أشعار النساء للمرزباني
ثالث ما ألف من الكتب في أشعار النساء، بعد (أشعار الجواري) للمفجع البصري المتوفى سنة 327هـ و(الإماء الشواعر) لأبي الفرج الأصفهاني المتوفى سنة 356هـ. ويضم الكتاب تراجم 38 شاعرة، يمتاز الكتاب بانفراده بذكر الكثير من الأخبار والأشعار، سيما شعر النساء الخارجيات.
أخبار ليلى
أخبار ليلى مع النابغة الجعدي
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة عن أبي الحسن المدائني، قال: هاجى النابغة الجعدي ليلى الأخيلية فقال لها:
ألا حيّيا ليلى وقولا لها هـلا |
|
فقدْ ركِبتْ )...( أغرُّ محجَّلا |
فقالت ترد عليه وهما قصيدتان له ولها، فغلبته بقوله:
وعيَّرتني داءً بأمك مثلـه |
|
وأيُّ جوادٍ لا يقال لها هلا |
وهلا:
كلمة تقاس للفرس الأنثى إذا أنزي عليها الفحل لتسكن.
حدثني محمد بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد الوراق قال: حدثني الحكم بن
موسى السلولي، أخبرني الباهلي العلامة قال: "أنه تحاكم إلى ليلى" شعراء
هوزان: النابغة الجعدي "وحيد بن ثور" الهلالي وتميم بن أبي بن مقبل
العجلاني والعجير السلولي فأنشأت تقول:
ألا كلّ ما قالَ الرواة وزبّبـوا |
|
به غير ما قال السلوليُّ بهْرج |
تعني: العجير، قال: فنمى الخير عنها، فقال النابغة الجعدي:
كأنَّك ليلى بـغـلة تـدْمـريَّة |
|
رأت حصناً فعارضتهنَّ تشْحج |
قال: ثم قال:
ألا حيّيا ليلى وقولا لهـا: هـلا |
|
فقد ركبتْ )...( أغرَّ محجَّـلا |
وبرذَوْنة بلَّ البراذين ثـفْـرهـا |
|
وقد شرِبتْ في أوَّلِ الصيف أيِّلا |
وقد أكلتْ بقْلاً وخيماً نـبـاتـه |
|
وقد أنكحت شرَّ الأخايلِ أخْـيلا |
رأى نفسه يقلاً وخيماً، يقول: إنها ستسوخم هجائي.
وكيف أهاجي شاعراً رمْحه أسته |
|
خضيبَ البنانِ ما يزال مكحَّـلا |
دعي عنك تهجاءَ الرجَالِ وأقبلي |
|
على أذْلغيّ يمْلأ أسْتكِ فـيْشـلا |
قال: وبنو الأذلغ بن بني عبادة بن "ربيعة البكاء وكان" نكاحاً، فبلغها قوله فقالت:
أنابغ لم تنبـغْ ولـم تـك أولاً |
|
وكنْت صنياً بينَ صُدَّيْن مجهلا |
ويروى: ولم تك موبهاً، ويروى: بين شعبين مجهلا، ويروى: وكنت شعيباً بين صدين، والصدان: جانبا سفح الجبل، والصني: الثميد يبض شيئاً يسيراً يشرب به الطير ولا يشرب به الإنسان لقتله وصني تصغير صنو، والصنو: الشعب الصغير.
أنابغ إن تنبغ بلؤمكَ لا تـجـدْ |
|
للؤمكَ إلا وسطَ جعدة مجْعلا |
أعيرتني داءً بأمك مـثـلُـه |
|
وأي جوادٍ لا يقال لها: هلا?! |
ويروى: وأي حصان. ويقال للفرس الحجر: هلا، وذلك إذا دعيت للإقرار لتنزى. فاجتمع الجعديون وقالوا: والله لنأتين أمير المدينة فلنستعدينه عليها فأنها قد قذفتنا، وبلغها ذلك فزادت في القصيدة.
أحقاً بما أنبـيت أنَّ عـشـيرتـي |
|
بشوران يزجون المطيَّ المنعَّـلا |
يروح ويغدو وَفدهم لـصـحـيفةٍ |
|
ليستجلدوا لي ساءَ ذلك معـمـلا |
على غير جرْم غير أنْ قلت: عمهم |
|
يعيش أبوهم في ذَراه مـغـفَّـلا |
عمهم: هو عقيل، وأبوهم: هو جعدة. في ذراه: في ذرى عقيل، ويروى: نداه.
وأعمى أتاه بالحجاز نثـاهـم |
|
وكان بأطراف الجبال فأسهلا |
الأعمى: النابغة. جعلته أعمى القلب.
فجاء بهِ أصحابه يحمـلـونـه |
|
إلى خيرِ حـيٍ آخـرين وأوَّلا |
إذا صدرت ورَّادهم عن حياضهم |
|
تغادر نهباً للزكـاة مـعـقَّـلا |
تقول: هم يؤدون الصدقة عن إبلهم.
تنافر سوّراً إلى المجد والعلا |
|
وأقسم حقاً إن فعلت ليفعلا |
ويروى: تسابق سواراً، وهو سوار بن أوفى بن سبرة بن سلمى بن قشير، وكان يهاجي النابغة ويفخر عليه بأيام بني جعدة.
بمجْدٍ إذا المرء الـلـئيم أرادَه |
|
هوى دونه في مهْيلٍ ثمّ عضَّلا |
عضل: عيا وبلد وضاق.
وهلْ أنت إن كان الهجاء محرّمـا |
|
وفي غيره فضْل لمنْ كان أفْضلا |
وفي غيره فضل: تقول: في غير الهجاء الحسب والكرم، وليس في الهجاء خير ولا يفضل به أحد. تريد: هل لك أن تدع الهجاء وتناسب سواراً حتى تعرف نفسك ونسبك وقدرك.
لنا تامك دونَ السماءِ وأصْلـه |
|
مقيمٌ طوال الدَهْرِ لنْ يتحلحلا |
وما كان مجْدٌ في أناس عَلمْتُه |
|
من الناس إلاّ مجدُنا كان أوّلا |
فجليت إلى المدينة، فأقامت بباب مروان وأنشأت تقول:
أنيخَتْ لدى باب ابن مروانَ ناقتي |
|
ثلاثاً لها عند النِتـاج صـرِيفُ |
يُطيف بها فتـيانُـهُ كـلَّ لـيلةٍ |
|
بنيرين مئرانُ الجـبـالِ وَريفُ |
نيرين: شيئين، ويقال: لونين من العلف.
غُلامٌ تَلقّى سؤدداً وهو ناشىءٌ |
|
فانتَ به رَحْبُ الذراعِ أليفُ |
بقيْلٍ كتحبير اليمانـي ونـائلٍ |
|
إذا قُلّبتْ دونَ العَطاءِ كفوفُ |
وَرُحْنا كأنا نمتطي أخـدَرِيَّةً |
|
أضرَّ بها رخوُ اللبان عنيفُ |
وحلأّها حتى إذا لم يسُغ لهـا |
|
حليٌّ بجَنْبيْ ثادقٍ وجفِـيفُ |
جفيف: يابس الكلأ، والصغار من الحلي. والنصي: الذي يبس وأصابه المطر فاصفر.
أرنَّ عليها قارباً وانتـحـت لـه |
|
مُبِـرَّةُ أرْسـاغِ الـيدينِ زَروفُ |
تُهادي خجُوجاً خدَّدَ الجرْيُ لحْمَـهُ |
|
فلا جحْشَها بالصيف فهي خروفُ |
الخروف
من الإبل: تنتج في الخريف، والمصيف: في الصيف، والمربع: في الربيع، والهبع: في
القيظ، والصقعي: وهو الربعي، والصفري: مطلع سهيل، والدفيء: في آخر الشتاء.
ثم قالت في مروان تمدحه وتذكر أمر الجعديين:
طرِبْتَ وما هذا بساعة مطْـربِ |
|
إذا الحيُّ حلواً بين عاذٍ فحَبْحبِ |
قديماً فأضْحَتْ دارُهُم قد تلعَّبـتْ |
|
بها خَرِقات الريح من كلِّ ملعبِ |
وكمْ قد رأى رائيهُـمُ ورأيتـهـا |
|
بها لي من عمٍّ كريمٍ ومـن أبِ |
فوارسَ من آل النُفـاضةِ سـادةً |
|
ومن آل سعْدٍ سؤدداً غير متْعبِ |
وحيٍّ حريدٍ قد صبحنا بـغـارةٍ |
|
فلم يُمْس بيتٌ منهمُ تحت كوكبِ |
شننَّا عليهم كلَّ جرداءَ شـطْـبةٍ |
|
لجوجٍ تباري كلَّ أجردَ شرْجبِ |
لوَ حشيِّها من جانبي زفيانـهـا |
|
حفيفٌ كخذروف الوليد المثقَّبِ |
إذا جاش بالماء الحميم سجالهـا |
|
نضخْنَ بهِ نضْخ المزادِ المسرَّبِ |
فذَرْ ذا، ولكن قد تمنيت راكـبـاً |
|
إذا قال قولاً صادقاً لـم يُكـذًّبِ |
وكتب
إلي أحمد بن عبد العزيز: أخبرنا عمر عن شبة، وحدثني محمد بن أحمد الكاتب، قال:
حدثنا أحمد بن يحيى النحوي، وحدثني أحمد بن محمد المكي، قال: حدثنا أبو العيناء،
أن النابغة لما قال أبياته التي أولها: ألا حييا ليلى، أجابته بقولها الذي تقدم.
وروى أبو عمرو الشيباني أن النابغة لما قال يذكر يومي رحرحان وهو يهاجي سوار بن
سبرة ويفخر عليه بأيام بني جعدة في قصيدة:
هلا سألتَ بيومي رحرحان وقد |
|
ظنَّتْ هوازن أن العزَّ قد زالا |
فلما قال:
تلك المكارم لا قَعبانِ من لبنٍ |
|
شيبا بماءٍ فعاد بعْـد أبـوالا |
قالت ليلى:
وما كنتُ لو قاذَفْتُ جلَّ عشيرتي |
|
لأذكر قعبي حازرٍ قد تثـمـلا |
فلما
أتى النابغة هذه الأبيات وما دعته إليه ليلى قال: ألا حييا ليلى. حازر: حامض.
وتثمل: صار كتلاً من الرغوة، والثمالة: الرغوة ويقال: الرعوة.
حدثني محمد بن أحمد الكاتب، قال: أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي لليلى تمدح مروان بن
الحكم:
طربت وما هذا بساعة مطْربِ |
|
إذا الحيُّ حَلواً بين عاذٍ فحبْحبَ |
وذكرها بطولها فاخترنا منها بعد ذكر ناقته:
أدلَّتْ بقُربي عنْدَه وقضى لـهـا |
|
قضاءً فلمْ ينقضْ ولم يُتعـقّـبِ |
فإنّك بعد اللـه أنـت أمـيرُهـا |
|
وقُنعانُها في كلّ خوفٍ ومرغبِ |
"قنعان الذي" يقنع برأيه. يقال : هذا قنعاني وقنعاني: أي ما قنعت به من شيء.
فتُقضى فـلـولا أنـه كـلّ ريبةٍ |
|
وكلّ قليلٍ من وعيدِكَ مرهـبـي |
إذن ما ابتغى العادي الظلومُ ظلامةً |
|
عليَّ وما أجْلبْت للمـتَـجـلِّـبِ |
معناه لا بل تعدي علي من ظلم وهجا فخاف أن أهجو وأنتصر فيعدي علي:
تبادِرُ أنباءَ الـوشـاةِ وتـبـتـغـي |
|
لها طلباتِ الحقِّ من كل مطْـلـبِ |
إذا أدلجتْ حتى ترى الصبحَ واصَلت |
|
أديم نهارِ الشمس ما لـم تَـغَّـيبِ |
فلمَّا رأتْ دارَ الأمير تخـاوَصـتْ |
|
فقلت لها قد هبْت من مـتَـهـيًّبِ |
تخاوصت بعينيها
صياحَ فَراريج العقول وحاجبـاً |
|
وصوْتَ المنادي بالصلاة المثوِّبِ |
العقور: الحصون والقصور. ويروى: بالأذان المثوب.
وترْجيعَ أصواتِ الخصوم تردُّها |
|
بيوت فضاءٍ في طمارٍ مبـوَّبِ |
الطمار: المكان المرتفع. ومبوب أي له باب.
يظلُّ لأعلاها دَوِيٌّ كـأنـه |
|
ترنُّمُ قاري بيْتِ نحْلٍ منوِّب |
القاري:
ذكر النحل الذي يجمعها، والمنوب: المسود، أي يسود هذا النحل بما يعمل موضعه ومنه
سمي النوبي لسواده، وأنشد: في بيت نوب عوامل. ويروى نحل مجوب.
وأنشدني محمد بن أحمد، قال: أنشدنا أحمد بن يحيى لليلى أيضاً:
أنيختْ لدى بابِ ابنِ مروانَ ناقتي |
|
ثلاثاً لها عنْدَ الرتـاجِ صـريفُ |
يطيف بها فتـيانـه كـلَّ لـيلةٍ |
|
بنيْرَيْنِ مئران الجـبـال وريف |
الرتاج: الغلق، ومنه أرتج على القارئ. ومئران من النشاط. النيران: شحم العام الأول وشحم عامها هذا، ويقال: ناقة ذات نيرين: أي شحم عامي وشحم حولي.
أخبار ليلى مجموعة
حدثني
أحمد بن محمد الجوهري، قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي، قال: حدثنا محمد بن زياد
البكراوني، قال: سمعت العتبي يقول: دخلت ليلى الأخيلية على عبيد الله بن أبي بكرة.
قال محمد: وسمعت ابن عائشة يقول: دخلت امرأة من هوزان على عبيد الله بن أبي بكرة
فقلت له: هي الأخيلية. فقال: لعلها. فقالت أصلح الله الأمير، أتيتك من بلاد شاسعة
ترفعني رافعة وتهضبني هاضبة، لملمات من البلايا برين عظمي ونكهن جسمي، وتركنني
أمشي بالحريض قد ضاق بي البلد العريض بعد عدة من الولد وكثرة من العدد، أفنين عددي
وأوعزن تلدي، فلم يتركن لي سبداً ولم يبقين لي لبداً، فسألت في أحياء العرب من
المرتجى سيبه والمأمون غيبه والمحمود نائله فدللت عليك- أصلحك الله- وأنا امرأة من
هوازن هلك الوالد، وغاب الفاقد، فاصنع بي إحدى ثلاث.
قال: وما هن? قالت: تحسن صفدي أو تقيم أودي أو تردني إلى بلدي، فقال: بل نجمعهن
لك. فجمع لها الخلال الثلاث. قال أحدهما: ثم أوصى لها بعد مؤته بمثل ميراث أحد
بناته.
حدثني أبو عبد الله الحكيمي، قال: حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال: قالت
ليلى الأخيلية لبني عبادة قومها، وسئلت عنهم، فقالت: شر كالتراب وخير كالصؤاب.
أنشدني محمد بن أحمد الكاتب، قال: أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي لليلى:
شُمُّ العَرانينِ أسْماطٌ نِـعـالـهـم |
|
بِيض السرابيلِ لم يعْلقْ بها الغَمَرُ |
نعل
سمط: إذا كان طاقاً واحداً ليست مطارقة.
أنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي، وقال: هو لليلى الأخيلية:
ألا ليت شعْري والخطوب كثيرةٌ |
|
متى رحْل قيس مستقِلٌّ فراجع |
بنفسيَ من لا يسْتقِل برحْـلـهِ |
|
ومن هو إن لم يحفظ الله ضائعُ |
حدثني عبد الله بن يحيى العسكري قال: روى أبو عمرو الشيباني لليلى تمدح أبي بكر بن كلاب بن ربيعة:
إن كنْتَ تبغي أبا بكـرٍ فـإنَّـهـم |
|
بكلّ ساحةِ قـوْم مـنـهـم أثَـرُ |
نعمي وبؤسي بآفاق البـلاد فـمـا |
|
ينال أعداؤهم منهـم، ولا قـدروا |
والعالمون إذا ما الأمر ضـافـهـمُ |
|
أنَّى يحاوَلُ منه الوِرْد والـصـدَرُ |
واخترت آل أبي بكْرٍ لحـاجـتـنـا |
|
وكان فيهم لمن يختـارهـم خـيَر |
وما اتهمت بني جَزْءٍ بـظـنَّـتـهِ |
|
وما أساؤوا وما ضاعَ الذي حضروا |
بظنته:
أي بظنه أبي جزء، وبنو جزء آل عبد العزيز بن زرارة وهم من بني بكر بن كلاب.
قال: وروى أبو عمرو أيضاً لها تفخر:
نحن منعْنا بين أسْفَـل نـاعـت |
|
إلى وارداتٍ بالخميس العرمرم |
بحيّ إذا قيل أظعنوا قد أتِـيتُـم |
|
أقاموا على هَوْلِ الجنانِ المُرَجَّمِ |
تحمَّل أولاهم من الـدار غـدوةً |
|
وتمسي بها أخراهم لم تَصَـرَّمِ |
أخبار ليلى مع الحجَّاج
بن يوسف وذلك في آخر عمرها
حدثني أبو عبد الله الحكيمي. قال: حدثني يحيى بن يموت بن المزرع قال: حدثنا رفيع بن سلمة. قال: حدثني أبو عبيدة، قال: دخلت ليلى الأخيلية على الحجاج فأنشدته:
فنعم فتى الدنيا لئنْ كانَ فاجـراً |
|
وفوق الفتى إن كان ليسَ بفاجرِ |
فتىً هو أحيا من فـتـاةٍ حـييّة |
|
وأشجعُ من ليْثٍ بخفانَ خـادرِ |
فتىً فـيه فـتـيانـيَّةٌ أريحـيَّةٌ |
|
بقيَّة أعرابيَّةٍ من مُـهـاجـر |
فقال
فتى من جلساء الحجاج: والله أيها الأمير ما كان في توبة عشير ما تقول ليلى.
فقالت ليلى: والله أيها الأمير لو رأى ذلك توبة لتمنى أن لا تبقى في داره بكر إلا
حملت منه.
وأخبرني عبد الله بن يحيى قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثنا ابن أبي سعد، قال:
حدثني أبي الحسن الموصلي عن سلمه بن أيوب بن مسلمة الهمذاني فقال: كان جدي عند
الحجاج فذكر أن امرأة قد دخلت عليه فسلمت فرد عليها، وقال: من أنت? قالت: أنا
ليلى. قال: صاحبة توبة بن حمير? قالت: نعم. قال: فماذا قلت فيه لله أبوك? قالت:
قلت:
فإنْ تكنِ القتلى بواءً فـإنَّـكـم |
|
فتىً ما قتلتُم آل عوفِ بن عامرِ |
وذكر
منها أبياتاً فقال لها أسماء بن خارجة الفزاري: أيتها المرأة إنك لتصغين لهذا
الرجل بشيء ما تعرفه به العرب. قال: فقالت: أيها الرجل: هل رأيت توبة? قال: لا.
قالت: أصلح الله الأمير، فوالله لو رأى توبة فود أن كل عاتق في بيته حامل من توبة.
قال: فكأنما فقئ في وجه أسماء حب الرمان. فقال له الحجاج : وما كان لك ولها.
حدثني محمد بن أحمد الكاتب، قال حدثنا أحمد بن يحيى النحوي عن عبد الله بن أحمد
المكي عن عبد الله بن مشهور، قال: دخلت ليلى الأخيلية على الحجاج فقال لها:
أنشديني ما قلت في توبة فأنشدته:
كأنّ فتى الفتـيان تـوبةَ لـم ينـخْ |
|
قلائِصَ يفْحصْنَ الحصى بالكراكرِ |
ولمْ يبْنِ أبراداً رقـاقـاً لـفـتـيةٍ |
|
كرامٍ ويرحلْ قبْلَ فيءِ الهواجـرِ |
فقال لها الحجاج: هل كان بينك وبينه سوء? قالت لا والله إلا أنه أرسل رسولاً مرة، فقال: إذا أتيت حاضر بني عبادة-يعني ابن عقيل- فناد فيه:
عفا الله عنها هل أبيتـنَّ لـيلةً |
|
من الدهر لا يسري إليّ خيالها |
فظننت أنه جنح لبعض الأمر فناديت:
وعنْه عفا رَبي وأصْلحَ بالهُ |
|
فعزَّ علينا حاجةٌ لا ينالهـا |
وحدثني محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن أبي خثيمة قال: أخبرنا علي بن المغيرة الأثرم عن أشياخه، قال أحمد: وأخبرنا عبد الله بن أبي كريم عن أبي عمرو الشيباني أن ليلى الأخيلية قدمت على الحجاج بن يوسف وعنده وجوه أصحابه وأشرافهم إذ أقبلت جارية فأشارت إلى الحجاج وأشار إليها بيده، فذهبت فما تلبث أن جاءت امرأة من أجل النساء وأكمله وأتمه خلفاً وأحسنه محاورة، فلما دنت منه سلمت عليه وقالت: أتأذن أيها الأمير? قال: نعم. فأنشأت تقول:
أحجَّاج إن اللَّهَ أعطاكَ غايةً |
|
يقصر عنْها منْ أرادَ مداها |
أحجَّاج لا يفْللْ سِلاحك إنَّما |
|
المنايا بكف اللَّه حيث يراها |
حتى
أتت على آخرها.
فقال الحجاج لمن عنده: أتدرون من هذه? قالوا: ما نعرفها ولكنا ما رأينا قط امرأة
أطلق لساناً منها، ولا أجمل وجهاً، ولا أحسن لفظاً فمن هي أصلح الله الأمير?? قال:
هذه ليلى الأخيلية صاحبة توبة بن الحمير العقيلي التي يقول فيها:
فلو أنَّ ليلى الأخيلية سـلـمَـت |
|
عليّ وفوقي تـرْبَةٌ وصَـفـائحُ |
لَسَلمْتُ تسليم البـشـاشَةِ أو زَقـا |
|
إليها صدىً من جانبِ القبر صائحُ |
ثم قال: يا ليلى أنشدينا بعض ما قال توبة فيك، فأنشدته:
نأتْكَ بليلى دارها لا تـزورهـا |
|
وشطَّتٌ نواها واستمرَّ مريرها |
وكنت إذا ما زرْت ليلى تَبَرْقَعَت |
|
فقد رابني منها الغداة سُفورها |
حتى
فرغت من القصيدة.
فقال لها: يا ليلى وماذا رابه من سفورك? قالت: اصلح الله الأمير! لم يرني قط إلا
متبرقعة فأرسل إلي رسولاً إنه ملم بنا، وفطن الحي لرسوله، فأخذوا له واستعدوا
وكمنوا، ففطنت لذلك من أمرهم، فلما رأى ذلك أنكره، فلم يزد على أن سلم وانصرف.
فقال الحجاج لله درك يا ليلى فهل كان بينكما ريبة قط? قالت: لا والذي"أسأله
أن يصلحك" إلا أنه مرة قال قولاً، فأضنه أنه خضع لبعض الأمر فقلت:
وذي حاجةٍ قلنا له لا تبح بها |
|
فليس إليها ما حييت سبـيل |
لنا صاحبٌ لا ينبغي أن نخونه |
|
وأنت لأخرى صاحبٌ وخليل |
تخالكَ تهوى غيرها فكأنمـا |
|
لها من تَظنّيها عليك دلـيلُ |
فما
كلمني بعد ذلك بشيء حتى فرق بيني وبينه الموت.
قال: فما كان حديثكما بعد ذلك? قالت: لم يلبث أن قال لصاحب له: إذا أتيت الحاضر من
بني عبادة فقل بأعلى صوتك:
عفا الله عنها هل أبيتـنَّ لـيلةً |
|
من الدهر لا يسري إليَّ خيالها |
فلما سمعت الصوت خرجت فقلت:
وعنه عفا ربي وأصلح حاله |
|
فعز علينا حاجةٌ لا ينالهـا |
ثم
لم لبث أن قتل.
قال: فأنشدينا بعض مراثيك إياه. فأنشدته قصيداً كثيراً، فكان مما أنشدته قصيدتها
التي تقول فيها:
كأنّ فتى الفتـيان تـوبةَ لـم يُنـخ |
|
قلائص يفحصن الحصى بالكراكر |
فلما
أتمتها قال رجل من القوم: والله ما أظنه بلغ عشر ما وصفتيه به. فنظرت إليه ليلى،
وقالت: أصلح الله الأمير، إن هذا المتكلم لو رأى توبة لسره-ألا يكون في داره عذراء
إلا وهي حبلى من توبة.
فقال الحجاج: هذا والله الجواب الحاضر، وقد كنت غنياً عنه. ثم قال: لها ما حاجتك?
قالت: حاجتي أن تحملني إلى قتيبة والي خراسان على البريد. فحملها فاستظرفها قتيبة
ووصلها ثم رجعت فماتت بساوة فقبرها بها.
أخبرني محمد بن أبي الأزهر، قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال: روى أن ليلى
الأخيلية قدمت إلى الحجاج فأنشدته:
إذا وردَ الحجاج أرضاً مريضة |
|
تَتَّبع أقصى دائها فشـفـاهـا |
شفاها من الداء العضال الذي بها |
|
غلامٌ إذا هز القنـاةَ ثـنـاهـا |
قال:
أتقولين غلام? قولي همام. ثم قال لها: أي نسائي أحب إليك أن أنزلك عندها? قالت:
ومن نساؤك أيها الأمير? قال: أم الجلاس بنت سعيد بن العاصر الأموية، وهند بنت
أسماء بنت خارجة الفرازية، وهند بنت المهلب بن أبي صفرة العتكية. قالت: القسية أحب
إلي، فلما كان الغد دخلت عليه فقال: يا غلام أعطها خمسمائة. فقالت أيها الأمير
اجعلها أدماً. فقال قائل: إنما أمر لك بشاء. فقالت: الأمير أكرم من ذلك. فجعلها
ابناً إناثاً استحياء، وإنما كان أمر لها بشاء أولاً. الأدم: البيض من الإبل وهي
أكرمها.
أخبرني علي بن عبد الرحمن عن علي بن يحيى الأطروش بن إسحاق عن أيوب بن عباءة، قال:
حدثني الهيثم بن عدي، قال: دخلت ليلى الأخيلية على الحجاج فقال لأصحابه: ألا
أخجلتها لكم? قالوا: بلى. قال: يا ليلى. قالت: لبيك أيها الأمير. قال: أكنت تحبين
توبة بن الحمير? قالت نعم أيها الأمير وأنت لو رأيته لأحببته.
وحدثني أحمد بن محمد الجوهري، قال: حدثنا العنزي، حدثنا أبو السائب بن سلم بن
جنادة، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف بن معمرالتيمي، قال: حدثنا خالد بن سعيد بن
عمرو بن سعيد، قال: أخبرني أبي، قال: جاءتنا ليلى الأخيلية فقالت: إني أريد أن
أمدح الحجاج. فأدخلناها إليه، فقالت:
لقد وجد الحجاج أرضاً مريضةً |
|
فطبّق أعلى دائها فشفـاهـا |
تتبّعها الداء العضال الذي بهـا |
|
غلامٌ إذا هز القناة سقـاهـا |
فقال
الحجاج: يا خيلية اجعليني هماماً، لا تجعليني غلاماً.
ثم قال: على من أنزلك من نسائي? قالت اذكر لي نساءك. قال: عندي بنت سعيد بن عبد
الرحمن بن عتاب بن أسيد، وعندي أم سلمة بنت عبد الرحمن بن سهيل بن عمرو، وعندي بنت
المهلب بن أبي صفرة، وعندي بنت أسماء بنت خارجة الفزاري، فاخترت بنت أسماء بنت
خارجة، لقرابتها منها، فنزلت عليها.
وحدثني محمد بن أحمد الوزيري قال: حدثنا محمد بن العباس، قال: حدثنا الخليل بن أسد النوشجاني، حدثني حفص بن عمر العمري عن الهيثم بن عدي، قال: أخبرنا أبو يعقوب الثقفي عن عبد الملك بن عمير، قال: حدثني محمد بن الحجاج بن يوسف، قال: بينا الأمير جالس-يعني الحجاج-إذ استأذنت ليلى، فقال الحجاج: ومن ليلى? فقيل: الأخيلية قال: صاحبة توبة، أدخلها. فدخلت امرأة طوالة، دعجاء العين، حسنة المشية، حسنة الثغر إلى الفوه ما هي، فسلمت فرحب بها الحجاج، فدنت فقال الحجاج: وراءك، ضع لها وسادة يا غلام، فجلست، فقال: ما أعملك إلينا? قالت السلام على الأمير، والقضاء لحقه، والتعرض لمعروفه. قال: كيف خلفت أهلك? قالت: تركتهم في حالة خصب وأمن ودعة. أما الخصب ففي الأموال والكلأ، وأما الأمن فقد آمنهم الله بك، وأما الدعة فقد خامرهم من خوفهم ما اصلح بينهم. ثم قالت: ألا أنشدك أيها الأمير?قال: إذا شئت. فقالت:
أحجاج لا يُفْلَلْ سلاحك إنـمـا |
|
المنايا بكف الله حـيث يراهـا |
إذا هبط الحجاج أرضاً مريضةً |
|
تتبَّع أقصى دائها فشـفـاهـا |
شفاها من الداء العُضال الذي بها |
|
غلام إذا هز القناة سـقـاهـا |
سقاها فروّاهـا دمـاء غـزيرةً |
|
دماء رجال حيث قال حَشاهـا |
ويروى: فراوها بصوب سجاله دماء رجال. وشرب سجال، وقال: يقيل.
إذا سمع الحجاج صوت كتيبة |
|
أعدَّ لها قبل النزول قِراهـا |
ويروى:
وإن سمع الحجاج زحف كتيبة |
|
أعدَّ لها قبل الصباح قراهـا |
أعدَّ لها مصقـولة فـارسـيَّة |
|
بأيدي رجال يحلبون ضَراها |
أحجاجُ لا تعط العداة مناهـمُ |
|
ولا الله لا يعطي العداة مناها |
ولا كل خطَّاف تقـلَّـد بـيعة |
|
بأعظم عهد الله ثم شـراهـا |
فما ولد الأبكار والعَوْن مثلـه |
|
ببحرٍ ولا أرض يجفُّ ثراها |
فقال
الحجاج ليحيى بن منقذ: لله بلاؤها ما أشعرها. قال: ما لي بشعرها علم. قال: علي
بعبيد بن موهب. وكان حاجبه قال: أنشديه، فأنشدته، فقال: هذه الشاعرة الكريمة "قد"
وجب حقها. قال: ما أغناها عن شفاعتك! يا غلام. مر لها بخمسمائة درهم واكسها خمسة
أثواب، أحدها كساء خز، وأدخلها على ابنة عمها هند بنت أسماء بن خارجة وقل لها:
صليها. فقالت: أصلح الله الأمير أضر بنا العريف في الصدقة وقد جربت إبلنا وتكسرت
قلوبنا، واخذ خيار المال. قال: اكتبوا لها بن الحكم بن أيوب فليتبع لها خمسة
أجمال، وليجعل أحدها نجيباً، واكتبوا إلى صاحب اليمامة يعزل العريف. قال: ابن
موهب: أصلح الله الأمير أأصلها? قال:نعم. فوصلها بأربعمائة درهم، ووصلتها هذه
بثلاثمائة درهم، ووصلها محمد بن الحجاج بوصفين. قال الهيثم بن عدي: ولم أسمع أنادي
من حماد. قال: لما فرغت ليلى من شعرها أقبل الحجاج على جلسائه فقال: أتدرون من
هذه? قالوا: لا والله ما رأينا امرأة قط أفصح ولا أبلغ ولا أحسن إنشاداً منها. فمن
هي? قال: ليلى الأخيلية صاحبه توبة بن حمير ثم أقبل عليها، فقال: بالله يا ليلى
أرأيت من نوبة أمراً تكرهينه أو سألك شيئاً يعاب? قالت: لا، والذي أسأله المغفرة
ما كان ذلك منه. فقال: أما إذا لم يكن فيرحمنا الله وإياه.
