةَ عليه - * مَتَى يَحْرُمُ الْبَيْعُ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ من يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْأَذَانُ الذي يَجِبُ على من عليه فَرْضُ الْجُمُعَةِ أَنْ يَذَرَ عِنْدَهُ الْبَيْعَ الْأَذَانُ الذي كان على عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَذَلِكَ الْأَذَانُ الذي بَعْدَ الزَّوَالِ وَجُلُوسِ الْإِمَامِ على الْمِنْبَرِ فَإِنْ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ قبل جُلُوسِ الْإِمَامِ على الْمِنْبَرِ وَبَعْدَ الزَّوَالِ لم يَكُنْ الْبَيْعُ مَنْهِيًّا عنه كما يُنْهَى عنه إذَا كان الْإِمَامُ على الْمِنْبَرِ وَأَكْرَهُهُ لِأَنَّ ذلك الْوَقْتَ الذي أُحِبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْلِسَ فيه على الْمِنْبَرِ وَكَذَلِكَ إنْ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ قبل الزَّوَالِ وَالْإِمَامُ على الْمِنْبَرِ لم يُنْهَ عن الْبَيْعِ إنَّمَا ينهي عن الْبَيْعِ إذَا اجْتَمَعَ أَنْ يُؤَذِّنَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالْإِمَامُ على الْمِنْبَرِ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا تَبَايَعَ من لَا جُمُعَةَ عليه في الْوَقْتِ المنهى فيه عن الْبَيْعِ لم أَكْرَهْ الْبَيْعَ لِأَنَّهُ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا المنهى عن الْبَيْعِ الْمَأْمُورُ بِإِتْيَانِ الْجُمُعَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ بَايَعَ من لَا جُمُعَةَ عليه من عليه جُمُعَةٌ كَرِهْت ذلك لِمَنْ عليه الْجُمُعَةُ لِمَا وَصَفْت وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ مُعِينًا له على ما أَكْرَهُ له وَلَا أَفْسَخُ الْبَيْعَ بِحَالٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَكْرَهُ الْبَيْعَ يوم الْجُمُعَةِ قبل الزَّوَالِ وَلَا بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَحَدٍ بِحَالٍ وإذا تَبَايَعَ الْمَأْمُورَانِ بِالْجُمُعَةِ في الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ فيه عن الْبَيْعِ لم يَبْنِ لي أَنْ أَفْسَخَ الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَعْقُولًا أَنَّ النَّهْيَ عن الْبَيْعِ في ذلك الْوَقْتِ إنَّمَا هو لِإِتْيَانِ الصَّلَاةِ لَا أَنَّ الْبَيْعَ يَحْرُمُ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ الْمُحَرَّمُ لِنَفْسِهِ أَلَا تَرَى لو أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ صَلَاةً ولم يَبْقَ عليه من وَقْتِهَا إلَّا ما يَأْتِي بِأَقَلَّ ما يُجْزِئُهُ منها فَبَايَعَ فيه كان عَاصِيًا بِالتَّشَاغُلِ بِالْبَيْعِ عن الصَّلَاةِ حتى يَذْهَبَ وَقْتُهَا ولم تَكُنْ مَعْصِيَةُ التَّشَاغُلِ عنها تُفْسِدُ بَيْعَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - * التَّبْكِيرُ إلَى الْجُمُعَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن الزُّهْرِيِّ عن بن الْمُسَيِّبِ عن أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا كان يَوْمُ الْجُمُعَةِ كان على كل بَابٍ من أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الناس على مَنَازِلِهِمْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ فإذا خَرَجَ الْإِمَامُ طُوِيَتْ الصُّحُفُ وَاسْتَمَعُوا الْخُطْبَةَ وَالْمُهَجِّرُ إلَى الصَّلَاةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً ثُمَّ الذي يَلِيه كَالْمُهْدِي بَقَرَةً ثُمَّ الذي يَلِيه كَالْمُهْدِي كَبْشًا حتى ذَكَرَ الدَّجَاجَةَ وَالْبَيْضَةَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن سُمَيٍّ عن
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ إذَا كان على الْمِنْبَرِ لَا جَمَاعَةُ مُؤَذِّنِينَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرني الثِّقَةُ عن الزُّهْرِيِّ عن السَّائِبِ بن يَزِيدَ أَنَّ الْأَذَانَ كان أَوَّلُهُ لِلْجُمُعَةِ حين يَجْلِسُ الْإِمَامُ على الْمِنْبَرِ على عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وأبى بَكْرٍ وَعُمَرَ فلما كانت خلافه عُثْمَانَ وَكَثُرَ الناس أَمَرَ عُثْمَانَ بِأَذَانٍ ثَانٍ فَأُذِّنَ بِهِ فَثَبَتَ الْأَمْرُ على ذلك

(1/195)


أبى صَالِحٍ السَّمَّانِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال من اغْتَسَلَ يوم الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقَرْنَ وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فإذا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ إنَّهُمْ مَأْمُورُونَ إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ من يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِأَنْ يَسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّمَا أُمِرُوا بِالْفَرْضِ عليهم وَأَمْرُهُمْ بِالْفَرْضِ عليهم لَا يَمْنَعُ فَضْلًا قَدَّمُوهُ عن نَافِلَةٍ لهم - * الْمَشْيُ إلَى الْجُمُعَةِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ من يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ }
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن الزُّهْرِيِّ عن سَالِمٍ عن أبيه قال ما سَمِعْت عُمَرَ قَطُّ يَقْرَؤُهَا إلَّا
< فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ > + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَعْقُولٌ أَنَّ السَّعْيَ في هذا الْمَوْضِعِ الْعَمَلُ قال اللَّهُ عز وجل { إنَّ سَعْيكُمْ لَشَتَّى } وقال { وَأَنْ ليس لِلْإِنْسَانِ إلَّا ما سَعَى } وقال عز ذِكْرُهُ { وإذا تَوَلَّى سَعَى في الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فيها } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) قال زُهَيْرٌ % سَعَى بِعَهْدِهِمْ قَوْمٌ لِكَيْ يُدْرِكُوهُمْ % فلم يَفْعَلُوا ولم يُلِيمُوا ولم يَأْلُوا % ( وَزَادَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا في هذا الْبَيْتِ ) % وما يَكُ من خَيْرٍ أَتَوْهُ فَإِنَّمَا % تَوَارَثَهُ آبَاءُ آبَائِهِمْ قَبْلُ % % وَهَلْ يَحْمِلُ الْخُطَى إلَّا وَشِيجَهُ % وَتُغْرَسُ إلَّا في مَنَابِتِهَا النَّخْلُ %
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني عبد اللَّهِ بن عبد الرحمن بن جَابِرِ بن عَتِيكٍ عن جَدِّهِ جَابِرِ بن عَتِيكٍ صَاحِبِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا خَرَجْت إلَى الْجُمُعَةِ فَامْشِ على هِينَتِك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَفِيمَا وَصَفْنَا من دَلَالَةِ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل أَنَّ السَّعْيَ الْعَمَلُ وفي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ فما أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا ما فَاتَكُمْ فَاقْضُوا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْجُمُعَةُ صَلَاةٌ كَافٍ من أَنْ يُرْوَى في تَرْكِ الْعَدْوِ على الْقَدَمَيْنِ إلَى الْجُمُعَةِ عن أَحَدٍ دُونَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم شَيْءٌ وما عَلِمْت أَحَدًا رَوَى عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْجُمُعَةِ أَنَّهُ زَادَ فيها على مَشْيِهِ إلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَلَا عن أَحَدٍ من أَصْحَابِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا تُؤْتَى الْجُمُعَةُ إلَّا مَاشِيًا كما تُؤْتَى سَائِرُ الصَّلَوَاتِ وَإِنْ سَعَى إلَيْهَا سَاعٍ أو إلَى غَيْرِهَا من الصَّلَوَاتِ لم تَفْسُدْ عليه صَلَاتُهُ ولم أُحِبَّ ذلك له - * الْهَيْئَةُ لِلْجُمُعَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه رأي حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ لو اشْتَرَيْت هذه الْحُلَّةَ فَلَبِسْتَهَا يوم الْجُمُعَةِ والوفد ( ( ( وللوفد ) ) ) إذَا قَدِمُوا عَلَيْك فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّمَا يَلْبَسُ هذه من لَا خَلَاقَ له في الْآخِرَةِ ثُمَّ جاء رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم منها حُلَلٌ فَأَعْطَى عُمَرُ بن الْخَطَّابِ منها حُلَّةً فقال عُمَرُ يا رَسُولَ اللَّهِ كَسَوْتنِيهَا وقد قُلْت في حُلَّةِ عُطَارِدٍ ما قُلْت فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لم أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا له مُشْرِكًا بِمَكَّةَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ لِكُلِّ من وَجَبَتْ عليه الْجُمُعَةُ أَنْ يُبَكِّرَ إلَى الْجُمُعَةِ جَهْدَهُ فَكُلَّمَا قَدَّمَ التَّبْكِيرَ كان أَفْضَلَ ما جاء عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلِأَنَّ الْعِلْمَ يُحِيطُ أَنَّ من زَادَ في التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كان أَفْضَلَ

(1/196)


عن بن السَّبَّاقِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال في جُمُعَةٍ من الْجُمَعِ يا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إنَّ هذا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ فَاغْتَسِلُوا وَمَنْ كان مِنْكُمْ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَمَسَّ منه وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَحَبُّ ما يُلْبَسُ إلى الْبَيَاضُ فَإِنْ جَاوَزَهُ بِعَصْبِ الْيَمَنِ وَالْقَطَرِيِّ وما أَشْبَهَهُ مِمَّا يُصْبَغُ غَزْلُهُ وَلَا يُصْبَغُ بَعْدَ ما يُنْسَجُ فَحَسَنٌ وإذا صَلَّاهَا طَاهِرًا متوارى الْعَوْرَةِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ اسْتَحْبَبْت له ما وَصَفْت من نَظَافَةٍ وَغَيْرِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا أُحِبُّ لِمَنْ حَضَرَ الْجُمُعَةَ من عَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَغَيْرِهِ إلَّا النِّسَاءَ فَإِنِّي أُحِبُّ لَهُنَّ النَّظَافَةَ بِمَا يَقْطَعُ الرِّيحَ الْمُتَغَيِّرَةَ وَأَكْرَهُ لَهُنَّ الطِّيبَ وما يُشْهَرْنَ بِهِ من الثِّيَابِ بَيَاضٍ أو غَيْرِهِ فَإِنْ تَطَيَّبْنَ وَفَعَلْنَ ما كَرِهْت لَهُنَّ لم يَكُنْ عَلَيْهِنَّ إعَادَةُ صَلَاةٍ وَأُحِبُّ للامام من حُسْنِ الْهَيْئَةِ ما أُحِبُّ لِلنَّاسِ وَأَكْثَرَ منه وَأُحِبُّ أَنْ يَعْتَمَّ فإنه كان يُقَالُ إنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَعْتَمُّ وَلَوْ ارْتَدَى بِبُرْدٍ فإنه كان يُقَالُ إنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَرْتَدِي بِبُرْدٍ كان أَحَبَّ إلى - * الصَّلَاةُ نِصْفَ النَّهَارِ يوم الْجُمُعَةِ - *
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرني إِسْحَاقُ بن عبد اللَّهِ عن سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ حتى تَزُولَ الشَّمْسُ إلَّا يوم الْجُمُعَةِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن إبن شِهَابٍ عن ثَعْلَبَةَ بن أبي مَالِكٍ أَنَّهُ أخبره أَنَّهُمْ كَانُوا في زَمَانِ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه يوم الْجُمُعَةِ يُصَلُّونَ حتى يَخْرُجَ عُمَرُ بن الْخَطَّابِ فإذا خَرَجَ عُمَرُ وَجَلَسَ على الْمِنْبَرِ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ حتى إذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ وَقَامَ عُمَرُ سَكَتُوا ولم يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَحَدَّثَنِي بن أبي فُدَيْكٍ عن بن أبي ذِئْبٍ عن بن شِهَابٍ قال حدثني ثَعْلَبَةُ بن أبي مَالِكٍ أَنَّ قُعُودَ الامام يَقْطَعُ السَّبْحَةَ وَأَنَّ كَلَامَهُ يَقْطَعُ الْكَلَامَ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ يوم الْجُمُعَةِ وَعُمَرُ جَالِسٌ على الْمِنْبَرِ فإذا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ قام عُمَرُ فلم يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ حتى يقضى الْخُطْبَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا فإذا قَامَتْ الصَّلَاةُ وَنَزَلَ عُمَرُ تَكَلَّمُوا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا رَاحَ الناس لِلْجُمُعَةِ صَلُّوا حتى يَصِيرَ الْإِمَامُ على الْمِنْبَرِ فإذا صَارَ على الْمِنْبَرِ كَفَّ منهم من كان صلى رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ تكلم ( ( ( تكلما ) ) ) حتى يَأْخُذَ في الْخُطْبَةِ فإذا أَخَذَ فيها أَنْصَتَ استدلا اسْتِدْلَالًا بِمَا حَكَيْت وَلَا يُنْهَى عن الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ من حَضَرَ يوم الْجُمُعَةِ - * من دخل الْمَسْجِدَ يوم الْجُمُعَةِ والامام على الْمِنْبَرِ ولم يَرْكَعْ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ قال دخل رَجُلٌ يوم الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَخْطُبُ فقال له أَصَلَّيْت قال لَا قال فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جَابِرٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مثله وزاد في حديث جَابِرٍ وهو سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن بن عَجْلَانَ عن عِيَاضِ بن عبد اللَّهِ قال رَأَيْت أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ جاء وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَجَاءَ إلَيْهِ الْأَحْرَاسُ لِيُجْلِسُوهُ فَأَبِي أَنْ يَجْلِسَ حتى صلى الرَّكْعَتَيْنِ فلما قضينا ( ( ( أقضينا ) ) ) الصَّلَاةَ أَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا يا أَبَا سَعِيدٍ كَادَ هَؤُلَاءِ أَنْ يَفْعَلُوا بِك فقال ما كُنْت لِأَدَعَهَا لِشَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ رَأَيْته من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَنُحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَنَظَّفَ يوم الْجُمُعَةِ بِغُسْلٍ وَأَخْذِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَعِلَاجٍ لِمَا يَقْطَعُ تَغَيُّرَ الرِّيحِ من جَمِيعِ جَسَدِهِ وَسِوَاكٍ وَكُلِّ ما نَظَّفَهُ وَطَيَّبَهُ وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا مع هذا إنْ قَدَرَ عليه وَيَسْتَحْسِنَ من ثِيَابِهِ ما قَدَرَ عليه وَيُطَيِّبَهَا اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ وَلَا يُؤْذِيَ أَحَدًا قَارَبَهُ بِحَالٍ وَكَذَلِكَ أُحِبُّ له في كل عِيدٍ وَآمُرُهُ بِهِ وَأُحِبُّهُ في كل صَلَاةِ جَمَاعَةٍ وَآمُرُهُ بِهِ وَأُحِبُّهُ في كل أَمْرٍ جَامِعٍ لِلنَّاسِ وَإِنْ كُنْت له في الْأَعْيَادِ من الْجُمَعِ وَغَيْرِهَا أَشَدَّ اسْتِحْبَابًا لِلسُّنَّةِ وَكَثْرَةِ حَاضِرِهَا

(1/197)


وَجَاءَ رَجُلٌ وهو يَخْطُبُ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ بِهَيْئَةٍ بَذَّةٍ فقال أَصَلَّيْت قال لَا قال فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ حَثَّ الناس على الصَّدَقَةِ فَأَلْقَوْا ثِيَابًا فَأَعْطَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الرَّجُلَ منها ثَوْبَيْنِ فلما كانت الْجُمُعَةُ الْأُخْرَى جاء الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَخْطُبُ فقال له النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَصَلَّيْت قال لَا قال فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ حَثَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على الصَّدَقَةِ فَطَرَحَ الرَّجُلُ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ فَصَاحَ بِهِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وقال خُذْهُ فَأَخَذَهُ ثُمَّ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم اُنْظُرُوا إلَى هذا جاء تِلْكَ الْجُمُعَةَ بِهَيْئَةٍ بَذَّةٍ فَأَمَرْت الناس بِالصَّدَقَةِ فَطَرَحُوا ثِيَابًا فَأَعْطَيْته منها ثَوْبَيْنِ فلما جَاءَتْ الْجُمُعَةُ وَأَمَرْت الناس بِالصَّدَقَةِ فَجَاءَ فَأَلْقَى أَحَدَ ثَوْبَيْهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ كان في الْخُطْبَةِ الْأُولَى أو في الْآخِرَةِ فإذا دخل والامام في آخِرِ الْكَلَامِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يصلى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قبل دُخُولِ الامام في الصَّلَاةِ فَلَا عليه أَنْ لَا يُصَلِّيَهُمَا لِأَنَّهُ أُمِرَ بِصَلَاتِهِمَا حَيْثُ يُمْكِنَانِهِ وَحَيْثُ يُمْكِنَانِهِ مُخَالِفٌ لِحَيْثُ لَا يُمْكِنَانِهِ وَأَرَى للامام أَنْ يَأْمُرَهُ بِصَلَاتِهِمَا وَيَزِيدَ في كَلَامِهِ بِقَدْرِ ما يُكْمِلُهُمَا فَإِنْ لم يَفْعَلْ الامام كَرِهْت ذلك له وَلَا شَيْءَ عليه وَإِنْ لم يُصَلِّ الدَّاخِلُ في حَالِ تَمَكُّنِهِ فيه كَرِهْت ذلك له وَلَا إعَادَةَ وَلَا قَضَاءَ عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ صَلَّاهُمَا وقد أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ كَرِهْت ذلك له وأن أَدْرَكَ مع الامام رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ - * تخطى رِقَابِ الناس يوم الْجُمُعَةِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَكْرَهُ تخطى رِقَابِ الناس يوم الْجُمُعَةِ قبل دُخُولِ الامام وَبَعْدَهُ لِمَا فيه من الْأَذَى لهم وَسُوءِ الْأَدَبِ وَبِذَلِكَ أُحِبُّ لِشَاهِدِ الْجُمُعَةِ التَّبْكِيرَ إلَيْهَا مع الْفَضْلِ في التَّبْكِيرِ إلَيْهَا وقد روى عن الْحَسَنِ مُرْسَلًا أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَتَخَطَّى رِقَابَ الناس فقال له النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم آنَيْت وَآذَيْت وروى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَوَاهُ أبو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قال ما أُحِبُّ أَنْ أَتْرُكَ الْجُمُعَةَ وَلِي كَذَا وَكَذَا وَلَأَنْ أُصَلِّيَهَا بِظَهْرِ الْحَرَّةِ أَحَبُّ إلى من أَنْ أَتَخَطَّى رِقَابَ الناس وَإِنْ كان دُونَ مَدْخَلِ رَجُلٍ زِحَامٌ وَأَمَامَهُ فُرْجَةٌ فَكَانَ تَخَطِّيهِ إلَى الْفُرْجَةِ بِوَاحِدٍ أو اثْنَيْنِ رَجَوْت أَنْ يَسَعَهُ التخطى وَإِنْ كَثُرَ كَرِهْته له ولم أُحِبَّهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِدُ السَّبِيلَ إلَى مُصَلًّى يصلى فيه الْجُمُعَةَ إلَّا بِأَنْ يَتَخَطَّى فَيَسَعَهُ التخطى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كان إذَا وَقَفَ حتى تُقَامَ الصَّلَاةُ تَقَدَّمَ من دُونِهِ حتى يَصِلَ إلَى مَوْضِعٍ تَجُوزُ فيه الصَّلَاةُ كَرِهْت له التخطى وَإِنْ فَعَلَ ما كَرِهْت له من التخطى لم يَكُنْ عليه إعَادَةُ صَلَاةٍ وَإِنْ كان الزِّحَامُ دُونَ الامام الذي يصلى الْجُمُعَةَ لم أَكْرَهْ له من التخطى وَلَا من أَنْ يُفَرِّجَ له الناس ما أَكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى أَنْ يَمْضِيَ إلَى الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ لهم - * النُّعَاسُ في الْمَسْجِدِ يوم الْجُمُعَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ قال كان بن عُمَرَ يقول لِلرَّجُلِ إذَا نَعَسَ يوم الْجُمُعَةِ والامام يَخْطُبُ أَنْ يَتَحَوَّلَ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ لِلرَّجُلِ إذَا نَعَسَ في الْمَسْجِدِ يوم الْجُمُعَةِ وَوَجَدَ مَجْلِسًا غَيْرَهُ وَلَا يَتَخَطَّى فيه أَحَدًا أَنْ يَتَحَوَّلَ عنه لِيَحْدُثَ له الْقِيَامُ وَاعْتِسَافُ الْمَجْلِسِ ما يَذْعَرُ عنه النَّوْمَ وَإِنْ ثَبَتَ وَتَحَفَّظَ من النُّعَاسِ بِوَجْهٍ يَرَاهُ ينفى النُّعَاسَ عنه فَلَا أَكْرَهُ ذلك له وَلَا أُحِبُّ إنْ رَأَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ من النُّعَاسِ إذَا تَحَفَّظَ أَنْ يَتَحَوَّلَ وَأَحْسِبُ من أَمَرَهُ بِالتَّحَوُّلِ إنَّمَا أَمَرَهُ حين غَلَبَ عليه النُّعَاسُ فَظَنَّ أَنْ لَنْ يَذْهَبَ عنه النَّوْمُ إلَّا بِإِحْدَاثِ تَحَوُّلٍ وَإِنْ ثَبَتَ في مَجْلِسِهِ نَاعِسًا كَرِهْت ذلك له وَلَا إعَادَةَ عليه إذَا لم يَرْقُدْ زَائِلًا عن حَدِّ الِاسْتِوَاءِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا نَقُولُ وَنَأْمُرُ من دخل الْمَسْجِدَ والامام يَخْطُبُ وَالْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ ولم يُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا وَنَأْمُرُهُ أَنْ يُخَفِّفَهُمَا فإنه روى في الحديث أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ بِتَخْفِيفِهِمَا

(1/198)


- * مُقَامُ الْإِمَامِ في الْخُطْبَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ قال أخبرني أبو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سمع جَابِرَ بن عبد اللَّهِ يقول كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا خَطَبَ اسْتَنَدَ إلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ من سوارى الْمَسْجِدِ فلما صُنِعَ له الْمِنْبَرُ فَاسْتَوَى عليه اضْطَرَبَتْ تِلْكَ السَّارِيَةُ كَحَنِينِ النَّاقَةِ حتى سَمِعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ حتى نَزَلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَاعْتَنَقَهَا فَسَكَنَتْ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني عبد اللَّهِ بن مُحَمَّدِ بن عَقِيلٍ عن الطُّفَيْلِ بن أُبَيِّ بن كَعْبٍ عن أبيه قال كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يصلى إلَى جِذْعٍ إذْ كان الْمَسْجِدُ عَرِيشًا وكان يَخْطُبُ إلَى ذلك الْجِذْعِ فقال رَجُلٌ من أَصْحَابِهِ يا رَسُولَ اللَّهِ هل لَك أَنْ نَجْعَلَ لَك مِنْبَرًا تَقُومُ عليه يوم الْجُمُعَةِ فَتَسْمَعَ الناس خُطْبَتَك قال نعم فَصُنِعَ له ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ فَهِيَ لِلْآتِي أَعْلَى الْمِنْبَرِ فلما صُنِعَ الْمِنْبَرُ وَوُضِعَ مَوْضِعَهُ الذي وَضَعَهُ فيه رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَدَا لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَقُومَ على الْمِنْبَرِ فَيَخْطُبَ عليه فَمَرَّ إلَيْهِ فلما جَاوَزَ ذلك الْجِذْعَ الذي كان يَخْطُبُ إلَيْهِ خَارَ حتى انْصَدَعَ وَانْشَقَّ فَنَزَلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَمَّا سمع صَوْتَ الْجِذْعِ فَمَسَحَهُ بيده ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْمِنْبَرِ فلما هُدِمَ الْمَسْجِدُ أَخَذَ ذلك الْجِذْعَ أُبَيّ بن كَعْبٍ فَكَانَ عِنْدَهُ في بَيْتِهِ حتى بلى وَأَكَلَتْهُ الْأَرَضَةُ وَصَارَ رُفَاتًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وإذا رَأَوْا تِجَارَةً أو لَهْوًا انْفَضُّوا إلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا } الْآيَةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فلم أَعْلَمْ مُخَالِفًا أنها نَزَلَتْ في خُطْبَةِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يوم الْجُمُعَةِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني جَعْفَرُ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه قال كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَخْطُبُ يوم الْجُمُعَةِ وكان لهم سُوقٌ يُقَالُ لها الْبَطْحَاءُ كانت بَنُو سُلَيْمٍ يَجْلِبُونَ إلَيْهَا الْخَيْلَ والابل وَالْغَنَمَ وَالسَّمْنَ فَقَدِمُوا فَخَرَجَ إلَيْهِمْ الناس وَتَرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وكان لهم لَهْوٌ إذَا تَزَوَّجَ أَحَدٌ من الْأَنْصَارِ ضَرَبُوا بِالْكَبَرِ فَعَيَّرَهُمْ اللَّهُ بِذَلِكَ فقال { وإذا رَأَوْا تِجَارَةً أو لَهْوًا انْفَضُّوا إلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا }
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا ابراهيم بن مُحَمَّدٍ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ قال كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَخْطُبُ يوم الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ قَائِمًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني صَالِحٌ مولى التَّوْأَمَةِ عن عبد اللَّهِ بن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مثله
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني صَالِحٌ مولى التَّوْأَمَةِ عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وأبى بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْطُبُونَ يوم الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ على الْمِنْبَرِ قِيَامًا يَفْصِلُونَ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ حتى جَلَسَ مُعَاوِيَةُ في الْخُطْبَةِ الْأُولَى فَخَطَبَ جَالِسًا وَخَطَبَ في الثَّانِيَةِ قَائِمًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا خَطَبَ الْإِمَامُ خُطْبَةً وَاحِدَةً وَصَلَّى الْجُمُعَةَ عَادَ فَخَطَبَ خُطْبَتَيْنِ وَصَلَّى الْجُمُعَةَ فَإِنْ لم يَفْعَلْ حتى ذَهَبَ الْوَقْتُ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَلَا يُجْزِئُهُ أَقَلُّ من خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ فَإِنْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا ولم يَجْلِسْ لم يَكُنْ له أَنْ يَجْمَعَ وَلَا يَجْزِيهِ أَنْ يَخْطُبَ جَالِسًا فَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا من عِلَّةٍ أَجْزَأَهُ ذلك وَأَجْزَأَ من خَلْفَهُ وَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا وَهُمْ يَرَوْنَهُ صَحِيحًا فذكر عِلَّةً فَهُوَ أَمِينٌ على نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ هذا في الصَّلَاةِ وَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا وَهُمْ يَعْلَمُونَهُ صَحِيحًا لِلْقِيَامِ لم تُجْزِئْهُ وَلَا إيَّاهُمْ الْجُمُعَةُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَبِهَذَا قُلْنَا لَا بَأْسَ أَنْ يَخْطُبَ الامام على شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ من الْأَرْضِ وَغَيْرِهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْزِلَ عن الْمِنْبَرِ لِلْحَاجَةِ قبل أَنْ يَتَكَلَّمَ ثُمَّ يَعُودَ إلَى الْمِنْبَرِ وَإِنْ نَزَلَ عن الْمِنْبَرِ بَعْد ما تَكَلَّمَ اسْتَأْنَفَ الْخُطْبَةَ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذلك لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تُعَدُّ خُطْبَةً إذَا فَصَلَ بَيْنَهَا بِنُزُولٍ يَطُولُ أو بِشَيْءٍ يَكُونُ قَاطِعًا لها - * الْخُطْبَةُ قَائِمًا - *

(1/199)


وَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا وَلَا يَدْرُونَ أَصَحِيحٌ هو أو مَرِيضٌ فَكَانَ صَحِيحًا أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عِنْدَهُمْ أَنْ لَا يَخْطُبَ جَالِسًا إلَّا مَرِيضٌ وَإِنَّمَا عليهم الاعادة إذَا خَطَبَ جَالِسًا وَهُمْ يَعْلَمُونَهُ صَحِيحًا فَإِنْ عَلِمَتْهُ طَائِفَةٌ صَحِيحًا وَجَهِلَتْ طَائِفَةٌ صِحَّتَهُ أَجْزَأَتْ الطَّائِفَةَ التي لم تَعْلَمْ صِحَّتَهُ الصَّلَاةُ ولم تَجْزِ الطَّائِفَةَ التي عَلِمَتْ صِحَّتَهُ وَهَذَا هَكَذَا في الصَّلَاةِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَلَغَنَا عن سَلَمَةَ بن الْأَكْوَعِ أَنَّهُ قال خَطَبَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خُطْبَتَيْنِ وَجَلَسَ جِلْسَتَيْنِ وَحَكَى الذي حدثني قال اسْتَوَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على الدَّرَجَةِ التي تلى الْمُسْتَرَاحَ قَائِمًا ثُمَّ سَلَّمَ وَجَلَسَ على الْمُسْتَرَاحِ حتى فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ من الْأَذَانِ ثُمَّ قام فَخَطَبَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قام فَخَطَبَ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ وَأَتْبَعَ هذا الْكَلَامَ الحديث فَلَا أَدْرِي أَحَدَّثَهُ عن سَلَمَةَ أَمْ شَيْءٌ فَسَّرَهُ هو في الحديث + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَ الامام ما وَصَفْت وَإِنْ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ قبل ظُهُورِ الامام على الْمِنْبَرِ ثُمَّ ظَهَرَ الْإِمَامُ على الْمِنْبَرِ فَتَكَلَّمَ بِالْخُطْبَةِ الْأُولَى ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قام فَخَطَبَ أُخْرَى أَجْزَأَهُ ذلك إنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّهُ قد خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ ( قال ) وَيَعْتَمِدُ الذي يَخْطُبُ على عَصًا أو قَوْسٍ أو ما أَشْبَهَهُمَا لِأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَعْتَمِدُ على عَصًا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ قال قُلْت لِعَطَاءٍ أَكَانَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَقُومُ على عَصًا إذَا خَطَبَ قال نعم كان يَعْتَمِدُ عليها اعْتِمَادًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ لم يَعْتَمِدْ على عَصًا أَحْبَبْت أَنْ يُسْكِنَ جَسَدَهُ وَيَدَيْهِ إمَّا بِأَنْ يَضَعَ الْيُمْنَى على الْيُسْرَى وَإِمَّا أَنْ يُقِرَّهُمَا في مَوْضِعِهِمَا سَاكِنَتَيْنِ وَيُقِلَّ التَّلَفُّتَ وَيُقْبِلَ بِوَجْهِهِ قَصْدَ وَجْهِهِ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَلْتَفِتَ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا لِيُسْمِعَ الناس خُطْبَتَهُ لِأَنَّهُ إنْ كان لَا يُسْمِعُ أَحَدَ الشِّقَّيْنِ إذَا قَصَدَ بِوَجْهِهِ تِلْقَاءَهُ فَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ نَاحِيَةً يَسْمَعُ أَهْلُهَا إلَّا خفى كَلَامُهُ على النَّاحِيَةِ التي تُخَالِفُهَا مع سُوءِ الْأَدَبِ من التَّلَفُّتِ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ حتى يَسْمَعَ أَقْصَى من حَضَرَهُ إنْ قَدَرَ على ذلك وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ كَلَامًا مُتَرَسِّلًا مُبَيِّنًا مُعْرَبًا بِغَيْرِ الْإِعْرَابِ الذي يُشْبِهُ الْعِيَّ وَغَيْرِ التَّمْطِيطِ وَتَقْطِيعِ الْكَلَامِ وَمَدِّهِ وما يُسْتَنْكَرُ منه وَلَا الْعَجَلَةِ فيه عن الْإِفْهَامِ وَلَا تَرْكِ الْإِفْصَاحِ بِالْقَصْدِ وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ قَصْدًا بَلِيغًا جَامِعًا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سَعِيدُ بن سَالِمٍ وَمَالِكُ بن أَنَسٍ عن بن شِهَابٍ عن سَالِمِ بن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا فَعَلَ ما كَرِهْت له من إطَالَةِ الْخُطْبَةِ أو سُوءِ الْأَدَبِ فيها أو في نَفْسِهِ فَأَتَى بِخُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ لم يَكُنْ عليه إعَادَةٌ وَأَقَلُّ ما يَقَعُ عليه اسْمُ خُطْبَةٍ من الْخُطْبَتَيْنِ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى ويصلى على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَيَقْرَأَ شيئا من الْقُرْآنِ في الْأُولَى وَيَحْمَدَ اللَّهَ عز ذِكْرُهُ ويصلى على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ويوصى بِتَقْوَى اللَّهِ وَيَدْعُوَ في الْآخِرَةِ لِأَنَّ مَعْقُولًا أَنَّ الْخُطْبَةَ جَمْعُ بَعْضِ الْكَلَامِ من وُجُوهٍ إلَى بَعْضٍ هذا أَوْجَزُ ما يُجْمَعُ من الْكَلَامِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا أَمَرْت بِالْقِرَاءَةِ في الْخُطْبَةِ أَنَّهُ لم يَبْلُغْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَطَبَ في الْجُمُعَةِ إلَّا قَرَأَ فَكَانَ أَقَلَّ ما يَجُوزُ أن يُقَالُ قَرَأَ آيَةً من الْقُرْآنِ وَأَنْ يَقْرَأَ أَكْثَرَ منها أَحَبُّ إلى وَإِنْ جَعَلَهَا خُطْبَةً وَاحِدَةً عَادَ فَخَطَبَ خُطْبَةً ثَانِيَةً مَكَانَهُ فَإِنْ لم يَفْعَلْ ولم يَخْطُبْ حتى يَذْهَبَ الْوَقْتُ أَعَادَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا فَإِنْ جَعَلَهَا خُطْبَتَيْنِ لم يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ أَعَادَ خُطْبَتَهُ فَإِنْ لم يَفْعَلْ صلى الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَإِنْ تَرَكَ الْجُلُوسَ الْأَوَّلَ حين يَظْهَرُ على الْمِنْبَرِ كَرِهْته وَلَا إعَادَةَ عليه لِأَنَّهُ ليس من الْخُطْبَتَيْنِ وَلَا فَصَلَ بَيْنَهُمَا وهو عَمَلٌ قَبْلَهُمَا لَا مِنْهُمَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا قُلْنَا هذا في الْخُطْبَةِ أنها ظُهْرٌ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ فيها فَاعِلٌ على فِعْلِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ فَيَكُونُ له أَنْ يُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ فإذا لم يَفْعَلْ فِعْلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَهِيَ على أَصْلِ فَرْضِهَا - * أَدَبُ الْخُطْبَةِ - *

(1/200)


- * الْقِرَاءَةُ في الْخُطْبَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني عبد اللَّهِ بن أبي بَكْرٍ عن حَبِيبِ بن عبد الرحمن بن إسَافٍ عن أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بن النُّعْمَانِ أنها سَمِعَتْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَقْرَأُ ب { ق } وهو يَخْطُبُ على الْمِنْبَرِ يوم الْجُمُعَةِ وَأَنَّهَا لم تَحْفَظْهَا إلَّا من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يوم الْجُمُعَةِ وهو على الْمِنْبَرِ من كَثْرَةِ ما كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَقْرَأُ بها يوم الْجُمُعَةِ على الْمِنْبَرِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني محمد بن أبي بَكْرِ بن حَزْمٍ عن مُحَمَّدِ بن عبد الرحمن بن سَعْدِ بن زُرَارَةَ عن أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بن النُّعْمَانِ مثله قال إبْرَاهِيمُ وَلَا أَعْلَمُنِي إلَّا سَمِعْت أَبَا بَكْرِ بن حَزْمٍ يَقْرَأُ بها يوم الْجُمُعَةِ على الْمِنْبَرِ قال إبْرَاهِيمُ وَسَمِعَتْ مُحَمَّدَ بن أبي بَكْرٍ يَقْرَأُ بها وهو يَوْمئِذٍ قَاضِي الْمَدِينَةِ على الْمِنْبَرِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني محمد بن عَمْرِو بن حلجلة ( ( ( حلحلة ) ) ) عن أبي نُعَيْمٍ وَهْبِ بن كَيْسَانَ عن حَسَنِ بن مُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ رضي اللَّهُ عنه أَنَّ عُمَرَ كان يَقْرَأُ في خُطْبَتِهِ يوم الْجُمُعَةِ { إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } حتى يَبْلُغَ { عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ } ثُمَّ يَقْطَعُ السُّورَةَ أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن هِشَامٍ عن أبيه أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ قَرَأَ بِذَلِكَ على الْمِنْبَرِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا سَجَدَ أَخَذَ من حَيْثُ بَلَغَ من الْكَلَامِ وَإِنْ اسْتَأْنَفَ الْكَلَامَ فَحَسَنٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ أَنْ يُقَدِّمَ الْكَلَامَ ثُمَّ يَقْرَأَ الْآيَةَ لِأَنَّهُ بَلَغَنَا ذلك وَإِنْ قَدَّمَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ تَكَلَّمَ فَلَا بَأْسَ وَأُحِبُّ أَنْ تَكُونَ قِرَاءَتُهُ ما وَصَفْت في الْخُطْبَةِ الْأُولَى وَأَنْ يَقْرَأَ في الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ آيَةً أو أَكْثَرَ منها ثُمَّ يَقُولَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لي وَلَكُمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) بَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ رضي اللَّهُ عنه كان إذَا كان في آخِرِ خُطْبَةٍ قَرَأَ آخِرَ النِّسَاءِ { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ في الْكَلَالَةِ } إلَى آخِرِ السُّورَةِ وَحَيْثُ قَرَأَ من الْخُطْبَةِ الْأُولَى وَالْآخِرَةِ فَبَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ أو بِالْخُطْبَةِ أو جَعَلَ الْقِرَاءَةَ بين ظُهْرَانِي الْخُطْبَةِ أو بَعْدَ الْفَرَاغِ منها إذَا أتى بِقِرَاءَةٍ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - * كَلَامُ الامام في الْخُطْبَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن بن شِهَابٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَحَدِيثُ جَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِرَجُلٍ دخل الْمَسْجِدَ وهو على الْمِنْبَرِ فقال أَصَلَّيْت فقال لَا فقال فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وفي حديث أبي سَعِيدٍ فَتَصَدَّقَ الرَّجُلُ بِأَحَدِ ثَوْبَيْهِ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم اُنْظُرُوا إلَى هذا الذي + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ في خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَكُلِّ خُطْبَةٍ فِيمَا يَعْنِيهِ ويعنى غَيْرَهُ بِكَلَامِ الناس وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيمَا لَا يَعْنِيه وَلَا يَعْنِي الناس وَلَا بِمَا يُقَبَّحُ من الْكَلَامِ وَكُلُّ ما أَجَزْت له أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ أو كَرِهْته فَلَا يُفْسِدُ خُطْبَتَهُ وَلَا صَلَاتَهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبَلَغَنَا أَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ كان يَقْرَأُ على الْمِنْبَرِ { قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } وَ { قُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ } فَلَا تَتِمُّ الْخُطْبَتَانِ إلَّا بِأَنْ يَقْرَأَ في إحْدَاهُمَا آيَةً فَأَكْثَرَ وَاَلَّذِي أُحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ بِ { ق } في الْخُطْبَةِ الْأُولَى كما روى عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يُقَصِّرُ عنها وما قَرَأَ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ قَرَأَ على الْمِنْبَرِ سَجْدَةً لم يَنْزِلْ ولم يَسْجُدْ فَإِنْ فَعَلَ وَسَجَدَ رَجَوْت أَنْ لَا يَكُونَ بِذَلِكَ بَأْسٌ لِأَنَّهُ ليس يَقْطَعُ الْخُطْبَةَ كما لَا يَكُونُ قَطْعًا لِلصَّلَاةِ أَنْ يَسْجُدَ فيها سُجُودَ الْقُرْآنِ

(1/201)


- * كَيْفَ اُسْتُحِبَّ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا عبد الْعَزِيزِ عن جَعْفَرٍ عن أبيه عن جَابِرٍ قال كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني إِسْحَاقُ بن عبد اللَّهِ عن أَبَانَ بن صَالِحٍ عن كُرَيْبٍ مولى بن عَبَّاسٍ عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم خَطَبَ يَوْمًا فقال إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَنْصِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ من شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا من يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ له وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ له وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ من يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى حتى يَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثنا عَمْرٌو أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم خَطَبَ يَوْمًا فقال في خُطْبَتِهِ أَلَا إنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ منها الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ أَلَا وَإِنَّ الْآخِرَةَ أَجَلٌ صَادِقٌ يقضى فيها مَلِكٌ قَادِرٌ أَلَا وَإِنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ في الْجَنَّةِ أَلَا وَإِنَّ الشَّرَّ كُلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ في النَّارِ أَلَا فَاعْمَلُوا وَأَنْتُمْ من اللَّهِ على حَذَرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَعْرُوضُونَ على أَعْمَالِكُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذره شَرًّا يَرَهُ - * ما يُكْرَهُ من الْكَلَامِ في الْخُطْبَةِ وَغَيْرِهَا - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني عبد الْعَزِيزِ بن رُفَيْعٍ عن تَمِيمِ بن طَرَفَةَ عن عَدِيِّ بن حَاتِمٍ قال خَطَبَ رَجُلٌ عِنْدَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم اُسْكُتْ فَبِئْسَ الْخَطِيبُ أنت ثُمَّ قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى وَلَا تَقُلْ وَمَنْ يَعْصِهِمَا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقال رَجُلٌ يا رَسُولَ اللَّهِ ما شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمِثْلَانِ قُلْ ما شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْت + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَابْتِدَاءُ الْمَشِيئَةِ مُخَالَفَةٌ لِلْمَعْصِيَةِ لِأَنَّ طَاعَةَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَمَعْصِيَتَهُ تَبَعٌ لِطَاعَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَعْصِيَتِهِ لِأَنَّ الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ مَنْصُوصَتَانِ بِفَرْضِ الطَّاعَةِ من اللَّهِ عز وجل فَأَمَرَ بها رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَجَازَ أَنْ يُقَالَ فيه من يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لِمَا وَصَفْت وَالْمَشِيئَةُ إرَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) قال اللَّهُ عز وجل { وما تشاؤون ( ( ( تشاءون ) ) ) إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } فَأَعْلَمَ خَلْقَهُ أَنَّ الْمَشِيئَةَ له دُونَ خَلْقِهِ وَأَنَّ مَشِيئَتَهُمْ لَا تَكُونُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ عز وجل فَيُقَالُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ما شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْت وَيُقَالُ من يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ على ما وَصَفْت من أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتعالي تَعَبَّدَ الْخَلْقَ بِأَنْ فَرَضَ طَاعَةَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فإذا أُطِيعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقَدْ أُطِيعَ اللَّهُ بِطَاعَةِ رَسُولِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ أَنْ يُخْلِصَ الْإِمَامُ ابتداءا ( ( ( ابتداء ) ) ) النقص
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَبِهَذَا نَقُولُ فَيَجُوزُ أَنْ تَقُولَ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى لِأَنَّك أَفْرَدْت مَعْصِيَةَ اللَّهِ وَقُلْت وَرَسُولَهُ اسْتِئْنَافَ كَلَامٍ وقد قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } وَهَذَا وَإِنْ كان في سِيَاقِ الْكَلَامِ اسْتِئْنَافَ كَلَامٍ ( قال ) وَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ أَطَاعَ رَسُولَهُ وَمَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ عَصَى رَسُولَهُ وَمَنْ أَطَاعَ رَسُولَهُ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَى رَسُولَهُ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عَبْدٌ من عِبَادِهِ قام في خَلْقِ اللَّهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَفَرَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى على عِبَادِهِ طَاعَتَهُ لِمَا وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى من رُشْدِهِ وَمَنْ قال وَمَنْ يَعْصِهِمَا كَرِهْت ذلك الْقَوْلَ له حتى يُفْرِدَ اسْمَ اللَّهِ عز وجل ثُمَّ يَذْكُرَ بَعْدَهُ اسْمَ رَسُولِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يَذْكُرُهُ إلَّا مُنْفَرِدًا

(1/202)


الخطبه بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ على رَسُولِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالْعِظَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يَزِيدُ على ذلك
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا عبد الْمَجِيدِ عن بن جُرَيْجٍ قال قُلْت لِعَطَاءٍ ما الذي أَرَى الناس يَدْعُونَ بِهِ في الْخُطْبَةِ يَوْمئِذٍ أَبَلَغَك عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أو عَمَّنْ بَعْدَ النبي عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قال لَا إنَّمَا أُحْدِثَ إنَّمَا كانت الْخُطْبَةُ تَذْكِيرًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ لِكُلِّ من حَضَرَ الْخُطْبَةَ أَنْ يَسْتَمِعَ لها وَيُنْصِتَ وَلَا يَتَكَلَّمَ من حِينِ يَتَكَلَّمُ الْإِمَامُ حتى يَفْرُغَ من الْخُطْبَتَيْنِ مَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَالْإِمَامُ على الْمِنْبَرِ وَالْمُؤَذِّنُونَ يُؤَذِّنُونَ وَبَعْدَ قَطْعِهِمْ قبل كَلَامِ الْإِمَامِ فإذا ابْتَدَأَ في الْكَلَامِ لم أُحِبَّ أَنْ يَتَكَلَّمَ حتى يَقْطَعَ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ الْآخِرَةَ فَإِنْ قَطَعَ الْآخِرَةَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ حتى يُكَبِّرَ الْإِمَامُ وَأَحْسَنُ في الْأَدَبِ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ من حِينِ يَبْتَدِئُ الْإِمَامُ الْكَلَامَ حتى يَفْرُغَ من الصَّلَاةِ وَإِنْ تَكَلَّمَ رَجُلٌ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ لم أُحِبَّ ذلك له ولم يَكُنْ عليه إعَادَةُ الصَّلَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَلَّمَ الَّذِينَ قَتَلُوا بن أبي الْحَقِيقِ على الْمِنْبَرِ وَكَلَّمُوهُ وَتَدَاعَوْا قَتْلَهُ وَأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَلَّمَ الذي لم يَرْكَعْ وَكَلَّمَهُ وَأَنْ لو كانت الْخُطْبَةُ في حَالِ الصَّلَاةِ لم يَتَكَلَّمْ من حِينِ يَخْطُبُ وكان الْإِمَامُ أَوْلَاهُمْ بِتَرْكِ الْكَلَامِ الذي إنَّمَا يَتْرُكُ الناس الْكَلَامَ حتى يَسْمَعُوا كَلَامَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قِيلَ فما قَوْلُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قد لَغَوْت قِيلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَأَمَّا ما يَدُلُّ على ما وَصَفْت من كَلَامِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَكَلَامِ من كَلَّمَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِكَلَامِهِ فَيَدُلُّ على ما وَصَفْت وإن الانصات للامام اخْتِيَارٌ وإن قَوْلَهُ لَغَوْت تَكَلَّمَ بِهِ في مَوْضِعٍ الْأَدَبُ فيه أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ وَالْأَدَبُ في مَوْضِعِ الْكَلَامِ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ إلَّا بِمَا يَعْنِيه وَتَخَطِّي رِقَابِ الناس يوم الْجُمُعَةِ في مَعْنَى الْكَلَامِ فِيمَا لَا يَعْنِي الرَّجُلَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ سَلَّمَ رَجُلٌ على رَجُلٍ يوم الْجُمُعَةِ كَرِهْت ذلك له وَرَأَيْت أَنْ يَرُدَّ عليه بَعْضُهُمْ لِأَنَّ رَدَّ السَّلَامِ فَرْضٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن هِشَامِ بن حَسَّانَ قال لَا بَأْسَ أَنْ يُسَلِّمَ وَيُرَدَّ عليه السَّلَامُ والامام يَخْطُبُ يوم الْجُمُعَةِ وكان بن سِيرِينَ يَرُدُّ إيمَاءً وَلَا يَتَكَلَّمُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ عَطَسَ رَجُلٌ يوم الْجُمُعَةِ فَشَمَّتَهُ رَجُلٌ رَجَوْت أَنْ يَسَعَهُ لِأَنَّ التَّشْمِيتَ سُنَّةٌ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن هِشَامٍ عن الْحَسَنِ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا عَطَسَ الرَّجُلُ والامام يَخْطُبُ يوم الْجُمُعَةِ فَشَمِّتْهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ أَنْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ دَعَا لِأَحَدٍ بِعَيْنِهِ أو على أَحَدٍ كَرِهْته ولم تَكُنْ عليه إعَادَةٌ - * الانصات لِلْخُطْبَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن بن الْمُسَيِّبِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا قُلْت لِصَاحِبِك أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْت
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا قُلْت لِصَاحِبِك أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يوم الْجُمُعَةِ فَقَدْ لَغَوْت
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَ مَعْنَاهُ إلَّا أَنَّهُ قال لَغَيْتَ قال بن عُيَيْنَةَ لَغَيْتَ لغية ( ( ( لغة ) ) ) أبي هُرَيْرَةَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن أبي النَّضْرِ مولى عُمَرَ بن عبد اللَّهِ عن مَالِكِ بن أبي عَامِرٍ أَنَّ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ كان يقول في خُطْبَتِهِ قَلَّمَا يَدَعُ ذلك إذَا خَطَبَ إذَا قام الْإِمَامُ يَخْطُبُ يوم الْجُمُعَةِ فَاسْتَمِعُوا له وَأَنْصِتُوا فإن لِلْمُنْصِتِ الذي لَا يَسْمَعُ من الْحَظِّ مِثْلَ ما لِلسَّامِعِ الْمُنْصِتِ فإذا قَامَتْ الصَّلَاةُ فَاعْدِلُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بِالْمَنَاكِبِ فإن اعْتِدَالَ الصُّفُوفِ من تَمَامِ الصَّلَاةِ ثُمَّ لَا يُكَبِّرُ عُثْمَانُ حتى يَأْتِيَهُ رِجَالٌ قد وَكَّلَهُمْ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فَيُخْبِرُوهُ أَنْ قد اسْتَوَتْ فَيُكَبِّرُ

(1/203)


يَأْتِيَهُ رَجُلٌ فأوما إلَيْهِ فلم يَأْتِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَكَذَلِكَ لو خَافَ على أَحَدٍ أو جَمَاعَةٍ لم أَرَ بَأْسًا إذَا لم يَفْهَمْ عَنْهُمْ بِالْإِيمَاءِ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ عَطِشَ الرَّجُلُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْرَبَ وَالْإِمَامُ على الْمِنْبَرِ فَإِنْ لم يَعْطَشْ فَكَانَ يَتَلَذَّذُ بِالشَّرَابِ كان أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ يَكُفَّ عنه - * من لم يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ لم يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ أَحْبَبْت له من الانصات ما أَحْبَبْته لِلْمُسْتَمِعِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان لَا يَسْمَعُ من الْخُطْبَةِ شيئا فَلَا أَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ في نَفْسِهِ وَيَذْكُرَ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَلَا يُكَلِّمَ الْآدَمِيِّينَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن هِشَامٍ عن الْحَسَنِ أَنَّهُ كان لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ في نَفْسِهِ بِتَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ وَتَسْبِيحٍ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال لَا أَعْلَمُهُ إلَّا أَنَّ مَنْصُورَ بن الْمُعْتَمِرِ أخبرني أَنَّهُ سَأَلَ إبْرَاهِيمَ أَيَقْرَأُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يوم الْجُمُعَةِ وهو لَا يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ فقال عَسَى أَنْ لَا يَضُرَّهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ فَعَلَ هذا من سمع خُطْبَةَ الْإِمَامِ لم تَكُنْ عليه إعَادَةٌ وَلَوْ أَنْصَتَ لِلِاسْتِمَاعِ كان حَسَنًا - * الرَّجُلُ يُقِيمُ الرَّجُلَ من مَجْلِسِهِ يوم الْجُمُعَةِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { إذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا في الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ وإذا قِيلَ اُنْشُزُوا فَانْشُزُوا }
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ بن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يُقِيمَنَّ أحدكم الرَّجُلَ من مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَخْلُفُهُ فيه وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَكْرَهُ لِلرَّجُلِ من كان إمَامًا أو غير إمَامٍ أَنْ يُقِيمَ رَجُلًا من مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسَ فيه وَلَكِنْ نَأْمُرُهُمْ أَنْ يَتَفَسَّحُوا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ إلَّا أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ حَيْثُ يَتَيَسَّرُ له إمَّا في مَوْضِعِ مُصَلَّى الْإِمَامِ وَإِمَّا في طَرِيقِ عَامَّةٍ فَأَمَّا أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْمُصَلِّينَ بِوَجْهِهِ في ضِيقِ الْمَسْجِدِ وَكَثْرَةٍ من الْمُصَلِّينَ وَلَا يُحَوِّلُ بِوَجْهِهِ عن اسْتِقْبَالِ الْمُصَلِّينَ فَإِنْ كان ذلك وَلَا ضِيقَ على الْمُصَلِّينَ فيه فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُمْ بِوَجْهِهِ وَيَتَنَحَّوْنَ عنه وَأَحْسَنُ في الْأَدَبِ أَنْ لَا يَفْعَلَ وَمَنْ فَعَلَ من هذا ما كَرِهْت له فَلَا إعَادَةَ عليه لِلصَّلَاةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا نَأْخُذُ فَمَنْ عَرَضَ له ما يُخْرِجُهُ ثُمَّ عَادَ إلَى مَجْلِسِهِ أَحْبَبْت لِمَنْ جَلَسَ فيه أَنْ يَتَنَحَّى عنه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلَ من مَجْلِسِهِ يوم الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهِ وَيَجْلِسَ فيه وَلَا أَرَى بَأْسًا إنْ كان رَجُلٌ إنَّمَا جَلَسَ لِرَجُلٍ لِيَأْخُذَ له مَجْلِسًا أَنْ يَتَنَحَّى عنه لِأَنَّ ذلك تَطَوُّعٌ من الجالس ( ( ( المجالس ) ) ) وَكَذَلِكَ إنْ جَلَسَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ تَنَحَّى عنه بِطِيبٍ من نَفْسِهِ وَأَكْرَهُ ذلك لِلْجَالِسِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَتَنَحَّى إلَى مَوْضِعٍ شَبِيهٍ بِهِ في أَنْ يَسْمَعَ الْكَلَامَ وَلَا أَكْرَهُهُ لِلْجَالِسِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ بِطِيبِ نَفْسِ الْجَالِسِ الْأَوَّلِ وَمَنْ فَعَلَ من هذا ما كَرِهْت له فَلَا إعَادَةَ لِلْجُمُعَةِ عليه
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني سُهَيْلٌ عن أبيه عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا قام أحدكم من مَجْلِسِهِ يوم الْجُمُعَةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني أُبَيٌّ عن بن عُمَرَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا يَعْمِدُ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فَيُقِيمُهُ من مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَقْعُدُ فيه
أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ قال قال سُلَيْمَانُ بن مُوسَى عن جَابِرٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا يُقِيمَنَّ أحدكم أَخَاهُ يوم الْجُمُعَةِ وَلَكِنْ لِيَقُلْ افسحوا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا بَأْسَ إنْ خَافَ شيئا أَنْ يَسْأَلَ عنه وَيُجِيبَهُ بَعْضُ من عَرَفَ إنْ سَأَلَ عنه وَكُلُّ ما كان في هذا الْمَعْنَى فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ للامام وَغَيْرِهِ ما كان مِمَّا لَا يَلْزَمُ الْمَرْءَ لِأَخِيهِ وَلَا يَعْنِيه في نَفْسِهِ فَلَا أُحِبُّ الْكَلَامَ بِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ له أَنْصِتْ أو يَشْكُو إلَيْهِ مُصِيبَةً نَزَلَتْ أو يُحَدِّثُهُ عن سُرُورٍ حَدَثَ له أو غَائِبٍ قَدِمَ أو ما أَشْبَهَ هذا لِأَنَّهُ لَا فَوْتَ على وَاحِدٍ مِنْهُمَا في عِلْمِ هذا وَلَا ضَرَرَ عليه في تَرْكِ إعْلَامِهِ إيَّاهُ

(1/204)


- * الإحتباء في الْمَسْجِدِ يوم الْجُمُعَةِ والامام على الْمِنْبَرِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرني من لَا أَتَّهِمُ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كان يحتبى وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يوم الْجُمُعَةِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) أُحِبُّ أَنْ يُقْرَأَ يوم الْجُمُعَةِ في الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وإذا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ لِثُبُوتِ قِرَاءَةِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِهِمَا وَتَوَالِيهِمَا في التَّأْلِيفِ وَإِذْ كان من يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ بِفَرْضِ الْجُمُعَةِ وما نَزَلَ في الْمُنَافِقِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما قَرَأَ بِهِ الْإِمَامُ يوم الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا من أُمِّ الْقُرْآنِ وَآيَةٍ أَجْزَأَهُ وَإِنْ اقْتَصَرَ على أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَهُ ولم أُحِبَّ ذلك له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَحِكَايَةُ من حَكَى السُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْجُمُعَةِ تَدُلُّ على أَنَّهُ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ وَأَنَّهُ صلى الْجُمُعَةَ رَكْعَتَيْنِ وَذَلِكَ ما لَا اخْتِلَافَ فيه عَلِمْتُهُ فَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ في الْجُمُعَةِ وَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ إذَا كانت جُمُعَةً فَإِنْ صَلَّاهَا ظُهْرًا خَافَتَ بِالْقِرَاءَةِ وَصَلَّى أَرْبَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ خَافَتْ بِالْقِرَاءَةِ في الْجُمُعَةِ أو غَيْرِهَا مِمَّا يُجْهَرُ فيه بِالْقِرَاءَةِ أو جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيمَا يُخَافَتُ فيه بِالْقِرَاءَةِ من الصَّلَاةِ كَرِهْت ذلك له وَلَا إعَادَةَ وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ بَدَأَ الْإِمَامُ يوم الْجُمُعَةِ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْمُنَافِقِينَ في الرَّكْعَةِ الْأُولَى قبل أُمِّ الْقُرْآنِ عَادَ فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ قبل أَنْ يَرْكَعَ أَجْزَأَهُ أَنْ يَرْكَعَ بها وَلَا يُعِيدُ سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ وَلَوْ قَرَأَ مَعَهَا بِشَيْءٍ من الْجُمُعَةِ كان أَحَبُّ إلى وَيَقْرَأُ في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ - * الْقُنُوتُ في الْجُمُعَةِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَكَى عَدَدٌ صَلَاةَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْجُمُعَةَ فما عَلِمْت أَحَدًا منهم حَكَى أَنَّهُ قَنَتَ فيها إلَّا أَنْ تَكُونَ دَخَلَتْ في جُمْلَةِ قُنُوتِهِ في الصَّلَوَاتِ كُلِّهِنَّ حين قَنَتَ على قَتَلَةِ أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ وَلَا قُنُوتَ في شَيْءٍ من الصَّلَوَاتِ إلَّا الصُّبْحَ إلَّا أَنْ تَنْزِلَ نَازِلَةٌ فَيُقْنَتَ في الصَّلَوَاتِ كُلِّهِنَّ إنْ شَاءَ الْإِمَامُ - * من أَدْرَكَ رَكْعَةً من الْجُمُعَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن الزُّهْرِيِّ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال من أَدْرَكَ من الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَانَ أَقَلُّ ما في قَوْلِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ إنْ لم تَفُتْهُ الصَّلَاةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ لم تَفُتْهُ الصَّلَاةُ صلى رَكْعَتَيْنِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْجُلُوسُ وَالْإِمَامُ على الْمِنْبَرِ يوم الْجُمُعَةِ كَالْجُلُوسِ في جَمِيعِ الْحَالَاتِ إلَّا أَنْ يُضَيِّقَ الرَّجُلُ على من قَارَبَهُ فَأَكْرَهُ ذلك وَذَلِكَ أَنْ يَتَّكِئَ فَيَأْخُذَ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ الْجَالِسُ وَيَمُدَّ رِجْلَيْهِ أو يلقى يَدَيْهِ خَلْفَهُ فَأَكْرَهُ هذا لِأَنَّهُ يُضَيِّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِرِجْلِهِ عِلَّةٌ فَلَا أَكْرَهُ له من هذا شيئا وَأُحِبُّ له إذَا كانت بِهِ عِلَّةٌ أَنْ يَتَنَحَّى إلَى مَوْضِعٍ لَا يَزْدَحِمُ الناس عليه فَيَفْعَلَ من هذا ما فيه الرَّاحَةُ لِبَدَنِهِ بِلَا ضِيقٍ على غَيْرِهِ - * الْقِرَاءَةُ في صَلَاةِ الْجُمُعَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني عبد اللَّهِ بن أبي لَبِيدٍ عن سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قَرَأَ في رَكْعَتَيْ الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا عبد الْعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن أبي رَافِعٍ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَرَأَ في الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وإذا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ فقال عُبَيْدُ اللَّهِ فَقُلْت له قَرَأْت بِسُورَتَيْنِ كان عَلِيٌّ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه يَقْرَأُ بِهِمَا في الْجُمُعَةِ فقال إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَقْرَأُ بِهِمَا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني مِسْعَرُ بن كِدَامٍ عن مَعْبَدِ بن خَالِدٍ عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ كان يَقْرَأُ في الْجُمُعَةِ { سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } وَ { هل أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ }

(1/205)


(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ رَكَعَ وَشَكَّ في أَنْ يَكُونَ تَمَكَّنَ رَاكِعًا قبل أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ لم يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا إذَا لم يُدْرِكْ معه رَكْعَةً غَيْرَهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ رَكَعَ مع الامام رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ شَكَّ في أَنْ يَكُونَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ مع الْإِمَامِ أو سَجْدَةً سَجَدَ سَجْدَةً وَصَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ حتى يُكْمِلَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِرَكْعَةٍ بِكَمَالِهَا إلَّا بِأَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ وَكَذَلِكَ لو أَدْرَكَ مع الْإِمَامِ رَكْعَةً ثُمَّ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى ثُمَّ شَكَّ في سَجْدَةٍ لَا يدرى أَهِيَ من الرَّكْعَةِ التي كانت مع الْإِمَامِ أو ( ( ( أم ) ) ) الرَّكْعَةِ التي صلى لِنَفْسِهِ كان مُصَلِّيًا رَكْعَةً وَقَاضِيًا ثَلَاثًا وَلَا يَكُونُ له جُمُعَةٌ حتى يَعْلَمَ أَنْ قد صلى مع الْإِمَامِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْنِ - * الرَّجُلُ يَرْكَعُ مع الامام وَلَا يَسْجُدُ معه يوم الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمَأْمُومِينَ أَنْ يَرْكَعُوا إذَا رَكَعَ الْإِمَامُ وَيَتْبَعُوهُ في عَمَلِ الصَّلَاةِ فلم يَكُنْ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَتْرُكَ اتِّبَاعَ الْإِمَامِ في عَمَلِ الصَّلَاةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَصَلَّى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ بِعُسْفَانَ فَرَكَعَ وَرَكَعُوا وَسَجَدَ فَسَجَدَتْ طَائِفَةٌ وَحَرَسَتْهُ أُخْرَى حتى قام من سُجُودِهِ ثُمَّ تَبِعَتْهُ بِالسُّجُودِ مَكَانَهَا حين قام + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَانَ بَيِّنًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ في سُنَنِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّ على الْمَأْمُومِ اتِّبَاعَ الامام ما لم يَكُنْ لِلْمَأْمُومِ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ اتِّبَاعَهُ وَأَنَّ له إذَا كان له عُذْرٌ أَنْ يَتْبَعَهُ في وَقْتِ ذَهَابِ الْعُذْرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَأْمُومًا في الْجُمُعَةِ رَكَعَ مع الْإِمَامِ ثُمَّ زُحِمَ فلم يَقْدِرْ على السُّجُودِ بِحَالٍ حتى قَضَى الْإِمَامُ سُجُودَهُ تَبِعَ الْإِمَامَ إذَا قام الْإِمَامُ فَأَمْكَنَهُ أَنْ يَسْجُدَ سَجَدَ وكان مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ إذَا صلى الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ عليه وَهَكَذَا لو حَبَسَهُ حَابِسٌ من مَرَضٍ لم يَقْدِرْ معه على السُّجُودِ أو سَهْوٍ أو نِسْيَانٍ أو عُذْرٍ ما كان + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان إدْرَاكُهُ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ وسلم الْإِمَامُ قَبْلُ يُمْكِنُهُ السُّجُودُ سَجَدَ وَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ لم يُدْرِكْ مع الْإِمَامِ رَكْعَةً بِكَمَالِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أَدْرَكَ الْأُولَى ولم يُمْكِنْهُ السُّجُودُ حتى رَكَعَ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ لم يَكُنْ له أَنْ يَسْجُدَ لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَخْرُجَ من إمَامَةِ الامام فَإِنْ سَجَدَ خَرَجَ من إمَامَةِ الامام لِأَنَّ أَصْحَابَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّمَا سَجَدُوا لِلرَّكْعَةِ التي وَقَفُوا عن السُّجُودِ لها بِالْعُذْرِ بِالْحِرَاسَةِ قبل الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَتْبَعُ الْإِمَامَ فَيَرْكَعُ معه وَيَسْجُدُ وَيَكُونُ مُدْرِكًا معه الرَّكْعَةَ وَيَسْقُطُ عنه وَاحِدَةٌ وَيُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى وَلَوْ رَكَعَ معه ولم يَسْجُدْ حتى سَلَّمَ الامام سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وكان مُصَلِّيًا رَكْعَةً ويبنى عليها ثَلَاثًا لِأَنَّهُ لم يَأْتِ مع الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ بِكَمَالِهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْجُدَ على ظَهْرِ رَجُلٍ فَتَرَكَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ خَرَجَ من صَلَاةِ الامام فَإِنْ صلى لِنَفْسِهِ أَجْزَأَتْهُ ظُهْرًا وَإِنْ لم يَفْعَلْ وَصَلَّى مع الْإِمَامِ أَعَادَ الظُّهْرَ وَلَا يَكُونُ له أَنْ يُمْكِنَهُ مع الْإِمَامِ رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ فَيَدَعَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَا سَهْوٍ إلَّا خَرَجَ من صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ خَلْفَ الامام يُمْكِنُهُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَلَا عُذْرَ له لم يَكُنْ بِهِ غير خَارِجٍ من صَلَاةِ الْإِمَامِ جَازَ أَنْ يَدَعَ ذلك ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَيَرْكَعَ في الرَّابِعَةِ فَيَكُونَ كَمُبْتَدِئِ الصَّلَاةِ حين رَكَعَ وَسَجَدَ معه وَيَدَعُ ذلك أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فَيَتْبَعُ الامام في الرَّكْعَةِ التي قبل سُجُودِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ سَهَا عن رَكْعَةٍ اتَّبَعَ الْإِمَامَ ما لم يَخْرُجْ الامام من صَلَاتِهِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أو يَرْكَعُ الامام ثَانِيَةً فإذا رَكَعَ ثَانِيَةً رَكَعَهَا معه وَقَضَى التي سَهَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً من الْجُمُعَةِ بَنَى عليها رَكْعَةً أُخْرَى وَأَجْزَأَتْهُ الْجُمُعَةُ وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ أَنْ يُدْرِكَ الرَّجُلُ قبل رَفْعِ رَأْسِهِ من الرَّكْعَةِ فَيَرْكَعَ معه وَيَسْجُدَ فَإِنْ أَدْرَكَهُ وهو رَاكِعٌ فَكَبَّرَ ثُمَّ لم يَرْكَعْ معه حتى يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ من الرَّكْعَةِ وَيَسْجُدَ معه لم يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا

