وصف الكتاب
التصريف الملوكي أو مختصر التصريف كتاب اختصر فيه ابن جني أهم المسائل في التصريف بمفهومه الواسع؛ أي بمعنى التغيرات التي تطرأ على الألفاظ العربية في مختلف تبِدِّياتها، وهذا الكتاب استخرجه ابن جني من كتابه سر صناعة الاعراب، ويتميز بالوضوح، ودقة العبارة ، وهو يبتعد غالباً عن الاطناب، ويركز الكثير من المعاني في القليل من الألفاض، وفي تصوري فإنه مفيد للطالب ، والأستاذ، والباحث على السواء.
تصحيح و تحقيق : محمد سعيد بن مصطفى النعسان الحموي
روابط التحميل
==========
كتاب مختصر التصريف
التصريف المُلوكي
320-392
صاحب الكتاب
هو أبو الفتح عثمان ابن جني الموصلي، ولد الموصل وتلقى علومه على أبي علي الفارسي، ولزمه نحو أربعين عام، تنقل بين الموصل وحلب وواسط، أخذ مكان أبي علي ، ودرَّس مكانه ببغداد. له مؤلفات كثيرة منها:
الخصائص؛
التمام؛
سر صناعة الاعراب؛
تفسير تصريف المازني؛
شرح المقصور والممدود لابن السكيت؛
تعاقب العربية؛
تفسير ديوان المتنبي؛
اللُّمع في العربية؛
مختصر التصربف؛
وهو الذي بين أيدينا. بلغت كتبه المعروفة لدينا الآن أزيد من خمسين كتاباً.
الكتاب
التصريف الملوكي أو مختصر التصريف؛ كتاب اختصر فيه ابن جني أهم المسائل في التصريف بمفهومه الواسع؛ أي بمعنى التغيرات التي تطرأ على الألفاظ العربية في مختلف تبِدِّياتها، وهذا الكتاب استخرجه ابن جني من كتابه سر صناعة الاعراب، ويتميز بالوضوح، ودقة العبارة ، وهو يبتعد غالباً عن الاطناب، ويركز الكثير من المعاني في القليل من الألفاض، وفي تصوري فإنه مفيد للطالب ، والأستاذ، والباحث على السواء.
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذه جُمَلٌ من أصول التصريف َيْقرُبُ تأملُّها، ولعل الكلفة[ تزول] على ملتمِس الفائدة منها، قليلة الألفاظ، كثيرة المعاني.
1
في القول على معنى التصريف
معنى التصريف هو أن تأتي إلى حروف الأصول- وسنوضح قولنا "الأصول"- فنتصرف فيها بزيادة حرف، أو تحريفِ بضرب من ضروب التغيير، فذلك هو التصرف فيها والتصريف لها، نحو قولك: َضرَبَ، فهذا مثال الماضي، لإن أردت المضارع قلت يَضْرِبُ، أو اسم الفاعل قلت: ضارب، أو اسم المفعول قلت: مضروب، أو المصدر قلت: ضرباً، أو فعل لم يسم فاعله قلت:ضُرِبَ، وإن أردت أنَّ الفعل كان أكثر من واحد على وجه كثّر الضرب وكرره قلت: ضرَّب،فإذا أردت أنه استدعى الضرب قلت: استضرب، فإن أردت أنه كان فيه الضرب في نفسه مع اختلاج وحركة قلت:اضطرب... وعلى هذا عامة التصريف في هذا النحو من كلام العرب، فمعنى التصريف هو ما أريناك من التلعُّب بالحروف الأصول لما يراد فيها نت المعاني المُفادة منها وغير ذلك، فإذا قد ثبت ما قدمناه فليُعلم أن التصريف ينقسم إلى خمسة أضرب:
زيادة؛
بدل؛
حذف؛
تغيير حركة أو سكون؛
إدغام.؛
2
القول على حروف الزيادة، وهي عشرة
الألف، والياء، والواو، والهمزة، والميم، والتاء، والنون، والهاء، والسين، واللام، يجمعها قولك " اليوم تنساه"، ويقال أيضاً:" سألتمونيها"، ويحكى أن أبا العباس سأل أبا عثمان عن حروف الزيادة، فأنشد أبو عثمان:
هويت السِمَانَ فشيبتني وما كنت قبل هويت السمان
فقال له أبو العباس: الجواب؛ فقال: قد أجبتك دفعتين، يعني قول: "هويت السمان".
3
معرفة قولنا: الأصلُ والزائدُ
الأصل عبارة ، عند أهل الصناعة عن الحروف التي تلزم الكلمة في كل موضع تصرُّفها، إل أن تحذف شيء من الأصول تخفيفاً ، لعلة طارئة فإنه لذلك في تقدير الثبات، وقد احتاط التصريفيون في سمة ذلك بأن قابلوا به التمثيل من الفعل والموازنة له فاء الفعل وعينه ولامه، وقابلوا بالزائد لفظه بعينه في نفس المثال المصوغ للاعتبار، ولم يقابلوا به فاء الفعل ولا عينه ولا لامه، بل لفظوا به البتة، ومن ذلك قولنا:"قعد" مثاله فّعَلَ، فالقاف فاء الفعل ، والعين عينه، والدال لامه، فالحروف كلها أصول، فإذا قلت: يقعُد زدت الياء وصار مثاله يفعُل، فالياء زائدة لأنها ليست موجودة في قعد، والقاف والعين والدال موجودة أين تصرفت الكلمة، نحو قاعد، ومتقاعد ومُقْتعد، فالألف والميم والتاء زوائد لأنها ليست موجودة في "قعد"، ولذلك زدتها في المثال المصوغ لاعتبار الزوائد من الأصول، ولم تقابل بها فاءً، ولا عيناً، ولا لاماً. فقد بان إذاً قرف ما بيت الأصل والزائد. وقد تقصيت ذلك في تفسير تصريف أبي عثمان رحمه الله.
و ينبغي أن نعلم أيضاً أن معنى قولنا: الحروف الزوائد إنما نريد به أنها هي التي يجوز أن تزاد في بعض المواضع، فيُقطعُ عليها هناك بالزيادة إذا قامت عليها الدلالة، ولسنا نريد أنها لابد من أن تكون في كل موضع زائدةً، هذا محال، ألا ترى أن "أوى" مثاله فَعَلَ، وأن الهمزة والواو والياء التي انقلبت الألف عنها كلها أصول، وإن كان قد يمكن أن تكون في غير الموضع زوائد، وهذا واضح.