وأخبرني عبد الله بن يحيى قال: أخبرني محمد بن جعفر العطار، قال: حدثنا ابن أبي
سعد، قال: حدثني أحمد بن رشد بن خثيم الهلالي قال: حدثني هاشم بن محمد الهلالين،
قال: حدثني أيوب بن عمرو عن رجل من بني عامر يقال له:ورقا.
قال: كنت عند الحجاج بن يوسف فدخل الآذن فقال: أصلح الله الأمير، امرأة بالباب
تهدر كما يهدر البعير الناد. قال: أدخلها. فلما دخلت نسبها فانتسبت له، فقال: ما
أتاني بك يا ليلى? قالت: إخلاف النجوم، وكلب البرد، وشدة الجهد فكنت لها بعد الله
الرد. قال : فأخبريني عن الأرض? قالت: الأرض مقشعرة والفجاج مغبرة، وأصابتنا سنون
مجحفة مظلمة لم تدع لنا متبعاً ولا ربعاً ولا عافطة أهلكت الرجال ومزقت العيال
وأفسدت الأموال وأنشدته قولها: أحجاج لا تشلل يمينك إنما...و ذكر الأبيات.
فالتفت الحجاج إلى أصحابه فقال: هل تعرفون هذه? قالوا: لا، قال: هذه ليلى الأخيلية
التي تقول:
ثم قال لها : يا ليلى أنشديني بعض شعر توبة قالت: وأي شعره أحب إليك? قال لها:
ما الذي رابه من صدودك يا ليلى? قالت: أصلح الله الأمير أنه لم يرني قط إلا مبرقعة فأرسل لي رسولاً أنه ملم بنا وفطن الحي برسوله فلما رأيته سفرت. فلما رأى ذلك انصرف. فقال: قاتلك الله يا ليلى فهل كان بينكما ريبه قط? فقالت : أصلح الله الأمير لا إلا أنه قد قال مرة قولاً عرفت أنه قد خضع لبعض الأوامر فقلت له:
قال: فما كان بعد ذلك? قالت: قال لصاحب له: إذا أتيت الحاضر من بني عبادة بن عقيل فاهتف به:
فناديت:
قال: فأنشدينا بعض شعرك فيه. فأنشدته:
قال: فقال الحجاج لحاجبه: اذهب بها اقطع عني لسانها. قال: فدعا لها الحجام ليقطع لسانها فقالت: ويلك إنما قال لك الأمير اقطع لساني بالعطاء والصلة، فارجع إليه فاسأله قال: فرجع إليه فاستشاط عليه وهم بقطع لسانه. ثم أمر بها فأدخلت عليه فقالت: كاد العلج أيها الأمير يقطع مقولي وأنشدته:
وحدثني محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثنا أحمد بن يحيى النحوي قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: دخلت ليلى الأخيلية على الحجاج بن يوسف وهو في السفينة يريد البصرة فقال لها: ما جاء بك يا ليلى? قالت: كلب البرد وشدة الجهد وكان إليك بعد المفر. قال: يا ليلى كيف تركت الناس? قالت: الفجاج مغبرة والأرض مقشعرة والناس مسنتون ورحمة الله يرجون، ثم أنشدته:
فنظر
الحجاج إلى مولى له قائد البخارية فقال: اذهب بهذه العجوز إلى يزيد فقل له:
أعطها ألف دينار واقطع عني لسانها. فلم يفهم البخاري إلا قطع اللسان، فقال ذلك
ليزيد، فدعا بالحجام فقالت: وما تريد? قال: اقطع لسانك. قالت: ويلك أمر لي
بالعطاء. قال: ومر بها عتبة بن سعيد فنادته فقال: ويلك لا تعجل أنا رسوله إليك
ثم دخل على الحجاج فأخبره، فقال: علي بها فلما دخلت قالت: كاد العلج-أماته الله-
أن يقضب مقولي، وأنشدته: حجاج أنت الذي ما فوقه أحد........... وذكر البيتين. |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
|
|
|
|
وروى
علي بن المغيرة الأثرم أنه سمع الأصمعي يقول: أن الحجاج أمر لليلى عشرة آلاف درهم
وقال لها : هل لكي من حاجة? قالت: نعم -أصلح الله الأمير- تحملني إلى ابن عمي
قتبية بن مسلم، وهو على خراسان يومئذ، فحملها إليه فأجازها وأقبلت راجعة تريد
البادية، فلما كانت بالري فماتت فقبرها هناك.
وحدثني أبو عبد الله الحكيمي قال: حدثنا أحمد بن أبي خثيمة عن نصر بن عبد علي
الجهضمي عن بعض البصريين، قال: لما أتت ليلى بن قتيبة جفاها فقالت: ردني إلى ابن عمي.
فردها، فلما صارت بساوة ماتت. وإنما قالت للحجاج ابن عمي لأنها من هوازن من بني
عقيل ، والحجاج من بني قسي بن منبه بن بكر بن هوزان.
قال أحمد : أخبرنا عبد الله بن أبي كريم عن أبي عمرو الشيباني: إن ليلى لما حملها
الحجاج إلى قتيبة بخراسان على البريد استظرفها قتيبة ووصلها ثم رجعت ثم ماتت بساوة
بقبرها.
آخر أخبار ليلى
أخبرنا ابن دريد، قال: أخبرنا أبو عثمان الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة، قال: كانت ريا بنت الأعرف إحدى بني عقيل، عند ثروان بن السميع، وهو رجل من قومها. وكان شيخاً أعشى كثير شعر الرأس والوجه. فرقد يوماً في بيتها وهي قاعدة بين يديه فأنشأت تقول:
بنو عقيل
من يشتري مِني زوجاً خَبا |
أخبّ من ضبٍّ يداهي ضبا |
كأنّ منه الحاجِبَ الأزبَّا |
قنَيْفِذ بقنْفذٍ أدَبّا |
كأنّ خصْيَيْهِ إذا أكبا |
فرّوجتان تلقطان حَبا |
فأجابها ثروان فقال:
أوسعتني عرامةً وَسَبا |
يا ربِّ أركسه لها يا رَبا |
فاقدر لها أربد مسْلحِبا |
تخالُ ما استقْدم منه ضبّا |
وما سواه وَرَلاً مُهْتبا |
يفرِغ في عرقوبِها المكْرَبا |
مجاجَ نابين إذا ما أكرَبا |
في جسمها زايل إربٌ إربا |
أخبرني محمد بن يحيى، قال: حدثنا المغيرة بن محمد المهلبي سنة أربع وسبعين ومائتين، قال: حدثنا عبد الله بن محمد التوزي، قال: أنشدني أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري لامرأة من بني عقيل، قال محمد: وغير أبي زيد ينشده لغيرها:
أخبرتني يا قلـب أنَّـك ذاهـل |
|
لليلى فذقْ ما كنتَ قبل تقـول |
ومنيتني حتى إذا ما تقطـعـتْ |
|
قوىً من قوىً اعوَلتَ دامَ عويل |
وغير التوزي ينشده على الاقواء: أي عويل.
وإن سأل الواشون عنها فقل لهم |
|
وذاك عطاء للوشـاةِ جـزيل |
ملمُّ بلـيلـى سـاعةً ثـم إنـه |
|
لهاجِر ليلى بعدها فمـطـيل |
أخبرنا ابن دريد، قال: أخبرنا أبو الحاتم عن الأصمعي، قال: تزوج رجل من بني عقيل امرأة منهم، فدخل يوماً وهي تمثل بيت عزل فقال لها: ما هذا الذي تتمثلين به، لعلك عاشق? قالت: لا، ولكن أبيات حضرتني. فقال: لئن سمعتك إلى مثل هذا لأوجعن ظهرك وبطنك. فأنشأت تقول:
فإنْ تضربُوا ظهري وبطني كليهما |
|
فليس لقلبٍ بين جنبـيَّ ضـارب |
يقولون: عَزِّ النفسَ عمـنْ تـوده |
|
وكيف عزاء النفس والشوق غالب |
فطلقها.
أخبرني أبو عبد الله الحكيمي، قال: حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي، قال: قالت
امرأة من بني عقيل كانت نازلة في عكل فهجت قوماً غزوهم أو رجلاً غزاهم.
يا بنَ الدَعي إنهم عكل فقِفْ |
|
لتعلمنَّ اليومَ إنْ لم تنصرفْ |
إن اللئيمَ والكريمَ مختلِفْ حدثني محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثني أحمد بن أبي خثيمة، قال: أخبرنا مصعب بن عبد الله الزبيري، قال محمد: وحدثنا محمد بن يحيى بن الزبير بن بكار: أن امرأة من بني عقيل كان أهلها مجاورين لبني النمير، وكان لها تربان قد ألفتهما، فلما أراد أهلها الترحل أنشأت تقول:
أتِرْبيَّ من عليا نميرِ بنِ عامـرٍ |
|
أجدّا البكا أن التفرُّقَ بـاكِـر |
أتربيَّ عاقتنا نوىً عن نـواكـم |
|
وشِعْب نوىً قد بان لي متشاجِر |
ألا تريان البرقَ بـانَ كـأنـه |
|
دواضِحِ شُعْرٌ تُتقى بالحوافـر |
فما مكثنا دامَ الجمال عليكـمـا |
|
بثهلانَ إلا أنْ تزَمَّ الأبـاعـر |
وحدثني أبو عبد الله الحكيمي، قال: حدثنا أحمد بن أبي خثيمة، قال: أخبرني مصعب بن عبد الله، قال: جاءني زبير يدعونني من غداة يومنا، فقلت له: اجلس نستمع منك، فأني ذكرت أبيات العقيلية:
أتربيَّ من عليا نمير بن عامرٍ |
|
أجدّا البكا أن التفرق باكـر |
قال: فقال لي زبير: قد ذكرتني هذه أيضاً فراقنا بالبيت الرابع من شعرها:
فما مكثنا دام الجمال عليكما |
|
بثهلانَ إلا أنْ ترَدَّ الأباعِر |
أخبرني الصولي، قال: حدثنا علي بن الصباح، قال: أنشدنا أبو محلم لهنيدة الخفاجية في ابنها المضاء:
يا رَب من عابَ المضاء أبدا |
|
فاحرِمه أمثالَ المضاءِ وَلدا |
كأنَّ عـينـيه إذا تـوَقّـدا |
|
وأخَذَ المُنصلَ ثم استأسـدا |
عيْنا قطامي من الطير غدا |
|
يَنفض عنه بجناحيه النـدى |
القطامي: الصقر، وهو أحد الجوراح نظراً وأبعده، ومنه قول امرئ القيس:
رمتني بعيني جؤذر وَرَميتـهـا |
|
بعيني قطاميٍّ على مرقبٍ عالِ |
وجدت بخط حرمي: عن ابن المزربان لماوية العقيلية في ابن عم لها يقال له كثير وكانت تحبه:
ألمَّ كثير لمةً ثـم شـمـرَتْ |
|
به خِلة يطلبن برْقاً يمـانـيا |
ألا ليتنا والنفس تصبر بالمنى |
|
يمانونَ إذ أضحى كثير يمانيا |
قشير بن كعب
بن ربيعة بن عامر
أخبرنا ابن دريد" قالت بنت بجير بن عبد الله القشيري، ترثي أباها المقتول يوم المروت، وهو يوم العنابين"
نهُوضاً حين تعتمد الـرزايا |
|
ذَوي الأفعالِ بالعبءِ الثقيل |
فما كعب بكعبٍ إن أقامت |
|
ولم تثأر بفارِسِها القـتـيل |
وَذَحلُهم يناديهم مـقـيمـاً |
|
لدى الكدّام طلاَّبِ الذحولِ |
الكدام:
هو يزيد بن أزهر بن عبد الله المازني وكان أسراً بجيراً.
وكتب إلي أحمد بن عبد العزيز، قال: أخبرنا عمر بن شبة، قال: قتل قنعب بن عتاب
اليربوعي بجير بن عبد الله بن سلمة بن قشير، فقالت بنت بجير ترثي بهذه الأبيات.
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى، قال: أخبرنا
سعدان بن المبارك عن أبي عبيدة قال: قالت الفارعة بنت معاوية من بني قشير"
تعير كلاباً بمشاطرتهم الأحاليف سباياهم يومئذ:
منا فوارِس قاتلوا عن سبِـيهـم |
|
يومَ النسارِ وليسَ منا أشـطـر |
ولبئسَ ما نصرَ العشيرةَ ذو لحىً |
|
وحفيف نافحةٍ بليلٍ مـسـهِـر |
ذو لحى: ذو اللحية بن عامر بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب. ومسهر بن عبد قيس بن ربيعة بن كعب بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب.
ضُبعا هِراشٍ تعفِرانِ أستيهما |
|
فرأتهما أخرى فقامَت تعفِر |
تعفران: تمسحان أسيتهما بالعفر، وهو التراب.
حاشا بني المجنونِ أن أباهـم |
|
صات إذا سطعَ الغبار الأكدر |
صات: له صوت في الناس، ورحل صيت" شديد الصوت" وبنو المجنون بن أبي بكر بن كلاب.
لولا بنو بنت الحريش تقسَّمت |
|
سبيَ القبائل مازن والعنبـر |
بنو بنت الحريش هم خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب، أمهم ريطة بنت الحريش بنت كعب.
زعمتْ بزوخ بني كلابٍ أنَّهـم |
|
هزموا الجميع وأنَّ كعباً أدبروا |
البزوخ: الذي يخرج بطنه ويدخل ظهره وهو من الجبن.
كذبتْ بُزوخُ بني كلابٍ أنهـا |
|
تأتي الضراء وبَظْرُها يَتَقطرُ |
وكتب
إلي أحمد بن عبد العزيز، قال: أخبرنا عمر بن شبة، قال: إنه سبي من بني بيت كلاب
سبي يوم النسار وأن بني كلاب سألوا أن يتجافى لهم عن شطر السبي ويسلموا الشطر،
فقالت الفارعة بنت معاوية القشيرية تعير بني كلاب بما فعلوا: منا فوارس قاتلوا
سبيلهم .............. وذكر الأبيات.