(1/206)


عنها وَلَوْ خَرَجَ الْإِمَامُ من صَلَاتِهِ وَسَهَا عن ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وقد جَهَرَ الْإِمَامُ في رَكْعَتَيْنِ رَكَعَ وَسَجَدَ بِلَا قِرَاءَةٍ وَاجْتَزَأَ بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ في رَكْعَةٍ في قَوْلِ من قال لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ فيه الامام ثُمَّ قَرَأَ لِنَفْسِهِ فِيمَا بقى ولم يَجْزِهِ غَيْرُ ذلك وَلَوْ كان فِيمَا يُخَافِتُ فيه الامام فَإِنْ كان قَرَأَ اعْتَدَّ بِقِرَاءَتِهِ في رَكْعَةٍ وَإِنْ لم يَكُنْ قَرَأَ لم يَعْتَدَّ بها وَيَقْرَأُ فِيمَا بقى بِكُلِّ حَالٍ لَا يُجْزِئْهُ غَيْرُ ذلك - * الرَّجُلُ يَرْعُفُ يوم الْجُمُعَةِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ رَجَعَ وَبَنَى على صَلَاتِهِ رَأَيْت أَنْ يُعِيدَ وَإِنْ اسْتَأْنَفَ صَلَاتَهُ بِتَكْبِيرَةِ افْتِتَاحٍ كان حِينَئِذٍ دَاخِلًا في الصَّلَاةِ - * رُعَافُ الامام وَحَدَثُهُ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَصْلُ ما نَذْهَبُ إلَيْهِ أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ إذَا فَسَدَتْ لم تَفْسُدْ صَلَاةُ من خَلْفَهُ فإذا كَبَّرَ الْإِمَامُ يوم الْجُمُعَةِ ثُمَّ رَعَفَ أو أَحْدَثَ فَقَدَّمَ رَجُلًا أو تَقَدَّمَ الرَّجُلُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ بِأَمْرِ الناس أو غَيْرِ أَمْرِهِمْ وقد كان الْمُتَقَدِّمُ دخل في صَلَاةِ الْإِمَامِ الْمُحْدِثِ قبل أَنْ يُحْدِثَ كان الْإِمَامُ الْمُقَدَّمُ الْآخَرُ يَقُومُ مَقَامَ الامام الْأَوَّلِ وكان له أَنْ يصلى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَتَكُونَ له وَلَهُمْ الْجُمُعَةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ دخل الْمُتَقَدِّمُ مع الْإِمَامِ في أَوَّلِ صَلَاتِهِ أو بَعْدَ ما صلى رَكْعَةً فَرَعَفَ الأمام قبل الرُّكُوعِ أو بَعْدَهُ وَقَبْلَ السُّجُودِ فَانْصَرَفَ ولم يُقَدِّمُوا أَحَدًا فَصَلَّوْا وُحْدَانًا فَمَنْ أَدْرَكَ منهم مع الْإِمَامِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْنِ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَكَانَتْ له جُمُعَةٌ وَمَنْ لم يُدْرِكْ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْنِ كَامِلَتَيْنِ صلى الظُّهْرَ أَرْبَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ يوم الْجُمُعَةِ رَعَفَ فَخَرَجَ ولم يَرْكَعْ رَكْعَةً وَقَدَّمَ رَجُلًا لم يُدْرِكْ التَّكْبِيرَةَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ أَعَادُوا الظُّهْرَ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ مِمَّنْ لم يَدْخُلْ معه في الصَّلَاةِ حتى خَرَجَ الْإِمَامُ من الْإِمَامَةِ وَهَذَا مُبْتَدِئٌ ظُهْرًا أَرْبَعًا لَا يَجْهَرُ فيها بِالْقِرَاءَةِ وَلَوْ صلى الْإِمَامُ بِهِمْ جُنُبًا أو على غَيْرِ وُضُوءِ الْجُمُعَةِ أَجْزَأَتْهُمْ وكان عليه أَنْ يُعِيدَ ظُهْرًا أَرْبَعًا لِنَفْسِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَعَادَ الْخُطْبَةَ ثُمَّ صلى بِطَائِفَةٍ الْجُمُعَةَ لم يَكُنْ له ذلك وكان عليه أَنْ يَعُودَ فيصلى ظُهْرًا أَرْبَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ فَعَلَ فذكر وهو في الصَّلَاةِ أَنَّ عليه الظُّهْرَ فَوَصَلَهَا ظُهْرًا فَقَدْ دَخَلَهَا بِغَيْرِ نِيَّةِ صَلَاةِ أَرْبَعٍ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا وقد يُخَالِفُ الْمُسَافِرُ يَفْتَتِحُ ينوى الْقَصْرَ ثُمَّ يُتِمُّ لِأَنَّهُ كان لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ وَيُتِمَّ وَالْمُسَافِرُ نَوَى الظُّهْرَ بِعَيْنِهَا فَهُوَ دَاخِلٌ في نِيَّةِ فَرْضِ الصَّلَاةِ والمصلى الْجُمُعَةَ لم يَنْوِ الظُّهْرَ بِحَالٍ إنَّمَا نَوَى الْجُمُعَةَ التي فَرْضُهَا رَكْعَتَانِ إذَا كانت جُمُعَةً وَاَلَّذِي ليس له أَنْ يُصَلِّيَهَا جُمُعَةً أَرْبَعًا فَإِنْ أَتَمَّهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا رَجَوْت أَنْ لَا يُضَيَّقَ عليه إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وما أُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَ ذلك بِحَالٍ وَإِنَّمَا لم يَتَبَيَّنْ لي إيجَابُ الاعادة عليه لِأَنَّ الرَّجُلَ قد يَدْخُلُ مع الْإِمَامِ ينوى الْجُمُعَةَ وَلَا يُكْمِلُ له رَكْعَةً فتجرى عليه أَنْ يبنى على صَلَاتِهِ مع الْإِمَامِ ظُهْرًا وَإِنْ كان هذا قد يُخَالِفُهُ في أَنَّهُ مَأْمُومٌ تَبِعَ الْإِمَامَ لم يُؤْتَ من نَفْسِهِ وَالْأَوَّلُ إمَامٌ عَمَدَ فِعْلَ نَفْسِهِ وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ الذي خَطَبَ بَعْدَ ما كَبَّرَ فَقَدَّمَ رَجُلًا كَبَّرَ معه ولم يُدْرِكْ الْخُطْبَةَ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ أَحْدَثَ فَقَدَّمَ رَجُلًا أَدْرَكَ معه الرَّكْعَةَ صلى رَكْعَةً ثَانِيَةً فَكَانَتْ له وَلِمَنْ أَدْرَكَ معه الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ جُمُعَةٌ وَإِنْ قَدَّمَ رَجُلًا لم يُدْرِكْ معه الرَّكْعَةَ الْأُولَى وقد كَبَّرَ معه صلى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ تَشَهَّدَ وَقَدَّمَ من
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا دخل الرَّجُلُ في صَلَاةِ الْإِمَامِ يوم الْجُمُعَةِ حَضَرَ الْخُطْبَةَ أو لم يَحْضُرْهَا فَسَوَاءٌ فَإِنْ رَعَفَ الرَّجُلُ الدَّاخِلُ في صَلَاةِ الْإِمَامِ بَعْدَ ما يُكَبِّرُ مع الامام فَخَرَجَ يَسْتَرْعِفُ فَأَحَبُّ الْأَقَاوِيلِ إلَيَّ فيه أَنَّهُ قَاطِعٌ لِلصَّلَاةِ وَيَسْتَرْعِفُ وَيَتَكَلَّمُ فَإِنْ أَدْرَكَ مع الامام رَكْعَةً أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَإِلَّا صلى الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَهَذَا قَوْلُ الْمِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ وَهَكَذَا إنْ كان بِجَسَدِهِ أو ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ فَخَرَجَ فَغَسَلَهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ في حَالٍ لَا تَحِلُّ فيها الصَّلَاةُ ما كان بها ثُمَّ يَبْنِي على صَلَاتِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

(1/207)


أَدْرَكَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ فَسَلَّمَ وَقَضَى لِنَفْسِهِ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ لم يُدْرِكْ مع الْإِمَامِ رَكْعَةً حتى صَارَ إمَامَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) في بَعْضِ الحديث ثَلَاثًا وَلَاءً
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني صَالِحُ بن كَيْسَانَ عن عُبَيْدَةَ بن سُفْيَانَ قال سَمِعْت عَمْرَو بن أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ يقول لَا يَتْرُكُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا تَهَاوُنًا بها لَا يَشْهَدُهَا إلَّا كُتِبَ من الْغَافِلِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) حُضُورُ الْجُمُعَةِ فَرْضٌ فَمَنْ تَرَكَ الْفَرْضَ تَهَاوُنًا كان قد تَعَرَّضَ شَرًّا إلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ كما لو أَنَّ رَجُلًا تَرَكَ صَلَاةً حتى يمضى وَقْتَهَا كان قد تَعَرَّضَ شَرًّا إلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ - * ما يُؤْمَرُ بِهِ في لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِهَا - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَلَغَنَا عن عبد اللَّهِ بن أبي أَوْفَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ على يوم الْجُمُعَةِ فَإِنِّي أُبَلَّغُ وَأَسْمَعُ قال وَيُضَعَّفُ فيه الصَّدَقَةُ وَلَيْسَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ من شَيْءٍ فِيمَا بين السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ يَعْنِي غير ذِي رُوحٍ إلَّا وهو سَاجِدٌ لِلَّهِ تعالي في عَشِيَّةِ الْخَمِيسِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فإذا أَصْبَحُوا فَلَيْسَ من ذِي رُوحٍ إلَّا رُوحُهُ رَوْحٌ في حَنْجَرَتِهِ مَخَافَةً إلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فإذا غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَمِنَتْ الدَّوَابُّ وَكُلُّ شَيْءٍ كان فَزِعًا منها غير الثَّقَلَيْنِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال أَقْرَبُكُمْ منى لو في الْجَنَّةِ أَكْثَرُكُمْ على صَلَاةً فَأَكْثِرُوا الصَّلَاةَ على في اللَّيْلَةِ الْغَرَّاءِ وَالْيَوْمِ الْأَزْهَرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) يَعْنِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ يوم الْجُمُعَةِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني صَفْوَانُ بن سُلَيْمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا كان يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةُ الْجُمُعَةِ فَأَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني عبد اللَّهِ بن عبد الرحمن بن مَعْمَرٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يوم الْجُمُعَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبَلَغَنَا أَنَّ من قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ وُقِيَ فِتْنَةُ الدَّجَّالِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ كَثْرَةَ الصَّلَاةِ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في كل حَالٍ وأنا في يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَا أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا وَأُحِبُّ قِرَاءَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَهَا لِمَا جاء فيها - * ما جاء في فَضْلِ الْجُمُعَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني مُوسَى بن عُبَيْدَةَ قال حدثني أبو الْأَزْهَرِ مُعَاوِيَةُ بن إِسْحَاقَ بن طَلْحَةَ عن عبد اللَّهِ بن عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ أَنَّهُ سمع أَنَسَ بن مَالِكٍ يقول أتى جِبْرِيلُ بمرآه بَيْضَاءَ فيها وَكْتَةٌ إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ما هذه فقال هذه الْجُمُعَةُ فَضُلْت بها أنت وَأُمَّتُك فَالنَّاسُ لَكُمْ فيها تَبَعٌ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَلَكُمْ فيها خَيْرٌ وَفِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا مُؤْمِنٌ يَدْعُو اللَّهَ بِخَيْرٍ إلَّا اُسْتُجِيبَ له وهو عِنْدَنَا يَوْمُ الْمَزِيدِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا رَعَفَ الْإِمَامُ أو أَحْدَثَ أو ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ أو على غَيْرِ وُضُوءٍ فَخَرَجَ يَسْتَرْعِفُ أو يَتَطَهَّرُ ثُمَّ رَجَعَ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ وكان كَالْمَأْمُومِ غَيْرُهُ فَإِنْ أَدْرَكَ مع الْإِمَامِ الْمُقَدَّمِ بَعْدَهُ رَكْعَةً أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَكَانَتْ له جُمُعَةٌ وَإِنْ لم يُدْرِكْ معه رَكْعَةً صلى الظُّهْرَ أَرْبَعًا - * التَّشْدِيدُ في تَرْكِ الْجُمُعَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني صَفْوَانُ بن سُلَيْمٍ عن إبْرَاهِيمَ بن عبد اللَّهِ بن مَعْبَدٍ عن أبيه عن عِكْرِمَةَ عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال من تَرَكَ الْجُمُعَةَ من غَيْرِ ضَرُورَةٍ كُتِبَ مُنَافِقًا في كِتَابٍ لَا يُمْحَى وَلَا يُبَدَّلُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني محمد بن عَمْرٍو عن عُبَيْدَةَ بن سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ عن أبي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال لَا يَتْرُكُ أَحَدٌ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا تَهَاوُنًا بها إلَّا طَبَعَ اللَّهُ على قَلْبِهِ

(1/208)


فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يا جِبْرِيلُ وما يَوْمُ الْمَزِيدِ فقال إنَّ رَبَّك اتَّخَذَ في الْفِرْدَوْسِ وَادِيًا أَفَيْحَ فيه كُثُبٌ مِسْكٌ فإذا كان يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعالي ما شَاءَ من مَلَائِكَتِهِ وَحَوْلَهُ مَنَابِرُ من نُورٍ عليها مَقَاعِدُ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَحَفَّ تِلْكَ الْمَنَابِرَ بِمَنَابِرَ من ذَهَبٍ مُكَلَّلَةٍ بِالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ عليها الشُّهَدَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ فَجَلَسُوا من وَرَائِهِمْ على تِلْكَ الْكُثُبِ فيقول اللَّهُ عز وجل أنا رَبُّكُمْ قد صَدَقْتُكُمْ وعدى فَسَلُونِي أُعْطِكُمْ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا نَسْأَلُك رِضْوَانَك فيقول اللَّهُ عز وجل قد رَضِيتُ عَنْكُمْ وَلَكُمْ ما تَمَنَّيْتُمْ ولدى مَزِيدٌ فَهُمْ يُحِبُّونَ يوم الْجُمُعَةِ لِمَا يُعْطِيهِمْ فيه رَبُّهُمْ من الْخَيْرِ وهو الْيَوْمُ الذي اسْتَوَى فيه رَبُّك تَبَارَكَ اسْمُهُ على الْعَرْشِ وَفِيهِ خُلِقَ آدَم وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني أبو عِمْرَانَ إبْرَاهِيمُ بن الْجَعْدِ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ شَبِيهًا بِهِ وزاد عليه وَلَكُمْ فيه خَيْرٌ من دَعَا فيه بِخَيْرٍ هو له قَسْمٌ أُعْطِيهِ فَإِنْ لم يَكُنْ له قَسْمٌ ذُخِرَ له ما هو خَيْرٌ منه وزاد أَيْضًا فيه أَشْيَاءَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني عبد اللَّهِ بن مُحَمَّدِ بن عَقِيلٍ عن عَمْرِو بن شُرَحْبِيلَ بن سَعِيدِ بن سَعْدٍ عن أبيه عن جَدِّهِ أَنَّ رَجُلًا من الْأَنْصَارِ جاء إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال يا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا عن يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَاذَا فيه من الْخَيْرِ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فيه خَمْسُ خِلَالٍ فيه خُلِقَ آدَم وَفِيهِ أَهَبَطَ اللَّهُ عز وجل آدَمَ عليه السَّلَامُ إلَى الْأَرْضِ وَفِيهِ تَوَفَّى اللَّهُ آدَمَ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ الْعَبْدُ فيها شيئا إلَّا آتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهُ ما لم يَسْأَلْ مَأْثَمًا أو قَطِيعَةَ رَحِمٍ وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ وما من مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلَا سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ وَلَا جَبَلٍ إلَّا وهو مُشْفِقٌ من يَوْمِ الْجُمُعَةِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ذَكَرَ يوم الْجُمُعَةِ فقال فيه سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا إنْسَانٌ مُسْلِمٌ وهو قَائِمٌ يصلى يَسْأَلُ اللَّهَ شيئا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَأَشَارَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بيده يُقَلِّلُهَا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن يَزِيدَ بن عبد اللَّهِ بن الْهَادِ عن مُحَمَّدِ بن إبرهيم بن الحرث ( ( ( إبراهيم ) ) ) التَّيْمِيِّ عن أبي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن عن أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فيه الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فيه خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى آدَمَ عليه السَّلَامُ وَفِيهِ أُهْبِطَ وَفِيهِ تِيبَ عليه وَفِيهِ مَاتَ وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ وما من دَابَّةٍ إلَّا وَهِيَ مُسِيخَةٌ يوم الْجُمُعَةِ من حين تُصْبِحُ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ شَفَقًا من السَّاعَةِ إلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عز وجل شيئا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ قال أبو هُرَيْرَةَ قال عبد اللَّهِ بن سَلَامٍ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ في يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقُلْت له وَكَيْفَ تَكُونُ آخِرَ سَاعَةٍ وقد قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وهو يصلى وَتِلْكَ سَاعَةٌ لَا يُصَلَّى فيها فقال عبد اللَّهِ بن سَلَامٍ أَلَمْ يَقُلْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ في صَلَاةٍ حتى يصلى قال فَقُلْت بَلَى قال فَهُوَ ذلك
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني عبد الرحمن بن حَرْمَلَةَ عن بن الْمُسَيِّبِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال سَيِّدُ الْأَيَّامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرني أبي أَنَّ بن الْمُسَيِّبِ قال أَحَبُّ الْأَيَّامِ إلى أَنْ أَمُوتَ فيه ضُحَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ - * السَّهْوُ في صَلَاةِ الْجُمُعَةِ - * (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالسَّهْوُ في صَلَاةِ الْجُمُعَةِ كَالسَّهْوِ في غَيْرِهَا فَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ فَقَامَ في مَوْضِعِ الْجُلُوسِ عَادَ فَجَلَسَ وَتَشَهَّدَ وَسَجَدَ لِلسَّهْو

(1/209)


- * كِتَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَهَلْ يُصَلِّيهَا الْمُقِيمُ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَذِنَ اللَّهُ عز وجل بِالْقَصْرِ في الْخَوْفِ وَالسَّفَرِ وَأَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا كان فِيهِمْ يصلى لهم صَلَاةَ الْخَوْفِ أَنْ يصلى فَرِيقٌ منهم بَعْدَ فَرِيقٍ فَكَانَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ مُبَاحَةً لِلْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ بِدَلَالَةِ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل ثُمَّ سُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَلِلْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ إذًا كان ( ( ( آن ) ) ) الْخَوْفُ أَنْ يُصَلِّيَهَا صَلَاةَ الْخَوْفِ وَلَيْسَ لِلْمُقِيمِ أَنْ يُصَلِّيَهَا إلَّا بِكَمَالِ عَدَدِ صَلَاةِ الْمُقِيمِ وَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ في صَلَاةِ الْخَوْفِ إنْ شَاءَ لِلسَّفَرِ وَإِنْ أَتَمَّ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَأَخْتَارُ له الْقَصْرَ - * كيف ( ( ( كيفية ) ) ) صَلَاةِ الْخَوْفِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وإذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لهم الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ منهم مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فإذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا من وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى } الْآيَةُ
أخبرنا مَالِكٌ عن يَزِيدَ بن رُومَانَ عن صَالِحِ بن خَوَّاتِ بن جُبَيْرٍ عَمَّنْ صلى مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يوم ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ أَنَّ طَائِفَةً صُفَّتْ معه وَطَائِفَةٌ وجاه ( ( ( وجاء ) ) ) الْعَدُوُّ فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ معه رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصُفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ عليه ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَخْبَرَنِي من سمع عَبْدَ اللَّهِ بن عُمَرَ بن حَفْصٍ يُخْبِرُ عن أَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ عن الْقَاسِمِ بن مُحَمَّدٍ عن صَالِحِ بن خَوَّاتِ بن جُبَيْرٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَ هذا الحديث أو مِثْلَ مَعْنَاهُ لَا يُخَالِفُهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَانَ بَيِّنًا في كِتَابِ اللَّهِ عز
____________________
1- أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وإذا ضَرَبْتُمْ في الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ } الْآيَةُ

(1/210)


أَنْ يصلى الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ فإذا سَجَدَ كَانُوا من وَرَائِهِ وَجَاءَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى لم يُصَلُّوا فَصَلَّوْا معه وَاحْتَمَلَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل { فإذا سَجَدُوا } إذَا سَجَدُوا ما عليهم من سُجُودِ الصَّلَاةِ كُلِّهِ وَدَلَّتْ على ذلك سُنَّةُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مع دَلَالَةِ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل فإنه ذَكَرَ انْصِرَافَ الطَّائِفَتَيْنِ وَالْإِمَامِ من الصَّلَاةِ ولم يذكر على وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَضَاءً (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا صلى الْإِمَامُ صَلَاةَ الْخَوْفِ صلى كما وُصِفَتْ بِدَلَالَةِ الْقُرْآنِ ثُمَّ حديث رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا صلى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ مُسَافِرٌ فَكُلُّ طَائِفَةٍ هَكَذَا يصلى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ فَيُطِيلُ الْقِرَاءَةَ وَتَقْرَأُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى لِأَنْفُسِهَا لَا يَجْزِيهَا غَيْرُ ذلك لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ من إمَامَتِهِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ إلَى الْقَصْرِ وَتُخَفِّفُ ثُمَّ تَرْكَعُ وَتَسْجُدُ وَتَتَشَهَّدُ وَتُكْمِلُ حُدُودَهَا كُلَّهَا وَتُخَفِّفُ ثُمَّ تُسَلِّمُ فتأتى الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَيَقْرَأُ الْإِمَامُ بَعْدَ إتْيَانِهِمْ قَدْرَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ لَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَبْتَدِئَ أُمَّ الْقُرْآنِ إذَا كان قد قَرَأَ في الرَّكْعَةِ التي أَدْرَكُوهَا بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَرْكَعُونَ معه وَيَسْجُدُ فإذا انْقَضَى السُّجُودُ قَامُوا فَقَرَءُوا لِأَنْفُسِهِمْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ وَخَفَّفُوا ثُمَّ جَلَسُوا معه وَجَلَسَ قَدْرَ ما يَعْلَمُهُمْ قد تَشَهَّدُوا وَيَحْتَاطُ شيئا حتى يَعْلَمَ أَنَّ أَبْطَأَهُمْ تَشَهُّدًا قد أَكْمَلَ التَّشَهُّدَ أو زَادَ ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ وَلَوْ كان قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ وَسُورَةً قبل أَنْ يَدْخُلُوا معه ثُمَّ رَكَعَ بِهِمْ حين يَدْخُلُونَ معه قبل أَنْ يَقْرَأَ أو يَقْرَءُوا شيئا أَجْزَأَهُ وَأَجْزَأَهُمْ ذلك وَكَانُوا كَقَوْمٍ أَدْرَكُوا رَكْعَةً مع الْإِمَامِ ولم يُدْرِكُوا قِرَاءَتَهُ وَأَحَبُّ إلى أَنْ يَقْرَءُوا بعد ما يُكَبِّرُونَ معه كما تَقَدَّمَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ خَفِيفَةٍ فإذا كانت الصَّلَاةُ التي يُصَلِّيهَا بِهِمْ الْإِمَامُ مِمَّا لَا يَجْهَرُ الْإِمَامُ فيها بِالْقِرَاءَةِ لم يَجْزِ الطَّائِفَةَ الْأُولَى إلَّا أَنْ تَقْرَأَ في الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أو أُمِّ الْقُرْآنِ وَزِيَادَةً مَعَهَا إذَا أَمْكَنَهُمْ أَنْ يَقْرَءُوا ولم يَجْزِ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ إذَا أَدْرَكَتْ مع الْإِمَامِ ما يُمْكِنُهَا فيه قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ إلَّا أَنْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَرُوِيَتْ أَحَادِيثُ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في صَلَاةِ الْخَوْفِ حَدِيثُ صَالِحِ بن خَوَّاتٍ أَوْفَقُ ما يَثْبُتُ منها لِظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل فَقُلْنَا بِهِ

(1/211)


تَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أو أُمِّ الْقُرْآنِ وَشَيْءٌ مَعَهَا بِكُلِّ حَالٍ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كانت صَلَاةُ الْخَوْفِ في الْحَضَرِ لَا يُجْهَرُ فيها لم يَجْزِ وَاحِدَةً من الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةٌ لَا يُقْرَأُ فيها بِأُمِّ الْقُرْآنِ إلَّا من أَدْرَكَ الْإِمَامَ في أَوَّلِ رَكْعَةٍ له في وَقْتٍ لَا يُمْكِنُهُ فيه أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا صلى الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى فَقَرَأَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ وَسَجَدُوا معه ثُمَّ جَاءَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ لم يَسْجُدُوا تِلْكَ السَّجْدَةَ لِأَنَّهُمْ لم يَكُونُوا في صَلَاةٍ كما لو قَرَأَ في الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ بِسَجْدَةٍ فَسَجَدَتْ الطَّائِفَةُ الْآخِرَةُ لم يَكُنْ على الْأُولَى أَنْ تَسْجُدَ مَعَهُمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا معه في صَلَاةٍ - * انْتِظَارُ الْإِمَامِ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا صلى الْإِمَامُ مُسَافِرًا الْمَغْرِبَ صلى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ قام وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ فَحَسَنٌ وَإِنْ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ قام فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ عليه بِاَلَّذِينَ خَلْفَهُ الَّذِينَ جاؤوا بَعْدُ فَجَائِزٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إلى أَنْ يَثْبُتَ قَائِمًا لِأَنَّهُ إنَّمَا حكى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثَبَتَ قَائِمًا وَإِنَّمَا اخْتَرْت أَنْ يُطِيلَ في الْقِرَاءَةِ لِتُدْرِكَ الرَّكْعَةَ معه الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهُ إنَّمَا حُكِيَتْ صَلَاةُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ ولم تُحْكَ الْمَغْرِبُ وَلَا صَلَاةُ خَوْفٍ في حَضَرٍ إلَّا بِالْخَنْدَقِ قبل أَنْ تَنْزِلَ صَلَاةُ الْخَوْفِ فَكَانَ قِيَامُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِأَنَّهُ في مَوْضِعِ قِيَامٍ حين قضى السُّجُودُ ولم يَكُنْ له جُلُوسٌ فَيَكُونُ في مَوْضِعِ جُلُوسٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كانت صَلَاةُ خَوْفٍ أو غَيْرِ خَوْفٍ يُجْهَرُ فيها بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَكُلُّ رَكْعَةٍ جُهِرَ فيها بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُجْزِئُ من صلى معه إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْرَأَ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَالثَّانِي يُجْزِئُهُ أَنْ لَا يَقْرَأَ ويكتفى بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ وإذا كانت الصَّلَاةُ أَرْبَعًا أو ثَلَاثًا لم يُجْزِهِ في وَاحِدٍ من الْقَوْلَيْنِ في الرَّكْعَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ أو الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أو يَزِيدَ وَلَا يكتفى بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ

(1/212)


(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا إذَا صلى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ في حَضَرٍ أو سَفَرٍ أَرْبَعًا فَلَهُ أَنْ يَجْلِسَ في مَثْنًى حتى يقضى من خَلْفَهُ صَلَاتَهُمْ وَيَكُونَ في تَشَهُّدٍ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ يَقُومَ فَيُتِمَّ بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ صلى الْمَغْرِبَ فَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ صلى بِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَكْرَهُ ذلك له لِأَنَّهُ إذَا كان معه في الصَّلَاةِ فِرْقَتَانِ صَلَاةُ إحْدَاهُمَا أَكْثَرُ من صَلَاةِ الْأُخْرَى فَأَوْلَاهُمَا أَنْ يصلى الْأَكْثَرَ مع الْإِمَامِ الطَّائِفَةُ الْأُولَى وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ صلى صَلَاةً عَدَدُهَا رَكْعَتَانِ في خَوْفٍ فَصَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ قام فصلى بِالطَّائِفَةِ التي خَلْفَهُ رَكْعَةً فَإِنْ كان جُلُوسُهُ لِسَهْوٍ فَصَلَاتُهُ وَصَلَاةُ من خَلْفَهُ تَامَّةٌ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَإِنْ كان جُلُوسُهُ لِعِلَّةٍ فَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ ولا سُجُودَ لِلسَّهْوِ عليه وَإِنْ كان لِغَيْرِ عِلَّةٍ وَلَا سَهْوٍ فَجَلَسَ قَلِيلًا لم تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَإِنْ جَلَسَ فَأَطَالَ الْجُلُوسَ فَعَلَيْهِ عِنْدِي إعَادَةُ الصَّلَاةِ فَإِنْ جَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى وهو جَالِسٌ فَقَامَ فَأَتَمَّ بِهِمْ وهو قَائِمٌ فَمَنْ كان منهم عَالِمًا بِإِطَالَةِ الْجُلُوسِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ وَلَا سَهْوٍ ثُمَّ دخل معه فَعَلَيْهِ عِنْدِي الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّهُ دخل معه وهو عَالِمٌ أَنَّ الْإِمَامَ قد خَرَجَ من الصَّلَاةِ ولم يَسْتَأْنِفْ تَكْبِيرَ افْتِتَاحٍ يَسْتَأْنِفُ بِهِ الصَّلَاةَ كما يَكُونُ على من عَلِمَ أَنَّ رَجُلًا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِلَا تَكْبِيرٍ أو صَنَعَ فيها شيئا يُفْسِدُهَا وَصَلَّى وَرَاءَهُ أَنْ يقضى صَلَاتَهُ وَمَنْ لم يَعْلَمْ ما صَنَعَ مِمَّنْ صلى وَرَاءَهُ من الطَّائِفَةِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ كما يَكُونُ من صلى خَلْفَ رَجُلٍ على غَيْرِ وُضُوءٍ أو مُفْسِدٍ لِصَلَاتِهِ بِلَا عِلْمٍ منه تَامَّ الصَّلَاةِ قال أبو مُحَمَّدٍ وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ إذَا كان الْإِمَامُ قد أَفْسَدَ الصَّلَاةَ عَامِدًا فَصَلَاةُ من خَلْفَهُ عَلِمَ بِإِفْسَادِهَا أو لم يَعْلَمْ بَاطِلَةٌ لِأَنَّا إنَّمَا أَجَزْنَا صَلَاتَهُ خَلْفَ الْإِمَامِ لم يَعْمِدْ فَسَادَهَا لِأَنَّ عُمَرَ قَضَى ولم يَقْضِ الَّذِينَ صَلَّوْا خَلْفَهُ وَعُمَرُ إنَّمَا قَضَى سَاهِيًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قِيلَ وقد لَا يَكُونُ عَالِمًا بِأَنَّ هذا يُفْسِدُ صَلَاةَ الْإِمَامِ قِيلَ وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ عَالِمًا بِأَنَّ تَرْكَ الْإِمَامِ التَّكْبِيرَ لِلِافْتِتَاحِ وَكَلَامَهُ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ ثُمَّ لَا يَكُونُ مَعْذُورًا بِأَنْ يصلى وَرَاءَهُ إذَا فَعَلَ بَعْضَ هذا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا من صَلَاةِ الْإِمَامِ قبل أَنْ يُحْدِثَ ما يُفْسِدُهَا وَلَوْ كان كَبَّرَ قَائِمًا تَكْبِيرَةً ينوى بها الِافْتِتَاحَ بَعْدَ جُلُوسِهِ تَمَّتْ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا من صَلَاتِهِ قبل يُفْسِدَهَا وَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُمْ لم يَدْخُلُوا في صَلَاتِهِ حتى افْتَتَحَ صَلَاةً مُجْزِئَةً عنه وَأَجْزَأَتْ عنه هذه الرَّكْعَةُ وَعَمَّنْ خَلْفَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ صلى إمَامٌ صَلَاةَ الْخَوْفِ في الْحَضَرِ فَفَرَّقَ الناس أَرْبَعَ فِرَقٍ فَصَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ كان فيها قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَسَاءَ وَلَا إعَادَةَ عليه وَلَا على من خَلْفَهُ وَالثَّانِي أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ تَفْسُدُ وَتَتِمُّ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى لِأَنَّهَا خَرَجَتْ من صَلَاتِهِ قبل تَفَسُّدِ صَلَاتِهِ وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ من قَبْلِ فَسَادِ صَلَاتِهِ لِأَنَّ له في الصَّلَاةِ انْتِظَارًا وَاحِدًا بَعْدَهُ آخَرُ وَتَفْسُدُ صَلَاةُ من عَلِمَ من الطَّائِفَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ ما صَنَعَ وَأَتَمَّ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ من لم يَعْلَمْ ما صَنَعَ وَلَا يَكُونُ له أَنْ يَنْتَظِرَ في الصَّلَاةِ إلَّا انْتِظَارَيْنِ الْآخِرُ مِنْهُمَا وهو جَالِسٌ فَيُسَلِّمُ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ صلى بِطَائِفَةٍ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَطَائِفَةٍ رَكْعَةً كَرِهْت ذلك له وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَا صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُ إذَا كان لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى أَنْ تصلى معه رَكْعَتَيْنِ وَتَخْرُجَ من صَلَاتِهِ كانت إذَا صَلَّتْ ثَلَاثًا وَخَرَجَتْ من صَلَاتِهِ قد خَرَجَتْ بعد ما زَادَتْ وَإِنْ ائْتَمَّتْ بِهِ في رَكْعَةٍ من فَرْضِ صَلَاتِهَا لم تُفْسِدْ صَلَاةَ الْإِمَامِ أَنَّهُ انْتَظَرَ انْتِظَارًا وَاحِدًا وَتَمَّتْ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الْآخِرَةِ وَعَلَيْهِ وَعَلَى الطَّائِفَةِ الْآخِرَةِ سُجُودُ السَّهْوِ لِأَنَّهُ وَضَعَ الِانْتِظَارَ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كان يصلى بِالطَّائِفَةِ الْمَغْرِبَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تأتى الْأُخْرَى فيصلى بها رَكْعَةً وَإِنَّمَا قَطَعَتْ الْأُولَى إمَامَةَ الْإِمَامِ وَصَلَاتُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ في مَوْضِعِ جُلُوسِ الْإِمَامِ فَيَجُوزُ أَنْ يَجْلِسَ كما جَازَ للامام وكان عليه أَنْ يَقُومَ إذَا قَطَعُوا إمَامَتَهُ في مَوْضِعِ قِيَامٍ

(1/213)


(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ في صَلَاةِ الْخَوْفِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ قَدْرِ { سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى } وما أَشْبَهَهَا في الطُّولِ لِلتَّخْفِيفِ في الْحَرْبِ وَثِقَلِ السِّلَاحِ وَلَوْ قَرَأَ { قُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ } في الرَّكْعَةِ الْأُولَى أو قَدْرَهَا من الْقُرْآنِ لم أَكْرَهْ ذلك له وإذا قام في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَمَنْ خَلْفَهُ يَقْضُونَ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ طَوِيلَةٍ وَإِنْ أَحَبَّ جَمَعَ سُوَرًا حتى يقضى من خَلْفَهُ صَلَاتَهُمْ تَفْتَتِحُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى خَلْفَهُ وَيَقْرَأُ بَعْدَ افْتِتَاحِهِمْ أَقَلَّ ذلك قَدْرَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَيَحْتَاطُ إذَا كان مِمَّا لَا يُجْهَرُ فيه لِيَقْرَءُوا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَلَوْ زَادَ في قِرَاءَتِهِ لِيَزِيدُوا على أُمِّ الْقُرْآنِ كان أَحَبَّ إلى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ لم يَفْعَلْ فَافْتَتَحُوا معه وَأَدْرَكُوهُ رَاكِعًا كما أَجْزَأَهُ وَأَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَكَانُوا كَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً في أَوَّلِ صَلَاتِهِ مع الْإِمَامِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَقْنُتُ في صَلَاةِ الصُّبْحِ في صَلَاةِ الْخَوْفِ وَلَا يَقْنُتُ في غَيْرِهَا لِأَنَّهُ لم يَبْلُغْنَا أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قَنَتَ في صَلَاةِ الْخَوْفِ قُنُوتَهُ في غَيْرِهَا وَإِنْ فَعَلَ فَجَائِزٌ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قد قَنَتَ في الصَّلَوَاتُ عِنْدَ قَتْلِ أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ كَيْفَ صَارَتْ الرَّكْعَةُ الْآخِرَةُ في صَلَاةِ الْخَوْفِ أَطْوَلَ من الْأُولَى وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ في غَيْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ قِيلَ بِدَلَالَةِ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَتَفْرِيقِ اللَّهِ عز وجل بين صَلَاةِ الْخَوْفِ وَغَيْرِهَا من الصَّلَوَاتِ فَلَيْسَ للمسئلة ( ( ( للمسألة ) ) ) عن خِلَافِ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ من صَلَاةِ الْخَوْفِ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ من غَيْرِهَا إلَّا جَهْلُ من سَأَلَ عنها أو تَجَاهُلُهُ وَخِلَافُ جَمِيعِ صَلَاةِ الْخَوْفِ لِسَائِرِ الصَّلَوَاتِ أَكْثَرُ من خِلَافِ رَكْعَةٍ منها لِرَكْعَةٍ من سَائِرِ الصَّلَوَاتِ - * السَّهْوُ في صَلَاةِ الْخَوْفِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى السَّهْوُ في صَلَاةِ الْخَوْفِ وَالشَّكُّ كَسَهْوٍ في غَيْرِهَا من الصَّلَوَاتِ فَيَصْنَعُ ما يَصْنَعُ في غَيْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فإذا سَهَا الْإِمَامُ في الرَّكْعَةِ الْأُولَى انْبَغَى أَنْ يُشِيرَ إلَى من خَلْفَهُ ما يَفْهَمُونَ بِهِ أَنَّهُ سَهَا فإذا قَضَوْا الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ عليهم وَتَشَهَّدُوا سَجَدُوا لِسَهْوِ الْإِمَامِ وَسَلَّمُوا وَانْصَرَفُوا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أَغْفَلَ الْإِشَارَةَ إلَيْهِمْ وَعَلِمُوا سَهْوَهُ سجدوا ( ( ( وسجدوا ) ) ) لِسَهْوِهِ وَإِنْ أَغْفَلَهَا ولم يَعْلَمُوا فَانْصَرَفُوا ثُمَّ عَلِمُوا فَإِنْ كان قَرِيبًا عَادُوا فَسَجَدُوا وَإِنْ تَبَاعَدَ ذلك لم يَعُودُوا لِلسُّجُودِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ لم يَعْلَمُوا حتى صَفُّوا وجاه ( ( ( وجاء ) ) ) الْعَدُوُّ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى لِيُصَلُّوا فَقَدْ بَعُدَ ذلك وَأَحْدَثُوا عَمَلًا بَعْدَ الصَّلَاةِ بِصَفِّهِمْ وَصَارُوا حَرَسًا لِغَيْرِهِمْ فَلَا يَجُوزُ لهم أَنْ يَخْلُوا بِغَيْرِهِمْ وَمَنْ قال يُعِيدُ من تَرَكَ سُجُودَ السَّهْوِ أَمَرَهُمْ بِالْإِعَادَةِ وَلَا أَرَى بَيِّنًا أَنَّ وَاجِبًا على أَحَدٍ تَرَكَ سُجُودَ السَّهْوِ أَنْ يَعُودَ لِلصَّلَاةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ سَهَا الْإِمَامُ سَهْوًا ثُمَّ سَهَا بَعْدَهُ مَرَّةً أو مِرَارًا أَجْزَأَتْهُمْ سَجْدَتَانِ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنْ تَرَكُوهُمَا عَامِدِينَ أو جَاهِلِينَ لم يَبِنْ أَنْ يَكُونَ عليهم أَنْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ لم يَسْهُ الْإِمَامُ وَسَهَوْا هُمْ بَعْدَ الْإِمَامِ سَجَدُوا لِسَهْوِهِمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا سَهَا الْإِمَامُ في الرَّكْعَةِ الْأُولَى ثُمَّ صَلَّتْ الطَّائِفَةُ الْآخِرَةُ سَجَدُوا معه لِلسَّهْوِ حين يَسْجُدُ ثُمَّ قَامُوا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ عَادُوا وَسَجَدُوا عِنْدَ فَرَاغِهِمْ من الصَّلَاةِ لِأَنَّ ذلك مَوْضِعٌ لِسُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ لم يَفْعَلُوا كَرِهْت ذلك لهم وَلَا يَبِينُ أَنْ يَكُونَ على إمَامٍ وَلَا مَأْمُومٍ وَلَا على أَحَدٍ صلى مُنْفَرِدًا فَتَرَك سُجُودَ السَّهْوِ ما كان السَّهْوُ نَقْصًا من الصَّلَاةِ وَزِيَادَةً فيها إعَادَةُ صَلَاةٍ لِأَنَّا قد عَقَلْنَا أَنَّ فَرْضَ عَدَدِ سُجُودِ الصَّلَاةِ مَعْلُومٌ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَالْإِمَامُ يصلى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى في الْمَغْرِبِ رَكْعَةً وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ قال لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى في السَّفَرِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ صلى بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ رَكْعَةً وَتَشَهَّدَ فَكَانَ انْتِظَارُهُ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ أَكْثَرَ من انْتِظَارِهِ الطَّائِفَةَ الْأُولَى - * تَخْفِيفُ الْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ الْخَوْفِ - *

(1/214)


سُجُودُ السَّهْوِ معه كَالتَّسْبِيحِ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقَوْلُ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَسُجُودُ السَّهْوِ كُلُّهُ سَوَاءٌ يَجِبُ في بَعْضِهِ ما يَجِبُ في كُلِّهِ - * بَابُ ما يَنُوبُ الْإِمَامَ في صَلَاةِ الْخَوْفِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا صلى الْإِمَامُ في الْخَوْفِ الْأَوَّلِ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةً لَا يَجُوزُ لهم أَنْ يَعْمَلُوا فيها شيئا غير الصَّلَاةِ لَا يَعْمَلُونَهُ في صَلَاةَ غَيْرِ الْخَوْفِ فَإِنْ عَمِلُوا غير الصَّلَاةِ ما يُفْسِدُ صَلَاةً غير صَلَاةِ الْخَوْفِ لو عَمِلُوهُ فَسَدَتْ عليهم صَلَاتُهُمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ صلى الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا وَقَامُوا يُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ فَحَمَلَ عليهم عَدُوٌّ أو حَدَثَ لهم حَرْبٌ فَحَمَلُوا على الْعَدُوِّ مُنْحَرِفِينَ عن الْقِبْلَةِ بِأَبْدَانِهِمْ ثُمَّ أَمِنُوا الْعَدُوَّ بَعْدَ فَقَدْ قَطَعُوا صَلَاتَهُمْ وَعَلَيْهِمْ اسْتِئْنَافُهَا وَكَذَلِكَ لو فَزِعُوا فَانْحَرَفُوا عن الْقِبْلَةِ لِغَيْرِ قِتَالٍ وَلَا خُرُوجَ من الصَّلَاةِ وَهُمْ ذَاكِرُونَ لِأَنَّهُمْ في صَلَاةٍ حتى يَسْتَدْبِرُوا الْقِبْلَةَ اسْتَأْنَفُوا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ حَمَلُوا عليهم مُوَاجِهِي الْقِبْلَةَ قَدْرَ خُطْوَةٍ فَأَكْثَرَ كان قَطْعًا لِلصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الْقِتَالِ فيها وَعَمَلِ الْخُطْوَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ لو حَمَلَ الْعَدُوُّ عليهم فتهيؤوا ( ( ( فتهيئوا ) ) ) بِسِلَاحٍ أو بِتُرْسٍ أو ما أَشْبَهَهُ كان قَطْعًا لِلصَّلَاةِ بِالنِّيَّةِ مع الْعَمَلِ في دَفْعِ الْعَدُوِّ وَلَوْ حَمَلَ عليهم فَخَافُوا فَنَوَوْا الثُّبُوتَ في الصَّلَاةِ وَأَنْ لَا يُقَاتِلُوا حتى يُكْمِلُوا أو يُغْشَوْا أو تهيؤوا ( ( ( تهيئوا ) ) ) بِالشَّيْءِ الْخَفِيفِ لم يَكُنْ هذا قَطْعًا لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُمْ لم يُحْدِثُوا نِيَّةً لِقِتَالٍ مع التَّهَيُّؤِ وَالتَّهَيُّؤُ خَفِيفٌ يَجُوزُ في الصَّلَاةِ وَلَا يَكُونُ قَطْعًا لها وَإِنَّمَا نَوَوْا إنْ كان قِتَالٌ أَنْ يُحْدِثُوا قِتَالًا لَا أَنَّ قِتَالًا حَضَرَ وَلَا خَافُوهُ فَنَوَوْهُ مَكَانَهُمْ وَعَمِلُوا مع نِيَّتِهِ شيئا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَنَّ عَدُوًّا حَضَرَ فَتَكَلَّمَ أَحَدُهُمْ بِحُضُورِهِ وهو ذَاكِرٌ لِأَنَّهُ في صَلَاةٍ كان قَاطِعًا لِصَلَاتِهِ وَإِنْ كان نَاسِيًا لِلصَّلَاةِ فَلَهُ أَنْ يبنى وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَحْدَثُوا عِنْدَ حَادِثٍ أو غَيْرِهِ نِيَّةَ قَطْعِ الصَّلَاةِ أو نِيَّةَ الْقِتَالِ مَكَانَهُمْ كَانُوا قَاطِعِينَ لِلصَّلَاةِ فَأَمَّا أَنْ يَكُونُوا على نِيَّةِ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَنْوُونَ إنْ حَدَثَ إطْلَالُ عَدُوٍّ أَنْ يُقَاتِلُوهُ فَلَا يَحْدُثُ إطْلَالُهُ فَلَا يَكُونُ هذا قَطْعًا لِلصَّلَاةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَيُّهُمْ أَحْدَثَ شيئا مِمَّا وَصَفْتُهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ دُونَ غَيْرِهِ كان قَاطِعًا لِلصَّلَاةِ دُونَ من لم يُحْدِثْهُ فَإِنْ أَحْدَثَ ذلك الْإِمَامُ فَسَدَتْ عليه صَلَاتُهُ وصلاة ( ( ( ومن ) ) ) من ائْتَمَّ بِهِ بعد ما أَحْدَثَ وهو عَالِمٌ بِمَا أَحْدَثَ ولم تَفْسُدْ صَلَاةُ من ائْتَمَّ بِهِ وهو لَا يَعْلَمُ ما أَحْدَثَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ قَدَّمُوا إمَامًا غَيْرَهُ فَصَلَّى بِهِمْ أَجْزَأَهُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنْ يُصَلُّوا فرادي أَحَبُّ إلى وَكَذَلِكَ هو أَحَبُّ إلى في كل ما أَحْدَثَهُ الْإِمَامُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَصَلَاةُ الْخَوْفِ الذي هو أَشَدُّ من هذا رِجَالًا وَرُكْبَانًا مَوْضُوعٌ في غَيْرِ هذا الْمَوْضِعِ مُخَالِفٌ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ في بَعْضِ أَمْرِهِ - * إذَا كان الْعَدُوُّ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا الثِّقَةُ عن مَنْصُورِ بن الْمُعْتَمِرِ عن مُجَاهِدٍ عن أبي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ قال صلى اللَّهُ عليه وسلم صَلَاةُ الْخَوْفِ بِعُسْفَانَ وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ يؤمئذ خَالِدُ بن الْوَلِيدِ وَهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَكَبَّرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعْنَا ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعْنَا جميعا ثُمَّ سَجَدَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالصَّفُّ الذي يَلِيهِ فلما رَفَعُوا سَجَدَ الْآخَرُونَ مَكَانَهُمْ ثُمَّ سَلَّمَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جَابِرٍ قال صَلَاةُ الْخَوْفِ نَحْوٌ مِمَّا يَصْنَعُ أُمَرَاؤُكُمْ يَعْنِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ هَكَذَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) الْمَوْضِعُ الذي كان فيه رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَذِنَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى في صَلَاةِ الْخَوْفِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْخَوْفُ الْأَدْنَى وهو قَوْلُ اللَّهِ عز وجل { وإذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لهم الصَّلَاةَ } الْآيَةُ وَالثَّانِي الْخَوْفُ الذي أَشَدُّ منه وهو قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أو رُكْبَانًا } فلما فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا وَدَلَّتْ السُّنَّةُ على افْتِرَاقِهِمَا لم يَجُزْ إلَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِافْتِرَاقِ الْحَالَيْنِ فِيهِمَا

(1/215)


حين صلى هذه الصَّلَاةَ وَالْعَدُوَّ صَحْرَاءُ ليس فيها شَيْءٌ يوارى الْعَدُوَّ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وكان الْعَدُوُّ مِائَتَيْنِ على مُتُونِ الْخَيْلِ طَلِيعَةً وكان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وكان لهم غَيْرُ خَائِفٍ لِكَثْرَةِ من معه وَقِلَّةِ الْعَدُوِّ فَكَانُوا لو حَمَلُوا أو تَحَرَّفُوا لِلْحَمْلِ لم يَخَفْ تَحَرُّفَهُمْ عليه وَكَانُوا منه بَعِيدًا لَا يَغِيبُونَ عن طَرْفِهِ وَلَا سَبِيلَ لهم إلَيْهِ يَخْفَى عليهم فإذا كان هذا مُجْتَمَعًا صلى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ هَكَذَا وهو أَنْ يَصُفَّ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ فَيُكَبِّرُ وَيُكَبِّرُونَ مَعًا وَيَرْكَعُ وَيَرْكَعُونَ مَعًا ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَرْفَعُونَ مَعًا ثُمَّ يَسْجُدُ فَيَسْجُدُونَ مَعًا إلَّا صَفًّا يَلِيهِ أو بَعْضَ صَفٍّ يَنْظُرُونَ الْعَدُوَّ لَا يَحْمِلُ أو يَنْحَرِفُ إلَى طَرِيقٍ يَغِيبُ عنه وهو سَاجِدٌ فإذا رَفَعَ الْإِمَامُ وَمَنْ سَجَدَ معه من سُجُودِهِمْ كُلِّهِ وَنَهَضُوا سَجَدَ الَّذِينَ قَامُوا يَنْظُرُونَ الْإِمَامَ ثُمَّ قَامُوا معه ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا مَعًا وَرَفَعَ وَرَفَعُوا مَعًا وَسَجَدَ وَسَجَدَ معه الَّذِينَ سَجَدُوا معه أَوَّلًا إلَّا صَفًّا يَحْرُسُهُ منهم فإذا سَجَدُوا سَجْدَتَيْنِ جَلَسُوا لِلتَّشَهُّدِ فَسَجَدَ الَّذِينَ حَرَسُوا ثُمَّ تَشَهَّدُوا وسلم الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ مَعًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ صلى الْإِمَامُ هذه الصَّلَاةَ فَاسْتَأْخَرَ الصَّفَّ الذي حَرَسَهُ إلَى الصَّفِّ الثَّانِي وَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الثَّانِي فَحَرَسَهُ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ لم يَفْعَلُوا فَوَاسِعٌ وَلَوْ حَرَسَهُ صَفٌّ وَاحِدٌ في هذه الْحَالِ رَجَوْت أَنْ تُجْزِئَهُمْ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ أَعَادُوا الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ كان أَحَبَّ إلى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان ما وَصَفْت مُجْتَمِعًا من قِلَّةِ الْعَدُوِّ وَكَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وما وَصَفْت من الْبِلَادِ فَصَلَّى الْإِمَامُ مِثْلَ صَلَاةِ الْخَوْفِ يوم ذَاتِ الرِّقَاعِ وَمَنْ معه كَرِهْت ذلك له ولم يَبِنْ أَنَّ على أَحَدٍ مِمَّنْ خَلْفَهُ إعَادَةً وَلَا عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ صلى الْإِمَامُ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً وَانْحَرَفَتْ قبل أَنْ تُتِمَّ فَقَامَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ثُمَّ صَلَّتْ الْأُخْرَى رَكْعَةً ثُمَّ انْحَرَفَتْ فَوَقَفَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ قبل أَنْ تُتِمَّ وَهُمَا ذَاكِرَتَانِ لِأَنَّهُمَا في صَلَاةٍ كان فيها قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُعِيدَا مَعًا لِانْحِرَافِهِمْ عن الْقِبْلَةِ قبل أَنْ يُكْمِلَا الصَّلَاةَ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى صَلَّتْ مع الْإِمَامِ رَكْعَةً ثُمَّ أَتَمَّتْ صَلَاتَهَا وَفَسَدَتْ صَلَاةُ الْأُولَى التي انْحَرَفَتْ عن الْقِبْلَةِ قبل أَنْ تُكْمِلَ الصَّلَاةَ في هذا الْقَوْلِ وَمَنْ قال هذا طَرَحَ الحديث الذي روى هذا فيه بِحَدِيثٍ غَيْرِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ هذا كُلَّهُ جَائِزٌ وَأَنَّهُ من الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ فَكَيْفَمَا صلى الْإِمَامُ وَمَنْ معه على ما روى أَجْزَأَهُ وَإِنْ اخْتَارَ بَعْضَهُ على بَعْضٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ لو كانت الطَّائِفَةُ الْأُولَى أَكْمَلَتْ صَلَاتَهَا قبل أَنْ تَنْحَرِفَ ولم تُكْمِلْ الثَّانِيَةُ حتى انْحَرَفَتْ عن الْقِبْلَةِ أَجْزَأَتْ الطَّائِفَةَ الْأُولَى صَلَاتُهَا ولم تُجْزِئْ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ التي انْحَرَفَتْ قبل أَنْ تُكْمِلَ في الْقَوْلِ الْأَوَّلِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُجْزِئُ الْإِمَامَ في كل ما وَصَفْت صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لم يَنْحَرِفْ عن الْقِبْلَةِ حتى أَكْمَلَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ صلى الْإِمَامُ كَصَلَاةِ الْخَوْفِ يوم ذَاتِ الرِّقَاعِ فَانْحَرَفَ الْإِمَامُ عن الْقِبْلَةِ قبل أَنْ يُكْمِلَ الصَّلَاةَ أو صَلَّاهَا صَلَاةَ خَوْفٍ أو غَيْرِهِ فَانْحَرَفَ عن الْقِبْلَةِ وهو ذَاكِرٌ لِأَنَّهُ لم يُكْمِلْ الصَّلَاةَ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا الثِّقَةُ بن عُلَيَّةَ أو غَيْرُهُ عن يُونُسَ عن الْحَسَنِ عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى صَلَاةَ الظُّهْرِ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِبَطْنِ نَخْلٍ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وسلم ثُمَّ صلى بِأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ صلى الْإِمَامُ صَلَاةَ الْخَوْفِ هَكَذَا أَجْزَأَ عنه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا في مَعْنَى صَلَاةِ مُعَاذٍ مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْعَتَمَةَ ثُمَّ صَلَّاهَا بِقَوْمِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَدُلُّ على أَنَّ نِيَّةَ الْمَأْمُومِ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تُفْسَدُ عليه بِأَنْ تُخَالِفَ نِيَّتُهُ نِيَّةَ الْإِمَامِ فيها وَإِنْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ خَافَ الَّذِينَ يَحْرُسُونَ على الْإِمَامِ فَتَكَلَّمُوا أَعَادُوا الصَّلَاةَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْطَعَ الْإِمَامُ وَهُمْ إنْ خَافُوا مَعًا

(1/216)


صلى الْإِمَامُ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا ولم يُسَلِّمْ ثُمَّ صلى الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ عليه بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمُوا فَصَلَاةُ الْإِمَامِ تَامَّةٌ وَعَلَى الطَّائِفَتَيْنِ مَعًا الْإِعَادَةُ إذَا سَلَّمُوا ذَاكِرِينَ لِأَنَّهُمْ في صَلَاةٍ قال أبو يَعْقُوبَ وَإِنْ رَأَوْا أَنْ قد أَكْمَلُوا الصَّلَاةَ بَنَى الْآخَرُونَ وَسَجَدُوا لِلسَّهْوِ وَأَعَادَ الْأَوَّلُونَ لِأَنَّهُ قد تَطَاوَلَ خُرُوجُهُمْ من الصَّلَاةِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا قُلْنَا ثَبَتَ جَالِسًا قِيَاسًا على ما جاء عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَذَلِكَ أَنَّهُ لم يُحْكَ عنه في شَيْءٍ من الحديث صَلَاةُ الْخَوْفِ إلَّا في السَّفَرِ فَوَجَدْتُ الْحِكَايَةَ كُلَّهَا مُتَوَقِّفَةً على أَنْ صلى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا وَوَجَدْتُ الطَّائِفَةَ الْأُولَى لم تَأْتَمَّ بِهِ خَلْفَهُ إلَّا في رَكْعَةٍ لَا جُلُوسَ فيها وَالطَّائِفَةَ الْأُخْرَى ائْتَمَّتْ بِهِ في رَكْعَةٍ مَعَهَا جُلُوسٌ فَوَجَدْت الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى مِثْلَ الْأُولَى في أنها ائْتَمَّتْ بِهِ معه في رَكْعَةٍ وَزَادَتْ أنها كانت معه في بَعْضِ جُلُوسِهِ فلم أَجِدْهَا في حَالٍ إلَّا مِثْلَ الْأُولَى وَأَكْبَرَ حَالًا منها فَلَوْ كُنْتَ قُلْت يَتَشَهَّدُ بِالْأُولَى وَيَثْبُتُ قَائِمًا حتى تُتِمَّ الْأُولَى زَعَمْتَ أَنَّ الْأُولَى أَدْرَكَتْ مع الْإِمَامِ مِثْلَ أو أَكْثَرَ مِمَّا أَدْرَكَتْ الْأُخْرَى وَأَكْثَرَ فَإِنَّمَا ذَهَبْت إلَى أَنْ يَثْبُتَ قَاعِدًا حتى تُدْرِكَهُ الْآخِرَةُ في قُعُودِهِ وَيَكُونَ لها الْقُعُودُ الْآخِرُ معه لِتَكُونَ في أَكْثَرَ من حَالِ الْأُولَى فَتُوَافِقُ الْقِيَاسَ على ما روى عنه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان الْعَدُوُّ بين الْإِمَامِ وَالْقِبْلَةِ صلى هَكَذَا أَجْزَأَهُ إذَا كان في حَالِ خَوْفٍ منه فَإِنْ كان في حَالِ أَمَانٍ منه بِقِلَّةِ الْعَدُوِّ وَكَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَبِأَنَّهُمْ في صَحْرَاءَ لَا حَائِلَ دُونَهَا وَلَيْسُوا حَيْثُ يَنَالُهُمْ النَّبْلُ وَلَا الْحُسَامُ وَلَا يَخْفَى عليهم حَرَكَةُ الْعَدُوِّ صَفُّوا جميعا خَلْفَ الْإِمَامِ وَدَخَلُوا في صَلَاتِهِ وَرَكَعُوا بِرُكُوعِهِ وَرَفَعُوا بِرَفْعِهِ وَثَبَتَ الصَّفُّ الذي يَلِيهِ قَائِمًا وَيَسْجُدُ وَيَسْجُدُ من بقى فإذا قام من سُجُودِهِ تَبِعَهُ الَّذِينَ خَلْفَهُ بِالسُّجُودِ ثُمَّ قَامُوا معه وَهَكَذَا حَكَى أبو عَيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى يوم عُسْفَانَ وَخَالِدُ بن الْوَلِيدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ وَهَكَذَا أبو الزُّبَيْرِ عن جَابِرٍ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ ما يَصْنَعُ أُمَرَاؤُكُمْ هَؤُلَاءِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا يَصْنَعُ الْأُمَرَاءُ إلَّا الَّذِينَ يَقِفُونَ فَلَا يَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ حتى يَعْتَدِلَ قَائِمًا من قَرُبَ منهم من الصَّفِّ الْأَوَّلِ دُونَ من نَأَى عن
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَعَلَى الْمَأْمُومِ من عَدَدِ الصَّلَاةِ ما على الْإِمَامِ لَا يَخْتَلِفَانِ فِيمَا على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا من عَدَدِهَا وَلَيْسَ يَثْبُتُ حَدِيثٌ روى في صَلَاةِ الْخَوْفِ بِذِي قَرَدٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ في الْإِمْلَاءِ قال ويصلى صَلَاةَ الْخَوْفِ في الْحَضَرِ أَرْبَعًا وفي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ فإذا صَلَّاهَا في السَّفَرِ وَالْعَدُوُّ في غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَرَّقَ الناس فِرْقَتَيْنِ فَرِيقًا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ في غَيْرِ الصَّلَاةِ وَفَرِيقًا معه فيصلى بِاَلَّذِينَ معه رَكْعَةً ثُمَّ يَثْبُتُ قَائِمًا فَيَقْرَأُ فَيُطِيلُ الْقِرَاءَةَ وَيَقْرَأُ الَّذِينَ خَلْفَهُ لِأَنْفُسِهِمْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ وَيَتَشَهَّدُونَ وَيُسَلِّمُونَ مَعًا ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ فَيَقُومُونَ مَقَامَ أَصْحَابِهِمْ ثُمَّ يأتى أُولَئِكَ فَيَدْخُلُونَ مع الْإِمَامِ وَيُكَبِّرُونَ مع الْإِمَامِ تَكْبِيرَةً يَدْخُلُونَ بها معه في الصَّلَاةِ وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ بَعْدَ دُخُولِهِمْ معه قَدْرَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ من حَيْثُ انْتَهَتْ قِرَاءَتُهُ لَا يَسْتَأْنِفُ أُمَّ الْقُرْآنِ بِهِمْ وَيَسْجُدُ وَيَثْبُتُ جَالِسًا يَتَشَهَّدُ وَيَذْكُرُ اللَّهَ ويصلى على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَيَدْعُو وَيَقُومُونَ هُمْ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ من السُّجُودِ فيقرؤون ( ( ( فيقرءون ) ) ) بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ ثُمَّ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ وَيَجْلِسُونَ مع الأمام وَيَزِيدُ الْإِمَامُ في الذِّكْرِ بِقَدْرِ ما أَنْ يَقْضُوا تَشَهُّدَهُمْ ثُمَّ يُسَلِّمَ بِهِمْ وَإِنْ صلى بِهِمْ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ صلى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى ثُمَّ يَثْبُتُ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فيصلى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ الرَّكْعَةَ التي سُبِقُوا بها ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ في الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ سَوَاءٌ فَإِنْ صلى ظُهْرًا أو عَصْرًا أو عِشَاءً صَلَاةَ خَوْفٍ في حَضَرٍ صَنَعَ هَكَذَا إلَّا أَنَّهُ يصلى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَيَثْبُتُ جَالِسًا حتى يَقْضُوا الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَقِيَتَا عليهم وتأتى الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فإذا جَاءَتْ فَكَبَّرَتْ نَهَضَ قَائِمًا فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ عليه وَجَلَسَ حتى يُتِمُّوا لِيُسَلِّمَ بِهِمْ

(1/217)


يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ (1) إلَّا بِأَنْ يُعَايِنَ عَدُوًّا قَرِيبًا غير مَأْمُونٍ أَنْ يَحْمِلَ عليه يَتَخَوَّفُ حَمْلَهُ عليه من مَوْضِعٍ أو يَأْتِيهِ من يَصْدُقُهُ بِمِثْلِ ذلك من قُرْبِ الْعَدُوِّ منه أو مَسِيرِهِمْ جَادِّينَ إلَيْهِ فَيَكُونُونَ هُمْ مُخَوَّفِينَ فإذا كان وَاحِدٌ من هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ فَلَهُ أَنْ يصلى صَلَاةَ الْخَوْفِ وإذا لم يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لم يَكُنْ له ذلك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا جَاءَهُ الْخَبَرُ عن الْعَدُوِّ فَصَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ ثُمَّ ذَهَبَ الْعَدُوُّ لم يُعِدْ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كان بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَإِنْ كان في حِصْنٍ لَا يُوصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِتَعَبٍ أو غَلَبَةٍ علي بَابٍ أو كان في خَنْدَقٍ عَمِيقٍ عَرِيضٍ لَا يُوصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِدَفْنٍ يَطُولُ لم يُصَلِّ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَإِنْ كان في قَرْيَةٍ حَصِينَةٍ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كان في قَرْيَةٍ غَيْرِ مُمْتَنِعَةٍ من الدُّخُولِ أو خَنْدَقٍ صَغِيرٍ غَيْرِ مُمْتَنِعٍ صلى صَلَاةَ الْخَوْفِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ رَأَوْا سَوَادًا مُقْبِلًا وَهُمْ بِبِلَادِ عَدُوٍّ أو بِغَيْرِ بِلَادِ عَدُوٍّ فَظَنُّوهُ عَدُوًّا أَحْبَبْت أَنْ لَا يُصَلُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ وَكُلُّ حَالٍ أَحْبَبْت أَنْ لَا يُصَلُّوا فيه صَلَاةَ الْخَوْفِ إذَا كان الْخَوْفُ يُسْرِعُ إلَيْهِمْ أَمَرْت الْإِمَامَ أَنْ يصلى بِطَائِفَةٍ فَيُكْمِلَ كما يصلى في غَيْرِ خَوْفٍ وَتَحْرُسُهُ أُخْرَى فإذا فَرَغَ من صَلَاتِهِ حَرَسَ وَمَنْ معه الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى وَأَمَرَ بَعْضَهُمْ فَأَمَّهُمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا آمُرُ الْمُسَلَّحَةَ في بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ تَنَاظُرًا لِمُسَلَّحَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ تَصْنَعَ إذَا تَرَاخَى ما بين الْمُسَلَّحَتَيْنِ شيئا وَكَانَتْ الْمُسَلَّحَتَانِ في غَيْرِ حِصْنٍ أو كان الْأَغْلَبُ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَنَاظَرُونَ بِنَاظِرِ الرَّبِيئَةِ لَا يَتَحَامَلُونَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ صَلَّوْا صَلَاةَ الْخَوْفِ كَصَلَاةِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يوم ذَاتِ الرِّقَاعِ في حَالٍ كَرِهْت لهم فيها صَلَاةَ الْخَوْفِ أَحْبَبْت لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى أَنْ يُعِيدُوا ولم أُحِبَّ ذلك للامام وَلَا لِلطَّائِفَةِ الْأُخْرَى وَلَا يَبِينُ أَنَّ على الطَّائِفَةِ الْأُولَى إعَادَةَ صَلَاةٍ لِأَنَّهَا قد صَلَّتْ بِسَبَبٍ من خَوْفٍ وَإِنْ لم يَكُنْ خَوْفًا وَإِنَّ الرَّجُلَ قد يصلى في غَيْرِ خَوْفٍ بَعْضَ صَلَاتِهِ مع الْإِمَامِ وَبَعْضَهَا مُنْفَرِدًا فَلَا يَكُونُ عليه إعَادَةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَتَى ما رَأَوْا سَوَادًا فَظَنُّوهُ عَدُوًّا ثُمَّ كان غير عَدُوٍّ وقد صلى كَصَلَاةِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يوم ذَاتِ الرِّقَاعِ لم يُعِدْ الْإِمَامُ وَلَا وَاحِدَةٌ من الطَّائِفَتَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ مِنْهُمَا لم يَنْحَرِفْ عن الْقِبْلَةِ حتى أُكْمِلَتْ الصَّلَاةُ وقد صُلِّيَتْ بِسَبَبِ خَوْفٍ وَكَذَلِكَ إنْ صلى كَصَلَاةِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِبَطْنِ نَخْلٍ وَإِنْ صلى كَصَلَاةِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعُسْفَانَ أَحْبَبْت لِلْحَارِسَةِ أَنْ تُعِيدَ ولم أُوجِبْ ذلك عليها
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ لِلطَّائِفَةِ الْحَارِسَةِ إنْ رَأَتْ من الْعَدُوِّ حَرَكَةً لِلْقِتَالِ أَنْ تَرْفَعَ أَصْوَاتَهَا لِيَسْمَعَ الْإِمَامُ وَإِنْ حوملت أَنْ يَحْمِلَ بَعْضُهَا وَيَقِفَ بَعْضٌ يَحْرُسُ الْإِمَامَ وَإِنْ رَأَتْ كَمِينًا من غَيْرِ جِهَتِهَا أَنْ يَنْحَرِفَ بَعْضُهَا إلَيْهِ وَأُحِبُّ للامام إذَا سمع ذلك أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَ { قُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ } وَيُخَفِّفُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ وَالْجُلُوسَ في تَمَامٍ وَإِنْ حُمِلَ عليه أو رُهِقَ أَنْ يَصِيرَ إلَى الْقِتَالِ وَقَطَعَ الصَّلَاةَ هي ( ( ( هل ) ) ) يَقْضِيهَا بَعْدَهُ وَالسَّهْوُ في صَلَاةِ الْخَوْفِ كَهُوَ في غَيْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ إلَّا في خَصْلَةٍ فإن الطَّائِفَةَ الْأُولَى إذَا اسْتَيْقَنَتْ أَنَّ الْإِمَامَ سَهَا في الرَّكْعَةِ التي أَمَّهَا فيها سَجَدَتْ لِلسَّهْوِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ سَلَامِهَا وَلَيْسَ سَبْقُهُمْ إيَّاهُ بِسُجُودِ السَّهْوِ بِأَكْثَرَ من سَبْقِهِمْ إيَّاهُ بِرَكْعَةٍ من صُلْبِ الصَّلَاةِ فإذا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ أَخَّرَ سُجُودَهُ حتى تأتى الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ معه بِتَشَهُّدِهَا ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَيَسْجُدُونَ معه ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيُسَلِّمُونَ معه وَلَوْ ذَهَبَ على الطَّائِفَةِ الْأُولَى أَنَّهُ سَهَا في الرَّكْعَةِ الْأُولَى أو خَافَ الْإِمَامُ أَنْ يَذْهَبَ ذلك عليهم أَحْبَبْت له أَنْ يُشِيرَ إلَيْهِمْ لِيَسْجُدُوا من غَيْرِ أَنْ يَلْتَفِتَ فَإِنْ لم يَفْعَلْ وَفَعَلُوا فَسَجَدُوا حتى انْصَرَفُوا أو انْصَرَفَ هو فَلَا إعَادَةَ وَلَا سُجُودَ عليهم لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ ليس من صُلْبِ الصَّلَاةِ وقد ذَهَبَ مَوْضِعُهُ - * الْحَالُ التي يَجُوزُ لِلنَّاسِ أَنْ يُصَلُّوا فيها صَلَاةَ الْخَوْفِ - * ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يصلى صَلَاةَ الْخَوْفِ