واعلم أن لكل حرف من هذه الحروف موضعاً تكثر فيه زيادته، وموضعاً تقل فيه، وربما اختص الحرف بالموضع لا يوجد إلا فيه زائداً، فاعرف تلك الأماكن، بما أذكره لك، وليكن الحكم على الأكثر، لا على الأقل.
فأما الألف والياء والواو فالحكم عليهن أنهن متى كانت واحدة منهن مع ثلاثة أحرف فصاعداً، و لم يكن هناك تكرير، فلا تكون إلا زائدة*عرفت الاشتقاق أو لم تعرفه-؛ فإن عرفته كان على ما ذكرنا، لا محالة؛ وإن لم تعرفه حملتَ ما جُهِلَ أمره على ما ُعلِم، من ذلك: كوثر، الواو فيها زائدة لأن معك ثلاثة أحرف لا يُشك فيها، وهي الكاف والثاء والراء، فالواو إذاً زائدة، هذا طريق القياس، فأما طريق الاشتقاق فكذلك أيضاً، ألا تراه من معنى الكثرة، يقال: رجُلٌ كوثَرٌ، إذا كان كثير العطاء، قال الشاعر:
وأنت كثير ياا بن مروان طيب وكان أبوك ابنَ الَعقَائِلِ كوْثَرَا
وكذلك اليا في كثير، والألف في كاثر، الحكم فيها ثلاثتها واحد، قال الأعشى:
ولست بالأكثر منهم حصىً وإنـــــــــما العزة للـــــكاثر
(الهمزة)
موضع زيادة الهمزة أتقع أولا ، وبعدها ثلاثة أحرف أصول، نحو قولك: أحمر، وأصفر، وأخلق، وأبلق، فالهمزة زائدة، ومثاله أََفْعَلُ، وكذلك: إجْفِيلٌ وإخريط، فالهمزة زائدة، ومثاله: إِ فْعِيل، لأن الياء زائدة لما قدمنا، وبعد الهمزة كذلك ثلاثة أضول، فهي، إذاً زائدة؛ فإن كان بعدها أربعة أصول فالهمزة أصل،و الكلمة بها خماسية، وذلك نحو إصطبل، الهمزة أصل ومثال الكلمة: فِعلَلٌ، ونظيرها: جِِردَل.فإن كانت الهمزة وسطاً لم تزد إلا بثبت ، وذلك نحو: زئبر ضئبل، وجؤدر، وبرأل الديك أي نفش عرفه، الهمزة في هذا كله أصل، لأنها حشو، وقد زيدت حشو وذلك قليل، قالوا: شَمْأَلٌ وشأمل ، ومثالهما: فعأل وفأعل، فالهمزة زائدة شَمَلَت ِالريحُ ، والهمزة أيضا في جرائض زائدة، ومثاله فُعاِئل لأنه من الشيء المحطوط، وهو الضغير، قالوا: الِنْئتَدِلان، فهمزته زائدة، لقولهم في معناه: النيْدُلان وهو الكابوس، ويقال له أيضاً: الجائوم، وقد اطَّردت زيادة الهمزة أخر التأنيث، نحو: حمراء وصفراء ، وأصدقاء، وأنبياء، وعُشَراء، ونُفساء.
(الميم)
موضع زيادة الميم أن تقع أولاً وبعدها ثلاثة أحرف أصول، نحو: مَضْرَبٌ، ومَقْتَل، ومَكرم، ومُجمل حكمها في ذلك حكم الهمزة، وكذلك إذا كان بعدها أربعة أحرف أصول كانت الميم أصلا، وذلك نحو ميم مَرْزَجوش هي أصل، ومثاله: فَعْلَلول على ما تقدم، وقد زيدت الميم حشواً، وذلك شاذ، لا يقاس عليه، قالوا: دُلامص، فالميم عند الخليل زائدة، ومثاله ُفُعامِل، و ذلك لأنه بمعنى الدِلاص، وهو البرَّاق، قال الأعشى:
إذا جُرِّدتَ يوماً حسِبتَ خمِيصةً عليها وجريان النضير الدُلامصا
وقالوا للأسد هِرماس، ومثاله فِعْمال، لأنه من الهَرس، وهو الِّدق، وقالوا: لبن قُمارص، ومثاله فُماعل، وأنشدوا:
فباتت تشْتَوي واليلُ داجِ ضَماريط استِها في غير نار
وهذا: فُماعِل، وقد زيدت الميم آخراً زيادةً أكثر من زيادتها حشواً، وكلاهما شاذ، لا يقاس عليه، من ذلك: زَرْقَم، و فَحْسَم، وهما: فُعلَم، لأنه من الزرقة والانفساح. وقالوا حُلكَ@م للأسود وهو من الحلكة، ومثاله: فًعْلَمٌ. قالوا: دِلقَم، وهي فِعْلَم من الاندلاق في أحرف سوى هذا.
( التاء والنون)
إذا جاءت التاء و النون في موضع يقابلان فيه أحد الأصول حُكم بانهما أصلان، إلا أن يدل الاشتقاق على زيادتهما فيُحكم بها، وإن جاءتا مخالفتين لبناء الأصول حُكِمَ بأنهما زائدتان، من ذلك قولنا: عنتر، التاء والنون جميعًا أصلان، ألا ترى النون تقابل الفاء منه، فكلاهما إذاً أصل، فأما نرجس فالنون زائدة، ومثاله نفعِل، لأنه ليس في الكلام مثل: جعفِر بكسر الفاء، وكذلك تنضُب، التاء زائدة، لأنه ليس قس الكلام مثل جعفُر بضم الفاء، وقيل له : تنضُبٌ مكا قيل لنظيره: َشَْْوحَط، لأن الناضب هو الشاحط، وكلاهما للبعد، وكذلك عُنْصَل، النون زائدة، لأنه ليس في الكلام مثل: جُعفَر بضم الجيم. فأما النون من عَنْبَس فزائدة من قِبَل الاشتقاق، لا من طريق القياس، وذلك لأنه من العبوس، ولذلك قيل للأسد عنبس لعبوسه، وكراهة منظره، قال الأشتر النخعي:
بقيت َوْفرِى وانحرفت عن العُُلا ولقيت أضيافي بوجه عبوس
وقد زيدت النون في نفعل وانفعل، وبعد ألف التثنية ويائها، نحو الزيدان والعمران والرجلين والغلامين، وبعد واو الجمع وبائه نحو: الزيدون والعمرون والزيدين والعمرِين، وعلامة للرفع في خمسة مواضع من الفعل، نحو:يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين يا امرأة، وبعد الألف في نحو: غضبان وبابه، وما ألحق به نحو: عريان وقحطان وعِمران وعُثمان،جِدْرِجان، وبعد الواو والياء في زيتون وغسلين ، وللتوكيد خفيفة وثقيلة، نحو: لتقومنْ، ومتى حصلت الكلمة خماسية وثالثها نون ساكنة حكم بزيادتها، نحو: جَنفل، وشَرْنَب، وغَضَنفر، فإن كانت النون غير ثالثة، وهي مع ذلك مقابلة لبعض الأصول، يعني في الكلمة الخماسية حكم بكونها أصلا، ساكنة كانت أو متحركة، حتى يدل الدليل على زيادتها، فالساكنة نحو: حِنْزَقر وحَنْتَر، والمتحركة نحو: جَنَعْدل، فأما ما دلت الدلالة على زيادته وهو متحرك غير ساكن فنحو نون كنَهبل، لأنه ليس في الأصول سَفرجُل بضم الجيم. وأما الساكنة فنحو: نون قِنْفَخر، النون زائدة لقولهم في معناه: امرأة قُفاخِرية، ومثال قِنْفضخر فِنْعَل، كما أن مثال كنهبل فَعَنْلُل.