أنشدنا ابن دريد، قال: أنشدني عبد الرحمن، يعني ابن أخي الأصمعي، عن عمه، لامرأة
من بني قشير تهجو ابنها:
وهبته مُرتهِشاً جـواعِـرُه |
|
أرْسَغَ لا يشبع منه طائره |
مثل )...( اختلفت تامِـره |
|
)أحداً( إذا ما قرّبتْ أباعره |
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: قالت الفارعة بنت معاوية القشيرية في يوم النسار:
شفى الله نفسي من معشـر |
|
أضاعوا قدامة يومَ النسارِ |
أضاعوا فتىً غيرَ جَثـامةٍ |
|
طويلَ النجادِ بَعيدَ المغـارِ |
يُثني الفوارسَ عن رمحـه |
|
بطَعْنٍ كأفواه لهْبِ المِهارِ |
وفرّت كلابٌ على وجههـا |
|
خلا جعفرٍ قبلَ وَجْهِ النَّهارِ |
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة عن محمد بن حرب الهلالي قال: أتت امرأة من بني قشير خالد بن عبد الله القسري فقالت:
إليك يا بن السـادةِ الأمـاجـدِ |
|
يعمدُ في الحاجة كلُّ عامِـدِ |
فالنَّـاسُ بـينَ صـادرٍ وواردِ |
|
مثلَ حَجيج البيت نحو خالـد |
أشْبَهتَ يا خالـد خـيرَ والـدِ |
|
أشْبَهْتَ عبدَ الله بالمحـامـد |
ليسَ طريفُ المجْدِ مثلَ التالدِْ |
|
|
حدثني إبراهيم بن محمد العطار عن الحسن بن علي العنزي، قال: حدثني محمد بن زكريا اللؤلؤي، قال: حدثني العباس بن بكار الضبي أبو وليد، قال: حدثني عيسى بن يزيد عن صالح بن كيسان، قال محمد: وحدثنا عبد الله بن الضحاك الهدادي، حدثني هشام بن محمد بن السائب عن أبيه عن أبي صالح، قال: كانت ضباعة بنت عامر بن قرط بن سلمة بن قشير، وهو الذي يقال له: سلمة الخير. وأمه من بجيلة، وأخوه يقال له: سلمه الشر. أمه تحيا بنت كلاب بن ربيعة. فزوجها هوذة بن علي الحنفي الذي كان يمدحه الأعشى فسماه في الشعر: الوهاب، فمات عنها وأصابت منه مالاً كثيراً، فرجعت به إلى بلادها فخطبها بجير بن عبد الله بن سلمة بن قشير فلم تزوجه، وهو ابن عمها. فخطبها عبد الله بن جدعان التيمي إلى أبيها فزوجه إياها ووعد ابن جدعان أن لا يعصيه في أمرها، وأنه يكون بحيث تحب من أمرها. فقال بجير: حيث أهديت إلى ابن جدعان:
لنِعْمَ الحيُّ لوْ تربع علـيهـم |
|
ضُباعَةُ يومَ مُنْقَى اللحْمِ غالِ |
ونِعْمَ الحيُّ حيُّ بني أبـيهـا |
|
إذا قُرع المقانبُ بالعوالـي |
أقومٌ يقتنون الإبـل تَـجـراً |
|
أحَب إليكِ أمْ قَوم حِـلال? |
فتزعم
بنو عامر أنها قالت: بل قوم حلال.
قال هشام عن أبيه: إنها لما هلك عنها هوذة ورجعت إلى بلادها، خطبها عبد الله بن
الجدعان إلى أبيها فزوجه إياها. فأتاه ابن أخ له يقال له: حزن بن عبد الملك بن
قرط، فقال: زوجني ضباعة.
قال: قد زوجها عبد الله بن جدعان. فحلف ابن أخيه لا يصل إليها أبداً وليقتلنها.
فكتب أبوها إلى عبد الله بن جدعان يذكر له هذا من أمرها. فكتب إليه عبد الله: لئن
فعلت لأنصبن لك راية غدر بسوق عكاظ . فقال أبوها لابن أخيه : فد جاء من الأمر ما
لابد من الوفاء لهذا الرجل. فجهزها وحملها إليه وركب حسن في أثرها وأخذ الرمح
فتبعها حتى انتهى إليها فوضع السنان بين كتفيها فقال:
أقوم يقتنونَ الإبل تَجـراً |
|
أحبُّ إليك أم حيّ حُلولُ? |
قالت: بل قوم حلول. قال: أما والله ولو قلت غير ذلك لأخرجت السيف من بين كتفيك، وانصرف عنها . فأهديت إلى ابن جدعان فكانت عنده ما شاء الله أن تكون. فبينا هي تطوف الكعبة، وكان لها جمال وشباب، فرآها هشام بن المغيرة فكلمها عند البيت وقال لها: وقد رضيت أن يكون هذا الشباب والجمال عند شيخ كبير?????! ولو سألتيه الفرق لتروجك، وكان هشام جميلاً مكثراً. فرجعت إلى جدعان فقالت: إني امرأة شابة وأنت شيخ كبير، قال: ما بدا لكي في هذا، فقد بلغني أن هشاماً كلمك وأنت تطوفين في البيت، وأنا أعطي الله عهداً ألا أفارقك حتى تحلفي ألا تتزوجي هشاماً، فيوم تفعلين فعليك أن تطوفي في البيت عريانة، وأنت تنحري مائة من الإبل، وأن تعزلي وبراً بين الأخشبين من مكة، وأنت من الحمس لا يحل لكي أن تعزلي الوبر. فأرسلت إلى هشام: إنه قد أخذ علي أشياء إذا تزوجك. فأرسل إليها: أما ما ذكرت من الطواف في البيت عريانة فأنا أسأل قريشاً أن يخلو لك المسجد، فتطوفين بعد الفجر بسدفة ولا يراك أحد. وأما الإبل فلك الله أن أنحرها عنك. وأما تغزلين وبراً فهذا كان يصنعه نفر من قريش فيوفون بنذرهم . فقالت لابن جدعان: نعم، ذلك علي. فطلقها فتزوجها هشام.
قال
العباس : فحدثني أبو بكر الهذلي: أن أباها قدم عليها فشكت عليه وكنت عن النكاح
وكان ابن جدعان قد بلغ سناً مع توسع عليه في المال والخلق فذكره وقالت: إئذن لي
فاخرج في جنازته فنعم زوج الغريبة. قال: أجل والله والقريبة، فأذن لها. وأسلمت
ضباعة وكانت من النسوة اللاتي أسلمن مع النبي صلى الله عليه وسلم - فمات عنها
هشام. ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبها فقالت : أتزوج بهذا الفتى بعد مشيخة
قريش. وأبت فبلغ الخبر ابنها سلمة، فانحدر إلى مكة، وكان جلدة بين عينيها، فقال:
لا اشهد لكي لا خيراً ولا شراً أخطبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فردت علية ما
قد علمت? فقالت : إنما كنت أكره ذلك لك، فأما إذا أحببت ذلك فشأنك فأتى رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو في مجلسه فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، القطيفة التي
طلبتها لم أزل في ذلك حتى سهل الله أمرها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث
مرات: "بارك الله عليها قد هيأ الله ويسر قطيفة غيرها".
وأما الكلبي فقال: خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ابنها سلمة فقال: حتى
استأمرها.
فأتاها فأخبرها فقالت: ويلك فما قلت له? قال: تستأمرني في رسول الله صلى الله عليه
وسلم قبح الله رأيك ارجع لا يكون بداً له، فجأة ذكر النبي وقد ذكر النبي صلى الله
عليه وسلم أنه علتها كبرة، وأنها قد تغيرت عما كان عهد ، فأخبره أنها رضيت. فأعرض
النبي صلى الله عليه وسلم عن ذكرها.
وكتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة قال: قالت ضباعة بنت عامر بن قرط
بن سلمة الخير بن قشير ترثي زوجها هشام بن المغيرة وكانت قد أسلمت وولدت لهشام
سلمة:
إنك لو وألتَ إلى هـشـام |
|
أمنتَ وكنتَ في حرم مقيم |
كريم الخِيم خفاق حـشـاه |
|
ثمال للـيتـيمة والـيتـيم |
ربيع الناس أروع هبـرزي |
|
أبي الضيم ليس بذي وصوم |
أصيل الرأي ليس بحـيدري |
|
ولا نكد العطاء ولا ذمـيم |
ولا خذالة إن كـان كـون |
|
ذميمٍ في الأمور ولا ملـيم |
ولا متبرع بالسوء فـيهـم |
|
ولا قذع المقال ولا غَشوم |
فأصبح ثاوياً بقرار رَمـس |
|
كذاك الدهر يَفجع بالكريم |
قال: وقالت حين هاجر ابنها سلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم :
نمى به إلى الذرى هشام |
|
قدماً وآبـاء لـه كـرام |
جحاجح خضارم عظـام |
|
من آل مخزوم همُ النظام |
والرأس والهامة والسنام
العجلان
هو عبد الله بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وقيل هو العجلان بن عبد الله بن كعب بن ربيعة
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: أخبرني أبو يكرالباهلي، قال:خلت أم الورد العجلانية برجل فقالت:
هل أنت مطيعي يا نميريُّ مرة |
|
وتعصيني غدراً إذا طلع الفجر |
فتجعلها دنيا نعيش بظـلـهـا |
|
فلا عين إلا العيس والبلد القفر |
وجدت حرمي بن أبي علاء : قال كندة بن خالد العحلاني لهند بنت الغطريف العجلانية:
سلي حائلاً عني عشـية يذبـل |
|
فقد راءَ مما قد لقـيت يقـين |
عشية قالوا: جُنَّ سبحان ربـنـا |
|
وما بي ورب الراقصات جنون |
فأجابته هند:
لعمركَ لو كانت عصاك صليبةً |
|
وكُنْتَ بظهْرِ الغَيبِ غَيرَ ظَنينِ |
لما طَفِقَ الأعداءُ يَنْتضلونـنـا |
|
ويأتوننا من أشـمـلٍ ويمـينِ |
ولكنَّها كانتْ عصا خـيزرانةٍ |
|
إذا قُلبتْ بين الأكـف تـلـين |
وقالت أم الورد العجلانية:
ربَّ غلامٍ قد صرى في فقْرتهْ |
ماء الشباب عنفـوانَ شـدَّتـهْ |
يمشي بعرْدٍ قد دنا من ركْبتـهْ |
أقْعسَ لا منْ أوَدٍ في خلقـتـهْ |
أنْعظَ حتى استدّ سمُّ فقحـتـهْ |
وارْتفعتْ خصيتُه في عانقـه |
وقربت عانته مـن سـرَّتـهْ |
وانقلبتْ جلدةُ أعلى فـرْوَتـهْ |
فهو إذا نضْنضه لدفـعـتـهْ |
ينشب في المسلك عند رهزته |
تقاعس الضبِّ عصا في كديته |
عامر بن ربيعة
بن عامر بن صعصعة
أخبرني محمد بن أحمد الكاتب، قال: أخبرنا أحمد بن أبي خثيمة، قال: أخبرنا الزبير بن بكار قال: حدثني أبو سلمى الكلابي قال: لما شهد على المغيرة بن شعبة بما شهد به عليه، كتب عمر بن الخطاب في حمله الحديد. فورد ماء عليه جارية من بني البكاء بن عامر بن ربيعة مثل الظبية مع أبيها تمتح على إبله وهي تقول:
ليْس بنا فقْرٌ إلى التَّشكِّـي |
|
صلادِمٌ كحمـرِ الأبـكِّ |
لا ضرَعٌ فيها ولا مذكيٍّ |
|
|
قال:
فخطبها إلى أبيها فقال: كيف وأنت على هذه الحال? قال: إن أعش فكفايتي ما قد علمت،
وإن أورثها الغنى. فزوجها إياه، فوقع بها على الماء مكانه.
الصلادم: الشداد، الواحد صلدم. والأيك: حمار الوحش.
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال كانت رملة بن كرز بن عمرو بن
ربيعة بن عمرو بن عامر بن ربيعة تحت كعب بن معاوية بن عبادة بن البكا، وهو أبو هند
فتوفي عنها فخطبت بعده فقالت:
إنِّي والبعولةَ بعْـدَ كـعْـبٍ |
|
كشاري قرْمة بابن المخاضِ |
مُرَّة بن صعصعة
بن معاوية بن بكر بن هوازن وهم ينسبون إلى أمهم سلول
وجدت بخط حرمي عن ابن المزربان لأم سعد السلولية ترثي ابنها مزاحماً وقتله ابن الدمينة:
بأهْلي ومالي ثَّم جلِّ عشيرتي |
|
قتيلُ بني تيْمٍ بغـير سِـلاحِ |
فهلاَّ ضربتم بالسلام ابنَ أخْتِكمُ |
|
فتصبح فيه للسيوف جـراحُ |
جماعة من نساء بني عامر
لم يُنسبْن
أخبرنا ابن دريد ، قال: أخبرنا عثمان بن سعيد بن هارون الأشنانداني، قال: أخبرنا التوزي، قال: أخبرني أبو عبيدة، قال: تزوج رجل من بني عامر بن صعصعة امرأة من قومه، وخلفها حاملاً، وخرج في بعض أمره. فولدت ابناً، فلما نظر إلية، وإذا هو أحمر غضب، أزب الحاجبين. فدعاها، وانتضى السيف، وأنشأ يقول:
لا تمْشطي رأسي ولا تفْليني |
|
وحاذري ذا الريق في يميني |
واقتربي دونكِ أخـبـرينـي |
|
ما شأنه أحمرَ كالهـجـين |
خالفَ ألونَ بنيَّ الـجـوْنِ |
|
|
فقالت تجيبه:
إنّ له من قِـبـلـي أجـدادا |
|
بِيضَ الوجوه كرُماً أنجـادا |
ما ضرَّهم إن حضروا أمجادا |
|
أو كافحوا يوم الوغى الأندادا |
ألا يكون لونـهـم سـوادا |
|
|
قلت
أنا والمفضل الضبي: ويروى هذا الخبر للحارث بن عباد اليشكري.
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبه، قال: قالت امرأة من بني عامر:
وَحرْبٍ يضِجُّ القوم من بعثاتها |
|
ضجيجَ الجمالِ الجِلةِ الدَّبراتِ |
ورواها أبو تمام الطائي في الحماسة لامرأة من بني عامر أيضاً، وقال: فيه مكان بعثاتها: نفيانها.
سيبعثها قومٌ ويصْلى بحرِّها |
|
بنو نسْوةٍ للثُّكلِ مصْطبراتِ |
وروى أبو تمام: سيتركها قوم.
فإن يكُ ظنِّي صادقي وهو صادقي |
|
بكمْ وبأحْلامٍ لـكـم صـفـرات |
وقال أبو تمام: وهو صادق بكم وبأحلام لكم صفرات.
تعد منكم جزرَ الجزورِ رِماحنا |
|
وتُمسِكُ بالأكبادِ منكـسـرات |
وقال
أو تمام : تعد فيكم جزر الجزور رماحنا ويمسكن.