(1/218)


وَلَا يُعِيدُ الْإِمَامُ وَلَا التي لم تَحْرُسْ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا كانت مع الْإِمَامِ في صَلَاةِ الْخَوْفِ طَائِفَةٌ وَالطَّائِفَةُ ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ أو حَرَسَتْهُ طَائِفَةٌ وَالطَّائِفَةُ ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ لم أَكْرَهْ ذلك له غير أَنِّي أُحِبُّ أَنْ يَحْرُسَهُ من يَمْنَعُ مثله إنْ أُرِيدَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ في هذا كَثُرَ من معه أو قَلَّ فَتَفَرَّقَ الناس في صَلَاةِ الْخَوْفِ حَارِسِينَ وَمُصَلِّينَ على قَدْرِ ما يَرَى الْإِمَامُ مِمَّنْ تجزى حِرَاسَتُهُ وَيَسْتَظْهِرُ شيئا من اسْتِظْهَارِهِ وَسَوَاءٌ قَلَّ من معه فِيمَنْ يصلى وَكَثُرَ مِمَّنْ يَحْرُسُهُ أو قَلَّ من يَحْرُسُهُ وَكَثُرَ من يصلى معه في أَنَّ صَلَاتَهُمْ مُجْزِئَةٌ إذَا كان معه ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ حَرَسَهُ ثَلَاثَةٌ فَإِنْ حَرَسَهُ أَقَلُّ من ثَلَاثَةٍ أو كان معه في الصَّلَاةِ أَقَلُّ من ثَلَاثَةٍ كَرِهْت ذلك له لِأَنَّ أَقَلَّ اسْمِ الطَّائِفَةِ لَا يَقَعُ عليهم فَلَا إعَادَةَ على أَحَدٍ منهم بِهَذِهِ الْحَالِ لِأَنَّ ذلك إذَا أَجْزَأَ الطَّائِفَةَ أَجْزَأَ الْوَاحِدَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالي - * أَخْذُ السِّلَاحِ في صَلَاةِ الْخَوْفِ - * قال اللَّهُ عز وجل { وإذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لهم الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ منهم مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ } الْآيَةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ للمصلى أَنْ يَأْخُذَ سِلَاحَهُ في الصَّلَاةِ ما لم يَكُنْ في سِلَاحِهِ نَجَاسَةٌ وَإِنْ كان فيه أو في شَيْءٍ منه نَجَاسَةٌ وَضَعَهُ فَإِنْ صلى فيه وَفِيهِ نجاسه لم تَجُزْ صَلَاتُهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَأْخُذُ من سِلَاحِهِ ما لَا يَمْنَعُهُ الصَّلَاةَ وَلَا يُؤْذِي الصَّفَّ أَمَامَهُ وَخَلْفَهُ وَذَلِكَ السَّيْفُ وَالْقَوْسُ وَالْجَعْبَةُ وَالْجَفِيرُ وَالتُّرْسُ وَالْمِنْطَقَةُ وما أَشْبَهَ هذا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَأْخُذُ الرُّمْحَ فإنه يَطُولُ إلَّا أَنْ يَكُونَ في حَاشِيَةٍ ليس إلَى جَنْبِهِ أَحَدٌ فَيَقْدِرُ على أَنْ يُنَحِّيَهُ حتى لَا يُؤْذِيَ بِهِ من أَمَامَهُ وَلَا من خَلْفَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ لَا يَلْبَسُ من السِّلَاحِ ما يَمْنَعُهُ التَّحَرُّفَ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِثْلُ السِّنَّوْرِ وما أَشْبَهَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أُجِيزُ له وَضْعَ السِّلَاحِ كُلِّهِ في صَلَاةِ الْخَوْفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا يَشُقُّ عليه حَمْلُ السِّلَاحِ أو يَكُونَ بِهِ أَذًى من مَطَرٍ فَإِنَّهُمَا الْحَالَتَانِ اللَّتَانِ أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمَا بِوَضْعِ السِّلَاحِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ فِيهِمَا لِقَوْلِهِ عز وَعَلَا { وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ كان بِكُمْ أَذًى من مَطَرٍ أو كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ } قال الشَّافِعِيُّ وَإِنْ لم يَكُنْ بِهِ مَرَضٌ وَلَا أَذًى من مَطَرٍ أَحْبَبْت أَنْ لَا يَضَعَ من السِّلَاحِ إلَّا ما وَصَفْت مِمَّا يَمْنَعُهُ من التَّحَرُّفِ في الصَّلَاةِ بِنَفْسِهِ أو ثِقَلِهِ فَإِنْ وَضَعَ بَعْضَهُ وبقى بَعْضٌ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ جَائِزًا له لِأَنَّهُ أَخَذَ بَعْضَ سِلَاحِهِ وَمَنْ أَخَذَ بَعْضَ سِلَاحِهِ فَهُوَ مُتَسَلِّحٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ وَضَعَ سِلَاحَهُ كُلَّهُ من غَيْرِ مَرَضٍ وَلَا مَطَرٍ أو أَخَذَ من سِلَاحِهِ ما يُؤْذِي بِهِ من يُقَارِبُهُ كَرِهْت ذلك له في كل وَاحِدٍ من الْحَالَيْنِ ولم يُفْسِدْ ذلك صَلَاتَهُ في وَاحِدَةٍ من الْحَالَيْنِ لِأَنَّ مَعْصِيَتَهُ في تَرْكِ وَأَخْذِ السِّلَاحِ ليس من الصَّلَاةِ فَيُقَالُ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ وَلَا يُتِمُّهَا أَخْذُهُ - * ما لَا يَجُوزُ للمصلى في الْحَرْبِ أَنْ يَلْبَسَهُ مِمَّا مَاسَّتْهُ النَّجَاسَةُ وما يَجُوزُ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَصَابَ السَّيْفَ الدَّمُ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ منه لم يَتَقَلَّدْهُ في الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ نِصَالُ النَّبْلِ وَزُجُّ الرُّمْحِ وَالْبَيْضَةِ وَجَمِيعُ الْحَدِيدِ إذَا أَصَابَهُ الدَّمُ فَإِنْ صلى قبل أَنْ يَغْسِلَهُ بِالْمَاءِ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَلَا يُطَهِّرُ الدَّمَ وَلَا شيئا من الْأَنْجَاسِ إلَّا الْمَاءُ على حَدِيدٍ كان أو غَيْرِهِ وَلَوْ غَسَلَهُ بِدُهْنٍ لِئَلَّا يَصْدَأَ الْحَدِيدُ أو مَاءٍ غَيْرِ الْمَاءِ الذي هو الطَّهَارَةُ أو مَسَحَهُ بِتُرَابٍ لم يَطْهُرْ وَكَذَلِكَ ما سِوَى ذلك من أَدَاتِهِ لَا يُطَهِّرُهَا وَلَا شيئا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا تَقِلُّ الْمَسَائِلُ في هذا الْبَابِ عَلَيْنَا أَنَّا لَا نَأْمُرُ بِصَلَاةِ خَوْفٍ بِحَالٍ إلَّا في غَايَةٍ من شِدَّةِ الْخَوْفِ إلَّا صَلَاةً لو صُلِّيَتْ في غَيْرِ خَوْفٍ لم يَتَبَيَّنْ أَنَّ على مُصَلِّيهَا إعَادَةً - * كَمْ قَدْرُ من يصلى مع الْإِمَامِ صَلَاةَ الْخَوْفِ - *

(1/219)


من الإنجاس إلَّا الْمَاءُ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ ضَرَبَ فَأَصَابَ سَيْفَهُ فَرْثٌ أو قَيْحٌ أو غَيْرُهُ كان هَكَذَا الْآنَ هذا كُلُّهُ من الْأَنْجَاسِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلُّ ما حَمَلَهُ مُتَقَلِّدُهُ أو مُتَنَكِّبُهُ أو طَارِحُهُ على شَيْءٍ من بَدَنِهِ أو في كُمِّهِ أو مُمْسِكُهُ بيده أو بِغَيْرِهَا فَسَوَاءٌ كُلُّهُ هو كما كان لَابِسُهُ لَا يُجْزِيهِ فيه إلَّا أَنْ يَكُونَ لم تُصِبْهُ نَجَاسَةٌ أو تَكُونَ أَصَابَتْهُ فَطَهُرَ بِالْمَاءِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان معه نُشَّابٌ أو نَبْلٌ قد أُمِرَّ عليها عَرَقُ دَابَّةٍ أَيُّ دَابَّةٍ كانت غير كَلْبٍ أو خِنْزِيرٍ من أَيِّ مَوْضِعٍ كان أو لُعَابُهَا أو أُحْمِيَتْ فَسُقِيَتْ لَبَنًا أو سُمَّتْ بِسُمِّ شَجَرٍ فَصَلَّى فيها فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهُ ليس من هذا شَيْءٌ من الْأَنْجَاسِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان من هذا شَيْءٌ سُمَّ بِسُمِّ حَيَّةٍ أو وَدَكِ دَابَّةٍ لَا تُؤْكَلُ أو بِوَدَكِ مِيتَةٍ فَصَلَّى فيه أَعَادَ الصَّلَاةَ إلَّا أَنْ يَطْهُرَ بِالْمَاءِ وَسَوَاءٌ أحمى السَّيْفُ أو أَيُّ حَدِيدَةٍ حُمِيت في النَّارِ ثُمَّ سُمَّ أو سُمَّ بِلَا إحْمَاءٍ إذَا خَالَطَهُ النَّجَسُ محمى أو غَيْرُ محمى لم يُطَهِّرْهُ إلَّا الْمَاءُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا لو سُمَّتْ ولم تُحْمَ ثُمَّ أُحْمِيَتْ بِالنَّارِ فَقِيلَ قد ذَابَ كُلُّهُ بِالنَّارِ أو أَكَلَتْهُ النَّارُ وكان السُّمُّ نَجِسًا لم تُطَهِّرْهُ النَّارُ وَلَا يُطَهِّرُهُ شَيْءٌ إلَّا الْمَاءَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أحمى ثُمَّ صُبَّ عليه شَيْءٌ نَجِسٌ أو غُمِسَ فيه فَقِيلَ قد شَرِبَتْهُ الْحَدِيدَةُ ثُمَّ غُسِلَتْ بِالْمَاءِ طَهُرَتْ لِأَنَّ الطُّهَارَاتِ كُلَّهَا إنَّمَا جُعِلَتْ على ما يَظْهَرُ ليس على الْأَجْوَافِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَزِيدُ إحْمَاءُ الْحَدِيدَةِ في تَطْهِيرِهَا وَلَا تَنْجِيسِهَا لِأَنَّهُ ليس في النَّارِ طُهُورٌ إنَّمَا الطُّهُورُ في الْمَاءِ وَلَوْ كان بِمَوْضِعٍ لَا يَجِدُ فيه مَاءً فَمَسَحَهُ بِالتُّرَابِ لم يُطَهِّرْهُ التُّرَابُ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يُطَهِّرُ الْأَنْجَاسَ - * ما يَجُوزُ لِلْمُحَارِبِ أَنْ يَلْبَسَ مِمَّا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ وما لَا يَجُوزُ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا كانت الْبَيْضَةُ ذَاتَ أَنْفٍ أو سَابِغَةٍ على رَأْسِ الْخَائِفِ كَرِهْت له في الصَّلَاةِ لُبْسَهَا لِئَلَّا يَحُولَ مَوْضِعُ السُّبُوغِ أو الْأَنْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إكْمَالِ السُّجُودِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَلْبَسَهَا فإذا سَجَدَ وَضَعَهَا أو حَرَّفَهَا أو حَسَرَهَا إذَا مَاسَّتْ جَبْهَتُهُ الْأَرْضَ مُتَمَكِّنًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا الْمِغْفَرُ وَالْعِمَامَةُ وَغَيْرُهُمَا مِمَّا يغطى مَوْضِعَ السُّجُودِ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا مَاسَّ شَيْءٌ من مُسْتَوَى جَبْهَتِهِ الْأَرْضَ كان ذلك أَقَلَّ ما يُجْزِئُ بِهِ السُّجُودُ وَإِنْ كَرِهْت له أَنْ يَدَعَ أَنْ يَمَاسَّ بِجَبْهَتِهِ كُلِّهَا وَأَنْفِهِ الْأَرْضَ سَاجِدًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَكْرَهُ له أَنْ يَكُونَ على كَفَّيْهِ من السِّلَاحِ ما يَمْنَعُهُ أَنْ تُبَاشِرَ كَفَّاهُ الْأَرْضَ وَأُحِبُّ إنْ فَعَلَ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ وَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ عليه إعَادَةً وَلَا أَكْرَهُ ذلك له في رُكْبَتَيْهِ وَلَا أَكْرَهُ له منه في قَدَمَيْهِ ما أَكْرَهُ له في كَفَّيْهِ قال الشَّافِعِيُّ وَإِنْ صلى وفي ثِيَابِهِ أو سِلَاحِهِ شَيْءٌ من الدَّمِ وهو لَا يَعْلَمُ ثُمَّ عَلِمَ أَعَادَ وَمَتَى قُلْت أَبَدًا يُعِيدُ أَعَادَ بَعْدَ زَمَانٍ وفي قُرْبِ الْإِعَادَةِ على كل حَالٍّ وَهَكَذَا إنْ صلى بَعْضَ الصَّلَاةِ ثُمَّ انتضح ( ( ( اتضح ) ) ) عليه دَمٌ قبل أَنْ يُكْمِلَهَا فَصَلَّى من الصَّلَاةِ شيئا إنْ كان في شَيْءٍ من الصَّلَاةِ قبل أَنْ يُكْمِلَهَا ولم يَطْرَحْ مامسه دَمٌ مَكَانَهُ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ طَرَحَ الثَّوْبَ عنه سَاعَةَ مَاسَّهُ الدَّمُ وَمَضَى في الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ تَحَرَّفَ فَغَسَلَ الدَّمَ عنه كَرِهْت ذلك له وَأَمَرْتُهُ بِأَنْ يُعِيدَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد قِيلَ يُجْزِيهِ أَنْ يَغْسِلَ الدَّمَ ثُمَّ يبنى وَلَا آمُرُهُ بهذا الْقَوْلِ وَآمُرهُ بِالْإِعَادَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّ الدَّمَ أَصَابَ بَعْضَ سِلَاحِهِ أو ثِيَابِهِ وَلَا يَعْلَمُ تأخى ( ( ( تأخر ) ) ) وَتَرَكَ الذي يَرَى أَنَّ الدَّمَ أَصَابَهُ وَصَلَّى في غَيْرِهِ وَأَجْزَأَهُ ذلك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ فَعَلَ فَاسْتَيْقَنَ أَنَّهُ صلى في ثَوْبٍ أو سِلَاحٍ فيه نجاسه لم يُطَهِّرْهَا قبل الصَّلَاةِ أَعَادَ كُلَّ ما صَلَّاهَا فيه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ سَلَبَ مُشْرِكًا سِلَاحًا أو اشْتَرَى منه وهو مِمَّنْ يَرَى الْمُشْرِكَ يَمَسُّ سِلَاحَهُ بِنَجَسٍ ما كان
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ شَكَّ أأصاب ( ( ( أصاب ) ) ) شيئا من أَدَاتِهِ نَجَاسَةٌ أو لم تُصِبْهُ أَحْبَبْت أَنْ يَتَوَقَّى حَمْلَ ما شَكَّ فيه لِلصَّلَاةِ فَإِنْ حَمَلَهُ في الصَّلَاةِ فَلَا إعَادَةَ عليه حتى يَعْلَمَ أَنَّهُ قد أَصَابَهُ نَجَاسَةٌ فإذا عَلِمَ وقد صلى فيه أَعَادَ

(1/220)


ولم يُعْلِمْهُ بِرُؤْيَةٍ وَلَا خَبَرٍ فَلَهُ أَنْ يصلى فيه ما لم يَعْلَمْ أَنَّ في ذلك السِّلَاحِ نَجَاسَةً وَلَوْ غَسَلَهُ قبل أَنْ يصلى فيه أو تَوَقَّى الصَّلَاةَ فيه كان أَحَبَّ إلَيَّ - * ما يَلْبَسُ الْمُحَارِبُ مِمَّا ليس فيه نَجَاسَةٌ وما لَا يَلْبَسُ وَالشُّهْرَةُ في الْحَرْبِ أَنْ يُعَلِّمَ نَفْسَهُ بِعَلَامَةٍ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْحَرِيرُ وَالْقَزُّ ليس من الْأَنْجَاسِ إنَّمَا كُرِهَ تَعَبُّدًا وَلَوْ صلى فيه رَجُلٌ في غَيْرِ حَرْبٍ لم يُعِدْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان في نَسْجِ الثَّوْبِ الذي لَا يُحْصِنُ قَزٌّ وَقُطْنٌ أو كَتَّانٌ فَكَانَ الْقُطْنُ الْغَالِبَ لم أَكْرَهْ لِمُصَلٍّ خَائِفٍ وَلَا غَيْرِهِ لُبْسَهُ فَإِنْ كان الْقَزُّ ظَاهِرًا كَرِهْت لِكُلِّ مُصَلٍّ مُحَارِبٍ وَغَيْرِهِ لُبْسَهُ وَإِنَّمَا كَرِهْتُهُ لِلْمُحَارِبِ لِأَنَّهُ لَا يُحْصِنُ إحْصَانَ ثِيَابِ الْقَزِّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ لَبِسَ رَجُلٌ قَبَاءً مَحْشُوًّا قَزًّا فَلَا بَأْسَ لِأَنَّ الْحَشْوَ بَاطِنٌ وَإِنَّمَا أَكْرَهُ إظْهَارَ الْقَزِّ لِلرِّجَالِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كانت دِرْعٌ حَدِيدٌ في شَيْءٍ من نَسْجِهَا ذَهَبٌ أو كانت كُلُّهَا ذَهَبًا كَرِهْت له لُبْسَهَا إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَلْبَسَهَا لِضَرُورَةٍ وَإِنَّمَا أَكْرَهُ له أَنْ يُبْقِيَهَا عِنْدَهُ لِأَنَّهُ يَجِدُ بِثَمَنِهَا دُرُوعَ حَدِيدٍ وَالْحَدِيدُ أَحْصَنُ وَلَيْسَ في لُبْسِهِ مَكْرُوهٌ وَإِنْ فَاجَأَتْهُ حَرْبٌ وَهِيَ عِنْدَهُ فَلَا أَكْرَهُ له لُبْسَهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا إنْ كانت في سَيْفِهِ حِلْيَةُ ذَهَبٍ كَرِهْت له أَنْ لَا يَنْزِعَهَا فَإِنْ فَجَأَتْهُ حَرْبٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَقَلَّدَهُ فإذا انْقَضَتْ أَحْبَبْت له نَقْضَهُ وَهَكَذَا هذا في تُرْسِهِ وَجَمِيعِ جُنَّتِهِ حتى قَبَائِهِ وَإِنْ كانت فيه أَزْرَارُ ذَهَبٍ أو زِرُّ ذَهَبٍ كَرِهْتُهُ له على هذا الْمَعْنَى وَكَذَلِكَ مِنْطَقَتُهُ وَحَمَائِلُ سَيْفِهِ لِأَنَّ هذا كُلَّهُ جُنَّةٌ أو صَلَاحُ جُنَّةٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان خَاتَمُهُ ذَهَبًا لم أَرَ له أَنْ يَلْبَسَهُ في حَرْبٍ وَلَا سِلْمٍ بِحَالٍ لِأَنَّ الذَّهَبَ منهى عنه وَلَيْسَ في الْخَاتَمِ جُنَّةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَحَيْثُ كَرِهْت له الذَّهَبَ مُصْمَتًا في حَرْبٍ وَغَيْرِهَا كَرِهْت الذَّهَبَ مُمَوَّهًا بِهِ وَكَرِهْتُهُ مُخَوَّصًا بِغَيْرِهِ إذَا كان يَظْهَرُ لِلذَّهَبِ لَوْنٌ وَإِنْ لم يَظْهَرْ لِلذَّهَبِ لَوْنٌ فَهُوَ مُسْتَهْلَكٌ وَأَحَبُّ إلى أَنْ لَا يُلْبَسَ وَلَا أَرَى حَرَجًا في أَنْ يَلْبَسَهُ كما قُلْت في حَشْوِ الْقَزِّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسَ اللُّؤْلُؤِ إلَّا لِلْأَدَبِ وَأَنَّهُ من زِيِّ النِّسَاءِ لَا لِلتَّحْرِيمِ وَلَا أَكْرَهُ لُبْسَ يَاقُوتٍ وَلَا زَبَرْجَدٍ إلَّا من جِهَةِ السَّرَفِ أو الْخُيَلَاءِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَكْرَهُ لِمَنْ يَعْلَمُ من نَفْسِهِ في الْحَرْبِ بَلَاءً أَنْ يَعْلَمَ ما شَاءَ مِمَّا يَجُوزُ لُبْسُهُ وَلَا أَنْ يَرْكَبَ الْأَبْلَقَ وَلَا الْفَرَسَ وَلَا الدَّابَّةَ الْمَشْهُورَةَ قد أَعْلَمَ حَمْزَةُ يوم بَدْرٍ وَلَا أَكْرَهُ الْبِرَازَ قد بَارَزَ عُبَيْدَةَ وَحَمْزَةُ وَعَلِيٌّ بِأَمْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَلْبَسُ في الْحَرْبِ جِلْدَ الثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ إذَا كَانَا ذَكِيَّيْنِ وَعَلَيْهِمَا شُعُورُهُمَا فَإِنْ لم يَكُونَا ذَكِيَّيْنِ وَدُبِغَا لَبِسَهُمَا إنْ سُمِطَتْ شُعُورُهُمَا عنهما وَيُصَلِّي فِيهِمَا وَإِنْ لم تسمط ( ( ( نسمط ) ) ) شُعُورَهُمَا لم يُصَلِّ فِيهِمَا لِأَنَّ الدَّبَّاغَ لَا يُطَهِّرُ الشَّعْرَ قال الشَّافِعِيُّ وَهَكَذَا يَلْبَسُ جِلْدَ كل مذكي يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَلَا يَلْبَسُ جِلْدَ ما يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إذَا لم يَكُنْ ذَكِيًّا إلَّا مَدْبُوغًا لَا شَعْرَ عليه إلَّا أَنْ يَلْبَسَهُ وَلَا يصلى فيه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا لَا يصلى في جِلْدِ دَابَّةٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا ذَكِيَّةً كانت أو غير ذَكِيَّةٍ إلَّا أَنْ يَدْبُغَهُ وَيَمْعَطَ شَعْرَهُ فَأَمَّا لو بقى من شَعْرِهِ شَيْءٌ فَلَا يصلى فيه وَلَا يصلى في جِلْدِ خِنْزِيرٍ وَلَا كَلْبٍ بِحَالٍ نُزِعَتْ شُعُورُهُمَا وَدُبِغَا أو لم يُدْبَغَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ لَا يُلْبِسُ الرَّجُلُ فَرَسَهُ شيئا من آلَتِهِ جِلْدَ كَلْبٍ أو خِنْزِيرٍ بِحَالٍ وَلَا يَسْتَمْتِعُ من وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِغَيْرِ ما يَسْتَمْتِعُ بِهِ من الْكَلْبِ في صَيْدٍ أو مَاشِيَةٍ أو زَرْعٍ فَأَمَّا ما سِوَاهُمَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُلْبِسَهُ الرَّجُلُ فَرَسَهُ أو دَابَّتَهُ وَيَسْتَمْتِعُ بِهِ وَلَا يصلى فيه وَذَلِكَ مِثْلُ جِلْدِ الْقِرْدِ وَالْفِيلِ والاسد وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ وَالْحَيَّةِ وما لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لِأَنَّهُ جُنَّةٌ لِلْفَرَسِ وَلَا تَعَبُّدَ لِلْفَرَسِ وَلَا نهى عن إهَابِ جُنَّةٍ في غَيْرِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ تَوَقَّى الْمُحَارِبُ أَنْ يَلْبَسَ دِيبَاجًا أو قَزًّا ظَاهِرًا كان أَحَبَّ إلى وَإِنْ لَبِسَهُ لِيُحْصِنَهُ فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ قد يُرَخَّصُ له في الْحَرْبِ فِيمَا يَحْظُرُ عليه في غَيْرِهِ

(1/221)


الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ ذَهَبَتْ دَابَّتُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتْبَعَهَا وإذا تَبِعَهَا على الْقِبْلَةِ شيئا يسيرا ( ( ( يسرا ) ) ) لم تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وان تَبِعَهَا كَثِيرًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَبِعَهَا مُنْحَرِفًا عن الْقِبْلَةِ قَلِيلًا أو كَثِيرًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ - * الْوَجْهُ الثَّانِي من صَلَاةِ الْخَوْفِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وتعالي { حَافِظُوا على الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أو رُكْبَانًا } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَانَ بَيِّنًا في كِتَابِ اللَّهِ عز وجل فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أو رُكْبَانًا أَنَّ الْحَالَ التي أَذِنَ لهم فيها أَنْ يُصَلُّوا رِجَالًا أو رُكْبَانًا غَيْرُ الْحَالِ التي أَمَرَ فيها نَبِيَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم يصلى بِطَائِفَةٍ ثُمَّ بِطَائِفَةٍ فَكَانَ بَيِّنًا لِأَنَّهُ لَا يُؤْذَنُ لهم بِأَنْ يُصَلُّوا رِجَالًا أو رُكْبَانًا إلَّا في خَوْفٍ أَشَدَّ من الْخَوْفِ الذي أَمَرَهُمْ فيه بِأَنْ يُصَلِّيَ بِطَائِفَةٍ ثُمَّ بِطَائِفَةٍ ( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ ذَكَرَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَسَاقَهَا ثُمَّ قال فَإِنْ كان خَوْفًا أَشَدَّ من ذلك صَلُّوا رِجَالًا أو رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا قال مَالِكٌ لَا أَرَاهُ يَذْكُرُ ذلك إلَّا النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مُحَمَّدٌ بن إسْمَاعِيلَ أو عبد اللَّهِ بن نَافِعٍ عن بن أبي ذِئْبٍ عن الزُّهْرِيِّ عن سَالِمٍ عن أبيه عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْخَوْفُ الذي يَجُوزُ فيه أَنْ يُصَلُّوا رِجَالًا وَرُكْبَانًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إطْلَالَ الْعَدُوِّ عليهم فيتراأون ( ( ( فيتراءون ) ) ) مَعًا وَالْمُسْلِمُونَ في غَيْرِ حِصْنٍ حتى يَنَالَهُمْ السِّلَاحُ من الرَّمْيِ أو أَكْثَرَ من أَنْ يَقْرَبَ الْعَدُوُّ فيه منهم من الطَّعْنِ وَالضَّرْبِ فَإِنْ كان هذا هَكَذَا وَالْعَدُوُّ من وَجْهٍ وَاحِدٍ وَالْمُسْلِمُونَ كَثِيرٌ يَسْتَقِلُّ بَعْضُهُمْ بِقِتَالِ الْعَدُوِّ حتى يَكُونَ بَعْضٌ في شَبِيهٍ بِحَالٍ غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ منهم قَاتَلَتْهُمْ طَائِفَةٌ وَصَلَّتْ أُخْرَى صَلَاةً غير شِدَّةِ الْخَوْفِ وَكَذَلِكَ لو كان الْعَدُوُّ من وَجْهَيْنِ أو ثَلَاثَةٍ أو مُحِيطِينَ بِالْمُسْلِمِينَ وَالْعَدُوُّ قَلِيلٌ وَالْمُسْلِمُونَ كَثِيرٌ تَسْتَقِلُّ كُلُّ طَائِفَةٍ وَلِيَهَا الْعَدُوُّ بِالْعَدْوِ حتى يَكُونَ من بَيْنِ الطَّوَائِفِ التي يَلِيهَا الْعَدُوُّ في غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ منهم صلى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَلُونَهُمْ صَلَاةً غير شِدَّةِ الْخَوْفِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قَدَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ صَلَّوْا أَنْ يَدْخُلُوا بين الْعَدُوِّ وَبَيْنَ الطَّوَائِفِ التي كانت تلى قِتَالَ الْعَدُوِّ حتى يَصِيرَ الَّذِينَ كَانُوا يَلُونَ قِتَالَهُمْ في مِثْلِ حَالِ هَؤُلَاءِ في غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ منهم فَعَلُوا ولم يَجُزْ الَّذِينَ يَلُونَ قِتَالَهُمْ إلَّا أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةً غير شِدَّةِ الْخَوْفِ بِالْأَرْضِ وَإِلَى الْقِبْلَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا تَعَذَّرَ هذا بِالْتِحَامِ الْحَرْبِ أو خَوْفٍ إنْ وَلَّوْا عَنْهُمْ أَنْ يَرْكَبُوا أَكْتَافَهُمْ وَيَرَوْهَا هَزِيمَةً أو هَيْبَةِ الطَّائِفَةِ التي صَلَّتْ بِالدُّخُولِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ أو مَنْعِ الْعَدُوِّ ذلك لها أو تَضَايُقِ مَدْخَلِهِمْ حتى لَا يُصَلُّوا إلَى أَنْ يَكُونُوا حَائِلِينَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ كان لِلطَّائِفَةِ التي تَلِيهِمْ أَنْ يُصَلُّوا كَيْفَمَا أَمْكَنَهُمْ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا وَقُعُودًا على دَوَابِّهِمْ ما كانت دَوَابُّهُمْ وَعَلَى الْأَرْضِ قِيَامًا يُومِئُونَ بِرُءُوسِهِمْ إيمَاءً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان الْعَدُوُّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَاسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ بِبَعْضِ صَلَاتِهِمْ ثُمَّ دَارَ الْعَدُوُّ عن الْقِبْلَةِ دَارُوا بِوُجُوهِهِمْ إلَيْهِ ولم يَقْطَعْ ذلك صَلَاتَهُمْ إذَا جُعِلَتْ صَلَاتُهُمْ كُلُّهَا مُجْزِئَةً عَنْهُمْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ إذَا لم يُمْكِنْهُمْ غَيْرُ ذلك جَعَلْتهَا عنهم مُجْزِئَةً إذَا كان بَعْضُهَا كَذَلِكَ وَبَعْضُهَا أَقَلَّ من كُلِّهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا يجزئهم ( ( ( تجزئهم ) ) ) صَلَاتُهُمْ هَكَذَا إذَا كَانُوا غير عَامِلِينَ فيها ما يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَذَلِكَ الِاسْتِدَارَةُ وَالتَّحَرُّفُ وَالْمَشْيُ الْقَلِيلُ إلَى الْعَدُوِّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا بَأْسَ أَنْ يصلى الرَّجُلُ في الْخَوْفِ مُمْسِكًا عِنَانَ دَابَّتِهِ فَإِنْ نَازَعَتْهُ فَجَذَبَهَا إلَيْهِ جَذْبَةً أو جَذْبَتَيْنِ أو ثَلَاثًا أو نحو ذلك وهو غَيْرُ مُنْحَرِفٍ عن الْقِبْلَةِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كَثُرَتْ مُجَاذَبَتُهُ إيَّاهَا وهو غَيْرُ مُنْحَرِفٍ عن الْقِبْلَةِ فَقَدْ قَطَعَ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ اسْتِئْنَافُهَا وَإِنْ جَذَبَتْهُ فَانْصَرَفَ وَجْهُهُ عن الْقِبْلَةِ فَأَقْبَلَ مَكَانَهُ على الْقِبْلَةِ لم تُقْطَعْ صَلَاتُهُ وَإِنْ طَالَ انْحِرَافُهُ عن الْقِبْلَةِ وَلَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا انْتَقَضَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ على أَنْ يَدَعَهَا إلَى الْقِبْلَةِ وَإِنْ لم يُطِلْ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَنْحَرِفَ إلَى الْقِبْلَةِ فلم يَنْحَرِفْ إلَيْهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ صَلَاتَهُ

(1/222)


وَالْمَقَامُ يَقُومُونَهُ فإذا فَعَلُوا هذا أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَكَذَلِكَ لو حَمَلَ الْعَدُوُّ عليهم فَتَرَّسُوا عن أَنْفُسِهِمْ أو دَنَا بَعْضُهُمْ منهم فَضَرَبَ أَحَدُهُمْ الضَّرْبَةَ بِسِلَاحِهِ أو طَعَنَ الطَّعْنَةَ أو دَفَعَ الْعَدُوَّ بِالشَّيْءِ وَكَذَلِكَ لو أَمْكَنَتْهُ لِلْعَدُوِّ غِرَّةٌ وَمِنْهُ فُرْصَةٌ فَتَنَاوَلَهُ بِضَرْبَةٍ أو طَعْنَةٍ وهو في الصَّلَاةِ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ فَأَمَّا إنْ تَابَعَ الضَّرْبَ أو الطَّعْنَ أو طَعَنَ طَعْنَةً فَرَدَّدَهَا في الْمَطْعُونِ أو عَمَل ما يَطُولُ فَلَا يَجْزِيهِ صَلَاتُهُ وَيَمْضِي فيها وإذا قَدَرَ على أَنْ يُصَلِّيَهَا لَا يَعْمَلُ فيها ما يَقْطَعُهَا أَعَادَهَا وَلَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذلك (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا عَمَدَ في شَيْءٍ من الصَّلَاةِ كَلِمَةً يُحَذِّرُ بها مُسْلِمًا أو يَسْتَرْهِبُ بها عَدُوًّا وهو ذَاكِرٌ أَنَّهُ في صَلَاتِهِ فَقَدْ انْتَقَضَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ إعَادَتُهَا مَتَى أَمْكَنَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أَمْكَنَهُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَصَلَّاهَا ولم يَعْمَلْ فيها ما يُفْسِدُهَا أَجْزَأَتْهُ وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ صَلَاةُ غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ صَلَّاهَا وَكَذَلِكَ إنْ أَمْكَنَهُ غَيْرُ صَلَاةِ الْخَوْفِ صَلَّاهَا - * إذَا صلى بَعْضَ صَلَاتِهِ رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ أو نَازِلًا ثُمَّ رَكِبَ أو صَرَفَ عن الْقِبْلَةِ وَجْهَهُ أو تَقَدَّمَ من مَوْضِعِهِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ دخل في الصَّلَاةِ في شِدَّةِ الْخَوْفِ رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ وَإِنْ لم يَنْقَلِبْ وَجْهُهُ عن جِهَتِهِ لم يَكُنْ عليه إعَادَةٌ لِأَنَّ النُّزُولَ خَفِيفٌ وَإِنْ انْقَلَبَ وَجْهُهُ عن جِهَتِهِ حتى تَوَلَّى جِهَةَ قَفَاهُ أَعَادَ لِأَنَّهُ تَارِكٌ قِبْلَتَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ طَرَحَتْهُ دَابَّةٌ أو رِيحٌ في هذه الْحَالِ لم يُعِدْ إذَا انْحَرَفَ إلَى الْقِبْلَةِ مَكَانَهُ حين أَمْكَنَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان نَازِلًا فَرَكِبَ فَقَدْ انْتَقَضَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الرُّكُوبَ عَمَلٌ أَكْثَرُ من النُّزُولِ وَالنَّازِلُ إلَى الْأَرْضِ أَوْلَى بِتَمَامِ الصَّلَاةِ من الرَّاكِبِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ لم يَقْدِرْ على الصَّلَاةِ إلَّا مُقَاتِلًا صلى وَأَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا وهو مُقَاتِلٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ صلى صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ ثُمَّ أَمْكَنَهُ أَنْ يصلى صَلَاةَ الْخَوْفِ الْأُولَى بَنَى على صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ ولم يَجْزِهِ إلَّا أَنْ يصلى صَلَاةَ الْخَوْفِ الْأُولَى كما إذَا صلى قَاعِدًا ثُمَّ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ لم يَجْزِهِ إلَّا الْقِيَامُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا صَلَّوْا رِجَالًا وَرُكْبَانًا في شِدَّةِ الْخَوْفِ لم يَتَقَدَّمُوا فَإِنْ احْتَاجُوا إلَى التَّقَدُّمِ لِخَوْفٍ تَقَدَّمُوا رُكْبَانًا وَمُشَاةٍ وَكَانُوا في صَلَاتِهِمْ بِحَالِهِمْ وَإِنْ تَقَدَّمُوا بِلَا حَاجَةٍ وَلَا خَوْفٍ فَكَانَ كَتَقَدُّمِ المصلى إلَى مَوْضِعٍ قَرِيبٍ يصلى فيه فَهُمْ على صَلَاتِهِمْ وَإِنْ كان إلَى مَوْضِعٍ بَعِيدٍ ابْتَدَءُوا الصَّلَاةَ وكان هذا كَالْإِفْسَادِ لِلصَّلَاةِ وَهَكَذَا إذَا احْتَاجُوا إلَى رُكُوبٍ رَكِبُوا وَهُمْ في الصَّلَاةِ فَإِنْ لم يَحْتَاجُوا إلَيْهِ وَرَكِبُوا ابْتَدَءُوا الصَّلَاةَ وَلَوْ كَانُوا رُكْبَانًا فَنَزَلُوا من غَيْرِ حَاجَةٍ لِيُصَلُّوا بِالْأَرْضِ لم تَفْسُدْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّ النُّزُولَ عَمَلٌ خَفِيفٌ وَصَلَاتُهُمْ بِالْأَرْضِ أَحَبُّ إلى من صَلَاتِهِمْ رُكْبَانًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كانت الْجَمَاعَةُ كَامِنَةً لِلْعَدُوِّ أو مُتَوَارِيَةً عنه بِشَيْءٍ ما كان خَنْدَقًا أو بِنَاءً أو سَوَادَ لَيْلٍ فَخَافُوا إنْ قَامُوا لِلصَّلَاةِ رَآهُمْ الْعَدُوُّ فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً مُمْتَنِعِينَ لم يَكُنْ لهم أَنْ يُصَلُّوا إلَّا قِيَامًا كَيْفَ أَمْكَنَتْهُمْ الصَّلَاةُ فَإِنْ صَلَّوْا جُلُوسًا فَقَدْ أَسَاءُوا وَعَلَيْهِمْ إعَادَةُ الصَّلَاةِ وَإِنْ لم يَكُنْ بِهِمْ مَنَعَةٌ وَكَانُوا يَخَافُونَ إنْ قَامُوا أَنْ يُرَوْا فيصطلموا ( ( ( فيصطلحوا ) ) ) صَلَّوْا قُعُودًا وَكَانَتْ عليهم أعادة الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان الْعَدُوُّ يَرَوْنَهُمْ مُطِلِّينَ عليهم وَدُونَهُمْ خَنْدَقٌ أو حِصْنٌ أو قَلْعَةٌ أو جَبَلٌ لَا يَنَالُهُ الْعَدُوُّ إلَّا بِتَكَلُّفٍ لَا يَغِيبُ عن أَبْصَارِ الْمُسْلِمِينَ أو أَبْصَارِ الطَّائِفَةِ التي تَحْرُسُهُمْ لم يَجْزِهِمْ أَنْ يُصَلُّوا جُلُوسًا وَلَا غير مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَلَا يُومِئُونَ وَلَا تَجُوزُ لهم الصَّلَاةُ يُومِئُونَ وَجُلُوسًا إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ إلَّا في حَالِ مُنَاظَرَةِ الْعَدُوِّ وَمُسَاوَاتِهِ وَإِطْلَالِهِ وَقُرْبِهِ حتى يَنَالَهُمْ سلاحه ( ( ( سلاح ) ) ) إنْ أَشْرَعَهَا إلَيْهِمْ من الرمى وَالطَّعْنِ وَالضَّرْبِ وَيَكُونُ حَائِلٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ وَلَا تَمْنَعُهُمْ طَائِفَةٌ حَارِسَةٌ لهم فإذا كان هَكَذَا جَازَ لهم أَنْ يُصَلُّوهَا رِجَالًا وَرُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا وَهَذَا من أَكْبَرِ الْخَوْفِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أُسِرَ رَجُلٌ فَمُنِعَ الصَّلَاةَ فَقَدَرَ على أَنْ يُصَلِّيَهَا مُومِيًا صَلَّاهَا ولم يَدَعْهَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَدَعُهَا في هذه الْحَالِ إذَا خَافَ ذَهَابَ وَقْتِهَا وَيُصَلِّيهَا ثُمَّ يُعِيدُهَا

(1/223)


وَكَذَلِكَ إنْ لم يَقْدِرْ على الْوُضُوءِ وَصَلَّاهَا في الْحَضَرِ صَلَّاهَا مُتَيَمِّمًا وَكَذَلِكَ إنْ حُبِسَ تَحْتَ سَقْفٍ لَا يَعْتَدِلُ فيه قَائِمًا أو رُبِطَ فلم يَقْدِرْ على رُكُوعٍ وَلَا على سُجُودٍ صَلَّاهَا كَيْفَ قَدَرَ ولم يَدَعْهَا وَهِيَ تُمْكِنُهُ بِحَالٍ وَعَلَيْهِ في كل حَالٍ من هذه الْأَحْوَالِ قَضَاءُ ما صلى هَكَذَا من الْمَكْتُوبَاتِ وَكَذَلِكَ إنْ مُنِعَ الصَّوْمَ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ مَتَى أَمْكَنَهُ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ حُمِلَ على شُرْبِ مُحَرَّمٍ أو أَكْلِ مُحَرَّمٍ يَخَافُ إنْ لم يَفْعَلْهُ ففعلة فَعَلَيْهِ إنْ قَدَرَ على أَنْ يَتَقَايَأَ أَنْ يَتَقَايَأَ - * إذَا صلى وهو مُمْسِكٌ عِنَانَ دَابَّتِهِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ ذَهَبَتْ دَابَّتُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتْبَعَهَا فإذا تَبِعَهَا على الْقِبْلَةِ شيئا يَسِيرًا لم تَفْسُدْ صَلَاتُهُ فَإِنْ تَبِعَهَا كَثِيرًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ - * إذَا صَلَّوْا رِجَالًا وَرُكْبَانًا هل يُقَاتِلُونَ وما الذي يَجُوزُ لهم من ذلك - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ لم يَقْدِرْ على الصَّلَاةِ إلَّا مُقَاتِلًا صلى وَأَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ يُصَلِّيهَا وهو مُقَاتِلٌ - * من له من الْخَائِفِينَ أَنْ يصلى صَلَاةَ الْخَوْفِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يصلى صَلَاةَ الْخَوْفِ من قَاتَلَ أَهْلَ الشِّرْكِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لأن ( ( ( ولأن ) ) ) اللَّهَ عز وجل أَمَرَ بها في قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ فقال في سِيَاقِ الْآيَةِ { وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لو تَغْفُلُونَ عن أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ } الْآيَةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلُّ جِهَادٍ كان مُبَاحًا يَخَافُ أَهْلُهُ كان لهم أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِأَنَّ الْمُجَاهِدِينَ عليه مَأْجُورُونَ أو غَيْرُ مازورين وَذَلِكَ جِهَادُ أَهْلِ الْبَغْيِ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ عز وجل بِجِهَادِهِمْ وَجِهَادِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَمَنْ أَرَادَ من مَالِ رَجُلٍ أو نَفْسِهِ أو حَرِيمِهِ فإن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال من قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَمَّا من قَاتَلَ وَلَيْسَ له الْقِتَالُ فَخَافَ فَلَيْسَ له أَنْ يصلى صَلَاةَ الْخَوْفِ من شِدَّةِ الْخَوْفِ يُومِئُ إيمَاءً وَعَلَيْهِ إنْ فَعَلَ أَنْ يُعِيدَهَا وَلَا له أَنْ يصلى صَلَاةَ الْخَوْفِ في خَوْفٍ دُونَ غَايَةِ الْخَوْفِ إلَّا أَنْ يُصَلِّيَهَا صَلَاةً لو صَلَّاهَا غير خَائِفٍ أَجْزَأَتْ عنه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَذَلِكَ من قَاتَلَ ظُلْمًا مِثْلَ أَنْ يَقْطَعَ الطَّرِيقَ أو يُقَاتِلَ على عَصَبِيَّةٍ أو يُمْنَعَ من حَقٍّ قِبَلَهُ أو أَيْ وَجْهٍ من وُجُوهِ الظُّلْمِ قَاتَلَ عليه - * في أَيِّ خَوْفٍ تَجُوزُ فيه صَلَاةُ الْخَوْفِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا خَافَتْ الْجَمَاعَةُ الْقَلِيلَةُ السَّبُعَ أو السِّبَاعَ فَصَلَّوْا صَلَاةَ الْخَوْفِ كما صلى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِذَاتِ الرِّقَاعِ أَجْزَأَهُمْ ذلك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَحَبُّ إلى أَنْ تصلى منهم طَائِفَةٌ بِإِمَامٍ ثُمَّ أُخْرَى بِإِمَامٍ آخَرَ وإذا خَافُوا الْحَرِيقَ على مَتَاعِهِمْ أو مَنَازِلِهِمْ فَأَحَبُّ إلى أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً ثُمَّ جَمَاعَةً أو فُرَادَى وَيَكُونَ من لم يَكُنْ مَعَهُمْ في صَلَاةٍ في إطْفَاءِ النَّارِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كَانُوا سَفْرًا فَغَشِيَهُمْ حَرِيقٌ فَتَنَحَّوْا عن سُنَنِ الرِّيحِ لم يَكُنْ لهم أَنْ يُصَلُّوا إلَّا كما يُصَلُّونَ في كل يَوْمٍ وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا حُضُورًا فغشى الْحَرِيقُ لهم أَهْلًا أو مَالًا أو مَتَاعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ غَشِيَهُمْ غَرَقٌ تَنَحَّوْا عن سُنَنِهِ وَكَذَلِكَ إنْ غَشِيَهُمْ هَدَمٌ تَنَحَّوْا عن مَسْقَطِهِ لم يَكُنْ لهم إلَّا ذلك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ صَلَّوْا في شَيْءٍ من هذا صَلَاةَ خَوْفٍ تُجْزِئُ عن خَائِفٍ أَجْزَأَتْ الصَّلَاةُ عَنْهُمْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا بَأْسَ أَنْ يصلى الرَّجُلُ في الْخَوْفِ مُمْسِكًا عِنَانَ دَابَّتِهِ فَإِنْ نَازَعَتْهُ فَجَبَذَهَا إلَيْهِ جَبْذَةً أو اثْنَتَيْنِ أو ثَلَاثًا أو نحو ذلك وهو غَيْرُ مُنْحَرِفٍ عن الْقِبْلَةِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كَثُرَتْ مجابذته إيَّاهَا وهو غَيْرُ مُنْحَرِفٍ عن الْقِبْلَةِ فَقَدْ قَطَعَ صَلَاتَهُ وَعَلَيْهِ اسْتِئْنَافُهَا وَإِنْ جَبَذَتْهُ فَانْصَرَفَ وَجْهُهُ عن الْقِبْلَةِ فَأَقْبَلَ مَكَانَهُ على الْقِبْلَةِ لم تُقْطَعْ صَلَاتُهُ وَإِنْ طَالَ انْحِرَافُهُ عن الْقِبْلَةِ وَلَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا انْتَقَضَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ على أَنْ يَدَعَهَا وَإِنْ لم يُطِلْ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَنْحَرِفَ عن الْقِبْلَةِ فلم يَنْحَرِفْ إلَيْهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ صَلَاتَهُ

(1/224)


- * في طَلَبِ الْعَدُوِّ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ رَجَعَ عَنْهُمْ الطَّلَبُ أو شُغِلُوا أو أَدْرَكُوا من يَمْتَنِعُونَ بِهِ من الطَّلَبِ وقد افْتَتَحُوا الصَّلَاةَ رُكْبَانًا لم يَجْزِهِمْ إلَّا أَنْ يَنْزِلُوا فَيَبْنُوا على صَلَاتِهِمْ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ كما وَصَفْت في صَلَاةِ الْخَوْفِ التي لَيْسَتْ بِشِدَّةِ الْخَوْفِ وَإِنْ كَانُوا يَمْتَنِعُونَ مِمَّنْ رَأَوْا وَلَا يَأْمَنُونَ طَلَبًا أَنْ يَمْتَنِعُوا منه كان لهم أَنْ يُتِمُّوا على أَنْ يُصَلُّوا رُكْبَانًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا لو تَفَرَّقُوا هُمْ وَالْعَدُوُّ فَابْتَدَءُوا الصَّلَاةَ بِالْأَرْضِ ثُمَّ جَاءَهُمْ طَلَبُ كان لهم أَنْ يَرْكَبُوا وَيُتِمُّوا الصَّلَاةَ رُكْبَانًا يُومِئُونَ إيمَاءً وَكَذَلِكَ لهم إنْ قَعَدُوا رَجَّالَةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا أَيُّ عَدُوٍّ طَلَبَهُمْ من أَهْلِ الْبَغْيِ وَغَيْرِهِمْ إذَا كَانُوا مَظْلُومِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا إنْ طَلَبَهُمْ سَبْعٌ أو سِبَاعٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا لو غَشِيَهُمْ سَيْلٌ لَا يَجِدُونَ نَجْوَةً كان لهم أَنْ يُصَلُّوا يُومِئُونَ عَدُوًّا على أَرْجُلِهِمْ وَرِكَابِهِمْ فَإِنْ أَمْكَنَتْهُمْ نَجْوَةٌ لهم وَلِرِكَابِهِمْ سَارُوا إلَيْهَا وَبَنَوْا على ما مَضَى من صَلَاتِهِمْ قبل تَمَكُّنِهِمْ وَإِنْ أَمْكَنَتْهُمْ نَجْوَةٌ لِأَبْدَانِهِمْ وَلَا تُمْكِنُهُمْ لِرِكَابِهِمْ كان لهم أَنْ يَمْضُوا وَيُصَلُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ على وُجُوهِهِمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أَمْكَنَهُمْ نَجْوَةٌ يلتقى من وَرَائِهَا وَادِيَانِ فَيَقْطَعَانِ الطَّرِيقَ كانت هذه كَلَا نَجْوَةٍ وكان لهم أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ يُومِئُونَ عَدُوًّا وَإِنَّمَا لَا يَكُونُ ذلك لهم إذَا كان لهم طَرِيقٌ يُتَنَكَّبُ عن السَّيْلِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ غَشِيَهُمْ حَرِيقٌ كان هذا لهم ما لم يَجِدُوا نَجْوَةً من جَبَلٍ يَلُوذُونَ بِهِ يَأْمَنُونَ بِهِ الْحَرِيقَ أو تَحُولُ رِيحٌ تَرُدُّ الْحَرِيقَ أو يَجِدُونَ مَلَاذًا عن سُنَنِ الْحَرِيقِ فإذا وَجَدُوا ذلك بَنَوْا على صَلَاتِهِمْ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ بِالْأَرْضِ لَا يَجْزِيهِمْ غَيْرُ ذلك فَإِنْ لم يَفْعَلُوا أَعَادُوا الصَّلَاةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ طَلَبَهُ رَجُلٌ صَائِلٌ فَهُوَ مِثْلُ الْعَدُوِّ وَالسَّبْعِ وَكَذَلِكَ الْفِيلُ له أَنْ يصلى في هذا كُلِّهِ يُومِئُ إيمَاءً حتى يَأْمَنَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ إنْ طَلَبَتْهُ حَيَّةٌ أو عَدُوٌّ ما كان مِمَّا يَنَالُ منه قَتْلًا أو عَقْرًا فَلَهُ أَنْ يصلى صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ يُومِئُ أَيْنَ تَوَجَّهَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا تَفَرَّقَ الْعَدُوُّ وَرَجَعَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ إلَى مَوْضِعٍ فَرَأَوْا سَوَادًا من سَحَابٍ أو غَيْرِهِ إبِلٍ أو جَمَاعَةِ نَاسٍ ليس بِعَدْوٍ أو غُبَارٍ وَقَرُبَ منه حتى لو كان عَدُوًّا نَالَهُ سِلَاحُهُ فَظَنَّ أَنَّ كُلَّ ما رَأَى من هذا عَدُوًّا فَصَلَّى صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ يُومِئُونَ إيمَاءً ثُمَّ بَانَ لهم أَنَّ لم يَكُنْ شَيْءٌ منه عَدُوًّا أَعَادُوا تِلْكَ الصَّلَاةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ صلى تِلْكَ الصَّلَاةَ ثُمَّ لم يَبِنْ له شَيْءٌ من عَدُوٍّ ولم يَدْرِ أَعَدُوٌّ هو أَمْ لَا أَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ إنَّمَا يَكُونُ له أَنْ يُصَلِّيَهَا على رُؤْيَةٍ يَعْلَمُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَهَا أنها حَقٌّ أو خَبَرٌ وَإِنْ لم تَكُنْ رُؤْيَةٌ يَعْلَمُ أَنَّهُ حَقٌّ لِأَنَّ الْخَبَرَ عِيَانٌ كَعِلْمِهِ أَنَّهُ حَقٌّ فأما إذَا شَكَّ فَيُعِيدُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ على غَيْرِ يَقِينٍ من أَنَّ صَلَاتَهُ تِلْكَ مُجْزِئَةٌ عنه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ جاء خَبَرٌ عن عَدُوٍّ فصلي تِلْكَ الصَّلَاةَ ثُمَّ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ الْعَدُوَّ قد كان يَطْلُبُهُ ولم يَقْرُبْ منه الْقُرْبَ الذي يَخَافُ رَهَقَهُ منه كان عليه أَنْ يُعِيدَ وَكَذَلِكَ أَنْ يَطْلُبَهُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّجَاةِ منه وَالْمَصِيرِ إلَى جَمَاعَةٍ يَمْتَنِعُ منه بها أو مَدِينَةٍ يَمْتَنِعُ فيها الشَّيْءُ الْقَرِيبُ الذي يُحِيطُ الْعِلْمُ أَنَّ الْعَدُوَّ لَا يَنَالُهُ على سُرْعَةِ الْعَدُوِّ وَإِبْطَاءِ الْمَغْلُوبِ حتى يَصِيرَ إلَى النَّجَاةِ وَمَوْضِعِ الِامْتِنَاعِ أو يَكُونَ خَرَجَتْ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ تَلْقَاهُ مُعِينَةٌ له على عَدُوِّهِ فَقَرَّبَ ما بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حتى يُحِيطَ الْعِلْمَ أَنَّ الطَّلَبَ لَا يُدْرِكُهُ حتى يَصِيرَ إلَى تِلْكَ الْجَمَاعَةِ الْمُمْتَنِعَةِ أو تَصِيرَ إلَيْهِ فَمَنْ صلى في هذه الْحَالِ مُومِئًا أَعَادَهُ كُلَّهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ إنْ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ أَمْيَالٌ لم يَكُنْ له أَنْ يصلى مُومِئًا وكان عليه أَنْ يصلى بِالْأَرْضِ ثُمَّ يَرْكَبَ فَيَنْجُوَ وَسَوَاءٌ كان الْعَدُوُّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا طَلَبَ الْعَدُوُّ الْمُسْلِمِينَ وقد تَحَرَّفُوا لِقِتَالٍ أو تَحَيَّزُوا إلَى فِئَةٍ فَقَارَبُوهُمْ كان لهم أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ رُكْبَانًا وَرِجَالًا يُومِئُونَ إيمَاءً حَيْثُ تَوَجَّهُوا على قِبْلَةٍ كَانُوا أو على غَيْرِ قِبْلَةٍ وَكَذَلِكَ لو كَانُوا على قِبْلَةٍ ثُمَّ رَأَوْا طَرِيقًا خَيْرًا لهم من جِهَةِ الْقِبْلَةِ سَلَكُوا عليها وَإِنْ انْحَرَفُوا عن الْقِبْلَةِ

(1/225)


يَنْزِلُ لِصَلَاةٍ أو لَا يَنْزِلُ لها (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمِثْلُهُ أَنْ يُكْثِرُوا وَيُمْعِنُوا حتى يَتَوَسَّطُوا بِلَادَ الْعَدُوِّ فَيَقِلُّوا في كَثْرَةِ الْعَدُوِّ فَيَكُونَ عليهم أَنْ يَرْجِعُوا وَلَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا في هذه الْحَالِ مُومِئِينَ إذَا خَافُوا عَوْدَةَ الْعَدُوِّ إنْ نَزَلُوا وَلَا يَكُونُ لهم أَنْ يُمْعِنُوا في بِلَادِ الْعَدُوِّ وَلَا طَلَبِهِ إذَا كَانُوا يُضْطَرُّونَ إلَى أَنْ يُومِئُوا إيمَاءً وَلَهُمْ ذلك ما كَانُوا عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ لَا يُضْطَرُّونَ إلَيْهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا صَلَّوْا يُومِئُونَ إيمَاءً فَعَادَ عليهم الْعَدُوُّ من جِهَةٍ تَوَجَّهُوا إلَيْهِمْ وَهُمْ في صَلَاتِهِمْ لَا يَقْطَعُونَهَا وَدَارُوا مَعَهُمْ أَيْنَ دَارُوا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُمْ تَوَجُّهُهُمْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَا أَنْ يُتَرِّسَ أَحَدُهُمْ عن نَفْسِهِ أو يَضْرِبَ الضَّرْبَةَ الْخَفِيفَةَ أو رهقه عَدُوٍّ أو يَتَقَدَّمَ التَّقَدُّمَ الْخَفِيفَ عليه بِرُمْحٍ أو غَيْرِهِ فَإِنْ أَعَادَ الضَّرْبَ وَأَطَالَ التَّقَدُّمَ قَطَعَ صَلَاتَهُ وكان عليه إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يصلى غير مُقَاتِلٍ وَمَتَى لم يُمْكِنْهُ ذلك صلى وهو يُقَاتِلُ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ إذَا أَمْكَنَهُ ذلك وَلَا يَدَعُ الصَّلَاةَ في حَالٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يصلى فيها + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان الْمُسْلِمُونَ مَطْلُوبِينَ مُتَحَيِّزِينَ إلَى فِئَةٍ أو مُتَحَرِّفِينَ لِقِتَالٍ صَلَّوْا يُومِئُونَ ولم يُعِيدُوا إذَا قَدَرُوا على الصَّلَاةِ بِالْأَرْضِ وَإِنْ كَانُوا مُوَلِّينَ الْمُشْرِكِينَ أَدْبَارَهُمْ غير مُتَحَرِّفِينَ لِقِتَالٍ أو مُتَحَيِّزِينَ إلَى فِئَةٍ فَصَلَّوْا يُومِئُونَ أَعَادُوا لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ عَاصُونَ وَالرُّخْصَةُ عِنْدَنَا لَا تَكُونُ إلَّا لِمُطِيعٍ فَأَمَّا الْعَاصِي فَلَا - * قَصْرُ الصَّلَاةِ في الْخَوْفِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْخَوْفُ في الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ سَوَاءٌ فِيمَا يَجُوزُ من الصَّلَاةِ وَفِيهِ إلَّا أَنَّهُ ليس لِلْحَاضِرِ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ وَصَلَاةُ الْخَوْفِ في السَّفَرِ الذي لَا تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ كَهُوَ في الْحَضَرِ وَلَا تُقْصَرُ بِالْخَوْفِ الصَّلَاةُ دُونَ غَايَةٍ تُقْصَرُ إلَى مِثْلِهَا الصَّلَاةُ في سَفَرٍ ليس صَاحِبُهُ بِخَائِفٍ ( قال ) وقد قِيلَ إنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قَصَرَ بِذِي قَرَدٍ وَلَوْ ثَبَتَ هذا عِنْدِي لَزَعَمْت أَنَّ الرَّجُلَ إذَا جَمَعَ الْخَوْفَ وَضَرْبًا في الْأَرْضِ قَرِيبًا أو بَعِيدًا قَصَرَ فإذا لم يَثْبُتْ فَلَا يَقْصُرُ الْخَائِفُ إلَّا أَنْ يُسَافِرَ السَّفَرَ الذي إنْ سَافَرَهُ غَيْرُ خَائِفٍ قَصَرَ الصَّلَاةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَغَارَ الْمُسْلِمُونَ في بِلَادِ الْمُشْرِكِينَ لم يَقْصُرُوا إلَّا أَنْ يَنْوُوا من مَوْضِعِهِمْ الذي أَغَارُوا منه الْإِغَارَةَ على مَوْضِعٍ تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ فإذا كانت نِيَّتُهُ أَنْ يُغِيرَ إلَى مَوْضِعٍ تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ فإذا وَجَدَ مغارا ( ( ( مغارة ) ) ) دُونَهُ أَغَارَ عليه وَرَجَعَ لم يَقْصُرْ حتى يُفْرِدَ النِّيَّةَ لِسَفَرٍ تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا هو إذَا غَشِينَا ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا فَعَلَ ما وَصَفْت فَبَلَغَ في مَغَارِهِ ما تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ كان له قَصْرُ الصَّلَاةِ رَاجِعًا إنْ كانت نِيَّتُهُ الْعَوْدَةَ إلَى عَسْكَرِهِ أو بَلَدِهِ وَإِنْ كان نِيَّتُهُ مَغَارًا حَيْثُ وَجَدَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْضِعِ الذي يَرْجِعُ إلَيْهِ لم يَقْصُرْ رَاجِعًا وكان كَهُوَ بَادِئًا لَا يَقْصُرُ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَيْسَتْ قَصْدَ وَجْهٍ وَاحِدٍ تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ بَلَغَ في مَغَارِهِ مَوْضِعًا تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ من عَسْكَرِهِ الذي يَرْجِعُ إلَيْهِ ثُمَّ عَزَمَ على الرُّجُوعِ إلَى عَسْكَرِهِ كان له أَنْ يَقْصُرَ فَإِنْ سَافَرَ قَلِيلًا وَقَصَرَ أو لم يَقْصُرْ ثُمَّ حَدَثَتْ له نِيَّةٌ في أَنْ يَقْصِدَ قَصْدَ مَغَارٍ حَيْثُ وَجَدَهُ كان عليه أَنْ يُتِمَّ وَلَا يَكُونُ الْقَصْرُ أَبَدًا إلَّا بأن يَثْبُتَ سَفَرُهُ يَنْوِي بَلَدًا تُقْصَرُ إلَى مِثْلِهِ الصَّلَاةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا غَزَا الْإِمَامُ الْعَدُوَّ فَكَانَ سَفَرُهُ مِمَّا تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ ثُمَّ أَقَامَ لِقِتَالِ مَدِينَةٍ أو عَسْكَرٍ أو رَدِّ السَّرَايَا أو لِحَاجَةٍ أو عُرْجَةٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان الْمُسْلِمُونَ هُمْ الطَّالِبِينَ لم يَكُنْ لهم أَنْ يُصَلُّوا رُكْبَانًا وَلَا مُشَاةً يُومِئُونَ إيمَاءً إلَّا في حَالٍ وَاحِدَةٍ أَنْ يَقِلَّ الطَّالِبُونَ عن الْمَطْلُوبِينَ وَيَنْقَطِعَ الطَّالِبُونَ عن أَصْحَابِهِمْ فَيَخَافُونَ عَوْدَةَ الْمَطْلُوبِينَ عليهم فإذا كان هذا هَكَذَا كان لهم أَنْ يُصَلُّوا يُومِئُونَ إيمَاءً ولم يَكُنْ لهم الْإِمْعَانُ في الطَّلَبِ فَكَانَ عليهم الْعَوْدَةُ إلَى أَصْحَابِهِمْ وَمَوْضِعِ مَنَعَتِهِمْ ولم يَكُنْ لهم أَنْ يَنْتَقِلُوا بِالطَّلَبِ حتى يُضْطَرُّوا إلَى أَنْ يُصَلُّوا الْمَكْتُوبَةَ إيمَاءً

(1/226)