وأما التاء فزيدت في جمع التأنيث، نحو: ضاربات، وجوازات، وجَفَيات، وتزاد للمضارعة نحو: تفعل أنت أو هي، وتُزاد في تفعَّل وتفاعل وتفوعل، وفيْعل، وفي جميع ما تصرف من ذلك، نحو التفاعل، والتفعيل، وتزاد للتأنيث، نحو: حمزة وطلحة، إلا أنك إذا وقفت عليها أبدلت منها الهاء، فقلت صلحه، وحمزه، وتُزاد في افتعل، نحو: اقتطع واجترح، وفي استفعل، نحو: استخرج، واستقدم، وفيما ذكرنا من هذا ونحوه دليل على ما اختصرناه وتركناه.
(الهاء)
تُزاد لبيان الحركة، نحو: قولك في الوقف: فيمَهْ، ولمهْ، وعلامهً، تريد فيمَ ولِمَ وعلامَ، وفي نحو قولك: امه، واغزه، واخشه، وأنت تريد ارمِ واغزُ واخشَ. وقد زيدت شادة في أمهات يراد أمَّات، ويُحكى، من غير جهة سيبويه، أن الخليل ذهب في "هِرَكوَلَة" إلى زيادة الهاء، وقال : هي هِفعَوْلة، من المرأة العضيمة الأوراك لأنها تركل في مشيها، وزيدت أيضاً في : هَجْرع، وهبلع، لأنها من الجرْع والبلع، وهما هِفْعل. وقد أبدلت من تاء التأنيت في الوقف، نحو: قائمة، وقاعدة، وفلانة.
(السين)
تزاد في: استفعل وما تصرف منه، نحو: استخرج ومستخرج، وزيدت السين في اسْطَاعَ يَسْطِيع عوضاًُ من سكون عينه، والغرض فيه: أطاع يُطيع، وأصله: أطوع يُطْوَع.
(اللام)
وزيدت اللام في أشياء محفوظة لا يقاس عليها، وهي لقولك في معناه: ذاك، وأولالك لقولك أولاك وأولئك، قال الشاعر:
أولالك قومي لم يكونوا أُشابةً وهل يَعِظُ الضليل إلا أولالكا
وزيدت أيضاً في : عَبْدَل، لأن معناه العبد، فحْجل لأنه من الأفحَج، وفي زَيْدَل لأن معناه زيد. وكذلك هي زائدة في هنالك لأن معناه هناك.
البدل
وحروف البدل من غير إدغام أحد عشر حرفاً، منها من حروف الزيادة ثمانية، وهي: الألف،والواو، والياء، والهمزة، والنون، والميم، والتاء، والهاء، وثلاثة من غيرها، هي: الطاء، والدال، والجيم.
(إبدال الألف)
وقد أبدلت من أربعة أحرف، وهي : الياء، والواو، والهمزة، والنون، فأما الياء والواو فمتى تحركتا وانفتح ما قبلهما قُلبتا ألفاً، إلا إن شذَّ أو يُخاف لبس، أو يكون التصحيح أمارة.فالقلب نحو: قام، وباع، وأصلهما قَوَمَ، وبيَع، وكذلك طال، وخاف، وهاب، والأصل، طوَلَ، وخّوِفَ، وهَِيِِبَ،فأبدلنا ألفين لما ذكرنا، وكذلك: باب، ودار، أصلهما: بوَبٌ، وذَوَرٌ، وكذلك: ناب، وعاب أصلهما: نيْب، وعيْب، ففعل بهما ما ذكرنا. وكذلك عصا، ورحى، أصلهما عَصَوٌ، ورحيٌ؛ وأصل غزا، ورمى غزوَ ورميَ، فصاروا إلى الإبدال لما مضى، وما صح خوف اللبس، نحو:غزوا، ورميا، واستقضيا، لو قلبنا ألفين لسقطتا لسكونهما وسكون ألف التثنية، فكنت تقول: غزا ورقى وأنت تريد التثنية، فيلتبس بالواحد، وكذلك: النزوان، والغليان، صحت فيهما للأمان، لئلا يلبس" فَعَلان" معتل العين، وما صح من ذلك لأنه ما تجب صحته قولهم: عوِرَ، وحَوِلَ، صح لأنه في معنى أعور، وأحول؛ وكذلك: صيد العير يصح لأنه في معنى أصيد؛ وكذلك: اعتونوا، واعتوروا،واهتوَشوا، واجْتَوَروا، لأنه في معنى ما لا بد من صحته لسكون ما قبله، وهو تعاونوا، و تعاوروا، وتهاوشوا، وتجاوروا، فجُعِل التصحيح أمارة للمعنى.
(إبدال الألف من الهمزة)
متى سكنت الهمزة وانفتح ما قبلها فتخفيفها وإبدالها جميعاً أن تصيرها ألفاً في اللفظ؛ فإن التخفيف نحو قولك في: رأس راس، وفي فأس فاس، وفي اهدأ اهدا، والبدل قولك: آدم ، وآمن، والأصل أادم، وأامن، فأبدلت الهمزة ألفاً لاجتماع الهمزتين وسكون الثانية، وانفتاح ما قبلهما.
(إبدال الألف والنون)
أُبدلت من التنوين في النصب، نحو: قولك: رأيت زيداً، وكلمت جعفراً، ومن النون الخفيفة إذا انفتح ما قبلها في أمر الواحد، نحو قولك للرجل في الوقف: اضربا، وقوما، وانت تريد: اضربنْ، وقومَنْ، قال الله تعالى:ل{لنسفعًَا بالناصية}،فإذاوقفت، قلت: لنسفعَا، قال الأعشى:
ولا تعبد الشيطان، والله فاعبدا
أراد: فاعبدَنْ. وأبدلت أيضا نون "إذن" في الوقف، نحو قولك: لأضربنَّك إذا، تريد: إذن.