أخبرنا ابن دريد، قال: حدثني عبد الرحمن يعني ابن أخي الأصمعي، عن عمه، عن يونس
قال: انصرفت من الحج فمررت بماويه وكان لي فيها صديق من عامر بن صعصعة، قصدت إليه
مسلماً، فأنزلني. فبينا أنا وهو قاعدين بفنائه، فإذا نساء مستبشرات وهن يقلن :
تكلم. فقلت: ما هذا? فقالوا: فتى منا كان يعشق بنت عم له ، فزوجت وحلمت إلى
الناحية بالحجاز فأنه لعلى فراشه منذ حول، ما تكلم ولا أكل إلا أن يؤتى بما يأكله
ويشربه فقلت: أحب أن أراه، فقام وقمت معه، فمشينا غير بعيد، فإذا بقى مضطجع بفناء
بيت من تلك البيوت، لم يبق منه إلا خياله. فأكب الشيخ عليه يسأله وأمه واقفه،
فقالت: يا مالك هذا عمك أبو فلان يعودك. ففتح عينيه ثم أنشأ يقول:
ليبكني اليومَ أهل الود والشـفـقِِ |
|
لم يبق من مهجتي إلا شفا رمقي |
اليوم آخر عهدي بالحـياة فـقـد |
|
أطلقت من ربقة الأحزان والقلق |
ثم تنفس صعداء، فإذا هو ميت. فقام الشيخ وقمت معه فصرت إلى خبائة، فإذا جارية بضة تبكي وتفجع، فقال لها الشيخ: ما يبكيك أنت? فأنشأت تقول:
ألا أبكي لميتٍ شفَّ مهـجـتـه |
|
طول السقام وأضنى جسمه الكمد |
يا ليت من كلَف القلب المهيم بـه |
|
عندي فأشكو إليه بعض ما أجـد |
أنشرُ برديك أسرى ليَ النسيم بـه |
|
أم أنت حيث يناط السهد والكبد? |
ثم
انثنت على كبدها وشهقت فإذا هي ميته.
قال يونس: فقمت من عند الشيخ وأنا وقيذ.
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: أنشدني أبو صالح الشاري يحيى
بن المهلهل الأسدي، لامرأة أخيه بهلول، تدعى صعبة من بني عامر أعرابية:
وقالوا: كلي الطفشيل يا صعب تسمني |
|
وشحمي على الطفشيل شحمٌ ممانـح |
وما أنا والطفشيل والخل والـقـرى |
|
وديك على رأسي من الليل صـائح |
فما لأبي لا أحـسـن الـلـه رفـده |
|
وقامت عليه المعـولات الـنـوائح |
أخبرني محمد بن أحمد الكاتب، قال: أخبرنا أحمد بن أبي خثيمة عن الحرمازي، قال: كانت امرأة من بني عامر في نجعة فكلفت بفتى منهم، فلما لاح لهم البرق، ورجع أهلها إلى مياههم قالت:
تمتعتُ من أهل الكثيب بنظـرةٍ |
|
وقد قيل ما بعد الكثيب كـثـيب |
فإنَّ الكثيب الفرد من أيمن الحمى |
|
إليَّ وإن لـم آتـه لـحـبـيب |
ألا حبذا ريح الغضا حين أدرست |
|
بقضبانه جنح الظلام جـنـوب |
إذا هبَّ علوي الرياح وجدتنـي |
|
كأني لعلـوياتـهـنَّ نـسـيب |
ألا حبذا الأصعاد لو أستطـيعـه |
|
ولكن )...( لا ما أقام عـسـيب |
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: قالت امرأة من بني عامر.
ألا ليتَ حصناً كان يعلم أنـنـا |
|
خلاءٌ وأنا في المزار قـريب |
أرى رفضَ بعرانٍ فأحسب أنها |
|
لحصنٍ فأدنو دنوة فـأخـيبُ |
أخبرني محمد بن الأزهر، قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي، قال: قالت: امرأة أحسبها من بني عامر بن صعصعة زوجت في طي:
لا تحمدن الدهر أخت أخـاً لـهـا |
|
ولا ترثين الدهر بـنـتٌ لـوالـدِ |
هم جعلوها حيث ليسـت بـحـرةٍ |
|
وهم طرحوها في الأقاصي الأباعدِ |
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: قال رجل: مررت ببلاد بني عامر بعجيز قد خزفت. وحولها نسيان قد أفطن برجل يجود بنفسه، والعجوز تقول: أيا ملك الموت دع لي صعصعاً، فأن ثمره فؤاديه فإن أبيت فخذ من أعمار من ترى ما شئت، ثم تقبل على النسيات فتقول: أتسلمن? قيقلن: نعم والله وليزد ما شاء ثم تبكي مريضها وتقول:
كأنك لم تذبح لأهلك نـعـجة |
|
ولم تلق يوماً بالفناء إهابهـا |
ولم تجب البِيد التنائف تقتنص |
|
بهاجرةٍ حِسلانها وضِبابـهـا |
فإن متَّ هدَّ الموت أبناء عامرٍ |
|
فخصَّ بها كعباً وعمَّ كلابهـا |
ثم تعود فتقول: أيا ملك الموت أرضيت أم نزيدك? وتقول النسوة: ياعميمتاه أرضيه وزيديه، ثم تعود فتبكيه فتقول:
أصعصعُ مالي لا أراك تجيبـنـا |
|
أتسمع نجواناك أم لست تسمـع? |
إذا غيبتك الجول عنا فلـم تـؤب |
|
فمن يرقع الوهن الذي كنت ترقع |
فلو كان هذا الموت يقبـل فـدية |
|
فذاك ثمانٍ مسعـفـاتٌ وأربـع |
فيقبل النسوة عليها فيقلن: نعم والله وأكثر.
حدثني أبو عبد الله الحكيمي، قال: حدثنا أحمد بن أبي خثيمة عن عمر بن بكير عن الهيثم بن عدي عن عثمان بن عمارة بن حريم عن أشياخ من بني مرة، وقالوا:خرج فتى منا إلى ناحية الشام والحجاز مما يلي تيماء والشراة وأرض نجد في طلب بغية له، فإذا هو بخيمة قد رفعت له، وقد أصابه المطر، "فعدل إليها فتنحنح" فإذا امرأة قد كلمته، وأنزلته ، وراحت إبلهم "وغنمهم فإذا" أمر عظيم كثرة ورعاء، فقالت سلوا هذا الرجل من أين أقبل? قلت: من ناحية تهامة ونجد قالت: يا عبد الله أي بلاد نجد وطئت? قلت كلها. قالت: بمن نزلت هناك? قلت: ببني عامر، فتنفست الصعداء، ونظرت إليها فإذا شقة قمر لم ترعيني مثلها، فقالت: بأي بني عامر? فقلت: ببني الحريش، فاستعبرت وبكت وانتحبت وقالت:هل سمعت بذكر فتى يقال له: قيس يلقب بالمجنون? قلت: أي والله، ونزلت بأبيه وأتيته حتى نظرت إليه يهيم في تلك الفيافي ويكون مع الوحش ما يعقل ولا يفهم، إلا أن تذكر له ليلى فيبكي وينشد الأشعار فيها. فبكت حتى ظنت-والله- أن قلبها قد انصدع، فقلت: أيتها المرأة اتقي الله. فمكثت طويلاً على حالها، ثم أنشأت تقول:
ألا ليت شعري والخطوب كثيرةٌ |
|
متى رَحل قيس مستقلٌّ فراجع |
بنفسي من لا يستقلُّ برحـلـه |
|
ومن هو إنْ لم يحفظِ الله ضائعُ |
ثم
غشي عليها فلما أفاقت قلت: من أنت يرحمك الله? قالت: أنا ليلى المشؤومة عليه، فما
رأيت مثل حزنها وجزعها. وقال: محمد بن خلف بن المزربان: هذان البيتان لليلى بنت
مهدي بن سعد بن العامرية صاحبة قيس بن الملوح.
قلت أنا: وقد أختلف في نسب المجنون فقيل: جعدي، وقيل: قشيري. وقيل: من بن الحريش،
وقيل غير ذلك. فأما ليلى صاحبته فهي من بني عامر أيضاً والله أعلم.
ربيعة بن نزار
بن معد بن عدنان عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار
حدثنا محمد بن الحسين بن دريد، قال: أخبرنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني قال: كانت امرأة من عبد القيس بالبصرة، ولها ابن يلقب "النحيف" من بني جذيمة، وكان شريراً ضعيفاً،وكان بها عاقاً فقال يهجوها:
يا ليتما أمُّنا شالـت نـعـامـتـهـا |
|
أيْما إلـى جـنةٍ أيمـا إلـى نـارِ |
قَلتِهمُ الوَسق مَـشْـدوداً أشِـظـتـه |
|
كأنما وَجْهها قد سُفـع بـالـقـار |
خرقاء بالخير لا تُهدَى لوجـهـتـه |
|
وهي صَناعُ الأذى في الأهل والجار |
وكانت تعظه فلا يتعظ فقالت:
حذار بُنيَّ البـغـيَ لا تـقـربـنَّـهُ |
|
حذارِ فإنَّ البغيَ وخمٌ مـراتـعـه |
وعرضِكَ لا تبذلْ بعرضـك إنـنـي |
|
وجدتُ مضيعَ العرضِ تُلحى طبائعه |
وكم قد رأينا الدهرَ غـادر بـاغـياً |
|
بمنزلةٍ ضاقت عليه مـطـالِـعـه |
فلم يزل به شره، حتى وثب على ابن عم له، فأخطأ به ابن عمه على الأرض فدق عنقه فمات.فقالت كالشامتة به:
مازال ذو البغي شديداً هيصه |
يَطْلب مَن يقهره ويَهِصه |
ظلماً وبغياً والبلاء يُنشِصُه |
حتى أتاهُ قِرنُه فيقِصه |
ففاد عنه خاله وعَرَصه |
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن أبي شبة، قال: قالت امرأة من عبد القيس تهجو قومها في محاربتهم:
لبئس حماة الحربِ يوم لـقـيتـم |
|
غداة جواثا إذ تلوذون بالنـخـلِ |
تركتم أبا المقياس تحت لـوائهـم |
|
لذي الخال ذوّاد الطعام أخي عكلِ |
حدثني علي بن المروان، قال: أخبرني عمي يحيى بن علي، قال: حدثني أبو هفان قال: قالت: ولادة المهزمية:
لولا اتقاءُ الله قمتُ بمـفـخـرٍ |
|
لا يبلغُ الثقَلانِ فيه مَـقـامـي |
بأبوةٍ في الـجـاهـلـية سـادةٍ |
|
بذُّوا العلا أمراءَ في الإسـلام |
جادوا فسادوا مانـعـين أذاهـم |
|
لنداهـمُ، بـذل لـدى الأقـوام |
قد أنجبوا في السؤددين وأنجبـوا |
|
بِنجـابة الأخـوالِ والأعـمـام |
من بالمخاشـن وابـنـهِ جَـون |
|
ومن بالغز أو بالمهزمين يسامي |
قوم إذا سكتوا تكلمَ مـجـدهـم |
|
عنهم، وأخرسَ دونَ كل كـلام |
روى أبي تمام الطائي في "شعر القبائل" لأخت سعد بن قرط العبدي واسمها تنهان:
يا سَعدُ يا خيرَ أخٍ |
|
نازَعْتُ دَرَّ الحلمَهْ |
يا ذائدَ الخيلِ ومجتا-بَ الدِلاصِ الدَّرِمهْ يجتابها: يدخل فيها، والدلاص: الدرع المسلماء، والدرمه: التي لا حجر لها.
سَيفكَ لا يَشقَى به إلاّ السِنادُ السَّنمهْ |
يا سَعْدُكمْ أوقدتَ للأضيافِ ناراً زَهِمَه |
ويروى: خير من أوقد للأضياف، وسميت زهمة لكثرة الشي عليها.
يا قائد الخيل إلى الخيل تعادي أضِمَه |
جادَ على قَبرِكَ غيْث من سماء رزِمَه |
يُنْبِتُ نوراً أرِجاً جرجاره والينمَه |
"الجرجار واليمنه" ضربان من البقر، والأرج: طيبة
الرائحة. قال: كانوا يدعون بأن تسقى القبور الغيث لتخصب فيألفها الناس فيذكرون
صاحبها بخير، ويثنون عليه ويدعون له.
أخبرني أبو ذر القراطيسي، قال: حدثني الحسين بن عبد الرحمن: أن أعرابية من بني
صباح من عبد القيس أوصت ابنتها عند هدائها فقالت:
لا تُهجري في القول للبعل ولا |
تُغريه بالشَرّ إذا ما أقبلا |
فأوّل الشر يكون جللا |
محتقراً ثم يصير معضلا |
ولا تَنثي ما عليه بخلا |
لتكشفي من أمره ما حمِلا |
وجدت بخط حرمي عن ابن المزربان، قالت أسماء بنت مسعود بن عبد القيس،تعير الزبرقان بن بدر بجاره:
تَقلدَ خزيها عوف بن كعب |
|
فليس لجلفها منا اعتـذارُ |
إذا وردت عكاظَ تَسمّعوها |
|
بآذانٍ مسامِعُها قِـصـار |
فإنكم وما تخفون منـهـا |
|
كذات البوِّ ليس لها حوار |
أجيرانَ ابن ميَّة خبرونـي |
|
أعَيْنٌ لابن ميّة أو صمارُ |
حدثني
أحمد بن محمد الجوهري، قال: حدثنا العنزي، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن حمران
الحمراني، قال: حدثني أبي عن جدته، امرأة من بني سعد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة،
قالت: فإذا الفرزدق قد أقبل على بغلته حتى دخل فاستظل معي، قالت: وذلك في وقت ما
أخذ مالك بن المنذر.
" حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن جده قال: وأضلت نتيلة ابنها ضراراً" في
الموسم، وكان وسيماً، فكاد عقلها أن يذهب عليه جزعاً. فجعلت عليها، إن رده الله،
أن تكسو البيت، وجعلت تنشده وتقول:
أظللته أبيضَ لوذَعِـيا |
|
لم يك مجلوباً ولا دَعيا |
وتقول:
أظللته أبـيضَ غـير جـافِ |
|
للفتية الغرّ بـنـي مـنـاف |
ثم لعمرو منتهـى الأضـياف |
|
سنَّ لفـهـرٍ سـنة الإيلاف |
في القر يوم القر والأصياف |
|
|
قال:وحج حسان بن ثابت فرأى جزعها عليه فقال:
أأمَّ ضرارٍ تنشد الناس والـهـاً |
|
أمالِ بن تيم اللاَّت ماذا أضلت |
ولو أنَّ ما تبغي نُتَـيْلة غـدوةً |
|
بجانب رَضوى مثله ما استقلتِ |
تغلب بن وائل
ابن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جَديلة ابن أسد بن ربيعة بن نزار
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد. قال: أخبرنا أبو عثمان الأشنانداني، عن التوزي، عن أبي عبيدة قال: هجت الأخطل جارية من قومه يقال لها الدلماء، قأتى الأخطل أباها فقال له: يا أبا الدلماء قد عرفت ما بيننا من الود،وأن الدلماء هجتني، فأكفني أمرها، فضحك أبوها وكان ذاك مما أعجبه وقال: هي امرأه مالكة أمرها، وما لي عليها من سلطان فرجع الأخطل وهو يقول:
ألا أبلغ أبا الدلمـاء عـنّـي |
|
بأنَّ عجانَ شاعركم قصـيرُ |
فإن يصرَعْ فليس بذي انتصارٍ |
|
وإن يُطعَنْ فطعنتـه يسـيرُ |
متى ما ألقَه ومعي سلاحـي |
|
يَخِرُّ على القفا وله نَـخـير |
فبلغ
ذلك أبا الدلماء، فأتاه ومعه ناس من قومه، فطلبوا إليه، فكف وقال: أما ما قلت فات،
لكني أكف فيما أستقبل.
أخبرني القاسم بن داود الكاتب، قال: حدثنا بن أبي الدنيا قال: حدنثي أبو محمد
الربعي: أن امرأة من حي تغلب قتل أبوها في بعض حروبهم فقالت ترثيه:
ختلته المنون بعد اختيالِ |
|
بين صفّين من قـنىً ونصالِ |
في رداء من الصفيحِ صقيلٍ |
|
وقميصٍ من الحديدِ مذال |
كنت أخباك لاعتداء يد الدهرِ |
|
ولـم تخْطرِ المنون ببالي |
كلُّ حيٍ وإن تصنعت الدنيا له ميّت على كلّ حالِ |
|
|
وروى محمد بن خلف بن المزربان هذه الأبيات لأم جندلة التغليبة ترثي أخاها.