في صَحْرَاءَ أو إلَى مَدِينَةٍ أو في مَدِينَةٍ من بِلَادِ الْعَدُوِّ أو بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَكُلُّ ذلك سَوَاءٌ فَإِنْ أَجْمَعَ مَقَامَ أَرْبَعَ أَتَمَّ وَإِنْ لم يَجْمَعْ مَقَامَ أَرْبَعٍ لم يُتِمَّ فَإِنْ أَلْجَأَتْ بِهِ حَرْبٌ أو مَقَامٌ لِغَيْرِ ذلك فَاسْتَيْقَنَ مَقَامَ أَرْبَعٍ أَتَمَّ وَإِنْ لم يَسْتَيْقِنْ قَصَرَ ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَمَانِي عَشْرَةَ لَيْلَةً فَإِنْ جَاوَزَ ذلك أَتَمَّ فإذا شَخَصَ عن مَوْضِعِهِ قَصَرَ ثُمَّ هَكَذَا كُلَّمَا أَقَامَ وَسَافَرَ لَا يَخْتَلِفُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَدَعُ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ وَلَا الْعِيدَ وَلَا صَلَاةَ الْخُسُوفِ إذا ( ( ( إذ ) ) ) أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَيُحْرَسَ فيها وَيُصَلِّيهَا كما يصلى الْمَكْتُوبَاتِ في الْخَوْفِ وإذا كان شِدَّةَ الْخَوْفِ صَلَّاهَا كما يصلى الْمَكْتُوبَاتِ في شِدَّةِ الْخَوْفِ يُومِئُ إيمَاءً وَلَا تَكُونُ الْجُمُعَةُ إلَّا بِأَنْ يَخْطُبَ قَبْلَهَا فَإِنْ لم يَفْعَلْ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وإذا صلى الْعِيدَيْنِ أو الْخُسُوفَ خَطَبَ بَعْدَهُمَا فَإِنْ أُعْجِلَ فَتَرَكَ الْخُطْبَةَ لم تَكُنْ عليه إعَادَةٌ وَإِنْ شُغِلَ بِالْحَرْبِ أَحْبَبْت أَنْ يُوَكِّلَ من يصلى فَإِنْ لم يَفْعَلْ حتى تَزُولَ الشَّمْسُ في الْعِيدَيْنِ لم يَقْضِ وَإِنْ لم يَفْعَلْ حتى تنجلى الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ في الْكُسُوفِ لم يَقْضِ وَإِنْ لم يَفْعَلْ حتى يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ في الْجُمُعَةِ لم يَقْضِ وَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا إذَا كان خَائِفًا بِمِصْرٍ تُجْمَعُ فيه الصَّلَاةُ مُقِيمًا كان أو مُسَافِرًا غير أَنَّهُ إذَا كان مُسَافِرًا فلم يُصَلِّ الْجُمُعَةَ صلى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَأَتَمَّ أَهْلُ الْمِصْرِ لِأَنْفُسِهِمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَجْدَبَ وهو مُحَارِبٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ الِاسْتِسْقَاءَ وَإِنْ كان في عَدَدٍ كَثِيرٍ مُمْتَنِعٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يستسقى ويصلى في الِاسْتِسْقَاءِ صَلَاةَ الْخَوْفِ في الْمَكْتُوبَاتِ وَإِنْ كانت شِدَّةُ الْخَوْفِ لم يُصَلِّ في الِاسْتِسْقَاءِ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ له تَأْخِيرُهُ ويصلى في الْعِيدَيْنِ وَالْخُسُوفِ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ له تَأْخِيرُهُمَا وإذا كان الْخَوْفُ خَارِجًا من الْمِصْرِ في صَحْرَاءَ له تَأْخِيرُهُ وَيُصَلِّي في الْعِيدَيْنِ وَالْخُسُوفِ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ له تَأْخِيرُهُمَا وإذا كان الْخَوْفُ خَارِجًا من الْمِصْرِ في صَحْرَاءَ تُقْصَرُ فيها الصَّلَاةُ أو لَا تُقْصَرُ فَلَا يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ وَيُصَلُّونَهَا ظُهْرًا وَكَذَلِكَ لَا أَحُضُّهُمْ على صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَإِنْ فَعَلُوا لم أَكْرَهْهُ لهم وَلَهُمْ أَنْ يَسْتَسْقُوا وَلَا أُرَخِّصُ لهم في تَرْكِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَإِنَّمَا أَمَرْتُهُمْ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ لِأَنَّهُ يُصَلِّيهَا السُّفَرُ ولم أَكْرَهْ لهم صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَهَا الْمُنْفَرِدُ وَكَذَلِكَ أَيْضًا صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ فَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَلَا تَجُوزُ لِأَنَّهَا إحَالَةُ مَكْتُوبَةٍ إلَى مَكْتُوبَةٍ إلَّا في مِصْرَ وَجَمَاعَةٍ - * تَقْدِيمُ الْإِمَامِ في صَلَاةِ الْخَوْفِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا أَحْدَثَ الْإِمَامُ في صَلَاةِ الْخَوْفِ فَهُوَ كَحَدَثِهِ في غَيْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَأَحَبُّ إلى أَنْ لَا يَسْتَخْلِفَ أَحَدًا فَإِنْ كان أَحْدَثَ في الرَّكْعَةِ الْأُولَى أو بعد ما صَلَّاهَا وهو وَاقِفٌ في الْآخِرِ فَقَرَأَ ولم تَدْخُلْ معه الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ قَضَتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى ما عليهم من الصَّلَاةِ وَأَمَّ الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى إمَامٌ منهم أو صَلَّوْا فُرَادَى وَلَوْ قَدَّمَ رَجُلًا فَصَلَّى بِهِمْ أَجْزَأَ عَنْهُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَحْدَثَ الْإِمَامُ وقد صلى رَكْعَةً وهو قَائِمٌ يَقْرَأُ يَنْتَظِرُ فَرَاغَ التي خَلْفَهُ وَقَفَ الذي قُدِّمَ كما يَقِفُ الْإِمَامُ وَقَرَأَ في وُقُوفِهِ فإذا فَرَغَتْ الطَّائِفَةُ التي خَلْفَهُ وَدَخَلَتْ الطَّائِفَةُ التي
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا غَزَا أَحَدٌ من مَوْضِعٍ لَا تَقْصُرُ فيه الصَّلَاةُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَإِنْ كان الْإِمَامُ مُقِيمًا فصلى صَلَاةَ الْخَوْفِ بِمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ أَتَمُّوا مَعًا وَكَذَلِكَ يُتِمُّ من الْمُسَافِرِينَ من دخل معه قبل أَنْ يُسَلِّمَ من الصَّلَاةِ فإذا صلى صَلَاةَ خَوْفٍ فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الْأُولَى وهو مُسَافِرٌ بِمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ ثَبَتَ قَائِمًا يَقْرَأُ حتى يقضى الْمُسَافِرُونَ رَكْعَةً وَالْمُقِيمُونَ ثَلَاثًا ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ وتأتى الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى ويصلى لهم الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ وَيَثْبُتُ جَالِسًا حتى يقضى الْمُسَافِرُونَ رَكْعَةً وَالْمُقِيمُونَ ثَلَاثًا وَلَوْ سَلَّمَ ولم يَنْتَظِرْ الْآخَرِينَ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَأَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ إذَا قَصَرَ وَأَكْرَهُ ذلك له وَصَلَاةُ الْخَوْفِ في الْبَرِّ وَالْبَحْرِ سَوَاءٌ لَا تَخْتَلِفُ في شَيْءٍ - * ما جاء في الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ في الْخَوْفِ - *

(1/227)


وَرَاءَهُ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَدْرِ سُورَةٍ ثُمَّ رَكَعَ بِهِمْ وكان في صَلَاتِهِمْ لهم كَالْإِمَامِ الْأَوَّلِ لَا يُخَالِفُهُ في شَيْءٍ إذَا أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مع الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَانْتَظَرَهُمْ حتى يَتَشَهَّدُوا ثُمَّ يُسَلِّمَ بِهِمْ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان الذي قَدَّمَ الْإِمَامُ لم ( ( ( لن ) ) ) يَدْخُلَ في صَلَاةِ الْإِمَامِ حتى أَحْدَثَ الْإِمَامُ فَقَدَّمَهُ الْإِمَامُ فَإِنْ كان الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ لم يَرْكَعْ من الصَّلَاةِ رَكْعَةً وقد كَبَّرَ الْمُقَدَّمُ معه قبل أَنْ يُحْدِثَ فَلَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ إذَا تَقَدَّمَ أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَأَنْ يَزِيدَ مَعَهَا شيئا أَحَبُّ إلَيَّ ثُمَّ يصلى بِالْقَوْمِ فَإِنْ كان مُقِيمًا صلى أَرْبَعًا وَإِنْ كان مُسَافِرًا صلى رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ مُبْتَدِئٌ الصَّلَاةَ بِهِمْ فَسَوَاءٌ كان الْإِمَامُ الذي قَدَّمَهُ مُقِيمًا فَعَلَى من أَدْرَكَ معه الصَّلَاةَ قبل أَنْ يُحْدِثَ من الْمُسَافِرِينَ أَنْ يُصَلُّوا أَرْبَعًا وَلَيْسَ ذلك على من لم يُدْرِكْ معه الصَّلَاةَ قبل أَنْ يُحْدِثَ من الْمُسَافِرِينَ فَأَمَّا الْمُقِيمُونَ فَيُصَلُّونَ أَرْبَعًا بِكُلِّ حَالٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ صلى رَكْعَةً من صَلَاتِهِ ثُمَّ قَدَّمَ رَجُلًا لم يُدْرِكْ معه من الصَّلَاةِ شيئا فَلَيْسَ له أَنْ يَتَقَدَّمَ فَإِنْ تَقَدَّمَ فَعَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الصَّلَاةِ وَإِنْ اسْتَأْنَفَهَا فَتَبِعَهُ من خَلْفَ الْإِمَامِ مِمَّنْ أَدْرَكَ صَلَاةَ الْإِمَامِ قبل أَنْ يَخْرُجَ منها صلى معه الرَّكْعَةَ أو لم يُصَلِّهَا فَعَلَيْهِمْ مَعًا الْإِعَادَةُ لِأَنَّ من أَدْرَكَ معه الرَّكْعَةَ يَزِيدُ في صَلَاتِهِ عَامِدِينَ غير سَاهِينَ وَلَا سَاهٍ إمَامُهُ وَمَنْ صلى معه مِمَّنْ لم يُدْرِكْ الصَّلَاةَ مع الْإِمَامِ الْمُحْدِثِ فَصَلَاتُهُ عنه مُجْزِئَةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ بَنَى هو على صَلَاةِ الْإِمَامِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ لَا دَاخِلَ مع الْإِمَامِ في صَلَاتِهِ فَيَتْبَعُهَا وَلَا مُبْتَدِئَ لِنَفْسِهِ فَيَعْمَلُ عَمَلَ الْمُبْتَدِئِ وَكَذَلِكَ صَلَاةُ من خَلْفَهُ كُلِّهِمْ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ رَجُلٌ عَمَدَ أَنْ يَقْلِبَ صَلَاتَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان كَبَّرَ مع الْإِمَامِ قبل أَنْ يُحْدِثَ الْإِمَامُ وقد صلى الْإِمَامُ رَكْعَةً بَنَى على صَلَاةِ الْإِمَامِ كَأَنَّهُ الْإِمَامُ لَا يُخَالِفُهُ إلَّا فِيمَا سَأَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حتى يَتَشَهَّدَ في آخَرِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَكْمَلَ رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا ثُمَّ قَدَّمَهُ فَيَثْبُتُ قَائِمًا حتى تقضى الطَّائِفَةُ الْأُولَى وَتُسَلِّمَ وتأتى الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فيصلى بِهِمْ الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ على الْإِمَامِ وَيَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ حتى تقضى الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فإذا قَضَوْا التَّشَهُّدَ قَدَّمَ رَجُلًا منهم فَسَلَّمَ بِهِمْ ثُمَّ قام هو وَبَنَى لِنَفْسِهِ حتى تَكْمُلَ صَلَاتُهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ لم يَزِدْ على أَنْ يصلى رَكْعَةً ثُمَّ يَجْلِسَ لِلتَّشَهُّدِ فَيُسَلِّمَ وَلَا يَنْتَظِرُ الطَّائِفَةَ حتى تَقْضِيَ فَيُسَلِّمَ بها كَرِهْت ذلك له وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَا صَلَاتُهُمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَنَّ إمَامًا ابْتَدَأَ صَلَاةَ الْخَوْفِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَقَدَّمَ رَجُلًا مِمَّنْ خَلْفَهُ فلم يَقْضِ من الصَّلَاةِ شيئا حتى حَدَثَ لهم أَمْنٌ إمَّا لِجَمَاعَةٍ كَثُرَتْ وَقَلَّ الْعَدُوُّ وَإِمَّا بِتَلَفِ الْعَدُوِّ أو غَيْرِ ذلك من وُجُوهِ الْأَمْنِ صلى الْإِمَامُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان الْإِمَامُ الذي قَدَّمَهُ الْمُحْدِثُ مُقِيمًا وَاَلَّذِي قُدِّمَ آخِرًا مُسَافِرًا فَسَوَاءٌ وَعَلَيْهِ صَلَاةُ مُقِيمٍ إذَا دخل مع الْإِمَامِ في الصَّلَاةِ قبل أَنْ يُحْدِثَ وَإِنْ كان الْإِمَامُ الذي قَدَّمَهُ مُسَافِرًا وَالرَّجُلُ الذي قَدَّمَهُ مُقِيمًا وقد صلى الْمُحْدِثُ رَكْعَةً فَعَلَى الْمُقَدَّمِ أَنْ يَتَقَدَّمَ فيصلى رَكْعَةً ثُمَّ يَثْبُتَ جَالِسًا ويصلى من خَلْفَهُ من الْمُسَافِرِينَ وَالْمُقِيمِينَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ يَتَشَهَّدُونَ وَيُسَلِّمُونَ لِأَنَّهُمْ قد صَارُوا إلَى صَلَاةِ مُقِيمٍ فَعَلَيْهِمْ التَّمَامُ ثُمَّ تأتى الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فيصلى بِهِمْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَقِيَتَا من صَلَاتِهِ وَيَقُومُونَ فَيَقْضُونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ وَلَا يَجْزِيهِمْ غَيْرُ ذلك لِأَنَّ كُلًّا دخل مع إمَامٍ مُقِيمٍ في صَلَاتِهِ

(1/228)


الْمُقَدَّمُ صَلَاةَ أَمْنٍ بِمَنْ خَلْفَهُ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ فَصَلَّتْ مَعَهُمْ لِأَنَّ الْخَوْفَ قد ذَهَبَ فَإِنْ لم تَفْعَلْ حتى صلى بها إمَامٌ غَيْرُهُ أو صَلَّتْ فُرَادَى وَكَانُوا كَقَوْمٍ لم يُصَلُّوا مع الْجَمَاعَةِ الْأُولَى لِعُذْرٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان بقى معه أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِمَّنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ فَصَلَّى بِهِمْ وَبِالطَّائِفَةِ التي تَحْرُسُهُ رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ جَاءَتْ الطَّائِفَةُ التي كانت حَاضِرَةً خُطْبَتَهُ ثُمَّ لم تَدْخُلْ في صَلَاتِهِ حتى حَرَسَتْ الْعَدُوَّ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ قد صلى بِأَرْبَعِينَ رَجُلًا حَضَرُوا الْخُطْبَةَ وَزَادَتْ جَمَاعَةٌ لم يَحْضُرُوا الْخُطْبَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ شُغِلُوا بِالْعَدُوِّ فلم يَحْضُرُوا الْخُطْبَةَ وَيَدْخُلُ معه في الصَّلَاةِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لم يَكُنْ له أَنْ يصلى صَلَاةَ الْجُمُعَةِ وكان عليه أَنْ يصلى ظُهْرًا أَرْبَعًا صَلَاةَ الْخَوْفِ الْأُولَى إنْ أَمْكَنَهُ أو صَلَاتَهُ عِنْدَ شِدَّةِ الْخَوْفِ إنْ لم يُمْكِنْهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ لم يُمْكِنْهُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فَصَلَّى ظُهْرًا أَرْبَعًا ثُمَّ حَدَثَتْ لِلْعَدُوِّ حَالٌ أَمْكَنَهُ فيها أَنْ يصلى الْجُمُعَةَ لم يَجِبْ عليه وَلَا على من صلى خَلْفَهُ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ وَوَجَبَ على من لم يُصَلِّ معه إنْ كَانُوا أَرْبَعِينَ أَنْ يُقَدِّمُوا رَجُلًا فيصلى بِهِمْ الْجُمُعَةَ فَإِنْ لم يَفْعَلُوا وَصَلَّوْا ظُهْرًا كَرِهْت لهم ذلك وَأَجْزَأَتْ عنهم ( ( ( عنه ) ) ) + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَعَادَ هو وَمَنْ معه صَلَاةَ الْجُمُعَةِ مع إمَامٍ غَيْرِهِ لم أَكْرَهْ ذلك وَإِنْ أَعَادَهَا هو إمَامًا وَمَنْ معه مَأْمُومِينَ لم أَكْرَهْ ذلك لِلْمَأْمُومِينَ وَكَرِهْته للامام وَلَا إعَادَةَ على من صَلَّاهَا خَلْفَهُ مِمَّنْ صَلَّاهَا أو لم يُصَلِّهَا إذَا صلى في وَقْتِ الْجُمُعَةِ + * كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ + * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى في سِيَاقِ شَهْرِ رَمَضَانَ { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ على ما هَدَاكُمْ } وقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَصُومُوا حتى تَرَوْهُ وَلَا تُفْطِرُوا حتى تَرَوْهُ يَعْنِي الْهِلَالَ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا صَامَ الناس شَهْرَ رَمَضَانَ بِرُؤْيَةٍ أو شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ على رُؤْيَةٍ ثُمَّ صَامُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ غُمَّ عليهم الْهِلَالُ أَفْطَرُوا ولم يُرِيدُوا شُهُودًا ( قال ) وَإِنْ صَامُوا تِسْعًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ غُمَّ عليهم لم يَكُنْ لهم أَنْ يُفْطِرُوا حتى يُكْمِلُوا ثَلَاثِينَ أو يَشْهَدَ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ بِرُؤْيَتِهِ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) يُقْبَلُ فيه شَاهِدَانِ عَدْلَانِ في جَمَاعَةِ الناس وَمُنْفَرِدَيْنِ وَلَا يُقْبَلُ على الْفِطْرِ أَقَلُّ من شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ وَلَا في مَقْطَعِ حَقٍّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِشَاهِدِينَ وَشَرَطَ الْعَدْلَ في الشُّهُودِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمَ بن مُحَمَّدٍ عن إِسْحَاقَ بن عبد اللَّهِ عن عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ أَنَّهُ كان لَا يُجِيزُ في الْفِطْرِ إلَّا شَاهِدَيْنِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ في يَوْمِ ثَلَاثِينَ أَنَّ الْهِلَالَ كان بِالْأَمْسِ أَفْطَرَ الناس أَيْ سَاعَةَ عَدَلَ الشَّاهِدَانِ فَإِنْ عَدَلَا قبل الزَّوَالِ صلى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ وَإِنْ لم يَعْدِلَا حتى تَزُولَ الشَّمْسُ لم يَكُنْ عليهم أَنْ يُصَلُّوا يَوْمَهُمْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَا الْغَدَ لِأَنَّهُ عَمَلٌ في وَقْتٍ فإذا جَاوَزَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان خَوْفٌ يوم الْجُمُعَةِ وكان مَحْرُوسًا إذَا خَطَبَ بِطَائِفَةٍ وَحَضَرَتْ معه طَائِفَةٌ الْخُطْبَةَ ثُمَّ صلى بِالطَّائِفَةِ التي حَضَرَتْ الْخُطْبَةَ رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ بِقِرَاءَةٍ يَجْهَرُونَ فيها ثُمَّ وَقَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ التي لم تُصَلِّ فَصَلَّتْ معه الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ عليه من الْجُمُعَةِ وَثَبَتَ جَالِسًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ وَلَوْ انْصَرَفَتْ الطَّائِفَةُ التي حَضَرَتْ الْخُطْبَةَ حين فَرَغَ من خُطْبَتِهِ فَحَرَسُوا الْإِمَامَ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ التي لم تَحْضُرْ فَصَلَّى بِهِمْ لم يُجْزِهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِهِمْ إلَّا ظُهْرًا أَرْبَعًا لِأَنَّهُ قد ذَهَبَ عنه من حَضَرَ الْخُطْبَةَ فَصَارَ كَإِمَامٍ خَطَبَ وَحْدَهُ ثُمَّ جَاءَتْهُ جَمَاعَةٌ قبل أَنْ يصلى فَصَلَّى بِهِمْ

(1/229)


ذلك الْوَقْتَ لم يُعْمَلْ في غَيْرِهِ فَإِنْ قال قَائِلٌ وَلِمَ لَا يَكُونُ النَّهَارُ وَقْتًا له قِيلَ له إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم سَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَسَنَّ مَوَاقِيتَ الصلوات ( ( ( الصلاة ) ) ) وكان فِيمَا سُنَّ دَلَالَةٌ على أَنَّهُ إذَا جاء وَقْتُ صَلَاةٍ مَضَى وَقْتُ التي قَبْلَهَا فلم يَجُزْ أَنْ يَكُونَ آخِرَ وَقْتِهَا إلَّا إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ تُجْمَعُ فيها وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَرَجَ بِالنَّاسِ من الْغَدِ إلَى عِيدِهِمْ قُلْنَا بِهِ وَقُلْنَا أَيْضًا فَإِنْ لم يَخْرُجْ بِهِمْ من الْغَدِ خَرَجَ بِهِمْ من بَعْدِ الْغَدِ وَقُلْنَا يصلى في يَوْمِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ إذَا جَازَ أَنْ يَزُولَ فيه ثُمَّ يصلى جَازَ في هذه الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَلَكِنَّهُ لَا يَثْبُتُ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أو أَكْثَرُ فلم يُعْرَفُوا بِعَدْلٍ أو جُرِحُوا فَلَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا وَأَحَبُّ لهم أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ لِأَنْفُسِهِمْ جَمَاعَةً وفرادي مُسْتَتِرِينَ وَنَهَيْتهمْ أَنْ يُصَلُّوهَا ظَاهِرِينَ وَإِنَّمَا أَمَرْتهمْ أَنْ يُصَلُّوا مُسْتَتِرِينَ وَنَهَيْتهمْ أَنْ يصلوها ( ( ( يصلوا ) ) ) ظَاهِرِينَ لِئَلَّا يُنْكَرَ عليهم وَيَطْمَعَ أَهْلُ الْفُرْقَةِ في فِرَاقِ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ ( قال ) وَهَكَذَا لو شَهِدَ وَاحِدٌ فلم يَعْدِلْ لم يَسَعْهُ إلَّا الْفِطْرُ ويخفى فِطْرَهُ لِئَلَّا يُسِيءَ أَحَدٌ الظَّنَّ بِهِ ويصلى الْعِيدَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَشْهَدُ بَعْدُ إنْ شَاءَ الْعِيدَ مع الْجَمَاعَةِ فَيَكُونُ نَافِلَةً خَيْرًا له وَلَا يُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ النِّسَاءِ الْعُدُولِ وَلَا شَهَادَةُ أَقَلَّ من شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَا قَرَوِيَّيْنِ أو بَدَوِيَّيْنِ ( قال ) وَإِنْ غُمَّ عليهم فَجَاءَهُمْ شَاهِدَانِ بِأَنَّ هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ رئى عَشِيَّةَ الْجُمُعَةِ نَهَارًا بَعْدَ الزَّوَالِ أو قَبْلَهُ فَهُوَ هِلَالُ لَيْلَةِ السَّبْتِ لِأَنَّ الْهِلَالَ يُرَى نَهَارًا وهو هِلَالُ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لَا اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ وَلَا يُقْبَلُ فيه إلَّا رُؤْيَتُهُ لَيْلَةَ كَذَا فَأَمَّا رُؤْيَتُهُ بِنَهَارٍ فَلَا يَدُلُّ على أَنَّهُ رُئِيَ بِالْأَمْسِ وَإِنْ غُمَّ عليهم فَأَكْمَلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ ثُمَّ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ بعد ما مَضَى النَّهَارُ في أَوَّلِ اللَّيْلِ أو آخِرِهِ أَنَّهُمْ صَامُوا يوم الْفِطْرِ إمَّا بِأَنْ يَكُونَ قد رَأَوْا هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ رئى قبل رُؤْيَتِهِمْ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قد رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ أَفْطَرُوا من يَوْمِهِمْ وَخَرَجُوا العيد ( ( ( للعيد ) ) ) من غَدِهِمْ وَهُمْ مُخَالِفُونَ لِلَّذِينَ عَلِمُوا الْفِطْرَ قبل أَنْ يُكْمِلُوا الصَّوْمَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لم يَعْلَمُوهُ إلَّا بَعْدَ إكْمَالِهِمْ الصَّوْمَ فلم يَكُونُوا مُفْطِرِينَ بِشَهَادَةِ أُولَئِكَ عَلِمُوهُ وَهُمْ في الصَّوْمِ فَأَفْطَرُوا بِشَهَادَةٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني عبد اللَّهِ بن عَطَاءِ بن إبْرَاهِيمَ مولى صَفِيَّةَ بِنْتِ عبد الْمُطَّلِبِ عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ عن عَائِشَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال الْفِطْرُ يوم تُفْطِرُونَ وَالْأَضْحَى يوم تُضَحُّونَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْعِيدُ يَوْمُ الْفِطْرِ نَفْسُهُ وَالْعِيدُ الثَّانِي يَوْمُ الْأَضْحَى نَفْسُهُ وَذَلِكَ يَوْمُ عَاشِرٍ من ذِي الْحِجَّةِ وهو الْيَوْمُ الذي يلى يوم عَرَفَةَ ( قال ) وَالشَّهَادَةُ في هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ لِيُسْتَدَلَّ على يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ مِنًى كَهِيَ في الْفِطْرِ لَا تَخْتَلِفُ في شَيْءٍ يَجُوزُ فيها ما يَجُوزُ فيها وَيُرَدُّ فيها ما يُرَدُّ فيها وَيَجُوزُ الْحَجُّ إذَا وُقِفَ بِعَرَفَةَ على الرؤية وَإِنْ عَلِمُوا بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَنَّ يوم عَرَفَةَ يَوْمُ النَّحْرِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مُسْلِمٌ عن بن جُرَيْجٍ قال ( ( ( عنه ) ) ) قُلْت لِعَطَاءٍ رَجُلٌ حَجَّ فَأَخْطَأَ الناس يوم عَرَفَةَ أَيُجْزَى عنه قال نعم إي لَعَمْرِي إنَّهَا لتجزى عنه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَحْسَبُهُ قال قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فِطْرُكُمْ يوم تُفْطِرُونَ وَأَضْحَاكُمْ يوم تُضَحُّونَ أَرَاهُ قال وَعَرَفَةُ يوم تَعْرِفُونَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَبِهَذَا نَأْخُذُ وَإِنَّمَا كُلِّفَ الْعِبَادُ الظَّاهِرَ ولم يَظْهَرْ على ما وَصَفْت أَنْ الفطر ( ( ( أفطر ) ) ) إلَّا يوم أَفْطَرَنَا ( قال ) وَلَوْ كان الشُّهُودُ شَهِدُوا لنا على ما يَدُلُّ أَنَّ الْفِطْرَ يوم الْخَمِيسِ فلم يَعْدِلُوا أَكْمَلْنَا صَوْمَهُ فَعَدَلُوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أو يوم الْجُمُعَةِ لم نَخْرُجْ لِلْعِيدِ لِأَنَّا قد عَلِمْنَا أَنَّ الْفِطْرَ كان يوم الْخَمِيسِ قَبْلُ يُكْمِلُ صَوْمَهُ وَإِنَّمَا وَقَفْنَاهُ على تَعْدِيلِ الْبَيِّنَةِ فلما عُدِلَتْ كان الْفِطْرُ يوم الْخَمِيسِ بِشَهَادَتِهِمْ ( قال ) وَلَوْ لم يَعْدِلُوا حتى تَحِلَّ صَلَاةُ الْعِيدِ صَلَّيْنَاهَا وَإِنْ عَدَلُوا بَعْدَ ذلك لم يَضُرَّنَا ( قال ) وإذا عَدَلُوا فَإِنْ كنا نَقَصَنَا من صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ يَوْمٌ بِأَنَّهُ خفى عَلَيْنَا أو صُمْنَا يوم الْفِطْرِ قَضَيْنَا يَوْمًا

(1/230)


- * الْعِبَادَةُ لَيْلَةُ الْعِيدَيْنِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرنا ثَوْرُ بن يَزِيد عن خَالِدِ بن مَعْدَانَ عن أبي الدَّرْدَاءِ قال من قام لَيْلَةَ الْعِيدِ مُحْتَسِبًا لم يَمُتْ قَلْبُهُ حين تَمُوتُ الْقُلُوبُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وأنا أَسْتَحِبُّ كُلَّ ما حُكِيَتْ في هذه اللَّيَالِيِ من غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا - * التَّكْبِيرُ لَيْلَةُ الْفِطْرِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى في شَهْرِ رَمَضَانَ { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ على ما هَدَاكُمْ } قال فَسَمِعْت من أَرْضَى من أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ أَنْ يَقُولَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ عِدَّةَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَتُكَبِّرُوا اللَّهُ عِنْدَ إكْمَالِهِ على ما هَدَاكُمْ وَإِكْمَالُهُ مَغِيبُ الشَّمْسِ من آخِرِ يَوْمٍ من أَيَّامِ شَهْرِ رَمَضَانَ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما أَشْبَهَ ما قال بِمَا قال وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ أَحْبَبْتُ أَنْ يُكَبِّرَ الناس جَمَاعَةً وَفُرَادَى في الْمَسْجِدِ وَالْأَسْوَاقِ وَالطُّرُقِ وَالْمَنَازِلِ وَمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ في كل حَالٍ وَأَيْنَ كَانُوا وَأَنْ يُظْهِرُوا التَّكْبِيرَ وَلَا يَزَالُونَ يُكَبِّرُونَ حتى يَغْدُوَا إلَى الْمُصَلَّى وَبَعْدَ الْغُدُوِّ حتى يَخْرُجَ الْإِمَامُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَدَعُوا التَّكْبِيرَ وَكَذَلِكَ أُحِبُّ في لَيْلَةِ الْأَضْحَى لِمَنْ لم يَحُجَّ فَأَمَّا الْحَاجُّ فَذِكْرُهُ التَّلْبِيَةُ أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني صَالِحُ بن مُحَمَّدِ بن زَائِدَةَ أَنَّهُ سمع بن الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ وَأَبَا سَلَمَةَ وَأَبَا بَكْرِ بن عبد الرحمن يُكَبِّرُونَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ في الْمَسْجِدِ يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني صَالِحُ بن مُحَمَّدِ بن زَائِدَةَ عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ وَأَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن أَنَّهُمَا كَانَا يَجْهَرَانِ بِالتَّكْبِيرِ حين يَغْدُوَانِ إلَى الْمُصَلَّى
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني يَزِيدُ بن الْهَادِ أَنَّهُ سمع نَافِعَ بن جُبَيْرٍ يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ حين يَغْدُو إلَى الْمُصَلَّى يوم الْعِيدِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني مُحَمَّدِ بن عَجْلَانَ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كان إذَا غَدَا إلَى الْمُصَلَّى يوم الْعِيدِ كَبَّرَ فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني عُبَيْدُ اللَّهِ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كان يَغْدُو إلَى الْمُصَلَّى يوم الْفِطْرِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَيُكَبِّرُ حتى يأتى الْمُصَلَّى يوم الْعِيدِ ثُمَّ يُكَبِّرُ بِالْمُصَلَّى حتى إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ تَرَكَ التَّكْبِيرَ - * الْغُسْلُ لِلْعِيدَيْنِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ أَنَّهُ كان يَغْتَسِلُ يوم الْفِطْرِ قبل أَنْ يَغْدُوَ إلَى الْمُصَلَّى
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرنا جَعْفَرُ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه أَنَّ عَلِيًّا رضى اللَّهُ عنه كان يَغْتَسِلُ يوم الْعِيدِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ وإذا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَسْتَحِبُّ هذا كُلَّهُ وَلَيْسَ من هذا شَيْءٌ أَوْكَدَ من غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ تَوَضَّأَ رَجَوْت أَنْ يُجْزِئَهُ ذلك
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كان يُقَالُ إنَّ الدُّعَاءَ يُسْتَجَابُ في خَمْسِ لَيَالٍ في لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْأَضْحَى وَلَيْلَةِ الْفِطْرِ وَأَوَّلِ لَيْلَةٍ من رَجَبٍ وَلَيْلَةِ النِّصْفِ من شَعْبَانَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال رَأَيْت مَشْيَخَةً من خِيَارِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَظْهَرُونَ على مَسْجِدِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَيْلَةَ الْعِيدِ فَيَدْعُونَ وَيَذْكُرُونَ اللَّهَ حتى تَمْضِيَ سَاعَةٌ من اللَّيْلِ وَبَلَغْنَا أَنَّ بن عُمَرَ كان يحيى لَيْلَةَ جُمَعٍ وَلَيْلَةُ جُمَعٍ هِيَ لَيْلَةُ الْعِيدِ لِأَنَّ صَبِيحَتَهَا النَّحْرُ

(1/231)


إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إذَا صلى على طَهَارَةٍ ( قال ) وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَيَمَّمَ في الْمِصْرِ لِعِيدٍ وَلَا جِنَازَةٍ وَإِنْ خَافَ فَوْتَهُمَا وَلَا له أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا إلَّا طَاهِرًا كَطَهَارَتِهِ لِلصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّ كُلًّا صَلَاةٌ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال أخبرني يَزِيدُ بن أبي عُبَيْدٍ مولى سَلَمَةَ عن سَلَمَةَ بن الْأَكْوَعِ أَنَّهُ كان يَغْتَسِلُ يوم الْعِيدِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال أخبرنا صَالِحُ بن مُحَمَّدِ بن زَائِدَةَ عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ قال السُّنَّةُ أَنْ يَغْتَسِلَ يوم الْعِيدَيْنِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الثِّقَةُ عن الزُّهْرِيِّ عن بن الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قال الْغُسْلُ في الْعِيدَيْنِ سُنَّةٌ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) يَغْدُو إلَى الْأَضْحَى قَدْرَ ما يوافى الْمُصَلَّى حين تَبْرُزُ الشَّمْسُ وَهَذَا أَعْجَلُ ما يَقْدِرُ عليه وَيُؤَخِّرُ الْغُدُوَّ إلَى الْفِطْرِ عن ذلك قَلِيلًا غير كَثِيرٍ ( قال ) وَالْإِمَامُ في ذلك في غَيْرِ حَالِ الناس أَمَّا الناس فَأُحِبُّ أَنْ يَتَقَدَّمُوا حين يَنْصَرِفُونَ من الصُّبْحِ لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ وَلِيَنْتَظِرُوا الصَّلَاةَ فَيَكُونُوا في أَجْرِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ما دَامُوا يَنْتَظِرُونَهَا وَأَمَّا الْإِمَامُ فإنه إذَا غَدَا لم يَجْعَلْ وَجْهَهُ إلَّا إلَى الْمُصَلَّى فيصلى وقد غَدَا قَوْمٌ حين صَلَّوْا الصُّبْحَ وَآخَرُونَ بَعْدَ ذلك وَكُلُّ ذلك حَسَنٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ غَدَا الْإِمَامُ حين يصلى الصُّبْحَ وَصَلَّى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لم يُعِدْ وَلَوْ صلى قبل الشَّمْسِ أَعَادَ لِأَنَّهُ صلى قبل وَقْتِ الْعِيدِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن عُبَيْدِ اللَّهِ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كان يَغْدُو إلَى الْمُصَلَّى يوم الْفِطْرِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال أخبرنا عبد اللَّهِ بن أبي بَكْرٍ عن عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى ابْنِهِ وهو عَامِلٌ على الْمَدِينَةِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ يوم الْعِيدِ فَاغْدُ إلَى الْمُصَلَّى وَكُلُّ هذا وَاسِعٌ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرني بن نِسْطَاسٍ أَنَّهُ رَأَى بن الْمُسَيِّبِ في يَوْمِ الْأَضْحَى وَعَلَيْهِ بُرْنُسٌ أُرْجُوَانٌ وَعِمَامَةٌ سَوْدَاءُ غَادِيًا في الْمَسْجِدِ إلَى الْمُصَلَّى يوم الْعِيدِ حين صلى الصُّبْحَ بعد ما طَلَعَتْ الشَّمْسُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرني بن حَرْمَلَةَ أَنَّهُ رَأَى سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ يَغْدُو إلَى الْمُصَلَّى يوم الْعِيدِ حين يصلى الصُّبْحَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلُّ هذا وَاسِعٌ إذَا وَافَى الصَّلَاةَ وَأَحِبَّهُ إلى أَنْ يَتَمَهَّلَ لِيَأْخُذَ مَجْلِسًا - * الْأَكْلُ قبل الْعِيدِ في يَوْمِ الْفِطْرِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا ابراهيم بن سَعْدٍ عن بن شِهَابٍ عن بن الْمُسَيِّبِ قال كان الْمُسْلِمُونَ يَأْكُلُونَ في يَوْمِ الْفِطْرِ قبل الصَّلَاةِ وَلَا يَفْعَلُونَ ذلك يوم النَّحْرِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه أَنَّهُ كان يَأْكُلُ قبل الْغُدُوِّ في يَوْمِ
الْفِطْرِ أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) كان مَذْهَبُ سَعِيدٍ وَعُرْوَةَ في أَنَّ الْغُسْلَ في الْعِيدَيْنِ سُنَّةٌ أَنَّهُ أَحْسَنُ وَأَعْرَفُ وَأَنْظَفُ وَأَنْ قد فَعَلَهُ قَوْمٌ صَالِحُونَ لَا أَنَّهُ حَتْمٌ بِأَنَّهُ سُنَّةُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال أخبرني الْمُطَّلِبُ بن السَّائِبِ عن بن أبي وَدَاعَةَ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كان يَغْتَسِلُ يوم الْعِيدَيْنِ إذَا غَدَا إلَى الْمُصَلَّى - * وَقْتُ الْغُدُوِّ إلَى الْعِيدَيْنِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني أبو الْحُوَيْرِثِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَتَبَ إلَى عَمْرِو بن حَزْمٍ وهو بِنَجْرَانَ أَنْ عَجِّلْ الْغُدُوَّ إلَى الْأَضْحَى وَأَخِّرْ الْفِطْرَ وَذَكِّرْ الناس
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرني الثِّقَةُ أَنَّ الْحَسَنَ قال كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَغْدُو إلَى الْعِيدَيْنِ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ حين تَطْلُعُ الشَّمْسُ فيتتام ( ( ( فيتم ) ) ) طُلُوعُهَا

(1/232)


قال أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن بن شِهَابٍ عن بن الْمُسَيِّبِ قال كان الناس يُؤْمَرُونَ بِالْأَكْلِ قبل الْغُدُوِّ يوم الْفِطْرِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه أَنَّهُ كان يَأْمُرُ بِالْأَكْلِ قبل الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى يوم الْفِطْرِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن صَفْوَانَ بن سُلَيْمٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَطْعَمُ قبل أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجَبَّانِ يوم الْفِطْرِ وَيَأْمُرُ بِهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَلْبَسُ الصِّبْيَانُ أَحْسَنَ ما يَقْدِرُونَ عليه ذُكُورًا أو إنَاثًا وَيَلْبَسُونَ الْحُلِيَّ والصبغ ( ( ( والصيغ ) ) ) وَإِنْ حَضَرَتْهَا امْرَأَةٌ حَائِضٌ لم تُصَلِّ وَدَعَتْ ولم أَكْرَهْ لها ذلك وَأَكْرَهْ لها أَنْ تَحْضُرَهَا غير حَائِضٍ إلَّا طَاهِرَةً لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ على الطَّهَارَةِ وَأَكْرَهُ حُضُورَهَا إلَّا طَاهِرَةً إذَا كان الْمَاءُ يُطَهِّرُهَا - * الرُّكُوبُ إلَى الْعِيدَيْنِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَلَغَنَا أَنَّ الزُّهْرِيَّ قال ما رَكِبَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في عِيدٍ وَلَا جِنَازَةٍ قَطُّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ أَنْ لَا يُرْكَبَ في عِيدٍ وَلَا جِنَازَةٍ إلَّا أَنْ يَضْعُفَ من شَهِدَهَا من رَجُلٍ أو امْرَأَةٍ عن الْمَشْيِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ وَإِنْ رَكِبَ لِغَيْرِ عِلَّةٍ فَلَا شَيْءَ عليه قال الرَّبِيعُ هذا عِنْدَنَا على الذَّهَابِ إلَى الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ فَأَمَّا الرُّجُوعُ مِنْهُمَا فَلَا بَأْسَ - * الْإِتْيَانُ من طَرِيقٍ غَيْرِ التي غَدَا منها - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال قال الشَّافِعِيُّ وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَغْدُو من طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ من أُخْرَى فَأُحِبُّ ذلك للامام وَالْعَامَّةِ وَإِنْ غَدَوْا وَرَجَعُوا من طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ فَلَا شَيْءَ عليهم إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني خَالِدُ بن رَبَاحٍ عن الْمُطَّلِبِ بن عبد اللَّهِ بن حَنْطَبٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَغْدُو يوم الْعِيدِ إلَى الْمُصَلَّى من الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فإذا رَجَعَ رَجَعَ من الطَّرِيقِ الْأُخْرَى على دَارِ عَمَّارِ بن يَاسِرٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني مُعَاذُ بن عبد الرحمن التَّيْمِيُّ عن أبيه عن جَدِّهِ أَنَّهُ رَأَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَجَعَ من الْمُصَلَّى يوم عِيدٍ فَسَلَكَ على التَّمَّارِينَ من أَسْفَلِ السُّوقِ حتى إذَا كان عِنْدَ مَسْجِدِ الْأَعْرَجِ الذي هو عِنْدَ مَوْضِعِ الْبَرَكَةِ التي بِالسُّوقِ قام فَاسْتَقْبَلَ فَجَّ أَسْلَمَ فَدَعَا ثُمَّ انْصَرَفَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَنَحْنُ نَأْمُرُ من أتى الْمُصَلَّى أَنْ يَطْعَمَ وَيَشْرَبَ قبل أَنْ يَغْدُوَ إلَى الْمُصَلَّى وَإِنْ لم يَفْعَلْ أَمَرْنَاهُ بِذَلِكَ في طَرِيقِهِ أو الْمُصَلَّى إنْ أَمْكَنَهُ وَإِنْ لم يَفْعَلْ ذلك فَلَا شَيْءَ عليه وَيُكْرَهُ له أَنْ لَا يَفْعَلَ وَلَا نَأْمُرُهُ بهذا يوم الْأَضْحَى وَإِنْ طَعِمَ يوم الْأَضْحَى فَلَا بَأْسَ عليه - * الزِّينَةُ لِلْعِيدِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن جَعْفَرٍ عن أبيه عن جَدِّهِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَلْبَسُ بُرْدَ حَبَرَةٍ في كل عِيدٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن جَعْفَرٍ قال كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يُعْتِمُ في كل عِيدٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال قال الشَّافِعِيُّ وَأُحِبُّ أَنْ يَلْبَسَ الرَّجُلُ أَحْسَنَ ما يَجِدُ في الْأَعْيَادِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَمَحَافِلِ الناس وَيَتَنَظَّفَ وَيَتَطَيَّبَ إلَّا أَنِّي أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ في الِاسْتِسْقَاءِ خَاصَّةً نَظِيفًا مُتَبَذِّلًا وَأُحِبُّ الْعِمَامَةَ في الْبَرْدِ وَالْحَرِّ للامام وَأُحِبُّ لِلنَّاسِ ما أَحْبَبْتُ للامام من النَّظَافَةِ وَالتَّطَيُّبِ وَلُبْسِ أَحْسَنِ ما يَقْدِرُونَ عليه إلَّا أَنَّ اسْتِحْبَابِي لِلْعَمَائِمِ لهم ليس كَاسْتِحْبَابِهَا للامام وَمَنْ شَهِدَ منهم هذه الصَّلَوَاتِ طَاهِرًا تَجُوزُ له الصَّلَاةُ وَلَابِسًا مِمَّا يَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ من رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَجْزَأَهُ ( قال ) وَأُحِبُّ إذَا حَضَرَ النِّسَاءُ الْأَعْيَادَ وَالصَّلَوَاتِ يَحْضُرْنَهَا نَظِيفَاتٍ بِالْمَاءِ غير مُتَطَيِّبَاتٍ وَلَا يَلْبَسْنَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ وَلَا زِينَةٍ وَأَنْ يَلْبَسْنَ ثِيَابًا قَصِدَةً من الْبَيَاضِ وَغَيْرِهِ وَأَكْرَهُ لَهُنَّ الصِّبَغَ كُلَّهَا فَإِنَّهَا تُشْبِهُ الزِّينَةَ وَالشُّهْرَةَ أو هُمَا

(1/233)


(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَخْرُجُ في الْعِيدَيْنِ إلَى الْمُصَلَّى بِالْمَدِينَةِ وَكَذَلِكَ من كان بَعْدَهُ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْبُلْدَانِ إلَّا أَهْلَ مَكَّةَ فإنه لم يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا من السَّلَفِ صلى بِهِمْ عِيدًا إلَّا في مَسْجِدِهِمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَحْسَبُ ذلك وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ خَيْرُ بِقَاعِ الدُّنْيَا فلم يُحِبُّوا أَنْ يَكُونَ لهم صَلَاةٌ إلَّا فيه ما أَمْكَنَهُمْ ( قال ) وَإِنَّمَا قلت هذا لِأَنَّهُ قد كان وَلَيْسَتْ لهم هذه السَّعَةُ في أَطْرَافِ الْبُيُوتِ بِمَكَّةَ سَعَةً كَبِيرَةً ولم أَعْلَمْهُمْ صَلَّوْا عِيدًا قَطُّ وَلَا اسْتِسْقَاءً إلَّا فيه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ عَمَرَ بَلَدٌ فَكَانَ مَسْجِدُ أَهْلِهِ يَسَعُهُمْ في الْأَعْيَادِ لم أَرَ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ منه وَإِنْ خَرَجُوا فَلَا بَأْسَ وَلَوْ أَنَّهُ كان لَا يَسَعُهُمْ فَصَلَّى بِهِمْ إمَامٌ فيه كَرِهْتُ له ذلك وَلَا إعَادَةَ عليهم ( قال ) وإذا كان الْعُذْرُ من الْمَطَرِ أو غَيْرِهِ أَمَرْتُهُ بِأَنْ يصلى في الْمَسَاجِدِ وَلَا يَخْرُجَ إلَى صَحْرَاءَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني جَعْفَرُ بن مُحَمَّدٍ عن رَجُلٍ أَنَّ أَبَانَ بن عُثْمَانَ صلى بِالنَّاسِ في مَسْجِدِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يوم الْفِطْرِ في يَوْمٍ مَطِيرٍ ثُمَّ قال لِعَبْدِ اللَّهِ بن عَامِرٍ حَدِّثْهُمْ فَأَخَذَ يَحْكِي عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ فقال عبد اللَّهِ صلى عُمَرُ بن الْخَطَّابِ بِالنَّاسِ في الْمَسْجِدِ في يَوْمٍ مَطِيرٍ في يَوْمِ الْفِطْرِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني صَالِحُ بن مُحَمَّدِ بن زَائِدَةَ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ صلى بِالنَّاسِ في يَوْمٍ مَطِيرٍ في الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم - * الصَّلَاةُ قبل الْعِيدِ وَبَعْدَهُ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن عدى بن ثَابِتٍ عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ عن بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنهما قال صلى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يوم الْعِيدَيْنِ بالمصلي ولم يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا شيئا ثُمَّ انْفَتَلَ إلَى النِّسَاءِ فَخَطَبَهُنَّ قَائِمًا وَأَمَرَ بِالصَّدَقَةِ قال فَجَعَلَ النِّسَاءُ يَتَصَدَّقْنَ بِالْقُرْطِ وَأَشْبَاهِهِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني عَمْرُو بن أبي عَمْرٍو عن بن عُمَرَ أَنَّهُ غَدَا مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يوم الْعِيدِ إلَى الْمُصَلَّى ثُمَّ رَجَعَ إلَى بَيْتِهِ لم يُصَلِّ قبل الْعِيدِ وَلَا بَعْدَهُ أخبرنا الرَّبِيعُ قال + قال الشَّافِعِيُّ وَهَكَذَا أُحِبُّ للأمام لِمَا جاء في الحديث عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلِمَا أَمَرَنَا بِهِ أَنْ يَغْدُوَ من مَنْزِلِهِ قبل أَنْ تَحِلَّ صَلَاةُ النَّافِلَةِ وَنَأْمُرُهُ إذَا جاء الْمُصَلَّى أَنْ يَبْدَأَ بِصَلَاةِ الْعِيدِ وَنَأْمُرُهُ إذَا خَطَبَ أَنْ يَنْصَرِفَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَمُخَالِفٌ للامام لِأَنَّا نَأْمُرُ الْمَأْمُومَ بِالنَّافِلَةِ قبل الْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا وَنَأْمُرُ الْإِمَامَ أَنْ يَبْدَأَ بِالْخُطْبَةِ ثُمَّ بِالْجُمُعَةِ لَا يَتَنَفَّلُ وَنُحِبُّ له أَنْ يَنْصَرِفَ حتى تَكُونَ نَافِلَتُهُ في بَيْتِهِ وَأَنَّ الْمَأْمُومَ خِلَافُ الْإِمَامِ ( قال ) وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَتَنَفَّلَ الْمَأْمُومُ قبل صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا في بَيْتِهِ وفي الْمَسْجِدِ وَطَرِيقِهِ والمصلي وَحَيْثُ أَمْكَنَهُ التَّنَفُّلُ إذَا حَلَّتْ صَلَاةُ النَّافِلَةِ بِأَنْ تَبْرُزَ الشَّمْسُ وقد تَنَفَّلَ قَوْمٌ قبل صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا وَآخَرُونَ قَبْلَهَا ولم يَتَنَفَّلُوا بَعْدَهَا وَآخَرُونَ بَعْدَهَا ولم يَتَنَفَّلُوا قَبْلَهَا وَآخَرُونَ تَرَكُوا التَّنَفُّلَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا وَهَذَا كما يَكُونُ في كل يَوْمٍ يَتَنَفَّلُونَ وَلَا يَتَنَفَّلُونَ وَيَتَنَفَّلُونَ فَيُقِلُّونَ وَيُكْثِرُونَ وَيَتَنَفَّلُونَ قبل الْمَكْتُوبَاتِ وَبَعْدَهَا وَقَبْلَهَا وَلَا يَتَنَفَّلُونَ بَعْدَهَا وَيَدَعُونَ التَّنَفُّلَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا لِأَنَّ كُلَّ هذا مُبَاحٌ وَكَثْرَةُ الصَّلَوَاتِ على كل حَالٍ أَحَبُّ إلَيْنَا ( قال ) وَجَمِيعُ النَّوَافِلِ في الْبَيْتِ أَحَبُّ إلى منها ظَاهِرًا إلَّا في يَوْمِ الْجُمُعَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال أخبرني سَعْدُ بن إِسْحَاقَ عن عبد الْمَلِكِ بن كَعْبٍ أَنَّ كَعْبَ بن عُجْرَةَ لم يَكُنْ يصلى قبل الْعِيدِ وَلَا بَعْدَهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأُحِبُّ أَنْ يَصْنَعَ الْإِمَامُ مِثْلَ هذا وَأَنْ يَقِفَ في مَوْضِعٍ فَيَدْعُو اللَّهَ عز وجل مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَإِنْ لم يَفْعَلْ فَلَا كَفَّارَةَ وَلَا إعَادَةَ عليه - * الْخُرُوجُ إلَى الْأَعْيَادِ - *

(1/234)


(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَذَانَ إلَّا لِلْمَكْتُوبَةِ فَإِنَّا لم نَعْلَمْهُ أُذِّنَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَّا لِلْمَكْتُوبَةِ وَأُحِبُّ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ في الْأَعْيَادِ وما جُمِعَ الناس له من الصَّلَاةِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ أو إنَّ الصَّلَاةَ وَإِنْ قال هَلُمَّ إلَى الصَّلَاةِ لم نَكْرَهْهُ وَإِنْ قال حَيَّ على الصَّلَاةِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كُنْت أُحِبُّ أَنْ يَتَوَقَّى ذلك لِأَنَّهُ من كَلَامِ الْأَذَانِ وَأُحِبُّ أَنْ يَتَوَقَّى جَمِيعَ كَلَامِ الْأَذَانِ وَلَوْ أَذَّنَ أو قام لِلْعِيدِ كَرِهْتُهُ له وَلَا إعَادَةَ عليه - * أَنْ يُبْدَأَ بِالصَّلَاةِ قبل الْخُطْبَةِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ قال سمعت عَطَاءَ بن أبي رَبَاحٍ يقول سمعت بن عَبَّاسٍ يقول أَشْهَدُ على رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ صلى قبل الْخُطْبَةِ يوم الْعِيدِ ثُمَّ خَطَبَ فَرَأَى أَنَّهُ لم يَسْمَعْ النِّسَاءِ فَأَتَاهُنَّ فَذَكَّرَهُنَّ وَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ وَمَعَهُ بِلَالٌ قَائِلٌ بِثَوْبِهِ هَكَذَا فَجَعَلَتْ الْمَرْأَةُ تلقى الْخَرْصَ وَالشَّيْءَ أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني أبو بَكْرِ بن عمر ( ( ( عمرو ) ) ) بن عبد الْعَزِيزِ عن سَالِمِ بن عبد اللَّهِ عن بن عُمَرَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يُصَلُّونَ في الْعِيدَيْنِ قبل الْخُطْبَةِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني عُمَرُ بن نَافِعٍ عن أبيه عن بن عُمَرَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ يُصَلُّونَ في الْعِيدَيْنِ قبل الْخُطْبَةِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال أخبرنا محمد بن عَجْلَانَ عن عِيَاضِ بن عبد اللَّهِ بن سَعْدِ بن أبي سَرْحٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قال أَرْسَلَ إلَيَّ مَرْوَانَ وإلى رَجُلٍ قد سَمَّاهُ فَمَشَى بِنَا حتى أتى الْمُصَلَّى فَذَهَبَ لِيَصْعَدَ فَجَبَذْتُهُ إلى فقال يا أَبَا سَعِيدٍ تَرَكَ الذي تَعْلَمُ قال أبو سَعِيدٍ فَهَتَفْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فقلت وَاَللَّهِ لَا تَأْتُونَ إلَّا شَرًّا منه
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني دَاوُد بن الْحُصَيْنِ عن عبد اللَّهِ بن يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانُوا يَبْتَدِئُونَ بِالصَّلَاةِ قبل الْخُطْبَةِ حتى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ فَقَدَّمَ الْخُطْبَةَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني زَيْدُ بن أَسْلَمَ عن عِيَاضِ بن عبد اللَّهِ بن سَعْدٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قال كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يُصَلِّي يوم الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى قبل الْخُطْبَةِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن وَهْبِ بن كَيْسَانَ قال رأيت بن الزُّبَيْرِ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قبل الْخُطْبَةِ ثُمَّ قال كُلُّ سُنَنِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قد غُيِّرَتْ حتى الصَّلَاةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَبِهَذَا نَأْخُذُ وَفِيهِ دَلَائِلُ منها أَنْ لَا بَأْسَ أَنْ يَخْطُبَ الْإِمَامُ قَائِمًا على الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ رَوَى أبو سَعِيدٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْطُبَ الْإِمَامُ على رَاحِلَتِهِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني هِشَامُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وروى هذا عن بن مَسْعُودٍ أو أبي مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَجَابِرٍ وبن أبي أَوْفَى وَشُرَيْحٍ وبن مَعْقِلٍ وروى عن سَهْلِ بن سَعْدٍ وَعَنْ رَافِعِ بن خَدِيجٍ أَنَّهُمَا كَانَا يُصَلِّيَانِ قبل الْعِيدِ وَبَعْدَهُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني عبد اللَّهِ بن مُحَمَّدِ بن عَقِيلٍ عن مُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بن الْحَنَفِيَّةِ عن أبيه قال كنا في عَهْدِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يوم الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى لَا نصلى في الْمَسْجِدِ حتى نأتى الْمُصَلَّى فإذا رَجَعْنَا مَرَرْنَا بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّيْنَا فيه - * من قال لَا أذان لِلْعِيدَيْنِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الثِّقَةُ عن الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قال لم يُؤَذَّنْ لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا لِأَبِي بَكْرٍ وَلَا لِعُمَرَ وَلَا لِعُثْمَانَ في الْعِيدَيْنِ حتى أَحْدَثَ ذلك مُعَاوِيَةُ بِالشَّامِ فَأَحْدَثَهُ الْحَجَّاجُ بِالْمَدِينَةِ حين أُمِّرَ عليها وقال الزُّهْرِيُّ وكان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَأْمُرُ في الْعِيدَيْنِ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ

(1/235)


حَسَّانَ عن بن سِيرِينَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَخْطُبُ على رَاحِلَتِهِ بعد ما يَنْصَرِفُ من الصَّلَاةِ يوم الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا ابْتَدَأَ الْإِمَامُ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ كَبَّرَ لِلدُّخُولِ في الصَّلَاةِ ثُمَّ افْتَتَحَ كما يَفْتَتِحُ في الْمَكْتُوبَةِ فقال وَجَّهْت وَجْهِي وما بَعْدَهَا ثُمَّ كَبَّرَ سَبْعًا ليس فيها تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ قَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ فإذا قام في الثَّانِيَةِ قام بِتَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ ثُمَّ كَبَّرَ خَمْسًا سِوَى تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ ثُمَّ قَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ كما وَصَفْتُ روى عن بن عَبَّاسٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْأَحَادِيثُ كُلُّهَا تَدُلُّ عليه لِأَنَّهُمْ يُشْبِهُونَ أَنْ يَكُونُوا إنَّمَا حَكُّوا من تكبيرة ما أَدْخَلَ في صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ من التَّكْبِيرِ مِمَّا ليس في الصَّلَاةِ غَيْرُهُ وَكَمَا لم يُدْخِلُوا التَّكْبِيرَةَ التي قام بها في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مع الْخَمْسِ كَذَلِكَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونُوا لم يُدْخِلُوا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ في الْأُولَى مع السَّبْعِ بَلْ هو أَوْلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ مع السَّبْعِ لِأَنَّهُ لم يَدْخُلْ في الصَّلَاةِ إلَّا بها ثُمَّ يقول وَجَّهْت وَجْهِي وَلَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَةَ التي قوم ( ( ( يقوم ) ) ) بها لم تَفْسُدْ صَلَاتُهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ ثُمَّ بَدَأَ بِالتَّكْبِيرَةِ الأولي من السَّبْعَةِ بَعْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ فَكَبَّرَهَا ثُمَّ وَقَفَ بين الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ قَدْرَ قِرَاءَةِ آيَةٍ لَا طَوِيلَةٍ وَلَا قَصِيرَةٍ فَيُهَلِّلُ اللَّهَ عز وجل وَيُكَبِّرُهُ وَيَحْمَدُهُ ثُمَّ صَنَعَ هذا بين كل تَكْبِيرَتَيْنِ من السَّبْعِ وَالْخَمْسِ ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَإِنْ أَتْبَعَ بَعْضَ التَّكْبِيرِ بَعْضًا ولم يَفْصِلْ بَيْنَهُ بِذِكْرِ كَرِهْتُ ذلك له وَلَا إعَادَةَ عليه وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ عليه ( قال ) فَإِنْ نسى التَّكْبِيرَ أو بَعْضَهُ حتى يَفْتَتِحَ الْقِرَاءَةَ فَقَطَعَ الْقِرَاءَةَ وَكَبَّرَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْقِرَاءَةِ لم تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَا آمُرُهُ إذَا افْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ أَنْ يَقْطَعَهَا وَلَا إذَا فَرَغَ منها أَنْ يُكَبِّرَ وَآمُرُهُ أَنْ يُكَبِّرَ في الثَّانِيَةِ تَكْبِيرَهَا لا يَزِيدُ عليه لِأَنَّهُ ذِكْرٌ في مَوْضِعٍ إذَا مَضَى الْمَوْضِعُ لم يَكُنْ على تَارِكِهِ قَضَاؤُهُ في غَيْرِهِ كما لَا آمُرُهُ أَنْ يُسَبِّحَ قَائِمًا إذَا تَرَكَ التَّسْبِيحَ رَاكِعًا أو سَاجِدًا ( قال ) وَلَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَاتِ السَّبْعَ وَالْخَمْسَ عَامِدًا أو نَاسِيًا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْطُبَ على مِنْبَرٍ فَمَعْلُومٌ عنه صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ خَطَبَ على الْمِنْبَرِ يوم الْجُمُعَةِ وَقَبْلَ ذلك كان يَخْطُبُ على رِجْلَيْهِ قَائِمًا إلَى جِذْعٍ وَمِنْهَا أَنْ لَا بَأْسَ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ الرِّجَالُ وَإِنْ رَأَى أَنَّ النِّسَاءَ وَجَمَاعَةً من الرِّجَالِ لم يَسْمَعُوا خُطْبَتَهُ لم أَرَ بَأْسًا أَنْ يَأْتِيَهُمْ فَيَخْطُبَ خُطْبَةً خَفِيفَةً يَسْمَعُونَهَا وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عليه لِأَنَّهُ لم يُرْوَ ذلك عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَّا مَرَّةً وقد خَطَبَ خُطَبًا كَثِيرَةً وفي ذلك دَلَالَةٌ على أَنَّهُ فَعَلَ وَتَرَكَ وَالتَّرْكُ أَكْثَرُ ( قال ) وَلَا يَخْطُبُ الْإِمَامُ في الْأَعْيَادِ إلَّا قَائِمًا لِأَنَّ خُطَبَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كانت قَائِمًا إلَّا أَنْ تَكُونَ عِلَّةٌ فَتَجُوزُ الْخُطْبَةُ جَالِسًا كما تَجُوزُ الصَّلَاةُ جَالِسًا من عِلَّةٍ ( قال ) وَيَبْدَأُ في الْأَعْيَادِ بِالصَّلَاةِ قبل الْخُطْبَةِ وَإِنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قبل الصَّلَاةِ رأيت أَنْ يُعِيدَ الْخُطْبَةَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَإِنْ لم يَفْعَلْ لم يَكُنْ عليه إعَادَةُ صَلَاةٍ وَلَا كَفَّارَةٌ كما لو صلى ولم يَخْطُبْ لم يَكُنْ عليه إعَادَةُ خُطْبَةٍ وَلَا صَلَاةٍ وَيَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ بَيْنَهُمَا جُلُوسٌ كما يَصْنَعُ في الْجُمُعَةِ - * التَّكْبِيرُ في صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني جَعْفَرُ بن مُحَمَّدٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَبَّرُوا في الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ سَبْعًا وَخَمْسًا وَصَلَّوْا قبل الْخُطْبَةِ وَجَهَرُوا بِالْقِرَاءَةِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن جَعْفَرٍ عن أبيه عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه أَنَّهُ كَبَّرَ في الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ سَبْعًا وَخَمْسًا وَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني إِسْحَاقُ بن عبد اللَّهِ عن عُثْمَانَ بن عُرْوَةَ عن أبيه أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ وَزَيْدَ بن ثَابِتٍ أَمَرَا مَرْوَانَ أَنْ يُكَبِّرَ في صَلَاةِ الْعِيدِ سَبْعًا وَخَمْسًا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ مولى بن عُمَرَ قال شَهِدْت الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى مع أبي هُرَيْرَةَ فَكَبَّرَ في الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ قبل الْقِرَاءَةِ وفي الْآخِرَةِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ قبل الْقِرَاءَةِ

(1/236)


لم يَكُنْ عليه إعَادَةٌ وَلَا سُجُودُ سَهْوٍ عليه لِأَنَّهُ ذِكْرٌ لَا يُفْسِدُ تَرْكُهُ الصَّلَاةَ وَأَنَّهُ ليس عَمَلًا يُوجِبُ سُجُودَ السَّهْوِ ( قال ) وَإِنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ ثُمَّ ذَكَرَهُ فَكَبَّرَ أَحْبَبْتُ أَنْ يَعُودَ لِقِرَاءَةٍ ثَانِيَةٍ وَإِنْ لم يَفْعَلْ لم يَجِبْ عليه أَنْ يَعُودَ ولم تَفْسُدْ صَلَاتُهُ ( قال ) فَإِنْ نقص ( ( ( نفض ) ) ) مِمَّا أَمَرْتُهُ بِهِ من التَّكْبِيرِ شيئا كَرِهْتُهُ له وَلَا إعَادَةَ وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ عليه إلَّا أَنْ يَذْكُرَ التَّكْبِيرَ قبل أَنْ يَقْرَأَ فَيُكَبِّرَ ما تَرَكَ منه ( قال ) وَإِنْ زَادَ على ما أَمَرْتُهُ بِهِ من التَّكْبِيرِ شيئا كَرِهْتُهُ له وَلَا إعَادَةَ وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ عليه لِأَنَّهُ ذِكْرٌ لَا يُفْسِد الصَّلَاةَ وَإِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ يَضَعَ كُلًّا مَوْضِعَهُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ كَبَّرَ سَبْعًا أو أَكْثَرَ أو أَقَلَّ وَأَنَّهُ نَوَى بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ لَا يَدْرِي أَهِيَ الْأُولَى أو الثَّانِيَةُ أو الْآخِرَةُ من تَكْبِيرِهِ افْتَتَحَ تِلْكَ الصَّلَاةَ بِقَوْلِ وَجَّهْت وَجْهِي وما بَعْدَهَا لِأَنَّهُ مُسْتَيْقِنٌ لِأَنَّهُ قد كَبَّرَ لِلِافْتِتَاحِ ثُمَّ ابْتَدَأَ تَكْبِيرَهُ سَبْعًا بَعْدَ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ قد كَبَّرَ لِلِافْتِتَاحِ بين ظَهْرَانَيْ تَكْبِيرِهِ ثُمَّ كَبَّرَ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ لَا يَدْرِي أَوَاحِدَةٌ أو أَكْثَرُ بَنَى على ما اسْتَيْقَنَ من التَّكْبِيرِ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ حتى يُكْمِلَ سَبْعًا ( قال ) وَإِنْ كَبَّرَ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ ثُمَّ تَرَكَ الِاسْتِفْتَاحَ حتى كَبَّرَ لِلْعِيدِ ثُمَّ ذَكَرَ الِاسْتِفْتَاحَ لم يَكُنْ عليه أَنْ يَسْتَفْتِحَ فَإِنْ فَعَلَ أَحْبَبْتُ أَنْ يُعِيدَ تَكْبِيرَهُ لِلْعِيدِ سَبْعًا حتى تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بَعْدَ الِاسْتِفْتَاحِ فَإِنْ لم يَفْعَلْ فَلَا إعَادَةَ وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ عليه - * رَفْعُ الْيَدَيْنِ في تَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَفَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَدَيْهِ حين افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَحِين أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ وَحِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ من الرُّكُوعِ ولم يَرْفَعْ في السُّجُودِ فلما رَفَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في كل ذِكْرِ تكبيره وَقَوْلَ سمع اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وكان حين يَذْكُرُ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ رَافِعًا يَدَيْهِ قَائِمًا أو رَافِعًا إلَى قِيَامٍ من غَيْرِ سُجُودٍ فلم يَجُزْ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَرْفَعُ الْمُكَبِّرُ في الْعِيدَيْنِ يَدَيْهِ عِنْدَ كل تَكْبِيرَةٍ كان قَائِمًا فيها تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ وَالسَّبْعُ بَعْدَهَا وَالْخَمْسُ في الثَّانِيَةِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ سمع اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الذي رَفَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فيه يَدَيْهِ من الصَّلَاةِ فَإِنْ تَرَكَ ذلك كُلَّهُ عَامِدًا أو سَاهِيًا أو بَعْضَهُ كَرِهْتُ ذلك له وَلَا إعَادَةَ لِلتَّكْبِيرِ عليه وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ ( قال ) وَكَذَلِكَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا كَبَّرَ على الْجِنَازَةِ عِنْدَ كل تَكْبِيرَةٍ وإذا كَبَّرَ لِسَجْدَةٍ سَجَدَهَا شُكْرًا أو سَجْدَةٍ لِسُجُودِ الْقُرْآنِ كان قَائِمًا أو قَاعِدًا لِأَنَّهُ مُبْتَدِئٌ بِتَكْبِيرٍ فَهُوَ في مَوْضِعِ الْقِيَامِ وَكَذَلِكَ إنْ صلى قَاعِدًا في شَيْءٍ من هذه الصَّلَوَاتِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ لِأَنَّهُ في مَوْضِعِ قِيَامٍ وَكَذَلِكَ صَلَاةُ النَّافِلَةِ وَكُلُّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا قَائِمًا أو قَاعِدًا لِأَنَّهُ كُلٌّ في مَوْضِعِ قِيَامٍ - * الْقِرَاءَةُ في الْعِيدَيْنِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن ضَمْرَةَ بن سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ عن أبيه عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ ما كان يَقْرَأُ بِهِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ فقال كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَقْرَأُ بِ { ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ } وَ { اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأُحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ في الْعِيدَيْنِ في الرَّكْعَةِ الْأُولَى ب ق وفي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِ { اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ } وَكَذَلِكَ أُحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ في الِاسْتِسْقَاءِ وَإِنْ قَرَأَ في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ من الِاسْتِسْقَاءِ { إنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا } أَحْبَبْتُ ذلك ( قال ) وإذا قَرَأَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ كَبَّرَ في الْأُولَى سَبْعًا أو أَكْثَرَ أو أَقَلَّ وَشَكَّ هل نَوَى بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ لم تُجْزِهِ صَلَاتُهُ وكان عليه حين شَكَّ أَنْ يَبْتَدِئَ فَيَنْوِيَ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ مَكَانَهُ ثُمَّ يَبْتَدِئَ الِافْتِتَاحَ وَالتَّكْبِيرَ وَالْقِرَاءَةَ وَلَا يُجْزِئُهُ حتى يَكُونَ في حَالِهِ تِلْكَ كَمَنْ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ في تِلْكَ الْحَالِ