(إبدال الياء)
قد أبدلت من حروف كثيرة قد استقصيتها ومقدارها نحو من عشرين حرف، في كتابي الموسوم ب" سر صناعة الاعراب"، وإنما ههنا ما يكثر استعماله. أُبدلت من الألف إذا انكسر ما قبلها، نحو: قراطيس، ومفاتيح، فلياء أبدلت من ألف قرطاس ومفتاح، ومن الواو إذا سكنت وانكسر ما قبلها غير مدغمة، وذلك نحو: ميعاد، وميزان، وريح، وقيل، وديمة؛ كل ذلك من الواو، لقولك وعدت، و وزنت، رواحت، وقاولت زيداً، و دَومت السحابة تدويماً من الديمة.
قال الراجز:
هو الجواد ابن الجواد ابن سَبَلْ *** إن دَوَّموا جاد، و إن جادوا وبل
وتبدل أيضاً من الهمزة إذا سكنت وانكسر ما قبلها، نحوقولك في تخفيف ذئب: ديب، وفي بئر: بير. وتبدل أيضاً من الراء في: قيراط، لقولك في جمعه قراريط. وكذلك النون في: دينار، لقولك في تحقيره وتكسير دنانير وُدنينير، و أصله دنار.وكذلك من الباء في ديباج، أصله دِباج، فيمن قال: دبابيج، وهذا ونحوه لا يقاس عليه لقلته.
(إبدال الواو)
تُبدل الواو من الألف في نحو: ضُوَيْرِب، وضوارِب، ومن الياء إذا سكنت وانضم ما قبلها غير مُدغمة، وذلك نحو: موسِر،وموقن، أصلها ُميْسَر، ومُيْقن، لأنهما من اليسر واليقين، فتقول في التحقير مُيَيْسِر، مُيَيْقِن، وتبد من الهمزة إذا سكنت وانضم ما قبلها عند التخفيف والبد، وذلك قولك في تخفيف جُؤْْنة: جونة، وفي تخفيف مؤمن: مومن.
(إبدال الهمزة)
قد أبدلت الهمزة من الألف للتأنيث ، في نحو: حمراء، وصحراء، وأصدقاء، وعُشَراء.فالهمزة في ذلك ونحوه بدل منألف التأنيث كالتي في حبلى، وسَكرى.وأبدلت الهمزة أيضاً من الواو إذا انضمت ضمًّا لازما نحو قولك في وجوه: أُجوه، وفي وُعد: أُعِدَ، وفي أثوُب: أثؤُب، وفي سوق: سؤْق.قال الراجز:
لِكل دَهرٍ قد لَبِست أثؤُبا [حتى اكتسا الرأس قناعاً أشيَبا]
وتبدل من الواو والياء أيضاً إذا وقعتا طرفين بعد ألف زائدة، وذلك نحو: كِساء، ورداء، و أصلهما كِساو، ورداو، فانقلبتا همزتين.زأشباه ذلك كثير. وأبدلت الهمزة أيضاً من الهاء، قالوا: أال ، وأصله: أهل، فأبدلت الهاء همزة فصارت: أال، ثم أبدلوها ألفاُ فقالوا: آل. وتقول في تحقير أال: أُهَيْل على مذهب الجماعة، وأوَيل في قول يونس .
(إبدال النون)
تبدل النون من ألف التأنيث،قالوا في صنعاء: صنعاني، وفي بهراء: هراني. وإن شئت قلت: النون بدل من الواو في صنعاوي وبهراوي.
(إبدال الميم)
تُبدل الميم من النون الساكنة إذا وقعت قبل الياء، وذلك في قولك في عنْبر، وُقنْبر؛ اللفظ بهما عمبر وقثمبر بالميم، وكذلك: امرأة شمْباء؛ فإن تحركت هذه النون لم تقلب ميماً تقول عَنَابر، وقنَابر، والشنَب والعِنَب. وتبدل الميم من الواو في فمِ، وأصله: فوْه، بوزن:فَوْزٍ وثوب، وثور، فحذفت الهاء وأبدلت الواو ميماً، فإن حُقرت أو كسرت رددتَ الأصل، فقلت: فُوَيْهٌ وأَفْوَاهٌ.
(إبدال التاء)
تُبدل التاء من الواو في هَنْت، لقولك: هنوات، وفي بنْت، وأخت لقولك: بنات، و اخوات، والإخوة، والبنوة، وفي تُكأة، وفي تُكلان، وتراث، وتُجاه وتَقية، وغير ذلك،لقولك: توكأت، و وكيل، و ورث، والوجه، و وقيت.قالوا: أثلجه، أي أولجه. ومتى كانت فاء " افتعل" واواً أو ياءً قلبت تاءً في أكثر اللغة، وذلك قولك: ازنت، واتعدت، وأتلجت، قال طرفة بن العبد:
رأيت القوافي يَّتلِجْنَ مَوَالِجا تَضَايَقُ عنها أن توََّلجَها الإبر
وقال النحويون في مفتعل من اليسر: مُتَّسر.أبدلت التاء أيضاًمن الالياء في: ثنتَان، وذيْت، وكيت، لأنه من ثَنَيْتُ، ومن قولك ذية وكيَّة، والناء في كلتا بدل من كِلا؛ وأن يكون واو أمثل من أن يكون ياء ولفضه، إذا كان واواً كِلْوى.