أخبرنا ابن دريد قال: أخبرنا أبو الحاتم عن أبي عبيدة، قال: كان الحمارس التغلبي غيوراً، وكان لا يزوج بناته، فقعد يوماً بفناء بيته يبري وتداً، وكان رجل أدم طوالاً، فنظرت إحدى بناته إليه فقالت:
)...( يبدُّ الأسكـتـين بـدّا |
|
مثل ذراع الشيخ يبري وَدا |
لا بدَّ أن يجرحَ أو يكدّا فقال: اسكتي فض الله فاك، فقالت الثانية:
يا منْ يدل عزَباً علـى عـزَبْ |
|
ممكورة الساقين خثماء الرَكب |
تبادِر الـزهـرَ إذا )...( وَقـب |
|
دقدقة البرذون في أخرى الجلبْ |
فلم
يمس حتى زوجهما.
حدثني محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثنا أحمد بن أبي خثيمة، قال: أنشدنا مصعب بن
عبد الله الزبيري لعمرة بنت الحمارس التغلبية وسمعها أبوها وهي تقول:
أنا ابنة الحماس الـشـيخ الأزبْ |
|
محطوطة المتنين كبداء الرَكـب |
أدل من يدب بي على العـجـب |
|
يدارك الرَهـزَ إذا )...( وَقـبْ |
حمحمةَ البرذون في أخرى الجلبْ |
|
كأنّ تحت جفنـه إذا انـقـلـبْ |
رمّانةً فتتْ لمحمـومٍ وَصـبْ |
|
|
قال:
فزوجها.
حدنثي أبو عبد الله الحكيمي قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة، قال: حدثني المدائني،
قال: قالت ليلى بنت الحمارس التغلبي، وأبوها يبري أوتاداً بفناء البيت:
يا مَنْ يدلُّ عَزَباً عـلـى عَـزَبْ |
|
على ابنة الحمارس الشيخ الأزَبْ |
ممكورةُ الساقين خثماء الرَكـبْ |
|
تدارك الرهـزَ إذا )...( وَقَـبْ |
دقدقة البرذون في أخرى الجلبْ |
|
|
قال: فقال: أبوها: مالك رد الله فاك? قال: فقالت:
)...( يَبُدُّ الأسكَـتـينِ بَـدّا |
|
مِثل ذِراع الشيخ يبري الوَدا |
لا بُدَّ أن يجـرح أو يَكـدَّا |
|
|
فقال:
مالك-لا بارك الله فيك-و الله لأزوجنك أول من يخطبك.
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، وحدثني علي بن أبي منصور قال:
أخبرنا محمد بن موسى الزبيري عن دعبل بن علي قالا: قالت عمرة بنت الحمارس من أهل
الجزيرة:
أنْعتُ )...( هو )...( كُلهُ |
حافِرهُ ورأسهُ وظِلهُ |
أنعظ حتى طار عنه جُله |
كأن حُمَّى خيبرٍ تَمُله |
حدثني محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثنا أحمد بن أبي خثيمة، قال: أخبرنا مصعب بن عبد الله الزبيري، قال: دخلت عمرة بنت الحمارس على عبد العزيز بن مروان وعنده جارية له فقال: ما ظنك بهذه يا عمرة? قالت: ظني بنفسي. قال قولي فيها، فقالت:
عندَ أبي الأصـبَـغِ حـيريةٌ |
|
ممكورة أحسبها تشتـهـي |
ما يشتهي الناس ولم تبتـدع |
|
داءً قديماً أصله عُدْمـلـي |
داء يداوي أهُـلـه أهـلَـه |
|
فيبرِىء الداءَ بـه والـدَوي |
لو منيت عرد امرىء ضايط |
|
محارد النُطفَةِ عردِ المنـي |
قد كان في عادٍ وأشياعـهـا |
|
وكان فيهم أسْوَة المؤتسـي |
قد جمع الماءَ إلى أن أتـت |
|
له ثلاثون ) حنيكاً ( فَـتـى |
تَمنَـعـه الـنـومَ أمـانـيُّه |
|
وعقبٌ أوتاره مـا تـنـي |
ربدَه النعْظ فـفـي جـلـده |
|
مثل الشرى ثار بجلد الشري |
يدفىء كـفـيه إذا قـرَّتـا |
|
تبيت كفاه به تصـطـلـي |
أثـارهـا بـطـلـق لـيّن |
|
غمز الطبيبين لهاة الصبـي |
وضَمَّها وشـمَّـهـا سـاعة |
|
حتى إذا درَّتْ دُرورَ المري |
انكسرت جفونها مثـل مـا |
|
رنَّقَ في العين قذاة القـذي |
رفّع رجليها إلى نحـرهـا |
|
يأطرها أطرَ ثقاف القنـي |
أخبرنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي قال: كان الفرزدق يأتي ليلى بنت الحمارس، وكان يأتيها الأحوص. فاجتمعا عندها ذات يوم، فأقبلت على الأحوص، فنفس عليها الفرزدق وقال: نصرع، فاصطرعا، فغلبه الأحوص، صرعه فضرط من تحته، فقال له الأحوص: خفض عليك يا أبا فراس، فو الله لا يعدونا فقال: ويلك فكيف لي بجرير فلقيه جرير فقال:
غدوت إلى ليلى فلم تحظ عندها |
|
وخانك دبر مـا يزال يخـون |
وكنتَ حرياً أن تشدَّ حتـارهـا |
|
كما شدَّ حرباءَ الدلاصِ قـيون |
حدثني أبو عبد الله الحكيمي قال: حدثنا الحرث بن أسامة، قال: حدثني المدائني أن عمرو بنت الحمارس التغلبية قالت للأخطل:
أبا مالك ماذا ترى رأى نسوة |
|
تبدلنَ حبَّ )...( بالنـدَفـانِ |
فقال الأخطل:
أرى رأيهنَّ أن )...( بفيشلٍ |
|
كبيض نعام في أداحي كثبانِ |
حدثني علي بن هارون، قال: قالت عمرة بنت الحمارس الأعرابية في شهر رمضان:
فقدت شهراً تركَ الأحراحا |
|
كل حِرٍ تحسبه ذبـاحـا |
مغضّناً لا يعرف الفتَّاحا |
|
|
وجدت بخط حرمي عن ابن المزربان للشماء بنت الكميت التغلبية ترثي أباها:
هل خبـرت أيَّ فـتـىً أبـيّ |
|
إذا الكلب لم ينبح من الليل ساريا |
فهلا فداكَ الموت من لم يضر له |
|
عدوا، ولم يطلق من الكبل عانيا |
إذا صرَّ بردَيهِ حمـائل سـيفِـه |
|
أبى الضيمَ مجنياً عليه وجـانـيا |
نظرتُ فلما أن تأملـتُ قـبـرَهُ |
|
وأرجاءَهُ أيقـنـت ألاّ أبـا لـيا |
قال: ولأم طريف التغلبية في ابن عم لها يقال له فضالة:
ألا يا مقلتيًّ دعا الجـمـودا |
|
ولا )...( أنْ تـجـــودا |
فقد هاجَ الحمائم يوم بُصرى |
|
هوىً مستطرفا وهوىً تليدا |
روى أبو تمام الطائي في "شعراء القبائل" لحبيبة بنت عبد العزى التغلبية:
أإلى الفتى بَرّ تَلكأ ناقـتـي |
|
فكسا مناسِمَها النجيعُ الأسوَدُ |
إني ورب الراقصات عشيةً |
|
بجنوبِ مكةَ هَديُهنَّ مقَلـدُ |
أولي على هلكِ الطعام أليةً |
|
أبداً ولكني أبين فـأنـشـد |
أولي: أحلف، وأبين: أبّين، وأنشد: أظهر.
وَصَّى به جَدي وعلمني أبي |
|
نَفَضَ الوِعاءِ وكلُّ زادٍ ينْفد |
بكر بن وائل
بن قاسط بن هنب بن أفصى قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي ابن بكر بن وائل
أخبرني أبو عبد الله الحكيمي ومحمد بن عبد الواحد قالا: أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن الأعرابي عن المفضل عمه طرفة:
لا يبعدَن قومي الذين هم |
|
سمُّ العداة وآفة الجـزرِ |
النازلين بكلّ معـتـركٍ |
|
والطيبينَ معاقِـدَ الأزرِ |
وإذا همُ رَكبوا سمِعت لهم |
|
زجلاً من التأييه والزجرِ |
في غيرِ ما فحشٍ يجاء به |
|
لمناتج المهرات والمهرِ |
قال
ابن الأعرابي: النازلين نصب على أنه اتبعه القوم في المعنى لأن معناه النصب، كأنها
قالت: لا يبعد الله قومي النازلين. وقولها: "في غير ما فحش" يقول:
يزوجرنها بعفاف من ألسنتهم لا يذكرون الفحش في الزجر.
أخبرنا ابن دريد، قال: أخبرنا أبو الحاتم قال: حدثنا يوسف، قال حدثنا جرير عن
المغيرة، قال: ذكر شعر الخرنق بنت هفان عند عبد الرحمن بن أبي نعيم:
لا يبعدن قومي الذين هم |
|
سم العداة وأفة الجزر |
النازلين بكل معـتـرك |
|
والطيبون معاقد الأزر |
فقال:
ليس أولئك، أولئك المدفونون في بيت عائشة، يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر
وعمر رحمها الله. قال ابن دريد: وأخبرنا أيضاً أبو الحاتم عن أبي عبيدة على هذه
الرواية: النازلين والطيبون.
وكتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة قال: قالت: خرنق بنت هفان ترثي
أهلها:
لا يبعدنْ قومي الـذين هـمُ |
|
سَمُّ العـداة وآفة الـجـزرِ |
النازلون بكـل مـعـتـركٍ |
|
والطيبون مـعـاقِـدَ الأزرِ |
إنْ يشربوا يهَبوا، وإن يدَعوا |
|
يتواعظوا عن منطقِ الهجرِ |
قومٌ إذا رَكبوا سمعتَ لـهـم |
|
لغطاً من التأييه والـزجـرِ |
والخالطين نحيتهم بِنضارهـم |
|
وذوي الغنى منهم بذي الفقرِ |
هذا ثنائي ما بقيتُ علـيهـم |
|
فإذا هلكت أجنَّني قـبـري |
أخبرني محمد بن أبي الأزهر، قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال: مما ينصب على الذم قول النابغة:
لعَمري وما عَمري عليَّ بهينٍ |
|
لقد نطقتْ بطلاً عليَّ الأقارع |
أقارعُ عوفٍ لا أحاوِل غيرَها |
|
وجوهَ قرودٍ تبتغي منْ تجادعُ |
وقال عروة بن الورد العبسي:
إنْ كُنْتِ كارهةً معيشتنـا |
|
هاتا فحُلي في بني بـدرِ |
الضاربين لدى أعنَّتـهـم |
|
والطاعنين وخيلهم تجري |
وإنما خفضوهما على النعت، وربما رفعوهما على القطع والابتداء وكذلك قول الخرنق بنت هفان القدسية من بني قيس بن ثعلبة:
لا يبعدن قومي الذين هم |
|
سمُّ العداة وآفة الجزرِ |
وكل ما كان من هذا فعلى هذا الوجه، وإن لم ترد مدحاً ولا ذماً قد استقر له فوجهه النعت. وقرأ بعض القراء:" فتبارك الله أحسن الخالقين" وحدثني علي ابن أبي منصور قال: أخبرنا محمد بن موسى عن دعبل بن علي، قال: من شعر الخرنق ربعية ضبعية بدوية تقول:
لا يبعدَن قومي الذين همُ |
|
وذكره والبيت الذي بعده |
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: قتلت بنو أسد بشر بن عمرو بن مرثد وابنه علقمة بن بشر، فقالت الخرنق بنت هفان ترثي زوجها وابنها علقمة:
لا وأبيك آسى بـعـد بـشـرٍ |
|
على حيٍ يموت ولا صـديقِ |
وبعدَ الخير علقمة بن بِـشْـرٍ |
|
إذا ما الموتُ كان لدى الحلوقِ |
وبعدَ بني ضُبيْعة حولَ بِـشـرٍ |
|
كما مالَ الجذوعُ مِنَ الحريقِِ |
منتْ لهم بـوالِـبةَ الـمـنـايا |
|
بجوف قُلابَ للحَين المسـوقِ |
فكم بقلابَ من أوصالِ خِـرقٍ |
|
أخي ثِقةٍ وجُمجـمةٍ فـلـيقِ |
ندامى للملوكِ إذا لـقـوهـمْ |
|
حُبوا وسقوا بكأسِهم الرحـيقِ |
قال: وقالت تحضض بني عمرو بن مرثد:
إنَّ بني الحصْنِ استحلت دماءهُمْ |
|
بنو أسدٍ حارِثهـا ثـم والـبـه |
همُ جدَعوا الأنفَ الأشمَّ بهلـكةٍ |
|
وَجبُّوا السنامَ فالتحَوْه وغاربـه |
عُميْلةُ بوّاهُ السّنانَ بـطـعـنةٍ |
|
عسى أن تلاقيه من الدهر نائبه |
أخبرني محمد بن أبي الأزهر، قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال: قالت أخت طرفة بن العبد ترثيه:
عَددْنا لهُ ستًّا وعشـرين حـجَّةً |
|
فلمَّا توفاها استوى سَيداً ضَخْما |
فُجِعْنا به لمـا رجـونـا إيابَـهُ |
|
على خير حالٍ لا وليداً ولا قَحْما |
الوليد:
الصغير، والقحم: الرجل المتناهي سناً.
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: كانت أخت طرفة بن العبد تحت
عبد عمرو بن بشر بن عمرو بن مرثد، ففركته فقالت تهجوه وتعيره بأنه لا يثأر بأبيه
وتذكر سعايته بطرفة إلى عمرو بن هند حتى قتله:
ألمْ تَرَ مَوْروكاً وَشى بابن عـمِّـه |
|
ليَطرَحَهُ في حَميِ قدرٍ وما يدري |
فهلاَّ ابنَ حَسحاسٍ ثأرتَ وخالـداً |
|
هنالك لم تثأرْ ببشرٍ ولم تَـسْـرِ |
حدثني أحمد بن عيسى الحواص، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، قال:حدثنا أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي عن المفضل بن محمد الضبي، قال: حدثني رجل من بكر من وائل ممن أدرك الجاهلية، قال: تزوج الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة امرأه من بني عمه، فأتته بولد أشقر فأكنره، وخرج مغضباً، فلم يأتها أياماً. ثم دخل عليها، فقامت إليه كما تقوم المرأة إلى بعلها، فصاح بها وانتهرها، ثم أنشأ يقول:
لا تمشُطي رأسي ولا تفْليني |
|
واقتربي هلمَّ أخْبـرينـي |
ما بالهُ أحمرَ كالـهـجـين |
|
خالفَ ألوانَ بنيَّ الـجُـونِ |
فغضبت الحرة، واجتذبت يدها من يده ثم قالت:
إن له من قِبـلـي أجـدادا |
|
بيض الوجوه كرُماً أنجـادا |
ما ضرهُم يوْمَ لقـوا شـدادا |
|
وكسروا في صدره الأعوادا |
ألاّ يكونَ لونـهـم سـوادا |
|
|
قال:
فوثب إليها وترضاها حتى رضيت.
قلت أنا: وابن دريد يسند هذا الخبر إلى أبي عبيدة، ويجعل موضع الحارث بن عباد،
رجلاً من بني عامر بنت صعصعة، وتقدم.