(1/237)


بِأُمِّ الْقُرْآنِ في كل رَكْعَةٍ مِمَّا وَصَفْتُ أَجْزَأَهُ ما قَرَأَ بِهِ مَعَهَا أو اقْتَصَرَ عليها أَجْزَأَتْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى من غَيْرِهَا وَلَا يُجْزِيهِ غَيْرُهَا منها ( قال ) وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَإِنْ خَافَتْ بها كَرِهْتُ ذلك له وَلَا إعَادَةَ عليه وَكَذَلِكَ إذَا جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ فيه كَرِهْتُ له وَلَا إعَادَةَ عليه - * الْعَمَلُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان إذَا خَطَبَ اعْتَمَدَ على عَصًا وقد قِيلَ خَطَبَ مُعْتَمِدًا على عَنَزَةٍ وَعَلَى قَوْسٍ وَكُلُّ ذلك اعْتِمَادٌ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن لَيْثٍ عن عَطَاءٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان إذَا خَطَبَ يَعْتَمِدُ على عَنَزَتِهِ اعْتِمَادًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ لِكُلِّ من خَطَبَ أَيَّ خُطْبَةٍ كانت أَنْ يَعْتَمِدَ على شَيْءٍ وَإِنْ تَرَكَ الِاعْتِمَادَ أَحْبَبْتُ له أَنْ يُسْكِنَ يَدَيْهِ وَجَمِيعَ بَدَنِهِ وَلَا يَعْبَثُ بِيَدَيْهِ إمَّا أَنْ يَضَعَ اليمني على الْيُسْرَى وَإِمَّا أَنْ يُسْكِنَهُمَا وَإِنْ لم يَضَعْ إحْدَاهُمَا على الْأُخْرَى وَتَرَكَ ما أَحْبَبْتُ له كُلَّهُ أو عَبِثَ بِهِمَا أو وَضَعَ الْيُسْرَى على اليمنى كَرِهْتُهُ له وَلَا إعَادَةَ عليه - * الْفَصْلُ بين الْخُطْبَتَيْنِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني عبد الرحمن بن مُحَمَّدِ بن عبد اللَّهِ عن إبْرَاهِيمِ بن عبد اللَّهِ عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد اللَّهِ بن عُتْبَةَ قال السُّنَّةُ أَنْ يَخْطُبَ الْإِمَامُ في الْعِيدَيْنِ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ خُطْبَةُ الِاسْتِسْقَاءِ وَخُطْبَةُ الْكُسُوفِ وَخُطْبَةُ الْحَجِّ وَكُلُّ خُطْبَةِ جَمَاعَةٍ ( قال ) وَيَبْدَأُ الْإِمَامُ في هذا كُلِّهِ إذَا ظَهَرَ على الْمِنْبَرِ فَيُسَلِّمُ وَيَرُدُّ الناس عليه فإن هذا يُرْوَى عَالِيًا ثُمَّ يَجْلِسُ على الْمِنْبَرِ حين يَطْلُعُ عليه جِلْسَةً خَفِيفَةً كَجُلُوسِ الْإِمَامِ يوم الْجُمُعَةِ لِلْأَذَانِ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ ثُمَّ يَجْلِسُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ الْأُولَى جِلْسَةً أَخَفَّ من هذه أو مِثْلَهَا ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ ثُمَّ يَنْزِلُ ( قال ) فَالْخُطَبُ كُلُّهَا سَوَاءٌ فِيمَا وَصَفْتُ وفي أَنْ لَا يَدَعَ الصَّلَاةَ على رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِأَبِي وَأُمِّي هو أَوَّلَ كَلَامِهِ وَآخِرَهُ ( قال ) وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ على مِنْبَرٍ وَعَلَى بِنَاءٍ وَتُرَابٍ مُرْتَفِعٍ وَعَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى رَاحِلَتِهِ كُلُّ ذلك وَاسِعٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ خَطَبَ في غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ خُطْبَةً وَاحِدَةً وَتَرَكَ الْخُطْبَةَ أو شيئا مِمَّا أَمَرْتُهُ بِهِ فيها فَلَا إعَادَةَ عليه وقد أَسَاءَ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ تُخَالِفُ هذا فَإِنْ تَرَكَهَا صلى ظُهْرًا أَرْبَعًا لِأَنَّهَا إنَّمَا جُعِلَتْ جُمُعَةً بِالْخُطْبَةِ فإذا لم تَكُنْ صُلِّيَتْ ظُهْرًا وكل ( ( ( كل ) ) ) ما سِوَى الْجُمُعَةِ لَا يُحِيلُ فَرْضًا إلي غَيْرِهِ - * التَّكْبِيرُ في الْخُطْبَةِ في الْعِيدَيْنِ - * + أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن عبد الرحمن بن مُحَمَّدِ بن عبد اللَّهِ عن إبْرَاهِيمِ بن عبد اللَّهِ عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد اللَّهِ بن عُتْبَةَ قال السُّنَّةُ في التَّكْبِيرِ يوم الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ على الْمِنْبَرِ قبل الْخُطْبَةِ أَنْ يَبْتَدِئَ الْإِمَامُ قبل أَنْ يَخْطُبَ وهو قَائِمٌ على الْمِنْبَرِ بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ تَتْرَى لَا يَفْصِلُ بَيْنَهَا بِكَلَامٍ ثُمَّ يَخْطُبُ ثُمَّ يَجْلِسُ جِلْسَةً ثُمَّ يَقُومُ في الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ فَيَفْتَتِحُهَا بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ تَتْرَى لَا يَفْصِلُ بَيْنَهَا بِكَلَامٍ ثُمَّ يَخْطُبُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَالتَّشَهُّدُ في صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ كَهُوَ في سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لَا يَخْتَلِفُ وَلَا قُنُوتَ في صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَلَا الِاسْتِسْقَاءِ وَإِنْ قَنَتَ عِنْدَ نَازِلَةٍ لم أَكْرَهْ وَإِنْ قَنَتَ عِنْدَ غَيْرِ نَازِلَةٍ كَرِهْتُ له - * الْخُطْبَةُ على الْعَصَا - *

(1/238)


الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال أخبرني إسْمَاعِيلُ بن أُمَيَّةَ أَنَّهُ سمع أَنَّ التَّكْبِيرَ في الْأُولَى من الْخُطْبَتَيْنِ تِسْعٌ وفي الْآخِرَةِ سَبْعٌ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرني الثِّقَةُ من أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ أُثْبِتَ له كِتَابٌ عن أبي هُرَيْرَةَ فيه تَكْبِيرُ الْإِمَامِ في الْخُطْبَةِ الْأُولَى يوم الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى إحْدَى أو ثَلَاثًا وَخَمْسِينَ تَكْبِيرَةً في فُصُولِ الْخُطْبَةِ بين ظَهْرَانَيْ الْكَلَامِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرني من أَثِقُ بِهِ من أَهْلِ الْعِلْمِ من أَهْلِ الْمَدِينَةِ قال أخبرني من سمع عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ وهو خَلِيفَةٌ يوم فِطْرٍ فَظَهَرَ على الْمِنْبَرِ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قال إنَّ شِعَارَ هذا الْيَوْمِ التَّكْبِيرُ وَالتَّحْمِيدُ ثُمَّ كَبَّرَ مِرَارًا اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ثُمَّ تَشَهَّدَ لِلْخُطْبَةِ ثُمَّ فَصَلَ بين التَّشَهُّدِ بِتَكْبِيرَةٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ أو التَّسْلِيمَ على الْمِنْبَرِ أو بَعْضَ ما أَمَرْتُهُ بِهِ كَرِهْتُهُ له وَلَا إعَادَةَ عليه في شَيْءٍ من هذا إذَا كان غير خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ - * اسْتِمَاعُ الْخُطْبَةِ في الْعِيدَيْنِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأُحِبُّ لِمَنْ حَضَرَ خُطْبَةَ عِيدٍ أو اسْتِسْقَاءٍ أو حَجٍّ أو كُسُوفٍ أَنْ يُنْصِتَ وَيَسْتَمِعَ وَأُحِبُّ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ أَحَدٌ حتى يَسْتَمِعَ الْخُطْبَةَ فَإِنْ تَكَلَّمَ أو تَرَكَ الِاسْتِمَاعَ أو انْصَرَفَ كَرِهْتُ ذلك له وَلَا إعَادَةَ عليه وَلَا كَفَّارَةَ وَلَيْسَ هذا كَخُطْبَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ صَلَاةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَرْضٌ ( قال ) وَكَذَلِكَ أُحِبُّ لِلْمَسَاكِينِ إنْ حَضَرُوا أَنْ يَسْتَمِعُوا الْخُطْبَةَ وَيَكُفُّوا عن الْمَسْأَلَةِ حتى يَفْرُغَ الْإِمَامُ من الْخُطْبَةِ
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني يَزِيدُ بن عبد اللَّهِ بن الْهَادِ أَنَّ عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ كان يَتْرُكُ الْمَسَاكِينَ يَطُوفُونَ يَسْأَلُونَ الناس في الْمُصَلَّى في خُطْبَتِهِ الْأُولَى يوم الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ وإذا خَطَبَ خُطْبَتَهُ الْآخِرَةَ أَمَرَ بِهِمْ فَأُجْلِسُوا ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ الْأُولَى والأخرة أَكْرَهُ لهم الْمَسْأَلَةَ فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا شَيْءَ عليهم فيها إلَّا تَرْكَ الْفَضْلِ في الِاسْتِمَاعِ - * اجْتِمَاعُ الْعِيدَيْنِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن عُقْبَةَ عن عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ قال اجْتَمَعَ عِيدَانِ على عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال من أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ من أَهْلِ الْعَالِيَةِ فَلْيَجْلِسْ في غَيْرِ حَرَجٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن أبي عُبَيْدٍ مولى أبن أَزْهَرَ قال شَهِدْتُ الْعِيدَ مع عُثْمَانَ بن عَفَّانَ فَجَاءَ فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ فقال إنَّهُ قد اجْتَمَعَ لَكُمْ في يَوْمِكُمْ هذا عِيدَانِ فَمَنْ أَحَبَّ من أَهْلِ الْعَالِيَةِ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ فَلْيَنْتَظِرْهَا وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ فَقَدْ أَذِنْتُ له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان يَوْمُ الْفِطْرِ يوم الْجُمُعَةِ صلى الْإِمَامُ الْعِيدَ حين تَحِلُّ الصَّلَاةُ ثُمَّ أَذِنَ لِمَنْ حَضَرَهُ من غَيْرِ أَهْلِ الْمِصْرِ في أَنْ يَنْصَرِفُوا إنْ شاؤوا إلَى أَهْلِيهِمْ وَلَا يَعُودُونَ إلَى الْجُمُعَةِ وَالِاخْتِيَارُ لهم أَنْ يُقِيمُوا حتى يَجْمَعُوا أو يَعُودُوا بَعْدَ انْصِرَافِهِمْ إنْ قَدَرُوا حتى يَجْمَعُوا وَإِنْ لم يَفْعَلُوا فَلَا حَرَجَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَجُوزُ هذا لِأَحَدٍ من أَهْلِ الْمِصْرِ أَنْ يُدْعَوْا أَنْ يَجْمَعُوا إلَّا من عُذْرٍ يَجُوزُ لهم بِهِ تَرْكُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كان يوم عِيدٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا إنْ كان يوم الْأَضْحَى لَا يَخْتَلِفُ إذَا كان بِبَلَدٍ يَجْمَعُ فيه الْجُمُعَةَ ويصلى الْعِيدَ وَلَا يصلى أَهْلُ مِنًى صَلَاةَ الْأَضْحَى وَلَا الْجُمُعَةَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمِصْرٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ يوم جُمُعَةٍ وَوَافَقَ ذلك يوم الْفِطْرِ بَدَأَ بِصَلَاةِ الْعِيدِ ثُمَّ صلى الْكُسُوفَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِقَوْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد اللَّهِ نَقُولُ فَنَأْمُرُ الْإِمَامَ إذَا قام يَخْطُبُ الْأُولَى أَنْ يُكَبِّرَ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ تَتْرَى لَا كَلَامَ بَيْنَهُنَّ فإذا قام لِيَخْطُبَ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ أَنْ يُكَبِّرَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ تتري لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِكَلَامٍ يقول اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ حتى يوفى سَبْعًا فَإِنْ أَدْخَلَ بين التَّكْبِيرَتَيْنِ الْحَمْدَ وَالتَّهْلِيلَ كان حَسَنًا وَلَا يُنْقِصُ من عَدَدِ التَّكْبِيرِ شيئا وَيَفْصِلُ بين خُطْبَتَيْهِ بِتَكْبِيرٍ

(1/239)


إنْ لم تَنْجَلِ الشَّمْسُ قبل أَنْ يَدْخُلَ في الصَّلَاةِ ( قال ) وإذا كَسَفَتْ الشَّمْسُ وَالْإِمَامُ في صَلَاةِ الْعِيدِ أو بَعْدَهُ قبل أَنْ يَخْطُبَ صلى صَلَاةَ الْكُسُوفِ ثُمَّ خَطَبَ لِلْعِيدِ وَالْكُسُوفِ مَعًا خُطْبَتَيْنِ يَجْمَعُ الْكَلَامَ لِلْكُسُوفِ وَلِلْعِيدِ فِيهِمَا وَإِنْ كان تَكَلَّمَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ ثُمَّ كَسَفَتْ الشَّمْسُ خَفَّفَ الْخُطْبَتَيْنِ مَعًا وَنَزَلَ فَصَلَّى الْكُسُوفَ ثُمَّ خَطَبَ لِلْكُسُوفِ ثُمَّ أَذِنَ لِمَنْ أَهْلُهُ في غَيْرِ الْمِصْرِ بِالِانْصِرَافِ كما وَصَفْتُ وَلَا يَجُوزُ هذا لِأَحَدٍ من أَهْلِ الْمِصْرِ قَدَرَ على شُهُودِ الْجُمُعَةِ فَإِنْ وَافَقَ هذا يوم فِطْرٍ وَجُمُعَةٍ وَكُسُوفٍ وَجَدْبٍ فَأَرَادَ أَنْ يستسقى أَخَّرَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ إلَى الْغَدِ أو بَعْدَهُ وَاسْتَسْقَى في خُطْبَتِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الِاسْتِسْقَاءَ ثُمَّ خَطَبَ قال أبو يَعْقُوبَ يَبْدَأُ بِالْكُسُوفِ ثُمَّ بِالْعِيدِ ما لم تَزَلْ الشَّمْسُ ثُمَّ بِالْجُمُعَةِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ لِأَنَّ لِكُلِّ هذا وَقْتًا وَلَيْسَ لِلِاسْتِسْقَاءِ وَقْتٌ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا أُرَخِّصُ لِأَحَدٍ في تَرْكِ حُضُورِ الْعِيدَيْنِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَأَحَبُّ إلى أَنْ يصلي الْعِيدَانِ وَالْكُسُوفُ بِالْبَادِيَةِ التي لَا جُمُعَةَ فيها وَتُصَلِّيهَا الْمَرْأَةُ في بَيْتِهَا وَالْعَبْدُ في مَكَانِهِ لِأَنَّهُ ليس بِإِحَالَةِ فَرْضٍ وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ تَرْكَهَا ( قال ) وَمَنْ صَلَّاهَا صَلَّاهَا كَصَلَاةِ الْإِمَامِ بِتَكْبِيرِهِ وَعَدَدِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ في ذلك الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مع الْإِمَامِ وَوَجَدَ الْإِمَامَ يَخْطُبُ جَلَسَ فإذا فَرَغَ الامام صلى صَلَاةَ الْعِيدِ في مَكَانِهِ أو بَيْتِهِ أو طَرِيقِهِ كما يُصَلِّيهَا الْإِمَامُ بِكَمَالِ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ وَإِنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ من فَاتَتْهُ أو تَرَكَهَا من لَا تَجِبُ عليه الْجُمُعَةُ كَرِهْتُ ذلك له ( قال ) وَلَا قَضَاءَ عليه وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الْكُسُوفِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا بَأْسَ إنْ صلى قَوْمٌ مُسَافِرُونَ صَلَاةَ عِيدٍ أو كُسُوفٍ أَنْ يَخْطُبَهُمْ وَاحِدٌ منهم في السَّفَرِ وفي الْقَرْيَةِ التي لَا جُمُعَةَ فيها وَأَنْ يُصَلُّوهَا في مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ في الْمِصْرِ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَخْطُبَهُمْ أَحَدٌ في الْمِصْرِ إذَا كان فيه إمَامٌ خَوْفَ الْفُرْقَةِ ( قال ) وإذا شَهِدَ النِّسَاءُ الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ وَشَهِدَهَا الْعَبِيدُ وَالْمُسَافِرُونَ فَهُمْ كَالْأَحْرَارِ الْمُقِيمِينَ من الرِّجَالِ وَيُجْزِئُ كُلًّا فيها ما يُجْزِئُ كُلًّا ( قال ) وَأُحِبُّ شُهُودَ النِّسَاءِ الْعَجَائِزِ وَغَيْرِ ذَوَاتِ الْهَيْئَةِ الصَّلَاةَ وَالْأَعْيَادَ وأنا لِشُهُودِهِنَّ الْأَعْيَادَ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا منى لِشُهُودِهِنَّ غَيْرَهَا من الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ ( قال ) وإذا أَرَادَ الرَّجُلُ الْعِيدَ فَوَافَى الْمُنْصَرِفِينَ فَإِنْ شَاءَ مَضَى إلَى مُصَلَّى الْإِمَامِ فصلى فيه وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ فَصَلَّى حَيْثُ شَاءَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أُحِبُّ ان يستسقى في يَوْمِ الْجُمُعَةِ إلَّا على الْمِنْبَرِ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ أَوْجَبُ من الِاسْتِسْقَاءِ وَالِاسْتِسْقَاءُ يَمْنَعُ من بَعُدَ مَنْزِلُهُ قَلِيلًا من الْجُمُعَةِ أو يَشُقُّ عليه ( قال ) وَإِنْ اتَّفَقَ الْعِيدُ وَالْكُسُوفُ في سَاعَةٍ صلى الْكُسُوفَ قبل الْعِيدِ لِأَنَّ وَقْتَ الْعِيدِ إلَى الزَّوَالِ وَوَقْتَ الْكُسُوفِ ذَهَابُ الْكُسُوفِ فَإِنْ بَدَأَ بِالْعِيدِ فَفَرَغَ من الصَّلَاةِ قبل أَنْ تنجلى الشَّمْسُ صلى الْكُسُوفَ وَخَطَبَ لَهُمَا مَعًا وَإِنْ فَرَغَ من الصَّلَاةِ وقد تَجَلَّتْ الشَّمْسُ خَطَبَ لِلْعِيدِ وَإِنْ شَاءَ ذَكَرَ فيه الْكُسُوفَ - * من يَلْزَمُهُ حُضُورُ الْعِيدَيْنِ - *

(1/240)


- * التَّكْبِيرُ في الْعِيدَيْنِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُكَبِّرُ الْإِمَامُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ ما لم يَقُمْ من مَجْلِسِهِ فإذا قام من مَجْلِسِهِ لم يَكُنْ عليه أَنْ يَعُودَ إلَى مَجْلِسِهِ فَيُكَبِّرَ وَأُحِبُّ أَنْ يُكَبِّرَ مَاشِيًا كما هو أو في مَجْلِسٍ إنْ صَارَ إلَى غَيْرِ مَجْلِسِهِ ( قال ) وَلَا يَدَعُ من خَلْفَهُ التَّكْبِيرَ بِتَكْبِيرِهِ وَلَا يَدْعُونَهُ إنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ وَإِنْ قَطَعَ بِحَدِيثٍ وكان في مَجْلِسِهِ فَلَيْسَ عليه أَنْ يُكَبِّرَ من سَاعَتِهِ وأستحب له ذلك فإذا سَهَا لم يُكَبِّرْ حتى يُسَلِّمَ من سَجْدَتَيْ السَّهْوِ ( قال ) وإذا فَاتَ رَجُلًا معه شَيْءٌ من الصَّلَاةِ فَكَبَّرَ الْإِمَامُ قام الذي فَاتَهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ يقضى ما عليه فَإِنْ كان عليه سَهْوٌ سَجَدَ له فإذا سَلَّمَ كَبَّرَ وَيُكَبِّرُ خَلْفَ النَّوَافِلِ وَخَلْفَ الْفَرَائِضِ وَعَلَى كل حَالٍ - * كَيْفَ التَّكْبِيرُ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالتَّكْبِيرُ كما كَبَّرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الصَّلَاةِ اللَّهُ أَكْبَرُ فَيَبْدَأُ الْإِمَامُ فيقول اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ حتى يَقُولَهَا ثَلَاثًا وَإِنْ زَادَ تَكْبِيرًا فَحَسَنٌ وَإِنْ زَادَ فقال اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا اللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا نَعْبُدُ إلَّا اللَّهَ مُخْلِصِينَ له الدَّيْنَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فَحَسَنٌ وما زَادَ مع هذا من ذِكْرِ اللَّهِ أَحْبَبْتُهُ غير أَنِّي أُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ نَسْقًا وَإِنْ اقْتَصَرَ على وَاحِدَةٍ أَجْزَأَتْهُ وَإِنْ بَدَأَ بِشَيْءٍ من الذِّكْرِ قبل التَّكْبِيرِ أو لم يَأْتِ بِالتَّكْبِيرِ فَلَا كَفَّارَةَ عليه
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُكَبِّرُ الناس في الْفِطْرِ حين تَغِيبُ الشَّمْسُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فُرَادَى وَجَمَاعَةً في كل حَالٍ حتى يَخْرُجَ الْإِمَامُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ ثُمَّ يَقْطَعُونَ التَّكْبِيرَ ( قال ) وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ يُكَبِّرُ خَلْفَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ وَبَيْنَ ذلك وَغَادِيًا حتى يَنْتَهِيَ إلَى الْمُصَلَّى ثُمَّ يَقْطَعَ التَّكْبِيرَ وَإِنَّمَا أَحْبَبْتُ ذلك للامام أَنَّهُ كَالنَّاسِ فِيمَا أُحِبُّ لهم وَإِنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ كَبَّرَ الناس ( قال ) وَيُكَبِّرُ الْحَاجُّ خَلْفَ صَلَاةِ الظُّهْرِ من يَوْمِ النَّحْرِ إلَى أَنْ يُصَلُّوا الصُّبْحَ من آخَرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ثُمَّ يَقْطَعُونَ التَّكْبِيرَ إذَا كَبَّرُوا خَلْفَ صَلَاةِ الصُّبْحِ من آخَرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَيُكَبِّرُ إمَامُهُمْ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ فَيُكَبِّرُونَ مَعًا وَمُتَفَرِّقِينَ لَيْلًا وَنَهَارًا وفي كل هذه الْأَحْوَالِ لِأَنَّ في الْحَجِّ ذِكْرَيْنِ يُجْهَرُ بِهِمَا التَّلْبِيَةُ وَهِيَ لَا تُقْطَعُ إلَّا بَعْدَ الصُّبْحِ من يَوْمِ النَّحْرِ وَالصَّلَاةُ مُبْتَدَأُ التَّكْبِيرِ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ يوم النَّحْرِ قبل الظُّهْرِ ثُمَّ لَا صَلَاةَ ب مِنًى بَعْدَ الصُّبْحِ من آخَرِ أَيَّامِ مِنًى ( قال ) وَيُكَبِّرُ الناس في الْآفَاقِ وَالْحَضَرِ وَالسَّفَرِ كَذَلِكَ وَمَنْ يَحْضُرُ منهم الْجَمَاعَةَ ولم يَحْضُرْهَا وَالْحَائِضُ وَالْجُنُبُ وَغَيْرُ الْمُتَوَضِّئِ في السَّاعَاتِ من اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَيُكَبِّرُ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ وَأَكْثَرَ وَإِنْ تَرَكَ ذلك الْإِمَامُ كَبَّرَ من خَلْفَهُ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْآفَاقِ كما يُكَبِّرُ أَهْلُ مِنًى وَلَا يُخَالِفُونَهُمْ في ذلك إلَّا في أَنْ يَتَقَدَّمُوهُمْ بِالتَّكْبِيرِ فَلَوْ ابْتَدَءُوا بِالتَّكْبِيرِ خَلْفَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ من لَيْلَةِ النَّحْرِ قِيَاسًا على أَمْرِ اللَّهِ في الْفِطْرِ من شَهْرِ رَمَضَانَ بِالتَّكْبِيرِ مع إكْمَالِ الْعِدَّةِ وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُحْرِمِينَ يُلَبُّونَ فَيَكْتَفُونَ بِالتَّلْبِيَةِ من التَّكْبِيرِ لم أَكْرَهْ ذلك وقد سمعت من يَسْتَحِبُّ هذا وَإِنْ لم يُكَبِّرُوا وَأَخَّرُوا ذلك حتى يُكَبِّرُوا بِتَكْبِيرِ أَهْلِ مِنًى فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وقد روى عن بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ كان يَبْتَدِئُ التَّكْبِيرَ خَلْفَ صَلَاةِ الصُّبْحِ من يَوْمِ عَرَفَةَ وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى التَّوْفِيقَ

(1/241)


(1) * أخبرنا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الذي خَلَقَهُنَّ إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا فَاَلَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ له بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ } وقال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { إنَّ في خَلْقِ السماوات وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ التي تَجْرِي في الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ الناس } إلَى قَوْلِهِ { يَعْقِلُونَ } مع ما ذَكَرَ من الْآيَاتِ في كِتَابِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فذكر اللَّهُ عز وجل الْآيَاتِ ولم يذكر مَعَهَا سُجُودًا إلَّا مع الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَأَمَرَ بِأَنْ لَا يُسْجَدَ لَهُمَا وَأَمَرَ بِأَنْ يُسْجَدَ له فَاحْتَمَلَ أَمْرُهُ أَنْ يُسْجَدَ له عِنْدَ ذِكْرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِأَنْ يَأْمُرَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ حَادِثٍ في الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نهى عن السُّجُودِ لَهُمَا كما نهى عن عِبَادَةِ ما سِوَاهُ فَدَلَّتْ سُنَّةُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على أَنْ يصلي لِلَّهِ عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَأَشْبَهَ ذلك مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ عِنْدَ كُسُوفِهِمَا لَا يَخْتَلِفَانِ في ذلك وَأَنْ لَا يُؤْمَرَ عِنْدَ كل آيَةٍ كانت في غَيْرِهِمَا بِالصَّلَاةِ كما أُمِرَ بها عِنْدَهُمَا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لم يذكر في شَيْءٍ من الْآيَاتِ صَلَاةً وَالصَّلَاةُ في كل حَالٍ طَاعَةٌ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وغبطه لِمَنْ صَلَّاهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فيصلى عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ وَلَا يَفْعَلُ ذلك في شَيْءٍ من الْآيَاتِ غَيْرِهِمَا + أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ عن عبد اللَّهِ بن عَبَّاسٍ قال كَسَفَتْ الشَّمْسُ على عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَصَلَّى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالنَّاسُ معه فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا قال نَحْوًا من قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قال ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وهو دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وهو دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قام قِيَامًا طَوِيلًا وهو دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وهو دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ قام قِيَامًا طَوِيلًا وهو دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وهو دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَفَ وقد تَجَلَّتْ الشَّمْسُ فقال إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ من آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فإذا رَأَيْتُمْ ذلك فَاذْكُرُوا اللَّهَ قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاك قد تَنَاوَلْتَ في مَقَامِك هذا شيئا ثُمَّ رَأَيْنَاك كَأَنَّك تَكَعْكَعْت فقال إنِّي رَأَيْتَ أو أُرِيتَ الْجَنَّةَ فَتَنَاوَلْتُ منها عُنْقُودًا وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ منه ما بَقِيَتْ الدُّنْيَا وَرَأَيْت أو أُرِيتُ النَّارَ فلم أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا وَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ فَقَالُوا لِمَ يا رَسُولَ اللَّهِ قال بِكُفْرِهِنَّ قِيلَ أَيَكْفُرْنَ بِاَللَّهِ قال يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَةَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ لو أَحْسَنْتَ إلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْك شيئا قالت ما رأيت مِنْك خَيْرًا قَطُّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَذِكْرُ بن عَبَّاسٍ ما قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعْدَ الصَّلَاةِ دَلِيلٌ على أَنَّهُ خَطَبَ بَعْدَهَا وكان في ذلك دَلِيلٌ على أَنَّهُ فَرَّقَ بين الْخُطْبَةِ لِلسُّنَّةِ وَالْخُطْبَةِ لِلْفَرْضِ فَقَدَّمَ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا مَكْتُوبَةٌ قبل الصَّلَاةِ وَأَخَّرَ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ من الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَكَذَلِكَ صَنَعَ في الْعِيدَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا من الصَّلَوَاتِ وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ في صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَذُكِرَ أَنَّهُ أَمَرَ في كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِالْفَزَعِ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وكان ذِكْرُ اللَّهِ عز وجل الذي فَزِعَ إلَيْهِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ التَّذْكِيرُ فَوَافَقَ ذلك قَوْلَ اللَّهِ عز وجل { قد أَفْلَحَ من تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَانَ في قَوْلِ بن عَبَّاسٍ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كِفَايَةٌ من أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قد أَمَرَ في خُسُوفِ الْقَمَرِ بِمَا أَمَرَ بِهِ في كُسُوفِ الشَّمْسِ وَاَلَّذِي أَمَرَ بِهِ في كُسُوفِ الشَّمْسِ فِعْلُهُ من الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ ثُمَّ ذَكَرَ سُفْيَانُ ما يُوَافِقُ هذا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ عن إسْمَاعِيلَ بن أبي خَالِدٍ عن قَيْسِ بن أبي حَازِمٍ عن أبي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قال انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ يوم مَاتَ إبْرَاهِيمُ بن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ من آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ
____________________
1- * كِتَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ

(1/242)


لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فإذا رَأَيْتُمْ ذلك فأفزعوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَإِلَى الصَّلَاةِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وروى عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قال قُمْتُ إلَى جَنْبِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ فما سمعت منه حَرْفًا وفي قوله ( ( ( قول ) ) ) بِقَدْرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ دَلِيلٌ على أَنَّهُ لم يَسْمَعْ ما قَرَأَ بِهِ لِأَنَّهُ لو سَمِعَهُ لم يُقَدِّرْ بِغَيْرِهِ - * وَقْتُ كُسُوفُ الشَّمْسِ - * ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَمَتَى كَسَفَتْ الشَّمْسُ نِصْفَ النَّهَارِ أو بَعْدَ الْعَصْرِ أو قبل ذلك صلى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْكُسُوفِ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ بِالصَّلَاةِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ فَلَا وَقْتَ يَحْرُمُ فيه صَلَاةٌ أَمَرَ بها رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كما لَا يَحْرُمُ في وَقْتِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَلَا الصَّلَاةِ على الْجِنَازَةِ وَلَا الصَّلَاةِ لِلطَّوَافِ وَلَا الصَّلَاةِ يُؤَكِّدُهَا الْمَرْءُ على نَفْسِهِ بِأَنْ يَلْزَمَهَا فَيَشْتَغِلَ عنها أو يَنْسَاهَا ( قال ) وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ في وَقْتِ صَلَاةٍ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ وَقَدَرَ المصلى أَنْ يَخْرُجَ من صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ ويصلى الْمَكْتُوبَةَ ثُمَّ يَخْطُبَ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ في وَقْتِ الْجُمُعَةِ بَدَأَ بِصَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَخَفَّفَ فيها فَقَرَأَ في كل وَاحِدَةٍ من الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ في الرَّكْعَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةِ { قُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ } وما أَشْبَهَهَا ثُمَّ خَطَبَ في الْجُمُعَةِ وَذَكَرَ الْكُسُوفَ في خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَجَمَعَ فيها الْكَلَامَ في الْخُطْبَةِ في الْكُسُوفِ وَالْجُمُعَةِ وَنَوَى بها الْجُمُعَةَ ثُمَّ صلى الْجُمُعَةَ ( قال ) وَإِنْ كان أَخَّرَ الْجُمُعَةَ حتى يَرَى أَنَّهُ صلى صَلَاةَ الْكُسُوفِ كَأَخَفَّ ما تَكُونُ صَلَاتُهُ لم يُدْرِكْ أَنْ يَخْطُبَ ويجمع ( ( ( يجمع ) ) ) حتى يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ بَدَأَ بِالْجُمُعَةِ فَإِنْ فَرَغَ منها وَالشَّمْسُ كَاسِفَةٌ صلى صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَإِنْ فَرَغَ منها وقد تَجَلَّتْ الشَّمْسُ فَتَتَامَّ تَجَلِّيهَا حتى تَعُودَ كما كانت قبل الْكُسُوفِ لم يُصَلِّ الْكُسُوفَ ولم يَقْضِ لِأَنَّهُ عَمَلٌ في وَقْتٍ فإذا ذَهَبَ الْوَقْتُ لم يَعْمَلْ ( قال ) وَهَكَذَا يَصْنَعُ في كل مَكْتُوبَةٍ اجْتَمَعَتْ وَالْكُسُوفُ فَخِيفَ فَوْتُهَا يَبْدَأُ بِالْمَكْتُوبَةِ وَإِنْ لم يَخَفْ الْفَوْتَ بَدَأَ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ ثُمَّ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّهُ لَا وَقْتَ في الْخُطْبَةِ ( قال ) وَإِنْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَعِيدٌ وَاسْتِسْقَاءٌ وَجِنَازَةٌ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ على الْجِنَازَةِ وَإِنْ لم يَكُنْ حَضَرَ الْإِمَامُ أَمَرَ من يَقُومُ بِأَمْرِهَا وَبَدَأَ بِالْكُسُوفِ فَإِنْ فَرَغَتْ الْجِنَازَةُ صلى عليها أو تَرَكَهَا ثُمَّ صلى الْعِيدَ وَأَخَّرَ الِاسْتِسْقَاءَ إلَى يَوْمِ غَيْرِ الْيَوْمِ الذي هو فيه ( قال ) وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْعِيدِ صلى وَخَفَّفَ ثُمَّ خَرَجَ من صَلَاتِهِ إلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ ثُمَّ خَطَبَ لِلْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَخْطُبَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَهُمَا لِأَنَّهُ ليس كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ ( قال ) وَإِنْ كان الْكُسُوفُ بِمَكَّةَ عِنْدَ رَوَاحِ الْإِمَامِ إلَى الصَّلَاةِ ب منى صَلَّوْا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَمَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في هذا الحديث أَيْضًا فِيهِمَا مَعًا بِالصَّلَاةِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن عبد اللَّهِ بن أبي بَكْرِ بن مُحَمَّدِ بن عَمْرِو بن حَزْمٍ عن الْحَسَنِ عن بن عَبَّاسٍ إنَّ الْقَمَرَ انْكَسَفَ وبن عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ فَخَرَجَ بن عَبَّاسٍ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ في كل رَكْعَةٍ رَكْعَتَانِ ثُمَّ رَكِبَ فَخَطَبَنَا فقال إنَّمَا صَلَّيْتُ كما رأيت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يصلى قال وقال إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ من آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فإذا رَأَيْتُمْ شيئا مِنْهُمَا كَاسِفًا فَلْيَكُنْ فَزَعُكُمْ إلَى اللَّهِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن عَمْرَةَ عن عَائِشَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ فَصَلَّى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَوَصَفَتْ صَلَاتَهُ رَكْعَتَيْنِ في كل رَكْعَةٍ رَكْعَتَانِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن هِشَامٍ عن أبيه عن عَائِشَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مثله
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني أبو سُهَيْلٍ نَافِعٌ عن أبي قِلَابَةَ عن أبي مُوسَى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مثله

(1/243)


الْكُسُوفَ وَإِنْ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ ب منى صَلَّاهَا بِمَكَّةَ ( قال ) وَإِنْ كان الْكُسُوفُ بِعَرَفَةَ عِنْدَ الزَّوَالِ قَدَّمَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ ثُمَّ صلي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فَإِنْ خَافَ فَوْتَهُمَا بَدَأَ بِهِمَا ثُمَّ صلى الْكُسُوفَ ولم يَدَعْهُ لِلْمَوْقِفِ وَخَفَّفَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَالْخُطْبَةِ ( قال ) وَهَكَذَا يَصْنَعُ في خُسُوفِ الْقَمَرِ ( قال ) وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ بَعْدَ الْعَصْرِ وهو بِالْمَوْقِفِ صلى الْكُسُوفَ ثُمَّ خَطَبَ على بَعِيرِهِ وَدَعَا وَإِنْ خَسَفَ الْقَمَرُ قبل الْفَجْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ أو بَعْدَهُ صلى الْكُسُوفَ وَخَطَبَ وَلَوْ حَبَسَهُ ذلك إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُخَفِّفُ لِئَلَّا يَحْبِسَهُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ إنْ قَدَرَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَخْطُبُ بَعْدَ تجلى الشَّمْسِ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ تَكُونُ بَعْدَ تجلى الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وإذا كَسَفَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ حَدَثَ خَوْفٌ صلى الْإِمَامُ صَلَاةَ الْخُسُوفِ صَلَاةَ خَوْفٍ كما يصلى الْمَكْتُوبَةَ صَلَاةَ خَوْفٍ لَا يَخْتَلِفُ ذلك وَكَذَلِكَ يصلى صَلَاةَ الْخُسُوفِ وَصَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ إيمَاءً حَيْثُ تَوَجَّهَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخُطْبَةُ وَالصَّلَاةُ تَكَلَّمَ وَإِنْ لم يُمْكِنْهُ فَلَا يَضُرُّهُ ( قال ) وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ في حَضَرٍ فغشى أَهْلَ الْبَلَدِ عَدُوٌّ مَضَوْا إلَى الْعَدُوِّ فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ في صَلَاةِ الْكُسُوفِ ما يُمْكِنُهُمْ في الْمَكْتُوبَةِ صَلَّوْهَا صَلَاةَ خَوْفٍ وَإِنْ لم يُمْكِنْهُمْ ذلك صَلَّوْهَا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ طَالِبِينَ وَمَطْلُوبِينَ لَا يَخْتَلِفُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَتَى غَفَلَ عن صَلَاةِ الْكُسُوفِ حتى تَجَلَّى الشَّمْسُ لم يَكُنْ عليهم صَلَاتُهَا وَلَا قَضَاؤُهَا ( قال ) فَإِنْ غَفَلُوا عنها حتى تَنْكَسِفَ كُلُّهَا ثُمَّ ينجلى بَعْضُهَا صَلَّوْا صَلَاةَ كُسُوفٍ مُتَمَكِّنِينَ إذَا لم يَكُونُوا خَائِفِينَ وَلَا مُتَفَاوِتِينَ وَإِنْ انْجَلَتْ لم يَخْرُجُوا من الصَّلَاةِ حتى يَفْرُغُوا منها وَهِيَ كَاسِفَةٌ حتي تَعُودَ بِحَالِهَا قبل أَنْ تَكْسِفَ ( قال ) وَإِنْ انْكَسَفَتْ فَجَلَّلَهَا سَحَابٌ أو غُبَارٌ أو حَائِلٌ ما كان فَظَنُّوا أنها تَجَلَّتْ صَلَّوْا صَلَاةَ الْكُسُوفِ إذَا عَلِمُوا أنها قد كَسَفَتْ فَهِيَ على الْكُسُوفِ حتى يَسْتَيْقِنُوا بِتَجَلِّيهَا وَلَوْ تَجَلَّى بَعْضُهَا فَرَأَوْهُ صَافِيًا لم يَدَعُوا الصَّلَاةَ لِأَنَّهُمْ مُسْتَيْقِنُونَ بِالْكُسُوفِ وَلَا يَدْرُونَ انْجَلَى الْمَغِيبُ منها أَمْ لم يَنْجَلِ وقد يَكُونُ الْكُسُوفُ في بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ وَتَنْكَسِفُ كُلُّهَا فَيَتَجَلَّى بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ حتى يَتَجَلَّى الْبَاقِي بَعْدَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ طَلَعَتْ في طَخَافٍ أو غَيَانَةٍ أو غَمَامَةٍ فَتَوَهَّمُوهَا كَاسِفَةً لم يُصَلُّوهَا حتى يَسْتَيْقِنُوا كُسُوفَهَا ( قال ) وإذا تَوَجَّهَ الْإِمَامُ ليصلى صَلَاةَ الْكُسُوفِ فلم يُكَبِّرْ حتى تَنْجَلِيَ الشَّمْسُ لم يَكُنْ عليه أَنْ يصلى الْكُسُوفَ وَإِنْ كَبَّرَ ثُمَّ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ أَتَمَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ بِكَمَالِهَا ( قال ) وَإِنْ صلى صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَأَكْمَلَهَا ثُمَّ انْصَرَفَ وَالشَّمْسُ كَاسِفَةٌ يَزِيدُ كُسُوفُهَا أو لَا يَزِيدُ لم يُعِدْ الصَّلَاةَ وَخَطَبَ الناس لِأَنَّا لَا نَحْفَظُ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى في كُسُوفٍ إلَّا رَكْعَتَيْنِ وَصَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ كَصَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ لَا يَخْتَلِفَانِ في شَيْءٍ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يَجْهَرْ فيها كما يَجْهَرُ في صَلَاةِ الْأَعْيَادِ وَأَنَّهَا من
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) إذَا اجْتَمَعَ أَمْرَانِ يَخَافُ أَبَدًا فَوْتَ أَحَدِهِمَا وَلَا يَخَافُ فَوْتَ الْآخَرِ بَدَأَ بِاَلَّذِي يَخَافُ فَوْتَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الذي لَا يَخَافُ فَوْتَهُ ( قال ) وَإِنْ خَسَفَ الْقَمَرُ وَقْتَ صَلَاةِ الْقِيَامِ بَدَأَ بِصَلَاةِ الْخُسُوفِ وَكَذَلِكَ يَبْدَأُ بِهِ قبل الْوِتْرِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لِأَنَّهُ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ وَالْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ صَلَاةُ انْفِرَادٍ فَيَبْدَأُ بِهِ قَبْلَهُمَا وَلَوْ فَاتَا ( قال ) وإذا كَسَفَتْ الشَّمْسُ ولم يُصَلُّوا حتى تَغِيبَ كَاسِفَةً أو مُتَجَلِّيَةً لم يُصَلُّوا لِكُسُوفِ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ لو خَسَفَ الْقَمَرُ فلم يُصَلُّوا حتى تَجَلَّى أو تَطْلُعَ الشَّمْسُ لم يُصَلُّوا وَإِنْ صَلَّوْا الصُّبْحَ وقد غَابَ الْقَمَرُ خَاسِفًا صَلَّوْا لِخُسُوفِ الْقَمَرِ بَعْدَ الصُّبْحِ ما لم تَطْلُعْ الشَّمْسُ وَيُخَفِّفُونَ الصَّلَاةَ لِخُسُوفِ الْقَمَرِ في هذه الْحَالِ حتى يَخْرُجُوا منها قبل طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنْ افْتَتَحُوا الصَّلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَقَبْلَ الشَّمْسِ فلم يَفْرُغُوا منها حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَتَمُّوهَا

(1/244)


من صَلَاةِ النَّهَارِ وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ الْخُسُوفِ لِأَنَّهَا من صَلَاةِ اللَّيْلِ وقد سَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ اللَّيْلِ - * الْخُطْبَةُ في صَلَاةِ الْكُسُوفِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَجْعَلُهَا كَالْخُطَبِ يَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ على رَسُولِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَحَضِّ الناس على الْخَيْرِ وَأَمْرِهِمْ بِالتَّوْبَةِ وَالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ عز وجل وَيَخْطُبُ في مَوْضِعِ مُصَلَّاهُ ويصلى في الْمَسْجِدِ حَيْثُ يصلى الْجُمُعَةَ لَا حَيْثُ يصلى الْأَعْيَادَ وَإِنْ تَرَكَ ذلك وَصَلَّى في غَيْرِهِ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ كان بِالْمَوْقِفِ بِعَرَفَةَ خَطَبَ رَاكِبًا وَفَصَلَ بين الْخُطْبَتَيْنِ بِسَكْتَةٍ كَالسَّكْتَةِ إذَا خَطَبَ على مِنْبَرِهِ وَأَحَبُّ إلى أَنْ يَسْمَعَ الْإِمَامَ في الْخُطْبَةِ في الْكُسُوفِ وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَيُنْصِتُ لها وَإِنْ انْصَرَفَ رَجُلٌ قبل أَنْ يَسْمَعَ لها أو تَكَلَّمَ كَرِهْت ذلك له وَلَا إعَادَةَ عليه وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ أو خَطَبَ على غَيْرِ ما أُمِرَ بِهِ كَرِهْت ذلك له وَلَا إعَادَةَ عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ لِلْقَوْمِ بِالْبَادِيَةِ وَالسَّفَرِ وَحَيْثُ لَا يَجْمَعُ فيه الصَّلَاةَ أَنْ يَخْطُبَ بِهِمْ أَحَدُهُمْ وَيُذَكِّرُهُمْ إذَا صَلَّوْا الْكُسُوفَ ( قال ) وَلَا أُحِبُّ ذلك لِلنِّسَاءِ في الْبُيُوتِ لِأَنَّهُ ليس من سُنَّةِ النِّسَاءِ أَنْ يَخْطُبْنَ إذَا لم يَكُنَّ مع رِجَالٍ - * الْأَذَانُ لِلْكُسُوفِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا أَذَانَ لِكُسُوفٍ وَلَا لِعِيدٍ وَلَا لِصَلَاةٍ غَيْرِ مَكْتُوبَةٍ وَإِنْ أَمَرَ الْإِمَامُ من يَصِيحُ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ أَحْبَبْت ذلك له فإن الزُّهْرِيَّ يقول كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ في صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ أَنْ يَقُولَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ - * قَدْرُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأُحِبُّ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ في صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَيُكَبِّرَ ثُمَّ يَفْتَتِحَ كما يَفْتَتِحُ الْمَكْتُوبَةَ ثُمَّ يَقْرَأَ في الْقِيَامِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ إنْ كان يَحْفَظُهَا أو قَدْرِهَا من الْقُرْآنِ إنْ كان لَا يَحْفَظُهَا ثُمَّ يَرْكَعَ فَيُطِيلَ وَيَجْعَلَ رُكُوعَهُ قَدْرَ مِائَةِ آيَةٍ من سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ يَرْفَعَ وَيَقُولَ سمع اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ ثُمَّ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَدْرِ مِائَتَيْ آيَةٍ من الْبَقَرَةِ ثُمَّ يَرْكَعَ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَرْفَعَ وَيَسْجُدَ ثُمَّ يَقُومَ في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَيَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَدْرِ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ آيَةً من الْبَقَرَةِ ثُمَّ يَرْكَعَ بِقَدْرِ سَبْعِينَ آيَةً من الْبَقَرَةِ ثُمَّ يَرْفَعَ فَيَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَدْرِ مِائَةِ آيَةٍ من الْبَقَرَةِ ثُمَّ يَرْكَعَ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ خَمْسِينَ آيَةً من الْبَقَرَةِ ثُمَّ يَرْفَعَ وَيَسْجُدَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ جَاوَزَ هذا في بَعْضٍ وَقَصَّرَ عنه في بَعْضٍ أو جَاوَزَهُ في كُلٍّ أو قَصَّرَ عنه في كُلٍّ إذَا قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ في مُبْتَدَأِ الرَّكْعَةِ وَعِنْدَ رَفْعِهِ رَأْسَهُ من الرَّكْعَةِ قبل الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ في كل رَكْعَةٍ أَجْزَأَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ تَرَكَ أُمَّ الْقُرْآنِ في رَكْعَةٍ من صَلَاةِ الْكُسُوفِ في الْقِيَامِ الْأَوَّلِ أو الْقِيَامِ الثَّانِي لم يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَصَلَّى رَكْعَةً أُخْرَى وَسَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كما إذَا تَرَكَ أُمَّ الْقُرْآنِ في رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ من صَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ لم يَعْتَدَّ بها كَأَنَّهُ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ ثُمَّ رَكَعَ فَرَفَعَ فلم يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ حتى رَفَعَ ثُمَّ يَعُودُ لِأُمِّ الْقُرْآنِ فَيَقْرَؤُهَا ثُمَّ يَرْكَعُ وَإِنْ تَرَكَ أُمَّ الْقُرْآنِ حتى يَسْجُدَ أَلْغَى السُّجُودَ وَعَادَ إلَى الْقِيَامِ حتى يَرْكَعَ بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ ( قال ) وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يَؤُمَّ في صَلَاةِ الْكُسُوفِ إلَّا من يُجْزِئُ أَنْ يَؤُمَّ في الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ في صَلَاةِ الْكُسُوفِ نَهَارًا خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ في الْأُولَى حين يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ ثُمَّ يَقُومُ فإذا فَرَغَ من الْخُطْبَةِ الْأُولَى جَلَسَ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ الثَّانِيَةَ فإذا فَرَغَ نَزَلَ

(1/245)


فَإِنْ أَمَّ أمى قُرَّاءً لم تُجْزِئْ صَلَاتُهُمْ عَنْهُمْ وَإِنْ قرؤوا ( ( ( قرءوا ) ) ) معه إذَا كَانُوا يَأْتَمُّونَ بِهِ ( قال ) وَإِنْ أَمَّهُمْ قَارِئٌ أَجْزَأَتْ صَلَاتُهُ عَنْهُمْ وإذا قُلْت لَا تُجْزِئُ عَنْهُمْ أَعَادُوا بِإِمَامٍ ما كانت الشَّمْسُ كَاسِفَةً وَإِنْ تَجَلَّتْ لم يُعِيدُوا وَإِنْ امْتَنَعُوا كلهم من الْإِعَادَةِ إلَّا وَاحِدًا أَمَرْت الْوَاحِدَ أَنْ يُعِيدَ فَإِنْ كان معه غَيْرُهُ أَمَرْتُهُمَا أَنْ يَجْمَعَا - * صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِينَ في صَلَاةِ الْكُسُوفِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني عبد اللَّهِ بن أبي بَكْرٍ عن عَمْرٍو أو صَفْوَانَ بن عبد اللَّهِ بن صَفْوَانَ قال رَأَيْت بن عَبَّاسٍ صلى على ظَهْرِ زَمْزَمَ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ رَكْعَتَيْنِ في كل رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا آمُرُ بِصَلَاةِ جَمَاعَةٍ في زَلْزَلَةٍ وَلَا ظُلْمَةٍ وَلَا لِصَوَاعِقَ وَلَا رِيحٍ وَلَا غَيْرِ ذلك من الْآيَاتِ وَآمُرُ بِالصَّلَاةِ مُنْفَرِدِينَ كما يُصَلُّونَ مُنْفَرِدِينَ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ + * كِتَابُ الِاسْتِسْقَاءِ + * - * مَتَى يستسقى الْإِمَامُ وَهَلْ يَسْأَلُ الامام رَفْعَ الْمَطَرِ إذَا خَافَ ضَرَرَهُ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ قال جاء رَجُلٌ إلَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال يا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْمَوَاشِي وَتَقَطَّعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ فَدَعَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَمُطِرْنَا من جُمُعَةٍ إلَى جُمُعَةٍ قال فَجَاءَ رَجُلٌ إلَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال يا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَتْ الْبُيُوتُ وَتَقَطَّعَتْ السَّبِيلُ وَهَلَكَتْ الْمَوَاشِي فَقَامَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال اللَّهُمَّ على رؤوس الْجِبَالِ وَالْآكَامِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ فَانْجَابَتْ عن الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كان جَدْبٌ أو قِلَّةُ مَاءٍ في نَهْرٍ أو عَيْنٍ أو بِئْرٍ في حَاضِرٍ أو بَادٍ من الْمُسْلِمِينَ لم أُحِبَّ للامام أَنْ يَتَخَلَّفَ عن أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَ الِاسْتِسْقَاءِ وَإِنْ تَخَلَّفَ عن ذلك لم تَكُنْ عليه كَفَّارَةٌ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَحْسَبُ بن عَبَّاسٍ صلى صَلَاةَ الْكُسُوفِ إلَّا أَنَّ الْوَالِيَ تَرَكَهَا لَعَلَّ الشَّمْسَ تَكُونُ كَاسِفَةً بَعْدَ الْعَصْرِ فلم يُصَلِّ فَصَلَّى بن عَبَّاسٍ أو لَعَلَّ الوالى كان غَائِبًا أو امْتَنَعَ من الصَّلَاةِ ( قال ) فَهَكَذَا أُحِبُّ لِكُلِّ من كان حَاضِرًا إمَامًا أَنْ يصلى إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ صَلَاةَ الْكُسُوفِ أَنْ يصلى عَلَانِيَةً إنْ لم يَخَفْ وَسِرًّا إنْ خَافَ الْوَالِي في أَيِّ سَاعَةٍ كَسَفَتْ الشَّمْسُ وَأَحْسَبُ من رَوَى عنه أَنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ بَعْدَ الْعَصْرِ وهو بِمَكَّةَ تَرَكَهَا في زَمَانِ بَنِي أُمَيَّةَ اتِّقَاءً لهم فَأَمَّا أَيُّوبُ بن مُوسَى فَيَذْهَبُ إلَى أَنْ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ لِطَوَافٍ وَلَا غَيْرِهِ وَالسُّنَّةُ تَدُلُّ على ما وَصَفْت من أَنْ يصلى بَعْدَ الْعَصْرِ لِطَوَافٍ وَالصَّلَاةُ الْمُؤَكَّدَةُ تُنْسَى وَيَشْتَغِلُ عنها وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ عِنْدِي لِمُسَافِرٍ وَلَا مُقِيمٍ وَلَا لِأَحَدٍ جَازَ له أَنْ يصلى بِحَالٍ فَيُصَلِّيَهَا كُلُّ من وَصَفْت بِإِمَامٍ تَقَدَّمَهُ وَمُنْفَرِدًا إنْ لم يَجِدْ إمَامًا وَيُصَلِّيَهَا كما وَصَفْت صَلَاةَ الْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ في كل رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ خُسُوفُ الْقَمَرِ ( قال ) وَإِنْ خَطَبَ الرَّجُلُ الذي وَصَفْت فَذَكَّرَهُمْ لم أَكْرَهْ ( قال ) وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ وَرَجُلٌ مع نِسَاءٍ فِيهِنَّ ذَوَاتُ مَحْرَمٍ منه صلى بِهِنَّ وَإِنْ لم يَكُنْ فِيهِنَّ ذَوَاتُ مَحْرَمٍ منه كَرِهْت ذلك له وَإِنْ صلى بِهِنَّ فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ كُنَّ اللَّاتِي يُصَلِّينَ نِسَاءً فَلَيْسَ من شَأْنِ النِّسَاءِ الْخُطْبَةُ وَلَكِنْ لو ذَكَّرَتْهُنَّ إحْدَاهُنَّ كان حَسَنًا ( قال ) وإذا صلى الرَّجُلُ وَحْدَهُ صَلَاةَ الْكُسُوفِ ثُمَّ أَدْرَكَهَا مع الْإِمَامِ صَلَّاهَا كما يَصْنَعُ في الْمَكْتُوبَةِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَلَا أَكْرَهُ لِمَنْ لَا هَيْئَةَ لها بَارِعَةً من النِّسَاءِ وَلَا لِلْعَجُوزِ وَلَا لِلصَّبِيَّةِ شُهُودَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ مع الْإِمَامِ بَلْ أُحِبُّهَا لَهُنَّ وَأَحَبُّ إلى لِذَوَاتِ الْهَيْئَةِ أَنْ يُصَلِّينَهَا في بُيُوتِهِنَّ - * الصَّلَاةُ في غَيْرِ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ - *

(1/246)


وَلَا قَضَاءٌ وقد أَسَاءَ في تَخَلُّفِهِ عنه وَتَرَكَ سُنَّةً فيه وَإِنْ لم تَكُنْ وَاجِبَةً وَمَوْضِعَ فَضْلٍ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَكَيْفَ لَا يَكُونُ وَاجِبًا عليه أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَ الِاسْتِسْقَاءِ من صَلَاةٍ وَخُطْبَةٍ قِيلَ لَا فَرْضَ من الصَّلَاةِ إلَّا خَمْسَ صَلَوَاتٍ وفي الحديث عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ما يَدُلُّ على أَنَّ جَدْبًا كان ولم يَعْمَلْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في أَوَّلِهِ عَمَلَ الِاسْتِسْقَاءِ وقد عَمِلَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ منه فَاسْتَسْقَى وَبِذَلِكَ قُلْت لَا يَدَعُ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ وَإِنْ لم يَفْعَلْ الْإِمَامُ لم أَرَ لِلنَّاسِ تَرْكَ الِاسْتِسْقَاءِ لِأَنَّ الْمَوَاشِيَ لَا تَهْلِكُ إلَّا وقد تَقَدَّمَهَا جَدْبٌ دَائِمٌ وَأَمَّا الدُّعَاءُ بِالِاسْتِسْقَاءِ فمما لَا أُحِبُّ تَرْكَهُ إذَا كان الْجَدْبُ وَإِنْ لم يَكُنْ ثَمَّ صَلَاةٌ وَلَا خُطْبَةٌ وَإِنْ اسْتَسْقَى فلم تُمْطَرْ الناس أَحْبَبْت أَنْ يَعُودَ ثُمَّ يَعُودَ حتى يُمْطَرُوا وَلَيْسَ اسْتِحْبَابِي لِعَوْدَتِهِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الأولي وَلَا الثَّالِثَةِ بَعْدَ الثَّانِيَةِ كَاسْتِحْبَابِي لِلْأُولَى وَإِنَّمَا أَجَزْت له الْعَوْدَ بَعْدَ الْأُولَى أَنَّ الصَّلَاةَ وَالْجَمَاعَةَ في الْأُولَى فَرْضٌ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا اسْتَسْقَى سقى أَوَّلًا فإذا سُقُوا أَوَّلًا لم يُعِدْ الْإِمَامُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرني من لَا أَتَّهِمُ عن سُلَيْمَانَ بن عبد اللَّهِ بن عُوَيْمِرٌ الْأَسْلَمِيِّ عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ عن عَائِشَةَ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنها قالت أَصَابَ الناس سَنَةٌ شَدِيدَةٌ على عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَمَرَّ بِهِمْ يَهُودِيٌّ فقال أَمَا وَاَللَّهِ لو شَاءَ صَاحِبُكُمْ لَمُطِرْتُمْ ما شِئْتُمْ وَلَكِنَّهُ لَا يُحِبُّ ذلك فَأَخْبَرَ الناس رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِقَوْلِ الْيَهُودِيِّ قال أَوَقَدْ قال ذلك فَقَالُوا نعم قال إنِّي لَأَسْتَنْصِرُ بِالسُّنَّةِ على أَهْلِ نَجْدٍ وَإِنِّي لَأَرَى السَّحَابَةَ خَارِجَةً من الْعَيْنِ فَأَكْرَهُهَا مَوْعِدُكُمْ يوم كَذَا أستسقى لَكُمْ فلما كان ذلك الْيَوْمُ غَدَا الناس فما تَفَرَّقَ الناس حتى مُطِرُوا ما شاؤوا فما أَقْلَعَتْ السَّمَاءُ جُمُعَةً وإذا خَافَ الناس غَرَقًا من سَيْلٍ أو نَهْرٍ دَعَوْا اللَّهَ بِكَفِّ الضَّرَرِ عَنْهُمْ كما دَعَا النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِكَفِّ الضَّرَرِ عن الْبُيُوتِ أَنْ تَهَدَّمَتْ وَكَذَلِكَ يَدْعُو بِكَفِّ الضَّرَرِ من الْمَطَرِ عن الْمَنَازِلِ وَأَنْ يُجْعَلَ حَيْثُ يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ الْبُيُوتَ من الشَّجَرِ وَالْجِبَالِ والصحارى إذَا دَعَا بِكَفِّ الضَّرَرِ ولم آمُرْ بِصَلَاةِ جَمَاعَةٍ وَأَمَرْت الْإِمَامَ وَالْعَامَّةَ يَدْعُونَ في خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَ الصَّلَوَاتِ وَيَدْعُو في كل نَازِلَةٍ نَزَلَتْ بِأَحَدٍ من الْمُسْلِمِينَ وإذا كانت نَاحِيَةٌ مُخْصِبَةٌ وَأُخْرَى مُجْدِبَةٌ فَحَسَنٌ أَنْ يستسقى إمَامُ النَّاحِيَةِ الْمُخْصِبَةِ لِأَهْلِ النَّاحِيَةِ الْمُجْدِبَةِ وَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَيَسْأَلُ اللَّهَ الزِّيَادَةَ لِمَنْ أَخْصَبَ مع اسْتِسْقَائِهِ لِمَنْ أَجْدَبَ فإن ما عِنْدَ اللَّهِ وَاسِعٌ وَلَا أَحُضُّهُ على الِاسْتِسْقَاءِ لِمَنْ ليس بين ظَهْرَانَيْهِ كما أَحُضُّهُ على الِاسْتِسْقَاءِ لِمَنْ هو بين ظَهْرَانَيْهِ مِمَّنْ قَارَبَهُ وَيَكْتُبُ إلَى الذي يَقُومُ بامر الْمُجْدِبِينَ أَنْ يستسقى لهم أو أَقْرَبُ الْأَئِمَّةِ بِهِمْ فَإِنْ لم يَفْعَلْ أَحْبَبْت أَنْ يستسقى لهم رَجُلٌ من بَيْنِ ظَهْرَانِيهِمْ - * من يستسقى بِصَلَاةٍ - * (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكُلُّ إمَامٍ صلى الْجُمُعَةَ وَصَلَّى الْعِيدَيْنِ اسْتَسْقَى وَصَلَّى الْخُسُوفَ وَلَا يصلى الْجُمُعَةَ إلَّا حَيْثُ تَجِبُ لِأَنَّهَا ظُهْرٌ فإذا صُلِّيَتْ جُمُعَةٌ قُصِرَتْ منها رَكْعَتَانِ وَيَجُوزُ أَنْ يستسقى وَأَسْتَحِبُّ أَنْ يصلى الْعِيدَيْنِ وَالْخُسُوفَ حَيْثُ لَا يُجْمَعُ من بَادِيَةٍ وَقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ وَيَفْعَلُهُ مُسَافِرُونَ في الْبَدْوِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِإِحَالَةِ شَيْءٍ من فَرْضٍ وَهِيَ سُنَّةٌ وَنَافِلَةُ خَيْرٍ وَلَا أُحِبُّ تَرْكَهُ بِحَالٍ وَإِنْ كان أَمْرِي بِهِ وَاسْتِحْبَابُهُ حَيْثُ لَا يُجْمَعُ ليس هو كَاسْتِحْبَابِهِ حَيْثُ يُجْمَعُ وَلَيْسَ كَأَمْرِي بِهِ من يَجْمَعُ من الْأَئِمَّةِ وَالنَّاسِ وَإِنَّمَا أَمَرْت بِهِ كما وَصَفْت لِأَنَّهَا سُنَّةٌ ولم يُنْهَ عنه أَحَدٌ يَلْزَمُ أَمْرُهُ وإذا اسْتَسْقَى الْجَمَاعَةُ بِالْبَادِيَةِ فَعَلُوا ما يَفْعَلُونَهُ في الْأَمْصَارِ من صَلَاةٍ أو خُطْبَةٍ وإذا خَلَتْ الْأَمْصَارُ من الْوُلَاةِ قَدَّمُوا أَحَدَهُمْ لِلْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْخُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ كما قد قَدَّمَ الناس أَبَا بَكْرٍ وَعَبْدَ الرحمن بن عَوْفٍ لِلصَّلَاةِ مَكْتُوبَةً وَرَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يُصْلِحُ بين بَنِي عمرو ( ( ( عمر ) ) ) بن عَوْفٍ وَعَبْدِ الرحمن في غَزْوَةِ تَبُوكَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قد ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ غَبَطَ رسو

(1/247)


اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الناس بِمَا صَنَعُوا من تَقْدِيمِ عبد الرحمن بن عَوْفٍ فإذا أَجَازَ هذا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْمَكْتُوبَةِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ كانت الْجُمُعَةُ مَكْتُوبَةً وكان هذا في غَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ مِمَّا ذَكَرْت أَجَوْزَ - * الِاسْتِسْقَاءُ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا أَذَانَ وَلَا إقَامَةَ إلَّا لِلْمَكْتُوبَةِ فَأَمَّا الْخُسُوفُ وَالْعِيدَانِ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَجَمِيعُ صَلَاةِ النَّافِلَةِ فَبِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ - * كَيْفَ يَبْتَدِئُ الِاسْتِسْقَاءُ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبَلَغَنَا عن بَعْضِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ كان إذَا أَرَادَ أَنْ يستسقى أَمَرَ الناس فَصَامُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ وَتَقَرَّبُوا إلَى اللَّهِ عز وجل بِمَا اسْتَطَاعُوا من خَيْرٍ ثُمَّ خَرَجَ في الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَاسْتَسْقَى بِهِمْ وأنا أُحِبُّ ذلك لهم وَآمُرُهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا في الْيَوْمِ الرَّابِعِ صُيَّامًا من غَيْرِ أَنْ أُوجِبَ ذلك عليهم وَلَا على إمَامِهِمْ وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالْخُرُوجِ وَيَخْرُجَ قبل أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِمْ في الصَّوْمِ وَأَوْلَى ما يَتَقَرَّبُونَ إلَى اللَّهِ أَدَاءُ ما يَلْزَمُهُمْ من مَظْلِمَةٍ في دَمٍ أو مَالٍ أو عرض ( ( ( عوض ) ) ) ثُمَّ صُلْحِ الْمَشَاجِرِ وَالْمُهَاجِرِ ثُمَّ يَتَطَوَّعُونَ بِصَدَقَةٍ وَصَلَاةٍ وَذِكْرٍ وَغَيْرِهِ من الْبِرِّ وَأُحِبُّ كُلَّمَا أَرَادَ الْإِمَامُ الْعَوْدَةَ إلَى الِاسْتِسْقَاءِ أَنْ يَأْمُرَ الناس أَنْ يَصُومُوا قبل عَوْدَتِهِ إلَيْهِ ثَلَاثًا - * الْهَيْئَةُ لِلِاسْتِسْقَاءِ لِلْعِيدَيْنِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى خَرَجَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ بِأَحْسَنِ هَيْئَةٍ وروى أَنَّهُ خَرَجَ في الِاسْتِسْقَاءِ مُتَوَاضِعًا وَأَحْسَبُ الذي رَوَاهُ قال مُتَبَذِّلًا فَأُحِبُّ في الْعِيدَيْنِ أَنْ يَخْرُجَ بِأَحْسَنَ ما يَجِدُ من الثِّيَابِ وَأَطْيَبِ الطِّيبِ وَيَخْرُجُ في الِاسْتِسْقَاءِ مُتَنَظِّفًا بِالْمَاءِ وما يَقْطَعُ تَغَيُّرَ الرَّائِحَةِ من سِوَاكٍ وَغَيْرِهِ وفي ثِيَابِ تَوَاضُعٍ وَيَكُونُ مَشْيُهُ وَجُلُوسُهُ وَكَلَامُهُ كَلَامَ تَوَاضُعٍ وَاسْتِكَانَةٍ وما أَحْبَبْت للامام في الْحَالَاتِ من هذا أَحْبَبْته لِلنَّاسِ كَافَّةً وما لَبِسَ الناس وَالْإِمَامُ مِمَّا يَحِلُّ لهم الصَّلَاةُ فيه أَجْزَأَهُ وَإِيَّاهُمْ - * خُرُوجُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ في الِاسْتِسْقَاءِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ الصِّبْيَانُ وَيَتَنَظَّفُوا لِلِاسْتِسْقَاءِ وَكِبَارُ النِّسَاءِ وَمَنْ لَا هَيْئَةَ له مِنْهُنَّ وَلَا أُحِبُّ خُرُوجَ ذَوَاتِ الْهَيْئَةِ وَلَا آمُرُ بِإِخْرَاجِ الْبَهَائِمِ وَأَكْرَهُ إخْرَاجَ من خَالَفَ الْإِسْلَامَ لِلِاسْتِسْقَاءِ مع الْمُسْلِمِينَ في مَوْضِعِ مُسْتَسْقَى الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِ وَآمُرُ بِمَنْعِهِمْ من ذلك فَإِنْ خَرَجُوا مُتَمَيِّزِينَ على حِدَةٍ لم نَمْنَعْهُمْ ذلك وَنِسَاؤُهُمْ فِيمَا أَكْرَهُ من هذا كَرِجَالِهِمْ وَلَوْ تَمَيَّزَ نِسَاؤُهُمْ لم أَكْرَهْ من مَخْرَجِهِمْ ما أَكْرَهُ من مَخْرَجِ بَالِغِيهِمْ وَلَوْ تَرَكَ سَادَاتُ الْعَبِيدِ الْمُسْلِمِينَ الْعَبِيدَ يَخْرُجُونَ كان أَحَبَّ إلَيَّ وَلَيْسَ يَلْزَمُهُمْ تَرْكُهُمْ وَالْإِمَاءُ مِثْلُ الْحَرَائِرِ وَأَحَبُّ إلى لو تَرَكَ عَجَائِزَهُنَّ وَمَنْ لَا هَيْئَةَ له مِنْهُنَّ يَخْرُجُ وَلَا أُحِبُّ ذلك في ذَوَاتِ الْهَيْئَةِ مِنْهُنَّ وَلَا يَجِبُ على سَادَاتِهِنَّ تَرْكُهُنَّ يَخْرُجْنَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ويستسقى الْإِمَامُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ مِثْلُ أَنْ يستسقى بِصَلَاةٍ وَبَعْدَ خُطْبَتِهِ وَصَلَاتِهِ وَخَلْفَ صَلَاتِهِ وقد رَأَيْت من يُقِيمُ مُؤَذِّنًا فَيَأْمُرُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ أَنْ يستسقى وَيَحُضَّ الناس على الدُّعَاءِ فما كَرِهْت من صَنَعَ ذلك - * الْأَذَانُ لِغَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ - *

(1/248)


- * الْمَطَرُ قبل الِاسْتِسْقَاءِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ويصلى الْإِمَامُ حَيْثُ يصلى الْعِيدَ في أَوْسَعِ ما يَجِدُ على الناس وَحَيْثُ اسْتَسْقَى أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - * الْوَقْتُ الذي يَخْرُجُ فيه الْإِمَامُ لِلِاسْتِسْقَاءِ وما يَخْطُبُ عليه - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيَخْرُجُ الْإِمَامُ لِلِاسْتِسْقَاءِ في الْوَقْتِ الذي يَصِلُ فيه إلَى مَوْضِعِ مُصَلَّاهُ وقد بَرَزَتْ الشَّمْسُ فَيَبْتَدِئُ فيصلى فإذا فَرَغَ خَطَبَ وَيَخْطُبُ على مِنْبَرٍ يُخْرِجُهُ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ خَطَبَ رَاكِبًا أو على جِدَارٍ أو شَيْءٍ يُرْفَعُ له أو على الْأَرْضِ كُلُّ ذلك جَائِزٌ له - * كَيْفَ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن أبي بَكْرِ بن مُحَمَّدِ بن عَمْرٍو أَنَّهُ سمع عَبَّادَ بن تَمِيمٍ يقول سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بن زَيْدٍ الْمَازِنِيَّ يقول خَرَجَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ حين اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرني من لَا أَتَّهِمُ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ في الِاسْتِسْقَاءِ وَيُصَلُّونَ قبل الْخُطْبَةِ وَيُكَبِّرُونَ في الِاسْتِسْقَاءِ سَبْعًا وَخَمْسًا
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرني جَعْفَرُ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه مثله
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرني سَعْدُ بن إِسْحَاقَ عن صَالِحٍ عن بن الْمُسَيِّبِ عن عُثْمَانَ بن عَفَّانَ أَنَّهُ كَبَّرَ في الِاسْتِسْقَاءِ سَبْعًا وَخَمْسًا
أخبرني إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرني أبو الْحُوَيْرِثِ عن إِسْحَاقَ بن عبد اللَّهِ بن كِنَانَةَ عن أبيه أَنَّهُ سَأَلَ بن عَبَّاسٍ عن التَّكْبِيرِ في صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فقال مِثْلُ التَّكْبِيرِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا تَهَيَّأَ الْإِمَامُ لِلْخُرُوجِ فَمُطِرَ الناس مَطَرًا قَلِيلًا أو كَثِيرًا أَحْبَبْت أَنْ يمضى وَالنَّاسُ على الْخُرُوجِ فَيَشْكُرُوا اللَّهَ على سُقْيَاهُ وَيَسْأَلُوا اللَّهَ زِيَادَتَهُ وَعُمُومَ خَلْقِهِ بِالْغَيْثِ وَأَنْ لَا يَتَخَلَّفُوا فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا كَفَّارَةَ وَلَا قَضَاءَ عليهم فَإِنْ كَانُوا يُمْطَرُونَ في الْوَقْتِ الذي يُرِيدُ الْخُرُوجَ بِهِمْ فيه اسْتَسْقَى بِهِمْ في الْمَسْجِدِ أو أَخَّرَ ذلك إلَى أَنْ يُقْلِعَ الْمَطَرُ وَلَوْ نَذَرَ الْإِمَامُ أَنْ يستسقى ثُمَّ سَقَى الناس وَجَبَ عليه أَنْ يَخْرُجَ فيوفى نَذْرَهُ وَإِنْ لم يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَلَيْسَ عليه أَنْ يَخْرُجَ بِالنَّاسِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُمْ وَلَا له أَنْ يُلْزِمَهُمْ أَنْ يَسْتَسْقُوا في غَيْرِ جَدْبٍ وَكَذَلِكَ لو نَذَرَ رَجُلٌ أَنْ يَخْرُجَ يستسقى كان عليه أَنْ يَخْرُجَ لِلنَّذْرِ بِنَفْسِهِ فَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَخْرُجَ بِالنَّاسِ كان عليه أَنْ يَخْرُجَ بِنَفْسِهِ ولم يَكُنْ عليه أَنْ يَخْرُجَ بِالنَّاسِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُمْ وَلَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ بن آدَمَ وَأُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ بِمَنْ أَطَاعَهُ منهم من وَلَدِهِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنْ كان في نَذْرِهِ أَنْ يَخْطُبَ فَيَخْطُبَ وَيَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَدْعُوَ جَالِسًا إنْ شَاءَ لِأَنَّهُ ليس في قِيَامِهِ إذَا لم يَكُنْ وَالِيًا وَلَا معه جَمَاعَةٌ بِالذِّكْرِ طَاعَةٌ وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَخْطُبَ على مِنْبَرٍ فَلْيَخْطُبْ جَالِسًا وَلَيْسَ عليه أَنْ يَخْطُبَ على مِنْبَرٍ لِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ في رُكُوبِهِ لِمِنْبَرٍ وَلَا بَعِيرٍ وَلَا بِنَاءٍ إنَّمَا أُمِرَ بهذا الْإِمَامُ لِيُسْمِعَ الناس فَإِنْ كان إمَامًا وَمَعَهُ نَاسٌ لم يَفِ نَذْرَهُ إلَّا بِالْخُطْبَةِ قَائِمًا لِأَنَّ الطَّاعَةَ إذَا كان معه نَاسٌ فيها أَنْ يَخْطُبَ قَائِمًا فإذا فَعَلَ هذا كُلَّهُ فَوَقَفَ على مِنْبَرٍ أو جِدَارٍ أو قَائِمًا أَجْزَأَهُ من نَذْرِهِ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَخْرُجَ فيستسقى ( ( ( فليستسق ) ) ) أَحْبَبْت له أَنْ يستسقى في الْمَسْجِدِ وَيُجْزِئُهُ لو اسْتَسْقَى في بَيْتِهِ - * أَيْنَ يصلى لِلِاسْتِسْقَاءِ - *

(1/249)


في صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ سَبْعٌ وَخَمْسٌ
أخبرنا بن عُيَيْنَةَ قال أخبرني عبد اللَّهِ بن أبي بَكْرٍ قال سَمِعْت عَبَّادَ بن تَمِيمٍ يُخْبِرُ عن عَمِّهِ عبد اللَّهِ بن زَيْدٍ قال خَرَجَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى الْمُصَلَّى يستسقى فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني هِشَامُ بن إِسْحَاقَ بن عبد اللَّهِ بن كِنَانَةَ عن أبيه عن بن عَبَّاسٍ مثله
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرني صَالِحُ بن مُحَمَّدِ بن زَائِدَةَ عن عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَبَّرَ في الِاسْتِسْقَاءِ سَبْعًا وَخَمْسًا وَكَبَّرَ في الْعِيدَيْنِ مِثْلَ ذلك
أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني عَمْرُو بن يحيى بن عُمَارَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بن عَمْرِو بن حَزْمٍ أَشَارَ على مُحَمَّدِ بن هِشَامٍ أَنْ يُكَبِّرَ في الِاسْتِسْقَاءِ سَبْعًا وَخَمْسًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا هذا في صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ لَا يَخْتَلِفُ وما قَرَأَ بِهِ مع أُمِّ الْقُرْآنِ في كل رَكْعَةٍ أَجْزَأَهُ وَإِنْ اقْتَصَرَ على أُمِّ الْقُرْآنِ في كل رَكْعَةٍ أَجْزَأَتْهُ وَإِنْ صلى رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ في إحْدَاهُمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ ولم يَقْرَأْ في الْأُخْرَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنَّمَا صلى رَكْعَةً فَيُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَلَا يَعْتَدُّ هو وَلَا من خَلْفَهُ بِرَكْعَةٍ لم يَقْرَأْ فيها وَإِنْ صلى رَكْعَتَيْنِ لم يَقْرَأْ في وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَعَادَهُمَا خَطَبَ أَمْ لم يَخْطُبْ فان لم يُعِدْهُمَا حتى يَنْصَرِفَ أَحْبَبْت له إعَادَتَهُمَا من الْغَدِ أو يَوْمِهِ إنْ لم يَكُنْ الناس تَفَرَّقُوا وإذا أَعَادَهُمَا أَعَادَ الْخُطْبَةَ بَعْدَهُمَا وَإِنْ كان هذا في صَلَاةِ الْعِيدِ أَعَادَهُمَا من يَوْمِهِ ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ فإذا زَالَتْ لم يُعِدْهُمَا لِأَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ في وَقْتٍ فإذا مَضَى لم تُصَلَّ وَكُلُّ يَوْمٍ وَقْتٌ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَلِذَلِكَ يُعِيدُهُمَا في الِاسْتِسْقَاءِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَقَبْلَ الْعَصْرِ - * الطَّهَارَةُ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يصلى حَاضِرٌ وَلَا مُسَافِرٌ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا عِيدٍ وَلَا جِنَازَةٍ وَلَا يَسْجُدُ لِلشُّكْرِ وَلَا سُجُودِ الْقُرْآنِ وَلَا يَمَسُّ مُصْحَفًا إلَّا طَاهِرًا الطَّهَارَةَ التي تَجْزِيهِ لِلصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّ كُلًّا صَلَاةٌ وَلَا يَحِلُّ مَسُّ مُصْحَفٍ إلَّا بِطَهَارَةٍ وَسَوَاءٌ خَافَ فَوْتَ شَيْءٍ من هذه الصَّلَوَاتِ أو لم يَخَفْهُ يَكُونُ ذلك سَوَاءً في الْمَكْتُوبَاتِ - * كَيْفَ الْخُطْبَةُ في الِاسْتِسْقَاءِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ في الِاسْتِسْقَاءِ خُطْبَتَيْنِ كما يَخْطُبُ في صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ يُكَبِّرُ اللَّهَ فِيهِمَا وَيَحْمَدُهُ ويصلى على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَيُكْثِرُ فِيهِمَا الِاسْتِغْفَارَ حتى يَكُونَ أَكْثَرَ كَلَامِهِ وَيَقُولَ كَثِيرًا { اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إنَّهُ كان غَفَّارًا يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا } - * الدُّعَاءُ في خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّك أَمَرْتَنَا بِدُعَائِك وَوَعَدْتَنَا إجَابَتَك فَقَدْ دَعَوْنَاك كما أَمَرْتَنَا فَأَجِبْنَا كما وَعَدْتَنَا أللهم إنْ كُنْت أَوْجَبْت إجَابَتَك لِأَهْلِ طَاعَتِك وَكُنَّا قد قَارَفْنَا ما خَالَفْنَا فيه الَّذِينَ مَحَّضُوا طَاعَتَك فَامْنُنْ عَلَيْنَا بِمَغْفِرَةِ ما قَارَفْنَا وَإِجَابَتِنَا في سُقْيَانَا وَسَعَةِ رِزْقِنَا وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ بَعْدُ لِلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَكُونُ أَكْثَرُ دُعَائِهِ الِاسْتِغْفَارَ يَبْدَأُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ فَنَأْمُرُ الْإِمَامَ يُكَبِّرُ في الِاسْتِسْقَاءِ سَبْعًا وَخَمْسًا قبل الْقِرَاءَةِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ كل تَكْبِيرَةٍ من السَّبْعِ وَالْخَمْسِ وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ ويصلى رَكْعَتَيْنِ لَا يُخَالِفُ صَلَاةَ الْعِيدِ بِشَيْءٍ وَنَأْمُرُهُ أَنْ يَقْرَأَ فيها ما يَقْرَأُ في صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فإذا خَافَتَ بِالْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَلَا إعَادَةَ عليه وَإِنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ فَكَذَلِكَ وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ عليه وَإِنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ حتى يَفْتَتِحَ الْقِرَاءَةَ في رَكْعَةٍ لم يُكَبِّرْ بَعْدَ افْتِتَاحِهِ الْقِرَاءَةَ وَكَذَلِكَ إنْ كَبَّرَ بَعْضَ التَّكْبِيرِ ثُمَّ افْتَتَحَ بِالْقِرَاءَةِ لم يَقْضِ التَّكْبِيرَ في تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَكَبَّرَ في الْأُخْرَى تَكْبِيرَهَا ولم يَقْضِ ما تَرَكَ من تَكْبِيرِ الْأُولَى فَإِنْ صَنَعَ في الْأُخْرَى كَذَلِكَ صَنَعَ هَكَذَا يُكَبِّرُ قبل أَنْ يَقْرَأَ وَلَا يُكَبِّرُ بعد ما يَقْرَأُ في الرَّكْعَةِ التي افْتَتَحَ فيها الْقِرَاءَةَ

(1/250)


بِهِ دُعَاءَهُ وَيَفْصِلُ بِهِ بين كَلَامِهِ وَيَخْتِمُ بِهِ وَيَكُونُ أَكْثَرَ كَلَامِهِ حتى يَنْقَطِعَ الْكَلَامُ وَيَحُضُّ الناس على التَّوْبَةِ وَالطَّاعَةِ وَالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ عز وجل (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ أَنْ يَدْعُوَ الْإِمَامُ بهذا وَلَا وَقْتَ في الدُّعَاءِ وَلَا يُجَاوِزُهُ
أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن الْمُطَّلِبِ بن السَّائِبِ عن بن الْمُسَيِّبِ قال اسْتَسْقَى عُمَرُ وكان أَكْثَرُ دُعَائِهِ الِاسْتِغْفَارَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ خَطَبَ خُطْبَةً وَاحِدَةً لم يَجْلِسْ فيها ولم يَكُنْ عليه إعَادَةٌ وَأُحِبُّ أَنْ يَجْلِسَ حين يَرْقَى الْمِنْبَرَ أو مَوْضِعَهُ الذي يَخْطُبُ فيه ثُمَّ يَخْطُبَ ثُمَّ يَجْلِسَ فَيَخْطُبَ - * تَحْوِيلُ الْإِمَامِ الرِّدَاءَ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيَبْدَأُ فَيَخْطُبُ الْخُطْبَةَ الْأُولَى ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ بَعْضَ الْخُطْبَةِ الْآخِرَةِ فَيَسْتَقْبِلُ الناس في الْخُطْبَتَيْنِ ثُمَّ يُحَوِّلُ وَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ وَيُحَوِّلُ الناس أَرْدِيَتَهُمْ معه فَيَدْعُو سِرًّا في نَفْسِهِ وَيَدْعُو الناس معه ثُمَّ يُقْبِلُ على الناس بِوَجْهِهِ فَيَحُضُّهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ بِخَيْرٍ ويصلى على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَيَقْرَأُ آيَةً أو أَكْثَرَ من الْقُرْآنِ وَيَقُولُ استغفر اللَّهَ لي وَلَكُمْ ثُمَّ يَنْزِلُ وَإِنْ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ في الْخُطْبَةِ الْأُولَى لم يَكُنْ عليه أَنْ يَعُودَ لِذَلِكَ في الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَأُحِبُّ لِمَنْ حَضَرَ الِاسْتِسْقَاءَ اسْتِمَاعَ الْخُطْبَةِ وَالْإِنْصَاتَ وَلَا يَجِبُ ذلك وُجُوبَهُ في الْجُمُعَةِ - * كَيْفَ تَحْوِيلُ الْإِمَامِ رِدَاءَهُ في الْخُطْبَةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا الدَّرَاوَرْدِيُّ عن عُمَارَةَ بن غَزِيَّةَ عن عَبَّادِ بن تَمِيمٍ قال اسْتَسْقَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ له سَوْدَاءُ فَأَرَادَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا فَيَجْعَلَهُ أَعْلَاهَا فلما ثَقُلَتْ عليه قَلَبَهَا على عَاتِقِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا أَقُولُ فَنَأْمُرُ الْإِمَامَ أَنْ يُنَكِّسَ رِدَاءَهُ فَيَجْعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَيَزِيدَ مع تَنْكِيسِهِ فَيَجْعَلَ شِقَّهُ الذي على مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ على مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ وَاَلَّذِي على مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ على مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ فَيَكُونُ قد جاء بِمَا أَرَادَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من نَكْسِهِ وَبِمَا فَعَلَ من تَحْوِيلِ الْأَيْمَنِ على الْأَيْسَرِ إذَا خَفَّ له رِدَاؤُهُ فَإِنْ ثَقُلَ فَعَلَ ما فَعَلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من تَحْوِيلِ ما على مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ على مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ وما على مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ على مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَيَصْنَعُ الناس في ذلك ما صَنَعَ الْإِمَامُ فَإِنْ تَرَكَهُ منهم تَارِكٌ أو الْإِمَامُ أو كلهم كَرِهْت تَرْكَهُ لِمَنْ تَرَكَهُ وَلَا كَفَّارَةَ وَلَا إعَادَةَ عليه وَلَا يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ إذَا انْصَرَفَ من مَكَانِهِ الذي يَخْطُبُ فيه وإذا حَوَّلُوا أَرْدِيَتَهُمْ أَقَرُّوهَا مُحَوَّلَةً كما هِيَ حتى يَنْزِعُوهَا مَتَى نَزَعُوهَا وَإِنْ اقْتَصَرَ رَجُلٌ على تَحْوِيلِ رِدَائِهِ ولم يَنْكُسْهُ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِسَعَةِ ذلك وَكَذَلِكَ لو اقْتَصَرَ على نَكْسِهِ ولم يحوله ( ( ( يحول ) ) ) إلَّا نَكْسًا رَجَوْت أَنْ يُجْزِيَهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان إذَا دَعَا في الِاسْتِسْقَاءِ رَفَعَ يَدَيْهِ
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن شَرِيكِ بن عبد اللَّهِ بن أبي نَمِرٍ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان إذَا اسْتَسْقَى قال اللَّهُمَّ أَمْطِرْنَا
أخبرنا إبْرَاهِيمُ قال حدثني خَالِدُ بن رَبَاحٍ عن الْمُطَّلِبِ بن حَنْطَبٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يقول عِنْدَ الْمَطَرِ اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ وَلَا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا بَلَاءٍ وَلَا هَدْمٍ وَلَا غَرَقٍ اللَّهُمَّ على الظِّرَابِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا ( قال ) وَرَوَى سَالِمُ بن عبد اللَّهِ عن أبيه أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان إذَا اسْتَسْقَى قال اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مَرِيعًا غَدَقًا مُجَلِّلًا عَامًّا طَبَقًا سَحًّا دَائِمًا اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا من الْقَانِطِينَ اللَّهُمَّ إنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ وَالْبَهَائِمِ وَالْخَلْقِ من اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالضَّنْكِ ما لَا نَشْكُو إلَّا اليك اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لنا الزَّرْعَ وَأَدِرَّ لنا الضَّرْعَ وَاسْقِنَا من بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْبِتْ لنا من بَرَكَاتِ الْأَرْضِ اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ والعرى وَاكْشِفْ عَنَّا من الْبَلَاءِ ما لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّك كُنْت غَفَّارًا فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا

(1/251)


- * كَرَاهِيَةُ الِاسْتِمْطَارِ بِالْأَنْوَاءِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا مَالِكٍ عن صَالِحِ بن كَيْسَانَ عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد اللَّهِ بن عُتْبَةَ بن مَسْعُودٍ عن زَيْدِ بن خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قال صلى لنا ( ( ( بنا ) ) ) رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الصُّبْحَ بِالْحُدَيْبِيَةِ في أثر سَمَاءٍ كانت من اللَّيْلِ فلما انْصَرَفَ أَقْبَلَ على الناس فقال هل تَدْرُونَ مَاذَا قال رَبُّكُمْ قالوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قال قال أَصْبَحَ من عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا من قال مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوَاكِبِ وَأَمَّا من قال مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوَاكِبِ ( قال الشَّافِعِيُّ ) رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِأَبِي هو وَأُمِّي هو عَرَبِيٌّ وَاسِعُ اللِّسَانِ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ هذا معانى وَإِنَّمَا مُطِرَ بين ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكُونَ لِأَنَّ هذا في غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَرَى مَعْنَى قَوْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ من قال مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ إيمَانٌ بِاَللَّهِ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُمْطِرُ وَلَا يُعْطِي إلَّا اللَّهُ عز وجل وَأَمَّا من قال مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا على ما كان بَعْضُ أَهْلِ الشِّرْكِ يَعْنُونَ من إضَافَةِ الْمَطَرِ إلَى أَنَّهُ أَمْطَرَهُ نَوْءُ كَذَا فَذَلِكَ كُفْرٌ كما قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِأَنَّ النَّوْءَ وَقْتٌ وَالْوَقْتُ مَخْلُوقٌ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ شيئا وَلَا يُمْطِرُ وَلَا يَصْنَعُ شيئا فَأَمَّا من قال مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا على مَعْنَى مُطِرْنَا بِوَقْتِ كَذَا فَإِنَّمَا ذلك كَقَوْلِهِ مُطِرْنَا في شَهْرِ كَذَا وَلَا يَكُونُ هذا كُفْرًا وَغَيْرُهُ من الْكَلَامِ أَحَبُّ إلى منه (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَلَغَنَا أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَتَمَطَّرُ في أَوَّلِ مَطْرَةٍ حتى يُصِيبَ جَسَدَهُ وروى عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ السَّمَاءَ أَمْطَرَتْ فقال لِغُلَامِهِ أَخْرِجْ فِرَاشِي وَرَحْلِي يُصِيبُهُ الْمَطَرُ فقال أبو الْجَوْزَاءِ لِابْنِ عَبَّاسٍ لِمَ تَفْعَلُ هذا يَرْحَمُك اللَّهُ فقال أَمَّا تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ { وَنَزَّلْنَا من السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا } فَأُحِبُّ أَنْ تُصِيبَ الْبَرَكَةُ فِرَاشِي وَرَحْلِي
أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن بن حَرْمَلَةَ عن بن الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ رَآهُ في الْمَسْجِدِ وَمَطَرَتْ السَّمَاءُ وهو في السِّقَايَةِ فَخَرَجَ إلَى رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ كَشَفَ عن ظَهْرِهِ لِلْمَطَرِ حتى أَصَابَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَجْلِسِهِ - * السَّيْلُ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرني من لَا أَتَّهِمُ عن يَزِيدَ بن عبد اللَّهِ بن الْهَادِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) أُحِبُّ أَنْ يَقُولَ مُطِرْنَا في وَقْتِ كَذَا وقد روى عن عُمَرَ أَنَّهُ قال يوم الْجُمُعَةِ وهو على الْمِنْبَرِ كَمْ بقى من نَوْءِ الثُّرَيَّا فَقَامَ الْعَبَّاسُ فقال لم يَبْقَ منه شَيْءٌ إلَّا الْعَوَّاءُ فَدَعَا وَدَعَا الناس حتى نَزَلَ عن الْمِنْبَرِ فَمُطِرَ مَطَرًا حَيِيَ الناس منه وَقَوْلُ عُمَرَ هذا يُبَيِّنُ ما وَصَفْت لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ كَمْ بقى من وَقْتِ الثريا ( ( ( الثرياء ) ) ) لِيُعَرِّفَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل قَدَّرَ الْأَمْطَارَ في أَوْقَاتٍ فِيمَا جَرَّبُوا كما عَلِمُوا أَنَّهُ قَدَّرَ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ بِمَا جَرَّبُوا في أَوْقَاتٍ وَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان إذَا أَصْبَحَ وقد مُطِرَ الناس قال مُطِرْنَا بِنَوْءِ الْفَتْحِ ثُمَّ قَرَأَ { ما يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ من رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لها } وَبَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ أَوْجَفَ بِشَيْخٍ من بَنِي تَمِيمٍ غَدَا مُتَّكِئًا على عُكَّازِهِ وقد مُطِرَ الناس فقال أَجَادَ ما أَقْرَى الْمِجْدَحُ الْبَارِحَةَ فَأَنْكَرَ عُمَرُ قَوْلَهُ أَجَادَ ما أَقْرَى الْمِجْدَحُ لِإِضَافَةِ الْمَطَرِ إلَى الْمِجْدَحِ - * الْبُرُوزُ لِلْمَطَرِ - *

(1/252)


كان إذَا سَالَ السَّيْلُ يقول اُخْرُجُوا بِنَا إلَى هذا الذي جَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا فَنَتَطَهَّرُ منه وَنَحْمَدُ اللَّهَ عليه
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرني من لَا أَتَّهِمُ عن إِسْحَاقَ بن عبد اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ كان إذَا سَالَ السَّيْلُ ذَهَبَ بِأَصْحَابِهِ إلَيْهِ وقال ما كان لِيَجِيءَ من مَجِيئِهِ إحد إلَّا تَمَسَّحْنَا بِهِ - * طَلَبُ الْإِجَابَةِ في الدُّعَاءِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرني من لَا أَتَّهِمُ قال حدثني عبد الْعَزِيزِ بن عُمَرَ عن مَكْحُولٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال اُطْلُبُوا إجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْجُيُوشِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَنُزُولِ الْغَيْثِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسُبَّ الرِّيحَ فَإِنَّهَا خَلْقُ اللَّهِ عز وجل مُطِيعٌ وَجُنْدٌ من أَجْنَادِهِ يَجْعَلُهَا رحمه وَنِقْمَةً إذَا شَاءَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا محمد بن عَبَّاسٍ قال شَكَا رَجُلٌ إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْفَقْرَ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَعَلَّك تَسُبُّ الرِّيحَ
أخبرنا الثِّقَةُ عن الزُّهْرِيِّ عن ثَابِتِ بن قَيْسٍ عن أبي هُرَيْرَةَ قال أَخَذَتْ الناس رِيحٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ وَعُمَرُ حَاجٌّ فَاشْتَدَّتْ فقال عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه لِمَنْ حَوْلَهُ ما بَلَغَكُمْ في الرِّيحِ فلم يُرْجِعُوا إلَيْهِ شيئا فَبَلَغَنِي الذي سَأَلَ عنه عُمَرُ من أَمْرِ الرِّيحِ فَاسْتَحْثَثْت رَاحِلَتِي حتى أَدْرَكْت عُمَرَ وَكُنْت في مُؤَخَّرِ الناس فَقُلْت يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُخْبِرْت أَنَّك سَأَلْت عن الرِّيحِ وَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول الرِّيحُ من رُوحِ اللَّهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ فَلَا تَسُبُّوهَا وَاسْأَلُوا اللَّهَ من خَيْرِهَا وَعُوذُوا بِاَللَّهِ من شَرِّهَا
أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ قال قُلْت لِابْنِ طاوس ( ( ( طاووس ) ) ) ما كان أَبُوك يقول إذَا سمع الرَّعْدَ قال كان يقول سُبْحَانَ من سَبَّحَتْ له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى قَوْلِ اللَّهِ عز وجل { وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ } - * الْإِشَارَةُ إلَى الْمَطَرِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا من لَا أَتَّهِمُ قال حدثنا سُلَيْمَانُ بن عبد اللَّهِ عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ قال إذَا رَأَى أحدكم الْبَرْقَ أو الْوَدْقَ فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ وَلْيَصِفْ وَلْيَنْعَتْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولم تَزَلْ الْعَرَبُ تَكْرَهُ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ في
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد حَفِظْت عن غَيْرِ وَاحِدٍ طَلَبَ الْإِجَابَةِ عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ - * الْقَوْلُ في الْإِنْصَاتِ عِنْدَ رُؤْيَةِ السَّحَابِ وَالرِّيحِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرني من لَا أَتَّهِمُ قال حدثني خَالِدُ بن رَبَاحٍ عن الْمُطَّلِبِ بن حَنْطَبٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان إذَا بَرِقَتْ السَّمَاءُ أو رَعَدَتْ عُرِفَ ذلك في وَجْهِهِ فإذا أَمْطَرَتْ سرى عنه
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرني من لَا أَتَّهِمُ قال قال الْمِقْدَامُ بن شُرَيْحٍ عن أبيه عن عَائِشَةَ قالت كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا أَبْصَرْنَا شيئا في السَّمَاءِ يعنى السَّحَابَ تَرَكَ عَمَلَهُ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قال اللَّهُمَّ اني أَعُوذُ بِك من شَرِّ ما فيه فَإِنْ كَشَفَهُ اللَّهُ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَإِنْ مَطَرَتْ قال اللَّهُمَّ سُقْيَا نَافِعًا
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَخْبَرَنِي من لَا أَتَّهِمُ قال حدثني أبو حَازِمٍ عن بن الْمُسَيِّبِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان إذَا سمع حِسَّ الرَّعْدِ عُرِفَ ذلك في وَجْهِهِ فإذا أَمْطَرَتْ سرى عنه فَسُئِلَ عن ذلك فقال إنِّي لَا أَدْرِي بِمَا أُرْسِلَتْ أَبِعَذَابٍ أَمْ بِرَحْمَةِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرني من لَا أَتَّهِمُ قال حدثنا الْعَلَاءُ بن رَاشِدٍ عن عِكْرِمَةَ عن بن عَبَّاسٍ قال ما هَبَّتْ رِيحٌ إلَّا جَثَا النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم على رُكْبَتَيْهِ وقال اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا قال قال بن عَبَّاسٍ في كِتَابِ اللَّهِ عز وجل { إنَّا أَرْسَلْنَا عليهم رِيحًا صَرْصَرًا } وَ { إذْ أَرْسَلْنَا عليهم الرِّيحَ الْعَقِيمَ } وقال { وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } { يرسل ( ( ( وأرسلنا ) ) ) الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ }
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرني من لَا أَتَّهِمُ قال أخبرنا صَفْوَانُ بن سُلَيْمٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ وَعُوذُوا بِاَللَّهِ من شَرِّهَا

(1/253)


الرَّعْدِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الثِّقَةُ أَنَّ مُجَاهِدًا كان يقول الرَّعْدُ مَلَكٌ وَالْبَرْقُ أَجْنِحَةُ الْمَلَكِ يَسُقْنَ السَّحَابَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا تَهُبُّ نُشُرًا بين يَدَيْ رَحْمَتِهِ من الْمَطَرِ
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرنا سُلَيْمَانُ عن الْمِنْهَالِ بن عَمْرٍو عن قَيْسِ بن
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) ما أَشْبَهَ ما قال مُجَاهِدٌ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ
أخبرنا الثِّقَةُ عن مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قال ما سَمِعْت بِأَحَدٍ ذَهَبَ الْبَرْقُ بِبَصَرِهِ كَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى قَوْلِ اللَّهِ عز وجل { يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ } قال وَبَلَغَنِي عن مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قال وقد سَمِعْت من تُصِيبُهُ الصَّوَاعِقُ كَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى قَوْلِ اللَّهِ عز وجل { وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بها من يَشَاءُ } وَسَمِعْت من يقول الصَّوَاعِقُ رُبَّمَا قَتَلَتْ وَأَحْرَقَتْ - * كَثْرَةُ الْمَطَرِ وَقِلَّتُهُ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن عَمْرِو بن أبي عَمْرٍو عن الْمُطَّلِبِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال ما من سَاعَةٍ من لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ إلَّا وَالسَّمَاءُ تُمْطِرُ فيها يَصْرِفُهُ اللَّهُ حَيْثُ يَشَاءُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا من لَا أَتَّهِمُ عن عبد اللَّهِ بن أبي بَكْرٍ عن أبيه أَنَّ الناس مُطِرُوا ذَاتَ لَيْلَةٍ فلما أَصْبَحَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم غَدَا عليهم فقال ما على الْأَرْضِ بُقْعَةٌ إلَّا وقد مُطِرَتْ هذه اللَّيْلَةَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا من لَا أَتَّهِمُ عن سُهَيْلٍ عن أبيه عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال ليس السَّنَةُ بِأَنْ لَا تُمْطَرُوا وَلَكِنْ السَّنَةُ أَنْ تُمْطَرُوا ثُمَّ تُمْطَرُوا وَلَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ شيئا - * أَيُّ الْأَرْضِ أَمَطَرُ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرني من لَا أَتَّهِمُ قال أخبرني إِسْحَاقُ بن عبد اللَّهِ عن الْأَسْوَدِ عن بن مَسْعُودٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال الْمَدِينَةُ بين عَيْنَيْ السَّمَاءِ عَيْنٍ بِالشَّامِ وَعَيْنٍ بِالْيَمَنِ وَهِيَ أَقَلُّ الْأَرْضِ مَطَرًا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرني من لَا أَتَّهِمُ قال أخبرني يَزِيدُ أو نَوْفَلُ بن عبد الْمَلِكِ الْهَاشِمِيُّ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال أسكنت ( ( ( اسكت ) ) ) أَقَلُّ الْأَرْضِ مَطَرًا وَهِيَ بين عَيْنَيْ السَّمَاءِ ( يَعْنِي الْمَدِينَةَ ) عَيْنٍ بِالشَّامِ وَعَيْنٍ بِالْيَمَنِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرني من لَا أَتَّهِمُ قال أخبرني سُهَيْلٌ عن أبيه عن أبي هُرَيْرَةَ قال يُوشِكُ أَنْ تُمْطَرَ الْمَدِينَةُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ أَهْلَهَا الْبُيُوتُ وَلَا يَكُنُّهُمْ إلَّا مَظَالُّ الشَّعْرِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرني من لَا أَتَّهِمُ عن صَفْوَانَ بن سُلَيْمٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال يُصِيبُ الْمَدِينَةَ مَطَرٌ لَا يَكُنُّ أَهْلَهَا بَيْتٌ من مَدَرٍ ( قال الشَّافِعِيُّ )
أخبرنا من لَا أَتَّهِمُ قال أخبرني محمد بن زَيْدِ بن مُهَاجِرٍ عن صَالِحِ بن عبد اللَّهِ بن الزُّبَيْرِ أَنَّ كَعْبًا قال له وهو يَعْمَلُ وَتَدًا بِمَكَّةَ اُشْدُدْ وَأَوْثِقْ فَإِنَّا نَجِدُ في الْكُتُبِ أَنَّ السُّيُولَ سَتَعْظُمُ في آخِرِ الزَّمَانِ
أخبرنا سُفْيَانُ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ عن أبيه عن جَدِّهِ قال جاء مَكَّةَ مَرَّةً سَيْلٌ طَبَّقَ ما بين الْجَبَلَيْنِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَخْبَرَنِي من لَا أَتَّهِمُ قال أخبرني مُوسَى بن جُبَيْرٍ عن أبي أُمَامَةَ بن سَهْلِ بن حُنَيْفٍ عن يُوسُفَ بن عبد اللَّهِ بن سَلَامٍ عن أبيه قال يُوشِكُ الْمَدِينَةُ أَنْ يُصِيبَهَا مَطَرٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لَا يَكُنُّ أَهْلَهَا بَيْتٌ من مَدَرٍ - * أَيُّ الرِّيحِ يَكُونُ بها الْمَطَرُ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرني من لَا أَتَّهِمُ قال أخبرني عبد اللَّهِ بن عُبَيْدَةَ عن مُحَمَّدِ بن عَمْرٍو أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال نُصِرْت بِالصَّبَا وَكَانَتْ عَذَابًا على من كان قَبْلِي ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبَلَغَنِي أَنَّ قَتَادَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ما هَبَّتْ جَنُوبٌ قَطُّ إلَّا أَسَالَتْ وَادِيًا

(1/254)


السَّكَنِ عن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ قال إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتَحْمِلُ الْمَاءَ من السَّمَاءِ ثُمَّ تَمُرُّ في السَّحَابِ حتى تُدَرَّ كما تُدَرُّ اللِّقْحَةُ ثُمَّ تُمْطِرُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا من لَا أَتَّهِمُ قال حدثني إِسْحَاقُ بن عبد اللَّهِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا أُنْشِئَتْ بِحُرِّيَّةٍ ثُمَّ اسْتَحَالَتْ شَامِيَّةً فَهُوَ أَمْطَرُ لها - * الْحُكْمُ في تَارِكِ الصَّلَاةِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) يَذْهَبُ فِيمَا أَرَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إلَى قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وأقيموا ( ( ( أقيموا ) ) ) الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } وَأَخْبَرَ أبو بَكْرٍ أَنَّهُ إنَّمَا يُقَاتِلُهُمْ على الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَأَصْحَابُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قَاتَلُوا من مَنَعَ الزَّكَاةَ إذْ كانت فَرِيضَةً من فَرَائِضِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَنَصَبَ دُونَهَا أَهْلُهَا فلم يَقْدِرْ على أَخْذِهَا منهم طَائِعِينَ ولم يَكُونُوا مَقْهُورِينَ عليها فتوخذ منهم كما تُقَامُ عليهم الْحُدُودُ كَارِهِينَ وَتُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ لِمَنْ وَجَبَتْ له بِزَكَاةٍ أو دَيْنٍ كَارِهِينَ أو غير كَارِهِينَ فَاسْتَحَلُّوا قِتَالَهُمْ وَالْقِتَالُ سَبَبُ الْقَتْلِ فلما كانت الصَّلَاةُ وَإِنْ كان تَارِكُهَا في أَيْدِينَا غير مُمْتَنِعٍ مِنَّا فَإِنَّا لَا نَقْدِرُ على أَخْذِ الصَّلَاةِ منه لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ يُؤْخَذُ من يَدَيْهِ مِثْلُ اللُّقَطَةِ وَالْخَرَاجِ وَالْمَالِ قُلْنَا إنْ صَلَّيْت وَإِلَّا قَتَلْنَاك كما يكفر ( ( ( يفكر ) ) ) فَنَقُولُ إنْ قَبِلْت الْإِيمَانَ وَإِلَّا قَتَلْنَاك إذْ كان الْإِيمَانُ لَا يَكُونُ إلَّا بِقَوْلِك وَكَانَتْ الصَّلَاةُ وَالْإِيمَانُ مُخَالِفَيْنِ مَعًا ما في يَدَيْك وما نَأْخُذُ من مَالِك لِأَنَّا نَقْدِرُ على أَخْذِ الْحَقِّ مِنْك في ذلك وَإِنْ كَرِهْت فَإِنْ شَهِدَ عليه شُهُودٌ أَنَّهُ تَرَكَ الصَّلَاةَ سُئِلَ عَمَّا قالوا فَإِنْ قال كَذَبُوا وقد يُمْكِنُهُ أَنْ يصلى حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ صُدِّقَ وَإِنْ قال نَسِيت صُدِّقَ وَكَذَلِكَ لو شَهِدُوا أَنَّهُ صلى جَالِسًا وهو صَحِيحٌ فَإِنْ قال أنا مَرِيضٌ أو تَطَوَّعْت صُدِّقَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد قِيلَ يُسْتَتَابُ تَارِكُ الصَّلَاةِ ثَلَاثًا وَذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حَسَنٌ فَإِنْ صلى في الثَّلَاثِ وَإِلَّا قُتِلَ وقد خَالَفَنَا بَعْضُ الناس فِيمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ إذَا أُمِرَ بها وقال لَا أُصَلِّيهَا فقال لَا يُقْتَلُ وقال بَعْضُهُمْ أَضْرِبُهُ وَأَحْبِسُهُ وقال بَعْضُهُمْ أَحْبِسُهُ وَلَا أَضْرِبُهُ وقال بَعْضُهُمْ لَا أَضْرِبُهُ وَلَا أَحْبِسُهُ وهو أَمِينٌ على صَلَاتِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت لِمَنْ يقول لَا أَقْتُلُهُ أَرَأَيْت الرَّجُلَ تَحْكُمُ عليه بِحُكْمٍ بِرَأْيِك وهو من أَهْلِ الْفِقْهِ فيقول قد أَخْطَأْت الْحُكْمَ وَوَاللَّهِ لَا أُسَلِّمُ ما حَكَمْت بِهِ لِمَنْ حَكَمْت له قال فَإِنْ قَدَرْتُ على أَخْذِهِ منه أَخَذْتُهُ منه ولم أَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ لم أَقْدِرْ وَنَصَبَ دُونَهُ قَاتَلْتُهُ حتى آخُذَهُ أو أَقْتُلَهُ فَقُلْت له وَحُجَّتُك أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَاتَلَ من مَنَعَ الزَّكَاةَ وَقَتَلَ منهم قال نعم قُلْت فَإِنْ قال لَك الزَّكَاةُ فَرْضٌ من اللَّهِ لَا يَسَعُ جَهْلُهُ وَحُكْمُك رأى مِنْك يَجُوزُ لِغَيْرِك عِنْدَك وَعِنْدَ غَيْرِك أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِهِ فَكَيْفَ تَقْتُلُنِي على ما لَسْت على ثِقَةٍ من أَنَّك أَصَبْت فيه كما تَقْتُلُ من مَنَعَ فَرْضَ اللَّهِ عز وجل في الزَّكَاةِ الذي لَا شَكَّ فيه قال لِأَنَّهُ حَقٌّ عِنْدِي وَعَلَيَّ جَبْرُك عليه ( قُلْت ) قال لَك وَمَنْ قال لَك إنَّ عَلَيْك جَبْرِي عليه قال إنَّمَا وُضِعَ الْحُكَّامُ لِيُجْبِرُوا على ما رَأَوْا ( قُلْت ) فَإِنْ قال لَك على ما حَكَمُوا بِهِ من حُكْمِ اللَّهِ أو السُّنَّةِ أو ما لَا اخْتِلَافَ فيه قال قد يَحْكُمُونَ بِمَا فيه الِاخْتِلَافُ ( قُلْت ) فَإِنْ قال فَهَلْ سَمِعْت بِأَحَدٍ منهم قَاتَلَ على رَدِّ رَأْيِهِ فتقتدى بِهِ فقال وأنا لم إجد هذا فَإِنِّي إذَا كان لي الْحُكْمُ فَامْتَنَعَ منه قَاتَلْتُهُ
____________________
1- أخبرنا الرَّبِيعُ قال قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى من تَرَكَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ مِمَّنْ دخل في الْإِسْلَامِ قِيلَ له لِمَ لَا تصلى فَإِنْ ذَكَرَ نِسْيَانًا قُلْنَا فَصَلِّ إذَا ذَكَرْت وَإِنْ ذَكَرَ مَرَضًا قُلْنَا فَصَلِّ كَيْفَ أَطَقْت قَائِمًا أو قَاعِدًا أو مُضْطَجِعًا أو مُومِيًا فَإِنْ قال أنا أُطِيقُ الصَّلَاةَ وَأُحْسِنُهَا وَلَكِنْ لَا أصلى وَإِنْ كانت عَلَيَّ فَرْضًا قِيلَ له الصَّلَاةُ عَلَيْك شَيْءٌ لَا يَعْمَلُهُ عَنْك غَيْرُك وَلَا تَكُونُ إلَّا بِعَمَلِك فَإِنْ صَلَّيْت وَإِلَّا اسْتَتَبْنَاك فَإِنْ تُبْت وَإِلَّا قَتَلْنَاك فإن الصَّلَاةَ أَعْظَمُ من الزَّكَاةِ وَالْحُجَّةُ فيها ما وَصَفْت من أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي اللَّهُ عنه قال لو مَنَعُونِي عِقَالًا مِمَّا أَعْطَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَقَاتَلْتهمْ عليه لَا تُفَرِّقُوا بين ما جَمَعَ اللَّهُ

(1/255)


عليه ( قُلْت ) وَمَنْ قال لَك هذا ( وَقُلْت ) أَرَأَيْت لو قال لَك قَائِلٌ من ارْتَدَّ عن الْإِسْلَامِ إذَا عَرَضْتَهُ عليه فقال قد عَرَفْتُهُ وَلَا أَقُولُ بِهِ أَحْبِسُهُ وَأَضْرِبُهُ حتى يَقُولَ بِهِ قال ليس ذلك له لِأَنَّهُ قد بَدَّلَ دِينَهُ وَلَا يُقْبَلُ منه إلَّا أَنْ يَقُولَ بِهِ قُلْت أَفَتَعْدُو الصَّلَاةُ إذْ كانت من دِينِهِ وَكَانَتْ لَا تَكُونُ إلَّا بِهِ كما لَا يَكُونُ الْقَوْلُ بِالْإِيمَانِ إلَّا بِهِ أَنْ يُقْتَلَ على تَرْكِهَا أو يَكُونَ أَمِينًا فيها كما قال بَعْضُ أَصْحَابِك فَلَا نَحْبِسُهُ وَلَا نَضْرِبُهُ قال لَا يَكُونُ أَمِينًا عليها إذَا ظَهَرَ لي أَنَّهُ لَا يُصَلِّيهَا وَهِيَ حَقٌّ عليه قُلْت أَفَتَقْتُلُهُ بِرَأْيِك في الِامْتِنَاعِ من حُكْمِك بِرَأْيِك وَتَدَعُ قَتْلَهُ في الِامْتِنَاعِ من الصَّلَاةِ التي هِيَ أَبْيَنُ ما افْتَرَضَ اللَّهُ عز وجل عليه بَعْدَ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَشَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالْإِيمَانِ بِمَا جاء بِهِ من اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى - * الْحُكْمُ في السَّاحِرِ وَالسَّاحِرَةِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَاتَّبَعُوا ما تتلوا ( ( ( تتلو ) ) ) الشَّيَاطِينُ على مُلْكِ سُلَيْمَانَ وما كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ الناس السِّحْرَ وما أُنْزِلَ على الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وما يُعَلِّمَانِ من أَحَدٍ حتى يَقُولَا إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بين الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وما هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ من أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لِمَنْ اشْتَرَاهُ ما له في الْآخِرَةِ من خَلَاقٍ }
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال يا عَائِشَةُ أَمَا عَلِمْت أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي في أَمْرٍ اسْتَفْتَيْتُهُ فيه وقد كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مَكَثَ كَذَا وَكَذَا يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَا يَأْتِيهِنَّ أَتَانِي رَجُلَانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رِجْلَيَّ وَالْآخَرُ عِنْدَ رَأْسِي فقال الذي عِنْدَ رِجْلَيَّ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي ما بَالُ الرَّجُلِ قال مَطْبُوبٌ قال وَمَنْ طَبَّهُ قال لَبِيدُ بن أَعْصَمَ قال وَفِيمَ قال في جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ في مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ تَحْتَ رَعُونَةٍ أو رَعُوفَةٍ في بِئْرِ ذَرْوَانَ قال فَجَاءَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال هذه التي أُرِيتُهَا كَأَنَّ رؤوس نَخْلِهَا رؤوس الشَّيَاطِينِ وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ قال فَأَمَرَ بها رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأُخْرِجَ قالت عَائِشَةُ فَقُلْت يا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلَّا قال سُفْيَانُ تَعْنِي تَنَشَّرْت قالت فقال أَمَّا اللَّهُ عز وجل فَقَدْ شَفَانِي وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ على الناس منه شَرًّا قال وَلَبِيدُ بن أَعْصُمَ من بَنِي زُرَيْقٍ حَلِيفُ الْيَهُودِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ أَنَّهُ سمع بَجَالَةَ يقول كَتَبَ عُمَرُ أَنْ اُقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالسِّحْرُ اسْمٌ جَامِعٌ لَمَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَيُقَالُ لِلسَّاحِرِ صِفْ السِّحْرَ الذي تَسْحَرُ بِهِ فَإِنْ كان ما يَسْحَرُ بِهِ كَلَامَ كُفْرٍ صَرِيحٍ اُسْتُتِيبَ منه فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَأُخِذَ مَالُهُ فَيْئًا وَإِنْ كان ما يَسْحَرُ بِهِ كَلَامًا لَا يَكُونُ كُفْرًا وكان غير مَعْرُوفٍ ولم يَضُرَّ بِهِ أَحَدًا نهى عنه فَإِنْ عَادَ عُزِّرَ وَإِنْ كان يَعْلَمُ أَنَّهُ يَضُرُّ بِهِ أَحَدًا من غَيْرِ قَتْلٍ فَعَمَدَ أَنْ يَعْمَلَهُ عُزِّرَ وَإِنْ كان يَعْمَلُ عَمَلًا إذَا عَمِلَهُ قُتِلَ الْمَعْمُولُ بِهِ وقال عَمَدْت قَتْلَهُ قُتِلَ بِهِ قَوَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَوْلِيَاؤُهُ أَنْ يَأْخُذُوا دِيَتَهُ حَالَّةً في مَالِهِ وَإِنْ قال إنَّمَا أَعْمَلُ بهذا لِأَقْتُلَ فَيُخْطِئَ الْقَتْلُ وَيُصِيبَ وقد مَاتَ مِمَّا عَمِلْت بِهِ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَلَا قَوَدَ وَإِنْ قال قد سَحَرْتُهُ سِحْرًا مَرِضَ منه ولم يَمُتْ منه أَقْسَمَ أَوْلِيَاؤُهُ لَمَاتَ من ذلك الْعَمَلِ وَكَانَتْ لهم الدِّيَةُ وَلَا قَوَدَ لهم مَالُ السَّاحِرِ وَلَا يَغْنَمُ إلَّا في أَنْ يَكُونَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَخْبَرَنَا أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قَتَلَتْ جَارِيَةً لها سَحَرَتْهَا

(1/256)


السِّحْرُ كُفْرًا مُصَرَّحًا وَأَمَرَ عُمَرُ أَنْ يُقْتَلَ السَّحَّارَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إنْ كان السِّحْرُ كما وَصَفْنَا شِرْكًا وَكَذَلِكَ أَمَرَ حَفْصَةَ وَأَمَّا بَيْعُ عَائِشَةَ الْجَارِيَةَ ولم تَأْمُرْ بِقَتْلِهَا فَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ لم تَعْرِفْ ما السِّحْرُ فَبَاعَتْهَا لِأَنَّ لها بَيْعَهَا عِنْدَنَا وَإِنْ لم تَسْحَرْهَا وَلَوْ أَقَرَّتْ عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ السِّحْرَ شِرْكٌ ما تَرَكَتْ قَتْلَهَا إنْ لم تَتُبْ أو دَفَعَتْهَا إلَى الْإِمَامِ لِيَقْتُلَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَحَدِيثُ عَائِشَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم على أَحَدِ هذه الْمَعَانِي عِنْدَنَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَاَلَّذِي أَرَادَ اللَّهُ عز وجل أَنْ يُقْتَلُوا حتي يَتُوبُوا وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ أَهْلُ الْأَوْثَانِ من الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ الَّذِينَ لَا كِتَابَ لهم فَإِنْ قال قَائِلٌ ما دَلَّ على ذلك قِيلَ له قال اللَّهُ عز وجل { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ من الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حتى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَمَنْ لم يَزَلْ على الشِّرْكِ مُقِيمًا لم يُحَوَّلْ عنه إلَى الْإِسْلَامِ فَالْقَتْلُ على الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ منهم - * الْمُرْتَدُّ عن الْإِسْلَامِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ انْتَقَلَ عن الشِّرْكِ إلَى إيمَانٍ ثُمَّ انْتَقَلَ عن الْإِيمَانِ إلَى الشِّرْكِ من بَالِغِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ قُبِلَ منه وَإِنْ لم يَتُبْ قُتِلَ قال اللَّهُ عز وجل { وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حتى يَرُدُّوكُمْ عن دِينِكُمْ إنْ اسْتَطَاعُوا } إلَى { هُمْ فيها خَالِدُونَ }
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا الثِّقَةُ من أَصْحَابِنَا عن حَمَّادٍ عن يحيي بن سَعِيدٍ عن أبي أُمَامَةَ بن سَهْلِ بن حُنَيْفٍ عن عُثْمَانَ بن عَفَّانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ أو زِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ أو قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن أَيُّوبَ بن أبي تَمِيمَةَ عن عِكْرِمَةَ قال لَمَّا بَلَغَ بن عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه حَرَّقَ الْمُرْتَدِّينَ أو الزَّنَادِقَةَ قال لو كُنْت أنا لم أُحَرِّقْهُمْ وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ولم أُحَرِّقْهُمْ لِقَوْلِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِعَذَابِ اللَّهِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال من غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) حَدِيثُ يحيى بن سَعِيدٍ ثَابِتٌ وَلِمَ أَرَ أَهْلَ الحديث يُثْبِتُونَ الْحَدِيثَيْنِ بَعْدَ حديث زَيْدٍ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَلَا الحديث قَبْلَهُ ( قال ) وَمَعْنَى حديث عُثْمَانَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ وَمَعْنَى من بَدَّلَ قُتِلَ مَعْنًى يَدُلُّ على أَنَّ من بَدَّلَ دِينَهُ دِينَ الْحَقِّ وهو الْإِسْلَامُ لَا من بَدَّلَ غير الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ أَنَّ من خَرَجَ من غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ إلَى غَيْرِهِ من الإديان فَإِنَّمَا خَرَجَ من بَاطِلٍ إلَى بَاطِلٍ وَلَا يُقْتَلُ على الْخُرُوجِ من الْبَاطِلِ إنَّمَا يُقْتَلُ على الْخُرُوجِ من الْحَقِّ لِأَنَّهُ لم يَكُنْ على الدِّينِ الذي أَوْجَبَ اللَّهُ عز وجل عليه الْجَنَّةَ وَعَلَى خِلَافِهِ النَّارَ إنَّمَا كان على دِينٍ له النَّارُ إنْ أَقَامَ عليه قال اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } وقال اللَّهُ عز وجل { وَمَنْ يَبْتَغِ غير الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلْ منه } إلَى قَوْلِهِ { من الْخَاسِرِينَ } وقال { وَوَصَّى بها إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ } إلَى قَوْلِهِ { مُسْلِمُونَ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا قُتِلَ الْمُرْتَدُّ أو الْمُرْتَدَّةُ فَأَمْوَالُهُمَا فَيْءٌ لَا يَرِثُهَا مُسْلِمٌ وَلَا ذِمِّيٌّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) حَقَنَ اللَّهُ الدِّمَاءَ وَمَنَعَ الْأَمْوَالَ إلَّا بِحَقِّهَا بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ أو عَهْدٍ من الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ لِأَهْلِ الْكِتَابِ وَأَبَاحَ دِمَاءَ الْبَالِغِينَ من الرِّجَالِ بالإمتناع من الْإِيمَانِ إذَا لم يَكُنْ لهم عَهْدٌ قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { فإذا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لهم كُلَّ مَرْصَدٍ } إلَى { غَفُورٌ رَحِيمٌ }
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا عبد الْعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ عن مُحَمَّدِ بن عَمْرٍو عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ الناس حتى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فإذا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ على اللَّهِ

(1/257)


وَسَوَاءٌ ما كَسَبَا من أَمْوَالِهِمَا في الرِّدَّةِ أو مَلَكَا قَبْلَهَا وَلَا يُسْبَى لِلْمُرْتَدِّينَ ذُرِّيَّةٌ امْتَنَعَ الْمُرْتَدُّونَ في دَارِهِمْ أو لم يَمْتَنِعُوا أو لَحِقُوا في الرِّدَّةِ بِدَارِ الْحَرْبِ أو أَقَامُوا بِدَارِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْإِسْلَامِ قد ثَبَتَتْ لِلذُّرِّيَّةِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ في الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَلَا ذَنْبَ لهم في تَبْدِيلِ آبَائِهِمْ ويوارثون وَيُصَلَّى عليهم وَمَنْ بَلَغَ منهم الْحِنْثَ أُمِرَ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُعَاهَدُونَ فَامْتَنَعُوا أو هَرَبُوا إلَى دَارِ الْكُفَّارِ وَعِنْدَنَا ذَرَارِيُّ لهم وُلِدُوا من أَهْلِ عَهْدٍ لم نَسْبِهِمْ وَقُلْنَا لهم إذَا بَلَغُوا ذلك إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ الْعَهْدُ وَإِلَّا نَبَذْنَا إلَيْكُمْ فَاخْرُجُوا من بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَأَنْتُمْ حَرْبٌ وَمِنْ وُلِدَ من الْمُرْتَدِّينَ من الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمِّيِّينَ في الرِّدَّةِ لم يُسْبَ لِأَنَّ آبَاءَهُمْ لَا يُسْبَوْنَ وَلَا يُؤْخَذُ من مَالِهِ شَيْءٌ ما كان حَيًّا فَإِنْ مَاتَ على الرِّدَّةِ أو قُتِلَ جَعَلْنَا مَالَهُ فَيْئًا وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَمَالُهُ له وإذا ارْتَدَّ رَجُلٌ عن الْإِسْلَامِ أو امْرَأَةٌ اُسْتُتِيبَ أَيُّهُمَا ارْتَدَّ فَظَاهِرُ الْخَبَرِ فيه أنه يُسْتَتَابَ مَكَانَهُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وقد يَحْتَمِلُ الْخَبَرُ أَنْ يُسْتَتَابَ مُدَّةً من الْمُدَدِ أخبرنا مَالِكٌ عن عبد الرحمن بن مُحَمَّدِ بن عبد اللَّهِ بن عبدالقاري عن أبيه أَنَّهُ قال قَدِمَ على عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رَجُلٌ من قِبَلِ أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَسَأَلَهُ عن الناس فَأَخْبَرَهُ ثُمَّ قال هل كان فِيكُمْ من مُغَرِّبَةِ خَبَرٍ فقال نعم رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إسْلَامِهِ قال فما فَعَلْتُمْ بِهِ قال قَرَّبْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ فقال عُمَرُ فَهَلَّا حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا وَاسْتَتَبْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ وَيُرَاجِعُ أَمْرَ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي لم أَحْضُرْ ولم آمُرْ ولم أَرْضَ إذْ بَلَغَنِي ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي حَبْسِهِ ثَلَاثًا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَالَ ثَبَتَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال يَحِلُّ الدَّمُ بِثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ وَهَذَا قد كَفَرَ بَعْدَ إيمَانِهِ وَبَدَّلَ دِينَهُ دِينَ الْحَقِّ ولم يَأْمُرْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فيه بِأَنَاةٍ مُؤَقَّتَةٍ تُتَّبَعُ فَإِنْ قال قَائِلٌ إنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَجَّلَ بَعْضَ من قَضَى بِعَذَابِهِ أَنْ يَتَمَتَّعَ في دَارِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فإن نُزُولَ نِقْمَةِ اللَّهِ بِمَنْ عصاه ( ( ( عصماه ) ) ) مُخَالِفٌ لِمَا يَجِبُ على الْأَئِمَّةِ أَنْ يَقُومُوا بِهِ من حَقِّ اللَّهِ فَإِنْ قال قَائِلٌ ما دَلَّ على ذلك قِيلَ دَلَّ عليه ما قَضَى اللَّهُ تَبَارَكَ وتعالي من إمْهَالِهِ لِمَنْ كَفَرَ بِهِ وَعَصَاهُ وَقِيلَ أَسَلْنَاهُ مُدَدًا طَالَتْ وَقَصُرَتْ وَمِنْ أَخْذِهِ بَعْضَهُمْ بِعَذَابٍ مُعَجَّلٍ وَإِمْهَالِهِ بَعْضَهُمْ إلَى عَذَابِ الْآخِرَةِ الذي هو أَخْزَى فَأَمْضَى قَضَاءَهُ على ما أَرَادَ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وهو سَرِيعُ الْحِسَابِ ولم يَجْعَلْ هذا لِأَحَدٍ من خَلْقِهِ فيما وَجَبَ من حُقُوقِهِ فالمتأني بِهِ ثَلَاثًا لِيَتُوبَ بَعْدَ ثَلَاثٍ كَهَيْئَتِهِ قَبْلَهَا إمَّا لَا يَنْقَطِعُ منه الطَّمَعُ ما عَاشَ لِأَنَّهُ يؤيس ( ( ( يئس ) ) ) من تَوْبَتِهِ ثُمَّ يَتُوبُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ إغْرَامُهُ يَقْطَعُ الطَّمَعَ منه فَذَلِكَ يَكُونُ في مَجْلِسٍ وَهَذَا قَوْلٌ يَصِحُّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَمَنْ قال لَا يَتَأَنَّى بِهِ من زَعَمَ أَنَّ الحديث الذي روى عن عُمَرَ لو حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا ليس بِثَابِتٍ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ مُتَّصِلًا وَإِنْ كان ثَابِتًا كَأَنْ لم يُجْعَلْ على من قَتَلَهُ قبل ثَلَاثٍ شيئا وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يُحْبَسُ ثَلَاثًا وَمَنْ قال بِهِ احْتَجَّ بِأَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ تعالى عنه أَمَرَ بِهِ وَأَنَّهُ قد يَجِبُ الْحَدُّ فيتأني بِهِ الْإِمَامُ بَعْضَ الْأَنَاةِ فَلَا يُعَابُ عليه قال الرَّبِيعُ قال الشَّافِعِيُّ في مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يُقْتَلُ حتى يَجُوزَ كُلُّ وَقْتِ صَلَاةٍ فَيُقَالُ له قُمْ فَصَلِّ فَإِنْ لم يُصَلِّ قُتِلَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا أَقُولُ فَإِنْ قال قَائِلٌ لِمَ اخْتَرْتَهُ قِيلَ له لِأَنَّ الذي أَبَحْتُ بِهِ دَمَ الْمُرْتَدِّ ما أَبَاحَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا في الْمُرْتَدِّ فقال منهم قَائِلٌ من وُلِدَ على الْفِطْرَةِ ثُمَّ ارْتَدَّ إلَى دِينٍ يُظْهِرُهُ أو لَا يُظْهِرُهُ لم يُسْتَتَبْ وَقُتِلَ وقال بَعْضُهُمْ سَوَاءٌ من وُلِدَ على الْفِطْرَةِ وَمَنْ أَسْلَمَ لم يُولَدْ عليها فَأَيُّهُمَا ارْتَدَّ فَكَانَتْ رِدَّتُهُ إلَى يَهُودِيَّةٍ أو نَصْرَانِيَّةٍ أو دِينٍ يُظْهِرُهُ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ قُبِلَ منه وَإِنْ لم يَتُبْ قُتِلَ وَإِنْ كانت رِدَّتُهُ إلَى دِينٍ لَا يُظْهِرُهُ مِثْلُ الزَّنْدَقَةِ وما أَشْبَهَهَا قُتِلَ ولم يُنْظَرْ إلَى تَوْبَتِهِ وقال بَعْضُهُمْ سَوَاءٌ من وُلِدَ على الْفِطْرَةِ وَمَنْ لم يُولَدْ عليها إذَا أسلم فَأَيُّهُمَا ارْتَدَّ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ قُبِلَ منه وَإِنْ لم يَتُبْ قُتِلَ

(1/258)