(إبدال الهاء)
قد أبدلت الهمزة؛ تقول العرب: أَرَقْتُ، وهَرقت، وفي أنرت الثوب: هَنرتُه، وفي أرحت الدابة هَرحها، وفي إياك: هِيَّاك.قال الشاعر:
فهياك والأمر الذي إن توسعتْ *** مَواَِرِدُه ضاقت عليك مصادره
من الواو في قول امرئ القيس:
وقد رابني قولها: يا هنا *** ه، ويحك! ألحقت شراً بشر
وهي فَعَال من هَنوك، وأصلها هناوٌ، فأبدلت الهاء من الواو، وهذا هو الصحيح، لا ما رآه أبو زيد وأبو الحسن . وتبدل الهاء أيضاً من الياء في ذه بمعنى ذي، ومنها في هُنَيهَة، تحقير هَنة، وكانت هُنَيَّة، والأصل الأول هُنَيْوَة، لأنها من هَنوات.قال الشاعر:
أرى ابن بَدار قد جفاني وملني *** على هنَوَت شأنها متتابع
وتبدل من من الألف، تقول في هُنا: هنَة. قال:
قد وردت من أمكنة *** من ُهنَُا من هُنَة
(إبدال الطاء)
إذا كانت فاء افتعل صاداً، أو ضاداً، أو طاءً ، أو ظاءً قلبت تاؤه طاءً،وذلك في افتعل من الصلح: اصطلح، ومن الضرب: اضطرب، ومن الطرد اطَّرد، ومن الظلم ضطلم. وكذلك تصرفه، نحويضطرب، يصطلح وأصله : اصتلح، واضترب، واظتلم، ففُعِل ما ذكرنا
(إبدال التاء)
إذا كانت فاء افتعل دالاً أو ذالا، أو زاياً، قلبت تاؤه دالا، وذلك نحو قول: إدَّرأ، واذَّكر، وازذجر، الأصل: ادترأ، واذتكر،ازتجر، لأنها من درأت، وذكرت، و زجرت، فقلبوا التاء دالا كما ترى، وقالوا في توْلج : دوْلَج، وقالوا: ودّ، وأصله وتد، فأسكنوا التاء،فصار وتْداًً، ثم أبدلوها فقالوا: ودَّ
(إبدال الجيم)
تبدل الجيم من الياء بدلا غير مطرد، قالوا في الأيَل: أجل. قال أبو النجم:
كأن في أذنابهن الشوَّل من عبس الصيف قُرونَ الُأجَّل
وقال الراجر:
يا رب إن كنت قبلت حَجَّتجْ فلا يزال شاحج يأتيك بجْ
وقال آخر:
خالي عُويف وأبو عَلِج *** ألمطعمانِ اللحم بالشج
وبالعداة فِلْقَ البَرنــــج *** يُقْلَعُ بالود و بالصيصجِ
يريد علي، وبالعشي، والبرني، والصيصي.وقال
حتى إذا أمسجت وأمسجا *** [ كأنه ذيخ إذا تنفخا]
يريد: أمست، وأمسى. وهذا كله لا يقاس عليه.
الحذف
الحذف في كلام العرب على ضربين: أحدهما عن علة، فهو مقِيس ما وُجِدت فيه، والآخر عن استخفاف لا غير، فلا يسوغ قياسه.
الأول متى كانت الواو فاءَ الفعل وكانت ماضيه على فَعَلَ، ومضارعه يَفعِلُ، ففاؤه التي هي واو محذوفة لوقوعها بين ياءٍ وكسرة، وذلك قولك: وعد يعِد ، و وزن يزِن، و ورد يرِد، ثم تقول: يعد، ويزِن، ويرِد، وأصله: يوْعد، و يوْزن، و يوْرد، فحذفت الواو لما ذكرنا، يؤكد ذلك أنها إن انفتح ما بعدها صحَّت، فقلت يُوَزن
، وُيوعد، ويضبطه قول الله تعالى:{ لم يلد ولم يولد}. ومن ذلك أيضا: يَوْجِل، ويوُجِل، صحتا لوقوع الفتحة بعدهما، وكذلك حذفوا الواو من المصدر، فقالوا: عِدَة، وِزنة، والأصل: وِعدة، و وزنة، فاستثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى ما بعدها، وحذفت الواو تخفيفاً، لأنها قد حذفت في فعل هذا المصدر أيضاً، أعني: أعِد، وأزِن.
و إذا كان الماضي على أَفْعَلَ حذفت همزته في المضارع، فقلت: أكرمت، أُكرِم، وأحسنت ُأحسن، والأصل أاكِرم، وأاحسِن، فحدقت الهمزة الثانية لاجتماع الهمزتين. وربما خرج بعض ذلك صحيحاً غير محذوف على أصله.قال الراجز:
فإنه أهل لأن يكرما
وأما ما حذف للوقف أو لالتقاء الساكنين فإن ذلك لا يعد حذفاً فيه، لأنه متى زال الساكن و فارق الجزم والوقف عاد الحرف؛ والجزم نخو: لم يرم، ولم يغزُ، ولم يخشَ؛ والوقف نحو: قولك: ارم، واغزُ، وامض معه، واسع في حاجته؛ وما حذف لالتقاء الساكنين نحو: قم، وبع، وأصله قوْم،وبيْع، وخاف، فحذفت الواو والياء والألف لسكونها وسكون ما بعدها؛ ومن ذلك: هذا قاضٍ،وهذا مستقضٍ، ونظرت الى ساعٍ، والأصل: قاضيٌّ، ومستقضيٌّ وساعيُّ، فأسكنت الياء استثقلاً للضمة أو الكسرة عليها في الجر، وكان التنوين بعدها ساكناً، فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، وكذلك نظائره.
ومن ذلك: هذا قوْل مَقوَل، وهذا فرَس مقوُد، والأصل: مقْوُول، ومْقوُود، فأسكنت الواو لثقل الضمة، وحذفت إحدى الواوين لالتقاء الساكنين على الخلاف في المذهبين.
الثاني من الحذفين، وهو ما لا يقاس عليه، وقد حذفت الهمزة، وألف، والواو، والياء، والهاء، والنون، والحاء، والخاء، والفاء، والطاء.
(حذف الهمزة)
من ذلك قولنا: الله، وأصله من أحد قولي سيبويه: إلاه، فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال وصارت الألف والام عوضاً منها، ومن ذلك قولنا: ناس، وأصله أناس، فحذفت الهمزة تخفيفاً على غير قياس، يدل على ذلك قولهم: الُأناس؛ ومن ذلك قولناخذْ، وكلْ، ومرْ، وأصله أُأْخذ، أُأْكل، وأُأْمر، فحذفت الهمزة تخفيفاً، فاستغنيَ عن همزة الوصل في الابتداء لزوال الهمزة الساكنة، وربما خرج بعض ذلكعلى أصله، وشُبه به قول الشاعر:
تِ لي آل زّيدٍ فابْدهُمْ لي جماعةً *** وسل آل زيد أي شيء يضيرها
ويقولون: يا باَ فلان، يريدون أبا فلان، فيحذفون الهمزة، قال أبو الأسود :
يبا المغيرة رب أمرٍ معطل *** فرجته بالنُكر منِّي والدها
وحذفوها أيضاً من مضارع رأيت، فقالو: يرى، وترى، ونرى، فألزموها التخفيف البتة، وربما أخرجوها على أهلها عند الضرورة.قال سراقة البارقي :
أرى عيني ما لم ترأياه *** كلانا عالم بالترهات
وحكى أبو زيد: سؤته سِوايةً، وأصلها سَوائية،فعالية ككَراهية، ورفاهية، ثم حذفوا الهمزة، قال أبو الحسن في أشياء: أصلها من أَ شْئِيَاء، كأصدقاء، فحذفت الهمزة التي هي لام تخفيفاً. وأخذ الفراء ، فقال في قول الحارث:
[أم جنايا بني عتيق؟فمن يغ*** در] فإنا من قيلهم لبُرَاء ُ
قال أراد براءُ، كظرفاء، وشركاء؛ ثم حذف الهمزة التي هي لام الكلمة تخفيفا. ولهذا نظائر.