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: قتل زياد بن مقاتل بن مسمع
مع ابن الأشعث فقالت حميدة بنت زياد بن مقاتل:
يا عَينُ جودي ولا تذخـري |
|
وابكي رئيسَ بني جحـدَرِ |
وما تولتْ جنودُ الـعـراقِ |
|
وأسلم من كانَ في العسْكرِ |
حامَى زياد على قوْمِهِ |
|
وَفرَّ جُدَيُّ بني العنْبرِ |
تعني عطية بن عمرو. قلت أنا: قال مؤرج السدوسي وغيره: جحدر هذا هو: ربيعة بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة. وأخبرنا ابن دريد، قال: أخبرنا أبو عثمان الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة، قال: كان زياد بن مقاتل بن مسمع قتل أيام ابن الأشعث فقامت بنته تبكيه في المربد فقالت:
حامى زيادٌ على قومه |
|
وَفرّ جُدَيُّ بني العنبرِ |
فسمع بذلك البلتع العنبري واسمه "المستنير" وقد جاء بحلوبة له وهو واقف فقال:
فإن يَكُ عَضَّ أباكِ السلاح |
|
فقد يلحقُ الموتُ بالمدْبرِ |
وقد تَنْطَحُ تحتَ الغُـبـارِ |
|
غير الشَهيدِ ولا المعْـذَرِ |
حامىَ عطيَّةُ عن قومـه |
|
وطاحَ لواء بني جَحْـدَرِ |
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: كان شيبان بن سيار صبرة بن حطان بن سيار بن عمرو الغفاري بخراسان، فجرح فحمي الماء، فعطش يوماً فدب إلى قربة فشرب من مائها فمات، فقالت أخته درنا بنت سيار ترثيه وأخاه عبعبة ابني سيار:
وقد زعموا أني جزعت عليهمـا |
|
وهل جزَعٌ إنْ قلت وا بأباهما? |
وهل جزعٌ إن قلتُ خيراً علمتـه |
|
وأثنيت ما قد أولياني كلاهـمـا |
هما أخوا في الحيِّ من لا أخا له |
|
إذا خافَ يوماً سورة فدعاهمـا |
هما يلبسانِ المجدَ أحسنَ لـبـسةٍ |
|
وما ظلما في المجد أهلي فداهما |
قال: وقالت: درنا وهي خلف مالك بن مسمع:
يا قوم كيف يلامُ مـن |
|
أودى على العرَّادِ نابُه |
وأخو عشيرته الـتـي |
|
عيَّتْ بحيلتهم خِطابُـه |
قلت
أنا: وأبو العباس ثعلب يروي الأبيات الأربعة لامرأة من بني تيم الله بن ثعلبة، وهي
تجيء في موضوعها تامة إن شاء الله.
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: قالت امرأة من قيس بن ثعلبة،
كانت تعزل فتأكل من ثمن غزلها، فمدحت مغزلها:
رأيتُكَ بعدَ اللهِ تجبرُ فاقتـي |
|
إذا ضنَّ عنِّي الأقربون تعودُ |
دراهمُ بيضٌ ما تزال تفيدني |
|
وثوب إذا ما شئتُ منك جديدُ |
فلو كان لي عبد مُغلٌ مدحتُه |
|
فأنت على كسب المغلّ تزيدُ |
قلت أنا: وقد رويت هذه الأبيات لغير هذه المرأة.
يَتْمُ اللاَّت
بن ثعلبة بن عكابة
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، وحدثني علي ابن أبي منصور، قال: أخبرني أحمد بن أبي موسى البربري عن دعبل بن علي قالا: قالت محياة بنت طليق، وقال عمر بن شبة وهي من بني تميم اللات. وقال دعبل: هي بدوية ربعية تيمية وهي من شعراء الحجاز:
على ابنيْ مُجلٍ صوت ناعٍ أصمَّني |
|
فلا أبَ محبوراً بريدٌ نعـاهُـمـا |
قالا: ولأهل الحجاز أيضاً سلمى بن حارثة ربعية تيمية أعرابية تقول:
أرى علمي لعمر أبيك )...( |
|
جديراً أن يبيت البطن طيّا |
فنـعـم الـمــرء )...( |
|
إذا هبت شـآمـية عـويّا |
أخبرني القاسم بن داود الكاتب، قال: حدثنا أبي الدنيا قال: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن، قال: قالت المحياة بتت طليق من بني تيم اللات بن ثعلبة، وجاء العصبة يقتسمون دارها، فقالت وسمعت أصواتهم:
يا دعوةً ما دعوتي عامراً |
|
تالله لو يسمعُني لاستجابْ |
تالله لو يسمعُ دعـواهُـمُ |
|
لفلهُمْ عني بظفرٍ ونـابْ |
فرجعوا عنها ثم عادوا فقالت:
لقد بدِّلتْ دارُ الأحبة مـنـهـمُ |
|
موالي، منهم ملحَقونَ وتابـعُ |
فلو أنَّ داراً أعولتْ فقْدَ أهْلِهـا |
|
بكتْ دارنا والتجَّ منها المسامعُ |
فرجعوا، فمكثوا حيناً ثم عادوا، فقالت:
الدارُ تبكي أهلـهـا |
|
وبكاؤها شيءٌ عجيب |
فزعموا
أنهم تركوها.
حدثنا علي بن سليمان الأخفش، قال: حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: قالت عمرة
الخثمعية من بني تيم اللات أو من بني تيم الله بن ثعلبة ترثي ابنين لها. قال
الأخفش: وأنشدنيه الأحول:
لقد زعموا أني جزعتُ عليها |
|
وهل جزع أنْ قلت وا بأباهما |
قال الأخفش تريد بأبي، فعوضت الألف من الياء، وهو شاذ قليل، وأكثير ما يقع في النداء.
بُنَيا عجوزٍ حرَّم الدهـرُ أهـلـهـا |
|
فما إن لها إلاَّ الإلـه سـواهُـمـا |
هما أخوا في الحربِ من لا أخا له |
|
إذا خاف يوماً نبوةً فـدعـاهـمـا |
هما يلبسانِ المجدَ أحسَـنَ لِـبـسَةٍ |
|
شَحيحانِ ما اسطاعا عليه كلاهمـا |
إذا استغْنيا خبَّ الجميعُ إلـيهـمـا |
|
ولم ينْأ مِنْ نفعِ الصديق غِناهـمـا |
إذا افتقرا لم يجثما خشـية الـردى |
|
ولم يخشَ رُزأ منهما مولياهـمـا |
إذا نزلا الأرضَ المخوف بها الردى |
|
يخفِّضُ من جأشيْهما منصلاهمـا |
شهابانِ منـا أوقـدا ثـمّ أخـمـدا |
|
وكان سناً للمدلجينَ سـنـاهـمـا |
لقد ساءني أنْ عنَّستْ زوجتاهـمـا |
|
وأن عُريتْ بعد الوجى فرساهمـا |
ولن يلبث العرشان يُستَلُّ منهـمـا |
|
خيارُ الأواسي أن يميل غَماهـمـا |
ويروي:
منها عظام الأواسي أن يزول ذراههما.
الأواسي: الأساسات، وذراهما: أعلاهما.
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة قال: قالت: حبيبة بنت عتيق من بني
تيم اللات بن ثعلبة، تبكي قومها وأفناهم الطاعون:
ألا إنّ عيني لم تَنَمْ لاعتلالها |
|
ولكن أوان جمدها واحتفالِها |
وحدثني علي بن أبي المنصور، قال: أخبرنا محمد بن موسى بن حماد عن دعبل بن علي، قال: من أهل الكوفة حبيبة بنت عتيق ربعية تيمية قالت ترثي قومها:
شيبان بن ثعلبة
بن عكابة بن صعب ابن علي بن بكر بن وائل
حدثني
محمد بن إبراهيم الكاتب، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي، قال: حدثنا
الزباري، قال: حدثنا الشرقي بن قطامي، قال: قالت أخت جساس، وهي امرأة كليب الذقتله
جاس، وجاءت لتدخل إلى مأتم زوجها كليب. وكانت أخته قد أقامت عليه مأتما فمنعها من
الدخول وقالت: قتل أخوك أخي. فقالت أخت جساس.
وحدثني علي بن هارون، قال: حدثني عمي يحيى بن علي، قال: حدثني أبو هفان، قال:
قالت: جليلة بنت مرة بن ذهل بن شيبان امرأة كليب بن ربيعة:
يا ابنة الأقوام إن لـمـتِ فـلا |
|
تَعْجَلي اللوْم حتى تـسـألـي |
فإذا أنْـتِ تـبـينـت الـتـي |
|
عندَها اللوْم فلومي واعـذلـي |
إنْ تكن أختُ امرىء لِيمتْ على |
|
جَزَعٍ منها عليه فـافْـعَـلـي |
ويروى: ليمت على شفق منها.
فِعْلُ جسَّاسٍ على وجـدي بـه |
|
قاطعٌ ظهري ومُفْنٍ أجـلـي |
لو بعينٍ غَيرِ عَيْني أنـفـقـأت |
|
عيني اليمنى إذَنْ لـم أحْـفِـلِ |
أيْتَمَ المـجـدَ كـلـيب وحـدَه |
|
واستوى العالي معاً بالأسـفـل |
من لحكْمِ الناس في حَيْرَتـهـم |
|
وَقِرى الأضياف يوم الـبـزَّل |
ولإصـلاحٍ وإفـسـادٍ مـعـاً |
|
في صدى الرمح وَرِيّ المنصل |
جَلَّ عندي فِعْلُ جـسَّـاس فـيا |
|
حسرتي عما انجلت أو تنجلـي |
يا قتيلاً خـرَّبَ الـدهـرُ بـه |
|
سقفَ بيتي جميعـاً مِـنْ عَـل |
هَدَمَ البيتَ الذي استـحـدثـتُـه |
|
وبدا في هـدم بـيتـي الأول |
ورماني قتـلـه مـن كـثَـبٍ |
|
رميةَ المُصْمي به المستأصِـلِ |
يا نسائي دونـكـن الـيومَ قـد |
|
خصَّني الدهر بأمرٍ معـضِـلِ |
خصَّني قَتْلُ كلـيبٍ بـلـظـىً |
|
من ورائي ولظىً مستَقبِـلـي |
ليْسَ من يبكي ليومـيه كـمـن |
|
إنمـا يبـكـي لـيومٍ بـجـلِ |
دَرك الـثـائر شـافـيه وفـي |
|
دَرَكِ الثائرِ قتْلٌ مُـثْـكـلـي |
ليْتهُ كان دمي فـاحـتـلـبـوا |
|
بدلاً منه دماً مـن أكـحـلـي |
إنـنـي قـاتـلةٌ مـقـتـولةٌ |
|
ولعلَّ الـلـه أن يرتـاح لـي |
وجدت بخط حرمي بن أبي العلاء قال: محمد بن خلف بن المزربان: بأن هذه الأبيات لفاطمة بنت ربيعة بنت الحارث بن مرة، أخت كليب ومهلهل ابني ربيعة التغلبيين، ترثي أخاها كليباً، وقتله زوجها جساس.
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى، قال: أخبرنا سعدان بن المبارك عن أبي عبيدة، قال: لما كان يوم ذي قار نادت بنت القرين الشيبانية:
وَيْهاً بني شيبانَ صفاً بعدَ صفْ |
|
إنْ تُهزَموا يُصبغوا فينا القلفْ |
حدثني أحمد بن عبد الله، وعبد الله بن يحيى العسكريان قالا: حدثنا العنزي. قال:حدثنا عمر بن عبيدة، قال: حدثني مدرك بن عامر الحارثي، قال: كانت امرأة من بني شيبان ناكحاً في بني يشكر، فخلت يوماً، فسمعها زوجها تقول:
أصبحت في آل الشقيق غريبةً |
|
عليَّ الذي لا عيبَ فيه معيبُ |
وأن زماناً ردّني في عشيرتي |
|
إلي، وإن لم أرْجُه لحـبـيبُ |
قال:
فردها إلى قومها.
أخبرنا ابن دريد، قال: أخبرنا أحمد بن عيسى عن ابن أبي خالد عن الهيثم بن عدي،
قال: كان يزيد بن قرة الشيباني شديداً منيعاً، وكان يرى رأي الخوارج. ولم يكن يخشى
عمال العراق، فغاظ ذلك الحجاج وأبلغ إليه، فكتب عبد الملك " يخبره بذلك"
فكتب إليه: أن أحتل له، فإن قدرت عليه، فاضرب عنقه. فدعا الحجاج يزيد بن رويم
وجرير بن يزيد، فأكرمهما وأدناهما، وقال ليزيد: لك شرط العراق، ولجرير ديوان
الخرج، إن أنتما أتيتماني بيزيد بن قرة. فركبا جميعاً إلى يزيد فقالا له: إن
الأمير قد غضب عليك،وإنا نخاف أن ينال غضبه جميع قومك فاركب إليه قال: لا أفعل،
إنه إن نظر إلي قتلني. فقالا له: ما هو بفاعل- إن شاء الله- ولابد من أن تركب
معنا، فلبس ثياباً بيضاً وتهيأ للقتل وركب وخرج نساؤه حتى أتين باب الحجاج فلما
أدخل عليه، قال له الحجاج: أنت يزيد بن قرة? قال: نعم. قال: قتلني الله إن لم
أقتلك. قال: نشدتك الله أيها الأمير أن تقتلني، فإني قيم أربع وعشرين امرأة، ليس
لهن قيم سواي. قال: ومن يعلم ذلك? قال: هن بالباب. فأمر بإدخالهن، فكل واحدة تقول:
اقتلني ودعه. فيقول: من أنت? فتقول: عمته أو خالته أو بنته أو بنت أخ أو بنت أخت،
حتى اجتمعن بين يديه قياماً، فقالت ابنته:
أحجَّاجُ إما أن تمُن بـنـعـمةٍ |
|
علينا وإما أن تُقتلـنـا مـعـاً |
أحجاجُ كم تفجع به إن قتلـتـه |
|
ثماني عشر واثنتين وأربـعـا |
أحجاجُ لو تسمع بكاءَ نـسـائه |
|
وعماتِه يندبنه الليلَ أجمـعـا |
أحجاجُ من هذا يقومُ مقـامَـهُ |
|
علينا، فمهلاً لا تزدنا تَضَعْضعا |
أحجاجُ هَبْهُ اليومَ لـلـهِ وحـده |
|
وللباكيات الصارخات تفجُّعـا |
فرق
لها الحجاج وبكى، وكتب في أمره إلى عبد الملك "يصف ما جرى" فكتب إليه:
إن كان حقاً فاعف عنه، وألحق عياله في العطاء، ففعل.
أخبرني محمد بن أبي الأزهر، قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي: أن جارية لهمام بن
مرة ذهل بن شيبان قالت له:
أهمَّامُ بن مرةَ حَنَّ قلـبـي |
|
إلى اللاتي يكنَّ مع الرجالِ |
قال: يا فساق أردت صفيحة ماضية، فقالت:
أهمَّامُ بن مرةَ حنَّ قلبـي |
|
إلى صلعاء مُشرِفةِ القذالِ |
قال: يا فجار! أردت بيضة حصينة ماضية، فقالت:
أهمَّامُ بن مرةَ حَنَّ قلبي |
|
إلى )...( أسُدُّ بهِ مبالي |
قال:
فقتلها.