اللَّهُ بِهِ دِمَاءَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ قَوْلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ فَلَا يَعْدُو قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ كَلِمَةَ الْكُفْرِ تُوجِبُ دَمَهُ كما يُوجِبُهُ الزنى بَعْدَ الْإِحْصَانِ فَقُتِلَ بِمَا أَوْجَبَ دَمَهُ من كَلِمَةِ الْكُفْرِ إلَى أَيِّ كُفْرٍ رَجَعَ وَمَوْلُودًا على الْفِطْرَةِ كان أو غير مَوْلُودٍ أو يَكُونُ إنَّمَا يُوجِبُ دَمَهُ كُفْرٌ ثَبَتَ عنه إذَا سُئِلَ النُّقْلَةَ عنه امْتَنَعَ وَهَذَا أَوْلَى الْمَعْنَيَيْنِ بِهِ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ روى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قَتَلَ مُرْتَدًّا رَجَعَ عن الْإِسْلَامِ وأبو بَكْرٍ قَتَلَ الْمُرْتَدِّينَ وَعُمَرُ قَتَلَ طُلَيْحَةَ وَعُيَيْنَةَ بن بَدْرٍ وَغَيْرَهُمَا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي سُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْمُنَافِقِينَ دَلَالَةٌ على أُمُورٍ منها لَا يُقْتَلُ من أَظْهَرَ التَّوْبَةَ من كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ وَمِنْهَا أَنَّهُ حَقَنَ دِمَاءَهُمْ وقد رَجَعُوا إلَى غَيْرِ يَهُودِيَّةٍ وَلَا نَصْرَانِيَّةٍ وَلَا مَجُوسِيَّةٍ وَلَا دِينٍ يُظْهِرُونَهُ إنَّمَا أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ وَأَسَرُّوا الْكُفْرَ فَأَقَرَّهُمْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الظَّاهِرِ على أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ فَنَاكَحُوا الْمُسْلِمِينَ وَوَارَثُوهُمْ وَأُسْهِمَ لِمَنْ شَهِدَ الْحَرْبَ منهم وَتُرِكُوا في مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا رَجْعَ عن الْإِيمَانِ أَبَدًا أَشَدُّ وَلَا أَبْيَنُ كُفْرًا مِمَّنْ أَخْبَرَ اللَّهُ عز وجل عن كُفْرِهِ بَعْدَ إيمَانِهِ فَإِنْ قال قَائِلٌ أَخْبَرَ اللَّهُ عز وجل عن أَسْرَارِهِمْ وَلَعَلَّهُ لم يَعْلَمْهُ الْآدَمِيُّونَ فَمِنْهُمْ من شَهِدَ عليه بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمِنْهُمْ من أَقَرَّ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَمِنْهُمْ من أَقَرَّ بِغَيْرِ شَهَادَةٍ وَمِنْهُمْ من أَنْكَرَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَأَخْبَرَ اللَّهُ عز وجل عَنْهُمْ بِقَوْلٍ ظَاهِرٍ فقال عز وجل { وَإِذْ يقول الْمُنَافِقُونَ وَاَلَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ ورسوله ( ( ( رسوله ) ) ) إلَّا غُرُورًا } فَكُلُّهُمْ إذَا قال ما قال وَثَبَتَ على قَوْلِهِ أو جَحَدَ أو أَقَرَّ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وترك ( ( ( ترك ) ) ) بِإِظْهَارِ الْإِسْلَامِ فلم يُقْتَلْ فَإِنْ قال قَائِلٌ فإن اللَّهَ عز وجل قال { وَلَا تُصَلِّ على أَحَدٍ منهم مَاتَ أَبَدًا } إلَى قَوْلِهِ { فَاسِقُونَ } فإن صَلَاةَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مُخَالِفَةٌ صَلَاةَ الْمُسْلِمِينَ سِوَاهُ لِأَنَّا نَرْجُو أَنْ لَا يصلى على أَحَدٍ إلَّا صلى اللَّهُ عليه وَرَحِمَهُ وقد قَضَى اللَّهُ { إنَّ الْمُنَافِقِينَ في الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ من النَّارِ وَلَنْ تَجِدْ لهم نَصِيرًا } وقال جَلَّ ثَنَاؤُهُ { اسْتَغْفِرْ لهم أو لَا تَسْتَغْفِرْ لهم إنْ تَسْتَغْفِرْ لهم سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لهم } فَإِنْ قال قَائِلٌ ما دَلَّ علي الْفَرْقِ بين
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْقَوْلَانِ اللَّذَانِ تَرَكْتُ لَيْسَا بِوَاحِدٍ من هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا وَجْهَ لِمَا جاء عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم غَيْرُهُمَا وَإِنَّمَا كُلِّفَ الْعِبَادُ الْحُكْمَ على الظَّاهِرِ من الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَتَوَلَّى اللَّهُ الثَّوَابَ على السَّرَائِرِ دُونَ خَلْقِهِ وقد قال اللَّهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم { إذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ قالوا نَشْهَدُ إنَّك لَرَسُولُ اللَّهِ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ إنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاَللَّهُ يَشْهَدُ إنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عن سَبِيلِ اللَّهِ } إلَى قَوْلِهِ { فَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ } قال وقد قِيلَ في قَوْلِ اللَّهِ عز وجل { وَاَللَّهُ يَشْهَدُ إنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } ما هُمْ بِمُخْلِصِينَ وفي قَوْلِ اللَّهِ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ أَظْهَرُوا الرُّجُوعَ عنه قال اللَّهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ { يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ ما قالوا وَلَقَدْ قالوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إسْلَامِهِمْ } فَحَقَنَ بِمَا أَظْهَرُوا من الْحَلِفِ ما قالوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ دِمَاءَهُمْ بِمَا أَظْهَرُوا ( قال ) وَقَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } يَدُلُّ على أَنَّ إظْهَارَ الْإِيمَانِ جُنَّةٌ من الْقَتْلِ وَاَللَّهُ وَلِيُّ السَّرَائِرِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا يحيى بن حَسَّانَ عن اللَّيْثِ بن سَعْدٍ عن بن شِهَابٍ عن عَطَاءِ بن يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عَدِيِّ بن الْخِيَارِ عن الْمِقْدَادِ أَنَّهُ أخبره أَنَّهُ قال يا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إنْ لَقِيتُ رَجُلًا من الْكُفَّارِ فَقَاتَلَنِي فَضَرَبَ إحْدَى يَدَيَّ بِسَيْفٍ فَقَطَعَهَا ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ فقال أَسْلَمْتُ لِلَّهِ أَفَأَقْتُلُهُ يا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَقْتُلْهُ قلت يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ قَطَعَ إحْدَى يَدَيَّ ثُمَّ قال ذلك بَعْدَ أَنْ قَطَعَهَا فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَقْتُلْهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فإنه بِمَنْزِلَتِك قبل أَنْ تَقْتُلَهُ وانت بِمَنْزِلَتِهِ قبل أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ التي قال قال الرَّبِيعُ مَعْنَى قَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ قَتَلْتَهُ فإنه بِمَنْزِلَتِك قبل أَنْ تَقْتُلَهُ وأنك بِمَنْزِلَتِهِ قبل أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ التي قال يَعْنِي أَنَّهُ بِمَنْزِلَتِك حَرَامُ الدَّمِ وَأَنْتَ إنْ قَتَلْتَهُ بِمَنْزِلَتِهِ كُنْت مُبَاحَ الدَّمِ قبل أَنْ يَقُولَ الذي قال

(1/259)


صَلَاةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذْ نهى عَنْهُمْ وَصَلَاةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرِهِ فإن رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم انْتَهَى عن الصَّلَاةِ عليهم بنهى اللَّهِ له ولم يَنْهَ اللَّهُ عز وجل وَرَسُولُهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم عنها وَلَا عن مَوَارِيثِهِمْ فَإِنْ قال قَائِلٌ فإن تَرْكَ قَتْلِهِمْ جُعِلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَاصَّةً فَذَلِكَ يَدْخُلُ عليه فِيمَا سِوَاهُ من الْأَحْكَامِ فَيُقَالُ فِيمَنْ تَرَكَ عليه السَّلَامُ قَتْلَهُ أو قَتَلَهُ جُعِلَ هذا له خَاصَّةً وَلَيْسَ هذا لِأَحَدٍ إلَّا بِأَنْ تأتى دَلَالَةٌ على أَنَّ أَمْرًا جُعِلَ خَاصَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَإِلَّا فما صَنَعَ عَامٌّ على الناس الِاقْتِدَاءُ بِهِ في مِثْلِهِ إلَّا ما بَيَّنَ هو أَنَّهُ خَاصٌّ أو كانت عليه دَلَالَةٌ بِخَبَرٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَفِي كل هذا دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا لم يَقْضِ إلَّا بِالظَّاهِرِ فَالْحُكَّامُ بَعْدَهُ أَوْلَى أَنْ لَا يَقْضُوا إلَّا على الظَّاهِرِ وَلَا يَعْلَمُ السَّرَائِرَ إلَّا اللَّهُ عز وجل وَالظُّنُونُ مُحَرَّمٌ على الناس وَمَنْ حَكَمَ بِالظَّنِّ لم يَكُنْ ذلك له وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا ارْتَدَّ الرَّجُلُ أو الْمَرْأَةُ عن الْإِسْلَامِ فَهَرَبَ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أو غَيْرِهَا وَلَهُ نِسَاءٌ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ وَمُكَاتَبُونَ وَمُدَبَّرُونَ وَمَمَالِيكُ وَأَمْوَالٌ مَاشِيَةٌ وَأَرْضُونَ وَدُيُونٌ له وعليه أَمَرَ الْقَاضِي نِسَاءَهُ أَنْ يَعْتَدِدْنَ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِنَّ من مَالِهِ وَإِنْ جاء تَائِبًا وَهُنَّ في عِدَّتِهِنَّ فَهُوَ على النِّكَاحِ وَإِنْ لم يَأْتِ تَائِبًا حتى تَمْضِيَ عِدَّتُهُنَّ فَقَدْ انْفَسَخْنَ منه وَيَنْكِحْنَ من شِئْنَ وَوَقَفَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَمَتَى جاء تَائِبًا فَهُنَّ في مِلْكِهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِنَّ من مَالِهِ فَإِنْ مَاتَ أو قُتِلَ عَتَقْنَ وكان مُكَاتَبُوهُ على كِتَابَتِهِمْ تُؤْخَذُ نُجُومُهُمْ فَإِنْ عَجَزُوا رَجَعُوا رَقِيقًا وَنَظَرَ فِيمَنْ بقى من رَقِيقِهِ فَإِنْ كان حَبْسُهُمْ أَزْيَدَ في مَالِهِ حَبَسَهُمْ أو من كان منهم يَزِيدُ في مَالِهِ بِخَرَاجٍ أو بِصِنَاعَةٍ أو كِفَايَةٍ لِضَيْعَةٍ وَإِنْ كان حَبْسُهُمْ يُنْقِصُ من مَالِهِ أو حَبْسُ بَعْضِهِمْ بَاعَ من كان حَبْسُهُ منهم نَاقِصًا لِمَالِهِ وَهَكَذَا يَصْنَعُ في مَاشِيَتِهِ وَأَرْضِهِ وَدُورِهِ وَرَقِيقِهِ ويقتضى دَيْنَهُ وَيَقْضِي عنه ما حَلَّ من دَيْنٍ عليه فَإِنْ رَجَعَ تَائِبًا سَلَّمَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد عَاشَرُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَئِمَّةَ الهدي وَهُمْ يَعْرِفُونَ بَعْضَهُمْ فلم يَقْتُلُوا منهم أَحَدًا ولم يَمْنَعُوهُ حُكْمَ الْإِسْلَامِ في الظَّاهِرِ إذْ كَانُوا يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وكان عُمَرُ يَمُرُّ بِحُذَيْفَةَ بن الْيَمَانِ إذَا مَاتَ مَيِّتٌ فَإِنْ أَشَارَ عليه أَنْ اجْلِسْ جَلَسَ وَاسْتَدَلَّ على أَنَّهُ مُنَافِقٌ ولم يَمْنَعْ من الصَّلَاةِ عليه مُسْلِمًا وَإِنَّمَا يَجْلِسُ عُمَرُ عن الصَّلَاةِ عليه لِأَنَّ الْجُلُوسَ عن الصَّلَاةِ عليه مُبَاحٌ له في غَيْرِ الْمُنَافِقِ إذَا كان لهم من يُصَلِّي عليهم سِوَاهُ وقد يَرْتَدُّ الرَّجُلُ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ ثُمَّ يُظْهِرُ التَّوْبَةَ منها وقد يُمْكِنُ فيه أَنْ يَكُونَ مُقِيمًا عليه لِأَنَّهُ قد يَجُوزُ له ذلك عِنْدَهُ بِغَيْرِ مُجَامَعَةِ النَّصَارَى وَلَا غِشْيَانِ الْكَنَائِسِ فَلَيْسَ في رِدَّتِهِ إلَى دِينٍ لَا يُظْهِرُهُ إذَا أَظْهَرَ التَّوْبَةَ شَيْءٌ يُمَكِّنُ بِأَنْ يَقُولَ قَائِلٌ لَا أَجِدُ دَلَالَةً على تَوْبَتِهِ بِغَيْرِ قَوْلِهِ إلَّا وهو يَدْخُلُ في النَّصْرَانِيَّةِ وَكُلُّ دِينٍ يُظْهِرُهُ وَيُمْكِنُ فيه قبل أَنْ يُظْهِرَ رِدَّتَهُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَمِلًا على الرِّدَّةِ فَإِنْ قال قَائِلٌ لم أُكَلَّفْ هذا إنَّمَا كُلِّفْت ما ظَهَرَ وَاَللَّهُ وَلِيُّ ما غَابَ فَأَقْبَلُ الْقَوْلَ بِالْإِيمَانِ إذَا قَالَهُ ظَاهِرًا وَأَنْسُبُهُ إلَيْهِ وَأَعْمَلُ بِهِ إذَا عَمِلَ فَهَذَا وَاحِدٌ في كل أَحَدٍ سَوَاءٌ لَا يَخْتَلِفُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ إلَّا بِحُجَّةٍ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَيْنَهُ ولم نَعْلَمْ لِلَّهِ حُكْمًا وَلَا لِرَسُولِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَأَحْكَامُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ تَدُلُّ على أَنْ ليس لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ على أَحَدٍ إلَّا بِظَاهِرٍ وَالظَّاهِرُ ما أَقَرَّ بِهِ أو ما قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ تُثْبِتُ عليه فَالْحُجَّةُ فِيمَا وَصَفْنَا من الْمُنَافِقِينَ وفي الرَّجُلِ الذي اسْتَفْتَى فيه الْمِقْدَادُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وقد قَطَعَ يَدَهُ على الشِّرْكِ وَقَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَهَلَّا كَشَفْت عن قَلْبِهِ يعنى أَنَّهُ لم يَكُنْ لَك إلَّا ظَاهِرُهُ وفي قَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْمُتَلَاعِنَيْنِ إنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أَرَاهُ إلَّا قد كَذَبَ عليها وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُدَيْعِجَ جَعْدًا فَلَا أَرَاهُ إلَّا قد صَدَقَ فَجَاءَتْ بِهِ على النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّ أَمْرَهُ لَبَيِّنٌ لَوْلَا ما حَكَمَ اللَّهُ وفي قَوْلِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّمَا أنا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلى فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ من بَعْضٍ وأقضى له على نَحْوِ ما أَسْمَعُ منه فَمَنْ قَضَيْتُ له بِشَيْءٍ من حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْ بِهِ فَإِنِّي إنَّمَا أَقْطَعُ له قِطْعَةً من النَّارِ

(1/260)


إلَيْهِ ما وَقَفَ من مَالِهِ وَإِنْ مَاتَ أو قُتِلَ على رِدَّتِهِ كان ما بقى من مَالِهِ فَيْئًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ ما الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَحْجُورِ عليه في مَالِهِ يُعْتِقُ فَيَبْطُلُ عِتْقُهُ وَيَتَصَدَّقُ فَتَبْطُلُ صَدَقَتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ ذلك إذَا خَرَجَ من الْوِلَايَةِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يقول { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حتى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ منهم رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } فَكَانَ قَضَاءُ اللَّهِ عز وجل أَنْ تُحْبَسَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ حتى يَبْلُغُوا وَيُؤْنَسَ منهم رُشْدٌ فَكَانَتْ في ذلك دَلَالَةٌ على أَنْ لَا أَمْرَ لهم وَأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِرَحْمَةِ اللَّهِ لِصَلَاحِهِمْ في حَيَاتِهِمْ ولم يُسَلَّطُوا على إتْلَافِهَا فِيمَا لَا يَلْزَمُهُمْ وَلَا يُصْلِحُ مَعَايِشَهُمْ فَبَطَلَ ما أَتْلَفُوا في هذا الْوَجْهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ عِتْقٌ وَلَا صَدَقَةٌ ولم يُحْبَسْ مَالُ الْمُرْتَدِّ بِنَظَرِ مَالِهِ وَلَا بِأَنَّهُ له وَإِنْ كان مُشْرِكًا وَلَوْ كان يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ على شِرْكِهِ لَجَازَ أَمْرُهُ في مَالِهِ لِأَنَّا لَا نلى على الْمُشْرِكِينَ أَمْوَالَهُمْ فَأَجَزْنَا عليه ما صَنَعَ فيه إنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ وَإِنْ لم يَرْجِعْ حتى يَمُوتَ أو يُقْتَلَ كان لنا بِمَوْتِهِ قبل أَنْ يَرْجِعَ ما في أَيْدِينَا من مَالِهِ فَيْئًا فَإِنْ قِيلَ أو ليس مَالُهُ على حَالِهِ قِيلَ بَلْ مَالُهُ على شَرْطٍ - * الْخِلَافُ في الْمُرْتَدِّ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال بَعْضُ الناس إذَا ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ عن الْإِسْلَامِ حُبِسَتْ ولم تُقْتَلْ فقلت لِمَنْ يقول هذا الْقَوْلَ أَخَبَرًا قُلْتَهُ أَمْ قِيَاسًا قال بَلْ خَبَرًا عن بن عَبَّاسٍ وكان من أَحْسَنِ أَهْلِ الْعِلْمِ من أَهْلِ نَاحِيَتِهِ قَوْلًا فيه قُلْت الذي قال هذا خَطَّاءٌ وَمِنْهُمْ من أَبْطَلَهُ بِأَكْثَرَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقُلْتُ له قد حَدَّثَ بَعْضُ مُحَدِّثِيكُمْ عن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَتَلَ نِسْوَةً ارْتَدَدْنَ عن الْإِسْلَامِ فما كان لنا أَنْ نَحْتَجَّ بِهِ إذْ كان ضَعِيفًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ( قال ) فَإِنِّي أَقُولُهُ قِيَاسًا على السُّنَّةِ ( قُلْت ) فَاذْكُرْهُ قال نهى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ من أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ فإذا كان النِّسَاءُ لَا يُقْتَلْنَ في دَارِ الْحَرْبِ كان النِّسَاءُ اللَّاتِي ثَبَتَ لَهُنَّ حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ أَوْلَى أَنْ لَا يُقْتَلْنَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت له أو يشبه حُكْمُ دَارِ الْحَرْبِ الْحُكْمَ في دَارِ الْإِسْلَامِ ( قال ) وما الْفَرْقُ بَيْنَهُ قلت أنت تُفَرِّقُ بَيْنَهُ ( قال ) وَأَيْنَ قُلْت أَرَأَيْت الْكَبِيرَ الْفَانِيَ وَالرَّاهِبَ الْأَجِيرَ أَيُقْتَلُ من هَؤُلَاءِ أَحَدٌ في دَارِ الْحَرْبِ قال لَا ( قُلْت ) فَإِنْ ارْتَدَّ رَجُلٌ فَتَرَهَّبَ أو ارْتَدَّ أَجِيرًا نَقْتُلُهُ قال نعم ( قُلْت ) وَلِمَ وَهَؤُلَاءِ قد ثَبَتَ لهم حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ وَصَارُوا كُفَّارًا فَلِمَ لَا تَحْقِنُ دِمَاءَهُمْ ( قال ) لِأَنَّ قَتْلَ هَؤُلَاءِ كَالْحَدِّ ليس لي تَعْطِيلُهُ ( قُلْت ) أَرَأَيْتَ ما حَكَمْتَ بِهِ حُكْمَ الْحَدِّ أَنُسْقِطُهُ عن الْمَرْأَةِ أَرَأَيْتَ الْقَتْلَ وَالْقَطْعَ وَالرَّجْمَ وَالْجَلْدَ أَتَجِدُ بين الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ من الْمُسْلِمِينَ فيه فَرْقًا قال لَا ( قلت ) فَكَيْفَ لم تَقْتُلْهَا بِالْحَدِّ في الرِّدَّةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقُلْت له أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ من دَارِ الْحَرْبِ أَتَغْنَمُ مَالَهَا وَتَسْبِيهَا وَتَسْتَرِقُّهَا قال نعم ( قُلْت ) فَتَصْنَعُ هذا بِالْمُرْتَدَّةِ في دَارِ الْإِسْلَامِ قال لَا قال فقلت له فَكَيْفَ جَازَ لَك أَنْ تَقِيسَ بِالشَّيْءِ ما لَا يُشْبِهُهُ في الْوَجْهَيْنِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقال بَعْضُ الناس وإذا ارْتَدَّ الرَّجُلُ عن الْإِسْلَامِ فَقُتِلَ أو مَاتَ على رِدَّتِهِ أو لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ قَسَمْنَا مِيرَاثَهُ بين وَرَثَتِهِ من الْمُسْلِمِينَ وَقَضَيْنَا كُلَّ دَيْنٍ عليه إلَى أَجَلٍ وَأَعْتَقْنَا أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرِيهِ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ لم نَرُدَّ من الْحُكْمِ شيئا إلَّا أَنْ نَجِدَ من مَالِهِ شيئا في يَدَيْ أَحَدٍ من وَرَثَتِهِ فَيَرُدُّونَ عليه لِأَنَّهُ مَالُهُ وَمَنْ أَتْلَفَ من وَرَثَتِهِ شيئا مِمَّا قَضَيْنَا له بِهِ مِيرَاثًا لم يَضْمَنْهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فقلت لِأَعْلَى من قال
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ جَنَى في رِدَّتِهِ جِنَايَةً لها أَرْشٌ أُخِذَ من مَالِهِ وَإِنْ جنى عليه فَالْجِنَايَةُ هَدَرٌ لِأَنَّ دَمَهُ مُبَاحٌ فما دُونَ دَمِهِ أَوْلَى أَنْ يُبَاحَ من دَمِهِ ( قال ) وَإِنْ أَعْتَقَ في رِدَّتِهِ أَحَدًا من رَقِيقِهِ فَالْعِتْقُ مَوْقُوفٌ وَيُسْتَغَلُّ الْعَبْدُ وَيُوقَفُ عليه فَإِنْ مَاتَ فَهُوَ رَقِيقٌ وَغَلَّتُهُ مع عُنُقِهِ فَيْءٌ وَإِنْ رَجَعَ تَائِبًا فَهُوَ حُرٌّ وَلَهُ ما غَلَّ بَعْدَ الْعِتْقِ ( قال ) وَإِنْ أَقَرَّ في رِدَّتِهِ بِشَيْءٍ من مَالِهِ فَهُوَ كما وَصَفْتُ في الْعِتْقِ وَكَذَلِكَ لو تَصَدَّقَ ( قال ) وَإِنْ وَهَبَ فَلَا تَجُوزُ الْهِبَةُ لِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ إلَّا مَقْبُوضَةً

(1/261)


هذا الْقَوْلَ عِنْدَهُمْ أُصُولُ الْعِلْمِ عِنْدَك أَرْبَعَةُ أُصُولٍ أَوْجَبُهَا وَأَوْلَاهَا أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ فَلَا يُتْرَكُ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَلَا أَعْلَمُك إلَّا قد جَرَّدْت خِلَافَهُمَا ثُمَّ الْقِيَاسُ وَالْمَعْقُولُ عِنْدَك الذي يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ هَذَيْنِ الْإِجْمَاعُ فَقَدْ خَالَفْت الْقِيَاسَ وَالْمَعْقُولَ وَقُلْتَ في هذا قَوْلًا مُتَنَاقِضًا ( قال ) فَأَوْجِدْنِي ما وَصَفْتَ قلت له قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { إنْ امْرُؤُ هَلَكَ ليس له وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ ما تَرَكَ وهو يَرِثُهَا إنْ لم يَكُنْ لها وَلَدٌ } مع ما ذَكَرَ من آيِ الْمَوَارِيثِ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ عز وجل إنَّمَا مَلَّكَ الْأَحْيَاءَ بِالْمَوَارِيثِ ما كان الْمَوْتَى يَمْلِكُونَ إذَا كَانُوا أَحْيَاءً قال بَلَى ( قُلْت ) وَالْأَحْيَاءُ خِلَافُ الْمَوْتَى قال نعم ( قُلْت ) أَفَرَأَيْتَ الْمُرْتَدَّ بِبَعْضِ ثُغُورِنَا يَلْحَقُ بِمَسْلَحَةٍ لِأَهْلِ الْحَرْبِ يَرَاهَا فَيَكُونُ قَائِمًا بِقِتَالِنَا أو مُتَرَهِّبًا أو مُعْتَزِلًا لَا تُعْرَفُ حَيَاتُهُ فَكَيْفَ حَكَمْتَ عليه حُكْمَ الْمَوْتَى وهو حَيٌّ بِخَبَرٍ قُلْتَهُ أَمْ قِيَاسًا ( قال ) ما قُلْتُهُ خَبَرًا ( قُلْت ) وَكَيْفَ عِبْتَ أَنْ حَكَمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بن الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بن عَفَّانَ في امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ تَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ ولم يَحْكُمَا في مَالِهِ فقلت سُبْحَانَ اللَّهِ يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ عليه بِشَيْءٍ من حُكْمِ الْمَوْتَى وَإِنْ كان الْأَغْلَبُ أَنَّهُ مَيِّتٌ لِأَنَّهُ قد يَكُونُ غير مَيِّتٍ وَلَا يُحْكَمُ عليه إلَّا بِيَقِينٍ وَحَكَمْتَ أنت عليه في سَاعَةٍ من نَهَارٍ حُكْمَ الْمَوْتَى في كل شَيْءٍ بِرَأْيِك ثُمَّ قُلْتَ فيه قَوْلًا مُتَنَاقِضًا ( قال ) فقال أَلَا تَرَانِي لو أَخَذْتُهُ فَقَتَلْتُهُ ( قُلْت ) وقد تَأْخُذُهُ فَلَا تَقْتُلُهُ بِأَخْذِهِ مُبَرْسَمًا أو أَخْرَسَ فَلَا تَقْتُلُهُ حتى يُفِيقَ فَتَسْتَتِيبَهُ قال نعم ( قال ) وَقُلْتُ له أَرَأَيْتَ لو كُنْت إذَا أَخَذْتَهُ قَتَلْتَهُ أَكَانَ ذلك يُوجِبُ عليه حُكْمَ الْمَوْتَى وَأَنْتَ لم تَأْخُذْهُ ولم تَقْتُلْهُ وقد تَأْخُذُهُ وَلَا تَقْتُلُهُ بِأَنْ يَتُوبَ بعد ما تَأْخُذُهُ وَقَبْلَ تَغَيُّرِ حَالِهِ بِالْخَرَسِ ( قال ) فَإِنِّي أَقُولُ إذَا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَيِّتٍ ( قال ) فقلت له أَفَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مَيِّتٌ يَحْيَا بِغَيْرِ خَبَرٍ فَإِنْ جَازَ هذا لَك جَازَ لِغَيْرِك مِثْلُهُ ثُمَّ كان لِأَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا في الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ( قال ) وما ذلك لهم ( قُلْت ) وَلِمَ ( قال ) لِأَنَّ على أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولُوا من كِتَابٍ أو سُنَّةٍ أو أَمْرٍ مُجْمَعٍ عليه أو أَثَرٍ أو قِيَاسٍ أو مَعْقُولٍ وَلَا يَقُولُونَ بِمَا يَعْرِفُ الناس غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بين ذلك كِتَابٌ أو سُنَّةٌ أو إجْمَاعٌ أو أَثَرٌ وَلَا يَجُوزُ في الْقِيَاسِ أَنْ يُخَالَفَ ( قُلْت ) هذا سُنَّةٌ قال نعم ( قُلْت ) فَقَدْ قُلْت بِخِلَافِ الْكِتَابِ وَالْقِيَاسِ وَالْمَعْقُولِ ( قال ) فَأَيْنَ خَالَفْتُ الْقِيَاسَ ( قُلْت ) أَرَأَيْتَ حين زَعَمْت أَنَّ عَلَيْك إذَا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَنْ تَحْكُمَ عليه حُكْمَ الْمَوْتَى وَأَنَّك لَا تَرُدُّ الْحُكْمَ إذَا جاء لِأَنَّك إذَا حَكَمْت بِهِ لَزِمَك إنْ جَاءَتْ سُنَّةٌ فَتَرَكْتَهُ لم تَحْكُمْ عليه في مَالِهِ عَشْرَ سِنِينَ حتى جاء تَائِبًا ثُمَّ طَلَبَ مِنْك من كُنْت تَحْكُمُ في مَالِهِ حُكْمَ الْمَوْتَى أَنْ تُسَلِّمَ ذلك إلَيْهِ وقال قد لَزِمَك أَنْ تُعْطِيَنَا هذا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ قال وَلَا أُعْطِيهِمْ ذلك وهو أَحَقُّ بِمَالِهِ ( قُلْت ) له فَإِنْ قالوا إنْ كان هذا لَزِمَك فَلَا يَحِلُّ لَك إلَّا أَنْ تُعْطِيَنَاهُ وَإِنْ كان لم يَلْزَمْك إلَّا بِمَوْتِهِ فَقَدْ أَعْطَيْتنَاهُ في حَالٍ لَا يَحِلُّ لَك وَلَا لنا ما أَعْطَيْتنَا منه (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقُلْتُ له أَرَأَيْتَ إذْ زَعَمْتَ أَنَّك إذَا حَكَمْتَ عليه بِحُكْمِ الْمَوْتَى فَهَلْ يَعْدُو الْحُكْمُ فيه أَنْ يَكُونَ نَافِذًا لَا يُرَدُّ أو مَوْقُوفًا عليه يُرَدُّ إذَا جاء ( قال ) ما أَقُولُ بهذا التَّحْدِيدِ ( قلت ) أَفَتُفَرِّقُ بَيْنَهُ بِخَبَرٍ يُلْزَمُ فَنَتَّبِعُهُ ( قال ) لَا فقلت إذَا كان خِلَافَ الْقِيَاسِ وَالْمَعْقُولِ وَتَقُولُ بِغَيْرِ خَبَرٍ أَيَجُوزُ قال إنَّمَا فَرَّقَ أَصْحَابُكُمْ بِغَيْرِ خَبَرٍ ( قُلْت ) أَفَرَأَيْتَ ذلك مِمَّنْ فَعَلَهُ منهم صَوَابًا قال لَا ( قُلْت ) أو رَأَيْتَ أَيْضًا قَوْلَك إذَا كان عليه دَيْنٌ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً فَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَقَضَيْتَ صَاحِبَ الدَّيْنِ دَيْنَهُ وهو مِائَةُ أَلْفِ دِينَارٍ وَأَعْتَقْتَ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرِيهِ وَقَسَمْتَ مِيرَاثَهُ بين ابنيه ( ( ( بنيه ) ) ) فَأَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفَ دِينَارٍ فَأَتْلَفَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَالْآخَرَ بِعَيْنِهِ ثُمَّ جاء مُسْلِمًا من يَوْمِهِ أو غَدِهِ فقال اُرْدُدْ على مالي فَهُوَ هذا وَهَؤُلَاءِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِي وَمُدَبَّرِيَّ بِأَعْيَانِهِمْ وَهَذَا صَاحِبُ دَيْنِي يقول لَك هذا مَالُهُ في يَدَيَّ لم أُغَيِّرْهُ وَهَذَانِ ابْنَايَ مَالِي في يَدِ أَحَدِهِمَا أو قد صَادَنِي الْآخَرُ فَأَتْلَفَ مَالِي ( قال ) أَقُولُ له قد مَضَى الْحُكْمُ وَلَا يُرَدُّ غير أَنِّي أُعْطِيك الْمَالَ الذي في يَدِ ابْنِك الذي لم يُتْلِفْهُ فقلت له فقال لَك وَلِمَ تُعْطِينِيهِ دُونَ مَالِي ( قا

(1/262)


لِأَنَّهُ مَالُك بِعَيْنِهِ فقلت له فَمُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَدَيْنُهُ الْمُؤَجَّلُ مَالُهُ بِعَيْنِهِ فَأَعْطِهِ إيَّاهُ ( قال ) لَا أُعْطِيهِ إيَّاهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ قد مَضَى بِهِ ( قُلْت ) وَمَضَى ما أَعْطَيْتَ ابْنَهُ قال نعم ( قُلْت ) فَحَكَمْتَ حُكْمًا وَاحِدًا فَإِنْ كان الْحَقُّ فَأَمْضِهِ كُلَّهُ وَإِنْ كان الْحَقُّ رَدَّهُ فَرُدَّهُ كُلَّهُ ( قال ) أَرُدُّ ما وَجَدْتُهُ بِعَيْنِهِ ( قُلْت ) له فَارْدُدْ إلَيْهِ دَيْنَهُ الْمُؤَجَّلَ بِعَيْنِهِ وَمُدَبَّرِيهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ قال أَرُدُّ عَيْنَ ما وَجَدْت في يَدِ وَارِثِهِ ( قُلْت ) له أَفَتَرَى هذا جَوَابًا فما زَادَ على أَنْ قال فَأَيْنَ السُّنَّةُ ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت له
أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن عَلِيِّ بن حُسَيْنٍ عن عَمْرِو بن عُثْمَانَ عن أُسَامَةَ بن زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ عن الزُّهْرِيِّ عن عَلِيِّ بن حُسَيْنٍ عن عَمْرِو بن عُثْمَانَ عن أُسَامَةَ بن زَيْدٍ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مثله ( قُلْت ) أَفَيَعْدُو الْمُرْتَدُّ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا أو مُسْلِمًا قال بَلْ كَافِرٌ وَبِذَلِكَ أَقْتُلُهُ ( قُلْت ) أَفَمَا تُبَيِّنُ لَك السُّنَّةُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ قال فَإِنَّا قد رَوَيْنَا عن عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه أَنَّهُ وَرَّثَ مُرْتَدًّا قَتَلَهُ وَوَرَثَتُهُ من الْمُسْلِمِينَ ( قال ) فَقُلْت أنا أَسْمَعُك وَغَيْرَك تَزْعُمُونَ أَنَّ ما روى عن عَلِيٍّ من تَوْرِيثِهِ الْمُرْتَدَّ خَطَأٌ وَأَنَّ الْحُفَّاظَ لَا يَرْوُونَهُ في الحديث ( قال ) فَقَدْ رَوَاهُ ثِقَةٌ وَإِنَّمَا قُلْنَا خَطَأٌ بِالِاسْتِدْلَالِ وَذَلِكَ ظَنٌّ ( قال ) فَقُلْت له رَوَى
الثَّقَفِيُّ وهو ثِقَةٌ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه رَحِمَهُمَا اللَّهُ تعالي عن جَابِرٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قَضَى بِالْيَمِينِ مع الشَّاهِدِ فَقُلْت فلم يذكر جَابِرًا الْحُفَّاظُ فَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّهُ غَلَطٌ أَفَرَأَيْت لو احْتَجَجْنَا عَلَيْك بِمِثْلِ حُجَّتِك فَقُلْنَا هذا ظَنٌّ وَالثَّقَفِيُّ ثِقَةٌ وان صُنْعَ غَيْرِهِ أَوْشَكَ قال فَإِذًا لَا تُنْصِفُ ( قُلْت ) وَكَذَلِكَ لم تُنْصِفْ أنت حين أَخْبَرْتَنِي أَنَّ الْحُفَّاظَ رَوَوْا هذا الحديث عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه ليس فيه تَوْرِيثُ مَالِهِ وَقُلْتَ هذا غَلَطٌ ثُمَّ احْتَجَجْتَ بِهِ فقال لو كان ثَابِتًا قُلْت فَأَصْلُ ما نَذْهَبُ إلَيْهِ نَحْنُ وَأَنْتَ وَأَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ ما ثَبَتَ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَثَبَتَ عن غَيْرِهِ خِلَافُهُ وَلَوْ كَثُرُوا لم يَكُنْ فيه حُجَّةٌ قال أَجَلْ وَلَكِنِّي أَقُولُ قد يَحْتَمِلُ قَوْلُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ الذي لم يُسْلِمْ قَطُّ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فقلت له أَفَتَرَى لَك في هذا حُجَّةً قال لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ يَخْفَى مِثْلُ هذا عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه فقلت وقد وَجَدْتُكَ تُخْبِرُ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قَضَى في بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ نِسَائِهَا وَكَانَتْ نُكِحَتْ على غَيْرِ صَدَاقٍ فَقَضَى بِخِلَافِهِ وقد سَمِعْتُهُ وقال مِثْلَ قَوْلِ عَلِيٍّ بن عُمَرَ وَزَيْدُ بن ثَابِتٍ وبن عَبَّاسٍ فَقُلْت لَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ وَلَا في قَوْلِهِ مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَقُلْت له فَإِنْ قال لَك قَائِلٌ قد يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا قال هذا زَيْدٌ وبن عُمَرَ وبن عَبَّاسٍ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قد عَلِمَ أَنَّ زَوْجَ بِرْوَعَ فَرَضَ لها بَعْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ فَحَفِظَ مَعْقِلٌ أَنَّ عُقْدَةَ النِّكَاحِ بَعْدَ فَرِيضَةٍ وَعَلِمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْفَرِيضَةَ قد كانت بَعْدَ الدُّخُولِ قال ليس في حديث مَعْقِلٍ وَهَؤُلَاءِ لم يَرْوُوهُ فَيَكُونُونَ قَالُوهُ بِرِوَايَةٍ وَإِنَّمَا قالوا عِنْدَنَا بِالرَّأْيِ حتى يَدَّعُوا فيه رِوَايَةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت لِمَ لَا يَكُونُ ما رَوَيْت عن عَلِيٍّ في الْمُرْتَدِّ هَكَذَا ( قال ) وَقُلْت له مُعَاذُ بن جَبَلٍ يُوَرِّثُ الْمُسْلِمَ من الْكَافِرِ وَمُعَاوِيَةُ وبن الْمُسَيِّبِ وَمُحَمَّدُ بن عَلِيٍّ وَغَيْرُهُمْ وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ نَرِثُهُمْ وَلَا يَرِثُونَا كما تَحِلُّ لنا نِسَاؤُهُمْ وَلَا تَحِلُّ لهم نِسَاؤُنَا أَفَرَأَيْت إنْ قال لَك قَائِلٌ فَمُعَاذُ بن جَبَلٍ من أَهْلِ الْعِلْمِ من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وقد يَحْتَمِلُ حَدِيثُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ من
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت له أَفَتَقُولُ هذا بِدَلَالَةٍ في الحديث قال لَا وَلَكِنَّ عَلِيًّا رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه أَعْلَمُ بِهِ فقلت أَيَرْوِي عَلِيٌّ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم هذا الحديث فَنَقُولُ لَا يَدَعُ شيئا رَوَاهُ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَّا وقد عَرَفَ مَعْنَاهُ فَيُوَجَّهُ على ما قُلْت ( قال ) ما عَلِمْتُهُ رَوَاهُ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ( قُلْت ) أَفَيُمْكِنُ فيه أَنْ لَا يَكُونَ سَمِعَهُ قال نعم

(1/263)


أَهْلِ الْأَوْثَانِ لِأَنَّ أَكْثَرَ حُكْمِهِ كان عليهم وَلَيْسَ يَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ وَلَكِنَّ الْمُسْلِمَ يَرِثُ الْكَافِرَ من أَهْلِ الْكِتَابِ كما يَحِلُّ له نِكَاحُ الْمَرْأَةِ منهم قال ليس ذلك له وَالْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ كَثِيرًا مِمَّا حُمِّلَ وَلَيْسَ مُعَاذٌ حُجَّةً وَإِنْ قال قَوْلًا وَاحْتَمَلَهُ الْحَدِيثُ لِأَنَّهُ لم يَرْوِ الحديث ( قُلْت ) فَنَقُولُ لَك وَمُعَاذٌ يَجْهَلُ هذا وَيَرْوِيهِ أُسَامَةُ بن زَيْدٍ قال نعم قد يَجْهَلُ السُّنَّةَ الْمُتَقَدِّمُ الصُّحْبَةَ وَيَعْرِفُهَا قَلِيلُ الصُّحْبَةِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقَطَعَ الْكَلَامَ وقال وَلِمَ قُلْت يَكُونُ مَالُ الْمُرْتَدِّ فَيْئًا ( قُلْت ) بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَرَّمَ دَمَ الْمُؤْمِنِ وَمَالَهُ إلَّا بِوَاحِدَةٍ أَلْزَمَهُ إيَّاهَا وَأَبَاحَ دَمَ الْكَافِرِ وَمَالَهُ إلَّا بِأَنْ يؤدى الْجِزْيَةَ أو يُسْتَأْمَنَ إلَى مُدَّةٍ فَكَانَ الذي يُبَاحُ بِهِ دَمُ الْبَالِغِ من الْمُشْرِكِينَ هو الذي يُبَاحُ بِهِ مَالُهُ وكان الْمَالُ تَبَعًا لِلَّذِي هو أَعْظَمُ من الْمَالِ فلما خَرَجَ الْمُرْتَدُّ من الْإِسْلَامِ صَارَ في مَعْنَى من أُبِيحَ دَمُهُ بِالْكُفْرِ لَا بِغَيْرِهِ وكان مَالُهُ تَبَعًا لِدَمِهِ وَيُبَاحُ بِاَلَّذِي أُبِيحَ بِهِ من دَمِهِ وَلَا يَكُونُ أَنْ تَنْحَلَّ عنه عُقْدَةُ الْإِسْلَامِ فَيُبَاحَ دَمُهُ وَيُمْنَعَ مَالَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فقال فَإِنْ كُنْتَ شَبَّهْتَهُ بِأَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ فَقَدْ جَمَعْتَ بَيْنَهُمْ في شَيْءٍ وَفَرَّقْتَهُ في آخَرَ ( قُلْت ) وما ذَاكَ قال أنت لَا تَغْنَمُ مَالَهُ حتى يَمُوتَ أو تَقْتُلَهُ وقد يُغْنَمُ مَالُ الْحَرْبِيِّ قبل أَنْ يَمُوتَ وَتَقْتُلَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت له الْحُكْمُ في أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ حُكْمَانِ فَأَمَّا من بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ فَأُغِيرُ عليه بِغَيْرِ دَعْوَةٍ آخُذُ مَالَهُ وَإِنْ لم أَقْتُلْهُ وَأَمَّا من لم تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَلَا أُغِيرُ عليه حتى أَدْعُوَهُ وَلَا أَغْنَمُ من مَالِهِ شيئا حتى أَدْعُوَهُ فَيَمْتَنِعُ فَيَحِلُّ دَمُهُ وَمَالُهُ فلما كان الْقَوْلُ في الْمُرْتَدِّ أَنْ يُدْعَى لم يُغْنَمْ مَالُهُ حتى يُدْعَى فإذا امْتَنَعَ قُتِلَ وَغُنِمَ مَالُهُ + * كِتَابُ الْجَنَائِزِ + * - * بَابُ ما جاء في غُسْلِ الْمَيِّتِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال قال مَالِكُ بن أَنَسٍ ليس لِغُسْلِ الْمَيِّتِ حَدٌّ يَنْتَهِي لَا يُجْزِئُ دُونَهُ وَلَا يُجَاوَزُ وَلَكِنْ يُغَسَّلُ فَيُنْقَى
وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عن أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عن مُحَمَّدِ بن سِيرِينَ عن أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَهُنَّ في غُسْلِ بِنْتِهِ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أو خَمْسًا أو أَكْثَرَ من ذلك إنْ رَأَيْتُنَّ ذلك بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ في الْآخِرَةِ كَافُورًا أو شيئا من كَافُورٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَعَابَ بَعْضُ الناس هذا الْقَوْلَ على مَالِكٍ وقال سُبْحَانَ اللَّهِ كَيْفَ لم يَعْرِفْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ غُسْلَ الْمَيِّتِ وَالْأَحَادِيثُ فيه كَثِيرَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ عن إبْرَاهِيمَ وبن سِيرِينَ فَرَأَى مَالِكٌ مَعَانِيَهَا على إنْقَاءِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ رِوَايَتَهُمْ جَاءَتْ عن رِجَالٍ غَيْرِ وَاحِدٍ في عَدَدِ الْغُسْلِ وما يُغَسَّلُ بِهِ فقال غَسَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا بِكَذَا وَكَذَا وقال غُسِّلَ فُلَانٌ بِكَذَا وَكَذَا ثَمَّ وَرَأَيْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ذلك على قَدْرِ ما يَحْضُرُهُمْ مِمَّا يُغَسَّلُ بِهِ الْمَيِّتُ وَعَلَى قَدْرِ إنْقَائِهِ لِاخْتِلَافِ الْمَوْتَى في ذلك واختلاف ( ( ( اختلاف ) ) ) الْحَالَاتِ وما يُمْكِنُ الْغَاسِلِينَ وَيَتَعَذَّرُ عليهم فقال مَالِكٌ قَوْلًا مُجْمَلًا يُغَسَّلُ فَيُنْقَى وَكَذَلِكَ روى الْوُضُوءُ مَرَّةً وَاثْنَتَيْنِ وَثَلَاثًا وروى الْغُسْلُ مُجْمَلًا وَذَلِكَ كُلُّهُ يَرْجِعُ إلَى الْإِنْقَاءِ وإذا أنقى الْمَيِّتُ بِمَاءٍ قَرَاحٍ أو مَاءٍ عِدٍّ أَجْزَأَهُ ذلك من غُسْلِهِ كما نَنْزِلُ وَنَقُولُ مَعَهُمْ في الْحَيِّ وقد روى فيه صِفَةُ غُسْلِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَكِنْ أَحَبُّ إلى أَنْ يُغَسَّلَ ثَلَاثًا بِمَاءٍ عَدَّ لَا يَقْصُرُ عن ثَلَاثٍ لِمَا قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا وَإِنْ لم يُنْقِهِ ثَلَاثًا أو خَمْسًا قُلْنَا يَزِيدُونَ حتى يُنْقُوهَا وَإِنْ أَنْقَوْا في أَقَلَّ من ثَلَاثٍ أَجْزَأَهُ وَلَا نَرَى أَنَّ قَوْلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّمَا هو على مَعْنَى الْإِنْقَاءِ إذْ قال وِتْرًا ثَلَاثًا أو خَمْسًا ولم يُوَقِّتْ
أخبرنا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عن بن جُرَيْجٍ عن أبي جَعْفَرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم غُسِّلَ ثَلَاثًا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الثِّقَةُ عن عَطَاءٍ قال يُجْزِئُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت له كَيْفَ لم تَقُلْ هذا في الْمُرْتَدِّ

(1/264)


في غُسْلِ الْمَيِّتِ مَرَّةٌ فقال عُمَرُ بن عبد الْعَزِيزِ ليس فيه شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عن ثعلبه بن أبي مَالِكٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقال بَعْضُ الناس يُغَسَّلُ الْأَوَّلُ بِمَاءٍ قَرَاحٍ وَلَا يُعْرَفُ زَعْمُ الْكَافُورِ في الْمَاءِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن أَيُّوبَ بن أبي تَمِيمَةَ عن مُحَمَّدِ بن سِيرِينَ عن أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ قالت دخل عَلَيْنَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حين تُوُفِّيَتْ ابْنَتُهُ فقال اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أو خَمْسًا أو أَكْثَرَ من ذلك إنْ رَأَيْتُنَّ ذلك بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ في الْآخِرَةِ كَافُورًا أو شيئا من كَافُورٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كانت امْرَأَةً ضَفَرُوا شَعْرَ رَأْسِهَا كُلَّهُ نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا ثَلَاثَ قُرُونٍ ثُمَّ أُلْقِيَتْ خَلْفَهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَنْكَرَ هذا عَلَيْنَا بَعْضُ الناس فقال يُسْدَلُ شَعْرُهَا من بَيْنِ ثَدْيَيْهَا وَإِنَّمَا نَتَّبِعُ في هذه الْآثَارَ وَلَوْ قال قَائِلٌ تُمْشَطُ بِرَأْيِهِ ما كان إلَّا كَقَوْلِ هذا الْمُنْكِرِ عَلَيْنَا
أخبرنا الثِّقَةُ من أَصْحَابِنَا عن هِشَامِ بن حَسَّانَ عن حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عن أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رضي اللَّهُ عنها قالت ضَفَرْنَا شَعْرَ بِنْتِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا ثلاث ( ( ( ثلاثة ) ) ) قُرُونٍ فَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَنَأْمُرُ بِأَمْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِمَنْ غَسَّلَتْ وَكَفَّنَتْ ابْنَتَهُ وَبِحَدِيثِهَا يَحْتَجُّ الذي عَابَ على مَالِكٍ قَوْلَهُ ليس في غُسْلِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ يُوَقَّتُ ثُمَّ يُخَالِفُهُ في غَيْرِ هذا الْمَوْضِعِ ( قال ) وَخَالَفَنَا في ذلك فقال لَا يُسَرَّحُ رَأْسُ الْمَيِّتِ وَلَا لِحْيَتُهُ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ من تَسْرِيحِهِ أَنْ يُنْتَفَ شَعْرُهُ فَأَمَّا التَّسْرِيحُ الرَّفِيقُ فَهُوَ أَخَفُّ من الْغُسْلِ بِالسِّدْرِ وهو تَنْظِيفٌ وَتَمْشِيَةٌ له ( قال ) وَيُتْبَعُ ما بين أَظْفَارِهِ بِعُودٍ لَيِّنٍ يُخَلِّلُ ما تَحْتَ أَظْفَارِ الْمَيِّتِ من وَسَخٍ وفي ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ وَسِمَاخِهِ ( قال ) والمنهى ( ( ( والمهنى ) ) ) يُحْلَقُونَ فَإِنْ كان بِأَحَدٍ منهم وَسَخٌ مُتَلَبِّدٌ رَأَيْت أَنْ يُغَسَّلَ بِالْأُشْنَانِ وَيُتَابَعَ دَلْكُهُ لِيُنْقَى الْوَسَخُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمِنْ أَصْحَابِنَا من قال لَا أَرَى أَنْ يُحْلَقَ بَعْدَ الْمَوْتِ شَعْرٌ وَلَا يُجَزَّ له ظُفُرٌ وَمِنْهُمْ من لم يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا وإذا حُنِّطَ الْمَيِّتُ وُضِعَ الْكَافُورُ على مَسَاجِدِهِ وَالْحَنُوطُ في رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ ( قال ) وَإِنْ وُضِعَ فِيهِمَا وفي سَائِرِ جَسَدِهِ كافورا ( ( ( كافور ) ) ) فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ( قال ) وَيُوضَعُ الْحَنُوطُ وَالْكَافُورُ على الْكُرْسُفِ ثُمَّ يُوضَعُ على مَنْخَرَيْهِ وَفِيهِ وَأُذُنَيْهِ وَدُبُرِهِ وَإِنْ كان له جِرَاحٌ نَافِذَةٌ وُضِعَ عليها ( قال ) فَإِنْ كان يَخَافُ من مَيْتَتِهِ أو مَيِّتِهِ أَنْ يأتى عِنْدَ التَّحْرِيكِ إذَا حُمِلَا شيئا لعله من الْعِلَلِ اسْتَحْبَبْت أَنْ يَشُدَّ على سُفْلِيّهمَا مَعًا بِقَدْرِ ما يَرَاهُ يُمْسِكُ شيئا إنْ أتى من ثَوْبٍ صَفِيقٍ فَإِنْ خَفَّ فَلِبْدٌ صَفِيقٌ ( قال ) وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ في الْبَيْتِ الذي فيه الْمَيِّتُ تَبْخِيرٌ لَا يَنْقَطِعُ حتى يَفْرُغَ من غُسْلِهِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَاَلَّذِي أُحِبُّ من غُسْلِ الْمَيِّتِ أَنْ يُوضَعَ على سَرِيرِ الْمَوْتَى وَيُغَسَّلَ في قَمِيصٍ
أخبرنا مَالِكٌ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم غُسِّلَ في قَمِيصٍ ( قال ) فَإِنْ لم يُغَسَّلْ في قَمِيصٍ أُلْقِيَتْ على عَوْرَتِهِ خِرْقَةٌ لَطِيفَةٌ تُوَارِيهَا وَيُسْتَرُ بِثَوْبٍ وَيُدْخَلُ بَيْتًا لَا يَرَاهُ إلَّا من يلى غُسْلَهُ وَيُعِينُ عليه ثُمَّ يَصُبُّ رَجُلٌ الْمَاءَ إذَا وَضَعَ الذي يلى غُسْلَهُ على يَدِهِ خِرْقَةً لَطِيفَةً فَيَشُدُّهَا ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِسِفْلَتِهِ يُنْقِيهَا كما يَسْتَنْجِي الْحَيُّ ثُمَّ يُنَظِّفُ يَدَهُ ثُمَّ يُدْخِلُ التي يَلِي بها سُفْلَهُ فَإِنْ كان يُغَسِّلُهُ وَاحِدٌ أَبْدَلَ الْخِرْقَةَ التي يلى بها سِفْلَته وَأَخَذَ خِرْقَةً أُخْرَى نَقِيَّةً فَشَدَّهَا على يَدِهِ ثُمَّ صَبَّ الْمَاءَ عليها وَعَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ أَدْخَلَهَا في فيه بين شَفَتَيْهِ وَلَا يَفْغَرُ فَاهُ فَيُمِرُّهَا على أَسْنَانِهِ بِالْمَاءِ وَيُدْخِلُ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ في مَنْخَرَيْهِ بِشَيْءٍ من مَاءٍ فينقى شيئا إنْ كان هُنَالِكَ ثُمَّ يُوَضِّئُهُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُغَسِّلُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالسِّدْرِ فَإِنْ كان مُلَبَّدًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَرِّحَ بِأَسْنَانِ مِشْطِ مُفَرَّجَةٍ وَلَا يَنْتِفُ شَعْرَهُ ثُمَّ يُغَسِّلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ ما دُونَ رَأْسِهِ إلَى أَنْ يُغَسِّلَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى وَيُحَرِّكُهُ حتى يُغَسِّلَ ظَهْرَهُ كما يُغَسِّلَ بَطْنَهُ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيَصْنَعُ بِهِ مِثْلَ ذلك وَيَقْلِبُهُ على أَحَدِ شِقَّيْهِ إلَى الْآخَرِ كُلَّ غسلة حتى لَا يَبْقَى منه مَوْضِعٌ إلَّا أتى عليه بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ ثُمَّ يَصْنَعُ بِهِ ذلك ثَلَاثًا أو خَمْسًا ثُمَّ يُمِرُّ عليه الْمَاءَ الْقَرَاحَ قد ألقى فيه الْكَافُورُ وَكَذَلِكَ في كل غُسْلِهِ حتى يُنْقِيَهُ وَيَمْسَحُ بَطْنَهُ فيها مَسْحًا رفيقا ( ( ( رقيقا ) ) ) وَالْمَاءُ يُصَبُّ عليه لِيَكُونَ أَخْفَى لِشَيْءٍ إنْ خَرَجَ منه ( قال ) وَغُسْلُ الْمَرْأَةِ شَبِيهٌ بِمَا وَصَفْت من غُسْلِ الرَّجُلِ

(1/265)


ليوارى رِيحًا إنْ كانت مُتَغَيِّرَةً وَلَا يُتْبَعُ بِنَارٍ إلَى الْقَبْرِ ( قال ) وَأَحَبُّ إلى إنْ رَأَى من الْمُسْلِمِ شيئا أَنْ لَا يحدث ( ( ( حدث ) ) ) بِهِ فإن الْمُسْلِمَ حَقِيقٌ أَنْ يَسْتُرَ ما يَكْرَهُ من الْمُسْلِمِ وَأَحَبُّ إلى أَنْ لَا يُغَسِّلَ الْمَيِّتَ إلَّا أَمِينٌ على غُسْلِهِ ( قال ) وَأَوْلَى الناس بِغُسْلِهِ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عليه وَإِنْ ولى ذلك غَيْرُهُ فَلَا بَأْسَ وَأُحِبُّ أَنْ يَغُضَّ الذي يَصُبُّ على الْمَيِّتِ بَصَرَهُ عن الْمَيِّتِ فَإِنْ عَجَزَ عن غُسْلِهِ وَاحِدٌ أَعَانَهُ عليه غَيْرُهُ ( قال ) ثُمَّ إذَا فُرِغَ من غُسْلِ الْمَيِّتِ جُفِّفَ في ثَوْبٍ حتى يَذْهَبَ ما عليه من الرُّطُوبَةِ ثُمَّ أُدْرِجَ في أَكْفَانِهِ ( قال ) وَأُحِبُّ لِمَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ أَنْ يَغْتَسِلَ وَلَيْسَ بِالْوَاجِبِ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وقد جَاءَتْ أَحَادِيثُ في تَرْكِ الْغُسْلِ منها لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُغَسِّلَ الْمُسْلِمُ ذا قَرَابَتِهِ من الْمُشْرِكِينَ وَيَتْبَعَ جَنَائِزَهُ وَيَدْفِنَهُ وَلَكِنْ لَا يصلى عليه وَذَلِكَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ عَلِيًّا رضي اللَّهُ عنه بِغَسْلِ أبي طَالِبٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَزَّى الْمُسْلِمُ إذَا مَاتَ قال الرَّبِيعُ إذَا مَاتَ أَبُوهُ كَافِرًا - * بَابٌ في كَمْ يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما كُفِّنَ فيه الْمَيِّتُ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا هذا لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَفَّنَ يوم أُحُدٍ بَعْضَ الْقَتْلَى بِنَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ فَدَلَّ ذلك على أَنْ ليس فيه لَا يَنْبَغِي أَنْ نُقَصِّرَ عنه وَعَلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ ما وَارَى الْعَوْرَةَ ( قال ) فَإِنْ قُمِّصَ أو عُمِّمَ فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُجَاوَزَ بِالْمَيِّتِ خَمْسَةُ أَثْوَابٍ فَيَكُونَ سَرَفًا ( قال ) وإذا كُفِّنَ الميت ( ( ( ميت ) ) ) في ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أُجْمِرَتْ بِالْعُودِ حتى يُعْبَقَ بها الْمِجْمَرُ ثُمَّ يُبْسَطُ أَحْسَنُهَا وَأَوْسَعُهَا أَوَّلَهَا وَيُدَرُّ عليه شَيْءٌ من الْحَنُوطِ ثُمَّ بُسِطَ عليه الذي يَلِيهِ في السَّعَةِ ثُمَّ ذُرَّ عليه من حَنُوطٍ ثُمَّ بُسِطَ عليه الذي يَلِيهِ ثُمَّ ذُرَّ عليه شَيْءٌ من حَنُوطٍ ثُمَّ وُضِعَ الْمَيِّتُ عليه مُسْتَلْقِيًا وَحُنِّطَ كما وَصَفْت لَك وَوُضِعَ عليه الْقُطْنُ كما وَصَفْتُهُ لَك ثُمَّ يثنى عليه صَنِفَةِ الثَّوْبِ الذي يَلِيهِ على شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يثنى عليه صَنِفَتهُ الْأُخْرَى على شِقِّهِ الْأَيْسَرِ كما يَشْتَمِلُ الْإِنْسَانُ بِالسَّاجِ ( يَعْنِي الطَّيْلَسَانَ ) حتى تُوَازِيَهَا صنفة الثَّوْبِ التي ثُنِيَتْ أَوَّلًا بِقَدْرِ سَعَةِ الثَّوْبِ ثُمَّ يَصْنَعُ بِالْأَثْوَابِ الثَّلَاثَةِ كَذَلِكَ ( قال ) وَيُتْرَكُ فَضْلٌ من الثِّيَابِ عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرُ من عِنْدِ رِجْلَيْهِ ما يُغَطِّيهِمَا ثُمَّ يُعْطَفُ فَضْلُ الثِّيَابِ من عِنْدِ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ فَإِنْ خشى أَنْ تَنْحَلَّ عُقِدَتْ الثِّيَابُ فإذا وُضِعَ في اللَّحْدِ حُلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا ( قال ) وَإِنْ كُفِّنَ في قَمِيصٍ جُعِلَ الْقَمِيصُ دُونَ الثِّيَابِ وَالثِّيَابُ فَوْقَهُ وَإِنْ عُمِّمَ جُعِلَتْ الْعِمَامَةُ دُونَ الثِّيَابِ وَالثِّيَابُ فَوْقَهَا وَلَيْسَ في ذلك ضِيقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ( قال ) وَإِنْ لم يَكُنْ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ أَجْزَأَ وَإِنْ ضَاقَ وَقَصُرَ غطى بِهِ الرَّأْسُ وَالْعَوْرَةُ وَوُضِعَ على الرِّجْلَيْنِ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ فُعِلَ يوم أُحُدٍ بِبَعْضِ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ ضَاقَ عن الرَّأْسِ وَالْعَوْرَةِ غُطِّيَتْ بِهِ الْعَوْرَةُ ( قال ) وَإِنْ مَاتَ مَيِّتٌ في سَفِينَةٍ في الْبَحْرِ صُنِعَ بِهِ هَكَذَا فَإِنْ قَدَرُوا على دَفْنِهِ وَإِلَّا أَحْبَبْتُ أَنْ يَجْعَلُوهُ بين لَوْحَيْنِ وَيَرْبِطُوهُمَا بِحَبْلٍ لِيَحْمِلَاهُ إلَى أَنْ يَنْبِذَهُ الْبَحْرُ بِالسَّاحِلِ
____________________
1- قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُكَفَّنُ الْمَيِّتُ في ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كُفِّنَ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُقَمَّصَ وَلَا يُعَمَّمَ
أخبرنا مَالِكٌ عن هِشَامٍ عن أبيه عن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كُفِّنَ في ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ ليس فيها قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ

(1/266)


فَلَعَلَّ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَجِدُوهُ فَيُوَارُوهُ وَهِيَ أَحَبُّ إلى من طَرْحِهِ لِلْحِيتَانِ يَأْكُلُوهُ فَإِنْ لم يَفْعَلُوا وَأَلْقَوْهُ في الْبَحْرِ رَجَوْت أَنْ يَسَعَهُمْ ( قال ) وَالْمَرْأَةُ يُصْنَعُ بها في الْغُسْلِ وَالْحَنُوطِ ما وَصَفْتُ وَتُخَالِفُ الرَّجُلَ في الْكَفَنِ إذَا كان مَوْجُودًا فَتُلْبَسُ الدِّرْعَ وَتُؤَزَّرُ وَتُعَمَّمُ وَتُلَفُّ وَيُشَدُّ ثَوْبٌ على صَدْرِهَا بِجَمِيعِ ثِيَابِهَا ( قال ) وَأَحَبُّ إلى أَنْ يُجْعَلَ الْإِزَارُ دُونَ الدِّرْعِ لِأَمْرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في ابْنَتِهِ بِذَلِكَ وَالسِّقْطُ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عليه إنْ اسْتَهَلَّ وَإِنْ لم يَسْتَهِلَّ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَدُفِنَ ( قال ) وَالْخِرْقَةُ التي توازى لِفَافَةً تَكْفِيهِ ( قال ) وَالشُّهَدَاءُ الَّذِينَ عَاشُوا وَأَكَلُوا الطَّعَامَ مِثْلُ الْمَوْتَى في الْكَفَنِ وَالْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَاَلَّذِينَ قُتِلُوا في الْمَعْرَكَةِ يُكَفَّنُونَ بِثِيَابِهِمْ التي قُتِلُوا فيها إنْ شَاءَ أَوْلِيَاؤُهُمْ وَالْوَالِي لهم وَتُنْزَعُ عَنْهُمْ خِفَافٌ كانت وَفِرَاءٌ وَإِنْ شَاءَ نَزَعَ جَمِيعَ ثِيَابِهِمْ وَكَفَنَهُمْ في غَيْرِهَا فَإِنْ قال قَائِلٌ فَقَدْ قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ فَالْكُلُومُ وَالدِّمَاءُ غَيْرُ الثِّيَابِ وَلَوْ كُفِّنَ بَعْضُهُمْ في الثِّيَابِ لم يَكُنْ هذا مضيقا ( ( ( مضيفا ) ) ) وَإِنْ كُفِّنَ بَعْضٌ في غَيْرِ الثِّيَابِ التي قُتِلَ فيها وقد كَفَّنَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعْضَ شُهَدَاءِ أُحُدٍ بِنَمِرَةٍ كان إذَا غَطَّى بها رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ فَجَعَلَ على رِجْلَيْهِ شيئا من شَجَرٍ وقد كان في الْحَرْبِ لَا يُشَكُّ أَنْ قد كانت عليه ثِيَابٌ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا قَتَلَ الْمُشْرِكُونَ الْمُسْلِمِينَ في الْمُعْتَرَكِ لم تُغْسَلْ الْقَتْلَى ولم يُصَلَّ عليهم وَدُفِنُوا بِكُلُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ وَكَفَّنَهُمْ أَهْلُوهُمْ فِيمَا شاؤوا كما يُكَفَّنُ غَيْرُهُمْ إنْ شاؤوا في ثِيَابِهِمْ التي تُشْبِهُ الْأَكْفَانَ وَتِلْكَ الْقُمُصِ وَالْأُزُرِ وَالْأَرْدِيَةِ وَالْعَمَائِمِ لَا غَيْرِهَا وَإِنْ شاؤوا سَلَبُوهَا وَكَفَّنُوهُمْ في غَيْرِهَا كما يُصْنَعُ بِالْمَوْتَى من غَيْرِهِمْ وَتُنْزَعُ عَنْهُمْ ثِيَابُهُمْ التي مَاتُوا فيها أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْضَ شُهَدَاءِ أُحُدٍ كُفِّنَ في نَمِرَةٍ وقد كان لَا يُشَكُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عليهم السِّلَاحُ وَالثِّيَابُ وقال بَعْضُ الناس يُكَفَّنُونَ في الثِّيَابِ التي قُتِلُوا فيها إلَّا فِرَاءً أو حَشْوًا أو لِبْدًا ( قال ) ولم يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا كُفِّنَ في جِلْدٍ وَلَا فَرْوٍ وَلَا حَشْوٍ وَإِنْ كان الْحَشْوُ ثَوْبًا كُلُّهُ فَلَوْ كُفِّنَ بِهِ لم أَرَ بِهِ بَأْسًا لِأَنَّهُ من لَبُوسِ عَامَّةِ الناس فَأَمَّا الْجِلْدُ فَلَيْسَ يُعْلَمُ من لِبَاسِ الناس وقال بَعْضُ الناس يُصَلَّى عليهم وَلَا يُغَسَّلُونَ وَاحْتُجَّ بِأَنَّ الشَّعْبِيَّ رَوَى أَنَّ حَمْزَةَ صلى عليه سبعون ( ( ( سبعين ) ) ) صَلَاةً وكان يوتى بِتِسْعَةٍ من الْقَتْلَى حَمْزَةُ عَاشِرُهُمْ وَيُصَلَّى عليهم ثُمَّ يَرْفَعُونَ وحمزه مَكَانَهُ ثُمَّ يُؤْتَى بِآخَرِينَ فَيُصَلَّى عليهم وَحَمْزَةُ مَكَانَهُ حتى صلى عليه سبعون ( ( ( سبعين ) ) ) صَلَاةً ( قال ) وَشُهَدَاءُ أُحُدٍ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ شَهِيدًا فإذا كان قد صلى عليهم عَشَرَةً عَشَرَةً في قَوْلِ الشَّعْبِيِّ فَالصَّلَاةُ لَا تَكُونُ أَكْثَرَ من سَبْعِ صَلَوَاتٍ أو ثَمَانٍ فَنَجْعَلُهُ على أَكْثَرِهَا على أَنَّهُ صلى على اثْنَيْنِ صَلَاةً وَعَلَى حَمْزَةَ صَلَاةً فَهَذِهِ تِسْعُ صَلَوَاتٍ فَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْ سَبْعُونَ صَلَاةً وَإِنْ كان عَنَى سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً فَنَحْنُ وَهُمْ نَزْعُمُ أَنَّ التَّكْبِيرَ على الْجَنَائِزِ أَرْبَعٌ فَهِيَ إذَا كانت تِسْعَ صَلَوَاتٍ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً فَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْ أَرْبَعُ وَثَلَاثُونَ فَيَنْبَغِي لِمَنْ رَوَى هذا الحديث أَنْ يَسْتَحْيِيَ على نَفْسِهِ وقد كان يَنْبَغِي له أَنْ يُعَارِضَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا عَيْنَانِ فَقَدْ جَاءَتْ من وُجُوهٍ مُتَوَاتِرَةٍ بِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يُصَلِّ عليهم وقال زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ وَلَوْ قال قَائِلٌ يُغَسَّلُونَ وَلَا يُصَلَّى عليهم ما كانت الْحُجَّةُ عليه إلَّا أَنْ يُقَالَ له تَرَكْت بَعْضَ الحديث وَأَخَذْت بِبَعْضٍ ( قال ) وَلَعَلَّ تَرْكَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ على من قَتَلَهُ جَمَاعَةُ الْمُشْرِكِينَ إرَادَةُ أَنْ يَلْقَوْا اللَّهَ جل وعز بِكُلُومِهِمْ لِمَا جاء فيه عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّ رِيحَ الْكَلْمِ رِيحُ الْمِسْكِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَاسْتَغْنَوْا بِكَرَامَةِ اللَّهِ جل وعز لهم عن الصَّلَاةِ لهم مع التَّخْفِيفِ على من
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَفَنُ الْمَيِّتِ وَحَنُوطُهُ وَمُؤْنَتُهُ حتى يُدْفَنَ من رَأْسِ مَالِهِ ليس لِغُرَمَائِهِ وَلَا لِوَارِثِهِ مَنْعُ ذلك فَإِنْ تَشَاحُّوا فيه فَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ إنْ كان وَسَطًا لَا مُوسِرًا وَلَا مُقِلًّا وَمِنْ الْحَنُوطِ بِالْمَعْرُوفِ لَا سَرَفًا وَلَا تَقْصِيرًا وَلَوْ لم يَكُنْ حَنُوطٌ وَلَا كَافُورٌ في شَيْءٍ من ذلك رَجَوْت أَنْ يُجْزِئَ - * بَابُ ما يُفْعَلُ بِالشَّهِيدِ وَلَيْسَ في التَّرَاجِمِ - *

(1/267)


بقى من الْمُسْلِمِينَ لِمَا يَكُونُ فِيمَنْ قَاتَلَ بِالزَّحْفِ من الْمُشْرِكِينَ من الْجِرَاحِ وَخَوْفِ عَوْدَةِ الْعَدُوِّ وَرَجَاءِ طَلَبِهِمْ وَهَمِّهِمْ بِأَهْلِيهِمْ وَهَمِّ أَهْلِهِمْ بِهِمْ ( قال ) وكان مِمَّا يَدُلُّ على هذا أَنَّ رُؤَسَاءَ الْمُسْلِمِينَ غَسَّلُوا عُمَرَ وَصَلَّوْا عليه وهو شَهِيدٌ وَلَكِنَّهُ إنَّمَا صَارَ إلَى الشَّهَادَةِ في غَيْرِ حَرْبٍ وَغَسَّلُوا الْمَبْطُونَ وَالْحَرِيقَ وَالْغَرِيقَ وَصَاحِبَ الْهَدْمِ وَكُلُّهُمْ شُهَدَاءُ وَذَلِكَ أَنَّهُ ليس فِيمَنْ مَعَهُمْ من الْأَحْيَاءِ مَعْنَى أَهْلِ الْحَرْبِ فَأَمَّا من قُتِلَ في الْمَعْرَكَةِ وَكَذَلِكَ عندى لو عَاشَ مُدَّةً يَنْقَطِعُ فيها الْحَرْبُ وَيَكُونُ الْأَمَانُ وَإِنْ لم يَطْعَمْ
أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عليه (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ قَتَلَهُ مُشْرِكٌ مُنْفَرِدًا أو جَمَاعَةً في حَرْبٍ من أَهْلِ الْبَغْيِ أو غَيْرِهِمْ أو قُتِلَ بِقِصَاصٍ غُسِّلَ إنْ قُدِرَ على ذلك وصلى عليه لِأَنَّ مَعْنَاهُ غَيْرُ مَعْنَى من قَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ وَمَعْنَى من قَتَلَهُ مُشْرِكٌ مُنْفَرِدًا ثُمَّ هَرَبَ غَيْرُ مَعْنَى من قُتِلَ في زَحْفِ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَعُودُوا وَلَعَلَّهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا وَاحِدًا منهم فَيَهْرُبُ وَتُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ وَأَهْلُ الْبَغْيِ مِنَّا وَلَا يُشْبِهُونَ الْمُشْرِكِينَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ ليس لنا اتِّبَاعُهُمْ كما يَكُون لنا اتِّبَاعُ الْمُشْرِكِينَ وقال بَعْضُ الناس من قُتِلَ مَظْلُومًا في غَيْرِ الْمِصْرِ بغير ( ( ( لغير ) ) ) سِلَاحٍ فَيُغَسَّلُ فَقِيلَ له إنْ كُنْت قُلْت هذا بِأَثَرٍ عَقَلْنَاهُ قال ما فيه أَثَرٌ قُلْنَا فما الْعِلَّةُ التي فَرَّقْت فيها بين هَؤُلَاءِ أَرَدْت اسْمَ الشَّهَادَةِ فَعُمَرُ شَهِيدٌ قُتِلَ في الْمِصْرِ وَغُسِّلَ وصلى عليه وقد نَجِدُ اسْمَ الشَّهَادَةِ يَقَعُ عِنْدَنَا وَعِنْدَك على الْقَتْلِ في الْمِصْرِ بِغَيْرِ سِلَاحٍ وَالْغَرِيقِ وَالْمَبْطُونِ وَصَاحِبِ الْهَدْمِ في الْمِصْرِ وَغَيْرِهِ وَلَا نُفَرِّقُ بين ذلك وَنَحْنُ وَأَنْتَ نصلى عليهم وَنُغَسِّلُهُمْ وَإِنْ كان الظُّلْمُ بِهِ اعْتَلَلْت فَقَدْ تَرَكْت من قُتِلَ في الْمِصْرِ مَظْلُومًا بِغَيْرِ سِلَاحٍ من أَنْ تُصَيِّرَهُ إلَى حَدِّ الشُّهَدَاءِ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ أَعْظَمَهُمْ أَجْرًا لِأَنَّ الْقَتْلَ بِغَيْرِ سِلَاحٍ أَشَدُّ منه وإذا كان أَشَدَّ منه كان أَعْظَمَ أَجْرًا وقال بَعْضُ الناس أَيْضًا إذَا أَغَارَ أَهْلُ الْبَغْيِ فَقَتَلُوا فَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ كَالشُّهَدَاءِ لَا يُغَسَّلُونَ وَخَالَفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فقال الْوِلْدَانُ أَطْهَرُ وَأَحَقُّ بِالشَّهَادَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عليه لِأَنَّ الْغُسْلَ وَالصَّلَاةَ سُنَّةٌ في بنى آدَمَ لَا يُخْرَجُ منها إلَّا من تَرَكَهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَهُمْ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ الْمُشْرِكُونَ الْجَمَاعَةُ خَاصَّةً في الْمَعْرَكَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) من أَكَلَهُ سَبُعٌ أو قَتَلَهُ أَهْلُ الْبَغْيِ أو اللُّصُوصُ أو لم يُعْلَمْ من قَتَلَهُ غُسِّلَ وصلى عليه فَإِنْ لم يُوجَدْ إلَّا بَعْضُ جَسَدِهِ صلى على ما وُجِدَ منه وَغُسِّلَ ذلك الْعُضْوُ وَبَلَغَنَا عن أبي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ صلى على رؤوس قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا عن ثَوْرِ بن زيد ( ( ( يزيد ) ) ) عن خَالِدِ بن مَعْدَانَ إنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ صلى على رؤوس وَبَلَغَنَا أَنَّ طَائِرًا أَلْقَى يَدًا بِمَكَّةَ في وَقْعَةِ الْجَمَلِ فَعَرَفُوهَا بِالْخَاتَمِ فَغَسَّلُوهَا وَصَلَّوْا عليها قال بَعْضُ الناس يُصَلَّى على الْبَدَنِ الذي
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ قُتِلَ صَغِيرٌ في مَعْرَكَةٍ أو امْرَأَةٌ صُنِعَ بِهِمَا ما يُصْنَعُ بِالشُّهَدَاءِ ولم يُغَسَّلَا ولم يُصَلَّ عَلَيْهِمَا وَمَنْ قُتِلَ في الْمُعْتَرَكِ بِسِلَاحٍ أو غَيْرِهِ أو وَطْءِ دَابَّةٍ أو غَيْرِ ذلك مِمَّا يَكُونُ بِهِ الْحَتْفُ فَحَالُهُ حَالُ من قُتِلَ بِالسِّلَاحِ وَخَالَفَنَا في الصَّبِيِّ بَعْضُ الناس فقال ليس كَالشَّهِيدِ وقال قَوْلَنَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ وقال الصَّغِيرُ شَهِيدٌ وَلَا ذَنْبَ له فَهُوَ أَفْضَلُ من الْكَبِيرِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عن لَيْثِ بن سَعْدٍ عن عبد الرحمن بن كَعْبِ بن مَالِكٍ عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يُصَلِّ على قتلي أُحُدٍ ولم يُغَسِّلْهُمْ
أخبرنا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عن أُسَامَةَ بن زَيْدٍ عن الزُّهْرِيِّ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يُصَلِّ على قَتْلَى أُحُدٍ ولم يُغَسِّلْهُمْ
أخبرنا سُفْيَانُ عن الزُّهْرِيِّ وَثَبَّتَهُ مَعْمَرٌ عن بن أبي الصَّغِيرِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَشْرَفَ على قَتْلَى أُحُدٍ فقال شَهِدْت على هَؤُلَاءِ فَزَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ وَكُلُومِهِمْ - * بَابُ الْمَقْتُولِ الذي يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عليه وَمَنْ لم يُوجَدْ وَلَيْسَ في التَّرَاجِمِ - *

(1/268)


فيه الْقَسَامَةُ وَلَا يُصَلَّى على رَأْسٍ وَلَا يَدٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا غَرِقَ الرِّجَالُ أو أَصَابَهُمْ هَدْمٌ أو حَرِيقٌ وَفِيهِمْ مُشْرِكُونَ كَانُوا أَكْثَرَ أو أَقَلَّ من الْمُسْلِمِينَ صلى عليهم وينوى بِالصَّلَاةِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْمُشْرِكِينَ وقال بَعْضُ الناس إذَا كان الْمُسْلِمُونَ أَكْثَرَ صلى عليهم وَنَوَى بِالصَّلَاةِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْمُشْرِكِينَ وَإِنْ كان الْمُشْرِكُونَ أَكْثَرَ لم يُصَلِّ على وَاحِدٍ منهم + ( قال الشَّافِعِيُّ ) لَئِنْ جَازَتْ الصَّلَاةُ على مِائَةِ مُسْلِمٍ فِيهِمْ مُشْرِكٌ بِالنِّيَّةِ لَتَجُوزَنَّ على مِائَةِ مُشْرِكٍ فِيهِمْ مُسْلِمٌ وما هو إلَّا أَنْ يَكُونُوا إذَا خَالَطَهُمْ مُشْرِكٌ لَا يُعْرَفُ فَقَدْ حُرِّمَتْ الصَّلَاةُ عليهم وَإِنَّ الصَّلَاةَ تُحَرَّمُ على الْمُشْرِكِينَ فَلَا يُصَلَّى عليهم أو تَكُونَ الصَّلَاةُ وَاجِبَةً على الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ خَالَطَهُمْ مُشْرِكٌ نَوَى الْمُسْلِمَ بِالصَّلَاةِ وَوَسِعَ ذلك المصلى وَإِنْ لم يَسَعْ الصَّلَاةَ في ذلك مَكَانَ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا أَكْثَرَ أو أَقَلَّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما نَحْتَاجُ في هذا الْقَوْلِ إلَى أَنْ نُبَيِّنَ خَطَأَهُ بِغَيْرِهِ فإن الْخَطَأ فيه لَبَيِّنٌ وما يَنْبَغِي أَنْ يُشْكِلَ على أَحَدٍ له عِلْمٌ - * بَابُ حَمْلِ الْجِنَازَةِ وَلَيْسَ في التَّرَاجِمِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُسْتَحَبُّ لِلَّذِي يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ أَنْ يَضَعَ السَّرِيرَ على كَاهِلِهِ بين الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ وَيَحْمِلَ بِالْجَوَانِبِ الْأَرْبَعِ وقال قَائِلٌ لَا تُحْمَلُ بين العمودين ( ( ( العمود ) ) ) هذا عِنْدَنَا مُسْتَنْكَرٌ فلم يَرْضَ أَنْ جَهِلَ ما كان يَنْبَغِي له أَنْ يَعْلَمَهُ حتى عَابَ قَوْلَ من قال بِفِعْلِهِ هذا وقد روى عن بَعْضِ أَصْحَابِ رسول اللَّه صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذلك
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن أبيه عن جَدِّهِ قال رأيت سَعْدَ بن أبي وَقَّاصٍ في جِنَازَةِ عبد الرحمن بن عَوْفٍ قَائِمًا بين الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ وَاضِعًا السَّرِيرَ على كَاهِلِهِ
وَأَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عن بن جُرَيْجٍ عن يُوسُفَ بن مَاهَكَ أَنَّهُ رَأَى بن عُمَرَ في جِنَازَةِ رَافِعِ بن خَدِيجٍ قَائِمًا بين قَائِمَتَيْ السَّرِيرِ
أخبرنا الثِّقَةُ عن إِسْحَاقَ بن يحيى بن طَلْحَةَ عن عَمِّهِ عِيسَى بن طَلْحَةَ قال رَأَيْت عُثْمَانَ بن عَفَّانَ يَحْمِلُ بين عَمُودَيْ سَرِيرِ أُمِّهِ فلم يُفَارِقْهُ حتى وَضَعَهُ
أخبرنا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عن عبد اللَّهِ بن ثَابِتٍ عن أبيه قال رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَحْمِلُ بين عَمُودَيْ سَرِيرِ سَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ
أخبرنا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عن شُرَحْبِيلَ بن أبي عَوْنٍ عن أبيه قال رَأَيْت بن الزُّبَيْرِ يَحْمِلُ بين عَمُودَيْ سَرِيرِ الْمِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَزَعَمُ الذي عَابَ هذا عَلَيْنَا أَنَّهُ مُسْتَنْكَرٌ لَا نَعْلَمُهُ إلَّا قال بِرَأْيِهِ وَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وما سَكَتْنَا عنه من الْأَحَادِيثِ أَكْثَرُ مِمَّا ذَكَرْنَا - * بَابُ ما يُفْعَلُ بِالْمُحْرِمِ إذَا مَاتَ وَلَيْسَ في التَّرَاجِمِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا مَاتَ الْمُحْرِمُ غُسِّلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكُفِّنَ في ثِيَابِهِ التي أَحْرَمَ فيها أو غَيْرِهَا ليس فيها قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ وَلَا يُعْقَدُ عليه ثَوْبٌ كما لَا يَعْقِدُ الْحَيُّ الْمُحْرِمُ وَلَا يُمَسُّ بِطِيبٍ وَيُخَمَّرُ وَجْهُهُ وَلَا يُخَمَّرُ رَأْسُهُ وَيُصَلَّى عليه وَيُدْفَنُ وقال بَعْضُ الناس إذَا مَاتَ كُفِّنَ كما يُكَفَّنُ غَيْرُ الْمُحْرِمِ وَلَيْسَ مَيِّتُ إحْرَامٍ وَاحْتُجَّ بِقَوْلِ عبد اللَّهِ بن عُمَرَ وَلَعَلَّ عَبْدَ اللَّهِ بن عُمَرَ لم يَسْمَعْ الحديث بَلْ لَا أَشُكُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ سَمِعَهُ ما خَالَفَهُ وقد ثَبَتَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان لَا قَسَامَةَ فيه عِنْدَهُ ولم يُوجَدْ في أَرْضِ أَحَدٍ فَكَيْفَ نصلى عليه وما لِلْقَسَامَةِ وَالصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ وإذا جَازَ أَنْ يصلي على بَعْضِ جَسَدِهِ دُونَ بَعْضٍ فَالْقَلِيلُ من يَدَيْهِ وَالْكَثِيرُ في ذلك لهم سَوَاءٌ وَلَا يُصَلَّى على الرَّأْسِ وَالرَّأْسُ مَوْضِعُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَاللِّسَانِ وَقِوَامُ الْبَدَنِ وَيُصَلَّى على الْبَدَنِ بِلَا رَأْسٍ الصَّلَاةُ سُنَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَحُرْمَةُ قَلِيلِ الْبَدَنِ لِأَنَّهُ كان فيه الرُّوحُ حُرْمَةٌ كثيره في الصَّلَاةِ - * بَابُ اخْتِلَاطِ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْكُفَّارِ وليس ( ( ( ليس ) ) ) في التَّرَاجِمِ - *

(1/269)


عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قَوْلُنَا كما قُلْنَا وَبَلَغَنَا عن عُثْمَانَ بن عَفَّانَ مِثْلُهُ وما ثَبَتَ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَلَيْسَ لِأَحَدٍ خِلَافُهُ إذَا بَلَغَهُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ قال سَمِعْت سَعِيدَ بن جُبَيْرٍ يقول سَمِعْت بن عَبَّاسٍ يقول كنا مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَخَرَّ رَجُلٌ عن بَعِيرِهِ فَوُقِصَ فَمَاتَ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْهِ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ قال سُفْيَانُ وزاد ( ( ( وأزاد ) ) )
إبْرَاهِيمُ بن أبي بَحْرَةَ عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال وَخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا تُمِسُّوهُ طِيبًا فإنه يُبْعَثُ يوم الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا
أخبرنا سَعِيدُ بن سَالِمٍ عن بن جُرَيْجٍ عن بن شِهَابٍ أَنَّ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ صَنَعَ نحو ذلك - * بَابُ الصَّلَاةِ على الْجِنَازَةِ وَالتَّكْبِيرِ فيها وما يُفْعَلُ بَعْدَ كل تَكْبِيرَةٍ وَلَيْسَ في التَّرَاجِمِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَلِذَلِكَ نَقُولُ يُكَبَّرُ أَرْبَعًا على الْجَنَائِزِ يُقْرَأُ في الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ يصلى على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَيَدْعُو لِلْمَيِّتِ وقال بَعْضُ الناس لَا يُقْرَأُ في الصَّلَاةِ على الْجِنَازَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) إنَّا صَلَّيْنَا على الْجِنَازَةِ وَعَلِمْنَا كَيْفَ سُنَّةَ الصَّلَاةِ فيها لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فإذا وَجَدْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم سُنَّةً اتَّبَعْنَاهَا أَرَأَيْت لو قال قَائِلٌ أَزِيدُ في التَّكْبِيرِ علي ما قُلْتُمْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرْضٍ أو لَا أُكَبِّرُ وَأَدْعُو لِلْمَيِّتِ هل كانت لنا عليه حُجَّةٌ إلَّا أَنْ نَقُولَ قد خَالَفْت السُّنَّةَ وَكَذَلِكَ الْحُجَّةُ على من قال لَا يَقْرَأُ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ لم تَبْلُغْهُ السُّنَّةُ فيها
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن عبد اللَّهِ بن مُحَمَّدِ بن عَقِيلٍ عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَبَّرَ على الْمَيِّتِ أَرْبَعًا وَقَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن سَعْدٍ عن أبيه عن طَلْحَةَ بن عبد اللَّهِ بن عَوْفٍ قال صَلَّيْت خَلْفَ بن عَبَّاسٍ على جِنَازَةٍ فَقَرَأَ فيها بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فلما سَلَّمَ سَأَلْته عن ذلك فقال سُنَّةٌ وَحَقٌّ
أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن مُحَمَّدِ بن عَجْلَانَ عن سَعِيدِ بن أبي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قال سَمِعْت بن عَبَّاسٍ يَجْهَرُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ على الْجِنَازَةِ وقال إنَّمَا فَعَلْت لِتَعْلَمُوا أنها سُنَّةٌ
أخبرنا مُطَرِّفُ بن مَازِنٍ عن مَعْمَرٍ عن الزُّهْرِيِّ قال أخبرني أبو أُمَامَةَ بن سَهْلٍ أَنَّهُ أخبره رَجُلٌ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّ السُّنَّةَ في الصَّلَاةِ على الْجِنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ ثُمَّ يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى سِرًّا في نَفْسِهِ ثُمَّ يصلى على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَيُخْلِصَ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ في التَّكْبِيرَاتِ لَا يَقْرَأَ في شَيْءٍ مِنْهُنَّ ثُمَّ يُسَلِّمَ سِرًّا في نَفْسِهِ
أخبرنا مُطَرِّفُ بن مَازِنٍ عن مَعْمَرٍ عن الزُّهْرِيِّ قال حدثني مُحَمَّدٌ الْفِهْرِيُّ عن الضَّحَّاكِ بن قَيْسٍ أَنَّهُ قال مِثْلَ قَوْلِ أبي أُمَامَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِإِمَامِهِمْ يَصْنَعُونَ ما يَصْنَعُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا صلى الرَّجُلُ على الْجِنَازَةِ كَبَّرَ أَرْبَعًا وَتِلْكَ السُّنَّةُ وَرُوِيَتْ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَّ الْيَوْمَ الذي مَاتَ فيه وَخَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ
أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ بن سَهْلِ بن حُنَيْفٍ أخبره أَنَّ مِسْكِينَةً مَرِضَتْ فَأُخْبِرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِمَرَضِهَا قال وكان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَعُودُ الْمَرْضَى وَيَسْأَلُ عَنْهُمْ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا مَاتَتْ فَآذِنُونِي بها فَخُرِجَ بِجِنَازَتِهَا لَيْلًا فَكَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فلما أَصْبَحَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أُخْبِرَ بِاَلَّذِي كان من شَأْنِهَا فقال أَلَمْ آمُرْكُمْ أَنْ تُؤْذِنُونِي بها فَقَالُوا يا رَسُولَ اللَّهِ كَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَك لَيْلًا فَخَرَجَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حتي صَفَّ بِالنَّاسِ على قَبْرِهَا وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ

(1/270)


(1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَصْحَابُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يَقُولُونَ بِالسُّنَّةِ وَالْحَقِّ إلَّا لِسُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن إِسْحَاقَ بن عبد اللَّهِ عن مُوسَى بن وَرْدَانَ عن عبد اللَّهِ بن عَمْرِو بن الْعَاصِ أَنَّهُ كان يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى علي الْجِنَازَةِ وَبَلَغَنَا ذلك عن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَسَهْلِ بن حُنَيْفٍ وَغَيْرِهِمَا من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى على الْمَيِّتِ بِالنِّيَّةِ فَقَدْ فَعَلَ ذلك رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالنَّجَاشِيِّ صلى عليه بِالنِّيَّةِ وقال بَعْضُ الناس لَا يُصَلَّى عليه بِالنِّيَّةِ وَهَذَا خِلَافُ سُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الذي لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ خِلَافُهَا وما نَعْلَمُهُ رَوَى في ذلك شيئا إلَّا ما قال بِرَأْيِهِ ( قال ) وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى على الْقَبْرِ بعد ما يُدْفَنُ الْمَيِّتُ بَلْ نَسْتَحِبُّهُ وقال بَعْضُ الناس لَا يُصَلَّى على الْقَبْرِ وَهَذَا أَيْضًا خِلَافُ سُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الذي لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ عَلِمَهَا خِلَافُهَا قد صلى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على قَبْرِ الْبَرَاءِ بن مَعْرُورٍ وَعَلَى قَبْرِ غَيْرِهِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن الزُّهْرِيِّ عن أبي أُمَامَةَ بن سَهْلٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى على قَبْرِ امْرَأَةٍ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَصَلَّتْ عَائِشَةُ على قَبْرِ أَخِيهَا وَصَلَّى بن عُمَرَ على قَبْرِ أَخِيهِ عَاصِمِ بن عُمَرَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَرْفَعُ المصلى يَدَيْهِ كُلَّمَا كَبَّرَ على الْجِنَازَةِ في كل تَكْبِيرَةٍ لِلْأَثَرِ وَالْقِيَاسِ على السُّنَّةِ في الصَّلَاةِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم رَفَعَ يَدَيْهِ في كل تَكْبِيرَةٍ كَبَّرَهَا في الصَّلَاةِ وهو قَائِمٌ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا محمد بن عُمَرَ عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ بن حَفْصٍ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كان يَرْفَعُ يَدَيْهِ كُلَّمَا كَبَّرَ على الْجِنَازَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبَلَغَنِي عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ مِثْلُ ذلك وَعَلَى ذلك أَدْرَكْت أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا وقال بَعْضُ الناس لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَّا في التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وقال وَيُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً يُسْمِعُ من يَلِيهِ وَإِنْ شَاءَ تَسْلِيمَتَيْنِ أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كان يُسَلِّمُ في الصَّلَاةِ على الْجِنَازَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ويصلى على الْجِنَازَةِ قِيَامًا مستقبلى الْقِبْلَةَ وَلَوْ صَلَّوْا جُلُوسًا من غَيْرِ عُذْرٍ أو رُكْبَانًا أَعَادُوا وَإِنْ صَلَّوْا بِغَيْرِ طَهَارَةٍ أَعَادُوا وَإِنْ دَفَنُوهُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَلَا غُسْلٍ أو لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَلَا بَأْسَ عِنْدِي أَنْ يُمَاطَ عنه التُّرَابُ وَيُحَوَّلَ فَيُوَجَّهَ لِلْقِبْلَةِ وَقِيلَ يُخْرَجُ وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عليه ما لم يَتَغَيَّرْ فَإِنْ دُفِنَ وقد غُسِّلَ ولم يُصَلَّ عليه لم أُحِبَّ إخْرَاجَهُ وصلى عليه في الْقَبْرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ إذَا كَبَّرَ على الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى ثُمَّ يُكَبِّرَ ثُمَّ يصلى على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَيَسْتَغْفِرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ يُخْلِصَ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ وَلَيْسَ في الدُّعَاءِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ وَأُحِبُّ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ عَبْدُك وبن عبدك وبن أَمَتِك كان يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أنت وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ إنْ كان مُحْسِنًا فَزِدْ في إحْسَانِهِ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ وَقِه عَذَابَ الْقَبْرِ وَكُلَّ هَوْلٍ يوم الْقِيَامَةِ وَابْعَثْهُ من الْآمِنِينَ وَإِنْ كان مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عنه وَبَلِّغْهُ بِمَغْفِرَتِك وَطَوْلِك دَرَجَاتِ الْمُحْسِنِينَ اللَّهُمَّ فَارَقَ من كان يُحِبُّ من سَعَةِ الدُّنْيَا وَالْأَهْلِ وَغَيْرِهِمْ إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَضِيقِهِ وَانْقَطَعَ عَمَلُهُ وقد جِئْنَاك شُفَعَاءَ له وَرَجَوْنَا له رَحْمَتَك وَأَنْتَ أَرْأَفُ بِهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِك فإنه فَقِيرٌ إلَى رَحْمَتِك وَأَنْتَ غنى عن عَذَابِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) سَمِعْنَا من أَصْحَابِنَا من يقول الْمَشْيُ أَمَامَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ من الْمَشْيِ خَلْفَهَا ولم أَسْمَعْ أَحَدًا عِنْدَنَا يُخَالِفُ في ذلك وقال بَعْضُ الناس الْمَشْيُ خَلْفَهَا أَفْضَلُ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عُمَرَ إنَّمَا قَدُمَ الناس لِتَضَايُقِ الطَّرِيقِ حتى كَأَنَّا لم نَحْتَجَّ بِغَيْرِ ما رَوَيْنَا عن عُمَرَ في هذا الْمَوْضِعِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عَلِيًّا رضي اللَّهُ عنه قال الْمَشْيُ خَلْفَهُ أَفْضَلُ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْجِنَازَةَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وبن عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ بن قَيْسٍ رَجُلَانِ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يَقُولَانِ السُّنَّةَ إلَّا لِسُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنْ شَاءَ اللَّهُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عن لَيْثِ بن سَعْدٍ عن الزُّهْرِيِّ عن أبي أُمَامَةَ قال السُّنَّةُ أَنْ يُقْرَأَ على الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ

(1/271)


مَتْبُوعَةٌ وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ وقال التَّفَكُّرُ في أَمْرِهَا إذَا كان خَلْفَهَا أَكْثَرُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِحَدِيثِ بن عُمَرَ وَغَيْرِهِ أَخَذْنَا في أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَقَدَّمَ فَيَجْلِسَ قبل أَنْ لَا يُؤْتَى بِالْجِنَازَةِ وَلَا يَنْتَظِرُ أَنْ يَأْذَنَ له أَهْلُهَا في الْجُلُوسِ وَيَنْصَرِفُ أَيْضًا بِلَا إذْنٍ وَأَحَبُّ إلى لو اسْتَتَمَّ ذلك كُلَّهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) أُحِبُّ حَمْلَ الْجِنَازَةِ من أَيْنَ حَمَلَهَا وَوَجْهُ حَمْلِهَا أَنْ يَضَعَ يَاسِرَةَ السَّرِيرِ الْمُقَدَّمَةَ على عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَاسِرَتَهُ الْمُؤَخَّرَةَ ثُمَّ يَامِنَةَ لسرير ( ( ( السرير ) ) ) الْمُقَدَّمَةَ على عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يَامِنَتَهُ الْمُؤَخَّرَةَ وإذا كان الناس مع الْجِنَازَةِ كَثِيرِينَ ثُمَّ أتى على مَيَاسِرِهِ مَرَّةً أَحْبَبْت له أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُ حَمْلِهِ بين الْعَمُودَيْنِ وَكَيْفَمَا يَحْمِلُ فَحَسَنٌ وَحَمْلُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ سَوَاءٌ وَلَا يَحْمِلُ النِّسَاءُ الْمَيِّتَ وَلَا الْمَيِّتَةَ وَإِنْ ثَقُلَتْ الْمَيِّتَةُ فَقَدْ رَأَيْت من يَحْمِلُ عَمْدًا حتى يَكُونَ من يَحْمِلُهَا على سِتَّةٍ وَثَمَانِيَةٍ على السَّرِيرِ وَعَلَى اللَّوْحِ إنْ لم يُوجَدْ السَّرِيرُ وَعَلَى الْمَحْمِلِ وما حُمِلَ عليه أَجْزَأَ وَإِنْ كان في مَوْضِعِ عَجَلَةٍ أو بَعْضِ حَاجَةِ تَتَعَذَّرُ فَخِيفَ عليه التَّغَيُّرُ قبل أَنْ يُهَيَّأَ له ما يُحْمَلُ عليه حُمِلَ على الْأَيْدِي وَالرِّقَابِ ومشى بِالْجِنَازَةِ أَسْرَعَ سَجِيَّةِ مشى الناس لَا الْإِسْرَاعَ الذي يَشُقُّ علي ضَعَفَةِ من يَتْبَعُهَا إلَّا أَنْ يُخَافَ تَغَيُّرُهَا أو انْبِجَاسُهَا فَيُعَجِّلُونَهَا ما قَدَرُوا وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ من أَهْلِ الْجِنَازَةِ الْإِبْطَاءَ في شَيْءٍ من حَالَاتِهَا من غُسْلٍ أو وُقُوفٍ عِنْدَ الْقَبْرِ فإن هذا مَشَقَّةٌ على من يَتْبَعُ الْجِنَازَةَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) والحبة ( ( ( والقول ) ) ) في أَنَّ الْمَشْيَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ مَشَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَامَهَا وقد عَلِمُوا أَنَّ الْعَامَّةَ تَقْتَدِي بِهِمْ وَتَفْعَلُ فِعْلَهُمْ ولم يَكُونُوا مع تَعْلِيمِهِ الْعَامَّةَ نَعْلَمُهُمْ يَدَّعُونَ مَوْضِعَ الْفَضْلِ في اتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ ولم نَكُنْ نَحْنُ نَعْرِفُ مَوْضِعَ الْفَضْلِ إلَّا بِفِعْلِهِمْ فإذا فَعَلُوا شيئا وَتَتَابَعُوا عليه كان ذلك مَوْضِعَ الْفَضْلِ فيه وَالْحُجَّةُ فيه من مشى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَثْبَتُ من أَنْ يُحْتَاجَ مَعَهَا إلَى غَيْرِهَا وَإِنْ كان في اجْتِمَاعِ أَئِمَّةِ الْهُدَى بَعْدَهُ الْحُجَّةُ ولم يَمْشُوا في مَشْيِهِمْ لِتَضَايُقِ الطَّرِيقِ إنَّمَا كانت الْمَدِينَةُ أو عَامَّتُهَا فَضَاءً حتى عُمِّرَتْ بَعْدُ فَأَيْنَ تَضَايُقُ الطَّرِيقِ فيها وَلَسْنَا نَعْرِفُ عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه خِلَافَ فِعْلِ أَصْحَابِهِ وقال قَائِلُ هذا الْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ فلم نَرَ من مَشَى أَمَامَهَا إلَّا لِاتِّبَاعِهَا فإذا مَشَى لِحَاجَتِهِ فَلَيْسَ بِتَابِعٍ لِلْجِنَازَةِ وَلَا يُشَكُّ عِنْدَ أَحَدٍ أَنَّ من كان أَمَامَهَا هو مَعَهَا وَلَوْ قال قَائِلٌ الْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ فَرَأَى هذا كَلَامًا ضَعِيفًا لِأَنَّ الْجِنَازَةَ إنَّمَا هِيَ تُنْقَلُ لَا تَتْبَعُ أَحَدًا وَإِنَّمَا يَتْبَعُ بها وَيَنْقُلُهَا الرِّجَالُ وَلَا تَكُونُ هِيَ تَابِعَةً وَلَا زَائِلَةً إلَّا أَنْ يُزَالَ بها ليس لِلْجِنَازَةِ عَمَلٌ إنَّمَا الْعَمَلُ لِمَنْ تَبِعَهَا وَلِمَنْ مَعَهَا وَلَوْ شَاءَ مُحْتَجٌّ أَنْ يَقُولَ أَفْضَلُ ما في الْجِنَازَةِ حَمْلُهَا وَالْحَامِلُ إنَّمَا يَكُونُ أَمَامَهَا ثُمَّ يَحْمِلُهَا لَكَانَ مَذْهَبًا وَالْفِكْرُ لِلْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَخَلِّفِ سَوَاءٌ وَلَعَمْرِي لِمَنْ يمشى من أَمَامِهَا الْفِكْرُ فيها وَإِنَّمَا خَرَجَ من أَهْلِهِ يَتْبَعُهَا إنَّ هذه لَمِنْ الْغَفْلَةِ وَلَا يُؤْمَنُ عليه إذَا كان هَكَذَا أَنْ يمشى وهو خَلْفَهَا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن الزُّهْرِيِّ عن سَالِمٍ عن أبيه أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ
أخبرنا مُسْلِمُ بن خَالِدٍ وَغَيْرُهُ عن بن جُرَيْجٍ عن بن شِهَابٍ عن سَالِمٍ عن أبيه أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ
أخبرنا مَالِكٌ عن مُحَمَّدِ بن الْمُنْكَدِرِ عن رَبِيعَةَ عن عبد اللَّهِ بن الْهُدَيْرِ أَنَّهُ أخبره أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بن الْخَطَّابِ يَقْدُمُ الناس أَمَامَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ
أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ عن عُبَيْدٍ مولى السَّائِبِ قال رَأَيْت بن عُمَرَ وَعُبَيْدَ بن عُمَيْرٍ يَمْشِيَانِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ فَتَقَدَّمَا فَجَلَسَا يَتَحَدَّثَانِ فلما جَازَتْ بِهِمَا الْجِنَازَةُ قَامَا

(1/272)


- * بَابُ الْخِلَافِ في إدْخَالِ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُسَطَّحُ الْقَبْرُ وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ سَطَّحَ قَبْرَ إبْرَاهِيمَ ابْنِهِ وَوَضَعَ عليه حَصًى من حَصَى الرَّوْضَةِ
وَأَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَشَّ على قَبْرِ إبْرَاهِيمَ ابْنِهِ وَوَضَعَ عليه حَصْبَاءَ وَالْحَصْبَاءُ لَا تَثْبُتُ إلَّا على قَبْرٍ مُسَطَّحٍ وقال بَعْضُ الناس يُسَنَّمُ الْقَبْرُ وَمَقْبَرَةُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عِنْدَنَا مُسَطَّحٌ قُبُورُهَا وَيُشْخَصُ من الْأَرْضِ نَحْوٌ من شِبْرٍ وَيَجْعَلُ عليها الْبَطْحَاءَ مَرَّةً وَمَرَّةً تُطَيَّنُ وَلَا أَحْسِبُ هذا من الْأُمُورِ التي يَنْبَغِي أَنْ يَنْقُلَ فيها أَحَدٌ عَلَيْنَا وقد بَلَغَنِي عن الْقَاسِمِ بن مُحَمَّدٍ قال رَأَيْت قَبْرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مسطحه ( قال ) وَيُغَسِّلُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إذَا مَاتَتْ وَالْمَرْأَةُ زَوْجَهَا إذَا مَاتَ وقال بَعْضُ الناس تُغَسِّلُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا وَلَا يُغَسِّلُهَا فَقِيلَ له لِمَ فَرَّقْت بَيْنَهُمَا قال أَوْصَى أبو بَكْرٍ أَنْ تُغَسِّلَهُ أَسْمَاءُ فَقُلْت وَأَوْصَتْ فَاطِمَةُ أَنْ يُغَسِّلَهَا عَلِيٌّ رضي اللَّهُ عنهما قال وَإِنَّمَا قُلْت أَنْ تُغَسِّلَهُ هِيَ لِأَنَّهَا في عِدَّةٍ منه قُلْنَا إنْ كانت الْحُجَّةُ الْأَثَرَ عن أبي بَكْرٍ فَلَوْ لم يُرْوَ عن طَلْحَةَ رضي اللَّهُ عنه وَلَا بن عَبَّاسٍ وَلَا غَيْرِهِمَا في ذلك شَيْءٌ كانت الْحُجَّةُ عَلَيْك بِأَنْ قد عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لها منه إلَّا ما حَلَّ له منها قال أَلَا تَرَى أَنَّ له أَنْ يَنْكِحَ إذَا مَاتَتْ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ سِوَاهَا وَيَنْكِحَ أُخْتَهَا فَقِيلَ له الْعِدَّةُ وَالنِّكَاحُ لَيْسَا من الْغُسْلِ في شَيْءٍ أَرَأَيْت قَوْلَك يَنْكِحُ أُخْتَهَا أو أَرْبَعًا سِوَاهَا أنها فَارَقَتْ حُكْمَ الْحَيَاةِ وَصَارَتْ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً أو لم تَكُنْ زَوْجَةً قَطُّ قِيلَ نعم قِيلَ فَهُوَ إذَا مَاتَ زَوْجٌ أو كَأَنَّهُ لم يَكُنْ زَوْجًا قال بَلْ ليس بِزَوْجٍ قد انْقَطَعَ حُكْمُ الْحَيَاةِ عنه كما انْقَطَعَ عنها غير أَنَّ عليها منه عِدَّةً قُلْنَا الْعِدَّةُ جُعِلَتْ عليها بِسَبَبٍ ليس هذا أَلَا تَرَى أنها تَعْتَدُّ وَلَا يَعْتَدُّ وَأَنَّهَا تُتَوَفَّى فَيَنْكِحُ أَرْبَعًا وَيُتَوَفَّى فَلَا تَنْكِحُ دخل بها أو لم يَدْخُلْ بها حتى تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا شَيْءٌ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى عليها دُونَهُ وأن كُلَّ وَاحِدٍ من الزَّوْجَيْنِ فِيمَا يَحِلُّ له وَيَحْرُمُ عليه من صاحبه ( ( ( صاحب ) ) ) سَوَاءٌ أَرَأَيْت لو طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَلَيْسَتْ عليها منه عِدَّةٌ قال بَلَى ( قُلْت ) فَكَذَلِكَ لو بَانَتْ بِإِيلَاءٍ أو لِعَانٍ قال بَلَى قِيلَ فَإِنْ بَانَتْ منه ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ في عِدَّةِ الطَّلَاقِ أَتُغَسِّلُهُ قال لَا ( قُلْت ) وَلِمَ قد زَعَمْت أَنَّ غُسْلَهَا إيَّاهُ دُونَ غُسْلِهِ إيَّاهَا إنَّمَا هو بِالْعِدَّةِ وَهَذِهِ تَعْتَدُّ ( قال ) لَيْسَتْ له بِامْرَأَةٍ ( قُلْت ) فما يَنْفَعُك حُجَّتُك بِالْعِدَّةِ كَالْعَبَثِ كان يَنْبَغِي أَنْ تَقُولَ تُغَسِّلُهُ إذْ زَعَمْت أَنَّ الْعِدَّةَ تُحِلُّ لها منه ما يَحْرُمُ عليها فَلَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَسِلَّ الْمَيِّتَ سَلًّا من قِبَلِ رَأْسِهِ وقال بَعْضُ الناس يُدْخَلُ مُعْتَرِضًا من قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَرَوَى حَمَّادٌ عن إبْرَاهِيمَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أُدْخِلَ من قِبَلِ الْقِبْلَةِ مُعْتَرِضًا أخبرني الثِّقَاتُ من أَصْحَابِنَا أَنَّ قَبْرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم على يَمِينِ الدَّاخِلِ من الْبَيْتِ لَاصِقٌ بِالْجِدَارِ وَالْجِدَارُ الذي لِلَّحْدِ لِجَنْبِهِ قِبْلَةُ الْبَيْتِ وَأَنَّ لَحْدَهُ تَحْتَ الْجِدَارِ فَكَيْفَ يُدْخَلُ مُعْتَرِضًا وَاللَّحْدُ لَاصِقٌ بِالْجِدَارِ لَا يَقِفُ عليه شَيْءٌ وَلَا يُمْكِنُ إلَّا أَنْ يُسَلَّ سَلًّا أو يُدْخَلَ من خِلَافِ الْقِبْلَةِ وَأُمُورُ الْمَوْتَى وَإِدْخَالُهُمْ من الْأُمُورِ الْمَشْهُورَةِ عِنْدَنَا لِكَثْرَةِ الْمَوْتِ وَحُضُورِ الْأَئِمَّةِ وَأَهْلِ الثِّقَةِ وهو من الْأُمُورِ الْعَامَّةِ التي يُسْتَغْنَى فيها عن الحديث وَيَكُونُ الْحَدِيثُ فيها كَالتَّكْلِيفِ بِعُمُومِ مَعْرِفَةِ الناس لها وَرَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ بين أَظْهُرِنَا يَنْقُلُ الْعَامَّةُ عن الْعَامَّةِ لَا يَخْتَلِفُونَ في ذلك أَنَّ الْمَيِّتَ يُسَلُّ سَلًّا ثُمَّ جَاءَنَا آتٍ من غَيْرِ بَلَدِنَا يُعَلِّمُنَا كَيْفَ نُدْخِلُ الْمَيِّتَ ثُمَّ لم يُعَلِّمْ حتى رَوَى عن حَمَّادٍ عن إبْرَاهِيمَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أُدْخِلَ مُعْتَرِضًا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مُسْلِمُ بن خَالِدٍ وَغَيْرُهُ عن بن جُرَيْجٍ عن عِمْرَانَ بن مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم سُلَّ من قِبَلِ رَأْسِهِ وَالنَّاسُ بَعْدَ ذلك أخبرنا الثِّقَةُ عن عَمْرِو بن عَطَاءٍ عن عِكْرِمَةَ عن بن عَبَّاسٍ قال سُلَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من قِبَلِ رَأْسِهِ وَأَخْبَرَنَا بعض أَصْحَابِنَا عن أبي الزِّنَادِ وَرَبِيعَةَ وبن الضُّرِّ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ في ذلك أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم سُلَّ من قِبَلِ رَأْسِهِ وأبو بَكْرٍ وَعُمَرُ

(1/273)


يَحْرُمُ عليها غُسْلُهُ قِيلَ أَفَيَحِلُّ لها في الْعِدَّةِ منه وَهُمَا حَيَّانِ أَنْ تَنْظُرَ إلَى فَرْجِهِ وَتُمْسِكَهُ كما كان يَحِلُّ لها قبل الطَّلَاقِ قال لَا قِيلَ وَهِيَ منه في عِدَّةٍ ( قال ) وَلَا تُحِلُّ الْعِدَّةُ ها هنا شيئا وَلَا تُحَرِّمُهُ إنَّمَا يحله ( ( ( تحله ) ) ) عقد ( ( ( عقدة ) ) ) النِّكَاحِ فإذا زَالَ بان لَا يَكُونَ له عليها فيه رَجْعَةٌ فَهِيَ منه فِيمَا يَحِلُّ له وَيَحْرُمُ كما تُعَدُّ النِّسَاءُ قِيلَ وَكَذَلِكَ هو منها قال نعم قِيلَ فَلَوْ قال هذا غَيْرُكُمْ ضَعَّفْتُمُوهُ وَهِيَ لَا تَعْدُو وهو لَا يَعْدُو إذَا مَاتَتْ أَنْ يَكُونَ عَقْدُ النِّكَاحِ زَائِلًا بِلَا زَوَالٍ لِلطَّلَاقِ فَلَا يَحِلُّ له غَسْلُهَا وَلَا لها غَسْلُهُ أو يَكُونَ ثَابِتًا فَيَحِلُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا من صَاحِبِهِ ما يَحِلُّ لِلْآخَرِ أو نَكُونَ مُقَلِّدِينَ لِسَلَفِنَا في هذا فَقَدْ أَمَرَ أبو بَكْرٍ وَسْطَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَنْ تُغَسِّلَهُ أَسْمَاءُ وهو فِيمَا يَحِلُّ له وَيَحْرُمُ عليه أَعْلَمُ وَأَتْقَى لِلَّهِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ على أَنَّهُ كان إذَا رَأَى لها أَنْ تُغَسِّلَهُ إذَا مَاتَ كان له أَنْ يُغَسِّلَهَا إذَا مَاتَتْ لِأَنَّ الْعَقْدَ الذي حَلَّتْ له بِهِ هو الْعَقْدُ الذي بِهِ حَلَّ لها أَلَا تَرَى أَنَّ الْفَرْجَ كان حَرَامًا قبل الْعَقْدِ فلما انْعَقَدَ حَلَّ حتى تَنْفَسِخَ الْعُقْدَةُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ من الزَّوْجَيْنِ فِيمَا يَحِلُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا من صَاحِبِهِ ما لِلْآخَرِ لَا يَكُونُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمَا في الْعَقْدِ شَيْءٌ ليس لِصَاحِبِهِ وَلَا إذَا انْفَسَخَتْ لم يَكُنْ له عليها الرَّجْعَةُ شَيْءٍ لَا يَحِلُّ لِصَاحِبِهِ وَلَا إذَا مَاتَ شَيْءٌ لَا يَحِلُّ لِصَاحِبِهِ فَهُمَا في هذه الْحَالَاتِ سَوَاءٌ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرني إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن عبد اللَّهِ بن أبي بَكْرٍ عن الزُّهْرِيِّ عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قالت لو اسْتَقْبَلْنَا من أَمْرِنَا ما اسْتَدْبَرْنَا ما غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَّا نِسَاؤُهُ
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن عُمَارَةَ عن أُمِّ مُحَمَّدٍ بِنْتِ مُحَمَّدِ بن جَعْفَرِ بن أبي طَالِبٍ عن جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْصَتْهَا أَنْ تُغَسِّلَهَا إذَا ماتت ( ( ( كانت ) ) ) هِيَ وَعَلِيٌّ فَغَسَّلَتْهَا هِيَ وَعَلِيٌّ رضي اللَّهُ عنهما - * بَابُ الْعَمَلِ في الْجَنَائِزِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال حَقٌّ على الناس غُسْلُ الْمَيِّتِ وَالصَّلَاةُ عليه وَدَفْنُهُ لَا يَسَعُ عَامَّتَهُمْ تَرْكُهُ وإذا قام بِذَلِكَ منهم من فيه كِفَايَةٌ له أَجْزَأَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالي وهو كَالْجِهَادِ عليهم حَقٌّ أَنْ لَا يَدَعُوهُ وإذا ابْتَدَرَ منهم من يكفى النَّاحِيَةَ التي يَكُونُ بها الْجِهَادُ أَجْزَأَ عَنْهُمْ وَالْفَضْلُ لِأَهْلِ الْوِلَايَةِ بِذَلِكَ على أَهْلِ التَّخَلُّفِ عنه (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُطْبَقُ فُوهُ وَإِنْ خِيفَ اسْتِرْخَاءُ لَحْيَيْهِ شُدَّ بِعِصَابَةٍ ( قال ) وَرَأَيْت من يُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ وَيَبْسُطُهَا لِتُلَيَّنَ وَلَا تَجْسُو وَرَأَيْت الناس يَضَعُونَ الْحَدِيدَةَ السَّيْفَ أو غَيْرَهُ على بَطْنِ الْمَيِّتِ وَالشَّيْءَ من الطِّينِ الْمَبْلُولِ كَأَنَّهُمْ يَذُودُونَ أَنْ تَرْبُو بَطْنُهُ فما صَنَعُوا من ذلك مِمَّا رَجَوْا وَعَرَفُوا أَنَّ فيه دَفْعَ مَكْرُوهٍ رَجَوْت أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ولم أَرَ من شَأْنِ الناس أَنْ يَضَعُوا الزَّاوُوقَ ( يَعْنِي الزِّئْبَقَ ) في أُذُنِهِ وَأَنْفِهِ وَلَا أَنْ يَضَعُوا المرتك ( يَعْنِي المرداسنج ) على مَفَاصِلِهِ وَذَلِكَ شَيْءٌ تَفْعَلُهُ الْأَعَاجِمُ يُرِيدُونَ بِهِ الْبَقَاءَ لِلْمَيِّتِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا تَرَكَ عُمَرُ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عُقُوبَةَ من مَرَّ بِالْمَرْأَةِ التي دَفَنَهَا أَظُنُّهُ كليب ( ( ( كليبا ) ) ) لِأَنَّ الْمَارَّ الْمُنْفَرِدَ قد كان يَتَّكِلُ على غَيْرِهِ مِمَّنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فيه وَأَمَّا أَهْلُ رُفْقَةٍ مُنْفَرِدِينَ في طَرِيقٍ غَيْرِ مَأْهُولَةٍ لو تَرَكُوا مَيِّتًا منهم وهو عليهم أَنْ يُوَارُوهُ فإنه يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَاقِبَهُمْ لِاسْتِخْفَافِهِمْ بِمَا يَجِبُ عليهم من حَوَائِجِهِمْ في الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ كُلُّ ما وَجَبَ على الناس فَضَيَّعُوهُ فَعَلَى السُّلْطَانِ أَخْذُهُ منهم وَعُقُوبَتُهُمْ فيه بِمَا يَرَى غير مُتَجَاوِزٍ الْقَصْدَ في ذلك ( قال ) وَأُحِبُّ إذَا مَاتَ الْمَيِّتُ أَنْ لَا يُعَجِّلَ أَهْلُهُ غُسْلَهُ لِأَنَّهُ قد يَغْشَى عليه فَيُخَيَّلُ إلَيْهِمْ أَنَّهُ قد مَاتَ حتى يَرَوْا عَلَامَاتِ الْمَوْتِ الْمَعْرُوفَةَ فيه وهو أَنْ تَسْتَرْخِيَ قَدَمَاهُ وَلَا تَنْتَصِبَانِ وَأَنْ تَنْفَرِجَ زَنْدَا يَدَيْهِ وَالْعَلَامَاتُ التي يَعْرِفُونَ بها الْمَوْتَ فإذا رَأَوْهَا عَجَّلُوا غُسْلَهُ وَدَفْنَهُ فإن تَعْجِيلَهُ تَأْدِيَةُ الْحَقِّ إلَيْهِ وَلَا يُنْتَظَرُ بِدَفْنِ الْمَيِّتِ غَائِبٌ من كان الْغَائِبُ وإذا مَاتَ الْمَيِّتُ غُمِّضَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن بن شِهَابٍ أَنَّ قَبِيصَةَ بن ذُؤَيْبٍ كان يحدث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَغْمَضَ أَبَا سَلَمَةَ

(1/274)


وقد يَجْعَلُونَهُ في الصُّنْدُوقِ وَيُفْضُونَ بِهِ إلَى الْكَافُورِ وَلَسْت أُحِبُّ هذا وَلَا شيئا منه وَلَكِنْ يُصْنَعُ بِهِ كما يُصْنَعُ باهل الْإِسْلَامِ ثُمَّ يُغَسَّلُ وَالْكَفَنُ وَالْحَنُوطُ وَالدَّفْنُ فإنه صَائِرٌ إلَى اللَّهِ جل وعز وَالْكَرَامَةُ له بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ ( قال ) وَبَلَغَنِي أَنَّهُ قِيلَ لِسَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ نَتَّخِذُ لَك شيئا كَأَنَّهُ الصُّنْدُوقُ من الْخَشَبِ فقال اصْنَعُوا بِي ما صَنَعْتُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم انْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ وَأَهِيلُوا على التُّرَابَ - * بَابُ الصَّلَاةِ على الْمَيِّتِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لو اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ وَخَنَاثَى جُعِلَ الرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَقُدِّمَ إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُهُمْ ثُمَّ الصِّبْيَانُ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الْخَنَاثَى يَلُونَهُمْ ثُمَّ النِّسَاءُ خَلْفَهُمْ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَإِنْ تَشَاحَّ وُلَاةُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا حَضَرَ الْوَلِيُّ الْمَيِّتَ أَحْبَبْت أَنْ لَا يُصَلَّى عليه إلَّا بِأَمْرِ وَلِيِّهِ لِأَنَّ هذا من الْأُمُورِ الْخَاصَّةِ التي أَرَى الْوَلِيَّ أَحَقَّ بها من الْوَالِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وقد قال بَعْضُ من له عِلْمٌ الْوَالِي أَحَقُّ وإذا حَضَرَ الصَّلَاةَ عليه أَهْلُ الْقَرَابَةِ فَأَحَقُّهُمْ بِهِ الْأَبُ وَالْجَدُّ من قِبَلِ الْأَبِ ثُمَّ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبِ ثُمَّ أَقْرَبُ الناس من قِبَلِ الْأَبِ وَلَيْسَ من قِبَلِ الْأُمِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْوِلَايَةُ لِلْعَصَبَةِ فإذا اسْتَوَى الْوُلَاةُ في الْقَرَابَةِ وَتَشَاحُّوا وَكُلُّ ذِي حَقٍّ فَأَحَبُّهُمْ إلى أَسَنُّهُمْ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَالُهُ لَيْسَتْ مَحْمُودَةً فَكَانَ أَفْضَلُهُمْ وَأَفْقَهُهُمْ أَحَبَّ إلى فَإِنْ تَقَارَبُوا فَأَسَنُّهُمْ فَإِنْ اسْتَوَوْا وَقَلَّمَا يَكُونُ ذلك فلم يَصْطَلِحُوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَأَيُّهُمْ خَرَجَ سَهْمُهُ ولى الصَّلَاةَ عليه ( قال ) وَالْحُرُّ من الْوُلَاةِ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عليه من الْمَمْلُوكِ وَلَا بَأْسَ بِصَلَاةِ الْمَمْلُوكِ على الْجِنَازَةِ وإذا حَضَرَ رَجُلٌ وَلِيٌّ أو غَيْرُ وَلِيٍّ مع نِسْوَةٍ بَعْلًا رَجُلًا مَيِّتًا أو امْرَأَةً فَهُوَ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عليها من النِّسَاءِ إذَا عَقَلَ الصَّلَاةَ وَإِنْ لم يَبْلُغْ مَمْلُوكًا كان أو حُرًّا فَإِنْ لم يَكُنْ يَعْقِلُ الصَّلَاةَ صَلَّيْنَ على الْمَيِّتِ صَفًّا مُنْفَرِدَاتٍ وَإِنْ أَمَّتْهُنَّ إحْدَاهُنَّ وَقَامَتْ وَسَطَهُنَّ لم أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا فَقَدْ صلى الناس على رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَفْرَادًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ وَذَلِكَ لِعِظَمِ أَمْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَتَنَافُسِهِمْ في أَنْ لَا يَتَوَلَّى الْإِمَامَةَ في الصَّلَاةِ عليه وَاحِدٌ وَصَلَّوْا عليه مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَسُنَّةُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْمَوْتَى وَالْأَمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ إلَى الْيَوْمِ أَنْ يُصَلَّى عليهم بِإِمَامٍ وَلَوْ صلى عليهم أَفْرَادًا أَجْزَأَهُمْ الصَّلَاةُ عليهم إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأُحِبُّ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ على الْمَيِّتِ صَلَاةً وَاحِدَةً هَكَذَا رَأَيْت صَلَاةَ الناس لَا يَجْلِسُ بَعْدَ الْفَرَاغِ منها لِصَلَاةٍ من فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عليه وَلَوْ جاء وَلِيٌّ له وَلَا يُخَافُ على الْمَيِّتِ التَّغَيُّرُ فَصَلَّى عليه رَجَوْت أَنْ لَا يَكُونَ بِذَلِكَ بَأْسٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ( قال ) وَإِنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ انْصَرَفَ فَتَوَضَّأَ وَكَبَّرَ من خَلْفَهُ ما بقى من التَّكْبِيرِ فُرَادَى لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ وَلَوْ كان في مَوْضِعِ وُضُوئِهِ قَرِيبًا فَانْتَظَرُوهُ فَبَنَى على التَّكْبِيرِ رَجَوْت أَنْ لَا يَكُونَ بِذَلِكَ بَأْسٌ وَلَا يصلى على الْجِنَازَةِ في مِصْرٍ إلَّا طَاهِرًا ( قال ) وَلَوْ سُبِقَ رَجُلٌ بِبَعْضِ التَّكْبِيرِ ) لم يُنْتَظَرْ بِالْمَيِّتِ حتى يقضى تَكْبِيرَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ أَنْ يُكَبِّرَ ثَانِيَةً وَلَكِنَّهُ يَفْتَتِحُ لِنَفْسِهِ وقال بَعْضُ الناس إذَا خَافَ الرَّجُلُ في الْمِصْرِ فَوْتَ الْجِنَازَةِ تَيَمَّمَ وصلي وَهَذَا لَا يُجِيزُ التَّيَمُّمَ في الْمِصْرِ لِصَلَاةٍ نَافِلَةٍ وَلَا مَكْتُوبَةٍ إلَّا لِمَرِيضٍ زَعَمَ وَهَذَا غَيْرُ مَرِيضٍ وَلَا تَعْدُو الصَّلَاةُ على الْجِنَازَةِ أَنْ تَكُونَ كَالصَّلَوَاتِ لَا تُصَلَّى إلَّا بِطَهَارَةِ الْوُضُوءِ وَلَيْسَ التَّيَمُّمُ في الْمِصْرِ لِلصَّحِيحِ الْمُطِيقِ بِطَهَارَةٍ أو تَكُونَ كَالذِّكْرِ فيصلى عليها إنْ شَاءَ غير طَاهِرٍ خَافَ الْفَوْتَ أو لم يَخَفْ كما يُذْكَرُ غير طَاهِرٍ - * بَابُ اجْتِمَاعِ الْجَنَائِزِ - *

(1/275)


الْجَنَائِزِ وَكُنَّ مُخْتَلِفَاتٍ صلى ولى الْجِنَازَةِ التي سَبَقَتْ ثُمَّ إنْ شَاءَ ولى سِوَاهَا من الْجَنَائِزِ اسْتَغْنَى بِتِلْكَ الصَّلَاةِ وَإِنْ شَاءَ أَعَادَ الصَّلَاةَ على جِنَازَتِهِ وَإِنْ تَشَاحُّوا في مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ فَالسَّابِقُ أَحَقُّ إذَا كَانُوا رِجَالًا فَإِنْ كُنَّ رِجَالًا وَنِسَاءً وُضِعَ الرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالنِّسَاءُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ ولم يُنْظَرْ في ذلك إلَى السَّبْقِ لِأَنَّ مَوْضِعَهُنَّ هَكَذَا وَكَذَلِكَ الْخُنْثَى وَلَكِنْ إنْ سَبَقَ ولى الصبى لم يَكُنْ عليه أَنْ يُزِيلَ الصبى من مَوْضِعِهِ وَوَضَعَ وَلِيُّ الرَّجُلِ الرَّجُلَ خَلْفَهُ إنْ شَاءَ أو يَذْهَبُ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ غَيْرِهِ فَإِنْ افْتَتَحَ المصلى على الْجِنَازَةِ الصَّلَاةَ فَكَبَّرَ وَاحِدَةً أو اثْنَتَيْنِ ثُمَّ أتى بِجِنَازَةٍ أُخْرَى وُضِعَتْ حتى يَفْرُغَ من الصَّلَاةِ على الْجِنَازَةِ التي كانت قَبْلَهَا لِأَنَّهُ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ ينوى بها غير هذه الْجِنَازَةِ الْمُؤَخَّرَةِ ( قال ) وَلَوْ صلى الْإِمَامُ على الْجِنَازَةِ غير مُتَوَضِّئٍ وَمَنْ خَلْفَهُ مُتَوَضِّئُونَ أَجْزَأَتْ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ كان كلهم غير مُتَوَضِّئِينَ أَعَادُوا وَإِنْ كان فِيهِمْ ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا مُتَوَضِّئُونَ أَجْزَأَتْ وَإِنْ سَبَقَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ بِالصَّلَاةِ على الْجِنَازَةِ ثُمَّ جاء وَلِيُّ غَيْرِهِ أَحْبَبْت أَنْ لَا تُوضَعَ لِلصَّلَاةِ ثَانِيَةً وَإِنْ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ( قال ) وَلَوْ سَقَطَ لِرَجُلٍ شَيْءٌ له قِيمَةٌ في قَبْرٍ فَدُفِنَ كان له أَنْ يَكْشِفَ عنه حتى يَأْخُذَ ما سَقَطَ - * بَابُ الدَّفْنِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) هذا الْوَجْهُ الْأَثَرُ الذي يَجِبُ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ وَلَا يُتْرَكَ وَكَيْفَمَا وورى الْمَيِّتُ أَجْزَأَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالي ويحثى ( ( ( ويحثو ) ) ) من على شَفِيرِ الْقَبْرِ بِيَدَيْهِ مَعًا التُّرَابَ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ مَاتَ مَيِّتٌ بِمَكَّةَ أو الْمَدِينَةِ أَحْبَبْت أَنْ يُدْفَنَ في مَقَابِرِهِمَا وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ بِبَلَدٍ قد ذُكِرَ في مَقْبَرَتِهِ خَبَرٌ أَحْبَبْت أَنْ يُدْفَنَ في مَقَابِرِهَا فَإِنْ كانت بِبَلَدٍ لم يُذْكَرْ ذلك فيها فَأُحِبُّ أَنْ يُدْفَنَ في الْمَقَابِرِ لِحُرْمَةِ الْمَقَابِرِ وَالدَّوَاعِي لها وَأَنَّهُ مع الْجَمَاعَةِ أَشْبَهُ من أَنْ لَا يُتَغَوَّطَ وَلَا يُبَالَ على قَبْرِهِ وَلَا يُنْبَشَ وَحَيْثُمَا دُفِنَ الْمَيِّتُ فَحَسَنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالي وَأُحِبُّ أَنْ يُعَمَّقَ لِلْمَيِّتِ قَدْرَ بَسْطَةٍ وما أُعْمِقَ له ووورى أَجْزَأَ وَإِنَّمَا أَحْبَبْت ذلك أَنْ لَا تَنَالَهُ السِّبَاعُ وَلَا يَقْرُبَ على أَحَدٍ إنْ أَرَادَ نَبْشَهُ وَلَا يَظْهَرَ له رِيحٌ وَيُدْفَنَ في مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ من الضِّيقِ وَالْعَجَلَةِ الْمَيِّتَانِ وَالثَّلَاثَةُ في الْقَبْرِ إذَا كَانُوا وَيَكُونُ الذي لِلْقِبْلَةِ منهم أَفْضَلَهُمْ وَأَسَنَّهُمْ وَلَا أُحِبُّ أَنْ تُدْفَنَ الْمَرْأَةُ مع الرَّجُلِ على حَالٍ وَإِنْ كانت ضَرُورَةٌ وَلَا سَبِيلَ إلَى غَيْرِهَا كان الرَّجُلُ أَمَامَهَا وَهِيَ خَلْفَهُ وَيُجْعَلُ بين الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ في الْقَبْرِ حَاجِزٌ من تُرَابٍ وَأُحِبُّ إحْكَامَ الْقَبْرِ وَلَا وَقْتَ فِيمَنْ يَدْخُلُ الْقَبْرَ فَإِنْ كَانُوا وِتْرًا أَحَبُّ إلى وَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ يَضْبِطُونَ الْمَيِّتَ بِلَا مَشَقَّةٍ أَحَبُّ إلى وَسَلُّ الْمَيِّتِ من قِبَلِ رَأْسِهِ وَذَلِكَ أَنْ يُوضَعَ رَأْسُ سَرِيرِهِ عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ ثُمَّ يُسَلُّ سَلًّا وَيُسْتَرُ الْقَبْرُ بِثَوْبٍ نَظِيفٍ حتى يسوي على الْمَيِّتِ لَحْدُهُ وَسَتْرُ الْمَرْأَةِ إذَا دَخَلَتْ قَبْرَهَا أَوْكَدُ من سَتْرِ الرَّجُلِ وَتُسَلُّ الْمَرْأَةُ كما يُسَلُّ الرَّجُلُ وَإِنْ ولى إخْرَاجَهَا من نَعْشِهَا وَحَلَّ عُقَدٍ من الثِّيَابِ إنْ كان عليها وَتَعَاهَدَهَا النِّسَاءُ فَحَسَنٌ وَإِنْ وَلِيَهَا الرَّجُلُ فَلَا بَأْسَ فَإِنْ كان فِيهِمْ ذُو مَحْرَمٍ كان أَحَبَّ إلى وَإِنْ لم يَكُنْ فِيهِمْ ذُو مَحْرَمٍ فَذُو قَرَابَةٍ وَوَلَاءٍ وَإِنْ لم يَكُنْ فَالْمُسْلِمُونَ وُلَاتُهَا وَهَذَا مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ وَدُونَهَا الثِّيَابُ وقد صَارَتْ مَيِّتَةً وَانْقَطَعَ عنها حُكْمُ الْحَيَاةِ ( قال ) وَتُوضَعُ الْمَوْتَى في قُبُورِهِمْ على جُنُوبِهِمْ الْيُمْنَى وَتُرْفَعُ رؤوسهم ( ( ( رءوسهم ) ) ) بِحَجَرٍ أو لَبِنَةٍ وَيُسْنَدُونَ لِئَلَّا يَنْكَبُّوا وَلَا يَسْتَلْقُوا وَإِنْ كان بِأَرْضٍ شَدِيدَةٍ لُحِدَ لهم ثُمَّ نُصِبَ على لُحُودِهِمْ اللَّبِنُ نَصْبًا ثُمَّ يُتَّبَعُ فُرُوجُ اللَّبِنِ بِكُسَارِ اللَّبِنِ وَالطِّينِ حتى يُحْكَمَ ثُمَّ أُهِيلَ التُّرَابُ عليها وَإِنْ كَانُوا بِبَلَدٍ رَقِيقَةٍ شُقَّ لهم شَقٌّ ثُمَّ بُنِيَتْ لُحُودُهُمْ بِحِجَارَةٍ أو لَبِنٍ ثُمَّ سُقِفَتْ لُحُودُهُمْ عليهم بِالْحِجَارَةِ أو الْخَشَبِ لِأَنَّ اللَّبِنَ لَا يَضْبِطُهَا فَإِنْ سُقِفَتْ تُتُبِّعَتْ فُرُوجُهَا حتى تُنْظَمَ ( قال ) وَرَأَيْتُهُمْ عِنْدَنَا يَضَعُونَ على السَّقْفِ الْإِذْخِرَ ثُمَّ يَضَعُونَ عليه التُّرَابَ مُثْرِيًا ثُمَّ يُهِيلُونَ التُّرَابَ بَعْدَ ذلك إهَالَةً ==

=

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أشعار النساء - ط عالم الكتب المؤلف المرزباني

  أشعار النساء للمرزباني ثالث ما ألف من الكتب في أشعار النساء، بعد (أشعار الجواري) للمفجع البصري المتوفى سنة 327هـ و(الإماء الشواعر)...