(حذف الألف)
يقولون: أمَ والله لأفعلنَّ، يريدون أما والله لأفعلن. وربما حذفوها في الوقف تخفيفاً. قال لبيد:
وقُبيل من لُكَيْزٍ شاهد *** رهط مرجوم ورهط ابن المعلْ
يريد: المُعلى.قال أبو عثمان في قوله تعالى: يا أبتَ، قال: أراد يا أبتاه، وأنشد أبو الحسن، وابن الأعرابي، وغيرهما:
فلست بمدرك ما فات مني *** بلَهْف ولا بٍلَْيتَ ولا لو أني
أراد" بلهفا.وحذف الألف، على الجملة، قليل لخفتها.
(حذف الواو)
قد حذفوها لاما ً في أسماء صالحة العدد.قالوا: غَدْ، وأصله غدو، وربما خرج على أصله.قال الراجز:
لا تقوَاها وأدلوَها دلوَا *** إن مع اليوم أَخَاه غدوا
وقالوا: حمٌ، وأصله: حَمَو، لقولهم: هذا حموك، فهو من باب ما لم يأت إلا من الواو غير ذو وحدها.قالوا: أبٌ، و أخٌ، وهما من الولد لقولك:أبوان، و أخوان. قالوا: هَنٌ، وهو من الواو لقولك: هَنوَان، ومنها ابن لقولهم: بنوة، ومنه اسم، لأنه من سموت، وقالوا: كرة، وهي من الواو، لقولك: كَرَوْتُ بالكرة. قالوا: قلة، وهي من الواو، لقولك: قلَوْت بالقلة، والثُبَةُ الجماعة نمن الناس وغيرهم، والظُبَةُ: طرف السيف، جميعاً من الواو،حُمِلا على الأكثر. بذلك وصى أبو الحسن.
(حذف الياء)
من ذلك يد، أصلها يدي، لقولك: يديت إلى فلان يداً، أي أسديت إليه معروفاً. ومن ذلك مائة، وأصلها مأية.حكى أبو الحسن: أخذت منه مِئْيَا، يريد مائة، وهذه دلالة قاطعة.من ذلك: دم، أصله ذمْيُ، لقولك في التثنية: دميَان،قال الشاعر:
فلو أنا على حَجَر دبحنا *** جرى الدَّمَيَان بالخبر اليقين
ومنهم من يقول: دموان، وهو قليل، وقال بعضهم أيضاً: دَمَّان. وحذف الياء من هذا أقل من حذف الواو.
(حذف الهاء)
قالوا: َشفَة، وأصلها: شفهة، لقولهم في التحقير شُفَهية، وفي التكسير شفاء؛ فإن الفعل: شافهت زيداً، وفي المصدر: الشِفاه والمشافهة. قالوا: عضة، وأصله في أحد المذهبين: عِهضة، لقولك جَمَل عاضة، إذا أكل العضاة. ومن قال:
هذا طَريق يأزم المآزما *** و عضوات تقطع اللهَازما
فاصلها عنده: عضوة.قالوا: فمُ، وأصله: فوه، وقد تقدم ذكره. ومن ذلك: شاة، وأصلها: شوهة، لقولك في تحقيرها: شويهة، وفي تكسيرها: شياه.قالوا أيضاً: شية، وأشاوه.وحكى أبو زيد عنهم: تشوهت شاةً، قيل: أي اصطدتها.
(حذف الباء)
قالوا: رب رجل رأيت، يريدون: رب. قال الشاعر:
[ أزهير إن يشب القال فإنه] *** ربَّ هيضل لجِب لففتُ بهيْضلِ
(حذف الحاء)
قالوا: حِرٌّ، وأصله حِرحٌ، وفي تكسير: أحراحٌ. قال الراجز:
إني أقود جَمَلاً مِمْراحاً ذا قبة مملوءة أحراحا
(حذف الحاء)
قالوا: بخْ بخْ، وأصله: بَخٍّ بخٍّ. قال الشاعر:
بين الأشج وبين قيس باذخٍ *** بخْ بخْ لوالده وللمولود
ويدل على أصله التثقيل قول العجاج:
في حسب بخْ وغزٍ أقعَسَا *** ............................
(حذف الفاء)
قالوا في التضجُّر: أُفْ وأصلها التشديد، وفيها ثمان لغات: أفْ،أفٍّ، أفَّ أُفاً، أُفُّ، أُفٌ، أُفيَّّ ممَالة مثل: حبلى. و لا يقال: أُفي بالياء كما تقول العمة. وأف خفيفة. وحكى البغداديون فيما روينا عن أحمد بن يحيى:سوْ أفعل، رودون: سوف أفعل.
(حذف الفاء)
قالوا: قط من قطَطْت، أي قطعت.
التغيير بالسكون والحركة
من ذلك مضارع كل فعل اعتلت عينه، نحو قولك: يقوم، يبيع، ويخاف، ويهاب، وأصله: يقوُمُ، يبْيِع، يخوَف، يَهْيَبُ، فنقلت الضمة والكسرة والفتحة إلى ما قبل، فذلك تحريك ساكن، وتسكين متحرك؛ وقلبت الواو والياء في يخوَفُ ويَهْيَبُ، ألفاً لتحركهما في الأصل وانفتاح ما قبلهما الآن، وكذلك ما يجاوز الثلاثة مما عينه واو أو ياء، نحو:يقسم، ويريد، ويستعين و يَسْتَرْيَث، فنقلت الكسرة إلى ما قبل هذه الحروف، وسكنت هي بعد أن كانت متحركة، وانقلبت الواو ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها، ومن ذلك كل فعل غير ملحق، كانت عينه أو لامه من موضع واحد، فماضيه مدغَم لا غير إن كان ثلاثياً، نحو:شدَّ، ومدَّ ، وضنَّ، وحبَّذا زدُ، والأصل، شدد، و مدد، وضنِنَ، وحبب، فثقل اجتماع حرفين متحركين على هذه الصورة، ُأسكن الأول منهما، وأُدغِمَ في الثاني.وإن تجاوز المضي ثلاثة أحرف أدغم أيضاً؛ إلا أنه يلحقه التغيير بالحركة والسكون ما لم يكن ملحقاً، وذلك نحو: استعد، واطمأنَّ، وأصله : استعدد، واطمأنن، فنقلت الحركة من المتحرك إلى الساكن قبله، وأدغم الأول من الحرفين فيما بعده، فإذا صرت إلى المضارع نقلت الحركة فيهما، وذلك قولك: يشُدد،ويمدُد، ويضنُنُ، ويستعدد ويطمأنن،فنقلت الحركة من المثل الأول، ثم أدغم في الثاني، فذلك أيضاً تسكين متحرك وتحريك ساكن. ومن ذلك أيضاً وهو غريب، قول الشاعر:
ألا رب مولود وليس له أب *** وذي ولد لم َيْلدَهُ أبوان
أراد: يَلِدْهُ، فاسكن اللام لكسرتها، والتقى ساكنان: اللام والدّال فحركت الذال للالتقاء الساكنين، وفتحت لمجاورتها فتحة الياء، وهذا شاذ لا يقاس عليه.