وحدثني محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثنا الحارس بن أبي أسامة، قال: كان رجل من
العرب، وكان له ثلاث بنات يأبى أن يزوجهن فعنسن في بيته، فشكت كل واحدة منهن إلى
صاحبتها شوقها إلى الرجال، فقالت الكبرى: أنا أكفيكن، فكتبت إلى أبيها:
أهمامُ بن مرة حن قلـبـي |
|
إلى اللاتي يكنَّ مع الرجال |
فاشترى لها سيفاً وبعث به إليها وقال: هذا يكون مع الرجال، فقالت لها الوسطى: ما صنعت شيئاً فضيحتنا، ولكن أنا أخاطبه فكتبت إليه:
أهمام بن مرة حن قلبـي |
|
إلى صلعاء مشرفةِ القذالِ |
فاشترى لها بيضة وبعث بها إليها. فقالت الصغرى: قبحكن الله ما صنعتن شيئاً ولكني سأصرح له فكتبت إليه:
أهمام بن مرة حنَّ قلبي |
|
إلى )...( أسدُّ به مبالي |
فزوجهن ثلاثتهن.
أخبرني أبو عبد الله الحكيمي، قال: حدثنا أبو أمية الخصيب، قال: حدثنا شباب العصفري عن إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثني عاصم بن الحدثان قال: حدثني حبيب بن خدرة الهلالي قال: ما رأيت امرأة أشد كمدا ًمن امرأة بني شيبان، قتل أبوها أخوها وزوجها وابنها وعماها وخالاها مع الضحاك بن قيس الخارجي في أيام مروان بن محمد، فعاشت بعد قتل الضحاك بن قيس الخارجي في أيام مروان بن محمد، فعاشت بعد قتل الضحاك فما رقأت لها عين، ولا رأيتها ضاحكة ولا مبتسمة وقالت:
من لقلبٍ شفَّه الـحـزَنُ |
|
ولنفسٍ ما لهـا سـكـنُ |
ظعنَ الأبرار فارتحلـوا |
|
خيرهم من معشرٍ ظعنوا |
معشرٌ قضَّوا نحوبـهـمُ |
|
كلّ ما قد قدَّموا حسـنُ |
صبروا عند السيوف فلـم |
|
ينكلوا عنها ولا جَبُـنـوا |
فتيةٌ باعوا نـفـوسَـهـمُ |
|
لا وربِّ البيت ما غبِنوا |
ابتغوا مرضـاةَ رَبِـهـم |
|
حين مات الدينُ والسنَـن |
فأصابَ القوم ما طلبـوا |
|
بعدما هَدَّتْهم الـفِـتَـن |
روى أبو تمام الطائي في الحماسة لامرأة من بني شيبان:
وقالوا: ماجداً منكم قتلـنـا |
|
كذاك الرمح يَكلف بالكريمِ |
بعين أباغَ قاسمنا المـنـايا |
|
فكانَ قسِيمها خيرَ القسـيمِ |
روى أحمد بن الحارث الخزاز عن المدائني: أن مليكة الشيبانية قالت ترثي الضحاك بن قيس الخارجي وأصحابه:
قولـي مُـلـيك: عـلـيكِ بـالـصـبــرِ |
|
تسـتـوجـبـين فـضــائلَ الأجـــر |
قولي فإنكِ غير كاذبةٍ يا عدتي لنوائب الدَّهرِ |
|
|
أورَثتي كمداً يؤرقني |
|
وتـلـهُّـفـاً وحـرارةَ الـــصـــدرِ |
ومـرارةً فـــي الـــعـــيش دائمةً |
|
وحـرارةً كـحـرارةِ الـجَـــمْـــرِ |
ذهـبَ الـذي قـد كـانَ يأمـــرنـــا |
|
بالـخـير والـمـعـروفِ والـذِكـــر |
قال: وقالت ترثي أخاها:
مَنْ لجاراتكَ الضعافِ إذا حل بها نازلٌ من الحدثان? |
مَنْ لضيف ينتابُ في ظلمةِ الليلِ إذا مَلَّ منزل الضيفانِ? |
سوفَ أبكي عليكَ ما سمعت أذنايَ يوماً تلاوةَ الفرقان |
أينَ من يحفظ القرابة والصِهرَ ويؤتى لحاجةِ اللهفانِ? |
ويحوط المولى ويصطنع الخيرَ ويجزي الإحسانَ بالإحسانِ |
ويكفُّ الأذى ويبتذل المعروفَ سَمحَ اليدين سبط البنانِ |
قال: وقالت أيضاً ترثيه:
يا عَين جودي بالدموع بواكفٍ حتى المماتِ |
قولا لمن حضَر الحروب من النساء الشاريات |
أمسين بعد غضارةٍ ونعيم عيشٍ مثبتات |
من بعد عيشٍ ناعم صارتْ عظامهم رفاتِ |
وإذا المنيَّةُ أقبلتْ لم تغنْ أقوال الرُقاة |
كنت المؤمَّل والمرجى في الأمور المعضِلات |
كنت المؤامرَ والمؤازرَ والمطالِبَ للترات |
قال: وقالت أيضاً ترثي عمها:
أصَبرت عن عمي الذي |
|
قد كان بالمعروف آمرْ? |
أصَبرت عن عمي الذي |
|
كان المؤامرَ والمؤازِرْ? |
إخوانهُ النَفـر الـشـراةُ |
|
ذوو الفضيلة والبصـائرْ |
يا عم كنتَ لسان قَومِـك |
|
حين يجتمعُ المعـاشِـرْ |
فلأبْكِـينَّـك بـالـغـداة |
|
وبالأصائل والهـواجـرْ |
ولئن بكيت لـقـد رزئتُ |
|
بفارسٍ بطلٍ مـغـاورْ |
قال: ولها أيضاً ترثيه:
ما بال دمْعك يا مـلـيكَةُ جـارٍ |
|
أم ما لقلبـك لا يَقـرُّ قـرار? |
أم لنفسِك ليس يسكنُ حزْنـهـا |
|
ليلاً، وليس نهارها بنـهـار? |
جَزعاً على من كان يجمع شملنا |
|
ونعِـدُّه لـنـوائب وعَـثَـار |
لوْ كنت أملك دفع ذلك لم تكـن |
|
يا عمِّ بين نـضـائدٍ وغُـبـار |
ألقيتُ جلبابي لعِـظـم رزيتـي |
|
وبرزْتُ سافرةً بغير خِـمـار |
زُرت المقابر كي أسَلي عبرتي |
|
هيهات ممن زرت بعْد مَـزار |
فَلتبك نسوانُ الشُراةِ بـعـبـرةٍ |
|
عند الحروب وكل كهل شاري |
وليبكه المولى، وطالبُ حـاجةٍ |
|
عند العِشاءِ، وكلُّ ضَيفٍ طاري |
أين الذين إذا ذكرت فعـالـهـم |
|
عرفوا بحسن عفافَةٍ ووقـارِ? |
أين الذين إذا أتاهـم سـائلٌ |
|
بذلوا له أموالهم بـيسـار? |
أين الذين إذا ذكرنا دينـهـم |
|
قالت عشائرهم: همُ الأخيارُ |
قال وقالت أيضاً:
أبكي المغيَّبُ في الثرى |
|
بين النضائد والصفـائح |
أبكي وحقَّ لي البـكـاء |
|
مع الغوادي والـروائحْ |
فلأبْكينك ما غدت شمسٌ |
|
وما جرت الـبـوارح |
من ذا يرجَّى للنصـيحة |
|
حين تُعتقد النـصـائح? |
أم من يرجَّى للـقـريب |
|
ومن يكون لكل نازح? |
أم من يؤمَّـل لـلـيتـيم |
|
وكل ذي غربٍ ونائح? |
أم من يعـمُّ صـديقـه |
|
خيراً ويحجرِ كل َّ نابح? |
قال: فقالت ترثي الضحاك:
ما بال دمْعِك دائم الـسَـجْـم |
|
مثل الجمان وهي من النظم? |
جَلت مصيبتُنا وقد عظـمـت |
|
لما فُجعت بسـيِّدٍ ضـخْـم |
حلو الشمائل حين تـخـبـره |
|
حَسَن السريرة ماجدٍ شـهـم |
يَصِل القرابةَ والـجـوار إذا |
|
قَطَع القرابةَ صاحب الظلـمِ |
فلأبكينَّك كـلـمـا وخِـدَتْ |
|
عيسٌ بأرحلِها علـى رَسْـمِ |
ولأبكينك عند مجتمع الأمْلاء |
|
عند تـطـاول الـخـصْـم |
وجدت بخط حرمي بن أبي العلاء عن محمد بن خلف بن المزربان أم معدان الشيبانية من بني أسد ترثي ابنها معدان وقتلته بهراء:
معْدان من للحيِّ إذ هبَّت شآميةً فجورا |
عسراء من قِبل الشمال تكاد تنتزع الكسورا |
وتبادر القوم القداح وأغْلت السنة الجزورا |
غدرت به بهراء ولم يكُن ابني غدورا |
يَشكر
وجدت بخط الرومي عن ابن المزربان، قال: كانت أم عقبة بنت عمرو بن الأبجر اليشكرية عند ابن عمها غسان بن جهضم، فخاف أن تزوج بعده، وأراد أن يعلم ما عندها في ذلك فقال:
أخبريني الذي تـريدين بـعْـدي |
|
والذي تصنعين يا أمَّ عـقـبـه |
تحفظيني من بعْد موتي لما قـد |
|
كان مني حسْن خُلق وصحبَـه |
أم تريدين ذا جـمـالٍ ومُـلـكٍ |
|
وأنا في النيران في سُحق غربه |
فأجابته:
قد سمعت الذي تقول ومـا قـد |
|
خفْتَ منه غسان من أمر عقبه |
أنا من أحفظ النـسـاء وأرعـا |
|
هُ لما قد أوليت من حسْن صحبه |
سوف أبكيك ما حييت بشـجـوٍ |
|
ومراثٍ أقولـهـا وبـنـدبـه |
عِجْل بن لجُيْم
بن صَعْب بن علي ابن بكر بن وائل
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى النحوي، قال: أخبرنا سعدان بن المبارك عن أبي عبيدة، قال: لما كان يوم ذي قار، تقدمت عجل وأبلت بلاء حسناً، واضطمت عليهم جنود العجم، فقال الناس: هلكت عجل. ثم حملت بكر، فوجدت عجلاً ثابتة تقاتل، وامرأة تقول منهم:
إنْ يظفروا يجرِّدوا فينا الغُزَلْ |
إيهاً فداءٌ لكمُ بني عِجل! |
وتقول أيضاً تحضض الناس:
إن تهزموا نعانق |
|
ونفرش النَّمارق |
أو تهزَموا نفارق |
|
فراقَ غير وامق |
أخبرنا محمد بن الحسن بن دريد، قال: أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة، قال: كان الحارث بن تولب، أخو النمر بن تولب الشاعر، سبى حسينة بنت جابر بنت بجير العجلي يوم العداب وكانت عند ابن عمها تمام بن سواده بن بجير ففرعنها يومئذ فأخذت. فقدم سوادة بن بجير وزوجها تمام وأخوها أبجر بن جابر، على الحارث بن تولب يطلبون إليه أن يردها إلى أهلها، فخيرها الحارث المقام معه، أو الانصراف إلى قومها، فاختارت المقام، فلامها زوجها فأنشأت تقول:
تمَّامُ قد أسلمتـنـي لـرمـاحَـهـم |
|
ومَضيتَ تركض في عجاج القسطل |
وتـلـومـنـي ألاّ أكـرَّ إلـيكــم |
|
وفررتَ عني في الـرعـيل الأوَّلِ |
ثم إن الحارث وهبها لأخيها أبجر وقال:
وخيَّرْنا حسـينة إذ أتـانـا |
|
سوادةُ ضارعاً معه النداء |
وقالت: إن رجعتُ إلى لجيمٍ |
|
مخيرةً فقد ذَهبَ الحَـياءُ |
وروى محمد بن العباس اليزيدي عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابي وعمارة بن عقيل: أن يوم العداب، وهو يوم الصعاب، وهو يوم أغارت فيه بنو عبد مناة بن اد بن طابخة، على عجل وحنيفة بالأراكة من أرض جو اليمامة. وقتل منهم كريز بن سواده العجلي قتله مالك بن خياط العكلي ثم الأقيشي. وسبيت حسينة بنت جابر بنت بجير بن شريط العجلي أخت أبجر بن جابر، وكانت تحت تمام سوادة معرساً بها، فسباها عمرو بن الحارث بن أقيش العكلي، فلبث عنده، ثم أن تماماً زوجها وأباه سوادة، أتياها ليفاديانها، فاختارت عمرو بن الحارث، وقالت في ذلك حسنية تعير تماماً زوجها:
تمَّام قد أسلمتـنـي لـرمـاحـهـم |
|
وخرجت تركض في عجاج القسْطل |
وتلومـنـي أن لا أكـرَّ عـلـيكـم |
|
هيهات ذلك مـنـكـم لا أفـعـل |
إني وجدتكـم تـكـون نـسـاؤكـم |
|
يوم اللـقـاء لـمـن أتـاكـم أول |
ثم أن أخاها أبجر بن جابر أتاها بعدها ردت تماماً وأباه، فلامها على اختيارها على قومها، فرضيت بالرجوع مع أخيها، ففادها بمائة من الإبل وخمسة أفراس. وسار معها عمرو بن الحارث حتى زوجها أرض بني تميم، وقال في ذلك عمر بن الحارث العكلي:
وخَيرنا حُـسَـيْنة إذْ أتـاهـا |
|
سوادةُ ضارعاً مَعَهُ الـفِـداء |
فقالت: إن رجعتُ إلى لجـيْم |
|
مخايرةً، فقد ذهب الـحـياءُ |
فما صبروا ولا عطفوا علينـا |
|
وندعوهم، فما سُمِعَ الـنـداءُ |
وكنتُ مَهيرةً فيكم فأمـسـي |
|
ومهري فيكمُ الأسَلُ الظِمـاءُ |
وكانَتْ صفوتي من سَبي عجْلٍ |
|
حُسَينة من كواعِب كالظبـاء |
وهبناها لأبـجـر إذْ أتـانـا |
|
وفينا غيرها منهـم نـسـاء |
فكانَ ثوابُه مـنـهـا جـياداً |
|
وسَوْقَ هُنَيْدَةٍ فـيهـا رِعـاءُ |
وفي ذلك يقول جرير للأخطل:
ورأتْ حسينَةُ بالعداب فوارسي |
|
تحوي النهابَ وتقْسِمُ الأنفـالا |
كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة، قال: قالت أم عامر بنت معن العجلية تهجو ابني قيس بن ثعلبة. ورواها أبو عبيدة لها أيضاً:
قُبحاً لزمٍّ وأبيات لهـا حُـصُـر |
|
إذا السَراب جرى ميلاً إلى ميلِ |
لو كنت فاخرةً أعطيت غيركـم |
|
ولا دَبِيبَ لكم أولادَ مجـهـولِ |
سودٌ جَعاسيسُ لا تحظى هَدِيَّتُهم |
|
وليس يعفونَها من أسوء القِـيلِ |
أخبرني أبو ذر القراطيسي، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال: حدثني محمد بن سلام، وكتب إلي أحمد بن عبد العزيز، قال: اخبرنا عمر بن شبة قالا: قالت امرأة من بني عجل في الطاعون الجارف بالبصرة، وذلك في سنة سبعين، أيام مصعب بن الزبير، وقد ذهب أهلها فسمعت عواء الذئب:
ألا أيها الذِّئبُ المنادي بـسُـحـرَةٍ |
بدا لي أنـي قـد يئمـتُ وأنـنـي |
ولا ضيرَ أني سوف أتبعُ مَنْ مضى |
=