عقود وقوانين ينتفع بها في التصريف
متى اجتمعت الواو والياء، وسبقت الأولى بالسكون أيتهما كانت، قلبت الواو ياءً، وادغمت الياء. من ذلك قولهم: ميِّت، وسيِّد،، وجيِّد، وهيِّن، والأصل سيْوِد، وميْوِت، وجيْوِد، وهيوِن، لأنه فيْعِل من السؤدة، والموت، والجودة، والهوان. ومثله أيضاً قولهم للمكان حيِّز، وأصله حَيْوِز، لأنه فيْعل، من جاز، يجوز، ففعل في جميع ذلك ما ذكرنا.
فصل آخر منه
قولهم: شويت اللحم شياً، وطويْت الثوب طيًّاً، ولويت يده ليًّاً.الأصل فيه شوْياً، وطوْياً، ولوياً.فلما اجتمعت الواو والياء، وسُبقت الأولى بالسكون،قُلِبت ياءً وأُدغمت في الياء.
فصل
ليس في كلام العرب اسم في آخره واو قبلها ضمة.إنما ذلك في الفعل، نحو: يغْزو، ويدعو.فمتى وقع في الاسم من ذلك شيء أُبدلت الضمة كسرة، والواو ياءً وذلك قولهم في دَلْو: أُدْل، وفي جمع حَقْوٍ : أُحق، والأصل: أدْلُوٌ، وأَحْقُوٌ، ففعل فيهما ما تقدم ذكره.
عقد
متى كانت الواو لاماً، وانكسر ما قبلها قُلبت ياءً، من ذلك: غازية، ومحنية، والأصل غازِوَة، ومحنِوَة، قلبت الواو ياءً لتأخرها ووقوع الكسرة قبلها، فإن كانت الواو عيناً صحت بعد الكسرة، لأنها قويت بتقدمها، وذلك ، نحو:ثوب وثياب، وحوض وحياض، وسو سياط، والأصل: ثوَاب، وِحواض، سِواط، قبت الواو ياءً لثقل الجمع وضعفها في الواوحد، ووقوع الكسرة قبلها، والألف المشابهة للياء بعدها، وصحو اللام. و لا بد في إعلال هذا من الشرائط الخمس، ألا تراها لما تحركت في الواحد، فقويت، صحت في الجمع نحو: طويل وطوال، وقويم وقوام. وربما أُعلت في الجمع شلذاً.قال الشاعر
تبَيِّن لي أن القماءة ذلة *** وأن عِزَّ الرجال طِيالها
عقد
كل جمع كان على فُعُول ولامه واو قلبت ياءً تخفيفاً، وذلك نحو: عِصِيِّ، ودِليِّ، وحقيِّ، وأصله : عُصُووُ، دلوو، حُقُوو، فقلبت الواو لما ذكرنا، وربما خرج بعض ذلك على أصله مصححاً عير مُعَلِّ. قال الشاعر:
أليس من البلاء َوجِيبُ قلْبي *** وإيضاعي الهموم مع النجوم؟
فأَحزَن أن تكون على صديقٍ *** وأفرح أن تكون على عدو
وحكى سيبويه عن بعض العرب أنه قال: إنكم لتنظرون في نجوٍّ كثبرة. وحكى أبو حاتم عن أبي زيد في الصدر: بهوِّ، وجمعه: بُهُوِّ، وبُهْيٍّ. وحكى ابن الأعرابي:أبٌ وأُبُوٍّ، وأخ وأُخُوٍّ، وابن بنو. وأنشد اللقاني يمدح الكسائي:
أبى الّذم أخلاق الكسائي وانتمى *** إلى المجد أخلاق الأبُوّش السوابق
عقد
كل واوين التقتا فب أول الكلمة، قلبت الأولى منهما همزة، وذلك نحو: تحقير واصل وجمعه: أَوَيصل، وأواصل، والأصل وُوَصل، وواصل، فقلبت الأولى همزة كراهية لاجتماع الواوين في أول الكلمة.فأما قوله سبحانه:{ما ووري عنهما من سوءاتهما} 20-الأعراف.فإنما صح ذلك لأن الواو الثانية مدة، وإنما هي بدل ألف وَارَيْت؛ فلما لم تلزم لم يكن بها اعتداد. ومن ذلك المهموز من قول الشاعر:
ضَربتْ صدرها إليَّ وقالتْ *** يا عدياً لقد وقتك الأواقي
و الأصل : الواواقي، جمع واقية، كعافية وعواف، فإن توسطت الواوان صحتا، وذلك قولك في النسب الى نَوى، وهوى، ونحوهما: نووي، وهووي.
عقد
إذا كان قبل ألف التكسير وبعدها حرف علة، وجاور ما بعدها الطرف، قلبت الحرف الآخر من المعتل همزة، نحو: أوائل، أصلها أواول، فلما اكتنفت الألف الواوان، وقربت الأخرى من الطرف، قلبت همزة وكذلك: عيل وعيائل، وسيْقة وسيائق، هذا مذهب صاحب الكتاب، وأبو الحسن يخالفه، فلا يهمز إلا الواوينجميعاً خاصة، فإن تراخى الطرف بحجز صح في القولين جميعاً، وذلك نحو:طواويس، ونواويس.فأما قول الآخر:
وكحل العينين بالعواور
فإنما صحت الواو لأنه أراد العواوير، فحذف الياء ضرورة وهو يريدها.
عقد
متى اعتلت عينُ فَعَلَ، فوقعت بعد ألف فاعل هُمزت البتة لاعتلالها، وذلك نحو: قام فهو قائم، وسار فهو سائر، وهاب فهو هائب، فإن صحت في اسم الفاعل أيضاً، وذلك نحو: عَوِرَ فهو عاور، وحوِلَ فهو حاوِل وصَيِدَ البعير فهو صايد عير مهموز.
عقد الواو والياء متى أدغمتا واحتَمتا وتحصنتا من القلب، وذلك نحوقولك: عُيِّل، وسُيِّل.قال أبو النجم:
[ كأن ريح المسك والقرنفل] *** نباتة بين التلاع والسُيَل
وقال الآخر:
[يحمي الصحاب إذا تكون عظيمة] *** وإذا هم نزلوا فمأولى العيَّل
فإن كان جمعاً جاز البدل في الواو لثقل الجمع، وذلك قولك في ُصوِّم صُيِّمَ، وفي قوِّم قُيِّم. قال الراجز:
لولا الإله ما سكنا خَضماً *** ولا ظللِلْنا بالمشاني قُيَّمَا
وقال: اجْلَوَذ واجلِوَّاذا، واخوَّط واخرواطاً، فصحت بعد الكسرة لأنها قويت بلإدغامهما.فإن تراخت الواو في الجمع عن الطرف بالحاجز صحت، وذلك نحو: صوَّام، وقوَّام. وربما أُعلت على بعدها عنه.قال ذو الرمة:
ألا طرقتنا ميَّةُ ابنة منذر*** فما أرَّق النياَ إلا سلامُها
هكذا أنشده ابن الأعرابي عن أبي الغَمْر بالياء.
وهذا فصل من البناء والغرض فيه عند التصريفييين الرياضة والتدريب
معنى قول أهل التصريف: ابن لي من كذا مثل كذا، تأويله: خذ من حرفاً من هذه الحروف، أو حروف هذه الكلمة الأصول دون الزوائد إن كاتن فيها زوائد، فافكك صيغتها التي هي الآن عليها، وصغها على نحوٍ من صيغة المثال المطلوب، ساكنه كساكنه، ومتحركه كمتحركه، ومضمومه كمضمومه، ومفتوحه كمفتوحه، ومكسوره كمكسوره، فإن كان فيه زائد جئت به في المثال الذي تصوغه بعينه كما ضمَّن سؤأله، فإن عرض هناك ما يوجب قلباً، أو حذفاً، أو تغييراً على ماتقدم في هذه الجمل أمضيته، وصرت إلى ما يُوجبه القياس فيه.
ولك أن تبني من العدة ما هو مثلُها أو فوقها لإن شئت، وليس لك أن تبني من العدة ما هو دونها، لأن ذلك يكون هدماً لا بناءً؛ فلك أن تبني من الثلاثي ثلاثياً ورباعياً وخماسياً؛ ومن الرباعي أيضاً رباعياً، وخماسياً. وليس لك أن تبني من الخماسي رباعياً ولا من الرباعي ثلاثياً لما ذكرنا.فأما ما دون الثلاثة فلا تبنى منه، ولا تبنى مثله.
من ذلك: كيف تبني من ضَرَبَ مثل عَلِمَ؟قلتَ: ضَرِبَ،ومثل ظَرُفَ: ضَرُبَ، ومثل قَطَّع: ضرَّبَ ، ومثل جّعْفَر: ضَربَب، ومثل: سِبَطر: ضِرَبَّ ومثل حُبْرُج: ضُربُب: ومثل درهم: ضِرْبَب، ومثل حِندش: ضِربِب، ومثل سفرجل: ضَربْبَب، ومثل جِردََحْل: ضِربَبِّ، ومثل َجحْمَرِ: ضِرْبَبِب، ومثل كوثر: ضَورب، ومثل صيرف: ضَيْرَب، ومثل جَهْوَر: ضَرْوَب. تقابل الأصل بالأصل، والزائد بالزائد، حتى تكون قد أديت المثال المطلوب منك، فإن قيل: ما معنى ضَرِبِ، وضَرُبَ، وضَيْرب، وضَوْرَب، ونحو ذلك؟ قيل المعنى فيه ارتياضك به ، وافادتك قوة النفس، ونهوض المُنة في أمثاله بما نطت به العرب. وكذلك إن بنيت من خَرَجَ مثل جعفر، قلت خَرْجَج، ومثل حِنْزَقْر:خِرجج، ومثل قاتَل: خارَج، ومثلاستكرم: استخرج.
المعتل من ذلك
إن بنيت من البيع مثل كتِف، قلت باع، وأصله بَيَع، فقلبت الياء ألفاً لتحُّركها وانفتاح ما قبلها، على ما تقدم. وإن بنيت من القول مثل جعفر، قلت : قولَلَ ، فصححت الواو لأنه لم يجئ أمر يغير له، لأن الياء والواوإذا سكنتا، وانفتح ما قبلهما صحتا، نحو: حوض، وروض، وبيت، وزيت، فإن بنيت من غزوت مثل جعفر، قلت: غَزْوَى، وأصله غزوَو، فقلبت الواو لوقوعها رابعة ياءً، فصارت: غَزْوَيٌ، ثم قلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، وصححت الطرف لأن الألف قبلها ليست بزائدة، وإن شئت:غزْوَوٍ، قلبت الآخرة ياءً لتطرفها وانكسار ما قبلها، وصحت ألوى لسكون ما قبلها كما صحت الواو والياء في نحو: غَزْوٍ، ورميٍ، وصحت الواو الوسطى وإن كانت متحركة، مفتوحاً ما قبلها، لأنك قد أعللت اللام الآخرة، ولم تعلل التي قبلها، لأن العرب لا تجمع إعلالين متواليين، ألا ترى إلى صحت الواو في نحو:الهوى، والنوى، لعتلال اللام، فإن تراخيا، وانفصل بينهما، جاز اجتماعهما نحو قولك: فِ بعهدك، وقِ زيداً، وشِ ثوبك، فتحذف الواو والياء جميعاً من وفيت، ووشيت، ووقيت، والقياس القياس. والإدغام له قسم برأسه .
تمت الجمل التي اقتضتها الحال، وبالله التوفيق. والحمد لله حق حمده، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتخبين، وسلم تسليماً كثيراً.
تم الفراغ من مسك هذا الكتاب يوم الثلاثاء 26 رجب 1426؛ الموافق: 30/08/2005
والله أسأل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به المسلمين، آمين.
وصلى الله على نبينا محمد آله صحبه وسلم
المرجو من كل من انتفع بهذا الكتاب أن لا ينساني و والدي والمسلمين من الدعاء
والسلام عليكم
ميلود بن عبد الرحمن
===========
=
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق